fbpx
تقاريرعسكري

دعم إسرائيل لحيازة مصر لطائرات إف ـ 15: دلالات وأبعاد

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدمة

تداولت الأوساط الإسرائيلية في الآونة الأخيرة أنباء غريبة ولافتة مفادها توسط رئيس الحكومة نفتالي بينيت لدى الإدارة الأمريكية للموافقة على صفقة بيع طائرات إف15 لـ مصر، في ظل تمنع الأخيرة عن ذلك بسبب مآخذها على النظام المصري في قضايا حقوق الإنسان.

من الواضح أن تعمق العلاقات المصرية-الإسرائيلية في السنوات التسعة الماضية، وتحديدا منذ 2013، حين وقع الانقلاب، دفعت الأخيرة للقيام بهذه الوساطة التي لم تعرف نتائجها بعد، مع أن أوساطا عسكرية إسرائيلية حذرت في وقت سابق من حالة التسلح المتنامية لدى الجيش المصري، واعتماده بشكل أساسي على المعدات الروسية، وخشيت أن تقع هذه الأسلحة في “الأيدي الخطأ”، في حال تمت الإطاحة بالنظام الحالي، وجاء حكام آخرون يتبنون مواقف معادية لإسرائيل.

اليوم، وبعد عقود من الرفض الأمريكي والعرقلة الإسرائيلية، كشفت واشنطن عن نيتها بيع طائرات إف15 لمصر، ويتوقع أن تلقى الصفقة معارضة كبيرة في الكونغرس بسبب سجلها الحقوقي، لكن التوجُّه الأمريكي لإبرام الصفقة يمثل نقلة نوعية في العلاقة بالقاهرة، ويعبر عن تغيُّر في مواقف تل أبيب من خصمها القديم؛ حيث كانت دوماً أكبر عائق أمام توريدها لهذه الطائرة بعيدة المدى.

يدور الحديث عن الطائرة إف15، وهي مقاتلة قاذفة تتميز بأن لديها محركين، وليس محركاً واحداً مثل إف 16، وهي أكثر سرعة وأبعد مدى منها، وتحمل حمولة تقارب ضعف حمولتها، وبسبب حجمها الأكبر، فإن رادارها أبعد مدى وأكثر فاعلية.

في الوقت ذاته، وفي إطار جهود تل أبيب لتحسين العلاقات بين القاهرة وواشنطن، فإنها تعمل على انتزاع موافقة الأخيرة على صفقة الطائرات الأمريكية مع مصر، بزعم تفضيل أن يكون جيشها مزوداً بأنظمة أسلحة أمريكية، بدلاً من روسية وصينية، مما يشير إلى عمق العلاقات الأمنية بين إسرائيل ومصر في السنوات الأخيرة.

الابتعاد عن الروس

في الوقت الذي كشف فيه الجنرال فرانك ماكينزي، قائد القيادة المركزية السابق للجيش الأمريكي، أمام جلسة استماع في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، أن الإدارة تخطط للموافقة على بيع طائرات “إف15” المتقدمة لمصر، فإن من ثوابت السياسة الأمريكية أنه في أي صفقة أسلحة مع دولة عربية، بما فيها مصر، يجب ألا تضر بالميزة النوعية للجيش الإسرائيلي في المنطقة.

مع أن الصفقة المذكورة كانت قيد المناقشة منذ فترة طويلة، لاسيما عندما بدأت مصر إعادة النظر في صفقة أخرى وقعتها مع روسيا في 2018 لشراء طائرات مقاتلة متطورة من طراز Su-35، لكن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب هددتها بفرض عقوبات عليها إذا استكملت الصفقة مع موسكو، فيما أعلنت القاهرة أنها اقتربت من الروس لأن واشنطن لم تكن راغبة في بيعهم طائرات مقاتلة متقدمة.

الأوساط الإسرائيلية من جهتها لا تنكر قلقها بشأن التوترات بين الولايات المتحدة ومصر، وتعتقد أن تعزيز وتحسين علاقاتهما يصب في مصلحتها، مع العلم أن مصر كانت الدولة الثانية التي تحصل على مساعدات عسكرية أمريكية بعد إسرائيل، حتى جاء انقلاب 2013، حيث أوقفت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما عدة صفقات أسلحة معها، شملت أربع مجالات أساسية: محاربة الإرهاب، تأمين الحدود، تحسين القدرات الأمنية في شبه جزيرة سيناء والأمن البحري، وحيازة منظومات سلاح أمريكية متوفرة لدى الجيش المصري.

