fbpx
تقديرات

موازنة 2016/2017: إشكاليات دستورية واقتصادية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

الموازنة العامة للدولة هي البرنامج المالي للخطة، ومن تحديات تناول قضية الموازنة العامة للدولة في مصر، أنه يتم تناول النقاش فيها بمنأى عن الخطة، وكأنهما موضوعين منفصلين، والملاحظ هنا أنه فيما يتعلق بمستقبل الاقتصاد المصري، أن وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، لم تعلن بعد على موقعها الإلكتروني، عن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2016/2017. بل إن الوزارة بعد تعديل اختصاصاتها في حكومة شريف إسماعيل، وفصل اختصاص التعاون الدولي عنها، قامت بإخفاء كل ما يتعلق بالخطة العامة للدولة في السنوات الماضية، وكذلك تقارير المتابعة الخاصة بالخطة في السنوات الماضية أيضا، وهي تقارير ضرورية للمعرفة الحقيقية لتنفيذ الخطة، وعقد المقارنات بين المستهدفات والواقع.

وتعد الموازنة العامة للدولة بمثابة مرآة للسياسات الاقتصادية بشكل عام، وللسياسات المالية بشكل خاص، حيث يتم من خلالها الاطلاع ومعرفة حقيقة الإيرادات والنفقات، وكذلك الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة، وأيضًا ما يستجد من فرض أعباء جديدة، أو منح مزايا اقتصادية واجتماعية للأفراد والمؤسسات، عبر آلية الضرائب والجمارك، وتوزيع النفقات على الوظائف المختلفة للدولة.

وثمة دور مهم لمجلس النواب بمصر وفي غيرها من الدول، بشأن الموازنة العامة للدولة، حيث يخول مجلس النواب وفق الصلاحيات الممنوحة له بالدستور، أن يعتمد الموازنة العامة للدولة بعد مناقشتها، ثم يراقب أداء الموازنة، ويراجع ميزانيتها في نهاية العام المالي عبر اعتماده للحساب الختامي المقدمة من الحكومة، والمراجع من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات.

ولكن رئيس مجلس النواب المصري (د. على عبدالعال)، سجل ممارسة هي الأولى من نوعها بحق أعضاء مجلس النواب، بشأن مناقشة الموازنة العامة للدولة، حيث هددهم بإحالتهم للجنة القيم، في حالة توجيه انتقادات للسياسة النقدية للحكومة، على الرغم من أن انتقاد الحكومة والرقابة على أعمالها، من أخص اختصاصات مجلس النواب، وتهديد رئيس مجلس النواب جاء بسبب قيام أحد منظمات المجتمع المدني بإعداد دورة تدريبية للنواب حول كيفية مناقشة الموازنة، على الرغم من أن هذه الدورة أقيمت في مرفق حكومي يدين بالولاء للنظام، وهي مؤسسة الأهرام.

أولًا: ملاحظات على المستهدفات العامة:

من المسلمات التي تؤدي إلى الثقة فيما تعرضه الموازنة من أرقام، أن تكون قد بُنيت على تقديرات سليمة، ولكن مقدمات الموازنة شهدت عدة نقاط تؤكد سوء التقديرات التي بنيت عليها الموازنة المصرية لعام 2016/2017:

1ـ ورد في (ص 5) الجدول الخاص بالافتراضات التي بنيت عليها تقديرات الموازنة، أن سعر برميل النفط سيكون بحدود 40 دولار في المتوسط خلال عام 2016/2017، بينما الأسعار السائدة الآن تلامس 50 دولار، ويتوقع أن تستمر هذه الأسعار على مدار العام المالي 2016/2017، لاعتبارات مصالح شركات النفط، لتكون الأسعار السائدة متناسبة مع تكاليف الإنتاج.

سوء التقدير فيما يخص سعر برميل النفط، سوف يؤدي إلى احتساب النفقات بصورة غير سليمة، سواء فيما يتعلق بالأرقام الخاصة بدعم الطاقة، أو تلك المتعلقة بتكلفة الاستيراد للموارد البترولية خلال العام المالي.

2ـ في (ص 6) ذكر البيان المالي أن مشروع الموازنة وبرنامج الحكومة يستهدف تحقيق معدل نمو يصل إلى 5.2%، وأن ذلك سوف يؤدي إلى تخفيض معدل البطالة بنحو 1 نقطة مئوية لتصل إلى 11.5% -12%. وإذا كان البيان يدعي أن النمو المتوقع في عام 2015/2016 بلغ 4.4%، فإن ارتفاع معدل النمو بنحو 0.8% يطرح عدة تساؤلات عن مصادر هذا النمو، في ظل اعتماد الحكومة على الديون بشكل رئيس، وتراجع أداء القطاع الخاص غير النفطي على مدار الشهور الماضي، بسبب نقص الطاقة، وارتفاع تكلفة الإنتاج.

وبالحسابات المتعارف عليها اقتصاديًا فإن تحقيق زيادة في معدل النمو بمقدار 1% تؤدي إلى تخفيض في معدلات البطالة بمعدل 0.5%، فكيف تعلن الحكومة عبر بيانها المالي عن الموازنة عن استهداف تخفيض البطالة بـ 1% في ظل استهداف زيادة معدل النمو بأقل من 1%.

3ـ كذلك فإن البيان المالي يتضارب في تقديراته بهذا الخصوص، ففي حين ذكر في (ص 6) أن ارتفاع أداء معدل النمو من 4.4% إلى 5.2% سيؤدي إلى تخفيض معدلات البطالة بـ 1 نقطة%، نجده في (ص 28) يذكر ضمن إنجازات الاقتصاد المصري، أن ارتفاع معدل النمو من 2.2% إلى 4.2% أدى إلى انخفاض البطالة من 13.3% إلى 12.7%، أي بنحو 0.6%.

4ـ في (ص 8) أشار البيان إلى أن المستهدف أن ينخفض التضخم تدريجيًا حتى يصل إلى 7% -8% في عام 2019/2020، دون أن يشير إلى مستهدفات العام المالي 2016/2017، نظرًا للواقع الملموس والذي يعكس ارتفاع معدلات التضخم بسبب أزمة الدولار، وارتفاع تكاليف الإنتاج.

والحديث عن انخفاض معدلات التضخم في مصر حتى في عام 2019/2020، أي بعد 4 سنوات من الآن، ليس له شواهد تدل عليه، فمن ناحية جانب الطلب لم تتوقف الحكومة بعد عن طباعة النقود بدون غطاء، وهو ما توضحه بيانات البنك المركزي المصري، عبر النشرة الاقتصادية الشهرية. وفي جانب العرض هناك مجموعة من العوامل، مثل ارتفاع تكلفة الواردات ومستلزمات الإنتاج بسبب أزمة الدولار وانخفاض قيمة الجنيه، وكذلك عدم توفير الطاقة للصناعة المصرية، حيث تتوقف صناعات مهمة عن الإنتاج لعدة شهور كما حدث في صناعة الحديد مؤخرًا.

5ـ في (ص 9) استهدف البيان أن يرتفع احتياطي النقد الأجنبي ليغطي من 3 – 4 أشهر من الواردات، وأن الاحتياطي ارتفاع إلى 17 مليار دولار بنهاية أبريل 2016، وثمة ملحوظتين على هذا الأمر، الأولى أن مستهدفات الحكومة دون الحد الأدنى الآمن، وهو أن تغطي احتياطيات النقد الأجنبي 6 اشهر على الأقل، وأن أية تغطية دون 6 أشهر تعد هدفًا متواضعًا، والملاحظة الثانية، أن الحكومة لازالت تعتمد على احتياطي من النقد الأجنبي قوامه الديون والودائع الخاصة بدول عربية وأجنبية بالبنك المركزي المصري، وأن الموارد الذاتية لمصر من احتياطيات النقد الأجنبي صفر إن لم تكن بالسالب.

ثانيًا: الملامح العامة لموازنة 2016/2017:

قدر مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2016/2017 أن يبلغ إجمالي المصروفات 936.1 مليار جنيه، وتقدر نسبة الزيادة في إجمالي المصروفات مقارنة بالعام الماضي 12.9%، ويبلغ إجمالي الإيرادات 631.1 مليار جنيه، وتقدير نسبة الزيادة في الإيرادات 20.2%، ليسفر الفارق بين المصروفات والإيرادات المستهدفة عن عجز كلي يبلغ 319.5 مليار جنيه. كما قدر إجمالي الدين العام الحكومي بـ 3.1 تريليون جنيه.

على جانب المصروفات قدرت مخصصات الأجور بـ 228 مليار جنيه، وفوائد الديون 292.5 مليار جنيه، ومخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بـ 210.3 مليار جنيه، والتعليم 103.9 مليار جنيه، والصحة 48.8 مليار جنيه، ودعم المواد البترولية 35 مليار جنيه، ودعم المواد غير البترولية 66.1 مليار جنيه.

وفيما يتعلق بالإيرادات، قدرت الإيرادات الضريبية بـ 433.3 مليار جنيه، والمنح 2.2 مليار جنيه، والإيرادات غير الضريبية 195 مليار جنيه، وعن مضمون الإيرادات الضريبية ذكر البيان المالي بأن الضرائب العامة تبلغ 209.2 مليار جنيه، والضريبة العامة على المبيعات 172.3 مليار جنيه، والضرائب الجمركية 29.5 مليار جنيه.

ثالثًا: الإشكاليات الدستورية:

نص الدستور الذي أعد في ظل الانقلاب العسكري، 2014، في مواده (18 و19 و21 و23) على أن تخصص نسبة من الإنفاق العام على الصحة (3%) والتعليم (4%) والتعليم الجامعي (2%) والبحث العلمي (1%) من الناتج القومي الإجمالي. كما نصت المادة 238 من المواد الانتقالية بالدستور على أن يتم التفعيل الكامل بهذه النسب في العام المالي 2016/2017، وبذلك يجب أن تبلغ مخصصات هذه البنود بنص الدستور 10% من الناتج القومي الإجمالي.

وبالاطلاع على الأرقام الخاصة بالإنفاق على هذه البنود نجد أن مخصصات التعليم 103.9 مليار جنيه، ومخصصات الصحة 48.9 مليار جنيه، أي بإجمالي 152.8 مليار جنيه، بينما نسبة 10% من الناتج القومي الإجمالي لا تقل عن 340 مليار جنيه. وإذا ما أخذنا التقدير الأعلى الوارد في هامش الصفحة رقم 17 من البيان المالي، والتي تعتبر أن هناك مخصصات إضافية من بعض جهات الموازنة العامة والهيئات الاقتصادية، لتصل مخصصات التعليم إلى 123.3 مليار جنيه، والصحة 66.3 مليار جنيه، فإن مجموع هذه المخصصات 189.6 مليار جنيه، وهو دون ما يفرضه الدستور، والذي يتطلب إنفاق 340 مليار جنيه على بندي التعليم والصحة.

وبالتالي يمكن القول أن موازنة 2016/2017 موازنة غير دستورية، وإما أن يطعن عليها وتلزم الحكومة بالمخصصات الواردة في الدستور، وهذا فوق طاقتها المالية، أو تُعدل الدستور وتغاضى عن هذه النسب، أو تتغافل وتصبح موازنة مصر غير دستورية.

رابعًا: ملاحظات على جانب الإيرادات:

1ـ تصل الزيادة في تقدير الإيرادات العامة لحوالي 20% بمشروع الموازنة مقارنة بما هو متوقع في 2015/2016، وتمثل الإيرادات الضريبية حوالي 69% من إجمالي الإيرادات، وهو ما يعكس الطابع الجبائي للموازنة، وهو ما أشار إليه البيان المالي في (ص 39) من أهمية الإيرادات العامة لتغطية العجز، وغاب دور الإيرادات العامة في تحقيق الأدوار الاقتصادية والاجتماعية للدولة، ولعل إصدار قانون خلال الأيام الماضية بفرض ضريبة على راديو السيارات يفسر السلوك الجبائي للحكومة، وكذلك تفاقم أزمة عجز الموازنة والدين العام.

2ـ يضمن مشروع الموازنة إجراءات تتعلق بتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وبغض النظر عن البنية المؤسسية غير المناسبة لتطبيق هذه الضريبية، إلا أنها تأتي استيفاء لشروط صندوق النقد الدولي من جهة، ومن جهة أخرى لتؤدي إلى زيادة الإيرادات الضريبية بنحو 70 مليار جنيه، وفي حالة عدم تطبيقها خلال العام المالي 2016/2017، فإن ذلك سوف يزيد أعباء الدين العام وعجز الموازنة بهذا المبلغ، ويخشى من أن تكون هذه الضريبة عبء جديد في ظل ظروف الركود الاقتصادي بمصر، فضلًا عن أن استهدافها لضم الاقتصاد غير الرسمي للاقتصاد الرسمي محل شك بنسبة كبيرة.

3ـ ظهر بوضوح منذ الانقلاب العسكري 2013، دور المنح في دعم الموازنة العامة للدولة، ولكن مشروع موازنة 2016/2017 لا يتضمن سوى 2.2 مليار جنيه، وهو ما أدى إلى توسع الحكومة في الدين العام، سواء من مصادر محلية أو خارجية، ولذلك يُقدر مشروع الموازنة أن يكون الدين العام 3.1 تريليون جنيه.

4ـ قفزت مخصصات الضريبة العامة للمبيعات في مشروع الموازنة إلى 172 مليار جنيه، مقارنة بـ 160 مليار جنيه متوقع لعام 2015/2016، وبذلك تبلغ نسبة مساهمة ضريبة المبيعات 40% من إجمالي الإيرادات الضريبية، وهذا التوسع يُترجم الواقع الضريبي المصري، الذي يتسم بعد العدالة الضريبية من خلال زيادة الضرائب غير المباشرة، والتي تخص الأغنياء والفقراء، ويفضلها النظام السياسي في مصر، لسهولة الحصول عليها والخصم من المنبع، بينما الضرائب المباشرة تخص الأغنياء بنسبة كبيرة ويسهل التهرب منها.

5ـ تعكس الأرقام الخاصة بالضرائب المُقَّدرة على دخول الأشخاص بتحميل الموظفين بأكثر من طاقتهم، وعدم العدالة الضريبية، ففي حين تبلغ الضرائب على المرتبات نحو 32 مليار وبزيادة قدرها 4 مليارات جنيه، عن مخصصات 2015/2016، نجد أن الضرائب المحصلة على المهن الحرة تتجاوز المليار جنيه بقليل، على الرغم من أن هذه الشريحة تضم الفنانين والرياضيين والأطباء والمكاتب الاستشارية للمحامين والمهندسين، وغيرهم.

6ـ لا تزال هيئة قناة السويس والهيئة العامة للبترول تمثلان الجانب الأكبر للضرائب المحصلة من الشركات، حيث تصل حصتهما 40 مليار جنيه، وبما يصل إلى نسبة 45%، بينما باقي الشركات تدفع 45 مليار جنيه، وهي تضم شركات المساهمة سواء كانت مملوكة للقطاع العام أو الخاص.

خامسًا: ملاحظات على جانب المصروفات:

1ـ يبلغ إجمالي الإنفاق على الأجور وفوائد الديون والدعم والمنح والمزايا الاجتماعية نسبة 78.1%، ولا تزيد الاستثمارات العامة بالموازنة عن نسبة 11.5%، وهو ما يُفسر كون الموازنة المصرية موازنة انفاق جاري أو موازنة استهلاكية، كما يُلاحظ أن هناك مبالغة في تقديرات المبالغ الخاصة بالاستثمارات العامة، فرفعها لتصل إلى 107 مليار جنيه، مقارنة بنحو 65 مليار جنيه مقدر لعام 2015/2016، والملف للنظر هنا بجوار الزيادة المبالغ فيها بقيمة الاستثمارات، أنها تمول بالدين، وهو ما لا يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية لمصر خلال الفترة القادمة.

وعلى الرغم من نص مشروع الموازنة بأنه يسعى لمراعاة الجوانب الاجتماعية، إلا أن الزيادة المدرجة في مخصصات الأجور بحدود 7.6%، بينما معدل التضخم يصل إلى 11%، وهو ما يعني أن مرتبات موظفي الدولة سوف تنخفض بنحو 3%، مع الأخذ في الاعتبار أن تقديرات التضخم من قبل الحكومة لا تعبر عن الواقع الحقيقي، حيث إنها لا تقل عن 20%.

كما غاب الحديث في مجال الإصلاح المالي للأجور بالموازنة عن تطبيق الحدين الأدنى والأعلى لدخول العاملين بالدولة، وبخاصة بعد ان تم إفراغ هذه القرار من مضمونه باستثناء موظفي البنوك والقضاء بموجب أحكام قضائية من تطبيق الحد الأقصى للدخول عليهم.

2ـ بلغت مخصصات فوائد الديون 292.5 مليار جنيه، وبما يزيد عن نسبة 31% من إجمالي المصروفات العامة، وتتجاوز هذه الأعباء، مخصصات الأجور والإنفاق على الصحة بالموازنة، وفي إطار الفرصة البديلة، فإن هذه الأعباء كانت قادرة على إحداث نقلة في الاستثمارات الإنتاجية بقطاعي الزراعة والصناعة، للتخفيف من حدة البطالة، ولتقليل الاستيراد وعجز الميزان الجاري. ولا تعد فوائد الديون هي العبء الوحيد للدين العام، ولكن هناك سداد أقساط الديون، والتي لا تُدرج في بنود المصروفات حسب تصنيف صندوق النقد الدولي، والذي تتبعه الموازنة المصرية منذ عام 2006، وتصل مخصصات سداد أقساط الديون إلى 256.3 مليار جنيه.

ومن خلال ما أشير إليه من معالجة للدين العام، نجد أن أدوات السياسة المالية قاصرة، وتكتفي بمجرد تدوير الديون، ولا تعرض أية برامج لسداد أصل الديون، كما تلجأ الحكومة عادة للمبالغة في تقديرات الناتج المحلي لتقليل نسبة الدين العام للناتج المحلي.

كما لم تعرض الحكومة لمعالجة قضية زيادة العجز بالموازنة العامة والبالغ 11.5% في عام 2015/2016، سوى أن تتهرب من خلال وضع تقديرات بأقل من الواقع، ويثبت عدم صحتها كما حدث على مدار العامين الماضيين، لقد أعلنت الحكومة عبر موازنتها في العامين السابقين بأنها ستحقق عجزًا بالموازنة دون نسبة 10%، ولكن الواقع تجاوز هذه المعدلات إلى 12.8% و11.5% على التوالي.

3ـ من الأهمية بمكان أن نشير إلى مخصصات الدفاع والأمن القومي والتي بلغت بمشروع الموازنة 47.1 مليار جنيه، وبنسبة زيادة 9.1% عن عام 2015/2016، ومن غير المقبول أن يكون الحديث عن الأوضاع الاقتصادية للجيش في إطار ما يدرج له في الموازنة العامة للدولة، حيث لوحظ توسعًا كبيرًا للجيش في اقتصاد الدولة، ومزاحمة القطاعات المدنية الاقتصادية، سواء كانت مملوكة للقطاع الخاص أو العام، كما أن الجيش يمتلك عدة حسابات وصناديق خاصة، يتم استثنائها من توريد أية نسب من أرصدتها للموازنة العامة لتغطية العجز، كما تلزم الحكومي باقي الصناديق الخاصة في الجهاز الإداري للدولة.

4ـ تم تخفيض مخصصات الدعم في مجموعة من البنود التي تمس حياة المواطنين بشكل رئيس، منها على سبيل المثال، تراجع مخصصات الإسكان الاجتماعي من 2 مليار جنيه إلى 1.5 مليار جنيه، كذلك تم تخفيض دعم المواد البترولية بنحو 25 مليار جنيه، بسبب تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، وهو ما يعني أن أية زيادة في أسعار النفط بالسوق الدولية، سوف تُحملها الحكومة للمواطنين عبر زيادة أسعار الوقود، كما تم تخفيض دعم الكهرباء بنحو 2 مليار جنيه، من خلال زيادة قيمة الاستهلاك التي يتم تحصيلها بشكل دوري من المواطنين. وفي نفس الوقت الذي تتراجع فيه مخصصات الخدمات التي يستفيد منها شريحة كبيرة من المواطنين، نجد أن الحكومة حريصة على دعم الأغنياء بواقع 4.6 مليار جنيه لدعم الصادرات على الرغم من تراجع الصادرات على مدار العامين الماضيين.

5ـ تتضمن المصروفات ما يسمى “موازنات السطر الواحد”، وفق ما نص عليه دستور 2014، أو قانون الموازنة، وتشمل الدفاع والأمن القومي، والقضاء، والمحكمة الدستورية، والجهاز المركزي للمحاسبات، ومجلس النواب، وهو ما يزيد من عدم الشافية بالموازنة، وغياب الدور الرقابي، وكذلك إهمال حق المواطن في معرفة التصرف فيما يدفعه من ضرائب، أو التصرف في الإيرادات العامة للدولة بشكل عام (1).

————————————–

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close