ريسبونسيبل ستيتكرافت كيف أوصلت أمريكا الجيش الإسرائيلي إلى ما هو عليه اليوم
نشرت مجلة ريسبونسيبل ستيت كرافت الأمريكية في 27 نوفمبر 2023 تحليلاً بعنوان: “كيف أوصلت الولايات المتحدة الجيش الإسرائيلي إلى ما هو عليه اليوم” للصحفي ثالف دين، كبير محرري كالة إنتر برس سيرفيس للأنباء ومدير مكتب الأمم المتحدة بالوكالة، والذي يقوم بتغطية أخبار الأمم المتحدة منذ أواخر السبعينيات، حيث يقول إن المساعدات غير المقيدة والأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة إلى تل أبيب منذ تأسيس إسرائيل في عام 1948 وحتى الآن فاقت أي دولة أخرى في العالم على الإطلاق، حيث تخطت الـ 130 مليار دولار.
ونقلاً عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، قال كبير محرري كالة إنتر برس سيرفيس إن 79% من الأسلحة التي حازت عليها إسرائيل خلال الفترة (2018-2022) جاءت من الولايات المتحدة، بينما زودتها ألمانيا بما بلغت نسبته 20% من الأسلحة، لتحل في المرتبة الثانية بعد واشنطن، وأن إيطاليا جاءت في المرتبة الثالثة، حيث زودت إسرائيل بنسبة 0.2% من الأسلحة خلال تلك الفترة.
وقد جاء التحليل على النحو التالي:
ظلت إسرائيل تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة –سياسياً واقتصادياً وعسكرياً– منذ إنشائها في عام 1948، باعتبارها واحدة من أقرب حلفاء أمريكا.
ويتم توجيه إمدادات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل، التي يتم تقديمها مجاناً في أغلب الأحيان، عبر ’التمويل العسكري الأجنبي‘ الأمريكي و ’برنامج المعونة العسكرية‘ و ’المواد الدفاعية الإضافية‘.
ووفقاً لخدمة أبحاث الكونجرس، قدمت الولايات المتحدة مساعدات خارجية لإسرائيل منذ الحرب العالمية الثانية أكثر من أي دولة أخرى في العالم.
ووثَّق معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن الولايات المتحدة زوّدت إسرائيل بـ 79% من جميع الأسلحة التي حازتها خلال الفترة من 2018 إلى 2022.
ولم تصل أي دولة أخرى في العالم إلى هذا المستوى من دعم إسرائيل بالسلاح أو حتى قريباً من ذلك – حيث كان أقرب الدول الموردة للسلاح إلى إسرائيل بعد الولايات المتحدة هي ألمانيا بنسبة وصلت إلى 20%، ثم تلتها إيطاليا، بنسبة 0.2% فقط.
وتوفر صحيفة الوقائع التي أصدرها مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية الأمريكية في أكتوبر 2023، تفصيلاً رسمياً مفصلاً للمساعدات الأمنية الأمريكية غير المقيدة لإسرائيل.
لقد كان الدعم الثابت لأمن إسرائيل بمثابة حجر الزاوية في السياسة الخارجية الأمريكية لكل إدارة أمريكية منذ رئاسة هاري إس ترومان حتى الآن.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إنه منذ تأسيس إسرائيل في عام 1948، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل أكثر من 130 مليار دولار من المساعدات الثنائية التي ركّزت على معالجة التهديدات الأمنية المستجدة والمعقّدة، وسد الفجوات في قدرات إسرائيل من خلال المساعدة والتعاون الأمنيين، وزيادة إمكانية العمل البيني من خلال التدريبات المشتركة، ومساعدة إسرائيل على الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي (على كافة دول المنطقة).
وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إن هذه المساعدة ساعدت في تحويل الجيش الإسرائيلي إلى “أحد أكثر الجيوش قدرة وفعالية في العالم، وحوّلت الصناعة العسكرية الإسرائيلية وقطاع التكنولوجيا إلى أحد أكبر مصدري القدرات العسكرية في جميع أنحاء العالم”.
وخلال الحرب الحالية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، أدت قوة النيران الإسرائيلية الساحقة إلى قتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين في غزة وتدمير مدن بأكملها ـ أغلبها بأسلحة زودتها بها الولايات المتحدة.
وقالت الدكتورة ناتالي جولدرينج، الأستاذة الزائرة في كلية سانفورد للسياسة العامة بجامعة ديوك، لوكالة إنتر بريس سيرفس إنه على الرغم من أن الهجوم الذي قامت به حماس في السابع من أكتوبر كان أمراً مروّعاً ينبغي إدانته، إلا إن ردود الفعل الإسرائيلية على ذلك الهجوم كانت عشوائية – وتتم بشكل متعمّد.
وقالت الدكتورة جولدرينج إنه بعد يومين من هجوم حماس (على المستوطنات الواقعة في غلاف غزة)، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت أن إسرائيل ستفرض “حصاراً كاملاً” على غزة، بما في ذلك منع إمدادات المياه والغذاء والوقود، وأنها ستوقف أيضاً إمدادات الكهرباء.
وأشارت جولدرينج أن القوات الإسرائيلية قامت بذلك بالفعل.
وأضافت أن “الحكومة الأمريكية تتحمل مسؤولية خاصة عن الهجمات الإسرائيلية المستمرة. لقد زودت إسرائيل بكميات هائلة من المساعدات العسكرية والأسلحة، وتجاهلت إسرائيل القيود الأمريكية على استخدام تلك الأسلحة.”
وقالت الدكتورة جولدرينج، التي تمثل أيضاً معهد “أكرونيم لدبلوماسية نزع السلاح”، المعني بقضايا الأسلحة التقليدية وتجارة الأسلحة، في الأمم المتحدة: “إن هذه الإمدادات من الأسلحة والذخائر تسمح للجيش الإسرائيلي بمواصلة هجماته العشوائية في غزة”.
وأضافت: “إن الخطوة الأولى الرئيسية في خفض التكلفة البشرية لهذه الحرب هي أن تدعو حكومة الولايات المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار. ويجب على حكومة الولايات المتحدة أيضاً أن توقف إمدادات الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل، سواء من الولايات المتحدة نفسها أو من المخزونات المخزنة مسبقاً في أماكن أخرى.”
ومنذ عام 1983، تعقد الولايات المتحدة وإسرائيل بانتظام اجتماعات ثنائية عبر المجموعة السياسية العسكرية المشتركة لتعزيز السياسات المشتركة ومعالجة التهديدات والمخاوف المشتركة وتحديد مجالات جديدة للتعاون الأمني.
ووفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية، فإن إسرائيل هي المتلقي الرائد للمساعدات الأمنية الأمريكية على مستوى العالم بموجب الباب 22 في إطار برنامج التمويل العسكري الأجنبي. وقد تم إضفاء الطابع الرسمي على ذلك من خلال مذكرة تفاهم تمتد لـ 10 سنوات (2019-2028).
ووفقاً لمذكرة التفاهم تلك، تقدم الولايات المتحدة سنوياً 3.3 مليار دولار من التمويل العسكري الأجنبي و500 مليون دولار للبرامج التعاونية للدفاع الصاروخي. ومنذ السنة المالية 2009، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل 3.4 مليار دولار لتمويل الدفاع الصاروخي، بما في ذلك 1.3 مليار دولار لدعم القبة الحديدية بدءاً من السنة المالية 2011.
ومن خلال ’التمويل العسكري الخارجي‘، توفر الولايات المتحدة لإسرائيل إمكانية الوصول إلى بعض المعدات العسكرية الأكثر تقدماً في العالم، بما في ذلك الطائرات المقاتلة من طراز إف-35.
وإسرائيل أيضاً مؤهلة للحصول على تمويل التدفق النقدي ومصرح لها باستخدام مخصصاتها السنوية من التمويل العسكري الأجنبي لشراء المواد والخدمات والتدريبات الدفاعية من خلال نظام ’المبيعات العسكرية الأجنبية‘، واتفاقيات ’العقود التجارية المباشرة‘ – وهي مشتريات المبيعات التجارية المباشرة الممولة من ’التمويل العسكري الأجنبي‘ – ومن خلال ’التوريدات الخارجية‘.
ومن خلال ’برنامج الدعم الخارجي‘، تسمح مذكرة التفاهم الحالية لإسرائيل بإنفاق جزء من التمويل العسكري الأجنبي على مواد دفاعية ذات منشأ إسرائيلي بدلاً من المواد الدفاعية ذات المنشأ الأمريكي. وكان هذا يمثل 25% في السنة المالية 2019، ولكن من المقرر التخلص التدريجي من ذلك وانخفاض النسبة إلى الصفر في السنة المالية 2028.
وفي سياق طرح المزيد من التفاصيل، قالت الدكتورة جولدرينج: “للأسف، فإن الوضع في غزة يحمل أوجه تشابه مع الاستخدام الموثّق للأسلحة الأمريكية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في الهجمات على المدنيين في اليمن”.
وقالت: “ردّنا يجب أن يكون واحداً في كلتا الحالتين. لقد فشلت هذه الدول في احترام شروط توريد الأسلحة الأمريكية، ويجب أن تكون غير مؤهلة لاستقبال المزيد من عمليات التوريد حتى تمتثل لتلك الشروط.
وقالت: “إن عملية صنع القرار بشأن بيع الأسلحة في الولايات المتحدة تعطي وزناً كبيراً لحكم المسؤولين الحكوميين والسياسيين الذين كثيراً ما يفشلون في النظر في التكاليف البشرية الكاملة لعمليات إمدادات الأسلحة هذه”.
وأضافت: “في وقت سابق من هذا العام، أصدرت إدارة بايدن سياسة جديدة لتوريد الأسلحة التقليدية. حيث زعموا أن عمليات نقل الأسلحة لن تتم الموافقة عليها عندما خلص تحليلهم إلى أنه “من الأرجح” أن تلك الأسلحة المنقولة ستستخدم لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي أو قانون حقوق الإنسان.
وقالت الدكتورة جولدرينج إن تصرفات الجيشين الإسرائيلي والسعودي هي أمثلة على الطرق التي لا يتم فيها استيفاء هذا المعيار.
واعتباراً من أكتوبر 2023، كان لدى الولايات المتحدة 599 حالة مبيعات عسكرية أجنبية نشطة مع إسرائيل بقيمة 23.8 مليار دولار. ويُذكر أن حالات المبيعات العسكرية الأجنبية التي تم إخطار الكونجرس بها مدرجة على هذا الرابط؛ وتشمل المبادرات ذات الأولوية ما يلي: الطائرات المقاتلة من طراز إف-35 جوينت سترايك فايتر؛ طائرات الهليكوبتر سي إتش-53 كيه للنقل الثقيل؛ وطائرات إعادة التزويد بالوقود جواً كيه سي-46 إيه؛ والذخائر الموجَّهة بدقة.
وسمحت الولايات المتحدة أيضاً من السنة المالية 2018 حتى السنة المالية 2022 بالتصدير الدائم لما يزيد عن 5.7 مليار دولار من المواد الدفاعية إلى إسرائيل عبر عملية المبيعات التجارية المباشرة.
وكانت الفئات العليا للمبيعات التجارية المباشرة إلى إسرائيل هي “19-العوامل السامة”؛ بما في ذلك العوامل الكيميائية، والعوامل البيولوجية، والمعدات المرتبطة بها (وهذا يشمل معدات الكشف (و) واللقاحات (ز) – (ح) وبرامج النمذجة (ط) ؛ “4-مركبات الإطلاق”، والصواريخ الموجَّهة، والصواريخ الباليستية، والصواريخ، والطوربيدات، والقنابل، والألغام، و “7-الطائرات المقاتلة”.
ومنذ عام 1992، زوّدت الولايات المتحدة إسرائيل بمعدات بقيمة 6.6 مليار دولار في إطار برنامج المواد الدفاعية الإضافية، بما في ذلك الأسلحة وقطع الغيار والأسلحة وأجهزة المحاكاة.
وتحتفظ القيادة الأمريكية الأوروبية أيضاً في إسرائيل بمخزون احتياطي الحرب الأمريكي، والذي يمكن استخدامه لتعزيز الدفاعات الإسرائيلية في حالة الطوارئ العسكرية الكبيرة.
وبالإضافة إلى المساعدات الأمنية ومبيعات الأسلحة، تشارك الولايات المتحدة في مجموعة متنوعة من التبادلات مع إسرائيل، بما في ذلك التدريبات العسكرية مثل جونيبر أوك و جونيبر فالكون، فضلاً عن الأبحاث المشتركة وتطوير الأسلحة.
وقد وقّعت الولايات المتحدة وإسرائيل العديد من اتفاقيات التعاون الدفاعي الثنائي، بما في ذلك: اتفاقية المساعدة الدفاعية المتبادلة (1952)؛ اتفاقية الأمن العام للمعلومات (1982)؛ واتفاقية الدعم اللوجستي المتبادل (1991)؛ واتفاقية وضع القوات (1994)، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية.
ومنذ عام 2011، استثمرت الولايات المتحدة أيضاً أكثر من 8 ملايين دولار في برامج تدمير الأسلحة التقليدية في الضفة الغربية لتحسين الأمن الإقليمي والإنساني من خلال مسح وتطهير حقول الألغام التي لا جدال حولها.
وبعد سنوات من المفاوضات مع الفلسطينيين والإسرائيليين، بدأت الأنشطة الإنسانية لإزالة الألغام في أبريل 2014 – ويمثل هذا أول عملية إزالة إنسانية للتلوث بالألغام الأرضية منذ ما يقرب من خمسة عقود.
كما تم تصنيف إسرائيل كـ حليف رئيسي للولايات المتحدة من خارج الناتو بموجب القانون الأمريكي. ويوفر هذا الوضع للشركاء الأجانب فوائد معينة في مجالات التجارة الدفاعية والتعاون الأمني، وهو إشارة رمزية قوية على علاقاتهم الوثيقة مع الولايات المتحدة.