منذ ذلك الحين، حدث انخفاض في حجم صفقات السلاح بين مصر والولايات المتحدة، وتحرك الجيش المصري لشراء جزء كبير من أسلحته من روسيا، فيما أعلن وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين مواصلة تجميد 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، بسبب الشكاوى الأمريكية بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، رغم زعمه بأن هذه المساعدات جزء مهم من شراكتهما الاستراتيجية، وتساعد مصر في الحفاظ على استقرار الشرق الأوسط.

مع العلم أن موافقة الولايات المتحدة على خطط بيع طائرات مقاتلة من طراز إف15 إلى مصر، جاءت بعد عملية طويلة الأمد، واستغرقت وقتاً طويلاً، لأن طلب مصر الحصول على هذه الطائرة يعود لعقود سابقة، وتحديداً منذ عهد الرئيس الراحل مبارك، بل إن اهتمامها بهذه الطائرة يعود للسبعينيات، حيث حقبة الرئيس الراحل أنور السادات.

تاريخ الدعم

تقدم واشنطن منذ توقيع معاهدة التسوية المصرية الإسرائيلية 1979 مساعدات عسكرية للقاهرة بقيمة 1.3 مليار دولار سنوياً، تشمل ألف دبابة من طراز أبرامز، وأكثر من 200 طائرة من طراز إف16، تجعل مصر رابع دولة تمتلك هذه الطائرات بعد أمريكا وإسرائيل وتركيا، لكن معظم النسخ المصرية من الطائرة قديمة، حيث فرضت واشنطن قيوداً على تزويد القاهرة بصواريخ جو- جو بعيدة المدى.

في الوقت ذاته، عارض بعض المشرعين الأمريكيين الاستمرار في تسليح مصر، بسبب مواصلة حكومتها قمع خصومها السياسيين، وفي وقت سابق من هذا العام، قالت إدارة بايدن إنها ستعيد توجيه أو تحجب 130 مليون دولار من 1.3 مليار دولار من المساعدات الأمنية السنوية الأمريكية لمصر بعد أن فشلت بتلبية معايير حقوق الإنسان التي حددتها واشنطن، لكن صفقة إف15 مع مصر تظهر أن إدارة بايدن مستعدة للتخلي عن وعودها بنهج السياسة الخارجية القائم على حقوق الإنسان، والمجازفة بمواجهة محتملة مع المشرعين، من أجل تحسين علاقات واشنطن مع القاهرة.

ورغم سجلها في مجال حقوق الإنسان، فقد اعتمدت إدارة بايدن على مصر كحليف في المنطقة، وأشادت بدورها في التفاوض على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة في حرب 2021، وشكلت هذه الحرب نقطة فارقة في العلاقة بين السيسي وبايدن التي بدأت متوترة بعد وصول الأخير للبيت الأبيض، وبقي الأخير مقاطعا له طيلة أربعة شهور فور تنصيبه رئيساً.

في الوقت ذاته، جاءت الأزمة الروسية-الأوكرانية، ثم اندلاع حربهما، لتزيد من أهمية القاهرة لدى واشنطن لدفع دول شرق البحر المتوسط ​​لتصدير الغاز إلى أوروبا لتقليل اعتماد القارة الأوروبية على الغاز الروسي، وللقيام بذلك، تحتاج واشنطن لدعم مصر وإسرائيل لزيادة سعة الغاز الطبيعي المسال، وفي هذا السياق قد تأتي الوساطة الإسرائيلية لدى واشنطن للموافقة على صفقة طائرات إف15 لمصر.

