fbpx
دراسات

سد النهضة وقضية المياه والأمن القومي المصري

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

سد النهضة وقضية المياه والأمن القومي المصري

تمهيد:

تمثل قضية المياه أحد أهم التحديات الاستراتيجية للأمن القومي العربي، أمام العديد من الاعتبارات، من بينها غلبة الطابع الصحراوي على دول العالم العربي من ناحية، وأن المنابع الأساسية لأهم الأنهار العربية توجد في دول غير عربية، مثل نهر النيل الذي يمثل المصدر الرئيس لمصر والسودان، والذي ينبع من إثيوبيا وهي دولة غير عربية، ونهرا دجلة والفرات اللذان يمثلان المصادر الأساسية للمياه في سوريا والعراق وينبعان من تركيا، وهي غير عربية كذلك، بجانب الدور الإسرائيلي في السعي نحو التحكم والسيطرة على مصادر المياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة والأردن، وكذلك هضبة الجولان السورية.

وتزداد قضية المياه، من حيث تداعياتها السلبية على الأمن القومي، خطورة مع شروع دول المنابع في إنشاء مجموعة من السدود على الأنهار التي تصب في الدول العربية، واستخدام المياه ورقة من أوراق الضغط السياسي من جانب دول المنابع في إدارة علاقاتها مع الدول العربية، مع وجود امتدادات وتدخلات إقليمية ودولية في هذا الملف مما يزيد من عمق الأزمة وخطورة التحدي.

وفي إطار هذه الاعتبارات تأتي هذه الورقة.

إشكالية الدراسة:

تسعى الدراسة للإجابة على تساؤل رئيس هو: ما هي تداعيات أزمة سد النهضة الإثيوبي على الأمن القومي المصري، باعتبار هذا الأمن ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي العربي؟

أهمية الدراسة:

يتم التمييز في إطار هذه الأهمية بين مستويين أساسيين:

الأول: الأهمية العلمية: حيث العمل على بيان طبيعة التداعيات والأخطار التي يمكن أن ترتبها قضية المياه عامة وسد النهضة الإثيوبي خاصة على الأمن القومي المصري، والأطر القانونية الدولية الحاكمة لمياه نهر النيل، وكذلك أنماط التفاعلات الإقليمية والدولية في هذه القضية، وهل تشكل محفزات للصراع أم أدوات لاحتوائه؟

الثاني: الأهمية العملية: دعم صانع القرار في كل من مصر والسودان بعدد من التوصيات والمقترحات لإدارة هذه القضية، وكيف يمكن التعامل معها في ضوء المسارات المستقبلية المتوقعة.

منهج الدراسة:

اعتمد الباحث على منهج النسق الدولي الذي يقوم علي أن السياسة الدولية تنشأ وتتطور في إطار نسق دولي معين، وتنطلق من عناصره الرئيسية، ومن ثم فإن تحليلها في مرحلة تاريخية معينة يتطلب التعرف على ماهية تلك العناصر وكيفية تفاعلها، وتتمثل هذه العناصر في الوحدات (وتشمل الفاعلين الذين يقومون بأدوار معينة داخل النسق) والبنيان (وهو مفهوم تنظمي ينصرف إلى ترتيب وحدات النسق الدولي في علاقاتها ببعضها البعض، ويتحدد على أساس كيفية توزيع المقدرات بين الوحدات الدولية، وعلى درجة الترابط بين تلك الوحدات) والمؤسسات (وتنصرف إلى مدى وجود قواعد وأطر وأعراف دولية مقبولة لممارسة مختلف الأنشطة الدولية) والعمليات (وتنصرف إلى حركة الوحدات الدولية لتحقيق أهدافها الخارجية، وبالتالي تُمثل الجانب الحركي من النسق الدولي) [1].

ويسمح هذا الإطار التحليلي بالتعرف على الديناميكية السياسية، ومحاولة فهم القوانين التي تحكم أو تتحكم في حركتها. وكذلك تتبع مسار التفاعلات بين النظام الإقليمي أو الدولي وبيئته الخارجية، والتعرف على ما قد يطرأ على عناصر النظام أو البيئة المحيطة به من تغيرات بسبب هذه التفاعلات([2]).

وتأتي أهمية استخدام هذا المنهج في ظل التحولات الإقليمية والدولية المهمة التي شهدتها المنطقة العربية منذ يناير 2011، وحتى الآن، وما لها من تداعيات على مختلف القضايا والملفات ومن بينها ملف المياه عامة، ونهر النيل خاصةً.

وفي إطار منهج النسق الدولي، ونسقه الفرعي (ممثلاً في النسق الإقليمي العربي، وما دون الإقليمي حوض النيل) سيتم الاعتماد على أداة التحليل الرباعي (SWOT) لبيان أوجه القوة والضعف والفرص والتهديدات بالتطبيق على الإدارة المصرية لقضية المياه وأزمة سد النهضة([3]).

سد النهضة وقضية المياه والأمن القومي المصري-1

تقسيم الدراسة:

في إطار الاعتبارات السابقة، تم تقسيم الدراسة إلى أربعة مطالب أساسية: المطلب الأول: الأطر القانونية لقضية المياه في حوض النيل، المطلب الثاني: تطورات قضية المياه وأزمة سد النهضة 2010 ـ 2020، المطلب الثالث: تداعيات الأزمة على الأمن القومي المصري، المطلب الرابع: المسارات المحتملة لإدارة الأزمة.

المطلب الأول: الأطر القانونية لقضية المياه في حوض النيل

تبلغ مساحة حوض النيل 2.9 مليون كم2 أي 10% من مساحة إفريقيا، ويعتبر نهر النيل أطول أنهار العالم إذ يبلغ طوله نحو 6670 كم، ذلك إذا بدأنا من منابع نهر كاجيرا. وتشمل دول حوض النيل، تلك الدول التي يخترقها النهر وتقع في حوضه ولها مصلحة في مياهه وتستفيد منها بأي صورة من الصور وهي مصر والسودان، وجنوب السودان، وإثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندي وبوروندي بالإضافة إلى الكونغو الديمقراطية[4].

ويبلغ الحجم المتوسط السنوي للأمطار على حوض النيل حوالي 900 مليار م3 سنوياً يُمثل السريان السطحي منه 137 مليار م3، بينما إيراد النيل لا يتجاوز 84 مليار م3، يأتي 72 مليار م3، أي 87% من مياه النيل من النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة (تانا) في أثيوبيا، بينما يأتي 13% من منطقة البحيرات العظمى أي حوالي 12 مليارم3.

وتنبع المشكلة المائية في دول حوض النيل من أن هذه الدول تعاني من مخاطر مستقبلية نتيجة نقص المياه خصوصا دولتا المصب، مصر والسودان، اللتان تعتمدان على مياه النيل اعتماداً شبه كلي. فمصر هي الدولة الأكبر سكاناً والأكثر اعتماداً على مياه النيل، والأمطار بها شبه معدومة، والمياه الجوفية غير متجددة، ومن هنا فإن مياه النيل تمثل حوالي 97% من موارد مصر المائية، وتبلغ حصة مصر 5، 55 مليار م3، والأرض المزروعة 3.6 مليون فدان، وهذا القدر من المياه لا يكفي لاحتياجات السكان، ولكي تحافظ مصر على نصيب الفرد من المياه فإنها بحاجة إلى نحو 77 مليار م3، وهو ما يعني وجود عجز 22 مليار م3.

وفي السودان، تختلف التقديرات بشأن المساحة المزروعة من 1.1 إلى 1.3 مليون هكتار، في حين تتراوح تقديرات المياه المستخدمة ما بين 12 إلى 17 مليون هكتار. وتدعو الخطة الوطنية السودانية إلى استصلاح ما يقرب من 2.4 مليون هكتار جديدة من الأرض الزراعية وهي تتطلب 15 مليار م3 إضافية من المياه[5].

ولكن وسط وجنوب السودان لا يُحتاج كثيراً إلى المياه من نهر النيل؛ فمعدل مياه الأمطار يصل إلى 1500 ملم على الأغلب في العام. كما أن السودان حالياً يستغل فقط 13.5 مليار م3، من حصته في مياه النيل البالغة 18.5 ملياراً، إلا أن ما يزيد من وطأة الأزمة في شمال السودان، بعد انفصال الجنوب، في العام  2011، أن الأخير يسيطر علي قسم مهم من مياه النيل ومصادره الأساسية، رغم أنه يشهد انهمار الأمطار طوال شهور الصيف[6].

وفي إثيوبيا، التي توصف بأنها نافورة أفريقيا حيث ينبع من مرتفعاتها أحد عشر نهراً تتدفق عبر حدودها إلى الصومال والسودان وتصب هذه الأنهار 100 مليار م3، من الماء إلى جيران إثيوبيا، والنيل الأزرق أكثر هذه الأنهار تدفقاً، لكن تتميز أنهار إثيوبيا التي تجري صوب الغرب بانحدارها الشاهق؛ فالنيل الأزرق ينحدر 1786 متراً عن مجراه الذي يبلغ 900 كم، وهذا الانحدار الشاهق لتلك الأنهار يجعل من إثيوبيا بلداً ضعيفاً جغرافياً في التحكم في جريان النهر[7].

وقد سعت مصر إلى تنظيم علاقتها بدول حوض النيل بالاتفاق على الأسلوب الأمثل لاستغلال مياه نهر النيل بما يعود بالنفع على كل دول الحوض مع الحفاظ على ما أسمته مصر “حقها التاريخي في مياه نهر النيل”. ونجحت مصر في عقد العديد من الاتفاقيات سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي، وذلك على النحو التالي، عبر العديد من المراحل التاريخية، بداية من توقيع بروتوكول روما 1891 إلى اتفاق المبادئ الثلاثي 2015، وذلك على النحو التالي:

1ـ الاتفاقيات الثنائية بين مصر وإثيوبيا:

هناك عدة اتفاقيات تنظم العلاقة بين مصر وإثيوبيا والتي يرد من هضبتها 85% من مجموع نصيب مصر من مياه النيل:

(أ) بروتوكول روما (15 إبريل 1891): بين كل من بريطانيا وإيطاليا التي كانت تحتل إريتريا في ذلك الوقت بشأن تحديد مناطق نفوذ كل من الدولتين في أفريقيا الشرقية، وتعهدت إيطاليا في المادة الثالثة من الاتفاقية بعدم إقامة أية منشآت لأغراض الري على نهر عطبرة يمكن أن تؤثر على تصرفات النيل.

(ب) اتفاقية أديس أبابا (15 مايو 1902): بين بريطانيا وإثيوبيا، وتعهد فيها الإمبراطور منيليك الثاني ملك إثيوبيا بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل إلا بموافقة الحكومة البريطانية والحكومة السودانية مقدماً.

(ج) اتفاقية لندن (13 ديسمبر 1906): بين كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وينص البند الرابع منها على أن تعمل هذه الدول معاً على تأمين دخول مياه النيل الأزرق وروافده إلى مصر.

(د) اتفاقية روما 1925: وهى عبارة عن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا في 1925، وتعترف فيها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما، وتتعهد بعدم إجراء أي إشغالات عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي[8].

(هـ) إطار التعاون: الذي تم توقيعه في القاهرة في الأول من يوليو 1993 بين كل من الرئيس المصري محمد حسنى مبارك ورئيس الوزراء الإثيوبى ميليس زيناوى، وكان لهذا الإطار دور كبير في تحسين العلاقات المصرية الإثيوبية، حيث تضمن النص على عدم قيام أى من الدولتين بعمل أبى نشاط يتعلق بمياه النيل قد يسبب ضرراً بمصالح الدولة الأخرى، وضرورة الحفاظ على مياه النيل وحمايتها، واحترام القوانين الدولية، والتشاور والتعاون بين الدولتين بغرض إقامة مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقليل الفواقد [9].

(و) إعلان مالابو 2014: جاء توقيعه على هامش القمة الافريقية في غينيا الاستوائية في 28 يونيو 2014، وتتمثل الاهمية الرئيسية لهذا الاعلان في أنه أعاد الازمة الى حيز التفاوض مرة أخرى، بين عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلى مريام ديسالين، وصدر الاعلان على هيئة بيان مشترك، ونص على أن الطرفين قد قررا تشكيل لجنة عليا تحت اشرافهما المباشر لتناول كل جوانب العلاقات الثنائية والإقليمية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، كما أكد الطرفان محورية نهر النيل كمورد أساسي لحياة الشعب المصري ووجوده، وكذلك باستخداماتهما المائية.

ونص الإعلان على عدد من المبادئ[10]، منها: احترام مبادئ الحوار والتعاون كأساس لتحقيق المكاسب المشتركة وتجنب الاضرار ببعضهم البعض، وأولوية اقامة مشروعات اقليمية لتنمية الموارد المائية لسد الطلب المتزايد على المياه ومواجهة النقص، واحترام مبادئ القانون الدولي، والاستئناف الفوري لعمل اللجنة الثلاثية حول سد النهضة بهدف تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام نتائج الدراسات المزمع اجراؤها خلال مختلف مراحل مشروع السد، والتزام الحكومة الاثيوبية بتجنب أي ضرر محتمل من سد النهضة على استخدامات مصر من المياه، والتزام الحكومة المصرية بالحوار البناء مع اثيوبيا والذي يأخذ احتياجاتها التنموية وتطلعات شعب اثيوبيا في الحسبان، والتزام الدولتين بالعمل في إطار اللجنة الثلاثية بحسن النية وفى إطار التوافق.

(2) اتفاقيات دول الهضبة الاستوائية:

تعد الهضبة الاستوائية المصدر الثاني لمياه النيل حيث يصل 15% من مياهها إلى مياه النيل، وتضم ستة دول هى: كينيا، تنزانيا، أوغندا، الكونغو الديمقراطية، رواندا وبوروندي، وتنظم العلاقة المائية بينهم وبين مصر عدد من الاتفاقيات أهمها:

(أ) اتفاقية لندن (مايو 1906): بين كل من بريطانيا والكونغو، وهي تعديل لاتفاقية كان قد سبق ووقعت بين ذات الطرفين في 12 مايو 1894، وينص البند الثالث منها على أن تتعهد حكومة الكونغو بألا تقيم أو تسمح بقيام أي إشغالات على نهر السمليكى أو نهر أسانجو أو بجوارهما يكون من شأنها خفض حجم المياه التي تتدفق في بحيرة ألبرت ما لم يتم الاتفاق مع حكومة السودان.

(ب) اتفاقية 1929: وهى عبارة عن خطابين متبادلين بين كل من رئيس الوزراء المصري آنذاك محمد محمود وبين المندوب السامى البريطانى لويد)، وكلا الخطابين موقعين بتاريخ 7 مايو 1929 ومرفق بهما تقرير للجنة المياه الذى سبق إعداده في عام 1925. ويعتبر هذا التقرير جزءاً من هذه الاتفاقية، وكان توقيع بريطانيا على هذه الاتفاقية نيابة عن كل من السودان وأوغندا وتنجانيقا (تنزانيا حالياً) وجميعها دول كانت تحتلها بريطانيا آنذاك[11].

(ج) اتفاقية لندن (23 نوفمبر 1934): بين كل من بريطانيا نيابة عن تنجانيقا، تنزانيا حالياً، وبين بلجيكا نيابة عن رواندا وأوروندى (رواندا وبوروندى حالياً)، وتتعلق باستخدام كلا الدولتين لنهر كاجيرا.

(د) اتفاقية 1953: بين مصر وبريطانيا (نيابة عن أوغندا): بخصوص إنشاء خزان أوين عند مخرج بحيرة فيكتوريا، وهى عبارة عن مجموعة من الخطابات المتبادلة خلال عامي 1949 و1953 بين الحكومتين المصرية والبريطانية. ومن أهم نقاط تلك الاتفاقية: أشارت الاتفاقيات المتبادلة إلى اتفاقية 1929 وتعهدت بالالتزام بها ونصت على أن الاتفاق على بناء خزان أوين سيتم وفقاً لروح اتفاقية 1929، كما تعهدت بريطانيا في تلك الاتفاقية نيابة عن أوغندا بأن إنشاء وتشغيل محطة توليد الكهرباء لن يكون من شأنها خفض كمية المياه التي تصل إلى مصر أو تعديل تاريخ وصولها إليها أو تخفيض منسوبها بما يسبب أي إضرار بمصلحة مصر.

(هـ) اتفاقية 1991: بين مصر وأوغندا التي وقعها الرئيس مبارك والرئيس الأوغندي موسيفينى، وفيها أكدت أوغندا احترامها لما ورد في اتفاقية 1953 التي وقعتها بريطانيا نيابة عنها وهو ما يعد اعترافاً ضمنياً باتفاقية 1929، كما نصت الاتفاقية على أن السياسة التنظيمية المائية لبحيرة فيكتوريا يجب أن تناقش وتراجع بين كل من مصر وأوغندا داخل الحدود الآمنة بما لا يؤثر على احتياجات مصر المائية.

(3) الاتفاقيات الثنائية المصرية ـ السودانية:

توجد اتفاقيتان لتنظيم العلاقة المائية بين مصر والسودان وهما:

(أ) اتفاقية 1929: تنظم تلك الاتفاقية العلاقة المائية بين مصر ودول الهضبة الاستوائية، كما تضمنت بنوداً تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان، من بينها[12]:

ـ إن الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التي يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية في تلك المياه.

ـ توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق.

ـ ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال رى أو توليد قوى أو أى إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذى يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.

ـ تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية.  

(ب) اتفاقية 1959: وقعت بالقاهرة في نوفمبر 1959 بين مصر والسودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة في إنشاء السد العالى ومشروعات أعالى النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان [13].

(4) آليات التعاون بين دول حوض النيل:

نظراً للمستجدات والتحولات التي شهدتها دول حوض النيل في مرحلة ما بعد الاستقلال أو الانفصال، فقد اتجهت إلى توفير آليات جديدة للتعاون الإقليمى فيما بينها، ووضع أطر مؤسسية بجانب الأطر القانونية التي وفرتها الاتفاقيات الثنائية والجماعية الموقعة بينها، وقد بدأت بالفعل هذه الآليات منذ الستينيات من القرن العشرين على النحو التالى:

1ـ هيئة مياه النيل: تم إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان تحت مظلة اتفاقية 1959، تعمل على دراسة وإنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر، وكان أهم دراساتها أربعة مشروعات تقع جميعها داخل حدود السودان وتوفر 18 مليار متر مكعب سنوياً بعد انتهائها. تمثلت هذه المشروعات في: مرحلة أولى من مشروع قناة جونجلى، مرحلة ثانية من مشروع قناة جونجلى، مشروع مشار، ومشروع بحر الغزال. وتضم هيئة مياه النيل لجنة فنية تجمع خبراء من مصر والسودان، وتجتمع دورياً لحل أى مشاكل تعترض تنفيذ اتفاقية 1959.

2ـ مشروع الهيدروميت: ويعنى بدراسة الأرصاد الجوية والمائية لحوض البحيرات الاستوائية، وقد انطلق هذا المشروع عام 1967 بمشاركة خمس دول فقط من دول الحوض العشر وهى مصر وكينيا وتنزانيا وأوغندا والسودان، وانضمت إليه بعد ذلك رواندا وبوروندى والكونغو الديمقراطية، ثم انضمت إثيوبيا بصفة مراقب. وبمقتضى هذا الاتفاق أقيمت محطات رصد في مجمعات الأمطار الرئيسية – بحيرات فيكتوريا وكيوجا وألبرت  وقد حظى بتمويل دولى من العديد من الدول المانحة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى ومنظمة الأرصاد العالمية، وقد تم هذا المشروع على ثلاثة مراحل: الأولى من 1967 وحتى 1972 بتمويل من برنامج الأمم المتحدة، والثانية من 1976 وحتى 1980 بتمويل من برنامج الأمم المتحدة، والثالثة من 1981وحتى 1992 بدعم من الدول المتشاطئة[14].

3ـ تجمع الأندوجو:  وهو تجمع إقليمي للدول المطلة على نهر النيل، يهتم بتنظيم الاستفادة من مياه النيل وتحقيق المصالح المشتركة بين دول الحوض في مياهه. وكانت مصر صاحبة فكرة إنشائه بتأييد من زائير والسودان، ويضم أغلب دول حوض النيل في منطقة شرق ووسط أفريقيا، وقد أعلن عن إنشائه أثناء انعقاد المؤتمر الوزارى الأول لدول حوض النيل في الخرطوم في نوفمبر 1983، وكانت أهداف التجمع: التشاور والتنسيق في المواقف بين دول المجموعة تجاه القضايا الإقليمية، ودعم التعاون بين دول المجموعة في مجال التنمية، وتبادل الخبرات في كافة المجالات بهدف دعم التعاون الإقليمى، على أن تنعقد اجتماعات الأندوجو في إطار التعاون الإقليمى الوارد طبقاً لخطة عمل لاجوس الاقتصادية الصادرة في 1980، سعياً نحو دعم التكامل الاقتصادى بين الدول الأعضاء في الاتفاقية[15].

غير أن هذا التجمع صادفته كثير من العقبات التي حالت دون تحقيق أهدافه ومن أهم تلك العقبات: نقص التمويل الكافى لتمويل مشروعاته، والتنافس الدائم بين إثيوبيا والسودان على استضافة لجنة المتابعة الدائمة.

4ـ تجمع التيكونيل: وهو تجمع للتعاون الفنى بين دول حوض النيل للتنمية وحماية البيئة، وقد أنشئ هذا التجمع في ديسمبر 1992 بمشاركة ست دول كأعضاء عاملين (هي: مصر، السودان، تنزانيا، أوغندا، رواندا، الكونغو الديمقراطية). وحصلت باقى الدول على صفة مراقب، واستمر مشروع التيكونيل خلال الفترة من 1992 وحتى 1998، بخطة شاملة تضمنت 22 مشروعاً من أهمها مشروع إعداد إطار للتعاون الإقليمى القانونى والمؤسسى بين دول حوض النيل الذى شكلت له لجنة فنية قانونية تضم ممثلين من دول حوض النيل تجتمع بشكل دورى عدة مرات كل عام، وقد تحولت تلك اللجنة عام 2002 إلى لجنة تفاوضية مشتركة[16].

5ـ مبادرة حوض النيل: تأسست عام 1999، بهدف وضع استراتيجية للتعاون بين الدول النيلية، ورفعت المبادرة شعار تحسين معدلات التنمية الاقتصادية ومحاربة الفقر. ولأول مرة انضمت كافة دول حوض النيل إلى آلية من آليات التعاون بينهم بصفة أعضاء عاملين باستثناء إريتريا التي اكتفت بصفة مراقب[17].

وقد بدأت محاولات الوصول إلي صيغة مشتركة للتعاون بين دول حوض النيل في 1993 من خلال إنشاء أجندة عمل مشتركة لهذه الدول للاستفادة من الإمكانيات التي يوفرها حوض النيل. في 1995 طلب مجلس وزراء مياه دول حوض النيل من البنك الدولي الإسهام في الأنشطة المقترحة، وأصبح البنك الدولي، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي والهيئة الكندية للتنمية الدولية شركاء لتفعيل التعاون ووضع آليات العمل بين دول حوض النيل[18].

وفي 1997 قامت دول حوض النيل بإنشاء منتدى للحوار من أجل الوصول لأفضل آلية مشتركة للتعاون فيما بينهم، وفي 1998 تم الاجتماع بين الدول المعنية (باستثناء إريتريا في هذا الوقت) على أجل إنشاء الآلية المشتركة فيما بينهم. وفي فبراير 1999 تم التوقيع علي هذه الاتفاقية بالأحرف الأولي في تنزانيا من جانب ممثلي هذه الدول، وتم تفعيلها لاحقا في مايو من نفس العام، وسميت باسم: “مبادرة حوض النيل”[19].

واتفقت دول حوض النيل في اجتماعها الوزارى في أديس أبابا على ضرورة عقد اجتماعات وطنية بكل دولة من دول الحوض للتعريف بأهمية مبادرة آلية “نهر النيل الجديدة”، ومدى تقدم المشروعات الجارى العمل بها لصالح شعوبها، وشرح الفائدة التي ستعود على كل شعب، كما اتفق وزراء دول حوض النيل الشرقى مصر والسودان وإثيوبيا اتفقوا على طرح مشروع حماية التربة والهضبة الحبشية من الانجراف على المكاتب الاستشارية، ووضع الدراسات والشروط المرجعية لمشروعى الربط الكهربى بين الدول الثلاث وتنمية المصادر المائية.

6ـ المكتب الفنى الإقليمى للنيل الشرقى (الإنترو): هو مكتب إقليمى تم تأسيسه في مارس 2001 بالاتفاق بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا، مقره أديس أبابا بهدف بحث المشروعات المائية المشتركة والتى تم تجميعها في {برنامج العمل لحوض النيل الشرقى[20].

وفي إطار هذه الاتفاقيات وتلك المشروعات التي تم الاعلان عنها يمكن الوقوف على عدد من الملاحظات حول الضوابط الحاكمة للعلاقات بين دول حوض النيل قبل 2010:

(1) إن بعض هذه المعاهدات تناولت الوضع الإقليمي والجغرافي للدول المتعاقدة. وتشكلت على ما انتهى إليه الفقه والقضاء الدوليان، وبالتالي تُمثل قيدًا أو التزامًا على عاتق الدولة وعلى إقليمها، ولا يؤدي انتقال السيادة على الإقليم إلى التحلل منه. وهو ما أكدته المادتان الحادية، والثانية عشرة من اتفاقية فيينا بشأن التواصل الدولي في مجال المعاهدات أخذًا بنظرية الاتفاقات الموضوعية الممتدة، حيث قررت المادة الحادية عشرة أنه لا تؤثر خلافات الدول في حد ذاتها على الحدود المقررة بمعاهدة، والالتزامات والحقوق المقررة بمعاهدة، والمتعلقة بنظام الحدود[21].

أما المادة الثانية عشرة فقد نصت على أنه:

(أ) لا تؤثر خلافة الدول في حد ذاتها على الالتزامات المتصلة باستخدام أي إقليم، أو بقيود على استخدامه، والمقررة بمعاهدة لصالح أي إقليم لدولة أجنبية والمعتبرة لصيقة بالإقليمين المعنيّين، الحقوق المقررة بمعاهدة لصالح أي إقليم والمتعلقة باستخدام أي إقليم لدولة أجنبية أو بقيود على استخدامه، والمعتبرة لصيقة بالإقليمين المعنيّين.

(ب) لا تؤثر خلافة دولة ما في حد ذاتها على الالتزامات المتصلة باستخدام أي إقليم، أو بقيود على استخدامه، والمقررة بمعاهدة لصالح مجموعة دول أو لصالح جميع الدول، والمعتبرة لصيقة لذلك الإقليم، والحقوق المقررة بمعاهدة لصالح مجموعة دول أو لصالح جميع الدول، والمعتبرة لصيقة بذلك الإقليم.

(ج) إن نص هذه المادة لا يطبق على الالتزامات التعاهدية التي تنص على إقامة قواعد عسكرية أجنبية في الإقليم موضوع التوارث بين الدول، وتتعلق نصوص هذه المادة بالاتفاقات الدولية، أي الالتزامات الإقليمية التي تجد أساسها في العرف، أو الاتفاق، وتتحملها دولة الإقليم لصالح دولة، أو مجموعة من الدول الأخرى.

(2) كانت الدول الموقّعة على هذه المعاهدات في حالات كثيرة دولا أوربية من أصحاب المستعمرات، وقعت تلك المعاهدات باسم الدولة أو الإقليم الأفريقي الخاضع لحكمها، ومع ذلك فإن القانون الدولي يعترف بسريان مفعول هذه المعاهدات وفقًا لقواعد قانون التوارث بين الدول. لا سيما وأن هذه المعاهدات لم تأتِ بمبادئ قانونية جديدة على خلاف القواعد العامة الحاكمة للنظام القانوني للأنهار الدولية، وإنما أكدت المبادئ التي سبق للفقه والعرف الدوليين قبولها، كمبدأ الاعتراف بالحقوق الدولية المكتسبة، ومبدأ وجوب التعاون والتشاور والإخطار.

(3) تكشف العديد من هذه الاتفاقات عن التزام دول حوض النيل من الناحية القانونية بمنح الأولوية المطلقة للحقوق التاريخية والاقتسام السابق للمياه[22].

أقرأ أيضاً: سد النهضة ــ سؤال الحرب والتفاوض

المطلب الثاني: تطورات قضية المياه وأزمة سد النهضة 2010 ـ 2020

شهدت السنوات العشر الماضية (2010 ـ 2020) حدثين فارقين في تطورات قضية المياه بين دول حوض النيل، الأول اتفاق عنتيبي الإطاري 2010، واتفاق المبادئ الثلاثي 2015:

(1) اتفاق عنتيبي 2010:

فى 14 مايو 2010، وقعت أربعة من دول حوض نهر النيل (إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا)، في مدينة عنتيبي الأوغندية على اتفاقية إطارية في غياب دولتي المصب مصر والسودان، وأعلنت وزيرة المياه الأوغندية أن الاتفاقية الجديدة تضمن “تقاسما أكثر عدالة” لمياه أكبر نهر في أفريقيا، وأن الدول التي على استعداد للانضمام إلى الاتفاقية ستمنح مهلة سنة. وأن بنود الاتفاقية “لن تتغير”، معربة عن الأسف لرغبة مصر والسودان في الإبقاء على الوضع القائم. وقالت إن البلدين “سيتأكدان من صدقنا وجديتنا وأننا نبقي في أذهاننا أنه ينبغي ألا نواجه” هاتين الدولتين[23].

ومن جانبه، حذر مسؤول بوزارة المياه والري الكينية، من خطر الفوضى إذا لم يتم التوصل لاتفاق، ثم أعلنت كينيا توقيعها على الاتفاقية. لتصبح الدول الخامسة من دول الحوض التي توقع على الاتفاقية[24].

وبعد توقيع كينيا، شن رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي هجوما حادا على مصر، منتقدا موقفها الرافض لإعادة توزيع حصص المياه، قائلا: “مصر مازالت تسيطر عليها أفكار بالية وهي أنها تمتلك مياه النيل وهي من تحدد وحدها الحصص بين دول حوض النيل “. وشدد على أن مصر ليس من حقها منع إثيوبيا من إقامة سدود على نهر النيل، وزعم أن السودان ليس المشكلة وإنما مصر هي المشكلة فقط [25].

وقد كان لهذا التوقيع، وتلك التصريحات العديد من الدلالات، من بينها:

  • محاولة فرض أمر واقع جديد علي مصر‏، وذلك بمحاولة وضع نهاية للمفاوضات‏، وفرض رؤية خاصة تتجاوز المصالح المصرية‏.‏
  • معادلة التفاوض التي حكمت المسار التفاوضي‏، والتي ثبت عدم فاعليتها في تجاوز العقبات‏.‏ فقد استندت هذه المعادلة إلي رؤية مصرية سودانية تقوم علي الحقوق التاريخية المكتسبة مع تصور تنموي يساهم في زيادة كميات المياه بالقدر الذي يلبي احتياجات الجميع من المياه‏، في المقابل استندت دول المنبع إلي أبعاد سياسية تتعلق بمفهومها للسيادة الوطنية ومفهوم مختلف للتنمية في الحوض لا يرتبط بالتعاون مع مصر بشكل رئيسي‏.‏
  • حالة الترقب التي منعت باقي دول المنبع ‏(‏بوروندي‏، الكونغو الديمقراطية‏)‏ من التوقيع علي الاتفاقية حتي الآن‏، في انتظار رد الفعل المصري‏.
  • مؤشر الخطر علي مستقبل التعاون الجماعي في الحوض والذي ارتبط بمحاولة تسويق رؤية الدول الموقعة‏، بأنها تمتلك من موازين القوي والأوراق التي تمكنها من الاستغناء عن التعاون مع مصر‏، وبالتالي طرحت مهلة زمنية تمتد عاما للتوقيع ‏(‏ تنتهي في مايو‏2011)، أو الخروج من المبادرة‏، بما يعني عدم قابلية الإطار الموقع للتغيير‏.‏

وتنطوي هذه الدلالات على محاولة تخلص دول المنبع من القيد المصري علي مشاريعها ورؤيتها مع الاحتفاظ بورقة الجهات المانحة والراعية للمبادرة‏، والسعي نحو معادلة صفرية من جانب دول المنبع حيث تحصل علي كل شئ‏، ومصر والسودان لا تحصلان علي شئ”[26].

وفي المقابل نظمت مصر اجتماعات الإسكندرية، يوليو 2009، ثم شرم الشيخ (أبريل 2010) لبحث ما يمكن عمله للتوفيق بين دولتي الحوض (مصر والسودان) ودول المنابع، ضمن اتفاق الإطار الذي نظمته اتفاقية 1929، والتى نظمت العلاقة على أساس ما تملكه كل دولة أو إقليم من أراض زراعية. وقد حاججت مصر بالإصرار على اتفاقية الإطار، باعتبارها اتفاقية دولية نافذة، العمل على إقامة علاقات طيبة وتعاونية مع دول منابع النيل، لكن انتهت اجتماع شرم الشيخ إلى وقوف مصر والسودان معا في جانب، وسائر دول النيل في الجانب الآخر.

فقد كانت الدولتان مستعدتين لقبول بعض التعديلات في الاتفاقية بما يراعي حصص الدول الجديدة ومشروعاتها، كما أن مصر كانت مستعدة لزيادة المساعدات والمشروعات التنموية، لكن هذه الدول أصرت على نقض اتفاقية 1929، وإعادة توزيع الحصص على أساسين: نسبة مساهمة كل دولة في مياه النيل، وتطورات الأراضي والموارد والحاجة للمياه في السنوات الخمسين الأخيرة.

(2) إعلان مبادئ سد النهضة 2015:

تم التوقيع عليه في 23 مارس 2015، بين رؤساء كل من جمهورية مصر العربية وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية وجمهورية السودان[27])، والذي نص في ديباجته على أنه: “تقديرا للاحتياج المتزايد لجمهورية مصر العربية، وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديموقراطية، وجمهورية السودان لمواردهم المائية العابرة للحدود؛ وإدراكا لأهمية نهر النيل كمصدر الحياة ومصدر حيوي لتنمية شعوب مصر وإثيوبيا والسودان؛ ألزمت الدول الثلاث أنفسها بالمبادئ التالية بشأن سد النهضة”.

المادة الأولى: “التعاون على أساس التفاهم المشترك، المنفعة المشتركة، حسن النوايا، المكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي. التعاون في تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها”[28].

المادة الثانية: “الغرض من سد النهضة هو توليد الطاقة، المساهمة في التنمية الاقتصادية، الترويج للتعاون عبر الحدود والتكامل الإقليمي من خلال توليد طاقة نظيفة ومستدامة يعتمد عليها”.

المادة الثالثة: “سوف تتخذ الدول الثلاث كافة الإجراءات المناسبة لتجنيب التسبب في ضرر ذي شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق / النهر الرئيسي”. “وفي حالة حدوث ضرر ذي شأن لإحدى الدول، فإن الدولة المتسببة في إحداث هذا الضرر عليها، في غياب اتفاق حول هذا الفعل، اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسباً”[29].

المادة الرابعة: “سوف تستخدم الدول الثلاث مواردها المائية المشتركة في أقاليمها بأسلوب منصف ومناسب، ولضمان استخدامهم المنصف والمناسب، سوف تأخذ الدول الثلاث في الاعتبار كافة العناصر الاسترشادية ذات الصلة الواردة أدناه، وليس على سبيل الحصر: (أ) العناصر الجغرافية، والجغرافية المائية، والمناخية، والبيئية وباقي العناصر ذات الصفة الطبيعية. (ب) الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لدول الحوض المعنية. (ج) السكان الذين يعتمدون على الموارد المائية في كل دولة من دول الحوض. (د) تأثيرات استخدام أو استخدامات الموارد المائية في إحدى دول الحوض على دول الحوض الأخرى. (هـ) الاستخدامات الحالية والمحتملة للموارد المائية. (و) عوامل الحفاظ والحماية والتنمية واقتصاديات استخدام الموارد المائية، وتكلفة الإجراءات المتخذة في هذا الشأن. (ز) مدى توفر البدائل، ذات القيمة المقارنة، لاستخدام مخطط أو محدد. (ح) مدى مساهمة كل دولة من دول الحوض في نظام نهر النيل. (ط) امتداد ونسبة مساحة الحوض داخل إقليم كل دولة من دول الحوض”.  

وتعليقاً على هذه المادة يرى د. إبراهيم المفتي “إن توفر البدائل في الفقرة (ز)، لم يترك على إطلاقه، كما هو معهود، وإنما هو فقط في حالة وجود استخدام “مخطط أو محدد”، بما يعني ألا يؤخذ الهطول المطري في إثيوبيا في الاعتبار، إلا إذا كان له استخدام “مخطط ومحدد”، كما لم يعتبر الهطول المطري عنصرا، علما بأن الهضبة الإثيوبية يهطل عليها سنويا ما لا يقل عن 600 مليار متر مكعب من المياه، في حين أن ما ينساب منها، إلى السودان ومصر سنويا حوالي 84 مليارا فقط.

كذلك لم تُدرج الاستخدامات السابقة، فقط “الحالية والمحتملة”، على الرغم من أن ذلك هو أهم عنصر، وقد أخذت إثيوبيا بذلك، موافقة السودان ومصر الصريحة، على عدم اعتراف إثيوبيا بالاتفاقيات السابقة، خاصة اتفاقية 1902، التي أخذت إثيوبيا بموجبها أرض بني شنقول السودانية، في مقابل التزامها بعدم تشييد منشآت مائية، إلا بموافقة حكومة السودان[30].

المادة الخامسة: “احترام توصيات لجنه الخبراء الدولية، واحترام المخرجات النهائية للتقرير الختامي للجنة الثلاثية للخبراء حول الدراسات الموصى بها في التقرير النهائي للجنة الخبراء الدولية خلال المراحل المختلفة للمشروع، وتستخدم الدول الثلاث بروح التعاون المخرجات النهائية للدراسات المشتركة الموصي بها في تقرير لجنة الخبراء الدولية والمتفق عليها من جانب اللجنة الثلاثية للخبراء، بغرض الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتي ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة، بالتوازي مع عملية بناء السد، والاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي لسد النهضة، والتي يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر، وإخطار دولتي المصب بأي ظروف غير منظورة أو طارئه تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد.

ولضمان استمرارية التعاون والتنسيق حول تشغيل سد النهضة مع خزانات دولتي المصب، سوف تنشئ الدول الثلاث، من خلال الوزارات المعنية بالمياه، آلية تنسيقية مناسبة فيما بينهم، والإطار الزمني لتنفيذ العملية المشار إليها أعلاه سوف يستغرق خمسة عشر شهرا منذ بداية إعداد الدراستين الموصي بهما من جانب لجنة الخبراء الدولية”.

ووفقاً لهذا النص فقد أخضعت المخرجات النهائية لدراسات لجنة الخبراء الدولية، إلى موافقة اللجنة الثلاثية، وذلك يعني إعطاء إثيوبيا حق الفيتو على تلك الدراسات، وتستمر اللجان في دراساتها “بالتوازي مع عملية بناء السد”، وذلك يعني موافقة السودان ومصر، غير المشروطة، على تشييد السد، كما يعني تقنيين كل عمليات التشييد السابقة غير القانونية، لأنه لم يسبقها إخطار مسبق ” Prior Notification”. إضافة إلى ذلك، فإنه يعني عدم أخذ مخرجات الدراسات في الاعتبار، أثناء تشييد السد، حيث يجوز لمالك السد ضبط الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي للسد، “من وقت لآخر”، وذلك يعني أنها غير ملزمة له[31].

ونصت المادة السادسة على: “سيتم إعطاء دول المصب الأولوية في شراء الطاقة المولدة من سد النهضة”، كما نصت المادة السابعة على: “سوف توفر كل من مصر وإثيوبيا والسودان البيانات والمعلومات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنيين، وذلك بروح حسن النية وفي التوقيت الملائم”، بينما نصت المادة الثامنة على: “تقدر الدول الثلاث الجهود التي بذلتها إثيوبيا حتى الآن لتنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية المتعلقة بأمان السد. وسوف تستكمل إثيوبيا، بحسن نية، التنفيذ الكامل للتوصيات الخاصة بأمان السد الواردة في تقرير لجنة الخبراء الدولية”[32].

المادة التاسعة: “سوف تتعاون الدول الثلاث على أساس السيادة المتساوية، وحدة إقليم الدولة، المنفعة المشتركة وحسن النوايا، بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل والحماية المناسبة للنهر”.

إلا أن النص على أن يكون التعاون على أساس “السيادة المتساوية”، غير قانوني لأن الموارد المائية المشتركة لا تخضع لسيادة أي دولة، ولقد تخلى القانون الدولي عن نظرية السيادة في مجال الموارد المائية المشتركة،  كما تخلى عن نظرية  “اقتسام المياه”، واستبدلهما بنظرية “الاستخدام المنصف والمعقول”. كما أن النص كذلك على “الاستخدام الأمثل”، غير قانوني، لأن المطلوب هو “الاستخدام المنصف والمعقول”.

ووفقاً للدكتور المفتي، حرصت إثيوبيا على تلك العبارة دون أن يفطن السودان ومصر لخطورتها، لأن استخدامات المياه لتوليد الكهرباء، وهو ما ترغب فيه إثيوبيا، يستوفي متطلبات أن يكون استخداما “أمثل” في كل الأحوال، ولكن استخدامات المزارع السوداني والمصري للري السطحي، ليس استخداما “أمثل”، وبذلك النص يكون لإثيوبيا الحق في الاعتراض على استخدامات المزارعين في السودان ومصر، حتي للمياه التي تجود عليهم بها إثيوبيا[33].

المادة العاشرة: “تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقا لمبدأ حسن النوايا. إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول / رئيس الحكومة”.

والنص على أنه يجوز للدول الثلاث “مجتمعين” فقط، طلب التوفيق أو الوساطة، نص غير قانوني، لأنه يعطي إثيوبيا الحق في فرض وجهة نظرها على السودان ومصر، وهذا هو الذي حدث فعلياً، بعد قبول الجانب الإثيوبي بالوساطة الأميركية، وتعددت جولات التفاوض برعاية الولايات المتحدة، في ديسبمر 2019 ويناير وفبراير 2020، والتي نجحت خلالها إثيوبيا في تحقيق أهدافها الأساسية التي سعت إليها من العملية التفاوضية[34].

المطلب الثالث: تداعيات الأزمة على الأمن القومي المصري

تعددت الدراسات والأوراق العلمية التي تناولت الآثار التدميرية للسدود التي يتم بناؤها على منابع نهر النيل، ومن ضمن تلك الآثار أن مصر سوف تعانى من عجز في إيراد النهر بمتوسط سنوي مقداره 9 مليار متر مكعب، وسيزداد العجز المائي الى 16 مليار متر مكعب سنويا مع التغيرات المناخية، وستخسر مصر ما لا يقل عن 2 مليون فدان من الأراضي الزراعية، كما سيترتب على انشاء السدود انخفاض من انتاج الكهرباء من السد العالي وخزان اسوان بمقدار 20%[35].

وفي عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، قدم 12 من خبراء المياه والوزراء السابقين دراسة أعدتها “مجموعة حوض النيل بكلية الهندسة جامعة القاهرة، حول مخاطر سد النهضة على مصر والسودان وآثاره التي يصعب احتواؤها أو التعايش معها، من بين هذه الآثار[36]:

  • السدود الإثيوبية الأربعة المقترحة على النيل الأزرق تهدف إلى التحكم الكامل في مياه النيل الأزرق، وهو الرافد الرئيس لمياه النيل، وبالتالي؛ التحكم في حصة مصر المائية وإلغاء (أو على أقل تقدير “تقزيم”) دور السد العالي في تأمين مستقبل مصر المائي.
  • سد النهضة وحده بتصميمه الحالي بسعة 74 مليار متر مكعب ستكون له آثار سلبية عنيفة على حصة مصر المائية وعلى إنتاج الكهرباء من السد العالي وخزان أسوان، وذلك أثناء فترات ملء الخزان وأثناء تشغيله، وتزداد حدة هذه الآثار السلبية خلال فترات الجفاف؛ حيث تتعارض مصالح إمداد مصر والسودان بالمياه الكافية مع تعظيم إنتاج الطاقة من سد النهضة.
  • تقليل الحصة المائية المصرية سيؤدي إلى بوار مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، وتشريد ملايين الأسر، وزيادة في تلوث المسطحات المائية، ومشاكل في إمدادات مياه الشرب، والصناعة ومشاكل في النقل النهري والسياحة النيلية ويشكل تهديدًا للمزارع السمكية.
  • انهيار السد سيؤدي إلى نتائج كارثية تحل بالسودان ومصر، تشمل انهيار سدود وغرق العديد من المدن الكبرى والقرى، وتعرض ملايين الأرواح إلى مخاطر الموت والتشريد[37].

وفي مبادرة طرحها في نهاية العام 2019، ذكر العالم المصري د. عصام حجي 5 سيناريوهات أساسية لما يمكن أن تتعرض له مصر من أضرار ومخاطر استراتيجية ليس فقط على حجم حصتها من الموارد المائية، المقررة وفقاً للاتفاقيات الدولية، ولكن كذلك على مساحة أراضيها الزراعية، وذلك استناداً إلى معيار سنوات ملء خزان سد النهضة[38]:

السيناريو الأول: الملء في 21 عاماً:

سد النهضة وقضية المياه والأمن القومي المصري-2

السيناريو الثاني: الملء في 10 سنوات:

السيناريو الثاني

السيناريو الثالث: الملء في 7 سنوات:

سد النهضة وقضية المياه والأمن القومي المصري-4

السيناريو الرابع: الملء في 5 سنوات

السيناريو الرابع

السيناريو الخامس: الملء في 3 سنوات

سد النهضة وقضية المياه والأمن القومي المصري-6

ويوضح الجدول التالي، المقارنة بين هذه السيناريوهات الخمسة:

عدد سنوات ملء الخزان

خسارة مصر من موازنتها المائية

خسارة مصر من مساحتها الزراعية

الكمية

النسبة

المساحة

النسبة

21 عاماً

3 مليارات م 3

5%

250 ألف فدان

2.5%

10 سنوات

8 مليارات م 3

14%

2 مليون فدان

18%

7 سنوات

12 مليار م 3

22%

3 مليون فدان

30%

5 سنوات

20 مليار م 3

36%

5 مليون فدان

50%

3 سنوات

27 مليار م3

50%

6.75 مليون فدان

67%

الجدول من تصميم الباحث.

كما تضمنت المبادرة، أخطار هذه السيناريوهات على معدلات البطالة في مصر، وخاصة بين الفلاحين الذين سينال الخطر من أراضيهم الزراعية، ففي سيناريو السنوات العشر، ستزيد البطالة بنسبة 17%، وفي سيناريو السنوات السبع ستزيد البطالة بنسبة 20%، وفي سيناريو السنوات الخمس ستزيد البطالة بنسبة 27%، وفي سيناريو السنوات الثلاث ستزيد البطالة بنسبة 34، الأمر الذي سيترتب عليه العديد من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية مثل ارتفاع معدلات الجريمة وزيادة معدلات النزوح الداخلي والهجرات غير النظامية[39].

المطلب الرابع: المسارات المحتملة لإدارة الأزمة

فى إطار الاحتمالات المستقبلية للإدارة المصرية لقضية المياه، تبرز عدة احتمالات، أبرزها:

السيناريو الأول: العمل العسكري:

ويقوم على لجوء مصر إلى عملية عسكرية تستهدف الدول التي تهد مصالحها المائية، أو توجه للسدود التي أنشأتها هذه الدول، في ظل عقد المقارنات بين القدرات العسكرية لدول حوض النيل، والتفوق المصري في هذا المجال[40]. كما أن التوترات الداخلية التي تعاني منها دول حوض النيل، يُمكن أن تُشكل عاملاً يدفع النظام المصري للقيام بعملية عسكرية ولو محدودة لإثبات قدراته الردعية حيال التهديدات، وخاصة تجاه إثيوبيا.

إلا أنه يمكن القول أن هذا الاحتمال غير وارد على الإطلاق، في ظل طبيعة توجهات السياسة الخارجية المصرية في المرحلة الراهنة، والتي ما زالت تعاني من أزمة شرعية، كون النظام الحالي جاء بانقلاب عسكري في 2013، ومصر ذاتها تعاني من حالة عدم استقرار سياسي، كما أن خيار الحرب لا يرتبط فقط بتوازنات القوى العسكرية، ولكنه يرتبط بأنماط التفاعلات الإقليمية والدولية والتحالفات القائمة، وموقع النظام المصري من هذه التحالفات، خاصة في وجود ما يمكن وصفه بالتحالف الاستراتيجي بين كل من إثيوبيا والولايات المتحدة وإسرائيل، والأخيرتان حليفان استراتيجيان للنظام في مصر، ولهما من أوراق الضغط الكثير لضبط حركته الخارجية، إلا إذا قاما هما بالدفع نحو هذه المواجهة، في إطار التدمير الذاتي للقدرات المصرية، التي ستبقى من المنظور الاستراتيجي الإسرائيلي العدو الاستراتيجي الأول لها في المنطقة.

السيناريو الثاني: المفاوضات المباشرة:

حيث أعلنت مصر حرصها على الدخول في مفاوضات مباشرة مع مسئولي دول حوض النيل، وأكدت قدرتها على تسوية الأزمة من خلال هذه المفاوضات، وكان آخر جولات التفاوص (حتى كتابة الورقة) في العاصمة الأميركية واشنطن، فبراير 2020، وصدرت تصريحات إيجابية، وفقاً للمصادر الرسمية المصرية، وأياً كانت نتيجتها التي لم تُعلن حتى تاريخه (24 فبراير 2020)، فإنها محكومة بعدة اعتبارات:

1ـ يجب أن تدرك مصر أن هناك مجموعة من التنازلات السياسية، والاقتصادية التي يجب أن تقدمها، للدول الأطراف في حوض النيل، لأن وضعها التفاوضي أضعف مقارنة بهذه الأطراف، وهذه التنازلات يمكن أن تشمل، إقرار حق هذه الدول في بناء سدود داخلية، على أن تشارك مصر فنياً في بنائها، وتقديم دعم مادي مساهمة في ذلك، وأن تعلن مصر تأكيدها لحقوق هذه الدول في إعادة النظر في الاتفاقيات القادمة، ولكن مع التأكيد على شرط الاستخدام العادل للمياه، ودون تدخل أطراف من خارج دول الحوض.

2ـ تعدد مستويات هذه المفاوضات: فالأزمة الراهنة، أزمة دولية، وليست إقليمية فقط، حيث لا تقتصر على دول الحوض، ولكنها تمتد لتشمل العديد من الأطراف الأخرى الدولية والإقليمية التي لها دور في إدارة الصراع، ومنها الدول المانحة للمساعدات الاقتصادية لدول حوض النيل والتي تتولي المساهمة في خطط التنمية ومشروعات السدود بها، وكذلك عدد من المؤسسات الاقتصادية كالبنك الدولي، هذا بجانب المنظمات الأفريقية المعنية وفي مقدمتها الاتحاد الأفريقي، ومنظمات التنمية الاقتصادية الأفريقية ذات الصلة، والتى أكدت مواثيقها على احترام الاتفاقيات الموقعة، حتى قبل استقلال الدول الأفريقية، حرصا على الأمن والاستقرار بالقارة، وهو ما تطالب به مصر الآن.

3ـ الضغوط الخارجية على دول حوض النيل: حيث يجب عند الدخول في مفاوضات جادة وفعلية وبناءة، دراسة خريطة التفاعلات الخارجية لدول حوض النيل، وعلاقاتها السياسية والاقتصادية المحورية، وطبيعة الضغوط التي تتعرض لها هذه الدول من جانب أطراف خارجية، إقليمية ودولية تسعي وراء مصالح وأهداف خاصة.

السيناريو الثالث: الدبلوماسية الشعبية:

حيث يمكن أن تستخدم مصر عددا من مؤسساتها الدينية والثقافية ذات الطابع الخاص، والتى يمكن أن يكون لها دور في تخفيف حدة الأزمة، وفى مقدمة هذه المؤسسات يأتي الأزهر الشريف بما له من تأثير ديني كبير في القارة الأفريقية، وكذلك الكنيسة الأرثوذكسية، في ظل الارتباط التاريخي والديني بين الكنيسة المصرية والكنيسة الإثيوبية، إلا أن دور هذه المؤسسات لن يكون كبيراً ومؤثراً، إلا في إطار الحفاظ على العلاقات الودية بين الشعوب، دون تأثير حقيقي على مسار قضية المياه.

خاتمة الدراسة:

من واقع التحليل السابق، تبرز عدة ملاحظات وخلاصات أساسية، من بينها:

1ـ أن المخاطر التي تتعلق بمصير حصة مصر من المياه لم ولن تنته عن هذا الحد، حتى ولو تم إيجاد حلول وسطية مع دول حوض النيل، للحفاظ على حصة مصر أو الجانب الأكبر منها، خاصة وأن المشكلة لا تقتصر عند هذه المنطقة، ولكنها تتعلق بقضية عالمية قد تتسبب في حروب مستقبلية أكثر ضراوة من حروب النفط أو حروب مد النفوذ أو حتى العمليات العسكرية التي تشن لتجربة أنواع جديدة من السلاح.

2ـ أن دول المنبع خاصة التي تعتبر من الدول النامية، تحتاج بطبيعة الأمور إلى دفع عجلة التنمية، ولو تم قياس الأمور بمفهوم الاقتصاد، فإن مياه نهر النيل تشكل لهذه الدول كنزا لا يقل عن النفط، وما ينقصها فقط هو الخبرات والتكنولوجيا والمال، وإذا كانت هناك دول ستوفر لها هذه العناصر، على رأسها إسرائيل التي تقيم مشاريع زراعية عملاقة مع إثيوبيا، والولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى في أوروبا وآسيا، فإن أحدا لن يمنعها عن إحداث هذه التنمية، وهو الأمر الذي سيؤثر حتما على حصة مصر من مياه النيل، ربما بشكل مأساوي.

3ـ إدراك أهمية المتغير الإسرائيلي في المعادلة، خاصة أن شركة (أجرو بروجيكت) الإسرائيلية، المتخصصة في تصدير التكنولوجيا الزراعية تدير مشروع زراعي في أثيوبيا أعده خبراء إسرائيليون بدأ فقط باستثمار قيمته 80 مليون دولار، ويقف وراء شركة أجرو بروجيكت، “إيريز ميلتسار”، مدير عام شركة (أفريكا ـ إسرائيل) وشركة معدات الري الإسرائيلية (نيتافيم)، ويدير المشروع خبير زراعي إسرائيلي “دان ديفوسكين”، ويمتد المشروع مبدئيا على مساحة 100 ألف دونم، ويهدف إلى زراعة الذرة وتباع الشمس والقطن.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، ولكن يجب إدراك الأبعاد الاستراتيجية للتحرك الإسرائيلي، والذي ينطلق تجاه إثيوبيا من عقيدتها الأمنية، ومكانة المياه في الفكر الإسرئيلى التي تفترض الحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي، وتطويق الأمن القومي العربي وذلك من خلال  التأثير على مائيته، وكسر طوق الحصار الذي فرضته الدول العربية لها من خلال تبني نظرية حلف المحيط بإقامة علاقات مع الدول المحيطة بالدول العربية وتمثل عمقاً إستراتيجاً له ومن ثم كانت إثيوبيا معقلاً لتلك التحركات[41].

4ـ الحديث عن وجود دول عربية خليجية مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية[42]، لديها خطط استثمارية في إثيوبيا تقوم على استغلال آلاف الأفدنة المطلة على منابع النيل لاستزراع الأراضي المجاورة من خلال عقود استئجار أو حق انتفاع، وهو ما سيتطلب منها إقامة مشاريع عملاقة مثل السدود لتوفير الطاقة الكهربائية، وهو ما يعني توفير الدعم المالي والسياسي لإثيوبيا في مقابل مصر، خاصة لو تحول الأمر إلى اتجاه عام بين الدول التي تعاني فقراً مائياً وتمتلك موارد كافية لمثل هذا النوع من الاستثمارات[43].

5ـ حدوث مشكلة حقيقية ولو حتى بالتدريج في حصة مصر تعني كارثة حقيقية على الشارع المصري، والترجمة العملية لنقص حصة مصر، هو إلغاء وتجميد العديد من المشاريع الزراعية والصناعية، وتبوير الآلاف من الأفدنة، خاصة وأن هناك بالفعل مشاكل تتعلق بالمزارعين الذين لا يجدون أحيانا كثيرة مياه لري المحاصيل، ناهيك عن فرض رسوم إضافية على فاتورة المياه الأمر الذي سيستنزف المجتمع المصري، هذا إن توفرت في حال تفاقمت الأزمة.

توصيات:

1ـ ضرورة التعامل مع هذا الملف كملف من الدرجة الأولى، قبل أي ملف آخر، لأن مصر قد تصبح عرضة للمساومة من دول أخرى تسعى للحصول على حصة من مياه النيل بطرق ملتوية، وعلى رأسها إسرائيل، وهنك مساعي إسرائيلية لتدويل قضية نهر النيل، بحيث تصبح المياه سلعة مثل النفط، تشتريها الدول التي تعاني من نقص الموارد المائية، هذا بخلاف مشاريعها الزراعية في دول حوض النيل، والمحاولات المستميتة التي تقوم بها ولا تجد من يعارضها، وخاصة بعد تحولات الأوضاع في مصر بعد 2013.

2 هناك ضرورة لإعادة تقييم الأوضاع في مصر من ناحية كمية المياه التي تهدر عند مصب النيل في البحر المتوسط، حيث أن هناك العديد من المشاريع الأجنبية في مجال البتروكيماويات، والتي تستهلك كميات كبيرة من مياه النيل، دون أدنى رقيب أو اهتمام بهذه الثروة المهدرة.

3ـ ضرورة التفكير الاستراتيجي في بدائل للمياه، لأن التحدي المستقبلي كبير، ليس فقط على الأمن المائي أو الأمن الغذائي، ولكن أيضاً على الأمن الإنساني والاجتماعي، وكلها مهددات للأمن القومي.

4ـ الأخذ بنتائج الدراسات العلمية والمبادرات التي يطرحها الخبراء والمفكرون من مصر ومن مختلف دول العالم، في إدارة أزمة المياه، وقضية سد النهضة، وخاصة ذات الإدارة الذاتية المصرية، لأن الرهان على مشروعات إقليمية أو دولية، في دول الجوار الإقليمي أو في بعض دول حوض النيل، يرهن القرار المصري ليس فقط لإرادات هذه الدول ولكن لإرادات الفواعل الإقليمية والدولية التي تقف خلفها.


الهامش

[1] د. محمد السيد سليم، تطور السياسة الدولية في القرنين التاسع عشر والعشرين، القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2002، ص ص 11 ـ 23.

[2] د. حسن نافعة (وآخرون)، مقدمة في علم السياسة ـ الجزء الثاني: الدولة والعلاقات الدولية، القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2001/2002، ص ص 219 ـ 224.

[3] د. عصام عبد الشافي، منهج النسق الإقليمي والتحليل الرباعي، محاضرات في الدراسات الإقليمية، أكاديمية العلاقات الدولية، تركيا، يناير 2020.

[4] الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، مصر وقضية المياه، النص متاح على الرابط، تاريخ النشر 30 سبتمبر 2009، تاريخ الزيارة 20 فبراير 2020.

[5] الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، قضايا المياه، التحديات والحلول، تاريخ النشر 14-11-2018، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020، الرابط:  https://bit.ly/39VDTmK.

[6] د. هيفاء أحمد محمود، استقلال جنوب السودان وأثره على حصص مصر والسودان من مياه نهر النيل، جامعة بغداد، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، نسخة إلكترونية، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020، الرابط:

https://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=94804

[7] د. سمير عبد الملاك منصور، اتفاقيات حوض النيل في ضوء أحكام القانون الدولي، مجلة آفاق أفريقية، مصر، الهيئة العامة للاستعلامات، المجلد الحادي عشر، العدد التاسع والثلاثون، 2013، ص 10-11.

[8] مي غيث، أزمة سد النهضة والأمن المائي المصري، المركز العربي للبحوث والدراسات، تاريخ النشر 29 ديسمبر 2013، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020، الرابط: https://bit.ly/2HN7QcD.

[9] د. نجلاء مرعي، سد النهضة الإثيوبي والصراع المائي بين مصر ودول حوض النيل، القاهرة، العربي للنشر والتوزيع، 2019، ص 23.

[10] هاني رسلان، رؤية نقدية لإدارة ازمة سد اثيوبيا، مجلة السياسة الدولية، المجلد 50، العدد 199، يناير 2015، ص 134 ـ 135.

[11] أهم ما ورد في تلك الاتفاقية: ألا تقام بغير اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها سواء في السودان أو في البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذى يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر. كما تنص الاتفاقية أيضاً على حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل.

[12] تمثلت هذه البنود، في:

ـ إن الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التي يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية في تلك المياه.

ـ توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق.

ـ ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال رى أو توليد قوى أو أى إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذى يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.

ـ تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية.  

[13] تضم اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل عدداً من البنود من أهمها:

ـ احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنوياً وكذلك حق السودان المقدر بأربعة مليار متر مكعب سنوياً.

ـ موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالى وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لاستغلال حصته. كما نص هذا البند على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالى والبالغة 22 مليار متر مكعب سنوياً توزع على الدولتين بحيث يحصل السودان على 14.5 مليار متر مكعب وتحصل مصر على 7.5 مليار متر مكعب ليصل إجمالى حصة كل دولة سنوياً إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان.

ـ قيام السودان بالاتفاق مع مصر على إنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر بهدف استغلال المياه الضائعة في بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال وفروعه ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والتكلفة المالية الخاصة بتلك المشروعات مناصفة بين الدولتين، وكذلك إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان.

[14] تم هذا المشروع على ثلاثة مراحل وهى: الأولى من 1967 وحتى 1972 بتمويل من برنامج الأمم المتحدة، والثانية من 1976 وحتى 1980 بتمويل من برنامج الأمم المتحدة، والثالثة من 1981وحتى 1992 بدعم من الدول المتشاطئة.    

[15] ممدوح الولي، اقتصاديات دول حوض النيل، القاهرة، مكتبة جزيرة الورد، الطبعة الأولى، 2010، ص 163.

[16] د. ريم محمد موسى، التعاون المائي بين دول حوض النيل بالتركيز على الدور المصري، ورقة مقدمة إلى مؤتمر دول حوض النيل، جامعة القاهرة، 2012.

[17] اشتملت المبادرة على 22 مشروعاً موزعة على محورين: ـ مشروعات الرؤية المشتركة على مستوى دول الحوض العشر، وقد وزعت تلك المشروعات على دول الحوض ليقوم كل منها بدوره فيها،واحتفظت مصر بمشروعات التدريب التطبيقى.  ـ مشروعات الأحواض الفرعية، وقد قسمت تلك المشروعات إلى منطقتين يقع تحت كل منها مجموعة من المشروعات: مشروعات نيل هضبة البحيرات الاستوائية، ومشروعات النيل الشرقى.

[18] ممدوح الولي، مصدر سابق، ص 164 ـ 165.

[19] تهدف هذه المبادرة إلي التركيز علي ما يلي: الوصول إلي تنمية مستدامة، من خلال الاستغلال المتساوي للإمكانيات المشتركة التي يوفرها حوض نهر النيل، وتنمية المصادر المائية لنهر النيل بصورة مستدامة لضمان الأمن، والسلام لجميع شعوب دول حوض النيل، والعمل علي فاعلية نظم إدارة المياه بين دول حوض النيل، والاستخدام الأمثل للموارد المائية، والعمل علي آليات التعاون المشترك بين دول ضفتي النهر، والعمل علي استئصال الفقر والتنمية الاقتصادية بين دول حوض النيل، والتأكد من فاعلية نتائج برنامج التعاون بين الدول، وانتقالها من مرحلة التخطيط إلي مرحلة التنفيذ.

[20] محمد صادق إسماعيل، المياه العربية وحروب المستقبل، القاهرة، مكتبة العربي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2012، ص  93.

[21] يتوافق نص هذه المادة مع ما قررته المادة 62 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 في فقرتها الثانية، والتي تنص على أنه لا يجوز الاحتجاج بالتغيير الجوهري في الظروف كأساس لانقضاء المعاهدة أو الانسحاب منها في إحدى الحالتين الآتيتين: (أ) إذا كانت المعاهدة تنشئ حدوداً؛ أو (ب) إذا كان التغيير الجوهري في الظروف نـاتجاً عن إخلال الطرف الذي يتمسك به إما بالتزام يقع عليه في ظل المعاهدة أو بأي التزام دولي آخر مستحق لطرف آخر في المعاهدة. أنظر النص الكامل للاتفاقية، موقع جامعة منيسوتا، مكتبة حقوق الإنسان، اتفاقية فينا لقانون المعاهدات، تاريخ زيارة الموقع 23 فبراير 2020، الرابط: https://bit.ly/2SRzJqk

[22]  هاني سليمان، مصر وأزمة المياه في حوض النيل: الحل المتعثر، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر 29 أكتوبر 2015، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020، الرابط: https://bit.ly/2VfXf20

[23]  مصطفى رزق، 4 دول أفريقية توقع اتفاقاً منفرداً في أوغندا لتقاسم مياه النيل، صحيفة المصري اليوم، تاريخ النشر 14 مايو 2010، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020، الرابط: https://bit.ly/2Pixx9k.

[24]  موقع بي بي سي عربية، القاهرة: اتفاقية عنتيبي ضد القانون الدولي وغير ملزمة لمصر، تاريخ النشر 14 مايو 2010، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020، الرابط: https://bbc.in/2uo7eHj.

[25]  حسين خلف موسى، إثيوبيا بين التواجد المصري والحضور الإسرائيلي في حوض النيل: الرؤى والإشكاليات، المركز الديمقراطي العربي، تاريخ النشر 20 مايو 2014، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020، الرابط: https://bit.ly/2T1QWMs.

[26] أيمن السيد عبدالوهاب، مصر ومياه النيل ـ التصعيد والاحتواء، صحيفة الأهرام، 25 مايو 2010.

[27] الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، نص إعلان المبادئ حول مشورع سد النهضة، تاريخ النشر، 13 سبتمبر 2017، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020، الرابط: https://bit.ly/2Pgqm12.

[28] لم تذكر الاتفاقيات الاقليمية (المتفق عليه في إنفاقيه عنتيبي)، والاتفاقيات الثنائية مع إثيوبيا، خاصة، اتفاقية 1902 بين السودان وإثيوبيا، وساوت بين الدول الثلاث في الاحتياجات المائية، وذكرت دول المنبع قبل دول المصب.

[29] هذا النص يعني أن هذه المادة قد ساوت بين تسبب الضرر من دولة المنبع، كالضرر الذي تسببه دولة المصب، رغم أن دولة المنبع غير متأثرة بالمطلق من السياسات المائية التي تقوم بها دول المصب في أراضيها، أو في مناطق سيادتها.

[30] أنظر: د. إبراهيم المفتي، إعلان مبادئ سد النهضة دراسة قانونية سياسية، المعهد المصري للدراسات، تاريخ النشر 6 ديسمبر 2019، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020. الرابط: https://bit.ly/2PggmFi

[31] أنظر: د. إبراهيم المفتي، إعلان مبادئ سد النهضة دراسة قانونية سياسية، المعهد المصري للدراسات، تاريخ النشر 6 ديسمبر 2019، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020. الرابط: https://bit.ly/2PggmFi

[32] هنا يرى د. المفتي، إنه: فيما يتعلق بما مضي من أعمال تشييد، أخلى السودان ومصر، إثيوبيا من أي ضعف في “أمان السد”، وفيما يتعلق بأعمال التشييد المستقبلية، حرصت إثيوبيا على النص على تكملتها “بحسن نية”، وذلك معيار قانوني متدني جدا جدا، لأن “حسن النية”، يعني في فقه القانون التصرف بـ “أمانة”، حتي ولو كان العمل قد تم بـ “إهمال”، ولذلك تكون إثيوبيا قد أعفت نفسها من أي مسوؤلية قانونية عن أعمال التشييد التي تتم بـ “إهمال”، حتي ولو أدت إلى انهيار السد. أنظر: د. إبراهيم المفتي، إعلان مبادئ سد النهضة دراسة قانونية سياسية، مصدر سابق.

[33] أنظر: د. إبراهيم المفتي، إعلان مبادئ سد النهضة دراسة قانونية سياسية، مصدر سابق.

[34] محمد نصر الدين علام، مفاوضات سد النهضة في مفترق الطرق، صحيفة المصري اليوم، تاريخ النشر 22 فبراير 2020، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020. الرابط https://bit.ly/2VeW7M0

[35] أنظر حول هذه الآثار وأبعادها المختلفة: سمير عبد الملاك منصور، اتفاقيات حوض النيل في ضوء احكام القانون الدولي، افاق افريقية، المجلد 11، العدد 39، 2013، ص 9. وإسماعيل شمس الدين، سد النهضة الاثيوبى وحتمية توفر المياه والطاقة لدول المصب السودان ومصر، دار روافد للنشر والتوزيع، الطبعة الاولى، 2014، ص 102_104، وعباس شراقى، بين الجيولوجيا والسياسة : رؤية فنية لسد الالفية الإثيوبي، مجلة السياسة الدولية، المجلد 49 العدد 185، يوليو 2011، ص 148 .

[36] تضم مجموعة حوض نهر النيل، قسم الري والهيدروليك بكلية الهندسة (جامعة القاهرة) كلًا من: دكتور محمد نصر الدين علام، أستاذ الموارد المائية ووزير الموارد المائية والري الأسبق، دكتور عبد الله صادق بازرعة، أستاذ هندسة الري والصرف، دكتور علاء الدين الظواهري، أستاذ الهيدروليك وخبير السدود وعضو اللجنة الوطنية لدراسة سد النهضة، دكتور محمد شريف المناديلي، أستاذ الهيدروليك ورئيس مجلس قسم الري والهيدروليك، دكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والأراضي بكلية الزراعة وخبير الزراعة والأمن الغذائي، دكتور أحمد إمام حسن، أستاذ الهيدرولوجيا، دكتور خالد حسين حامد، أستاذ الموارد المائية وعضو اللجنة الثلاثية لدراسة سد النهضة، دكتور أشرف مهيب غانم، أستاذ الهيدروليك وخبير الدراسات البيئية، دكتور مصطفى أحمد غيث، أستاذ هندسة الري والصرف، دكتور محمد حسن الجمل، أستاذ الهيدروليك، دكتور هشام بخيت محمد، أستاذ الموارد المائية وعضو اللجنة الوطنية لدراسة سد النهضة، دكتور محمد السيد أبو الحجاج، أستاذ الهيدروليك.

[37]  أنظر: السعيد عاطف احمد خضر، أثر بناء سد النهضة على السياسة الخارجية المصرية تجاه اثيوبيا، المركز الديمقراطي العربي، 9-10-2016

[38] حول الأخطار والتهديدات التي تضمنتها المبادرة، الجزيرة، الرابط: https://www.aljazeera.net/nile/

[39] مبادرة عصام حجي، الجزيرة نت، مصدر سابق، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020.

[40] جيش مصر التايع عاالمياً متفوقاً على تركيا وإيران وإسرائيل، تقرير موقع (سي إن إن) عربية، تاريخ النشر 4 فبراير 2020، تاريخ الزيارة، 23 فبراير 2020، الرابط: https://cnn.it/2T7HAij

[41] سيد صلاح حمدي غريب، تداعيات التدخل الإسرائيلي على الأمن المائي العربي 2011 ـ 2018، المركز الديمقراطي العربي، تاريخ النشر، 16 سبتمبر 2018، تاريخ الزيارة 20 فبراير 2020، الرابط: https://bit.ly/37ScW1U

[42] في ديسمبر 2019، أعرب رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد، عن بالغ تقديره للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، على الدعم الكبير لبلاده، وأضاف – في سلسلة تغريدات عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر – أن الحكومة تعمل حاليا على وضع اللمسات الأخيرة للحصول على مزيد من الدعم من أجل تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المستمرة، لافتاً إلى أن شركاء التنمية تعهدوا بتقديم أكثر من 3 مليارات دولار، وتابع: إن الدعم يركز على ثلاثة محاور (الاقتصاد الكلي والإصلاحات الهيكلية والإصلاحات القطاعية)، مضيفاً أن الدعم المقدر من شركاء التنمية لا يتضمن تعهد صندوق النقد الدولي البالغ أيضا 2.9 مليار دولار. وأردف: “بالغ التقدير لدعم الإمارات والسعودية”، أنظر: أبي أحمد يثمن الدعم الإماراتي السعودي لإثيوبيا، موقع صحيفة البيان الإماراتية، تاريخ النشر 14 ديسمبر 2019، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020، الرابط: https://bit.ly/32ia8dc.

[43] أنظر: إثيوبيا النمر الإفريقي: خارطة الاستثمارات الخليجية في أرض الحبشة، موقع أموال الاقتصادي، تاريخ النشر 23 يوليو 2017، تاريخ الزيارة 23 فبراير 2020، الرابط: https://bit.ly/32jJ2lW.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هناك خطأ مطبعي صغير في بداية الدراسة القيمة حيث ذكر أن المساحة المنزرعة في مصر هي 3.6 مليون فدان و لكن الصحيح أنها بالهكتار و ليس بالفدان.
    و خاصة بعدها مباشرة تم ذكر المساحة المنزرعة في السودان بالهكتار أيضا.
    تحياتي لأستاذي الدكتور عصام على الجهد المبذول في هذه الدراسة القيمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close