نشر مركز ستراتفور، وهو مركز دراسات إستراتيجي وأمني أمريكي، في 5 ديسمبر 2023 تقدير موقف بعنوان: “ماذا تعني ولاية أخرى للسيسي بالنسبة لمصر؟”، أن السيسي لن يكتفي بهذه الولاية الجديدة – التي قال المركز إنه حتماً سيفوز بها – بل سيعمل إما على تمديد فترة حكمه من خلال إجراء تعديلات دستورية جديدة تسمح بذلك، أو من خلال ترسيخ إِرثه عبر خليفة له يتم اختياره بعناية، والذي قال المركز الأمريكي أنه “على الأرجح سيكون نجله محمود السيسي”، لتنفيذ السياسات التي تم سنّها خلال إدارة أبيه.
وجاء تقدير الموقف الذي نشره ستراتفور على النحو التالي:
ستمنح إعادة انتخاب السيسي كرئيس للبلاد، وهو المرجّح بشدة، ستمنحه الحرية للمضي قُدماً في “الإصلاحات الاقتصادية” و “العلاقات البراجماتية” مع إسرائيل، فضلاً عن التدابير الرامية إلى تنمية قطاعي السياحة والطاقة في البلاد. حيث من المرجح للغاية أن يفوز السيسي بولاية ثالثة في الانتخابات الرئاسية التي تجري في مصر خلال الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر – والتي ستكون أول انتخابات على مستوى البلاد منذ عام 2018 – وذلك بفضل حملة القمع الشاملة التي تشنها حكومته على مرشحي المعارضة وأنصارها، إلى جانب وضعها موانع إدارية لترشحهم؛ وهو الأمر الذي أدى إلى إثناء المرشحين المحتملين عن إضافتهم إلى قائمة الاقتراع. ويحتفظ السيسي بدعم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يؤثر بشكل كبير على المرشحين الذين يمكنهم الترشح للمنصب، لكنه فقد جانباً من التأييد بين الناخبين المصريين بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد. إن الفوز بإعادة انتخابه بفارق كبير من شأنه أن يمكّن السيسي من الادعاء بأن لديه تفويضاً شعبياً لسنّ السياسات التي تعهد باتباعها خلال فترة ولايته الثالثة، بما في ذلك الإصلاحات المؤلمة المحتملة لتحقيق الاستقرار في اقتصاد البلاد المنهك:
- فبعد تعديلات دستورية أجراها في عام 2019 مدّد السيسي فترة الولاية الرئاسية إلى ست سنوات، وبذلك أصبح مؤهلاً لولاية ثالثة، بحجة أنه لم يشغل منصب الرئيس بشكل تراكمي لمدة 12 عاماً وقت إجراء الانتخابات.
- وبينما أُعلن فوز السيسي في الانتخابات الرئاسية عامي 2014 و 2018 بنسبة 97% من الأصوات، إلا أن إقبال الناخبين على التصويت انخفض ما بين الدورتين الانتخابيتين. ومن المتوقع أن يشارك عدد أقل من المصريين في انتخابات عام 2023 بسبب خيبة الأمل من النظام السياسي في بلادهم.
- ويركز برنامج حملة السيسي على الأمن القومي والتنمية، وتظهر التعليقات الأخيرة للسيسي بعض التناقض بشأن الصعوبات المالية التي يواجهها المواطنون المصريون، فضلاً عن الرغبة في تنفيذ إجراءات تقشفية مؤلمة. فعلى سبيل المثال، قال السيسي في خطاب ألقاه خلال حملته الانتخابية في شهر سبتمبر: “إذا كان ثمن تقدم الأمة وازدهارها هو الجوع والعطش، فلا نأكل ولا نشرب”.
- وقد ترشح في الانتخابات الرئاسية أمام السيسي فريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي؛ وحازم عمر، رئيس حزب الشعب الجمهوري؛ وعبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد الجديد. ويدعو برنامجا زهران وعمر إلى الانفتاح السياسي وحقوق الإنسان، بينما يركز برنامج اليمامة على الإصلاح الاقتصادي للحد من التضخم وسد عجز الموازنة وزيادة احتياطيات مصر من النقد الأجنبي. ومن غير المتوقع أن يشكل أي من مرشحي المعارضة تهديداً خطيراً لإعادة انتخاب السيسي.
