fbpx
تقارير

خريطة الفقر في مصر: مؤشرات ومقترحات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تزايدت معدلات الفقر في مصر خلال السنوات العشر الماضية، وبلغت ذروتها عقب الانقلاب العسكري الذي وقع عام 2013، وذلك رغم المؤشرات المعلنة من قبل النظام الحالي عن تحسن مستوى الاقتصاد، والتي تركز على مؤشرات أو عوامل لا يشعر بها المواطن العادي. وفي التقرير التالي نتناول خريطة الفقر في مصر، وأسبابه ومظاهره ومقترحات القضاء عليه.

ماهية الفقر وقياساته:

الفقر هو حالة اجتماعيّة لا يتوفر للأفراد فيها أدنى مستويات المعيشة المُتوقعّة والشائعة في المكان الذين يعيشون فيه للبقاء على قيد الحياة ([1]). وهو ناتج عن التوزيع غير المتكافئ للموارد الماليّة وللثروات في المجتمعات، مثل الافتقار إلى الغذاء، والملبس، والمأوى، وتدنّي أو غياب الخدمات كالتعليم والرعاية الصحية. فالفقير هو مَنْ لا يتوافر له المستوى اللَّائق للمعيشة، وباصطلاح الفكر الاقتصاديِّ الإسلاميِّ هو مَنْ لا يتوافر له حدُّ الكفاية ([2]) .

وبذلك يكون الفقر هو: “عدم القدرة على الحصول على الاحتياجات الضَّروريَّة، لعدم توفُّر الملكيَّة الَّتي يمكن الاستعانة بها في عملية الإنتاج، نتيجة قلَّة الدَّخل، أو انعدامه بصورة شبه دائمة( [3]).”

الفقر المطلق:

يتحقق عندما يعجز الإنسان عن توفير احتياجاته الأساسية اللازمة لحياته وحياة أسرته، ويندرج تحت هذه الأساسيات: الطعام والشراب، المسكن، الملبس، العلاج الأساسي. وقد يندرج تحت هذه الأساسيات أيضا: التعليم، وعجز الإنسان عن توفير هذه الاحتياجات قد يخل بالاستقرار الاجتماعي، وقد يدفع من لا يتمكن من توفيرها للجريمة أو السرقة ([4]).

وهو لا يُعنى بنوعيّة مسائل الحياة الأشمل، ولا يُعنى بالمستوى العام لحالات عدم المساواة في المجتمع، وبالتالي فإنّ هذا المفهوم لا يعترف بوجود الاحتياجات الاجتماعيّة والثقافيّة المختلفة للأفراد، مما أدى إلى توجيه الانتقاد إليه ([5]).

الفقر النسبي:

هو عدم قدرة الإنسان على أن يعيش بنفس المستوى المعيشي الذي يعشيه غالبية من حوله في المجتمع. فإذا كان ثمانون في المائة ممن يعيشون في منطقة معينة يمتلكون سيارات، فإن من لا يستطيع شراء سيارة ولكنه يستطيع شراء دراجة نارية فقط، يعتبر فقيرا نسبيا، وفي مجتمعات أخرى قد يمتلك ثمانون بالمائة من السكان دراجات بخارية فقط ولا يصنفون فقراء نسبيا، ومن لا يملك إلا دراجة هوائية فإنه يعتبر فقيرا نسبيا ([6]).

ومن خلال تقييم الوضع الاقتصادي للأفراد الآخرين في المجتمع، فيتم تصنيف الناس على أنهم فقراء إذا كانوا دون مستويات المعيشة التي تسود مجتمع معيّن ([7]).

خط الفقر:

خط الفـقـر poverty threshold أو poverty line هو أدنى مستوى من الدخل يحتاجه المرء أو الأسرة حتى يكون بالإمكان توفير مستوى معيشة ملائم في بلدٍ ما ([8]). وهو القياس المعياريّ لدخل الأسرة المناسب، والذي تُحدده كل دولة، ويتم مراجعته بشكل مستمر، بحيث يتم تصنيف الأسر التي تكون أقل من هذا المعيار على أنها فقيرة رسميّاً، وتستحق المساعدة من الرعاية الاجتماعية في المنطقة([9])، ورغم أنّ الحكومات تحدد خط الفقر في بلدها عن طريق حساب متوسط التكلفة السنوية للضرورات الأساسية للشخص البالغ، هذه التكاليف تختلف اختلافاً كبيراً من بلد لآخر، فإنّه من المستحيل وضع خط فقر دولي موحّد، كما تعتمد قياسات الفقر بشكل جزئي على الدراسات الاستقصائية التي تصدرها وتحللّها الوكالات الحكوميّة لحالة الأسر المعيشية ([10]). ويمكن احتسابه طبقاً لتقدير البنك الدولي بأنه معدل الدخل اليومي الذي لا يقل عن 1.9دولار ([11])

وهو ما يعادل حاليا في مصر -وفقا لسعر صرف الدولار أمام الجنيه حاليا والبالغ 18 جنيه- “34.2 جنيه تقريبا في اليوم، و1026 جنيه في الشهر للفرد الواحد”، أي أن من يتقاضى أقل من ذلك يوميا فهو تحت خط الفقر، لكن السلطة الحالية في مصر وضعت خط الفقر للشخص بأنه 482 جنيه في الشهر.

ومبلغ 482 جنيها الذي تم على أساسه إجراء الإحصاء الأخير في مصر عام 2015 ضئيل جداً، ولا يفي باحتياجات الإنسان الأساسية، بل لا يفي حتى بطعامه فقط في ظل الظروف الحالية التي نتجت عن رفع الأسعار، ورفع الدعم عن كثير من السلع والخدمات، وعلى رأسها وسائل النقل والمواصلات، وهذا المبلغ يزيد قليلاً عما يحتاجه الفرد الواحد لركوب المترو ذهابا وإيابا لمرة واحدة في اليوم، حيث يبلغ سعر تذكرة المترو 7 جنيهات وباعتبار انه سيستقل المترو كل يوم فيلزم الفرد 14جنيها في رحلتي الذهاب والعودة اليومية، وبضرب هذا المبلغ في ثلاثين يوماً يكون إجمالي ما يدفعه المواطن لركوب المترو 420 جنيهاً لركوب وسيلة مواصلات واحدة.

