دراساتمجتمع

شبكات التواصل وقضايا الحقل الديني في مصر: قراءة في بنية المفاهيم

باتت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب أدوارا بالغة الأهمية في البنى والهياكل الحضارية والثقافية للمجتمعات العربية بصورة غير مسبوقة، كما أن التطورات في هذا الحقل تتسارع بمستوى التطور التكنولوجي ذاته الذي يعيشه العالم، ومثل هذه الموضوعات أصبحت تفرض نفسها على المختصين في العلوم الاجتماعية لدراستها واستنباط أطرها الفكرية والعملية في محاولة لفهم التطورات المتسارعة، ويعد المجال الديني من أبرز المجالات التي تستحوذ على اهتمام الباحثين والمبحوثين في عالمنا العربي، كما تلعب الإنترنت أدوارا جديدة في هذا الأمر، وبات هذا المجال يفرض نفسه بصورة عاجلة للبحث والدراسة.

وفي هذا السياق تتعدد المفاهيم وتتنوع ما بين المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي والمرتبطة بالحقل الديني وتشكل هذه المفاهيم البنية الأساسية / التحتية لمواقع التواصل الاجتماعي وموضوع الإنترنت بشكل عام، وفيما يلي نستعرض أبرز هذه المفاهيم التي لا يمكن فهم العلاقات بين الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي إلا في إطارها، وتأتي هذه المفاهيم على النحو التالي:

شبكات التواصل الاجتماعي:

تمثل الثورة المعلوماتية سمة أساسية من سمات العصر الذي يعيشه العالم في الوقت الراهن وقد شكلت وسائل التواصل الاجتماعي قفزة هائلة في البنية الاتصالية وأنماط التأثير في المجتمعات الإنسانية بما لها من قدرة فائقة على تجاوز حدود الزمان والمكان كما أنها باتت أحد أهم أدوات البعد الثقافي والمعرفي، وإنشاء ها يعد أهم إنجاز تكنولوجي تحقق في أواخر القرن العشرين، إذ استطاع الإنسان بواسطتها أن يلغي المسافات ويطلع على أحداث العالم وتطوراته في المجالات المختلفة وأن ينشر الثقافة ويتبادل المعلومات، ممهدة لنشأة واقع جديد تتغير فيه صورة المجتمع وتفاعلاته ومؤثراته وأصبح التأثير الفكري لنجومها من الشباب على المجتمع أكبر بكثير من تأثير المثقف التقليدي أو النخب القديمة أو حتى وسائل الإعلام التقليدية، وتتعدد مسميات مواقع التواصل الاجتماعي فتارة يطلق عليها شبكات التواصل الاجتماعي، وأخرى الشبكات الاجتماعية، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، وبشكل عام فإن وسائل التواصل الاجتماعي هي وجه المجتمع المعلوماتي الجديد وأحد مظاهر العولمة الاتصالية خاصة وهي تمثل بداية ثورة معرفية سيكون لها آثارها المتعددة على طبيعة المعرفة الإنسانية بما توفره من إمكانية الاطلاع على مختلف المعارف، وبما تنشره من قيم وعادات وثقافات من مختلف المصادر وبما تساهم به في خلق ثقافة إنسانية ذات رؤية أكثر شمولا[1].

وتعرف مواقع شبكات التواصل الاجتماعي بأنها صفحات ويب يمكن أن تسهل التفاعل النشط بين الأعضاء المشتركين في هذه الشبكة الاجتماعية الموجودة بالفعل على الإنترنت وتهدف إلى توفير مختلف وسائل الاتصال والتي من شأنها أن تساعد على التفاعل بين الأعضاء عبر (المراسلة الفورية، الفيديو، الصور، الدردشة، تبادل الملفات، مجموعات النقاش، البريد الإلكتروني) وهي في حالة تطوير لخدماتها باستمرار مواكبة لحاجات مستخدميها[2].

كما تعرف بالإعلام الاجتماعي أو تكنولوجيا التعاون؛ حيث يصبح المستخدم منتجا ومستقبلا ويدخل في شبكة من التفاعلات المتبادلة والتي تأخذ أكثر من صورة تبعا للإمكانات شديدة التنوع لهذه المواقع[3]، وتسمى الشبكات الاجتماعية ومواقع التشبيك الاجتماعي وهي عبارة عن مواقع تستعمل من طرف الأفراد من أجل التواصل الاجتماعي وإقامة العلاقات والتعارف وبناء جماعات افتراضية ذات اهتمامات مختلفة ويمكن للمستعمل عبرها أن ينشئ صفحته الخاصة وينشر فيها سيرته وصوره ومعلوماته الخاصة ويكتب مقالات ونصوص وينشر تسجيلات فيديو[4]، أو هي صفحات الويب التي يمكن أن تسهل التفاعل النشط بين الأعضاء المشتركين في هذه الشبكة الموجودة بالفعل على الإنترنت وتهدف إلى توفير مختلف وسائل الاهتمام والتي من شأنها أن تساعد على التفاعل بين الأعضاء بعضهم ببعض[5].

كما تشير مواقع التواصل الاجتماعي إلى حالة من التنوع في الأشكال والتكنولوجيا والخصائص التي حملتها الوسائل المستحدثة عن التقليدية، لاسيما فيما يتعلق بإعلاء حالات الفردية والتخصيص وتأتيان نتيجة لميزة رئيسية هي التفاعلية فإذا ما كان الإعلام الجماهيري والإعلام واسع النطاق وهو بهذه الصفة وسم إعلام القرن العشرين، فإن الإعلام الشخصي والفردي هو إعلام القرن الجديد[6]، الذي يتيح التواصل بين الأفراد في بيئة افتراضية يجمعهم فيها الاهتمام أو الانتماء المشترك لفكرة أو رأي أو مكان أو هواية أو فئة معينة في نظام عالمي لنقل المعلومات إلكترونيا بسرعة ودقة متناهية[7]، وتقدم لهم مجموعة من الخدمات من شأنها تدعيم التواصل والتفاعل بينهم في أي وقت يشاؤون وفي أي مكان[8]، كما تعكس قائمة الأصدقاء في مواقع التواصل الاجتماعي بصفة عامة أو “تحديد الاهتمامات ومتابعة الأشخاص” على موقع آسك إف إم بصفة خاصة العملية الرئيسية أو العمود الفقري لتلك المواقع باختلاف أنواعها وأهدافها وما تتيحه من خدمات في أشكال شتى وطرق استخدام متعددة حيث تعكس تلك الملفات والقوائم مفاهيم عدة من هويات وعلاقات وتفاعلات وانتماء لتكوينات وجماعات ورأس مال اجتماعي واستخدامات تتدرج من الترفيه للعمل السياسي المباشر وبينهما بل داخلهما أهداف وأنماط متشعبة[9].

وبشكل عام تعد شبكات التواصل الاجتماعي إحدى العلامات البارزة في العصر الحديث وأحد أهم العوامل المؤثرة في تشكيل الرأي العام، ووسيلة اتصال فعالة بما امتازت به من خصائص وسمات جعلتها منافسا خطيرا ومتفوقا على وسائل الإعلام التقليدية لما أتاحته من حرية وتعبير وسهولة استخدام بجانب أنها متاحة متى ما احتاج إليها الفرد[10]، حيث بدت آثار ممارسات هذه الشبكات تتبدى على قواعد حرية النشر والتعبير وعلى الفكر الديمقراطي وحقوق الإنسان وغيرها من مفاهيم سياسية واجتماعية انتشرت وتكونت حولها الجماعات مستفيدة من سهولة استخدامها والمشاركة فيها دون خبرات تقنية أو تكاليف مادية، ويرى البعض أنها أدت إلى بزوغ فكر كوكبي يعمل على تغيير العالم[11].