- وكانت الحكومة المصرية قد قررت إجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر بدلاً من الموعد الأصلي في مارس، وذلك للإسراع في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة. وعلى الرغم من أن الاحتجاجات تخضع لرقابة صارمة في مصر، فمن المحتمل أن تكون المخاوف من الاضطرابات التي سبقت الانتخابات بسبب تدهور الظروف الاقتصادية في البلاد قد تم أخذها في الاعتبار أيضاً في قرار تقديم موعد إجراء الانتخابات الرئاسية.
وتجرى الانتخابات الرئاسية في مصر على خلفية أزمة تكاليف المعيشة والمخاوف الأمنية المتزايدة المرتبطة بالحرب التي تشنها إسرائيل على غزة حالياً. وأدت التداعيات العالمية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية المستمرة في مصر من خلال زيادة تكلفة واردات الغذاء والوقود، مما أدى إلى تآكل احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي. وقد بلغ معدل التضخم في البلاد نسبة مذهلة وصلت إلى 39.7% في شهر سبتمبر، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 72% خلال العام الماضي. كما أدت زيادة الإنفاق على بناء الطرق ومشاريع البنية التحتية الضخمة (بما في ذلك العاصمة الإدارية الجديدة، التي يجري تشييدها خارج القاهرة، وكذلك توسيع قناة السويس)، إلى جانب ارتفاع تكاليف الاقتراض العالمية، إلى تضخم مستويات الدين الخارجي لمصر، والتي بلغت أكثر من 165 مليار دولار في ديسمبر 2022 – ارتفاعا من 40 مليار دولار فقط في عام 2015. وعلى هذه الخلفية، انخفض التصنيف الائتماني للبلاد، الأمر الذي أدى إلى إحجام الاستثمار الأجنبي أيضاً. وفي الوقت نفسه، أدت أزمة الطاقة المستمرة إلى تفاقم الصعوبات المالية التي تواجهها مصر، مدفوعة بانخفاض توافر المواد الخام وارتفاع الطلب عليها. وأدى انقطاع التيار الكهربائي اليومي المدمر إلى انخفاض الإنتاجية التجارية والصناعية وإثارة انتقادات شعبية للحكومة. وبالإضافة إلى هذه المشاكل الاقتصادية، أثارت الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة المخاوف في مصر بشأن احتمال تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى البلاد من قطاع غزة المجاور. كما عانت مصر من أضرار جانبية منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر؛ فقد سقطت صواريخ وقذائف طائشة بالقرب من الحدود بين مصر وغزة خلال الشهرين الماضيين، مما تسبب في أضرار، وإن كانت طفيفة، في البنية التحتية وبعض الإصابات بين المواطنين المصريين:
- ما يقرب من ثلث المواطنين المصريين البالغ عددهم 112 مليون نسمة يعيشون حالياً في براثن الفقر. وقد تراوح معدل البطالة في البلاد حول 7%، في حين انخفض معدل المشاركة في القوى العاملة بشكل مطرد منذ عام 2011.
- وفي الثالث من نوفمبر، أعلنت الحكومة المصرية عن زيادة بنسبة 14.3% في أسعار البنزين المحلية، في محاولة لخفض الطلب على واردات الوقود المكلفة.
- وخفضت وكالة موديز لخدمات المستثمرين تصنيف مصر إلى Caa1 في الخامس من شهر أكتوبر، مستشهدة بالالتزامات القائمة المتمثلة في ضعف الأوضاع وارتفاع المخاطر الائتمانية. وبالمثل، خفّضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني السيادي لمصر إلى المنطقة غير المرغوب فيها في نوفمبر.
ولفتح الباب للحصول على التمويل اللازم من صندوق النقد الدولي، من المرجح أن تتابع إدارة السيسي عمل “إصلاحات اقتصادية” لا تحظى بقبول شعبي – بما في ذلك تخفيض قيمة العملة مرة أخرى – بعد فترة وجيزة من إعادة انتخابه. وفي شهر ديسمبر 2022، حصلت مصر على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي بشرط تنفيذ إصلاحات لتحقيق استقرار اقتصادها، بما في ذلك سَنّ سعر صرف مرن وإجراءات تهدف إلى خفض الدين الخارجي وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي. كما اشترط صندوق النقد الدولي على مصر بيع أصول مملوكة للدولة – وهو ما تم إنجازه جزئياً- للحصول على شرائح قروض بقيمة 700 مليون دولار والوصول إلى صندوق المرونة بقيمة 1.3 مليار دولار. ووافق صندوق النقد على دمج مراجعته الأولى والثانية لحزمة الإنقاذ بعد أن سنّت القاهرة بعض الإصلاحات المتوقعة فقط، ولكن إذا نجحت المراجعة، فستتمكن البلاد من الوصول إلى أموال إضافية حاسمة. وعلى الرغم من أن مصر تتلقى أشكالاً أخرى من التمويل الخارجي، فمن غير المرجح أن يستمر المقرضون في منح البلاد الأموال ما لم تتواءم سياستها الاقتصادية مع إصلاحات صندوق النقد الدولي لتحقيق الاستقرار. ولتأمين التمويل الخارجي المطلوب، ستحاول إدارة السيسي التأكيد بسرعة على التزامها بالاستقرار الاقتصادي بعد وقت قصير من تأمين فترة ولايتها الثالثة. ولتحقيق هذه الغاية، من المرجح أن تخفض القاهرة قيمة العملة في أوائل العام المقبل، من أجل موازنة مدفوعاتها الخارجية، وبالتالي زيادة فرصها في إجراء مراجعة ناجحة مع صندوق النقد الدولي. ومن شأن المزيد من تخفيض قيمة الجنيه أن يقلل من تكلفة الصادرات المصرية، الأمر الذي سيساعد القاهرة على سداد التزامات ديونها الخارجية وتجديد احتياطياتها من النقد الأجنبي من خلال زيادة الطلب العالمي على السلع المصرية الرخيصة. لكن تخفيض قيمة العملة مرة أخرى من شأنه أن يجعل الواردات أكثر تكلفة، مما يؤدي بالتالي إلى انخفاض القوة الشرائية للمواطنين المصريين. وعلى الرغم من أن ذلك غير مرجّح، إلا أنه إذا زاد تضخم أسعار الغذاء بشكل كبير، فقد يخرج المصريون إلى الشوارع على الرغم من القمع السياسي الذي تمارسه حكومة السيسي لمنع الاحتجاجات على تدهور مستويات معيشة المصريين. وستبيع إدارة السيسي أيضاً أصولاً حكومية إضافية لزيادة احتياطياتها من العملة الصعبة والعملات الأجنبية. ولخفض الإنفاق، ستقلص القاهرة برنامج دعم الوقود وغيره من البرامج المماثلة أيضاً، على الرغم من أن برنامج دعم الخبز في البلاد سيظل على الأرجح قائماً، حيث أن هناك المزيد من التسامح في هذا الأمر حيث أنه تاريخياً يتحمل المصريون ارتفاع أسعار الوقود بشكل أفضل من إمكانية تحملهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ومع ذلك، لا يزال من غير المرجح أن تحد الحكومة من الإنفاق على المشاريع العملاقة، المرتبطة بشكل وثيق بالجيش – الداعم الرئيسي للسيسي. وفي حين أن القاهرة قد تؤجل بعض المشاريع، فإنها ستتجنب إلغاءها، الأمر الذي قد يخاطر بفقدان الشرعية بين مؤيدي السيسي الرئيسيين المتمثلين في قوات الجيش المصري:
- تم بالفعل تخفيض قيمة الجنيه المصري ثلاث مرات منذ عام 2022.
- قال رئيس الصندوق السيادي المصري إنه سيبيع سبعة فنادق بحلول نهاية عام 2023، على الرغم من أن ذلك قد يمتد إلى عام 2024. وقد باعت مصر حصص أقلية في صناعات النفط والبتروكيماويات والصلب لدول الخليج العربي؛ وأبرمت صفقة بيع فنادق بقيمة 700 مليون دولار في يوليو 2023 لكونسورتيوم يضم مجموعة طلعت مصطفى القابضة المصرية.
- وفي يناير 2023، أصدرت القاهرة أوامر بتأجيل المشروعات القومية الجديدة التي تعتمد على النقد الأجنبي، وأعلنت أنه سيُطلب من الوزارات منذ ذلك الوقت الحصول على موافقة على الإنفاق بالعملة الأجنبية.
- وأدت الظروف الاقتصادية السيئة إلى خروج المصريين إلى الشوارع في عامي 2019 و2020 على الرغم من التهديد بحملات القمع والاعتقالات الوحشية التي تقوم بها الشرطة. وإذا أدت إجراءات التقشف التي اتخذها صندوق النقد الدولي إلى تفاقم الظروف الاقتصادية للبلاد، فقد تكون هناك احتجاجات أكثر زخماً، خاصة إذا بدا الخطاب الصادر من القاهرة متناقضاً مع أفعالهم.
- وشجعت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، القاهرة على خفض قيمة العملة المصرية لمنع استنزاف احتياطياتها الأجنبية.
- ويدرس الاتحاد الأوروبي أيضاً تقديم خطة استثمارية متعددة القطاعات لمصر بقيمة 9.8 مليار دولار، وذلك بسبب التأثير الاقتصادي الذي خلفته الحرب الإسرائيلية على غزة في المنطقة. وإذا حصلت القاهرة على مثل هذا الاتفاق، فمن المرجح أن تؤخر تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية بسبب تدفق الأموال الإضافية على المدى القصير.
ولتعزيز إيراداتها من العملات الأجنبية، ستحاول القاهرة أيضاً توسيع قطاعي السياحة والطاقة، اللذين تضررا بشدة من الصدمات الخارجية في السنوات الأخيرة. ففي شهر يناير 2023، أعلنت وزارة السياحة المصرية عن خطط لمضاعفة عدد الزوار إلى البلاد ليصل إلى 30 مليون بحلول عام 2028. وبعد حصول السيسي على ولاية أخرى في السلطة، ستواصل حكومته العمل لتحقيق هذا الهدف من خلال تنفيذ تدابير تهدف إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في إدارة المواقع الأثرية، وزيادة الطاقة الاستيعابية للمطارات المصرية. ومع ذلك، أثبت قطاع السياحة في مصر أنه معرض بشكل خاص للصدمات الخارجية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك تلك الصدمات التي نجمت عن جائحة كوفيد-19، والغزو الروسي لأوكرانيا، ومؤخراً الحرب بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة. وهذه القابلية للتأثر بالاضطرابات الاقتصادية العالمية والاضطرابات الإقليمية – إلى جانب ندهور التصنيف الائتماني لمصر – تجعل الاستثمار في البلاد محفوفاً بالمخاطر، الأمر الذي سيعقّد قدرة القاهرة على تأمين التمويل الخاص اللازم لتنمية صناعة السياحة. وللحصول على مصدر مستقر للعملة الأجنبية، تخطط الحكومة أيضاً لتوسيع صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، حيث تهدف إلى زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 40% اعتباراً من عام 2025. لكن نمو قطاع الطاقة سيعتمد جزئياً على شراء مصر لواردات الغاز الطبيعي الأجنبية – ومعظمها من إسرائيل – لتصديرها بعد ذلك كغاز طبيعي مسال، وتعتمد قدرة مصر على التصدير على كمية الغاز الطبيعي التي يمكنها استيرادها، فضلاً عن قدراتها الإنتاجية المحلية واحتياجاتها للاستهلاك المحلي.
- وقد انخفض نشاط قطاع السياحة في مصر بنحو 10% منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة. وفي نفس الوقت، عانى قطاع الطاقة من انخفاض كميات واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل وارتفاع أسعار النفط المحلية في أوائل نوفمبر. ومن شأن زيادة الاستثمار الحكومي أن يساعد هذه القطاعات على التعافي على المدى الطويل، ولكنه سيجعل الاقتصاد المصري أكثر عرضة للصدمات الخارجية المستقبلية في حالة اندلاع صراعات أخرى في المنطقة.
- وأعلنت وزارة الطاقة المصرية عن خطط لزيادة واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل والبدء في التنقيب عن النفط والغاز بحثاً عن مصادر بحرية إضافية من المتوقع اكتشافها بحلول عام 2025. وقد جعلت محطتا تصدير الغاز الطبيعي المسال في مصر من البلاد مركزاً إقليمياً للغاز الطبيعي في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ونظراً لأن دولاً أخرى، بما في ذلك إسرائيل وقبرص، لديها حقول غاز، لكن الغاز الطبيعي سيحتاج إلى تحويله إلى غاز طبيعي مسال لتصديره إلى أوروبا.
وسوف تحافظ مصر على علاقات برجماتية مع إسرائيل حتى في حالة امتداد الحرب على غزة، ومن المرجح أن تزيد تجارة الطاقة مع البلاد بعد انتهاء الحرب في نهاية المطاف. وعلى الرغم من الدعم الشعبي المصري القوي للقضية الفلسطينية، ستحافظ القاهرة على علاقات برجماتية مع إسرائيل لتسهيل نمو قطاع الطاقة في مصر، والذي يتضمن زيادة واردات الغاز الطبيعي الإسرائيلي لتصديره كغاز طبيعي مسال. وستواصل إدارة السيسي أيضاً التعاون في المبادرات المشتركة القائمة مع إسرائيل، مثل أمن الحدود، وتسهيل المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى غزة، والتجارة الثنائية. وستنضم القاهرة إلى الدول العربية في المفاوضات وخطط ما بعد الحرب في غزة وستتبنى نهجاً عملياً بسبب حدودها المشتركة مع إسرائيل. وبالإضافة إلى ذلك، ستدعم مصر خطط ما بعد الحرب في غزة والتي قد تقلل من احتمالات نشوب مزيد من القتال وتعزيز الأمن الإقليمي من خلال اقتراح إقامة دولة فلسطينية “منزوعة السلاح” (كما أعلن السيسي) أو دولة تحت حماية قوة أمنية دولية مؤقتة. ومن المرجح أن تؤجل مصر توقيع أي اتفاقيات اقتصادية إضافية مع إسرائيل إلى ما بعد الحرب لمنع الاضطرابات الداخلية بين سكانها المؤيدين للفلسطينيين والتي يمكن أن تتحول إلى احتجاجات أوسع مناهضة للحكومة. ومع ذلك، إذا أدت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى نزوح جماعي للفلسطينيين أو إلى وضع حكم لا يتمتع فيه الفلسطينيون في غزة بدرجة من الحكم الذاتي، فسوف تضطر القاهرة إلى تعزيز حدودها مع إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى توتر العلاقات الثنائية، ولكن من غير المرجح أبداً أن تقوم مصر بأي عمل عسكري ضد إسرائيل.
- في الرابع والعشرين من نوفمبر، اقترح السيسي إنشاء دولة فلسطينية “منزوعة السلاح بضمانات ووجود قوات أوروبية أو أمريكية أو قوات تابعة للأمم المتحدة”.
وأخيراً، سيعمل السيسي إما على تمديد فترة حكمه من خلال إجراء تعديلات دستورية جديدة، أو ترسيخ إرثه من خلال خليفة يتم اختياره بعناية. فبعد التعديلات الدستورية التي أجراها السيسي في عام 2019 والتي مكنته من الترشح لولاية ثالثة، من المرجح أن يبحث السيسي عن طرق أخرى للبقاء في السلطة. وقد عزز الرئيس المصري سلطته مع الجيش وخنق المعارضة من خلال حملات القمع السياسي والاعتقالات الجماعية. وبعد إعادة انتخابه المرجّحة بشكل مؤكد، قد يدعو السيسي إلى تعديل الدستور مرة أخرى لتوسيع قدرته على البقاء في منصبه. وفي حال فاز السيسي في الانتخابات، كما هو متوقع، بأغلبية ساحقة، فمن المرجَّح أن يتمكن من الاستفادة من النتائج للدعوة إلى فترة ولاية إضافية. ومن المرجح أيضاً أن تؤدي حملات القمع التي تشنها إدارة السيسي على المعارضة السياسية إلى منع أي احتجاجات حاشدة إذا سعى إلى الاستيلاء على السلطة من خلال ذلك، لكن مثل هذه الاضطرابات من الممكن أن تحدث إذا تدهورت الظروف الاقتصادية بشكل كبير. وبدلاً من ذلك، وعلى الرغم من أنه يبدو أقل احتمالاً، فقد يقوم السيسي بتحديد خليفة له، وعلى الأرجح سيكون نجله محمود السيسي، لتنفيذ السياسات التي تم سنها خلال إدارة والده.