تقديرات

مصر والتنافس الخليجي على شرق أفريقيا

 

شهدت الآونة الأخيرة توترا في العلاقات المصرية مع السعودية تحديدا بسبب عدة ملفات منها الملف السوي والعلاقة مع إيران، ثم أخيرا قضية تيران وصنافير. هذا التوتر دفع بعض المحللين إلى تفسير كل تحرك يقوم به هذا الطرف أو ذاك على أنه انتقاص أو نوع من “المكايدة السياسية” للطرف الآخر. وكانت التحركات في مجال البحر الأحمر وشرق أفريقيا، الذي يعد أحد أهم دوائر الأمن القومي المصري منذ عام 1973 أحد مجالات هذه التأويلات، ومن ذلك زيارة أحمد الخطيب أحد كبار مستشار الديوان الملكي السعودي لإثيوبيا، وزيارته لسد النهضة، وكذلك المحادثات السعودية مع جيبوتي لإقامة قاعدة عسكرية لها في الضفة الثانية لمضيق المندب الاستراتيجي المواجهة لليمن الخاضع لسيطرة الحوثيين في أجزائه الجنوبية. وفي المقابل وجدنا السيسي يستقبل رئيس جبيبوتي عمر جيله ويناقش معه هذه القاعدة، وكذلك يفتتح مقر ما يسمى بالأسطول الجنوبي في مدينة سفاجا بهدف توسيع النفوذ في البحر الأحمر لاسيما بعد رفع العلم على حاملة الطائرات ميسترال الفرنسية التي اشتراها قبل أكثر من عام لتكون تابعة لهذا الأسطول، وكذلك نقل موقع القيادة البحرية من الاسكندرية على البحر المتوسط شمالا، إلى سفاجا. هذه التحركات في شرق أفريقيا لا تقتصر على السعودية فحسب، وإنما تتعداها لتشمل كل دول الخليج ربما باستثناء سلطنة عمان.

وبالتالي بات التساؤل الرئيس هو: هل هذا الاهتمام الخليجي بشرق أفريقيا هو اهتمام تكتيكي مؤقت يرتبط بالخلاف السعودي المصري الأخير بشأن الملف السوري ومن قبله اليمني، أم أنه مرتبط بمجموعة من الأهداف العسكرية والأمنية والاقتصادية، بل والدينية أيضاً؟

هذا التساؤل الريئس ينبثق عنه عدة تساؤلات فرعية تبحث عن إجابات منها: ما هي محددات وأهداف الاهتمام الخليجي بالشرق الأفريقي؟ وما هي الأهمية الاستراتيجية لشرق افريقيا والبحر الأحمر من منظور الأمن القومي المصري، وكيف يمكن التعامل المصري مع التحركات الخليجية؟

 

أولاً: محددات وأهداف الاهتمام الخليجي بالشرق الأفريقي

تتعدد الأهداف التي تبتغيها دول الخليج والسعودية تحديدا من وراء اهتمامها بهذه المنطقة القريبة جدا من حدودها، ولا يفصلها عنها سوى البحر الأحمر. منها:

1ـ أهداف اقتصادية، تتمثل في الرغبة في الاستثمارات في بعض الدول الأفريقية خاصة شرق القارة لاعتبار القرب الجغرافي، خاصة التي تتوفر فيها مساحات صالحة للزراعة، لاسيما مع وجود أزمةٍ لدى دول الخليج، فيما يتعلق بموضوع الاكتفاء الذاتي من الغذاء. وهذا ما لعبت عليه دول أفريقية عديدة لجذب الاستثمارات الخليجية والسعودية، حيث تعرض لها الاستثمار الزراعي في أراضيها، في مقابل الحصول على المنتجات الغذائية. وهنا، تجدر الإشارة إلى تصريحات رﺋﯾس اﻟوزارء اﻹﺛﯾوﺑﻲ اﻟراحل، ﻣﯾﻠﯾس زﯾﻧﺎوي، ﻟوﺳﺎﺋل إﻋﻼم ﺳﻌودﯾﺔ ﻋﺎم 2008، بأن ﺑﻼدﻩ ﺗرﻏب ﻓﻲ وﺿﻊ ﻣﺋﺎت آﻻف اﻟﻬﻛﺗارات ﺗﺣت ﺗﺻرف ﻣن ﯾرﻏب ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر، كما ﺧﺻﺻت حكومته ﻧﺣو ﻣﻠﯾوﻧﻲ ﻫﻛﺗﺎر ﻣن أﺟود اﻷراﺿﻲ اﻟزراﻋﯾﺔ اﻟﺧﺻﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎطﻌﺗﻲ أﻣﻬرا وأوروﻣيا ﻟﻬذا اﻟﻐرض.

لذا، لا غرابة في أن ﯾﺳﺗﺛﻣر رﺟﺎل أﻋﻣﺎل ﺳﻌودﯾون ﻧﺣو 100 مليون دولار ﻓﻲ أرضٍ زارﻋﯾﺔ ﻹﻧﺗﺎج اﻟﻘﻣﺢ واﻟﺷﻌﯾر واﻷرز. ووفقاً للبيانات المعلنة حتى أكتوبر 2015، بلغ عدد المشروعات السعودية في إثيوبيا 294 مشروعاً بقيمة ثلاثة مليارات دولار، 141 منها في الإنتاج الحيواني والزراعي، و64 مشروعاً صناعياً، ومشروعات أخرى متنوعة.1

2ـ أهداف سياسية، وعسكرية: تتمثل في تحجيم النفوذ الإيراني في منطقة القرن الأفريقي، سواء بمفهومها الضيق (الصومال، جيبوتي، إثيوبيا، إريتريا)، أو بمفهومه الواسع الذي يضم كذلك كينيا وتنزانيا والسودان، لا سيما أن إيران تشكل تهديداً للسعودية بسبب حرب اليمن، حيث يتردد أنها كانت تستخدم إثيوبيا كمركز للدعم اللوجيستي للحوثيين في اليمن.

3ـ أهداف دينية: حيث انتشار التشيع في العديد من هذه الدول، خصوصاً كينيا وتنزانيا، بما يهدد المكانة الدينية للسعودية التي ترى نفسها قبلة للعالم السني.

وفي هذا الإطار، يمكن فهم التحرّكات الخليجية والسعودية في المنطقة، ومنها زيارة وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، لكل من كينيا وتنزانيا في فبراير 2016، وتركيز الرياض على جيبوتي تحديداً، للحليلولة دون هيمنة إيران على ضفتي باب المندب، حيث تسعى إلى إقامة قاعدة عسكرية فيها، وتسيير خطوط ملاحية بين موانئ جيبوتي وجدة وجازان، وكذلك تشكيل لجنة عسكرية مشتركة عقب انطلاق عملية عاصفة الحزم العسكرية لاستعادة الشرعية في اليمن. وبالنسبة لإريتريا، أبرمت السعودية اتفاقاً عسكرياً معها في إبريل 2015، في مجال محاربة الإرهاب والقرصنة في البحر الأحمر. وربما يفسر هذا الاهتمام أسباب قطع بعض هذه الدول، مثل الصومال والسودان، علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، وكذلك تأييد إثيوبيا “عاصفة الحزم”.2

كما قدمت الرياض دعما لمقديشيو بمقدار 50 مليون دولار، مقابل استثمارات كبيرة ربما تقدر بالمليارات للسودان.. ناهيك عن دور ملحوظ لرجال الأعمال السعوديين في إثيوبيا ذاتها، وفي المقابل قيام الإمارات هي الأخرى بإقامة قاعدة أخرى في إريتريا المناوئة تقليديا لإثيوبيا 3.

 

ثانياً: الأهمية الاستراتيجية لشرق افريقيا والبحر الأحمر من منظور الأمن القومي المصري

يمكن القول إن أبعاد الأمن القومي المصري في أفريقيا تتمثل بحسب الأولوية في بعدين أساسيين:

1-الأمن المائي:4 حيث إن مصر تعتمد على مياه النيل القادمة من أفريقيا بنسبة 97% وتمر عبر عدة دول منها دول المنبع والتي تنقسم بدورها إلى دول الهضبة الاثيوبية وبحيرة تانا التي تقع في إطارها اثيوبيا بالأساس، ويأتي منها 85% من المياه عبر النيل الأزرق، في حين تأتي النسبة الباقية من البحيرات العظمى التي تطل عليها دول رواندا، بوروندي، الكونجو الديمقراطية، كينيا، تنزانيا، أوغندا، في حين يعتبر السودان دولة ممر بالنسبة لمصر تمر منه 100% من حصة مصر المقررة ب55.5 مليار متر مكعب سنويا وفق اتفاقيات 1929، 1959.

وبالتالي تشكل دول حوض النيل بشقيه الشرقي “مصر والسودان وإثيوبيا)، والغربي “دول البحيرات العظمى” أهمية قصوى لمصر، وخاصة مع تأثير أية مشروعات مائية تقام في هذه الدول على حصة المواطن المصري من المياه، وبالتالي فإن أي نقص في هذه الكمية ربما يهدد حياة البشر والزرع في آن واحد. وربما هذا يفسر أزمة سد النهضة الاثيوبي الأخير لتأثيراته السلبية المتعددة ليس على حصة المياه، وتبوير الأراضي الزراعية وتردي الأوضاع الاقتصادية لملايين الفلاحين وأسرهم الذين يعيشون على الزراعة، وإنما أيضا على توليد الكهرباء من السد العالي، والتي ستكون لها أضرارا بالغة على الصناعة وغيرها. وبالتالي فإنه ومن هذه الزاوية يشكل تهديدا متعددا للأمن القومي في أبعاده المختلفة “الوجودية، الاقتصادية، الاجتماعية”. ومن ثم، فإن مياه النيل تشكل مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر.

2-الأمن العسكري: ويرتبط بموقع مصر الجيواستراتيجي في شمال شرق القارة، وإطلالها على البحرين المتوسط والأحمر والربط بينهما من خلال قناة السويس التي تعد شريانا هاما للعملة الصعبة في مصر. وهنا ينبغي الإشارة إلى البحر الأحمر الذي تطل عليه دولا عربية أفريقية هي السودان، الصومال، اريتريا، جيبوتي، فضلا عن الدول العربية الأسيوية، وهي السعودية، اليمن، الأردن، فلسطين قبل الاحتلال،وهو يمثل الشريان البحري الذي يربط مصر بخليج عدن والمحيط الهندي ودول أفريقيا الشرقية، فضلا عن كونه يمثل حلقة الوصل بين قارات العالم القديم عبر قناة السويس، ومن ثم فهو منطقة مرور تجارية عالمية هامة للغاية، حيث تمر به أكثر من 60 % من احتياجات أوربا البترولية، كما أن حوضه يتداخل مع عدة أقاليم تمثل أهمية كبيرة لمصر هي المنطقة العربية، الشرق الأوسط، منطقة الخليج، القرن الأفريقي، المحيط الهندي، ومن ثم فإن عدم الاستقرار في هذه الأقاليم ينعكس بالسلب –في الأغلب الأعم – على أمن البحر الأحمر، وبالتالي الأمن المصري، ومن ثم فإن الاستقرار في هذه المناطق سواء الأفريقية أو غير الأفريقية يعد مصلحة أكيدة لمصر والعكس صحيح أيضا.5

ومعنى هذا أن أي تهديد في البحر الأحمر يشكل تهديدا للأمن القومي المصري، بل إنه تم استخدامه في حرب 73 لصالح مصر والعرب بعدما تم اغلاق مدخله الجنوبي “مضيق باب المندب”، أمام سفن النفط القادمة إلى تل أبيب من طهران. وتزداد خطورة البحر الأحمر بالنسبة للأمن القومي المصري من ازدياد التنافس الدولي عليه سواء أثناء الحرب الباردة أو بعدها. وبالتالي فإن مصر تهتم بمنطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا بسبب البحر الأحمر، وهذا يفسر دائما أسباب وصول حملات مصر إبان إبراهيم باشا نجل محمد علي إلى الصومال والحبشة في القرن التاسع عشر باعتبارها خط الدفاع الجنوبي عن الأمن القومي المصري، تماما كما كانت حدود مصر الشمالية تبدأ في حينها من جبال طوروس في سوريا. كما يفسر أسباب اهتمام مصر بقضية القرصنة التي برزت في الصومال أوائل الألفية الثالثة، وتدويل الظاهرة، لما لها من آثار سلبية عليها دفعت للمشاركة بقوات بحرية لتأمين المنطقة الجنوبية للبحر الأحمر.

وهنا يبقى تساؤلان: هل هذا الاهتمام الخليجي بشرق أفريقيا هو اهتمام تكتيكي مؤقت أم أنه اهتمام استراتيجي مرتبط بمجموعة من الأهداف العسكرية والأمنية والاقتصادية، بل والدينية أيضاً؟ وهل يمكن لمصر أن تتحرك بصورة منفردة في منطقة البحر الأحمر تحديدا لاحتواء هذا النفوذ؟

بالنسبة للسؤال الأول: يمكن القول في ضوء ما سبق إن للسعودية أهدافا أخرى استراتيجية، غير “تحريض” إثيوبيا على مصر بشأن سد النهضة. صحيح أن هذا قد يكون أحد الأهداف الفرعية، لكنه ليس الهدف الأساسي من وجهة نظرنا، لا سيما أن الرياض منذ انقلاب السيسي عام 2013 ودعمها الكبير له، لم تضغط في ملف سد النهضة تحديدا بأي صورة، ربما لأنها لا تريد خسارة إثيوبيا، ذات العلاقات الوطيدة مع إيران التي عملت على تقديم الدعم اللوجيستي للحوثيين عبر أديس أبابا.

أما بالنسبة للسؤال الثاني، الخاص بحق مصر بصورة منفردة تعزيز وجودها جنوب البحر الأحمر حيث مضيق باب المندب الذي تطل عليه اليمن وجيبوتي، وتكرار تجربة حرب 1973 عندما قامت بمساعدة اليمن والصومال في اغلاقه ومحاصرة اسرائيل من الجنوب؟

فإن الأجابة عليه بالنفي قولا واحدا. لماذا؟ لأن الاتفاق الأول لفصل القوات بين مصر وإسرائيل عام 1974 تضمن رفع الحصار العربي عن باب المندب وحصول إسرائيل على تعهد أمريكي بعدم تكرار هذا الأمر ثانية من خلال أسطولها السابع المرابط في المحيط الهندي، بل إن الرئيس الأمريكي آنذاك “كارتر” دشن ما عرف في حينها بمبدأ كارتر عام 1976، والذي يسمح بالتدخل العسكري في المنطقة حال تهديد المصالح الأمريكية (وبالطبع المصالح الإسرائيلية)، وظهرت في حينها فكرة تشكيل قوات الانتشار السريع.وفي عام 1982 تم إخبار إسرائيل بأن واشنطن عززت وجودها في البحر الأحمر لحماية حرية الملاحة، ومن بينها الملاحة الإسرائيلية.

وبعد أحداث سبتمبر 2001 قامت الولايات المتحدة بتعزيز وجودها في المنطقة في إطار حربها على ما أسمته “الإرهاب”، فنجحت واشنطن في الحصول على قاعدة عسكرية لها في جيبوتي، بالرغم من وجود أكبر قاعدة فرنسية هناك، ثم نجحت في تشكيل تحالف دولي بحري في هذه المنطقة بهدف تأمين عملية “الحرية الدائمة “Enduring freedom، الخاصة بمكافحة “الإرهاب” في منطقة القرن الأفريقي. ونفس الأمر تكرر مع بروز ظاهرة القرصنة في الصومال قبل أكثر من عشر سنوات. حيث أعلنت قيادة الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين آنذاك عن تشكيل منطقة تأمين بحري في المنطقة الواقعة بين السواحل الصومالية وسواحل اليمن، على شكل مستطيل في منطقة خليج عدن مع التركيز على تخليص المنطقة من أعمال القرصنة، وأن هذه المنطقة سوف تتم مراقبتها من خلال سفن القوات المتحالفة.

إذن فالبحر الأحمر باختصار لم يعد بحيرة عربية كما كان، بل أصبح بحيرة دولية نظرا لمرور ناقلات البترول القادمة من الخليج عبره إلى أوربا وأمريكا، وقدوم واردات الأخيرة عبره إلى هذه الدول، ومعنى هذا أنه لا يجوز لمصر أن تتخذ قرارات منفردة لتأمين المدخل الجنوبي للبحر، بل لا بد من التشاور مع الدول العربية والدولية في آن واحد. أي باختصار هي جزء من التحالف الدولي المهتم بهذه المنطقة.

ولعل هذا يجيب عن التساؤل الأخير الخاص بالقاعدة العسكرية السعودية في جيبوتي وتأثيرها على الأمن المصري، فليس من الممكن أن تقوم السعودية بتحريض جيبوتي على غلق المضيق، ناهيك عن أنها لا تسيطر على الضفة الثانية منه “اليمن”، فضلا عن عدم سماح الولايات المتحدة وفرنسا صاحبتا القاعدتين العسكريتين في جيبوتي بذلك6.

 

ثالثا: كيفية التعامل المصري مع التحركات الخليجية

في التحليل الأخير أن القاهرة تدرك أن باب المندب لم يعد يشكل تهديدا خطيرا على أمنها القومي، خاصة وأن مصدر التهديد التاريخي لها من هذه الجهة “أي إسرائيل”، باتت على علاقة وطيدة بالسيسي. لكن يبدو أن استقبال السيسي لرئيس جيبوتي، والاستعراض العسكري الأخير في البحر الأحمر، يأتي في إطار الرغبة في لفت نظر السعودية لإعادة تقييم علاقاتها معه وعودتها لما كانت من قبل، لا سيما وأن بعض المصادر المصرية أشارت إلى اشتراط الرياض تسلم تيران وصنافير قبل الحديث عن عودة العلاقات لسابق عهدها.ولعل هذا يفسر السبب المفاجئ لقيام الحكومة المصرية بإرسال اتفاقية الجزيرتين على البرلمان للتصديق عليها رغم صدور الحكم النهائي لمحكمة القضاء الإداري بشأنهما.

لكن وفي المقابل يكشف هذا التواجد الخليجي في هذه المنطقة الهامة، ومن قبله التواجد الصيني والإيراني، والتركي، ناهيك عن الصهاينة، عن ضعف وتراجع، بل وانحسار الدور المصري في شرق أفريقيا لاسيما بعد الانقلاب الأخير. وهو ما جعلها تتراجع عن العديد من الملفات الهامة. فملف المصالحة في دارفور بات في الدوحة، وملف الصراع بين السودان وجنوب السودان ذهب لأديس أبابا. بل تردد أنه ربما طلبت مصر في بعض الأحيان وساطة السعودية ثم إسرائيل بشأن سد النهضة. ومن ثم، فإذا كان التواجد الخليجي لا يشكل تهديدا حقيقيا لمصر في هذه المنطقة، فإنه يكشف في المقابل عن تهديدات أخرى مصدرها إسرائيل بالأساس، وإن كان بعض المحللين بدأ يقلل من أهمية هذه المقولة على اعتبار أن إسرائيل باتت حليفة لمصر السيسي، ومن ثم لم تعد تشكل تهديدا لمصر.

إذن لا بد لمصر من وضع استراتيجية شاملة للاهتمام بهذه المنطقة الحيوية التي تشكل تهديدا حيويا للأمن القومي المصري، حتى وإن بدا أن سلطات الانقلاب لا تضعها موضع الجد حتى هذه اللحظة (7).

—————————————-

الهامش

(1) د. أيمن شبانه، حراك دبلوماسي: أهداف التوجه السعودي نحو قارة أفريقيا، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 20 ابريل 2016.

(2) د. بدر شافعي، سد النهضة بين مصر والسعودية، العربي الجديد، 28 ديسمبر 2016

(3) د. بدر شافعي الخليج وأفريقيا… الواقع والمأمول، العربي الجديد، 20 سبتمبر 2016

(4) حول هذه الجزئية أنظر ملخص لندوة “الأمن المائي المصري والتوجه نحو إفريقيا، موقع مجلة السياسة الدولية.

(5) د. محمود أبو العينين، العلاقات الثنائية بين مصر ودول الكوميسا… الإطار الثنائي، مجلة آفاق أفريقية (القاهرة: الهيئة العامة للاستعلامات، العدد الأول، ربيع 2000)، ص ص 62-65

(6) د. بدر شافعي، مصر والسعودية وأمن البحر الأحمر، العربي الجديد، 23 يناير 2017.

(7) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

د. بدر حسن شافعي

باحث وأكاديمي مصري، دكتوراه العلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2011، متخصص في الدراسات الأفريقية، من مؤلفاته: تسوية الصراعات في أفريقيا، ودور شركات الأمن الخاصة في الصراعات الأفريقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى