fbpx
سياسةتقاريرأسيا وافريقيا

مصر ومشروع حفتر التطورات والمسارات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد

شهد الملف الليبي تطورات عدة في الداخل والخارج، وسط حراك عسكري لايقل احتقانا وضبابية عن المشهد السياسي المتردي، صاحب هذا الحراك بروز لاعبين دوليين جدد مثل روسيا، قابل هذا الحراك تأكيدات دولية وإقليمية على ضرورة الحل السياسي وفق الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية (17 كانون أول/ديسمبر 2015)، ورفض الحل العسكري أو التدخل لدعم طرف على حساب آخرين.

 

معركة النفط

المتابع لتحركات الجانب المصري في الأزمة الليبية، يرصد نوعاً من التحفظ في دعم القاهرة لمشروع حفتر، ويترجم ذلك ما حدث في معركة الموانيء النفطية الأخيرة، والتي سيطرت عليها سرايا قوات الدفاع عن بنغازي (قوات مسلحة مناوئة لحفتر في الشرق الليبي)، وطردت قوات حفتر ومن يساندها من قوات أجنبية، بحسب تسجيلات أسرى من قوات حفتر لدى قوات “السرايا” اعترف بعضهم بوجود عناصر من قوات “تشادية” وسودانية في صفوف مقاتلي حفتر، وهو ما نفته قوات الأخير (الشريف، 2017).

لكن سرعان ما استرجع حفتر هذه الموانيء وسط حالة لغط حول من سانده في ذلك، وهو ما كشفه مستشار وزارة الدفاع في حكومة الوفاق الوطني الليبية اللواء سليمان العبيدي، أن حفتر أعاد سيطرته على منطقة الهلال النفطي في سبتمبر/أيلول الماضي بعدما جنّد مرتزقة أفارقة وعربا، وصل تعدادهم 7000 عنصر من العدالة والمساواة (السوداني)”، لافتاً إلى أن جل أركان جيشه هم من أقاربه من قبيلة الفرجان، إذ أنه استعان بـ400 إلى 500 من أبناء قبيلة الفرجان من مصر(bbc، 2017).

وهنا يأتي التساؤل حول سبب هزيمة حفتر السريعة في معركة الموانيء النفطية؟ وسبب انفضاض الدعم الإقليمي لمعركة هامة مثل هذه؟، كون السيطرة على الهلال النفطي كانت أقوى أوراق حفتر للتفاوض ومراوغة الجميع.

تتلخص أسباب الهزيمة السريعة لقوات حفتر في معركة الموانيء النفطية، في الآتي:

1-حالة الصدام بين حفتر وبعض القيادات العسكرية المؤيدة له، وهو ما تسبب في إضعاف القوات المنضوية تحت إمرته، كون لهؤلاء القادة تابعين، واستشعار حالة الخطر تجاه حفتر الذي مكن أبنائه من القوات المسلحة التابعة له، (تم ترقية ابنه صدام إلى رتبة نقيب، رغم كونه لم يدخل الجيش يوما)، كذلك الحملة الأمنية التي قام بها الجنرال ضد منشقين عنه، بتفتيش بيوتهم والقبض على ذويهم، من جهته، وهو ما أكده مصدر عسكري ليبي للباحث، بقوله إن “قوات حفتر تقوم بعمليات خطف وقتل للقيادات العسكرية المنشقة عنها، وتم اختطاف كل من العقيد اللافي المزيني العبيدي والعميد عبد الله مسعود العبيدي، والقبض على 42 ضابطا من الدفاع الجوي في منطقة الرجمة، بشرق ليبيا، واختطاف مقدم من مدينة البيضاء”، لرفضهم الولاء التام لحفتر، وهو ما تسبب في حالة إنهزامية لجنود تابعين لحفتر خوفا من نفس المصير، وهو ما تسبب في إضعاف قواته ومن ثم تقهقهرها أمام قوات سرايا بنغازي في الهلال النفطي.

2- انفضاض الدعم القبائلي عن حفتر، وعلى رأس هذه القبائل قبيلة البراعصة والتي اصطدمت بقوات حفتر علانية ووصفت بعد تصرفاتها بالعمل الإرهابي،”3” (فاروق، 2017).

وإذا نظرنا إلى شرق ليبيا سنجد أن أقوى قبيلتين هناك هما البراعصة والعبيدات؛ فقبيلة البراعصة هي القبيلة التي كان ينتمي لها المستشار مصطفى عبدالجليل، رئيس المجلس الليبي الانتقالي، والعبيدات هي القبيلة التي كان ينتمي لها القائد الشهير اللواء عبد الفتاح يونس (أول عسكري ينشق من نظام القذافي، والذي قُتل في ظروف غامضة، وكان في صراع مع حفتر لقيادة جيش التحرير وقت الثورة) وإليها ينتمي عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي والداعم القوي لحفتر، والعبيدات الذين أعطوا حفتر أبناءهم ليقاتل بهم الإرهابيين يجدون منه كل خذلان، فهو لا زال يعتقل الصديق المبروك العبيدي الذي كان يسعى في الصلح بين أبناء الشرق والغرب دون أي أسباب واضحة.

والبراعصة عندهم غصة من حفتر فيما فعله في ابنهم العقيد فرج البرعصي الذي تم التنكيل به من قبل خليفة حفتر، وهو القائل إن الذين مع حفتر ليسوا جيشًا بل فتات جيش، فأُقيل واقتحمت مزرعته وتعرض لمحاولة اغتيال وكان كل هذا محل استنكار من أهالي مدينته البيضاء، والذين هم القوى الضاربة في جيش حفتر، وبالإضافة إلى ذلك انفضاض أجزاء من قبائل العواقير من عملية الكرامة بعد أن أصبح ابنهم المهدي البرغثي وزيرًا للدفاع في حكومة الوفاق الوطني، وأصبح في نزاع مع حفتر (علي، 2017).

3. ضعف الجبهة الإقليمية التي وقفت خلف حفتر، وعلى رأسهم مصر، حيث استقبلت الحكومة المصرية، عدة أطراف ليبية لبحث حل سياسي بعيدا عن أي صدام عسكري، من بينها أطراف رافضة لوجود حفتر في المشهد، بل في إحدى اللقاءات التي أدارها رئيس الأركان المصري الفريق محمود حجازي مع مجموعة من الإعلاميين والسياسيين الليبيين، اعترض بعضهم على عدم وجود ممثلين للإخوان والإسلاميين في الجلسة، ما جعل حجازي يؤكد أنه وجه لهم الدعوة ولم يحضروا بل طلب من المعترض أن يمثلهم في اللقاء، كما قام بعض مؤيدي حفتر بالثناء على السيسي وتشبيه حفتر به، ما دفع حجازي للغضب ومقاطعته ليؤكد له “نحن هنا من أجل ليبيا وحل مشكلتها ولا داعي لذكر أسماء شخصيات هنا”، (مصدر إعلامي حضر الجلسة ونقل بعض تفاصيلها للباحث).

أضف على ذلك، تصريحات مسؤولين مؤيدين لحفتر تؤكد أن مصر تخلت عن حفتر، ومنها تصريح للنائب الليبي أبو بكر بعيرة –أحد اكبر الداعمين والمروجين لمشوع حفتر- والذي أكد أن مصر نفضت يدها من مساندة الجيش الليبي (يقصد قوات حفتر)، وكلام منسوب للنائب المؤيد لحفتر أيضا زياد دغيم بقوله (مصر سمحت للسرايا بالانتصار في الهلال النفطي لتعاقب حفتر الذي خذلها) (علي، 2017).

 

مصر وحفتر: أسباب الاحتقان

لقاء عدة أطراف بعضها مناويء ورافض لمشروع حفتر، ثم تخلي واضح عن دعم قوات حفتر في معركة هامة مثل الموانيء النفطية، ثم الضغط عليه للقاء رئيس حكومة الوفاق في القاهرة، هذه الثلاثية تؤكد احتقان نظام السيسي من حفتر، بل والضغط على داعمين آخرين في دول الجوار للضغط على الجنرال الطامح من أجل التهدئة وقبول الآخر، وهو ما قابله حفتر بعناد ورفض، وتتلخص أسباب الاحتقان بين مصر وحفتر، والتراجع المصري عن دعم مشروع الأخير، في التالي:

 

1-الحسم العسكري:

منذ انطلاق عملية الكرامة في 14 مايو 2014، ويراهن داعمو حفتر الاقليميين وعلى رأسهم نظام السيسي ودولة الإمارات، على قيام حفتر بعملية حسم عسكري تمكنه من مقاليد البلاد في غضون شهور قليلة، لكن حتى كتابة هذه السطور لم يتمكن الجنرال الليبي من تنفيذ طموحات مؤيديه الاقليميين، وتظل قواته في حالة كر وفر في المنطقة الشرقية حتى الان، ناهيك عن تقدمه نحو الغرب الليبي وخاصة العاصمة طرابلس، وهو ما تسبب في حالة إحباط إقليمي من نجاح مشروع حفتر للسيطرة على ليبيا، دفع المراهنين على التراجع قليلا عن تسخير كامل طاقتهم لتأييد مطلق لحفتر، بل ونقل السيسي نفسه ملف ليبيا من الرئاسة المصرية إلى المخابرات العامة، وكلف محمود حجازي بإدارة الملف والانفتاح على الجميع ودعوة كل الطراف لزيارة القاهرة والاستماع منهم، بل وطلب تقريرا مفصلا عن عمليات حفتر ومدى مصداقية قواته في تحقيق الحسم من عدمه.

وشكل السيسي من قبل لجنة من الاستخبارات الحربية لها صفة “سيادية”، أي تفرض قراراتها على مؤسسات الدولة، لتقييم أداء حفتر عسكرياً في مدينتي بنغازي ودرنة الشرقيتين، وخلصت اللجنة إلى أن القوات المقاتلة مع حفتر براً وجواً، لم تحقق أياً من أهدافها الرامية إلى دخول بنغازين وهو ما تسبب في إحباط السيسي وتخييب آمال حفتر ما دفع الأول إلى إحالة الملف برمته إلى المخابرات العامة. وجعل تغيرًا يطرأ على السياسة المصرية تجاه ليبيا، فبعد أن “راهنت مصر طويلًا على الحسم العسكري من قبل قوات حفتر للنزاع في ليبيا، وهو ما لم يحدث؛ غيرت دفتها للسعي وراء تعديل اتفاق الصخيرات، انطلاقًا من أنه فور الاتفاق على التعديلات، وتنفيذ الاتفاق رسميًا؛ سيُلغى قرار الأمم المتحدة بحظر تسليح الجيش الليبي»، وهو قرار عطل كثيرًا تقدم قوات حفتر، بالرغم من اتهام تقارير عدة لمصر بخرقه، عبر إرسال أسلحة أو دعم عسكري للجيش الوطني الليبي على مدى العامين الماضيين (منيب، 2017).

عملية الفشل في الحسم العسكري، جعلت نظام القاهرة العسكري يتراجع في رؤيته للأمور وأصبحت الرؤية الاستراتيجية المقترحة لمصر هي التواصل مع الجميع، خاصة حكومة الوفاق الليبي المتواجدة في الغرب والتي تحظى بدعم دولي، وبداية الانسحاي الخجل من الارتماء في حضن مشروع حفتر وفقط، وأصبح دور الوسيط هو اللائق بها وليس الداعم.

 

2-لقاء السراج:

حالة من الضجر والتململ المصري صاحبت قرار حفتر المتعنت برفضه لقاء نظمته القاهرة مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فائز السراج، بعد دعوة الطرفين من قبل السيسي شخصيا للحوار والاتفاق على إنهاء الأزمة، إذا فاجأ حفتر الجميع ومنهم السيسي بقرار رفض لقاء السراج قبل انعقاده بدقائق، وهو ما أحرج نظام السيسي الذي سخر إعلامه في الترويج عن قدرة مصر في جمع طرفي النزاع في ليبيا وقدرة السيسي شخصيا في التوفيق بين حفتر والسراج بعدما فشلت عدة دول إقليمية ودولية في الجمع بينهما، لكن كل هذا نسفه حفتر بقرار تسبب في مزيد من احتقان وغضب النظام المصري من تصرفات الجنرال المتمرد، بل وصل الأمر بدفع رئيس أركان الجيش المصري، الفريق محمود حجازي، أن احتج أكثر من مرة خلال الجلسات المتتابعة التي عقدها يومي 13 و14 من شهر فبراير 2017، مع حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، فائز السراج، على تمسك حفتر بعدم الاعتماد على قادة كل المليشيات الليبية الحالية في تشكيل الجيش الوطني ورفضه منصبه وزير الدفاع في حكومة توافق مقترحة، ما أشعر النظام المصري بأن حفتر يقوم بتعقيد الأمور أكثر وأنه لا يواكب مستجدات المشهد الليبي، ليشكل رفض اللقاء صفحة جديدة من حالة التململ المصري ضد مشروع الجنرال الليبي.

 

3- دعم “داعش”:

الأمر الأخطر الذي دفع النظام المصري عن التراجع أكثر عن دعم حفتر، هو وجود تسريبات تؤكد وجود تنسيق بين قوات حفتر ومقاتلي تنظيم داعش في الشرق الليبي، وأنه سمح لهؤلاء المقاتلين بالانسحاب من الشرق عن طريق توفير ممرات آمنة لهم، من أجل السماح لهم بالوصول إلى الغرب الليبي لإثارة القلاقل هناك ضد مناوئيه، وأكد هذه التسريبات نظيرتها الصوتية لصحفي مؤيد لحفتر ويقيم في تونس، خلال اتصاله بأحد قيادات جيش حفتر في الشرق الليبي، وتشديد القيادي على الصحفي بضرورة تحرك مقاتلي “داعش” المتواجدين في منطقة بني وليد (تقع في الشمال الغربي من ليبيا)، من أجل مناصرة حفتر في معركة الموانيء النفطية، والتشديد عليه بعدم رفع أي أعلام سوداء”. (النبأ، 2017).

وعلاقة حفتر بقوات “داعش”، ليست سرا ولا جديدا، فهو من تراجع عن حربهم في مدينة درنة الساحلية، وسمح بوصولهم إلى مدينة سرت دون أي اعتراض من قواته التي كانت مرابطة بالقرب من هذا المكان، وهو ما دفعنا للبحث عن حقيقة هذه العلاقة وأهدافها، وجاءت الإجابة من قبل الطيار الحربي بسلاح الجو الليبي، والضابط برئاسة الأركان الليبية الآن، العقيد عادل عبد الكافي، بقوله، إن “قرابة 100 سيارة مسلحة على متنها أسلحة وجنود لـ(داعش) مرت بخمسة تمركزات لقوات حفتر بالإضافة لقاعدة عسكرية على طول طريق صحراوي مكشوف بطول 800 كيلومتر لتصل إلى سرت”.

وهو ما يدفعنا للتساؤل، والكلام للعقيد الليبي،: “لماذا كانت طائرات حفتر تتجاوز مدينة سرت لتقصف مواقع في مصراته وطرابلس دون أن تسقط صاروخا واحدا على تنظيم (داعش)، الذي كان يتواجد في سرت”؟، ليؤكد الضابط الليبي لنا أن أحد أسباب الاحتقان الواقع بين مصر وحفتر الآن هو تنسيق الأخير مع التنظيم الإرهابي بل وبيع السلاح له (علاء فاروق).

كل هذه الأسباب وغيرها دفعت لاحتقان النظام المصري ضد حفتر، بل وصل الأمر للطلب من داعمين آخرين بضرورة الضغط على حفتر، مثلما فعل وزير الخارجية المصري، سامح شكري، عندما طلب خلال لقاء مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، من قادة الإمارات التشديد على حفتر، ومطالبته بضرورة تهدئة الأجواء، وعدم الإقدام على أي خطوة من شأنها التصعيد وتأجيج صراع جديد في المنطقة، خلال اللقاء الذي جمعهما في فبراير الماضي، ونقل فيه شكري رسالة من السيسي لرئيس الإمارات العربية، لتأكيد التنسيق وتعزيز التشاور بشأن التحديات المتفاقمة التي تواجه المنطقة العربية. (النيل، 2017).

 

– دور الإمارات في معركة الموانيء:

وسط حالة احتقان مصري، لا تزال دولة الإمارات العربية متمسكة بحفتر واعتباره رهانها الوحيد للتواجد في ليبيا وإفشال مشروع الإسلام السياسي التي تزعم أنه البديل عن حفتر، وتمثل هذا التمسك بما قامت به أبوظبي في دعم قوات حفتر لاسترجاع الموانيء النفطية ومعها استرجاع هيبة حفتر العسكرية، عن طريق دعم جوي لقوات حفتر المنهزمة ليساعده على استرداد ورقة النفط بعد عشرة أيام فقط من فقدها، وهو ما أكدته فرضية طرحها الكاتب والمحلل الفرنسي آرنود ديلاندي، حول الدور الذي أدته الإمارات في دعم خليفة حفتر.

وأكدت فرضية الكاتب، أنه وبالوقوف على طبيعة القوات الجوية التابعة لحفتر، والمزودة بطائرات عمرها 30 عاما، يتبين أن “سلاح الطيران الذي يقوده حفتر ليس لديه سوى خمس طائرات (ميغ 21) و(ميغ 23) وبعض طائرات الهليكوبتر من نوع (مي-8) و(مي-35) لمقارعة سرايا الدفاع عن بنغازي وحراسة المنشآت النفطية، أما الطائرات التي أرسلتها روسيا في شهر شباط/ فبراير، فلم تتم إعادة تجميعها بعد.

كل ما سبق، يطرح سؤالا حول كيفية قدرة هذه الطائرات القديمة على حسم معركة انهزمت فيها منذ أيام خلال يومين فقط؟”، ما يؤكد أن “الفرضية الوحيدة المعقولة هي أن جيش حفتر استفاد من مساعدة الإمارات أو مصر أو كلاهما، خاصة أن “الإمارات قامت بنشر 8 طائرات (إير-تراكتر) و3 طائرات دون طيار في قاعدة الخادم الجوية، وسبق أن نشرت صورا لطائرات إماراتية من نوع (إيه تي 802) وطائرات دون طيار (وينغ لونغ) في أجواء منطقة قنفودة، التي شهدت تنفيذ 44 غارة جوية من قبل حفتر، كان منها 23 غارة إماراتية، وهو ما يؤكد معلومة أنه “منذ بداية العام الجاري يتم تشغيل الطائرات الإماراتية عن طريق مرتزقة يعملون لصالح مؤسس شركة (بلاكووتر) والمدير التنفيذي السابق لها إريك برنس”(Delalande, 2017).

 

– بدائل حفتر إقليميا ودوليا:

حفتر منذ ظهوره ارتمى في أحضان مشروع السيسي، ثم توجه غربا إلى واشنطن وذكرهم بتاريخه القديم معهم (عندما ظل أكثر من عشرين عاما لاجئا في ولاية فيرجينيا الأميركية بعد تخلي القذافي عنه بعد حرب تشاد الشهيرة)، لكنه لم يجد قبولا من إدارة أوباما التي دعمت قوات المنطقة الغربية بضربات جوية ضد تنظيم “داعش” في سرت، وهو ما اعتبر ردا على رفض أي علاقة أحادية مع حفتر، ليتوجه شرقا نحو روسيا وسط تنازلات عدة واقتراح تكرار تجربة سوريا مقابل قاعدة بحرية في البحر المتوسط، وهو لايزال مثار لغط وجدل حتى الآن.(الخليج الجديد)

إقليميا: لم يجد حفتر ومشروعه أي ترحيب إلا من قبل مصر، فتونس منذ بداية أزمة ليبيا وهي تدعم الحكومات الشرعية فقط، وتؤكد على الحل السياسي، ومؤخرا وجدت مصلحتها مع قوات الغرب الليبي حيث يشاركها الحدود، وحتى استقبالها لحفتر جاء باهتا فقط للدفع في إجراء حوار ليبي، وكذلك الجزائر التي رفضت استقبال حفتر ببذلته العسكرية، والتي تختلف في الرؤية مع النظام المصري الداعم حتى وقت قريب لحل عسكري، لكن الجزائر تصر على الحل السياسي بما يضمن تأمين حدودها.

دوليا: الرهان الوحيد الآن والبديل هو “روسيا”، والتي تتلاعب بالجميع عن طريق تقديم وعود عدة لكل أطراف الأزمة في ليبيا، حيث استقبلت حفتر مرتين، واستقبلت السراج مثله، وأرسلت قوات إلى المنطقة الشرقية لدعم حفتر، وأرسلت خبراء أمنيين إلى مدينة مصراتة – أكبر الرافضين لمشروع حفتر، لكنها تجد حفتر الحليف الأفضل والأكثر استجابة لكنها لا تستطيع دعمه بالسلاح حتى لاتخالف قرار مجلس الأمن الرافض لتوريد السلاح إلى ليبيا، لكنها لا تزال تطمح إلى دور في شمال إفريقيا عن طريق ليبيا على غرار سوريا.

 

خلاصة:

1-تحركات الفاعليين الاقليميين من تونس والجزائر، مع التزامن بوجود قوة عسكرية حقيقية في الغرب الليبي مؤيدة لحكومة الوفاق وقوة أخرى رافضة لوجود حفتر في المشهد، جعل الحل السياسي أمرا واقعا، لايمكن التكهن بغيره، وأن “ماراثون” الصراع العسكري مصيره التوقف إن عاجلا أو آجلا.

2-الرهان على طرف وحيد في ليبيا، هو رهان خاسر بكل المقاييس، كون الجميع يمسكون بخيوط اللعبة، ناهيك عن البعد القبائلي والمناطقي والتغييرات الدولية في المواقف، ما أجبرت الجميع على السير خلف تحركات أممية ترفض دعم طرف على حساب آخرين.

– أن الاحتقان في المعسكر المصري ليس معناه التخلي التام والواضح عن مشروع حفتر العسكري في ليبيا، فلا تزال العقلية العسكرية يروق لها الحل العسكري وتكرار النموذج، وفي حال استقوى حفتر وسيطر على الغرب الليبي سيعود طرح “سيسي جديد” في ليبيا، وسيعود الدعم المصري إلى مشروع حفتر من جديد.

– لا تزال الإمارات تغرد خارج السرب الإقليمي والدولي، ولا تزال تراهن وبقوة على مشروع حفتر ولن يثنيها عن ذلك أي إخفاقات لحفتر، كونها لاتملك أورواق أخرى في ليبيا، حيث يعتبرها كثيرون في الداخل الليبي أنها ذات أجندة واضحة وداعمة لطرف وحيد على حساب عدة أطراف فاعلة وبقوة في الساحة الليبية، ومن ثم فلا رهان أمامها غير حفتر حتى ولو فشل (1).

——————————

المصادر والمراجع:

  • موقع بي بي سي، فيديو، الزيارة 10 مارس 2017.
  • الخليج الجديد. (28 نوفمبر, 2016)، الرابط
  • موقع النبأ، 8 مارس 2017، الرابط
  • النيل للأخبار، (2017, فبراير 4)، الرابط
  • عبد الله الشريف، العربي الجديد، (5 مارس, 2017)، الرابط.
  • علاء فاروق، عربي 21، بتاريخ 14 فبراير 2017، الرابط
  • قناة النيل للأخبار، 4 فبراير 2017، الرابط
  • موقع مدى مصر، 11 يناير 2017، الرابط
  • هافينغتون بوست، 11 مارس 2017، الرابط
  • وائل علي، موقع إضاءات، (7 مارس, 2017)، الرابط
  • Delalande, A. (2017). French analyst, author and journalist specialised in military aviation. middleeasteye.net.
  • (1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

 

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close