fbpx
سياسةترجمات

مصر اليوم ليست مستقرة ولا حرة

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

في الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير 2011، أعربت مجموعة من المعارضة المصرية في المنفى عن قلقها إزاء الحالة التي وصلت إليها اليوم – وذلك في مقال نشرته كوكبة من ألوان الطيف السياسي المصري على موقع ميدل إيست آي البريطاني اليوم (25 يناير) تحت بعنوان: “مصر اليوم ليست مستقرة ولا حرة: بعد خمس سنوات من حكم السيسي، نطالب بالتغيير”، وقد قام المعهد المصري بترجمته كاملاً على النحو التالي:في الخامس والعشرين من يناير 2011، رفع المصريون أصواتهم طلباً للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. لكن مصر اليوم ليست ما ناضلت من أجله ثورة يناير 2011.

نجتمع الآن سوياً – مع ما لنا من انتماءات وأيديولوجيات متباينة – وتنتابنا مخاوف كبيرة من الحالة التي وصلت إليها بلادنا، مما يستوجب علينا أن نهب لإنقاذ مصرنا الحبيبة ونحقق آمال الشعب المصري في نيل حياة حرة كريمة.

ولا يمكن أبداً فهم ما يجري في مصر إلا بعيون مصرية ومشاعر وأحاسيس مصرية.

وكوننا مصريين نَصْدر عن أطياف واسعة من التوجهات والمشارب السياسية، نقول للمجتمع الدولي: احذروا من هذا الرجل الذي تعتمدون عليه، وتمولونه، وتسلحونه، متوهمين أنه يمكن أن يضمن لكم حكماً “مستقراً” في مصر.

ونحن نقول لأعضاء الكونجرس الأمريكي الجدد الذين قد يتصورون أن أي محاولة لتحدي ثاني أكبر متلقي للمعونة الأمريكية (بعد إسرائيل) ستُعد تفريطاً في متطلبات الأمن القومي للولايات المتحدة، وكذلك إلى القادة الأوروبيين الذين يسلحون النظام الحاكم في مصر، نقول لهم جميعاً: لم يعد من الممكن الآن اعتبار مصر بلداً مستقراً، وإن عواقب عدم الاستقرار هذا قد تنفجر في أي لحظة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

تدهور الاقتصاد

ويكفي أن تتجول فقط في شوارع القاهرة لتدرك مدى الغضب والاحتقان الداخلي الذي يُنذر بانفجار مجتمعي لا يُمكن السيطرة عليه.

لم يكن الأمر بهذا السوء أبداً من قبل. لقد أصبح معظم المصريين عاجزين تماماً – ليس فقط عن الحفاظ على المستويات الاقتصادية والاجتماعية التي كانوا يتمتعون بها سابقاً – بل أيضا عن تحمل تكاليف أكثر حاجيات الحياة إلحاحاً مثل الطعام، والنقل ، والرعاية الصحية ، والتعليم.

وخلال خمسة أعوام منذ وصول نظام السيسي إلى السلطة، تآكلت الطبقة الوسطى في مصر بشكل كامل، والتي كانت قد استغرقت سنوات عديدة حتى تشكلت.

هذا الوضع الاقتصادي الصعب لم يصل لهذا المستوى المتدهور صدفة، فلقد دأب الجنرال السيسي منذ مجيئه على المغامرة بمشروعات غير مدروسة وعالية التكلفة لمجرد تقديم نفسه باعتباره قادراً على إنجاز مشروعات كبرى، مثل تفريعة قناة السويس “الجديدة”، والعاصمة الإدارية “الجديدة”، ولم يشعر أحد حتى الآن بأي فائدة تُرتجى من وراء هذه المشاريع.

فبعد توليه السلطة، سارع الجنرال السيسي بمنح احتكارات واسعة (في مجال الاقتصاد) لمؤسسات تابعة للجيش، ليضع القطاع الخاص بل والحكومي في موقف صعب، لا يمكنه معه منافسة كيانات عسكرية تستطيع الاستحواذ على المشاريع الاقتصادية فقط من خلال الأوامر الحكومية المباشرة، لذلك فضل المستثمرون إما الاستفادة من تراجع سعر العملة الوطنية بالمضاربة على عمليات تداول العملات الأجنبية، أو لتحويل استثماراتهم خارج حدود البلاد.

كان ينبغي أن يكون الانهيار السريع للعملة المحلية بمثابة إنذار بأن إدارة الاقتصاد قد وقعت في أيدٍ غير أمينة. ومع ذلك، فقد منح صندوق النقد الدولي الجنرال السيسي قرضا بقيمة 12 مليار دولار، رغم تجاوز إجمالي الدين العام لقيمة الناتج المحلي الإجمالي، دون أي بادرة أمل على نية النظام انتهاج سياسات اقتصادية رشيدة.

زيادة الضغط المجتمعي وانعدام الأمن الداخلي

ولا تُعد الضغوط الاقتصادية فقط هي السبب وراء المشاقّ التي يكابدها الشعب المصري أو حالة الإحباط السائدة في البلاد؛ فقد تم تجريم أي نشاط تقوم به منظمات المجتمع المدني ومعاقبتهم عليه. وبينما تُسجن النساء بسبب شكاوى من التحرش الجنسي أو انتهاكات يتعرضن لها، تستمر الهجمات التي تستهدف الأقباط في ظل غياب استراتيجية واضحة من النظام لحمايتهم.

فعمليات الإرهاب المتكررة لا تحدث بشكل متسارع إلا عندما يكون السيسي بحاجة إلى دعم خارجي؛ وقد أدت سياساته القمعية إلى زيادة رقعة العنف في مصر على مدار السنوات الخمس الماضية أكثر من أي وقت مضى.

ويبدو هذا الأمر أكثر وضوحاً عند النظر في سياسة الجنرال في مكافحة الإرهاب؛ حيث يتعهد في كل مرة بالانتقام، ثم يقوم بقتل من يخفيهم قسرياً في معتقلاته بادعاء أنهم من ارتكبوا الجريمة، وبهذه الطريقة يتمكن من تصعيد القمع مع الحفاظ على الدعم الغربي له بزعم أنه شريك في مكافحة الإرهاب، لكنه في الحقيقة لا يكافح إلا المعارضة السلمية لنظامه ولا يقتل إلا المعتقلين المختفين قسرياً لديه.

القضايا الإقليمية والأمن القومي

إن افتقار السيسي للاستراتيجية والقدرة على الحكم ينعكس الآن على تعاملاته في المنطقة. لقد أساء الجنرال إدارة ملف التفاوض حول سد النهضة وحوض النيل مما كان له أثر بالغ في الإضرار بحصة مصر في مياه النيل. كما أن تنازله عن جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية أدى إلى فقدان مصر الحق التاريخي في السيادة على ممر تيران المائي.

كان من الممكن أن تكون مصر بمثابة صمام أمان وعامل تهدئة في منطقة الشرق الأوسط، ولكن يبدو أن السيسي يدفع عن قصد باتجاه إحياء خلافات إقليمية تاريخية من جديد.

معارضة موحدة

هذا نَذْر يسير ضمن قائمة طويلة من الأسباب التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الوقت قد حان كي تتوحد المعارضة لمواجهة حكم السيسي. نعم، قد بدأ هذا في الحدوث بالفعل، ولكن على وتيرة هادئة: فلا تقتصر معارضة نظام السيسي والتشكيك في مشروعيته على أولئك الذين وقفوا ضد الانقلاب العسكري فقط، حيث نَعُد اليوم من بيننا من كانوا بالأمس معارضين لحكومة الدكتور محمد مرسي.

لقد تم إثارة هذا الشعور خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها السيسي (دون أن يسمح لأي معارضين بمنافسته) بنسبة 97% من الأصوات. حيث ألقى النظام القبض على جميع المرشحين المحتملين المناوئين للجنرال بمن فيهم أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك؛ وسامي عنان، وهو جنرال عسكري ورئيس أركان الجيش الأسبق ويدعمه بعض قادة الجيش، وأحمد قنصوه، وهو يُمثل الجيل الأصغر في الجيش المصري. فجميعهم، بالإضافة إلى شخصيات بارزة أخرى، لحقوا بالدكتور محمد مرسي ونحو 60 ألف معتقل سياسي آخر في سجون السيسي.

مستقبل مصر

إن بناء دولة مدنية حديثة، لا مكان فيها للحكم العسكري أو الاستبدادي، هو الأمل الذي يلتف حوله جميع المصريين. لقد علمتنا التجربة أن الازدهار والأمن والتقدم هي نتاج نظام ديمقراطي ومجتمع متمدن. نحن نسعى جاهدين لوطن يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات؛ يحتضن حرية الرأي، بعيداً عن التطرف والغلو والتعصب؛ ومجتمع يحارب الفساد ويتمتع بالشفافية.

ومن أجل تحقيق ذلك، فإنه يجب على قادة العالم إعادة تقييم سياساتهم تجاه مصر، فلن تتحقق المصالح المشتركة على المدى المتوسط والطويل إلا من خلال التعاون مع نظام مستقر يدعمه الشعب.

نحن لا ندعو أحداً للتدخل في شؤون بلادنا؛ بل على العكس، فإننا نعتقد أن أسوأ أشكال التدخل هو دعم الاستبداد من خلال منح النظام قروضاً لا يسع اقتصادنا تحملها، أو صفقات لا يحتاجها مواطنونا، أو أدوات قمع وتعذيب تُستخدم ضد أبنائنا الأبرياء.

فما يحتاجه الشعب المصري حقاً من العالم هو دعم مطالبهم من أجل العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية، وهذا لن يتحقق أبداً بدون الحرية، ولن يتحقق أبداً في وجود الجنرال السيسي.

المشاركون:

عبد الرحمن يوسف (شاعر وناشط سياسي)

عمرو دراج (وزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق)

أيمن نور (مرشح الرئاسة لعام 2005) – زعيم حزب غد الثورة

دينا زكريا (مقدمة برامج تلفزيونية). المتحدثة باسم حزب الحرية والعدالة سابقاً

ماجدة رفاعه (ناشطة سياسية)

محمد محسوب (وزير الشئون القانونية والبرلمانية الأسبق)

نيفين ملك، محامية ومدافعة عن حقوق الإنسان

سيف الدين عبد الفتاح (أستاذ العلوم السياسية) – مستقل

يحيى حامد (وزير الاستثمار السابق)

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close