أثارت الورقة الأولى العديد من التساؤلات في إطار السعي نحو تحليل الموجة الثانية من الخصخصة والتي بدأت فعلياً تحت شعار الطروحات الحكومية، وكانت أهم تلك التساؤلات، هل سيكون طرح أسهم الشركات العاملة بالسوق الآن تكرارا لتجربة الخصخصة السابقة، أم هي فقط استجابة ضرورية لمتطلبات صندوق النقد الدولي، أم لإنعاش سوق الأوراق المالية، وكيف سيتم التسعير هذه المرة مقارنة بالأسعار الحقيقية؟
وستحاول الورقة الإجابة على تلك التساؤلات من خلال النقاط التالية:
1- إعادة التجربة:
رغم فشل تجربة الخصخصة بامتياز، في عهد الرئيس الأسبق مبارك، وما شابها من عمليات فساد ونهب منهمج للمال العام، إلا أن الخطوات الحالية في الطرح الحكومي للعديد من الشركات أو أجزائها في البورصة، تشير بوضوح إلى محاولة تكرار السناريو السابق فقط بتغيير الشعار.
أصدرت الحكومة المصرية السابقة برئاسة شريف إسماعيل قرارا في مارس 2018 بطرح شركات قطاع الأعمال والقطاع العام المملوكة للدولة في البورصة، وهو ما يمكن وصفه بأنه نمط جديد من أنماط الخصخصة، يستهدف مواجهة عجز الموازنة وجذب الاستثمار، وذهب آخرون إلى أن هذه الخطوة تمثل خضوعا صريحا لإملاءات صندوق النقد الدولي الذي يهدف للقضاء على القطاع العام والتوظيف الحكومي، وكلا التحليلين كان من مبررات الموجة الأولى.
كما أن الإصرار على العودة إلى الخصخصة تشير إليه بوضوح المستهدفات الحكومية المعلنة من وراء الطروحات، وأهمها تحقيق عائد 80 مليار جنيه للمساهمة في سداد عجز الموازنة، وبالطبع فإن هذا العائد المقدر لا يكفي إلا لسداد نسبة ضئيلة من عجز الموازنة لن تزيد عن 18% من إجمالي العجز الذي وصل إلى 432 مليار جنيه، وقت طرح الشركات بالبورصة.
كما أن تقدير الحكومة لقيمة الشركات المزمع طرحها، بل واختيار الشركات نفسها وتعمد تجاهل معايير الاختيار، والتركيز على البدء بالشركات ذات الربحية العالية، كل ذلك يشير بوضوح إلى محاولة استنساخ التجربة السابقة، بالطبع بغية تحقيق نفس الأهداف للمرة السابقة وعلى رأسها التربح.
كما أن التعلل بمحاولة تنشيط البورصة المصرية من خلال تلك الطروحات لا يبدو مقنعاً، فجملة الأصول المتداولة في البورصة المصرية لا تتجاوز 32% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة متدنية للغاية، لن يضيف إليها شيئا يذكر 80 مليار جنيه قيمة الطروحات الجديدة، ومشكلة الأصول المتداولة تكمن في ضعف هيكلي للاقتصاد المصري، لن تنشطه طروحات.
وأخيراً فان الطروحات الجديدة هي عملية نقل للملكية إلى المالك الجديد للسهم، ودون أي شروط مسبقة للتعامل مع العمال أو مع أصول الشركة-العقاري منها تحديدا-أو حتى مع البحث والتطوير داخل الشركة، وتلك النقاط كانت أهم سلبيات الموجة الأولى-بالطبع إلى جانب التقييم-وأهملت تماما تحت الشعار الجديد.
صندوق النقد الدولي والموجة الجديدة للخصخصة:
جاءت الموجة الأولى للخصخصة في مصر رضوخًا لشروط اتفاق صندوق النقد الدولي الذي نصح مصر منتصف التسعينيات بالخصخصة، ثم عاد ليطالب بتكرار السيناريو هذه الأيام مقابل الإفراج عن الشرائح المتبقية من القرض الذي وافق على منحه للقاهرة.
لكن الحكومة لا تقول إنها تتحرك تحت ضغط صندوق النقد الدولي الذي يقرضها 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات بدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ولا تقول إنها تلجأ للخصخصة لسد عجز مالي، بل تعلن أن هدفها تنشيط البورصة وزيادة رؤوس الأموال فيها وتطوير الشركات المستهدفة، وتلك هي نفسها المبررات التي اعتاد نظام مبارك الترويج لها.
ويشير الواقع الاقتصادي إلى أن الخصخصة شرط من شروط صندوق النقد الدولي لصرف الدفعات الباقية من القرض، إذ إن الصندوق يدفع دائمًا في اتجاه تمكين القطاع الخاص وتخفيف سيطرة الدولة على النشاط الاقتصادي وكذلك تخفيف الأعباء المالية عن الدولة، بصرف النظر عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية الجانبية.
عموماً أياً كانت الأسباب التي دعت الحكومة للعودة للخصخصة، فمخاوف المواطنين تتمثل في الخوف من تسريح العمال والموظفين وزيادة البطالة، وسيطرة القطاع الخاص على الخدمات كالكهرباء والمياه والصحة وتحكّمه في أسعارها ما سيمثل عبئاً على المواطنين الفقراء ومتوسطي الدخل؛ خاصة أن الدولة لم تقم الدولة حتى الآن بتغيير آليات تنفيذ برنامج الخصخصة عن طريق إعلان خطة الخصخصة بكل شفافية ومناقشتها، وعمل دراسات لمعرفة أسباب خسارة شركات القطاع العام، ومحاولة إصلاحها لتجنب تسريح العمال والموظفين.
وبناءً على ما سبق فان الباحث يرى أن الطروحات الحكومية الحالية هي الموجة الثانية للخصخصة، تحت شعار جديد، حاولت به الحكومة الاختباء وراء شروط صندوق النقد الدولي، والتهرب من أية التزامات تجاه العمال والبحث والتطوير والمحافظة على الأصول، والتقييم علي أسس علمية.
2-الشركات المتوقع خصخصتها العام الحالي:
من أبرز الشركات المتوقع خصخصتها خلال الفترة المقبلة، شركات الحديد والصلب وممفيس للأدوية، والعربية للشحن والتفريغ، والقومية للأسمنت، وراكتا للورق، والشركة العربية لتصنيع الزجاج الدوائي بالسويس، وأبو قير للأسمدة بالإسكندرية، وبيع حصص تقترب من 50% من 6 شركات نفطية تابعة لوزارة البترول هي (إنبي – موبكو – ميدور – أموك – إيثيدكو – سيدبك) و3 بنوك حكومية كبرى هي بنك القاهرة والمصرف المتحد والبنك العربي الأفريقي، بالإضافة لأربع شركات حكومية متخصصة في إنتاج الكهرباء.
ويشرح الشكل التالي الشركات المزمع طرحها خلال العام الحالي:
(نقلا عن بوابة العين الاخبارية)
ووفقا لما نقلته شبكة بلومبرج فإن المرحلة الأولى من الخصخصة ستجري كما يلي:
-مصر الجديدة للإسكان والتعمير: طرح حصة 33% وستبقى للدولة فيها حصة 40%
-الشرقية للدخان: طرح حصة 4.5% وستبقى للدولة فيها حصة 50.5%
-الإسكندرية للزيوت المعدنية: طرح حصة 20% وستبقى للدولة فيها حصة 51%
-الإسكندرية لتداول الحاويات: طرح حصة 30% وستبقى للدولة فيها حصة 65%
-أبو قير للأسمدة: طرح حصة 30% وستبقى للدولة فيها حصة 61%
وقد منح القرار الوزاري رقم 2336 لسنة 2017 الحق للحكومة في بيع شركات القطاع العام المملوكة للدولة سواء كان البيع جزئيًا أو كليًا، فإن عائد بيع هذه الشركات سوف يؤول لثلاثة أمور وهي زيادة رأس مال الشركة، وسداد جزء من مديونياتها، وأخيرا إيداع جزء من الحصيلة في خزينة الدولة، دون تحديد نسبة كل منها، أو أوجه إنفاق هذه الحصيلة، وهو ما يمثل خطرا في حد ذاته ويفتح الباب على مصراعيه للتلاعب.
ومؤخراً أثارت اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب مسألة أين تذهب الحصيلة وكانت محصلة النقاشات أن الحكومة لا تمتلك تصوراً حتى الآن في كيفية استخدام الحصيلة، والنسب التي ستوجه إلى كل بند من البنود السابقة.
3-طرح أسهم شركة (الشرقية إيسترن كومباني):
في بداية شهر مارس الماضي تم بالفعل توقيع عقد لبيع جزء من أسهم شركة (الشرقية إيسترن كومباني) الحكومية في البورصة المصرية تتراوح من 5% إلى 30% من قيمة الشركة، والخطة تشمل شركات أخرى.
وقد صرح وزير قطاع الأعمال بأنه توجد 48 شركة خاسرة سيتم تطويرها عن طريق طرح أسهمها في البورصة، ورغم الإعلان من قبل الحكومة المصرية أن عمليات طرح جزء من أسهم الشركات، ليس بابا خلفيا لموجة خصخصة جديدة، أو استحواذ من قبل رجال أعمال على أسهم الشركات، إلا أن أول طرح (الشرقية للدخان) قد أظهر عكس ذلك.
قبل أن نتحدث عن طرح 4.5% من أسهم شركة الشرقة للدخان، وما شابه هذه العملية من قصور بالغ، فستتطرق الورقة إلى إلقاء نظرة سريعة على هذا السهم ولماذا تم اختياره ليكون أول الغيث كما يريد القائمون على الاقتصاد المصري.
– بداية الشركة الشرقية للدخان أو “إيسترن كومباني”، تتبع وزارة قطاع الأعمال العام، ومؤخرا تم طرح الحصة الإضافية لها في البورصة بقيمة 1.7 مليار جنيه.
- تأسست الشركة في عام 1920، وتمكنت خلال الأعوام الماضية من صناعة التبغ والسجائر في مصر.
ولا يقتصر بيع منتجات الشركة على السوق المحلي فقط، بل إنها تمتد إلى الأسواق الخارجية، وتصنع أيضا للغير وليس فقط لنفسها، وتبلغ حصتها السوقية نحو 70%، مقابل 30% للشركات الأجنبية الأخرى.
– الأرباح السنوية للشرقية للدخان:
- لم يكن اختيار الحكومة المصرية لسهم الشرقية للدخان عشوائياً، بل لأنها إحدى الشركات التى تحقق أرباحا جيدة بالمقارنة بشركات أخرى في قطاع الأعمال العام.
- تعد “الشرقية للدخان” أحد الشركات الناجحة في قطاع الأعمال العام، نظرا لما تحققه من أرباح سنوية تساهم في تمويل الخزانة العامة للدولة، حتى أن إجمالي المبلغ المورد للحكومة خلال العام المالي الماضي بلغ 56 مليار جنيه، في شكل حصة الدولة في الأرباح والضرائب والرسوم الجمركية، بما يمثل 187 مليون جنيه يوميًا خلال أيام العمل المتاحة (300 يوم عمل)” بحسب تقرير الشركة للبورصة.
- سجلت الشركة
خلال العام المالي الماضي 2017 – 2018 صافي ربح بقيمة 4.3 مليار جنيه.
وبحسب المؤشرات المالية للشركة خلال العام المالي الماضي، فإن قيمة مبيعاتها المحلية ارتفعت بنحو مليار جنيه، لتسجل 46.9 مليار جنيه مقابل 36.7 مليار جنيه خلال العام المالي 2016-2017، - بينما انخفضت قيمة صادراتها، بنسبة 27%، لتصل إلى 75 مليون جنيه، مقابل 103 ملايين جنيه العام المالي السابق.
- – تبلغ نسبة أسهم الشركة المتداولة في البورصة حاليًا 39.02%، فيما تملك الشركة القابضة للصناعات الكيماوية إحدى شركات قطاع الأعمال العام نسبة 55%، ويمتلك اتحاد العاملين المساهمين 5.98%، مما يعني أن نسبة 60.98% من أسهم الشركة خارج البورصة.
خلال التسعة شهور الأولى من العام المالي 2017-2018، ارتفعت أرباح الشركة بنسبة 156.3% عن الفترة المقارنة من العام المالي السابق، لتبلغ 3.4 مليار جنيه، وفقًا لنتائج أعمال الشركة.
- في شهر مايو عام 2018، قررت الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة الكيماوية طرح 4% من أسهم الشركة الشرقية للدخان، ضمن برنامج الطروحات الحكومية، الذي كانت قد أعلنت عنه في مارس الماضي، ويتضمن طرح حصص من 23 شركة وبنكًا في البورصة.
- كان من المقرر أن يتم تنفيذ الطرح في الربع الأخير من العام الماضي، لكنها قررت تأجيل التنفيذ بسبب أزمة الأسواق الناشئة وتراجع أسعار الأسهم في البورصة.
- بدأ الطرح العام لأسهم الشركة يوم الأحد 3 مارس 2019، وتم غلق الباب يوم الثلاثاء الموافق 5 مارس 2019.
- وبحسب هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، في بيان له يوم1 مارس، فإن الطرح الخاص لأسهم الشركة الشرقية للدخان، تمت تغطيته 1.8 مرة وبسعر 17 جنيهًا للسهم الواحد، ويمثل الطرح الخاص نحو 95% من إجمالي الأسهم المطروحة.
- – أعلنت الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، في أول مارس، المضي قدما في الطرح العام والخاص في السوق الثانوي بالبورصة المصرية بحد أقصى عدد 101.250.000 (فقط مائة وواحد مليون ومائتان وخمسون ألف) سهم، بنسبة حتى 4.5% من أسهم رأس مال الشركة الشرقية المصدر من الأسهم المملوكة لشركة الصناعات الكيماوية، وذلك من خلال طرح هذه الأسهم للطرح الثانوي العام والخاص.
- وفقا للبيان، تم تنفيذ طرح عام للجمهور لبيع حد أقصى من الأسهم بعدد 5,062,500 سهم تمثل نسبة 5% من إجمالي الأسهم المطروحة للبيع والتي تمثل نسبة 0.225 % من أسهم رأس مال الشركة.
- نفذت الحكومة عملية الطرح (خاصًا وعامًا)، إذ تم بيع نحو 4.257% من أسهم الشركة من خلال الطرح الخاص للمستثمرين وتمت تغطيته 1.8 مرة.
الطرح الخاص:
- استحوذ المستثمرون الأجانب على نحو 94% من الطرح الخاص، والمصريون نحو 6% فقط، حسب تصريح صحفي لهشام توفيق وزير قطاع الأعمال.
بحسب ما أعلنه مكتب سري الدين للاستشارات القانونية، استحوذ الملياردير الإماراتي محمد العبار ومستثمرون سعوديون على نحو 25% من الحصة المطروحة للبيع من الشركة.
- صرح مكتب سري الدين، الذي يقدم المشورة القانونية للعبار والمستثمرين السعوديين في الصفقة، في بيان صحفي، إن “رجل الأعمال محمد العبار ومستثمرين سعوديين استثمروا أكثر من 400 مليون جنيه في شراء أكثر من 25% من الطرح الخاص والذي بلغ 4.275% من إجمالي أسهم الشرقية للدخان.
- ومن ناحية أخرى أشار مكتب سري الدين (وهذا هو المهم) إلى سعي رجل الأعمال محمد العبار للحصول على تراخيص تصنيع المنتجات التبغية في عدد من الأسواق الخليجية والعراق.
الحصيلة:
- – -توقعت الحكومة، تحقيق حصيلة مالية بقيمة 1.8 مليار جنيه من بيع 4.5% من أسهم الشركة الشرقية للدخان، بحسب تصريح صحفي لوزير قطاع الأعمال.
- القيمة العادلة للسهم في الشرقية للدخان هي 19.8 جنيه، كما خرج تقرير فاروس للاستثمار في فبراير الماضي أي بفارق بين السعر العادل والسعر الذي تم عرضه للبيع هو جنيهان في السهم الواحد من إجمالي 4.5% من الأسهم المطروحة للبيع، وهي نحو 101 مليون سهم.
- بحسب خبراء فإنه إذا تم البيع بالسعر العادل لزادت الأرباح المتوقعة من الطروحات، فوفقا لما صرح به رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، في يوليو العام الماضي، فإن الحصيلة المتوقعة 2.5 مليار، وذلك قبل الطرح الحقيقي في البورصة.
يقدر خبراء أن نتيجة بيع الأسهم بسعر منخفض عن السعر العادل المقدر لأسهم الشركة، فإن هناك خسارة للمال العام للدولة بنحو 500 مليون جنيه في بيع أسهم “الشركة الشرقية للدخان” في البورصة.
- كما أن95% من الأسهم المقررة للطرح تم بيعها في طرح خاص، و5% تم طرحها بعد أيام في الطرح العام، ونتيجة طرح الـ 95% من الأسهم أي نحو 95 مليون سهم، بسعر سهم 17 جنيها كانت إن 94% من الأسهم ذهبت لصالح الأجانب “70% مستثمرين أجانب -30% عرب”.
- بذلك يمكن القول إن ما حدث في هذا الطرح الخاص يعتبر “صفقة” وليس اكتتاب، والفرق بينهما كبير، ففي الصفقة تذهب النسبة الكبيرة من الطرح للطرح الخاص، وبالفعل كانت النسبة الكبيرة من الاستحواذ في الطرح الخاص للأجانب ثم العرب.
- أما الاكتتاب فتزيد فيه نسبة الطرح العام “أو على الاقل لا يكون الفرق بين نسبة الطرح العام والخاص كبيرة للغاية”، ويكون نسبة الاستحواذ الأكبر من الأفراد والمصريين.
- – عموماً يمكن القول إن شكل الصفقة الذي اتخذه طرح الشرقية للدخان عكس صورة سلبية عن البورصة، وقلل من ثقة المستثمرين الأفراد في سوق المال وذلك عكس أهداف برنامج الطروحات.
4-ملابسات الطرح:
- صرحت الحكومة المصرية قبل الطرح بأن هذه التجربة ستكون مختلفة عن السابق، حيث سيتم عن طريق طرح الأسهم للاكتتاب العام ولن يتم البيع لمستثمر بعينه.
- رغم وجود النية الواضحة للحكومة لطرح أسهم الشرقة للدخان، منذ بداية العام الماضي، إلا أن الشركة قد قامت بتقسيم أسهمها بنسبة 3 إلى 1 بتاريخ 30 أبريل 2018 حيث تم تخفيض قيمة السهم الأسمية من 15 جنيها مصريا إلى 5 جنيهات نتيجة لذلك زاد عدد أسهم الشركة من 100 مليون سهم إلى 300 مليون سهم، مما ترتب عليه انخفاض قيمة السهم السوقية من أكثر من 600 إلى 205 جنيهات.
- قامت الشركة بتوزيع نصف سهم مجاني لكل سهم أصلي مما أدى إلى زيادة أسهمها من 300 مليون سهم إلى 450 سهما بتاريخ 15 أغسطس 2018، وانخفضت القيمة السوقية للسهم إلى حوالي 158 جنيها للسهم.
- قامت الشركة بتقسيم أسهمها مرة أخرى بنسبة 5 إلى 1 بتاريخ 27 سبتمبر 2018، حيث تم تخفيض القيمة الأسمية للسهم من 5 جنيهات إلى جنيه واحد للسهم مما أدى إلى زيادة عدد الأسهم من 450 مليون سهم إلى 2250 مليون سهم، وانخفضت القيمة السوقية للسهم إلى 18.94 جنيها للسهم.
- بعد زيادة عدد أسهم الشركة في خلال المراحل السابقة من 100 مليون سهم إلى 2250 مليون سهم، بسبب تقسيم أسهم الشركة على مرحلتين وتوزيع نصف سهم مجاني، مما تسبب في انخفاض سعر السهم من حوالي 600 جنيه إلى 18.94 جنيها بدلا من 26 جنيها نتيجة هذه التقسيمات، أي بنسبة انخفاض أكثر من 25%، ثم كان الطرح بالسعر العادل كما تم تحديده من قبل لجنة الاستثمار وهو 17 جنيها فقط، وهو ما أثار الكثير من علامات الاستفهام وجعل وزرارة المالية تخرج بيانا لتوضيح إجراءات التقسيم، والتي لم تزد الأمر إلا غموضا.
وأخيراً يمكن القول:
- التجربة الأولى لطرح أسهم الشرقية للدخان تشبه كثيرا ما حدث في السابق من عمليات استحواذ لرجال أعمال مقننة، تزيد الشعور بأن الموجة الثانية من عملية الخصخصة والتي تبنتها الإدارة الاقتصادية بمصر لن تختلف كثيرا عما شهدته مصر في عهد الخصخصة الأولى، والتي راح ضحيتها الكثير من العاملين في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال، وهذا ما ظهر جليا في موافقة مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات، علي برنامج المعاش المبكر والذي يستهدف، خروج ألفي موظف من الشركة على المعاش المبكر خلال العام الجاري، وذلك حسب بيان أرسلته الشركة للبورصة المصرية.
- هناك الكثير من الترتيبات التمهيدية غير المبررة سبقت طرح الشرقية للدخان، وساهمت في انخفاض سعر السهم، وساهمت في استحواذ مستثمرين محددين لذلك، ومن الواضح أن هؤلاء كان لديهم ترتيبات وتفاهمات لدرجة أنهم أعلنوا استهدافهم أسواق خارجية بمجرد إتمام عملية الاستحواذ.
- لم تبحث الورقة عن أخطاء أو سقطات لتبرهن بها موقفاً مسبقاً من عملية الخصخصة، وإنما سردت ما حدث في الواقع العملي، ورفضت الحكومة الإجابة عليه أو تبريره، ولعل الطروحات القادمة والتي من المتوقع تسارعها بعد أن تمت التعديلات الدستورية ستكشف الكثير من الأمور، وتبرهن على بعض ما تثيره الورقة باعتباره ترتيبات مسبقة [1].
[1] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.