fbpx
تقاريرمجتمع

مصر: الفوضى الدوائية وإهدار حقوق المرضى

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد:

“من الخطأ الظن أن تعويم الجنيه هو السبب فى الفوضى الدوائية الجارية في مصر، فالتعويم لم يكن إلا الثقب الذى أظهر عورات المنظومة الدوائية ككل. إنه ليس إلا المحطة الأحدث فى مسار محطات كبرى للتدهورات المزمنة فى الأوضاع الوطنية للدواء، والتى تراكمت على مدى عقود، وتحديدا منذ 1974”.

ما سبق نص عبارة صادمة تكشف طبيعة الأوضاع فى السياسة الداوئية المصرية، وتكشف مدى غياب الدولة عن تطبيق الاشتراطات العالمية بخصوص حق المواطن فى العلاج حسب منظمة الصحة العالمية حيث تقول “تعتبر الأدوية عنصرا أساسيا من الطب الحديث والتقليدي على حد سواء، ولابد أن تكون هذه المنتجات آمنة وفعالة وذات نوعية جيدة، ويجب أن تكون موصوفة طبياً ومستعملة بعقلانية”. أما الأدوية الأساسية فهي أدوية تمكّن من تلبية احتياجات السكان ذات الأولوية من خدمات الرعاية الصحية. ويتم اختيارها بمراعاة معدلات انتشار المرض ومأمونيتها وتأثيرها ومردوديتها النسبية. ويُفترض أن تكون الأدوية الأساسية متوافرة في النُظم الصحية التي تفي بالغرض وذلك في كل الأوقات وبكميات كافية وبالجرعات المناسبة وبجودة مضمونة وبأسعار يمكن للأفراد والمجتمع تحمّلها.”.

بهذه العبارة المعتمدة عالميا تمت صياغة الرؤية والرسالة والاهداف والاجراءات المطلوبة بخصوص “الدواء”؛ ومن المفروض أن تقوم كافة دول العالم بتنفيذ كل ما جاء بها حرفيا وبدقة كاملة، ولكن النظام المصرى وعبر عقود طويلة لم يهتم بها كثيرا، وهذا ما سوف يتم تناوله فى التقرير التالى:

 

أولا: مفهوم الأمن الدوائى وأهميته:

تتميز الأدوية عن غيرها من المواد والبضائع المستهلكة بأهميتها ومدى ضرورة الحاجة إليها، وتعتبر الصناعة الدوائية في كثير من الدول المتقدمة خيارا استراتيجيًا لا حياد عنه، وتحقيق الأمن الدوائي؛ يعني ببساطة: عدم إعطاء المريض أدوية ليس بحاجة لها وكذلك عدم إعطاء أدوية منتهية الصلاحية وعدم إعطاء أدوية بجرعات عالية أو منخفضة، كذلك عدم إعطاء دوائين بتفاعلات دوائية مباشرة وغير مباشرة، وعدم إعطاء الدواء بطريقة غير صحيحة مثل إعطائه بالوريد بدل العضل أو بالفم بدل الوريد.

وهذا من الأمور التي لابد للصيدلي وللطبيب ثم للممرض ولجميع الكادر الطبي ملاحظتها ومتابعتها خطوة بخطوة للوصول بالعلاج الدوائي إلى القمة في الأمان الدوائي بالرعاية الطبية للمريض. وتُعد الصناعات الدوائية من الحقوق الاساسية للإنسان لكونها تتعلق بصحته وحياته. وتُعرف الصناعة الدوائية بأنها “الصناعة الكيميائية المتخصصة في صناعة الدواء” (الفا بيتا).

 

ثانيا: صناعة الدواء فى مصر:

يبلغ إجمالي شركات الأدويـة التي تعمل فى مصر نحو 52 شركة منها، 8 شركات بالقطاع العـام والأعمال العام، و44 شركة بالقطاع الخاص. بالاضافة الى 1260 شركة أدوية محلية صغيرة تسمى “شركات “التول” وهى شركات الأدوية المصنعة لدى الغير. وتأتى مصر فى المرتبة 51 بين دول العالم وبنسبة 0.1% من إجمالى صادرات العالم، فى حين تأتى فى المرتبة 44 بين دول العالم وبنسبة 0.38% من اجمالى واردات العالم ( 1.9 مليار جنية صادرات مقابل 12.7 مليار واردات ) ( الوفد ).

وعلى الرغم أن مصر كانت من بين الدول الرائدة فى هذا المجال منذ عام 1939، إلا ان صناعة الدواء في مصر تواجه عدة معوقات ومشاكل وتحديات، من أبرزها:

1ـ عدم وجود مخطط استراتيجى لتطوير الصناعة الدوائية: حيث شهدت نشأة القطاع الخاص الدوائي فى السبعينيات والثمانينيات قدرا من الانحرافات، حيث أن بعض الشركات الاستثمارية قد نشأت من “بطن” القطاع العام ذاته، مستفيدة إلى حد كبير بملفاته الدوائية، وبكوادره الفنية، وبقدر من أمواله. ثم دخل القطاع الأجنبي لينمو بقوة على حساب القطاعين الخاص والعام معًا، وشمل ذلك وجود أخطاء في الفهم الإستراتيجى من خلال زيادة عدد المصانع بنفس نسبة الزيادة المتوقعة لعدد السكان، دون تركيز على البحث العلمى والتطوير التكنولوجى العميق. ثم جاء التحول إلى قطاع الأعمال العام ليقضى على محاولة تصنيع المواد الدوائية الخام.(CNN).

2ـ احتكار صناعة الدواء: فى دراسة بحثية صادرة عن قطاع البحوث والدراسات السوقية بالبنك الأهلى (يناير 2016)، تم الكشف عن حقيقة أن نحو 10 شركات فقط تسيطر على نحو 50% من المبيعات فى سوق الأدوية»، ( الوطن )، فى حين قل حجم قطاع الأعمال من سوق الدواء من 60% منذ 10 سنوات إلى أن وصل الآن إلى أقل من 4%، فى مقابل سيطرة 22 شركة متعددة الجنسيات على 60% من سوق الدواء، و120 شركة خاصة على 36%،( اليوم السابع ).

3ـ أن التقدم المتسارع فى علوم وتكنولوجيا الدواء عالمياله تأثير سلبى علىالصناعة الدوائية فى مصر والتى مازالت مقتصرة على تصنيع الدواء فى شكله النهائى فقط اى انها لا تقوم بتصنيع المواد الخام الدوائية حيث ان مصر تقوم باستيراد اكثر من 85% من المواد المضافة وكل المواد الفعالة تقريبا، مما يجعل الصناعة الدوائية فى مصر تحت تحكم السوق العالمى للدواء بجانب تأثر الدواء المصرى بتقلبات السوق العالمية وسعر الدولار، كما ان عدم وجود مصانع لانتاج المواد الخام الدوائية يعتبر عنصر اساسى فى تدهور البحث العلمى الدوائى بحيث انه يلزم لاكتشاف او ابتكار دواء جديد وجود مكان لتصنيع هذة المواد التى ستجرى عليها التجارب لاختبار فاعليتها وصلاحيتها كدواء. مما يشكل عائقا إضافيا امام ابتكار ادوية جديدة. ويساهم فى تأخر البحث العلمى الدوائى ككل.

4ـ مشكلة الأدوية المغشوشة والمهربة: الأدوية المغشوشة كارثة كبيرة تهدد حياة المواطنين، بعضها يسبب التسمم والبعض الآخر تحتوى على مواد محرمة دوليا”. وهناك 3 أنواع من الأدوية المغشوشة، هى:

  • الأدوية منتهية الصلاحية: يكون تأثير المادة الفعالة فى هذه الأدوية غير مؤثر، فلا يقوم بدوره فى العلاج من المرض، وهى لا تسبب التسمم ولكن لا تعالج المريض وهو ما يجعل المرض يتضاعف على الفرد، والمشكلة تكون أشد عندما يرتبط العلاج بمرض مزمن مثل أمراض القلب والضغط والسكر وغيرها.
  • ألبان الأطفال: بعد انتهاء صلاحية منتجات الألبان المخصصة للرضع، تتكون فيها ميكروبات وفطريات تسبب التسمم لهم فى حالة تناولهم لها وهو ما يؤدى إلى موت بعضهم فى حالة عدم السيطرة على الحالة.
  • أدوية بها مواد محرمة دوليا: وهو ما حذرت منه “FDA” منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، وكشف تقرير صادر عن نقابة الصيادلة، أن نسبة الأدوية منتهية الصلاحية تتراوح بين 2 و3٪ من إجمالى حجم المطروح فى السوق، مما يُشكل خسارة تقدر بـ650 مليون جنيه تتكبّدها الدولة وأصحاب الصيدليات، وهناك دراسات حديثة أكدت أن مصر أصبحت يصب فيها نحو ٧٪ من حجم الأدوية المغشوشة فى العالم، وأن نحو ٢٠٪ من العقاقير المتداولة فى مصر غير صالحة للاستخدام، مما يُمثل خطراً كبيراً على صحة المواطنين وعلى الأمن الدوائى المصرى، وتشكيك المواطنين فى منظومة الدواء (الراية).

5ـ مشكلة تسعير المنتجات الدوائية: في عام 1995 تم إلغاء الهيئة العليا للدواء، وحل محلها مركز التخطيط والسياسات الدوائية وقد حاول المركز فور تشكيله القيام بدراسة سعرية قرر فيها زيادة سعر الدواء سنويا بنسبة 5 إلي 7%. غير أن سير الأمور تخطى تقديرات المركز، فقد زادت أسعار الدواء بما يفوق تلك النسبة. والحقيقة أن أسعار الدواء في مصر في زيادة مستمرة منذ عام 1985. وقد شملت تلك الزيادة كل الأدوية حتى تلك الضرورية للحياة (د.على نويجى).

ثالثا: مظاهر أزمة نقص واختفاء نسبة كبيرة من المنتجات الدوائية:

1ـ قدرت نقابة الصيادلة عدد الأدوية الناقصة بنحو 1688 مستحضرا فى ديسمبر 2016، أظهرت النشرة الدورية لنواقص الأدوية الصادرة عن الإدارة المركزية لشؤن الصيدلة بوزارة الصحة الشهر نفسه عن وجود 40 دواء ناقصا فقط (ليس لها بدائل) و221 مستحضرا (لها بدائل متوفرة).( البورصة).

2ـ توقع مدير “المركز المصرى للحق فى الدواء” أن تتعدي قوائم نقص الأصناف نحو 5000 صنف بالاسم التجاري، واختفاء جميع الأدوية الرخيصة تحت 10 جنيهات، والبالغ عددها أكثر من 5000 صنف مما سيزيد فاتورة الأعباء اليومية للمواطن المصري في ظل ظروف اقتصاديه متردية. وأكد أن هناك 663 مستشفي عامًا و40 معهدًا تعليميًا وجامعيًا يعانون مثل (أبوالريش الياباني وأبوالريش المنيرة ومعهد أورام المنصورة ومعهد اسيوط ومعهد سوهاج ومعهد طنطا ومعهد ناصر والقصر العيني القديم وآخرين ) بينما توقف العلاج الكيماوي في المعاهد الكبرى (الأهرام ).

3ـ أعربت الشركة المصرية لتجارة الدواء عن مخاوفها من اختفاء الأنسولين المستورد خلال الفترة القادمة نهائياً، وقال الأمين العام لنقابة الصيادلة، إن الشركة المصرية خصصت 5 علب من عقار الأنسولين المستورد فقط لكل صيدلية شهريًا، ما يعني أن الفترة القادمة ستشهد نقصاً حاداً أو اختفاءً للعقار. وقال مدير مركز الدراسات الدوائية، إن مصر تمثل المركز الثامن عالمياً في الإصابة بمرض السكر، ويوجد حوالي 8 ملايين مصري مصاب بهذا المرض على أقل تقدير، وأنه يستخدم منهم مليون ونصف المليون مريض سكر من النوع الأول المعتمد على الأنسولين، يغطى المستورد 95% من الاستهلاك المحلي، والإنتاج الوطنى لا يغطي سوى 5% فقط.( هافينغتون بوست عربي).

4ـ قال رئيس شعبة الصيدليات بالغرفة التجارية، إن أزمة المحاليل الطبية سببها قرار وزير الصحة السابق وسوء إدارة منه؛ حيث قام الوزير بإغلاق مصنع المحاليل الطبية ببني سويف بعد واقعة حدوث خطأ في تشغيله في أحد المحاليل، وهذا المصنع يمثل إنتاج 60% من احتياجات السوق وهو قرار سياسي بالدرجة الأولى.(كلمتى).

5ـ فى سبتمبر2016، ومع تفاقم أزمة حليب الأطفال في مصر، أعلن وزير الصحة المصري، أن القوات المُسلحة سوف تتدخل لحل المشكلة. ويقول مدير المركز المصري للحق في الدواء، إنه بدأ صرف ألبان الأطفال المدعمة، لمن هم أكبر من ستة أشهر، بـ26 جنيهًا بدلًا عن 18 جنيهًا،( ساسا بوست).

6ـ أصدرت الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بوزارة الصحة، منشور دوري 1 لسنة 2017 بتاريخ 9/1/2017 تؤكد فيه اعتماد لجنة التسعيرة بوزارة الصحة سعر عبوات ألبان الأطفال المتداولة من جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ” تحيا مصر ” بــ43 جنيه،بدلا من 26 جنيها (فيتو).

 

رابعا: أسباب أزمة نقص أو اختفاء المنتجات الدوائية:

1ـ فشل السياسات الدوائية القومية: تنقسم السياسات الخاصة بالشأن الدوائى الوطنى إلى مجالين، مجال توفير الدواء بكميات وبأسعار مناسبة، ومجال صناعة الدواء. وفى المجال الأول فقد أحبطت الصناعة محاولتين تاريخيتين، كانت الأولى عام 1994، برفض اتفاقية الملكية الفكرية (تريبس) والتى خضعنا لها بعدها بعشر سنوات. وأما المحاولة الثانية فقد جرت عام 2013، حيث تم إفساد صحوة جزئية بخصوص محاولة تصنيع المواد الدوائية الخام. وفى المجال الثانى وهدف وصول الدواء لمن يحتاجونه، فقد تراخت الحكومات فيه وزاد عدد المستحضرات المثيلة من 4 إلى حوالى 12، وزاد التباين فى أسعارها، وكشف هذا الوضع مؤخرا أن للشركات الأجنبية النصيب الأكبر من قيمة الاستهلاك المحلى، وبالتالى فقد تعرض الدواء كسلعة وكصناعة شديد الحساسية للضعف والتلكؤ فى السياسات،, وللأخطاء فى الإدارة عبر الحكومات المتعاقبة، فكانت النتيجة ما يجرى حاليا من الفوضى الدوائية (بالعربىCNN).

2ـ اعتماد صناعة الدواء المصرية على الاستيراد: ارتفعت أسعار السلع والخدمات بعد خفض قيمة الجنيه بنسبة 14% أمام الدولار في منتصف مارس/ آذار 2016، وتفاقم الوضع بعد تعويم العملة المحلية في مطلع شهر نوفمبر 2016. ونظراً لأن صناعة الدواء في مصر تعتمد على الاستيراد، فإن هذا يعني تحريك أسعار الدواء صعوداً.

ووفق بيانات غرفة صناعة الدواء في مصر، يوجد نحو 14 ألف مستحضر دوائي مسجل لدى وزارة الصحة، ويبلغ عدد الأدوية المتداولة 7 آلاف. ومن جانبه، قدر مدير المركز المصري للحق في الدواء (غير حكومي)، أن شركات الأدوية التي تستورد 95% من المادة الخام تتحمل خسارة بنسبة 42% بعد تعويم الجنيه. وأضاف، أن الشركات أحجمت عن شراء أو استيراد مواد الخام، «وزادت قائمة النواقص لتشمل نحو 1500 صنفاً، كن يوجد لها بدائل، بينما هناك 120 صنفاً ليس لها بديل».( الخليج الجديد 24/11/2016 )،

3ـ بلغت مديونياتوزارة الصحة والسكان لشركات الأدوية 2.5 مليار جنيه حتى شهر يونيو 2016، ومن المتوقع أن تصل إلى 3 مليارات جنيه بعد فترة وجيزة (الوطن

4ـ غلق مصانع الأدوية بقرارات سياسية؛حيثصدر قرار وزير الصحة السابق رقم 86 لسنة 2015 بإيقاف خط إنتاج مصنع المتحدة فارما للمحاليل الطبية، بعد إصابة أطفال بأعراض تشنجية فى بنى سويف بعد استخدام مستحضر ينتجه المصنع، ولم تجد الصيدليات بديلاً لإنتاج المصنع، خاصة أنه مسئول عن حوالى 80% من حاجة السوق المصرى من المحاليل، طبقًا لما أكده الصيادلة.

كذلك كانت مصر قد بدأت استيراد الألبان منذ نحو 12 عامًا، بعد إغلاق وزير الصحة الأسبق حاتم الجبلي مصنع «بيبي زان»، والذي كان ينتج لبن للأطفال. ويرى رئيس لجنة الصيدليات بنقابة الصيادلة، أن هناك خطة ممنهجة لأن تكون مصر دائمًا في احتياج للخارج، مشيرًا إلى امتلاك مصر لمصنع إنتاج ألبان للأطفال أنشئ منذ عام 1996، تحت اسم «بيبي زان» وظل يعمل حتى تم إغلاقه عام 2006 بعد نحو 10 سنوات من العمل، إثر شكوى تم تقديمها لوزارة الصحة بخصوص وجود عيب في تشغيلة المصنع، خاصة بعد عدم ثبوت صلاحية العبوات للاستخدام الآدمي، وتوجد شبهة تعنت من قبّل وزير الصحة الأسبق حاتم الجبلي في إغلاق المصنع، خاصة بعد الإعلان عن فساد الألبان بسبب رداءة التخزين.(النبأ 9/9/2016 ).

وأخيرا تأتى أزمة وزارة الصحة مع شركات التول حيث اعترضت شعبة الأدوية على قرارات وزارة الصحة الخاصة بمقترح اشتراطات قيد شركات التصنيع لدى الغير” التول “، وأشار رئيس شعبة الأدوية إلى أن القرارات تعنى احتكار صناعة الدواء وقصرها على 30 شركة فقط، معظمها شركات أجنبية متعددة الجنسيات ( multi-national ) عاملة في مصر، موضحاً أن عدد مصانع الدواء في مصر 140 مصنعاً فقط، ويوجد نحو 1260 شركة تصنيع لدى الغير تشغل أكثر من 100 مصنع من المصانع القائمة.

ولفت النظر إلى أن شركات ” التول ” تحقق معادلة المنافسة في السوق، وليست شركات سيئة السمعة، وإن هناك شركات تول كبرى استطاعت إنتاج أدوية مهمة جداً مثل “السوفالدي” الخاص بدواء الكبد، منبهاً إلى أنه إذا تم اعتماد هذا المخطط سترتفع أسعار الدواء المصري بنسبة تزيد عن 100% (العربى الجديد).

5ـ مشكلة الزيادات العشوائية فى أسعار الدواء: توجد عشوائية فى نظام تسعير الدواء من أهم مظاهرة قيام وزارة الصحة بإقرار زيادة الاسعار مرتين خلال أقل من عام واحد، وفى حين ظلت مصر لسنوات طويلة تعتمد على نظام للتسعير الإجباري للأدوية، عبر لجنة تعيّنها وزارة الصحة، تقوم بالتسعير معتمدة على «حساب التكلفة زائد الأرباح»، وفقًا للقرار الوزاري رقم 314 لسنة 1991، والذي يحسب الدواء بموجبه على قاعدة تكاليف الإنتاج مضافًا إليها هامش ربح للصناعة والموزعين والصيادلة.

إلا أنه في ديسمبر 2009 أصدر وزير الصحة القرار رقم 373، والذي اعتمد على نظام جديد في التسعير، قبل أن يتم إلغاءه بعد ثلاثة أعوام، بصدور القرار 499 لسنة 2012، وهو نظام التسعير الحالي الذى يعتمد على نظام المرجعية الخارجية للتسعير، وهي الاستناد إلى أسعار الدواء في دول أخرى من أجل تحديد سعره محليًا، أو التفاوض عليه. وجاء «تحريك أسعار الدواء بناء على تراجع سعر الجنيه في مايو2016 تم على نحو عشوائي، لم يتضمن فحص اختلاف الأعباء بين الشركات كل على حدة، فشمل 7000 صنف من الدواء بناء على معيار واحد هو أن يقل سعرها الأصلي عن 30 جنيه وتضمن القرار رفع الأسعار بنسبة واحدة هي 20% بحد أدنى 2 جنيه».

وقد شملت الزيادة بعض الأصناف التي لا تشهد خسائر أصلا، ومن ضمنها أصناف تتوفر للصيدليات بعروض خاصة تبلغ 100% على المشتريات».( مدى مصر ).

وأفاد المركز المصري للحق في الدواء أنه على ضوء الاتفاق الذي حدث يوم 19/12/2016، وعلى مدار ١٢ اجتماع تم، لم يشارك ممثلي المرضي او حقوقهم او منظمات للمجتمع المدني للدفاع عن مصالحهم أسوه بممثلي الشركات كما لم تضم هذه الاجتماعات اي ممثل للبرلمان المصري ولم تعرض عليهم هذه المقترحات لمناقشتها وتم تجاهله في تسعير سلعه حيوية واستراتيجية مثل الدواء (بوابة العاصمة).

وفى اجتماع؛ يوم الاحد 1 يناير 2017؛ أعلن نقيب الصيادلة وممثلوا نقابات الصيادلة بمحافظات وسط الدلتا رفضهم لأي قرار يصدر ويتعلق بتسعير الأدوية دون موافقة نقابة الصيادلة ومشاركتها في صياغة بنود القرار لضمان عدم إضراره بالمريض المصري وتربيح الشركات على حساب المواطن، إضافة إلى رفض القرار حال صدوره بطريقة عشوائية يجعل هناك سعرين للدواء مما يعمل على إرباك سوق الدواء وحدوث أزمات. وشدد الصيادلة على ضرورة أن يتضمن القرار الصادر تحديد نسبة هامش ربح الصيدلي بنسبة 25% للمحلى و18% للمستورد، فضلا عن إلزام الشركات بسحب الأدوية منتهية الصلاحية وحل أزمة نواقص الأدوية وتوفيرها بالصيدليات.( الوطن )

6ـ تحرير سعر الدواء وتأثيره على المرضى: قال الأمين العام لشعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، أنه تم اعداد مقترح لتقليل آثار تعويم الجنيه على أسعار الدواء، وخسائر الشركات، موضحا أن الاقتراح يتضمن طريقين:

الأول: تحرير سعر الدواء مع تحمل الشركات لتكلفة توفير الدواء بالتأمين الصحى، حيث إن تكلفة توريد الدواء للتامين الصحى تبلغ نصف ميزانية الصحة وهى حوالى ١.٥٪‏ من الموازنة. على أن يوجه هذا المبلغ الذى ستتحمله الشركات المنتجة إلى دعم ميزانية العلاج بالتأمين الصحى “اليوم السابع“.

الآخر: تحريك أسعار بعض الأدوية، حيث أشار المركز المصري للحق في الدواء إلى أن ما يجري الان هو بدايات تحرير اسعار الدواء إذا ان الاتفاق بين وزير الصحة وشركات الادوية ينص ان تكون اول نسبه للزيادة هي ٢٠٪‏ على ان يجلس المفاوضون مره اخري بعد 6 شهور لزيادة النسبة، وهي سياسة لم يجرؤ على الاقتراب منها أي نظام سابق رغم انها مطلب للوبي الدواء وهيئه المعونة الامريكية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ورصد المركز أنه في حالة صدور القرار، سيؤثر بشكل صارخ على حقوق ٣٨ مليون مواطن غير مؤمن عليهم وسوف تصبح أية “روشتة” بسيطة تشكل أزمة ومأساة) بوابة العاصمة).

7ـ الجيش يقتحم مجال صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية: في أغسطس 2016 تم توقيع اتفاق بين وزارتي الصحة والإنتاج الحربي لإنشاء أول مصنع لإنتاج أدوية السرطان في مصر. وحين زادت أزمة نقص المستلزمات الطبية؛ أعلنت وزارة الصحة عن قيام القوات المسلحة باستيراد مايكفى لسد حاجة السوق.

وفى سبتمبر 2016، تظاهر عدد كبير من السيدات وهن يحملن أطفالهن أمام الشركة المصرية للآدوية بالقاهرة، يطالبن ” بحق الاطفال فى الحياة “، نظرا للاختفاء المفاجىء للألبان الصناعية الضرورية لتغذية الأطفال فى سن الرضاعة، وكان غريبا أن سيناريو أزمة ألبان الأطفال تطور بسرعة حيث أصبح الجيش هو الوحيد الذى يملك حق استيراد الألبان، ثم التحكم فى سعر السوق المحلى حيث ارتفع سعر أحد الاصناف الألبان فجأة من 18جنيه الى 28 جنيه.

ثم قام الجيش بعد ثلاثة أشهر فقط بطرح عبوات من نفس الصنف تحمل شعار ” تحيا مصر ” بسعر 43 جنيه للعبوة الواحدة، وهذا يعنى دخول الجيش فى مجال الاحتكار للسلع الدوائية، ويلقى بظلال من القلق حول هيمنة الجيش على مجال صناعة الدواء والمستلزمات الطبية، مما يعنى اهدار حقوق جميع الهيئات المدنية فى مراقبة الانتاج ومراجعة الأسعار وضبط آليات التوزيع.

وفى شهر نوفمبر 2016؛ أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة عن إنشاء مصنع للسرنجات بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي أحد أذرع المؤسسة العسكرية. وذكر المتحدث أن المصنع سيتكلف إنشاؤه 17 مليون دولار وسيوفر نحو 50 مليون سرنجة سنويًا تستخدم جميعها مع المريض لمرة واحدة فقط.

وفي 22 يناير 2017، قام رئيس مجلس الوزراء، بإصدار قرار نشر عبر الجريدة الرسمية برقم 148 لسنة 2017 بالترخيص للهيئة القومية للانتاج الحربي بالمشاركة في تأسيس شركة مساهمة باسم (الشركة المصرية الوطنية للمستحضرات الدوائية) (الأناضول).

كما صدرت تعليمات من المجلس الأعلى للجامعات بالشراء من القوات المسلحة بالأمر المباشر إلى نحو 15 جامعة مصرية يطالبهم عبر إشارة عاجلة بوقف جميع المناقصات العامة والممارسات الجديدة والمزايدات علي الأدوية والمستلزمات الطبية تمهيدا للشراء من إدارة الخدمات الطبية التابعة للقوات المسلحة.

يذكر أن ميزانيات المستشفيات الجامعية مستقلة عن وزارة الصحة والسكان، حيث يخضع 11 معهدًا تعليميًا ونحو 18 مستشفى جامعيًا لوزارة التعليم العالي وتبلغ قيمة المشتريات والمصروفات السنوية على توريد المستلزمات الطبية للمستشفيات الجامعية التي تخدم أكثر من 42% من المصريين نحو 2 مليار و300 مليون جنيه (التحرير).

 

خامساً: مواجهة أزمة الدواء وتداعياتها:

فى اجتماع استغرق مدة 20 دقيقة، بين رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة، بمقر ديوان وزراة الصحة، (8 يناير 2017) تقرر بدء تطبيق قرار زيادة الأسعار بنسبة 15% من منتجات الشركات المحلية، ونسبة 20% من الأدوية المستوردة والتى تنتجها الشركات الاجنبية بمصر ( اليوم السابع

وكان وزير الصحة قد سبق وأن أعلن فى احدى المؤتمرات الطبية (بتاريخ يوم 3/12/2016 )، أن “مشكلة الدواء هي مشكلة تمويل وسعر صرف وليس مشكلة وزارة الصحة، لكن الوزارة لم تترك المشكلة دون تدخل لحماية المريض المصري”. وتابع “لا توجد نواقص في الأدوية وما حدث هو حالة هلع من بعض المرضى الذين ما إن سمعوا في الإعلام عن تلك الأزمة حتى اشتروا كميات كبيرة من الأدوية لتخزينها.(دكتور نيوز).

وعلى النقيض من تصريحات وزير الصحة فقد أكد رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء بأن مصر تعاني من أزمة فعليه في سوق الدواء، وستستمر مؤكدًا أن مصر الآن تعمل على المخزون القديم لديها، ولا تصنع الجديد. وأن هناك أكثر من 1500 منتج دواء غير متوافر في الأسواق المصرية، منهم 112 دواء غاية في الأهمية للحالات الخطيرة، موضحاً أنه لا توجد إرادة حقيقية في وزارة الصحة لحل تلك الأزمة، كما أن الوزير ليس لدية سياسات واضحة معلنة لتجاوز نقص الدواء،.( البديل، 1/1/2017).

فى حين أوضحت عضو لجنة الصحة في البرلمان؛ أنهم شكلوا غرفة استماع بين اللجنة ورئيس غرفة الدواء وشركات الدواء ونقابة الصيادلة، واتفقوا على كتابة الاسم الفعال للدواء، وليس بالاسم التجاري، لتقليل التكلفة على المواطن بإزالة تكلفة الدعاية، بالإضافة إلى دعم الدولة للمياه والكهرباء للشركات، لمنع زيادة سعر الأدوية، وأوصوا بأن الدولة تستورد المواد الخام، لافتة إلى أنها قضية أمن قومي، لأن المواطن من الممكن أن يجوع لكن لا يتحمل نقص الدواء. واستنكرت عدم الاستجابة لكل التوصيات، مشيرة إلى وجود تسريبات بأن الدواء سيرتفع سعره بالفعل، دون الرجوع للجنة في مجلس النواب، وطالبت بتفعيل اعمال لجنة تقصى الحقائق بالبرلمان حول ازمة نقص الدواء.(اعلام21/12/2016 ).

ولكن يبدو ان الفساد قد انتصر على اللجنة البرلمانية، حيث أكدت النائبة إليزابيث شاكر، عضو لجنة الصحة بالبرلمان، أن لجنة تقصي حقائق الأدوية التي شُكلت من أجل كشف الفساد وحل الأزمات تم إيقافها لأجل غير مسمى.(اخبارى الان).

وكان د. محمد غنيم، عضو شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية ورئيس النقابة العامة للمستحضرات المنتجة لدى الغير “التول”، قد تساءل ( فى حواره، بتاريخ 9 يناير 2017 )، عن تعريف دقيق لأدوية الأمراض المزمنة التي ليس لها بديل أو مثيل، موضحًا أن عدد نواقص الأدوية الفعلي تجاوز الـ2000 صنف دوائي، جمعيهم أصناف لعلاج الأمراض المزمنة ومخسرة للشركات، ونصيب شركات التول منهم حوالي 500 مستحضر.

وأضاف لـ«الشروق»، أن صيغة الاتفاق الذي اعلنت الحكومة عنه المقترح تطبيقه مع شركات الأدوية والخاص رفع أسعار بعض الأصناف، لن تحل أزمة النواقص، في ظل ارتفاع أسعار المواد الخام التي تتخطى سعر البيع، حسب قوله. وذكر أن الزيادة تتم بشكل عشوائي على الأدوية الأقل سعرًا وليست الأدوية ذات الأولوية التي تواجه نواقص شديد وزيادة في الطلب عليها، وبعضها لا يستحق الزيادة من الأساس.

وعلى مدى شهر كامل؛ كان الشغل الشغل لجميع وسائل الاعلام هو نقل الهجوم والتصريحات المتبادلة بين نقيب الصيادلة ووزير الصحة، وكل منهما يصر على رأيه؛ حيث يصر وزير الصحة على زيادة اسعار الدواء بالنسبة للشركات، وتطالب النقابة بزيادة هامش ربح الصيدلى وسحب الادوية منتهية الصلاحية من الاسواق ، وأمام تهديد النقابة بعقد الجمعية العمومية والدعوة الى الاضراب.

فقد سارع الوزير باستخدام صلاحياته وأصدر القرار رقم 4 لسنة 2017 وفيه يسحب من نقابة الصيادلة حق الترخيص للصيدليات وصلاحية التفتيش على المخالفات، وهذا يعنى تهميش دور النقابة العامة للصيادلة والنقابات الفرعية فى متابعة ترخيص الصيدليات ومتابعة العمل بها، ويساعد على انتشار فوضى مايسمى بسلاسل الصيدليات، وبلغ الضغط الحكومى على نقابة الصيادلة مداه برفع دعوى قضائية مستعجلة رقم 106 لسنة 2017 مستعجل القاهرة من الحارس القضائي للنقابة العامة للصيادلة لوقف انتخابات التجديد النصفي (مارس 2017).

وفجاة جاء الرد الغير متوقع من نقيب الصيادلة بأن أعلن عن تأجيل عقد الجمعية العمومية بسبب وعد من مؤسسة الرئاسة بحل المشكلة، وسط غموض وتخبط فى تصريحات وزير الصحة، انتهت بدعوته للتفاوض مع الصيادلة، وفى حين صرح أعضاء النقابة بأنهم على تواصل مع جهات سيادية ومع الرقابة الادارية؛ جاءت الموافقة من وزير الصحة يوم الأحد 5 فبراير الجارى على الغاء قراره رقم 7 لسنة 2017 والعودة للقرار السابق بحق النقابة فى اصدار تراخيص الصيدليات، وعلى اعتماد نسبة هامش ربح التى طلبتها النقابة، وعلى سحب جميع الادوية منتهية الصلاحية من الصيدليات، وسط تعهدات بإلغاء قرار البيع بسعرين للدواء الواحد حسب تاريخ الانتاج وتاريخ صدور قرار الزيادة.

فى حين قررت النقابة إلغاء الاضراب الذى سبق وأن أعلنت عنه. وجاء هذا التغير المفاجىء فى موقف وزيرالصحة ونقيب الصيادلة؛ وسط ضجة اعلامية تبشر بحل المشكلة وانفراج الأزمة بسبب التدخل المباشر من مؤسسة الرئاسة.

وفى حين هدأت الأزمة اعلاميا وظاهريا، أعرب المركز المصرى للحق في الدواء عن مخاوف حقيقية في ظل التضارب في القرارات الوزارية التي تنظم أوضاع الصناعة بعد الخطاب الذي أرسلته غرفة صناعة الدواء المعبرة عن الشركات الكبرى الذي يشكل هاجسا حقيقيا لامتداد الأزمة إلى 4 أشهر قادمة بسبب توقف الإنتاج بعدد من الشركات انتظارًا لموافقة وزارة رسميا على قرار البيع بسعر واحد. وأكد المركز وجود تلاعب بأرواح المرضى الذين لا يعنيهم غير توافر الدواء بعد زيادته 50% في وقت ستشهد المستشفيات العامة تأثير شديد الخطورة بعد توقف العمل لشهور، وذلك ما أكدته غرفة صناعة الدواء لوزير الصحة. وأشار المركز إلى أن ذلك سوف يخلق أمام الجميع “المريض والصيدلى والوزارة” أزمة بالغة التعقيد، خاصة أن هناك خلافات ستحدث سيدفع ثمنها الصيدلى نظرًا لعدم صدور قرار رسمى حتى الآن.( فيتو 7 فبراير 2017 ) .

 

سادساً: سيناريوهات محتملة لمواجهة وحل أزمة المنتجات الدوائية:

أولا: مسار الوزارات والهيئات ومنظمات المجتمع المدنى:

يشمل محورين:

المحور الاول: على المدى القريب من خلال وضع سياسة تسعيرية ثابتة عادلة وواضحة للدواء تراعى القيمة الحقيقية ونسبة الربح لكل مستوى من الانتاج والتسويق والتوزيع والبيع، ووضع أسس واضحة لمواجهة مشكلة تاريخ الصلاحية والادوية المرتجعة، والاهتمام بتفعيل دور “مركز اليقظة الدوائية المصرى” – التابع للأمم المتحدة – فى الرقابة ونشر الوعى الدوائى والتركيز على قيام الاطباء بكتابة الاسم العلمى للعقارات الدوائية وذلك لتخفيف العبء الاقتصادى على الصيادلة، ورفع المعاناة عن المرضى فى البحث الاصل أو المثيل الدوائى أوالبديل العلاجى.

المحور الثانى: على المدى الطويل يشمل ضرورة انشاء “هيئة الدواء المصرية ” تكون مستقلة وتتبع مجلس الوزراء مباشرة مثل الكثير من دول العالم، ووضع استراتيجية دوائية واضحة لمصر تلتزم بها الجهات التنفيذية من حيث بناء صناعة دواء حقيقة لاتعتمد على استيراد الخامات، وتؤسس لنهضة علمية بتفعيل دور الشركات العالمية فى تطوير التكنولوجيا المحلية، وتراقب ضمان سلامة وجودة وفاعلية ومأمونية المنتجات الدوائية فى مجالاتها المختلفة سواء للانسان والحيوان والنبات، ( وسبق ان تم اعداد مشروع قانون لانشاء الهيئة للعرض على مجلس الشعب عام 2012 لاقراره، لكن تعطل عرضه على مجلس الشعب الذى تم حله لاحقا )، وتطبيق ماورد بالدستور بتخصيص نسبة 3% من الموازنة للصحة ( تزيد خلال 3 سنوات لتصل الى النسبة العالمية ) وذلك لتوسيع مظلة التأمين الصحى لتشمل جميع قطاعات الشعب المصرى.

ثانيا: سيناريو تدخل المؤسسة العسكرية:

وهذا من حلال قيام الجيش بالاستيراد الادوية والمستلزمات الطبية وألبان الأطفال، مع الاعلان عن البدء فى انشاء مصانع الأدوية التابعة للهيئات العسكرية المختلفة، ثم التوريد لوزارة الصحة بالأمر المباشر بحجة سرعة الانجاز وحل الازمات حسب الاحتياجات الاستهلاكية للسوق المصرى.

وهذا هو السيناريو الأكثر ترجيحا، أى تفويض القوات المسلحة بتولى ملف الأدوية والمستلزمات الطبية سواء بالاستيراد أو التصنيع بصورة تدريجية تتسع لتشمل كل آليات سوق الدواء فى مصر. حيث يلجأ السيسي ونظامه بشكل متزايد إلى الجيش للمساعدة في حل أزمات البلاد الاقتصادية، ما أدى إلى اتساع نشاط القوات المسلحة الاقتصادي مع تنامي دورها السياسي والمجتمعى منذ الانقلاب فى 3/7/2013. ويصعب تقدير حجم النشاط الاقتصادي للجيش في القطاعات المدنية، إذ أن القانون يحظر نشر أي أرقام تتعلق بتفاصيل موازنته. غير أن السيسي قال في ديسمبر 2016: إن مساهمة الجيش في الاقتصاد تتراوح بين 1.5 بالمئة و2 بالمئة. وتختلف التقديرات حول حجم هذا النشاط الاقتصادي، حيث لا يقل حجم النشاط الاقتصادي للقوات المسلحة عن 5% من إجمالي الناتج المحلي اﻹجمالي، بينما تصل بها تقديرات متداولة، لكن أصلها العلمي غير ثابت، ما بين 35-40% من الاقتصاد.(مدى مصر).

 

خاتمة:

ترتكز المنظومة الصحية على ثلاثية المريض والطبيب والدواء، وبالتالى فإن الدواء يعتبر سلعة استراتيجية لا يستغني عنها أي مجتمع فهو بمثابة أمن قومي من الدرجة الاولي، وفى هذا كانت الأهمية الاستراتيجية لاطلاق شعار “لابد أن ننتج غذاءنا ودواءنا وسلاحنا” كوسيلة هامة لحفظ أمن وسلامة الوطن.

وخلال عقود طويلة غابت عن مصر النظرة الشاملة لتطوير ودعم الصناعات الدوائية الحقيقة فى مصربما فيها ابتكارالعقاقير الطبية وتصنيع المواد الخام الدوائية، وماتبعها من فوضى فى تشريعات تراخيص المنشآت والشركات وعشوائية التسعير، وأدى هذا الى حدوث ازمات متكررة فى الأمن والأمان الدوائى للمواطن المصرى.

وجاء تحرير صرف العملة ( تعويم الجنيه ) وماتبعه من تداعيات ليكشف بواطن وجذور المشكلة وهى الاعتماد على الاستيراد خاصة للمواد الخام، واتباع سياسة الحلول والمسكنات الوقتية، وأصبح واضحا أنه لابد من وضع سياسة دوائية شاملة تراعى الأمن الدوائى القومى، وفى القلب منه حق المواطن المصرى فى العلاج والدواء الآمن. فى حين أن الاجراءات الرسمية الحالية مازالت تتبع نفس العشوائية فى مواجهة المشكلة، وزاد على ذلك قيام القوات المسلحة بالتدخل المباشر فى سوق الدواء، مما يزيد من تعقيد المشكلة لضياع مبدا الشفافية وعدم القدرة على الرقابة والمحاسبة، ومن ثم زيادة معاناة المواطن وضياع الأمن الدوائى وحق المواطن فى العلاج الآمن (1).

———————————

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

 

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close