نحن والعالم عدد 1 مايو 2025

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
يقوم هذا التقرير، الصادر عن المعهد المصري للدراسات، على رصد عدد من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على المشهد المصري والعربي والإقليمي، في الفترة من 25 إبريل 2025 إلى 1 مايو 2025
يهتم التقرير بشكل خاص بالتطورات المتعلقة بالساحتين الإيرانية والتركية، وكذلك على الساحة الإفريقية، خاصة منطقة القرن الإفريقي، بالإضافة إلى بعض التطورات الدولية الأكثر أهمية بالنسبة لمنطقتنا.
تابعنا في هذه النشرة آخر التطورات على الساحة السورية بعد اشتعال التوترات الطائفية في محافظة السويداء وجنوبي دمشق، والتفجير الذي استهدف ميناء رجائي في بندر عباس بإيران، وكذلك تقريراً يتحدث عن بناء طهران منطقة أمنية جديدة حول مجمع “نطنز” النووي السري، بالإضافة إلى الأزمة المتصاعدة بين الهند وباكستان، وملفات عربية وإفريقية ودولية أخرى.
سوريا
توتر أمني في ريف دمشق: اشتباكات في أشرفية صحنايا وسقوط ضحايا
شهدت منطقة “أشرفية صحنايا” غرب العاصمة السورية دمشق، مساء الثلاثاء، اشتباكات عنيفة بين فصائل محلية ومسلحين مجهولين، أسفرت عن مقتل عدد من العناصر الأمنية والمدنيين، وسط انتشار مكثف لقوات وزارة الدفاع السورية لتأمين المداخل والمخارج الرئيسية للمنطقة.
ووفق مصادر محلية، اندلعت الاشتباكات بعد تمركز مجموعة مسلحة في أحد الأبنية السكنية داخل الأشرفية، حيث أقدمت هذه المجموعة على مهاجمة حواجز تابعة للأمن العام والفصائل المحلية، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، بينهم اثنان من الفصائل، إضافة إلى مدنيين لم تُعرف هويتهم بعد.
الهجوم المفاجئ تزامن مع توتر سبق أن شهده ريف دمشق، وتحديداً مدينة جرمانا، في أعقاب انتشار تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد ﷺ، نُسب إلى أحد أبناء الطائفة الدرزية، ما فجّر موجة غضب واسع في أوساط السوريين، رافقتها دعوات للتهدئة من جهات دينية ومدنية.
رواية رسمية وأرقام متباينة
نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر أمني أن مجموعات “خارجة عن القانون” هي من افتعلت الهجوم، موضحة أن إطلاق النار طال آليات مدنية وعناصر أمنية، وأسفر عن سقوط ستة قتلى وعدد من الجرحى.
من جهتها، أكدت وزارة الداخلية السورية عزمها التصدي بحزم لأي محاولة لزعزعة الأمن، بينما أعلنت وزارة الصحة لاحقاً ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 11 قتيلاً، بينهم عناصر أمن ومدنيون.
وفي تطور لافت، صرّح مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام، علي الرفاعي، أن رتلاً مسلحاً حاول التوجه من صحنايا إلى جرمانا، إلا أن حاجزاً أمنياً أوقفه، ما أدّى إلى اندلاع اشتباك مسلح. وبيّن أن المسلحين استخدموا رشاشات خفيفة وقذائف “آر بي جي”، واعتلوا أسطح المباني لاستهداف نقاط الأمن العام، مما أدى إلى مقتل خمسة عناصر أمنيين إضافيين.
كما أُبلغ عن حادثة إطلاق نار استهدفت مركبة قادمة من درعا، فجر الأربعاء، وأدى إلى مقتل ستة من ركّابها، وفق ما أوردته مصادر رسمية.
فرض حظر تجوال واستمرار الطيران المسيّر
صحنايا، التي تُعد من أبرز مدن الغوطة الغربية، يقطنها مزيج سكاني من الطائفتين الدرزية والمسيحية، واستقبلت خلال سنوات الحرب أعداداً كبيرة من المهجّرين من المناطق المجاورة كداريا واليرموك وسبينة. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد سكانها تجاوز 1.5 مليون نسمة.
في ظل التوترات الأمنية، فُرض حظر تجوال مؤقت في صحنايا وأشرفيتها مساء الثلاثاء، رُفع لاحقاً بعد استقرار جزئي للوضع. ورغم ذلك، استمر إغلاق المدارس وفرض قيود على الحركة، بينما حلّقت طائرات مُسيّرة فوق المنطقة منذ يومين دون انقطاع.
شهادات ميدانية وتحركات أهلية
مصادر محلية تحدّثت للجزيرة نت عن تنسيق بين غرفة عمليات صحنايا ورجال الكرامة ووفود من مدينة داريا، سعى لتحييد المنطقة من التصعيد، فيما أُغلقت الطرق المؤدية من جديدة عرطوز. لكنّ خرقاً أمنياً حدث من جهة “أوتوستراد درعا”، حيث أُطلق الرصاص من سيارة مسرعة قرب منطقة القوس – البنك العربي، وأسفر عن أول ضحية.
رغم تدخل وجهاء داريا ومحاولاتهم لاحتواء الوضع، إلا أن الاشتباكات تجدّدت ليلاً، وتراجع حضور الأمن العام بشكل لافت. مصدر ميداني قال إن المجموعة المسلحة لا تزال مجهولة الهوية، مرجّحاً أن تكون من خلفية عشائرية، رافضة لأية وساطة أو دعوات تهدئة. (الجزيرة نت)
غارات إسرائيلية على صحنايا ودمشق تؤكد انتهاء “العملية الأمنية” في المنطقة
في سياق متصل، أفادت مصادر محلية بسماع دوي انفجارات في العاصمة السورية دمشق ومحيطها، الأربعاء، عقب تنفيذ طائرات إسرائيلية سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع داخل مدينة صحنايا بريف دمشق، من بينها ثلاثة أهداف أمنيّة، وفق ما أكده مصدر عسكري سوري.
وبينما أعلنت وسائل إعلام سورية أن الغارات الإسرائيلية على صحنايا بلغت سبع منذ صباح الأربعاء، أكدت قناة الإخبارية السورية، نقلاً عن مدير الأمن العام في ريف دمشق، انتهاء العملية الأمنية التي نفّذتها القوات الحكومية في أشرفية صحنايا ضد ما وُصف بـ”العصابات الخارجة عن القانون”.
قتلى وإصابات في صفوف الأمن والمدنيين
قالت وزارة الداخلية السورية إن إحدى الغارات الإسرائيلية استهدفت موقعاً أمنياً في أشرفية صحنايا، مما أسفر عن مقتل عنصر أمني وإصابة آخرين، كما سُجلت إصابات في صفوف المدنيين جراء القصف.
وفي وقت سابق، أكدت الوزارة مقتل 16 عنصراً من الأمن العام في هجوم استهدف مقراً أمنياً في المنطقة، إضافة إلى إصابة عدد من المدنيين، بينما واصلت قوات الأمن العام تعزيز انتشارها على أطراف مدينة جرمانا، التي شهدت بدورها اشتباكات دموية أسفرت عن مقتل 8 أشخاص.
تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي وطائرات مسيّرة سورية
أفاد مراسل الجزيرة بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية لا تزال تحلق في أجواء العاصمة السورية ومحيطها، وسط حالة من التأهب الأمني. وأكد شهود عيان تحليق طائرات مسيّرة سورية من طراز “شاهين” فوق صحنايا وجرمانا، وقد نفذت إحداها ضربة استهدفت مسلحين داخل المدينة.
كما دخلت تعزيزات عسكرية وقوات تابعة لوزارة الدفاع إلى مواقع الاشتباكات في أشرفية صحنايا، في إطار ما وصفته الداخلية بـ”إجراءات أمنية مشددة تهدف لسحب السلاح غير القانوني وتعزيز الأمن”.
موقف إسرائيل: حماية الدروز داخل سوريا
في تصعيد غير مسبوق، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه قد يتحرك ضد مواقع تابعة للنظام السوري في حال استمر “استهداف أبناء الطائفة الدرزية” داخل الأراضي السورية. وقال المتحدث باسم الجيش إن رئيس الأركان إيال زامير أمر بالاستعداد لعمليات أوسع، وإن الجيش يتابع التطورات الميدانية في سوريا “بحالة تأهب قصوى”.
وفي بيان مشترك، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس بأن “إسرائيل وجهت رسالة إلى النظام السوري تطالبه بمنع إلحاق الضرر بالطائفة الدرزية”، مؤكدين أن تل أبيب تعتبر أمن الدروز في سوريا جزءاً من التزاماتها تجاه “الدروز في إسرائيل”. (الجزيرة نت)
أمير درزي يطالب بحماية دولية للدروز ويمهل الحكومة السورية 6 ساعات لفك الحصار عن صحنايا وجرمانا
أصدر الأمير أبو يحيى حسن الأطرش، أحد أبرز وجهاء الطائفة الدرزية في سوريا، بياناً شديد اللهجة مساء الأربعاء، على خلفية التطورات الأخيرة التي شهدتها منطقتا جرمانا وصحنايا في ريف دمشق، والتي اعتبرها امتداداً لما وصفه بـ”نهج إجرامي يستهدف مكونات الشعب السوري”.
وفي مستهل بيانه، أدان الأطرش بشدة ما وصفه بجرائم ارتُكبت ضد أبناء الطائفة العلوية في الساحل السوري، والتي رأى أنها تمثل سلوكاً متطرفاً لبعض الفصائل المسلحة، ثم أشار إلى أن ذات “اليد الإجرامية” امتدت مؤخراً إلى الطائفة الدرزية، في إشارة إلى الأحداث التي وقعت في جرمانا وأشرفية صحنايا.
مطالب واضحة ومهلة محددة
وفي تصعيد لافت، وجّه الأطرش ثلاث مطالب أساسية:
- مطالبة المجتمع الدولي بمحاكمة كل من تورط في سفك دماء السوريين مؤخراً، وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 260 لعام 1948، الخاص بتجريم الإبادة الجماعية.
- منح الحكومة السورية مهلة مدتها ست ساعات لفك الحصار المفروض – بحسب البيان – عن أهالي أشرفية صحنايا، وفتح وتأمين طريق دمشق–السويداء بشكل كامل.
- الدعوة إلى تشكيل لجنة عليا بعد تنفيذ البندين الأول والثاني، لصياغة مذكرة تفاهم تحفظ أمن وحقوق أبناء الطائفة المعروفة (الدرزية).
تلويح بطلب حماية دولية
وختم الأمير الأطرش بيانه بتحذير واضح، مؤكداً أنه في حال عدم الاستجابة الفورية لمطالبه على الأرض، فإن قيادة الطائفة ستضطر إلى طلب الحماية من أي جهة دولية قادرة على ضمان أمن أبناء السويداء وصون حقوقهم.
وأكد في ختام خطابه أن “الله من وراء القصد”، في إشارة إلى تحميل المسؤولية لمن لا يتحرك لحماية السلم الأهلي.
يُشار إلى أن بيانه يأتي في ظل تصعيد أمني واسع في ريف دمشق، وتزايد التحذيرات من جرّ الجنوب السوري إلى دوامة من الفوضى والانقسام.
أردوغان يتهم إسرائيل بتأجيج النزاع في سوريا وجنبلاط يحذر دروزها من الانخراط في “المشروع الإسرائيلي”
اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، إسرائيل بالسعي إلى تصدير التوتر إلى الأراضي السورية بعد إشعالها فتيل العنف في فلسطين ولبنان، مؤكداً أن تركيا “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات زعزعة استقرار سوريا”.
وفي تصريحاته التي نقلتها وكالة الأناضول، قال أردوغان إن “إسرائيل بدأت بسفك الدماء في سوريا بعد أن أشعلت النار في فلسطين ولبنان”، مضيفاً أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة على ريف دمشق تهدف إلى تقويض الأجواء الإيجابية التي بدأت تتشكل في البلاد عقب الانفتاح السياسي للإدارة السورية الجديدة.
وشدد أردوغان على أن أنقرة “لن تقبل بأي أمر واقع يُفرض في المنطقة، أو بأي تهديد لأمن سوريا ووحدتها”.
جنبلاط يوجّه نداء للدروز في سوريا
وفي سياق متصل، وجّه الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، نداءً إلى أبناء طائفته في سوريا، دعاهم فيه إلى تفويت الفرصة على ما وصفه بـ”المشروع الإسرائيلي الذي يسعى لاستغلال الدروز وتهجيرهم من مناطقهم”.
وأكد جنبلاط أهمية ترسيخ فكرة العيش في سوريا موحدة، معرباً عن استعداده للعودة إلى دمشق والانخراط في حوار يهدف إلى صياغة مطالب درزية متكاملة “تراعي وحدة البلاد وانتماء الطائفة إلى النسيج السوري”.
من جانبه، دعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان إلى ضبط النفس وتجنب ردود الأفعال الانفعالية التي قد تؤدي إلى مزيد من التوتر.
التصعيد الإسرائيلي في صحنايا
تهديدات إسرائيلية وتصريحات عسكرية
وفي موقف تصعيدي، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن رئيس الأركان، إيال زامير، أصدر تعليماته بالاستعداد لتوسيع نطاق الضربات ضد أهداف تابعة للنظام السوري، في حال “استمر استهداف أبناء الطائفة الدرزية”.
وأضاف أن القوات الإسرائيلية في حالة تأهب قصوى، وتراقب عن كثب التطورات في الداخل السوري، تحسّباً لأي طارئ. (الجزيرة نت)
ماذا حدث في جرمانا؟
قتل 6 أشخاص من أبناء مدينة جرمانا بريف دمشق خلال الاشتباكات التي شهدتها فجر الثلاثاء، بين مجموعات غير نظامية، وفق مصادر أمنية للجزيرة.
وأفاد مراسل وكالة الأناضول، بأن مجموعات درزية فتحت النار على قوات الأمن الحكومية بالأسلحة الثقيلة في حي جرمانا، الواقع على بعد نحو 8 كيلومترات من مركز العاصمة السورية.
وعلى إثر ذلك قامت قوات الأمن السورية بتعزيز إجراءاتها الأمنية عبر إرسال عناصر إضافية إلى جرمانا.
لكن مصدرا أمنيا سوريا أكد للجزيرة أن قوات الأمن لم تكن طرفا في اشتباكات جرمانا وكانت تحاول فض اشتباك بين مجموعات غير نظامية.
وتتضارب الأنباء بشأن عدد القتلى، حيث قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عددهم بلغ 4، وقد نددت المرجعية الدينية للدروز في جرمانا بـ”الهجوم المسلح غير المبرر” على المدينة.
استنكار وموقف
وقالت الهيئة الروحية لطائفة “المسلمين الموحدين الدروز” في بيان “نستنكر بشدة، ونشجب، وندين الهجوم المسلح غير المبرر على مدينة جرمانا، الذي استُخدمت فيه مختلف أنواع الأسلحة، واستهدف المدنيين الأبرياء، وروع السكان الآمنين بغير وجه حق”، محمّلة السلطات السورية “المسؤولية الكاملة عما حدث، وعن أي تطورات لاحقة أو تفاقم للأزمة”.
وكانت قد شهدت عدة مدن سورية حالة من الغضب العارم، بعد انتشار تسريب صوتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي نُسب لأحد مشايخ الطائفة الدرزية، تضمن إساءات للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. وأثار التسجيل حالة استياء واسعة بين السوريين، مما انعكس على الشارع بخروج مظاهرات غاضبة في كل من دمشق وحمص وحماة.
وردد المتظاهرون شعارات ذات طابع طائفي، مما زاد من حالة التوتر وأدى إلى تأجيج المشاعر بين مختلف المكونات المجتمعية. وجاءت هذه التطورات قبيل اندلاع مواجهات في مدينة جرمانا ذات الغالبية الدرزية، والتي شهدت بدورها توترات أمنية متصاعدة.
وتحذر جهات مدنية وحقوقية من خطورة الانزلاق نحو مواجهات طائفية أوسع، داعية إلى ضبط النفس، وعدم الانجرار خلف محاولات تأجيج الفتنة، ومطالبة الجهات المختصة بفتح تحقيق شفاف حول التسجيل المسرب ومحاسبة المسؤولين عنه وفق القانون.
مشروع الانفصال الصامت: شبكة إسرائيلية-سورية تدفع الجنوب السوري نحو التفكك
في خضم تدهور الأوضاع الاقتصادية في الجنوب السوري، وتحديداً في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، كشفت تحقيقات فريق “إيكاد” عن شبكة معقدة من الشخصيات والجهات المرتبطة بإسرائيل، تعمل على إعادة تشكيل الواقع السياسي والاجتماعي في الجنوب السوري، عبر مشروع متكامل الأركان يبدأ من استغلال الحاجة المعيشية، ويمر بالتضليل الإعلامي، ويصل إلى التحريض السياسي والدعوة للتدخل الإسرائيلي والانفصال عن الدولة السورية.
إعلان بسيط قاد إلى شبكة كاملة
بدأت القصة بإعلان توظيف عابر نُشر على حساب إسرائيلي يُدعى “يامال شيفسكي”، يدعو أبناء الطائفة الدرزية في سوريا للعمل داخل إسرائيل. ورغم حذف الإعلان لاحقاً، إلا أن تداوله الواسع من قبل شخصيات درزية سورية ونشره بنفس الصياغة، أثار الشكوك ودفع إلى فتح تحقيق رقمي شامل كشف خيوط شبكة منظمة.
أركان الشبكة: بين التوظيف والتطبيع والدعوة للانفصال
الشق الاقتصادي: استغلال الحاجة
اعتمدت الشبكة على توظيف الأزمة الاقتصادية الخانقة في السويداء لترويج إعلانات عمل داخل إسرائيل، باستخدام صفحات أنشئت حديثاً مثل “الحركة الشبابية الخدمية” التي أطلقها “مشعل الشعار”، أحد أبرز المحرّضين على الانفصال. تبع الإعلان حملات تضخيم لحاجة الدروز للعمل، ومحاولة لخلق شعور بالاعتماد على إسرائيل كمصدر رزق بديل.
الشق الإعلامي: رواية موحّدة وهوية بصرية إسرائيلية
ترافقت هذه الحملات مع محتوى إعلامي منسّق، ركز على شيطنة الحكومة السورية، والترويج للانفصال، وشرعنة التدخل الإسرائيلي. حسابات بارزة مثل “أبو كنان ملا”، “أحمد الأسطورة”، “Freier Druzen”، و”جابر جبر” روجت لروايات الاحتلال وتبنت صوراً وشعارات إسرائيلية بشكل متزامن. كما لعبت صفحات مثل “Druze Press”، “وحيد”، و”السويداء الحرة” أدواراً رئيسية في التضليل الإعلامي.
الشق السياسي: دعم إسرائيلي علني وتوجيه مباشر
كشف التحقيق وجود ارتباطات مباشرة بين الشبكة السورية وشخصيات سياسية إسرائيلية بارزة، على رأسها:
- أيوب كارا: سياسي درزي إسرائيلي ووزير سابق، تحدث صراحة عن استقدام دروز السويداء إلى إسرائيل كبديل لعمال الضفة الغربية.
- مندي الصفدي: مدير “مركز الصفدي للدبلوماسية الدولية”، يقود حملة تطبيع علنية ويدعو لتدخل إسرائيلي تحت ذرائع حماية الدروز.
- أبو شعيب عزام وناجي حلبي: يروجون للانفصال ويهاجمون الإسلام ويعززون سرديات إسرائيلية بمحتوى منسّق مع باقي أفراد الشبكة.
آلية العمل: نمط شبكي موحد وتوقيت متزامن
ما يميز هذه الحملة أنها لم تكن عشوائية أو فردية، بل مدروسة ومحكومة بتنسيق عالي، حيث:
- اعتمدت الحسابات على هوية بصرية موحدة تمثلت في تغيير صور الحسابات لتظهر أعلام إسرائيل وصور جيشها.
- نشرت جميعها محتوى موحّد في التوقيت والمضمون، ما يعكس وجود توجيه مركزي.
- ربطت نفسها بشخصيات إسرائيلية معلنة، تتفاعل مع الحسابات السورية وتدعمها إعلامياً.
شخصيات مركزية داخل الشبكة:
- مشعل الشعار – المحرك الأساسي في الحملة الاقتصادية والإعلامية.
- طاهر غزالي – مقيم في أوروبا، زار إسرائيل علناً، والتُقطت له صور مع مشايخ دروز إسرائيليين.
- فؤاد مراد – ناشط مقيم بهولندا، يمتلك عدة حسابات تدعو للانفصال وتروّج لإسرائيل.
- حمزة معروف – كاتب في “Druze Press”، معروف بتطرفه الطائفي وعدائه للمسلمين.
- شادي أبو عمار – يدير “الحركة الشبابية الدرزية” وينشط على منصات التطبيع.
- معضاد خير – يروّج لنفسه كخبير في الأمن السيبراني، تم تعيينه – حسب زعم “منهل أتشي” – مستشاراً لوزير إسرائيلي.
الاستنتاجات:
- الإعلان الإسرائيلي للتوظيف لم يكن سوى واجهة لحملة مدروسة ذات أهداف سياسية انفصالية.
- الشبكة تستند إلى ثلاثة أعمدة: التأزيم الاقتصادي، التضليل الإعلامي، والدعم السياسي من إسرائيل.
- العلاقة بين أعضاء الشبكة متينة وتتجاوز الصداقات الافتراضية، إلى تنسيق حقيقي يظهر في التوقيت، المضمون، والمواقف.
- الحملة ليست ظرفية، بل جزء من مشروع طويل الأمد يهدف إلى فصل الجنوب السوري وتطويعه ضمن مصالح إقليمية إسرائيلية.
ما كشفه التحقيق الرقمي يشير إلى أن السويداء تواجه حملة ممنهجة لإعادة صياغة هويتها الوطنية وتحويلها إلى كيان وظيفي يخدم أجندات خارجية.
وسيتبع هذا التقرير جزء ثانٍ يكشف عن تفاصيل المجلس العسكري الدرزي الناشئ، وطبيعة ارتباطه بشخصيات وجهات إسرائيلية، إضافة إلى الأسماء العسكرية الفاعلة على الأرض، والتي تمارس أدواراً مزدوجة في خدمة المشروع ذاته.
تصعيد في بغداد ضد الرئيس السوري أحمد الشرع: دعوى قضائية وتحذيرات من محاولة اغتيال
تواجه مشاركة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في القمة العربية المقبلة في بغداد تهديدات متزايدة، بعد أن تم الكشف عن دعوى قضائية رُفعت ضده في العراق، إلى جانب تحذيرات من جهات شيعية نافذة من تعرضه لخطر الاعتقال أو الاغتيال في حال حضوره.
الدعوى القضائية تقدم بها النائب العراقي علاء الحيدري، المحسوب على الإطار الشيعي الحاكم، متهماً الرئيس الشرع بالتورط في مقتل شقيقه وابن شقيقه خلال فترة ما بعد 2005، حين كان الشرع – بحسب الادعاء – ضمن صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، في واحدة من أخطر التهم التي تُوجه لرئيس دولة قبيل اجتماع قمة إقليمية.
وقد سُلمت الدعوى إلى مكتب المدعي العام العراقي، ضمن إطار ما يُعرف بـ “الحق الشخصي”، بينما تشير مصادر مطلعة إلى أن أطرافاً ضمن الإطار الشيعي تضغط من أجل إصدار مذكرة توقيف رسمية بحق الشرع قبيل انعقاد القمة العربية المرتقبة.
تحذيرات من الاستهداف والاعتقال
من جهته، حذر ائتلاف “تقدّم” الذي يتزعمه السياسي السني محمد الحلبوسي من حملة ممنهجة يتعرض لها الرئيس السوري، مشيراً إلى أنها تشمل تحريضاً إعلامياً وتحذيرات مبطّنة من تعرضه للاعتقال عند وصوله إلى مطار بغداد، أو حتى لتصفية جسدية خلال مشاركته بالقمة.
ووفقاً للائتلاف، فإن هذه الحملة تسعى لإفشال جهود رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في تطوير العلاقات مع دمشق، وترهيب الرئيس السوري ودفعه للعدول عن الحضور.
خلفيات سياسية وأمنية للتصعيد
المؤشرات السياسية تشير إلى تصعيد متسارع تقوده جهات من الإطار التنسيقي الشيعي، يراه مراقبون في بغداد على أنه تحدٍّ واضح لسلطة رئيس الحكومة العراقية. وقد وصف ائتلاف “متحدون” السني هذا التصعيد بأنه “خارج عن مؤسسات الدولة”، ويقوّض صلاحيات رئيس الوزراء.
ويأتي هذا التوتر في أعقاب معلومات مسربة عن اجتماع ضم فصائل مسلحة عراقية وضباطاً سوريين مقربين من ماهر الأسد، شقيق الرئيس السابق بشار الأسد، يُعتقد أنه تناول خططاً محتملة لاستهداف أحمد الشرع داخل سوريا أو في أثناء تحركاته الإقليمية.
وتزامن ذلك مع زيارة رسمية أجراها رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري إلى دمشق، حيث التقى بالرئيس الشرع، في لقاء وصف بأنه “ناجح للغاية” على الصعيدين الأمني والاقتصادي. وتُرجّح مصادر سياسية أن التصعيد الحالي يهدف لإجهاض المساعي العراقية الرسمية لتطبيع العلاقات مع القيادة السورية الجديدة.
هل يحضر الشرع قمة بغداد؟
في ظل هذه الأجواء المتوترة، باتت مشاركة الرئيس السوري في قمة بغداد موضع شك. وبينما لم يصدر أي تعليق رسمي من دمشق حول موقف الشرع من الدعوة، تشير أوساط دبلوماسية إلى أن القرار النهائي سيُتخذ خلال الأيام المقبلة، بناءً على ضمانات أمنية يقدمها الجانب العراقي.
وفي حال غيابه، ستكون هذه أول قمة عربية يُقاطعها رئيس دولة لأسباب أمنية داخل بلد الاستضافة منذ سنوات، ما يلقي بظلال ثقيلة على القمة المرتقبة، ويعيد إلى الواجهة ملفات الصراع والتنافس الإقليمي التي ما زالت تحكم المشهد العربي. (مونت كارلو)
سوريا.. مقتل العميد الطيار علي شلهوب المتهم بجرائم قصف المدنيين
أعلنت إدارة الأمن العام السوري عن مقتل العميد الطيار السابق في جيش النظام، علي شلهوب، المعروف بلقب “طيّار البراميل المتفجرة”، خلال عملية أمنية نفذتها في حي وادي الذهب بمدينة حمص.
ووفقاً لمصادر محلية، نفذت دورية من الأمن العام مداهمة دقيقة بعد متابعة تحركات شلهوب، الذي كان يتوارى عن الأنظار وسط معلومات عن ارتباطه بجماعات خارجة عن القانون. وأشارت وكالة الأنباء السورية “سانا” إلى أن وحدة أمنية حاصرت المبنى الذي كان يتحصن فيه، وحاولت اعتقاله، إلا أنه بادر بإطلاق النار، مما أدى إلى اندلاع اشتباك أسفر عن إصابة عدد من عناصر الأمن.
وأكد مصدر أمني لـ”سانا” أن خطورة الوضع استدعت تحييد شلهوب أثناء المواجهة، حمايةً لأرواح المدنيين والقوى الأمنية.
ويعد علي شلهوب من أبرز الأسماء المتهمة بالمشاركة في حملات قصف المدنيين عبر إلقاء البراميل المتفجرة خلال سنوات الحرب السورية، حيث خدم في عدة مطارات وقواعد عسكرية، وتلقى تكريمات من شخصيات بارزة في نظام بشار الأسد. وبعد التغييرات الأمنية الأخيرة، أدرج اسمه ضمن قائمة المطلوبين الأوائل لارتكابه مجازر موثقة بحق الشعب السوري. (سكاي نيوز)
نائب أميركي لـ”سكاي نيوز عربية”: اندهشت من رؤية الشرع لمستقبل سوريا
كشف عضو مجلس النواب الأميركي، مارلين ستاتزمان، عن اندهاشه مما سمعه من الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقائهما الأخير في دمشق، مشيراً إلى أن الشرع طرح رؤية جديدة لمستقبل سوريا تقوم على الاستقرار والانفتاح الإقليمي.
وقال ستاتزمان، في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية”، إنه تلقى دعوة رسمية لزيارة سوريا للاطلاع عن قرب على التحولات التي تشهدها البلاد بعد رحيل بشار الأسد. وأضاف: “في الولايات المتحدة هناك جالية سورية كبيرة، ونحن نعلم جيداً حجم المعاناة التي عاشها السوريون خلال السنوات الماضية”.
وأكد النائب الأميركي أن لقاءه مع الرئيس الشرع استمر نحو ساعة ونصف، وشمل نقاشات معمقة حول الماضي والمستقبل السوري. وأشار إلى أن الشرع عبر عن رؤيته في تعزيز الروابط التجارية، وتطوير قطاع السياحة، وإعادة إعمار البلاد، كما أبدى استعداداً لبحث إقامة علاقات مع إسرائيل ضمن شروط معينة ومفاوضات محددة.
وفي هذا السياق، أوضح ستاتزمان أن الشرع لم يستبعد إمكانية انضمام سوريا إلى الاتفاقات الإبراهيمية، شريطة توافر ظروف مناسبة لتحقيق ذلك، معبراً عن تفاؤله بأن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يمكن أن يلعب دوراً حيوياً نظراً لخبرته التفاوضية.
وأضاف ستاتزمان أن الشرع شدد على التزامه بوحدة الأراضي السورية، وعلى أن الحكومة الجديدة ستمثل إرادة الشعب بعيداً عن الانقسامات الطائفية. كما أشار إلى أن الشرع أبلغه بطرد إيران وحزب الله من سوريا، معتبراً ذلك خطوة إيجابية نحو بناء دولة وطنية مستقلة تحظى بالاحترام الدولي.
وختم ستاتزمان حديثه بالتأكيد على أن ثمة مؤشرات مشجعة قادمة من دمشق، داعياً إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية لدعم الاستقرار وتحقيق سلام دائم في سوريا.
رويترز: سوريا ترد على شروط أمريكية لتخفيف العقوبات وتدعو إلى تفاهمات متبادلة
قالت وكالة رويترز أن حكومة دمشق، ردت رسمياً على قائمة شروط أمريكية لتخفيف العقوبات المفروضة عليها، مؤكدةً في رسالة خطية أنها أوفت بمعظم المطالب، لكنها اعتبرت أن بعض البنود تحتاج إلى تفاهمات متبادلة مع واشنطن لتحقيقها.
وبحسب ما نقلته وكالة “رويترز”، كانت الولايات المتحدة قد قدمت لدمشق في مارس الماضي قائمة مكونة من ثمانية شروط، تضمنت مطالب أبرزها تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيميائية وضمان عدم إشراك أجانب في مواقع قيادية بالحكومة. وقد تم تسليم هذه القائمة إلى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال اجتماع على هامش مؤتمر المانحين لسوريا الذي عقد في بروكسل.
ويُشار إلى أن سوريا، التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة بعد 14 عاماً من الحرب وعقوبات مشددة فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا، تسعى بشكل ملح إلى تخفيف الضغوط الاقتصادية. وكانت واشنطن قد منحت في يناير الماضي إعفاءً محدوداً من بعض العقوبات لتسهيل المساعدات الإنسانية، مع احتمال تمديد هذا الإعفاء لعامين إذا استوفت دمشق المطالب الأمريكية.
وتضمنت الرسالة السورية، المؤلفة من أربع صفحات والتي اطلعت عليها “رويترز”، التزاماً بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية لمتابعة ملف الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس، إلى جانب تعزيز التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. ومع ذلك، لم تتضمن الرسالة تفاصيل كافية بشأن مطالب أمريكية أخرى مثل إبعاد المقاتلين الأجانب أو السماح بشن عمليات أمريكية لمكافحة الإرهاب داخل سوريا.
وفي تعليق له، أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية تلقي الرد السوري، مشيراً إلى أن واشنطن تقوم بتقييمه حالياً، مضيفاً أن الولايات المتحدة لا تعترف بأي كيان بوصفه الحكومة السورية الرسمية، وأن مستقبل أي خطوات نحو التطبيع سيكون مرهوناً بالإجراءات التي تتخذها “السلطات المؤقتة”.
من جانبها، لم تصدر وزارة الخارجية السورية أي تعليق رسمي إضافي حتى الآن.
الخارجية الأمريكية: لا استعجال في رفع العقوبات عن سوريا
أكد تيم ليندركينج، كبير المسؤولين في مكتب شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأمريكية، أن واشنطن ليست بصدد التسرع في رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مشدداً على أن تخفيف الضغوط الاقتصادية مرتبط بخطوات ملموسة تتخذها السلطات الانتقالية في دمشق.
وفي تصريحات له خلال ندوة نظمها المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية العربية عبر الإنترنت، أوضح ليندركينج قائلاً: “العقوبات المفروضة على سوريا وقيادتها لن تُرفع بين ليلة وضحاها، ولن نتعجل في اتخاذ هذه الخطوة كما فعلت بعض الدول الأخرى”.
وأضاف: “نحترم حق كل دولة في اتخاذ قراراتها بشأن علاقتها مع السلطات السورية الجديدة، ولسنا هنا لنملي على أحد كيف يتعامل مع دمشق”. وأشار إلى أن بعض الشركاء الدوليين بدأوا بالفعل بخطوات لإعادة فتح السفارات ورفع الأعلام السورية، في حين أن الولايات المتحدة لم تصل إلى هذه المرحلة بعد.
وأكد المسؤول الأمريكي أن واشنطن ستدرس إمكانية تخفيف العقوبات فقط في حال قيام السلطات الانتقالية بخطوات عملية وواضحة تلبي المطالب الأمريكية المتعلقة بالإصلاح السياسي وحقوق الإنسان.
وفي سياق متصل، كشف عضو الكونجرس الأمريكي كوري ميلز، الذي زار دمشق مؤخراً في مهمة غير رسمية نظمها ناشطون أمريكيون-سوريون، أنه التقى الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وقضى معه جلسة استمرت 90 دقيقة. وأوضح ميلز أنه سينقل رسالة من الشرع إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومستشار الأمن القومي مايك والتز، دون أن يكشف تفاصيل الرسالة.
وأشار ميلز، الذي خدم سابقاً في الجيش الأمريكي بالعراق، إلى أن النقاشات مع الشرع تطرقت إلى الشروط الأمريكية المتعلقة بإمكانية تخفيف العقوبات، بما يشمل وقف التعاملات المشبوهة واستمرار السماح بتقديم المساعدات الإنسانية دون عراقيل. (RT)
ثلاث نقاط تثير مخاوف دمشق وأنقرة من تحركات أكراد سوريا
دعا مؤتمر أكراد سوريا إلى سوريا ديمقراطية لا مركزية يتمتع فيها الأكراد بحقوق سياسية وثقافية ضمن رؤية لسوريا اتحادية أو فدراليّة، ما استدعى رداً من الرئاسة السورية، وسيستدعي اهتماماً تركياً يعدّه نكوصاً عن الاتفاق بين الإدارة السورية، وقوات سوريا الديمقراطية.
السياق
كان أكراد سوريا في مقدمة الأطراف المستفيدة من التطورات اللاحقة للثورة السورية، ولا سيما ضعف قوة وقدرات الحكومة المركزية، فأعلن حزب الاتحاد الديمقراطي الإدارة الذاتية بداية عام 2014، على ثلاثة كانتونات في الشمال السوري، وبدأ الحديث عن فكرة دولة/ دُويلة كردية.
وكانت تركيا في مقدمة الرافضين لذلك من باب التأثير السلبي المتوقع على الملف الكردي الداخلي، إذ إن حزب الاتحاد الديمقراطي هو الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف كمنظمة إرهابية وانفصالية في تركيا. وقد أدى ذلك فعلاً لنكوص الأخير عن المسار السياسي الداخلي، واستئناف الهجمات، وإعلان الإدارات الذاتية في جنوب وجنوب شرقي تركيا.
نفذت أنقرة عدة عمليات عسكرية للحيلولة دون إنشاء كيان سياسي على حدودها الجنوبية يرتبط بالكردستاني، وبقي الدعم الأميركي للمليشيات الكردية الملف الخلافي الأبرز بين أنقرة وواشنطن، ولم يخفف منه سعي الأخيرة لتحويل وحدات حماية الشعب – الذراع العسكرية لحزب الاتحاد – إلى قوات سوريا الديمقراطية “قسَد” بتطعيمها بعناصر إضافية. وبقيت أنقرة تلوّح بعملية عسكرية إضافية ضد قسد ما لم تتخلَّ عن مشاريعها الانفصالية ذات الطابع الإقليمي.
مع إطلاق عملية “ردع العدوان” ورصد تحركات لقسد، تحرّكت الفصائل المنضوية تحت الجيش الوطني السوري المقرب من تركيا ضد الأخيرة.
ومع سقوط النظام، تحوّلت مناطق شرق الفرات التي تسيطر عليها قسد إلى مصدر القلق الأبرز لكل من دمشق وأنقرة بعدِّها التهديد المحتمل لوحدة أراضي سوريا، خصوصاً بعد تصريحات من كل من الحكومة “الإسرائيلية” وقيادات في قسد بخصوص التعاون المحتمل، ولا سيما ضد تركيا.
جددت أنقرة تلويحها بعملية عسكرية جديدة ضد قسد، لكنها أبدت ارتياحها لأي مساعٍ داخلية سورية – سورية تمنع سيناريوهات التقسيم، ولذلك فقد عبّرت عن ارتياحها للاتفاق الذي عقده الرئيس السوري أحمد الشرع مع قائد قسد مظلوم عبدي في مارس/ آذار الفائت، خصوصاً أنه أتى بعد نداء عبدالله أوجلان بحل العمال الكردستاني، وإلقاء السلاح، وإن ظل ترحيب أنقرة حذراً ومصحوباً بتأكيد متابعتها للتنفيذ وإبقائِها جميع الخيارات على الطاولة.
المؤتمر
يوم السبت الفائت، نظمت قوى وأحزاب كردية سورية في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة مؤتمراً للحوار الوطني الكردي تحت عنوان “مؤتمر وحدة الموقف والصف الكردي”، شارك فيه أكثر من 400 شخصية سياسية من ممثلي الأحزاب الكردية في مقدمتها حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي. كما شارك في المؤتمر قياديون في أحزاب كردية من العراق وتركيا، فضلاً عن ممثلين عن الولايات المتحدة، وفرنسا والتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.
وقد جاء المؤتمر الذي هدف لبلورة موقف موحد للقوى الكردية السورية نتاجاً لسنوات من التفاوض بين التيارين الرئيسين في المشهد السياسي الكردي السوري: حزب الاتحاد الديمقراطي، والمجلس الوطني الكردي، وبوساطة مباشرة من القيادي الكردي العراقي مسعود البارزاني، وكذلك برعاية فرنسية وأميركية.
جاء توقيت المؤتمر لافتاً، إذ عقد بعد الاتفاق المشار له بين الشرع وعبدي والذي قضى بدمج قسَد في مؤسّسات الدولة، وتأكيد وحدة الأراضي السوريّة، ورفض التقسيم، وتضمن مدة للتنفيذ حتى نهاية العام، ثم بعد مواقف لقسد انتقدت الإعلان الدستوري، ثم تشكيلة الحكومة الأخيرة، اللذَين رأت أنهما لا يعكسان التنوع السوري.
في ختام المؤتمر، أعلن عن وثيقة سياسية تأسيسية من 26 بنداً موزعة على محورين رئيسين: المجال الوطني السوري، والمجال القومي الكردي، يعدِّها منطلقاً للحوار “مع جميع الأطراف” الكردية منها والإدارة السورية. وقد دعت الوثيقة إلى حقوق سياسية وثقافية للأكراد ضمن رؤيتها لسوريا ديمقراطية ولا مركزية.
وفي تعقيبها على مخرجات المؤتمر، أصدرت الرئاسة السورية بياناً دعا قسَد للالتزام الصادق بالاتفاق المبرم مع الإدارة، وانتقد ما أسماه تكريس واقع فدرالي أو إدارة ذاتية دون توافق، وحذّر من توجهات نحو تغيير ديمغرافي في بعض المناطق، مؤكداً على أن “وحدة سوريا أرضاً وشعباً خط أحمر”، وأن تجاوز ذلك يُعدُّ “خروجاً عن الصف الوطني، ومساساً بهوية سوريا الجامعة”.
مؤشرات مقلقة
يؤكد بيان رئاسة الإدارة السورية أنها ترى في مخرجات المؤتمر نكوصاً عن اتفاق مارس/ آذار بين الشرع وعبدي، لا سيما أنه تزامن مع تعثّر تطبيق الاتفاق الخاصّ بسدّ تشرين.
شكّل المؤتمر في بعض تفاصيله ومخرجاته مصدر قلق لدمشق، وهو قلق تشاركها فيه أنقرة. ففي المقام الأول، لم يكن المؤتمر “كردياً سورياً” صرفاً، فكان البعد الكردي الإقليمي حاضراً بشكل لافت في الحضور والكلمات الرئيسة، وتحديداً حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وممثل مسعود البارزاني من العراق، وحزب ديمقراطية ومساواة الشعوب من تركيا. كما أن مشاركة ممثلين عن واشنطن وباريس والتحالف الدولي منحت المؤتمر بعداً دولياً لا تحبّذه دمشق.
لم تقف الرمزيات عند هذا الحد، بل حضر العلم السوري ضمن عدة أعلام أخرى في منصة المؤتمر، ما يقدح من وجهة نظر دمشق في “سوريّة” المؤتمر، والتزام السقف الوطني المحلي، فضلاً عن الإشارة في مخرجات المؤتمر للإدارة السياسية كأحد الأطراف التي سيُتوجه لها للحوار حول الوثيقة السياسية التأسيسية.
في المضمون، ثمة ثلاث نقاط رئيسة تثير قلق دمشق بشكل كبير:
- أولاها الدعوة الضمنية للفدرالية (أو الإدارة الذاتية؟)، رغم الحديث المتكرر على لسان أكثر من متحدث وفي الوثيقة عن وحدة سوريا. حيث ينص البند الرابع من المحور الأول (الوطني السوري) على “سوريا لا مركزية” تتضمن التوزيع العادل للسلطة والثروة “بين المركز والأطراف”.
كما أن البند الأول من المحور الثاني (القومي الكردي) يدعو إلى “توحيد المناطق الكردية كوحدة سياسية إدارية متكاملة في إطار سوريا اتحادية”. وهي بنود ترى دمشق أنها لا تتفق ووحدة سوريا أرضاً وشعباً ونظاماً سياسياً.
- أما الثانية فهي السعي لإقحام أطراف خارجية في ملفات داخلية، مثل الدعوة “لتشكيل هيئة دستورية برعاية دولية” تضم ممثلي كافة المكونات السورية، وتشكيل حكومة من كافة ألوان الطيف السوري “بصلاحيات تنفيذية كاملة”، وهو ما لا يكتفي بنسف الإعلان الدستوري الذي أعلنته الإدارة السورية، وإنما يدعو لدور خارجي “يرعى” هذا المسار.
- وأما النقطة الثالثة فهي الدعوة لنظام حكم برلماني بما يتعارض مع توجهات الإدارة السورية الانتقالية، وإن كان أقل إزعاجاً من البنود المتعلقة بالنظام السياسي، ومكان المكوّن الكردي منه.
هذه النقاط تثير قلق تركيا كذلك، أولاً من حيث هي تراجع عن اتفاق قسد مع الإدارة السورية، وثانياً لأنها بهذا المعنى تعيد إحياء هواجس الفيدرالية والإدارات الذاتية وسيناريوهات التقسيم، وثالثاً بسبب ما تردد عن دعوات لإنهاء الوجود التركي العسكري في سوريا، وإلغاء اتفاق أضنة، وغير ذلك مما يلي أنقرة بشكل مباشر، وإن لم يُنص على ذلك في الوثيقة فيما نشر.
لم يصدر تعقيب رسمي مباشر من أنقرة على المؤتمر، لكن يتوقع أن يكون موقفها محذراً من المسارات الانفصالية ومشاريع الفدرالية والإدارات الذاتية والنكوص عن اتفاق مارس/ آذار الفائت، وخصوصاً في جزئية اندماج قوات قسد في المؤسسة العسكرية الرسمية.
وبالتالي، سيعود الخطاب الرسمي التركي للتلويح بالتدخل المباشر في حال نكصت قيادة قسد عن الاتفاق ورفضت حل نفسها و/أو الاندماج، ما يعني عودة العملية العسكرية ضمن خيارات أنقرة، بشكل منفرد أو – وهو الأرجح – بالتعاون مع دمشق.
لا شك أن قرار عملية عسكرية جديدة لن يكون سهلاً في ظل الظروف الحالية والتطورات الأخيرة، لكن تركيا ترى أنها أمام فرصة تاريخية لا ينبغي التفريط فيها وإلا صير إلى تثبيت حقائق يمكن لها الإضرار بها على المدى البعيد، كما أنها تنظر لقرار سحب بعض القوات الأميركية من سوريا كعنصر ضغط إضافي على قسد سيعمل لصالحها وصالح دمشق.
وهو الأمر الذي تدركه قسد بالتأكيد، ولذلك فقد كان من اللافت تأكيد أكثر من قيادي كردي لوسائل الإعلام على أن الوثيقة السياسية هي منطلق (وليست نهاية) للحوار مع دمشق، وأن هناك مرونة عالية ورغبة حقيقية في التوصل لاتفاق معها.
حتى ذلك الحين، ستطالب أنقرة الإدارة السورية بالتعامل بحزم وحسم مع هذا الملف، وستعرض بالتأكيد دعمها وإمكانية المساعدة في أي مسار تنتهجه دمشق إزاءه. ما يعني أن القرارات النهائية لكل من أنقرة ودمشق ستتبلور بشكل أوضح بعد الحوار المفترض أن يجرى بين الإدارة السورية والقوى الكردية بخصوص الوثيقة. (الجزيرة نت)
الشيباني يجري لقاءات مكثفة في نيويورك ويلتقي ممثلي الجالية السورية اليهودية
عقد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سلسلة من الاجتماعات المكثفة في نيويورك، شملت لقاءات مع مسؤولين أمميين ودوليين، إضافة إلى ممثلي الجالية السورية اليهودية، وذلك على هامش مشاركته في جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول سوريا.
والتقى الشيباني بالمندوب الدائم للصين في الأمم المتحدة، تشانج جيون، حيث أكد الطرفان عزمهما على بناء شراكة إستراتيجية طويلة الأمد بين سوريا والصين. وشدد الشيباني خلال اللقاء على موقف دمشق الثابت في تعزيز العلاقات مع بكين، بينما جدد المندوب الصيني دعم بلاده لوحدة وسيادة سوريا، مؤكداً استمرار بكين في دعم جهود دمشق لتحقيق الاستقرار.
كما عقد الشيباني اجتماعاً مع المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوارد، دعا خلاله إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا بشكل كامل وشامل، مشيراً إلى أهمية تحقيق العدالة الانتقالية وإنصاف الضحايا. من جهتها، أكدت وودوارد دعم لندن لجهود تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، مشددة على أهمية التنسيق الدولي في هذا الإطار.
وفي لقاء لافت، اجتمع الشيباني مع وفد من الجالية السورية اليهودية، حيث تم التأكيد على أهمية تعزيز جسور التواصل الثقافي والتاريخي، ودور الجالية في المساهمة بعملية إعادة الإعمار في سوريا.
وشملت لقاءات الشيباني أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فيليمون يانغ، ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي.
وفي خطوة رمزية، قام الوزير السوري برفع علم بلاده الجديد أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك، في رسالة تؤكد سعي دمشق إلى تعزيز دورها داخل المنظمات الدولية. (الجزيرة نت)
تركيا
فيدان : على غرار داعش سيخرج “بي كي كي” من الحسابات بسوريا
أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أنّ تنظيم “بي كي كي” الإرهابي سيخرج من الحسابات في سوريا سواء بإرادته عبر طرق سلمية أو بخلاف ذلك كما خرج تنظيم “داعش” الإرهابي من الحسابات.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الأحد، في العاصمة الدوحة، في إطار زيارة رسمية يجريها الوزير التركي لقطر.
وذكر فيدان، أن تركيا لا تقبل بأي تدخل يستهدف وحدة الأراضي السورية أو يمس سيادتها.
وأشار إلى أن تركيا لا تقبل أيضاً بوجود جهة تحمل السلاح خارج سلطة الحكومة المركزية في سوريا.
ولفت إلى أن أنقرة ترغب في رؤية دستور وحكومة في سوريا تضمن إعطاء فرص متساوية لجميع المكونات في البلاد.
وتابع: دمشق أقدمت على خطوات إيجابية في هذا السياق.
وتطرق فيدان إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه سوريا، مشيرا إلى مناقشة بلاده سبل التعاون في مجالات التنمية والاقتصاد والعقوبات المفروضة على سوريا مع قطر والدول الأخرى في المنطقة.
وأكد وزير الخارجية التركي أن بلاده ستقف بوجه “المجموعات التي تستغل الوضع الحالي في سوريا لتحقيق بعض أهدافها، وتسعى إلى الإضرار بوحدة أراضي سوريا وسيادتها”.
وأوضح فيدان أنهم يترقبون تنفيذ الاتفاق الذي تم توقيعه في الأشهر الماضية بين ما يسمى قوات قسد (واجهة تنظيم “واي بي جي” الإرهابي) مع الحكومة السورية في دمشق، مشددا على حساسية هذا الملف بالنسبة لتركيا.
كما أشار إلى أنهم ينتظرون من تنظيم “بي كي كي” الإرهابي، أن يستجيب في أسرع وقت وبشكل إيجابي للدعوة المتعلقة بإلقاء السلاح وسحب المعوقات أمام عودة الحياة لطبيعتها في المنطقة.
وشدد فيدان، على أن المنطقة “تعاني منذ سنوات من الحروب والاضطرابات والاحتلال وسفك الدماء”.
وأكد على ضرورة التخلص من هذه المعاناة في العصر الحديث، والعمل على بناء نظام مزدهر وآمن وقائم على الاحترام والحرية.
وأشار وزير الخارجية التركي إلى أن الوقت قد حان من أجل خروج كل جهة ما زالت تستخدم الأساليب الإرهابية القديمة وتحمل السلاح ضد حكومات المنطقة.
وأعرب فيدان، عن سعادته بوجوده في قطر، وعن شكره لنظيره القطري على حسن الضيافة، مؤكداً أن بينهما وتيرة جيدة جدا من العمل والتنسيق القائمين على صداقة وثيقة منذ سنوات.
وأشار إلى أنه أجرى مع نظيره القطري محادثات مفصلة حول العديد من القضايا.
ولفت فيدان، إلى أن التنسيق الاستراتيجي بين البلدين يشكل أهمية ليس فقط لتعزيز العلاقات التركية القطرية، بل أيضاً للمساهمة في استقرار المنطقة وتنميتها وأمنها.
وقال: “العلاقات بين تركيا وقطر تتقدم أكثر يوماً بعد يوم بفضل العلاقة القيادية بين فخامة رئيسنا (رجب طيب أردوغان) وسمو الأمير (تميم بن حمد آل ثاني)، والصداقة القائمة على القيم الاستراتيجية”.
وأوضح فيدان، إلى أن الشراكة بين البلدين توفر دعماً قوياً للمنطقة وللدول الأخرى.
وبيّن أن حجم التبادل التجاري الثنائي بين تركيا وقطر، والعلاقات والتعاون بمجال الصناعات الدفاعية في تزايد مستمر.
وأشار فيدان، إلى أن تركيا وقطر تواصلان التشاور الوثيق حول القضايا العالمية والإقليمية.
وشدد على أن زعيمي البلدين لديهما رؤية سياسة خارجية مبدئية وحازمة.
وتابع: “في هذا الإطار، نبذل جهوداً لإرساء السلام والاستقرار والازدهار في منطقتنا”.
من جهة أخرى، أشار فيدان، إلى أن غزة شكلت أول بند في أجندة المباحثات اليوم، كما هو الحال دائماً، بسبب هول المأساة الإنسانية الناجمة عن الهجمات الإسرائيلية.
وقال: “بينما ترتكب إسرائيل إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، فإنها في الوقت نفسه تقتل القانون الدولي وضمير الإنسانية. فلم تصل أي مساعدات إنسانية إلى غزة منذ ما يقرب من شهرين. والمأساة الإنسانية تجري أمام أعين الرأي العام العالمي كله”.
وأكد فيدان، أن أولويات تركيا واضحة في مواجهة الوضع في غزة، وهي تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون انقطاع، وتبادل الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين.
وأضاف أن الجانب الفلسطيني أظهر استعداده لتحقيق وقف إطلاق نار شامل ودائم، وأنه في هذه المرحلة أصبح من الضروري إجبار إسرائيل على السلام.
وأردف: “على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في هذا الصدد. أتوجه بالشكر الجزيل إلى قطر على الجهود الكبيرة التي تبذلها في هذه القضية”.
وشكر فيدان، نظيره القطري على جهوده الشخصية في هذا الشأن، كما قدم شكره للمسؤولين المصريين وجميع الأطراف المعنية.
وذكّر بأن أولوية تركيا هي رؤية تنفيذ وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن وبدء تدفق المساعدات الإنسانية، وأنها ستواصل دعمها لهذه الجهود.
وأكد فيدان، على أن مفتاح الحل العادل والدائم للقضية الفلسطينية هو حل الدولتين.
وأشار إلى أن هذه الرؤية تم تأكيدها خلال اجتماع مجموعة الاتصال المشتركة بين منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية بشأن غزة والذي عُقد مؤخرا في ولاية أنطاليا جنوبي تركيا.
وقال الوزير فيدان: “سنواصل جهودنا لضمان عيش الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بسلام وأمن وازدهار على أساس حل الدولتين. وسنواصل دعمنا للقضية الفلسطينية العادلة بكل قوتنا، إن شاء الله”.
وحول الوضع في سوريا، أشار فيدان، إلى أن إحلال الاستقرار والأمن في هذا البلد يعد ضرورة ملحة للسلام الإقليمي.
وأوضح أن تحقيق هذا الهدف لا يمكن أن يتم إلا من خلال التعاون الوثيق بين دول المنطقة، وأن تركيا وقطر تعملان على حل الأزمة السورية منذ بدايتها، وأن هناك تنسيقاً مكثفاً مستمراً بينهما منذ سنوات في هذا الصدد.
وقال فيدان: “بذلنا جهوداً مشتركة لتخفيف معاناة الشعب السوري وتحقيق استقرار دائم للبلاد. وبمشيئة الله نواصل هذا التعاون من خلال مشاريع ملموسة لإعادة إعمار سوريا”.
كما أشار إلى أن العقوبات تعيق تحقيق الاستقرار في سوريا، وأنه ثمة جهود تبذل لإلغائها.
وأكد فيدان، أن المباحثات ركزت على إمكانية تقديم دعم إضافي للحكومة السورية، مع التأكيد مجدداً على الالتزام بوحدة وسلامة أراضيها.
وشدد فيدان، على وجود حاجة ملحة لاجتثاث العناصر الإرهابية تماماً من سوريا.
وأضاف: “لقد عانى الشعب السوري من آلام كبيرة لسنوات طويلة. وسنواصل مساهمتنا في بناء مستقبل ينظر فيه السوريون إلى الغد بأمل”.
وأشار إلى أن المباحثات اليوم أثبتت مرة أخرى مدى متانة أسس الشراكة الاستراتيجية بين تركيا وقطر.
ولفت فيدان، إلى ضرورة تحمل المسؤولية تجاه المشاكل في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها المنطقة، مؤكداً أهمية التضامن وبذل الجهود المشتركة.
وقال: “إن شاء الله سنواصل في تركيا حوارنا الوثيق وتنسيقنا مع قطر في الفترة المقبلة أيضا. وسنعمل على تفعيل رؤيتنا للسلام والتنمية الإقليمية”.
وأكد فيدان رفض تركيا لأي مبادرة تسمح باستمرار أنشطة التنظيمات الإرهابية في سوريا، كما أشار إلى رفض أي إجراء يعوق تطور هذا البلد وازدهار شعبه.
وشدد على رغبة تركيا في أن تحتل سوريا مكانتها كدولة محترمة ومتقدمة ومزدهرة في المنطقة والمجتمع الدولي، مع الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها.
فيدان، أشار إلى استمرار تركيا في إجراء المباحثات مع حركة حماس عبر قنوات مختلفة، وأن أنقرة تسعى قدر المستطاع إلى أداء دور بناء ومكمل لجهود قطر ومصر.
وقال فيدان: “بينما نبذل جهودنا الدبلوماسية لوقف الإبادة الجماعية والمأساة الإنسانية المستمرة على الساحة الدولية، فإننا نواصل أيضاً من جهة أخرى مبادراتنا في البحث عن السبل الممكنة لتنفيذ وقف إطلاق النار”.
وأكد فيدان، أن حماس ستقبل بسهولة أكبر أي اتفاق يتضمن حل الدولتين، وأن أي حل يتم التوصل إليه لا ينبغي أن يقتصر على وقف إطلاق النار بل ينبغي أن يكون نموذج حل شامل يشمل غزة والأراضي الفلسطينية الأخرى، وأن هذه الأزمة يمكن أن تتحول إلى فرصة أيضا.
وذكر أن تركيا وقطر كانتا تؤكدان هذا الأمر منذ البداية، وأن هذه الأزمة قد تكون الأخيرة إذا ما تم العمل بشكل صحيح وظهرت النوايا الحسنة من جميع الأطراف.
وحذر فيدان، من أن الوضع الحالي قد يكون مقدمة لأزمات أكبر في المستقبل، مؤكدا أن الهدف هو أن تقدم البشرية حلاً دائماً بإرادة مشتركة يأخذ في الاعتبار “المأساة والدموع” التي شهدتها المنطقة.
وتابع: “الجهود التي ستبذلها الولايات المتحدة في هذا الصدد مهمة، ونهج السيد (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب تجاه القضية مهم، ويجب ممارسة الضغط على إسرائيل في هذا الشأن”.
ولفت فيدان، إلى أن تل أبيب ترى أنه لا يوجد حالياً أي قوة في المنطقة تقف في وجهها عسكرياً، ولذلك تواصل سياساتها التوسعية التي تشكل خطراً كبيراً على المنطقة وعلى إسرائيل نفسها على المدى الطويل، داعيا إلى بذل كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء هذا الوضع.
وأوضح أن حماس مستعدة لقبول حلول دائمة في هذا الصدد، وأنه من الضروري أن تتبنى إسرائيل موقفاً يقبل بوجود دولة فلسطينية.
وأكد أن إسرائيل تتحدث فقط عن أمنها، لكنها لا تستطيع قول جملة واحدة ولو نظريا حول قبولها لدولة فلسطين، ما يجعل الوضع أكثر تعقيداً.
واختتم فيدان بالتأكيد على أن الحل لا يزال ممكناً، داعياً إلى استغلال الفرصة المتاحة لتحقيق السلام. (AA)
تركيا تنفي مزاعم إرسال 6 طائرات محملة بالأسلحة إلى باكستان
نفت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، صحة الادعاءات التي زعمت أن أنقرة أرسلت 6 طائرات محمّلة بالأسلحة إلى باكستان.
جاء ذلك في بيان نشره مركز مكافحة التضليل التابع لدائرة الاتصال، عبر حسابه على منصة “إكس”.
وأوضح البيان أن الادعاءات المتداولة في بعض وسائل الإعلام حول إرسال تركيا 6 طائرات محملة بالأسلحة إلى باكستان “لا تمت للحقيقة بصلة”.
وأشار إلى أن طائرة نقل واحدة كانت قد أقلعت من تركيا، وهبطت في باكستان لغرض التزود بالوقود فقط، قبل أن تواصل رحلتها وفق المسار المجدول مسبقاً.
وأكد على ضرورة عدم الالتفات إلى الأخبار والتقارير التي لا تستند إلى تصريحات رسمية صادرة عن الجهات المختصة، محذراً من “الانجرار وراء الأخبار والمزاعم المغلوطة والمضَلِّلة”.
فيدان يبحث مع وفد من حماس الوضع الإنساني بغزة ومفاوضات وقف النار
بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مع رئيس مجلس شورى حركة حماس محمد درويش، وأعضاء المكتب السياسي للحركة، الوضع الإنساني في غزة ومفاوضات وقف إطلاق النار.
وقالت مصادر في وزارة الخارجية التركية، للأناضول، إن فيدان التقى درويش وأعضاء المكتب السياسي لحماس، الأحد، على هامش زيارة إلى العاصمة القطرية الدوحة.
وأشارت المصادر إلى أن اللقاء تناول الوضع الإنساني في غزة، وآخر المستجدات في مفاوضات وقف إطلاق النار.
وحسب المصادر، أكد وفد حماس أنهم مستمرون في بذل الجهود من أجل تحقيق وقف إطلاق نار دائم، وقدم معلومات عن المحادثات التي أجريت في الفترة الأخيرة.
من جانبه، لفت فيدان إلى استمرار مبادرات تركيا في المحافل الدولية، وجهودها على الصعيد الثنائي لإحلال السلام في غزة.
كما تناول اللقاء الكارثة الإنسانية الناجمة عن منع إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة منذ شهرين تقريباً، فيما تم التأكيد على ضرورة إيجاد حل عاجل لهذه المشكلة.
في سياق متصل، فندت وزارة الخارجية التركية، الاثنين، أنباء الإعلام الإسرائيلي التي تزعم ضغط أنقرة على حركة “حماس” لدفعها نحو تقديم تنازلات بشأن وقف إطلاق النار في غزة.
جاء ذلك في تصريح للمتحدث الخارجية التركية، أونجو كتشالي، تعليقا على ما ورد بوسائل إعلام إسرائيلية بأن وزير الخارجية هاكان فيدان مارس ضغطا على مسؤولين من “حماس” أثناء لقائه بهم بالعاصمة القطرية الدوحة الأحد.
وقال كتشالي: “الادعاء بأن وزيرنا (الخارجية) أجبر حماس على تقديم تنازلات بشأن وقف إطلاق النار خلال لقائه بمسؤولي حماس في الدوحة أمس، لا يعكس الحقيقة”. (AA)
إسطنبول تحتضن اجتماعا لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في يونيو
تستضيف إسطنبول اجتماع الدورة الـ51 لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، برئاسة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في 21 و22 يونيو/ حزيران المقبل.
وذكرت مصادر في الخارجية التركية للأناضول، السبت، أن مدينة جدة السعودية، تحتضن الثلاثاء المقبل، اجتماعا تحضيريا للاجتماع الذي تستضيفه تركيا في يونيو المقبل.
وأضافت أن نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز، سيرأس الوفد التركي في الاجتماع التحضيري بجدة، الذي يترأسه وفد الكاميرون.
ومن المرتقب أن يلقي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، خطابا في الاجتماع التحضيري، علاوة عن كلمة يلقيها نائب وزير الخارجية التركي في الاجتماع.
ويعقد الاجتماع في مقر منظمة التعاون الإسلامي بجدة، ويناقش فيه كبار المسؤولين من الدول الأعضاء البالغ عددها 57 دولة، مشاريع القرارات المدرجة على جدول الأعمال، وينظرون في التقارير التي تحدد السياسة العامة ومبادئ المنظمة.
وتعرض مشاريع القرارات المتداولة في الاجتماع التحضيري لموافقة مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة.
ومن المرتقب أن تتولى تركيا الرئاسة الدورية لمنظمة التعاون الإسلامي لمدة عام خلال اجتماع أعمال الدورة الـ51 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول في يونيو المقبل، حسب المصادر نفسها.
واستضافت تركيا اجتماعات مجلس وزراء الخارجية في منظمة التعاون الإسلامي أعوام: 1976 و1991 و2004.
ويعتمد مجلس وزراء الخارجية بالمنظمة، قرارات بشأن قضايا تهم المجتمعات المسلمة، وخاصة الوضع في قبرص، والأقلية التركية في تراقيا الغربية (باليونان)، والمجتمع التركي في الجزر الإثنا عشر (أون إيكي أدالار- ببحر إيجه)، والأقليات المسلمة، والوضع في سوريا. (AA)
إيران
إيران: كارثة انفجار ميناء رجائي تكشف إهمالاً خطيراً وسط شبهة عمل تخريبي
تواصل إيران تحقيقاتها في الكارثة التي ضربت ميناء “الشهيد رجائي” بمدينة بندر عباس جنوبي البلاد، والتي أسفرت عن مقتل 65 شخصاً وإصابة أكثر من ألف آخرين بجروح متفاوتة، وسط اتهامات بالإهمال وشبهات بعمل تخريبي.
وأكد وزير الداخلية الإيراني، إسكندر مؤمني، أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الانفجار الذي وقع السبت الماضي نجم عن “الإهمال الجسيم وعدم الالتزام بإجراءات السلامة”، معلناً عن توقيف عدد من الأشخاص المتورطين. وأوضح مؤمني أن عمليات الإطفاء مستمرة للسيطرة الكاملة على الحريق، مع بقاء نحو 10% من ألسنة اللهب مشتعلة.
وفي السياق نفسه، أشار عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، علي خضريان، إلى أن التحقيقات لم تثبت حتى الآن وجود تدخل أجنبي، مرجعاً الكارثة إلى “ضعف أمني داخلي وسوء إدارة الميناء”.
من جانبه، أعرب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي عن حزنه العميق للكارثة، وأمر بإجراء تحقيق شامل، مشدداً على ضرورة تحديد ما إذا كان الانفجار ناتجاً عن إهمال أو عن عمل تخريبي متعمد.
وفي حادث منفصل، اندلع حريق كبير في منطقة الجمارك القديمة بجنوب طهران، داخل منطقة حيوية تضم مستودعات ومنشآت لوجستية، دون إعلان رسمي عن أسباب الحريق حتى الآن.
على صعيد آخر، أعلنت السلطات الإيرانية أنها أحبطت واحدة من “أكبر الهجمات الإلكترونية وأكثرها تطوراً” ضد البنية التحتية للبلاد، وفق ما أكده نائب وزير الاتصالات بهزاد أكبري، دون الكشف عن تفاصيل إضافية حول طبيعة الهجوم أو الجهة التي تقف خلفه.
وتزامنت هذه الأحداث مع ارتفاع أصوات الدعوات المحلية بضرورة محاسبة المقصرين وإعادة تقييم إجراءات الأمن والسلامة في المنشآت الحيوية، خاصة في ظل حساسية موقع ميناء رجائي الاستراتيجي على مضيق هرمز، حيث تمر نسبة كبيرة من تجارة وصادرات النفط العالمية.
ووقع الانفجار الذي سُمع دويه على بُعد عشرات الكيلومترات، السبت قرابة الظهر (8:30 بتوقيت غرينتش)، على رصيف ميناء “الشهيد رجائي”، حيث تمر 85% من البضائع الإيرانية.
ويُعَد الميناء الذي يقع على مضيق هرمز، حيث يمر خُمس إنتاج النفط العالمي، جزءاً من منطقة بندر عباس الكبرى التي يقطنها نحو 650 ألف شخص. كما تضم المنطقة قاعدة رئيسية للبحرية الإيرانية.
لماذا يفرض النظام الإيراني رقابة شديدة على انفجار بندر عباس و”يتستر” عليه؟
تستر النظام الإيراني على أبعاد كارثة انفجار ميناء رجائي في بندر عباس المميتة يطرح سؤالا: لماذا يسعى نظام طهران إلى التقليل من حجم الكارثة وإظهارها بأقل من أبعادها الحقيقية؟
يُعد الانفجار المميت في ميناء رجائي بالقرب من بندر عباس واحداً من أكثر الأحداث الكارثية التي شهدتها إيران. ومع ذلك، فإن جهود النظام الإيراني لإخفاء أبعاد هذا الحدث ومنع النشر الدقيق للمعلومات تسببت في إبقاء الحقيقة الكاملة لهذا الحادث بعيدة عن أعين الشعب.
تشير تقارير شهود العيان وروايات المواطنين إلى مقتل وإصابة عدد كبير من الأشخاص، لكن السلطات الرسمية لا تزال تحاول تقليص الأرقام بشكل غير واقعي وتقليل أهمية عمق الكارثة.
على عكس الإعلام الرسمي البطيء والمبهم والمشوب بالتستر، تحرك الشعب والنشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة، وبدأوا في نشر تفاصيل إضافية عن الحادث. وقد كشف ذلك عن عمق الكارثة، وأظهر أن النظام تعمد تصوير الحادث بأقل مما كان عليه في الواقع.
التستر وتهديد الصحافيين
سعت السلطات ومؤسسات النظام، بما في ذلك الحرس الثوري والجهات القضائية، إلى منع الكشف عن مزيد من المعلومات من خلال تهديد الصحافيين والنشطاء الإعلاميين.
وفور وقوع الانفجار في ميناء رجائي، تحرك النظام بسرعة لمنع التقارير الحرة والمستقلة من وسائل الإعلام.
وحذر المدعي العام وسائل الإعلام والنشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي من أنه في حال نشر معلومات غير رسمية عن هذه الكارثة، سيتم التعامل معهم وفتح ملفات ضدهم.
وتُعد هذه التهديدات انتهاكاً لحق حرية التعبير، وتُظهر جهوداً منهجية لفرض الرقابة على المعلومات ومنع الوعي العام.
كما أن المرشد الإيراني لم يصدر أي رسالة تعزية حتى يومين بعد الانفجار، في وقت كان الشعب يعيش حالة من الحداد. وبعد يومين، اكتفى بإصدار رسالة رسمية خالية من العاطفة. في المقابل، كان قد أصدر رسالة مطولة مليئة بالحزن والتأثر بوفاة أشخاص مثل حسن نصرالله، زعيم حزب الله اللبناني.
الإعلام الرسمي: التستر واللامبالاة
إذاعة وتلفزيون إيران، التي تُطلق على نفسها زوراً اسم “الإعلام الوطني”، لم تقم في هذه الأزمة بالإبلاغ السريع والدقيق والشامل، ولم تُظهر تعاطفاً مع الشعب.
وبدلاً من ذلك، عملت كالمعتاد على خدمة الرقابة التي تفرضها الأجهزة الاستخباراتية والأمنية. بل إن بثها لبرامج كوميدية في وقت كان الشعب فيه يعيش الحداد، أثار انتقادات واسعة.
وبدلاً من تغطية إخبارية مناسبة، ركزت الإذاعة والتلفزيون على بث برامج تفتقر إلى أي تعاطف مع حالة الشعب، ولم يخفَ هذا الإهمال على أعين الناس.
منظمة إدارة الأزمات: العجز ونقص المعدات
يتمثل جانب آخر من عجز النظام في أداء “منظمة إدارة الأزمات” في التعامل مع انفجار بندر عباس. هذه المنظمة، التي تلقت ميزانيات ضخمة على مدى سنوات، أظهرت أداءً مخيباً للآمال خلال الأزمة، وهو انعكاس للأداء المخيب لنظام طهران ككل.
لم تُوفر المعدات اللازمة والكافية في الوقت المناسب لرجال الإطفاء وفرق الإنقاذ، بل كان هناك فوضى وارتباك في إدارة الأزمة.
في مثل هذه الظروف، يجب أن تكون القوى البشرية ومعدات الإنقاذ متاحة، لكن في الواقع، لم تتوفر معدات مناسبة لمواجهة مثل هذه الكارثة.
إن حقيقة أن رجال الإنقاذ يواجهون الأزمة بمعدات غير كافية وباعتمادهم على تضحياتهم الشخصية تُعد رمزاً لعجز السلطات وإهمالها.
دور الحرس الثوري في الرقابة والتستر
أحد الجوانب المهمة لهذه الكارثة هو صمت الحرس الثوري. تشير تقارير أجنبية نقلاً عن شركات أمنية إلى أن الانفجار قد يكون ناجماً عن مواد خام لوقود الصواريخ مخزنة في مستودعات ميناء رجائي. تم استيراد هذه المواد من الصين وتخزينها في الميناء، لكن الحرس الثوري لم يقدم أي توضيح حول هذا الأمر وفضّل الصمت.
وقارن العديد من الإيرانيين هذه الكارثة بانفجار ميناء بيروت في عام 2020، حيث تسبب انفجار 2700 طن من نترات الأمونيوم المخزنة في الميناء في مقتل 220 شخصاً.
في إيران أيضاً، شوهدت حوادث مماثلة في الماضي، مثل إسقاط الحرس الثوري لطائرة أوكرانية أودى بحياة 176 شخصاً، حيث أنكر النظام في البداية مسؤوليته، واضطر للاعتراف بالكارثة بعد أن كشفتها وسائل الإعلام المستقلة.
الخلاصة: تفاقم انعدام الثقة بالنظام
في النهاية، تُظهر هذه الكارثة وغيرها من الكوارث عجز النظام، وتستره، وإهماله لحياة الناس وأرواحهم.
على مدى السنوات الأخيرة، واجه الشعب الإيراني القمع المتكرر، وتجاهل حقوقه، وغياب مساءلة المسؤولين. في مثل هذه الظروف، يشعر الناس بشكل متزايد أنهم لا يعتبرون المسؤولين ممثلين لهم، بل ولا يثقون بهم.
في هذا الوضع، لا يرى الشعب الإيراني المرشد خامنئي قائداً لهم، ولا يعتبرون الإذاعة والتلفزيون وغيرها من مؤسسات النظام ممثلة لهم.
ويعتقد العديد من الإيرانيين أنه إذا استمر النظام الإيراني في الوجود، فإن حياة وأرواح العديد من الناس ستظل في خطر. هذه تجربة عاشها الشعب، وآخر أمثلتها انفجار بندر عباس. (إيران إنترناشونال)
صور الأقمار الصناعة تكشف بناء إيران منطقة أمنية جديدة حول مجمع “نطنز” النووي السري
أفاد معهد العلوم والأمن الدولي في الولايات المتحدة، استناداً إلى صور الأقمار الصناعية التجارية، أن الحكومة الإيرانية تقوم ببناء منطقة أمنية محاطة بأسوار جديدة حول جبل كلنغ غزلا جنوب منشأة نطنز النووية. وقد تم بناء منشأة نطنز النووية في أعماق هذا الجبل.
ووفقاً للتقرير والصور الفضائية المنشورة، فإن المنطقة الأمنية الجديدة تحيط بكامل سفوح جبل كلنغ غزلا، وتمتد إلى الطريق الرئيسي، وتتصل بالسياج الأمني لمجمع نطنز القريب منه.
وفي تقرير نشره المعهد يوم الأربعاء 23 أبريل (نيسان)، ذكر أن “جبل كلنغ غزلا متعدد القمم يضم مجمعاً نفقياً كبيراً وعميقاً جديداً، ونفقاً أصغر منفصلاً يعود تاريخه إلى عام 2007. لم يخضع أي من هذين الموقعين لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى الآن”.
وأشار المعهد إلى أن “إقامة مثل هذا السياج الأمني الواسع حول منشآت مرتبطة بتخصيب اليورانيوم، والتي بُنيت في أعماق الأرض داخل الجبل، يُظهر أن إيران قلقة من اختراق سري من قبل أفراد أو جماعات لهذه الأنفاق. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح مدى فعالية هذه الحواجز الوقائية ضد عدو مسلح ومجهز”.
مجمع نفقي كبير جديد
أضاف معهد العلوم والأمن الدولي في تقريره: “هذا المجمع النفقي الجديد، الذي يحتوي على مدخلين منفصلين ويُرجح أن يمتد تحت أعلى قمة في الجبل، يجري بناؤه منذ عدة سنوات.
ومن المتوقع أن يبدأ التشغيل الكامل لهذا المجمع هذا العام أو العام المقبل. ووفقاً للتقارير، من المقرر أن يحل هذا المجمع محل مركز تجميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في نطنز، الذي دُمر في صيف 2020 جراء انفجار.
ووفقاً للتقرير، تم بناء الأنفاق الجديدة على عمق أكبر من موقع “فردو”، وتبلغ مساحة الفضاء تحت الأرض فيها حجماً يسمح باستيعاب منشأة تجميع بالإضافة إلى موقع صغير غير معلن لتخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة الطرد المركزي الغازية.
وأضاف ديفيد أولبرايت وسارة بوركهارد، مُعدا التقرير: “بالنظر إلى أن الحكومة الإيرانية نشرت خلال العام الماضي حوالي ستة آلاف جهاز طرد مركزي متقدم في فردو ومجمع نطنز، ولم يخضع أي منها لمراقبة الوكالة، يبدو أنها تمتلك القدرة على نشر آلاف أجهزة الطرد المركزي الأخرى سراً في هذا المجمع الجديد”.
المنشأة الأولية تحت الأرض
وحدد معهد العلوم والأمن الدولي لأول مرة في عام 2007 مجمعاً نفقياً أولياً منفصلاً عن المجمع الجديد، وهو أصغر بكثير من المجمع الجديد. وتُظهر صور الأقمار الصناعية الأخيرة أنشطة واسعة حول مداخل هذا النفق، على ما يبدو بهدف تعزيز التحصينات الأمنية. ولم تقدم إيران أي توضيح حتى الآن حول سبب بناء هذا الموقع.
وذكر التقرير: “على الرغم من عدم وجود دليل على استخدام هذا الموقع لتخصيب اليورانيوم، يبدو أن المجمع مخصص كمستودع طارئ لتخزين اليورانيوم الطبيعي أو المخصب، أو معدات تجميع أجهزة الطرد المركزي، أو لإجراء أبحاث محدودة”.
وسبق أن بنت إيران منشآت مماثلة بالقرب من منشأة التحويل في أصفهان، والتي خضعت لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن مفتشي الوكالة لم يُسمح لهم بتفتيش منشآت “نطنز” منذ عام 2007.
قضايا الضمانات
وكتب ديفيد أولبرايت وسارة بوركهارد أن أياً من المنشآت النفقية في نطنز لم يُعلن عنها كموقع نووي رسمي. ووفقاً للبند 3.1 من اتفاقية الضمانات، يتعين على إيران تقديم معلومات تصميم الموقع إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية فور اتخاذ قرار البناء. ومع ذلك، امتنعت الحكومة الإيرانية عن تنفيذ هذا البند.
وأضاف المؤلفان: “نظراً لتاريخ الأنشطة النووية السرية لإيران، يجب أن يكون توضيح الغرض من هذه الأنفاق أولوية للوكالة والدول المعنية. إذا قامت إيران ببناء موقع لتخصيب اليورانيوم ولم تعلن عنه للوكالة، فإن ذلك يشكل انتهاكاً خطيراً للضمانات”.
وأكد معهد العلوم والأمن الدولي في تقريره أن على الولايات المتحدة أن توضح في مفاوضاتها مع إيران أن نقل أو تخزين اليورانيوم المخصب أو أجهزة الطرد المركزي أو المعدات المرتبطة بها في هذه المنشآت تحت الأرض سيؤثر سلباً على مسار المحادثات.
الوضع التشغيلي
أشار التقرير إلى أن تحديد الوضع التشغيلي لهذين المجمعين النفقيين صعب، لكن إقامة السياج الأمني حول الجبل تشير إلى الاستعداد لبدء التشغيل في المستقبل القريب.
ووفقاً للتقرير: “بالنظر إلى الأنشطة الأخيرة عند مدخل نفق موقع 2007 والتغييرات الكبيرة في هيكل الأمن، يبدو أن هذا الموقع أصبح نشطاً مجدداً بعد توقف دام أكثر من عقد. بدأت هذه التغييرات في 30 سبتمبر (أيلول) 2023 وتكثفت خلال الأشهر الستة الماضية. وتم تعزيز مداخل النفق الآن بمبانٍ أمنية وحواجز طرق وهياكل أمنية معقدة”.
وأشار المؤلفان إلى أن “وضع المجمع الجديد أقل وضوحاً. يمكن رؤية مدخلين منفصلين في الصور، أحدهما يكاد يكون مكتملاً والآخر يواجه مشكلات تصريف. لم تُسفلت الطرق المؤدية إلى الأنفاق بعد، ويظل جزء من السياج الأمني غير مكتمل. ومع ذلك، تعرب بعض المصادر الغربية عن قلقها من أن جزءاً من هذا المجمع قد يكون جاهزاً للتشغيل بالفعل”.
صور الأقمار الصناعية وبناء السياج الأمني
وكتب معهد العلوم والأمن الدولي في ختام تقريره: “تُظهر صور الأقمار الصناعية التي التقطت في نهاية مارس (آذار) عمليات واسعة النطاق لتسوية الأرض وإعداد مسار تركيب السياج الأمني. بينما ظل الجانب الغربي مفتوحاً حتى 29 مارس (آذار) الماضي، بدأ تركيب الألواح الجدارية من الجانبين الشمالي والشرقي. يتصل الجانب الشمالي من السياج بالسياج الأمني السابق لنطنز، ويصل في الشرق إلى الطريق المجاور. وبالتالي، يشمل هذا السياج ليس فقط الأنفاق الجديدة والبنية التحتية المرتبطة بها، بل أيضاً المدخل وقاعة تحت الأرض قبل عام 2007”.
ووفقاً للتقرير، “بسبب التضاريس الجبلية، تتطلب تسوية الأرض لتركيب الألواح عمليات حفر كبيرة. تُلاحظ قنوات على طول السياج، ربما لتصريف المياه السطحية أو لتمديد الكابلات تحت الأرض للإضاءة وكاميرات المراقبة. كما أن عرض الطرق الممهدة كافٍ لإنشاء سياج مزدوج يشمل جداراً خرسانياً وسياجاً سلكياً وأعمدة إنارة وكاميرات”. (إيران إنترناشونال)
متابعات عربية
الإمارات: تقرير الأمم المتحدة لا يدعم ادعاءات الجيش السوداني ضدنا
أكدت البعثة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة أن التقرير النهائي الصادر عن فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان لم يقدم أي دعم للاتهامات التي وجهها الجيش السوداني ضدها.
وجاء في بيان صادر عن المندوب الدائم للإمارات لدى المنظمة الدولية أن التقرير، الذي أصدره مجلس الأمن، ركز على الانتهاكات الواسعة التي ارتكبها طرفا النزاع في السودان، بما في ذلك الغارات الجوية العشوائية، والهجمات على المدنيين، وجرائم العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، بالإضافة إلى استخدام منع وصول المساعدات الإنسانية كسلاح، دون أن يتضمن أي استنتاجات أو أدلة تدين الإمارات.
وأضاف البيان: “من المؤسف أن القوات المسلحة السودانية واصلت توجيه اتهامات لا أساس لها ضد الإمارات بهدف صرف الانتباه الدولي عن الفظائع التي ترتكبها، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية. إلا أن تقرير الأمم المتحدة لم يقدم أي دعم لهذه الادعاءات”.
ودعت الإمارات في بيانها طرفي النزاع في السودان إلى إنهاء الحرب الأهلية دون شروط مسبقة، والانخراط في محادثات سلام بناءة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء البلاد. كما شددت على ضرورة توحيد الجهود الدولية لدعم عملية سياسية مستقلة يقودها المدنيون، بهدف إرساء السلام والاستقرار الدائمين للشعب السوداني.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تتواصل فيه المعركة القضائية بين السودان والإمارات أمام محكمة العدل الدولية، حيث يتهم الجيش السوداني أبوظبي بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية عبر دعمها لقوات شبه عسكرية في دارفور، وهي اتهامات نفتها الإمارات مراراً ووصفتها بأنها “باطلة وذات دوافع سياسية”، مؤكدة التزامها بالحياد وعدم دعم أي طرف في النزاع السوداني. (RT)
تصاعد العمليات العسكرية في السودان
شنت قوات الدعم السريع هجوما عنيفا على مدينة الخوي بولاية غرب كردفان ما أدى إلى مقتل ثلاثة مواطنين في منطقة مركب المجاورة للمدينة وإصابة آخرين، حسب شهود عيان.
وأضافت المصادر ذاتها أن عناصر الدعم السريع نهبوا عشرات المتاجر في سوق الخوي قبل أن يقوموا بإحراقها، كما دمروا برج التحكم التابع لشركة “سوداني” مما تسبب في توقف شبكة الاتصال الوحيدة التي تخدم المدينة .
كما أقدم عناصر الدعم السريع على نهب أعداد كبيرة من المواشي وذبحها لإقامة وليمة احتفالا بما وصفوه بنجاح عملية التخريب قبل أن ينسحبوا من المدينة قبيل غروب الشمس، وفق المصادر.
وأفادت المصادر بتمركز عناصرهم خارج قرية الصريف القريبة من الخوي عقب انسحابهم.
مستجدات الأوضاع في مدينة الفاشر غرب السودان:
أصدرت قوات الدعم السريع بيانا دعت فيه عناصر الجيش والقوات المشتركة إلى إخلاء المدينة مع تقديم ضمانات بفتح ممرات آمنة للمدنيين والعسكريين الراغبين في مغادرة المدينة.
وقال الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع في البيان: “حرصا على حقن الدماء وصون الأرواح، تتوجه قوات الدعم السريع بنداء صادق إلى جميع المسلحين من عناصر الجيش والقوات المشتركة، تدعوهم فيه إلى إخلاء مدينة الفاشر بصورة آمنة مع التزام قواتنا بتأمين ممرات الخروج وضمان سلامة كل من يستجيب ويلوذ بخيار إلقاء السلاح”.
وأضاف “وإيمانا منا بأن جنود الجيش والقوات المشتركة هم ضحايا لسياسات الخداع والتضليل التي مارستها عناصر الحركة الإسلامية الإرهابية والتي سيطرت على القوات المسلحة لأكثر من ثلاثة عقود، فإننا نكرر دعوتنا للخروج الآمن ونتعهد بحسن معاملة كل من يضع السلاح ويلتزم بخيار السلام وفاء للمبادئ الإنسانية والوطنية”.
وتابع “من جهة ثانية، نؤكد على التزامنا التام بمواصلة فتح وتأمين ممرات للمدنيين الذين يرغبون في الخروج طوعا من مدينة الفاشر عبر الممرات التي فتحت سابقا، والتي أجلي عبرها آلاف المدنيين إلى مناطق آمنة وتوفير الحماية اللازمة لهم وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية”.
رد الجيش السوداني:
تصدى الجيش السوداني والقوات المساندة له على هجوم للدعم السريع في المحور الغربي وسلاح المدفعية بالفرقة السادسة مشاة الذي سدد لهم ضربات أوقعت بهم خسائر فادحة.
وقال الإعلامي معمر ابراهيم إن قوات الجيش بالفرقة السادسة مشاة والمشتركة نجحت في صد هجوم قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر الذي كان من محاور عديدة.
وأشار إلى أن قوات الدعم السريع تجرعت هزيمة كبيرة حيث تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد العسكري.
من جهته، قائد الفرقة السادسة مشاة اللواء محمد الخضر: “عهدنا مع أهل الفاشر أن المعركة ستمضي إلى خواتيمها نصر أو شهادة ولتبقى الفاشر ملحمة في تاريخ السودان”.
وقال الإعلامي السوداني عبد الماجد عبدالحميد، إن حصول السودان على منظومات الدفاع الجوي الحديثة “إضافة نوعية للقدرات العسكرية الاستراتيجية التي تعمل كشبكة متكاملة لحماية المجال السوداني ضد المهددات الجوية بتدميرها أو تحييدها”.
وزارة الخارجية السودانية تهاجم قوات الدعم السريع:
أصدر مكتب الناطق الرسمي في وزارة الخارجية السودانية بيان أمس الاثنين قال فيه: “مرة أخرى تؤكد قوات الدعم السريع طبيعتها الإجرامية الإرهابية وأن الحرب التي تخوضها بالوكالة عن راعيتها الإقليمية موجهة ضد الشعب السوداني ودولته الوطنية”.
وأضاف البيان “يأتي ذلك عبر الجريمة الإرهابية الجديدة لها التي هزت الضمير الإنساني بتصفية أكثر من 31 مدنيا أعزل بدم بارد، الأحد جنوب مدينة امدرمان، بل التباهي بذلك ثم توعد متحدث باسم الدعم السريع يقيم بعاصمة أوروبية بارتكاب المزيد من الجرائم المماثلة واستهداف مجتمعات سودانية بعينها وقتل جميع الأسرى والمختطفين ومعظمهم مدنيون”.
وختم البيان “لا تترك هذه الجريمة النكراء والخطاب الصادر من منها بشأنها الذي يعكس مدى استخفافها بالقيم الإنسانية أي مسوغ لعدم تصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية واعتبار راعيتها الإقليمية دولة راعية للإرهاب وخارجة علي القوانين والأعراف الدولية، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بردعها عن تغذية الصراعات والمذابح في المنطقة”. (RT)
دول الساحل الإفريقي تشيد بمبادرة المغرب الاستفادة من المحيط الأطلسي
أشادت بلدان الساحل الإفريقي بمبادرة المغرب الرامية إلى تمكينها من الولوج إلى المحيط الأطلسي، وأكدت على التزامها من أجل تسريع تفعيل المبادرة.
جاء ذلك بحسب وكالة أنباء المغرب الرسمية، على هامش استقبال العاهل المغربي محمد السادس في العاصمة الرباط، وزراء الشؤون الخارجية للبلدان الثلاثة الأعضاء في تحالف دول الساحل، كاراموكو جون ماري تراوري وزير خارجية بوركينا فاسو، وعبد الله ديوب وزير خارجية مالي، وباكاري ياوو سانجاري وزير الخارجية بالحكومة الانتقالية لجمهورية النيجر.
وأشاد الوزراء “بمبادرة العاهل المغربي، لتمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، مجددين انخراطهم التام والتزامهم من أجل تسريع تفعيلها”.
ولفتت الوكالة إلى أن “هذا الاستقبال يندرج في إطار العلاقات القوية والعريقة التي تربط المملكة بالبلدان الثلاثة لتحالف دول الساحل، والتي اتسمت على الدوام بالصداقة والاحترام المتبادل والتضامن والتعاون”.
وخلال هذا الاستقبال “نقل وزراء خارجية التحالف إلى العاهل المغربي، امتنان رؤساء دولهم للاهتمام الدائم بمنطقة الساحل، وكذلك المبادرات الملكية لفائدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدان المنطقة وشعوبها”.
وقدم الوزراء للعاهل المغربي تعريفا بمدى تطور البناء المؤسساتي والعملي لتحالف دول الساحل، الذي أحدث بإطار الاندماج والتنسيق بين هذه الدول الثلاث الأعضاء. (AA)
الأردن يعتقل قيادياً بارزاً في جماعة الإخوان المسلمين وسط تصعيد حكومي ضد الجماعة
اعتقلت السلطات الأردنية، الأحد، أحمد الزرقان، النائب الثاني للمراقب العام وعضو المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين، في خطوة وصفت بأنها الأشد منذ حظر الجماعة واعتبارها “جمعية غير مشروعة” في المملكة.
وبحسب ما أفادت به مصادر مطلعة للجزيرة نت، فإن الزرقان، البالغ من العمر 72 عاماً، والذي يتولى أيضاً مسؤولية الملف المالي في الجماعة، تم توقيفه في إطار حملة أمنية مستمرة تستهدف كبار القيادات.
ويأتي اعتقال الزرقان بعد أيام قليلة من توقيف القيادي عارف حمدان، عضو مجلس شورى الجماعة وعضو المكتب التنفيذي السابق، أثناء وجوده في مقر عمله بالعاصمة عمان، حيث جرى نقله إلى مقر المخابرات العامة في منطقة الجندويل.
تحقيقات مالية وتصعيد أمني
ويرجّح مراقبون أن يكون سبب الاعتقالات الأخيرة مرتبطاً بالتحقيقات الدائرة حول الملف المالي للجماعة، في سياق مساعٍ أمنية لجمع وثائق ومستندات قد تُدين قياداتها.
وكان وزير الداخلية مازن الفراية قد أعلن في وقت سابق قرار الحكومة الأردنية بحظر جماعة الإخوان المسلمين رسمياً، واعتبار الانتماء لها أو الترويج لأفكارها “مخالفة للقانون”، مؤكداً إغلاق جميع مقارها، بما في ذلك تلك التي تعمل بالشراكة مع أطراف أخرى.
كما باشرت لجنة حكومية مختصة مصادرة ممتلكات الجماعة المنقولة وغير المنقولة، تنفيذاً لأحكام قضائية سابقة، في حين شددت الحكومة على أن التعامل الإعلامي أو الرقمي مع الجماعة قد يعرض صاحبه للمساءلة القانونية.
في سياق أمني أوسع
جاءت هذه التطورات بالتزامن مع إعلان الحكومة الأسبوع الماضي عن تفكيك خلية متهمة بتصنيع صواريخ وطائرات مسيرة، قالت إنها كانت تخطط “لإثارة الفوضى والتخريب داخل المملكة”، مشيرة إلى اعتقال 16 شخصاً على صلة بالقضية.
في المقابل، نفت جماعة الإخوان المسلمين أي علاقة لها بهذه الخلية، وأكدت تمسكها بنهجها السلمي ومواقفها الوطنية منذ تأسيسها.
متابعات إفريقية
إفريقيا والأسئلة الأربعة الكبرى التي تُشكّل الديمقراطية
نشر موقع أفرو بولسي دراسة هامة ذكر فيها أن المسار الديمقراطي في إفريقيا سوف يتحدد من خلال قضايا تتجاوز العناوين الرئيسية، مثل ما إذا كانت الديمقراطية قادرة على تلبية احتياجات المواطنين وكيف تتكشف التحولات.
كان للعام الماضي – الذي يُطلق عليه عالمياً اسم عام الانتخابات نظراً لكثرة استطلاعات الرأي – تداعياتٌ هائلة على الديمقراطية حول العالم. وقد مثّلت إفريقيا جزءاً كبيراً من المشهد، حيث كان من المقرر إجراء تسعة عشر انتخابات رئاسية أو عامة في البداية، وإن لم يُجرَ بعضها في النهاية. أما هذا العام، فيُقدّم جدولاً انتخابياً أكثر تواضعاً في القارة الأفريقية – حيث من المقرر إجراء تسع انتخابات رئاسية فقط، تبدأ في 12 أبريل/نيسان في الغابون.
ولكن على الرغم من قلة الانتخابات المُقرر إجراؤها هذا العام، لا يزال عام 2025 يحمل تداعياتٍ كبيرة على المسار الديمقراطي في إفريقيا. وعلى وجه الخصوص، ستُشكّل أربعة أسئلة رئيسية المسارات الديمقراطية في إفريقيا خلال الفترة المتبقية من عام 2025 وما بعده: هل تستطيع الحكومات المنتخبة حديثاً تلبية احتياجات شعوبها؟ وهل يُمكن الحدّ من نزعة الاستيلاء على السلطة التنفيذية؟ وكيف ستتكشف المسارات السياسية بعد الانقلابات؟ وماذا سيحدث لاحقاً في البلدان التي تواجه تحولاتٍ حتمية. ينبغي على داعمي الديمقراطية، سواءً داخل القارة أو خارجها، أن يُمعنوا النظر وراء العناوين الرئيسية لتتبع كيفية تكشّف هذه الأسئلة المفتوحة خلال الأشهر المقبلة.
السؤال الأول
هل تستطيع الحكومات المنتخبة حديثاً تلبية احتياجات شعوبها؟ شهدت الأشهر الأخيرة من عام 2024 عدة خسائر ملحوظة للأحزاب القائمة، مع تداعيات أوسع نطاقاً على مسار الديمقراطية الأفريقية. مُني حزب بوتسوانا الديمقراطي، الذي حكم بوتسوانا منذ الاستقلال عام 1966، بهزيمة ساحقة في الانتخابات على يد حزب “مظلة التغيير الديمقراطي” ذي الميول اليسارية ومرشحه، دوما بوكو – وهي هزيمة ملحوظة وغير متوقعة لحزب التحرير الذي هيمن على المشهد السياسي في بوتسوانا على مدار الثمانية والخمسين عاماً الماضية.
في موريشيوس، حقق تحالف “التحالف من أجل التغيير” فوزاً ساحقاً على الائتلاف الحاكم، ليعود رئيس الوزراء السابق نافين رانغولام إلى منصبه. في انتخابات غانا التي جرت في ديسمبر/كانون الأول، عاد الرئيس السابق جون ماهاما إلى منصبه بعد هزيمة نائب رئيس الحزب آنذاك، مستفيداً من السخط الاقتصادي ووعد بـ “اقتصاد يعمل على مدار الساعة”. في السنغال، بعد تأجيلات انتخابية مضطربة (سنتناولها لاحقاً)، هزم الوافد السياسي الجديد باسيرو ديوماي فايي مرشح الحزب الحاكم. والجدير بالذكر أنه في كل مرة، أقرّ الحزب الخاسر بهزيمته في الانتخابات بكل لطف وسرعة، مؤكداً احترامه للعملية الديمقراطية.
ما الذي يجب مراقبته مستقبلاً؟
تواجه هذه الحكومات المُنصّبة حديثاً اختباراً صعباً في تحقيق إنجازات ملموسة لمواطنيها، وعلى أنصار الديمقراطية أن يراقبوا الوضع عن كثب. تواجه جميع الحكومات الجديدة رياحاً اقتصادية معاكسة أزعجت الحكومات السابقة، بينما تضطر أيضاً إلى مواجهة ظروفها الخاصة – بدءاً من حاجة بوتسوانا إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن صناعة الألماس، ووصولاً إلى حاجة موريشيوس إلى إبرام اتفاقية مع المملكة المتحدة بشأن جزر تشاغوس، ووصولاً إلى معاناة غانا من ارتفاع التضخم وتزايد الفقر بعد تخلفها عن سداد ديونها السيادية عام ٢٠٢٢.
ستكون لقدرة هذه الحكومات على اجتياز هذه الاختبارات آثار أوسع نطاقاً على ترسيخ الديمقراطية في جميع أنحاء القارة. ووفقاً لمؤسسة أفروباروميتر، فعلى الرغم من الدعم العام القوي للديمقراطية كنظام حكم في جميع أنحاء القارة، فإن ٣٧٪ فقط من الأفارقة راضون عن الطريقة التي تعمل بها الديمقراطية فعلياً في بلدانهم. وقد شاب عام ٢٠٢٤، الذي شهد انتخابات في إفريقيا، مشاكل عديدة – بدءاً من تأجيلات أو إلغائها لأسباب غير دستورية، وصولاً إلى عمليات انتخابية شابها العنف.
وبناءً على ذلك، فإن إثبات قدرة قرارات الناخبين على تحقيق انتقال سلمي للسلطة، وبالتالي تحسينات جوهرية في حياة المواطنين، سيكون له آثار إيجابية مهمة على الديمقراطية في جميع أنحاء القارة. وبغض النظر عما إذا كانت الحكومات الجديدة تضم وجوهاً مألوفة (كما في غانا وموريشيوس) أو جيلاً جديداً من القادة (كما في بوتسوانا والسنغال)، فإن المواطنين سيتابعون عن كثب.
السؤال الثاني: هل يمكن الحد من ظاهرة الاستيلاء على السلطة التنفيذية؟
شهد عام 2024 تطورات متباينة بشأن قضية الاستيلاء على السلطة التنفيذية الشائكة. وشهدت السنغال الدراما المحورية والخبر السار الأبرز للديمقراطية. في فبراير الماضي، أعلن الرئيس ماكي سال، آنذاك، تأجيل الانتخابات، معتبراً إياها محاولة لإطالة أمد بقائه في السلطة بعد أن أمضى فترتين، وهو الحد الأقصى المسموح به. بعد موجة من الانتقادات المحلية والإقليمية والدولية، تراجع سال عن قراره. أُطلق سراح المعارض البارز عثمان سونكو من السجن، ولكنه مُنع من الترشح، وترشح بدلاً منه سياسي معارض شاب غير معروف نسبياً، وهو باسيرو ديوماي فاي، الذي كان مسجوناً أيضاً. في النهاية، أُجريت الانتخابات، وانتهت ولاية سال في موعدها، وفاز فاي بالرئاسة، وعيّن سونكو رئيساً للوزراء. بالنسبة لمعظم المحللين، مثّلت هذه الملحمة الانتخابية في نهاية المطاف انتصاراً للديمقراطية.
لكن الصورة الأوسع أقل إيجابية، إذ لجأ القادة في جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بشكل متزايد إلى أساليب مبتكرة لتمديد فترات ولايتهم من خلال التلاعب بالمؤسسات السياسية. ففي توغو العام الماضي، فعّل الحزب الحاكم تعديلات دستورية لإنشاء نظام برلماني جديد، مما سمح للرئيس التوغولي، فوري غناسينغبي، الذي حكم البلاد لفترة طويلة، بأن يصبح أشبه برئيس وزراء، وجرد الرئاسة، التي أصبحت الآن شكلية إلى حد كبير، من صلاحياتها.
توفر هذه الخطوة آلية لغناسينغبي للبقاء في منصبه مدى الحياة، متجاوزاً بذلك بند تحديد فترات الرئاسة الذي تم التوصل إليه بشق الأنفس في توغو. جاءت التطورات في توغو في أعقاب أحداث العام السابق في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث أجرت الحكومة استفتاءً دستورياً ألغى تحديد فترات الرئاسة، وهو مثال آخر ضمن سلسلة طويلة من حالات الاستيلاء على السلطة التنفيذية.
هذه الجهود الماكرة بشكل متزايد لتمديد فترة ولاية القائد أقل وضوحاً من الانقلابات العسكرية الصريحة، لكنها لا تقل ضرراً بالديمقراطية. إنها تقوض ثقة الشعب في قدرته على إحداث التغيير عبر صناديق الاقتراع. الاستيلاء على السلطة التنفيذية يتعارض مع الرأي العام – تشير منظمة أفروباروميتر إلى أن 72% من الأفارقة يؤيدون تحديد فترات الرئاسة. كما أن التهرب من تحديد فترات الرئاسة قد يفتح الباب أمام الانقلابات العسكرية: فكما أوضح المحللون، فإن خمساً من الدول الأفريقية الثماني التي شهدت انقلابات منذ عام 2015 كان بها قادة يتهربون من تحديد فترات الرئاسة – تشاد، والجابون، وغينيا، والسودان، وزيمبابوي.
ما الذي يجب متابعته في الفترة المقبلة؟
يقضي رئيس كوت ديفوار، الحسن واتارا، فترة ولايته الثالثة، وهي فترةٌ مشكوكٌ في جدواها أصلاً؛ فقد ترشح عام ٢٠٢٠ بعد وفاة خليفته المُعيّن، مُجادلاً بأن التعديل الدستوري لبلاده عام ٢٠١٦ قد أعاد العمل بنظام تحديد الفترات الرئاسية، وهو ما أيدته المحكمة الدستورية في قرارٍ مثيرٍ للجدل. هذا العام، ألمح إلى أنه سيترشح مجدداً، مما يُثير خطراً حقيقياً باندلاع أزمة سياسية وعنف. وبالنظر إلى المستقبل، ثمة أسبابٌ للقلق بشأن مناورات الحزب الحاكم للتهرب من تحديد فترات الرئاسة في انتخابات زيمبابوي عام ٢٠٢٨، وفي انتخابات جمهورية الكونغو الديمقراطية عام ٢٠٢٨، من خلال تعديلاتٍ دستورية، فضلاً عن مخاوفَ من عدم الاستقرار على المدى القريب.
ستُخلّف ردود الفعل المحلية والدولية على هذه المحاولات وغيرها من محاولات الاستيلاء على السلطة التنفيذية المحتملة آثاراً واسعة النطاق على مسار الديمقراطية في القارة. بالنسبة لمؤيدي الديمقراطية، يُعدّ دليل السنغال لعام ٢٠٢٤ لمكافحة الاستيلاء على السلطة جديراً بالدراسة. وكما يصفه أليكس نويس ولويسون سال، فقد اعتمد هذا الدليل على مجتمع مدني قويّ وتفاعل المواطنين مع المقاومة؛ ومؤسسات عسكرية وقضائية قوية (بما في ذلك المجلس الدستوري)؛ وضغط منسق من المنظمات الإقليمية والأطراف الخارجية (بما في ذلك مشاركة مباشرة رفيعة المستوى من الولايات المتحدة).
السؤال الثالث: كيف ستتكشف مسارات ما بعد الانقلاب؟
وهناك سؤال رئيسي آخر يتعلق بمسار الدول التي شهدت انقلابات عسكرية في السنوات الأخيرة. تبدو الآفاق الديمقراطية قاتمة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر – تحالف دول الساحل المعلن ذاتياً – حيث مدد الحكام العسكريون في الدول الثلاث الجداول الزمنية المفترضة للعودة إلى الديمقراطية مع تعزيز سلطتهم. في بوركينا فاسو، أرجأ المجلس العسكري الحاكم الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في يوليو 2024 لمدة خمس سنوات، بينما عزز الحاكم العسكري إبراهيم تراوري مكانته الإقليمية.
في النيجر، أدى مؤتمر وطني خاضع لسيطرة مشددة في فبراير إلى إطالة الإطار الزمني للانتقال المفترض إلى الحكم الديمقراطي؛ ثم في أواخر مارس 2025، تم تعيين زعيم المجلس العسكري عبد الرحمن تياني رئيساً للسنوات الخمس المقبلة. في مالي، سمح التعديل الدستوري لعام 2023 للحاكم العسكري الحالي بالترشح وركز السلطة في الرئاسة؛ ثم أجّل المجلس العسكري الحاكم الانتخابات المقررة إلى أجل غير مسمى، وأقال لاحقاً رئيس وزراء مدنياً انتقد تأجيل الانتخابات.
في البلدان المتضررة من الانقلابات خارج منطقة الساحل، تلوح في الأفق بعض الانتخابات، لكن الصورة الديمقراطية لا تزال غير مواتية. في غينيا، أجّلت حكومة الانقلاب الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر 2024، ولكن يبدو أنها أعادت جدولتها إلى وقت لاحق من هذا العام. ويبدو أن القيادة هناك مستعدة الآن لمحاكاة دليل اللعب المُتقن في تشاد، ليشمل استفتاءً دستورياً مُدبّراً يفتح الباب أمام الحاكم العسكري لغينيا، مامادي دومبويا، للترشح في انتخابات سطحية، كل ذلك مع قمع المعارضة والفضاء المدني.
قصة الغابون مماثلة: منذ انقلاب أغسطس 2023، قاد الرئيس الانتقالي برايس أوليغي نغيما البلاد عبر مجموعة من المعالم البارزة في التحول الديمقراطي المُنظّمة للغاية – بما في ذلك حوار وطني مُقيّد للغاية، وإعادة صياغة الدستور، واستفتاء دستوري اتسم بنواقص ملحوظة. في تنويعة مُنعشة نوعاً ما على موضوع تأجيل الانتخابات، قدّم معسكر أوليغي موعد الانتخابات الرئاسية إلى هذا الشهر. لكن يبدو أن هذا التصويت سيُرسّخ هذا الانتقال المُدبّر، وقد أعلن عن نيته الترشح في انتخابات ستشهد، على الأرجح، معارضة ومجتمعاً مدنياً مُقيّدين للغاية.
ما الذي يجب مراقبته مستقبلاً
مع غياب أي اختراقات ديمقراطية محتملة في الأفق، ستلوح في الأفق قضايا عديدة ذات تداعيات أوسع نطاقاً على مصير الديمقراطية في هذه الدول المتضررة من الانقلابات. أولاً، سيحتاج مؤيدو الديمقراطية إلى متابعة دقيقة لكيفية تغير الظروف في ظل حكومات المجلس العسكري. في جزء كبير منها، حدثت الانقلابات كنتيجة لتصور الجمهور (والجيش) بأن القادة المنتخبين ديمقراطياً لم يحققوا أهدافهم لشعوبهم، أمنياً واقتصادياً. ومع ذلك، وبعد سنوات من الانقلابات، لم تتحسن الأوضاع في هذه الدول بشكل ملموس إلى حد كبير.
تُظهر مجموعة الأبحاث الدولية “بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة” (ACLED) أن العامين الماضيين كانا الأكثر دموية على الإطلاق فيما يتعلق بالعنف السياسي في منطقة الساحل. وقدّر برنامج الغذاء العالمي أن 45 ألف شخص عانوا من مستويات كارثية من الجوع في جميع أنحاء منطقة الساحل في عام 2023، معظمهم في بوركينا فاسو. كما تخلفت حكومة المجلس العسكري في النيجر عن سداد ديون متعددة، حيث تخلفت عن سداد أكثر من 500 مليون دولار. لقد كافحت حكومتا الانقلاب في مالي والنيجر لتلبية الاحتياجات الأساسية من المياه والكهرباء لمواطنيهما.
ونظراً لتقلص مساحة التغطية الإعلامية في هذين البلدين، فإن توعية الجمهور بالاتجاهات العامة ستكون مهمة شاقة، وإن كانت ضرورية. على مدار السنوات العشر الماضية، ووفقاً لمؤسسة أفروباروميتر، شهدت بوركينا فاسو ومالي انخفاضاً ملحوظاً في نسبة السكان الرافضين للحكم العسكري (بمقدار 36 و40 نقطة على التوالي). وسيعتمد تغير هذه الأرقام في السنوات القادمة على كيفية تغير الظروف، ومدى وصول الجمهور إلى المعلومات المتعلقة بها. وبالتالي، سيكون دعم الإعلام المستقل، في مواجهة موجة التضليل الإعلامي في جميع أنحاء المنطقة، أكثر أهمية.
ومن الضروريات الثانية إجراء تقييم دقيق لتطورات كل حالة، والدفع نحو تحسينات طفيفة، وإن كانت مهمة، كلما أمكن ذلك. ولا يزال الدفع نحو مساحة أوسع نسبياً للمعارضة، وحرية إعلامية أكبر نسبياً، وهيئات انتخابية أكثر استقلالية نسبياً، أمراً بالغ الأهمية – حتى مع عدم التهرب من التنديد بأوجه القصور الصريحة.
كما يشير جوزيف سيجل، من المرجح أن تستضيف الدول المتضررة من الانقلابات “مناورات انتخابية تستخدم مظاهر الانتخابات، لكن المشاركة الفعلية – وبالتالي النتيجة – تخضع لرقابة مشددة”. لكن ينبغي على مؤيدي الديمقراطية إعطاء الأولوية للتمييز بين درجات السيئ والأسوأ، ومحاولة تحفيز حكومات الانقلاب على تجنب الأخير. ومع ازدياد صعوبة إدارة المسرح الانتخابي بطرق حشو صناديق الاقتراع السابقة، فإن إجراء أي انتخابات يبقى على الأرجح أفضل من عدم إجرائها على الإطلاق، ويساهم في إمكانية نشوء ثقافة مدنية ناشئة. وكما أظهرت التجارب السابقة، كما في غامبيا عام ٢٠١٦، فإن حتى المناورات الانتخابية الخاضعة لرقابة مشددة تشهد أحياناً اختراقات غير متوقعة.
السؤال الرابع: ماذا بعد التغييرات الحتمية؟
وهناك قضية رئيسية أخيرة تتمثل في حتمية المزيد من انتقالات القيادة في المستقبل. تستضيف أحدث قارات العالم العديد من أقدم القادة. وستمثل التحولات، التي لا مفر منها من الناحية الاكتوارية على مدى السنوات القادمة، فرصاً نادرة في العديد من البيئات السياسية التي عانت من الجمود لفترة طويلة.
في الكاميرون، اختفى بول بيا، البالغ من العمر 92 عاماً – وهو أكبر رئيس دولة سناً في العالم ويكبر متوسط أعمار الكاميرونيين بـ 74 عاماً، عن الأنظار لفترات طويلة في السنوات الأخيرة. وفي كوت ديفوار، يبلغ واتارا نفسه 83 عاماً. أما زعيم غينيا الاستوائية، تيودورو أوبيانغ نغيما مباسوغو، البالغ من العمر الآن 82 عاماً، فقد استولى على السلطة في انقلاب عسكري عام 1979، وتولى منصب الرئيس عام 1982، مما جعله أطول رئيس حكماً في العالم اليوم. الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، البالغ من العمر الآن 80 عاماً، يقضي عامه الأربعين في ولايته السادسة. أما في جيبوتي، فطالما طاردت شائعات حول صحته الرئيس إسماعيل عمر جيله، البالغ من العمر الآن 77 عاماً، والذي يقضي ولايته الخامسة.
ما الذي يجب مراقبته في المستقبل؟
مع أن هؤلاء القادة قد تحدوا جميعاً حدود فترات ولايتهم بطريقة أو بأخرى، إلا أنهم لن يبقوا في السلطة إلى الأبد. فمتى ما غادروا المشهد، ستكون فرص التغيير النظامي المحتملة كبيرة. على سبيل المثال، في الكاميرون – بغض النظر عن نتائج الانتخابات التي ستُجرى في أكتوبر/تشرين الأول، والتي يعتزم بيا الترشح فيها لولاية رئاسية ثامنة استثنائية – ستبرز أسئلة رئيسية عند مغادرة بيا للسلطة في نهاية المطاف: هل ستُجرى الانتخابات في موعدها المحدد وفقاً للدستور، وهل تستطيع المعارضة المتشرذمة تاريخياً التوحد، رغم تضييق المجال المدني والتضليل الروسي.
في العديد من البلدان، بما في ذلك جمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية وأوغندا، قام الحكام الحاليون بتجهيز أبنائهم للسلطة – مع أن نجاح هذه الجهود، في جميع الحالات، سيعتمد في النهاية على مدى امتثال جهات فاعلة أخرى من النخبة، ومدى قدرة هؤلاء الأبناء المتميزين على الحفاظ على التحالفات اللازمة لتولي مناصب آبائهم على المدى الطويل. وبالتالي، قد تُعمّق عمليات الانتقال الحتمية شخصنة السلطة، وتُرسّخ السياسات السلالية بدلاً من الديمقراطية في هذه الدول.
قد تُتيح هذه المراحل الانتقالية الحتمية فرصةً نادرةً لإجراء انتخابات وتسليم السلطة، أو قد تُؤدي إلى ترسيخ الاستبداد، أو توطيد النخب، أو الصراع. ينبغي على داعمي الديمقراطية داخل المنطقة وخارجها الاستعداد للتحرك الفوري لدعم العمليات الديمقراطية متى ما حدثت هذه التحولات الحتمية.
الطريق إلى الأمام
في الأسابيع الأخيرة، أكدت جولة أخرى من التقارير البحثية السنوية، بما في ذلك من منظمة “فريدوم هاوس” و”فاريتيز أوف ديموكراسي”، اتجاهاً عالمياً مُحبطاً: استمرار تراجع حظوظ الديمقراطية. لكن اللمحات العالمية لا تُشير إلا إلى هذا القدر، والوضع في إفريقيا مُتنوع ومُعقّد، مُثير للقلق في بعض الحالات ومُبشر بالخير في حالات أخرى. تُقدم الأسئلة المطروحة أعلاه، بالإضافة إلى أسئلة أخرى – من مسار حركات الاحتجاج الشعبية إلى نتائج بعض الانتخابات التنافسية الحقيقية المُقرر إجراؤها في الأشهر المقبلة – إطاراً أولياً لتقييم كيفية تطور الصورة.
لا عجب أن قصة الديمقراطية في إفريقيا لا تزال قيد الكتابة. وكما قالت الرئيسة الليبيرية السابقة إيلين جونسون سيرليف في عام ٢٠١٨: “الديمقراطية لا تُمنح أبداً على طبق من فضة. يجب اكتسابها والدفاع عنها ورعايتها كل يوم، في كل مكان – في إفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة”. بالنسبة لمؤيدي الديمقراطية، سواء داخل القارة أو خارجها، فإن الضرورة القصوى تتمثل في النظر باستمرار إلى ما وراء العناوين الرئيسية لفهم خطوط الاتجاه الأكثر عمقا ــ ومواصلة كسب الديمقراطية والدفاع عنها ورعايتها كل يوم في السنوات القادمة. (أفروبوليسي)
متابعات دولية
تصاعد خطير بين الهند وباكستان بعد هجوم دامٍ في كشمير
شهدت العلاقات بين الهند وباكستان تصعيداً خطيراً عقب الهجوم الدامي الذي وقع الأسبوع الماضي في منطقة باهالجام بالشطر الهندي من كشمير، وأسفر عن مقتل 26 شخصاً وإصابة 17 آخرين، معظمهم من السياح الهنود. ورغم إعلان جماعة تطلق على نفسها اسم “جبهة مقاومة” مسؤوليتها عن الهجوم، سارعت نيودلهي إلى اتهام إسلام أباد بالضلوع فيه، بينما نفت باكستان أي تورط، مطالبةً بتحقيق محايد.
سلسلة إجراءات متبادلة
رداً على الهجوم، علقت الهند العمل بمعاهدة “نهر السند” لتقاسم المياه الموقعة عام 1960، وأغلقت المعابر البرية مع باكستان، وخفضت التمثيل الدبلوماسي، وألغت جميع التأشيرات الصادرة للمواطنين الباكستانيين، وطردت مستشاري الدفاع الباكستانيين. في المقابل، أعلنت باكستان طرد دبلوماسيين هنود، وتعليق إصدار التأشيرات للهنود، وإغلاق الحدود البرية والمجال الجوي أمام الخطوط الجوية الهندية، ووقف التبادل التجاري مع نيودلهي. كما هددت بأن أي تدخل في مياه نهر السند ستعتبره “عملاً حربياً”.
تصعيد ميداني وتبادل إطلاق نار
تواصل تبادل إطلاق النار عبر الحدود في كشمير لليلة الرابعة على التوالي، حيث أطلق الجنود الباكستانيون النار من أسلحة خفيفة على مواقع الجيش الهندي، الذي رد بالمثل. ولم ترد نيودلهي عن وقوع ضحايا جراء الاشتباكات. وأكد الجيش الهندي أنه يبحث عن المسلحين المتورطين في الهجوم، مشيراً إلى أن اثنين من المشتبه بهم يحملون الجنسية الباكستانية.
بالتوازي مع التصعيد العسكري، أغلقت الهند أكثر من نصف المقاصد السياحية في كشمير لتشديد الإجراءات الأمنية، بينما نفذت قوات الأمن حملات تفتيش واسعة اعتقلت خلالها نحو 500 شخص، وهدمت 9 منازل لمشتبه بهم، وفق مصادر شرطية.
المواقف الرسمية والتوتر الإقليمي
في خطاب إذاعي شهري، توعد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بتحقيق العدالة لضحايا الهجوم، مؤكداً أن بلاده لن تتسامح مع “الإرهاب العابر للحدود”. من جانبه، أعرب رئيس حكومة كشمير عمر عبدالله عن دعمه للإجراءات الأمنية ضد الإرهاب، لكنه حذر من استهداف الأبرياء ضمن العمليات الجارية.
في المقابل، أوضح وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف أن تصريحاته السابقة حول احتمال نشوب حرب خلال أيام أسيء فهمها، مؤكداً أن باكستان لا ترى الحرب حتمية لكنها مستعدة للرد إذا فرض الصراع.
جهود دولية للتهدئة
دعا مجلس الأمن الدولي الهند وباكستان إلى “ضبط النفس”، بينما أعلنت المملكة العربية السعودية بذل جهود دبلوماسية لاحتواء التوتر، وعرضت إيران التوسط بين الجانبين.
خلفية النزاع
تعود جذور التوتر بين الهند وباكستان إلى تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، وخاض البلدان ثلاث حروب رئيسية، اثنتان منها بسبب نزاع كشمير. وتعد معاهدة مياه نهر السند الموقعة عام 1960 إحدى ركائز العلاقات بين البلدين، والتي علقتها الهند مؤخراً لأول مرة منذ توقيعها، مما يزيد من خطورة التصعيد الحالي.
هجوم كشمير.. تداعيات خطيرة وشكوك بشأن دوافعه
شهدت كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، يوم 22 أبريل/نيسان واحدة من أعنف الهجمات المسلحة منذ سنوات، حيث قُتل 26 سائحاً هندياً وجُرح آخرون في هجوم أعلنت عن تنفيذه “جبهة المقاومة” المرتبطة بجماعة “لشكر طيبة”، في منطقة بهلغام، وأعادت إلى الأذهان مشاهد التصعيد الذي يضع الهند وباكستان دوماً على حافة حرب، كان آخرها عام 2019.
وفورا وكما كان متوقعاً، سارعت الحكومة الهندية إلى اتهام باكستان بالوقوف خلف الهجوم، وأعلنت جملة من الإجراءات التصعيدية، منها تعليق العمل بمعاهدة الدبلوماسية لتقاسم مياه نهر السند، وإغلاق معبر أتاري-واغا الحدودي البري الرئيسي بينهما، وتخفيضات واسعة في أعداد الدبلوماسيين، بما فيها سحب العديد من الموظفين الهنود من إسلام آباد، وإصدار أوامر للباكستانيين بالعودة إلى ديارهم.
في المقابل، نفت إسلام آباد هذه الاتهامات، وحمّلت السياسات الهندية مسؤولية تفاقم العنف، وتحويل الإقليم إلى “سجن مفتوح”، وصرح وزير الدفاع الباكستاني أنّ عملية بهلغام ليست سوى عملية مصطنعة.
بين المتعاطفين والمتشككين
لا شك أن هذه الهجمات الدامية التي استهدفت سياحاً مسالمين أثارت مشاعر التعاطف مع الضحايا في الهند وفي كشمير، بل إنّ بعض سكان المنطقة وصفوا هذه العملية، حسب تقرير نشرته الجزيرة الإنجليزية بأنها هجمات شريرة، خصوصاً أنها استهدفت مدنيين، ولم تستهدف مواقع عسكرية.
كما استهدفت الهجمات حركة السياحة في المنطقة التي تُعد العصب الحيوي لاقتصادها مما سيلحق ضرراً كبيراً بمصالح المواطنين الكشميريين.
في المقابل، شككت أصوات خافتة في دوافع الحكومة الهندية التي يقودها حزب بهاراتيا جانتا الهندوسي القومي المتطرف، والتي اعتادت توظيف هذا النوع من الأحداث لجني مكاسب انتخابية أو التغطية على أحداث محليّة حساسة كقانون الجنسية المثير للجدل، والذي أشعل مظاهرات عارمة في الهند لم يوقفها سوى انتشار وباء كورونا، وقانون الوقف الإسلامي الذي يثير هذه الأيام كثيرا من التذمر في أواسط الأقلية المسلمة في الهند.
سلاح المياه.. تهديد وجودي
يعيد التصعيد الحالي للأذهان تفجير بولواما عام 2019، حيث فجر انتحاري سيارة مفخخة في قافلة عسكرية هندية، مما أودى بحياة 46 جندياً، وردّت الهند آنذاك بغارات جوية على معسكرات “جيش محمد” داخل الأراضي الباكستانية، وردت باكستان بإسقاط طائرتين وأسر طيّار.
في هذه المرة، أعلنت الهند عن إجراءات تستهدف إمدادات المياه القادمة من الهند إلى باكستان، بما يتعارض مع اتفاقية تقاسم مياه 6 أنهار بين البلدين، الموقعة بين البلدين 1960 برعاية البنك الدولي، يمكن أن تمثل تهديداً وجودياً لباكستان خصوصاً أن البلاد تعتمد على مجرى نهر إندوس (السند)، وأن هذه الإجراءات يمكن أن تحوِل 60% من أراضيها إلى صحراء.
رفعت هذه الإجراءات سقف المواجهة بين الطرفين إلى مستوى غير مسبوق على الإطلاق، إذ يمكن لباكستان أن تقابل ذلك بإيقاف العمل باتفاقية “شيملا” الموقعة بين البلدين عام 1971م، بما فيها من ترتيبات أمنية وعسكرية بما في ذلك إيقاف التنسيق النووي بين البلدين.
فشل سياسة الأمر الواقع
مثّل قرار الحكومة الهندية عام 2019 بإلغاء الوضع الخاص لكشمير بموجب المادة 370 من الدستور، الضربة القاضية لما تبقى من الحياة السياسية في الإقليم، فالقرار لم يقتصر على التغييرات الدستورية فحسب، بل ترافق مع حملة قمع غير مسبوقة شملت اعتقالات واسعة، وحظراً على وسائل الإعلام، وقطعاً للاتصالات، وهو ما شكّل لحظة فارقة في تاريخ كشمير الحديث، إذ ولّد حالة إجماع شعبي غير مسبوق على رفض السلطة المركزية، والنظر إليها كقوة احتلال صريحة سلبت السكان حقهم في تقرير مصيرهم.
الأشد خطورة، كما يرى كثير من الكشميريين، هو ما يُعتقد أنه مسعى ممنهج لتغيير هوية الإقليم، بمشاريع اقتصادية ضخمة تسمح بتملك الأراضي للمؤسسات الكبرى، واستقدام ملايين الهندوس من ولايات أخرى، الأمر الذي قد يؤدي إلى تحوّل المسلمين إلى أقلية في وطنهم.
وقد فجر هذا الواقع قلقاً عميقاً داخل الإقليم، ووحّد أطرافاً سياسية كانت متخاصمة سنوات، في موقف موحّد ضد سياسات المركز، فرغم علم الحكومة الهندية بخطورة القرار، إلا أنها كانت تبدو واثقة من قدرتها على فرض أمر واقع، مستندةً إلى أدوات القوة، وفي مقدمتها الانتشار الكثيف للجيش الهندي الذي يفوق نصف مليون جندي داخل كشمير.
مثّلت هجمات بهلغام ضربة قاسية لسردية الحكومة التي زعمت أن سياستها في كشمير سياسة وطنية ناجحة وأن الأمور في كشمير تجري على ما يرام، فقد صرح وزير الداخلية الهندية أميت شاه قبل يومين فقط من الهجمات في البرلمان، أنّ إلغاء المادة 370 أدى إلى تراجع انضمام الشباب إلى الحركات الإرهابية وأن الإرهاب في كشمير قد انتهى، وهو يعيد للذهن ما كان يقوله المعارضون لهذه الخطوة من أن سياسة فرض الأمر الواقع التي انتهجتها الحكومة لن تقود إلى الاستقرار.
رغم محاولة الحكومة المركزية إعطاء الانطباع أنّ الحياة السياسية في كشمير قد عادت إلى مجراها من إجراء انتخابات جديدة في أكتوبر/تشرين الأول 2024، إلا أن الحكومة المحلية المنتخبة بقيادة “عمر عبد الله” تفتقر إلى القبول الشعبي الواسع، ويرى السكان أن الإقليم يعيش في ظل حكم وصاية فعلية، وسط اتهامات للحكومة المركزية بقمع الحياة السياسية وخنق الحريات.
وكان عمر عبد الله قد صرح العام الماضي، أنه من “الغباء” توقع استعادة المادة 370 من الحكومة الحالية بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا، وأن تحويل الإقليم إلى منطقة اتحادية “فشل في جميع الجبهات”، بما فيها مكافحة الإرهاب والتنمية.
الإسرائيلي يصطاد في الماء العكر
جاء تصاعد التوتر بين الهند وباكستان تزامنا مع استمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ورغم عدم وجود رابط مباشر بين الحدثين، إلا أنّ السفير الإسرائيلي رؤوفين عازار لم يدخر جهداً خلال العامين الماضيين لتحريض السياسيين والرأي العام الهندي على المقاومة الفلسطينية ومحاولة ربط التنظيمات الكشميرية بحركة حماس.
وبالغ السفير الإسرائيلي في تسليط الضوء على مشاركة شخصيات من حركة حماس في فعالية شعبية لنصرة القضية الفلسطينية نظمت في الجزء الكشميري الذي تسيطر عليه باكستان، داعيا إلى وضع الحركة على قائمة الإرهاب الهندية.
واستغل عازار هذه الهجمات ليقرنها بهجوم طوفان الأقصى وزعم أن هجمات بهلغام هي النسخة الهندية من أحداث السابع من أكتوبر، وصور الهجوم كجزء من “موجة تطرف إسلامي عالمي”، وهو ما عملت أوساط إعلامية وسياسية هنديّة على استغلاله.
فقد ألمح مسؤولون وإعلاميون بارزون في الهند إلى أن “موجة الغضب الإسلامي” بسبب غزة قد تكون ساعدت على تحفيز الجماعات المسلحة في كشمير، وعلى سبيل المثال نشرت صحيفة “تايمز أوف إنديا” تقريراً في 24 أبريل/نيسان، قالت فيه إن “مناخ التحريض الذي أشعلته صور المجازر في غزة على وسائل التواصل الاجتماعي ساهم في رفع مستوى التعبئة لدى الجماعات المتطرفة العاملة في كشمير”.
في ذات السياق، صرح المتحدث باسم الحزب الحاكم فيكرام باترا أنه “من الواضح أن هناك استغلالاً للأحداث الدولية الجارية، مثل غزة، لإثارة مشاعر الكراهية ضد الهند، وهذا لا يمكن فصله عن الهجوم الإرهابي الأخير”.
ساحة استنزاف
رغم الخطابات الهندية القومية العاطفية، وقرع طبول الحرب على كل المنابر، فإن الوضع الحالي ينذر بأن تتحول كشمير إلى ساحة استنزاف طويلة للهند، سواء على الصعيدين العسكري أو الاقتصادي، وهو آخر ما تفكر فيه الهند في وقت تسعى فيه إلى منافسة الصين.
كما أن تصاعد المواجهة المحتملة بين الهند وباكستان يمكن أن يأتي بأثر عكسي فيسمح بالتدخل الأجنبي في القضية الكشميرية ويؤدي إلى تدويلها، وهو ما تتجنبه الهند منذ أن وقعت اتفاقية شيملا مع باكستان عام 1971.
لذات الأسباب، من غير المرجح أن تنزلق التوترات الهندية الباكستانية إلى حرب شاملة، فظروف البلدين لا تسمح بهذا النوع من المواجهة، كما أن المقاربة الأميركية في المنطقة والتي تسعى إلى احتواء إيران من خلال المفاوضات الجارية في سلطنة عُمان، ستعارض -على الأرجح- تطور الأمور إلى هذا المستوى، وفي نفس الوقت لا يمكن استبعاد حصول مواجهات عسكرية محدودة كتلك التي جرت عام 2019.
السلام المفقود
كشفت الهجمات الدامية أن قرار إلغاء الوضع الخاص للإقليم عام 2019 لم يجلب السلام لكشمير بل أدخلها في مرحلة جديدة تتّسم بتصاعد التوتر، وعمّق الشعور بالغبن لدى شريحة واسعة من السكان، الذين باتوا يرون في الخطوات الحكومية محاولة واضحة لتغيير هوية الإقليم وفرض واقع ديموغرافي وسياسي جديد، تقوده حكومة هندية ذات توجه قومي هندوسي متشدّد، مقتنعة أنّها تحظى بالدعم الأميركي والروسي.
لذا فإنه من المتوقع أن تشهد المنطقة مزيدا من التصعيد والهجمات الدامية، في ظل غياب أي ضغط محلي أو دولي حقيقي يمكن أن يدفع نيودلهي نحو مراجعة سياسات الأمر الواقع التي تنتهجها في كشمير وإصرارها على نفس الأساليب الأمنية والعسكرية، وتجاهلها أي حل سياسي حقيقي يقوم على احترام إرادة الشعب الكشميري، ويأخذ بعين الاعتبار موقف باكستان باعتبارها طرفاً أساسياً في النزاع.
تأكيد أهمية كشمير
تعتبر كشمير امتدادا طبيعيا لجبال الهملايا وهي أعلى سلسلة جبال في العالم، وتشرف على شبه القارة الهندية، وخزّان المياه الرئيس لباكستان، ومنها تنبع أنهارها الخمسة (جيلهوم، ورافي، وإندوس، وتشيناب، وسيتلوج) وتتجمع في حوض نهر إندوس (سيندو) والذي يوفر نحو أكثر من 80% من حاجتها إلى المياه، ولذا فإنّ السيطرة على كشمير تعني التحكم في حياة باكستان، كما تعتبر أيضاً مستودعاً ضخماً للمعادن، منها الذهب والنحاس، والرصاص.
وتعد كشمير الممر الجغرافي الوحيد للهند إلى وسط آسيا، وترى نفسها عالقة بين فكي الكماشة الصينية الباكستانية، الخصمين اللدودين المسلحين بالنووي، وتجمعهما العداوة المشتركة تجاهها، وهما يلتقيان جغرافياً في منطقة كشمير، ويمكن لسيطرة الهند على الإقليم كسر هذا التواصل بين الحليفين.
باكستان تتوقع هجوماً وشيكاً من قبل الهند خلال الساعات المقبلة
قالت الحكومة الباكستانية، الأربعاء، إنها حصلت على معلومات استخباراتية “موثوقة” تشير إلى أن الهند تخطط لشن عملية عسكرية ضدها خلال الساعات القليلة المقبلة، وسط تصاعد التوتر بين الجارتين النوويتين بعد الهجوم الدامي الذي وقع في منطقة باهالجام بكشمير يوم 22 أبريل/نيسان الجاري.
وفي بيان رسمي، أكدت وزارة الخارجية الباكستانية أن الهجوم المحتمل من قبل نيودلهي قد يحدث في غضون 24 إلى 36 ساعة، مشيرة إلى أن الهند تستند إلى “ادعاءات باطلة ومختلقة” حول تورط إسلام آباد في الحادث الذي أسفر عن مقتل 26 شخصاً.
وأعلنت باكستان أنها سترد على أي عدوان عسكري بـ”ثقة وحسم”، مؤكدة استعدادها الكامل لأي تطورات ميدانية.
تحركات هندية وترقب أمني
من جانبها، تستعد الهند لعقد اجتماع عاجل لمجلس الوزراء للأمن القومي (CCS)، برئاسة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ويضم الاجتماع وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية. وسيكون هذا هو الاجتماع الثاني من نوعه منذ وقوع هجوم باهالجام، الذي تصفه نيودلهي بأنه “عمل إرهابي تدعمه باكستان”.
وكان مودي قد منح الجيش الهندي “حرية التحرك” لملاحقة منفذي الهجوم، مؤكداً أن حكومته سترد بقوة على ما وصفه بـ”الإرهاب العابر للحدود”. (Euro News)
صحيفة صينية رسمية تستلهم من فكر ماو تسي تونغ لمواجهة الحرب التجارية مع الولايات المتحدة
دعت صحيفة بكين ديلي، الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني في العاصمة، الشعب الصيني إلى إعادة قراءة مقال ماو تسي تونغ الشهير “حول الحرب المطولة” الذي كُتب عام 1938، معتبرة أنه يقدم “إلهاماً كبيراً” في ظل الصراع التجاري الطويل الأمد مع الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة في افتتاحية نُشرت الاثنين، أن المقال التاريخي لماو – الذي كُتب في خضم الحرب الصينية اليابانية الثانية – يرسّخ مفاهيم الثبات والصبر في مواجهة الاعتداءات، ويحث على نبذ التسرّع والتشاؤم. وأكدت أن الظروف الحالية تفرض على الصين الاستعداد لمعركة اقتصادية طويلة الأمد، وليس البحث عن حلول سريعة أو تنازلات مؤقتة.
ويأتي هذا الموقف بعد تفاقم المواجهة الاقتصادية بين بكين وواشنطن، لا سيما عقب إعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن “خطة تحرير” تضمنت فرض رسوم جمركية بلغت 145% على السلع الصينية، ما رفع المعدل الفعلي إلى 156%. وردت الصين بزيادة رسومها إلى 125% على المنتجات الأمريكية.
وقالت الصحيفة إن “الوضع تطور إلى ما يتجاوز توقعات الجانب الأمريكي”، مشيرة إلى أن الصين كانت السبّاقة في الإعلان عن موقف حازم يتمثل في “القتال حتى النهاية”، كما أن الأصوات الدولية الرافضة للتنمر الأمريكي أصبحت أكثر وضوحاً.
كما هاجمت بكين ديلي بعض المواقف “الخاطئة” داخل الصين، والتي تدعو إلى التوصل لاتفاق سريع أو المراهنة على تراجع واشنطن. واعتبرت هذه التوجهات وهماً مفرطاً في التفاؤل، مؤكدة أن الولايات المتحدة تحاول تجنب مأزق استراتيجي طويل، بينما ترى بكين في المواجهة فرصة لتعزيز قدراتها الذاتية.
المقال استشهد بمقولة لماو مفادها أن “الجنود والشعب هم أساس النصر”، مشدداً على ضرورة توحيد الشعب الصيني والعمل الجاد في الداخل لتجاوز الضغوط وتحقيق التقدم والتنمية في ظل المنافسة مع الولايات المتحدة.
وأكدت الصحيفة أن الصين كانت قد توقعت مسبقاً أن الصراع مع واشنطن سيكون طويل الأمد، ولذلك أعدّت استراتيجية وطنية شاملة، تشمل تطوير الصناعات، وتعزيز مرونة المجتمع، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
وفي هذا السياق، أشار وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال اجتماع لوزراء خارجية دول مجموعة “بريكس” في ريو دي جانيرو، إلى ضرورة مواجهة جميع أشكال الحماية الاقتصادية، مشدداً على أهمية الحفاظ على نظام التجارة العالمي القائم على القواعد. وانتقد استخدام الولايات المتحدة للرسوم الجمركية كوسيلة “ابتزاز” لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
وأكد وانغ أن الصمت أو التنازلات في مواجهة التنمر الاقتصادي لن يؤدي إلا إلى تشجيع المعتدي، داعياً إلى تشكيل جبهة موحدة من الدول النامية لمواجهة السياسات الأمريكية.
فوز الليبراليين بقيادة مارك كارني في الانتخابات التشريعية الكندية
أظهرت تقديرات أولية نشرتها وسائل إعلام كندية، مساء الاثنين، فوز الحزب الليبرالي بقيادة رئيس الوزراء مارك كارني بالانتخابات التشريعية، ما يمنح الحزب ولاية جديدة في الحكم، وإن لم يتضح بعد ما إذا كان سيحصل على الأغلبية البرلمانية.
ووفق توقعات قناتي “سي بي سي” و “سي تي في نيوز”، فإن الليبراليين سيتولون تشكيل الحكومة المقبلة، في وقت تتواصل فيه عملية فرز الأصوات لتحديد حجم المقاعد بدقة.
ويُعرف كارني، البالغ من العمر 60 عاماً، بخبرته الاقتصادية الواسعة، وقد تولى رئاسة الحكومة الكندية في مارس/آذار الماضي. كما يحظى بإشادة داخلية بسبب مواقفه الحازمة تجاه السياسات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورفضه “ضم كندا اقتصادياً” عبر الضغوط الجمركية.
وقد جرت الانتخابات الفيدرالية المبكرة وسط أجواء مشحونة وتوتر سياسي لافت، انعكس في الحملات الانتخابية التي ركزت على ثلاث قضايا رئيسية شكلت محاور الخلاف بين الليبراليين والمحافظين:
- الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد خلال السنوات الأخيرة.
- السياسة الخارجية، خاصة التوتر غير المسبوق مع الولايات المتحدة وسبل إدارة العلاقة معها.
- الموقف من حرب الإبادة الجماعية في غزة، الذي كان محوراً رئيسياً في توجيه أصوات الجالية المسلمة في كندا.
ومن المنتظر أن تشهد الأيام المقبلة مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، وسط ترقب داخلي ودولي لسياسات كارني في ولايته القادمة، لا سيما في ما يتعلق بالعلاقات مع واشنطن والملف الفلسطيني. (الجزيرة نت)
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.