fbpx
دراسات

صفقة القرن: قراءة في المواقف العربية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

في دراسة أعدها جنرال في جيش دولة الاحتلال الإسرائيلي “شمعون عراد” لمركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي جاء فيها أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يهدف من خلال مقترحاته والمعروفة باسم “صفقة القرن” إلى حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتوفير ظروف إقليمية تسهم في تحقيق أهداف استراتيجية للأمن القومي الأميركي. وتقول الدراسة أن إدارة ترامب كلّفت أنظمة حكم عربية بالعمل على جلب الفلسطينيين لطاولة المفاوضات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وأن تضفي، في الوقت نفسه، شرعية على التنازلات التي سيتوجب عليهم تقديمها لدولة الاحتلال الإسرائيلي. على ان تتكفل الدول العربية بتوفير غطاء مالي يسمح بإغراء الفلسطينيين بالعودة للمفاوضات وتقديم تنازلات، وذلك يرجع لقناعة الولايات المتحدة الامريكية، أن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يوفر بيئة تسمح بتعزيز العلاقات بين تل أبيب والدول الخليجية. والتي تعد متطلباً أساسياً لإضعاف إيران1 .
الا ان ما تسعي اليه الولايات المتحدة الامريكية يواجه تحديات صعبة، أهمها: مقاطعة السلطة الفلسطينية للإدارة الأميركية بعد قرارها بنقل السفارة الامريكية للقدس؛ إلى جانب الرفض العربي “المعلن” لما عرضه كلا من جاريد كوشنير وجايسون غرينبلات في جولتهم لمنطقة الشرق الاوسط بتاريخ 22-6-2018م.
هذا إلى جانب وجود خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية، لبعض بنود صفقة القرن، بسبب شمول الخطة على انسحاب إسرائيل من بعض المستوطنات الإسرائيلية في مدينة القدس 2 .
وانطلاقا من فرضية أن نجاح أي صفقة بحجم ما تم تداوله يحتاج إلى مواقف ودعم إقليمي. سيعمل هذا التقرير على معرفة المواقف الإقليمية من صفقة القرن؛ مع بيان هل هي صفقة شمولية أم صفقة خاصة بالقضية الفلسطينية، أم صفقة انسانية اقتصادية؟ مع محاولة استشراف مستقبلها.

أولاً: ملامح الخطة الامريكية

التحليلات والتصريحات التي تناولت ما يسمى “صفقة القرن” كثيرة، تشابهت في نقاط واختلفت في نقاط أخرى. إلا ان نقاط التشابه بخصوصها هي أقرب لما صرح به عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني في 9 يناير/كانون الثاني 2018م، بقوله إن مقترحات ما يُعرف “بصفقة القرن” تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وذلك من خلال تبادل أراضٍ، بعد أن يتم توسيع قطاع غزة على حساب سيناء جغرافيا فقط؛ وتوسيع دولة الاحتلال الإسرائيلي على حساب الكتل الاستيطانية المتواجدة في الضفة الغربية ومناطق الغور الاردنية.
لتصبح الدولة الفلسطينية على النحو التالي: قطاع غزة الموسع، على حساب سيناء، بداخله ميناء ومطار دولي تحت مراقبة دولية أو مصرية، على ان تتصل مناطق الضفة الغربية (أ، ب) فيما بينهم بطريقة اتصال (مترو أنفاق، قطار سريع، معبر أمن). مع حق إسرائيل في الاحتفاظ بضمانات أمنية (جوية وبرية وبحرية) بالشكل الذي يفقد الدولة الفلسطينية المتوقعة صفتها السيادية، بمعني حكم ذاتي وظيفي موسع. كما يستفيد سكان غزة من إنشاء ميناء دولي كبير (في القطاع الغربي من غزة الكبرى)، ومطار دولي على بعد ٢٥ كم من الحدود مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.3
وقد نقلت صحيفة “هآرتس”، عن مصادر إسرائيلية لم تسمها، قولها إن وفداً أمريكياً يسعى إلى إقناع دول عربية باستثمار مئات ملايين الدولارات في تنفيذ مشاريع تهدف لمساعدة قطاع غزة، ستقام في منطقة شمال سيناء المصرية . كما وافقت “إسرائيل” مبدئياً على إقامة ميناء بحري في قبرص لنقل البضائع إلى قطاع غزة، شريطة إعادة حركة حماس الجنود الإسرائيليين المحتجزين لديها، وفق إعلام عبري4 .

ثانياً: مواقف أطراف الصراع من صفقة القرن

1- الموقف الفلسطيني:

حالة الانقسام والشرذمة التي يعيشها النظام السياسي الفلسطيني في غاية التعقيد والضعف، فهناك أكثر من طرف في النظام السياسي الفلسطيني يقدمون أنفسهم أصحاب السلطة والحكومة في الأراضي الفلسطينية التي لا تزال “محتلة”. فهناك منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الوطنية الفلسطينية المسيطر عليها بالمطلق من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد أن تم تعطيل السلطة التشريعية الفلسطينية، على الرغم أن كلاهما (النظام الرئاسي والبرلماني) قد تجاوزا الفترة القانونية وبالتالي أصبحا فاقدي الشرعية.
علما بأن ملف المصالحة الفلسطينية والذي يمكن له أن يصلح من أوضاع النظام السياسي الفلسطيني “جزئيا”، لا يزال معطلاً، فعلى الرغم من عقد العديد من الجولات والاتفاقيات في هذا الملف، إلا أن السلطة الفلسطينية لا تمتلك السلطة الفعلية في قطاع غزة، فالقطاع لا يزال يخضع لحكم حماس بعد أن تم حل اللجنة الإدارية التي كانت مخولة بالإدارة. وعلى الرغم مما تقدم فإنه يمكن القول إن القوى السياسية التي لا تزال المؤثرة على المشهد الفلسطيني وقطاع غزة بشكل كبير، هما حركة حماس والسلطة الفلسطينية، ولكي نتمكن من فهم المشهد نعرض موقفهما مما يسمى بـ “صفقة القرن” أو “صفقة غزة” كما يسميها البعض.

(أ) السلطة الفلسطينية:

الموقف الرسمي الفلسطيني، ممثلا بمنظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية، الحاضرتين شكلا والغائبتين مضمونا عن المشهد السياسي والاداري الفلسطيني وتحديداً في قطاع غزة (مسرح الصفقة). يمكن تلخيصه في تصريحات السيد نبيل أبو ردينة الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، والذي أشار إلى صفقة القرن، بأنها (صفقة غزة) تهدف لضرب المشروع الوطني الفلسطيني. وذلك من خلال تحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية إلى قضية انسانية اقتصادية عبر بوابة غزة. مضيفا: إن “الإدارة الأمريكية ونتيجة تعاطي بعض الأطراف المشبوهة والمتآمرة معها، اعتقدت أن إزاحة قضية القدس واللاجئين، وإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، يفتح لها الطريق لعقد صفقة غزة المرفوضة فلسطينياً وعربياً ودولياً “. وقال: “ما يجري من طروحات وأفكار وأوهام، هدفه إلغاء الهوية الوطنية الفلسطينية، وقتل المشروع الوطني، وليس التقدم في عملية السلام “ 5.
وبعيداً عن التصريحات فإن السلطة الفلسطينية قد اتخذت مواقف عملية في مواجهة ما تسمى بـ “صفقة القرن”، فلا يزال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مقاطعا لإدارة ترامب منذ إعلانها أن القدس هي عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي6 . وربما زيارة عباس لإسطنبول في القمة الاسلامية بتاريخ 18-5-2018م، وخطابه شديد اللهجة ضد الادارة الامريكية دليل على ذلك 7 هذا من جانب. ومن جانب آخر يتفاوض عباس مع حركة حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية حول إقامة حكومة وحدة وطنية. فقد التقى برئيس الوزراء الاسبق سلام فياض بتاريخ 2-7-2018م، وأجرى معه مفاوضات حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، وذلك بهدف توحيد جغرافية الاراضي الفلسطينية وتوحيد الموقف الفلسطيني لمواجهة صفقة القرن8 .
هذا في الوقت الذي اتخذ فيه عباس قرارات في حق سكان قطاع غزة، أخطرها قضية خصومات المرتبات على موظفين السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، مبررا ذلك، بأنها مجرد وسيلة للضغط على حركة حماس من أجل القبول بشروط المصالحة وتسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية. إلا أن اجراءات عباس تمثل سلاحاً ذا حدين، فهي قد تكون وسيلة ضغط كبيرة على حكم حماس المنهك في غزة وهذا صحيح. إلا أنها يمكن أن تُمثل أيضا طريقة لإضعاف حركة حماس بالشكل الذي يجعل موقفها ضعيفا وغير قادر على مواجهة الضغوط والاغراءات الاقليمية والدولية المقدمة لها من خلال صفقة القرن.
قطاع من الشارع الفلسطيني لا يزال متوجسا من مواقف واجراءات السلطة الفلسطينية بحق قطاع غزة، وغير مقتنع بأنها تهدف لإفساد صفقة القرن، خاصة وان الرئيس الفلسطيني معروف عنه بانه مهندس الصفقات والاتفاقيات السرية؛ وعليه يخشى الشارع الفلسطيني ان تكون اجراءات عباس تهدف إلى تطبيق صفقة القرن لا إلى محاربتها.

(ب) حركة المقاومة الاسلامية حماس:

بات من الواضح أن حركة المقاومة الاسلامية حماس تعاني من ضغوط إقليمية كبيرة وخطيرة أيضاً، بات يشعر بها المواطن الفلسطيني المقيم في قطاع غزة. فحماس تحكم بلا حكومة، كما تتعامل مع التصعيد والممارسات العدوانية الإسرائيلية الاخيرة تجاه غزة بعقلية غير معهوده على أسلوب الجناح العسكري لحركة حماس. فبعد تعرض مواقع عسكرية لاستهداف مباشر من سلاح الجو الإسرائيلي وتدمير العديد من المواقع التدريبية والانفاق الخاصة بالمقاومة، تبنت حركة حماس استراتيجية ضبط النفس.
ويذهب بعض المحللين في تبرير سلوك حماس إلى عدة آراء:
الأول: أن حركة حماس باتت تُدرك أن الحرب القادمة لن تكن كالحروب السابقة، وأن الجبهة الداخلية في قطاع غزة لم تعد تحتمل حروبا جديدة 9 .
الثاني: أن حركة حماس باتت تعلم أنها معرضة لخطر كبير قد يؤثر سلبا على مستقبلها العسكري على أقل تقدير 10 .
الثالث: أن حركة حماس أصبحت أكثر نُضجا في اتخاذ قرارات الحرب.
الرابع: أن حركة حماس باتت تشبه أسلوب الأنظمة العربية في مواجهة أي عدوان من خلال مقولة (الرد المناسب في الوقت المناسب).
التفسيرات السابقة وغيرها ربما تُوضح لنا أسباب تحركات واندفاع حماس باتجاه مصر. إلى جانب رعاية عدد من الأطراف الإقليمية لإجراء اتصالات سرية بين حركة حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي من أجل اتمام صفقة تبادل الاسري 11 . هذا إلى جانب رعايتهم لخطط اقليمية ودولية تهدف إلى اعادة اعمار غزة بدون حضور السلطة الفلسطينية12 .
المواقف السابقة لحركة حماس، توضح أن حركة حماس تتعامل مع صفقة القرن بحرص شديد، من خلال اتباع استراتيجية “ازاحة الغيوم” والمقصود فيها اكتساب أكبر قدر من الوقت على أمل حدوث تغيرات إقليمية ودولية تصب في مصلحة القضية الفلسطينية. الاسلوب التكتيكي الهادئ والموزون لحركة حماس لا يعني بالضرورة انه لا توجد حالة من التخبط عند قيادات حركة حماس، ففي تصريح لعضو المكتب السياسي لحركة حماس القيادي محمود الزهار جاء فيها أن “هناك أعداداً كبيرة من سكان قطاع غزة عاشت في مصر ولا تزال، وأن التواجد الفلسطيني في أي بلد ومنها مصر دون أي ثمن سياسي لا أحد يعترض عليه، كما أنه لم يمانع إذا كان هناك ميناء ومطار وغيرها بدون أي ثمن سياسي”13 . موقف الزهار الأخير يحمل العديد من علامات الاستفهام أهمها كيف يتوقع قيادي بحجم الزهار امكانية الحصول على مكاسب بدون أثمان سياسية؟!
إجمالا يمكن القول إن الموقف الرسمي لحركة حماس بات واضحا أنه يرفض صفقة القرن أو أي صفقة انسانية مشكوك فيها، والدليل على ذلك رفض حركة حماس التعاطي مع الولايات المتحدة في تحركاتها لتعزيز السلام بين غزة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من موافقة الولايات المتحدة للعمل مع الحركة إذا ما نبذت الإرهاب. كما وصفت حركة حماس كلا من غرينبلات، كوشنر، بـانهم “الناطقين باسم الاحتلال الإسرائيلي14 “. الا ان الحركة تسعى جاهدة للوصول إلى حلول للأزمة الانسانية لسكان غزة، إلى جانب أزمتها السياسية من خلال الجهود المصرية، وما تملكه من أوراق ضغط كملف الاسرى الإسرائيليين لديها.
وفي ختام الموقف الفلسطيني نستطيع القول إنه بات من الواضح أن صفقة القرن تواجه رفضا فلسطينيا رسميا وفصائليا وشعبيا، إلا أن هذا الرفض وحده لا يكفي، فالعلوم السياسية قائمة على (فن الممكن) لا (فن الموقف). ولكي ينجح الفلسطينيين في مواجهة صفقة القرن، عليهم توحيد صفوفهم بأسرع وقت، على أن توحد كافة الجهود والطاقات الفلسطينية. لكيلا يبقى طرف فلسطيني بعيداً خاضعاً للتأثيرات الخارجية. فهل يفعل الفلسطينيون ذلك، خصوصا في ظل وجود مطامع لدى العديد من قيادات فتح وحماس في قيادة السلطة الفلسطينية خلفا لعباس؟ أم أن الاطراف الفلسطينية الأساسية (السلطة وحماس) تلعب لعبة كسب الوقت من أجل السلطة لا أكثر؟

2ـ موقف دولة الاحتلال الإسرائيلي:

لا يمكن مقارنة الموقف الإسرائيلي بالموقف الفلسطيني، فالنظام السياسي الإسرائيلي مستقر لحد كبير. كما ان الحكومة الإسرائيلية تحظي بدعم لا محدود من قبل الإدارة الامريكية الحالية، بالشكل الذي يجعل صفقة القرن أقرب إلى أن تكون فكراً وتخطيطاً وإخراجاً إسرائيلياً. على أن يقتصر التنفيذ على الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الاقليميين، والدليل على ذلك أنه لا توجد تقريبا تصريحات رسمية إسرائيلية تناولت بنود صفقة القرن حتى الآن.
إلا أن هذا لا يعني أن هناك اجماعا إسرائيليا على التصورات التي خرجت حول صفقة القرن، فالحكومة الإسرائيلية الحالية يمينية متطرفة، والمجتمع الإسرائيلي ذاهب إلى أقصى درجات التطرف. وهذه مؤشرات قد تفضي إلى إفشال صفقة القرن. فمسألة وجود دولة فلسطينية بأي شكل من الاشكال مرفوض عند عدد كبير من القيادات والنخب الإسرائيلية. خصوصا وأن هناك عدد من القيادات الإسرائيلية اليمينية ترى أن جزءً من مصر والأردن والخليج هي أراضي تابعة لدولة الاحتلال الإسرائيلي. ومن أدلة وجود أصوات معارضة إسرائيلية، الخلافات الامريكية الإسرائيلية في مسألة مستوطنات الضفة الغربية، فقد خرجت بعض التقارير قالت إن واشنطن تريد من إسرائيل القبول بضم 10% من الضفة الغربية والكتل الاستيطانية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، فيما يصر نتنياهو على ضم مساحة 15% من مساحة الضفة 15.
كما لا يمكن التغافل عن الاشكاليات التي يعاني منها رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي “نتنياهو” وزوجته من تهم بالفساد. هذا إلى جانب حالات التوتر العسكري بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وسوريا والمليشيات الايرانية وحركات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. إضافة إلى اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية في نوفمبر 2019.

ثالثاً: المواقف العربية وصفقة القرن

تدّعي السلطة الفلسطينية أن إدارة ترامب تحاول استخدام قطاع غزة “كمفتاح” لتقديمه لقادة الدول العربية المعتدلة للمضي قدمًا في “صفقة القرن”. وتستند مخاوف كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية إلى تقرير نشرته صحيفة “هآرتس ” في 17 حزيران / يونيو 2018 م، أنه وفقا لمصادر في إدارة ترامب، فإن جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات سيحاولون جمع ما بين 500 مليون إلى 1 مليار دولار من دول عربية لسلسلة من المشاريع التي تخدم قطاع غزة. ومن المأمول أن تعمل هذه المشاريع على تهدئة الوضع الأمني ​​وإيجاد زخم إيجابي لعرض خطة الرئيس “ترامب” “صفقة القرن “16 . وسيحاول هذا المحور الكشف عن جدية هذا الموقف.

1ـ مصر:

عند متابعة الموقف الرسمي المصري، فيما يتعلق بصفقة القرن، نستطيع أن نستنتج ثلاثة تصورات حول الموقف الرسمي المصري من الصفقة:

الأول: الرفض المصري الكامل

يأتي هذا في ظل ما صرح به وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن صفقة القرن لا تعني التنازل عن أية أراضٍ مصرية، وما أثير حولها “تفسيرات خاطئة هدفها الجدال واللغط”، وأن ما يتم تداوله مجرد بالونات اختبار قياس. وأكد على أنه “لا يمكن للسيسي أن يتخلى عن ذرة من تراب الوطن17 “.
وربما قيام الجيش المصري بالعديد من الحملات العسكرية ضد الجماعات المسلحة في سيناء يدعم هذا الاحتمال، فلماذا يقاتل الجيش المصري في أرض سوف يتنازل عنها؟

الثاني: قبول الصفقة بالكامل

يعتمد هذا التصور على الموقف المصري الرسمي فيما يتعلق بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية. وأن السيسي هو من أطلق مصطلح صفقة القرن، لحل القضية الفلسطينية، الثالث، ان ما يقوم به الجيش المصري من هدم موسع في سيناء هي مجرد خطوة في صفقة القرن.

الثالث: قبول الخطة البديلة

ذكرت بعض التقارير أن مصر قدمت إلى حركة حماس خطة لتحسين الوضع في قطاع غزة، والتي ستشمل إقامة منطقة تجارية مشتركة بين قطاع غزة وشمال سيناء، إلى جانب تحسين حركة المرور على معبر رفح واستخدام مطار العريش. ووفقا للتقرير، يعتزم المصريون تنفيذ الخطة حتى لو اعترضت حماس. وقالت مصادر في المخابرات المصرية إنها ستواصل جهودها لتنفيذ المصالحة وإنهم ينتظرون الحصول على إجابات من الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ولم تنكر حماس التقارير، لكنها رفضت إعطاء تفاصيل حولها 18 .
ويرى الباحث أن الاحتمال الثالث أو الخطة المصرية البديلة، هي الأقرب للواقع، مرحلياً، وذلك للأسباب الاتية:

  • الاسباب السياسية:

حيث تسعى مصر أن تبقى هي الممسكة الأولى بمفاتيح القضية الفلسطينية، فمصر دوما ما تقدم نفسها للمنظومات الاقليمية والدولية بأنها صاحبه التأثير الأكبر على كافة الأطراف الفلسطينية. علما أن هذه النقطة تُكسب السياسة الخارجية المصرية زخما كبيرا في الاوساط السياسية الدولية. كما تعد المسألة الفلسطينية بمثابة مسألة أمن قومي مصري من الدرجة الاولي، وعليه فإن مصر تسعى للوصول إلى حلول في القضية الفلسطينية دون المساس بالحقوق المصرية. وربما غالبية الاجراءات التي قامت بها مصر تشير إلى ذلك.

  • الأسباب الاقتصادية:

بات من المعروف بأن النظام المصري يعتبر التحديات الاقتصادية، من أكبر التحديات التي تواجهه، والتي يسعى جاهدا لحلها بكافة الطرق، وربما تكون خطة المنطقة التجارية بين مصر وغزة جزءا من حل الأزمة المصرية. خصوصا وأن مصر ترغب في تصدير منتجاتها لقطاع غزة بدلا عن المنتجات الصينية، والذي تأمل مصر من خلاله تحقيق دخلاً مادياً يتجاوز 2.5 مليار دولار في العام، الأمر الذي سيضاعف من حالة الضمان والأمان الاقتصادي في مصر . كما تسعى مصر للاستفادة من مصادر التمويل في غزة  20 خاصة في ظل وجود نحو 9.6 مليار دولار ودائع للعملاء في البنوك الفلسطينية بغزة، إضافة إلى وجود حوالي 10 مليارات دولار تدخل سنوياً كسيولة للتجارة في القطاع، بحسب سلطة النقد الفلسطينية، ما يعني أن القطاع يملك سيولة مالية ونقدية كافية لإدارة عملية تجارية مريحة مع مصر، بحسب مختصين في الشأن الاقتصادي .

2ـ المملكة الأردنية الهاشمية

صرحت جمانة غنيمات الناطقة باسم الحكومة الأردنية بأن: “الموقف الأردني من النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، وعملية السلام، والحل النهائي، ثابت ولم يتغير “. وأضافت: “فيما يتعلق بصفقة القرن لم يطلعنا أحد بشكلٍ صريح على مضمونها، ولم يتم هذا الأمر حتى في زيارة كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنير، الأخيرة إلى المملكة “.
مؤكدة أن موقف الأردن من صفقة القرن : “بأنها إذا كانت تستهدف وجود دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 67، وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين، فنحن معها؛ أما ما سوى ذلك فنحن لا نقبل بها، وهذا الأمر أكده الملك عبد الله الثاني في زيارته الأخيرة إلى واشنطن ولقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “22 . الا ان الوزيرة لم تنفِ تعرض بلادها لضغوط دولية بغية تغيير الأردن موقفه من “صفقة القرن “. “.23
ومن مظاهر تحفظات المملكة الاردنية على صفقة القرن، التقارب الاردني التركي مؤخرا بعد حضور المملكة الاردني عبد الله لقاءين في اسطنبول بناء على دعوة من الرئيس التركي اردوغان، إلى جانب تطور علاقات الاردن برئيس السلطة الفلسطينية.
وترجع أسباب رفض الاردن لما يسمى بـ صفقة القرن ربما للأسباب الآتية:

  • حرص المملكة الاردنية الهاشمية على الاحتفاظ بإشرافها على الأماكن المقدسة في الاراضي الفلسطينية، خصوصا بعد تصريحات مستشار ترامب ” جاريد كوشنر”، خلال حفل نقل السفارة، عن مسؤولية “إسرائيل” عن القدس بأكملها وتجاهل تماما سيادة الأردن على الأماكن المقدسة في المدينة .
  • وجود قضية اللاجئين الفلسطينيين، إذ يشعر الأردن بالقلق من أن تطلب منه الولايات المتحدة قبول جميع اللاجئين الفلسطينيين على أراضيه ومنحهم وضعا مساويا لباقي السكان .24 والذي من الممكن أن يساهم في إحداث تغيرات كبيرة في الحياة السياسية والهوية الاجتماعية للمملكة. هذا إلى جانب خشية الأردن من غضب فلسطيني في الداخل الأردني والذي من الممكن أن يُشكل حالة من الاضطرابات غير معلومة المسارات.

ونتيجة للتخوفات الاردنية سابقة الذكر، وأيضا للمواقف الأردنية الرافضة لصفقة القرن. فان الاردن ربما بات يعاني من ضغط شديد باتت ملامحه من خلال الاضطرابات التي شهدتها العاصمة الاردنية، نتيجة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها المملكة.25 وربما تدفق الاف اللاجئين السوريين على الحدود الأردنية – السورية، وسيلة أخرى للضغط على الاردن.26 وربما أيضا لقاء 18-6-2018م، بين الملك الاردني ورئيس الوزراء الإسرائيلي في عمان جاء كمحاولة أمريكية إسرائيلية إضافية لتخفيف معارضة الملك لـ “صفقة القرن” 27 .
وعليه فإنه من المتوقع في حال تمسك الاردن بمواقفه الرافضة لصفقة القرن، أن يتعرض لضغوط أمريكية وإسرائيلية وإقليمية ودولية بالشكل الذي يُهدد استقرار المملكة، وبالتالي حدوث ما يشبه ثورة تمرد في المملكة يشغل النظام السياسي الاردني في أموره الداخلية وذلك على حساب سياساته ومواقفه الخارجية، على أن يستفيق من هذه الاضطرابات بعد تطبيق تنفيذي وعملي للصفقة.

3ـ سوريا:

ربما تكون سوريا جزءا مهماً مما يسمى صفقة القرن، وذلك يرجع للعامل الجغرافي كونها تقع في النطاق التوسعي لدولة الاحتلال الإسرائيلي. فدولة الاحتلال الإسرائيلي تسعى للحصول على اعتراف دولي في منطقة الجولان بشكل رسمي، مع اقامة منطقة حدودية عازلة. ليس هذا فحسب فسوريا تعد من أكثر الدول في العالم التي يتواجد بها لاجئين فلسطيني والمطلوب تصفيه قضيتهم. وعليه فمن المتوقع أن يتخذ النظام السوري إحدى المواقف التالية فيما تسمى صفقة القرن:
* التماشي مع الصفقة: من المتوقع ان يقدم النظام السوري الأمن والسلام لدولة الاحتلال الإسرائيلي مع التنازل لها عن الأراضي السورية المحتلة في الجولان، حيث أشارت بعض المصادر إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد طلب عبر حليفه الروسي المساومة على بقائه مقابل الانخراط الكامل في المشروع الذي يحضر له، جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي في المنطقة. ورغم التقارب بين الأسد وحليفه الأساسي إيران، إلا أن المصادر فسرت المقصود بالأمن هو إبعاد إيران وحزب الله عن الحدود الإسرائيلية، والتعهد بالمحافظة على سلامة الحدود كما جرت العادة طوال العقود الماضية .
وعليه فان إيران تخشي على وجودها في سوريا جراء هذه الصفقة، وهذا ما اكده بهروز بنيادي النائب البرلماني الإيراني، بقوله إن روسيا «ليست صديقاً موثوقاً لبلاده». وأوضح بنيادي في كلمة بالبرلمان، أن روسيا والنظام السوري سوف يضحيان بإيران من أجل مصالحهما، وأضاف أن مواقف رئيس النظام السوري بشار الأسد ازدادت تقرباً لروسيا28 .
* معارضة الصفقة: ليس من المستبعد ان يتخذ النظام السوري قراراً بمواجهة المخطط الامريكي للقضية الفلسطينية والمنطقة عموما، وذلك من خلال دعم إيراني في هذا الاتجاه. وفي حال اتجه النظام السوري إلى هذا الموقف، فإن هذا يعني تزايد احتمالية الحرب الشرسة بين النظام السوري والمليشيات الإيرانية من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى. وقد يحدث ذلك في حال قررت روسيا أن تأخذ موقفا صامتا.
* معارضة شكلية للصفقة: قد يأخذ النظام السوري موقفا براغماتيا في الخطة الامريكية، وذلك من خلال اتباعه موقفا ضبابيا من الأزمة، بهدف تحقيق مكاسب لصالحه، وهذا الاحتمال من شأنه ان يعزز استمرار سياسة عض الاصابع بين إسرائيل والنظام السوري لفترة زمنية معينة. قد تصل إلى حرب شكلية تخدم الاطراف كافة (فإيران تستطيع من خلالها شرعنه وجودها في سوريا، وإسرائيل تبرر تداخلاتها العسكرية في سوريا، والنظام السوري يعيد نفسه إلى محور المقاومة مع وضع معارضيه زاوية الخيانة).
وفي الغالب فإن السيناريوهين الثاني والثالث هما الأقرب للواقع. فروسيا وعلى الرغم من تقاربها مع الولايات المتحدة الامريكية مؤخرا، إلا انها لا تزال تمتلك رؤية وطموح في المنطقة قد يختلف مع الولايات المتحدة الامريكية في أي لحظة. كما أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لن ترضى بحلول جزئية وانما ترغب بهيمنة شبه كاملة في الاراضي السورية. أخيرا إيران تعتبر نفسها وصلت لدرجة في مشروعها لا يمكن التراجع عنه بأي ثمن. علما أن النظام السوري لا يستطيع أن يأخذ قرارات منفردة بعيدة عن التوافق الروسي والايراني.

4ـ المملكة العربية السعودية

يمكن استنتاج موقفين للمملكة العربية السعودية تجاه ما تسمى “صفقة القرن”، الموقف الاول يمثله الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، والموقف الثاني والذي يمثله ابنه ولى العهد محمد بن سلمان، وهما على النحو التالي:

(أ) موقف الملك السعودي:

وهو الرافض لحلول لا تنسجم مع قرارات الشرعية الدولية، والمبادرة العربية القائمة قيام دولة فلسطينية على حدود العام 1967م، ويستند هذا الموقف على موقف الملك سلمان في افتتاح أعمال القمة العربية الـ 29 والتي أطلق عليها اسم ” قمة القدس”. بعد أن خصص جزءا كبيراً من كلمته للحديث عن القضية الفلسطينية. ويؤكد على موقف الرياض من القضية الفلسطينية . كما قرر العاهل السعودي أيضاً منح مبلغ 150 مليون دولار للأوقاف الإسلامية بالقدس، ومبلغ 50 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “الأونروا ”.وقد دفع التشدد السعودي إزاء القضية الفلسطينية، المشاركين في قمة الظهران إلى تبني بيان ختامي لافت تم فيه رفض وإدانة القرار الأمريكي بحق القدس واعتباره باطلًا، بجانب “تقديم الدعم اللازم للقضية الفلسطينية، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة ”29 .

(ب) موقف ولي العهد السعودي

أشارت صحيفة “ذي تايمز” البريطانية، في تقرير لها بنوفمبر 2017م، أن ولي العهد السعودي قرر التدخل بشكل غير مسبوق في القضية الفلسطينية، وأنه “استدعى” الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى الرياض، و”أمره” بقبول بالخطة الأمريكية بشأن القدس أو أن يستقيل. ونقلت الصحيفة عن مصادر لها أن ولي عهد السعودية استدعى عباس إلى الرياض، وأن أخبار الاعتقالات في السعودية ومصير رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، غطت على هذا اللقاء في حينه . علما ان هناك عدد من اللقاءات عقدت بين ولى العهد السعودي وكوشنر من أجل التباحث في العديد من اللقاءات المتعلقة بالمملكة العربية السعودية والمنطقة ككل. ووفقا للتايمز، فإن بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات، يريدان لهذه الخطة أن تنجح “حتى تسمح لهما بتنسيق أكبر مع إسرائيل ضد إيران دون أن يتهما بخيانة القضية الفلسطينية”30 .
وعليه يمكن القول ان وجود الملك سلمان بن عبد العزيز في الحكم يعد معطلا لتطبيق صفقة القرن، وربما يتغير الحال تماما في حال تولى ولى العهد محمد بن سلمان سده الحكم في السعودية.

5ـ دولة قطر:

أكد رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة محمد العمادي، على ثبوت موقف الدوحة من القضية الفلسطينية وتمسكها بفك الحصار عن غزة، مشددا على أن بلاده لن تتدخل في “صفقة القرن” الأمريكية، وموضحا أن الدوحة لن تقبل بخطة السلام هذه إلا في حال وافقت عليها السلطة الفلسطينية . واستطرد قائلا إن قطر تبحث عن حل دائم لمشاكل غزة لتجنيب القطاع أي حرب جديدة، مؤكدا أن الدوحة تقف “على مسافة واحدة” مع الفصائل الفلسطينية، وهدف تدخلها في ملف غزة إنساني . وفي سياق آخر كشف “العمادي” عن مفاوضات غير مباشرة تخوضها حركة حماس مع إسرائيل بحثا عن “صفقة” حول قطاع غزة، وذلك بعلم الإدارة الأمريكية .”.
وأشار العمادي إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقدمت مؤخرا بمبادرة لتنفيذ مشاريع لصالح قطاع غزة تختص بتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء وتحلية مياه الشرب وتوفير فرص عمل وتأهيل المنطقة الصناعية في القطاع، موضحا أن هذه الاقتراحات جاءت على لسان صهر ترامب وكبير مستشاريه جاريد كوشنر خلال جولته الأخيرة في الشرق الأوسط والتي شملت قطر والسعودية ومصر والأردن وإسرائيل31 .

وعليه يمكن تفسير الدور القطري في قطاع غزة:

التفسير الاول: أن ما تقوم به دولة قطر في قطاع غزة مجرد مناورة تناور بها خصومها الإقليميين مصر والسعودية الامارات عبر البوابة الفلسطينية، علما ان قطر تعاني من إشكاليات كبيرة مع عدد من الدول العربية المقاطعة لها.
التفسير الثاني: ان ما تقوم به قطر في قطاع غزة يهدف إلى تعزيز صمود السلطة والفصائل الفلسطينية، من خلال تعزيز مقومات الحياة في غزة، وتجنيب غزة أي انفجار تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي يترتب عليه حربا شرسة.
التفسير الثالث: أن ما تقوم به قطر هي مجرد مشاريع انسانية تهدف إلى تقديم خدمات للمواطن الفلسطيني في قطاع غزة. خاصة وأن قطر قدمت العديد من المشاريع لقطاع غزة في السنوات السابقة، كان آخرها بناء مدينة حمد السكنية.

6ـ دولة الكويت:

أكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله، وقوف الكويت بشقيها الرسمي والشعبي، مع الشعب والقيادة الفلسطينية، سواء من خلال الدعم السياسي أو المالي . مؤكدا في تصريح صحفي، عقب توقيعه خطة عمل لجنة التوجيه المشتركة الكويتية، البريطانية للأشهر الستة المقبلة، مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا اليستر بيرت، إنه بحث مع الوزير البريطاني كل ما يتعلق بمسيرة عملية السلام في الشرق الأوسط، وما يثار حول ما يسمى (صفقة القرن)، كما تم تداول المعلومات والأفكار حول هذه القضية مع الجانب البريطاني .
وأضاف الجارالله “إن موقف الكويت من القضية الفلسطينية.. قضية العرب الأولى، لا يحتاج إلى تردد على الإطلاق، مؤكدا ضرورة حل القضية الفلسطينية على أساس الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، واعتبار القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.32
وعليه يمكن القول أن موقف دولة الكويت وعلى الرغم من حالة القطيعة التي انتابت العلاقات الكويتية الفلسطينية في أعقاب الغزو العراقي للكويت، بأنه أكثر المواقف العربية والاقليمية وضوحاً، وربما المواقف الكويتية الأخيرة تجاه القضية الفلسطينية تثبت ذلك. إلا أن مواقف دولة الكويت هذه وفي حال إذا ما أصرت الولايات المتحدة على تمرير الصفقة قد يعرضها لمضايقات سياسية واقتصادية واعلامية سواء من قبل الولايات المتحدة أو أذرعها الاقليميين.

ختاما:

منذ سبتمبر/أيلول 2017 م، والمجتمع الدولي يترقب إفصاح ترامب عن “صفقة القرن”، علما بأن ما تم نشره وتسريبه من مقترحات ومضامين يمكن وصفها بانها فضفاضة وليست واقعية؛ ولا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، وذلك يرجع إلى عاملين، التسريبات الأولية عن شكل الصيغة الحالية للصفقة، والتي بات من شبه المؤكد انها لم تنضج بعد، وأنها لا تزال في مرحلة المناقشات من أجل إخراج صيغة نهائية مقبولة ومفروضة على الاطراف المعنية.
والعامل الثاني، هو التوقيت، فالإدارة الامريكية لا تزال تعاني من بعض الإشكاليات الداخلية، إلى جانب انشغالاتها في ملفات خارجية شديدة الاهمية كملف إيران؛ كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وزوجته يواجهون تهماً بالفساد. وأخيراً قطاع غزة الذي عانى على مدار 11 عاما من الحصار لا تزال مقاومته قوية، وهو ما أكدته مسيرات العودة.
إلا أن ما سبق لا يعني أن صفقة القرن قد اختفت أو فشلت، وإنما قد تلجأ الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الاقليمية، بتهيئة الاجواء الاقليمية لقبول تصور جديد أو جزئي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية (33 ).


الهامش

1 صالح النعامي، العربي الجديد، دراسة إسرائيلية: صفقة القرن تهدف لتحقيق استراتيجية الأمن القومي الأميركي، تاريخ النشر 18-1-2018م، تاريخ الاطلاع،  4-7-2018م، الرابط.

2 صحيفة الحياة، الرفض الفلسطيني والعربي لـ «صفقة القرن» يحبط واشنطن، تاريخ النشر، 1-7-2018م، الرابط.

3  محمد ابو سعدة،المعهد المصري للدراسات السياسية و الاستراتيجية، صفقة القرن قراءة في الأبعاد والمسارات، تاريخ النشر، 2-3-2018م، تاريخ الاطلاع، 22-7-2018م، الرابط.

4 موقع الخليج اون لاين،  الرئاسة الفلسطينية: “صفقة القرن” أزاحت القدس وتآمرت على غزة، تاريخ النشر 26-6-2018م،  الرابط.

5   موقع الخليج اون لاين، الرئاسة الفلسطينية: “صفقة القرن” أزاحت القدس وتآمرت على غزة، تاريخ النشر 26-6-2018م،  الرابط.

6  موقع دنيا الوطن،  أبو الغيط أمام البرلمان العربي: فلسطين ستظل قضية العرب الأولى، تاريخ النشر 4-7-2018م، تاريخ الاطلاع 21-7-2018م،  الرابط.

7 موقع ترك برس، انطلاق القمة الإسلامية الطارئة في إسطنبول، تاريخ النشر 18-5-2018م، تاريخ الزيارة 18-7-2018م،  الرابط.

8 موقع القناة التاسعة الاسرائيلية، عباس  يريد تغيير الحكومة لمنع اقامة “حكم ذاتي” في غزة، تاريخ النشر 2-7-2018م، تاريخ الاطلاع 22-7-2018م،  الرابط.

9 محمد المدهون، صفقة ترامب.. هل ستنجح في تصفية القضية الفلسطينية؟ موقع الجزيرة، تاريخ النشر 27-6-2018م، تاريخ الاطلاع 21-7-2018م. الرابط.

10  محمد المدهون، السابق

11 القناة 20 الاسرائيلية، تقرير: اتصالات سرية بين إسرائيل وحماس حول صفقة تبادل الأسرى، تاريخ الزيارة 22-7-2018م،  الرابط.

12 القناة 20 الاسرائيلية،  خطة إعادة إعمار غزة بدون أبو مازن جيدة لنا، تاريخ النشر 5-7-2018م، تاريخ الزيارة 22-7-2018م،  الرابط.

13 وكالة سوا الاخبارية،  الزهار يكشف موقف ‘حماس’ من إقامة مشاريع اقتصادية في سيناء للتخفيف عن غزة، تاريخ النشر 10-7-2018م، تاريخ الزيارة 22-7-2018م الرابط.

14 Jewish New Syndicate, Hamas refuses to work with Greenblatt, Kushner, calling them ‘spokesmen for the Israeli occupation,20-7-2018, link.

15 محمد محسن وتد، موقع الجزيرة، تفاصيل مثيرة حول “صفقة القرن” تكشفها قناة إسرائيلية، تاريخ النشر 29-4-2018م، تاريخ الاطلاع 21-7-2018م، الرابط.

16 يونى بن مناحيم، قطاع غزة وصفقة القرن، مركز الناطور للدراسات والابحاث، تاريخ النشر 20-6-2018م، تاريخ الاطلاع 22-7-2018 الرابط.

17  محمد الريس، سامح شكري: صفقة القرن لا تعني التنازل عن أية أراضٍ مصرية”، وكالة الاناضول، تاريخ الاطلاع، 21-7-2018م، الرابط.

18   جاكي خوري، موقع هارتس، مصر ستقدم خطة لإعادة تأهيل قطاع غزة لوفد حماس في القاهرة، تاريخ النشر، 26-6-2018م، تاريخ الاطلاع، 22-7-2018م، الرابط.

19  محمد ابو سعدة،المعهد المصري للدراسات السياسية و الاستراتيجية،  بين غزة ومصر: دلالات المنطقة الحرة، تاريخ النشر،27-11-2016م، تاريخ الاطلاع، 12-7-2018م، الرابط.

20 موقع الاخبار، مصر تلجأ إلى «دولارات» غزة، تاريخ النشر، 10-11-2016م، تاريخ الاطلاع، 8-8-2018م، الرابط.

21  صحيفة الرسالة، منطقة تجارية بين غزة ومصر.. العوائد والأرباح!، تاريخ النشر، 14-11-2016م، تاريخ الاطلاع، 22-7-2018م، الرابط.

22 حبيب السالم، موقع الخليج اونلاين،  الناطقة باسم الحكومة تكشف لـ”الخليج أونلاين” موقف الأردن من قطر وصفقة القرن، تاريخ النشر2-7-2018م، تاريخ الاطلاع 22-7-2018م، الرابط.

23 حبيب السالم، موقع الخليج اونلاين،  الناطقة باسم الحكومة تكشف لـ”الخليج أونلاين” موقف الأردن من قطر وصفقة القرن، تاريخ النشر2-7-2018م، تاريخ الاطلاع 22-7-2018م، الرابط.

24 موقع ترك برس، مركز إسرائيلي: صفقة القرن تدفع الملك الأردني للتقارب مع تركيا، تاريخ النشر، 5-6-2018م، تاريخ الاطلاع 24-7-2018م، الرابط.

25 Cnn العربية، تجدد الاحتجاجات في الأردن ومتظاهرون يهتفون: “سلمية سلمية”، تاريخ الاطلاع، 22-7-2018م،  الرابط.

26 حبيب السالم، موقع الخليج اونلاين،  الناطقة باسم الحكومة تكشف لـ”الخليج أونلاين” موقف الأردن من قطر وصفقة القرن، تاريخ النشر2-7-2018م، تاريخ الاطلاع 22-7-2018م، الرابط.

27  موقع دنيا الوطن،  أبو الغيط أمام البرلمان العربي: فلسطين ستظل قضية العرب الأولى، تاريخ النشر 4-7-2018م، تاريخ الاطلاع 21-7-2018م،  الرابط.

28  موقع عربي بوست، عينه على صفقة القرن: الأسد يسعى لحصة في التسوية الأميركية.. لهذا السبب سكت الجميع عما يحصل في درعا!، تاريخ النشر، 1-7-2018م، تاريخ الاطلاع، 14-7-2018م، الرابط.

29 قحطان العبوش، موقع إرم،  موقف العاهل السعودي من القدس ينسف “فرضية صفقة القرن، تاريخ النشر، 15-4-2018م، تاريخ الاطلاع، 18-7-2018م،  الرابط.

30 موقع بوابة الشرق،  موقع إخباري إسرائيلي يفضح دور الإمارات في صفقة القرن، تاريخ النشر 24-12-2017م، تاريخ الزيارة 16-7-2018م،  الرابط.

31  موقع وطن، أكدت على ثبوت موقفها من القضية الفلسطينية.. قطر: لن نقبل بـ”صفقة القرن” إلا في هذه الحالة، تاريخ النشر، 2-7-2018م، تاريخ الاطلاع، 4-7-2018م، الرابط.

32 موقع البوابة،  الكويت وبريطانيا تبحثان مسيرة السلام وما يثار حول “صفقة القرن”، تاريخ النشر 27-6-2018م، تاريخ الاطلاع، 22-7-2018م،  الرابط.

33 الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close