دراساتسياسة

مصر: لجنة العفو الرئاسي بين نصوص القانون وآليات التطبيق

مقدمة

يتواصل الحديث حول دور لجنة العفو الرئاسي، خاصة بعد أن أعيد تفعيل نشاطها بشكل مفاجئ بتوجيه رئاسي فيما سمى بإفطار الأسرة المصرية والذي عقد في إبريل الماضي، في اجتماع ضم عبد الفتاح السيسي وعددا من الوزراء وبعض قيادات أحزاب التيار الديمقراطي ومنهم حمدين صباحي وخالد داود، حيث أضيف عضوين جدد للجنة وهما كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة الأسبق والقيادي بحزب تيار الكرامة، وطارق العوضي المحامي بالنقض.

وتجدد الحديث بشأن دور اللجنة وما يمكن أن تقدمه من حلول لقضية السجناء السياسيين المحكوم عليهم في قضايا ذات طبيعة سياسية، ومدى الاختصاص المحدود للجنة، وأن الأجهزة الأمنية هي الفاعل الحقيقي في هذا الجانب.

وفي تقديرنا فإن اللجنة لا يتعدى دورها تقديم علاج مؤقت وجزئي للقيود المفروضة على الحريات وتزايد أعداد السجناء السياسيين في مصر والذين يتعدى عددهم 60 الف سجين وفقا لتقديرات حقوقية، فهي لا تعالج المرض بشكل أساسي، والذي يتمثل في التوسع في الحبس الاحتياطي، والمحاكمات الجائرة التي افتقدت مبادئ المحاكمة العادلة سواء التي أجريت وفقا لقانون الطوارئ، أو وفق القضاء الطبيعي، أو بموجب عشرات التشريعات المقيدة للحريات الأساسية التي نص عليها الدستور ومنها حرية الرأي والتعبير والحق في التجمع السلمي، والحق في التنظيم، والحق في تداول المعلومات والحق في المحاكمة العادلة وغيرها.

وفي هذا السياق، تناقش هذه الورقة البحثية مفهوم العفو الرئاسي في الدستور والقانون المصري والأحكام القضائية والفقهية، ووجهات النظر المختلفة حول تقييم أداة العفو بشكل قانوني وعلاقتها باستقلال القضاء، والمفاهيم القانونية الأخرى التي تقترب من هذا المفهوم، ويتم إصدارها من رئيس الجمهورية، أو وزارة الداخلية.

تتناول الورقة أيضا تقييم لجنة العفو الرئاسي في مرحلتها الأولى بين عامي 2016 ـ 2018، وفي مرحلتها الثانية من إبريل 2022 وحتى أغسطس 2022، وتوصيفها القانوني وصلاحياتها المختلفة ومدى فعاليتها وما قامت به في مراحلها المختلفة.

ونتناول هذا الموضوع في عدد من المباحث، المبحث الأول: مفهوم العفو في الدستور والقوانين المصرية والأحكام القضائية، والمبحث الثاني: مفهوم العفو الرئاسي والمفاهيم الأخرى الشبيهة له في القانون (الإفراج الصحي، الإفراج الشرطي، وقف العقوبة أثناء حالة الطوارئ)، والمبحث الثالث: نشأة لجنة العفو ” 2016 “بمرحلتيها الاثنين، المبحث الرابع: إشكاليات لجنة العفو (المعايير، دور أجهزة الأمن)، ومبحث ختامي: في تقييم لجنة العفو والإصلاحات المطلوبة

المبحث الأول: مفهوم العفو عن العقوبة في الدستور والقوانين المصرية والأحكام القضائية

العقوبة هي جزاء جنائي يقرره المشرع، ويحكم به القاضي على الشخص المسئول عن الجريمة ويتناسب معها، والعقوبة لها طابع اجتماعي عام فهي مقررة لصالح المجتمع الذي ناله ضرر الجريمة، وليست مقررة لمصلحة المجني عليه أو المضرور من الجريمة، وقد حد القانون النيابة العامة كجهة أصيلة في تحريك الدعوى العمومية وكجهة أصيلة في المطالبة بتنفيذ الأحكام الجنائية، والمجتمع وحده هو في الأصل المختص بالنزول عن حقه هذا، ويتخذ هذا النزول صورة العفو عن العقوبة، والتقادم الذي ينطوي على نزول ضمني.[1]

وتتميز العقوبة بعدة خصائص: أولا :العقوبة شرعية حيث تمس العقوبة ـ بدون شك ـ حقوقا للمحكوم عليهم وتقتضي حماية هذه الحقوق عدم جواز المساس بها إلا إذا نص عليها القانون، على ذلك أول ما يجب أن تختص به العقوبة هي خضوعها لمبدأ ” شرعية الجرائم والعقوبات” الذي يقضي بأنه ” لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون”، ثانيا : العقوبة شخصية: بمعني أن العقوبة لا يجب ألا توقع إلا على من يثبت بالدليل المباشر أنه قام بارتكاب الفعل الذي يجرمه القانون أو ساهم في ارتكابه، فلا يجوز أن يمتد العقاب إلى أشخاص لا تربطهم بالجريمة صفة وإن كانت هناك صفة ما تربطهم بالجاني، ثالثا: العقوبة عادلة: بمعني تناسب العقوبة مع الجريمة التي أرتكبها الجاني حتى ترضي الشعور العام بالعدالة . ومقدار العقوبة ونوعها ومن ثم تناسبها، يختلف باختلاف الجريمة، ويتوقف على ظروف ارتكابها. رابعا: المساواة حيث تخضع العقوبة لمبدأ المساواة أمام القانون الجنائي، وهذا المبدأ يعني المساواة بين جميع الأشخاص في توقيع العقوبة، أيا كانت مراكزهم الاجتماعية ولكن لا ينال من هذا المبدأ اختلاف مقدار العقوبة من شخص إلى آخر إذا كان ذلك يرجع إلى اختلاف الظروف المادية أو الشخصية لكل جريمة وفقا لمبدا لزوم العقوبات، وطالما أن كل جريمة تتوافر فيها هذه الظروف يخضع مرتكبها لذات العقوبة. خامسا: قضائية العقوبة: أي ان الحكم بها لا يكون إلا عن طريق حكم قضائي فتوقيع العقوبة فيه مساس بدون شكل بحرية الفرد، ولذلك يتوقف توقيع العقوبات المقررة بالقانون على صدور حكم قضائي من المحكمة المختصة.

وتضمن القانون عدة أسباب لانقضاء العقوبة وزوال اثارها ومنها وفاة المحكوم عليه، تقادم العقوبة، العفو عن العقوبة.

من جانب آخر، نصت المادة 155 من الدستور المصري الصادر عام 2014 إلى حق رئيس الجمهورية في إصدار قرارات عفو عن العقوبة أو تخفيفها، ولم تقيد هذه السلطة إلا بقيد هو اخذ رأي مجلس الوزراء. كما أشارت إلى نوعين من العفو أولهما (العفو عن العقوبة) وهو يخص حالات بعينها، و (العفو الشامل)، ولا يجوز إصداره إلا بقانون يقر بموافق اغلبية أعضاء مجلس النواب.

وهو يصدر بالعفو عن محكوم عليهم أو متهمين في نوع معين من الجرائم محدد موضوعيا أو زمنيا، ولضمان عدم انفراد رأس السلطة التنفيذية بمثل تلك السلطة المطلقة، نظراً للأثر البالغ لمثل تلك القرارات. اشترط الدستور بعض الإجراءات كأخذ رأي مجلس الوزراء فيما يتعلق بقرارات العفو الجزئي، وموافقة البرلمان في حالة العفو الشامل.

العفو في الدساتير المصرية:

نصت الدساتير المصرية المتعاقبة على اختلافها على حق رأس الدولة في إصدار قرارات العفو وبعضها أقتصر على العفو الشامل، حيث نص الدستور المصري الصادر عام 2014 في المادة (155) على حق رئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها. ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون، يُقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. بينما أوجب الدستور الفرنسي الصادر عام 1958 اخذ رأي مجلس القضاء الأعلى والذي يصدر رأيه بناء على توصية من وزير العدل.

وقد ذهب الفقيه دوجي ليون إلى أن العفو عن العقوبة ذو طبيعة إدارية أكثر منه طبيعة قضائية، لكون العفو في ذاته هو قرار أو عمل إداري، ذلك لكون الحاكم حين إصداره لقرار العفو لم يكن يقصد التدخل في عمل قانوني أو قضائي[2].

كما أكد دستور 2012 في المادة (149) على إعطاء الحق لرئيس الجمهورية في العفو عن العقوبة أو تخفيفها، ولا يكون العفو الشامل الا بقانون. ولم يقيد استخدام هذا الحق بضرورة أخذ رأي مجلس الوزراء، وهو ذات النص الذي جاء في المادة (149) من دستور 1971 بعدم الإشارة إلى كون ذلك “حقا” لرئيس الجمهورية أي الاقتصار على إعطاء الحق لرئيس الجمهورية العفو عن العقوبة، وكلمة حق هنا لم تذكر ايضا في نص دستور 2012.

وورد تقريبا ذات النص بنفس المضمون على نحو ما جاء في المادة (127) من دستور 1964 مع اختلاف بسيط باستخدام كلمة “تخفيض” بدلا من تخفيف العقوبة.

ويتطابق نصا دستور 1964 ودستور 1956 في المادة(141) التي أعطت الحق لرئيس الجمهورية في العفو عن العقوبة أو تخفيضها، اما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون.

أما دستور 1930 فأقتصر على ذكر ” العفو الشامل ” فقط، حيث نصت المادة 141 على ” العفو الشامل لا يكون الا بقانون” ولم يشر إلى حق العفو عن العقوبة، أو من يملك حق العفو، ولكنه ضمنيا كان يتم استخدام هذا الحق من حق الملك، بالمشاركة مع رئيس الوزراء، وهو ذات النص بعينه الوارد في المادة 152 من دستور 1923.

وحسب وجهة النظر القانونية والدستورية تعد قرارات العفو من اختصاصات رئيس الجمهورية ومن أعمال السيادة، بينما أكدت عدد من أحكام المحاكم أن القضاء هو الذي يحدد طبيعة هذه الأعمال، حيث أن التعريف الفقهي لها هو (أعمال الحكومة والسلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم لا سلطة إدارة) وليس هناك حصر لأعمال السيادة، فضلا عن ذلك فإن هذه الأعمال متغيرة، وما كان من أعمال السيادة في وقت ما، قد يكون من أعمال الإدارة في وقت آخر.

فأعمال السيادة هي بطبيعتها أعمال إدارية ولا تختلف في شكلها عن أي عمل اداري ولكنها تخرج عن ولاية القضاء إلغاءا وتعويضا وتصبح بعيدة عن الرقابة القضائية، لذا تعتبر أعمال السيادة سلاحا خطيرا في يد السلطة التنفيذية يهدد حقوق الافراد وحرياتهم. ولذا فقد اجتهد الفقه في وضع معيار منضبطا للتفرقة بين أعمال السيادة والأعمال الإدارية، وأهم هذه المعايير معيار الباعث السياسي، معيار طبيعة العمل، ومعيار القائمة القضائية.

حيث أسبغ مجلس الدولة المصري رقابته على القرارات الصادرة من رئيس الجمهورية تطبيقا لنص المادة 74 من الدستور بالرغم من كونها قرارات صادرة من رئيس الجمهورية بموجب تفويض دستوري ممنوح له، وهذا ذات الاتجاه الذي تبنته المحكمة الدستورية العليا في أحكامها المتتابعة .[3]

ويرى آخرون أن سلطة رئيس الجمهورية في الإفراج عن المحكوم عليهم بعقوبة، هي سلطة بدورها استثنائية لمعالجة ظروف خاصة في حالات خاصة لا يتصور أن تكون كثيرة أو متكررة، فإذا شاعت وتكررت حالات الإفراج عن المحكوم عليهم فلا بد أن تثير التساؤلات حول مبررات واستقلالية الأحكام القضائية. [4]

وليس هناك شروط معينة للاختيار فقد يختار رئيس الجمهورية المعفى عنهم وفقا لاعتبارات صحية، أو إنسانية، أو وفقا للمصلحة العامة، أو لاعتبارات تخص العلاقات بالدول الأجنبية، أو قد يرى أن هناك تجاوزا في معاقبة البعض فيصدر قرارا بالعفو عنهم. كما أن العفو في بعض الأحوال يعتبر وسيلة لتصحيح الأخطاء القضائية التي قد تشوب بعض الأحكام والتي لا سبيل لإصلاحها بعد أن يصبح الحكم نهائيا وباتا، كما أنه يمثل وسيلة لتجنب تنفيذ الأحكام القاسية والشديدة كأحكام الإعدام أو الأحكام طويلة المدة، كما أنه بمثابة طريق لتجنب اكتظاظ السجون وعدم صلاحيتها في كثير من البلدان لتنفيذ السياسة الجنائية الحديثة وإصلاح أحوال المسجونين. ولرئيس الجمهورية سلطة تقديرية في منح حق العفو تقوده بالطبع اعتبارات المصلحة العامة، وعادة فإن أسباب العفو ترجع إلى حسن سير وسلوك المحكوم عليه أو توبته الإيجابية أو حالته العائلية والصحية، كما قد ترجع إلى الرغبة في اصلاح خطأ قضائي.

فالأصل في العفو ألا يصدر إلا بعد أن يكون الحكم قد صار باتا، أما قبل ذلك فالفرض أن الحكم حينئذ قابل للتعديل أو الإلغاء إذ ما زالت مفتوحة امامه طرق الطعن المختلفة، فالشخص الصادر عليه حكم غيابي أو المحكوم عليه الذي يمكنه الطعن في الحكم بطريق الاستئناف أو النقض لا يحق له طلب العفو.

والحق أن العفو يفترض استخدامه بعد الحكم بعقوبة معينة، ولم يشترط القانون أن يكون الحكم بالعقوبة باتا، حيث أن القاعدة هي بدء تنفيذ الحكم متى صار نهائيا، من ثم جاز المطالبة بالعفو أو التصريح به فور بدء تنفيذ العقوبة وقبل صيرورة الحكم باتا، حيث لا مقتضى للتقييد بالنصوص القانونية طالما لم يشترط المشرع ذلك .

وقد حددت المادة 155 من الدستور نوعين من قرارات العفو عن المحكوم عليهم، وهما العفو عن العقوبة، والعفو الشامل، وفرض قانون العقوبات ضوابط لتطبيق قرار العفو عن العقوبة، وقرارات العفو الشامل، وكل العوامل التي يجب أن تتوافر فيهما حتى يتم تنفيذهما.

أولا: العفو عن العقوبة:

تناول قانون العقوبات قرار العفو عن العقوبة ضمن نص الباب الحادي عشر في المواد من (74 ـ 78) حيث عرض عددا من التفاصيل الخاصة بأحكام العفو عن العقوبة والعفو الشامل مشيرا إلى عدد من المبادئ أهمها:

ـ أن العفو عن العقوبة لا يشترط لصدوره قانون، ويصدر من رئيس الجمهورية لمن تمت إدانته بحكم قضائي، ويصدر قرار العفو عن العقوبة المحكوم بها، إما بإسقاطها كلها، أو بعضها، أو إبدالها بعقوبة أخف منها، كأن يتم تخفيف العقوبة على المحكوم عليه بالإعدام إلى عقوبة السجن المؤبد. (م 74)

وإذا لم ينص قرار العفو عن العقوبة على إسقاط العقوبات التبعية للأحكام، مثل العزل من الوظيفة أو وضع المحكوم عليه تحت المراقبة الشرطية، فإن العفو عن العقوبة سواء كانت بإسقاط عقوبة الإعدام أو السجن أو الحبس أو بتخفيضها لا يشمل تلك العقوبات التبعية ولا يزيل آثارها ما لم يذكر ذلك صراحة في قرار العفو.

والعقوبات التبعية المقصودة في قانون العقوبات على سبيل المثال هي: العزل من الوظائف الأميرية، وكذلك وضع المحكوم تحت مراقبة البوليس، ومنع التحلي بأي رتبة أو نيشان. المادة(25).

ووفقا للمادة 75: “إذا صدر العفو بإبدال العقوبة بأخف منها تبدل عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد، وإذا عفي عن محكوم عليه بالسجن المؤبد أو بدلت عقوبته وجب وضعه حتماً تحت مراقبة البوليس مدة خمس سنين، والعفو عن العقوبة أو إبدالها إن كانت من العقوبات المقررة للجنايات لا يشمل الحرمان من الحقوق والمزايا المنصوص عنها في الفقرات الأولى والثانية والخامسة والسادسة من المادة الخامسة والعشرين من هذا القانون، وهذا كله إذا لم ينص في العفو على خلاف ذلك”.

ـ كما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة السادسة، فقرة 4 على أن من حق لأي شخص حكم عليه بالإعدام التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة، ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات.

يصدر العفو من رئيس الجمهورية بناء على طلب من المحكوم عليه، عادة، كما يمكن أن يمنح العفو دون أن يقدم المحكوم عليه طلبا به، وليس له أن يرفضه حينئذ لأن تنفيذ العقوبات او عدم تنفيذها ليس من حقوق المحكوم عليه، بل من حقوق المجتمع.

ـ والعفو عن العقوبة، عادة إجراء فردي، وإسمي أو خاص بمحكوم معين، غير انه قد يمنح رئيس الدولة أحيانا ” عفوا جماعيا” أي ينصرف إلى مجموعة من المحكوم عليهم، وذلك ما قد يحدث في المناسبات والأعياد الوطنية المهمة، وقد انتقد الفقه المقارن هذه الصورة الأخيرة من صور العفو على أساس انها لا تتفق مع الأسس التي بررت حق العفو، كما أنها قد تضر بالمحكوم عليهم ذاتهم إذ يفرج عنهم فجأة وقبل تمام تأهيلهم للعودة إلى الحياة في المجتمع.

والعفو قد ينصب على إعفاء المحكوم عليه من العقوبة الأصلية كلها، سواء كانت مقررة للجنايات أو للجنح، بما في ذلك الغرامة، كما قد يقتصر على الإبراء على جزء منها ويسمى حينئذ ” العفو الجزئي” ,قد يصر العفو على تخفيف العقوبة بإبدالها بأخرى أخف، كأن يبدل عقوبة السجن المؤبد بالسجن المشدد أو بالسجن أو بالحبس، فليس بلازم أن تكون العقوبة المخففة هي التالية مباشرة في الدرجة للعقوبة المحكوم بها .[5]

وسبق أن صدرت آلاف من قرارات العفو من رؤساء الجمهورية السابقين على اختلاف فتراتهم الزمنية ومنها على سبيل المثال:

ـ قرار رئيس الجمهورية رقم 178 لسنة 2011 بالعفو عن العقوبة السجن المقضي بها على المحكوم عليه/حسام مؤنس محمد سعد في القضية رقم 957 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ مصر القديمة، وذلك بتاريخ 27 إبريل 2022.

ـ قرار رئيس الجمهورية رقم 297 لسنة 2008 بالعفو عن عقوبة الحبس المقضي بها على المحكوم عليه إبراهيم السيد ابراهيم عيسى(الصحفي المعروف) في القضية رقم 2369 لسنة 2008 جنح مستأنف وسط القاهرة، وصدر القرار بتاريخ 6 أكتوبر 2008.

ـ قرار رئيس الجمهورية رقم 147 لسنة 1995 بالعفو عن باقي العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها في القضية رقم 473 كلي شمال الجيزة لسنة 1993 ضد الرائد محمود رؤوف أبو السعود، وذلك بتاريخ 26 أكتوبر 1995.

ـ قرار رئيس الجمهورية رقم 26 لسنة 1985 بالعفو عن العقوبات المحكوم بها على المواطنين من أبناء قبائل العبايدة والبشارية في جرائم التخلف عن التجنيد، وصدر القرار بالعفو عن 23 محكوما عليه، في قضايا مختلفة بجنح عسكرية قنا، أسيوط، الغردقة) بتاريخ 30 يناير1986.

ـ قرار رئيس الجمهورية رقم 5 لسنة 1983 بالعفو عن العقوبات المالية المحكوم بها على المتهمين في القضية رقم 357 /82 جنايات عسكرية شرق القاهرة، والمحكوم عليهم كلهم عسكريين من رتبة نقيب، وصدر بتاريخ 9 يناير 1983.

ـ قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1975 بالعفو عن عقوبة مراقبة الشرطة المقررة قانونا عن محمدي محمود إسماعيل فرج، المفرج عنه في القضية الاخوانية رقم 12 أمن الدولة العليا لسنة 1965، وصدر القرار في 15 يناير 1975.

ـ قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 1 للسنة 1956 بالعفو عن باقي عقوبة فريق من المحكوم عليهم ابتهاجا بعيد إعلان الدستور. حيث أعفى القرار عن باقي مدة العقوبة المقضي بها بالنسبة إلى المحكوم عليهم لغاية يوم 16 يناير سنة 1956 الذين تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها في المدة 73 من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1949 بلائحة السجون .، والشروط المنصوص عليها في المادة 73 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك إذا كان الشرط الخاص بتمضية ثلاثة ارباع مدة العقوبة في السجن يتوافر في حقهم خلال المدة من 16 يناير 1956 لغاية 30 يونيو 1956) وصدر القرار بتوقيع رئيس مجلس الوزراء جمال عبد الناصر، وتوقيع باقي الوزراء في الدولة، صدر القرار بتاريخ 18 يناير 1956 .

ـ أمر ملكي رقم 3 لسنة 1950 بالعفو عن الآثار الجنائية المترتبة على العقوبة المحكوم بها على محمد علي إبراهيم أفندي في الجناية رقم 311 مركز أسيوط سنة 1933، وصادر من فاروق الأول ملك مصر، بعد الاطلاع على المادة 43 من الدستور، المادة 74 من قانون العقوبات وصدر الأمر بتاريخ 11 يناير 1950.

ـ أمر ملكي رقم 61 لسنة 1950 بالعفو عن الآثار الجنائية المترتبة على العقوبة المحكوم بها في سنة 1945 على ” محمد عبد القادر حمزة أفندي”، في الجناية رقم 431 السيدة زينب سنة 1945. وصدر القرار في تاريخ 5 ديسمبر 1950.

وجرت العادة أن يصدر رئيس الجمهورية قرارات العفو في المناسبات والأعياد الرسمية مثل: عفو ٢٥ يناير، عفو ٢٥ إبريل، عفو عيد الفطر، عفو عيد الأضحى، عفو ٣٠ يونيو، عفو ٢٣ يوليو، عفو ٦ أكتوبر. وتكون وفقا لقوائم تحددها مصلحة السجون بقرار من رئيس الجمهورية تتوفر فيها شروط الإفراج الشرطي المنصوص عليها في قانون السجون.

قطاع السجون رهن قرار الداخلية

وقطاع السجون ينفذ قرار العفو، بعد قرار من وزير الداخلية، واعتماده من مجلس الوزراء ووزارة العدل ثم عقب ذلك يتم إرساله إلى رئاسة الجمهورية للتصديق عليه، و يتم تشكيل لجنة من مصلحة السجون والتي تضم ضباطا من الإدارات كالأمن العام، وأمن الدولة، والأموال العامة، لفحص ملفات النزلاء كل على حدة، لتحديد مستحقي العفو ثم يطبق القرار، ويتم متابعتهم بعد ذلك كل في الدائرة أو القسم التابع له.

ثانيا: العفو الشامل:

حسب نص الدستور المصري والدساتير المصرية السابقة لا يصدر العفو الشامل الا بقانون يُقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، كما أن العفو الشامل يشمل المتهمين قبل صدور حكم قضائي طبقا لنص المادة ــ 76 ــ من قانون العقوبات والتي أكدت على أن” العفو الشامل يمنع أو يوقف السير في إجراءات الدعوى أو يمحو حكم الإدانة».

هو تجريد للفعل من الصفة الاجرامية بحيث يصير له حكم الأفعال التي لم يحرمها الشارع أصلا. وبموجب العفو الشامل يزول كل أثر للحكم، وإذا لم يكن قد صدر حكم يمتنع السير في الدعوى الجنائية أو يمتنع تحريك إجراءاتها، فالعفو الشامل هو اذن بمثابة وقف او تعطيل لنص القانون فيما انصل عليه العفو، لذا فهو من اختصاص السلطة التشريعية المختصة بوضع القوانين.

ويتميز العفو الشامل بطابع موضوعي، فهو ينص على جريمة أو مجموعة من الجرائم فيزيل ركنها الشرعي من ثم يستفيد منه جميع المساهمين فيها.

وهو يتميز باتصاله بالنظام العام اذ يقوم على اعتبارات مستمدة من مصلحة المجتمع، ومن ثم لا يجوز للمحكوم عليه رفضه.

ويتميز بعد ذلك بطابعه الجنائي فأثاره تقتصر على الصفة الاجرامية للفعل، ويعني ذلك انه لا شأن له بجوانب الفعل الأخرى، إلا إذا نص قانون العفو الشامل على غير ذلك .

وفي النهاية يتميز بأثر رجعي يعود إلى وقت ارتكاب الفعل وبناء عليه يفترض انه لم تكون لهذا الفعل منذ لحظة ارتكابه صفة إجرامية فقط.

ويتم بموجبه الإفراج عن المحبوسين احتياطيا على ذمة تحقيقات النيابة أو المحاكمة، ويمكن للمحبوس احتياطياً أن يستفيد من العفو الشامل سواء قبل احالة قضيته للمحاكمة أو بعد احالتها وقبل صدور الحكم فيها.

ولا تأثير للعفو الشامل على التنفيذ العقابي الذي تم قبل صدوره فذلك وضع واقعي تحقق بالفعل فلا محل للمساس به وكان وقت إجراءه مطابقا للقانون. [6]

تطبيقا لذلك، فإنه لا يجوز للمحكوم عليه أن يطالب بتعويض عن الأضرار التي اصابته بتنفيذ العقوبة السالبة للحرية فيه قبل صدور قانون العفو الشامل.

ولا يكون العفو العام عن العقوبة إلا في عند وجود حالة تتوفر فيها ظروف سياسية واجتماعية معينة، لا يبرر توقيع هذا العفو لاعتبارات شخصية أو تحقيقا للمجاملة الفردية للمحكوم عليه أو للدولة التي ينتمي إليها، فوفقا للقانون العفو سلطة رئاسية تستهدف تحقيق مصلحة عامة مهمة للبلاد. كما حدث في أعقاب ثورة 25 يناير بالعفو الشامل الذي أصدره الرئيس محمد مرسي وقتها.

وطبقا لنص المادة ــ 156 ــ من الدستور بأنه يجب عرض قرارات العفو الشامل ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوما من انعقاد مجلس النواب الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها مجلس النواب زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار. وهناك شرط قانوني يجب توافره ليمنح المسجون عفوا عن العقوبة وهو أن يكون المتهم حاصلا على حكم بات لا يجوز الطعن عليه.

ويكون العفو الشامل بقانون صادر من رئيس الجمهورية ويوافق عليه مجلس النواب، ويمحو حُكم الإدانة بكل تبعياته ويمكنه كذلك منع أو وقف السير في الدعوى أمام المحاكم.

ويمكن أن يشمل قرار العفو الشامل المحبوسين احتياطيا كما سبق القول في حالة إصدار قانون جديد “يبيح ما كان مُجرماً” وبالتالي يُخلى سبيلهم لزوال أسباب الحبس.

ويقتصر العفو الشامل على العقوبات، فهو لا يمنع من تنفيذ المصادرة المحكوم بها ولا يمس الحقوق المدنية أو التعويضات التي حكم بها لمن أصابه ضرر من الجريمة، وذلك وفقاً للفقرة الثانية من نص المادة سالفة الذكر.

وهناك عدة أمثلة لحالات العفو الشامل في تاريخ مصر أهمها:

1ـ قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 89 لسنة 2012 بالعفو الشامل عن بعض الجرائم المرتكبة أثناء ثورة 25 يناير، والذي تنص المادة الأولى فيه، يعفي عفوا شاملا عن الجنايات والجنح والشروع فيها التي ارتكبت بهدف مناصرة الثورة وتحقيق أهدافها في المدة من 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو سنة 2012 فيما عدا جنايات القتل العمد.

ويشمل هذا العفو المحكوم عليهم أو المتهمين الذين لم تزل قضاياهم في دور التحقيق أو أمام المحاكم بأنواعها.

وتنص المادة الثانية على أن ينشر النائب العام والمدعي العام العسكري في جريدة الوقائع المصرية خلال شهر من نفاذ هذا القانون كشفا بأسماء من شملهم العفو.

وتضمن القرار 8 مواد، حيث نصت المادة السابعة على الا يؤثر العفو الممنوح وفقا لهذا القرار بقانون على أي حقوق مدنية للغير عن الجرائم محل العفو. كما أجاز لمن أغفل اسمه التقدم بتظلم للنائب العام او المدعي العام العسكري، وتشكل لجنة أو أكثر للفصل في التظلمات برئاسة نائب رئيس محكمة النقض وعضوية أحد قضاة محكمة استئناف القاهرة وآخر من المحكمة العليا للطعون العسكرية، وصدر القرار بتاريخ 8 أكتوبر 2012 بتوقيع الرئيس محمد مرسي.

2ـ قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 102 لسنة 1971 بالعفو عن المتهمين عفوا شاملا، ومضمون القرار يوقف السير في إجراءات الدعوى بالنسبة للمدعوة ” سوأن هاريس” والمتهمة في القضية رقم 11/71 أمن دولة عسكرية عليا وصدر القرار بتوقيع الرئيس أنور السادات بتاريخ 10 فبراير 1971.

3 ـ قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم 6 لسنة 1968 بالعفو عن متهمين عفوا شاملا، بعد الاطلاع على الدستور وعلى القانون رقم 15 لسنة 1967 بتفويض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون، وعلى المادة 76 من قانون العقوبات قرر القانون الآتي: بوقف السير في إجراءات الدعاوى بالنسبة كل من مهندس احمد فتحي حسين. 2 ـ عميد متقاعد عبد العزيز إبراهيم غالي. والمتهمين في القضية رقم 89 لسنة 1967 أمن دولة عسكرية عليا. وصدر القانون بتوقيع الرئيس جمال عبد الناصر في أول فبراير 1968.

4ـ مرسوم بقانون رقم 122لسنة 1952 بالعفو الشامل عن بعض الجرائم المنصوص عليها في المادتين 179، 180 من قانون العقوبات والتي تكون قد ارتكبت قبل أعمال بهذا القانون. وصدر المرسوم في 2 أغسطس 1952، ووقع عليه على ماهر بصفته رئيس الوزراء ووزير للداخلية والخارجية، وباقي الوزراء.

5ـ مرسوم بقانون بالعفو الشامل عن بعض الجرائم التي وقعت في المدة من 9 مايو 1936 لغاية 31 ديسمبر سنة 1937. وتنص المادة الأولى من القانون على تنفيذ هذا القانون في الجرائم المنصوص عليها في قانون التجمهر والاجتماعات العامة والانتخاب والمرسوم بقانون رقم 22 لسنة 1929 الخاص بحفظ النظام في معاهد التعليم والمواد 154، 159،160، 162 من قانون العقوبات القديم و177، 184، 185، 188، من قانون العقوبات، وكذلك نص العفو الشامل عما ارتكب في الفترة السابقة من الجرائم المنصوص عليها في بعض المواد بقانون العقوبات القديم، والقانون العقابي الصادر وقتها إذا اقترن ارتكاب تلك الجرائم بالجرائم المنصوص عليها في المادة السابقة والتي وقعت بمناسبة الانتخاب في المدة الموضحة بالمادة المذكورة، كما نص القانون على أن العفو الممنوح بمقتضى المادتين السابقتين لا يؤثر في حقوق الغير الناشئة عن الجرائم العفو عنها. وصدر القانون بتاريخ 10 فبراير 1938 بتوقيع الملك فاروق ووزير الحقانية احمد محمد خشبة، ووزير الداخلية محمد محمود.

العفو من وجهة النظر القضائية:

يتم تعريف العفو في الفقه القانوني بأنه “إنهاء التزام بتنفيذ عقوبة إزاء شخص صدر ضده حكم مبرم بها انهاء كليا أو جزئيا، أو استبدال التزام آخر به موضوعه عقوبة أخرى وذلك بناء على مرسوم يصدر من رئيس الجمهورية.” [7]

وقررت محكمة النقض في أحكامها المستقرة مبدأ قانونيا بخصوص العفو عن العقوبة ومضمون المبدأ:

” إذا كان التماس بالعفو قد حصل وصدر العفو فعلا عن العقوبة المحكوم بها قبل أن يفصل في الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر بالعقوبة، فإن صدور هذا العفو يخرج الأمر من يد القضاء مما تكون معه محكمة النقض غير مستطيعة المضي في نظر الدعوى، ويتعين عليها التقرير بعدم جواز نظر الطعن. [8]

وهذا المبدأ القانوني مستقر في العديد من أحكام محكمة النقض منذ عام 1937، ومع ذلك يشير رأي آخر إلى أن هذا المبدأ محل نظر من جانب عدد من فقهاء القانون.

ومن أثار أعمال هذا المبدأ القضائي تفويت طريقة من طرق الطعن على المحكوم عليه، فضلا عن تعطيل محكمة النقض عن أداء مهمتها، وكلا الأثرين يمثل عدوانا على حق مقرر بنص الدستور، أما الأول فهو حق المتهم في الدفاع عن نفسه أمام القضاء بكل وسيلة قررها القانون، وعلى رأسها حقه في الطعن بالنقض فيما يصدر ضده من أحكام، وأما الثاني فهو استقلال القضاء وحظر تدخل أي سلطة في القضايا، أو في شئون العدالة.

بل إن المبدأ الذي قررته محكمة النقض يمكن أن ينقلب وبالا على المحكوم عليه الذي تقرر العفو عننه، ذلك أن العادة قد جرت على صدور العفو عن العقوبة من رئيس الجمهورية دون طلب او التماس من المحكوم عليه أو ذويه، وقد تعمد السلطة التنفيذية، إذا رأت الكيد للمحكوم عليه ورجح نقض الحكم الذي طعن فيه، والقضاء ببراءته أو تخفيف عقوبته، أن تبادر بإصدار عفو شكلي تخفف به عقوبته بقدر ضئيل فتحمل محكمة النقض بذلك على أن تنفض يدها من طعنه وتقضي بعدم جواز نظره، وبذلك تحرمه من فرصة حقيقية كانت كفيلة بتمكينه من الحصول على البراءة أو على تخفيف حقيقي للعقوبة التي حكم بها عليه . [9]

ورغم تكرار محكمة النقض لتبني هذا المبدأ في عدد كبير من أحكامها على مدار السنين المتعاقبة، حتى أصبح أحد المبادئ الراسخة (بأن صدور قرار العفو يخرج الأمر من يد القضاء مما تكون معه محكمة النقض غير مستطيعة المضي في نظر الدعوى ويتعين عليها التقرير بعدم جواز نظر الطعن).

وهنا تجدر الإشارة إلى أن قرار المحكمة يمسّ العفو الجزئي الذي يترتب عليه فقط إسقاط العقوبة المحكوم بها (كلها أو بعضها) أو تخفيفها ولا يتعلق بالعفو الشامل الذي يؤدي إلى محو الإدانة من الأساس.

إلا أن هذه الوجهة تغيرت حديثا بحكم قضائي آخر، حيث أصدرت محكمة النقض في 25 نوفمبر 2018، حُكماً اعتبرت فيه (أن العفو الجزئي عن استكمال باقي العقوبة المقضي بها والصادر من رئيس الجمهورية لا يمنع من استكمال إجراءات الطعن أمامها)، وهو الأمر الذي يخالف الأحكام السابقة التي دأبت فيها المحكمة على رفض نظر الطعون المقدمة من المتهمين الذين صدرت قرارات بالعفو في حقهم، وذلك على اعتبار أن الأمر قد خرج من يد القضاء.

حيث قضت محكمة النقض “بالاستمرار في نظر الطعن المقدم من أحد المُتهمين بحيازة مخدر الحشيش، على الرغم من أن المتهم كان قد أُفرج عنه بعد شموله بقرار العفو الصادر من رئيس الجمهورية في 23 يوليو 2018 بمناسبة أعياد ثورة يوليو، وكما أوضحنا فإن العفو لا يترتب عليه محو الإدانة. لذلك، اعتبرت المحكمة أن “الطاعن كان يرمي من وراء هذا الطعن أن تقضي له المحكمة بنقض الحكم وإعادة محاكمته سعياً لإبراء ساحته من الاتهام المُسند إليه، وأن مصلحته من وراء هذا الطعن كانت ما تزال قائمة، سيما وأن قرار العفو الصادر من رئيس الجمهورية هو عفو جزئي عن باقي العقوبة المقضي بها وليس عفواً شاملاً”. [10]

ويشير ذلك التحول في طريقة نظر المحكمة إلى طبيعة الآثار المترتبة على قرارات العفو، وضرورة إتاحة الفرصة للمعفو عنهم لإثبات براءتهم أمام قاضيهم الطبيعي.

ووفقاً للسوابق القضائية للمحكمة، “أن أمر العفو عن العقوبة المحكوم بها وإن شملت العقوبات التبعية والآثار الجنائية المترتبة عليها، فإنه على أي حال لا يمكن أن يمس الفعل في ذاته ولا يمحو الصفة الجنائية التي تظل عالقة به”، مما يعني أنه حتى ولو تضمن قرار العفو العقوبات التكميلية كمراقبة الشرطة أو مصادرة الأموال، والآثار الجنائية المترتبة على حكم الإدانة كالحرمان من الوظيفة العامة، تظلّ الصفة الجنائية عالقة لا تُمحى في صحيفة الحالة الجنائية وفي دفاتر المُجرمين المُسجلين في أقسام الشرطة. ففي تلك الحالة لن يتبقى أمام المُعفى عنه إلا اتخاذ إجراءات رد الاعتبار، والتي تعتبر الطريق الوحيد لإزالة تلك الآثار المترتبة على الإدانة، والتي تبدأ بعد ست سنوات من تاريخ حكم الإدانة، مما قد يكلف الكثير من الضرر المادي والمعنوي.[11]

وقالت محكمة القضاء الإداري في حكم لها ( أعلت الوثائق الدستورية المتعاقبة من قدر الحرية الشخصية فاعتبرتها من الحقوق الطبيعية الكامنة في النفس البشرية ومنحتها بذلك الرعاية الأوفى والأشمل توكيدا لقيمتها .لما كانت القوانين العقابية قد تفرض على هذه الحرية ـ بطريق مباشر او غير مباشر ـ اخطر القيود وأبلغ الآثار لذا اشترط الدستور أن يتم توقيعها على الأشخاص استنادا إلى نص تشريعي وبموجب حكم قضائي.

كما أجاز العفو عنها أو تخفيفها رعاية منه لحقوق الأفراد وحرياتهم وحماية لحقوقهم في ضمن حياة كريمة لهم، وبالأولي فإنه إذا ما صدر قرار من السلطة التي اختصها الدستور والقانون بالعفو عن العقوبة المحكوم بها، وتضمن شروطا محددة لهذا العفو تنطبق على أشخاص غير محددين بذواتهم، فحينئذ يتعين أن يطبق على جميع الأشخاص الذين تنطبق عليهم هذه الشروط دون أي استبعاد أو تمييز، فإذا لم يتم العفو عن أي من الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية الذين تنطبق ليهم شروط ومعايير هذا القرار فان هذا يعد قرارا غير مشروع حريا بالإلغاء لتعديه على حق هؤلاء الأشخاص في التمتع بالحرية الشخصية.[12]

وفي أحد القضايا أكدت محكمة القضاء الإداري بطلان القرار الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان يدير شئون الدولة المصرية عقب ثورة 25 يناير، بل واعتبرت قرار العفو الصادر عنه “قرار إداري” تمتد إليه رقابة المحكمة استنادا إلى عدد من النقاط المهمة أهمها:

(بتحليل عناصر القرار المطعون فيه نجد انه يعد قرارا إداريا بامتياز إذا ما وضعنه في الاعتبار ما اضطرد علي الفقه والقضاء من تعريف القضاء الإداري بانه إفصاح من جهة الإدارة عن ارادتها الملزمة في الشكل الذي تحدده القوانين واللوائح بقصد احداث اثر قانوني معين يتمثل في انشاء أو تعديل مركز قانوني معين .

وبتطبيق هذا التعريف على مكونات القرار المطعون فيه نجد أنه قرار صادر من الجهة الادارية وهي في هذه الحالة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة وذلك بقصد انهاء المركز القانوني القائم للمعفو نه وهو كونه يخضع لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية داخل أحد السجون بإنشاء مركز قانوني جديد هو كونه معفي منه طليقا من قيود السجن.

ومن ثم يكون قرار العفو عن العقوبة قد استجمع كافة مقومات القرار الإداري وليس عملا من أعمال السيادة. وليس أدل على ذلك من أن القرار المطعون فيه قد تضمن خلطا بين العفو عن العقوبة والإفراج الشرطي، فإذا كان المعفي عنهم بموجب هذا القرار وفقا لما ذهبت إليه جهة الإدارة هم سجناء سياسيين فلم إذن تم وضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات من تاريخ العفو عنهم وفقا لما ورد في القرار المطعون فيه، فأي خطورة تلك التي يخشي منها على المجتمع من السجين السياسي.

ورأي الحكم أنه نظرا للمخالفات التي شابت القرار خوفا من خضوعه لرقابة المشروعية من قبل القاضي الإداري فلم يكن سوى التذرع بنظرية أعمال السيادة هروبا من تلك الرقابة ونظرية أعمال السيادة بريئة تماما من ان يلصق بها مخالفة جهة الإدارة للقانون والانحراف في استعمال السلطة الممنوحة لها وإصدارها لقرارات تمثل خطرا على كيان الدولة وتهدد السلم والأمن العام بها، الأمر الذي يكون معه الدفع المبدي بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع لتعلقه بعمل من أعمال السيادة دفعا على غير ذي سند صحيح من الواقع والقانون جديرا من ثم بالالتفاف عليه في النهاية .[13]

يجدر بالذكر أن قرارات العفو التي حدثت في عام 2022 منذ تفعيل لجنة العفو، لم تتجاوز 4 قرارات شملت 13 مواطنا، وكلهم صدر عليهم أحكام إما من محاكم أمن الدولة في حالات (حسام مؤنس، هشام فؤاد، احمد سمير سنطاوي، المهندس يحيي حسين) واما قرارات صدر العفو فيها بخصوص نظرتها محكمة النقض فعلا وأيدت أحكامها السابقة وخاصة في قضية احداث مجلس الوزراء.

المبحث الثاني: العفو الرئاسي والمفاهيم القانونية الأخرى

يجب التفرقة بين العفو عن العقوبة أو العفو الشامل وعن بعض النماذج التي تقترب منهما، ونصت عليها القوانين المختلفة منها على سبيل المثال الإفراج الشرطي، والإفراج الصحي، والعفو الصادر عن رئيس الجمهورية بموجب قانون الطوارئ 162 لسنة 1958، وجميعها تصدر وفقا لقرار رئيس الجمهورية، باستثناء الإفراج الصحي الذي يصدر من وزير الداخلية.

1 ـ الإفراج الشرطي:

ونص على هذا النوع قانون تنظيم السجون 396 لسنة 1956 تحت الفصل الحادي عشر باسم “الإفراج تحت شرط[14]

ويطبق هذا النظام القانوني إطلاق سراح المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية ” السجن أو الحبس” قبل قضاء كامل مدة العقوبة المحكوم عليه، بها، إطلاقا مقيدا بشروط معينة، ولا يطبق على الحبس الاحتياطي ولا على الإكراه البدني أو المحبوس بحكم غير نهائي، وتتعلق شروط الإفراج الشرطي في جانبين الأول يتعلق بنوع الجريمة المعاقب عليها، لأن هناك جرائم محرومة بقوة القانون من تطبيق هذه الميزة، والثاني عبارة عن واجبات مفروضة على المحكوم عليه أثناء قضائه مدة العقوبة ليتمتع بهذا النظام.

ويعني الإفراج الشرطي إطلاق سراح المسجون قبل انتهاء مدة عقوبته إذا توافرت شروط معينة، ويكون هذا الإفراج معلقا على شرط يتمثل في إخلال المحكوم عليه بالتزامات معينة يفرضها عليه القانون، فإذا تحقق هذا الشرط كان ذلك قرينة على عدم جدارة المحكوم عليه بالإفراج، وذلك يقرر القانون إعادته إلى المؤسسة العقابية مرة أخرى ليمضي فيها ما بقي من فترة العقوبة.

ويبرر الأخذ بهذا النظام أن الإفراج عن المحكوم عليه قبل انتهاء مدة العقوبة إذا كان سلوكه حسنا يدفع المحكوم عليه إلى سلك السبيل السوي والقويم أغلب فترة العقوبة سعيا وراء الإفادة من هذا النظام.

من ناحية ثانية فان فرض التزامات معينة على المحكوم عليه بعد الإفراج عنه إفراجا شرطيا، وكون استمرار هذا الإفراج معلقا على وفائه بهذه الالتزامات، التي تتمثل في اتخاذ مسلك مطابق للقانون يجعل المفرج عنه حريصا على احترام القانون حتى لا يتعرض لإلغاء الإفراج والعودة إلى السجن مرة أخرى.

من ناحية ثالثة، فإن فترة الإفراج الشرطي تسهم باعتبارها نوع من المعاملة العقابية في تحقيق تكييف المحكوم عليه مع المجتمع؛ إذ تعتبر فترة انتقال من سلب الحرية إلى الحرية الكاملة، ففي خلال فترة الإفراج الشرطي ينتقل المحكوم عليه من سلب الحرية المطلق في ظل المؤسسة العقابية إلى نوع من الحرية المقيدة. فيمثل هذا نوعا من التدرج في ممارسته لحريته حتى لا يدفعه انتقاله من القيود الشديدة للحرية الكاملة إلى إساءة استعمالها والعودة إلى ارتكاب الجريمة.

1 ـ وأهم شروط الإفراج الشرطي شرط المدة، إذ تتطلب اغلب التشريعات العقابية قضاء المحكوم عليها فترة معينة من مدة العقوبة المحكوم بها عليه في المؤسسة العقابية قبل أن يتقرر الإفراج عنه إفراجا شرطيا، وتتمثل هذه المدة نسبة معينة من مدة العقوبة، وتختلف التشريعات في تحديدها، وكان يحددها القانون المصري بثلاثة ارباع المدة “المادة 52″، الا انه عدل نص هذه المادة لاحقا إلى نصف المدة.

وقد حددت التشريعات حدا أدنى لا يجوز الإفراج الشرطي عن المحكوم عليه قبل مضيه حتى ولو كان يتجاوز النسبة التي حددها القانون، حيث حددها القانون المصري بتسعة أشهر (م 52/2 من قانون تنظيم السجون) ويترتب على الاخذ بنظام الحد الأدنى عدم إمكان تطبيق نظام الإفراج الشرطي عندما تكون العقوبة المحكوم بها قصيرة المدة، وذلك ضمانا لتحقيق العدالة والردع العام بالإضافة إلى الردع الخاص.

2 ـ الشرط الثاني أن يكون سلوك المحكوم عليه قويما أثناء وجوده في المؤسسة العقابية بحيث يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه، وقد نصت على هذا الشرط المادة 52 المشار إليها، ويكون التحقق من هذا الشرط على القائمين على إدارة المؤسسة العقابية عن طريق ملاحظة سلوك المحكوم عليها ومدى علاقاته بزملائه، ومدى حرصه على النظام واستجابته للمعاملة العقابية. ويعتبر هذا الشرط وسيلة لتفريد المعاملة العقابية بين المحكوم عليهم فيميز بين المحكوم عليهم حسني السلوك، والمحكوم عليهم سيئي السلوك. بمنح الأولين الإفراج الشرطي كنوع من المكافأة على حسن سلوكهم دون الآخرين.

3 ـ ألا يهدد الإفراج الأمن العام: والغالب أن توافر الشرطين السابقين يعني تحقق هذا الشرط، لأن المحكوم عليها الذي يمضي المدة المحددة قانونا قبل إمكان الإفراج عنه، والذي تثبت دراسة سلوكه أنه ينتهج السبيل القويم، يغلب على الظن أن إطلاق سراحه لن يهدد الأمن العام بينما قد وضع المشرع الفرنسي معيارا ماديا للتأكد من توافر هذا الشرط حيث تطب أن يثبت المحكوم عليه وسائل منتظمة لمعيشته.

4 ـ أن يكون قد أوفى بالتزاماته المالية، التي قضت بها المحكمة الجنائية طالما ان في استطاعته الوفاء بها. ويستوي أن تكون هذه الالتزامات قبل الأفراد أو قبل الدولة، وهي تشمل الغرامة والتعويض والمصاريف القضائية، أما إذا كان عدم الوفاء بالالتزامات المالية راجعا إلى استحالة الوفاء بها نتيجة لإعسار المحكوم عليه فان المشرع لا يحرمه من الإفراج في هذه الحالة على أساس أن عدم الوفاء بالالتزامات يرجع إلى أسباب خارجة عن ارادته (م 56 من ق تنظيم السجون).

5 ـ رضاء المحكوم عليه، يثور التساؤل حول مدى اعتبار رضاء المحكوم عليه شرطا ضروريا لإمكان الإفراج عنه قبل انتهاء مدة عقوبته، ولا يؤيد بعض الفقهاء هذا النظر ويرجع هذا الرأي إلى عدة أسباب منها:

ـ أن رضاء المحكوم عليه لا يصح ان يكون شرطا لمنحه الإفراج الشرطي، لأنه يعتبر أسلوبا من أساليب المعاملة العقابية يطبق على المحكوم عليها بهدف تأهيله وتحقق تكييفه مع المجتمع والتدريج به من سلب الحرية إلى الحرية المقيدة قبل حصوله على الحرية الكامل حتي يتحقق الردع الخاص على أحسن نحو، وحتى لا يحدث الانتقال المفاجئ من السلب الكلي للحرية إلى الحرية المطلقة، رد فعل عنيف قد يصل إلى حد العودة لارتكاب الجريمة. وإذا كان التأهيل هو الهدف من نظام الإفراج الشرطي، فانه لا يجوز تعليقه على رضاء المحكوم عليه، إذ يعني ذلك ترك تقدير ملاءمة أساليب التأهيل لكل محكوم عليه على حدة وهو ما لا يجوز.

ـ واستثنى القانون المصري بعض الجرائم من تطبيق الإفراج الشرطي عليها حيث نصت المادة 86 من اللائحة الداخلية للسجون على أنه ” لا يجوز الإفراج تحت شرط عن المحكوم عليه في الجرائم المضرة بأمن الحكومة في الداخل والخارج المنصوص عليها في البابين الأول والثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وكذا المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة أو السجن في جرائم القتل العمد المنصوص عليها في المادة 234 فقرة ثانية من قانون العقوبات وجرائم التزييف والقبض على الناس دون وجه حق والسرقة وتهريب النقد وجرائم المخدرات عدا جرائم التعاطي بغير قصد الاتجار، إلا بعد أخذ رأي جهات الأمن المختصة) .

كما أستثنى أيضا جرائم المفرقعات والرشوة وجنايات التزوير والجرائم الخاصة بتعطيل المواصلات والجنايات المنصوص عليها في القانون الخاص بالأسلحة والذخائر وجنايات الكسب غير المشروع والجرائم المنصوص عليها بقانون البناء، وكذلك جرائم العسكريين كما نصت المادة 27 من لائحة السجون، كما أن اللائحة تشترط الموافقات الأمنية في جرائم معينة كالقتل العمد والتزييف والسرقة وتهريب النقد والقبض على الناس بغير حق.

وجرائم الأموال الخاصة بالشركات المساهمة والجرائم المنصوص عليها فى قانون الطفل وجرائم غسيل الأموال، وزرع الأعضاء البشرية والإتجار فيها وتخريب المنشآت، طبقاً للحالات الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

كذلك لا ينطبق العفو الرئاسي على الجرائم المنصوص عليها في قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها.

ويجوز إلغاء الإفراج الشرطي ويكون بقرار ممن أصدره وهو مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون بناء على طلب رئيس النيابة في الجهة التي بها المفرج عنه، ويجب أن يبيّن في الطلب الأسباب المبررة له” وألا كان القرار باطلا. (المادة 59 من قانون تنظيم السجون). فإذا خالف المفرج عنه الشروط التي وضعت للإفراج ولم يقم بالواجبات المفروضة عليه ألغي الإفراج عنه وأعيد إلى السجن ليستوفي المدة الباقية من العقوبة المحكوم بها عليه.

الوضع القانوني للمفرج عنه إفراجا شرطيا:

وضع المفرج عنه تتولد عنه عدة حقوق ويلتزم بمقتضاه ببعض الالتزامات، فالحقوق تتمثل في تلقي المساعدة من الدولة حتى يتم تأهيله وتمكينه من الاندماج من جديد في المجتمع، وأما الالتزامات فتتمثل في بعض القيود التي يفرضها القانون على المفرج عنه حتى يتسنى للدولة الاشراف عله ومراقبة سلوكه خلال فترة الإفراج.

من أمثلة ذلك ما نصت عليه المادة 57 من قانون السجون من أنه “يصدر بالشروط التي يرى إلزام المفرج عنهم تحت شرط مراعاتها قرار من وزير العدل، وتبين بالأمر الصادر بالإفراج تحت شرط الواجبات التي تفرض على المفرج عنه من حيث محل اقامته وطريقة معيشته هو ضمان حسن سيره” وقد نص قرار وزير العدل الصادر سنة 1958، على أنه وجوب مراعاة المفرج عنه عدة شروط وهي : (حسن السير والسلوك، وألا يتصل بذوي السيرة السيئة، أن يسعى بجدية للتعيش من عمل مشروع، الإقامة في الجهة التي يختارها ما لم تعترض جهة الإدارة على تلك الجهة، ألا يغير محل إقامته بغير إخطار جهة الإدارة مقدما، وعليه تقديم نفسه لجهة الادارة في البلد الذي ينتقل إليه فور وصوله، وأن يقدم نفسه لجهة الإدارة التابع لها محل اقامته مرة واحدة كل شهر في يوم يحدد لذلك .”يتفق وطبيعة عمله” ويعيب النص المصري أنه رغم جانب الالتزامات التي فرضها على المفرج عنه لم يقرر مساعدته على إمكان التكيف مع المجتمع .

وينتهي الإفراج الشرطي بأحد سببين، إما إخلال المفرج عنه بالتزاماته فيلغي الإفراج الشرطي، وإما مضى مدة الإفراج دون إخلال بهذا الالتزامات، حيث يتحول إلى إفراج نهائي. (م 59 قانون تنظيم السجون).

ومع ذلك فان إلغاء الإفراج لا يمنع من الإفراج مرة ثانية عن المحكوم عليه إذا تحققت شروطه مرة أخرى. ويراعي في هذه الحالة قضاء المحكوم عليه في المؤسسة العقابية المدة المطلوبة لجواز الإفراج الشرطي على أساس أن المدة المتبقية من العقوبة تعتبر عقوبة قائمة بذاتها، وقد نصت على ذلك المادة 63 من قانون السجون المصري.

أما إذا مضت مدة الإفراج الشرطي دون إخلال المفرج عنه بالالتزامات المفروضة عليه، فإنه يتحول إلى إفراج نهائي وتنتهي الالتزامات المفروضة على المفرج عنه، ولا تستطيع الإدارة العقابية أن تلغي الإفراج أو تعيد المفرج عنه إلى المؤسسة العقابية.[15]

الإفراج الشرطي في أحكام القضاء:

وقد حددت محكمة القضاء الإداري في عدد من أحكامها بعض المبادئ القضائية الخاصة بهذا النوع من الإفراج استنادا إلى نص المادة 53 من قانون السجون التي تقضي بأن يكون الإفراج تحت شرط بأمر من مدير عام السجن طبقا للأوضاع الداخلية، ونص المادة 63 من القانون على أن ” للنائب العام النظر في الشكاوى التي تقدم بشأن الإفراج تحت شرط وفحصها واتخاذ ما يراه كفيلا برفع أسبابها. وتأتي أهم هذه المبادئ:

أولا : أن المنوط به الإفراج تحت شرط هو مدير عام السجون وليس النائب العام الذي يقتصر اختصاصه على النظر في الشكاوى أو التظلمات التي تقدم من المحكوم عليهم واتخاذ ما يلزم بشأنها وليس بلازم أن يلجا المحكوم عليه بالشكوى إلى النائب العام في حالة عدم استجابة مدير عام السجون لطلب الإفراج تحت شرط، وانما يحق له اللجوء إلى القضاء مباشرة للطعن في القرار السلبي او الإيجابي الذي يصدر عن مدير عام السجون في هذا الشأن، ولا جدال في أن ما يصدر عن مدير عام السجون في هذه الحالة بطبيعة الحال قرار اداري يخضع لرقابة المشروعية التي تمارسها محاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية ” الأمر الذي ضحى معه الدفع المبدي من الجهة الإدارية بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائيا بنظر النزاع في غير محله ولا يعتد به ويتعين رفضه.

حيث أيدت المحكمة قرار مدير عام السجن بعدم الإفراج استنادا إلى أن المحكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤبد في جريمة الاتجار بالمخدرات، حيث حظر المشرع الإفراج الشرطي في جرائم المخدرات عدا جرائم التعاطي المنصوص عليه في المادة 37 من القانون 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات.[16]

وقد طرأت عدد من التعديلات على قانون السجون ولائحته التنفيذية في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بالإفراج الشرطي وبعضها كان سلبيا إلى حد كبير، حيث تناولت هذه التعديلات المادة 52 من قانون السجون 356 لسنة 1956 على النحو التالي:

ـ التعديل الأول بجواز الإفراج تحت شرط عن كل محكوم عليه نهائيا بعقوبة مقيدة للحرية بشرط أن يمضي في السجن ثلثي مدة العقوبة وكان سلوكه يدعو إلى الثقة، ما لم يكن في الإفراج عنه خطورة على الأمن العام وذلك بموجب القانون 49 لسنة 2014 في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور.

ـ وفي عام 2018 صدر تعديل ثاني بموجب القانون 6 لسنة 2018، على المادة 52 السابق ذكرها حيث (قلل شرط مضى ثلثي العقوبة إلى نصفها) الا انه أضاف شرطا جديدا بعدم جواز أن تقل المدة التي قضاها المحكوم عليه في السجن عن ستة أشهر، وفي حال كانت العقوبة بالسجن المؤبد فلا يجوز الإفراج تحت شرط إلا إذا كان المحكوم قضي عشرين سنة على الأقل في السجن.

ـ التعديل الثالث كان بموجب القانون 19 لسنة 2020 حيث تم إضافة مادة جديدة برقم 52 مكرر، والتي استثنت عدد من الفئات من قرار أحكام الإفراج تحت شرط والتي ارتكبت جرائم في القانون 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر، والقانون 182 لسنة 1960 الخاص بمكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها، والاتجار فيها، وقانون مكافحة غسل الأموال 80 لسنة 2002، وقانون 94 لسنة 2015 الخاص بمكافحة الإرهاب.

ويشير إضافة بعض الأنواع من الجرائم ذات الطبيعة السياسية والتي لا يجب أن يقوم القانون بتجريمها إلى تطور سلبي بحرمان المحكوم عليهم في هذه القضايا وهي ذات طبيعة سياسية من هذه الميزة، فمهمته القانون بالأساس تنظيم هذه الحقوق حسب نصوص الدستور الذي اقر الحق في التظاهر السلمي بالإخطار، والتجمهر يمثل نوعا من التظاهر وكثيرا من المحاضر توجه للمتظاهرين تهما بمخالفة قانون التجمهر ويتم احالتهم إلى النيابة بموجب هذا القانون، وبدورها تحيلهم للمحاكمة بنفس الإحالة، كما أن قانون الإرهاب يتضمن تعريفا فضفاضا لمفهوم الإرهاب بما يسمح بإحالة مئات السياسيين إلى المحاكمة بتهمة الإرهاب.

2 ـ الإفراج الصحي:

وجاء النص عليه بموجب المادة 36 من قانون السجون السابق الإشارة إليه، حيث أوكل لمساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون وموافقة النائب العام إصدار قرار بالإفراج الصحي عن المحكوم عليه في حالة إصابته بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزا كليا بعد عرض أمره على مدير إدارة الخدمات الطبية للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه.

ويتعين على جهة الإدارة التي يطلب المفرج عنه الإقامة في دائرتها عرضه على طبيب الصحة لتوقيع الكشف الطبي عليه كل ستة أشهر وتقديم تقرير عن حالته يُرسل إلى مصلحة السجون لتتبين حالته الصحية توطئةً لإلغاء أمر الإفراج عنه إذا اقتضى الحال ذلك.

ويجوز لمساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون ندب مدير إدارة الخدمات الطبية للسجون والطبيب الشرعي للكشف على المفرج عنه لتقرير حالته الصحية كلما رؤي ذلك

ويعاد المسجون الذي أُفرج عنه طبقاً لما سبق إلى السجن لاستيفاء العقوبة المحكوم بها عليه بأمر من النائب العام إذا تبيّن من إعادة الفحص التي يجريها الطبيبان المذكوران الأسباب الصحية التي دعت إلى هذا الإفراج قد زالت، ويجوز إعادته أيضاً بأمر من النائب العام إذا غيّر محل إقامته دون إخطار الجهة الإدارية التي يقيم في دائرتها.

وتستنزل المدة التي يقضيها المريض المفرج عنه خارج السجن من مدة العقوبة.[17]

ويلاحظ أن اللجوء لهذه الآلية يكون نادرا جدا في النظام القانوني المصري وقرارات مصلحة السجون، رغم عشرات الطلبات المقدمة لها بالإفراج الصحي عن المحكوم عليهم، في ظل معاناتهم من أمراض مزمنة، بالإضافة إلى كبر سنهم، وبالرغم من تزايد حالات سوء الرعاية الصحية والوفيات داخل السجون المصرية.

3 ـ قرار العفو عن العقوبة أو الغائها أو تخفيفها أو حفظ الدعوى بموجب حالة الطوارئ:

أعطى قانون الطوارئ 162 لسنة 1958 عددا من الصلاحيات لرئيس الجمهورية بموجب فرض حالة الطوارئ، وهي تتناول الأحكام الصادرة على المحكوم عليهم أثناء فرض حالة الطوارئ التي تتم بقرار رئيس الجمهورية بموجب المادة 154 من الدستور. حيث تعطي المواد من (13،14،15) من القانون لرئيس الجمهورية على النحو التالي:

ـ جواز حفظ الدعوى قبل تقديمها إلى المحكمة.

ـ جواز القيام بالأمر بالإفراج المؤقت عن المتهمين المقبوض عليهم قبل إحالة الدعوى إلى محكمة أمن الدولة.

ـ عند عرض الحكم علي رئيس الجمهورية، يجيز له تخفيف العقوبة المحكوم بها أو ابدالها بعقوبة أقل منها أو إلغاء كل العقوبات أو بعضها أيا كان نوعها أصلية أو تكميلية أو تبعية، أو وقف تنفيذ العقوبات كلها أو بعضها، أو إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى أو مع الأمر بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى وفي هذه الحالة الأخيرة يجب أن يكون القرار مسببا.

فإذا صدر الحكم بعد إعادة المحاكمة قاضيا بالبراءة وجب التصديق عليه في جميع الأحوال وإذا كان الحكم بالإدانة جاز لرئيس الجمهورية تخفيف العقوبة أو وقف تنفيذها أو إلغاؤها وفق ما هو مبين في الفقرة الأولى أو إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى.

ـ بعد التصديق على الحكم بالإدانة يجوز لرئيس الجمهورية إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى أو تخفيف العقوبة أو وقف تنفيذها وفق ما هو مبين في المادة السابقة، وذلك كله ما لم تكن الجريمة الصادرة فيها الحكم جناية قتل عمد أو اشتراك فيها.

المبحث الثالث: نشأة لجنة العفو الرئاسي بمرحلتيها الإثنين

انشاء لجنة العفو ـ المرحلة الأولى:

كان عبد الفتاح السيسي قد وجه بتشكيل لجنة العفو الرئاسي في مؤتمر الشباب الأول الذي أنعقد بشرم الشيخ في أكتوبر 2016. وتم تشكيلها من 5 أعضاء، هم (الدكتور أسامة الغزالي حرب، ونشوى الحوفي، ومحمد عبد العزيز، والنائب طارق الخولي، وكريم السقا).

وهذه اللجنة ذات طابع استشاري لا تملك أي سلطة قانونية، وهذا ما أشار إليه أحد أعضاء اللجنة بأن اللجنة لا تملك إصدار القرارات وليس للجنة إصدار قرار عفو رئاسي لأن ذلك خاص برئيس الجمهورية”.[18]

ومهمة اللجنة حبس التوجيه الرئاسي بحث حالات الشباب، الذين لم يتورطوا في عنفٍ أو ترويع مواطنين أو تخريب مؤسسات، إلى جانب من سبق إدانتهم بجرائم تندرج تحت مسمى ارتكاب جناية يعاقب عليها القانون أياً كانت دوافعها، ويمكن أن يخرج أصحابها بالعفو الرئاسي.

وتتولى إعداد قوائم بترشيح أسماء معينة وتقديمها لمؤسسة الرئاسة بشأن إصدار عفو للأسماء التي تضمها القائمة، وذلك بعد توصية مؤتمر الشباب الأول، كما تتولى اللجنة أيضا إعداد قوائم تضم المحبوسين على ذمة قضايا ولم يصدر بشأنهم أحكام.

ومن الواضح أن تشكيل اللجنة ركز على الطابع السياسي والشبابي، والمجموعة الأولى من أعضائها ممن جرى اعتبارهم من ذوي الخبرة مثل د. أسامة الغزالي حرب وهو خبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام، ورئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، وهو مقرب من نظام السيسي، ونشوى الحوفي وهي صحفية وكاتبة بجريدة المصري اليوم ومؤيدة بشكل كبير للنظام، ومعادية في نفس الوقت لجماعة الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي بشكل عام، وجاءت المجموعة الثانية باعتبارها عناصر شبابية مؤيدة لنظام ما بعد 30 يونيو ، و هم محمد عبد العزيز القيادي بجبهة ” تمرد ” التي أسست قبل مظاهرات 30 يونيو وملأت استمارات لسحب الثقة من الرئيس الأسبق محمد مرسى والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتولى عبد العزيز لاحقا عضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان، وعضوية مجلس النواب ضمن القائمة التي دعمها النظام باسم “تحيا مصر”، و العضو الثاني هو طارق الخولي المنسق السابق لحركة 6 إبريل ” الجبهة الديمقراطية” وهي جبهة منشقة عن حركة 6 إبريل، وتولى لاحقا عضوية مجلس النواب ووكيل لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس.

وهناك عدد من الملاحظات على قرار إنشاء اللجنة:

ـ أنه لم يصدر قرار رسمي من رئيس الجمهورية بإنشاء هذه اللجنة يتضمن وضع مهام وصلاحيات معينة لها، وهيكل تنظيمي محدد لأعضائها في متن القرار.

فقد أعلن عن تشكيل اللجنة من خلال المكتب الإعلامي لرئيس الجمهورية عقب انتهاء فعاليات المؤتمر الأول للشباب، ولم يصدر بتشكيلها قرار جمهوري يضمن لها الشخصية الاعتبارية ويحدد المهام والصلاحيات الخاصة بها بدقة، قارن هذا بقرار رئيس الجمهورية رقم 187 لسنة 2014 بتشكيل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، والتي تحدد نوعية الأعضاء، واختصاصات اللجنة، وأمانتها الفنية، ومواعيد اجتماعاتها، ولجانها الفرعية وكيفية تشكيلها، ووظيفة اللجنة ولمن تقدم تقاريرها، أو قرار تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني الذي ضم 19 عضوا إلى جانب المنسق العام والمنسق الإداري، وعشرات اللجان التي صدر بها قرار جمهوري.

ـ لم تضم اللجنة في عضويتها أشخاص من الجهات الرسمية في الدولة والمختصة بالجوانب القانونية والاشراف على السجون حتى لو بدون تصويت، سواء من وزارة الداخلية أو مصلحة السجون التابعة لها ولا من وزارة العدل.

وإذا كان ذلك يضمن للجنة أكبر قدر من حرية الحركة، لكنه في ذات الوقت لا يسهم في امداد اللجنة بالمعلومات والبيانات اللازمة لسير عملها.

بالتالي اعتمدت اللجنة في مرحلتيها الأولى والثانية على اجتهادات أعضائها وتوجهاتهم والتكليف الرئاسي بإصدارها.

ـ كما وجهت بعض الانتقادات لتشكيل اللجنة بسبب عدم وجود عناصر حقوقية أو قانونية ضمن عضويتها باعتبارها الأجدر بهذه المهمة، سواء تابعة للمجلس القومي لحقوق الإنسان أو من المنظمات الحقوقية المستقلة. خاصة أن فحص حالات المحكوم عليهم يتطلب الالمام بالتشريعات الحاكمة لحالات القبض والاحتجاز، وفي مقدمتها قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية وقانون تنظيم السجون ودرجات التقاضي والنظام القانوني للعفو وحالات استحقاقه في التنظيم القانوني المصري، كما لم تتم الاستعانة بالخبرات الوطنية والحقوقية في مجالات الرصد والتوثيق والتقصي حتى يمكن تكوين قاعدة معلومات عن الأوضاع القانونية للمطلوب العفو عنهم وبحث حالاتهم وأوضاعهم المعقدة والمتشابكة.

ـ هناك ملاحظة أخرى مهمة بأن عدد أعضاء اللجنة غير كاف للقيام بالاختصاصات الازمة لتنفيذ غاياتها، بالنظر إلى حجم المهام او الأعباء الملقاة على عاتقها، وفي ضوء قلة الموارد البشرية والمادية والفنية، فأعضاء اللجنة ليسوا متفرغين لهذ المهمة. [19]

وجاء تشكيل هذه اللجنة في أعقاب المؤتمر الأول للشباب الذي دعت إليه الدولة، لإظهار اهتمام النظام بسماع رأي الشباب، في نفس الوقت الذي تزايدت الأصوات بعد 30 يونيو لإعادة النظر في أوضاع المحكوم عليهم في قضايا التظاهر والتجمهر في الأحداث التي شهدتها مصر خلال الفترة من 2013 ـ 2015. وفيما يبدو أنه استجابة لهذه المطالب أعلن رئيس الدولة في هذا المؤتمر الذي عقد في 27 أكتوبر 2016 عن تشكيل لجنة لفحص حالات المحكوم عليها، وفي الأول من نوفمبر تم الإعلان عن تشكيل لجنة العفو الرئاسي عن المحبوسين على ذمة قضايا التظاهر والتجمهر. بتكوينها المشار إليه. وبدأت اللجنة عملها في 5 نوفمبر 2016. ووفقا لما تناولته الصحف وقتها فان اللجنة تكون مختصة بفحص حالات الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، وهو أمر محل نظر لأنه لا يمكن إخلاء سيبل الشباب المحبوسين على ذمة قضايا الا عبر قرارات من النيابة العامة في حال حبسهم احتياطيا على ذمة قضية ما وهو ما تسبب لاحقا في اثارة انتقادات النيابة العامة في هذا الآن كما سنرى. أو سلوك طريق العفو الشامل الذي يتطلب إصدار قانون من مجلس النواب.

آلية عمل اللجنة:

يمكن الإشارة إلى أن أهم آلية لعمل اللجنة هي تلقي الشكاوي والطلبات من ذوي المحكوم عليهم والمحبوسين، ومن لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، والمجلس القومي لحقوق الإنسان والأحزاب والمنظمات العاملة في المجال الحقوقي، التي بدورها تتلقاها من أسر السجناء.

وأسهمت اللجنة في المرحلة الأولى بالخروج بأربعة قوائم صدر العفو عنهم بقرارات عفو من رئيس الجمهورية على النحو التالي:

ـ القائمة الأولى صدرت برقم 515 لسنة 2016 بتاريخ 17 نوفمبر 2016 وضمت 82 شخصا تم العفو عنهم.

وكان معظمهم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين سن 19 سنة إلى 33 سنة ومن بينهم عدد من طلبة الجامعات.

ـ القائمة الثانية صدرت برقم 119 لسنة 2017 بتاريخ 12 مارس 2017، وضمت 203 شخصا تم العفو عنهم وهم صادر بحقهم أحكام قضائية نهائية في قضايا “تجمهر وتظاهر”، حيث تضمن القرار الإعفاء عن العقوبة الأصلية، وما تبقى منها، والعقوبة التبعية، وحالات صحية ليسوا شباباً، وعددهم 5 مسجونين.

ـ القائمة الثالثة وكانت أكبرهم من حيث العدد وصدرت بقرار رئيس الجمهورية رقم 288 لسنة 2017 بتاريخ 21 يونيو 2017، وضمت 502 شخصا أي بلغ اجمالي من تم العفو عنهم من محكوم عليهم عدد 787 شخصا خلال عامين.

وهي القائمة الثالثة التي أعدتها لجنة العفو بمناسبة عيد الفطر المبارك. كما يذكر أن هذه القائمة تضمنت العفو أيضا عن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى تحت رقم (33) وكان محكوما عليه بالمؤبد لاتهامه بالتحريض على جريمة قتل اللبنانية سوزان تميم في دولة الامارات بتحريض أحد رجال الشرطة السابقين على قتلها، وهي قضية شهيرة حدثت عام 2009، وقد صدر قرار عفو لاحقا على المتهم الثاني محسن السكري في القضية. وهذا يعطينا فكرة عن كيفية استخدام ألية العفو الرئاسي في الإفراج عن رجال الأعمال والشرطة المحكوم عليهم في قضايا جنائية.

كما تضمنت القائمة 25 سيدة وفتاة وعدد كبير من الشباب المحبوسين على ذمة قضايا تظاهر وتجمهر، وضمت قائمة المفرج عنهم، عدداً من الحالات الصحية ممن قضى ثلاثة أرباع المدة، كما شمل العفو عن ١٧٥ شابا أقل من ٣٠ عاماً، و٨ من اساتذة الجامعات، و٣ من المحامين و٥ من المهندسين.

ـ القائمة الرابعة صدرت بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 219 لسنة 2018، وضمت العفو عن العقوبة الاصلية أو ما تبقى منها، وعن العقوبة التبعية المحكوم بها على عدد 331 محكوم عليه. وصدرت بتاريخ 15 مايو 2018. ليصل عدد المعفو عنهم في هذه المرحلة إلى 1118 محكوما عليه.

وبمراجعة هذه القوائم سنجد أنها تضمنت فيها العديد من الحالات بتهمة الانتماء لجماعة محظورة، أو مقاومة السلطات، وتتضمن جرائم الحرق، واستعراض القوة، واقتحام مقار شرطية، وتخريب ممتلكات عامة، وحريق مقار تابعة للنيابة العامة، وكان أعضاء اللجنة وقتها أشاروا إلى أن العفو لن يمتد إلى الشباب المتورط في أحداث العنف أو القتل أو الإرهاب؛ أو حتى المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين.

وبعد عام من التجميد غير المعلن للجنة منذ هذه القائمة الأخيرة، إلا أنه تم رصد وجود قائمة أخرى صدر فيها عفو رئاسي عام 2019 بموجب القرار رقم 232 لسنة 2019 بالعفو الرئاسي عن 560 محكوم عليهم، وهو القرار المنشور بالجريدة الرسمية في عددها رقم (20 تابع)، والمعمول به منذ تاريخ صدوره، الخميس 16 مايو 2019. ويعد أبرز المفرج عنهم طبقاً لقرار العفو الكاتب والصحفي «عبدالحليم قنديل» والمحكوم عليه في القضية المعروفة إعلامياً بـ «إهانة القضاء» برقم 478 لسنة 2014 جنح السيدة زينب، مدون بجانب اسمه “حالة مرضية”.

وتضمن القرار أيضا العفو عن 13 متهماً محكومين بأحكام سجن بالقضية رقم 12749 لسنة 2013 جنايات كرداسة والمعروفة إعلامياً بـ«مذبحة كرداسة»، وهي القضية التي رفضت محكمة النقض فى 17 سبتمبر 2019 طعن 135 متهماً على ذمتها.

كما شمل العفو 15 فتاة، ينتمين لجماعة الإخوان المسلمين الأبرز بينهن 8 فتيات، حكم عليهم ضمن القضية رقم 4337 جنايات قسم أول دمياط لسنة 2015، والمعروفة إعلاميا باسم «بنات دمياط
“وهن آية عصام الشحات عمر، خلود السيد محمود السيد الفلاحجي، فاطمة محمد عياد، حبيبة حسن شتا، سارة محمد رمضان على إبراهيم، إسراء عبده على فرحات، فاطمة عماد الدين على أبو ترك، مريم عماد الدين على أبو ترك المدون أسماءهم بالقائمة من قم 243 ـ 250.

وكانت الدائرة الثالثة بمحكمة جنايات دمياط قد قضت في 25-سبتمبر 2018، بالسجن 10-سنوات لـ3 فتيات من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين و3 سنوات لـ9 أخريات وسنتين لـ4 رجال في القضية التي عرفت إعلامياً بقضية “بنات دمياط”، وتعود تفاصيل القضية لعام 2015 عندما تم إلقاء القبض على 16 فتاة أثناء تنظيمهم مظاهرة، بالمخالفة للقانون، بشارع التحرير، بمدينة دمياط، وصدر الحكم برئاسة المستشار محمد رفعت المساح، وعضوية المستشارين والمستشار رفعت اللواء والمستشار محمد بده.[20]

المرحلة الثانية للجنة ـ إبريل 2022:

بعد تجميد طوال 4 سنوات لنشاط اللجنة بصدور آخر قرار للعفو أسهمت فيه اللجنة، أعلن رئيس الجمهورية ضمن مناسبة إفطار الأسرة المصرية الذي عقد في شهر رمضان الماضي يوم الثلاثاء 26 إبريل، إعادة تشكيل اللجنة بضم كل من كمال أبو عيطة القيادي بحزب الكرامة ووزير القوى العاملة الأسبق والمحامي المعروف طارق العوضي، وجاءت خطوة إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي وتوسيع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني. بحضور عدد من المسؤولين والوزراء والشخصيات العامة، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وبعض رموز المعارضة المدنية ومن أبرزهم حمدين صباحي المرشح الرئاسي الأسبق ومؤسس حزب الكرامة وخالد داود الصحفي ورئيس حزب الدستور الأسبق بعد خروجه من حبس احتياطي أستمر طوال عامين،

كما دعا خطاب رئيس الجمهورية إلى ما أسماه (الحوار الوطني) مع القوى السياسية الأخرى مكلفا إدارة مؤتمر الشباب بوضع تصور لهذا الحوار.

وجاءت هذه الخطوة في ظل ضغوط دولية متصاعدة على النظام المصري فيما يتعلق بانتهاكات ملف حقوق الإنسان في مصر، واستمرار الاف المحبوسين في السجون بقرارات حبس احتياطي ونشوء ظاهرة التدوير لهؤلاء السجناء على عدة قضايا مختلفة بنفس الاتهامات التي لا تخرج عن نشر معلومات كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والانضمام إلى جماعة إرهابية.

وفي ظل تنديد المنظمات الدولية غير الحكومية والمحلية بأوضاع حقوق الإنسان والعمل على ممارسة الضغوط على الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان أوربا الغربية لاستخدام علاقاتها الاقتصادية والسياسية للضغوط باتجاه اصلاح أوضاع حقوق الإنسان.

وجاءت أيضا كجزء من محاولات الإدارة المصرية للتعامل مع هذه الضغوط بدأت بإصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في سبتمبر 2021، ووقف مد حالة الطوارئ في أكتوبر من نفس العام ورغم أن الاستراتيجية اقل كثيرا من طموحات المصريين، كما أنها تحمل الشعب المصري مسئولية غياب الوعي بهذه الحقوق الا انها غابت عن التطبيق بشكل كامل ولم تشهد أي محاولات لتفعيلها من خلال مجلس النواب أو غيره من الآليات الأخرى.

بينما يرجع بعض أعضاء لجنة العفو أسباب تفعيل اللجنة مرة أخرى إلى ما أسموه (وجود إرادة سياسية لدى رئيس الجمهورية فى استخدام صلاحياته الدستورية للعفو عن الشباب المحبوسين والغارمين في إطار توسيع نطاق عمل اللجنة لتنظر حالاتهم، كما اعتبروا لجنة العفو إحدى الوسائل في إدارة الحوار الوطني. [21]

بينما أشار عضو آخر باللجنة إلى أن إعادة تفعيل دور اللجنة يعبر عن إيمان السيسي بالفكرة بإعطاء فرصة أخرى للشباب، والعمل على تحقيق السلام الاجتماعي والتوافق السياسي. [22]

وتتلقي اللجنة طلبات العفو عبر عدد من الأدوات منها:

ـ ملء استمارة على موقع المؤتمر الوطني للشباب.

– إرسال رسائل بريدية إلى لجنتي حقوق الإنسان في مجلسي النواب أو الشيوخ.

– إرسال الطلبات للجنة شكاوى المجلس القومي لحقوق الإنسان أو أعضاء لجنة العفو الرئاسي.

واستمر دور اللجنة في ظل مرحلتها الثانية مع إعلان هيئات أخرى تلقي طلبات المحبوسين والمحكوم عليهم تمهيدا للعفو الرئاسي، حيث أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان بدء تلقي طلبات العفو الرئاسي للسجناء من خلال تلقي منظومة الشكاوى والرصد بالمجلس، طلبات المواطنين المتعلقة بالعفو عن بعض السجناء من الشباب المحكوم عليهم، وكذلك الغارمون والغارمات، فضلاً عن الشكاوى والطلبات المتعلقة بحالات المحبوسين احتياطياً على ذمة بعض القضايا، من خلال قنوات متعددة.

ودعا المجلس المواطنين من ذوي السجناء والمحتجزين، الراغبين في الاستفادة من المبادرة الرئاسية، إلى اختيار القناة الأقرب والأيسر بالنسبة لهم دون الاضطرار لتحمل عناء السفر للمقر الرئيسي لمكتب الشكاوى أو مقر المجلس.[23]

كما أعلن كريم السقا عضو اللجنة عن تلقي اللجنة تتلقي الطلبات عبر استمارة، مشيرا إلى أن عدد المطالب حتى الآن وصل إلى 900 طلب، لكن لم تفحص بعد، قد يكون بينها قضايا جنائية، وطلبات أخرى مكررة»، معلقا «لن نخرج قائمة بهذا العدد، كون المطالب ستفرز بعد لتحديد المستحق منها».[24]

وأضاف «عمل لجنة العفو الرئاسي يعتبر جزء أساسيا من الحوار الوطني، ومن المؤكد أن ملف الحبس الاحتياطي سيفتح في الحوار، وقد نفكر في بديل أو إعادة تشريع»

بينما انتقدت منظمات حقوقية بيان اللجنة الأول بعد إعادة تشكيلها بخصوص طرق تلقي طلبات العفو، مشيرة إلى الملاحظات الأتية:

ـ إن تلقي الالتماسات من ذوي الشأن لا يجب أن يكون السبيل الوحيد لبدء النظر في حالة سجين سياسي، وطالبت أن تكون هذه الطريقة احدى طرق النظر في ملفات السجناء المحبوسين، داعية إلى المبادرة بشكل فوري بفحص ملفات والإفراج عن جميع المتهمين في قضايا سياسية دون استثناء أو إبطاء وانطلاقا من قاعدة البيانات المتوافرة بالفعل لدى الجهات المعنية كالمكتب الفني للنائب العام أو المحامي العام لنيابات أمن الدولة العليا أو إدارة القضاء العسكري بوزارة الدفاع”.

ـ ضرورة إتاحة الفرصة للسجناء السياسيين أنفسهم من داخل السجون لتقديم طلبات النظر في ملفاتهم والإفراج عنهم، خاصة ممن ليس لهم أقارب أو لا يملك أقاربهم إمكانية تقديم الالتماسات على الإنترنت أو السجناء المحرومين من الزيارات والمراسلات.

ـ أن اقتصار دور لجنة العفو حالياً على تلقي المعلومات ثم تقديمها لأجهزة الأمن يعني وضع مصير السجناء السياسيين في أيدي نفس الأجهزة التي أمرت أو نفذت أوامر اعتقالهم وحبسهم حتى الآن، لذلك فإن أي عملية عادلة ومنصفة وشفافة تهدف حقاً للإفراج عن السجناء السياسيين يجب أن تديرها آلية رسمية تضمن تطبيق معايير موضوعية بقرارات معلنة على النحو السابق ذكره.

بينما لم تتفاعل اللجنة مع هذه الاقتراحات الحقوقية واستمرت في وضع معاييرها الخاصة غير المنضبطة.

حصيلة ما قامت به اللجنة في المرحلة الثانية حتى الآن:

أولا: قرارات العفو الرئاسي :

منذ صدور قرار بتفعيل عمل اللجنة مرة أخرى صدر 4 قرارات للعفو الرئاسي من رئيس الجمهورية وهي التي لها علاقة مباشرة مع نشاط اللجنة على النحو التالي :

1ـ العفو الرئاسي عن الناشط حسام مؤنس بموجب القرار رقم 178 لسنة 2022 بالعفو عن العقوبة المقضي بها على المحكوم عليه في القضية رقم 957 لسنة 2021 ج أ د طوارئ مصر القديمة.

وكان مؤنس قد قبض عليه ضمن القضية 930 لسنة 2019 والمعروفة باسم تحالف الأمل ضمن آخرين، و في يوليو 2021، أحيلوا للمحاكمة أمام محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، في قضية أخرى برقم 957 لسنة 2021، حيث صدر حكم قضائي عليهم في 17 نوفمبر 2021 بحبس كل من العليمي 5 سنوات وللصحفيين مؤنس وهشام فؤاد 4 سنوات و3 سنوات مع الشغل لـ حسام عبد الناصر ومحمد بهنسي، و3 سنوات غيابيا على النقابية فاطمة رمضان وغرامة 500 جنيها لكل منهم بتهمة نشر أخبار في الداخل والخارج، ولم يشمل العفو باقي المحكوم عليهم بالسجن في نفس القضية!!

2ـ تلاه قرار ثان بالعفو عن المهندس يحيي حسين المنسق السابق للحركة المدنية الديمقراطية، بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 219 لسنة 2022 وكانت محكمة جنح مدينة نصر قضت بحبس المهندس يحيى حسين عبد الهادي 4 سنوات بتهم نشر أخبار كاذبة عمداً داخل وخارج البلاد، في القضية 558 لسنة 2021 جنح أمن دولة مدينة نصر طوارئ قبيل صدور العفو بأيام، ولم يستخدم رئيس الجمهورية صلاحياته وفقا لنصوص قانون الطوارئ 162 لسنة 1958 بإلغاء العقوبة.

يذكر أن التحقيق مع المهندس يحيى حسين عبد الهادي كان بشأن مقال خاص به في ٢٠١٨ أمام نيابة مدينة نصر وخرج بكفالة، ثم تم حبسه على ذمة تحقيقات القضية ٢٧٧ لسنة ٢٠١٩ حصر أمن دولة، ثم تم تدويره على القضية ١٣٥٦ لسنة ٢٠١٩ حصر أمن دولة وقضى في الحبس الاحتياطي أكثر من سنتين.

عبد الهادي الذي ألقت قوات الأمن القبض عليه من منزله فجر يوم 29 يناير 2019، كان من الناحية القانونية يستحق إطلاق السراح في يناير 2021 أي بعد مرور عامين على حبسه، لكن ذلك ما لم يحدث حتى صدور الحكم الأخير عليه بحبسه.

3ـ كما أصدر عبد الفتاح السيسي قراراً جمهورياً رقم 260 لسنة 2022 بالعفو عن عقوبة السجن عن 3 من المحكوم عليهم في القضية المعروفة إعلاميا ” بأحداث مجلس الوزراء”، وشمل القرار العفو عن عقوبة: سعيد محمد عطية إبراهيم المحكوم عليه، ومحمد عيد الغريب إبراهيم الشراعي، ومحمد مرسي محمد مرسي المحكوم عليهم في القضية رقم 8629 لسنة 2011 ج السيدة زينب وصدر قرار العفو عن الثلاثة بعد صدور حُكم نهائي ضدهم بالسجن 15 سنة في قضية “أحداث مجلس الوزراء” التي وقعت أحداثها عام 2011.

4ـ وفي 28 يوليو صدر قرار جمهوري رقم 329 لسنة 2022، بالعفو عن عدد من الصادر بحقهم أحكام قضائية نهائية، وهم الصحافي هشام فؤاد والصادر عليه حكم قضائي بالحبس 4 سنوات في القضية 957 لسنة 2021 المنسوخة من قضية تحالف الأمل بالحبس 4 سنوات، والباحث أحمد سمير سنطاوي وهو الذي صدر عليه محكمة جنح أمن الدولة طوارئ،، بحبسه 3 سنوات في إعادة محاكمته أمام المحكمة، والفنان طارق النهري وعبد الرؤوف خطاب حسن خطاب والذين صدر عليهما أحكام قضائية بالحبس في القضية المعروفة بإحداث مجلس الوزراء، فضلاً عن قاسم أشرف قاسم أحمد وطارق محمد المهدي صديق وخالد عبد المنعم صادق صابر في القضية ذاتها.

م

قرار العفو الرئاسي

تاريخ القرار

عدد المعفو عنهم

المعفو عنهم

رقم القضية

1

قرار رقم 178 لسنة 2022 بالعفو عن العقوبة المقضي بها على المحكوم عليه

27/4/2022

1

حسام مؤنس محمد سعد

القضية رقم 957 لسنة 2021 ج أ د طوارئ مصر القديمة.

2

قرار رقم 219 لسنة 2022

31 /5/ 2022

1

م يحيي حسين عبد الهادي

القضية 558 لسنة 2021 جنح امن دولة مدينة نصر طوارئ

3

قرارً رقم 260 لسنة 2022

14/6/2022

3

سعيد محمد عطية إبراهيم، ومحمد عيد الغريب إبراهيم الشراعي، ومحمد مرسي محمد مرسي

المحكوم عليهم في القضية رقم 8629 لسنة 2011 ج السيدة زينب المعروفة إعلاميا ” بأحداث مجلس الوزراء”

4

قرار 239 لسنة 2022 بالإفراج عن 7 من المحكوم عليهم

28 /7/ 2022

7

هشام فؤاد ـ أحمد سمير سنطاوي ـ طارق النهري ـ عبد الرؤوف خطاب حسن خطاب ـ قاسم أشرف قاسم أحمد ـ طارق محمد المهدي صديق ـ خالد عبد المنعم صادق صابر.

القضية 957 لسنة 2021

القضية رقم 8629 لسنة 2011 ج السيدة زينب

الإجمالي

12

ثانيا : قرارات إخلاء السبيل من النيابة العامة ونيابة أمن الدولة:

م

تاريخ إخلاء السبيل

جهة إخلاء السبيل

عدد المخلي سبيلهم

ملاحظات

1

25/4/2022

نيابة أمن الدولة

41

تم حصر 14 ناشطا سياسيا وعماليا منهم الباحث عبده فايد، طبيب الأسنان وليد شوقي، و الناشط محمد صلاح، حسن بربري

2

30/4/2022

نيابة أمن الدولة

3

3 صحفيين في القضية رقم 1017 لسنة 2020،

عامر عبد المنعم، وهاني جريشة، وعصام عابدين»

3

30/5/2022

نيابة أمن الدولة

11

خلود سعيد، أيمن عبد المعطي، شريف الروبي، محمد وليد سعد، سامح سعودي، وخالد غنيم، وآخرين.

4

8/7/2022

نيابة أمن الدولة

60

عمال بشركة مصر للتأمين على الحياة وهيئة النقل العام وصحفي

5

17/7/2022

نيابة أمن الدولة

7

مهاب يسري الابراشي وبسام جلال السيد والمحامي عمرو امام والصحفي عبد الناصر سلامة رئيس تحرير الأهرام الاسبق والسفير يحيى زكريا عثمان نجم وممتاز فتحي عبد الوهاب قاسم.

6

25/7/2022

نيابة أمن الدولة

1

محمد رمضان المحامي والقيادي بحزب التحالف الشعبي

7

16/8/2022

نيابة أمن الدولة

25

منهم عدد من المحبوسين من محافظة السويس ومن ابرزهم الصحفي سيد عبد الله

الإجمالي

148

وحسب الجدول المنشور أعلاه، لم يتعد من تم إخلاء سبيله من نيابات أمن الدولة، سوى (148) محبوسا منهم 41 قبيل تفعيل لجنة العفو الرئاسي بيومين. على النحو التالي بيانه :

في حين أشارت مصادر أخرى إلى أنه منذ 25 إبريل وحتى 17 يونيو الماضي، لم يتم إخلاء سبيل سوى 97 متهما في قضايا بنيابة أمن الدولة العليا. [25]

1ـ أخلي سبيل عدد من السياسيين المحبوسين احتياطيا بعد الإفراج عنهم بقرارات من النيابة العامة، محبوسين على ذمة قضايا سياسية. حيث أشارت المصادر المختلفة إلى أن عددهم وصل إلى 41 محبوسا وذلك في 25 إبريل الماضي. و من الذين تم الإفراج عنهم بالفعل الباحث السياسي عبده فايد، طبيب الأسنان وليد شوقي، و الناشط السياسي محمد صلاح، بعد 29 شهرا في الحبس الاحتياطي على ذمة قضيتين، دون إحالة للمحاكمة، هيثم البنا عضو حزب الدستور، كما النقابي العمالي حسن بربري والذي كان محبوسا على ذمة القضية رقم ٩٣٠ لسنة ٢٠١٩، المدونة رضوى محمد، لقيادي العمالي رشاد كمال، والمحامي الحقوقي أحمد الكفراوي، وأحمد عبدالقادر، وغريب مقلد، وعبدالناصر أحمد محمد عبدالسلام، وجميعهم من محافظة السويس، بضمان محال إقامتهم على ذمة القضية 1056 لسنة 2020.، واخلي سبيل نجلاء فتحي فؤاد الشهيرة بنور الخطيب، المحبوسة احتياطيا على ذمة القضية رقم 65 لسنة 2021 ؛ كما تم إطلاق سراح الحقوقي أحمد تمام، المحبوس على ذمة القضية 1056، كما اخلي سبيل سيد أبو المجد بكير المتهم علي ذمة أحداث ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٠ و أحد قيادات حزب الدستور بالسويس. [26]

2ـ وفي الأول من مايو 2022 تم إخلاء سبيل ثلاثة من أعضاء نقابة الصحفيين كانوا رهن الحبس الاحتياطي إنفاذا لقرار النائب العام، وهم: عامر عبد المنعم وهاني جريشة وعصام عابدين.

3ـ بتاريخ 30 مايو أخلي سبيل 11 محبوسا احتياطيا منهم خلود سعيد، أيمن عبد المعطي، شريف الروبي، محمد وليد سعد، سامح سعودي، وخالد غنيم، وآخرين.

4 ـ بتاريخ 7 يوليو أخلي سبيل 60 محبوسا احتياطيا منهم 12 عامل شركة مصر التأمين، وعمال بهيئة النقل العام وصحفي واحد هو سليم صفي الدين[27]

5ـ بتاريخ 17 يوليو تم إخلاء سبيل 7 نشطاء من نيابة أمن الدولة وهم: ١. مهاب يسري الابراشي ٢. بسام جلال السيد ٣. المحامي الحقوقي عمرو امام ٤. عبد الناصر سلامة رئيس تحرير جريدة الأهرام الأسبق ٥. يحي زكريا عثمان نجم (سفير سابق) ٦. ممتاز فتحي عبد الوهاب قاسم.

6 ـ بتاريخ 25/7/2022 أخلي سبيل محمد رمضان المحامي والقيادي بحزب التحالف الشعبي.

وعموما فقرارات إخلاء السبيل ليس لها علاقة بقرارات العفو الرئاسي على نحو من أشرنا سابقا، وهي إجراء طبيعي قد يحدث، وكثيرا ما يتم تجديد الحبس للمحبوسين لسنوات على ذمة قضايا مختلفة بنفس الاتهامات .

وهناك أزمة أخرى تتعلق بتحقيق ضمانة سلامة ممارسة الحبس الاحتياطي، وتحديدا في الجزئية الخاصة بالتعديلات التي أعطت الحق للمتهم أن يستأنف الأمر الصادر بحبسه احتياطياً أو بمد هذا الحبس بعد أن كان مقتصراً قبل التعديل على أن يكون الاستئناف للنيابة العامة وحدها، وفقا للمادة 164 من قانون الإجراءات الجنائية.

وتسجل تقارير حقوقية أنه يتم إهدار تلك الضمانة من قبل النيابات المختلفة، فتارة تقوم بعضها بما فيها نيابة أمن الدولة بتمكين المحبوسين احتياطياً من استئناف أوامر الحبس الصادرة قبلهم وتارة أخرى تقوم بإيقاف الاستئنافات دون سند قانوني بحجة “التعذرات الأمنية” فقد يستمر إيقاف تمكين المحبوسين احتياطياً من استئناف أمر الحبس شهور.

المبحث الرابع: إشكاليات عمل واختصاصات لجنة العفو

(لمحبوسين احتياطيا، المعايير، دور أجهزة الأمن)

أثيرت عدد من القضايا القانونية المتعلقة بدور اللجنة وولايتها ببحث حالة المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا رأي، وكذلك معايير اللجنة لنوعية السجناء المراد استخدام العفو الرئاسي عنهم في قوائم المحبوسين وسجناء الرأي.

وهل يكون من ضمن هؤلاء السجناء أعضاء منتمين لجماعة الإخوان بعيدا حتى عن قيادات الجماعة من الصف الأول ودور أجهزة الأمن في إخلاء سبيل هؤلاء المحبوسين.

كانت اللجنة قد وضعت عبر أولوياتها وأجندة عملها عدد من الفئات في استخدام العفو ومن أهمها (الشباب والطلبة والحالات الإنسانية الحرجة، إضافة إلى القضايا ذات الطابع العمالي والصحفيين). [28]

فهل تم أخذ هذه المعايير في الاعتبار؟ خاصة أن كثيرين من السجناء السياسيين المحكوم عليهم والمحبوسين احتياطيا يعانون من سوء الحالة الصحية ولم ينظر إليهم أحد وأبرزهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والمحامية هدى عبد المنعم وغيرهم المئات.

إلى جانب ذلك أثيرت عدد من القضايا المتعلقة بدور وولاية اللجنة ومن أهمها إخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا، ومعايير العفو الرئاسي، ودور أجهزة الأمن في هذه العملية.

أولا: دور وولاية اللجنة المتعلق بالمحبوسين احتياطيا:

يثار الجدل دائما حول ولاية اللجنة بفحص حالات المحبوسين احتياطيا والمحكوم عليهم حتى اليوم، اذ استمر هذا الجدل خاصة بعد حديث بعض أعضاء اللجنة عن نجاحهم في إخراج عدد من المحبوسين احتياطيا بعد إعادة تشكيلها في إبريل 2022 .

وسعت لجنة العفو إلى إدخال المحبوسين احتياطيا، ضمن مهامها، بالرغم من أنها لا تتواءم مع مهمتها الرئيسية التي أسست وفقا لها اللجنة، وهم تحت سلطة النيابة العامة والمحاكم التي تنظر استئنافاتهم على أوامر الحبس، والتي تملك إخلاء سبيلهم من الحبس الاحتياطي والتي لا يجب أن تتجاوز مدة العامين بموجب قانون الإجراءات الجنائية.

وقد أثارت بعض التصريحات من جانب بعض أعضاء اللجنة بالإشارة إلى دورهم في إخلاء سبيل عدد كبير من المحبوسين احتياطيا حفيظة النيابة العامة ووفقا لمصادر قضائية مصرية، فإن النائب العام حمادة الصاوي أبدى استياءه لمسؤول بارز في الدائرة المقربة من رئيس الجمهورية، بشأن التصريحات الصادرة عن أعضاء في لجنة العفو الرئاسي، وعدد من الشخصيات المشاركة في الحوار الوطني.

وأوضحت المصادر أن التصريحات تشير إلى أن القرارات الصادرة عن النيابة العامة بشأن إطلاق سراح النشطاء السياسيين، وأولئك الذين على ذمة قضايا متعلقة بالتعبير عن الرأي، تأتي في إطار التنسيق بين أعضاء لجنة العفو الرئاسية والقائمين على الحوار الوطني، مع مؤسسة الرئاسة، التي تقوم بدورها بتوجيه السلطة القضائية.

وأوضحت المصادر أن النائب العام المصري أكد للمسؤول المقرب من الرئاسة أن مثل تلك التصريحات، علاوة على أنها تمثل إهانة للسلطة القضائية في مصر، إلا أنه سيكون لها عواقب وخيمة على سمعة القضاء المصري، التي بالتبعية تؤثر بمناخ الاستثمار.

وأشارت المصادر القضائية إلى أن شكوى النائب العام تضمنت اتهاماً للشخصيات السياسية بأنهم “يسعون لتعظيم دورهم وصورتهم إعلامياً من خلال تلك التصريحات، من دون أن يدركوا أنها تمثل اتهاماً بتسييس القضاء المصري، واستخدامه كأداة في يد السلطة التنفيذية أو مؤسسة الرئاسة أو غيرها من الأجهزة”.

وكان عضو لجنة العفو الرئاسي طارق الخولي، القيادي في “تنسيقية شباب الأحزاب” المقربة من أجهزة الدولة قد أكد في أكثر من تصريح إعلامي، أن الإفراجات الأخيرة عن عدد من النشطاء السياسيين، الذين كانوا رهن الحبس الاحتياطي، جاءت بتنسيق مباشر بين اللجنة ومؤسسة الرئاسة المصرية.

وأضاف الخولي: “كل هذا مجهود لجنة العفو الرئاسي ونتائج عمل اللجنة بعيداً عن القوائم التي تخرج بشكل دوري في المناسبات والأعياد التي تقوم عليها وزارة الداخلية ومصلحة السجون”. وشدد على أن “قوائم العفو الرئاسي، من خلال لجنة العفو، مختلفة تماماً، لأنها قضايا متعلقة بالرأي والتعبير، وليس لها علاقة بقوائم وزارة الداخلية ومصلحة السجون”.

من جانبه، وفي لقاء اعلامي سعى وزير العدل عمر مروان لاحتواء التداعيات السلبية للأزمة، بهدف امتصاص غضب أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة. ونفى في تصريحات أخيرة، صحة التواصل بين أي جهة في الدولة والنيابة العامة لإطلاق سراح المحبوسين احتياطياً. وركز كلام مروان على بعض الجوانب الأساسية:

ـ أن القضايا التي لا تزال النيابة العامة تباشر التحقيق فيها، أو المنظورة أمام المحاكم، لا يمكن صدور عفو رئاسي عن المتهمين فيها”، مضيفاً أن “العفو الرئاسي يكون في حالة الصادر بحقهم أحكام نهائية، وليس لمحبوس احتياطي”.

ـ أنه لا يمكن الاقتراب من القضايا أمام النيابة العامة أو المحاكم، وإلا يعد ذلك تدخلاً في أعمال السلطة القضائية”،

ـ واكد أنه “لم يحدث أي اتفاق بين النائب العام وبين أي جهة أو شخص على خروج محبوسين احتياطياً”.

وتابع: “أنا كوزير لا أجرؤ على التدخل في عمل النائب العام أو المحاكم”، مستنكراً بقوله: “كيف يقال إننا اتصلنا بالنائب العام كي يفرج عن أحد، أو أن هذا اتجاه عام في الدولة”.

ـ جميع الحالات تصدر بقرار من النيابة أو المحكمة، فلا يوجد أي اتصال أو اتفاق معهما من أي جهة بشأن حالات الحبس الاحتياطي، ويصدر قرار إخلاء السبيل وفقاً للتحقيق، وموقف كل متهم. أما الإفراج عن المحكوم عليهم ده ماشي أمر ينظمه القانون من خلال العفو الرئاسي، كما أنه لا ينطبق على الجميع”.[29]

إلا أنه في النهاية لا يستطيع احد إنكار دور القرارات الخاصة للسلطة التنفيذية في التأثير على موقف النيابة العامة خاصة نيابة أمن الدولة بإصدار أوامر الحبس أو إخلاء السبيل، والمطالبات الخاصة بالفصل بين سلطتي النيابة العامة في الاتهام والتحقيق، وترى وجهة نظر قانونية أن بعض الفقه خلط بين تعبير السلطة القضائية و تعبير القضاء، فاعتبر أعضاء النيابة العامة جزء من السلطة القضائية وانه تتوافر لهم صفة القضاة المستقلين”، وقد وقع دستور 2012 ومن بعده دستور2014 في هذا الخلط.

هذه الوجهة محل نظر، ذلك ان النيابة العامة وان كانت تعتبر جزء من السلطة القضائية، الا ان أعضاءها لا يعتبرون من القضاة، ذلك ان قاعدة التبعية التدريجية التي تسود عمل النيابة، والرقابة الفنية والإدارية التي يباشرها النائب العام ومن يفوضهم على مرؤوسهم تجعل من العسير قبول فكرة أن أعضاء النيابة هم قضاة بالمعني الدقيق للكلمة، وفضلا عن ذلك فإن النيابة لا تملك سوى طلب توقيع الجزاء، غير انها لا تملك حق توقيعه، إلا في حالات استثنائية لا تؤثر على القاعدة .

كما يرى جانب من الفقه ان تبعية أعضاء النيابة للنائب العام وإن كانت تلتقى مع وظيفة الاتهام، إلا أن هذه التبعية لا تتفق مع وظيفة التحقيق الابتدائي ولا مع سلطة إصدار الأوامر الجنائية، ذلك أن التحقيق الابتدائي يقتضي استقلال من يقوم به استقلالا كاملا باعتباره المرحلة إلي يتم فيها تمحيص الاتهام والتأكد من جديته، وباعتباره أيضا هو المرحلة التي يتخذ فيها إجراءات ماسة بالحرية الشخصية، وان استقلال النيابة العامة يفترض استقلال أعضائها في أداء أعمالهم القضائية، لان الرئاسة الإدارية تفسد مضمون العمل مهما تقيد نطاقها القانوني بحسن أدائه .[30]

فضلا عن دور التعديلات الدستورية الأخيرة التي أقرت على دستور 2014، والتي أضعفت استقلال القضاء بشكل كبير حيث أعطت الحق لرئيس الجمهورية بإصدار قرارات بتعيين رؤساء الجهات القضائية بدون وضع اعتبار لمعيار الأقدمية في هذه الجهات.

ثانيا: البحث عن معايير للعفو:

أثير خلاف ثان حول معايير العفو الرئاسي أو إخلاء السبيل التي تستند إليها اللجنة، حيث استمر أعضاء اللجنة بشكل عام على التأكيد على تبني معايير أساسية أهمها: (عدم الانتماء لتنظيم إرهابي، وعدم ارتكاب أعمال عنف)

بينما أشار بعض الأعضاء الأخرين إلى من هم على أجندة لجنة العفو وهم :

ـ كل من لم تتلوث يده بالدماء ولم يشارك في أعمال عنف وإرهاب يجب الإفراج عنهم ومن بين هؤلاء من شارك في وقفة احتجاجية أو كتب منشورا على وسائل التواصل الاجتماعي أو وزع منشورات.

ـ كل من تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي يجب أن يتم إخلاء سبيله فورا أو إحالته للمحاكمة.

ـ تأكيد اللجنة إلى أنها ليست لجنة مناسبات، وأن هدفها هو العمل لحل الأزمة بشكل دائم، والمفترض أن اللجنة لن يقتصر عملها على المناسبات، وسيتم إعداد قوائم شهرية وتقديمها لرئيس الجمهورية.[31]

وترى وجهات نظر حقوقية أن المعايير السابقة تحرم عدد كبير من السجناء السياسيين ومنهم ألاف المنتمين لجماعة الإخوان المتهمين بالانتماء إلى جماعة هدفها قلب نظام الحكم، حتى لو متهمين ظلما، ويضع ألاف المحبوسين تحت هذه الاتهامات حتى لو قاموا بتظاهر سلمي بدون تصريح، ووجهت إليهم اتهامات بالتعدي على رجال السلطة العامة.

وفي محاولة لوضع معايير أخرى أكثر انضباطا وعمومية بما يشمل حالات كبار السن والقاصرين والمرضى، بالإضافة إلى المحبوسين في قضايا النشر، سعت عدد من منظمات حقوق الإنسان المصرية في داخل وخارج مصر للمطالبة بوجود معايير وضوابط واضحة ومعلنة لقرارات إخلاء السبيل أو العفو عن المحتجزين، سواء المحكوم عليهم أو رهن الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا سياسية، على أمل أن يستهدف القرار في المقام الأول الإفراج عن جميع المحتجزين بتهم سياسية أو بسبب آرائهم، في محاولة لوقف تضارب عمل اللجنة والالتفاف على اختصاصها.

ورفضاً للانتقائية، وتأكيداً على مبدأ الحل الجذري لملف السجناء السياسيين في مصر، قدمت منظمات حقوقية، مقترحات لمعايير وضوابط للإفراج عن جميع السجناء السياسيين في مصر، على خلفية تشكيل لجنة العفو الرئاسية.

ومن أهم هذه المعايير:

ـ وجوب إعطاء أولوية عاجلة في قرارات الإفراج عن المسجونين السياسيين لحالات المرضى والقاصرين وكبار السن، وجميع المحبوسين في قضايا النشر، بالمخالفة لنص الدستور الذي يحظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية.

ـ ضرورة الإفراج عن جميع من تجاوزوا الحد الأقصى للحبس الاحتياطي، حتى لو تم حبسهم على ذمة قضايا جديدة بتهم مماثلة لضمان استمرار حبسهم فيما بات يعرف بظاهرة “تدوير المعتقلين السياسيين”، وإصدار أمر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بحقهم.

ـ وجوب الإفراج عن كل المحبوسين احتياطياً ممن مر على حبسهم ستة أشهر كحد أقصى دون أن يتوافر لدى النيابة ما يكفي من الأدلة لإحالتهم للمحاكمة. والعفو عن باقي العقوبة لمن سبق الحكم عليهم بتهم سياسية وقضوا أكثر من نصف العقوبة وتم حرمانهم من حقهم في الإفراج الشرطي دون مبرر سوى طبيعة تهمهم. عن العفو عن باقي العقوبة لمن صدرت ضدهم أحكام من محاكم أمن الدولة طوارئ.

كما قدمت المؤسسات ذاتها اقتراحا يتضمن بعض المعايير والضوابط للإفراج عن جميع السجناء السياسيين، مؤكدة أن فتح هذا الملف خطوة ضرورية وعاجلة تأخرت كثيراً. كما أكدت على بعض المطالب الأساسية منها :

ـ أن الإفراج عن السجناء السياسيين المحبوسين احتياطياً أو المحكوم عليهم من جميع التيارات السياسية بسبب نشاطهم السلمي هو الخطوة الأولى على رأس مبادرة “أول 7 خطوات” التي أطلقتها تلك المنظمات، ووقعت عليها في 2021 أكثر من 50 من منظمات المجتمع المدني والأحزاب وتجمعات المصريين في الداخل والخارج وهيئات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية.

ـ يستهدف المقترح تفادي أخطاء الماضي في التعامل مع هذا الملف، أو الاستمرار في نهج ثبت فشله في تصفية مواقف الآلاف من السجناء السياسيين منذ إنشاء لجنة العفو الرئاسي في 2016.

ـ بشأن الضوابط الحاكمة، دعت المنظمات إلى أن يكون الهدف النهائي لأي عملية تتصدى لهذا الملف هو الإفراج عن جميع المسجونين بتهم سياسية بحيث لا يبقى في مصر سجين سياسي واحد، مع التزام الآلية المنشأة للتعامل مع هذا الملف في عملها بـ4 ضوابط: وشملت تلك الضوابط:

ـ العدالة؛ بحيث يحظى كل مسجون سياسي بفرصة متساوية ومنصفة للنظر في حالته على أسس موضوعية.

ـ الشفافية؛ بحيث تتخذ قرارات الإفراج وفق معايير وضوابط معلنة ومعروفة مسبقا للمسجونين وذويهم والمجتمع ككل، ـ الشمول؛ بحيث تتضمن قرارات الإفراج كل من تنطبق عليهم المعايير الموضوعية المعلنة دون استثناء.

ـ الاستعجال؛ بحيث لا تستغرق هذه العملية كسابقاتها سنوات تضاف إلى ما ضاع بالفعل من أعمار آلاف من المسجونين، وأشار إلى أن استمارة طلب “العفو” التي نشرتها على الإنترنت لجنة العفو الرئاسي بعد إعادة تشكيلها وعقد اجتماعها الأول اقتصرت على طلب “الإفراج عن الشباب المحبوسين على ذمة قضايا ولم تصدر بحقهم أي أحكام قضائية”.

ـ أي مقاربة لملف المسجونين السياسيين لن تتسم بالعدالة والإنصاف والفاعلية ما لم تشمل جميع المحبوسين احتياطياً وكذلك المحكوم عليهم بتهم سياسية كافة وسواءً كانوا من الشباب أم من الأطفال والقاصرين أو كبار السن أو ذوي الحالات الصحية والإنسانية، وكل من يخضع حالياً لتقييد حريته لأسباب أو تهم سياسية “.

ـ بخصوص معيار عدم ارتكاب جرائم عنف فهو يشكل أساساً ملائماً للانطلاق نحو تصفية أوضاع السجناء السياسيين، لكن يجب تحديده بدقة بالغة، بحيث لا يجري استثناء الآلاف من سجناء الرأي الذين وجهت لهم النيابة بشكل روتيني ومبهم ودون دليل تهماً مثل “الانضمام لجماعة محظورة” أو “مساعدتها في تحقيق أهدافها”، وغيرها من التهم الفضفاضة التي لا تقيم عليها النيابة العامة أية أدلة ولو حتى بتحديد اسم أو ماهية تلك الجماعة المزعومة

واكد البيان أن هذه التهم استُعملت كذريعة لتقييد حرية أعداد هائلة من السجناء السياسيين بتوسع رهيب في الأعوام الماضية، بل صدرت على بعضهم أحكام بهذه التهم دون أن تقدم النيابة دليلاً واحداً باستثناء تحريات أجهزة الأمن.

ـ ضرورة العفو عن باقي العقوبة لمن صدرت ضدهم أحكام من محاكم أمن الدولة طوارئ، والعفو عن باقي العقوبة لجميع المدنيين ممن صدرت ضدهم أحكام من القضاء العسكري بتهم سياسية.

ولا معنى لمعالجة حقيقية لملف السجناء السياسيين في مصر حال استمرار قرارات القبض على مواطنين بتهم سياسية كما هو الوضع الآن. [32]

من جهة أخرى طرح خالد علي المحامي والحقوقي مجموعة من الاقتراحات المشابهة للاقتراح السابق مع التركيز على حالات الحبس الاحتياطي لكل القضايا التي تنظر تجديداتها حتى تاريخه وأهمها:

ـ إخلاء سبيل كل من بلغ حبسه الاحتياطي ١٨ شهرا ولم يحال لمحاكمة موضوعية.

ـ وقف التدابير للمخلي سبيلهم وكان إجمالي مدة الحبس وتنفيذ التدابير بلغ سنتين أو أكثر، مع إخلاء سبيل كل من حصل على إخلاء سبيل في إحدى القضايا ولم يتم إطلاق سراحه ولكن تم إعادته للنيابة بمحضر جديد، وهي الحالة التي يطلق عليها إعلاميا مصطلح التدوير، طالما بلغ إجمالي المدد سنتين أو أكثر.

وبشأن القواعد الموضوعية التي أقترحها في شأن العفو على المحكوم عليهم قدم عدة اقتراحات أهمها:

ـ العفو عن المتهمين في قضايا الرأي والتعبير عنه، ومن ذلك قضايا نشر أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتظاهر والتجمهر، إلى آخره.

ـ العفو عن كل من يقوم بتنفيذ مراقبة شرطية، بعد قضائهم أحكام حبس أو سجن وأطلق سراحهم ولكنهم ما زالوا ينفذوا مدة مراقبة شرطية بتسليم أنفسهم لقسم الشرطة من ٦ مساء حتى ٦ صباح اليوم التالي يتم العفو عنهم في شأن تنفيذ المراقبة أو وقف تنفيذ مدة المراقبة والاكتفاء بما تم تنفيذه”.

ـ إلغاء الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة طوارئ أو وقف تنفيذها طالما كانت التهم التي كانت موجه لهم لا تتضمن حيازة وأحراز واستعمال أي أسلحة ومتفجرات، ولم ينسب إليهم أى أعمال عنف أو قتل أو جرح أو إتلاف ممتلكات عامة أو خاصة. [33]

ثالثا: الجدل حول شمول قوائم العفو لأعضاء جماعة الإخوان

تواصل الجدل حول شمول قوائم العفو الرئاسي عن المعتقلين المنتمين لجماعة الإخوان، خاصة في أعقاب التصريحات التي قالها عضو لجنة العفو الرئاسي طارق العوضي لقناة “الجزيرة مباشر”، في نهاية شهر يونيو؛ بأنه “لا يوجد أي مانع لدى اللجنة من دراسة وبحث أسماء سجناء الإخوان أو المحسوبين عليهم؛ للإفراج عنهم شرط ألا يكونوا قد تورطوا في العنف”.

وأكد عضو لجنة العفو الرئاسي كمال أبو عيطة في تصريحات أخرى أن القيادي الإخواني والمرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح أدرج اسمه ضمن القوائم، لافتا إلى أن اللجنة تتلقي الأسماء الواردة لها كافة، بغض النظر عن آراء البعض فيها، في إشارة ضمنية إلى نفي وجود شبهة سياسية لوجود اسمه وآخرين من المحسوبين على جماعة الإخوان.

وأشارت معلومات صحفية إلى رفض الأجهزة الأمنية الإفراج عن أي من قيادات الإخوان من الصفوف الأولى داخل الجماعة، لأن المسألة تخضع لضوابط صارمة وكي لا يفهم خطأ أن خروج قيادة مثل أبو الفتوح ينطوي على مصالحة.

ويقطع حكم محكمة الجنايات الأخير بمعاقبة أبو الفتوح خمسة عشر عاما الطريق على إمكانية الإفراج عنه قريبا، فوضعُ اسمه على قوائم لجنة العفو لا يعني الإفراج عنه، فالقرار النهائي في يد جهات رسمية تحدد من يحق له الاستفادة من العفو الرئاسي من عدمه وفقا لحسابات سياسية وأمنية وإنسانية.

وقال مراقبون إن العقبة سوف تظل في وضع أسماء إخوانية ضمن القوائم المطلوب الإفراج عنها، باعتبار أن النظام المصري غير مهيأ للإقدام على خطوة كهذه في الوقت الراهن، ومهما بلغت الجدية في الحوار وحسن النية والحديث عن عدم استثناء أي من القوى السياسية للمشاركة فيه ستبقى عقدة الإخوان في الوجدان العام.

ـ أن إدراج أسماء إخوانية من الصف الأول يحتاج إلى إرادة سياسية وتهيئة الأجواء العامة، فبعد نحو تسع سنوات من المواجهات الأمنية يصعب محو تأثيراتها السياسية والاجتماعية بسهولة، وتحويل صقور الجماعة إلى حمائم.

ـ ومن المتوقع اختيار مجموعة من الأسماء القريبة من جماعة الإخوان تنتسب إلى الصف الثاني والثالث ممن لم تتورط مباشرة في(أعمال عنف أو تحرض على الإرهاب) كنوع من جس النبض لتبني خطوة تشمل قيادات من الصف الأول في مرحلة لاحقة.

ولذلك سوف يظل الفيتو بشأن الإفراج عن قيادات إخوانية مستمرا لحين قطع لجنة العفو شوطا في الإفراج عن شخصيات مدنية، ويتم قياس النتيجة التي تمخضت عنها وما إذا كان الفضاء العام مهيأ للانفتاح على الجماعة أم لا، وهي النتيجة التي تترقبها جهات خارجية كمقياس على مدى التغير الحاصل في مصر بعد أحداث يونيو 2013 التي أعقبها الانقلاب في 3 يوليو.

وإذا كانت مصر تقاربت سياسيا مع كل من تركيا وقطر لن تكون هناك معضلة كبيرة في التقارب مع من كانوا سببا في أزمتهما مع القاهرة بعد تفكيك الكثير من الأسباب التي قادت إليها وأفضت إلى حالة صراع ظهرت عليها العلاقة بين الدول الثلاث[34].

ويذكر أن هناك عديد من قرارات العفو الرئاسي التي صدرت سابقا تضمنت أسماء من المحكوم عليهم من المنتمين لجماعة الإخوان وأبرزها ما جاء في قائمة العفو التي صدرت بموجب القرار رقم 232 لسنة 2019 بالعفو الرئاسي عن 560 محكوم عليهم.

رابعا: دور الأجهزة الأمنية في قوائم العفو الرئاسي:

هناك دور أساسي تقوم به مصلحة السجون في اعداد القوائم الدورية التي يتم العفو عنها سواء بموجب الإفراج الشرطي، وتوضع شروطها في القرارات الرئاسية السابقة للإفراج عن هؤلاء في المناسبات الوطنية المعتادة، وهذا ما ينص عليه قانون تنظيم السجون 396 لسنة 1956، الا أن دور أجهزة الأمن في الموافقة على الإفراج عن السجناء السياسيين سواء من خلال استخدام الية العفو الرئاسي من عدمه في حال كونهم محكوم عليهم في قضايا معينة، أو تحت طائلة الحبس الاحتياطي في قضايا سياسية وبالتالي تختص النيابة العامة والمحاكم بقرارات إخلاء السبيل الخاصة بهم، يظل محل تساؤل.

فما جدوى وضع هذه القوائم من لجنة العفو طالما كان الأمن هو المرجعية الأساسية، وقد اثيرت انتقادات لدور أجهزة الأمن الوطني التابعة لوزارة الداخلية في ضرورة الموافقة على من يتم وضعه في قوائم العفو الرئاسي، او حتى من يتم إخلاء سبيله بقرارات من نيابة أمن الدولة.

وانتقدت المنظمات الحقوقية المصرية والدولية هذه المسألة، حيث دعت منظمة العفو الدولية لضرورة استبعاد الأجهزة الأمنية من مراجعة ملفات الإفراج عن المنتقدين المسجونين.

وقالت في بيان صادر عنها في أعقاب إطلاق سراح أربعة سجناء محتجزين لأسباب سياسية، وتسعة آخرين، ممَن تم اعتقالهم تعسفياً منذ فترة تعود إلى عام 2018؛ بناءً على توصيات لجنة العفو الرئاسية التي أعيد تفعيلها مؤخراً، والتي سبق أن صرحت في وقت سابق من هذا الشهر بأنها قد قدمت قائمة بأكثر من “1000 سجين سياسي” إلى الأجهزة الأمنية لمراجعتها. مشددة على النقاط التالية:

ـ إن مصير الآلاف من الرجال والنساء المحتجزين تعسفياً لا ينبغي أن يكون بأيدي الأجهزة الأمنية المصرية، وبالتحديد قطاع الأمن الوطني والمخابرات العامة.

ـ عدم منح قوات الأمن -بما في ذلك قطاع الأمن الوطني- أي سلطة على عملية الإفراج، لأنها منعت في مرات عدة إطلاق سراح السجناء المحتجزين لأسباب سياسية، واستهدفت أفرادا ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، ونشطاء بارزين آخرين كان لهم دور بارز في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، بالمعاملة العقابية والتمييزية بشكل خاص في السجن.

ـ إن الإفراج عن المحتجزين، لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية، يجب أن يكون أيضاً غير مشروط. وقد علمت منظمة العفو الدولية أن قطاع الأمن الوطني حذّر العديد من الذين أفرج عنهم في إبريل/نيسان من الانخراط في أي نشاط، وإلا فسيُعاد اعتقالهم.

ـ ودعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية إلى تبني نهج قائم على حقوق الإنسان، ووضع حد للاعتقالات التعسفية الجماعية، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومطالب مجموعات حقوق الإنسان المصرية المستقلة

ودعت السلطات المصرية إلى إصدار تعليمات فورية لقوات الأمن والنيابة العامة بالتوقف عن الاعتقال التعسفي واحتجاز المنتقدين. منذ إبريل/نيسان 2022، ألقت السلطات القبض على ثلاثة صحفيين، وهم: محمد فوزي وهالة فهمي وصفاء الكربجي، واحتجزتهم لنشرهم تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبرتها السلطات انتقادية، بتهمة “الانتماء إلى جماعة إرهابية” و “نشر أخبار كاذبة”.[35]

مبحث ختامي: في تقييم لجنة العفو والإصلاحات المطلوبة

من العرض السابق يتبين غياب الوضوح في مهمة اللجنة خاصة في ضوء صلاحياتها المحدودة، حيث أن مهمتها عمليا لا تتجاوز تجميع أسماء المحبوسين احتياطيا الذين مرت علي حبسهم سنوات، والمحكوم عليهم في قضايا ذات طبيعة سياسية وتقديمها لأجهزة الأمن لأخذ الموافقة المبدئية عليها لتمريرها بدورها لرئيس الجمهورية لإصدار قرارات للعفو الرئاسي، وأحد مهامها الرئيسية في تقديم مسكنات وقتية في ملف المحبوسين احتياطيا أو الصادرة بحقهم أحكام في قضايا سياسية بسبب ممارستهم لحرية الرأي والتعبير والتظاهر، والتي يجرمها النظام في شكل اتهامات من عينة “نشر أخبار كاذبة”، و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”، و”الإساءة إلى قيم الأسرة المصرية”.

كما أن وجودها يتيح المساحة للتغطية الإعلامية الواسعة والادعاء بمسعى السلطة التنفيذية لوضع حلول لهذه القضية؛ التي أصبحت عبئا تتأثر به آلاف الأسر المصرية التي تنفق وقتها وأموالها على متابعة وزيارة أبنائها المحبوسين، والذين لا تتم إحالتهم للقضاء لسنوات، في ظل غياب واضح لمستقبل أبنائها.

ـ أيضا هناك غموض في الدور الذي تقوم به اللجنة، وهل تقتصر مهمتها على تلقي الشكاوى من الأحزاب السياسية التي ينتمي إليها المحبوسون وذويهم فقط؟ وما هي وسائل الضغط التي تملكها اللجنة؟ وهل تشمل مهامها فقط الأشخاص الصادر بحقهم أحكام باتة من المحاكم الجنائية أو من محاكم أمن الدولة، والتي يمكن لرئيس الجمهورية إصدار عفو عن العقوبة الخاصة بهم وفقا لنص الدستور؟ أم تتضمن المحبوسين بقرارات من النيابة وهي الوحيدة التي تملك إصدار قرارات إخلاء السبيل بحقهم؟ فضلا عن غياب أي دور حقوقي في عضوية اللجنة التي شغلها إما سياسيون أو نواب مقربون من النظام.

اللافت للنظر أن تفعيل دور اللجنة يأتي في ظل استمرار القبض على مواطنين ونشطاء وصحفيين في اتهامات تتعلق بحرية الرأي والتعبير، كما تبقى قيادات حزبية وسياسية معارضة رهن الحبس الاحتياطي منذ أعوام، وأبرزهم عبد المنعم أبو الفتوح، وهشام جنينة، وفي وقت سابق قالت أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية، إنه ليس من المفترض أو المتفق عليه أن يبدأ الحوار الوطني قبل الإفراج عن المحبوسين على ذمة قضايا الرأي.

ونوهت الحركة إلى رفض وإدانة استمرار حملات القبض على معارضين في الأيام الأخيرة بسبب التعبير سلمياً عن آرائهم، كما رفضت الاستمرار في التحفظ على أموال البعض منهم حتى الآن. وهو ما يضع علامات استفهام إضافية حول نوايا الدولة، فضلا عن أن القوائم التي تضعها اللجنة تخضع في النهاية لمواءمات سياسية وأمنية، كما ترتهن أحيانا بوجود ضغوط دولية حول الملف الحقوقي، وهو ما حدث أخيرا في ظل الحديث عن مقتل الباحث الاقتصادي أيمن هدهود.

الملفت أيضا وجود تضارب بين اللجنة وأشكال أخرى موازية ومعاصرة لها في النشأة، على غرار لجنة الحوار الدولي وآخر عمل لها الإسهام في إخلاء سبيل 41 محبوسا؛ منهم صحفيون وسياسيون قبيل تفعيل لجنة العفو بيومين. إلى جانب المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي سبق له عقد لقاءات مع قادة حزبيين وصحفيين ونشطاء حقوقيين مستقلين عرضوا فيه مطالبهم الأساسية وسلموا قوائم بالمحبوسين احتياطيا، وتم وعدهم من المجلس بأنه سيتم التحرك فيها لإخلاء سبيلهم، بينما أسماء المحبوسين احتياطيا تحت ذمة قضايا سياسية معروفة وموجودة لدى أجهزة الأمن والنيابة العامة التي يغيب دورها في هذا الملف!!

والأجدى قانونا استخدام الطرق المؤسسية والقانونية، بالقيام بمراجعة وتعديل قانون الإجراءات الجنائية الخاصة بمواد الحبس الاحتياطي، ووقف التحايل عليها عبر آليات التدوير باتهام هؤلاء في قضايا جديدة بنفس الاتهامات، لتظل بوابة الحبس مشرعة دائما، وليبقى الحبس الاحتياطي عقوبة بدون حكم قضائي.

– إن هذه اللجنة التي تأتي كمجرد إطار مواز لهيئات إنفاذ القانون تبقى دون صلاحيات حقيقية، والمحصلة أن القرار السياسي بيد طرف آخر، وهو من يملك اتخاذ القرار بشأن العفو أو إخلاء السبيل. واللافت أيضا أن بعض قرارات العفو الرئاسي السابقة شملت متهمين في قضايا تعذيب من ضباط وأفراد الشرطة، ورجال أعمال حكم عليهم في قضايا جنائية. وغالبا ما تأتي قرارات العفو الرئاسية لتركز على الجنائيين فقط دون السياسيين.

في النهاية يتأكد أن انشاء لجنة العفو جاء في ظل غياب ضوابط محددة لمهامها القانونية، ولا تتمتع هذه اللجنة الا بوظيفة استشارية بحتة، والذي يملك فعالية إصدار القرار من عدمه هي الأجهزة الأمنية المختلفة، سواء في إصدار قرارات العفو الرئاسي التي تعرض على رئيس الجمهورية، أو في متابعة إخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا والتي تتم بقرارات من نيابات أمن الدولة.

وهذا يشير إلى أن اللجنة جاءت كشكل مواز لإضفاء الشكل القانوني والشعبي لقرارات العفو الرئاسي التي تتميز بالانتقائية الشديدة، خاصة عندما تصدر قرارات عفو عن أشخاص متهمين في قضايا، دون إخلاء سبيل أخرين صدر عليهم أحكام في ذات القضية و المحكمة بنفس الاتهامات، وهو ما يظهر على سبيل المثال في العفو الرئاسي عن الناشط حسام مؤنس وهشام فؤاد في قراري عفو مختلفين دون استخدام نفس الألية في العفو عن كل من زياد العليمي، حسام عبد الناصر ومحمد بهنسي المحكوم عليهم في نفس القضية رقم 957 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ مصر القديمة.

الأمر ذاته يتعلق بالعفو الرئاسي عن محكومين عليهم في قضية مجلس الوزراء، حيث صدر قرارين عفو مختلفين في العفو عن 12 متهما في القضية دون استخدام قرار مماثل مع الناشط السياسي أحمد دومة الصادر عليه حكم بالسجن 15 عاما في ذات القضية.

وهو ما يعيد الحديث مرة أخرى عن قضية معايير العفو الرئاسي، والتي يجب أن تستخدم في قضايا بأكملها وليس بشكل فردي .

ـ أن حصيلة قرارات العفو الرئاسي في المرحلة الثانية للجنة محدودة وبطيئة للغاية ولم تتعد 12 محكوم عليهم في قضايا أمن دولة وجنايات، وهي حصيلة مثيرة للإحباط في ظل الحديث عن دور ما للجنة فيما يخص هذا الملف.

وقد سبق ان انتقدت الحركة المدنية هذا التباطؤ في الإفراج عن سجناء الرأي. وبمقارنة الحصيلة الحالية، بحصيلة اللجنة في المرحلة الأولى من 2016 ـ2018، سنجد الأمر مختلفا بشكل كبير، حيث صدرت 4 قوائم عفو رئاسي ضمت عدد (1118) محكوما عليه .

وضمت بعض القوائم أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، كما ضمت متهمين في قضايا مختلفة. رغم أن تفعيل اللجنة في المرحلة الثانية صاحبه الدعوة إلى ” الحوار الوطني”، الأمر الذي كان يجب أن يؤدي إلى زيادة وتيرة قرارات العفو الرئاسي، وإخلاءات السبيل من النيابة العامة .

وأدى ذلك لبروز انتقادات عدة من أحزاب التيار الديمقراطي الذين رأوا تباطؤا في الملف، وطالبوا بالإفراج عن السجناء السياسيين كضمانة لنجاح الحوار الوطني معربين عن خيبة أمل إزاء أسلوب تعاطي النظام مع قضية معتقلي الرأي. فكيف يقومون بالجلوس حول حوارا وطنيا وفي نفس الوقت هناك محبوسين منتمين لهذه الأحزاب المشاركة في الحوار ؟! [36]

ـ يلاحظ أن هناك فارق في المرحلتين التي مرت بهما لجنة العفو، فالأولى كان يغلب عليها التركيز على إصدار قرارات العفو الرئاسي، ويبدو أنه كانت هناك مساحة أكبر للتعاطي معها حيث صدرت 4 قوائم بالعفو الرئاسي ضمت عدد كبر من السجناء السياسيين المحكوم عليهم، بينما ركزت الفترة الثانية التي بدأت منذ نهاية إبريل الماضي على المحبوسين احتياطيا خاصة مع تزايد أعدادهم وتزايد ما يسمى بظاهرة بتدوير المحبوسين على قضايا مختلفة بنفس الاتهامات، ويرجع ذلك أيضا للأعداد الكبيرة التي تصل إلى الالاف التي تم القبض عليها في أحداث سبتمبر 2019،وسبتمبر2020. ورغم أن إخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا مهمة تخرج عن اختصاص اللجنة، وهو الامر الذي أدى إلى انتقادات من جانب النيابة العامة. لأن هذه الممارسات تقلل من شأنها وسط الرأي العام. وكان الأجدر تفويض هذا الملف للمجلس القومي لحقوق الإنسان.

ـ من ناحية ثانية تبدو وظيفة اللجنة كان يمكن عدم اللجوء إليها في ظل وجود آليات أخرى منصوص عليها وفقا للدستور مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان، أو اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان التابعة لوزارة الخارجية التي أسهمت في وضع ما سمى بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي صدرت في سبتمبر2021 والتي لم تجد سبيلا لتطبيق نصوصها حتى الآن.

كما كان هناك لجنة الحوار الدولي والتي كان ينسق أعمالها النائب السابق محمد أنور السادات ورئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب سابقا، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، التي كانت تقوم بنفس الدور بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية لإصدار قرارات بإخلاء سبيل أعداد من المحبوسين احتياطيا في قضايا ذات طبيعة سياسية، إلى جانب تقديم الوجه الإيجابي للنظام في حواراتها خارج مصر. وهي مبادرة مستقلة تكونت من مجموعة من السياسيين وممثلي المجتمع المدني وبرلمانيين، تضم 7 أشخاص إلى الآن ممثلين عن البرلمان بغرفتيه والمجتمع المدني والأحزاب من المهمومين بهذه القضايا.

ـ من ناحية ثالثة فأن قرارات العفو الرئاسي هي صلاحية أقرها الدستور لرئيس الجمهورية وفق ضوابط معينة، وهذه القرارات لم تتوقف، خاصة تلك القرارات التي تصدر في المناسبات الوطنية وفقا لقرارات الإفراج الشرطي بنصف المدة، ولم تتوقف على وجود لجنة العفو الرئاسي، على سبيل المثال، صدرت قائمة عفو رئاسية في سبتمبر 2015 قبل إنشاء اللجنة بعام كامل بموجب القرار 386 لسنة 2015 بالعفو عن 100 شاب وفتاة من الصادر ضدهم أحكام نهائية بالحبس، أبرزهم الناشطتان يارا سلام وسناء أحمد سيف الإسلام، وجميع الفتيات المحبوسات على ذمة القضية المعروفة إعلاميا بـ “مسيرة اﻻتحادية”، ولم تكن اللجنة موجودة من الأساس، إذن الوضع هنا يتوقف توجه من النظام السياسي باتخاذ نهج مختلف يحترم حقوق الإنسان.

ومشكلة الحبس الاحتياطي المطول تتطلب حلولا من نوع آخر؛ أهمها توافر الإرادة السياسية لتنفيذ التزامات حقوق الإنسان بموجب الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتي لم تشهد أي بادرة لتنفيذ بنودها رغم ضعفها وقصورها، ولا تتطلب سوى قيام النيابة بإخلاء سبيل من تجاوز احتجازه مدة ستة أشهر دون إحالته للقضاء، وإعادة النظر في دور النيابة العامة من الأساس، وتعديل قانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات وقانون الإرهاب فيما يتعلق بمدد الحبس الاحتياطي المطول، وإخلاء سبيل كل المحبوسين على ذمة قضايا حرية الرأي والتعبير والتظاهر السلمي وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتغيير المناخ المقيد لحرية الإعلام، والانفتاح السياسي باحترام الحريات السياسية والمدنية للمواطنين.

وبدلا من اصلاح نظام الحبس الاحتياطي ومناقشة مشاريع قوانين خاصة بتعديل النصوص الواردة في قانون الإجراءات الجنائية يتم تجاهل ذلك، واعتماد الية جزئية ولا تؤدي لحلول حقيقية.

ـ من ناحية رابعة فإن إنشاء هذا اللجنة لن يحل مشكلة تزايد عدد السجناء السياسيين وحبسهم بموجب أحكام تستند إلى قانون الطوارئ ومحاكم أمن الدولة، أو حبسهم احتياطيا لسنوات طويلة حيث تحول الحبس الاحتياطي المطول إلى عقوبة بدون حكم قضائي في ظل الإسراف في الأمر به ﺩﻭﻥ مبرر لذلك، الأمر الذي يتنافى مع الطبيعة الاستثنائية لقرارات الحبس الاحتياطي التي تأتي كتدبير استثنائي يمس بالحرية الشخصية.

وينبغي على الدولة تنقية النظام القانوني من كل المواد والممارسات التي تتنافي مع الحق في المحاكمة العادلة سواء أثناء مرحلة القبض والتحقيق الابتدائي أمام النيابة العامة أو في مرحلة المحاكمة وما بعدها وفي حالة التنفيذ العقابي.

وبشكل خاص تعديل قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية خاصة في المواد المشار إليها بجرائم ضد امن الدولة من الداخل والخارج، وتعديل منظومة الحبس الاحتياطي المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية، وإعادة النظر في دور النيابة العامة من الأساس، بالفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق، والاخذ بنظام قاضي الحبس منفصل عن النيابة العامة. ووقف كل التعديلات التي مست استقلال القضاء في السنوات الأخيرة.

وينبغي النظر إلى آلية العفو الرئاسي كطريق استثنائي في حالة غياب الطرق التي نص عليها النظام القانوني، خاصة أن هناك وجهة نظر فقهية ترى أن التوسع في هذه الآلية يمس باستقلال أحكام المحاكم. كما أكدت على حقها في مراقبة هذه القرارات باعتبارها قرارات إدارية ولم تقف عند وصف جهة الإدارة باعتبارها من أعمال السيادة.

فضلا عن بقاء المحكوم عليه في ظل استخدام هذه الآلية بحرمانه من العقوبات التبعية، في حالة العفو عن الجريمة. بدلا عن انتظار طريق الطعن أمام القضاء.

ـ الأمر الآخر ندرة استخدام آلية العفو الشامل عن العقوبة، وهي آلية يمكن ان تمثل حلا للسجناء الذين تم الحكم عليهم بموجب قانون التجمهر والتظاهر وقانون الإرهاب.

ـ يلاحظ أيضا ندرة استخدام طريق الإفراج الصحي عن السجناء، اذ نادرا ما تقوم النيابة العامة ووزارة الداخلية باستخدام صلاحياتها في قانون السجون 396 لسنة 1956، رغم وجود الآلاف في السجون يعانون من سوء الرعاية الصحية ومن امراض مزمنة خاصة كبار السن منهم.

ـ من جهة أخرى أضيفت موضوع الغارمين والغارمات عند أعادة تشكيل اللجنة في إبريل الماضي، وهو ما لا يتفق مع مهمة اللجنة التي تعني بالسجناء السياسيين، وكان من الأولى تكليف المجلس القومي لحقوق الإنسان أو المجلس القومي لحقوق المرأة بهذه المهمة .

ـ يمكن ذكر نقطة إيجابية إذا تم تطبيقها بشكل حقيقي، وهي فكرة إعادة الاندماج لمن خرجوا من السجون او الحبس الاحتياطي بإعطائهم الحق في العودة لوظائفهم ولجامعاتهم، وهو أمر تكرر على السنة عدد من أعضاء اللجنة في تشكيلها الجديد، وهو ما يجب صياغته في قانون يصدر عن مجلس النواب بهذا الشأن بإعادة من تم العفو عنهم بقرار من رئيس الجمهورية إلى وظائفهم، والطلاب إلى جامعاتهم.

وتقدم هذه الورقة عدد من الاقتراحات المهمة على النحو التالي:

ـ تشكيل لجنة تكون مهمتها مراجعة التشريعات العقابية الحالية وكل التشريعات الأخرى التي صدرت خلال السنوات الماضية المتعلقة بالحريات وأبرزها قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية وقانون الإرهاب وقانون التظاهر وقانون التجمهر لتنقيتها من كل النصوص التي تتعارض مع الحق في محاكمة عادلة والمعايير الأساسية لحقوق الإنسان، ويختار لعضويتها ممثلي لا يزيد عن 15 عضوا من منظمات حقوق الإنسان المستقلة، وأساتذة القانون الجنائي والدستوري ولجان الحريات بنقابتي المحامين والصحفيين والمجلس القومي لحقوق الإنسان.

ـ تنفيذ كل الاقتراحات التي قدمتها المنظمات الحقوقية المصرية التي سبق الإشارة إليها فيما يتعلق بالمعايير الموضوعة للإفراج عن السجناء السياسيين المحكوم عليهم وإخلاء سبيل كل سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيا.

ـ إصدار عفو شامل عن كل المتهمين في قضايا حرية الرأي والتعبير والتجمهر والتظاهر السلمي وكل المتهمين في اتهامات تتعلق “بنشر أخبار كاذبة داخل وخارج مصر“.


الهامش

[1] ـ د. مدحت محمد عبد العزيز إبراهيم قانون العقوبات/ القسم العام، النظرية العامة للعقوبة والتدابير الاحترازية (دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى 2007، دار النهضة العربية، القاهرة. ص 16

[2] طارق عبد العال: العفو عن العقوبة بين المشرع والسلطة التنفيذية، مركز التنمية والثقافة والإعلام ” دام، القاهرة،يونيو2022.

[3] تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن رقم 13907 لسنة 58 قضائية عليا

[4] د. محمد نور فرحات: إفراج بالقطارة… تقرير صحفي (العفو الرئاسي استنسابي في مصر)، جريدة العربي الجديد،08 مايو 2022

[5] ـ د. مدحت محمد عبد العزيز مرجع سبق ذكره، ص 244

[6] المرجع السابق، ص 257

[7] طارق عبد العال: مرجع سبق ذكره .

[8] محكمة النقض: نقض 19 مايو 2013 بخصوص الطعن رقم 33027 لسنة 2 قضائية،

[9] معتز بالله عثمان، لجنة العفو الرئاسية .. المهام والإشكاليات، مجلة قضايا برلمانية، العدد 69، فبراير 2018، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام.

[10] راجع حكم محكمة النقض في الطعن رقم 23745 لسنة 87 قضائية والصادر في 25 نوفمبر 2018.

[11] أحمد صالح: حق المتهم في إثبات براءته بعد صدور قرار العفو: محكمة النقض تنتصر للحق في الطعن، المفكرة القانونية، 23/12/2019) https://legal-agenda.com/

[12] حكم محكمة القضاء الإداري الدائرة الأولى في الدعوى رقم 54129 لسنة 68 قضائية، الصادر في 16/12/2014

[13] ـ تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن رقم 13907 لسنة 58 قضائية عليا

[14] يراجع المواد رقم 52 ـ 64 بقانون السجون 396 ل سنة1956.

[15] فوزية عبد الستار: مبادئ علم الاجرام وعلم العقاب، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت ـ الطبعة الخامسة، 1985 ، ص 430

[16] حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 31/12/2013 في الدعوى رقم 37710 لسنة 66 ق .

[17] التعديل الأخير على قانون السجون جاء بموجب القانون 106 لسنة 2015

[18] طارق العوضي،، اليوم السابع، 8 مايو2022

[19] معتز بالله عثمان، مرجع سبق ذكره .

[20] تقرير صحفي بعنوان (عفو «مايو» الرئاسي.. «قنديل» و«فتيات دمياط» الأبرز.. و 15 فتاة بالقائمة :موقع جريدة المصري اليوم، 17 مايو، موقع جريدة المصري اليوم

[21] تقرير صحفي بعنوان (طارق الخولي: دورنا لا يقتصر على خروج المحبوسين بل مساعدتهم للاندماج في المجتمع)، موقع اليوم السابع 11 مايو2022،

[22] حوار مع محمد عبدالعزيز عضو لجنة العفو الرئاسي لـ”اليوم السابع”: ممارسة العنف والانتماء لتنظيمات إرهابية “خط أحمر”.. 9 مايو 2022، موقع اليوم السابع

[23] المجلس القومي يبدأ في تلقى طلبات العفو الرئاسي للسجناء، جريدة المصري اليوم،11/6/2011 .

[24] لجنة العفو الرئاسي: نفحص 900 طلب. وسنفتح ملف الحبس الاحتياطي، المصري اليوم، 3/5/2022 .

[25] محام: منذ تشكيل لجنة العفو جرى إخلاء سبيل 97 محبوسا احتياطيا والعفو عن 5 سجناء، 17 يونيو2022،موقع درب، 17 يونيو2022

[26] ننشر أسماء 14 محبوس احتياطيا تم إخلاء سبيلهم، موقع درب، 25 أبريل 2022 .

[27] بالأسماء القائمة الكاملة لـ60 محبوسا احتياطيا تم إخلاء سبيلهم اليوم، 7 يوليو 2022، موقع درب

[28] حوار مع عضو اللجنة محمد عبد العزيز، مرجع سبق ذكره

[29] مصر: استياء قضائي من تصريحات أعضاء لجنة العفو الرئاسي، جريدة العربي الجديد، 20/6/2022 .

[30] يراجع في هذا الشأن :شريف هلالي: تدوير المتهمين بين النيابات ـ الأبعاد والتداعيات، المعهد المصري للسياسات، 8 أكتوبر 2021.

[31] طارق العوضي عضو لجنة العفو الرئاسي لـ”اليوم السابع”: أضع يدى في يد السلطة للإفراج عن المحبوسين وطمأنة أهاليهم، اليوم السابع 6/5/2022.

[32] مبادرة حقوقية تدعو إلى الإفراج عن جميع السجناء السياسيين في مصر، جريدة العربي الجديد، 6/5/2022.

[33] 10 مقترحات من خالد علي لتفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي: إخلاءات سبيل “غير فردية” وإلغاء التدوير والتدابير والمراقبة، موقع درب، 29/4/2022.

[34] فيتو أمني يعرقل الإفراج عن قيادات إخوانية في مصر، جريدة العرب اللندنية، 1/6/2022 .

[35] بيان لمنظمة العفو الدولية بعنوان: استبعدوا الأجهزة الأمنية من مراجعة ملفات الإفراج عن المنتقدين المسجونين،31/5/2022 : https://www.amnesty.org/ar

[36] أكبر كيان معارض بمصر يدعو للإسراع في الإفراج عن سجناء الرأي، موقع الجزيرة مباشر، 19/7/2022 . .

الوسوم

شريف هلالي

محامي وباحث حقوقي مصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى