fbpx
دراسات

دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في عملية صنع القرار

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدمة:

تهتم القيادة السياسية في أي دولة بتنظيم مؤسساتها الاستخباراتية، وتقويتها بهدف حماية أمنها القومي ومصالحها، كما تهتم الدول بالعمل الاستخباري من أجل التخطيط لإدارة العمل السياسي، والاقتصادي، والعسكري، عند مواجهة الحروب المحتملة، وتساعد الأجهزة الاستخباراتية قيادة الدولة في اتخاذ القرارات السليمة لإدارة الأزمة وحلها.
لذلك نجد أن أجهزة الاستخبارات تسهم بشكل كبير في صناعة القرار السياسي بناء على المعلومات التي تمتلكها تلك الأجهزة.
إسرائيل من الدول التي تهتم بالأجهزة الاستخباراتية، وتحتل تلك الأجهزة أهمية بالغة في بناء الكيان، حيث تلعب أدورا رئيسية في حماية أمن إسرائيل، وفي صناعة قرارها السياسي والعسكري.

 وتعتمد القيادة السياسية في إسرائيل على هذه الأجهزة، لما تقدمه من معلومات وتقديرات استخباراتية في عملية صنع القرار السياسي في الداخل والخارج.

في ظل ذلك يأتي هذه البحث لمعرفة دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في عملية صنع القرار السياسي في إسرائيل.

أولاً: مشكلة البحث

تتمثل مشكلة الدراسة في إلقاء الضوء، على الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل ودورها في صناعة القرار السياسي في إسرائيل داخليا وخارجيا، وكيف تتم عملية صنع القرار السياسي في إسرائيل، وعليه فإن السؤال الرئيس لهذه الدراسة هو: ما دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في عملية صنع القرار السياسي في إسرائيل؟

وينبثق من هذا التساؤل الرئيس مجموعة من التساؤلات الفرعية الأتية.

  • ما دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في المجتمع الإسرائيلي؟
  • كيف تشكلت البنى الهيكلية لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية؟
  • كيف يصنع القرار السياسي في إسرائيل؟
  • ما هو دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في مراحل صنع القرار؟

ثانيا: فرضيات الدراسة

تنطلق هذه الدراسة من الفرضيات التالية:

لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية دور في مجريات الحياة السياسية، بما لها من انعكاسات على رؤية القيادة السياسية في اتخاذ قراراتهم.

عملية صنع القرار السياسي في إسرائيل، تساهم فيها العديد من القوى، والأحزاب، والحكومة، والمؤسسة العسكرية والأمنية.

ثالثا: أهداف الدراسة

تهدف هذه الدراسة إلى:

  • التعرف على أجهزة الاستخبارات في إسرائيل.
  • بيان دور أجهزة الاستخبارات في صنع القرار السياسي في إسرائيل.
  • توضيح أهمية المعلومات في صناعة القرار السياسي.
  • استعراض القوى التي تساهم في عملية صنع القرار في إسرائيل.

رابعا: أهمية الدراسة

وهي تنقسم إلى فرعين، هما:

أولاً: الأهمية النظرية

  • إثراء المكتبة العربية لتكون مرجعا يستفاد منه للدراسات المستقبلية.
  • ندرة الدراسات التي تناولت دور أجهزة الاستخبارات في صناعة القرار السياسي.
  • تقديم معلومات للباحثين عن كيفية صنع القرار السياسي في إسرائيل ودور أجهزة الاستخبارات في صنعه.
  • آمل أن تفتح هذه الدراسة المجال أمام الباحثين لدراسة أجهزة الاستخبارات في إسرائيل والدول الأخرى لمعرفة كيف تسهم هذه الأجهزة في الحياة السياسية.

ثانيا: الأهمية التطبيقية والعملية

تمثلت الأهمية العملية لهذه الدراسة على، ضوء نتائج الدراسة الحالية لكل تساعد صناع القرار في الدول العربية، وأجهزة الاستخبارات العربية، وحركات المقاومة ضد إسرائيل، في معرفة تركيبة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، عملية صنع القرار السياسي في إسرائيل، ودور أجهزة الاستخبارات في صناعته.

خامسا: حدود الدراسة

الحد الموضوعي “دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في صناعة القرار السياسي في إسرائيل”

الحد المكاني “إسرائيل”

الحد الزماني “من ١٩٩٦ إلى ٢٠٢١”، حيث إن بداية هذه الفترة ونهايتها تولي فيها بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية.

سادسا: منهجية الدراسة

إن الدراسة القائمة استوجبت منهج تحليل النظم، هذه المنهج يتنازل طبيعة العلاقة بين متغيرات الدراسة، وهي الأجهزة الاستخباراتية، وصنع القرار السياسي في إسرائيل.

كما استندت الدراسة إلى المنهج التاريخي للرجوع إلى ما كتب عن المشكلة قيد البحث تاريخيا، منذ نشأة الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل، وحتى أخر مراحل تطورها.

كما استندت إلى منهج صنع القرار وذلك لمعرفة المؤسسات والأجهزة التي تشارك في مراحل صنع القرار.

سابعا: الدراسات السابقة

  • دراسة عدنان أبو عامر بعنوان “علاقة السياسي بالعسكري وأثرها على صناعة القرار الإسرائيلي”، مركز الجزيرة للدراسات، يوليو ٢٠١٠. حيث تحدثت الدراسة عن تدخل المؤسسة العسكرية وتأثيرها في النظام السياسي الإسرائيلي، وأشار الكاتب إلى أنه منذ تأسيس إسرائيل والمؤسسة العسكرية ممثلة بالجيش وأجهزة الاستخبارات تدار وفقا لنظام إداري.
  • دراسة كريم الجندي بعنوان “صناعة القرار الإسرائيلي الأليات والعناصر المؤثرة”، مركز الزيتونة للدراسات الاستراتيجية، ترجمة أمل عيتاني ٢٠١١. حيث تناولت الدراسة عملية صنع القرار في إسرائيل وأهم القوي داخل إسرائيل وكيفية تأثيرها على صنّاع القرار.
  • دراسة ناصر الحنفي “دور الرأي العام الإسرائيلي في صناعة القرار السياسي”، رسالة ماجستير غير منشورة – جامعة الأزهر – غزة – ٢٠١٤. حيث هدفت الدراسة إلى توضيح دور الرأي العام الإسرائيلي، في صناعة القرار السياسي وتطرق الباحث إلى القوى التي تؤثر في صناعة الرأي العام والقرار السياسي الإسرائيلي.

التعقيب على الدراسات السابقة

من خلال استعراض الدراسات السابقة والمقارنة مع الدراسة القائمة، نجد أن هذه الدراسات لم تتناول موضوع دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في صناعة القرار السياسي في إسرائيل؛ وما سبق أضاف تميز لهذه الدراسة من خلال موضوعها، مما يفيد المكتبة العربية في هذه الإطار.

ثامناً: مصطلحات الدراسة

  • أجهزة الاستخبارات: هي مجموعة الأجهزة والتشكيلات والوسائل المستخدمة، لجمع المعلومات السياسية، والنفسية، والاقتصادية، والعسكرية الخاصة بالعدو وتحليلها، والعاملة في الوقت نفسه على مكافحة عمليات التجسس، أو التخريب المعادية، وإبطال كل عمل يقوم به العدو لجمع المعلومات السياسية، والنفسية، والاقتصادية، والعسكرية، عن معسكر الصديق. (الأيوبي وآخرون، ١٩٧٧م، ص ٦٢)
  • صناعة القرار السياسي: هي عملية التوصل إلى صيغة أو اختيار بديل من بديلين أو أكثر باعتبار أن البديل هو الأكثر قدرة على حل المشكلة أو المشاكل القائمة بشكل يحقق للدول أو المؤسسات أهدفها المحددة، أو بصورة أخرى نجد أن صنع القرار يشير إلى القدرة على تبني سلوك معين من بين البدائل المطروحة. (الفطيسي، ٢٠٠٧م)

المبحث الأول: لمحة تاريخية عن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية

تحتاج كل الدول للعمل الاستخباري، للحفاظ على مصالحها من تربص الأعداء، لذلك تسعى كل دولة إلى بناء جهاز أمني واستخباري فعال، يحافظ على أمنها ويرعى مصالحها.

ونعرض في هذا المبحث لمحة تاريخية عن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمراحل التي مرت بها هذه الأجهزة، ويمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل:

أولا: المرحلة الأولى “التأسيسية”

 كانت هناك منظمتا استخبارات رئيسيتان في الاستيطان اليهودي حتى حرب عام ١٩٤٨، الأولى هي: الشعبة السياسية للوكالة اليهودية، حيث إن بنية هذه الشعبة ونشاطاتها تأثرت ببنية جماعة الاستخبارات البريطانية، التي كان لوزارة الخارجية فيها مكانة السيطرة.

وقد تمحور عمل الشعبة السياسية فيما يلي: العلاقات بين الفلسطينيين ومدن الجوار، العلاقات بين الدول العربية والدول العظمى، العلاقات العربية الداخلية، والتطورات الداخلية في الدول العربية التي كانت لها انعكاسات على ما يحدث في إسرائيل، وقد اهتمت الشعبة بجمع معلومات اقتصادية وأمنية وسياسية وبإجراء الأبحاث، وتطوير العلاقات مع الجهات الاستخباراتية الأجنبية، والمبادرة للقيام بعمليات تهدف لإحباط العمليات المعادية، كما تابعت التحركات والنشاطات الأجنبية في إسرائيل.

وعند قيام إسرائيل تم دمج الشعبة السياسية للوكالة اليهودية في وزارة الخارجية الإسرائيلية على غرار ما هو حادث في بريطانيا. (عقيلي، ٢٠٠٩ م)

أما المنظمة الأخرى الثانية فكانت تعرف باسم: “هيئة المعلومات لمنظمة الهاجانه العسكرية”، التي كانت النواة الأولى الأساسية لجيش الكيان، وتركزت أنشطتها حول الجبهة الداخلية، وعرب الداخل، والبريطانيين والبلدان العربية وقامت الهيئة بتجنيد شبكات من المتطوعين والمتعاونين، ومع إنشاء الجيش الإسرائيلي تفككت هذه الهيئة واستخدمت وحداتها المختلة لتشكيل هيئة استخبارات عسكرية داخل الجيش. (أبو سويرح – ٢٠١٦- ص ٣)

ثانيا: المرحلة الثانية

في منتصف عام ١٩٤٨م وفي أوج الحرب تم تقسيم جماعة الاستخبارات الإسرائيلية إلى الجهات التالية:

  • خدمات الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، والتي تحولت عام ١٩٤٩م إلى الاستخبارات في شعبة عمليات الجيش، ثم تحولت فيما بعد إلى شعبة الاستخبارات العسكرية وفي تشرين الثاني ١٩٤٩م تم تشكيل سلاح الاستخبارات كإطار مهني وكوحدة لجمع رجال الاستخبارات في الجيش.
  • القسم السياسي في وزارة الخارجية للعمل الاستخباري في الخارج، والتي تحولت فيما بعد إلى الموساد
  • خدمة المعلومات الداخلية، لمعالجة الأمن الداخلي مع التشديد على إحباط المؤامرات السياسية والإرهاب، والتي تحولت إلى جهاز الأمن العام بدء من ١٨ شباط ١٩٤٩م. (عقيلي، ٢٠٠٩، ص ٥٢).

وفي إبريل ١٩٤٩م تشكلت لجنة التنسيق بين الهيئات العليا برئاسة رأوبين شيلواح، أمين سر رئيس الوزراء بن جوريون، ويتكون أعضاء هذه اللجنة من رؤساء الأقسام السياسية، الشاباك، المخابرات العسكرية، وشرطة إسرائيل.

أما المؤسسة المركزية لتركيز وتنسيق الخدمات المخابراتية والأمنية فقد تشكلت في ١٣ ديسمبر ١٩٤٩م وترأسها شيلواح أيضا، وكان الهدف منها تطوير أنشطة المخابرات وتنسيقها. (أبو سويرح – ٢٠١٦- ص ٤).

لقد استقرت المؤسسة المركزية لتركيز وتنسيق خدمات الأمن والاستخبارات، كهيئة مستقلة في وزارة الخارجية وسيطرت على القسم السياسي في الوزارة، وكان هدفها تنسيق أعمال الجبهتين الاستخباريتين الأخريين “الخدمات الأمنية وقسم الاستخبارات في شعبة عمليات الجيش الإسرائيلي” بيد أن هذه الخطوة لم تفض على الصعيد العملي لإقامة مركز إداري لجماعة الاستخبارات في إسرائيل، بل لخلق منظمة جديدة وهي الموساد للاستخبارات والمهام الخاصة. (عقيلي، ٢٠٠٩، ص ٥٢).

ثالثاً: المرحلة الثالثة

في مارس ١٩٥٤م تحولت المؤسسة المركزية لتركيز وتنسيق الخدمات الاستخباراتية والأمنية إلى هيئة مستقلة بذاتها ولم تعد تابعة لوزارة الخارجية، وأصبحت تابعة لرئاسة الوزراء بصورة مباشرة، وفي المقابل حدث تغير جوهري في مهامها، حيث أنشئت هيئة مركزية مستقلة داخل هذه المؤسسة منوطة بكل العمليات الاستخبارية خارج البلاد، التي مثًلت فيما بعد الجزء الرئيس من جهاز الموساد.

اشتملت الهيئة على ممثلين من جهازي الاستخبارات الأخريين، سواء على مستوى القيادات العليا أو القيادات الميدانية، وبرزت في تلك الآونة شخصية رأوبين شيلواح الذي نجح في تطوير مجموعة من العلاقات الخارجية السرية، كما نجح في نسج علاقات خاصة مع أجهزة مخابرات غربية ومن بينها المخابرات المركزية الأمريكية. (أبوسويرح -٢٠١٦ / ص ٥)

المبحث الثاني: الوضع القائم لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية

في هذه المبحث سوف نتطرق بشكل سريع إلى أهم الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية معرفين بهذه الأجهزة وأنشطتها.

وهذه الأجهزة هي: جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”، جهاز المخابرات العامة “الشاباك”، المؤسسة المركزية للاستخبارات والأمن الإسرائيلي الخارجية “الموساد”، المخابرات الجوية والمخابرات البحرية، إدارة المباحث الخاصة بالشرطة، مركز الأبحاث بوزارة الخارجية “مماد”.

أولا: جهاز الاستخبارات العسكرية ” أمان”

الهدف: مهمة جهاز الاستخبارات التابع للهيئة العامة لأركان الجيش الإسرائيلي الأساسية هي العمل الأمني والاستخباري لصالح الجيش، ووزير الدفاع والحكومة، ومختلف الأجهزة الرسمية الإضافية العاملة في مجال الأمن والعلاقات الخارجية، ويركز عمله في البيئة الاستراتيجية المحيطة بإسرائيل.

من جهة التبعية الإدارية والتنظيمية فإن جهاز أمان يتبع مباشرة لرئيس هيئة الأركان الذي يتبع بدوره مباشرة لوزير الدفاع التابع أصلا للحكومة. (أبو عامر، ٢٠٠٩، ص ٢٠).

نشأة جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”:

“أمان” مثلها مثل الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية الأخرى، فهي امتداد لأجهزة المنظمات الصهيونية ما قبل إعلان إسرائيل ولم تكن مثل ماهي عليه اليوم، وإن كانت كقسم تابع لهيئة أركان الجيش وتمارس أعمالها وأهدافها، ولكن الشكل المعرف اليوم يعود إلى الثامن والعشرين من كانون الأول ١٩٥٣م، كشعبة في هيئة الأركان بدلا من قسم الاستخبارات ويرأسها أحد جنرالات الجيش الإسرائيلي، الذي يكون عضوا في هيئة الأركان العامة ويتركز عملها في مراقبة القدرات العسكرية للدول والمنظمات. (عقيلي، ٢٠٠٩).

أبرز مهام جهاز أمان:

  • توفير المعلومات الأمنية والاستخباراتية لقادة الدولة والجيش وأجهزة الأمن الأخرى التي من شأنها تقدير قوة العدو، والتعرف على نقاط ضعفه وقوته ومحاولة استكشاف أهدافه ومراميه تجاه إسرائيل.
  • تقديم التحذيرات والانذارات للمستويين السياسي والعسكري في إسرائيل من مغبة نشوب حروب أو تنفيذ عمليات فدائية معادية.
  • تقديم تقديرات أمنية سياسية وعسكرية، بصورة دائمة لصانعي القرار في إسرائيل.
  • إبلاغ الجهات الرسمية في الدولة ذات الاختصاص بنوايا دول معادية الحصول على أسلحة غير تقليدية وإمدادها بالمعلومات الاستخباراتية بصورة محدثة أولاً بأول.
  • توفير حد مقبول من المعلومات الأمنية اللازمة لاتخاذ أي قرار سياسي تاريخي أو التوجه نحو قبول مبادرات سياسية كبيرة.
  • العمل بصورة دائمة على تحليل وتفحص المعلومات الاستخباراتية ورفعها لصناع القرار في اتخاذ القرار المناسب.
  • الحرص على إمداد الجيش بالمعلومة الأمنية التي تلزمها في ساحة المعركة من أجل تقديم أفضال أداء لمختلف أسلحته ووحداته القتالية.
  • تقديم تقديرات داخلية لحجم احتياجات أجهزة الأمن وطبيعة توفيرها بمختلف الطرق؟
  • تنفيذ بعض المهام الأمنية الخاصة.
  • العمل بصورة دائمة على تطوير القدرات التكنولوجية.
  • تقديم مقترحات مفيدة لمختلف الوحدات العسكرية في الجيش
  • التركيز قدر الإمكان في تقوية البنية الأمنية للجيش الإسرائيلي. (أبو عامر – ٢٠٠٩- ص ٢٠ إلى ٢١).

تركيبة جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”:

بعد التطور المتسارع الذي طرأ على أمان تنوعت الأقسام والوحدات داخله، ليتمكن من مواكبة المخاطر الأمنية المتزايدة، حيث تم إدخال تحديثات عديدة عليه، ويشمل جهاز الاستخبارات العسكرية أمان حاليا وحدات وأقسام عديدة تعمل في مجالات جمع المعلومات، وبحثها، وتحليلها، وفي مجال التطور التكنولوجي. (أبوسويرح، ٢٠١٦).

تتكون رئاسة المخابرات العسكرية أمان من الأقسام التالية:

  • قسم الإنتاج: وهو القسم المسؤول عن تحفيز التقديرات القومية للمخابرات ويقدم تقارير ونشرات استخباراتية يومية، يتم تحليلها ويرأس القسم نائب مدير الاستخبارات العسكرية، ويشمل الأقسام التالية: الوحدة الجغرافية أو الإقليمية، الوحدة الوظيفية أو التكتيكية، وحدة التوثيق أو التسجيل.
  • قسم التجسس ويشمل:
  • وحدة جمع المعلومات وتشمل هذه الوحدة على قسم استخبارات الرمزية ووحدة استخبارات البحرية وقسم الأقمار الصناعية وعلى وحدة الخرائط كما يشرف على جهاز الطلعات الجوية.
  • مركز الرئاسة العامة وهو الوحدة المسؤولة عن مدرسة الاستخبارات العسكرية ومعهد التنمية التكنولوجية والاتصالات والخرائط.
  • التدريب.
  • التنظيم وخطوط الإمداد وشؤون الأفراد.
  • البحوث والتنمية.
  • قسم العلاقات الخارجية وهذا القسم مسؤول عن العلاقات بين الجيش الإسرائيلي والجيوش الأخرى وعن كل الملحقين العسكريين.
  • قسم أمن الميدان والرقابة العسكرية وهو القسم المسؤول عن مكافحة الجاسوسية ويستخدم وحدات الميدان للحفاظ على القانون والنظام (محمود، ٢٠٠٣).

وهناك من الصعوبة على أي جهة أن تنكر دور أمان في توفير الكم الهائل من المعلومات الاستخباراتية في مجال الجمع والتحليل للمعلومة الأمنية للدرجة التي تصل فيها مهامه إلى خارج حدود الجيش من خلال إمداد المستوي السياسي وأجهزة الأمن الأخرى بالمعلومات اللازمة لتحقيق أهدافها المرجوة (أبو عامر، ٢٠٠٩).

ثانيا: جهاز المخابرات العامة “الشاباك”

الهدف: جهاز الشاباك يتركز عمله في الحفاظ على أمن الدولة والمحافظة على الطابع الديمقراطي للدولة ورعاية مؤسساتها، من أي تهديد إرهابي، تخريبي، أو أعمال تجسس وكشف لأسرار الدولة. كما يقوم بالحفاظ على المصالح الرسمية للدولة لا سيما الحيوية منها وكل ما يتعلق بالأمن القومي للدولة وفقا لما حددته القوانين الحكومية.

والشاباك كما هو معلوم تابع كليا للجهاز الحكومي وبصورة خاصة إلى مكتب رئيس الحكومة (أبو عامر، ٢٠٠٩).

يعتبر جهاز الشاباك الإسرائيلي من أكثر أجهزة الاستخبارات حضورا وتأثيرا على عملية صنع القرار السياسي والعسكري، ولا يمكن مقارنة تأثيره الطاغي، بتأثير أي جهاز أمني أخر في إسرائيل وتأتي أهمية هذ الجهاز من كونه مكلف بمهمات الأمن الداخلي ومكافحة التجسس. (محمود، ٢٠٠٣)

نشأة جهاز الشاباك

لقد تم يوم ١٨ فبراير ١٩٤٩م إضفاء صفة الرسمية على جهاز الأمن وإن استمر التكتم على وجوده حتى عام ١٩٥٧م. ثم تطور عمل جهاز الشاباك وخاصة بعد حرب عام ١٩٦٧م وكان يسمي سابقا الشين بيت ويسمى الآن الشاباك وهي الأحرف الأولى من “شيرون بطاحون كلالي” ومعناها بالعربية مصلحة أو خدمات الأمن العام. (عقيلي، ٢٠٠٩).

أبرز مهام جهاز الشاباك:

تتلخص مهامه الأساسية في التالي:

  • إحباط أي جهود أعمال غير قانونية، هدفها المس بأمن الدولة وأعمال المجتمع الديمقراطي ومؤسساتها العاملة.
  • توفير الحماية للشخصيات وجلب معلومات عن الأماكن مما حددته الحكومة.
  • تنفيذ التعليمات الصادرة عن المستويات الحكومية وتقديم توصيات للجهات ذات الصلة في المجال الأمني.
  • توفير إجراءات الحماية اللازمة للجهات التي تحددها الحكومة.
  • إقامة جهاز بحث استخباري يعمل كمستشار لتقيم الوضع الأمني يكون تابعا للحكومة وللجهات الأخرى التي توصي بها.
  • تنفيذ مهام في مجالات أخرى تحددها الحكومة من خلال التعليمات الصادرة من اللجنة البرلمانية في الكنيست الخاصة بالمهام الأمنية والتي تركز في عملها على المحافظة على المصالح الحيوية للدولة وأمنها القومي.
  • جمع وتحليل المعلومات وإبقائها قيد الكتمان لتنفيذ باقي المهام الموصي بها وبالتالي يصف جهاز الشاباك على أنه جهاز ضربات أمنية تتلخص مهامه في الحفاظ على أمن الدولة، ورعاية المصالح الديمقراطية للدولة ومؤسساتها. (أبو عامر، ٢٠٠٩).

تركيبة جهاز الأمن العام الشاباك

تتبع هيكلية الجهاز الشكل الهرمي حيث تبدأ من قائد الجهاز وهو غالبا برتبة لواء أو عميد حتى يصل إلى القاعدة التي تضم المحققين وضباط المناطق وتكون أدني رتبة في الجهاز هي رتبة رقيب وتتكون تركيبة الجهاز مما يلي:

  • الإدارة وتتكون من المدير، ونائب المدير، ومساعد المدير، وسكرتير المدير.
  • المدرسة: وتهتم بكل ما يهم الأمن، ولديها كادر متخصص في مجال الأمن بكل صنوفه تتكون المدرسة من الإدارة والبرامج وقسم العلوم النظرية والتثقيف وقسم العلوم العملية والمختبر والقسم الديني والقسم الرياضي واللغات والتدريب العسكري الخاص والشيفرة.
  • الأقسام وتتكون من عدة أقسام لكل قسم مهامه ووظائفه وأهمها
  • قسم المناطق يتوزع الجهاز في عمله حسب توزيع المناطق وكل منطقة يعين ضابط منطقة يتم اختياره وفق مواصفات خاصة.
  • قسم الشؤون العربية وهو أكبر قسم ومسؤول عن اكتشاف المؤامرات والأعمال المعادية، كما يضم وحدات لتجنيد الجواسيس في صفوف الفلسطينيين بالإضافة إلى وحدات المستعربين “ميتسا أفريم” التي تعمل على التغلغل في صفوف الفلسطينيين بهدف التجسس على الناشطين والمجاهدين وتصفيتهم.
  • قسم الشؤون غير العربية ويعمل على إحباط التجسس ومنع الأعمال السرية ويعمل على مراقبة السفارات والتجسس على البعثات الدبلوماسية داخل إسرائيل.
  • دائرة الحماية معنية بحماية المؤسسات والمصانع والمراكز الحيوية والشخصيات القيادية.
  • دائرة الشؤون اليهودية وتعمل في التجسس السياسي اليهودي ومكافحة التجسس خاصة في أوساط اليهود القادمين من روسيا لذلك يعتبر الشاباك هو المسؤول الأول عن مكافحة التجسس داخل إسرائيل.
  • قسم التحقيقات مسؤول عن التحقيق مع المعتقلين في سجون الجهاز.
  • قسم التكنولوجي مسؤول عن تطوير الوسائل التقنية لأغراض جمع المعلومات الاستخبارية وإحباط الإرهاب.
  • دائرة التخطيط والدراسات وتقوم بعمل الأبحاث والدراسات التي تكون خططا مستقبلية للجهاز. (سلطان وسلامة، ٢٠٠٣)

ثالثا: المؤسسة المركزية للاستخبارات والأمن الإسرائيلي الخارجية “الموساد”

الموساد هو المؤسسة المركزية للاستخبارات والأمن الإسرائيلي الخارجية وهو أحد أهم مركبات جهاز الأمن الإسرائيلي، وهو منظمة تجسس مسؤولة عن جمع المعلومات المدنية والعسكرية والقيام بعمليات أمنية وسرية خارج حدود الدولة. (عقيلي، ٢٠٠٩).

الهدف جهاز الموساد أسس من قبل قيادة الدولة للقيام بمهام جمع المعلومات وإجراء البحوث وتنفيذ المهام السرية خارج حدود إسرائيل. (أبو عامر، ٢٠٠٩).

نشأة الموساد الإسرائيلي:

في عام 1951 م صدر قرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي دافيد بن جوريون بإنشاء جهاز استخباري خارجي، ليكون بمثابة ذراع استخبارات رئيس ضمن أجهزة الاستخبارات السرية المتعددة، الذي يعني بجميع المعلومات وإجراء البحوث وتنفيذ المهام الخاصة والاغتيالات، وعلى الرغم من أن دور الموساد محدود وغير مباشر في العمل الاستخباري في الضفة الغربية، وقطاع غزة خصوصا والأراضي الفلسطينية عموماً، إلا أن ساحات عمله خارج حدود الدولة واسعة وغير محدودة، ويتبع جهاز الموساد بصورة كاملة لرئيس الحكومة. (أبوسويرح، ٢٠١٦).

مهام جهاز الموساد الإسرائيلي:

تتركز مهام جهاز الموساد في النواحي التالية:

  • إحباط أي محاولة للحصول على أسلحة غير تقليدية لدى الدول المعادية وحيازتها.
  • إحباط العمليات التخريبية ضد أي أهداف إسرائيلية ويهودية في مختلف أنحاء العالم.
  • القيام بمهمة جمع المعلومات السرية خارج حدود الدولة.
  • توفير الاستخبارات الاستراتيجية السياسية والعملياتية.
  • تطوير العلاقات السرية الخاصة السياسية وغيرها خارج حدود الدولة وتقويتها.
  • تنفيذ المهام الأمنية الخاصة خارج حدود دولة إسرائيل.
  • العمل على جلب اليهود من الخارج إلى إسرائيل وبذل كل الجهود لدى كل المؤسسات ذات الصلة داخل الدولة.

وبالتالي فإن الموساد المكلف بتنفيذ المهام الخاصة يمكن تصنيفه على أنه جهاز أمني يقدم خدمات قومية ومكلف بالمهام التالية ” جمع المعلومات – إجراء الأبحاث الأمنية – تنفيذ عمليات سرية خاصة خارج حدود الدولة.

دوائر وأقسام جهاز الموساد:

يتكون جهاز الموساد من دوائر وأقسام مختلفة ولكل واحد منها مهامه وصلاحياته ويقوم برفع تقاريره إلى رئيس الموساد، ومن أهم هذه الأقسام.

  • الإدارة العامة: وتشمل مكتب مدير الجهاز والسكرتارية والمستشارين.
  • قسم جمع المعلومات: ويتولى جمع وتصنيف وتحليل المعلومات ومدى صدقها ووضع الاستنتاجات كما يقوم بوضع الأهداف المنتقية استعداد لتنفيذ العمليات ضدها.
  • قسم العمليات: ويقوم بوضع وتنفيذ خطط العمليات الخاصة بأعمال التخريب والخطف والقتل التي تخدم المخطط الإسرائيلي في مجال أعمال المخابرات سواء في الدول العربية أو خارجها ويتولى رئاسة ذلك القسم نائب رئيس جهاز الموساد.
  • قسم الحرب النفسية: يقوم هذا القسم بخلق تصور معين لدي العدو ونفي تصورات معينة كما من مهامه إحداث الفوضى والبلبلة في صفوف العدو، ويستخدم في تحقيق أهدافه وسائل الإعلام، والشائعات، واستعراضات القوة والإرهاب النفسي.
  • قسم التنسيق مع أجهزة استخبارات صديقة: يقوم بدور نسج العلاقة مع أجهزة الاستخبارات الصديقة من أجل تبادل المعلومات والتعاون الاستخباري.
  • قسم المهام الإدارية: يعين مدير الموساد رؤساء الأقسام والفروع، وكذلك رؤساء المحطات الخارجية بالتشاور معهم، ويتم تعين الضباط داخل أقسامهم وفروعهم وبذلك يكون الموساد المسؤول عن كافة الأعمال والمهمات الخارجية ويكون المنفذون لهذه الأعمال تحت إدارة الموساد بغض النظر على الأجهزة التابعين لها.
  • قسم المهمات الخاصة: ” المتسادا” وهذه الأخيرة تعد الأخطر حيث أن من وظائفها الاغتيال والتخريب والحرب النفسية وتنفيذ عمليات تصفية الشخصيات خارج إسرائيل. وحدة الكيدون ذراع المتسادا الضارب، وتعتبر إسرائيل من أكثر الدول اعتمادا على سياسية الاغتيالات بسبب عقيدتها العسكرية الهجومية والمبنى على أساسا على مبدأ نقل المعركة إلى أرض العدو. (عقيلي، 2009).

رابعا: مركز الأبحاث السياسية ” مماد”

الجهاز التابع لوزارة الخارجية ويعمل في مجالات تقدير المواقف السياسية فقط، في ضوء ما يصله من معلومات أمنية واستخباراتية وسياسية من المكاتب والقنصليات التابعة لها في مختلف عواصم العالم.

وجهاز الأبحاث السياسية مركز صغير نسبيا إذا ما تم قياسه بمراكز الأبحاث الأخرى التابعة لجهازي الموساد وأمان، ويتم الاستفادة من أبحاثه في مجال العمل الدبلوماسي الذي تضطلع به وزارة الخارجية.

ومع ذلك فإن ممثليه والعاملين فيه يشاركون في أحيان كثيرة في اجتماعات الحكومة لتقدير المواقف الأمنية ويقدمون توصياتهم ومقترحاتهم للتعامل مع مختلف المستجدات السياسية ذات الصلة بإسرائيل. (أبو عامر، 2009).

تم تأسيس جهاز داخل المركز سمي بـ “كمان”، حيث معظم العاملين فيه من النساء ولديهم مهام تشابه مهام عميلات الموساد، ولكل ما يختلف أن معظم النساء العاملات في الجهاز هن من عالم السياسة ودبلوماسيات ويملكن شبكة علاقات واسعة مع مسؤولين سياسيين وعسكريين وأمنيين ودبلوماسيين ومعارضين مع العرب ومن دول أجنبية كثيرة.

وبحسب معظم التقارير فإن “كمان” لعب دورا مهما في توطيد العلاقات بين إسرائيل ودول العالم في أوروبا وأسيا بصفة عامة وفي إفريقيا بصفه خاصة، ولعب دورا في عقد محادثات بين السياسيين الإسرائيليين ونظرائهم العرب والأفارقة خلال العشر سنوات الماضية. (أبوسويرح، ٢٠١٦).

خامسا: جهاز الاستخبارات التابع لشرطة إسرائيل

الشرطة الإسرائيلية لديها جهاز استخبارات فعال، تستفيد منه في مجال التحقيقات التي تجريها في شتى المجالات، كما تعتمد عليه في تنفيذ عدد من المهام الشرطية الخاصة.

ويتلخص دور الاستخبارات الشرطية على جمع المعلومات، وتقدير الموقف، والبحث والتحليل، وتنفيذ مهام خاصة، وإحباط جهود معادية لا سيما المساهمة في تكثيف الجهود لمحاربة الجريمة، والحافظ على الأمن العام، ورعاية أمن الجمهور الداخلي.

كما أن جهاز الاستخبارات الشرطية، مسؤول أمام قيادة الشرطة على وضعها في صورة الوضع العام داخل الدولة، في القضايا التي تمثل اهتمامها بالدرجة الأولى لكي تساعد صناع القرار فيها، على اتخاذ الصائب منها وتجنب اتخاذ قرارات غير مستندة إلى معلومات غير دقيقة. (أبو عامر، 2009).

سادسا: المخابرات الجوية والمخابرات البحرية

المخابرات الجوية والمخابرات البحرية صغيرة وذات وحدات عالية التخصص تركز على الموضوعات التي تهمها بشكل مباشر، أي التي تهم القيادة البحرية والجوية.

يشترك مدير المخابرات الجوية ومدير المخابرات البحرية في اجتماعات مدير المخابرات العسكرية ويشارك ضباط هذين الجهازين في الاجتماعات الدورية لقسم البحوث حتى يمكن تنسيق مسؤولية تقديم التقارير.

المبحث الثالث: صناعة القرار في إسرائيل

عملية صنع القرار في إسرائيل تخضع للعديد من المؤثرات الداخلية والخارجية والتي تساهم عمليا في الضغط على أصحاب القرار كي يضعوا وجهات النظر المتعددة في حسابتهم وأحيانا يتم فرض بعض الآراء على أصحاب القرار نتيجة بعض التوازنات ـ وخاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن القومي الإسرائيلي، واذا اعتبرنا أن الحكومة الإسرائيلية هي صاحبة القرار، بما كفلت لها القوانين فإنه لا شك فيه أن بعض القوى والمؤسسات وجهات الضغط أيضا تمارس هذه الدور بشكل أو بأخر فنجد أحيانا الدور الفاعل والمؤثر للمؤسسة العسكرية في حسم بعض القرارات والتي غالبا ما تخص قضايا الحرب أو الصراع فتكون الأكثر تأثيرا وحسما في هذه القضايا وعلى اعتبار أن المؤسسة الأمنية التي تمتلك كافة المعلومات في هذا المجال، أيضا يبرز بوضوح دور الأحزاب الإسرائيلية في التأثير على صناعة القرار وخاصة الأحزاب اليمينية الدينية حيث تستغل هذه الأحزاب وجودها في الحكومة من أجل سن بعض القوانين الخاصة والتي تؤدي إلى الحفاظ على قواعدها الحزبية.

ويبرز أيضا الدور المركزي لمراكز الأبحاث حيث أنها تلعب دورا مركزيا في توجيه الرأي العام باتجاه بعض القضايا الهامة والمصيرية وأحيانا بلجأ صانع القرار إلى تشكيل مراكز بحث لهذه الفرص والذي من خلاله يتوفر لصانع القرار المعلومات الكافية التي تساعده على اتخاذ القرار السليم، لذلك سنحاول بشكل مختصر إلقاء الضوء على دور القوى متخذة القرار الإسرائيلي.

(1) دور الحكومة الإسرائيلية في اتخاذ القرار

بعد تكليف رئيس الحكومة من قبل رئيس الدولة يتم عرض الحكومة على الكنيست الإسرائيلي للمصادقة عليها، وبعد أن تمنح الثقة تعتبر حكومة قائمة ويباشر الوزراء مهامهم، ومنذ تلك اللحظة يمتلك رئيس الحكومة صلاحية تعيين الوزراء أو إقالتهم. ويعد رئيس الوزراء السلطة العليا التي تضع السياسيات وتنفيذها. وهاك أيضا مجلس وزراء مصغر أو داخلي ويضم عادة حوالي عشرة أعضاء مأخوذين من مجلس الوزراء الأكبر حجما، ويتكون من أهم الوزارات مثل الدفاع والشؤون الخارجية، والمالية. (جوبسر، 2001).

أهم اللجان في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي

1 – لجنة الوزراء لشؤون الأمن:

رئيس الحكومة يرأس هذه اللجنة وتسمى الكابينت أو المجلس الوزاري المصغر ولها الصلاحية في صناعة القرار السياسي في القضايا الهامة أو المصيرية.

2-مجلس الأمن القومي

مؤسسة تابعة لديوان رئيس الحكومة، ويستمد مجلس الأمن القومي صلاحيته وقوته من الحكومة.

3-سكرتير الحكومة العسكري

يعتبر سكرتير الحكومة العسكري مركزا حساسا، لأنه حلقة الوصل بين رئيس الحكومة والمؤسسة الأمنية، ويحضر جميع اجتماعات رئيس الحكومة مع المسؤولين العسكريين والأمنيين.

(2) المؤسسة العسكرية والاستخباراتية:

منذ تأسيس إسرائيل والمؤسسة العسكرية ممثلة بالجيش والموساد والشاباك تدار وفقا لمدونة سلوك تختلق عن تلك الخاصة بالمستوى السياسي حيث إن مدد شغل المناصب فيها طويلة نسبيا ومستقرة. وتعتمد التعينات فيها على درجة الاحترافية، والخطط التطويرية تمتد على مدى عدة مستويات وبالتالي فهي تملك القدرة على التخطيط وتنفيذ السياسيات على نحو أكثر فاعلية من الأجهزة الأخرى. (أبوعامر، 2010).

أصبحت المؤسسة العسكرية الحاضنة الأساسية للقيادات السياسية التي تتبوأ المناصب السياسية العليا والأهم في إسرائيل، فقد تولى في العقدين الأخريين ثلاث جنرالات سابقين لرئاسة الحكومة وهم ” يتسحاق رابين، ويهود بارك، أرائيل شارون، وفي العقود الخمسة الأخيرة شغل أكثر من 60 جنرال منصب وزير ونائب وزير في الحكومات الإسرائيلية المتعاقدة و أكثر من 100 جنرال عضوية الكنيست.

(3) دور مراكز البحث والفكر في مساعدة صانعي القرار:

باتت إسرائيل تمتلك خلال العام 2020 العشرات من مراكز البحث ومعاهد الدراسات الاستراتيجية التابعة للجامعات والوزارات المختلفة، وبطبيعة الحال لكل مركز أو معهد اختصاص مناط بنشاطه من ندوات ومؤتمرات وصولا إلى إصدار تقارير وبحوث دورية، تتضمن نتائج واستخلاصات على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي أو العسكري، تفيد في مجملها في اتخاذ قرارات استراتيجية تخطط إسرائيل لها مسبقا. (السهلي، 2020).

تعتبر مراكز الابحاث أحد أهم روافد عملية صنع القرار في الغرب، وفي دولة الاحتلال الإسرائيلي على وجه الخصوص، حيث أدركت مبكرا أهمية هذه المراكز خاصة في تحقيق مكاسب في صراعها مع العرب.

ويوجد في إسرائيل أكثر من 50 مركزا بحثيا ومعهدا للدراسات يقومون بمعالجة الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ويقدمون مقاربات وتوصيات لصانع القرار في إسرائيل لكيفية معالجة هذه الأزمات وأهم هذه المراكز:

  • مركز أبحاث الأمن القومي.
  • معهد هرتسيليا.
  • مركز بيجين – السادات للدراسات الاستراتيجية.
  • المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب.
  • المعهد الإسرائيلي للسياسية الخارجية والإقليمية.
  • معهد وش دسان للدراسات الإفريقية ودراسات الشرق الأوسط.
  • معهد هاري ترومان.
  • المعهد الإسرائيلي للديمقراطية.
  • مركز القدس للشؤون العامة.

10-معهد مراقبة وسائل الإعلام الفلسطينية. (أبو كريم، 2010).

(4) دور الأحزاب الإسرائيلية:

تتميز الأحزاب السياسية بالتعدد الذي يعد من أبرز خصائص النظام السياسي الإسرائيلي ومرجع هذا التعدد هو تنوع الطوائف وتباين الاتجاهات وتضارب الأصول التي تسعى كل منها للتعبير عن نفسها بشكل حزب سياسي.

تظهر قوة تأثير الأحزاب الإسرائيلية في النظام السياسي في إسرائيل قبل وأثناء المفاوضات مع رئيس الحزب المكلف بتشكيل الحكومة حيث تظهر قوتها على التأثير في تشكيل الحكومة وتوقع اتفاقيات تحافظ على مصالحها سواء كانت اجتماعية أو سياسية. (خطيب، 2015).

المبحث الرابع: دور أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في صناعة القرار في إسرائيل

(1) الاستخبارات العسكرية أمان:

يعتبر جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أمان أكبر الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية على الإطلاق وأكثرها كلفة لموازنة الدولة، ويقدم الجهاز التقييمات الاستراتيجية للحكومات الإسرائيلية والتي على أساسها يتم صنع واتخاذ القرار في إسرائيل. (نحاس – ٢٠٠٦)

تقدم المخابرات العسكرية الإسرائيلية أمان تقارير استخباراتية فورية لها أهمية عملياتية وتوزع كمادة خام كما وردت مع بعض التعليقات عليها من كبار الباحثين، كما تقدم تقرير يومي إجمالي عن المستجدات مع تحليل لها، وتقارير خاصة في موضوعات مختلفة بين الفينة والأخرى خلال السنة، كما تقدم أحدث التقديرات الاستراتيجية لوزير الدفاع ورئيس الوزراء وغيره من صناع القرار في اجتماعات أسبوعية، ويصدر عن أمان التقدير الاستخباراتي القومي السنوي.

(2) دور جهاز المخابرات العامة والأمن العام “الشاباك”:

على الرغم من أن الشاباك هو أصغر الأجهزة الاستخباراتية في دولة الاحتلال إلا أنه يعتبر أكثر الأجهزة الأمنية حضورا وتأثيرا على عملية صنع القرار السياسي والعسكري ولا يمكن مقارنة تأثيره الطاغي بتأثير أي جهاز أمني آخر في إسرائيل. (وكالة وفا)

كل وسائل الإعلام الإسرائيلية تجمع على أن الحكومة تضرب بعرض الحائط توصيات بقية الأجهزة الأمنية الأخرى إذا كانت تتعارض مع التوصيات التي يقدمها الشاباك.

وقد دلت التسريبات التي تبرز من المداولات الأمنية السرية التي عقدتها الحكومة الإسرائيلية منذ انطلاق انتفاضة الأقصى بشكل لا يقبل التأويل أن الشاباك هو الذي رسم سياسيات القمع التي مارستها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وهو الذي كان ينجح دائما في رفع سقف هذا القمع مستغلا إنجازاته لتبرير مطالبة الحكومة بتبني توصياته.

وهذا النفوذ الواسع الذي يحظى به الشاباك هو الذي جعل ناحوم برنيع كبير معلقي صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية يعتبر رئيس الشاباك هو الحاكم الحقيقي للدولة. (النعامي- ٢٠٠٥)

(3) دور جهاز الأمن الخارجي “الموساد”:

الموساد يلعب دورا مهما في سياسة الظل الخارجية لإسرائيل مع الدول ويعتبر جهاز الموساد عبر رئيسه الحالي يوسى كوهين عرّاب العلاقات مع قادة عرب ورأس حربة التطبيع والهدف من تطوير هذه العلاقات والتدرج بتظهيرها للعلن هو الدفع باتجاه التعامل مع إسرائيل كدولة طبيعية. (أبو زبيدة – ٢٠٢٠).

خاتمة

توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج والتوصيات تتمثل في الآتي:

أولا: النتائج

1ـ معظم السياسات في إسرائيل تبنى على تقييمات استخباراتية.

2ـ تتمحور وظيفة الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل في توفير المعلومات وتزويدها لصانع القرارات في المستويين العسكري والسياسي.

3ـ تولي إسرائيل أهمية خاصة للأجهزة الاستخباراتية والأمنية حيث تعتبر دولة عسكرية من طراز نادر.

4ـ هناك علاقة كبيرة بين المستوى السياسي والمستوى الاستخباري في صناعة القرار السياسي في إسرائيل.

5ـ وجود معلومات وتقدير موقف جيد من أجهزة الاستخبارات يساهم في دور فعال في اتخاذ القرار السياسي.

ثانيا: التوصيات

  • العمل على تشجيع البحث العلمي في مجال الدراسات الاستخبارية.
  • الاهتمام بالثقافة المعلوماتية وضرورة تفعيلها في كافة المؤسسات السياسية والاقتصادية.
  • تدريس مواد الدراسات الأمنية والاستراتيجية والاستخباراتية في المعاهد والكليات المدنية وعدم اقتصارها على الكليات العسكرية.
  • وضع خطة تعليمية في المدارس والجامعات لتخريج أفراد لديهم القدر الكافي من دور وأهمية المعلومات من أجل تطبيقها في المؤسسات التي سيعملون فيها.
  • إقامة مراكز أبحاث تخدم صناع القرار وعدم الاقتصار على المعلومات التي تقدمها الأجهزة الاستخبارية فقط.
  • يجب على الدول العربية والإسلامية أن يكون لديها أجهزة استخبارات قوية تتفوق على أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.

_________________

مراجع البحث

أولا: الكتب

  • الهيثم الأيوبي وآخرون، الموسوعة العسكرية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت ١٩٧٧م
  • بدر عقيلي، الموساد، الشباك أمان أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية، عمان، دار الجليل للنشر والتوزيع، ٢٠٠٩م.
  • بيتر جوبسر، النظام السياسي الإسرائيلي الجذور والمؤسسات والتوجيهات، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2001م.
  • حمدي أمين عبد الهادي، الإدارة العامة في الدول العربية، دار الفكر العربي، القاهرة، 1975م.
  • عبد القادر فتحي سلطان ومحمد رجب سلامة، المخلب الدموي ” الشاباك” الأمن الداخلي الإسرائيلي، لبنان، بيروت، ٢٠٠٣م.
  • معين أحمد محمود، أسرار العسكرية الإسرائيلية، الطبعة الرابعة، بيروت، دار المسيرة، ٢٠٠٣م.
  • منذر سلامة أبو سويرح، الاستخبارات الإسرائيلية البناء التنظيمي ووسائل التجسس، ٢٠١٦م.

ثانيا: الدراسات

  • إيناس خطيب، تأثير الأحزاب الدينية والحريدية على المشهد السياسي في إسرائيل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، 2015م.
  • رامي أبو زبيدة، الموساد رأس حربة إسرائيل في الجرائم والتطبيع، المعهد المصري للدراسات – ٢٠٢٠
  • رامي أبو زبيدة، مدخل إلى الدراسات الاستخبارية، ورقة بحثية ٢٠١٩.
  • زياد عبد الوهاب التنعيمي، الحوار المتمدن، العدد 2516- 2009م.
  • سعيد عزيز جواد الندوي، نظام معلومات تقوية العاملين، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة إلى كلية إدارة الاقتصاد بجامعة بغداد، 1988م.
  • عدنان أبو عامر، المخابرات الإسرائيلية إلى أين؟ مركز باحث للدراسات، بيروت، ٢٠٠٩م.
  • علاقة السياسي بالعسكري وأثرها على صناعة القرار الإسرائيلي، مركز الجزيرة للدراسات، يوليو 2010م.
  • فادي نحاس، المشهد العسكري الأمني، تقرير مدار الاستراتيجي، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، ٢٠٠٦م.
  • محمد بن سعيد الفطيسي، عملية صنع القرار، سلسلة أبحاث الحوار المتمدن، العدد ١٩٧٨، يوليو ٢٠٠٧م.

ثالثا: المحاضرات

  • أحمد رحال، صعوبات العمل الاستخباري وتأثيره على صناع القرار السياسي وإدارة الأزمات، محاضرة، ٢٠٢١م.
  • عدنان أبو عامر، محاضرة بعنوان ” البيئة، التحديات والفجوات القائمة في عمل الأجهزة الأمنية. ٢٠٢١م.

رابعا: المواقع

  • الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، موقع وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ” وفا” https://tinyurl.com/2upe9t7b
  • صالح النعامي، إسرائيل دلالات تأثير الشاباك الطاغي، ٢٠٠٥م. https://tinyurl.com/4xbwc54e
  • منصور أبو كريم، مراكز الأبحاث في إسرائيل القدرة والدور في التأثير في صناعة القرار، أغسطس 2019 – موقع ملتقى فلسطين. https://tinyurl.com/5tpz8fpr
  • نبيل السهلي، دور مراكز البحث ومعاهد الدراسات الاستراتيجية الإسرائيلية في صناعة القرار، 20 ديسمبر 2020، موقع القدس العربي. https://tinyurl.com/cyx6zb63
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close