وتقوم الفكرة الرئيسة للشبكات الاجتماعية في الإنترنت على جمع بيانات الأعضاء المشتركين في الشبكة ويتم نشرها علنا لكي يتجمع الأعضاء أصحاب المصالح أو الاهتمامات المشتركة والذين يبحثون عن معلومات أو صور أو أشياء أخرى تهمهم، وبظهور هذه الشبكات اتضح أن غالبية مستخدمي شبكة الإنترنت أكثر ميلا إلى التعامل عبر هذه الشبكات وأن الجانب الاجتماعي لديهم يأخذ حيزا أكبر وهذا ما أدى إلى انتشار تلك الشبكات الاجتماعية كما أدى أيضا إلى ظهور الأعداد الكبيرة لها ثم إلى التنافس فيما بينها لجذب أعداد أكبر من المستخدمين[12].

نشأة شبكات التواصل الاجتماعي:

يعتبر “توم أندرسون” أول من أطلق موقع للتواصل الاجتماعي وهو موقع (ماي سبيس my space) وإليه يعود الفضل الأكبر في قيام شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أن هناك بعض المحاولات السابقة التي حاولت الربط بين زملاء دراسة كموقع (classmates.com) عام 1995، وموقع (sixdegrees.com) عام 1997 والذي شهد بعض التطور من تشبيك للناس بشكل عام واحتوائه على خدمات الرسائل الخاصة والملفات الشخصية للمستخدمين، إلا أنها تجربة لم تكتمل، كما ظهرت مجموعة أخرى من الشبكات بين عامي 1999-2001 لكنها لم تحظ بالانتشار الذي حظي به الموقع الأمريكي (ماي سبيس my space) والذي يعتبر البداية الحقيقية للتواصل الاجتماعي بلفته أنظار العالم لتلك الشبكات ومع بداية 2005 بلغ عدد مشاهدات صفحاته أكثر من عدد مشاهدات موقع جوجل الذي ظل يحتل الصدارة لفترة طويلة جدا، ثم ظهر منافس له وهو موقع )فيس بوكface book) [13]، وقبل ظهور كل هذه المواقع كانت غرف الدردشة (Chat Rooms) بمثابة شكل أولى للشبكات الاجتماعية التي تبقى في حالة تطور وتمدد مستمرين[14].

أنواع مواقع التواصل الاجتماعي:

توجد العديد من مواقع التواصل الاجتماعي وفق الاحتياجات المختلفة للمستخدمين ما بين التخصصية والشاملة ويمكن تحديد أنواع منها على النحو التالي[15]:

1ـ مواقع لتبادل المعلومات: وهي تلك التي تختص بالاتصالات التفاعلية وإيجاد وتبادل المعلومات ومنها المدونات العامة (Blogs) والجزئيةMicro Blogs)، ومن أشهر مواقع التدوين المصغر (Twitter).

2ـ مواقع مشاركة الاهتمامات: وهي شبكات توضح لك اهتمامات الأصدقاء والاطلاع عليها وتكوين الصداقات والترابط بناء على نوعية الاهتمامات المشتركة ومنها (goodreads) وهي لمناقشة الكتب والمصادر سواء كانت ورقية أو إلكترونية، ومنها أيضا شبكة (GetGlue) وهي خدمة شبكات اجتماعية لمحبي الكتب والأفلام والمسلسلات، كما يوفر النقل الحي من منصات أخرى مثل (Amazon) وموقع (academia.edu) وهي شبكة اجتماعية للمهتمين بالبحوث والدراسات العلمية.

3ـ مواقع بناء فرق العمل والتعاون بين المشتركين: وهي نوع من مواقع التواصل الاجتماعي تمكن المشترك من إنشاء ويكي (wiki) وتكمن أهمية وقوة موقع الويكي في إمكانية العمل عليه بشكل تعاوني وإنشاء محتوى الموقع بدون استخدام أية أدوات سوى مستعرض الويب القياسي.

4ـ مواقع الوسائط المتعددة: وهي مواقع التصوير والفن photo sharing، مثل (picasa, flicker, deviant Art) وتتكون فيها أشكال التواصل على مشاركة البث المباشر، ويمكن الاشتراك فيها عن طريق العديد من مواقع التخزين والبث ومواقع المشاركة الصوتية.

5ـ مواقع الترفيه والتواصل الشاملة: وهي مواقع تواصل اجتماعي بدأت بتقديم خدمة معينة تم اتجهت للشمول لجمع أكبر عدد من المستخدمين فحوت غالب الخدمات من التدوين وعرض الصور والفيديوهات والبث المباشر وغيرها من الخدمات المتخصصة في مواقع اجتماعية أخرى، ومنها الموقع الشهير (فيس بوك).

6ـ مواقع الاستشارات الاجتماعية والدينية: هي نوعية جديدة من مواقع التواصل الاجتماعي تقدم خدمات مجانية وإعلانية للاستشارات النفسية والدينية والاجتماعية، ويعد موقعAsk FM أبرز هذه النوعية من المواقع وفيه يتم إنشاء حسابات سواء علنية أو مخفية ويتم من خلالها طرح الأسئلة أو استقبالها في مختلف المجالات والاهتمامات، ويتميز هذا الموقع بأهمية المتابعة لنشطاء ومشاهير الموقع ويتم من خلاله توجيه النصائح وحل المشكلات الاجتماعية والنفسية كما بات يلعب دورا بارزا في مجال الفتوى الإلكترونية.

مهام وتأثير وخصائص وسائل التواصل الاجتماعي:

1ـ أن شبكات التواصل الاجتماعي شبكات عالمية وأغلب تلك الشبكات متاحة للجميع وبالمجان، وأنها مصدر جديد للحصول على المعلومات وهي أداة للتواصل الاجتماعي والإعلامي بين الأفراد والجماعات المختلفة، وتتيح للمستخدمين التواصل فيما بينهم بالمحادثات الفورية أو بمشاركة الصور أو مقاطع الفيديو أو بالمراسلة الكتابية أو التعليقات على منشورات الغير، وتؤمن وتمكن قواعد ومنصات تفاعلية على شبكة الإنترنت عالميا من خلال مشاركة المستخدمين في التعليق على المحتوى وتأمين وسيلة للتواصل مع المستخدمين والجمهور، وتمتاز بسرعة تبادل المعلومات معززة باتساع نطاق نشر مثل هذه تلك المعلومات وتبادل وجهات النظر الثقافية والأدبية والسياسية والاجتماعية عبر تلك الشبكات[16].

2ـ أحدثت الشبكات الاجتماعية الإلكترونية ثورة في عالم الإنترنت والتواصل حيث شكلت ظاهرة شدت انتباه الباحثين وغيرت من الأشكال المتعارف عليها في عصر المعرفة وعصر إدارة المعرفة، ويمكن ملاحظة تأثير هذه الشبكات من خلال معرفة عدد المشتركين عليها، والتطوير السريع والمتلاحق الذي يطرأ على هذه الشبكات بشكل يومي لمواكبة رغبات وتطلعات المشتركين، واعتماد الحملات الانتخابية في كبريات الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية على مواقع التواصل الاجتماعي، وحشد الآراء مع أو ضد بعض السياسات أو الأنظمة ولعل ثورات الربيع العربي تكشف عن حقيقة وأهمية هذا الدور[17]، والملاحظ في ذلك أن هذه المواقع أتاحت الفرص للشباب ولجميع المستخدمين من تكوين صداقات مع أجناس مختلفة وفئات عمرية متباينة وتبادل معارف وحوارات بينهم، وعضوية الجماعات، وسمحت بأن تجمع في طياتها جماعات اجتماعية ذات اهتمامات متجانسة ويمكن أن تكون بين أفراد المجتمع المحلي أو يتم الاشتراك فيها على المستوى العالمي[18].

3ـ تشتمل مواقع التواصل الاجتماعي على عدة خصائص أهمها تكوين مجتمع افتراضي؛ حيث تسمح بخلق صداقات مع الآخرين يبادلونهم الاهتمام والمحتوى فهي تساهم في تجسيد مجتمع افتراضي متواجد منذ بداية تطبيقات الإنترنت الجديدة، والتفاعلية؛ وهي تصف الحالة التي يكون فيها المشاركين في عملية الاتصال لها تأثير في أدوار الآخرين وباستطاعتهم تبادلها، واللاتزامنية؛ وتعني إمكانية إرسالها واستقبالها في وقت مناسب للفرد والمستخدمين ولا تتطلب من المشاركين كلهم أن يستخدموا النظام في وقت واحد، والتفتيت؛ وتعني تعدد الرسائل التي يمكن الاختيار منها لتلائم الأفراد أو الجماعات الصغيرة المتجانسة بدلا من توحيد الرسائل لتلائم الجماهير العريضة، والحركية والمرونة؛ حيث يكن تحريك الرسائل الجديدة إلى أي مكان مثل الحاسب الشخصي والهاتف المحمول وكاميرا الفيديو المحمولة، وقابلية التحويل؛ حيث أتاح الاتصال الرقمي إمكانية تحويل الإشارات المسموعة إلى رسائل مطبوعة أو مصورة أو العكس، والإعلان؛ تمكن المستخدمين من الإعلان عن أي منتج يودون الإعلان عنه والبحث عن منتج يرغبون في شرائه، والعالمية: حيث استطاعت أن تلغي الحواجز المكانية والزمنية وسمحت بالتواصل بسهولة ويسر في بنية افتراضية تقنية تجمع مجموعة من الأفراد، والانفتاح؛ ساعدت على الانفتاح والعالمية لسهولة تواصل الأفراد مع غيرهم متخطية جميع الحواجز والقيام بتبادل المعلومات والآراء[19].

مفهوم الفضاء الافتراضي:

يعتبر مفهوم متعدد الأبعاد، تفرض أبعاده الإنسانية والاجتماعية والثقافية والسياسية نفسها عند دراسته، فهو لا يدور فقط في الفلك التقني المرتبط مباشرة باستخدامات الحاسب الآلي والتطورات السريعة جدا لنظم الاتصال وتكنولوجيا المعلومات بل هو مجال واسع للتفاعلات الإنسانية التي لا تعترف بحدود الزمان أو المكان[20]، ويمكن وصف الفضاء أو الحيز الافتراضي باعتباره “مساحة إلكترونية يتصل فيها العقل والإحساس بشكل مباشر مع الحاسب الآلي” وقد نتج عنه ظهور مصطلح المجتمع الافتراضي؛ الذي لا يتقيد تكوينه بحدود مكانية أو زمانية ولا يرتبط التفاعل بين أعضائه بضرورة التقائهم وجها لوجه أو حتى التواجد في نطاق مكاني واحد.

وقد فرضت المجتمعات الافتراضية وجود “ثقافة افتراضية” تعبر عن العلاقات الجامعة للخبرات المتبادلة عبر المجتمع الافتراضي وجميع الأشياء والصور التي يتم تداولها في إطاره[21]، وبشكل عام هو الفضاء الذي يحتضن شبكة الإنترنت بمختلف خدماتها وتدفقها الإعلامي وتنوع أنماط الاتصال بما صنع تمثل آخر للواقع الذي يعيشه الفرد يوميا، فأنتج هذا الفضاء الذي اصطلح عليه بالعالم الافتراضي، كما يجعله الباحثون عالما موازيا للعالم الواقعي بغض النظر عن الفروق التي تميز كلا منهما عن الآخر ومردهم في ذلك إلى أن العالم الافتراضي أيضا يسكنه أفراد وجماعات، كما تنشأ فيه جماعات اجتماعية بشتى أنواعها[22]، ويمكن أيضا تعريفه بأنه مجتمع يتكون من أشخاص متباعدين جغرافيا ولكن الاتصال والتواصل بينهم يتم عبر الشبكات الإلكترونية وبينهم حالة من الإحساس بالولاء والمشاركة[23].

ومن الملاحظ أن المجتمعات الافتراضية عوضت أو سدت الفراغ الذي تركته المجتمعات المحلية التقليدية وأصبحت تمثل المكان الجديد “الرقمي” (غرف الدردشة، الشبكات الاجتماعية، ..الخ)[24]، ومما يلاحظ على المجتمع الافتراضي تجازه لكل القيم الدينية والأعراف الاجتماعية والحدود الجغرافية، فلا حواجز فيه، ولا حدود له، وذلك نظرا للطبيعة السائدة فيه وهي إخفاء الشخصية الحقيقية والتعامل مع الآخرين من خلال اسم مستعار[25]، وهو الرائج على موقع آسك إف إم الذي خلق مجتمعه الافتراضي الخاص به الذي بات يتسم بسهولة الوصول إلى المعلومات من خلال طرح السؤال مباشرة والحصول على الإجابة دون عناء.

وهناك مصلحة مشتركة بين السائل والمسؤول فالأول يسعى إلى الحصول على المعلومة والثاني يسعى لتضخيم عدد المتابعين له ورفع أسهمه على الموقع باعتباره قادر على الإجابة وأنه شخصية متعاونة ومفيدة ولديها علم، كما أن الموقع يوفر ما يمكن اعتباره جماعة من خلال عضويتها ودعمها لبعضها البعض وترشيح بعضهم باعتبارهم أكثر تخصصا في مثل هذه النقاط وهو أمر متبادل كما يقوموا بالترويج لإنتاج بعضهم البعض من الكتب والروايات والدورات التدريبة والتي يكون بعضها بشكل مجاني ومعظمها بمقابل مادي الأمر الذي يؤكد أن مجتمع آسك إف إم مثله مثل المجتمعات الافتراضية الأخرى التي تسعى إلى تحقيق الربح وجعل المعاملات الاقتصادية والربحية أكثر سهولة وأكثر اتساعا، كما يتمتع آسك إف إم أيضا بالقادرة على التأثير في تلك الجماعة حيث لا يتردد المسؤول عن الرد على السائل في موقفه من شريك حياته إذا ما قام بفعل من الأفعال فسرعان ما يقول له أن هذه العلاقة محكومة بالفشل ومن الضروري أن تنهيها في الوقت الراهن وبصورة لا تقبل التأخير، يعد مجتمع آسك إف إم نموذجا للمجتمع الافتراضي.

وموقعAsk FM تم تأسيسه في يوم 16 يونيو 2010 ، وقد طرأ عليه العديد من التغييرات سواء بالنسبة للشكل أو المالكين وقد وصل إلى شهرة عالمية ففي النصف الأول من عام 2020 أصبح من بين أعلى 10 من الشبكات الاجتماعية دوليا، ويتيح لمستخدميه الدخول عليه أو استخدامه بالطريقة التي يفضلونها سواء بشخصياتهم الحقيقية أو من خلال حسابات مختلقة (سرية) ويتم من خلاله تبادل الأسئلة في العديد من المجالات والقضايا والموضوعات ويحتل الدين مساحة مهمة في اهتمام مستخدمي هذا الموقع، وكان الموقع في البداية يستخدم من قبل العديد من المستخدمين كوسيلة تخفٍّ يعبرون بها عن مشاعرهم لمن يحبون، أو أسئلة عادية توجه من هنا لهناك وغير ذلك، لكن مؤخرا اتخذ شكل هذا الموقع منحى آخر فقد بات هذا الموقع منبرا للفتاوى السريعة وغير المكلفة، خصوصا بعد هجرة المصريين لبرامج الفتاوى على القنوات التليفزيونية، بالإضافة لحديث البعض عن أن هؤلاء الشيوخ أكثر تفهما لعقولهم ومشاكلهم من شيوخ دار الإفتاء أو برامج الفتوى. وبجانب الفتاوى يعد الموقع موئلا للاستشارات العاطفية ، ثم جاءت الاستشارات النفسية والاجتماعية بعد ذلك.

وبصورة عامة أدت شبكات التواصل الاجتماعي إلى تغيير جذري في كيفية تشكيل النسيج الاجتماعي وبناء العلاقات وإمكانية استمرارها فبعد أن كان في الماضي البعد الجغرافي يلعب دورا كبيرا في تكوين الفرد لعلاقاته، أي التقارب الجغرافي وكان الاحتكاك اليومي في مختلف الأماكن هو الذي تكون على أساسه هذه الروابط الاجتماعية، فقد أصبح الأمر مختلفا تماما مع التطورات الحاصلة في تكنولوجيا الاتصال الحديثة لاسيما شبكات التواصل الاجتماعي، فيمكن لأي شخص أن يتعارف مع أفراد من مختلف أنحاء العالم ويكون معهم علاقة حتى وإن كان بعيدا عنهم جغرافيا أو لم يلتق معهم أبدا وجها لوجه[26]، ويرتبط مفهوم الفضاء الافتراضي والمجتمع الافتراضي ارتباطا وثيقا بمفهوم الشبكات الاجتماعية، وتعبر نظرية الشبكات الاجتماعية عن طبيعة التفاعلات بين أعضاء هذه الشبكات ومدى قوتها، كما ينظر إلى هذه الشبكات باعتبارها أدوات تحليلية تستخدم في قياس التفاعلات الاجتماعية وبشكل عام يمكن تعريفها بالعلاقات الناشئة بين مجموعة من الأفراد يتبادلون الرؤى والأفكار والمعلومات فيما بينهم[27].

الإثنوجرافيا:

تعتبر هذه الكلمة مستعارة من اللغات الأجنبية وتعني وصف الأعراق البشرية وكذا أحوالهم فهي مأخوذة من الكلمة اليونانية (Ethnos) وتعني العرق أو الجنس، أما المقطع الثاني من الكلمة أي (Graphy) فيعني علم وصف وبالتالي هي علم وصف الإنسان. وتعد كفرع من فروع علم الأنثروبولوجيا[28]، هي فرع من الأنثروبولوجيا، مجاله الدراسة الوصفية لطرائق وأساليب الحياة لعرق من الأعراق أو مجتمع أو شعب ما وخلال الفترات الاستعمارية كان هذا العلم مهتما بالشعوب الواقعة تحت الاحتلال التي يضعها في خانة البدائية ويبحث في فولكلورها وفي تناقضاتها ونزعاتها الحربية الطائفية والقبلية وقضايا مثل الثأر والتنابز بأسماء أو عبارات قدحية مهينة، فالإثنوجرافيا هي مقترب يركز على فهم السلوك في سياق اجتماعي عبر مشاركة الباحث في المجال المدروس مشاركة فاعلة ضمن الفريق موضوع الدراسة كما يوفر تقريرا وصفيا معتمدا على أدوات بحثية مميزة من مقابلات ودية غير رسمية إلى الملاحظة بالمشاركة، وتعرف ـ أيضا ـ بأنها مقترب يركز على فهم السلوك في سياق اجتماعي، كما تعد وسيلة مفيدة في تحليل الشبكات ودراسة التجمعات في السياقات الافتراضية وتستخدم الإثنوجرافيا الافتراضية داخل أوساط المجتمعات المتشكلة عبر شبكة الإنترنت، وتستهدف وحدة التحليل فيها الأفراد أو الجماعات، وتتم جميع المقابلات والاستجابات من خلال وسيط وهو الإنترنت عبر أحد المواقع الشبكية لجمع معلومات عن الفرد أو الجماعة، كما تستهدف الوصول إلى بيانات كيفية يمكن من خلالها تقديم وصف للجماعات والعقد الشبكية، ومن ضمن أدوات الإثنوجرافيا الافتراضية الملاحظة التي تتم في سياقات دراسة المجموعات عبر الإنترنت[29].

وإثنوجرافيا شبكة الإنترنت هي مجموعات محددة من المواقف البحثية والممارسات المصاحبة المضمنة في المسارات التاريخية وشبكات من البنى النظرية وشبكات البحوث والدراسات والإحالات المرجعية ، إنه أداء معين للبحث الثقافي يتبعه أنواع معينة من تمثيل الفهم، وتزدهر التطبيقات والمنشورات التي تستخدم إثنوجرافيا شبكة الإنترنت فى مجالات متنوعة مثل الجغرافيا وعلم الاجتماع والدراسات الإعلامية والسفر والسياحة وبحوث الجندر والتمريض وبحوث الإدمان ودراسات الألعاب والتعليم، وقد وجد الباحثون أن إثنوجرافيا شبكة الإنترنت مفيدة للغاية فى الكشف عن أنماط التفاعل، والسرديات الشخصية، والتبادلات المجتمعية، والقواعد عبر الإنترنت، والممارسات والطقوس والأساليب الخطابية وأشكال التعاون المبتكرة والتنظيم ومظاهر الإبداع[30].

وتتأتى أهمية المنهج الإثنوجرافي من أنه يأخذ بعين الاعتبار السياق الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتكنولوجي، كما يساهم في تجاوز ما يعرف بحدود التوجه الإمبريقي، كما أنه يمكن الباحثين من مقاربة ظواهر الإعلام الجديد في مختلف أشكاله وسياقاته الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية، ويساعد في فهم ثقافة الجماعات والمجتمعات وكيفية تفاعلها مع وسائل الإعلام والاتصال[31]، وفي هذا النظام البيئي الواسع والمتطور للبيانات الاجتماعية والفردية والتواصل الناشئ، والمشاهد بوضوح يتم وضع إثنوجرافيا شبكة الإنترنت في مكان ما بين بحوث البيانات الكبيرة والقراءات الدقيقة لتحليل الخطاب في بعض الأحيان، بالإضافة إلى ذلك ، لا يتعامل باحثو إثنوجرافيا شبكة لإنترنت مع الكلمات فقط، بل يتعاملون مع الصور والرسومات والتصوير الفوتوغرافي والملفات الصوتية والعروض التقديمية السمعية والبصرية المحررة ، وإبداعات مواقع الويب الرقمية الأخرى، وتوفر إثنوجرافيا شبكة الإنترنت المبادئ التوجيهية الممكن تشاركها بين الباحثين، بما في ذلك بحث صفحات شبكة الإنترنت، بحث ودراسة مقابلات Skype ، والعمل الميداني المشارك الشخصي على الشبكة، فعندما تتشكل الاتصالات البشرية من خلال التقنيات الجديدة، ، فإنه يكتسب اسم جديد ويصبح ، في الواقع ، تخصصًا أو مجالًا أو مدرسة في حد ذاته ومن هذه الاعتبارات السابقة تأتى الحاجة إلى إثنوجرافيا شبكة الإنترنت[32].

مما سبق يمكن صياغة تعريف إجرائي للإثنوجرافيا من واقع موقع Ask FM باعتبارها الطريقة العلمية التي يدرس من خلالها ذلك التفاعل الذي يحصل بين مستخدمي الموقع، والبحث في ذلك المجتمع الذي يتكون بين ضفتي آسك إف إم (سؤال وإجابة) بما يحتويه من سمات وخصائص ودراسة سلوك وأنماط التفاعل بين المشاركين في هذا المجتمع، من حيث القضايا موقع النقاش واللغة المستخدمة والتأثير المتبادل واستغلال الموقع في الترويج لمنتجاتهم من كتب وروايات ودورات تنمية بشرية مدفوعة الأجر، بالإضافة للمشاركة الجماعية في بعض الأسئلة “الثريد” ومحاولة مشاركة التجارب المختلفة في ضوء مساعدة بعضهم البعض على تجاوز الأزمات التي يمرون بها أو وضع تجاربهم الشخصية، بل ويمكن تبادل الهجوم والانتقادات بين النشطاء ومشاركة مجتمع آسك إف إم والمتابعين في مثل هذه الخلافات والانتقادات.

الدين ووسائل التواصل الاجتماعي:

أصبحت العلاقة بين الدين ووسائل الإعلام وفي مقدمتها شبكة الإنترنت في الفترة الأخيرة أكثر قوة بسبب تزايد ما تقدمه هذه الوسيلة الإعلامية من خدمات متميزة للخطاب الديني المتمثلة بالأساس في سرعة ومرونة الاستجابة للكثير من الطلبات بدءا بالسرعة الفائقة في إيصال الرسائل الإعلامية وتيسير الأداء التفاعلي مع مستهدفيها[33]، الأمر الذي جعل تجديد الخطاب الديني ضرورة حياتية واجتماعية ودينية [34]، في ظل الدور الذي باتت تلعبه الثورة التكنولوجية والتي أصبحت تحدث أثرا وتحولا في المجتمع بل أنها باتت من أخطر وسائل تغير المجتمع، فالوسيلة الاتصالية صارت سلاحا نافذا يمكن توظيفها وفق متطلبات أهداف ورؤى من ينتج الرسالة، وهذا ما يمكن أن يتسبب في إحداث التحول الاجتماعي في المجتمعات[35].

في الوقت نفسه فإن الخطاب الديني يهدف عامة إلى امتلاك عقول من يريدون التصرف بشكل كوني وأيديولوجي حتى في مباشرة أمور خصوصية تتطلب حلولا محلية عملية[36]، كما أن افتقار الخطاب الديني في بعض مضامينه إلى مقومات المعاصرة مما أدى إلى نجاح البعض لملئها بطريقتهم الخاصة، لاسيما من خلال بعض المسائل التي غالبا ما تتجنب بعض الخطابات الدينية الرسمية الخوض فيها[37].

ويمكن القول إن هناك توجهين بارزين في مسألة التعامل مع الخطاب الديني عبر الإنترنت؛ أحدهما يقول بضرورة مجاراة هذه الموجة الجديدة والتكيف المرن مع منتجاتها لخدمة الدين، عن طريق تقديم خطاب ديني وجذاب ومعاصر ومقبول وهذا ما يمكن ملاحظته فيما سمى بموجة التدين الجديد والدعاة الجدد، والفتوى الفضائية العابرة للقارات، وهناك توجه ثان يتوجس من هذه الموجة ويعتبرها مشوشة على الدين ومثيرة للفوضى خصوصا في ظل الانتشار الواسع للفتوى التكنولوجية إلى درجة أصبح يصعب معها ضبط مخرجاتها ومآلاتها وآثارها[38]، ومع ذلك تبقى الإنترنت حاضرة وتقدم خدمات للشباب خصوصا في ظل ضعف نسبة الثقة وتراجعها في المؤسسات الدينية الرسمية أو غير الرسمية، كما تمكن الإنترنت الفرد من التعامل مع المعلومات بشكل حر وباختياره ووفقا لقناعاته[39].

ومن هنا فإن علاقة الدين بالإنترنت وتعامل المسلمين مع هذه الوسيلة خلق واقعا جديدا يتسم بالتأثير المتبادل على مستوى فردنة التدين، بمعنى غياب الوساطة في إنتاج قيم الدين، وإبراز الذات عن طريق تشكيل الوعي الديني، أما السمة الثانية، فهي خلق جماعات وهمية افتراضية عن طريق الإنترنت، والتبشير بمجموعة من السلوكيات والمواقف والرؤى والاتجاهات، من دون أن تكون مسنودة بجهة معينة أو بخلفية أيديولوجية ما، أما السمة الثالثة فهي قدرة التنظيمات الإرهابية على الاختراق الكبير للإنترنت العميق والتمكين لخطابها من خلال مفهوم الجهاد الإلكتروني الفردي، وقد عملت الإنترنت على تسريع وتيرة التغيير الديني ومكنت لفئات منظمة الوصول إلى العديد من الفئات والشرائح خصوصا الفئات الشابة وإقناعها بأفكارها وبأيديولوجيتها الإرهابية التدميرية بأسماء متعددة لا يمثل فيها الدين إلا مدخلا من بين المداخل، ولعل أخطر ما يستتبع علاقة الدين بالإنترنت واستعماله من طرف شبكة الإرهابيين هو التطرف الديني الذي لم يعد منتشرا في البلاد العربية والإسلامية بقدر ما هو منتشر بشكل كبير في أوروبا، وهذا لا يعني فقط أن مسألة التطرف أو العنف مرتبطة بالدين بل إنها مرتبطة بسياقات أخرى كمسألة الاندماج واللااندماج وما إلى ذلك[40].

كما كان من نتاج التداخل بين الدين والإنترنت أن بات الإعلام الديني يحوز مساحة واسعة من الاهتمام سواء في الصناعة أو الاستفادة، وبشكل عام فالإعلام الديني هو الإعلام الذي يركز في برامجه ومنتوجه ومحمولاته على البرامج الدينية سواء كانت دروسا أو مواعظ أو فتاوى أو أناشيد وأغاني، أو حوارات ونصائح أو نقلا للطقوس الدينية ، أو بثا للقرآن الكريم، وبصفة عامة كل ما يتعلق بالمنظومة الدينية الإسلامية، وكذلك الأمر بالنسبة للوجود الإعلامي المسيحي في المنطقة العربية الإسلامية، وبعض الباحثين الذين اهتموا بدراسة ظاهرة الإعلام الديني والتدين الجديد والدعاة الجدد تحدثوا عن معطى موضوعي مرتب بالمرونة العالية التي تميز بها الخطاب الإسلامي الجديد عندما حاول أن يتجاوز عجز حركات الإسلام السياسي في التواصل مع شريحة مهمة في المجتمع، وخصوصا الفئات المتعلمة والراقية التي تعيش “علمنة” في حياتها[41]، مع البروز القوي لوسائل الإعلام الديني نشأت خاصية التدين الفردي، والتي ستجعل العديد من الباحثين يعيدون النظر في مجموعة من المسلمات والمقولات ومناهج التحليل، من ذلك ما ينقله هاني عواد عن الباحث في تاريخ الأديان “باتريك ميشيل” عندما رأى أن التأثير المتصاعد للعولمة ـ خصوصا في وجهها الإعلامي ـ خلق علاقة استهلاكية مع الدين، وهي علاقة يتعامل فيها المشاهد مع الدين بشكل استهلاكي فيختار منه العرض الديني المناسب له من خلال مقاييسه الخاصة، بعيدا عن أي نظام قيمي يحمل في طياته الإجبار[42].

ويمكن القول إن ظهور الإعلام الديني سواء في التجربة الغربية أو التجربة الإسلامية كان نتيجة التحولات في العالم التقني والتكنولوجي، ولم يكن للمؤسسات الدينية في العرب أو حتى القطاع الخاص في العالم العربي الذي يبحث عن الربح وعن تسويق منتوجه الأيديولوجي أن يبقى منعزلا وقد برز في هذا الاطار نمط التدين الشبابي الذي اصطلح على تسميته باسم التدين الفردي ولا يعني ذلك أنه كان غير موجود من قبل لكنه لم يكن مدشنا كنمط قادر على زعزعة مواقع الإسلام الحركي لقد اعتاد علماء الاجتماع قبل هذا أن يصنفوا التدين إلى سياسي وشعبي.

وقد عرفوا التدين الشعبي بأنه تلك المعتقدات والممارسات الدينية التي تستقل نسبيا عن المؤسسة الرسمية، وتميل الأدبيات إلى إضفاء صفة السيولة على التدين الشعبي الذي يمكن له أن يتعايش مع السلطات الاجتماعية والسياسية بمختلف مشاربها حتى ولو كانت تحمل موقفا مبدئيا ضد الدين ليرتكز هذا النمط من التدين بالأساس على التقيد بالفرائض الدينية واحترام الطقوس والتقاليد والتفاعل مع العادات المحلية في كل بلد، ولكنه لا يشكل خطة أو برنامجا سياسيا اجتماعيا ملزم التطبيق، التدين الشبابي مختلف جذريا عن التدين الشعبي وهو أيضا مختلف عن التدين الفردي كما عرفه التنوير الأوروبي الذي يرى أن الدين بالأساس هو وعي أخلاقي يلزمه وجود حرية أو عدم قسر في اتخاذ الخيارات الدينية وينحصر في الحيز الخاص، فالتدين الشبابي نمط تدين منتشر في الحيز العام ومنفلت من قبضة المؤسسات الاجتماعية، وقد ساهم في تدشين هذا النمط انتشار وسائل الإعلام التفاعلية والتي شكلت حيزا عاما جديدا منفلتا من قبضة السلطة، وتملك كل المؤسسات الأيديولوجية الفرص المتساوية في حجز مكان لها فيه[43].

وقد عبرت عنه بصورة واضحة ما يعرف بظاهرة الدعاة الجدد التي قدمت جيلا من المتدينين الجدد وهم جيل يتلقى ثقافته بنفسه عن طريق الكم الهائل من الفضائيات ومواقع الإنترنت ويتمتع بقدر من المكانة الاجتماعية باعتبار الطبقة التي نشأ فيها وظهر منها كما أنه متمرد اجتماعيا نتيجة الحرية التي يتلقاها في أسرته وله علاقاته المنفتحة مع الجنس الآخر في العائلة والجيرة والدراسة والعمل، ويشكل مواقعه الخاصة على الإنترنت والتي تجمع بين ما هو إسلامي وما هو مخالف للإسلام، ويعد برامجه المتنوعة على القنوات الفضائية وهي متأثرة إلى حد بعيد بالبرامج المختلطة الأخرى، إنه جيل منطلق يريد تحقيق الأفكار التي اقتنع بها، ونشر الآراء التي تبناها مستغلا الوسائل العصرية كالفضائيات والإنترنت والصحافة والمجلات وتتوفر له كافة وسائل الترفيه والمتعة وإمكانيات الاستقلال بأعمال خاصة، وليس عند هذا الجيل إشكالية في التعايش مع المفهوم العلماني للدين نظرا لمفهوم الإرجاء الشائع في أوساطه ولاختلاط المفاهيم والأحكام الشرعية لديه[44].

الدعاة الجدد:

هو ذلك الشخص الذي تلقى تعليمه الديني خارج المؤسسة الدينية الرسمية الأزهرية وهو يعتمد في ثقافته الدينية إما على التعلم المباشر والتثقيف الذاتي أو على تلقي العلم من أحد الشيوخ في حلقات العلم في المنازل، الداعية الجديد هو مهني ناجح له عمل مستقل عن كونه داعية وهو يرتدي الملابس الأوروبية ويقدم خطابا بسيطا يربط الدين بالحياة والمشاكل الاجتماعية، وفضلا عن حسن المظهر والتمتع بالقبول الاجتماعي والقدرة على توصيل المعلومة بسهولة كما أن أهم ما يميز الداعية الجديد هو جمهوره الذي يتكون معظمه من الشباب والنساء الذين ينتمون للشرائح الاجتماعية الأعلى[45].

وتعبر ظاهرة الدعاة الجدد عن تكيف مرن لنخبة من الحركات الإسلامية مع التحولات التي شهدها العالم وخصوصا الحقل التكنولوجي، لهذا يخلق هذا الجيل خطابا جديدا وتكيفا مع العصر، كما أن صفة جديد يمكن إطلاقها على كل شكل من أشكال التجديد التي يقوم بها فاعل دعوي سواء كان حركيا أو سياسيا أو ثقافيا، وهناك العديد من التفسيرات السياسية والدينية والاجتماعية لظاهرة الدعاة الجدد منها أنه بمثابة استثمار لعلاقات بعض المتدينين لروابطهم مع الطبقات العليا، أو أنه مدخل ولوج الطبقة العليا لمصاف الحركات السياسية الإسلامية، أو أنها جاءت نتيجة تحول في مسار النخب الإسلامية التي أفرزت نخبا لا ترتبط بالمشروع السياسي الأيديولوجي العام لهذه الحركات، بقدر ما ترسم لنفسها خيارا يركز على البعد الأخلاقي وتقديم الإسلام بطريقة ناعمة ولينة[46]، كما أن رموز هذه الظاهرة استطاعوا أن يقدموا خطابا دعويا يتماشى مع الثقافة الجيلية التي يمر بها شباب اليوم، ويتضمن عدة سمات منها أنه يركز على مفاهيم بسيطة وعلى لغة قريبة من الشباب، ويعتمد على مفاهيم التنمية البشرية، ويمزج بين قيم الإسلام وقيم الحداثة الغربية وأنه لا تعارض بين الفلسفتين، ويدعو للتركيز على الفرد من دون الجماعة، وهناك اتجاه يرى أن التدين الجديد يطغى عليه الجانب الشكلاني ويتسم بالتعامل الانتقائي مع أوامر الدين ونواهيه، التدين الترفيهي الذي يهتم فقط بمبادئ التنمية البشرية[47].

ولكن بعد ثورة يناير 2011م المصرية اضمحلت ظاهرة الفضائيات وخف وهج الدعاة الجدد وبات حضور الفضاء السيبراني والسوشيال ميديا لافت بشكل كبير وهو ما أدى إلى تغير تام في المعادلة وبات من يتابع وسائل التواصل الاجتماعي ويشاهد النقاشات والجدالات الجارية هناك ويرى طبيعة الإشكالات و الأسئلة التي يطرحها الشباب يجد المثير منها مرتبط بالدين أو بنمط معين منه متمثل في تدين جديد معدل من الاجتماعي إلى التدين الفردي في ظل حالة الانتشار الواسعة التي عرفتها السوشيال ميديا ودورها المؤثر على مستوى العالم في مختلف المجالات، ومنها ما هو خاص بمصر التي كان لوسائل التواصل الاجتماعي دورها في الثورة المصرية، كما شهدت سقوط الرموز الدينية التقليدية ومشايخ الفضائيات السلفية، وحالة التضييق الأمني التي قلصت العمل الميداني وباتت السوشيال ميديا هي المتنفس الوحيد للشباب، وأصبح النضال الإلكتروني ـ حتى في صورته الدينية ـ شكل من أشكال الـLifestyle الذي يمارسه الجمهور، إضافة إلى العديد من العوامل الأخرى التي تضافرت لاستشراء هذه الظاهرة والتي امتدت لأغلب مجالات الحياة بما فيها التدين والتي تأخذ حيزا كبيرا من الظاهرة[48].

ويمكن تفسير تنامي هذه الظاهرة واتساعها في المجتمعات العربية والإسلامية في ضوء ما عرف بـ “إسلام السوق” ويقصد به مزيجا من النزعة الفردانية المتعولمة ونزعا للقداسة عن الالتزام التنظيمي بما يتضمنه ذلك من التخلي عن الشعارات الكبرى التي تتمحور حول شعار “الإسلام هو الحل” وإعادة النظر في فكرة شمولية الإسلام لكل مناحي الحياة والتدين الورع الذي لا يولي مسألة الدولة والثقافة المرتبطة بالطبقة الاجتماعية اهتمامه، و”إسلام السوق” ليس حركة مؤسَّسَة على حزب أو تنظيم، ولا تيارا أيديولوجيا كالسلفية، أو سياسيا كالإسلام السياسي، ولا يمثل “إسلام السوق” الواقع حالة أو توجه قادر على التوطن والتأثير في كل حقائق الإسلام المعاصر، هذا التوجه يمكن أن يتجلى في بعض أنماط الحياة وأشكال معينة من الدعوة وكطريقة فكرية جديدة ، كما يمكن ملاحظة أن إسلام السوق لدى السلفية والإخوان المسلمين والصوفية أيضا، كما يمكن العثور على “إسلام السوق” في بعض المنتجات الهوياتية وبعض العادات الحياتية لدى المتدينين من المسلمين[49]، وهو لا يشكل بديلا للإسلام السياسي ولا هو آخر نموذج ينتج عنه، إنه فقط يمثل أشكالا جديدة من التدين تبدو كحالة احتجاج داخلية هادئة على بعض النماذج الأساسية في الصحوة الإسلامية المعاصرة بدءا بفكرة الشمولية[50]، وقد تم في هذا السياق تسليع الدين بما في ذلك الفتوى.

الفتوى:

هي الإخبار بالحكم الشرعي في الوقائع بدليل لمن سأل عنه، ومفهوم الإفتاء عبر وسائل التواصل: يقصد به الفتاوى التي تسود مختلف وسائل الإعلام والاتصال الحديثة، والمتمثلة في المحطات الفضائية، الإذاعات، والصحف، وشبكة المعلومات، وشبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والتويتر وغيرها، وقد تكون هذه الفتاوى سمعية أو مرئية أو مكتوبة، ولهذه الوسائل مصالح عديدة تخدم الدين الحنيف، كما لها العديد من المفاسد التي تنسب إلى الإسلام الانحراف والشذوذ[51]، فقد دخلت صناعة الفتوى مرحلة جديدة مع الثورة التكنولوجية في عالم الميديا الدينية إلى درجة أَصبح معها المشهد الديني في حالة من الفوضى والاحتراب والتشظي والجدل سواء على مستوى اليقينيات الفقهية أو المذهبية أو على مستوى الممارسات الطقوسية من خلال التعاملات اليومية التي تشغل بال المسلم في حياته[52] الأمر الذي يؤكد على أهمية متابعتها ودراستها خصوصا وأنها في ظل سيولتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي باتت تشكل ظاهرة اجتماعية دينية تكنولوجية مثيرة جدا من الناحية السوسيولوجية، وذلك لأن الإنترنت جعلت المفتين في متناول جمهور غفير من طالبي الفتوى وذلك بشكل غير مسبوق في تاريخ مؤسسة الإفتاء في البلاد الإسلامية، كما أن غالبية المفتين على الإنترنت لا يقدمون لطالبي الفتاوى الأسس الشرعية التي بنوا عليها أجوبتهم، وأن طالبي الفتاوى لا يحتاجون من جانبهم إلى معرفة تلك الأسس لأنهم يجهلونها ولأن العمل بمقتضى الأجوبة التي يقدمها لهم المفتون لا يتطلب تدخل القاضي، مثلما كان يحدث في الماضي في كثير من الأحيان، كما أن الفتاوى عبر وسائل الاتصال الحديثة خلقت ظاهرة تعدد الفتاوى وظهور مفتين “نجوما” شبه منفلتين من الرقابة المؤسسية ويتهافت عليهم جمهور كبير من المسلمين “تنظمه” القنوات التلفزيونية وشبكات التواصل عبر الإنترنت لطلب الفتوى[53].

وقد عكف المفتون من مُختلف أنحاء العالم، على انتهاز هذه الفرصة، متأثرين – ربما – بالفهم الحديث للقوانين كأداة للتحول الاجتماعي، عوضًا عن كونها أداة للحفاظ على الوضع القائم[54]، وقد يكون من الضروري في هذا الاطار إعادة طرح السؤال الذي سبق وطرحه الدكتور سيف الدين عبدالفتاح وهو كيف تتحول الحالة الإفتائية إلى حالة التفاتي (أي حالة حرب الفتاوى)؟[55] فهو كان يحاول مبكرا تفسير حالة الفوضى التي باتت تعيشها الحالة الإفتائية في الحقل الديني في مصر وغيرها من البلاد العربية والإسلامية، كما ميز إبراهيم البيومي غانم قد ميز بين أربع وسائل يتم بها نقل القاعدة أو الحكم الشرعي بصفة خاصة من مستوى التجريد إلى أرض الواقع ووضعها في الحيز الاجتماعي بمستوياته الفردية والجماعية وبأنساقه الاقتصادية والعائلية والفئوية والسياسية والسلوكية أيضا؛ وهي فتوى المفتي، أي لكي تجد الفتوى طريقها للتطبيق لابد من قبول المعنىُّ بهذه الفتوى لها وعمله بها، وحكم القاضي وهو واجب التنفيذ والعمل به لحسم الخصومة، وقرار السلطان/الرئيس/الحكومة، وهو قرار واجب اللزوم والعمل به في حدود طاعة الحاكم الشرعي، أما الوسيلة الرابعة فهي مجالس العلم والتعليم والوعظ وبرامج الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي على شبكة المعلومات الدولية[56]“الإنترنت”.

الأثر:

هناك من يعرف الأثر بأنه تلك العلاقة التفاعلية بين أفراد الجمهور ووسائل الإعلام وتتميز هذه العلاقة من جانب وسائل الإعلام بمحاولة تكييف رسائلها مع خصائص الجمهور الذي تتوجه إليه بهدف استمالتهم لكي يتعرضوا لمحتوياتها وليس بالضرورة التأثير عليهم لكي يغيروا شيئا ما على المستوى المعرفي أو الوجداني أو السلوكي[57]، ويقصد بالأثر ما تحدثه وسائل التواصل الاجتماعي من تغييرات على المجتمع سواء أكانت تلك التغييرات إيجابية أم سلبية[58]، وترى نظرية الاعتماد على وسائل الاتصال أن التأثير يعتمد على العلاقات المتدخلة بين الوسائل والجمهور والمجتمع فرغبة الفرد في الحصول على المعلومات هي المتغير الرئيسي الذي يفسر التأثيرات المعرفية والنفسية لوسائل الاتصال، كما أن الاعتماد على الوسائل يقوى عندما يرى الفرد أن أهدافه تتحقق من خلال المعلومات التي يحصل عليها[59]، كما تدرس عملية التأثير من خلال الربط بين المميزات الاجتماعية والمذهبية لهؤلاء النجوم المفتين ومواضيع الفتاوى التي يقدمونها والخصائص الاجتماعية وحتى الأنثروبولوجية لطالبي هذه الفتاوى[60]، ويأتي ذلك تعبيرا عن عملية التواصل بالنسبة للإنسان والتي يتم من خلالها تكوين ثقافته واتجاهاته وعلاقاته وبها يتأثر ويؤثر، فهي عملية هدفها الأساسي التأثير، ويزداد حجم التأثر بحجم هذه الشبكات وانتشارها بين الناس، ونظرا إلى أنها مفتوحة أمام الجميع في ظل تعدد الثقافات في فضائها وسرعة تناقل الأخبار، كانت تأثيراتها على المجتمعات عميقة جدا، لقد أحدثت الإنترنت تغييرا جديدا في أكثر من مجال في العالم ولازال التغيير مستمرا بسبب التطوير المستمر في أشكال ووسائط الإنترنت[61].

الحقل:

مفهوم سوسيولوجي وضعه عالم الاجتماع الفرنسي “بيير بورديو Pierre Bordieu ويتكون الحقل من جملة من علاقات موضوعية تعبر عن أوضاع يحتلها فاعلون ومؤسسات في سعيهم لاكتساب نوع محدد من رأس المال (ثقافي، اجتماعي، سياسي، اقتصادي،…) ، وهو مفهوم رمزي للمجتمع وصراعاته على الهيمنة والسلطة والمشروعية[62]، كما أنه فضاء اجتماعي لتنافس الفاعلين الاجتماعيين مع بعضهم البعض من أجل الاستحواذ والتصرف في الخيرات النادرة التي تمثل مختلف رؤوس المال، يمثل الرأسمال كل ما هو فعال ـ في حقل معين ـ فهو بمثابة سلاح يمكن صاحبه/ ممتلكه من ممارسة تأثير أو سلطة ما ومنه يسجل تواجده بقوة[63]، والحقل الديني هو ذلك الفضاء الاجتماعي الذي تتمثل وظيفته في إضفاء الشرعية على بنية المجتمع من خلال إعطاء الهيمنة شرعية ماورائية/ فوق طبيعية، وتتجسد استقلاليته عندما يحتكر المختصين الدينيين المعرفة الدينية ويدخلون في تنافس مع بعضهم البعض مع إبقاء العوام خارج المنافسة، إن الذين يستحوذون على أكبر قدر من السلطة الدينية هم الذين يحددون قواعد اللعبة مثل منع الوقوف أمام الديانات الأخرى ، معاقبة الملحدين/ المخالفين، أصحاب البدع، وعليه نجد داخل الحقل الديني أن المنتجين هم رجال الدين المختصين، والمستهلكين هم مختلف الطبقات الاجتماعية[64].


الهامش

[1] ـ مسفر أحمد مسفر الوادعي وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الأمن الفكري من وجهة نظر طلبة المرحلة الثانوية ومعلمي العلوم الشرعية بمنطقة عسير، مجلة كلية التربية، جامعة الأزهر، مجلد 35، العدد (171 الجزء الثالث) ديسمبر 2016م، ص35 ـ 36.

[2] ـ أحمد عبدالعزيز الكاروري، مرجع سابق، ص 160.

[3] ـ يسرا عمر الفاروق، مرجع سابق، ص19.

[4] ـ هواري حمزة، التواصل الاجتماعي والفضاء العمومي، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة قاصدي مرباح ـ ورقلة، العدد 20، سبتمبر 2015، ص224.

[5] ـ عمار توفيق أحمد بدوي، أثر التواصل الحديثة على الدعوة “الفيس بوك” نموذجا: دراسة إحصائية، بحث مقدم لمؤتمر “وسائل التواصل الحديثة وأثرها على المجتمع” كلية الشريعة بجامعة النجاح الوطنية، ص5.

