fbpx
تحليلاتمجتمع

مستقبل المنظومة الصحية والتعليم الطبي بعد جائحة كورونا

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مستقبل المنظومة الصحية والتعليم الطبي بعد جائحة كورونا

مقدمة:

لقد انتشرت في الآونة الأخيرة مقولة: (إن العالم بعد كورونا ليس كالعالم قبل كورونا)، وتبارى السياسيون والاقتصاديون في وضع النظريات والافتراضات بل وكثرت المناقشات والمناظرات والمجادلات حول هذا الأمر الجلل الذي أصاب العالم بأسره بدوار وحالة من القلق المرَضي في معظم الأحيان، وغفل الكثير من هؤلاء عن حقيقة في غاية البساطة واليسر وهي:

 أن هذه الجائحة (كورونا) هي أزمة صحية عالمية ضربت شعوب الأرض. وطالما أن المشكلة صحية فلابد أن نعيد التفكير في النظم الصحية وممارسة الطب وتدريسه، وبمنظور جديد يناسب الواقع المستجد.

وفي البداية لابد أن نقر بحقائق هامة باتت واضحة للعيان مع انتشار هذه الجائحة:

 أولا: أيقن البشر جميعا وآمنوا بما يشبه الإجماع أن هذه الأزمة الصحية (كورونا) قد سببت توقف عجلة الاقتصاد وشلت حركة الناس وأوقفت دوران الحياة اليومية، بل أجبرت معظم الناس على العزلة وحجرتهم في بيوتهم، وفجأة ودون مقدمات قفزت الصحة الى المرتبة الأولى في سلم أولويات العالم بأسره بما فيها الدول الكبرى أو العظمى كما نسميها، وهذا يظهر وبجلاء بأن ترتيب الأولويات العالمية خلال عقود مضت كان مع الأسف خاطئا تماماً، بل وصل لدرجة الخطيئة.

ثانيا: إن النظام الصحي الذي سبق كورونا كان هشا للغاية، تماما مثل السراب يحسبه الظمآن ماء حتي إذا جاءه لم يجده شيئا، وظهرت الأنظمة الصحية العالمية واهية جدا بل أوهن من بيت العنكبوت، والسبب شح الإمكانات وقلة الكوادر المؤهلة، فإذا نظرنا إلى ميزانيات الصحة في أكثر الدول تقدما وقارنّاها بميزانية التسلح والدفاع وحرب الفضاء لأصابنا الدوار من تلك العقلية (الحديثة) التي جعلت صحة البشر في الحضارة المعاصرة هينة ومهملة لهذه الدرجة التي تثير الشفقة.

ويكفي أن نقارن نفقات الصحة والدفاع في أي نموذج لدولة كبرى، وكذلك في دولة عربية في الشرق الأوسط حتى نعرف مدى الفارق الشاسع بين الإنفاق في كلا المجالين.

وكان من الأولى والأجدر الاهتمام بالجانب الصحي لشعوب العالم. وهذا مثالا واحدا للإنفاق العسكري وكيف كان من الممكن أن يغطي من نفقات في زمن كورونا وتتضح الفكرة بجلاء في الجدول التوضيحي التالي :

أو يغطي تكلفةيغطي تكلفة عدد من الفحوصات لفيروس كوفيد-19ثمن السلاح
549 مليون كمامة1,640,625 فحصطائرة F-15
مستشفى ميداني يضم 14 سرير5،468،750 فحصمدرعة INKAS TITAN-DS APC
52 مستشفى ميداني يضم 52 ألف سرير20،312،500 فحص2 فرقاطة بيرجاميني
2000 مستشفى ميداني سعة الواحدة منها ألف سرير بإجمالي 2 مليون سريروهذا يغطي تكلفة50% من الإنفاق الدفاعي لدول الشرق الأوسط
المصدر: المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية

ثالثا: كشفت جائحة كورونا أن هناك نقص حاد في كل دول العالم بما فيها الدول الأكثر تقدما، شمل هذا النقص أعضاء الفرق الطبية المؤهلين للتعامل مع مثل تلك الأوبئة العالمية. إن نقص الكوادر الطبية المدربة علي مواجهة هذه الأوبئة قد وضع العالم بأسره أمام تحدي كبير في المستقبل يفرض علينا ضرورة توفير وإعداد مثل هذه الكوادر الطبية وتعليمها وتدريبها ووضعها علي أهبة الاستعداد دائما، ولابد من إجراء مناورات وتدريبات مشتركة بين كافة دول العالم تحاكي تلك المناورات والتدريبات العسكرية بين الدول، فإن مقولة الجيش الأبيض الطبي (كما راج هذا المصطلح في الوقت الراهن) أظهرت أن هذا الجيش لا يقل أهمية عن الجيوش الحربية بل أحيانا يفوقها أهمية كما يحدث الآن، خصوصا فئة التمريض التي تحملت العبء الأكبر أثناء هذه الجائحة وضرورة العمل علي زيادة الأعداد المؤهلة والمدربة منهم، فبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية فإن العالم الآن بحاجة ماسة إلى 5.9 مليون ممرض وممرضة، وأن 80% من هيئة التمريض يعملون في بلدان تأوي نصف سكان العالم فقط، والنقص هو في إفريقيا وآسيا وبلدان الشرق الاوسط ويغطيه 20%.

والعالم الآن به فقط 28 مليون ممرض وممرضة، سيتقاعد 16.6% منهم أي السدس خلال العشر سنوات القادمة.

وبحسب المجلس الدولي للممرضات هناك حاجة ماسة لزيادة عدد الممرضات 8% سنويا لمواجهة هذا النقص الحاد، ويكفي هذا المثال الصارخ لتوضيح مدى النقص في الكوادر الطبية عبر العالم.

رابعا: إن البحث في عقلية أطباء الغرب أظهر بأن هناك خلل منهجي كبير، فيبدو أن الجانب العلمي والبحث النظري والتدريب الإكلينيكي علي الأوبئة في الدول المتقدمة وتفكير مسؤولي تلك البرامج كان منصبا فقط علي أنهم في الغرب علماء يصدرون خبراتهم ويهبون بعض من العلم الذي لديهم إلى بعض دول العالم الثالث الفقيرة والموبوءة بالأمراض المعدية وأن مناطق انتشار تلك الأوبئة في إفريقيا وآسيا بعيدة عن بلادهم، ولم يضعوا أي احتمال جدي لانتشار تلك الأوبئة في بلادهم ومجتمعاتهم النظيفة والمتحضرة والخالية من الأمراض( نظريا)، ولم يأخذوا مصطلح الانتشار العالمي للوباء بالجدية الكافية، فعندما حدثت الجائحة بهذه الطريقة الدرامية الحزينة سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا الطريق، حيث لم يكونوا مؤهلين نفسيا ولا ماديا لحدوث هذه الأوبئة في مجتمعاتهم، فحدثت الفوضى التي نشاهدها عبر الشاشات مباشرة، والانهيارات الكبرى في الأنظمة الصحية ونقص الكوادر والأجهزة الطبية بل ونقص الأقنعة الواقية، وتحول الجميع إلي قصة ركاب السفينة يبحثون عن النجاة كلا بمفرده ونسيت بعض تلك الدول ذات المنظومة الصحية القوية والمستقرة في غمرة الصدمة ما صدعت به أدمغتنا من مصطلحات لسنين طوال عن مدى رصانة هذه الأنظمة وقوتها، وتناسوا التعاون العلمي الدولي والتشارك والتشبيك وتبادل الخبرات والمعلومات وبرتوكولات التنسيق والتعاون الطبي، وصار الجميع يقول نفسي نفسي، وانشغلت كل دولة بنفسها بل وأخفت المعلومات التي لديها عن باقي دول العالم ، مما سبب رواج نظرية المؤامرة وأجندتها. وتحول البعض فجأة الى لصوص آخر الزمان، وفوجئ العالم بأن دولا وليست عصابات تسرق أقنعة واقية كانت متوجهة لدول اخرى بحجة أنها تحتاجها لشعبها، بنفس منطق القراصنة، ودول أخرى تبيع على بيع بعض مع الشركات الموردة وتقدم أسعارا أعلى لكسب الصفقة المباعة أصلا، وذكرني هذا بما كنا نسميه صغارا ( حرامي الغسيل) سخرية من أسوأ وأحقر اللصوص الذين يسرقون الملابس من على حبل الغسيل أثناء تجفيفه.

 وإذا بقيادات بعض الدول المتقدمة تطلب الإغاثة وتشتكي قلة الكوادر والإمكانيات والأجهزة الطبية والمعدات البسيطة، بل تلجأ إلى إعادة تدوير ملابس وأقنعة الأطباء ذات الاستخدام الواحد، والأسوأ أننا وجدنا سعار رهيب (وليس تنافس علمي شريف) من أجل إنتاج دواء فعال أو توفير لقاح للفيروس، كي تحقق بذلك مكاسب اقتصادية، وسيطرة سياسية عالمية، وهو شيء لا أخلاقي بل لا أبالغ إن قلت لا إنساني.

خامسا: لعقود طويلة كان عدم تقدير الأطباء والغفلة عن حقوقهم هو السمة الغالبة في العالم وخصوصا في الدول النامية والفقيرة، وراج مصطلح (أطباء بلا حقوق)، حيث تدهور وضع الأطباء والكادر الطبي في السلم الاجتماعي، وأصبحوا يميلون الي الفئات محدودة الدخل، وعانوا من الإهمال والتهميش الاجتماعي بل منعوا حتى من مجرد الاستماع لشكواهم ومطالبهم، وأبسطها مساواتهم بباقي قطاعات الخدمات في دولهم، مثل باقي الفئات المقدرة جدا كالشرطة والجيش والقضاء بل وحتى الفنانين ولاعبي الكرة، وزاد الوضع بمرور السنين من سيئ الى اسوأ حتى وجدنا أطباء معدومي الدخل، وفشلت محاولات جعل كادر خاص لهم موضع التشريع والتنفيذ. ووجدنا مواسم هجرة وفرار كبيرة من الدول الفقيرة الي الدول الغنية في الخليج وأوروبا وأمريكا بحثا عن سبل أفضل للعيش والدراسة والتقدم العلمي والاستقرار المالي والاجتماعي بل والسياسي. ومع حدوث وباء كورونا اكتشف الجميع حجم الجريمة والخطيئة التي ترتكب في حق الأطباء والكادر الطبي، ومدى الحاجة لهم وضرورة تعديل هذا الوضع المقلوب. وكعادة السياسيين بدأوا في إطلاق مصطلحات للتسكين والترضية مثل ضرورة تقدير الجيش الأبيض وممارسات جبر الخواطر مثل التصفيق تحية لجهود العاملين بالصحة في وقت وساعة محددة كل يوم ودفع الشعوب لعمل ذلك، وتجاهلوا الإجراء العملي وهو إصدار تشريع وتنفيذه على أرض الواقع يعيد للأطباء وأعضاء المهن الطبية حقوقهم، بل آن الأوان لإصدار إعلان عالمي لحقوق الأطباء والعاملين في مجال الصحة ينصفهم ويحميهم ويرد لهم بعض الاعتبار.

وفي هذا المقال أجدني مسؤولا كطبيب (ولدي أبناء درسوا الطب وزملاء أعزاء شاركوني آلام وآمال المهنة) أن أطرح افكاري حول مستقبل المهنة تعليما وتدريبا وممارسة في مرحلة ما بعد كوفيد-19. والتي أتمني أن تكون مفيدة.

إن الطب ولفترات طويلة ظل مقسما إلي قسمين أساسيين هما: الطب العلاجي والطب الوقائي.

ودائما كان الطب العلاجي يجتذب النابهين والمتفوقين من دارسي الطب وهم الصفوة التي تحلم بممارسة الطب في المستشفيات والمراكز المتخصصة وعلاج المرضى وبناء شهرة واسعة، بينما كان الطب الوقائي والذي يشمل الصحة العامة-مكافحة الأوبئة والترصد الوبائي-الأمراض المعدية-مراقبة الأغذية- التثقيف الصحي-الصحة المدرسية-التطعيمات – طب الصناعات وغيره من المجالات شديدة الأهمية، ظل الطب الوقائي يُدفع إليه فقط قليلو الحظ من الأطباء وأصحاب معدلات النجاح المنخفضة وأحيانا علي سبيل العقوبة لمن يرتكب خطأ في الطب العلاجي يُنقل تعزيرا للطب الوقائي.

وظلت هذه الثقافة العجيبة سائدة لعقود طويلة بل لا أبالغ إذا قلت إنها مازالت إلى يومنا هذا ومع الأسف الشديد.

ورغم ان جميع الدول وانظمتها الصحية والمنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية الجميع يعلم ويقر بخطورة الطب الوقائي وأهميته الشديدة لصحة المجتمع بأسره، وأنه عماد الصحة بالمجتمع، وثابت في أدبيات الصحة (درهم وقاية خير من قنطار علاج) والتي اختزلت لاحقا في المقولة الشهيرة (الوقاية خير من العلاج)، إلا أن الجميع ساهم في هذه الجريمة بل الخطيئة وهي إهمال وتجاهل الطب الوقائي لصالح الطب العلاجي في كل شيء، فتم الإهمال في التخطيط والموازنة والتدريب والتأهيل والاستراتيجيات الصحية، وما زرعناه في عقول الناس لعقود طويلة بدأنا نعاني منه الآن مع كوفيد-19. فهل نستفيق في زمن ما بعد كورونا.

وللتوضيح أكثر فإن الوقاية هي خط الدفاع الأول للحفاظ علي حياة البشر، وهي بسيطة وسهلة وغير مكلفة، فيكفي كمثال توضيحي فقط أن نقارن الإجراء الوقائي والإجراء العلاجي مع كوفيد-19، فلنقارن سعر القناع الواقي والقفازات وغسول اليد بسعر جهاز التنفس الصناعي وتكاليف مستهلكاته وتشغيله، سيتضح لنا الأمر بكل بساطة. أنت تقارن عندها بين عدة دولارات أمام الآلاف من الدولارات.

إذاً لا مناص أمامنا من إعادة ترتيب الأولويات الصحية وإعادة الاعتبار للطب الوقائي وإعطائه الأهمية المستحقة له وتشجيع النابهين والصفوة من الأطباء على الدخول في هذا المجال من خلال منظومة تعليمية تكفل وتشجع على ذلك.

واقتراحي المحدد أن يتم تعديل مناهج التدريس في كليات الطب للتركيز على الطب الوقائي وخصوصاً علم الأوبئة، ويمكن تدريس الأوبئة كمادة أساسية وتشمل الدراسة تاريخ الأوبئة في الدولة والاقليم والعالم، ومن ثم وضع مادة لكيفية وضع خطة استراتيجية للترصد الوبائي وتوقع حدوث الأوبئة والتعامل معها والتدريب علي مكافحة الجائحة العالمية حال حدوثها مستقبلا، ومن المواد الواجب إضافتها مادة الطب العالمي (global health) ونظرة علي الصحة في العالم والتعامل مع المشكلات الصحية وكيفية التعاون وتبادل الخبرات الطبية.

إنني أناشد المعاهد والكليات والجامعات وكافة المؤسسات التي تهتم بالتعليم الطبي في العالم أجمع، وأخص اتحادات الجامعات في عالمنا العربي والإسلامي أن يتضافروا من أجل وضع استراتيجيات وإعداد برامج متكاملة من أجل إعداد جيل جديد من الأطباء والعاملين في مجال الصحة يكون قادرا على مواجهة مثل هذه الجائحة مستقبلاً. مع استخدام آليات جديدة مثل التعليم عن بعد والتلي مدسن بل والذكاء الاصطناعي أيضاً

 (e-learning, Tele-medicine and Artificial Intelligence-AI) وهي وسائل حديثة تواكب المستقبل وتنشر التعليم الطبي المستمر والخدمات الطبية علي أوسع نطاق وبأقل النفقات.

ويمكن الاستفادة من بعض تجارب وبرامج الجامعات التي أخذت هذا التوجه، مثل تجربة جامعة أنشئت في رواندا ( جامعة أكوتي) تعمل على هذا الإعداد، وهي تجربة جديرة بالدراسة والاستفادة منها.

لابد من تطوير المناهج الدراسية الحالية، وتشجيع الباحثين على عمل دراسات وأبحاث فيما يخص هذا الجانب لتطوير الصحة مستقبلاً.

لابد من تضافر الجهود على مستوي العالم وتلاقح الافكار بل تكوين بنوك أفكار تشمل التطوير مستقبلاً، والتعاون الدولي بدلاً من انفراد كل دولة من أجل توفير العلاج واللقاح ل كوفيد-19 وما يستجد مستقبلاً.

آن الأوان لتصحيح وضع الأطباء والعاملين في مجال الصحة وإعطائهم حقوقهم كاملة، لأن هدر حقوقهم ووضعهم في أسفل السلم الاجتماعي وتحويلهم من المكانة المرموقة كأصحاب الياقات البيضاء منذ قرن من الزمان إلي باحثين عن بدل العدوى، ُيُعد أمراً خطيراً جداً خصوصاً إذا وضعنا نصب أعيننا الخطاب الذي يتم ترويجه الآن إعلاميا من خلال السياسيين من أجل دعمهم معنويا كمقولة الجيش الأبيض وخط الدفاع الأبيض والتصفيق الحاد لهم في كل مساء، نعم إن كل هذا له تأثير إيجابي لحظي ومؤقت، ولكنه سيتحول إلى كارثة إذا لم يتبعه إجراءات عملية لتصحيح الاوضاع المادية والمهنية المزرية للعاملين في مجال الصحة ، وإعطائهم حقوقهم وجعلهم مناط التكريم في المجتمعات ورد حقوقهم المادية من رواتب ودرجات اجتماعية، وإلا ستكون القدرة على إقناعهم مستقبلا في أي جائحة أخرى شبه مستحيلة، وسيكون التفاني في العمل وبذل نفوسهم من أجل الدفاع عن الآخرين ضربا من الخيال، خصوصا في الدول النامية والفقيرة، فضلا عما سمعناه من استغاثات صدرت من العاملين في الصحة في بعض الدول المتقدمة اقتصاديا وعلميا، فالكل في الهم سواء.

إن الحاجة ماسة لدراسة تاريخ الأوبئة دراسة علمية ودقيقة، والتفشي الوبائي والجائحة العالمية، وكيف تم التعامل معها سابقا وحالات النجاح والإخفاق والاستفادة من ذلك وأخذ الدروس والعبر التي تساعدنا علي وضع استراتيجيات جديده للمستقبل العالمي للصحة.

إن تعريفات أساسية جرى التعامل معها كثوابت ومسلّمات قبل كوفيد-19 كمفهوم الصحة العامة والوقاية والطب الوقائي ودوره والوباء والتفشي الوبائي والجائحة العالمية والصحة العالمية والتعاون الصحي الاقليمي والدولي بات في تقديري يحتاج الى إعادة نظر بل وتعديل أحيانا.

هناك ضرورة لنشر الوعي الطبي السليم من أجل وقف الخرافات ومنع الدجل مثل العودة للحياة الطبيعية وبعض الأعشاب البسيطة من هنا وهناك واستخدامها السحري في علاج ما عجز عنه العلماء. وبالمثل أيضا هناك ضرورة لوقف شطحات بعض الباحثين ونظرياتهم الافتراضية في علاج الأوبئة المستجدة كما روج مؤخرا لمصطلحات مثل (مناعة القطيع- الباسبور المناعي) وهي تحتاج لمزيد من العقل العلمي والنقد الجدي في التعامل معها.

أقرأ أيضا: إدارة أزمة كورونا ـ أسباب النجاح والفشل

 الخلاصة:

 يجب التعاون والتنسيق والشراكة المسؤولة من أجل وضع استراتيجية صحية للعالم ما بعد كورونا، تكون استراتيجية موحدة وبعيدة المدى تشمل مناهج التعليم الطبي المستمر، كما تشمل التدريب قبل العمل وعلى رأس العمل، الترصد الوبائي والاهتمام الشديد بالطب الوقائي والصحة العامة، وإنتاج أدوية وأمصال للأوبئة المستجدة تكون في متناول جميع البشر دون تفرقة أو تمييز بين إنسان وآخر، مع رفع سقف الإنفاق على التعليم الطبي والوقاية والترصد الوبائي والبحث العلمي في مجال الصحة بل والإنفاق عليها جميعا بسخاء يماثل الإنفاق والحمى العالمية علي التسلح، مع تحسين أوضاع العاملين في المجال الصحي ومنحهم تقديرهم المستحق.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. إعادة ترتيب الاولويات في الصحة على مستوى العالم أمر لابد منه.
    المقال ألقي الضوء على كثير من النقاط السلبية والتي كانت خافية على الكثيرين، واماط اللثام الطرق السلبية التي كانت تمارس في مجال الطب العلاجي على حساب الطب الوقائي مما ادى الى ظهور هذا الخلل والانهيار الصحي في كثير من البلاد التي كانت تدعي انها تتمتع بنظام صحي قوي، وهو ما ثبت عكس ذلك.

    المقال شافي وكافي ووضع النقاط على الحروف لإعادة تقييم الاداء الطبي مابين الطب العلاجي والطب الوقائي، يبقى فقط سؤالاً واحداُ هل هنالك إرادة حقيقية من وزارات الصحة على مستوى العالم وكليات الطب والمراكز البحثية الطبية، هل لديها الاستعداد لاعادة النظر في مفهوم الطب لما بعد كورونا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close