fbpx
ترجمات

عبد الله مرسي: أبي رئيس مصر

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية بتاريخ 23 مارس مقالاً كتبه عبدالله مرسي تحت عنوان:” أبي رئيس مصر، والآن هو في الحبس الانفرادي”. وعبد الله مرسي هو نجل الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ولكنه الآن مخطوف في سجون النظام الذي يحكم مصر منذ الانقلاب العسكري الذي قاده عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، ضد الرئيس الشرعي في الثالث من يوليو 2013. وعبدالله هو طالب جامعي كان يدرس في القاهرة حتى وقت قريب. ونظراً لأهمية الموضوع الذي تناوله المقال، فقد قام المعهد المصري بترجمة المقال كاملاً، وذلك على النحو التالي:
قضى الرئيس الوحيد الذي تم انتخابه بطريقة شرعية – للمرة الأولى في تاريخ مصر – قضى الآن في السجن ما يقارب خمس سنوات. وكان والدي محمد مرسي قد قاز بنسبة 52 في المائة من الأصوات في عام 2012، عندما شهدنا لأول مرة، وقد تكون المرة الأخيرة، انتخابات ديمقراطية حقيقية في مصر على مدار التاريخ. وقد تم وضعه في السجن في أعقاب الانقلاب العسكري الدموي الذي وقع عام 2013. وعلى عكس الانتخابات الرئاسية 2012 التي شهد العالم بنزاهتها، فإن ما يُطلق عليه الآن “انتخابات رئاسية” والتي ستجري في الفترة من 26-28 مارس، هي في حقيقة الأمر مجرد مهزلة.
فمن بين مرشحي المعارضة السبعة الذين تقدموا لخوض الانتخابات الرئاسية في مصر، سُمح لواحد فقط بالترشح ضد عبد الفتاح السيسي، وهو موسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد. وبينما يدعي موسى أنه عضو في المعارضة، إلا أنه في الحقيقة قضى معظم وقته خلال الأشهر الأخيرة في جمع توقيعات 25،000 مواطن مصري لدعم السيسي، مما يوضح أن هذا الزعم مثير للسخرية.
وأما بالنسبة للآخرين، فقد تم اعتقال بعضهم، وانسحاب آخرين. وكان بعض من أعلنوا الانسحاب قد اتخذوا قراراتهم اعتراضاً على الطريقة السخيفة التي تجري بها الانتخابات، بينما تعرض آخرون للتهديد أو الاعتداء. ونظراً لأن “خيارنا” يقتصر فقط على الترجيح بين مستبدٍ عنيف وبين مجرد دمية متواطئ بشكل واضح، فإننا لن نتمكن -نحن المصريين- من ممارسة حقنا في التصويت بحرية.
لقد سُمح لنا أن نرى والدي مرتين فقط (على مدار 5 سنوات)، والظروف التي يتم فيها احتجازه مروعة. وبينما يخضع لحبس انفرادي بشكل دائم، فإنه ممنوع من تلقي العلاج الطبي لأمراض خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكر، مما أدى إلى فقده معظم قدرته على الإبصار بعينه اليسرى. إننا نتخوف من أن السلطات المصرية تقوم بذلك عمدا، حيث أنهم يودون رؤيته ميتاً في أقرب وقت ممكن، ولكن “بأسباب (تبدو) طبيعية”. وتُعتبر هذه الظروف مرآةً للحالة الراهنة للديمقراطية في مصر: الاحتجاز تحت ستار ما يسمى بإجراءات مكافحة الإرهاب، وإساءة المعاملة، والنسيان من معظم أفراد المجتمع الدولي.
وبعد أن امتدح المجتمع الدولي الربيع العربي الذي أدى إلى تحرر الشعب المصري من الحكم المستبد للرئيس السابق محمد حسني مبارك في عام 2011، لم يستطع للأسف أن يتقبل حقيقة أن المصريين قد صوتوا بأغلبية لصالح والدي وحزبه. وفجأة أصبح حقنا في التصويت بحرية أقل قدسية، فقط لأننا اخترنا رئيساً “إسلاميًا”. وقد أظهر دعم الغرب للانقلاب العسكري، الذي جاء بعد ذلك، سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها الدول الغربية.
ومنذ ذلك الحين، لم يتم فعل أي شيء للحيلولة دون انزلاق مصر مرة أخرى إلى الديكتاتورية. فعندما تم إطلاق النار على الآلاف من أنصار مرسي في ميدان رابعة عام 2013 – مما أسفر عن مقتل 817 شخصاً، حسب تقرير هيومن رايتس ووتش – لم ينطق أحد ببنت شفه. ولزم العالم الصمت كذلك عندما أدت المحاكمات الجماعية (للمناهضين للانقلاب) إلى إصدار أحكام بالإعدام أو بالسجن مدى الحياة على مئات الأبرياء. واستمر هذا التواطؤ حتى عندما تفاقمت حالات الاختفاء القسري والتعذيب وتناولتها سائل الإعلام الدولية. إن الرد الدبلوماسي الضعيف يرقى إلى تأييد صارخ لنظام لا يدخر وسعاً في ممارسة القمع والخطف والمحاكمات الهزلية وإصدار أحكام الإعدام.
لقد كان موقف الغرب من السيسي قائماً على فرضية زائفة بأن اعتقال القادة السياسيين الإسلاميين هو جزء ضروري من الحرب ضد التطرف. ويبدو أن الساسة الغربيين يقبلون رواية التخويف بأن الإخوان المسلمين لديهم أجندة خفية. ويُقوي هذا الاستنتاج التمييز المستمر في وسائل الإعلام الدولية بين السجناء السياسيين المصريين “الإسلاميين” من جهة والسجناء السياسيين المصريين “العلمانيين” أو “اليساريين” من جهة أخرى. وغالباً ما يتم تصوير المحاكمات الجائرة والاحتجاز غير القانوني التي يتعرض لها العلمانيون واليساريون بشكل يبرز بشاعتها بشكل أكبر مما يتم به تصوير الانتهاكات التي يتعرض لها الإسلاميون.
لقد ساعدت حملة القمع الوحشية ضد جميع أشكال المعارضة السياسية المصرية – بما في ذلك وسائل الإعلام أو منظمات المجتمع المدني أو مؤيدي الإخوان المسلمين أو الأحزاب الليبرالية – ساعدت الفرع المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية (ما يًسمى ولاية سيناء) على تجنيد المزيد من الراديكاليين المصريين الجدد.
كم هو عدد التقارير التي قد يحتاجها المجتمع الدولي -أكثر من ذلك- قبل التحرك لعمل شيء تجاه ما يحدث في مصر؟ كم عدد حالات الاختفاء الأخرى؟ كم عدد الرؤساء المسجونين؟
لا يمكننا، عائلتي وأنا، أن ننتظر أكثر من ذلك. فقبل أسبوعين، شكل ثلاثة من البرلمانيين البريطانيين، بناء على طلبنا، هيئة مستقلة لمراجعة وتقييم ظروف احتجاز والدي. وأرسلت اللجنة طلبًا إلى الحكومة المصرية تطلب زيارة سجن طرة، حيث نعتقد أنه محتجز هناك. ولكننا لم نتلق أي رد حتى الآن.
ويبدو أن الحكومات الغربية لم تكتفي بذلك (الصمت على الانتهاكات). ففي عام 2014 ، وَقعت فرنسا ومصر صفقة أسلحة رفعت معدل بيع الأسلحة إلى مصر بنسبة 37 بالمائة عن العام السابق. وفي نفس العام، أرسلت الولايات المتحدة – التي لا تزال تمثل الداعم الرئيسي للجيش المصري – 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية لمصر.
إذا لم يكن هذا كافياً، فإن تقرير الأمم المتحدة الذي صدر مؤخراً يحتوي على أدلة تشير إلى أن مصر أصبحت قاعدة لبيع أسلحة كوريا الشمالية. ومع ذلك، فإنه مهما كان هذا النظام الحاكم في مصر مخادعاً، فلا يبدو أن ذلك سيغير من الأمر شيئاً. لماذا إذن لا يسمحون لنا بزيارة أبي؟ إذا كانوا يخافون من أن مجرد طلب زيارة سجين يشكل تهديدًا لسمعتهم – في حين أن نقل السلاح من كوريا الشمالية لا يهددها – فلابد أن لديهم شيء مريع يحاولون إخفاءه. نحن بحاجة إلى إجابات، ونحتاجها الآن.

المصدر
واشنطن بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close