تقارير

دولة الكنيسة في مصر ـ النشأة والتكوين

تمهيد

تناولنا في الجزء الأول والثاني كيف تأسست العلاقة التي احتكرت فيها الكنيسة الحديث باسم الأقباط المصريين بعيدا عن الدولة لأولّ مرة في تاريخها، في هذا الجزء نستعرض كيف تحول المشروع السياسي للبابا شنودة إلى “دولة الكنيسة” في عهد مبارك وكيف تطورت العلاقة بين الطرفين الى هذا الحد وتأثير ذلك على الكنيسة والدولة المصرية.

عندما تولّى مبارك الحكم في أعقاب اغتيال السادات كان شنودة لا يزال قيد الإقامة الجبرية في دير القديس بيشوي في صحراء النطرون منذ سبتمبر ١٩٨٠م ([1])؛ كانت الأجواء مشحونة، فتبعات عملية الاغتيال لا تزال في بدايتها ومبارك يخشى من قوة الجماعات الإسلامية المسلحة من أن تلحقه بسلفه وخصوصا أنه حضر واقعة الاغتيال وكاد أن يصاب فيها.

لذلك حاول مبارك تخفيف حدة الاحتقان فأفرج عن معظم المعتقلين السياسيين ولكن البابا ظلّ متحفظا عليه حتّى يناير ١٩٨٥م ([2])، وخلال هذه الفترة كانت الرسل بين الرجلين تنقل الرسائل والتفاهمات فضلا عن ضغوط منظمات أقباط المهجر خاصة الهيئة القبطية الأمريكية من خلال عدد من أعضاء الكونجرس المتنفذين والمتعاطفين مع قضيتهم لتسفر في النهاية عن إطلاق سراح شنودة وعودته الى مقعد البطريركية في مقابل دعمه لنظام مبارك خارجيا وداخليا وعدم الدخول في تحدي مع الدولة كما كان يفعل في عهد السادات ([3]).

أقباط المهجر وقانون الاضطهاد الديني الأمريكي

ويمكن اعتبار أن المتغيرين الكبيرين في عهد مبارك والذي كان لهما تأثير كبير على العلاقة بين الدولة والكنيسة:

أولا: النفوذ والحضور الكبير لأقباط المهجر في الشأن العام المصري في أواخر عهد السادات وكلّ عهد مبارك، والذين تترسوا خلف البابا شنودة في صراعه مع السادات ومارست ضغوط كبيرة على النظام المصري في عهد مبارك.

ثانيا: القانون الذي أصدرته الولايات المتحدة سنة ١٩٩٨م والمسمى بقانون (التحرر من الاضطهاد الديني) أو قانون الحماية المدنية وفيه تعطي الولايات المتحدة لنفسها الحق في حماية حرية العبادة لدى الدول المختلفة ومنها حماية الأقليات وأن تتخذ ما تريده من سياسات لحماية الحريات الدينية والأقليات حول العالم.

وهذا القانون وان كان ظاهره جميل ولا يختلف عليه أحد، إلا أنّ الواقع العملي أن واشنطن تبحث عن مبرر قانوني يسمح لها بالتدخل في الشئون الداخلية للدول وكذلك تحويل الأقليات في الدول المختلفة الى ذراع لها لتمرير سياسات معينة تخدم مصالحها.

استفاد أقباط المهجر والكنيسة كثيرا من هذا القانون وخضعت دولة مبارك للكنيسة بشكل أشعر الغالبية المسلمة بأنهم الأقلية المضطهدة في وطنهم.

بالنسبة لأقباط المهجر([4]) فالباحث القبطي هاني لبيب في دراسته عنهم يشير الى هذا النفوذ بالقول “يشار إلى أن كافة المنظمات والهيئات التي تأسست في مرحلة السبعينات بالمهجر كانت تؤيد البابا الراحل شنودة الثالث ضد الرئيس أنور السادات، وقد تفاقمت الأزمة بينها وبين الرئيس السادات حينما شنوا عليه (حملة) هجوم واسعة ومكثفة أثناء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية في أغسطس ١٩٨١، كما ساندوا البابا شنودة الثالث أمام مواجهة قانون الردة.

كما دافعوا عنه أثناء تحديد إقامته في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون خلال الفترة من سبتمبر سنة١٩٨١وإلى ٣ يناير سنة ١٩٨٥، ما يؤكد أن موقف المهاجرين المسيحيين المصريين من الرئيس أنور السادات كان له دور كبير في نظرة الرئيس السادات، بالتبعية، للبابا شنودة الثالث، واقتناعه التام بأن البابا هو المحرك الأساسي للمهاجرين المسيحيين المصريين ضده، خاصة أن البابا لم (يُدِنهم) على مواقفهم وتصرفاتهم “انتهى([5]) ، ونفهم من نهاية كلام هاني لبيب أن البابا كان راضيا عمّا يفعله أقباط المهجر.

في مقطع آخر هام من دراسة الباحث القبطي يوضح فيه مدى تأثير نفوذ أقباط المهجر على الكنيسة في عهد البابا شنودة فنجده يقول “إذا كان البابا كيرلس السادس قد لجأ للرئيس جمال عبدالناصر لبناء الكاتدرائية الجديدة ولدفع مرتبات العاملين بالكاتدرائية في وقت من الأوقات، فإن البابا شنودة الثالث لم يواجه هذه الأزمات، حيث أصبح المهاجرون المسيحيون المصريون من أهم الداعمين الأساسيين للكنيسة القبطية في تعمير الأديرة، وإنشاء الكنائس، وإقامة المشروعات الخدمية والتنموية، لكونهم من أبنائها من جهة، ولشعورهم بالمسئولية عنها وتجاهها من جهة أخرى “([6]).

التحالف بين مبارك وشنودة

عاد البابا الى مقر كرسيه بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة واتضح مع الوقت التفاهمات التي حدثت بين مبارك وشنودة في مقابل الإفراج عنه وعودته الى زعامة الأقباط وتمثلّ ذلك في أن الكنيسة أصبحت داعمة لمبارك وسياساته على طول الخط ودعمت التوريث لجمال مبارك علنا وظلّ البابا حتى آخر يوم قبل تنحي مبارك أيّام ثورة يناير يدافع عنه ويرفض التظاهرات التي خرجت ضده.

في المقابل أصبح البطريرك هو الممثل الوحيد للأقباط في كل شيء وأصبحت الكنيسة مؤسسة فوق الدستورية لا تخضع لأي شكل من أشكال الرقابة عليها من قبل الدولة وأصبحت حقيقة لا مجازا دولة داخل الدولة المصرية ([7]) فهي لا تخضع لأي رقابة مالية على مواردها أو مصروفاتها وهي التي تنظم شئونها الداخلية كاملة وهي التي ترفض الانصياع لقرارات القضاء دون وجل وهي التي تتحدى أجهزة الدولة بل الغالبية المسلمة كذلك وحادثة وفاء قسطنطين وتسليمها إلى الكنيسة بعد إعلان إسلامها ثم اختفائها بعد ذلك[8] شاهد من شواهد عديدة على دولة الكنيسة الجديدة بقيادة البابا شنودة.

وبالتالي لم تعد الكنيسة هي الغطاء الروحي للأقباط فحسب ولم يعد للبابا مشروعه السياسي الواضح وفقط ولكنه حوّل هذا المشروع إلى دولة فعلية داخل مصر.

بكل تأكيد عانى الأقباط كذلك من دولة مبارك فزادت حوادث الفتنة الطائفية في عهده، ويذهب كثير من الباحثين إلى أن جزءًا كبير من هذه الحوادث كان مفتعلا من قبل الجهاز الأمني أيّام مبارك ليظلّ الأقباط في حالة خوف دائمة وتظل الحاجة إلى حماية دولة مبارك قائمة، وهو ما يؤكد عليه جايسون براونلي الباحث بمعهد كارنيجي في دراسته عن العنف ضد الأقباط من أنّ معظم حوادث العنف ضد الأقباط المسئول عنها الأمن المصري ([9]).

وحادثة كنيسة القديسين التي وجهت الاتهامات فيها لحبيب العادلي وزير الداخلية بالمسئولية عن الحادثة ([10]) تكشف عن هذا التوجه الآثام لنظام مبارك في التعامل مع الأقباط.

يجب التفريق بين الكنيسة وتحولها إلى دولة طائفية ([11])وبين عامة الأقباط الذين كان أغلبهم يعاني كما يعاني معظم المصريين من نظام مبارك بعيدا عن الاضطهاد الأمني.

وهنا قد يٌظنّ البعض أن هناك التباس بين فكرة الامتيازات التي حصلت عليها الكنيسة[12] وبين الحديث عن معاناة الأقباط؛ والحقيقة أنّه لا يوجد التباس فمبارك أعطى الامتيازات للكنيسة كمؤسسة ولم يعطها للأقباط كمواطنين، وكان الأمر تبادل منفعة بحت بين الطرفين فالكنيسة تدعم مبارك وتقف خلفه بكل قوة وهو في المقابل يوفّر لها وضعا استثنائيا متميزا داخل الدولة المصرية.

حتى في حالة الأقباط الذين حصلوا على امتيازات سياسية أو اقتصادية، فقد كان الأمر نخبويا وترضية للكنيسة كمؤسسة وليس إيمانا بحق الأقباط أو حتى المسلمين في أن يمارسوا دورهم كمواطنين يتمتعون بكامل الحقوق والأهلية.

فلم يكن يعني مبارك والدولة العسكرية التي لا تزال تحكم حتى الآن حقوق الناس وحرياتهم بقدر ما هي مصالح وتوازنات تٌستدعى عند الحاجة وتمنع وتحجب عند انتفائها.

ومن وجهة نظري أنّ الكنيسة كراعية للأقباط خسرت كثيرا من مصداقيتها لدى المؤمنين بها، فالكنيسة التي من المفترض أن تكون بقيادتها معبّرة عن نموذج أخلاقي وإنساني راقي مستمد من تعاليم المسيح كما يؤمنون، أصبحت تدعم الطغاة وقاتلي شعوبهم بل وتطالب أتباعها بدعمهم!!

فخسرت كثيرا في معركة القيم والأخلاق في مقابل مكاسب سياسية تتغير بتغير الظروف؛ وهذا الكلام الذي أقوله ليس من عندي فحسب ولكن تواتر به الرأي لدى الكثير من المفكرين والباحثين الأقباط ([13])ورفضوا تماما هذا الدور السياسي الذي تقوم به الكنيسة منذ تولى البابا شنودة.

بل إنّ المواطنين الأقباط عاشوا مئات السنين بين إخوانهم المسلمين دون حزازيات أو شحن طائفي؛ بل أكثر من هذا أنه لم يمانع أكثرهم في أن يُحكموا بالشريعة الإسلامية؛ وليس هذا الكلام من عندي بل هو نتيجة دراسة أجراها “المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية” تحت إشراف الدكتور أحمد المجذوب والتي قال فيها ٧٢٪ من المواطنين الأٍقباط أنهم يفضلون الاحتكام للشريعة الإسلامية على القانون الوضعي الغربي ([14]).

بل إنّ البابا شنودة نفسه هو صاحب المقولة الشهيرة “إن الأقباط في ظل الشريعة الإسلامية يكونون أسعد حالا وأكثر أمنا. ولقد كانوا كذلك في الماضي حينما كان حكم الشريعة هو السائد؛ نحن نتوق إلى أن نعيش في مصر تحت مظلة: لهم ما لنا وعليهم ما علينا”([15]).

ويلاحظ أنّ تصريح البابا الأخير هذا قاله في شهر مارس ١٩٨٥ أي بعد إلغاء التحفظ عليه وعودته لمقعد البابوية بشهرين فقط وبعد تفاهمات مع نظام مبارك التي تحدثنا عنها سابقا والتي يبدو أنّ هذا التصريح كان أحد نتائجها، لأنّ السلوك الفعلي للبابا حتى وفاته لم يحمل هذه الروح التي بدأ بها عهده مع مبارك.

في المقابل عانى المسلمون المصريون والمؤسسات الدينية المعبرة عنهم أشدّ ما تكون المعاناة من نظام مبارك خصوصا الإسلاميين منهم سواء بمصادرة أموالهم وممتلكاتهم أو الاعتقال أو المنع من العمل أو التضييق على المساجد وروادها واحتكار الدولة الإشراف عليها في كل شيء حتى فيما يقال ولا يقال من قبل خطباء المساجد.

خاتمة:

١- تحولت الكنيسة المصرية إلى دولة داخل الدولة المصرية اعتمادا على المشروع السياسي للبابا شنودة.

٢- مثلّ أقباط المهجر والحماية الأمريكية من خلال القانون الاضطهاد الديني ظهير قوي للبابا في عهد مبارك لإتمام مشروعه السياسي وبناء دولة الكنيسة فوفّر له أقباط المهجر الاستقلال المالي عن الدولة ووفرت له الحماية الأمريكية الاستقلال السياسي والندية في مواجهة الدولة.

٣- حرص البابا على ألا يتصادم هو شخصيا مع مبارك والنظام، وجعل أقباط المهجر بشكل غير مباشر هم أداة الضغط التي لا يتحمل مسئوليتها حفاظا على علاقته بمبارك التي هي مفتاح نجاح مشروع الكنيسة، حيث ظلّ شنودة مخلصا لهذه العلاقة حتى تنحي مبارك.

٤- يتحمل النظام الكثير من المسئولية عن أحداث العنف التي وقعت ضد الأقباط حتىّ يظلّوا يحتمون بالدولة خوفا من الفزّاعة الإسلامية التي حرص النظام على استخدامها باستمرار.

٥- لم تقم الدولة بواجبها في حلّ مشاكل الأقباط من جذورها ولجأت إلى الحلول الأمنية والوقتية مما زاد من حجم الاحتقان الطائفي.

٦- رفض عدد كبير من رموز الأٍقباط وشبابها توجهات الكنيسة السياسية واعتبروها إضرارا بصورة الكنيسة لدى الشعب المصري ولدى أتباع الكنيسة ذاتها.


الهامش

[1]الكاهن والفرعون.. البابا شنودة في حقبتي السادات ومبارك، الجزيرة، تاريخ التصفح ٢٩/٦/٢٠٢٠م.

[2] – المصدر السابق.

[3] – كان ممن رعى هذه التفاهمات وزير الإسكان السابق حسن الكفراوي، راجع المصدر الأول.

[4]– المقصود بأقباط المهجر هنا الأقباط ذوي الأصول المصرية الناشطين في الملف القبطي المصري سواء بشكل فردي أو داخل مؤسسات ومنظمات يمارسوا عملهم تحت مظلتها، وسبب هذا التحديد في التعريف أن هناك جالية مصرية قبطية كبيرة موجودة في الخارج وهي تعيش حياتها بشكل طبيعي كباقي المصريين المهاجرين وليس هؤلاء محور حديثنا عند التحدث عن “أقباط المهجر” الذين يعمل غالبهم وفق برامج ومخططات سنستعرض بعضها مستقبلا.

[5]– أقباط المهجر، الهاربون إلى أكل العيش، هاني لبيب، صحيفة الوطن المصرية، تاريخ التصفح ٢٧/٦/٢٠٢٠م

[6] – راجع المصدر الخامس.

[7]– فكرة تحول الكنيسة إلى دولة أطلقت في مناسبات عديدة ومن شخصيات كثيرة فالرئيس الراحل السادات اتّهم شنودة علنا بأنه ذو نزعة انفصالية، قائلاً إن الأنبا القبطي يرغب في اقتطاع جزء من صعيد مصر لإقامة دولة مسيحية، أنظر: “العنف ضد الأقباط والمرحلة الانتقالية في مصر” نوفمبر ٢٠١٣، جايسون براونلي، معهد كارنيجي، ص٤

[8]– كتاب الدولة والكنيسة، المستشار طارق البشري، دار الشروق، ٢٠١١، يحتوي على توثيق كامل لحادثة وفاء قسطنطين وغيرها.

[9] – Fastenrath and Kazanjian, “Important Factors for Church Building in Egypt,” 26–28

[10]– قدم النائب العام وقتها عبد المجيد محمود بلاغا لنيابة أمن الدولة العليا يتهم وزير الداخلية السابق العادلي بالتورط في تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، اتهام حبيب العادلي بالتورط في تفجير كنيسة القديسين، البيان الإماراتية، تاريخ التصفح ٢٦/٦/٢٠٢٠م.

[11]– في تقرير لجنة تقصي الحقائق في مجلس الشعب سنة ١٩٨١م والتي كان من ضمن أعضاء اللجنة الأخوة الأقباط: كمال هنري أبادير، كامل ليلة، البرت برسوم سلامة، مختار هان، جاء فيه

“لقد صور الطموح السياسي للقيادة العليا للكنيسة أن تقيم من نفسها دولة داخل الدولة”، نقلا عن كتاب يا أقباط مصر انتبهوا، د محمد مورو، وفيه تقرير لجنة تقصي الحقائق كاملا، ص ١٣٩، طبعة القاهرة.

[12]– رفض البابا شنودة مبدأ المعاملة بالمثل في دور العبادة، ورفض تضمين مشروع القانون الخاص بدور العبادة الموحد بندًا بإخضاع أموال الكنائس للرقابة المالية، كما رفض إخضاع الكنائس والأديرة للتفتيش على غرار دور العبادة الإسلامية”، وكثيرًا ما تجاهلت الكنيسة القوانين المنظمة لبناء وترميم الكنائس عبر تحويل بعض المباني الخدمية التابعة للكنائس والأديرة إلى كنائس واضعة الدولة أمام الأمر الواقع. نقلا عن “إرباك سياسي: أقباط مصر بين مظلة المواطنة ومظلة الكنيسة“، مركز الجزيرة للدراسات، تاريخ التصفح ٢٩/٦/٢٠٢٠م.

[13]– د محمد عمارة، في المسألة القبطية حقائق وأوهام، مكتبة الشروق ط١، ص ٩٣، يستعرض في باب كامل شهادات منصفة للعديد من الرموز القبطية المصرية التي ترفض المنحى الذي سارت فيه الكنيسة على يد البابا شنودة.

[14]– صحيفة الأهرام، ٥ /٣/ ١٩٨٥، وذكر هذه الدراسة كذلك د. محمد مورو في كتابه يا أقباط مصر انتبهوا.

[15]– صحيفة الأهرام المصرية بتاريخ ٦/٣/١٩٨٥م.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى