اقتصادتقارير

مصر: مخاطر استخدام البطاطا في إنتاج الخبز

تُعاني مصر أكثر من أي دولة في العالم بسبب الارتفاع غير المسبوق في أسعار القمح العالمية وشحه في سوق تجارة الحبوب الدولية بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي بدأت في 24 فبراير/شباط 2022، وما زالت مستمرة، وما فرضته على مصر من ضغوط على الموازنة العامة للدولة وموارد النقد الأجنبي، لأنها أكبر مستورد للقمح في العالم بمعدل وصل إلى 13 مليون طن في العام 2021 يأتي 90% منها من الدولتين المتحاربتين.

وللتغلب على أزمة استيراد القمح، كشف وزير التموين والتجارة الداخلية المصري علي المصيلحي، عن اتجاه الوزارة لاستخدام البطاطا الحلوة في خليط مع دقيق القمح لإنتاج رغيف الخبز البلدي المدعم، ضمن خطط الحكومة لتقليل استيراد القمح الذي تأثر بتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.

وكثر الحديث حول الفكرة الجديدة بين مؤيد ومعارض وساخر في البرامج الحوارية ومواقع التواصل الاجتماعي. وكان التركيز على مدى استساغة المواطن المصري لطعم الخبز المحتوي على البطاطا أكثر من احتمال إمكانية تطبيق الفكرة ابتداءً من الناحية الفنية، ونجاعتها من ناحية الجدوى الاقتصادية في حل أزمة القمح بمصر.

وراء هذه الفكرة باحث من علماء مركز البحوث الزراعية المشهود لهم بالكفاءة والتميز، يقول إنه أمضى 20 عاما من حياته البحثية في استنباط أصناف جديدة من البطاطا غزيرة الإنتاج وذات محتوى عال من النشويات ومنخفضة السكريات لتكون مناسبة لصناعة الخبز البلدي المدعم. وهذا نجاح يُحسب للباحث المتخصص في زراعة الخضراوات وإنتاج السلالات النباتية من خلال التهجين بين الأصناف والانتخاب الوراثي.

إن نجاح فكرة التوصل إلى بديل لدقيق القمح للاكتفاء الذاتي ووقف استيراد القمح الذي يستنزف موارد الموازنة العامة للدولة من النقد الأجنبي ويرهن القرار السياسي للدولة ويعرضها للابتزاز السياسي من الدول المصدرة، ويجبرها على شراء أنواع رديئة من القمح تحتوي على سموم ممرضة تكلف أضعاف تكلفة القمح في العلاج، هو حلم ينشده كل مواطن مصري. لكن البديل يتطلب أن يكون مستساغا ومتطابقا مع دقيق القمح من حيث القيمة الغذائية والخواص الفنية أو قريبا من ذلك. وقبل ذلك وبعده، يجب أن تكون عملية إضافة البديل إلى دقيق القمح قابلة للتطبيق من الناحية التصنيعية والجدوى الاقتصادية.

يجب الحذر عند إضافة أي مادة غذائية إلى الخبز البلدي المدعم حتى لا تؤثر في قيمته الغذائية وطعمه ومظهره. ذلك أن الخبز البلدي المدعم الذي يصنع من دقيق القمح المستخلص بنسبة 82% هو أهم وأرخص مصدر غذائي للكربوهيدرات والبروتين للمصريين على مدار عدة عقود مضت. وفي دراسة عن الخبز البلدي المدعم في مصر، صدرت سنة 2014 عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 106 صفحات، أكدت النتائج أنه يوفر للمصريين 52% من الاحتياجات الغذائية من السعرات الحرارية و70% من البروتين، وذلك قبل تخفيض وزن الرغيف من 130 غراما إلى 90 غراما. (دراسة الخبز البلدي المدعم في مصر، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مارس 2014)

وللحقيقة، فإن طعم ومظهر الخبز المصنوع من البطاطا ودقيق القمح مقبول جدا. وأذكر أنه قبل قرابة 15 سنة تقريبا، دعاني زميل باحث في محطة البحوث الزراعية بسخا، وهو الدكتور رمضان كناني، رئيس البحوث بمعهد بحوث الأراضي والمياه، وهي محطة البحوث التي يعمل فيها الباحث، لتقييم جودة خبز حضّره من مخلوط البطاطا الحلوة مع دقيق القمح وملاءمتها للتعميم. وكان تقييمي أن طعم الرغيف ومظهره مقبولان. ثم تركز النقاش حول نقطتين هما، انخفاض القيمة الغذائية للخبز الناتج، وصعوبة تجهيز البطاطا عند إضافتها، وهو ما صرف الباحث عن الفكرة.

القيمة الغذائية للبطاطا

أما من ناحية القيمة الغذائية، فإن مراجعة جداول تحليل الأغذية، وهي معتمدة من منظمة الفاو ومرجع لكل باحث ومؤسسة تعمل في مجال التصنيع الغذائي والتغذية، توضح بجلاء أن القيمة الغذائية للبطاطا الحلوة تقل عن مثيلتها في القمح بأضعاف كثيرة. ذلك أن متوسط نسبة البروتين لا تزيد على 2% في البطاطا، مقابل 12% في دقيق القمح.

وهذه النقطة بالذات كانت كفيلة بثني الباحث عن التفكير في استخدام البطاطا في إنتاج الخبز قبل 20 عاما، والاتجاه إلى استخدامها في أغراض غذائية أو صناعية أخرى، أو استخدامها في إنتاج نوع آخر من المخبوزات أو الأغذية الخاصة، التي يطلق عليها اسم الأغذية الوظيفية، ولكن عذره أنه غير متخصص في مجال تغذية الإنسان وتكنولوجيا الخبز.

يتضح أيضا من جداول تحليل الأغذية، أن متوسط نسبة الكربوهيدرات في البطاطا الحلوة 25%، مقابل 72% في دقيق القمح، مما يعني أن إضافة البطاطا إلى الخبز سوف تقلل السعرات الحرارية في رغيف الخبز، وهي قيمة غذائية مهمة للمواطن المصري الذي ليس له بديل غير الخبز في توفير الطاقة والبروتين النباتي الذي يعتبر بديلا ناقصا للبروتين الحيواني الغائب عن موائد المصريين. وهذا دليل آخر على عدم ملاءمة البطاطا في إنتاج الخبز البلدي.

وبعملية حسابية بسيطة يمكن أن نستنتج أن إضافة البطاطا الحلوة المسلوقة إلى دقيق القمح بنسبة واحد إلى واحد سوف تقلل نسبة البروتين في الخبز بنسبة 50%، والسعرات الحرارية بنسبة 30%. وهو ما يجعل استخدام البطاطا المسلوقة أقرب إلى أغذية الحمية المستخدمة في تخفيض وزن المصابين بالسمنة منه إلى خبز يعتمد عليه الملايين في الحصول على احتياجاتهم الأساسية من البروتين والطاقة.

وكذلك فإن متوسط نسبة الرطوبة أو الماء مجازا في البطاطا هو 70% مقابل 10% في دقيق القمح. وهذا معناه أن إضافة البطاطا إلى دقيق القمح هي إضافة للماء أكثر من أي مكون غذائي آخر. والخلاصة أن خلط البطاطا الحلوة مع دقيق القمح لإنتاج رغيف الخبز البلدي المدعم يقلل القيمة الغذائية للخبز الذي يعتمد عليه 90% من المصريين في سد الجوع وتوفير الاحتياجات من الطاقة والبروتين، ويضر بالصحة العامة خاصة لدى الأطفال في مرحلة النمو.

التحديات التكنولوجية

تُعد “القابلية للتطبيق والجدوى الاقتصادية” من أهم جوانب تقييم البحوث العلمية المحكمة في مركز البحوث الزراعية. ومن الناحية التكنولوجية، تحتاج درنات البطاطا إلى عملية سلق لإنجاز ما يعرف بـ”جلتنة النشا، حتى يمكن خلطها بدقيق القمح المعد لصناعة الخبز، وهو ما اقترحه الباحث وقام به في المعمل وعند التطبيق على نطاق صغير في المخبز. ولكن عند تطبيق الفكرة على نطاق واسع، فإن عملية السلق ستكون مكلفة اقتصاديا ومهدرة للوقت والطاقة.

وذلك لأن العملية تحتاج إلى أيد عاملة لفرز الدرنات داخل كل مخبز، واستبعاد التالف والمصاب بالعفن الذي سيلوث الخبز في حالة التساهل في عملية الفرز. وتحتاج العملية التصنيعية إلى استهلاك كميات كبيرة من المياه في عملية غسيل الدرنات للتخلص من بقايا التربة الزراعية. وكذلك يحتاج المخبز إلى مصدر للطاقة المستخدمة في عملية السلق، غاز أو سولار، مما يعد تكلفة مضاعفة لصناعة الخبز المخلوط بالبطاطا تكفي هي الأخرى لرفض الفكرة.

اقترح الباحث أيضا طريقة أخرى لتداول البطاطا من خلال تجميدها بعد السلق وتعبئتها في عبوات تزن 20 كيلوغراما ومضاعفاتها وتوزيعها على المخابز مجمدة. لكن ذلك يتطلب إنشاء مصانع كبيرة لتجهيز الدرنات وسلقها، ثم تعبئتها وتجميدها وتخزينها في غرف مجمدة تمهيدا لتوزيعها في ثلاجات محمولة على سيارات مجهزة على المخابز المنتشرة في أنحاء الجمهورية التي وصل عددها إلى 33 ألف مخبز، ثم توفير وسيلة أخرى لتسييح مكعبات البطاطا المجمدة قبل إضافتها إلى الدقيق، وهي طريقة أكثر كلفة من طريقة السلق داخل المخابز.

بدوره، كشف وزير التموين عن طريقة ثالثة لتجهيز درنات البطاطا، وهي تجفيف الدرنات ثم طحنها. ولكنه انتبه لصعوبتها فاستدرك قائلا: إنها إشكالية كبيرة. وهي كذلك بالفعل، وقد يستحيل تنفيذها؛ حيث تحتاج إلى مجففات ضخمة تعمل بالغاز أو الكهرباء لتجفيف البطاطا وهي غير موجودة في مصر، ثم مطاحن تناسب طحن درنات البطاطا الجافة وهي تختلف عن مطاحن القمح وغير موجودة كذلك في مصر. وبعد الحصول على دقيق البطاطا يجب توفير أجهزة لخلطه مع دقيق القمح بطريقة متجانسة. ولصعوبة التجفيف والطحن والخلط المتجانس، من المتوقع أن تفشل هذه الطريقة وغيرها في تجهيز البطاطا، إن كان في مصر بطاطا حاليا أو في العام القادم تكفي للاستخدام في إنتاج الخبز المدعم.

الجدوى الاقتصادية

يقارن الباحث بين متوسط إنتاج الفدان من درنات البطاطا وحبوب القمح، فيقول أنه استطاع أن يصل بإنتاج الأول إلى 20 طن، في حين أن فدان القمح في أفضل حالاته ينتج 20 أردب، وهو ما يعادل 2 طن من الدقيق. وبالتالي فإن إنتاج الفدان الواحد من البطاطا يعادل إنتاج 10 أفدنة من القمح، وفق حواره مع صحيفة الأهرام الحكومية في 24 مارس هذا العام.

وهي مقارنة غير صحيحة، وإستنتاج خاطئ بُني على استدلال خاطئ. فعند مقارنة إنتاج الفدان من البطاطا بالقمح يجب احتساب نسبة الرطوبة في المحصولين. لأن متوسط نسبة الرطوبة، في درنات البطاطا تساوي 70%، ومتوسط نسبة المادة الجافة، كربوهيدرات وبروتين ودهون وعناصر معدنية وفيتامينات، فهي 30%. ويكون الصواب هو أن الفدان الذي ينتج 20 طن من درنات البطاطا ينتج 6 طن من الدقيق. وقد صرح الباحث في صحيفة اليوم السابع بتاريخ 27 يونيو بأن الفدان يعطى 4 طن فقط من الدقيق عند تجفيف البطاطا وطحنها.

في المقابل، فإن متوسط نسبة الرطوبة في القمح المصري لا تزيد عن 9 بالمائة، ونسبة المادة الجافة التي تمثل المكونات الغذائية في الحبة 91 بالمائة. ولذلك يعتبر القمح هو مادة صناعة الخبز الرئيسة في مصر وفي العالم كله ومنذ فجر التاريخ، ولا يوجد بديل كامل له حتى الآن.

والقول بأن فدان القمح ينتج 20 أردب وهو يعادل 2 طن من الدقيق، فهو حساب خاطئ. لأن القمح يتم طحنه بنسبة استخلاص 82 بالمائة لإنتاج رغيف الخبز البلدي المدعم. وتبلغ نسبة التصافي في هذه الحالة 2.5 طن من الدقيق في الفدان، وليس 2 طن، ويمكن زيادتها إلى 2.8 طن للفدان برفع نسبة الاستخلاص إلى 93.3 بالمائة. والنسبة المتبقية تسمى النخالة وهي ذات قيمة غذائية عالية، يستخدم جزء منها في عملية الخبز، والباقي في العلف الحيواني. وحاليا يزيد سعرها عن سعر القمح. ما يعني أن متوسط إنتاج الفدان من القمح هو 3 طن كاملة.

ورغم أن متوسط إنتاج الفدان من القمح 3 طن في مقابل 4 طن من دقيق البطاطا، لكنه ليس مبرر لخلط الخبز بالبطاطا. لأن إنتاجية القمح في مصر تراجعت مؤخرا عن كثير من الدول التي تنتج ما يعادل 4 طن من الفدان. ويوجد في مصر أصناف قمح تنتج 4.5 طن من الفدان ولكن لا يتم تعميمها على المزارعين لأهداف غير وطنية بأي حال.

وفي تصريحه لصحيفة الدستور بتاريخ 27 يونيو، يقول الباحث إن الطن الواحد من البطاطا الجنداوي المسلوقة يعادل طن دقيق، وأن الفدان ينتج 20 طن من البطاطا ويعادل 10 أفدنة من إنتاج القمح. وهذا خطأ كبير، لأن الباحث يحتسب نسبة الماء الموجودة في البطاطا المسلوقة كأنها دقيق، وهذا غير صحيح. ذلك أن دقيق القمح المعد لصناعة الخبز البلدي يضاف له كمية من المياه تعادل 70 بالمائة من وزنه لإتمام عملية العجين، ثم يتبخر معظمها في فرن الخبيز، ويتبقى نسبة 35 بالمائة من الرطوبة في الخبز الناتج.

تجربة فاشلة

أخشى أن نكرر تجربة إضافة دقيق الذرة إلى دقيق القمح بنسبة 20% لإنتاج رغيف الخبز المدعم، وهو القرار الذي نفذه في سنة 1997 الدكتور أحمد جويلي، وزير التموين الأسبق، وكانت حجته أن سعر الذرة أقل من القمح، وأن إضافة الذرة سوف توفر استيراد القمح والعملة الصعبة التي تدفعها الدولة في الاستيراد.

ورغم معارضة المتخصصين في صناعة الطحن القرار في بدايته، لأن دقيق الذرة في حد ذاته يفتقر إلى مادة الجلوتين اللازمة لتكوين عرق العجين، الذي يختص به القمح وحده، وهي لازمة لفصل طبقتي الرغيف أثناء التسوية، والمطاحن القائمة غير مجهزة لطحن حبوب الذرة، وحجم حبيبات نشا الذرة أكبر من مثيلتها في دقيق القمح، واحتمال حدوث خلط غير متجانس للدقيق، طبقت الحكومة القرار دون أن تسمع للمتخصصين.

بعد تنفيذ الفكرة زادت نسبة الخبز التلف أثناء عملية الخبيز، السحلة، وتبين أن الخبز المحتوي على دقيق الذرة يفقد طزاجته بعد وقت قصير لا يزيد عن ساعتين، ثم يصبح غير مناسب للأكل، وزادت نسبة فقد الخبز في صناديق القمامة في المدن، وحظائر الطيور والمواشي ومزارع السمك في القرى. وقدرت الوزارة نسبة فقد الخبز بأكثر من 30%، وأصبح إضافة الذرة إهدارًا للمال العام.

ورغم معارضة القرار خبراء الصحة والتغذية بسبب احتواء دقيق الذرة على نسب عالية من السموم الفطرية والتوكسينات السامة وتسببها في زيادة نسب أمراض السرطان في مصر، استمرت إضافة الذرة طوال عشر سنوات. وفي أزمة الغذاء العالمية في سنة 2007 زاد سعر الذرة عن سعر القمح ورغم ذلك استمرت الحكومة في إضافة الذرة لسنوات أخرى دون مبرر.

منذ بداية تنفيذ القرار عارضه الدكتور أحمد السيد البردينى، استشاري أنظمة الجودة وسلامة الغذاء، ورئيس قطاع بشركة مطاحن شمال القاهرة سابقا، وقدم دراسات تؤكد سرعة إصابة الذرة بالفطريات المنتجة للسموم الفطرية “الافلاتوكسين والاوكراتوكسين”، والتى تسبب أمراضا خطيرة، مثل السرطان والفشل الكبدى والكلوى، وتقدم بمذكره بتاريخ 20 ديسمبر عام 2006 إلى الدكتور على المصيلحى، وزير التضامن الاجتماعى وقتها، حول ضرورة إلغاء نسبة محصول الذرة من الدقيق المستخدم لإنتاج الخبز البلدي المدعم دون جدوى.

ثم قامت ثورة يناير وأوقف الدكتور باسم عودة، وزير التموين في عهد الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، إضافة دقيق الذرة إلى الخبز ما أدى إلى تحسين جودة الخبز بشهادة المجتمع المصري كله.

فجوة في الأعلاف 

نجاح الباحث المتخصص في تربية الخضر في استنباط سلالة من البطاطا يصل إنتاج الفدان منها إلى 20 طن هو انجاز كبير يحسب للباحث وينبغي أن يكافأ عليه. سيما أن المتوسط العالمي لإنتاج الفدان من السلالات الأخرى في حدود 15 طن فقط. ولكن الإصرار على استخدام البطاطا في إنتاج الخبز البلدي المدعم هو المشكلة. وهنا سؤال مهم ألا وهو، لماذا لا توجه البطاطا إلى الاستخدام في الأعلاف الحيوانية والتي تعاني من فجوة كبيرة في مصر ربما أكبر من فجوة القمح؟

في العام الماضي بلغت واردات مصر من الأعلاف المتمثلة في الذرة الصفراء وفول الصويا 15.5 مليون طن، بمعدل 11 مليون طن من الذرة الصفراء، ومن الصويا 4.5 مليون طن، وفق تقرير الإدارة المركزية للحجر الزراعي. وهي كمية كبيرة تفوق واردات مصر من القمح والتي وصلت إلى 13 مليون طن. وتكلفة استيراد الأعلاف بالدولار أعلى من تكلفة استيراد القمح ايضا.

الصين هي أكبر منتج للبطاطا الحلوة في العالم، بمعدل 50 مليون طن، تمثل 50 بالمائة من الإنتاج العالمي. وتشير الإحصاءات إلى استخدام 65 بالمائة من إنتاج البطاطا الحلوة في الصين وفي دول الإنتاج الأخرى في تغذية الحيوانات. والنسبة الباقية توجه للاستخدامات الصناعية في إنتاج النشا والكحول الصناعي والوقود الحيوي وتغذية الإنسان.

الخلاصة، أنه لا بديل للقمح في صناعة الخبز، والعالم لم ينجح بعد في إيجاد بديل كامل يمكن أن يحل محل القمح في إنتاج الخبز. وإصرار النظام على إضافة بدائل للقمح في رغيف الخبز البلدي المدعم مثل الذرة أو البطاطا أو غيرهما هو اضرار متعمد بصحة المصريين، وإهدار للمال العام ولجهود الباحثين في بحوث غير تطبيقية. ودعم الحكومة للبحوث الزراعية الرامية لزيادة إنتاجية القمح باستنباط أصناف عالية الإنتاج ومقاومة للأمراض النباتية، وتحسين جودة الخبز البلدي المدعم أكثر جدوى من البحث عن بدائل للقمح.

وفي تقديري أن رفع نسبة استخلاص الدقيق المستخدم في إنتاج الخبز من 82% إلى 87.5% أو 93.3% يمكن أن يكون أكثر نجاحا في حل جزء من أزمة القمح الحالية. بمعنى أن تزيد كمية الدقيق الناتجة من طحن 100 كيلوغرام من القمح إلى 87.5 كيلوغرام أو 93.3 كيلو غرام بدلا من 82 كيلوغرام فقط. هذه الطريقة توفر نصف مليون أو مليون طن من إجمالي 10 ملايين طن يتم استخدامها في إنتاج الخبز البلدي المدعم، مع المحافظة على جودة الخبز.

ولكنها لن تكون حلا كاملا لأزمة القمح في مصر. ولذلك فإن التركيز نحو الهدف، وهو الاكتفاء الذاتي من القمح، وفق الخطة التي وضعها الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، في سنة 2012 وأتت أكلها بنسبة 30 بالمائة في أول سنة من خلال تقديم أسعار مجزية للمزارعين وتشجيعهم على زيادة المساحة المنزرعة بالمحصول الإستراتيجي أصبحت بسبب الأزمة الحالية ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى. ولا أمل التأكيد على أن تطبيق الدورة الزراعية ونشر البذور عالية الإنتاج يمكن أن يضاعفا إنتاج القمح رأسيا قبل زيادة المساحة الأفقية.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى