fbpx
تقديرات

خريطة القوى الثورية الليبرالية واليسارية في مصر

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

كان للقوى الليبرالية واليسارية دور فعال ومؤثر فى قيام ثورة 25 يناير 2011، كما كان لهم أيضاً دور فى المظاهرات الاحتجاجية ضد الرئيس محمد مرسى فى 30 يونيو 2013، وبين هذا التاريخ وذاك تتكون المعضلة الرئيسية للقوى الثورية: كيف تحولت من عنصر أساسى لنجاح ثورة يناير إلى عنصر فعال فى الثورة المضادة، وكيف يمكن إعادتهم للصف الثورى لمواجهه لحكم العسكر؟ وتحاول هذه الورقة رصد خريطة القوى الثورية ( الليبرالية واليسارية) ودورهم في معارضة الانقلاب، والإجابة عن الأسئلة التالية:

• ما هي خريطة هذه القوى؟

• ما هي الكيانات التي تجمعهم حاليا؟

• ماهى عناصر القوة والضعف لدى تلك القوى الثورية؟

• ماهى مآخذهم على تحالف دعم الشرعية؟

• كيف يمكن بناء جدار الثقة والتواصل الجيد معهم؟

• كيف يمكن إحداث تأثير بهم والاستفادة منهم لصالح الثورة؟

• كيف يمكن جمعهم فى تحالف وطنى شامل؟

• برنامج عمل تنفيذي

أولاً: القوى الثورية .. المكونات والتحولات

مرت بعض القوى الثورية والشبابية بعدد من التطورات والتحولات منذ انقلاب 3 يوليو 2013، تحولت فيها علاقاتها مع سلطة الانقلاب من التقارب والتفاهم إلى القطيعة والصراع، وذلك بعد تنامي الإدراك بوجود تناقض بين أهداف ثورة 25 يناير من جهة وبين النخبة العسكرية الحاكمة من جهة أخرى. واستجابة لواقع شديد التعقيد ، تغيرت المواقف وتبدلت التوجهات وظهرت كيانات شبابية وثورية جديدة، في حين تدهورت مكانة وقوة كيانات أخرى.

ويمكن أن نحصر أسماء بعض تلك الحركات مثل (حركة شباب من أجل العدالة والحرية، حركة المصري الحر، حركة ٦ أبريل/ الجبهة الديمقراطية، حركة الاشتراكيين الثوريين، حركة كفاية، ائتلاف ثورة اللوتس، الجبهة القومية للعدالة والديمقراطية، اتحاد شباب ماسبيرو، الاتحاد المصري للنقابات المستقلة، الجمعية الوطنية للتغيير. الاشتراكيون الثوريون ، الجبهة الحرة للتغيير السلمي، الجبهة القومية للعدالة والديمقراطية، اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة، ائتلاف ثوار مصر، حركة شباب كفاية وغيرها)، وفي إطارها سيتم التركيز على أهم الحركات هذه الحركات وأدوارها (حركة 6 إبريل – الإشتراكيين الثوريين – جبهة طريق الثورة – مجموعات الالتراس):

1ـ حركة 6 ابريل:

حركة شبابية أنشئت في 2008 لدعم إضراب عمال المحلة، ولعبت الحركة دورا محوريا في تنظيم ثورة 2011 التي اسقطت الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكن الحركة شهدت انشقاقاً نتج عنه انقسامها لجبهتين: الأولي جبهة أحمد ماهر، والثانية الجبهة الديمقراطية، وقد عارضت الحركة حكم الرئيس محمد مرسي وشاركت في تظاهرات 30 يونيو. وتبنت الحركة موقفًا قريبًا من موقف جبهة الإنقاذ وقوى أخرى معارضة في ما يتعلق بخارطة الطريق التي تم الإعلان عنها بعد انقلاب 3 يوليو 2013، والتي تشمل انتخابات رئاسية مبكرة وانتخابات برلمانية وتعديل الدستور.

2ـ الاشتراكيون الثوريون:

حركة ظهرت خلال ثمانينيات القرن العشرين، ولعبت دوراً مهماً في مبادرة “لا للمحاكمات العسكرية” لتنظيم معارضة لحكم المجلس العسكري في 2011-2012، وأيدت الحركة 30 يونيو بل وكانت جزءاً من اللجنة التنسيقية لـ 30 يونيو، ولكنها ترفض تدخل الجيش في الحياة السياسية كما ترفض حكم جماعة الإخوان المسلمين وعودة الرئيس مرسى.

3ـ جبهة طريق الثورة:

أنشأها مجموعة من النشطاء والسياسيين في 23 سبتمبر 2013، وتضم العديد من الشخصيات العامة والشباب الذين شاركوا بثورة يناير وما تبعها من حراك وموجات متتالية حتى 30 يونيو، والجبهة قائمة “كما ذُكر في البيان التأسيسي” لرفض هيمنة المؤسسة العسكرية على المشهد مثلما رفضت من قبل سيطرة الإخوان على الدولة، وللحفاظ على أهداف الثورة بحسب البيان التأسيسي للجبهة.

وقد شكّل تأسيس “جبهة طريق الثورة” الإعلان الرسمي عن خروج معظم الحركات الشبابية من تحالف 30 يونيو المؤيد للانقلاب العسكري؛ حيث تبلورت فكرة التيار الثالث الذي نزل إلى الشارع مستقلاً عن فعاليات تحالف دعم الشرعية، التي ترفع شعار عودة الدكتور مرسي، وتشكلت الجبهة من الاشتراكيين الثوريين و6 أبريل جناح أحمد ماهر، وشباب مصر القوية، وحزب التيار المصري، إلى جانب مجموعة من الكتّاب المستقلين، مثل أهداف سويف وآخرين. وبشكل تدريجي وجّهت معارضتها وخطابها النقدي نحو السلطة القائمة التي تحتكر القوة والموارد وتدير شؤون البلاد دون نجاح كبير؛ فتراجع بذلك خطابها الناقد لسلطة مرسي والإخوان بعد خروجهم من السلطة.

4ـ مجموعات الأولتراس:

يمثل الأولتراس أحد الفواعل الرئيسة والحاسمة فى ثورة يناير فبالرغم من عدم وجود توجه سياسى معين يغلب على روابط الأولتراس إلا أن دورها المؤثر فى 28 يناير، ولّد عداءً تاريخياً مع الداخلية وخاصة مع تصاعد الأحداث جراء مذبحة بورسعيد واستشهاد 73 من أعضاء أولتراس الأهلي، وبالرغم من عدم تسيسهم بصورة كبيرة إلا أنه يمكن الإستفادة منهم والتعامل معهم جيداً فى ملف التعامل مع الأمن، وتتميز هذه الروابط بأن لها إنتشار كبير داخل شريحة الشباب ويملك المواجهة والحسم إذا تم التنسيق الجيد معه.

ثانياً: محطات غيرت مسار القوى الثورية

بالرغم من الدعم القوى الذى قدمته بعض القوى الثورية للانقلاب العسكرى ولم يكتفوا بدعمه فى الداخل، بل ذهبوا فى وفود دولية للتسويق للانقلاب، إلا أن هناك محطتين رئيسيتين كانتا لهما التأثير الأكبر فى خروج تلك القوى من مسيرة دعم الانقلاب وهما: قانون التظاهر والتعديلات الدستورية:

قانون التظاهر: وهو القانون الذي تم إقراره لتنظيم عملية التظاهر وقد ترتب على هذا القانون بروز بعض القوى التي كانت ضمن التيار المؤيد لتعارض هذا القانون وقد انتقلت تدريجيًا إلى المعسكر الثالث الذي يرفض عودة الإخوان المسلمين وفي نفس الوقت يرفض الحكم العسكرى وممارسته القمعية.

التعديلات الدستورية: كانت التعديلات الدستورية على دستور 2012 سببًا في مزيد من الإنقسام بين القوى السياسية ، وذلك بسبب عدد من المواد التي اعتبرتها الحركات الشبابية والثورية تمثل خصماً من مكتسبات ثورة 25 يناير ويأتي في مقدمة هذه المواد المادة التي تسمح بالمحاكمات العسكرية للمدنيين (هذا بجانب الاعتراض على بعض المواد الأخرى مثل المادة الخاصة بتحصين وزير الدفاع)، وعليه فقد تبنت كلاً من جبهة طريق الثورة “ثوار”، وحركة لا للمحاكمات العسكرية وحركة شباب من أجل العدالة والحرية وحركة 6 أبريل بعد انتقالها للمعارضة داخل تيار المنتصف موقف المعارض وأعلنت حشد المواطنين للتصويت بلا على مسودة الدستور.

وتصاعدت حدة عداء سلطات الانقلاب ضد القوى الشبابية والثورية في ظل اتهامات لها بالخيانة والفساد والعمالة، فخضع قادتها وأعضاؤها للتهديد والاعتقال والسجن، وصدرت أحكام قاسية بالسجن ضد عدد من أشهر من القيادات الشبابية باتهامات تتعلق بالتظاهر والشغب، من أبرزهم: أحمد ماهر وأحمد دومة ومحمد عادل وعلاء عبدالفتاح، وذلك إلى جانب اعتقال مئات غيرهم من الشخصيات غير المعروفة إعلاميًا، خصوصًا في مواجهات ذكرى 25 يناير.

ثالثاً: أهم الملاحظات على القوى الثورية

تتميز القوى الثورية بعدة ملامح أهمها:

•هشاشة بنيتها وضعف تواجدها الميدانى؛ فبالرغم من الزخم الإعلامى إلا أن تواجدهم محدود كما لا يوجد تقدير عددى للمنتمين لهذه القوى فلم يشاركوا فى انتخابات حتى يتم قياس قوتهم الحقيقية.

•تتميز تلك القوى بالزخم الاعلامى الكبير وطرح الأفكار الثورية الإبداعية الخارجة عن السياق التقليدى.

•تعانى أغلب القوى الثورية من عدم وجود لائحة داخلية تحكم عملها على الرغم من وجود أنواع التنظيم كهيكل إدارى، وعدم وجود لائحة قد يكون عامل أساسى فى الانشقاقات العديدة التى تشهدها تلك القوى.

• غلبة الرأى الشخصى على تلك القوى بعيداً عن إطار فكرى ملزم يصعب من التحالف معهم.

• تتركز تلك القوى بصورة رئيسية فى العاصمة القاهرة وإن كان هناك تواجد نسبى ضعيف لهم فى بعض المحافظات.

• عدم ثبات خريطة القوى السياسية؛ حيث مازالت خريطة القوى السياسة فى حالة عدم ثبات وإستقرار فكل يوم يتم الاعلان عن حركة جديدة.

رابعاً: القوى الثورية وتحالف دعم الشرعية:

اتخذت معظم القوى الثورية والشبابية موقفًا سلبيًا من التحالف والحراك الثوري، لأن التحالف حدد قضيته الأساسية في الشرعية وعودة مرسي للحكم وهو ما يعارض رؤيتهم للإخوان والإسلاميين عامة، كما تتنتقد تلك القوى الطائفية في خطاب دعم الشرعية ضد الأقباط والعلمانيين والذى ظهر، وفقاً لهذه التيارات، على منصة رابعة وما بعدها. ثم تطورت الأمور في اتجاهات جديدة لتقلص من حدة التوتر والخلاف، أبرزها حالة القمع التي يواجهها الطرفان من قبل السلطة، وحالة العداء التي تواجهها ثورة 25 يناير التي لم تكن لتنجح لولا تعاون وتماسك هذه الأطراف أثناء الثورة.

إن من أهم الإشكاليات التى واجهت الثورة المصرية وكانت عاملاً مهماً فى تفتيت صفوف الثوار:

•ما يمكن أن نطلق عليه “الوزن النسبي” حيث سارع الإسلاميون بالاستئثار بالسلطة لانهم يملكون القوة على الأرض، وهو منطق مقبول فى إطار معادلة ديمقراطية متوازنة، ولكنه لا يمكن قبوله بالضرورة فى إطار حالة ثورية كالتى كانت تعيشها مصر، وبعد الإنقلاب ظن الإسلاميون أنهم يملكون القدرة على الحسم ومواجهة الانقلاب وحدهم وخاصة أن القوى الثورية ليس لها تأثير قوى على الأرض، وغاب عليهم أن الحسم لن يأتى من الداخل فقط وإذا كان الإسلاميون يملكون الأرض (نسبيا) فالقوى الثورية تحسن التعامل والتأثير مع الخارج.

•ما يقول به البعض من البدائل المحدودة لمستقبل الثورة المصرية، والاتجاه لحصرها بين خيارين، إما “خيار العسكر” أو “خيار الإخوان”، ويذهب هؤلاء إلى القول بأن عدم وجود خيار ثالث فى المشهد سيؤدي لاستمرار دعم الغرب للعسكر، وفي نفس السياق يعمل العسكر على التوسع في استخدام الآلة الإعلامية فى تشويه صورة الإسلاميين، وقد نجح بالفعل في ذلك، بدليل وجود قطاعات كبيرة من المواطنين أصبحت نظرتها سلبية للتيارات الإسلامية.

•أن الخروج من أسر ثنائية (العسكر/ الإخوان) يتطلب من التحالف الوطني لدعم الشرعية وكل التيارات الإسلامية، إضافة بدائل جديدة فى المشهد تصب لصالح الثورة، حتى وإن كانت لا تصب في المرحلة الراهنة فى صالح التحالف أو الإسلاميين، طالما اتفق الجميع على هدف اسقاط الانقلاب.

خامساً: التقارب مع القوى الثورية: الفرص والتحديات

المستوي الأول: الفرص:

مع اقتراب الذكرى الرابعة لــ25 يناير باتت هناك ضرورة ملحة لتوحيد الصفوف لمواجهة النظام العسكرى القمعى المتزايد وهناك عدة عوامل تساعد القوى الثورية الإسلامية والليبرالية على التقارب، منها ما يمكن أن نطلق عليه (الفرص المتاحة):

1- حالة القمع المتوايدة تجاه الجميع بمصر سواء اسلاميين أو قوى ثورية أو حتى معارضين من خارج المعسكرين

2- ظهور قناعة لدى الجميع أن فريق واحد لن يحسم المسار لصالح الحراك الثورى، وانه لا بد من تحقيق الاصطفاف الوطني، والاتفاق على مجموعة من المبادئ الحاكمة لكل القوى الثورية، على اختلاف توجهاتها السياسية ومرجعياتها الفكرية.

3- أن النظام العسكرى بالرغم من تحقيق النجاحات على الارض فى مسار خريطة طريقة إلا أن التكلفة عالية جداً، وما زالت الأمور غير مستقرة له سواء فى الداخل أو الخارج، ومازالت روح الثورة مستمرة، حتى وإن بدا للبعض أنها ضعفت.

3- إدراك بعض القوى الشبابية والثورية أن الدولة العميقة والمؤسسة العسكرية تسعي لخلق شرعية لـ 30 يونيو حتى تقضي على شرعية ثورة 25 يناير، ويتم الإعداد للانتقام والتخلص من الحركات الثورية والشبابية التي كانت طليعة ثورة يناير.

4- أن سياسة النظام العسكرى القائم من القوى الثورية فهي أنها على مدار عام ونصف رسخت لديهم الإحساس بمدى خطئهم حين راهنوا على الجيش كمخلص لهم من حكم الإخوان. وبات واضحا لدى القطاع الأوسع منهم (وهو قطاع مرتبط بثورة يناير) أنه تم التلاعب بهم وأنهم خدعوا كما خُدع الإخوان. وهي حالة ستفضي إلى مرحلة جديدة ليس من المستبعد أن تتجاوز بنسبة معقولة حالة التخوين التي سادت بين الطرفين الفترة الماضية.

5- سقوط عدد من الأوهام والخدع التى سيطرت على القوى الثورية منذ ثورة يناير، مثل أسطورة أن الجيش حمى الثورة، وأن الثورة قضت على أركان نظام مبارك، وهو ما تأكد كذبه بعد أحكام البراءة التي حصل عليها مبارك ورموز نظامه (29 نوفمبر 2014) وإعلان بعضهم العودة لممارسة نشاطه السياسي والاقتصادي، وعودة هذه الرموز لتهيمن على المشهد الإعلامي في مصر في ظل الانقلاب العسكرى.

المستوى الثاني: التحديات

1- يدرك النظام الحالى مخاطر عودة القوى الثورية والشبابية للشارع والاحتجاج، حتى لا يتكرس الانطباع بأن ما حدث في 3 يوليو هو ثورة مضادة لثورة 25 يناير، كما أنها تدرك مخاطر التنسيق والتعاون بين تحالف دعم الشرعية وأنصار القوى الشبابية والثورية؛ الأمر الذي قد يوفر أساسًا صلبًا لاستعادة روح 25 يناير مرة أخرى. لذلك تسعى السلطة بإستمرار لإجهاض الفعاليات الشبابية الثورية ومظاهرات أنصار الشرعية معًا؛ والعمل على إستمرار تفتيت تلك القوى وإثارة الخلافات بينهم.

2- يشكل التعصب الأيديولوجي والسياسي أهم التحديات التى تواجه التحالف بين الطرفين، فهناك إختلاف فكرى وأيدلوجى كبير بين الطرفين فهناك مجموعة كبيرة من القوى الثورية يعارض بشدة هوية ومرجعية القوى الإسلامية ويتبنى مرجعية علمانية، متهمًا الإسلاميين بالفاشية والطائفية. وفي المقابل، هناك قسم من شباب القوى الإسلامية يتخذ منحى أكثر راديكالية ضد القوى الليبرالية واليسارية.

3- ما زالت العقبة الرئيسية بين الفريقين هو تمسك كل فريق بمطالبه، فالتحالف متمسك بعودة الشرعية متمثلة في الرئيس المنتخب ‫والدستور المستفتي عليه‪ ، وبعيداً عن الرؤية المبررة لهذا الموقف من التحالف، إلا أن القوى الثورية ترفض خيار عودة مرسى تماماً.‬‬‬‬‬‬

سادساً: برنامج عمل تنفيذي

‫حتى يتشكل تحالف ثوري متماسك يحتاج الجميع للتوافق على أسس مهمة، وبات من الضرورى أن تتطلع جميع قوى ثورة يناير للعمل معاً لإسقاط النظام العسكرى القمعى، ويجب على الجميع التنازل من أجل الوصول إلى تحقيق هذا الهدف الذى نسعى إليه جميعاً. فلا ثورة ستنجح مبادئها دون حوار ولا حوار دون ثمن ولا نجاح دون تنسيق ولاتحالف دون تنازل. ‬‬‬

1ـ خلاصات أساسية:

لقد تعددت العوامل التي أدت لتعثر الثورة، وتعثر التوافق بين القوي السياسية التي تبنت الثورة ودافعت عنها، ويستحيل استعادة المسار الصحيح للثورة بدون تغيير تلك العوامل، وهي:

1. انهيار حد أدنى من التحالف بين القوى الداعمة للثورة، وتضاربها، وضرب النظام بعضها ببعض.

2. انقسام القوى الثورية إيدلوجيا و التوجه نحو الاستقطاب، وغياب فكرة (إيدلوجية) ثورية جامعة، الانقسام الديني العلماني على أشده وغطى على أهداف الثورة.

3. وضع دولي وإقليمي تعرض لهزة بسبب موجة الثورة ولم يستطع الوقوف ضد الثورة المصرية ويحمي مبارك، ولكنه استعاد توازنه ويضرب الأن بكل قوته عبر الإقليم مع صعود قوى متشددة تثير مخاوف العالم.

4. الشعب الذي تخلى عن خوفه خلال شهور الثورة الأولى، يعاني الأن للغاية ويشعر بإحباط كبير، وهذا طبيعي في حالة اي شعب عاني ما عاناه، الشعوب لا تصبر على الثورات لفترات طويلة.

5. مؤسسات الدولة التي تلقت مفاجأة الثورة الأولى وعجزت عن التصدي لها، وخاصة الجيش والشرطة، تقف الأن بكل قوتها ضد أية محاولة معارضة وليس ثورة، ولن تسمح بتكرار السيناريو وستقاتل حتى أخر لحظة.

6.لا يوجد ما يمكنه جمع أطياف الثورة إلا شعاراتها الأولى. الثورة لم تكن أيديولوجية، وليس ثمة قاعدة شعبية واسعة تحمل مطلبا أيديولوجيا حتى الإخوان، وهو ما ظهر خلال الفترة الانتقالية والاستحقاقات الانتخابية المتتالية وحتى في الحراك بعد الانقلاب. التعاطف العام مع التدين والدين أصيب في مقتل عقب الانقلاب بسببب حملات التشويه، كما أن “التعاطف” لم يترجم كـ”أيديولوجية” يمكنها تعبئة الجماهير، لذا ستكون شعارات الثورة وأهدافها هي البرنامج الوحيد للتلاقي مع القوى الرافضة للحكم العسكري والدولة الأمنية.

7.يجب أن يتولى التنسيق والسعى للتحالف مع القوى الثورية وجوه شبابية جديدة بعيدة عن الوجوه التقليدية والإستفادة من بعض الشخصيات المقبولة مثل (د سيف عبدالفتاح – عبدالرحمن يوسف وغيرهم) فى محاولة تقريب وجهات النظر (رغم تكرار هذه المحاولات و عدم نجاحها حتى الان).

8. الاتفاق علي شكل إدارة المرحلة حاليا ومستقبلا، ليس علي أساس الوزن النسبى ولكن علي أساس الخبرة والتوافق وآليات العمل الديمقراطى التشاركي.

9. الاعتماد علي ترميز شباب جدد لمرحلة التنسيق، يكون لديهم القدرة على التفاوض وإستيعاب الآخر.

10. التوافق حول أهمية عودة المسار الديمقراطي أيا كان شكله وسط اتفاق مرحلى للمسارات المختلفة بعد ذلك.

11. ضبط مسارات الخطاب الإعلامى ووقف حملات التشويه والهجوم المتبادلة بين الطرفين سواء على صفحات المواقع أو السوشيال ميديا.

وسائل ومباديء:

وحتى يمكن إدارة المشهد بفاعلية فإن ذلك يتطلب توافر مجموعة من الشروط الأساسية:

•يشعر المواطن العادي بأن السيسي لم يف بوعوده وخاصة على صعيد الوعود الاقتصادية التي تهم المواطن أكثر من السياسة. كلما زادت الضغوط الاقتصادية والمخاوف الأمنية قلت رغبة المواطن في الثورة بسبب شعوره الزائد بعدم الاستقرار، الفترات تحدث في الفترات الانتقالية، يعني يمكن أن يحقق السيسي بعض التحسن الاقتصادي، ثم تأتي فترة كساد تطيح بحكمه.

•تصعد على السطح قوى سياسية جديدة خارجة من رحم التيار الديني والعلماني قادرة على التواصل مع بعضها والعمل بشكل أكثر تنظيما ووعيا. الثورات في حاجة لقيادة موحدة بعض الشيء، خاصة في حالة الثورات الناجحة، وثورة يناير مثال جيد لثورة فشلت بسبب غياب القيادة المتماسكة، والناس تشعر بالقنوط من مختلف النخب السياسية، وربما هناك حاجة لعملية انتقاء طبيعية لقيادات سياسية تصعد في الفترة المقبلة وتتخطى خطاب وانتماءات نخب ثورة يناير.

•تغيير الفكر السائد، والبحث عن فكر يتخطى الاستقطاب القائم، إيدلوجية جديدة ما بعد ناصرية، ما بعد إسلامية، ما بعد علمانية، فكر يركز على مبادئ الثورة بالأساس، ويؤمن بالديمقراطية والتعددية كبقية الشعوب المتقدمة في العالم، ويستطيع مخاطبة فئات واسعة من المصريين بهذه الأفكار.

• وجود إنفراجة دولية، مثل أزمة اقتصادية أو سياسية تتعرض لها الدول الراعية للانقلاب، أو اقتناع تلك الدول بأن الديمقراطية هي الحل في بلادنا وأن عليهم التخلص من الاستبداد.

•يجب أن يتفق الثوار على منهج واضح للثورة، وأعتقد أن الثورة السلمية هي المستقبل، لذا على الثوار أن يتخطوا من يسعون للعنف ويتخلصوا منهم. العنف سيطيل عمر النظام الاستبدادي، وسيزيد من تماسك عناصره الداخلية، وسيتمثل مرحلة استنزاف، ولكنه لن يمثل ثورة ولن يقود إليها، وعندما تنتهي تلك المرحلة يمكن التفكير في مرحلة إستعادة الثورة.

•تغيير ثقافة الجيش أو بناء جسور بين قياداته وجنوده والثورة بفكرها الجديد وممثليها الجدد، لن تستطيع هزيمة الجيوش في الثورات، يجب اقناعها بالانضمام للثورة، أو بعدم قتلها في الشوارع والميادين، يجب العمل على تغيير ثقافة الشعب والجيش بخصوص دور الجيش السياسي.

• قضية الوعي واعتبارها من أهم القضايا التي يجب العمل عليها وفق رؤى ممتدة قصيرة وبعيدة المدى، وهو ما يمكن القيام به عبر عدد من الآليات أو الإجراءات:

• بناء فكر ثوري جديد، ما بعد إيدلوجي، يركز على أهداف الثورة بعيد عن الاستقطاب، يركز على الديمقراطية والتعددية، ويشرح معناهما للناس.

• بناء جسور بين قوى ما بعد إيدلوجية، قوى من كل التيارات، قوة شبابية ومتماسكة فكريا وسياسيا.

• التواصل مع العالم الخارجي وشرح مطالب الثورة والتغيير الديمقراطي وفكر الثورة الجديد.

• عدم استعجال الثورة، والصبر على التغيير والناس، وعدم إرهاقهم، لأن الشعب المرهق المجهل الفقير لن يثور، سوف يستسلم للوضع القائم.

• الوعي بالثورات وكيف تقوم وكيف تنهار وكيف يمكن الحفاظ عليها، لا يجب أن نرهق الناس كل فترة بحديث عن ثورة متوهمة فتتحول الكلمة لنكتة أو كلمة على كل لسان، يجب أن يكون هناك نضج في الخطاب الثوري.

• الوعي بما يقوم به النظام لبناء الاستبداد الجديد ومحاولة مواجهته بوعي، محاولة فهم الانقلابات وكيف تحكم، والنظم الاستبدادية وكيف تأسس وما هي أخطر التهديدات السياسية لها؟ وكيفية احباط مساعي بنائها؟

• تغيير ثقافة المصريين بخصوص دور الجيش في السياسة.

• التوافق على أن عودة الرئيس مرسي سيكون مرحلة انتقالية أو مرحلة تسليم وتسلم.

• إصدار ورقة إعلان مبادئ بخصوص إدارة الوطن تقوم علي وقف حرب الكراهية وكسر الانقسام المجتمعي والعمل علي ايجاد حاضنة مجتمعية تتلافي جراحات الماضي.

• تشكيل مكتب تنفيذى يجمع بين القوى الثورية والتحالف لرسم مسار الحراك الثورى وتطويره فى كافة مجالاته ( الميدان- الاعلام- الخارج) وتلتزم كافة القوى بقرارت هذا المكتب ويكون داخل مصر مع التنسيق بالخارج.

• وضع لائحة للمكتب تنظم آلية إتخاذ القرار به وآليات التصويت، ولا حديث هنا عن الوزن النسبى وخلافه فكل القوى لها صوت واحد وممثل واحد.

• إعلان ورقة مراجعة للقوي الشبابية والثورية والإسلامية التي تشارك في هذا التنسيق تعلن فيه حقائق ووضوح رؤية بخصوص المرحلة الحالية والمقبلة تتجاوز فيها أخطاء وخلافات الماضي.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close