مستقبل_علاقة_الإخوان_بالنظام_في_الأردن_في_ظل_التحولات_الراهنة
مقدمة :
شهدت علاقة إخوان الأردن بالنظام الملكى حالة من التذبذب منذ تأسيس الجماعة هناك في أربعينيات القرن العشرين، حيث كان الخط البياني لهذه العلاقة متردداً بين صعود وهبوط، ولكنه كان صاعداً على وجه الإجمال، لحرص الطرفين على التعايش السلمي وإبقاء خلافاتهما في حدودها الدنيا، وبما لا يؤثر على وجود ونشاط الإخوان في الأردن من جهة، ولا يسبب قلقاً للنظام الحاكم من جهة أخرى.
غير أن طبيعة تلك العلاقة شهدت تغيراً نسبياً خلال ثورات الربيع العربي، وتنامي المطالب الإصلاحية التي قادتها جماعة الإخوان المسلمون. ولذلك لم يكن غريباً أن تثير تطورات الأوضاع في مصر بعد 30 يونيو ارتياحاً لدى النظام الذي اتخذ موقفاً مغايراً عن الإخوان في الدولة إزاء هذه التطورات، مما تسبب في خلاف واسع بين الطرفين امتد إلى الموقف من الوضع الإقليمي العام، وتمخض الخلاف عن اتساع حالات الاعتقال في صفوف إخوان الأردن على نحو غير مسبوق، مع اعتقال نائب المراقب العام للجماعة زكي بن ارشيد.
ويثير ذلك الوضع تساؤلات عدة عن المسار المستقبلي لعلاقة الإخوان في الأردن بالنظام الملكي، وفي ظل وجود دفع إقليمي وداخلي لحظر الجماعة، كما هو الحال في مصر والإمارات والمملكة السعودية، في مقابل تأكيدات حكومية بأن اعتقال زكي بن ارشيد لا يقصد به الجماعة، وإنما لتصريحاته ومواقفه التي اعتبر أنها تضر بمصالح الأردنيين في الجوار، فيما يراهن البعض على تنامي حدة الخلافات الداخلية التي يعانيها إخوان الأردن دون حاجة لمزيد من التصعيد. وعليه، يهتم هذا التقرير بدراسة مستقبل علاقة الإخوان بالنظام في الأردن، من خلال المحاور التالية.
أولاً: علاقة الإخوان بالنظام في ظل الثورات العربية:
نجحت جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها في الأردن عام 1946، في إقامة علاقات مميزة مع النظام، استناداً إلى مواقفها التاريخية في دعم استقلال الأردن عن الاستعمار البريطاني، ثم دعمها للنظام الملكي في مواجهة محاولة الانقلاب عليه في عام 1958، مقابل المجال الواسع الذي وفره لها النظام في العمل الاجتماعي والتطوعي العام.
لكن على الجانب الآخر فقد كان هناك بعض الخلافات في العلاقة بين الطرفين، ارتبطت بما اعتبره الإخوان تضييقاً سياسياً مورس عليهم وخصوصاً بعد النجاح الكبير الذي حققوه في انتخابات عام 1989 بحصولهم على نحو 30% من مقاعد مجلس النواب، ومشاركتهم في حكومة السيد مضر بدران بستة وزراء.
واستمر الخلاف حول المجال السياسي المتاح لإخوان الأردن حتى بعد تأسيس حزب “جبهة العمل الإسلامي” كذراع سياسي للجماعة في عام 1992، حتى كان القرار في عام 1997 بمقاطعة الانتخابات البرلمانية بسبب إقرار “قانون الصوت الواحد”، الذي اعتبر الإخوان أن هدفه محاصرة الحركة الإسلامية وتقليل فرص نجاحها بعد توقيع معاهدة “وادي عربة” في عام 1994 التي عارضتها الحركة بشدة. ومرة أخرى في الانتخابات النيابية لعام 2007، لم يحصل “حزب جبهة العمل الإسلامي” إلا على 6 مقاعد في البرلمان بسبب ما أكدت أنه “عمليات تزوير واسعة وشراء أصوات سهّلت لها الحكومة”1 .
وتأسيساً على ذلك، وتأثراً بالوضع الإقليمي العام خلال الفترة التي أعقبت ثورات الربيع العربي، شهد الأردن منذ يناير 2011 مظاهرات واحتجاجات واسعة طالبت بإصلاحات سياسية واقتصادية جوهرية ومكافحة جدية للفساد، قاد معظمها الإخوان المسلمون، الأمر الذي تسبب في تنامي الحساسيات مع النظام الأردني الذي استنكر توجيه الإخوان رسائل تحذير إلى الملك من الاستمرار في سياساته، موجهة اتهامات مباشرة لنظامه بالفساد2 .
بل وطالبت الجماعة الملك عبد الله الثاني بالاعتذار عن التصريحات التي وصفتها بـ”المسيئة” إلى مكونات المجتمع الأردني، والتي نقلتها عنه مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية في 20 مارس 2013، حيث شنّ هجوماً حاداً على أطراف عدة كان من بينها جماعة الإخوان الأردنية التي اتهمها بتلقي الأوامر من قيادة الجماعة في القاهرة، وعبر عن يقينه بأنها تريد إزاحته عن العرش، واصفاً إياها بأنها “طائفة ماسونية”.
وبالرغم من صدور بيان من الديوان الملكي قال إن الحوار أخرج عن سياقه، فقد هاجم بيان صادر عن مجلس شورى الإخوان تصريحات العاهل الأردني، وجاء في البيان أن ما نقل من “تصريحات وأقوال لا تعبر عن أدنى درجات المسؤولية، وتشكل استخفافاً بالشعب والوطن والدولة، وتسيء إلى مكونات المجتمع الأردني وللحركة الإسلامية، من اتهامات لا أساس لها من الصحة كانت مثار استهجان كافة شرائح المجتمع الأردني، وبما لا يليق بالحس الوطني ولا يتناسب مع تبعات المسؤولية، ويستوجب الاعتذار الصريح، والتعامل بالاحترام الذي يليق بكرامة الشعب الأردني”3 .
وذلك في تصعيد غير معهود في علاقة الإخوان التاريخية بالنظام الأردني، واستمر الخلاف حول المسار السياسي حتى آخر انتخابات برلمانية وبلدية أجريت في الأردن في يناير وأغسطس 2013، والتي اتخذ الإخوان قراراً بمقاطعتها مع مجموعات أردنية معارضة أخرى، مطالبة بحكومة برلمانية منتخبة ومجلس نواب وأعيان منتخبين، ورفض خريطة طريق الإصلاح التي تبناها الملك عبد الله الثاني، بعد مقاطعتهم كذلك لجنة تعديل الدستور التي شكلت في أبريل 2011.
ومقابل ذلك أحكم النظام سيطرته على الواقع السياسي، وكان من مظاهر ذلك تشكيل الحكومة الأردنية التي أعلنت في مارس 2013 كحكومة برلمانية، ولكن تشكيلها خلا في الواقع من أعضاء مجلس النواب وحتى من مرشحي الكتل البرلمانية، مما أثار حفيظة القوى السياسية المختلفة ومن ضمنها الإخوان المسلمون4 .
وكذلك فإن تركيبة مجلس الأعيان التي أعلنت في أكتوبر من العام نفسه، غلب عليها رموز التيار المحافظ والبيروقراطي، مع غياب الشخصيات الإصلاحية والمعارضة ورموز الحراك الشعبي الذي ظهر على الساحة السياسية خلال مرحلة الربيع العربي5، فضلاً عن غياب أي شخصية محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين أو قريبة منها، بخلاف مجالس الأعيان السابقة التي ضمت شخصيات من قيادات الجماعة6 .
ثانياً- التطورات الإقليمية وانعكاساتها على علاقة الطرفين:
اعتبر المراقبون أن الأردن تنفس الصعداء إثر سقوط حكم الإخوان في مصر بعد أن عزل الجيش الرئيس محمد مرسي في يونيو 2013، وحيث كان الأردن من بين أسرع وأوضح ثلاث دول –بعد المملكة السعودية والإمارات- في التعبير عن الترحيب بذلك التحرك، وأرسل الملك عبد الله الثاني برقية إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور اثر توليه مؤقتاً إدارة البلاد، أكد فيها دعمه ما اعتبره “إرادة الشعب”7 .
بل وتوجه العاهل الأردني في زيارة خاطفة إلى مصر كأول زعيم عربي يبارك للقيادة الجديدة في 20 يوليو 2013، أعلن خلالها مجدداً دعمه “خيارات الشعب المصري ومساندة مصر لتجاوز الظروف التي تشهدها وصولاً لترسيخ أمنها واستقرارها”.
وفي المقابل أصدر إخوان الأردن البيانات ونظموا اللقاءات والاعتصامات أمام السفارة المصرية في عمّان والقنصلية المصرية في العقبة، رفضاً للانقلاب العسكري وتنديداً باعتبار الإخوان جماعة “إرهابية”، وأطلقوا خلال هذه الفعاليات -وبحسب النظام الأردني- “شعارات تجاوزت ما هو مألوف، وبما يؤثر على السياسة العامة للدولة الأردنية التي تطرح شعار عدم التدخل في شئون أي دولة عربية شقيقة، إضافة إلى تأثير هذه السياسة على العلاقات التاريخية بين الأردن ومصر” 8.
وقد امتدت مواقف إخوان الأردن الرافضة لاعتبار الإخوان المسلمين جماعة “إرهابية” لنقد المواقف الإقليمية المماثلة في المملكة السعودية9، وكذلك في دولة الإمارات التي نشرت قائمة تضم 83 مجموعة صنفتها على أنها “إرهابية”، ومن ضمنها الإخوان المسلمون10، وحيث اعتبر إخوان الأردن أن ما قامت به الإمارات “جرم كبير يطال عشرات ملايين المسلمين في شتى أنحاء العالم في الوقت الذي صمتت فيه على ما يجري في العالم الإسلامي من انتهاكات خاصة في المسجد الأقصى والمقدسات”11 .
وجاء الانتقاد الأقوى على لسان نائب المراقب العام لاخوان الأردن زكي بني ارشيد، الذي وصف حكومة الإمارات بأنها “الراعي الأول للإرهاب”، واعتبر في تصريح كتبه على موقع “فيسبوك” أن: “الأجندة الإماراتية تتناقض مع أهداف الأمة العربية ويجب طردها من مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ووضع حد لاستنزاف الأمة وخيراتها”، وأضاف بقوله: “إن الإمارات تقوم بدور شرطي أمريكي في المنطقة، وبأقذر الأدوار الوظيفية خدمة للمشروع الصهيوني الماسوني، وتقف خلف كل أعمال التخريب والتدمير لمشروع الأمة، وتتآمر على قضايا الأمة وضد حركات التحرر الوطني، وتدعم الانقلابات وتتبنى تمويل حركات التجسس والاغتراب، فهذه القيادة هي الخلايا السرطانية في جسم الأمة العربية”، بحسب ما جاء على موقعه الالكتروني12 .
وعلى خلفية هذه التصريحات، تم توقيف بني أرشيد في 21 نوفمبر 2014 من جانب الادعاء العام لمحكمة أمن الدولة وفق “قانون منع الإرهاب”، على ذمة التحقيق بقيامه بأعمال من شأنها تعكير صفو علاقات المملكة بدولة أجنبية، ولتكون تلك المرة الأولى التي تقدم فيها السلطات الأردنية على اعتقال شخصية إخوانية بارزة بعد اندلاع الانتفاضات الشعبية في العالم العربي، وما رافقها من احتجاجات عارمة عاشتها المملكة خلال الأعوام الثلاثة الماضية للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد13 .
وجاء الاعتقال بعد نحو شهرين من اعتقال عضو مجلس شورى الجماعة محمد سعيد بكر، وبعد اعتقال ثلاثة مهندسين من الجماعة وجهت إليهم تهم تتعلق بـ”الإرهاب” وتقويض نظام الحكم، أحدهم الأسير السابق لدى الاحتلال مازن ملصة، والباحث في الشئون الفلسطينية غسان دوعر ونجله البراء، كما جاء الاعتقال بعد ساعات من اقتحام منزل المهندس عبد الله الزيتاوي المعتقل لدى إسرائيل منذ أشهر عدة 14. ولاحقاً وصل عدد معتقلي الجماعة إلى 21، معظمهم أعضاء في نقابة المهندسين الأردنية، وجه لهم المدعي العام لمحكمة أمن الدولة العسكرية تهم الإرهاب15 .
ومن ناحيتها، اعتبرت جماعة الإخوان الأردنية أن استهداف ما وصفته بـ”الفكر الراشد والمعتدل” في المنطقة بشكل عام والأردن بشكل خاص لا يمكن اعتباره إلا محاولة لاستنبات بذور “التطرف والعنف”، وأشارت إلى الاعتقالات التي تمت بالفترة الأخيرة بحق أنصارها قائلة أنها “مسيسة وغير مبررة، وتهدف إلى إضعاف الإسلاميين في المجتمع”، وطالبت السلطات الأردنية بـ”إغلاق ملف الاعتقال السياسي، وإلغاء قانون مكافحة الإرهاب، والإفراج عن جميع المعتقلين وفي مقدمتهم بني ارشيد” 16.
على الطرف المقابل رفض وزير الإعلام الأردني السابق ورئيس مجلس إدارة صحيفة “الرأي” -التي تمثل وجهة النظر الرسمية- سميح المعايطة اعتبار اعتقال بني ارشيد استهدافاً للحركة الإسلامية وبداية أزمة معها، ولكنه أوضح أن تصريحه بحق الإمارات جاء بعد سلسلة من التصريحات والرسائل من الإخوان “يغيب عنها الحس السياسي، وتنطوي على انفعال غير محسوب، بدءً ببيان حرب غزة الذي تجاهل الأردن تماماً، مروراً بالعرض العسكري المستفز بعد العدوان على غزة، وصولاً لتصريحات بني ارشيد” 17.
ثالثاً: أسباب التصعيد بين النظام والإخوان:
يمكن حصر أسباب التصعيد بين النظام الأردني والإخوان في النقاط التالية:
- الضغوط الخليجية:
ربما يكون السبب الأول لتصعيد النظام الأردني ضد الإخوان، هو ما يرتبط بالمواقف الإقليمية المعارضة لنشاط التنظيم. وبحسب ما تشير إليه مصادر إعلامية متعددة، فإن بداية الأزمة في العلاقة بين الإخوان والحكومة الأردنية تعود إلى طلب دول الخليج وضع التنظيم على قائمة الإرهاب، وهو ما رفضه النظام الأردني محتجاً بخصوصية الحالة الأردنية، وعدم توفر أدلة على استخدام الإخوان للإرهاب في عملهم المرخص من الدولة، وحاول نظام الحكم الحفاظ على العلاقة التقليدية مع الجماعة -وهي علاقة تحت السيطرة بمفهوم النظام- مع موازنة مصالحه مع دول الخليج وخصوصاً الإمارات التي تمثل الطرف الأكثر تشدداً تجاه الإخوان المسلمين.
ولكن ما إن تجاوزت الساحة الأردنية هذه البداية، حتى كان اتهام نائب المراقب العام للإخوان بتعريض مصالح الأردن للخطر بسبب نقده اللاذع للإمارات، فلم يكتفِ بالهجوم على لائحة الإرهاب بل ركّز هجومه على الدولة نفسها حين وصفها بأنها “راعية للإرهاب”، وشكّك بدورها في المنطقة في نقد أزعج الحكومة وسبب لها الحرج، بحسب مصدر رسمي، وهو الأمر الذي على أساسه تم اعتقاله وتحويله للمحاكمة، في محاولة على ما يبدو لاحتواء الضغوط الإماراتية18 .
ومن ذلك جاء تأكيد رئيس وزراء الأردن عبد الله النسور أن بلاده لن تسمح لأي شخص بأن “يسيء إلى علاقاتها مع دولة الإمارات التي تربطها بالأردن علاقات أخوية مميزة، وتأتينا منها مساعدات باستمرار”، وأضاف “إذا أراد أي شخص أن يغرد ويخرب بيوت هؤلاء الناس فشعب الأردن لن يقبل هذا الأمر.. من يريد أن يغرد عليه أن يطّلع على القانون أولاً حتى لا يسيء إلى اقتصادنا وتجارتنا والمساعدات التي نتلقاها”، ودعا كل العقلاء أن “يحترموا مصالح الشعب الأردني”، وضعاً في الاعتبار أن الإمارات يعمل بها نحو 225 ألف أردني 19.
- الموقف من تطورات غزة:
من الأسباب الرئيسية لتنامي الخلاف بين الإخوان والنظام في الأردن، المواقف التي تم اتخاذها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وخصوصاً المهرجان الذي أقامته الحركة الإسلامية في حيّ “طبربور”، وخلاله تم تنفيذ استعراضات عسكرية نوعية، رأى المسؤولين في الأردن أنها قد تكون ناجمة عن تدريبات وإعدادات تتجاوز التنشئة التقليدية في الجماعة20 .
وقد صاحب الحرب انتقادات قوية من جانب الإخوان الذين وجهوا تهم “التقصير” للحكومة في دعمها لحركة حماس وللمقاومة، وارتبط بذلك الخلاف اعتقال القيادي في الحركة الإسلامية محمد سعيد بكر، على خلفية مواقفه خلال احتفالات الأردنيين بانتصار المقاومة، وبسبب محاضراته وخطبه التي وصفت بـ”التحريضية”. وكان بكر ألقى خطاباً هاجم فيه النظام الأردني، قائلاً إن أمام الحكم “فرصة لإثبات الرجولة والشرف والديانة”، ومضيفاً أن “خطوة واحدة للأمام تصنع من هذا النظام عملاقاً، لكن لا أدري هل هو العجز أم أن الإرادة منزوعة”، فيما اعتبر الإخوان أن الحرب الأخيرة في القطاع “لقنت محور الاعتدال درساً” .
وأيضاً فإن اعتقال المهندسين الثلاثة، الأسير المحرر مازن ملصة، والباحث في الشؤون الفلسطينية غسان دوعر ونجله البراء، ارتبطت بما كشفته مصادر رسمية بمخاطبة حزب “جبهة العمل الإسلامي”- الذراع السياسي لإخوان الأردن- حركة حماس بإدراج الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية في أي صفقة تبادل قادمة محتملة للأسرى بينها وبين إسرائيل، وهو ما رأته الحكومة الأردنية تجاوزراً على النظام والقانون22 .
- التحالف ضد “داعش”:
من أسباب الخلاف القوية بين النظام الأردني والإخوان، هو ما يرتبط بحدود مشاركة الأردن في التحالف الدولي- العربي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف إعلامياً بـ”داعش”، بعد تأكيد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال استقباله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في عمّان بتاريخ 12 سبتمبر 2014، دعم المملكة للجهود الدولية الرامية لمواجهة الإرهاب والتطرف 23.
وعلى خلفية ذلك، شدد مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في الأردن رفضه زج الجيش بالتحالف الذي تقوده واشنطن، في مخالفة للمادة (127) من الدستور التي تحصر مهام الجيش في الدفاع عن الوطن وسلامته، بجانب اعتبار أن هذه الخطوة تتناقض ومصالح الأردن، من منطلق أن “الإرهاب الحقيقي هو الإرهاب الصهيوني، وليس الجماعات التي تقوم أمريكا بحرب ضدها، بمشاركة جيشنا”، والتأكيد كذلك على رفض استخدام الأراضي الأردنية كقواعد عسكرية أو منطلقات لجنود ما يسمى “التحالف الدولي على الإرهاب”24 .
والجدير بالذكر، أن تصعيد النظام الأردني في إطار تلك القضية لم يرتبط فقط بالإخوان المسلمين، ولكن ارتبط أيضاً بعناصر من السلفيين والمتعاطفين مع نشاط “داعش” و”جبهة النصرة الإسلامية”، وحيث تنظر محكمة أمن الدولة الأردنية في أكثر من 125 قضية وفق “قانون منع الإرهاب”، معظمها لأعضاء التيار السلفي اتهموا بمناصرة “داعش” و”جبهة النصرة” والترويج لهما، إضافة إلى محاكمة أعضاء من “حزب التحرير الإسلامي” المحظور25، بعد زيادة أنشطته الجماهيرية خاصة الحرب على غزة وذكرى سقوط الخلافة الإسلامية 26.
رابعاً: السيناريوهات المستقبلية لعلاقة النظام الأردني بالإخوان:
مع تعدد قضايا الخلاف بين النظام الأردني والإخوان، تتعدد كذلك السيناريوهات الخاصة بمستقبل العلاقة بين الطرفين، ذلك أن الأردن –ورغم الخلافات- ظل يمتنع عن اعتبار الإخوان حركة إرهابية كما حصل في مصر والإمارات والمملكة السعودية، مراهناً فيما يبدو على تنامي الخلافات داخل التنظيم دون الحاجة إلى مزيد من التصعيد، ولكن لا يعني ذلك تبدد كل محاولات تطويق الإخوان في الأردن، الأمر الذي لا يستدل عليه فقط بتصاعد حركة الاعتقالات في صفوف أعضاء التنظيم، ولكن أيضاً الظرف الإقليمي الضاغط، وتنامي القضايا الخلافية. ومن هنا يمكن التحدث عن السيناريوهات التالية في مستقبل علاقة النظام الأردني بالإخوان.
السيناريو الأول: حظر جماعة الإخوان المسلمين:
ويقوم هذا السيناريو على عدد من المؤشرات، التي يمكن تمثلها في النقاط التالية.
- مواقف المتشددين في النظام:
ذلك أن هناك دعوات متصاعدة داخل مركز القرار السياسي لحل الجماعة، بعد أن كانت هذه الدعوات تقتصر على المؤسسة الأمنية. وبحسب مصادر سياسية مقربة من مركز القرار، بات التيار الرسمي المحافظ صاحب الصوت الأعلى بالدعوة لحل الإخوان أو اتخاذ إجراءات عقابية غير تقليدية بحقهم إذا ما استمر التصعيد بين الدولة والجماعة، وحيث تعمل جهات سياسية وأمنية تعمل على إعداد ملف لإحالة جماعة الإخوان المسلمين للقضاء بتهم خرق القانون.
وهم يستندون في ذلك إلى أن إخوان الأردن تم تسجيلهم في عام 1955 كفرع لـ”الإخوان المسلمين”، وأنهم خلافاً لمنع إنشاء أحزاب بأسماء دينية أنشأوا حزب “جبهة العمل الإسلامي” والمصرح له بالعمل السياسي فقط دون الجماعة، وأنهم أيضاً خلافاً لقانون الأحزاب قد اتبعوا ازدواجية العضوية في الحزب وفي الجماعة الأم، فضلاً عن ما يثار عن ازدواجية في عضوية عناصر من إخوان الأردن في مجلس شورى حركة حماس، الذي من المفترض أنه تنظيم فلسطيني لا يجوز لمسئول في تنظيم أردني أن يكون عضواً في قيادته27 .
- استمرار تنسيق الأردن والقوى الإقليمية:
إذ يبدو أن العاهل الأردني، وفي سياق الضغوط المفروضة على الإخوان المسلمين، يستمر في التنسيق مع القوى الإقليمية، وفي المقدمة منها المملكة السعودية والإمارات وأيضاً مع اللواء خليفة حفتر في ليبيا، في تعاون قد يكون من بين أبعاده التضييق على الإخوان في الأردن 28.
وكان اللافت تكثيف المشاورات بين ملك الأردن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على نحو خاص، حيث قام العاهل الأردني بزيارة خاطفة إلى القاهرة في 30 نوفمبر 2014 قبل يوم من توجهه إلى واشنطن، وحرص أثناء وجوده هناك على الدعوة لمساندة ودعم عبد الفتاح السيسي29 . ولم يكد يمر عشرة أيام على تلك الزيارة، حتى قام السيسي بزيارة أخرى إلى الأردن في 11 ديسمبر، في قمة هي الرابعة خلال فترة ما بعد 30 يونيو، وحيث أجرى مع العاهل الأردني مباحثات تطرقت إلى أهمية “وجود منهج استراتيجي شمولي وتشاركي بين مختلف الأطراف في التصدي للإرهاب”، مع تأكيدهما على أهمية “تكاتف جهود الدول العربية والإسلامية لتحقيق هذا الهدف”30 .
وإن كان القصد بمحاربة الإرهاب هو التعاون في مواجهة “داعش” وغيرها من التنظيمات المتطرفة، لكن لا يغفل على الجانب الآخر الأبعاد المرتبطة باعتبار الإخوان المسلمين جماعة “إرهابية” في مصر والسعودية والإمارات. ومن هنا كان إعلان المتحدث باسم إخوان الأردن سعود أبو محفوظ: “نحن لا نرحب بزيارة سفاح تجاوز على حرية شعبه، وانقلب على مخرجات الصندوق، وهو اليوم يحاصر الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ويقود محرقة بحق سكان سيناء” 31.
- الخلاف حول التعاون مع إسرائيل:
إذ أعلن حزب “جبهة العمل الإسلامي”- الذراع السياسي لإخوان الأردن، في 20 ديسمبر 2014، عزمه مقاضاة “كل من يوافق أو يوقع” على اتفاقية الغاز المثيرة للجدل مع إسرائيل. وقال بيان للجبهة نشر على موقعها الإلكتروني أن “الحزب يرفض رفضاً قاطعاً هذه الاتفاقية تحت أي مسوغ سواء كان سياسياً أو اقتصادياً”، مشيراً إلى أنه “سيلاحق بصورة قانونية وقضائية وشعبية كل من يوافق أو يوقع على هذه الاتفاقية”.
واعتبر الحزب أن الحكومة تصر على مخالفة الإرادة الشعبية، ودعاها إلى الاستجابة لنبض الشارع الأردني وعدم المضي في هذه الاتفاقية، “التي من شأنها ربط مصير البلاد بالكيان الصهيوني الغاصب”. وتصاعد حدة الجدل في الأردن بشأن الاتفاق الذي قد تصبح بموجبه إسرائيل المصدر الرئيسي للغاز إلى المملكة خلال الأعوام الـ15 المقبلة، بمطالبة 79 نائباً أردنياً من أصل 150، الحكومة بعدم تمرير الاتفاق الذي تبلغ كلفته 15 مليار دولار32.
السيناريو الثاني: التفتيت من الداخل (الرهان على المشكلات التنظيمية للإخوان):
يقوم هذا السيناريو على افتراض أن النظام في الأردن، وعلى الرغم من تعدد قضايا الخلاف مع الإخوان، فإنه قد لا يكون بحاجة إلى مزيد من التصعيد معهم، مراهناً على الخلافات التنظيمية البارزة داخل الجماعة، والتي قد تؤدي إلى إضعافها دون الحاجة إلى الدخول في مواجهة مباشرة معها.
ويمكن الإشارة هنا إلى ثلاث مظاهر رئيسية لهذه الخلافات.
المظهر الأول: تمثل في إعلان ثلاثة من قيادات إخوان الأردن، هم: رحيل غرايبة ونبيل الكوفحي وجميل دهيسات، في نوفمبر 2012 -وبالتنسيق مع رموز سياسية أخرى من خارج الإخوان- عن تأسيس “المبادرة الأردنية للبناء” والتي اشتهرت بـ”مبادرة زمزم”، وتدعو إلى نوع من الإصلاح داخل جماعة الأردن، وأيضاً إلى درجة من المراجعة لأفكار في العمل السياسي، تأثراً فيما يبدو بتطورات الأوضاع في مصر ثم تونس .
ولكن اعتبرت المبادرة مخالفة تنظيمية لقواعد الجماعة، وخصوصاً أنها أعلنت بدون بدون تنسيق مسبق، لتقرر محكمة خاصة في جماعة الإخوان في 21 أبريل 2014، فصل القادة الثلاثة. وجاء في نص بيان صادر عن الإخوان المسلمين، أنه “بعد الإعلان عن “مبادرة زمزم” عبر وسائل الإعلام ودون التنسيق مع قيادة الجماعة أو علم مؤسسات الجماعة المختصة، باشر المكتب التنفيذي بالاتصال بالإخوة المعنيين لحوارهم والطلب منهم تقديم ما لديهم لدراستها داخل الإطار التنظيمي التزاماً بقواعد العمل المؤسسي وما جرت عليه الأعراف والتقاليد المعتمدة في إقرار مثل تلك المبادرات، وبعد إصرار الإخوة على موقفهم بالاستمرار بالمبادرة فقد طلب منهم عدة مرات التوقف وعدم استكمال المشروع الذي يشكل إطاراً تنظيمياً موازياً للجماعة” 34.
فيما أشارت القيادات المشاركة في المبادرة أنها أكدت مراراً أنهم ليسوا بصدد الانشقاق، وأن “زمزم” مبادرة اجتماعية وليست حزباً سياسياً، وأن قياداتها ملتزمون بالجماعة وعضويتها، وأن رسالتها هي “تجميع الطاقات واستثمارها وتقديم البدائل والمبادرات لتحقيق الإصلاح الشامل على أساس المواطنة والكفاءة وفق منهج تشاركي توافقي قيمي”35 .
ولكن ذلك تعارض وما أعلنه الدكتور جميل الدهيسات، بأنه من غير المستبعد أن تعلن المبادرة تأسيس حزب سياسي مستقل، إذا ما توفرت الظروف الملائمة لذلك. وقال الدهيسات: “إن زمزم ستسعى في المستقبل القريب إلى تأسيس جمعيات خيرية وتعاونية، لتتولى بعض الشئون التي تساعد المبادرة في تنفيذ مهامها”، وأضاف أنه إذا شعر “في مرحلة من المراحل أن هناك حاجة لإنشاء حزب سياسي فإننا سندعو الهيئة العامة للمبادرة على الموافقة على قرار تأسيس الحزب، ولكن القضية تعود للظروف التي تحيط كل مرحلة بمرحلتها” 36.
المظهر الثاني: تمثل في الخلاف الذي برز بين ما يمكن تسميتهما بتياري “الحمائم” و”الصقور” داخل إخوان الأردن، على ضوء نتائج انتخابات منصب الأمين العام لحزب “جبهة العمل الإسلامي”، التي أجريت في 16 أغسطس 2014، وما أسفر عنها من انسحاب أكثر من 23 عضواً من مجلس الشورى جراء ما اعتبروه “نقض الاتفاق” على تزكية القيادي سالم الفلاحات من تيار “الحمائم” لمنصب الأمين العام للحزب وقيام تيار “الصقور” بتزكية محمد الزيود بدلاً منه.
وسبق ذلك دعوة قيادات من “الحمائم” في الإخوان إلى عقد مؤتمر في اربد في 31 مايو 2014، على خلفية قرار المحكمة الداخلية بفصل قيادات “مبادرة زمزم”، وخلص المؤتمر إلى عدد من التوصيات كان أبرزها الدعوة إلى تشكيل قيادة توافقية مؤقتة لإدارة الجماعة 37. ومقابل ذلك صدر بيان عن المكتب الإعلامي لجماعة إخوان الأردن الذي يترأسه نائب المراقب العام زكي بني ارشيد، اتهم من حضروا المؤتمر بأنهم اختاروا أن يعبروا عن رأيهم “من خلال اجتماع خارج الإطار التنظيمي المعتمد”، معلناً أن الجماعة “لن تستدرج للانشغال بأي إرباكات أو مناكفات بصرف النظر عن مصدرها” 38.
المظهر الثالث: هو ما يثار عن وجود “تنظيم سري” يتحكم بجماعة إخوان الأردن من داخلها، مما حدا بالمكتب التنفيذي للجماعة إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق بوجود هذا التنظيم، وسط إشارات باتهام لتيار “الصقور” لا تخلو من اتهام حركة حماس بالعلاقة به. وجاء تشكيل اللجنة بعد أن أعلن قياديون محسوبون على تيار “الحمائم” أنهم كانوا سابقاً أعضاء في هذا التنظيم، وتحدثوا عن دوره في إدارة الجماعة والسيطرة عليها وإيصال القيادات المحسوبة عليه إلى المناصب الأولى.
من جهته، أوضح زكي بني ارشيد أن المكتب التنفيذي لم يُقدم له أي خبر أو معلومة حول الادعاءات بوجود التنظيم السري، وبرأيه فإن الاتهامات بوجود التنظيم “لا تعدو كونها محاولات للتضليل أو تضخيم بعض الاجتهادات التي أراد البعض تحويلها لعناوين كبيرة خالية من أي مضمون”. وعن الربط بين التنظيم وحركة حماس اعتبر أن “هناك من يحاول إقحام حماس في الشأن الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين بالأردن”.
والجدير بالذكر، أن الحديث عن “التنظيم السري” في جماعة إخوان الأردن ليس بجديد، فالتحقيق بهذا التنظيم يعود إلى سبعينيات القرن العشرين، وشُكِّلت لجان تحقيق عدة شكلت لهذا الأمر انتهت لتنبيه قيادات في الجماعة بعدم مشروعية عملهم. ورغم تراجع الاتهامات لحماس في الأعوام الثلاثة الأخيرة بعد فك الارتباط تماماً بين التنظيمين الأردني والفلسطيني في كل المواقع، فإن الاتهامات التي تؤشر لحماس تتجدد بين الفينة والأخرى على وقع وجود قيادات بارزة في أعلى هرم الجماعة بالأردن كانت ضمن تنظيم حماس قبل فك الارتباط، والإشارات تتجه بشكل أكبر نحو نائب المراقب العام زكي بني ارشيد 39.
السيناريو الثالث: تجاوز النظام خلافه مع الإخوان:
وهذا الأمر ليس ببعيد، وضعاً في الاعتبار عدد من الملاحظات:
الملاحظة الأولى: خصوصية الحالة الأردنية:
ذلك أن هناك شروطاً تجعل من استنساخ القرار الخليجي والمصري في الأردن باعتبار الإخوان جماعة “إرهابية” مسألة أكثر تعقيداً وصعوبة؛ فجماعة إخوان الأردن على النقيض من الوضع في السعودية والإمارات ومصر، بقيت خلال العقود السابقة تعمل بصورة قانونية وسياسية مشروعة، بل ودخلت في تحالف مع النظام في مراحل تاريخية حاسمة وفاصلة، مما يجعل من تجربتها وعلاقاتها وحساباتها مختلفة عن الحالة الإقليمية المحيطة.
وبحسب خبرة النظام السياسي الأردني نفسه، فهو تقليدياً -ومايزال كذلك- يميل إلى الحلول الوسطى وعدم الانجرار إلى صراعات حادة في الداخل، وماتزال هناك مجموعة معتدلة في أروقة النظام تفكّر بدرجة أكبر من العقلانية والبراجماتية من التيار المحافظ الذي يحاول تصفية الحساب مع الجماعة دوماً. وحتى الأجهزة الأمنية التي تقف على الطرف الآخر من المعادلة مع جماعة الإخوان، فقد وقفت قيادتها، عند طرح الموضوع قبل أشهر، على طاولة “مجلس السياسات” (أعلى مطبخ للقرار السياسي) ضد الحظر واستنساخ النموذج الإقليمي، على قاعدة “الخصم الذي تعرفه أفضل مما لا تعرفه”40 .
الملاحظة الثانية: ورغم ما يثار عن رفضه الاعتذار للإمارات كمخرج للأزمة القائمة في الأردن، ومع اعتباره أن اعتقاله جاء “استجابة لضغوط وإملاءات خارجية”، فإن بني ارشيد دعا في الوقت نفسه في رسالة سربها من داخل سجنه، إلى حوار وطني بين الحكومة والمعارضة، مؤكداً على “ضرورة المسارعة إلى فتح حوار وطني شامل بين الحكومة والمعارضة وكل القوى الفاعلة، في ظل ما يمر به الوطن من أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية، وفي ظل الظرف الدقيق في المنطقة”41 .
ومع الإشارة إلى أن حملة الاعتقالات التي طالت عناصر إسلامية في الأردن، بسبب الموقف من الإمارات، وبسبب الخلاف حول التطورات في غزة، سبقتها أجواء إيجابية بين الحكومة وقيادة جماعة إخوان الأردن، ترجمت إلى لقاء غير معلن بناء على طلب رسمي جمع وزير الداخلية حسين هزاع المجالي بوفد رفيع يمثل حزب “جبهة العمل الإسلامي” لبحث التطورات الداخلية والخارجية، وقالت مصادر إن اللقاء شهد أجواءً إيجابية وودية، تبع هذا اللقاء رسالة بعثها رئيس الوزراء عبد الله النسور إلى أمين عام حزب الجبهة محمد الزيود يهنئه فيها بانتخابه أميناً عاماً للحزب، كما أكدت على دور الجماعة بـ”التصدي للقضايا الوطنية”42 .
الملاحظة الثالثة: بحسب التصريحات الرسمية الأردنية، فإن الدولة لا نية لديها لإعلان إخوان الأردن حركة إرهابية، أو حظر عملها، لكنها ستسعى إلى التعامل مع التجاوزات الصادرة عن عناصر في الجماعة بوصفها قضية أفراد، لا على أساس مسؤولية الجماعة عنهم، إلا إذا قادت اعترافات متتالية إلى خيط يربط المواقف التي اعتبرت متطرفة لعناصر في الإخوان بقرار على مستوى قيادة الجماعة. فالأردن يريد المواءمة بين الضغوط التي مارستها عليه مصر والسعودية والإمارات لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية وبين رفضه لذلك.
وتأسيساً على ذلك، فإن قراراً بحظر جماعة الإخوان المسلمين في الأردن مايزال مستبعداً، على الرغم من التطورات الخطيرة في العلاقة مع النظام، واتساع الفجوة بينهما إلى مدى لم تصل إليه في أي مرحلة سابقة.
خامساً: إخوان الأردن وإدارة التحولات الداخلية والخارجية: خارطة طريق
وضعاً في الاعتبار أسباب تصاعد الخلاف بين النظام الأردني والإخوان، والسيناريوهات المختلفة لمستقبل العلاقة بين الجانبين، والمؤشرات بإمكانية تجاوز الطرفين مسببات الخلاف بينهما، فإن هناك حاجة لإخوان الأردن لوضع تصور لإدارة التحولات الداخلية والخارجية، وبما يساعد في تجاوز الخلاف مع النظام. وفي إطار ذلك قد يكون من المفيد للجماعة مراعاة عدد من الاعتبارات الأساسية، وذلك على النحو التالي:
المستوي الأول: على الصعيد الداخلي:
1ـ تصحيح أوضاع الجماعة الداخلية:
فقد لا يكون هناك مناص من تصحيح الجماعة لأوضاعها التنظيمية والسياسية بما يتلاءم والقوانين النافذة في الأردن، وحتى لا يكون هناك سبيل إلى اعتبارها جماعة محظورة، ذلك أنها مسجلة لدى الحكومة كجمعية للتنمية الاجتماعية، بما يعني أنها مرخصة للقيام بدور اجتماعي فقط، وليس سياسي يمكن أن يضطلع به حزب “جبهة العمل الإسلامي” بحرية تامة وفي إطار مستقل، بما يتطلب فصلاً تاماً بين الجماعة والحزب، والسماح لهيئته العامة بانتخاب أمينه العام بحرية وشفافية، وبما يتيح للحزب التحرك السياسي بحرية من جهة، ويدحض أي اتهام بارتباطه بجماعة دينية في مخالفة للقانون من جهة أخرى.
2ـ وضع رؤية لإدارة الخلافات الداخلية:
يمكن هنا الاستفادة من التوصيات التي خرجت بها عدد من المؤتمرات التي نظمها عناصر من إخوان الأردن، ومنها ما خلص إليه “مؤتمر اربد” في مايو 2014، والذي دعا إلى إبعاد من وصفهم بـ”عناصر التأزيم من كافة التوجهات عن قيادة الجماعة في المرحلة القادمة”، داعياً كذلك إلى “تشكيل قيادة توافقية مؤقتة لإدارة الجماعة”، و”وقف كل أشكال التعبئة والتحريض والتراشق الإعلامي”43 .
وإن كانت المؤتمرات السابق الإشارة إليها أثارت المخاوف من توسع هوة الخلاف والانشقاق داخل إخوان الأردن، حيث أن الدعوة إليها من جانب التيارات الإصلاحية المحسوبة على “الحمائم” كانت تتم غالباً بصورة شبه مستقلة عن الجماعة، ولذلك تكون أهمية مراعاة أبعاد العمل التنظيمي لإخوان الأردن من جانب التيارات الإصلاحية، في مقابل إبداء التيارات الأكثر تشدداً مرونة أكبر في قبول تنوع الآراء والاستفادة من التعدد في وجهات النظر لأجل التوصل إلى الخيارات والبدائل الأفضل بخصوص قرارات التنظيم المختلفة، على المستويات المحلي والإقليمية والدولية المختلفة.
3ـ حل أزمة “مبادرة زمزم”:
تتمثل المشكلة الأكبر التي يواجهها إخوان الأردن في الخلاف الواسع الذي ترتب على فصل ثلاثة من قياداته من المنتمين إلى “مبادرة زمزم”، ولكن القرار الذي اتخذته محكمة خاصة للإخوان بالفصل، تضمن أيضاً إشارة إلى أن المفصولين من الجماعة يمكنهم استئناف الحكم، وهو ما يمكن للعناصر الإصلاحية الدفع به لإصلاح ذات البين، مقابل أن يقدم أعضاء المبادرة الدلائل والبراهين اللازمة بعدم نيتهم مستقبلاً العمل خارج إطار التنظيم، ويمكن في تلك الحالة الاستفادة من الأبعاد الإيجابية المتضمنة في المبادرة لأجل فتح صفحة حوار جديدة مع النظام في الأردن.
المستوى الثاني: على صعيد العلاقة مع النظام:
1ـ التكيف مع الظرف الراهن وتجنب التصعيد:
فمن الأهمية بمكان لإخوان الأردن الاستفادة من الرؤية غير التصادمية للملك، الذي رفض اعتبار الإخوان جماعة “إرهابية”، ويكون ذلك بتجنب التصعيد مع النظام في تلك المرحلة التي تتكثف فيها الضغوط الإقليمية على الإخوان المسلمين، ذلك أن هذا الضغط قد يؤدي إلى حظر الجماعة الأردنية في حال استمرار خلافها مع النظام. ومن هنا يجب مراعاة اللغة المستخدمة في مطالبات الإصلاح وحتى في انتقاد السياسات المحلية والإقليمية، بما لا يضع مسوغاً لاستعداء الجماعة.
والحقيقة أن الانتقادات الموجهة إلى إخوان الأردن من قِبل النظام، لم ترتبط بسياسات مرفوضة من جانب الجماعة التي لها دور تاريخي لا يُنكر في الساحة الوطنية، لكنها ارتبطت بمآخذ على خطابها بالدرجة الأولى، الأمر الذي اتضح بجلاء في النقد الذي وجهه نائب المراقب العام لإخوان الأردن للسياسة الإماراتية، وقبل ذلك في انتقاد عناصر من الجماعة للموقف الرسمي الأردني من الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والذي وصل إلى حد انتقاد رأس النظام ووصفه بـ”المتخاذل”.
2ـ إعادة النظر في قرار مقاطعة الانتخابات:
من المفضل أن يعيد إخوان الأردن النظر في قرار مقاطعتهم للفعاليات والانتخابات السياسية، الأمر الذي قد يضمن تأثيراً أكبر بعيداً عن أطر التصعيد مع النظام، وبما قد يساعد في تحقيق عدد من المطالب الإصلاحية التي يسعى إليها الإخوان، والتي لا يسمح الظرف الإقليمي بتحقيقها إلا من خلال التهدئة والحوار مع النظام الحاكم، على أن يكون ذلك من خلال حزب “جبهة العمل الإسلامي” وبصورة مستقلة عن الجماعة على النحو السابق الإشارة إليه.
ويمكن الاستفادة هنا من النموذج المغربي للتعاون والحكم بين النظام الملكي وحزب “العدالة والتنمية” ذو التوجه الإسلامي، والذي تولى رئاسة الحكومة التي شكلت في يناير 2012 بالتعاون مع تيارات سياسية أخرى بعد تقدمه في الانتخابات البرلمانية لعام 2011، وإذ حرص على التأكيد على كونه حزب سياسي بالدرجة الأولى، وإرسال رسائل تطمين إلى النظام تضمنت التشديد على أن “حزب العدالة والتنمية ليس حزباً حاكماً في المغرب، لأن رئيس الدولة المغربية هو الملك”44 .
3ـ العمل على فتح حوار مع النظام:
فلا يتصور نجاح حزب “جبهة العمل الإسلامي” في القيام بدور سياسي فاعل على الساحة الأردنية دون التنسيق والحوار مع النظام، الأمر الذي يتطلب تفعيل الدعوة التي سبق أن وجهها الأمين العام للحزب محمد الزيود، بعيد انتخابه أميناً عاماً للحزب في أغسطس 2014، بحوار وطني تقوده الحكومة مع جميع الأطياف السياسية والحزبية، للتوصل إلى “حلول وطنية للأزمات الموجودة”. وهذا مدعاة ملحة لفتح حوار جدي ومباشر وبمستوى عال بين الطرفين على كل المستويات لوضع أسس لعلاقة راسخة وثابتة تقوم على الثقة، باعتبار أن تلك العلاقة المتوازنة الراشدة مصلحة أردنية خالصة45 .
ولا يضير الجماعة هنا تقدير معادلة المجتمع الأردني وتوازناته الداخلية، بأن تطمئن النظام إلى منهجها التدرجي السلمي في التغيير، وحرصها بالتالي على أمن الدولة الأردنية وسلامة المجتمع الأردني، وتقبلها في إطار ذلك للتعدد في وجهات النظر مع غيرها من القوى والتيارات السياسية، الأمر الذي قد يكون من نتيجته توسيع مساحة الحركة المتاحة سياسياً لحزب العمل، في مقابل السماح للجماعة بالاستمرار في دورها الاجتماعي المهم الذي تقوم به على الساحة الداخلية 46.
المستوي الثالث: على الصعيد الإقليمي:
1ـ فك الارتباط مع حركة حماس:
فدعم القضية الفلسطينية لا يتعارض والحفاظ على أطر تنظيمية واضحة سواء لجماعة إخوان الأردن أو لحركة حماس، دون تداخل أو تشابك العلاقة بين الطرفين، الأمر الذي قد يسبب تعقيداً لعلاقتهما من جهة، ويسبب خلافاً مع النظام الأردني من جهة ثانية، بل ويفاقم من حدة المشكلات الداخلية في الجماعة الأردنية من جهة ثالثة.
ومع عدم إنكار أهمية الدور الذي يُعتقد أن إخوان الأردن يحاولون القيام به لجهة التنسيق مع حركة حماس لإدراج عدد من الأسرى الأردنيين في سجون الاحتلال في أي صفقة مستقبلية لتبادل الأسرى، ولكن لن يضير الجماعة أن يكون هذا التنسيق أولاً مع النظام الأردني الذي لن يعارض مثل هذه الخطوة الإيجابية التي تحقق نفع وطني عام، بل وتزيد من شعبيته على الساحة الداخلية.
2ـ مراعاة اللغة الدبلوماسية:
فإن كان لا يُنكر وجود سلبيات في السياق الإقليمي يتطلب العمل على حلها توجيه النقد والنصح والإرشاد، ومحاولة فتح جبهات للحوار، واتخاذ خطوات عملية في سبيل رفع الغبن الواقع على الإخوان المسلمين، غير أن مثل هذه الجهود وإن لم يُراعَ خلالها اللغة الدبلوماسية قد تأت بنتائج عكسية، بتصعيد حدة الهجمة المفروضة على الإخوان واستبعاد أي حوار محتمل مع الجماعة قد يساعد في اثبات حسن النية، والتوقف عن سياسات التضييق والحصار الإقليمي الذي تواجهه الجماعة.
———————————-
الهامش
1 في تفاصيل العلاقة التاريخية التي جمعت الإخوان المسلمين والنظام في الأردن، انظر: ويكيبيديا الإخوان المسلمون، الرابط.
عبد الجبار سعيد، الإخوان المسلمون والنظام الأردني.. نحو تجربة راشدة، موقع الجزيرة. نت، 10/3/2009
2 صحيفة الحياة اللندنية، 19/4/2013
3 موقع الجزيرة. نت، 22/3/2013
4 الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة النسور تؤدي اليمين الدستورية، 30/3/2014 الرابط
5 يتألف مجلس الأمة الأردني (البرلمان) من مجلس الأعيان ومجلس النواب. وحسب الدستور الأردني يعين الملك أعضاء مجلس الأعيان الذي يوصف بأنه “مجلس الملك” ويتألف من 75 عضواً، وترسل إليه جميع التشريعات التي تقر من مجلس النواب (150 عضواً منتخبين من الشعب) لإقرارها أو تعديلها.
6 صحيفة الشرق الأوسط، 27/10/2014
7 موقع الجزيرة. نت، 12/7/2014
8 صحيفة الشرق الأوسط، 30/7/2013
9 وصف المراقب العام لجماعة الإخوان الأردنية همام سعيد قرار الرياض وضع جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب بأنه “خطأ سياسي”، وعبر عن استغرابه واستهجانه للقرار الذي قال إنه جاء مخالفاً لسياق العلاقات التاريخية بين الجماعة والسعودية. ووجه أيضاً مراقب الإخوان انتقادات حادة لقرار قضائي مصري بتصنيف حركة حماس بأنها إرهابية، واعتبر أن مثل هذا القرار لا يخدم سوى إسرائيل، واعتبر أن القرار مترابط مع القرار السعودي وهو يجرم الأطراف التي تواجه إسرائيل.
موقع الجزيرة. نت، 10/3/2014
10 أعلنت الإمارات في منتصف نوفمبر 2014 لائحة تضم 83 تنظيماً وجماعة في الإمارات والخليج ودول عربية وأوروبية وأفريقية إضافة إلى الولايات المتحدة وصفتها بـ”الإرهابية”، من بينها: جماعة الإخوان المسلمين، وتنظيم داعش، والحوثيون في اليمن، وعدد من المجموعات المسلحة في سوريا، والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وأنصار الشريعة في ليبيا وتونس، وضمت القائمة كذلك منظمات وهيئات إغاثية وحركات وروابط إسلامية.
11 اخوان الأردن: استهداف الفكر المعتدل في المنطقة محاولة لاستنبات بذور التطرف، 30/11/2014 الرابط
12 موقع الجزيرة. نت، 25/11/2014
13 موقع أخبار اليمن الالكتروني، 10/12/2014
14 موقع الجزيرة. نت، 21/11/2014
15 صحيفة الحياة اللندنية، 28/11/2014
16 اخوان الأردن: استهداف الفكر المعتدل في المنطقة محاولة لاستنبات بذور التطرف، مرجع سابق
17 موقع الجزيرة. نت، 21/11/2014
18 د. يوسف رزقة، أزمة عابرة أم مواجهة ؟!، موقع فلسطين أونلاين الالكتروني، 1/12/2014
19 صحيفة الشرق الأوسط، 26/11/2014
20 محمد أبو رمان، الدولة الأردنية و”الإخوان”.. هل وصلتا إلى خط النهاية؟، صحيفة العربي الجديد، 1/12/2014
21 صحيفة الحياة اللندنية، 16/9/2014
22 موقع الجزيرة. نت، 9/11/2014
23 صحيفة الشرق الأوسط، 18/9/2014
24 صحيفة الشرق الأوسط، 28/9/2014. موقع الجزيرة. نت، 11/9/2014
25 تحظر السلطات الأردنية أنشطة “حزب التحرير” لأنه يدعو إلى إقامة الخلافة الإسلامية، ويقول الحزب أنه لا يمكن أن يطلب الترخيص على أساس قانون أحزاب يلزمه بالتنازل عن أي حكم شرعي. وكان “حزب التحرير” قد رفض مبايعة أبو بكر البغدادي كخليفة للمسلمين، وأوضح في بيان أن إعلان تنظيم “داعش” للخلافة إنما هو لغو لا يغير من واقع التنظيم بأنه فصيل مسلح، مؤكداً على الطريقة الشرعية التي حددها الإسلام في إيجاد دولة الخلافة والتي لم يتبعها تنظيم “داعش”، موضحاً الشروط التي يجب أن تتوافر في المكان الذي يريد أهله مبايعة خليفة والتي لم يتوافر منها شيء.
26 صحيفة الشرق الأوسط، 22/11/2014
27 صالح القلاب، الأردن.. هل يصبح «الإخوان» حركة إرهابية؟!، صحيفة الشرق الأسط، 27/11/2014
28 للتفاصيل، انظر: موقع روسيا اليوم الالكتروني، 22/12/2014. صحيفة الشرق الأوسط، 15- 22/12/2014
29 صحيفة القدس العربي، 30/11/2014
30 موقع روسيا اليوم الالكتروني، 11/12/2014
32 إخوان الأردن يقاضون من يمرر اتفاقية غاز اسرائيل، موقع الجزيرة. نت، 20/12/2014
33 سليمان جودة، الطريق إلى «زمزم» إخوان الأردن، صحيفة الشرق الأوسط، 16/6/2014
34 صحيفة الشرق الأوسط، 22/4/2014
35 موقع الجزيرة. نت، 20/4/2014
36 صحيفة الشرق الأوسط، 16/5/2014
37 يجئ أيضاً في إطار الاجتماعات التي يجريها التيار المعتدل في جماعة إخوان الأردن، وبصورة شبه مستقلة عن التنظيم، اللقاء الذي جمع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب “مصر القوية”، بعدد من قيادات التيار أثناء زيارته إلى عمّان في الأسبوع الأول من ديسمبر 2014، وأشارت وسائل الإعلام إلى أن الدكتور عبد اللطيف عربيات، الذى وصف بأحد “حكماء” جماعة الإخوان الأردنية، أقام حفل استقبال لأبو الفتوح حضره سالم الفلاحات المراقب العام السابق لجماعة إخوان الأردن، وحمزة منصور الأمين العام السابق لحزب “جبهة العمل الإسلامى”، ورحيل غرايبة منسق “مبادرة زمزم”, مع صالح العرموطى نقيب المحامين الأردنيين الأسبق، بالإضافة إلى طاهر المصرى رئيس وزراء الأردن الأسبق.
وحيث شنّ أبو الفتوح هجوماً عنيفاً ضد جماعة الإخوان المسلمين، وطالب بحل التنظيم الدولى للإخوان، ووجه انتقادات حادة للرئيس المصري السابق محمد مرسى، داعياً إلى التعايش مع الأمر الواقع. وفيما عارض سالم الفلاحات ومعظم الحضور أبو الفتوح، فإن رحيل غرايبة نشر في الثامن من ديسمبر مقالاً تبنى فيه طرح أبو الفتوح لجهة حل التنظيم الدولي للجماعة, دون أن يشير إليه كصاحب لهذه الفكرة، أنظر: عشاء أبو الفتوح يثير الخلافات بين إخوان الأردن، 8/12/2014. الرابط
38 مؤتمر يعمق خلافات جناحي إخوان الأردن، موقع الجزيرة. نت، 1/6/2014
39 موقع الجزيرة. نت، 1/7/2014
40 محمد أبو رمان، مرجع سابق
41 صحيفة الحياة اللندنية، 28/11/2014
42 موقع الجزيرة. نت، 19/7/2014
43 موقع الجزيرة. نت، 1/6/2014
44 انظر في هذا الشأن: حزب العدالة والتنمية (المغرب)، الرابط.
تصريحات رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران، 8/8/2014 الرابط
45 صحيفة الشرق الأوسط، 17/8/2014
46 عبد الجبار سعيد، مرجع سابق