وأيضاً فإن هذا المبلغ (482) جنيها يزيد قليلاً عن قيمة وجبتين في اليوم الواحد وأرخص وجبة يمكن الحساب عليها مكونة من 2سندوتش فول أو طعمية “وهو الطعام السائد لسكان المدن”، وبحساب سعر السندوتش الواحد 4 أو5 جنيهات يكون ما يحتاجه الفرد ثمناً لوجبتين فقط في اليوم باعتبار أن الوجبة يتراوح ثمنها في أقل تقدير بين 8 أو 10 جنيهات وبضرب هذا المبلغ في عدد أيام الشهر “30 أو 31 يوماً” يتراوح الإجمالي بين 240 و310 جنيهات.

بل إن المبلغ المقرر في المسح الجديد المقرر الإعلان عنه في العام المقبل 2019 وهو 800جنيه يكفي لركوب مواصلة واحدة ذهاباً وإياباً وتناول وجبة واحدة يومياً أو يزيد عن ذلك قليلاً، ولذلك يرى الباحث أن تقدير البنك الدولي”1.9″دولار كمعدل دخل للفرد الواحد يوميا “هو الأقرب إلى الصواب بسبب رفع الدعم عن معظم السلع والخدمات في مصر وتطابقها أو اقترابها من الأسعار العالمية.

معدلات الفقر في مصر:

ارتفعت معدلات الفقر في مصر خلال السنوات الخمس عشرة الماضية لتصل إلى 27.8 في المائة في عام 2015، حسب تقديرات اليونيسف والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري ([12])، وأظهرت تلك الإحصائيات أن 30 مليون مصري على الأقل يرزحون تحت خط الفقر المدقع، إضافة إلى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى 3.5 مليون مواطن، حسبما أعلن تقرير الأمم المتحدة عام 2017 ([13]).

كما أعلن اليونيسيف عن عشرة ملايين طفل “فقراء متعددي الأبعاد” مما يجعلهم محرومين “من أبعاد الرفاهية الرئيسية التي لها تأثير مباشر على قدرتهم على البقاء والنمو”. وتشمل أبعاد الرفاهية: “التقزم، والتسرب من المدرسة، وعدم وجود مياه شرب نظيفة، وعدم الحصول على الرعاية الصحية، أو تعرضهم للعنف الجسدي الشديد، وكشف تقارير ميدانية عن أن 60٪ من الأطفال في حي منشية نصر شرق القاهرة لا يزالون خارج نظام التعليم الرسمي. نتيجة للفقر ولحاجة أسرهم لعملهم لتحقيق دخل للأسرة ([14]).

وتؤكد تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء وصول نسبة الفقراء تحت خط الفقر إلى 27.8 % بمعدل استهلاك 482 جنيها للفرد في الأسرة حتى يتوفر له 3 احتياجات أساسية هي المسكن والمأكل والملبس، وباعتبار أن متوسط الأسرة في مصر 4.1 فرداً فإن الأسرة التي يقل دخلها عن 2000 جنيه شهرياً تكون تحت خط الفقر، كاشفاً وصول نسبة الفقر في محافظات الصعيد إلى أكثر من الـ 50% بينما تبلغ نسبة الفقر بمحافظة أسيوط 66% ([15]).

ويتوقع أن يتم رفع خط الفقر إلى 800 جنيه للفرد الواحد في المسح الجديد للتعبئة العامة والإحصاء بسبب زيادة معدلات التضخم والقرارات الاقتصادية الأخيرة كرفع سعر الوقود ورفع الدعم عن العديد من السلع والخدمات، لذلك يتوقع ارتفاع نسبة الفقر إلى 35% على الأقل فى خط الفقر الجديد، وهذا الرقم يقل عن المعدل البنك الدولي البالغ 1024 جنيها طبقاً لمتوسط سعر صرف الدولار كما سبق ذكره ([16]).

ويلاحظ أن معدلات الفقر السابق ذكرها تقل عن التقديرات السابقة التي تم رصدها من قبل المجالس القومية المتخصصة عام 2009 في مصر والتي ذكرت أن نسبة الفقر في مصر بلغت 46%، وأنها ترتفع بصفة خاصة في النساء والأطفال-الذين لا يحصلون على الطعام الكافي ويعانون من سوء التغذية، وأن 35% من النساء و53% من الأطفال في مصر لا يحصلون على الطعام اللازم، وأضافت التقديرات أن نسبة الفقر تتفاوت ما بين المحافظات الحضرية (6.6%) والمناطق الريفية (41.4%) ([17]).

خريطة الفقر في مصر:

وفقًا لتقرير عن “خريطة الفقر” الذي أصدرته وزارة التنمية الاقتصادية عام 2009 فقد بلغ عدد القرى الأكثر فقرًا 1141 قرية وذكر التقرير أن أكثر من مليون أسرة فقيرة تعيش في الألف قرية الأكثر فقرًا، وأن 54% من إجمالي سكان الريف فقراء، وأن ثلاث محافظات بالوجه القبلي (أسيوط والمنيا وسوهاج) تضم 794 قرية يشكل فيها الفقراء 82% من إجمالي عدد الفقراء بالألف قرية الأكثر فقرًا ([18]).

وذكر التقرير السابق أن نسبة غير المتعلمين بالفئة العمرية (18–29 سنة) تصل إلى 27%، مبينا أن أكثر من 20% من الأطفال يتعرضون للعديد من أوجه الحرمان، وفق دراسة لليونيسيف عن “فقر الأطفال والتفاوت في مستويات معيشتهم عام2010. وذكر تقرير التنمية البشرية بالوطن العربي لعام 2010 فإن نسبة الفقر في مصر -التي يقارب سكانها ثمانين مليونا- تبلغ 41%، بإجمالي عدد سكان يبلغ 32.8مليون نسمة.

وحدد إحصاء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادر عام 2013  نسبة الفقر في كل محافظة، حيث بلغت فى الإسماعيلية 5% وكفر الشيخ 55% والغربية 6% والسويس 7% أما محافظة الشرقية بلغت 21%، والدقهلية 16% والبحيرة 9 %، والقاهرة 12% والإسكندرية 9% والمنوفية 14%، ودمياط 29%، وبورسعيد 12%، بينما تصدرت محافظات الصعيد النسب المرتفعة، فجاءت محافظة سوهاج 57% ” وتوجد تقديرات اخرى تصل بالنسبة إلى 66% في أسيوط وقنا”، وتبلغ في المنيا 50 % وأسيوط 44% وبنى سويف 32% وأسوان 25% وقنا 19%، والفيوم 11% والأقصر 10% ([19]).

ووفق دراسة أجراها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (2017) فإن 85% من سكان الريف فقراء، و42 % في الحضر تحت خط الفقر، وأن الفقر يتركز بشدة في صعيد مصر إذ تقع 762 من بين القرى الألف الأشد فقراً في المنيا وأسيوط وسوهاج وهي قرى يعاني أكثر من نصف سكانها من فقر شديد، وتزداد خريطة الفقر في مصر تعقيداً بوجود نحو 63 في المئة من الفقراء خارج حدود هذه القرى.

وتأتي أسيوط بوصفها أفقر محافظات مصر حيث يبلغ عدد الفقراء بها 58.1% من عدد السكان منهم 24.8% لا يجدون قوت يومهم ([20])، فيما تحتل محافظة بني سويف المركز الثاني، حيث يبلغ عدد الفقراء بها 53.2% منهم 20.2% لا يجدون قوت يومهم، وتأتي محافظة سوهاج في المركز الثالث بنسبة 45.5%، منهم 17.2% لا يجدون قوت يومهم في حين تحتل الفيوم المركز الرابع حيث يبلغ عدد الفقراء بها 35.4% بينهم 10.9% لا يجدون قوت يومهم تليها محافظة قنا 33.3% من بينهم 12.9% لا يجدون قوت يومهم فيما تحتل محافظة الجيزة المركز الأخير بلائحة المحافظات الفقيرة بالوجه القبلي بنسبة 18.9% من سكانها 4.4% منهم لا يجدون قوت يومهم.

أما نسب الأسر الفقيرة فتحتل بني سويف المركز الأول إذ تعد 77.8% من الأسر التي تقطن فيها أسر فقيرة، تليها المنيا بنسبة 63.9%، ثم أسيوط بنسبة 58%، ثم الفيوم بنسبة 55%، ثم سوهاج بنسبة 50.9%، وأخيرًا أسوان بنسبة 45.7%. وبشكل عام يحتاج الصعيد إلى حوالي 15 مليار جنيه حتى يصبح متوازنًا فقط مع الوجه البحري.

وكشفت الدراسة أن نسبة الأمية في المنيا قد بلغت 67%، وفي أسيوط 64%، وفي بني سويف 69%. وعلى مستوى الإنفاق القومي، نجد أن نسبة ما يخصص للقاهرة يبلغ 49% من إجمالي الإنفاق العام للدولة، بينما نسبة ما يخصص لجميع محافظات الصعيد من هذا الإنفاق لا يتجاوز 6.7%. وهو أمر مفهوم تمامًا في ظل وجود القاهرة كمركز رأسمالي.

ويعاني 13.1% من سكان محافظات الوجه البحري من الفقر، وتعد محافظة المنوفية من أكثر محافظات الوجه البحري فقرًا بنسبة 21.7% بينهم 3.7% لا يجدون قوت يومهم، تليها محافظة الدقهلية بنسبة تصل إلى 17.7% ثم الشرقية بنسبة 16.1% والقليوبية 12.1% والإسكندرية 11.3% والبحيرة بنسبة 10.4% والغربية 10.1% والقاهرة 8.8% والإسماعيلية 7.9%، وأشارت إلى أن الوجه البحري في مصر يعد أفضل حظًا من الوجه القبلي، حيث توجد به أغنى محافظات الجمهورية، وهما محافظتا دمياط وبورسعيد.

وارتفعت نسبة الفقراء في الريف عنها في الحضر حيث تقدر النسبة بـ 85% من السكان، بينما تبلغ نسبتهم في الحضر 42% ويعيش 48% من مجموع الفقراء في الوجه القبلي، بينما يعيش 36% في الوجه البحري.

وفي المقابل تضخمت ثروات الطبقة الغنية في مصر التي يمثل أعضاؤها 20% فقط من المصريين والذي يمتلكون 80% من الثروات بينما يمتلك الـ 80% الباقية من مجموع الشعب المصري 20% فقط من الثروات، وأن هناك 1% فقط من أعضاء الطبقة الغنية يمتلكون 50% من حجم ثروات هذه الطبقة، بينما يشترك الـ 99% الباقون في ملكية الـ 50% الباقية، وأكدت انخفاض الدعم الحكومي المقدم للمنتجات الغذائية الرئيسة في مصر من 9.7 مليار جنيه في العام المالي 2005/2006 إلى 8.6 مليار جنيه حاليا بسبب انخفاض سعر صرف الجنيه المصري وقالت الورقة أن 75% من المصريين يفقدون اعمالهم بسبب الواسطة([21]).

ويرى الباحث أن المعدلات المرتفعة للفقر المذكورة في تقديرات عام 2010 والتي قدرت نسبة فقر المصريين بـ41% أقرب إلى الصواب من التقييم الأخير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء واليونيسيف أيضاً المعلنين عام 2015 اللذين ذكرا أن نسبة الفقر في مصر تبلغ 27.8%، وذلك لأن كل المؤشرات والدراسات المعلنة  تؤكد انهيار الأوضاع الاقتصادية بفعل الثورة المضادة، عقب ثورة يناير، وازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءا عقب انقلاب 2013، وهو ما دفع صحيفة الإندبندنت إلى كتابة تقرير مطول بعنوان كيف قادت الأحداث التي أعقبت الربيع العربي مصر إلى الخراب([22])، أما بعد الانقلاب العسكري فتعرض 16آلف مصنع للتعثر وأغلق معظمهم، بينما قدر آخرون المصانع التي تم إغلاقها بأنها لا تقل عن أربعة آلاف مصنع ([23]).

وتعثر المصانع أو إغلاقها يعني زيادة معدلات البطالة والفقر وفقدان الأسر لعائلها، وبالتالي أكد الخبراء زيادة معاناة المصريين بعد مرور سبع سنوات على ثورة يناير 2011، إلا أن السنوات الأربع الأخيرة عقب الانقلاب 2013 كانت الأشد وطأة على الحياة المعيشية، خاصة أنها شهدت تهاوي الجنيه أمام العملات الأجنبية وزيادات ثقيلة ومتلاحقة في الأسعار، جرفت الملايين من أصحاب الدخول المتوسطة إلى منحدر الفقراء، كما زادت معدلات البطالة، خلافا لم تعلنه البيانات الرسمية، وتفاقمت الأزمات بعد انقلاب 2013([24]).

وبناء على ما سبق يرى الباحث أنه لا يتسق توقع انخفاض معدلات الفقر مع الواقع الجديد، ولعل اليونيسيف اعتمد في تقديراته على ما أعلنته مؤسسات النظام العسكري وعلى رأسها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ولعل النسبة الأقرب للصواب هي التي أعلنتها وزيرة التضامن الاجتماعي لنظام السيسي د. غادة والي أوائل العام 2018، والتي ذكرت فيها أن 54%من عدد سكان الشعب المصري يقعون تحت خط الفقر ويحصلون على معونات التضامن الاجتماعي ([25]).

ويرى الباحث أن النسبة الحقيقية قد تفوق ذلك بسبب القرارات الاقتصادية الجائرة للنظام الحالي والتي لا تراعي حقوق الفقراء أو محدودي الدخل، وخاصة أن مخصصات الدعم لم تزد رغم رفع الأسعار بدرجة كبيرة ودخول شرائح جديدة تحت خط الفقر، ورغم ذلك رفضت وزارة المالية زيادة المبلغ المخصص لوزارة التضامن الاجتماعي لمعاشات الدعم النقدي، وظل المبلغ كما هو 17.5 مليار جنيه (نحو مليار دولار فقط)، وهو المبلغ ذاته المخصص لها خلال العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيو 2019([26]).

ويتوقع الباحث ارتفاع معدلات الفقر في المسح الجديد للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المقرر الإعلان عنه 2019، عن التقديرات السابقة المعتمدة لعام 2015، نتيجة الصعوبات الاقتصادية التي واجهتها مصر منذ تولي عبد الفتاح السيسي عام 2013، والذي لم تقدم سياساته شيئا لتحسين حياة المصريين العاديين.

أسباب الفقر:

ذكر الخبراء العديد من أسباب الفقر أهمها:

أولا: إدارة اقتصادية سيئة أهدرت مليارات الدولارات على مشاريع غير منتجة وغير مدروسة، مما أدى لزيادة أعباء الديون ([27]).

ثانيا: قلة المدارس قياسا على عدد السكان، هذا أنتج تسرب هائل من التعليم وانضمام ملايين الشباب لطابور البطالة دون مؤهلات عمل.

ثالثا: انتشار الفساد والمحسوبية كنتيجة لعدم المسائلة والشفافية، هذا يهدر سنويا عشرات المليارات من موارد الدولة.. والفساد لا يعني فقط السرقة، بل له أوجه كثيرة كتفضيل الشركات الموالي أصحابها للحكومة، وانتشار الوسطاء لعقود العمل بطريقة غير قانونية، هذا يمنع المنافسة الشريفة ويعطي الأفضلية للطبقة الحاكمة بالتوسع والثراء والنفوذ، وتأثيره مباشر على هروب المستثمرين خصوصا الأجانب منهم الذين يفضلون العمل في أجواء تنافسية وكذلك من أوجه الفساد هي.. “الرشوة والاختلاس والابتزاز”.. بل يعد الإهمال وجه فساد منتشر الآن لقلة الكفاءة.

كذلك إساءة استخدام السلطة من الجهاز الأمني وفرضهم الإتاوة والرشوة على المواطنين أحد أوجه الفساد، وصفة أصيلة للنُظُم المستبدة، كذلك فالفساد مستشري في قطاعات الدولة (الموردة) كالضرائب والجمارك وأملاك الدولة والخدمات العامة، والمواطن يمكنه التهرب برشوة الموظف أو تهديده، هذا أمر شائع اجتماعيا ولا يُناقش من الأجهزة الرقابية لتفشيه ووصوله حد الظاهرة منذ أيام مبارك، وزيادته في الفترة الحالية عقب انقلاب 2013.

رابعا: عدم وجود عدالة اجتماعية سواء في توزيع الدخول أو تحصيل الضرائب، فالضريبة التي يدفعها الفقراء والكادحين كبيرة لا تتناسب مع حجم الضرائب التي يدفعها أصحاب الدخول المتوسطة والعالية، وهذه الجزئية بالذات تمثل معضلة في نظام السيسي الذي حاول علاجها سنة 2014 بضريبة البورصة والضريبة التصاعدية ففوجئ فانتفاضة الأثرياء وتهديدهم بغلق البورصة.. فاستجاب لهم فورا وألغى ما كان ينوي تحصيله منهم.

خامسا: تقلص أو اختفاء الطبقة المتوسطة التي تعد عامل أمان للفقراء بالتصدق عليهم ورعايتهم، وكانت المصدر الأساسي تمويل الجمعيات الأهلية ونظام التكافل الاجتماعي، لكن الآن أصحاب هذه الطبقة بدأوا الدخول فعليا في طبقة الفقراء أو أصحاب حد الكفاف، إلى جانب تأميم آلاف الجمعيات الخيرية التي كانت تقدم خدماتها للفقراء وتقوم على رعايتهم.

سادسا: قلة الإنتاج بالقياس إلى عدد السكان، وسبب ذلك قلة المصانع ووقف مالا يقل عن اربعة ألاف مصنع بعد انقلاب 2013 وتحرير العملة.

سابعا: قلة الصادرات كمصدر أساسي للعملة الصعبة، فقبل ثورة يناير كانت صادرات مصر 31 مليار دولار، الآن أصبحت 21 حتى بعد الإجراءات الاقتصادية الأخيرة.. مما يعني فشل ذريع للنظام السياسي في تعديل الاقتصاد أو الارتقاء بالمنتج المصري كما وكيفا.

ثامنا: عدم وجود منظومة لحماية المستهلك.. لأنها موجودة فقط على الورق، أما فعليا معدومة لأسباب خاصة بانتشار الفساد والمحسوبية في أجهزة الدولة.

تاسعا: تحالف السلطة مع رجال الأعمال هذا أنتج طبقة برجوازية (طفيلية) لا هم لها سوى الربح والنفوذ، لا الإنتاج والارتقاء بمستوى الدولة إداريا وشعبيا، ولا تهتم بالمشاريع الإنتاجية لو كانت ليست سريعة الربح، وهذا سبب أصيل في رداءة المنتج المصري وسمعته السيئة محليا ودوليا.

عاشرا: (الجهل) وهو أحد أهم هذه الأسباب فالتعليم في مصر مشكلة ليست ثقافية فحسب بل لها انعكاس على الاقتصاد في قلة الكفاءات وزيادة البطالة، إضافة لاستسلام الشعب (الجاهل) للحكومة المستبدة، هذا أنتج في الأخير أمة غير قادرة على الرؤية وتتلخص معاناتها اليومية فقط في البحث عن لقمة العيش لا في البحث عن أسباب فقرهم، وبتجاهل الإنسان سبب فقره يكبر حجمه ككرة الثلج.

الحادي عشر: عدم المساواة وغياب العدالة الاجتماعية بين افراد المجتمع، مما يترتب عليه تفاوت رهيب جدا في معدلات الدخل، ويستأثر الأفراد المسيطرون على الحكم أو المقربون من السلطة من الثروة والدخول المرتفعة، بينما يعاني عامة الشعب من انخفاض معدلات الدخل وعدم كفايتها للإنفاق أو تلبية حاجياتهم الأساسية ([28]).

الثاني عشر: غياب القدرة على الإبداع لدى الفرد، مما يقعده عن التفكير في حلول ابتكارية لتحسين دخله أو تنفيذ مشروعات لا تحتاج إلى رأس مال كبير لكنها تحقق دخلاً كافياً للفرد وأسرته.

الثالث عشر: الفقر المعنوي بما يعني فُقدان المُثل والأخلاق، وهو ما يؤدي إلى انتشار الاستغلال والفساد، ويترتب عليه إهدار موارد الدولة وارتفاع معدلات الفقر.

الرابع عشر: السياسة الاقتصادية للنظام الحالي القائمة على تطبيق آليات السوق الحرة، دون مراعاة الجانب الاجتماعي والتي افرطت في سياسات رفع الأسعار وإلغاء الدعم وتحرير سعر الصرف دون اتخاذ تدابير احترازية لحماية الطبقات الفقيرة والمتوسطة مما ادى إلى زيادة انتشار معدلات الفقر.

الخامس عشر: الخصخصة كانت من أهم اسباب انتشار الفقر، بسبب البطالة التي نتجت عن بيع شركات القطاع العام سواء الرابحة أو الخاسرة، في عمليات بيع لثلاثمائة شركة بـ 320 مليار جنيه شاب الفساد أغلبها الفساد، وذهبت عوائدها إلى الموازنة العامة، وتسديد ديون بعض الشركات، وكذلك صرف مستحقات بعض العمال، لم تصلح الخصخصة خلل الاقتصاد، بل أدت إلى خسران شركات عملاقة، وتشريد ما يزيد عن 1.5 مليون عامل ([29]).

مظاهر الفقر:

أ-مظاهر عامة

هناك مظاهر وسمات مجتمعية تظهر بوضوح وجلاء بصفة عامة في كل المجتمعات والدول التي تعاني من الفقر.

1-تراجع نصيب الفرد من السلع الغذائية:

من أهم مظاهر الفقر تراجع نصيب الفرد من الاحتياجات الأساسية، ومع ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والسلع الغذائية بشدة نقص نصيب الفرد منها ومن مختلف السلع الغذائية بشدة، وحذر تقرير للجهاز المركزي للإحصاء من كارثة غذائية في مصر يدفع ثمنها الجيل القادم.

وكشف التقرير عن انخفاض متوسط نصيب الفرد المصري من اللحوم الحمراء بنسبة 29.4% إلى 9.6 كجم في 2016، مقابل 13.6 كجم عام 2015، وأيضاً انخفاض نصيب الفرد من القمح لتصل إلى 137.8 كجم مقابل 141.1 كجم، كما تراجع متوسط نصيب المصري من الأرز إلى 34.7 كجم مقابل 39.1 كجم، ومن الخضروات 86.3 كجم مقابل 93.1 كجم، ومن الفاكهة إلى 62.6 كجم مقابل 63.6 كجم، ومن لحوم الدواجن والطيور 10.1 كجم مقابل 10.7 كجم.

2- نقص التعليم:

يُعتبر نقص التعليم أحد أهمّ الأسباب التي تؤدّي إلى الفقر في معظم الدول، ومن أبرز مظاهره أيضا ويعاني الأطفال الفقراء من الكثير من الصعوبات في تلقّي التعليم الذي سيدعمُهم مُستقبلاً، ً وعادةً ما تختلف جودة التعليم بين المناطق الحضريّة والريفيّة، وبين الأحياء الغنيّة، والمناطق الفقيرة في الدولة الواحدة، حيث تكون مدارس الريف صغيرة وذات موارد تعليميّة محدودة جداً، وغير متطوّرة، أمّا في المدن والمناطق الراقية تحديداً فتتمتع المدارس بموارد، وخبرات تعليميّة عالية ومُتميّزة تسمح لطلّابها بالتطوّر ([30]).

 3- انخفاض الأجور:

تراجع معدل نمو الأجور من 25% عام 2013/2014 إلى 5% في موازنة العام 2018/2019، في الوقت الذي ارتفع فيه التضخم من 8% إلى 32% خلال الفترة ذاتها قبل أن ينخفض إلى 17% في يناير 2018، أي أن الأجور الحقيقية ومستوى معيشة العاملين بالدولة في تراجع، وترتبط قضية الأجور بـ 5.5 مليون موظف بالقطاع الحكومي فقط أي حوالي 25 مليون مواطن عند احتساب معدل الإعالة ([31]).

4- سوء خدمات الرعاية الصحيّة:

تختلف جودة الخدمات الصحيّة المُقدّمة من دولة لأخرى، فالبُلدان الفقيرة، تُعاني من عدم توفّر الرعاية الصحيّة الكافية، في حين يتم توفير خدمات صحيّة هائلة للأغنياء، وبالطبع تنتشر الأمراض بسُرعة في المناطق التي تفتقد للتوعية الصحيّة الكافية، ومع انتشار هذه الأمراض يُصبح من الصعب على العائلات أن تتبع أساليب الوقاية الصحيحة، ممّا يؤدي إلى زيادة عدد المرضى وحالات الوفاة أكثر.

5- الكسل وغياب الإنتاجيّة:

تعتمد الدول الفقيرة على الدول المُزدهرة والمُتقدّمة في دعمها وتقديم الخدمات لها، دون مُبادرتها بالعمل، والإنتاج الذاتي، ممّا يقود إلى الكسل الجماعي، ليُصبح أفراد هذه المُجتمعات عالةً على الدولة، وعلى بعضهم البعض ([32]).

6- الجهل واللامُبالاة:

تُعتبر اللامبالاة من عوامل الفقر الأساسيّة، إذ ينشأ بين سكّان المُجتمعات الفقيرة جهل يُصاحبه نقص في السعي لإحداث فرق، أو اكتساب معارف جديدة.

ب- مظاهر الفقر الخاصة بالمجتمع المصري:

هناك مظاهر للفقر خاصة بالمجتمع المصري بدت واضحة في السنوات الأخيرة من أهمها:

1 -40% من المصريين لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية.

2- ارتفاع معدل البطالة الذي وصل في مصر إلى 12.9 % في أقل التقديرات ويصل في تقديرات أخرى إلى 24.5% ([33]).

3- تحتل مصر المرتبة الخامسة في مؤشر البؤس العالمي.

4- 9 ملايين طفل في مصر يعيشون تحت خط الفقر.

5- % 50 من المصريين يعيشون على هياكل الدجاج، بسبب ارتفاع أسعار الدواجن والسلع الأساسية.

6- 11 مليون مواطن ينفقون أقل من 330 جنيها شهريا.

7- 80% من الفقراء في مصر لا تصلهم خدمات الدعم او التأمين الاجتماعي.

8- مصر تحتل المرتبة الثالثة لارتفاع معدلات الجريمة بسبب انتشار الفقر والبطالة ” هذه العوامل تعد مظاهر وأيضاً نتائج للفقر”.

9 -ارتفاع معدلات الانتحار بين الشباب بسبب الأزمات المادية ([34]).

10- التسول: بلغ عدد المتسولين في مصر 41 ألف متسول، واحتل الأطفال العدد الأكبر بمجموع 21 ألفاً و650 طفلاً متسولاً تليهم نسبة المسنين ويبلغ عددهم 11 ألف متسول و6320 امرأة متسولة و1140 شاباً متسولاً من 30 إلى 40 عاماً والباقي من فئات عمرية مختلفة ([35]).

آثار وعواقب الفقر:

يعد ارتفاع معدلات الجريمة وانتشار تعاطي المخدرات الرخيصة والرديئة والكحوليات ؛ وزيادة مستويات الأمراض، وسوء ظروف السكن والمعيشة، وقلّة فرص الحصول على التعليم، من أكثر آثار الفقر شيوعاً، يضاف إلى ماسبق  زيادة التوترات العائلية والأمراض والتفكك الأسرى وارتفاع معدلات الطلاق و انتشار الاضطرابات والمشاكل النفسية، بالإضافة إلى زيادة الأمراض وعدم القدرة على علاجها بكفاءة، الأمر الذي يؤدّي إلى تفشّيها وتهديد حياة وصحّة الأفراد والمجتمع أيضاً، والغش والتزوير، وهي طريقة غير مشروعة يحصلُ بها الفرد على المال عن طريق الاحتيال، وزيادة حالات الطلاق، بسبب عدم قدرةِ الرجل على تلبيةِ طلبات واحتياجاتِ أسرته([36]) .

كيفية القضاء على ظاهرة الفقر:

يمكن القضاء على ظاهرة الفقر عبر عدة خطوات وإجراءات أهمها:

1ـ زيادة الوعي: تواجه غالباً المجتمعات الفقيرة مشاكل كثيرة مثل تعاطي أفرادها المخدرات، والكحول، ونقص العناية بالأطفال، والعنف، وضعف التعليم، ويكمن هنا دور الأخصائيين الاجتماعيين في توعية الناس في كيفية تجنب هذه المشاكل، وإيجاد طرق مبتكرة وعملية لحلّها ([37] ).

2- التعليم: يساهم التعليم في الحدّ من ظاهرة الفقر، وتحسين الصحة، والمساواة بين الجنسين، وتحقيق السلام، والاستقرار، وخصوصاً حين تتطلّب أسواق العمل قوة عاملة تمتلك مهارة وكفاءة في التعليم ([38]).

3- تمكين الفقراء: يساهم دور الحكومة في الحدّ من ظاهرة الفقر، وتحقيق التنمية المنصفة من خلال زيادة مشاركة المواطنين الفقراء في مواقع صنع القرار، وتوفير الوظائف، والدعم، وتطوير المواهب الريادية، حيث يتيح ذلك مناقشة مشاكل المجتمع بحرية ([39]).

4- تقديم المعونات: يمكن أن يساعد تقديم المعونات بالتعاون مع وكالات الخدمات الاجتماعية، ومنظّمات المعونات الدولية، حيث تتضمن هذه المساعدات الاحتياجات الرئيسية للفرد، وهي: الغذاء، والملبس، والمأوى، كما تشمل المزايا الاجتماعية، والرعاية الصحية، ومن ضمنها رعاية الأطفال ([40]) .

5-تخطيط الاستراتيجيات: يكمن دور الحكومة في الحدّ من مشكلة الفقر من خلال تخطيط، وتنفيذ استراتيجيات تحسّن الظروف المعيشية للفقراء، مثل توفير مياه شرب نظيفة، وتثقيف المزارعين في كيفية إنتاج المزيد من الأغذية، وتوفير التعليم، وتأمين فرص أفضل للحصول على خدمات الرعاية الصحية، وتُظهِر الدراسات أنّ زيادة دخل الدولة بمقدار 10% سيحدّ مشكلة الفقر بنسبة تتراوح ما بين 20- 30%.

6- إزالة العوائق أمام المواطنين يعتمد معظم فقراء الريف على الزراعة، أو الموارد الطبيعية الأخرى من أجل كسب رزقهم، لذلك من الإنصاف أن توفّر الحكومة الحرية التامة لهؤلاء الفقراء في كسب قوتهم من هذه المصادر الطبيعية، بالإضافة إلى تزويد المناطق الفقيرة بجميع الخدمات والمرافق بما فيها الإنترنت، ومصادر الطاقة بأسعار معقولة ([41]).

7- تهيئة الفرص للعمل للقادرين عليه، وذلك يتطلَّب قيام الدَّولة بأمرين أساسيِّين، إنشاء كيان خاصٌّ بالتَّدريب، والتَّوظيف، والمتابعة. وقيام الدَّولة بتعيين القادرين على العمل في جميع مؤسَّساتها التَّابعة لها حسب قدراتهم وتخصُّصاتهم. أما توفير فرص العمل غير المباشرة فيتم عبر تشجيع القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار والقضاء على البيروقراطية، وتوفير مستلزمات الإنتاج بسعر معقول ([42]).

8- تبنِّي خطَّة مرحليَّة واستراتيجيَّة للقضاء على الفقر، وللتَّنمية الشَّاملة، تكون مدروسة ومتوازنة.

9- قيام الدَّولة بالبنية التحتيَّة المادِّيَّة (مثل تهيئة الشَّوارع، والاتِّصالات، والمواصلات)، ودعمها لكيلا يتكون كلفتها أعلى من مستو دخل الفقراء ومتوسطي الدخل، وكذلك البنية التحتية المعنوية (مثل التَّشريعات والقوانين الخاصَّة المشجِّعة على الاستثمار)، ونحوها.

10- تبنِّي سياسة مشجِّعة للصِّناعات الخفيفة، والمتوسِّطة، والثَّقيلة، حيث إنَّ هذا المجال يوفِّر كثيرًا من فرص العمل للجميع.

11- قيام الدَّولة بتوفير الحياة الكريمة لغير القادرين على العمل، أو الَّذين لم تستطع أن توفِّر لهم فرصة العمل المناسب، وذلك بمنح حدِّ الكفاية، لكلِّ محتاج، أو معيل.

12-إصدار قوانين لرعاية حقوق العمال، وضمان حقوقهم، وحرِّيَّة اختيار العمل المناسب لهم من حيث التَّخصُّص، أو المواهب الفرديَّة، مع حماية حقِّ التَّنافس، والتَّفاوت، وقانون العرض والطَّلب ما دام ينأى عن الاستغلال والاحتكار.

13- زيادة دخل الدولة، حيث أظهرت الدراسات أن زيادة دخل الدولة بمقدار 10% سيحد من مشكلة الفقر بنسبة تتراوح بين 20 و30% ([43]).

14- التكافل الاجتماعي بالزكاة والصدقة الجارية والوقف الإسلامي، وتفعيل دور المجتمع المدني ومشاركته في التنمية، خاصة في تدريب الخريجين وتأهيلهم لسوق العمل، وهي وسائل فعالة وضرورية للقضاء على ظاهرة الفقر.

15- أن تصبح الدولة لامركزية بأن تتواجد جميع الخدمات والمصالح في جميع المحافظات، وأن يتابع الحاكم مشاكل شعبه، ويقرب وجهة نظره من وجهة نظر الشعب.

16- استصلاح الأراضي الزراعية الجديدة وإقامة الصناعات الصغيرة القائمة على الإنتاج الزراعي.

17- التداول السلمي للسلطة والديمقراطية التي تكفل أن يتولى زمام السلطة حكومة منتخبة تسعى لتحقيق رغبات الشعب، وتحقيق الرفاهية له، وإذا قصرت أو لم تقم بواجبها يتم تغييرها والإتيان بسلطة أخرى غيرها، مما يدفع كل من يتولى زمام الأمور على العمل لصالح الشعب والدولة لكي يحوز ثقة الناخبين في الانتخابات المقبلة، والتداول السلمي للسطلة يفضح أي فساد أو ممارسات غير شريفة للسلطة الحاكمة، ويدفع في اتجاه الحكم الرشيد، وهو ما توصلت إليه الدول الغربية المتقدمة والتي كانت تعاني من الفقر والتخلف والجهل وتم القضاء عليه عبر التداول السلمي للسلطة وإطلاق الحريات، ومن خلال هذا العامل يكن تحقيق باقي الحلول للقضاء على مشكلة الفقر في مصر.

18- محاربة الفساد وهو مرتبط بالعنصر السابق، لاستحالة محاربة الفساد وتحقيق الشفافية في نظام مستبد ديكتاتوري، غالبا ما يحدث في عصره تزاوج بين السلطة والمال، وبالتالي يضيق على منظمات وهيئات محاربة الفساد، فالفساد أهم عائق أمام محاربة الفقر، وأهم عائق أمام التنمية المستدامة ([44]).

خاتمة:

مصر ليست الدولة الوحيدة التي تعاني من الفقر، بل سبقتها دول غربية عديدة وتم القضاء على الفقر وكل الظواهر السلبية الأخرى كالجهل وانخفاض الوعي فيها، عبر الحكم الديمقراطي والتداول السلمي السلطة، ويكون ذلك بالتوازي مع رفع معدلات الوعي والقضاء على الأمية والجهل واللامبالاة والانصراف عن الاشتغال بالشأن العام، وكذلك عبر تشجيع الاستثمار وخلق فرص العمل وبناء المجتمع على أسس علمية ومنهجية سليمة وصحيحة، وخالية من الفساد والديكتاتورية وكل معوقات التقدم ([45]).


الهامش

[1] Ashley Crossman (6-3-2017), “Understanding Poverty and Its Various Types”، www.thoughtco.com, Retrieved 22-1-2018. Edited. الرابط نقلاً عن موقع موضوع[2] د. الفنجري – محمد شوقي – الإسلام والتَّوازن الاقتصاديُّ بين الأفراد والدُّول، ص31-32

[3] د. الفنجري – محمد شوقي – فقر الشُّعوب، ص15،

[4] الزامل -عصام المدونة الشخصية الرابط

[5] “Poverty”, www.unesco.org, Retrieved 22-1-2018. Edited. الرابط

وفقاً لترجمة موقع موضوع

[6] المصدر رقم 4

[7] المصدر رقم 5 ” موقع اليونسكو تاريخ الإضافة 22 يناير 2018 .

[8] “The World Employment Programme at ILO” (PDF). تمت أرشفته من الأصل (PDF) في 04 مارس 2016.

نقلا عن ويكيبيديا –الرابط

[9] poverty line”, www.businessdictionary.com, Retrieved 22-1-2018. Edited. الرابط

وفقاً لترجمة موقع موضوع

[10] “What Is Poverty?”, www.encyclopedia.com, Retrieved 22-1-2018. Edite الرابط

وفقاً لترجمة موقع موضوع

[11] موقع البنك الدولي الرابط

[12]) الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الرابط

ميدل إيست مونيتور : اليونيسيف معدل الفقر في مصر بلغ30 %”بتاريخ 1يناير 2018 الرابط

[13])- ميم مجازين: 30 مليون مصري تحت خط الفقر بتاريخ 22أكتوبر 2017 الرابط

[14] -(UNICEF: 30% poverty rate in Egypt الرابط ..

[15]) -إعلام.. خريطة الفقر في مصر.. إعلام أورج بتاريخ 2مايو 2017 الرابط

[16]) – اليوم السابع.. الفقر في مصر. بتاريخ 13أكتوبر 2017 الرابط

[17]) – الفقر في مصر.. موقع الجزيرة.. بتاريخ 10مارس 2011 الرابط

[18]) – شبكة الأخبار العربية.. خريطة الفقر في مصر.. بتاريخ..5أبريل 2013 الرابط

[19] عبد القادر وحيد ومحمد الفايد: بالتفصيل خريطة الفقر في مصر.. المصريون بتاريخ 17 – 04 –2013 الرابط

[20] المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الرابط

[21] المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الرابط

[22] الإندبندنت: كيف قادت الاضطرابات التي أعقبت الربيع العربي مصر إلى الخراب بتاريخ 7مارس 2018 الرابط

[23]لجين محمد: تعثر 15ألف مصنع العربي الجديد بتاريخ 9ديسمبر 2015 الرابط

[24] جيهان عبد الغني : تفاقم الأزمات المعيشية للمصريين…فقر وبطالة ومدخرات تتبخر العربي الجديد بتاريخ 25يناير2018 الرابط

[25] غادة والي: 54% من السكان تحت خط الفقر يحصلون على “تكافل وكرامة مصراوي بتاريخ 21 يناير 2018 الرابط

[26] خريطة دعم الفقراء في مصر.. فقراء جدد كل عام عربي 21 بتاريخ 25مايو2018 الرابط

[27] سامح عسكر، عشرة أسباب لشيوع الفقر في مصر، موقع أهل القرآن بتاريخ 31 اكتوبر 2017 الرابط

[28] هبة البنا 4أسباب وراء ارتفاع نسبة الفقر في مصر بعد الثورة.. مصراوي بتاريخ 19 – 01 – 2013 الرابط

[29] عصام شعبان : مخاطر الخصخصة الجزئية في مصر العربي ..الجديد بتاريخ 22أبريل 2018 الرابط

[30] مظاهر الفقر موقع موضوع بتاريخ 12سبتمبر 2018 الرابط
[31] فهيمة أحمد لماذا يزيد الفقر رغم نجاح الإصلاح الاقتصادي بمصر؟ موقع العربية، 25 فبراير 2018 الرابط

[32] Common Manifestations of Poverty”, www.borgenproject.org,17-1-2015، Retrieved 6-9-2018. Edited.

[33] الإحصاء”: 24.5% نسبة البطالة بين الشباب في مصر مصراوي بتاريخ 21 أبريل الرابط

[34] المصدر السابق ذاته

[35] سيد العبيدى ..تزايد نسبة الفقراء إلى 40% الوفد بتاريخ 01 يوليو 2017 الرابط

[36] فداء أبو حسين، 7 يونيو2016 الرابط

[37] Ashley Miller , “Social Workers’ Roles in Helping the Poor”، work.chron.com, Retrieved 12-11-2017. Edited. الرابط

[38] “Poverty Reduction: How and Where We Work”, www.worldbank.org,19-2-2013، Retrieved 12-11-2017. Edited. الرابط

[39] Ways to Reduce Poverty in the World “, www.borgenproject.org,29-4-2017، Retrieved 12-11-2017. Edited الرابط

[40] Ashley Miller , “Social Workers’ Roles in Helping the Poor”، work.chron.com, Retrieved 12-11-2017. Edited.

[41] Ways to Reduce Poverty in the World “, www.borgenproject.org,29-4-2017، Retrieved 12-11-2017. Edited.

[42]الفنجري- محمد شوقي: دور الاقتصاد الإسلاميِّ في مكافحة مشكلة الفقر، ص1324

[43]سيد علي: خريطة الفقر والفقراء في برمصر ..الأهرام بتاريخ 11أكتوبر 2018 الرابط

[44] الفساد أهم عائق أمام التنمية المستدامة.. الجزيرة نت بتاريخ 9ديسمبر عام2017 الرابط.

[45] الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close