[6] ـ هواري حمزة، مرجع سابق، ص225.

[7] ـ ميمي محمد عبدالمنعم توفيق، شبكات التواصل النشأة والتأثير مجلة كلية التربية في العلوم الإنسانية والأدبية، ـ جامعة عين شمس ـ كلية التربية، العدد الرابع والعشرون (الجزء الثاني) 2018، ص203.

[8] ـ بوكدرون إيمان، وحاج قويدر أسماء، دور التواصل الاجتماعي في تشكيل الوعي الديني في الوسط الطلابي: الفيس بوك نموذجا، مذكرة تخرج لاستكمال متطلبات شهادة الماستر تخصص: وسائل الإعلام والمجتمع، الجزائر، جامعة الجيلالي بونعامة بخميس مليانة، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، 2017/2018، ، ص30.

[9] ـ يسرا عمر الفاروق، مرجع سابق، ص84.

[10] ـ ليلى الضو سليمان، مواقع التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات الحضارية للشباب المسلم، مجلة ركائز معرفية، مجلد4، العدد1، 2016، ص 103.

[11] ـ عماد الدين على أحمد جابر، دور شبكات التواصل الاجتماعي في تصحيح صورة الإسلام على شبكة الإنترنت: دراسة تحليلية وميدانية، المجلة المصرية لبحوث الإعلام، جامعة القاهرة ـ كلية الإعلام، العدد 55، يونيو 2016، ص242.

[12] ـ أحمد عبدالعزيز الكاروري، مرجع سابق، ص 160.

[13] ـ أحمد عبدالعزيز الكاروري، مرجع سابق، ص 161.

[14] ـ يسرا عمر الفاروق، مرجع سابق، ص84.

[15] ـ أحمد عبدالعزيز الكاروري، مرجع سابق، ص 162 – 163.

[16] ـ محمد علي يحيي الحدادي، أثر التواصل الاجتماعي على عقيدة المسلم، مجلة جامعة المدينة العالمية (مجمع)، العدد الخامس عشر، يناير 2016، ص79-80.

[17] ـ أحمد عبدالعزيز الكاروري، مرجع سابق، ص 172 – 173.

[18] ـ ليلى الضو سليمان، مرجع سابق، ص 107.

[19] ـ بوكدرون إيمان، وحاج قويدر أسماء، مرجع سابق ، ص31-32.

[20] ـ يسرا عمر الفاروق، مرجع سابق، ص17.

[21] ـ المرجع السابق، ص18.

[22] ـ أمال عساسي، مرجع سابق، ص13.

[23] ـ المرجع السابق، ص81.

[24] ـ المرجع السابق، ص84.

[25] ـ حمد بن إبراهيم، مرجع سابق، ص 43.

[26] ـ أمال عساسي، مرجع سابق، ص88.

[27] ـ يسرا عمر الفاروق، مرجع سابق، ص18- 19.

[28] ـ أمال عساسي، مرجع سابق، ص22.

[29] ـ المرجع السابق، ص96 -97.

[30] Kozinets, Robert V. Netnography: Redefined. 2 ed. Los Angeles: Sage, 2015

[31] ـ أمال عساسي، مرجع سابق، ص 109 ـ 110.

[32] Kozinets, Robert V. Netnography: Redefined. 2 ed. Los Angeles: Sage, 2015

[33] ـ الصادق كرشيد، مواقع الإنترنت الإسلامية بين الائتلاف والاختلاف، أعمال ورشة العمل العلمية الدولية بعنوان الإسلام واحدا ومتعددا، جامعة الزيتونة ، المعهد الأعلى لأصول الدين، تونس، أكتوبر 2007، ص308.

[34] ـ محمد علي أبو العلا قنديل، اتجاهات القائمين بالاتصال في المجال الديني من قضية تجديد الخطاب الديني: دراسة ميدانية، المجلة المصرية لبحوث الرأي العام، جامعة القاهرة ـ كلية الإعلام ـ مركز بحوث الرأي العام، مجلد 13، العدد 2، ديسمبر 2014، ص402.

[35] ـ ليلى الضو سليمان، مرجع سابق، ص101.

[36] ـ رشيد جرموني، الدين والإعلام في سوسيولوجيا التحولات الدينية، الرياض، دار الفيصل الثقافية، كتاب الفيصل 28، 1440هـ، ص74.

[37] ـ الصادق كرشيد، مرجع سابق، ص308.

[38] ـ رشيد جرموني، مرجع سابق، ص76 -79.

[39] ـ المرجع السابق.

[40] ـ رشيد جرموني، مرجع سابق، ص86.

[41] ـ المرجع السابق، ص 35- 39.

[42] ـ هاني عواد، التدين الشبابي: نمط منفلت من المؤسسة الأيديولوجية، قطر، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أكتوبر، 2011، ص19.

[43] ـ المرجع السابق، ص20.

[44] ـ أنور قاسم الخضري، ظاهرة التدين الجديد وأثره في تمرير ثقافة التغريب، السعودية، مركز التأصيل للدراسات والبحوث، الطبعة الأولى، 2008، ص17-18.

[45] ـ وائل لطفي، الدعاة الجدد، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2005، ص22.

[46] ـ رشيد جرموني، مرجع سابق، ص61-62.

[47] ـ المرجع السابق، ص67 – 69.

[48] ـ محمد فتوح، إسلاميو الانفلونسرز تشكيل علاقة الفرد بالدين، المعهد المصري للدراسات، يوليو 2019، ص4-6.

[49]ـ باتريك هايني، إسلام السوق، ترجمة عومرية سلطاني، بيروت، مدارات للأبحاث والنشر، ص25.

[50]ـ المرجع السابق ، ص26.

[51] ـ سكينة هنوز وسعاد رباح، واقع الفتوى عبر وسائل الإعلام الحديثة ودورها في صناعة الفتاوى الشاذة والترويج لها، الملتقى الدولي الرابع: صناعة الفتوى في ظل التحديات المعاصرة 16و17 ربيع الأول 1441هـ، 13و14نوفمبر 2019م، معهد العلوم الإسلامية ، جامعة الوادي، ص840.

[52] ـ رشيد جرموني، مرجع سابق، ص89.

[53] ـ المولدي الأحمر، نجوم الفتوى وإعادة تشكل الحقل الديني في البلاد المغاربية في العصر الحديث، المجلة التونسية للعلوم الاجتماعية، مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، س53، العدد144، 2018، ص176.

[54] ـ ألكسندر كايرو ، الفتاوى الرقمية والتحول المُستمر في المرجعية الدينية، 31/3/2019، الرابط: https://www.hbku.edu.qa/ar/node/10714/pdf

[55] ـ سيف الدين عبدالفتاح، منهجية بناء الفتوى.. والحالة الإفتائية العملية الإفتائية.. وقضايا الأمة، 8/10/2003، الرابط: https://archive.islamonline.net/10679

[56] ـ إبراهيم البيومي غانم، ميراث الاستبداد، القاهرة، نيو بوك للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2018، ص85.

[57] ـ قيدوم فلة، أثر استخدام الإنترنت لدى الشباب الجامعي على وسائل الإعلام التقليدية: دراسة تطبيقية على عينة من طلبة العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر بن يوسف بن خده، كلية العلوم السياسية والإعلام، قسم علوم الإعلام والاتصال، 2008ـ 2009، ص11-12.

[58] ـ محمد علي يحيي الحدادي مرجع سابق، ص81.

[59] ـ قيدوم فلة، مرجع سابق، ص10.

[60] ـ المولدي الأحمر، مرجع سابق، ص189.

[61] ـ محمد علي يحيي الحدادي، مرجع سابق، ص85 ـ 86.

[62]ـ باتريك هايني، إسلام السوق، ترجمة عومرية سلطاني، بيروت، مدارات للأبحاث والنشر، (هامش للمترجم) ، ص38

[63] ـ محمد بن عدة، المؤسسة الدينية الرسمية في مواجهة التيار الإسلاموي، دراسات اجتماعية، مركز البصيرة للبحوث والاستشارات التعليمية ، العدد 18، الجزائر، 2015، ص104.

[64] ـ المرجع السابق.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى