المعهد المصري للدراسات

قراءة في مشروع الموازنة المصرية الجديدة

قراءة في مشروع الموازنة المصرية الجديدة

الملخص التنفيذي:

حاولت الدراسة استقراء البيان التمهيدي لمشروع الموازنة العامة للدولة المصرية للعام 2020/2021، من خلال تحليل الايرادات والمصروفات العامة المقدرة، ومدي مواجهتها للتداعيات الاقتصادية المتوقعة لفيروس كورونا على الاقتصاد المصري، بالإضافة الي مواجهتها للقصور في الموازنات السابقة لا سيما في حقوق الفئات المعوزة وفي مخصصات الصحة والتعليم، ويمكن تلخيص اهم النقاط في هذه الدراسة كما يلي:

مقدمة:

تعتبر الموازنة العامة بمثابة البرنامج المالي للخطة الاقتصادية عن السنة المالية المقبلة، والذي يسعي الي تحقيق مجموعة من الاهداف في إطار تنفيذ الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول.

وتكتسب الموازنة العامة المصرية للعام المالي الجديد 2020/2021 أهمية خاصة في ظل كونها الموازنة الاولي بعد انتهاء برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، والترويج لنجاح الدولة في عملية الضبط المالي وتخفيض عجز الموازنة نسبة الي الناتج المحلي الإجمالي والتي تحمل تبعاتها المواطن المصري، وكان من المفترض ان تحمل الموازنة الجديدة اخبارا سارة للمصريين حول تخفيف بعض تلك الأعباء، وجني بشائر الثمار المترتبة على برنامج الصندوق.

وازدادت أهمية هذه الموازنة بعد تفشي فيروس كورونا حول العالم، وانتشار تداعياته على الصعيدين الدولي والمحلي، وبات من المنتظر ان تتوجه الموازنة الجديدة وفي ظل الهشاشة الاقتصادية والخلل الهيكلي المزمن للاقتصاد المصري ان تعالج او على الأقل تحاول تقليل الاثار المترتبة على الاقتصاد المحلي وعلى المصريين وعلى الأخص فقرائهم، من جراء تفشي الفيروس.

وتحاول هذه الورقة الاستقراء الاولي لأهم بنود الموازنة العامة الجديدة، في ضوء البيانات الأولية المتاحة على موقع وزارة المالية، وهي البيانات الوحيدة المتوافرة بعد موافقة مجلس الوزراء وتحويل الموازنة الي البرلمان، وتجدر الإشارة قبل البدء في هذا الاستقراء الي ملاحظة رئيسية وهي:

أوضاع انتشار جائحة كورونا تجعل وضع مستهدفات عامة للموازنة امرا شديد الصعوبة، فالعام المالي القادم استثنائي بكل المقاييس، وبالتالي فإن الحديث عن أي مستهدفات هو خارج نطاق العقل والمنطق، وقد يمثل الإصرار عليه توجها حكوميا بتجاهل المساندة الواجبة والكافية للفئات المستحقة.

ويمكن اختبار فرضية الملاحظة السابقة والمتعلقة بمحاولة التهرب الحكومي من تخصيص موارد إضافية لمواجهة جائحة كورونا، بالإضافة الي فرضية مواجهة الموازنة الجديدة للقصور في الموازنات السابقة لا سيما في حقوق الفئات المعوزة وفي مخصصات الصحة والتعليم، وذلك من خلال النقاط التالية:

أولا: المستهدفات والافتراضات العامة للموازنة المصرية 2020/2021:

استهدفت الحكومة المصرية تحقيق مجموعة من الأهداف من خلال موازنة العام المالي 2020/2021، وبنيت هذه المستهدفات علي أساس مجموعة من الافتراضات، ويلخص الجدولان التاليان هذه المستهدفات والافتراضات كما يلي:

المصدر: الموقع الإلكتروني لوزارة المالية: البيان التمهيدي ما قبل الموازنة، ص 7.
المصدر: الموقع الإلكتروني لوزارة المالية: البيان التمهيدي ما قبل الموازنة، ص 16.

ويمكن استعراض اهم الافتراضات والمستهدفات الواردة في الجدولين السابقين من خلال النقاط التالية:

1- الناتج المحلي الإجمالي ومعدل النمو المفترض:

تفترض الموازنة زيادة الناتج المحلي الإجمالي بما يقارب 844 مليار جنيه ليبلغ 6.844 مليار جنيه مقارنة 6.030 مليار جنيه في العام المالي الحالي، محققة بذلك معدل نمو يبلغ 4.5% مقارنة بمعدل 5.1 % في الموازنة الحالية، ونزولا عن 6.5% كمعدل نمو مفترض قبل جائحة كورونا.

ومن الواضح ان افتراض هذه الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي، وما يترتب عليها من معدل نمو، هو امر شديد التفاؤل، ويتجاهل عن الظروف العالمية التي تسبب فيها انتشار فيروس كورونا، لا سيما في ظل الطبيعة شبه الريعية للاقتصاد المصري، والخلل الهيكلي المزمن لقطاعاته المختلفة، وانكشافه على الخارج وتبعيته العميقة له.

وطبقا لبيانات عام 2018، حول مساهمة القطاعات الاقتصادية المختلفة في الناتج المحلي الإجمالي، فقد ساهم قطاع السياحة بحوالي 2%، وقطاع التشييد والبناء والأنشطة العقارية 16%، وقطاع الصناعة التحويلية 17%، وقطاع الزراعة والثروة السمكية 12%، وتجارة الجملة 14%، والنقل والتخزين 5%، والحكومة العامة 7%، والخدمات الاجتماعية 5%، والأخرى 11% ([1]).

وبالطبع ستتأثر كافة القطاعات سلبيا من التباطؤ الاقتصادي المتوقع عالميا وستختلف درجات التأثر من قطاع الي آخر علي حسب درجة انكشافه على العالم الخارجي ومرونته الانتاجية، ويمكن استعراض ذلك سريعا كما يلي:

ومن التحليل السابق يمكن استنتاج التأثير السلبي للجائحة على الناتج المحلي الإجمالي المصري ومعدل نموه للعام المالي القادم، وكان من المنطقي ان ينخفض هذا الإنتاج بمقدار الثلث على الأقل عند تقدير الموازنة، ولكنه في ظل الارتفاع المتوقع لأسعار السلع ومستلزمات الإنتاج المستوردة، يمكن ان تتزايد القيمة الاسمية لهذا الناتج، وبذلك يكون زيادة معدل النمو وهمية الي حد كبير.

اما استهداف الموازنة الجديدة لمعدل نمو 4.5%، فهو حديث يبتعد كثيرا عن المنطق الاقتصادي، ويتجاهل تأثير الجائحة على الوضع الاقتصادي المصري، ومن المرجح ان معدل النمو 2% الذي تحدثت عنه المنظمات الدولية ربما يكون هو هذا المعدل الوهمي الذي سبقت الإشارة اليه، او هو أحد السيناريوهات المتفائلة التي تتوقع وجود لقاح للفيروس بصورة عاجلة.

عموما يمكن القول، ان المحافظة علي المستويات الإنتاجية الحالية للقطاعات الاقتصادية (معدل نمو صفر) قد يصبح إنجازا في ظل المعطيات الحالية، والقراءة الموضوعية لتلك التداعيات.

2- متوسط سعر خام برنت خلال العام المالي القادم 61 دولار:

من المرجح ان هذا السعر اعتمد قبل الازمة الروسية السعودية والتي تسببت في تخمة المعروض وانخفاض الأسعار بالشكل الدرامي الحالي، وقبل ظهور السفن العملاقة التي ترسوا علي الموانئ لا تجد مشترين لمخزونها النفطي الضخم، وقبل توالي التوقعات من بيوت الخبرة والبحوث الدولية بصعوبة تجاوز السعر 30 دولار للبرميل قبل نهاية 2020، وكل ما سبق كان يفرض علي وزارة المالية مراجعة هذه التقديرات والتي تبتعد كثيرا عن قبولها كتقديرات تقترب من الواقع الا اذا كانت الوزارة تنوي التربح من المستهلك جراء تحديد أسعار المحروقات باعلي كثير عن معدلاتها العالمية، وهو ما حدث مؤخرا عند خفض سعر البنزين 25 قرشا فقط.

3- متوسط سعر القمح المستورد 199.5 دولار للطن:

لم تعتبر الموازنة تأثيرات الجائحة على أسعار الاقماح العالمية في ظل استيراد مصر أكثر من 60% من احتياجاتها من الخارج، بل خفضت سعر القمح المقدر في الموازنة الحالية الي 199.5 دولار في مقابل 214 دولار في موازنة العام السابق.

وقد بدأت الأسعار العالمية بالفعل في الارتفاع، حيث زاد القمح الروسي الي 231 دولار بتاريخ 20/4/2020 علي سبيل المثال، وهي زيادات مبدئية خصوصا في ظل اعلان عدد من الدول اما وقف التصدير بعد الوفاء بالتعاقدات السابقة مثل روسيا، او وقف التصدير خارج الاتحاد الأوروبي مثل رومانيا وفرنسا.

يزيد من حدة المشكلة ما أعلنه نقيب الفلاحين مؤخرا أن الحكومة قد سعرت القمح الموسم الماضي بسعر 685 جنيها لإردب القمح الأعلى درجة نقاوة بدرجة 23.5 و670 جنيها للإردب درجة نقاوة 23 و655 جنيها لأقل درجة نقاوة 22.5، مما تسبب في انخفاض المساحات هذا الموسم الحالي بنحو 100 ألف فدان حيث زرع الموسم الماضي 3 ملايين و250 ألف فدان فيما لم تتجاوز مساحة القمح هذا الموسم 3 ملايين و150الف فدان حتي الآن ([2]).

عموما من الممكن القول ان مصر لن تواجه ازمة في إيجاد احتياجاتها من القمح في الموسم الحالي حيث جاء موعد الحصاد مع بداية الازمة، ومع القليل من التنويع للمصادر يمكن ان تتوافر الكميات المطلوبة، ولكن من المؤكد ان هذه الكميات ستكون بأسعار أكثر كثيرا من المقدرة في الموازنة الجديدة، ويسري ذلك على بقية السلع الغذائية المستوردة وبالتالي كان من الواجب زيادة المبالغ المخصصة لدعم السلع التموينية وليس نقصها كما سيتم التطرق اليه لاحقا.

4- سعر الدولار المقدر في مشروع الموازنة:

صرح وزير المالية أن إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة للعام الجديد تم استخدام متوسط سعر الصرف السائد فى السوق خلال الفترة من أول يناير حتى نهاية مارس 2020 ([3]).

وطبقاً لبيانات البنك المركزي المصري عن متوسط أسعار صرف الدولار، فان سعر صرف الدولار الأمريكي خلال تلك الفترة تراوح ما بين 15.69 و15.99 جنيه للشراء، و15.79 و16.09 جنيه للبيع.

بالطبع فان تداعيات الجائحة على الاقتصاد يصب الجزء الأكبر منها في انخفاض المصادر الاعتيادية للدولار في الاقتصاد المصري، ومن المنطقي ان يؤثر ذلك سلبيا على سعر صرف الجنيه، ولكن اثبت البنك المركزي المصري انه يتشبث بتثبيت سعر الصرف لاسيما بعد الاعلان عن انخفاض الاحتياطي النقدي بحوالي 5.5 مليار دولار في مارس الماضي، إضافة الي انسحاب 10 مليار دولار من الاستثمارات في اذون الخزانة.

ورغم إدارة البنك المركزي لسعر صرف الجنيه، وتوجيهاته بتثبيت السعر، الا ان تداعيات الازمة على مصادر النقد الأجنبي للاقتصاد المصري قد تتخطي قدرات البنك المركزي وارادته في سعر الصرف الذي بني علي اساسه مشروع الموازنة الجيدة.

 ثانيا: تحليل الإيرادات والنفقات وأثرهما على العجز والاستقرار المالي المقدر:

بلغ حجم مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2020-2021 نحو 2.298 تريليون جنيه، تبلغ فيها المصروفات نحو 1.713 تريليون جنيه، بينما يبلغ إجمالي الإيرادات نحو 1.3 تريليون جنيه، وزعت مصادرها المستهدفة بين ضرائب ومنح وإيرادات أخرى بنحو 1.289 تريليون جنيه، والمتحصلات من حيازة الأصول المالية البالغة نحو 21.1 مليار جنيه، والاقتراض من خلال الأوراق المالية بالأذون والسندات وغيرها بنحو 987.6 مليار جنيه.

وبذلك فان العجز المقدر يبلغ 432 مليار جنيه، حوالي 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تبلغ الفجوة التمويلية نحو 987 مليار جنيه، وهي تتكون من عجز الموازنة (432 مليار) بالإضافة إلى الديون المستحقة خلال العام المالي والبالغة 555.5 مليار جنيه.

وفيما يلي قراءة تحليلية لاهم عناصر الإيرادات والمصروفات في الموازنة الجديدة:

1- قراءة في اهم مفردات الإيرادات العامة:

توجد العديد من بنود الإيرادات في الموازنة العامة للدولة، وسيتم التطرق الي عنصرين رئيسيين منها، وذلك كما يلي:

أ- الإيرادات الضريبية:

تشتمل الإيرادات الضريبية علي شقين، الأول الإيرادات الضريبية السيادية وتشمل ضرائب قناة السويس، والبنك المركزي، وضرائب أذون وسندات الخزانة، وثانيها تشمل الإيرادات العادية المتولدة من مصلحة الضرائب.

يظهر البيان التمهيدي لمشروع موازنة 2020-2021، الذي نشرته وزارة المالية على موقعها الإلكتروني، أن الوزارة تستهدف زيادة الإيرادات الضريبية بنحو 12.6 % لتبلغ 964.7 مليار جنيه (61.45 مليار دولار)، مقابل 856.6 مليار جنيه في العام المالي الحالي.

وتستهدف الحكومة زيادة الإيرادات من ضريبة السجائر والتبغ (الدخان) بنحو 13.3 في المائة، لتصل إلى 74.6 مليار جنيه، بجانب زيادة عائدات ضريبة القيمة المضافة المفروضة على مختلف القطاعات الإنتاجية والتجارية والخدمية.

وبخلاف تأثيرات الجائحة على النشاط الاقتصادي في مصر، وبالتالي التأثير السلبي على الحصيلة الضريبية، فان تقرير وزارة المالية حول أداء الموازنة العامة للدولة عن النصف الأول من العام المالي الحالي يشير الي تراجع الإيرادات الضريبية، حيث بلغ اجمالي الإيرادات الضريبية 304 مليار جنيه في مقابل 309.9 مليار للنصف الأول من العام المالي 2018/2019.

وتشير الأرقام الفعلية السابقة الي عدم قدرة وزارة المالية تحصيل مستهدفاتها الضريبية في الموازنة الحالية والبالغة حوالي 857 مليار جنيه، بما يعني ان نصفها كان يجب ان يبلغ 429 مليار جنيه، بينما حققت فعليا 304 مليار فقط بعجز 125 مليار جنيه، أي انخفاض عن المستهدف بنسبة 29%.

كما استهدفت الوزارة إيرادات غير ضريبية قدرت بحوالي 278 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي، حققت منها فعليا 85.6 مليار جنيه خلال النصف الأول منه، بدلا من 139 مليار مقدرة.

وبالطبع الفجوة الكبيرة بين الأرقام المقدرة والأرقام المحققة فعليا يضرب سلبا وبشدة مصداقية الوزارة وقدرتها على التقدير ليس فقط في بند الضرائب ولكن في كافة بنود الموازنة العامة. وبالتالي فان تداعيات الجائحة من المنطقي ان تزيد هذه الفجوة اتساعا، ويمكن الجزم بان هذه المستهدفات الضريبية التي بنيت على أساسها الإيرادات العامة لن تتحقق، وان نسبة انخفاضها بنسبة تقارب 30% هو الأكثر معقولية قبل الازمة اسوة بالنصف الأول من العام الحالي، يزيد عليها الانخفاض المتوقع كنتيجة لتباطؤ النشاط الاقتصادي المصري كنتيجة للجائحة، وبذلك ربما قد يصل الانخفاض المتوقع للحصيلة الضريبية الي 50% عن النسبة التي قدرتها الموازنة الجديدة.

ب- إصدارات الدين الحكومية:

يبلغ اجمالي الدين المستهدف في الموازنة العامة 2020/2021 نحو5.7 تريليون جنيه كدين داخلي (يمثل 70% من الناتج المحلي)، و873 مليار جنيه دين خارجي (يمثل 12.8% من الناتج المحلي الإجمالي)، ويصور الشكلان التاليان تطور الدين العام والفجوة التمويلية خلال الفترة من العام المالي 2016/2017-2020/2021:

المصدر: البيان التمهيدي للموازنة العامة: الموقع الإلكتروني وزارة المالية المصرية، ص30
المصدر: البيان التمهيدي للموازنة العامة: الموقع الإلكتروني وزارة المالية المصرية، ص30.

وتوضح بيانات الجدولين ما يلي:

ومن البيانات السابقة يمكن توضيح ما يلي:

ج- قرارات الحكومة بإيرادات (جديدة خارج مشروع الموازنة):

وكانت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب قد قررت حذف البند 24، خلال مناقشتها لمشروع القانون.

ويلاحظ في ذلك ان مشروع القانون لا يفرق بين فئات الموظفين الدخلية، ولا يعفي الذين يحصلون علي الحد الأدنى للأجور، وذلك ليس تجاهلا للمعوزين واستمرار الاعتماد عليهم في تمويل الإيرادات فقط، وانما أيضا تحيزا لكبار موظفي الدولة الذين يتقاضون مئات الالاف من الجنيهات شهريا، مع تجاهل دائم بوضع حد أقصى للأجور.

2- المصروفات العامة:

يستهدف مشروع الموازنة للعام المالي القادم زيادة المصروفات العامة لتصل الي 1713.2 مليار جنيه بمعدل نمو 8.8 % مقارنة بالعام المالي الحالي. ويوضح الشكل التالي التقسيم الاقتصادي للمصروفات العامة بوجود الفوائد وبعد حذفها، ومنه سيتضح ما يلي:

المصدر: البيان التمهيدي للموازنة العامة: الموقع الإلكتروني وزارة المالية المصرية، ص21.

ويمكن استعراض اهم بنود المصروفات العامة وذلك كما يلي:

أ- النفقات العامة الرئيسية:

المصدر: البيان التمهيدي للموازنة العامة: الموقع الإلكتروني وزارة المالية المصرية، ص20.

ويبين الجدول التالي ذلك كما يلي:

المصدر: البيان التمهيدي للموازنة العامة: الموقع الإلكتروني وزارة المالية المصرية، ص20.
المصدر: البيان التمهيدي للموازنة العامة: الموقع الإلكتروني وزارة المالية المصرية، ص21.

ومن البيانات السابقة يمكن توضيح ما يلي:

اما عن تقديرات مشروع الموازنة للدعم فجاءت كما يلي:

ويلاحظ في هذه التقديرات ما يلي:

ب- استيفاء نسب الاستحقاق الدستوري للصحة والتعليم:

أوضح مشروع الموازنة الجديد أنه تم استيفاء نسب الاستحقاق الدستوري للصحة والتعليم الجامعي وقبل الجامعي والبحث العلمي، حيث تبلغ مخصصات الصحة 254.5 مليار جنيه بزيادة 98 مليار جنيه عن العام المالي الحالي وبنسبة زيادة 45%، كما تمت زيادة مخصصات التعليم بـ 46.9 مليار جنيه لتصل الي 363.6 مليار جنيه وبنسبة زيادة 14.8 %، والبحث العلمي بـ 7.5 مليار جنيه بنسبة زيادة 14.1 % لتصل الي 60.4 مليار جنيه ([4]).

وبذلك يبلغ مجموع المخصصات لتلك القطاعات الي 678.5 مليار جنيه، وهي تمثل 10% تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بحوالي 6.8 تريليون جنيها تقريبا، وهو ما يحقق نصوص المواد 18 و19 و21 و23 من الدستور، والمتعلقة بالتزام الدولة بتخصيص نسبة من الناتج المحلي لا تقل عن 3% من الناتج القومي لقطاع الصحة، و4% للتعليم ما قبل الجامعي، و2% للتعليم العالي، و1% للبحث العلمي.

وتعقيبا على ما سبق:

ج- زيادة مخصصات الجهات السلطوية:

ويمكن تقسيم هذه الجهات الي مجموعتين رئيسيتين يمكن بيان مخصصاتهما كما يلي:

بند “المصروفات الأخرى”

زاد بند “المصروفات الأخرى” في مشروع الموازنة الجديدة من 90.44 مليار جنيه إلى 105 مليارات جنيه، أي بما يقارب 15 مليار جنيه، وتعد ذلك هي الزيادة الثانية على التوالي بنفس المبلغ تقريبا، مما يؤكد حرص الحكومة على اضطراد زيادة مخصصات هذا البند.

ومن الجدير بالذكر ان بند المصروفات الأخرى يشمل، المخصص لميزانيات الدفاع والأمن القومي، ووزارة الخارجية، والجهاز المركزي للمحاسبات، ومجلس النواب، وكذلك الاشتراكات الدولية، والتعويضات، والغرامات، وهي في الاغلب ما يسمي بموازنة الرقم الواحد.

عموما التدقيق في هذه الزيادة يوضح انها اكبر من الانخفاض في مخصصات الدعم الموجه لدعم السلع التموينية والذي انخفض من 89 مليار جنيه إلى 84.487 مليار جنيه ( 5 مليار تقريبا) بالإضافة الي دعم الكهرباء الذي اصبح صفر بدلا من 4 مليار جنيه، وهما البندان اللذان يفيدان ملايين المواطنين، كم انه اكثر من نصف التخفيض لدعم المواد البترولية (من نحو 52.963 مليار جنيه إلى 28.19 مليار جنيه)

كما ان هذه الزيادة تساوي تقريبا مجموع الدعم الموجه الي المزارعين” والمقدر بـنحو 665 مليون جنيه، والتأمين الصحي والأدوية” والمقدر بنحو 3 مليارات و599 مليون جنيه، وتنمية الصعيد” المقدر بـنحو 250 مليون جنيه، ونقل الركاب المقدر بنحو مليار و800 مليون جنيه.

هذه المقارنات السابقة بين قيمة الزيادة في هذا البند (المصروفات الأخرى) والذي يعود بالنفع على قلة محدودة من الجهات المحسوبة علي السلطة، وبين الانخفاضات في بنود تعود بالنفع الواسع علي المواطنين خاصة الفقراء منهم، ومنه يتضح تحيز الحكومة الواضح للجهات المساندة لها علي حساب باقي الشعب.

مخصصات باب “قطاع النظام العام وشؤون السلامة العامة”

رفعت الحكومة من مخصصات باب “قطاع النظام العام وشؤون السلامة العامة” من 69 ملياراً و688 مليون جنيه في الموازنة الجارية، إلى 78 ملياراً و879 مليون جنيه في الموازنة الجديدة، من بينها 59 ملياراً و166 مليون جنيه لصالح باب الأجور وتعويضات العاملين، بزيادة قدرها 5 مليارات و129 مليون جنيه.

وتشمل مخصصات هذا الباب خدمات الشرطة، والسجون، والحماية ضد الحريق، والمحاكم، ووزارة الداخلية، ووزارة العدل، والمحكمة الدستورية العليا، والهيئات القضائية، ودار الإفتاء المصرية، وصندوق تطوير الأحوال المدنية، وصندوق أبنية المحاكم، وصندوق السجل العيني.

ونعد الزيادة في هذا المخصص النتيجة السابقة بالمزيد من تحيز الدولة لهذه الجهات المساندة لها، وان كان يمكن القول بان المخصص يزداد وفقا لدرجة الاقتراب من السلطة حيث كانت زيادة المصروفات الأخرى ثلاثة اضعاف زيادة مخصصات باب “قطاع النظام العام وشؤون السلامة العامة”، بما يعني ترتيب السلطة لتلك الجهات من حيث الأهمية وتقدير ذلك ماليا.

الخاتمة: 

حاولت هذه القراءة في مشروع الموازنة العامة اختبار فرضية التهرب الحكومي من تخصيص موارد إضافية لمواجهة جائحة كورونا، وتعديل المستهدفات والبنود الرئيسية لها، بما يمكن من دعم القطاعات والفئات المعوزة، وهو ما ثبت فعليا من خلال الكثير من افتراضات ومستهدفات ومخصصات المشروع.

كما ان قراءة المخصصات كشف تضليل الحكومة بشأن تحقيق الاستحقاق الدستوري في نسبة المخصصات للصحة والتعليم في المشروع، كما كشف تحيزها لصالح بعض الجهات الموالية للسلطة بزيادة مستمرة في المخصصات المالية لها.

تستمر الحكومة كذلك في رفع الدعم عن المواطنين، سواء اكان الدعم الموجه للسلع التموينية او الي الكهرباء اوالي الوقود، وتتخفي الحكومة بأسعار مبالغ فيها للنفط لتحقيق هذه الوفورات، بما يعني ان جيوب المواطنين ستصبح مصدر ايراد للحكومة التي ستتربح من وراء فروق أسعار الوقود.

استمر تجاهل الحكومة للقطاع الزراعي والمزارعين، سواء بحجم الدعم المخزي لموجه للمزارع، او عند تسعير القمح بسعر اقل كثيرا من المتوسط العالمي السائد حاليا او المتوافق مع الازمة، لتمرير دعم سعر شراء القمح من الفلاح علي خلاف الحقيقة.

أعلنت الحكومة ان أسوأ سيناريو في حال تواصلت تداعيات فيروس “كوفيد-19″، ولم يتم احتواء تفشي الوباء قبل بداية العام المالي في يوليو المقبل، فإنه من المتوقع أن ينمو عجز الموازنة ليصل إلى 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي، بدلا من التراجع المستهدف عند 6.3%، مع إمكانية أن تعجز الإيرادات المرتبطة بالنشاط الاقتصادي عن تحقيق المستهدف عند 25%. وفي مثل هذا السيناريو، ولم توضح كيف ستتعامل مع هذا السيناريو، وربما الإجابة ببساطة هي المزيد من الاقتراض الخارجي.


الهامش

[1] د. أحمد ذكرالله: الاقتصاد المصري بعد عام 2013، السياسات والتحديات.

[2] نقيب الفلاحين: 3 مشكلات تهدد زراعة القمح فى مصر

[3] «المالية» تعلن عن سعر الدولار والنفط فى موازنة 2021/2020

[4] المصدر: البيان التمهيدي للموازنة العامة: الموقع الإلكتروني وزارة المالية المصرية، ص7.

Exit mobile version