صحيح ان اهتمام مصر بطائرة إف15 يعود إلى السبعينيات، لكن موافقة واشنطن ظلت بعيدة المنال، حتى مع توريد هذه الطائرة لجيرانها الإقليميين، مثل إسرائيل ودول عربية مثل السعودية وقطر، مع العلم أن الولايات المتحدة سعت تاريخياً للحد من امتلاك مصر لصواريخ جو-جو بمدى أطول من 80 كيلومتراً، مما دفع القاهرة لتنويع صفقاتها التسليحية، وتحديدا بعد أن استولى السيسي على السلطة في 2013، من خلال الحصول على الإمدادات العسكرية، عبر توقيع صفقات لطائرات رافال الفرنسية وسوخوي سو35 الروسية.

الارتياح الإسرائيلي

من الصعوبة بمكان الحديث عن التدخل الإسرائيلي لدى واشنطن للموافقة على صفقة طائرات إف15 لمصر دون الإشارة إلى ما وصلته العلاقات المصرية – الإسرائيلية في عهد السيسي من مستوى غير مسبوق من المتانة والدفء، بصورة ربما لم يتخيلها الإسرائيليون يوماً، حتى في عهدي السادات ومبارك.

فرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو أبلغ ألمانيا بموافقته على بيع غواصات إلى مصر، والآن في عهد رئيس الوزراء الحالي نفتالي بينيت توافق إسرائيل على صفقة إف15 مع مصر التي طالما عارضتها، صحيح أنه لم يتم الانتهاء من جميع تفاصيل الصفقة، لكن من المحتمل أن يكون هناك وقت لتزايد المعارضة في الكونغرس قبل أن تصدر الإدارة إخطارها الرسمي.

وفيما لم يعرف بعد عدد الطائرات التي قد تشتريها مصر من طراز إف15، لكن يمكن افتراض أن الصفقة، بما أنها بديلة لطائرات لسوخوي 35 التي تعاقدت القاهرة على شراء 25 منها، فإن الصفقة قد تكون بنفس الحجم، أو أقل قليلاً، لأن الطائرات الأمريكية أغلى ثمناً من الروسية، وساعات عملها أطول، ومع انضمام هذه الطائرات، إلى 55 طائرة رافال اشترتها مصر، أو تعاقدت عليها، سيصبح لديها لأول مرة أسطول ذو مغزى من المقاتلات القاذفة ذات المدى البعيد نسبياً، بدلاً من أسطولها من إف16، وأغلبه محدود المدى.

صحيح أن مثل هذه الصفقة ستعزز قدرة القاهرة على تنفيذ أي عمليات محتملة ضد إثيوبيا، وتحديداً سد النهضة، لكن فيما يتعلق بإسرائيل فلن يمثل تغييراً كبيراً في تفوقها الجوي؛ لأن الأخيرة لديها ثاني أكبر أساطيل العالم من إف16، ولديها نحو مئة طائرة إف15، و30 طائرة إف35 مرشحة لزيادة كبيرة، ويعد الأسطول الإسرائيلي من طائرات إف35 من أكثر أساطيل جاهزية من هذا الطراز حول العالم.

تبدي إسرائيل ارتياحها من أن تزويد الولايات المتحدة لمصر وغيرها من الدول العربية بهذا النوع من الطائرات المتطورة يضمن تحكمها في طريقة استخدامهم لها، لأن مثل هذه المعدات الحديثة تستلزم صيانة متطورة جداً وقطع غيار بشكل دوري من قِبَل الولايات المتحدة، كما أن أنظمة الطائرات الإلكترونية الأمريكية الحديثة يتم يتحكم بها من قِبَل واشنطن، وبالتالي فإن عملية استخدامها خاضعة لسيطرتها، التي بالتأكيد لن تسمح باستخدامها ضد إسرائيل.

في الوقت ذاته، فإن الطائرات المقاتلة الأمريكية المصممة لمصر، مثل نظيرتها المقدمة للقوات الجوية العراقية، تم تخفيض قدراتها بشكل كبير للغاية، ولا تشكل أي تهديد على المستخدمة من قبل القوات الإسرائيلية، ولعل أبرز مثال على ذلك أن طائرات إف16 المصرية لا تحمل صواريخ جو-جو بعيدة المدى، ونادراً ما تُجهز بأي معدات سوى صواريخ المدى المرئي الدفاعية.

وحتى إذا كانت طائرات إف15 التي سيتم بيعها إلى مصر مزودة بصواريخ مخفضة القدرات، فلن تكون قادرة على منافسة الأعداد المتزايدة من الصواريخ الإسرائيلية المتوقع أن تكون إسرائيل واحدة من عملائها الأوائل، مع ميل واشنطن لحرمان مصر منها لضمان استمرار التفوق الإسرائيلي الساحق، كما نضمن الصفقة في حال إقرارها تبادلا للمعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وإسرائيل لتزويد سلاحها الجوي بالإجراءات الإلكترونية الصحيحة اللازمة التي سيستعملها لإبطال إف15 المصرية، أو صواريخها، قبل أي صدام محتمل.

عدم الاستقرار

الخلاصة الإسرائيلية مما تقدم تشير أن بيع الولايات المتحدة لطائرات إف15 لمصر يظل مواتياً للمصالح الإسرائيلية من خلال ضمان بقاء القوات الجوية المصرية تحت السيطرة الغربية بإحكام، وعدم قدرتها على تحدي جيرانها في الجو، مع بقاء المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة لمصر في حالة تقييم دائم من قبل دوائر صنع القرار في إسرائيل، بسبب قلقها من حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي لدى جارتها الجنوبية، فضلا عن حالة الاهتزازات المتلاحقة في الشرق الأوسط بأسره، كما تجلى في أحداث الثورة المصرية في 2011.

وبسبب حالة عدم الاستقرار والاهتزازات في المنطقة، فإن إسرائيل لا تغض طرفها عن هذه التحولات المتوقعة في المستقبل، وهو ما من شأنه أن يجعل التفوق النوعي لها أمام مصر ذا أهمية نوعية، كما أن استئناف الدعم العسكري والتسليح المقدم من الولايات المتحدة للجيش المصري، قد يتطلب من إسرائيل عدم تجاهل حالة فقدان التفوق النوعي على مصر في مختلف العصور والمراحل السياسية.

مع العلم أن هذا القلق سيبحث في المباحثات الأمريكية الإسرائيلية، صحيح أنه قد يتسبب بإثارة ضجة احتجاجية في القاهرة، لكنه لن يحدث اهتزازا أو تراجعا في حالة التنسيق المشترك القائم بين تل أبيب والقاهرة، ولن يكون سببا في تجميد علاقاتهما، أو عرقلة التعاون القائم، لا سيما في المجالين الأمني والعسكري.

الصفقات العسكرية المصرية

ما فتئت المحافل العسكرية الإسرائيلية ترصد صفقات الأسلحة المصرية، بمختلف أنواعها، ومصادرها من الدول، على اعتبار أن الأمر ليس شأنا داخليا مصريا بحت، بل هو إسرائيلي أيضاً، نظرا للالتصاق الجغرافي من جهة، والخشية الإسرائيلية التي لا تتوقف من التغيرات المفاجئة لدى جارتها الجنوبية، لاسيما على غرار ثورة يناير 2011.

تذكر التقارير العسكرية الإسرائيلية أن القوات الجوية المصرية لديها حالياً 220 طائرة مقاتلة أمريكية الصنع من طراز إف16، 180 منها من النماذج المتقدمة، وفي 2014 و2017 وقعت مصر اتفاقيات مع روسيا لشراء 50 طائرة من طراز ميغ 29، تقدر قيمتها بـ5.3 مليار دولار، وتم تمويلها من قبل السعودية والإمارات العربية المتحدة، كما اشترت مصر من روسيا 46 طائرة هليكوبتر هجومية مصممة للعمل من حاملات طائرات اشترتها مصر من فرنسا، وتم تسليم 15 طائرة هليكوبتر إلى مصر في 2017، ووقعت مصر صفقة مع فرنسا في 2015 لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال، تم تمويل نصفها من البنوك الفرنسية، ودفعت مصر الرصيد المتبقي.

يعتمد الجيش المصري بصورة أساسية على دبابات أمريكية الصنع، بما فيها 1700 دبابة من نوع قديم عفا عليها الزمن، تخضع لتحديثات في مصر، و1360 دبابة متطورة من طراز أبرامز، تم تجميع بعضها في مصر، و125 دبابة أخرى تسلمها الجيش المصري، وفي 2015 وقعت مصر عقداً مع روسيا للتزود بـ 1000 دبابة T، وتم تشغيل هذه المركبات بنجاح من قبل الجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق.

كما وقعت مصر عقداً لتوريد 50 سيارة جيب عسكرية مصفحة من أحدث طراز Tiger Gaz 233136 لقوات الشرطة، كما لا يزال الجيش المصري يحوز في صفوف الخدمة مدافع سوفيتية الصنع عفا عليها الزمن، تركبها قواته على هياكل الدبابات أو الشاحنات.

رصدت الأوساط العسكرية الإسرائيلية ما يملكه الجيش المصري من أنظمة الدفاع الجوي، حيث اشترى من روسيا نظام دفاع جوي 2500-Antey (S300VM)  قادر على اعتراض الطائرات والصواريخ، ويقوم الجيش المصري بتشغيل هذه المنظومة التي تم توريدها منتصف عام 2017.

على صعيد سلاح البحرية، تقدر إسرائيل أن مصر تعطي أولوية قصوى لتحديث وتقوية قواتها البحرية، وفي هذا السياق، اشترت في السنوات الأخيرة مجموعة متنوعة من 11 سفينة متطورة من دول مختلفة، حيث تدير أسطولها البحري في البحرين المتوسط ​​والأحمر، وفي 2014، وقعت عقداً مع فرنسا لشراء منظومة 2500 كورفيت جويند، وتم تسليم أول كورفيت في أكتوبر 2017، وسيتم بناء البقية في حوض بناء السفن في الإسكندرية.

كما اشترت مصر في 2015 من France Missions-Multi Européenne Frégate (FREMM التي تم توريدها بالفعل، وتم طلب السفن من قبل روسيا، لكن فرنسا جمدت بيعها إلى روسيا كجزء من العقوبات الدولية المفروضة على روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم، ودفعت فرنسا تعويضات لروسيا، ثم باعتها لمصر، ويمكن لهذه السفن أن تحمل 16 مروحية من طراز كا كاموف، وكتيبة مدرعة وكتيبة مشاة أخرى.

كما اشترت مصر من ألمانيا 4 غواصات من طراز 1400/209، على غرار غواصات دولفين المنخرطة في خدمة البحرية الإسرائيلية، ومنحت روسيا مصر في أغسطس 2015، نموذج كورفيت مشروع Molniya 12421، ومنحت كوريا الجنوبية لمصر في أكتوبر 2017، كورفيت خدم سابقاً في بحريتها.

استنتاجات إسرائيلية

صدرت في السنوات الأخيرة عدد من أوراق البحث الإسرائيلية ترصد عملية التطوير التي يمر بها الجيش المصري، لاسيما وأنه يحظى بأولوية عالية في تخصيص الموارد من خزائن الدولة التي تمر بأزمات اقتصادية ومعيشية كارثية، بزعم أنه يواجه القلاقل الأمنية في شبه جزيرة سيناء، وتأمين الحدود مع السودان وليبيا.

لا يمكن إغفال حاجة الجيش المصري للحصول على صورة “الجيش القوي” كمصدر للشرعية الداخلية الخاصة بالنظام، باعتباره العامل المهيمن الذي يسيطر بالفعل على أوضاع البلاد، ولذلك تم تصميم شراء أحدث أسلحته لتعزيز مكانته في الداخل المصري، أما على صعيد الخارج، فإن الإسرائيليين لا يغفلون فرضية، وإن كانت مستبعدة على المدى المنظور، لكنه قد تتجدد في أي لحظة، وتتمثل بنشوء مواجهة مستقبلية مع مصر، الأمر الذي قد “يبرر” ويقدم تفسيراً لأولويات التسلح العسكري المصري.

مع العلم أنه عند دراسة التكثيف العسكري الذي يمر به الجيش المصري، فيكمن التقدير الإسرائيلي أن مصر لديها حالياً مصلحة إستراتيجية بالحفاظ على اتفاقية السلام مع إسرائيل، ومواصلة التعاون معها في الحرب على الجماعات المسلحة في سيناء.

في الوقت ذاته، فإن النظرة الإسرائيلية لتسارع حيازة الجيش المصري للمعدات العسكرية ليست منبتة عن متابعتها لما يوصف بـ “سباق التسلح في الشرق الأوسط”، مما يضع أمام إسرائيل جملة من التحديات الرئيسية، كون هذا السباق جاء مدفوعاً بأربعة عوامل جيو-استراتيجية رئيسية: أولها سعي إيران لزيادة نفوذها الإقليمي، وإمكانية إبرام اتفاقها النووي، وثانيها التسليح غير المسبوق الذي تقوم به جهات غير دولانية مثل حزب الله في لبنان، والمقاومة الفلسطينية، والحوثيين في اليمن، وهي جميعاً مجهزة بأسلحة متطورة بشكل رئيسي في مجال الصواريخ، وثالثها نشوب عدة حروب في الشرق الأوسط، وتفكك عدد من دول المنطقة بسبب الثورات المضادة التي قامت لإجهاض “الربيع العربي”، ورابعها وجود حالة من تنافس القوى العظمى في العالم لإمداد دول المنطقة بالسلاح، في إطار محاولة التأسيس وكسب النفوذ.

في مثل هذه الحالة ترى إسرائيل أنه مطلوب منها مواجهة نوعين من التحديات في سباق التسلح الإقليمي: أولهما التهديد الذي تشكله إيران وحلفاؤها، باعتباره حقيقيا وفوريا، وثانيهما التهديد المحتمل من الدول العربية التي لا تشكل حالياً تهديداً لإسرائيل، بل يُنظر إليها على أنها دول لها مصالح مشتركة معها، لكن الواقع الديناميكي للشرق الأوسط يجبر إسرائيل على مراعاة التقلبات والمنعطفات الاستراتيجية التي قد تضع هذه الدول في مواجهة معها.

رصدت إسرائيل عدة اتجاهات بارزة في تسليح الدول العربية، ومنها مصر، فقد سعت هذه الدول لتنويع مصادر شراء أسلحتها، رغم استمرار الولايات المتحدة المورد الرئيسي لأسلحة السعودية والإمارات ومصر، لكنها اعتمدت استراتيجية لتنويع مصادر شراء الأسلحة لتقليص اعتمادها على المورد الأمريكي الحصري، بجانب تطوير صناعة عسكرية حديثة كجزء من الاتجاه لتقليل الاعتماد على الدول الأجنبية لتوريد الأسلحة، واعتباره مصدرا للتطور التكنولوجي والاقتصادي.

خاتمة

تحافظ مصر والسعودية والإمارات ودول أخرى على أنظمة تدريب وتعليم بالتعاون الوثيق مع الدول الغربية، باعتبارها موردي الأسلحة الأساسيين، وتخوض معها تدريبات مشتركة، وتشمل نشر القوات الجوية والبحرية والبرية، حسب طبيعة وموضوع التمرين للدولة المضيفة، مما يسمح بتبادل الخبرات والمعرفة، وتكوين قدرات تعاون بين الجيوش.

وتكتسب هذه الدول العربية خبرة قتالية مهمة في ساحات الصراع المختلفة في الشرق الأوسط أثناء تشغيل أنظمة الأسلحة المتقدمة التي يكتسبونها، لاسيما تلك المتورطة في مواجهات عسكرية داخلية مثل مصر في سيناء، وعلى الحدود مع ليبيا، ومشاركة العديد من الدول العربية في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.

مع العلم أن إسرائيل استعرضت في السنوات الأخيرة موقفها من صادرات الأسلحة الأمريكية المتقدمة لدول الخليج ومصر لأنها ترى فيها تقوية للجبهة الإقليمية ضد إيران، باعتبارها العامل الرئيسي حالياً في سباق التسلح في الشرق الأوسط، ورغم العقوبات المفروضة عليها، فهي تعمل إيران على تطوير قدراتها في تطوير وإنتاج أنظمة أسلحة منتجة محلياً، وبجهد كبير يتركز على تطوير وإنتاج الصواريخ، بجانب مجالات أخرى مثل الطائرات بدون طيار والحرب السيبرانية وغيرها.

عندما تُشيد إسرائيل بالسيسي

إقرأ أيضاً: عندما تشيد إسرائيل بالسيسي

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close