سد_النهضة_مصر_وأزمة_الخيارات_الصعبة
مقدمة
تصريحات اتسمت بالحدة في بعضها واتسمت بالاشارة إلى عدم التوافق في البعض الاخر، كان هذا هو المشهد الحاضر في الاسابيع القليلة الماضية بين الجانبين المصري والاثيوبي، قبل انعقاد الاجتماع السداسي الأخير في الخرطوم، في 27 ديسمبر 2015، والذي جمع وزراء الخارجية ووزراء الري للدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، لبحث آخر مستجدات ملف سد النهضة.
ونحاول في هذا التقدير إلقاء الضوء على آخر تطورات المسار التفاوضي لسد النهضة وبيان المسارات المصرية المحتملة في هذا الملف، في إطار اعلان الحكومة الإثيوبية، تحويل مجرى النيل الأزرق والبدء بالفعل في تخزين المياه خلف السد.
أولاً: معلومات ذات صلة بملف سد النهضة:
1ـ يقع سد النهضة في نهاية النيل الأزرق في منطقة بني شنقول جوموز وعلي بعد نحو 20-40 كم من الحدود السودانية، علي ارتفاع نحو 500-600 متر فوق سطح البحر. ويصل متوسط الأمطار في منطقة السد إلي نحو 800 مم/سنة ( (1 ).
2ـ تبلغ تكلفة إنشاء سد النهضة حوالى خمسة مليارات دولار، وتقول إثيوبيا إنه سينجز في عام 2017، وسيصبح أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية، والعاشر عالمياً في قائمة أكبر السدود إنتاجاً للكهرباء(2 )، حيث ان الطاقة التوليدية للكهرباء للسد النهضة تبلغ حوالي 6000 ميجاوات، وتخطط الحكومة الإثيوبية لتصدير حوالى 2000 ميجاوات من الكهرباء إلى دول الجوار (جدير بالذكر أن الطاقة التوليدية للكهرباء للسد العالي المصري تبلغ حوالي 2100 ميجاوات(3 ).
3ـ حصة مصر من مياه النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب من المياه، يأتي من النيل الأزرق بهضبة اثيوبيا نسبة تصل من 80% الى 85% من المياه والباقي يأتي من النيل الأبيض، أي أنه يصل من هضبة إثيوبيا حوالي 44.4 مليار متر مكعب من المياه من مجموع نصيب مصر من مياه النيل( 4).
4ـ يبلغ ارتفاع سد النهضة نحو 145 مترا بسعة تخزينية تصل إلى نحو 74 مليار متر مكعب(5 ).
ثانياً: حقيقة الاختلاف بين الجانبين المصري والاثيوبي :
تتركز النقاط الاهم في الخلاف بين الجانبين المصري والاثيوبي حول ثلاث نقاط رئيسية:
- تحديد المدة الزمنية لسنوات الملء والتشغيل لسد النهضة.
- السعة التخزينية للسد (حجم بحيرة التخزين الصناعية).
- الية تشغيل سد النهضة.
وحتى نفهم الاسباب الرئيسية لتركز الخلاف حول هذه النقاط علينا أن ندرك أن سد النهضة بتصميمه الحالي قادر أن يستوعب في بحيرة التخزين الصناعية حوالي 74 مليار متر مكعب، مع العلم أن النيل الازرق يدخل السودان بإيراد مائي حوالي 50 مليار متر مكعب( 6).
بما يعني أن اثيوبيا قادرة على ملء البحيرة الصناعية في مدة زمنية تقدر بعامين ( حوالي 37 مليار متر مكعب كل عام يمكن ان تخزنها اثيوبيا حتى تستطيع ملء البحيرة) ومن ثم القدرة الكاملة للسد على انتاج الطاقة التوليدية له والبدء في التصدير لدول الجوار، وهو ما تسعى اليه اثيوبيا في أقل وقت ممكن، وهذا يعني احتمالية عدم حصول مصر على جزء كبير من حصتها، من مياه النيل الازرق خلال عامي التخزين، أي أن 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل التي تمثل حصة مصر سنويا، سوف تتقلص الى حوالي 18.5 مليار متر مكعب سنويا ولمدة عامين، وهذا بدوره سوف يؤدي الى أزمة مائية كبيرة في مصر خلال عامي ملء خزان السد، يمكن أن تترتب عليها العديد من الآثار السلبية، أبرزها
1ـ تزرع مصر حوالي 8 مليون فدان سنويا، حيث يحتاج كل مليون فدان لحوالي 5 مليار متر مكعب من المياه، اي ان مصر تحتاج تقريبا حوالي 40 مليار متر مكعب من المياه فقط للزراعة، وهذا يعني انه خلال عامي التخزين لن تستطيع مصر الا زراعة من 2 الى 3 مليون فدان سنويا على اقصى تقدير، مما يمثل خسائر اقتصادية كارثية للمزارعين وللاقتصاد المصري، بالاضافة الى الاضرار البالغة للاراضي الزراعية.
2ـ الطاقة التوليدية للكهرباء للسد العالي، تبلغ حوالي 2100 ميجاوات، بما يمثل حولي 10% من استهلاك مصر السنوي للكهرباء، وهي نسبة ليست بالقليلة في ظل ازمة الكهرباء التي تعاني منها مصر في السنوات القليلة الاخيرة، وحيث انه من المؤكد ان حجم المياه التي ستفقدها مصر خلال عامي التخزين، سينعكس بالسلب على مستوى المياه المخزنة في بحيرة ناصر، مما سيترتب عليه التأثير بشكل بالغ على حجم الطاقة التوليدية للسد العالي، خلال عامي التخزين.
ومن هنا يمكن القول أن التخوفات المصرية من المدة الزمنية لملء خزان سد النهضة وحجم التخزين والية تشغيل السد، لها ما يبررها، وهو ما جعل الجانب المصري يسعى الى الوصول لاتفاق مع الجانب الاثيوبي بشأن هذه التخوفات وبما يتيح له اختزال حجم الخسائر المتوقعة.
ثالثاً: إعادة تحويل مسار مجرى نهر النيل
فاجأت إثيوبيا الجميع وأعلنت، يوم السبت 26 ديسمبر 2015 وقبل يوم واحد فقط من انعقاد اللجنة السداسية لسد النهضة، إعادة تحويل مجرى النيل الأزرق مرة أخرى، لتمر المياه للمرة الأولى عبر سد النهضة، بعد الانتهاء من إنشاء أول أربعة مداخل للمياه، وتركيب مولدين للكهرباء، كانت اثيوبيا قد بدأت عملية تحويل مجرى النيل الازرق في مايو 2013، تمهيدا لبدء العملية الفعلية لبناء سد النهضة.
وإعادة تحويل مجرى نهر النيل ربما تعني بدء تخزين مياه النيل الازرق من الآن، دون الانتظار الى شهر يونيو من العام الجاري، حيث بداية الفيضان الجديد، ودون التفات اثيوبيا الى شركائها في المفاوضات القائمة، حيث ان وثيقة اعلان المباديء، تنص في البند الخامس منها على مبدأ التعاون بين الاطراف الثلاث، في الملء الأول لخزان سد النهضة وإدارة السد( 7).
رابعاً: دلالة توقيت تحويل مجرى النيل:
مثل انسحاب المكتب الهولندي من اجراء الدراسات الفنية الخاصة بسد النهضة ومحاولة اثنائه عن قرار الانسحاب ثم التوافق بين الاطراف الثلاثة على تكليف مكتب فرنسي جديد للقيام ب 30% من الدراسات الفنية، استنزافا للوقت منذ التوقيع على وثيقة اعلان المباديء وحتى هذه اللحظة الراهنة، انعكس ذلك بوضوح على جولات التفاوض بين الاطراف الثلاثة وأدى الى تعثر مسار المفاوضات بعد أكثر من عشر جولات للتفاوض، مما دفع النظام المصري باصدار تلميحات من بعض المسؤولين، بمطالبة الجانب الاثيوبي بوقف بناء سد النهضة، بعد استشعاره بتعجيل الجانب الاثيوبي لعملية بناء السد، وفي ظل تبديد للوقت ومماطلة من الجانب الاثيوبي وتعثر للمفاوضات(8 ).
ولكن اثيوبيا استبقت أي مطالب متوقعة من الجانب المصري في الجولة الاخيرة، بالاعلان عن تحويل مجرى نهر النيل، بالرغم من صدور تصريحات بأن عملية تحويل مجرى النهر تمت منذ شهر تقريبا منذ الاعلان الرسمي للحكومة الاثيوبية، لتنتقل اثيوبيا من مساحة المفاوضات الى مساحة فرض الامر الواقع، وتقليص اي مطالب من الجانب المصري والبدء في مسار تفاوضي جديد يعتمد على حقيقة تحويل مجرى نهر النيل واستحالة توقف العمل في بناء السد(9 ).
خامساً: وثيقة الخرطوم وتباين المواقف:
في إطار استمرار اثيوبيا في سياسة إطالة زمن المفاوضات بالتوازي مع سرعة وتيرة بناء سد النهضة، وفي ظل الإعلان عن تأجيل جولة المفاوضات الخاصة بسد النهضة، أكثر من مرة خلال شهري نوفمبر وديسمبر، بدا النظام المصري واقعا بين ضغط الوقت الذي بات واضحا أنه يسير في اتجاه إتمام الجانب الاثيوبي لبناء السد وبين ضغط تحقيق اتفاق ملزم للجانب الاثيوبي يمنعه من المساس بحصة مصر من مياه النيل، عن طريق مشاركة الجانب المصري في سياسة تشغيل السد وتحديد المدة الزمنية لملء البحيرة والسعة التخزينية لها.
ويبدو أن هذه الضغوط على النظام المصري قد انعكست بشكل صريح على مشهد الاجتماع الاخير للجنة السداسية حول سد النهضة، حيث بدا واضحا اصرار النظام المصري على الخروج من جولة المفاوضات بالاتفاق على نقاط محددة يلتزم بها جميع الاطراف، مهما بدت متواضعة، مما ادى الى استمرار الخلاف بين الجانبين المصري والاثيوبي والاضطرار الى مد المفاوضات الى يوم اضافي، حيث تقلص النقاش حول نقطتين رئيسيتين:
الأولي: اقتراح فني مقدم من مصر لزيادة عدد فتحات تمرير المياه من جسم سد النهضة إلى أربع فتحات بدلا من اثنتين، كما كان مصمما له، حيث ان تصميم سد النهضة يشمل فتحتين لتمرير المياه تحت جسم السد، وأربع فتحات لتوليد الكهرباء في مستوى جسم السد نفسه.
الثانية: الاتفاق على مكتب فني بديل للمكتب الهولندي الذي انسحب من اجراء الدراسات الفنية المتفق عليها في وقت سابق، على ان يتولى المكتب الجديد نسبة 30 في المائة من الدراسات الفنية الخاصة بالسد، إلى جانب استمرار المكتب الفرنسي، محتفظاً بنسبة 70 في المائة من الدراسات.
وجاء التوقيع على “وثيقة الخرطوم” ليُشكل المشهد الأخير في هذه الجولة، حيث انتهت جولة المفاوضات إلى توقيع مصر والسودان وإثيوبيا يوم الثلاثاء 29 ديسمبر 2015، على “وثيقة الخرطوم”، والاتفاق على استكمال المفاوضات في منتصف شهر يناير 2016 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، واشتملت وثيقة الخرطوم على خمس محاور رئيسية، وهي كالاتي:
- الالتزام الكامل بوثيقة إعلان المبادئ التي وقعت عليها الدول الثلاث في مارس الماضي بالخرطوم.
- تحديد مدة زمنية لتنفيذ دراسات سد النهضة، تتراوح ما بين 5 أشهر إلى عام.
- اختيار شركة “ارتيليا” الفرنسية لمشاركة مكتب “بي أر ال” الفرنسي للقيام بالدراسات الفنية الخاصة بالسد.
- تشكيل لجنة فنية لبحث إمكانية زيادة عدد الفتحات الإضافية التي طلبتها مصر.
- استمرار عمل اللجنة السداسية على مستوى وزراء الخارجية والري.
وتعتمد مصر بالاساس على استراتيجية تعطيل أي بدء فعلي لتشغيل سد النهضة سواء عن طريق تخزين المياه او عن طريق توليد الكهرباء، الى حين الانتهاء من الدراسات الفنية الخاصة بالسد، حيث ان نتائج المكاتب الفنية المكلفة باجراء الدراسات، تلزم الاطراف الثلاثة بسياسة ملء الخزان وسعة الخزان بحسب نص اتفاق المباديء الموقع عليه في الخرطوم في مارس 2015.
في المقابل تعتمد استراتيجية إثيوبيا على إطالة المدة الزمنية للتفاوض، بالتوازي مع تسارع وتيرة بناء السد، بما يمكنها من الانتهاء من بناء السد قبل الوصول لاي نتائج للدراسات الفنية قد تلزمها بما لا ترغب، حيث ان اثيوبيا تدرك ان النتائج المتوقعة للدراسات سوف تؤكد ان للسد أضرارا مائية وبيئية واقتصادية بالغة على مصر.
والمتابع لمسار المفاوضات يستطيع ان يلحظ استمرار اخفاق الجانب المصري في إحداث اي تغيرات تذكر في الموقف الإثيوبي من الجوانب الانشائية والفنية الخاصة بالسد، وهو ما انعكس بشكل واضح على مفاوضات الجولة الاخيرة، والتوقيع على وثيقة الخرطوم والتي من خلالها يمكن أن نحدد المحصلة النهائية للجولة الاخيرة للمفاوضات كما يلي:
- تقلصت المطالب المصرية من المطالبة بوقف العمل بسد النهضة ووقف تخزين المياه، لحين الانتهاء من الدراسات الفنية، الى طلب زيادة عدد الفتحات في جسم سد النهضة، وهو ما يعني اعتراف ضمني بعدم جدوى الدراسات الفنية في ظل استمرار اثيوبيا في بناء السد بوتيرة متسارعة والرضوخ للامر الواقع بتحويل مجرى نهر النيل، والدخول في مساحة التفاوض على اجراءات فنية، ربما تقلل من الاثار السلبية المترتبة على اصرار الجانب الاثيوبي لاتمام بناء السد بنفس المواصفات محل الخلاف.
- بدا السودان خلال هذه الجولة من المفاوضات وكأنها ليست طرفا من أطراف الخلاف وانما بدا واضحا انها تريد ان تلعب دور الوسيط بين الجانبين المصري والاثيوبي، بحيث تحافظ على ميزان المصالح المشتركة مع كلا الطرفين، وهو ما ادى بشكل غير مباشر الى اضعاف الجانب المصري الذي بات وحيدا في مواجهة التعنت الاثيوبي.
- الاستمرار في الاعتماد على الدراسات الفنية للسد وتكليف مكتب فرنسي جديد بديلا عن المكتب الهولندي المنسحب، ليستمر مسلسل اضاعة الوقت الذي لا يخدم الا الجانب الاثيوبي.
ورغم الحديث في وسائل الإعلام المصرية، عن مكاسب حصلت عليها مصر في الخرطوم/ وقف وزير الخارجية، تواضروس ادهانوم أمام البرلمان الإثيوبي (3 يناير 2015) لتوضيح الموقف الإثيوبى من المفاوضات ومدى التزام الحكومة بتعهداتها أمام الشعب الإثيوبى بالانتهاء من مشروع سد النهضة فى موعده دون أى تأخير لتحقيق النتائج التى طالما انتظرها الشعب الإثيوبى.
وأكد وزير الخارجية أن بلاده لم توقع خلال هذه المفاوضات أى اتفاقيات قانونية جديدة مع مصر قد تؤثر على استمرار البناء فى مشروع السد، وأن المفاوض الإثيوبى قبل الدخول فى أى مفاوضات مع مصر يفكر دائما فى عدم إضاعة أى مجهود شارك فيه المواطنون الفقراء فى إثيوبيا لصالح استكمال البناء فى السد.
وقال أدهانوم: “إن ما نقلته وسائل الإعلام المصرية حول تنفيذ المادة 5 من اتفاق اعلان المبادئ يذكر فقط الموافقة على مخرجات ونتائج الدراسات الفنية، ولكنها لم ــ ولن ــ تذكر وقف البناء فى الإنشاءات بمشروع السد، وان جميع عمليات البناء مستمرة جنبا إلى جنب مع الدراسات دون أى تأثر.
وأضاف: “إن الهدف الرئيسى للسد وفقا للمخطط له هو تخزين المياه من أجل توليد الطاقة، وأن إثيوبيا لن تقوم ببناء سور الصين العظيم لحجب المياه ومنع وصولها إلى مصر أو السودان”.
وقال: “لا نريد إشعال الأمور بتداول أخبار خاطئة نحن نريد أن نعطى الأولوية لبناء مشروعنا الأساسى واستكمال السد”.
وأضاف: «إثيوبيا أنهت مهمتها الأساسية مع مصر بتوقيع اتفاق المبادئ بين الروساء الثلاثة» مضيفا: «هذه الاتفاقية أعطت إثيوبيا واعترفت بحقها السيادى فى استخدام مياه النيل من أجل التنمية لصالح الشعب الإثيوبى للمرة الأولى”.
وأكد “أن أهمية اتفاق المبادئ تكمن فى إقرار واعتراف مصر والسودان للمرة الأولى باستخدام مياه النيل بشكل عادل ومنصف من دون الحديث المعهود بالحقوق التاريخية والمكتسبة لهم فقط فى مياه النيل”(10 ).
سادساً: المسارات المصرية المحتملة لمستقبل ملف سد النهضة
في إطار هذه الاعتبارات وتلك التطورات، تبرز عدة مسارات:
- سحب الاعتراف بالسد وتدويل القضية، من خلال إعادة اتفاق المبادئ بشأن سد النهضة، الذي سبق ووقعه السيسي، إلى البرلمان، بهدف الغاءه حيث أن وثيقة اعلان المباديء الموقع عليها من الاطراف الثلاثة في مارس 2015 هي مجرد إعلان مبادئ وليست اتفاقا أو معاهدة دولية، يمكن الاستناد عليها في اي تحكيم دولي، لكن الاعلان يحمل بين طياته اعتراف الجانب المصري بسد النهضة، ومن ثم الاتجاه الى تدويل القضية عبر القنوات الدبلوماسية الافريقية او الاممية، الا ان هذا المسار سيحتاج الى مزيد من الوقت في ظل اوضاع اقليمية ودولية شديدة التعقيد، وهو ما يصب في مصلحة الجانب الاثيوبي.
- اللجوء إلى عمل عسكري، ربما يكون هذا المسار هو الحل الاخير، الذي يمكن ان يلجاء اليه الجانب المصري، الا ان هذا الحل ربما يقحم مصر في صراعات مع أطراف دولية مشاركة في بناء وتمويل السد، ويكفي هنا ان نشير الى ان اثيوبيا تعمدت إشراك العديد من المستثمرين الأجانب في تمويل وانشاء السد من إيطاليا وفرنسا والصين وإسرائيل وبعض الدول العربية الخليجية، بالإضافة إلى ربط اثيوبيا تسهيلات لمشاريع استثمارية واسعة في أراضيها بإتمام بناء سد النهضة، حتى تضمن اثيوبيا اكبر دعم دولي لعملية بناء السد، من ناحية اخرى ربما توجيه اي ضربات عسكرية في هذا التوقيت وبعد قرب انتهاء اثيوبيا من بناء السد، يتسبب في الدخول في صراعات دولية، في ظل التواجد الدولي في منطقة القرن الإفريقي ومنطقة باب المندب، هذا بالاضافة الى ان اثيوبيا لسيت دولة حدودية مع مصر وهذا يستتبع أن أي ضربة جوية أو برية يفترض أن تمر على أجواء دول يجب أن تتوافق توافقا كاملا مع مصر، مما يشكل عائقا أمام اي عمل عسكري من الجانب المصري، ويبقى هذا المسار هو المسار الاصعب بالنسبة للجانب المصري او ربما المسار المستحيل وفق هذه المعطيات.
- الاستمرار في المفاوضات عبر آليات تنسيق جديدة، على ان يكون الهدف الرئيسي للمفاواضات هو محاولة ادخال تعديلات فنية على الجانب الانشائي للسد لضمان الحد من الاضرار الجسيمة له، مع الاستمرار في محاولة تعطيل ملء الخزان ووضع ضمانات للمشاركة في سياسة الملء المستدامة، ويبدو أن هذا المسار هو الاكثر ترجيحا بل ربما هو المسار الوحيد المتبقي للنظام المصري، في ظل اقتراب اثيوبيا من الانتهاء من بناء السد واعادة تحويل مجرى نهر النيل، وفي ظل صعوبة المسارات المحتملة السابق ذكرها.
——————————-
الهامش
(1) مركز الجزيرة للدراسات، الرابط.
(2) موسوعة ويكبيديا، الرابط.
(3)http://mosaic.cnfolio.com/B101CW2007C174
(4) هيئة الاستعلامات المصرية، الرابط
(5)http://www.dailynewsegypt.com/2015/01/11/egypt-refuses-renaissance-dam-storage- 4capacity /
(6) صحيفة الأهرام المصرية، الرابط
(7) اليوم السابع، النص الكامل لاتفاقية إعلان مبادئ وثيقة سد النهضة
(8) صحيفة الوطن المصرية، الرابط
(9) صحيفة المصري اليوم، الرابط
(10) وزير الخارجية الإثيوبى للبرلمان: لم نوقع اتفاقًا جديدًا مع القاهرة.. ويكفينا اتفاق المبادئ، صحيفة الشروق المصرية، 4 يناير 2015، الرابط.