نحن والعالم عدد 26 ديسمبر 2024
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
يقوم هذا التقرير، الصادر عن المعهد المصري للدراسات، على رصد عدد من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على المشهد المصري والعربي والإقليمي، في الفترة من 20 ديسمبر 2024 إلى 26 ديسمبر 2024
يهتم التقرير بشكل خاص بالتطورات المتعلقة بالساحتين الإيرانية والتركية، وكذلك على الساحة الإفريقية، خاصة منطقة القرن الإفريقي، بالإضافة إلى بعض التطورات الدولية الأكثر أهمية بالنسبة لمنطقتنا. رصدنا في هذه النشرة التعيينات الجديدة في الحكومة السورية المؤقتة بالإضافة إلى زيارة الوفود السياسية إلى دمشق وعلى رأسها وزير الخارجية التركي، فضلاً عن تقرير تحدث عن احتمالية سقوط النظام الإيراني بفعل التوترات الإقليمية والأزمات الداخلية، وخطوة قوات الدعم السريع لتعميق الشرخ في السودان وتقسيم المقسم، وغيرها من الملفات الإفريقية والدولية.
سوريا
اتفاق تاريخي.. الفصائل السورية تعلن حلّ نفسها وتندمج في وزارة الدفاع
أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن اجتماعاً تاريخياً بين قادة الفصائل المسلحة وقائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، أسفر عن اتفاق يقضي بحل جميع الفصائل ودمجها ضمن إطار وزارة الدفاع.
وأكدت الوكالة أن الإدارة الجديدة بدأت خطوات عملية لسحب السلاح الثقيل، مع تخصيص مواقع خاصة لتجميع السلاح الذي كان يُستخدم في ظل النظام السابق. هذه الخطوة تأتي في سياق تعزيز سلطة الدولة وضمان حصر السلاح في أيدي القوات الرسمية.
وأظهرت صور نشرتها سانا قائد الادارة الجديدة أحمد الشرع محاطاً بعدد من قادة الفصائل، وليس بينها قوات سوريا الديموقراطية (قسد).
تُعتبر هذه الخطوة بداية لمرحلة جديدة تهدف إلى تعزيز الاستقرار وإعادة توحيد القوى العسكرية تحت راية الدولة، ما يعكس توجهاً نحو إنهاء الانقسامات العسكرية التي طالما عانت منها سوريا خلال السنوات الماضية.
تعيينات جديدة في الحكومة السورية المؤقتة
أعلنت إدارة الشؤون السياسية في سوريا، تعيين أسعد حسن الشيباني وزيراً للخارجية في الحكومة المؤقتة، إلى جانب افتتاح مكتب جديد يُعنى بشؤون المرأة، في خطوة تهدف إلى تعزيز دور المرأة وتوسيع الهيكل الإداري للحكومة الجديدة.
وكلفت إدارة الشؤون السياسية، أسعد حسن الشيباني، المعروف باسم زيد العطار سابقاً، بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة المؤقتة.
الشيباني، المولود في ريف الحسكة عام 1987، درس الترجمة في جامعة دمشق، وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية. لاحقاً، حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الخارجية من تركيا عام 2022.
كما عينت الإدارة الجديدة مرهف أبو قصرة، المعروف باسم أبو حسن الحموي، وزيراً للدفاع. أبو قصرة سبق وقال لوسائل إعلام غربية أن المرحلة المقبلة ستتضمن حل الفصائل المعارضة، تمهيداً لانضوائها ضمن مؤسسة عسكرية جديدة، تبسط سيطرتها على أنحاء البلاد بما فيها معاقل القوات الكردية.
أبو قصرة، 41 عاماً، أحد أبرز قادة إدارة العمليات العسكرية في هيئة تحرير الشام التي أطاحت بنظام بشار الأسد، كما أنه حائز على درجة البكالوريوس في الهندسة الزراعية وهو من مواليد مدينة حلفايا بمحافظة حماة.
شملت التعيينات الجديدة أيضاً عزام غريب، المعروف بـ “أبو العز سراقب”، كمحافظ لحلب. ويُعتبر غريب من أبرز قادة “الجبهة الشامية” التابعة لـ “الجيش الوطني السوري”.
ولد عزام غريب في مدينة سراقب بمحافظة إدلب عام 1985، ونشأ في مدينة حلب. درس في معهد طب الأسنان بجامعة حلب وتخرج فيها عام 2007، وحصل على درجة الماجستير في كلية الإلهيات بجامعة بنغول بتركيا عام 2019.
اعتقل غريب بين عامي 2003 و2005 بسوريا، وفي نهاية عام 2011، ثم انضم إلى حركة أحرار الشام في حلب حتى عام 2015، حيث أصبح نائب قائد الجبهة الإسلامية التي شكلت تحالفاً كانت حركة أحرار الشام ضمن مكوناته الرئيسية.
كما خصصت حكومة تسيير الأعمال مكتباً جديداً يُعنى بشؤون المرأة، برئاسة عائشة الدبس، ليكون جزءاً من خطة لتعزيز دور المرأة في المجتمع السوري، لتكون أول امرأة مسؤولة في الحكومة الجديدة.(علامات)
وزير الخارجية السوري يرد على تصريحات إيرانية: إياكم وبث الفوضى في سوريا
حذر وزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال السورية، أسعد الشيباني، إيران من بث الفوضى في سوريا، داعيا طهران إلى احترام إرادة الشعب وسيادة وسلامة البلاد.
وكتب الشيباني عبر حسابه بمنصة إكس: “يجب على إيران احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامتها”، محذرا طهران من “بث الفوضى في سوريا، ونحملهم كذلك تداعيات التصريحات الأخيرة”.
وجاءت تصريحات الشيباني ردا على وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي قال إن من يعتقدون أنهم حققوا انتصارات في سوريا عليهم التمهل في الحكم.
وتابع وزير خارجية إيران، بأن المستقبل مليء بالتطورات المثيرة.
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، قد صرح بأنه لا يوجد أي اتصال مباشر بين حكومة بلاده والإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.
وزعم بقائي أن الوجود الإيراني العسكري السابق في سوريا كان هدفه “مكافحة الإرهاب”، مبينا أن “بلاده تبادلت الآراء مع تركيا بخصوص سوريا.
وأضاف أن “لكل طرف مرتبط بتطورات المنطقة وسوريا روايته الخاصة للأحداث، ولكن ليس من الضروري أن نقبل كل هذه الروايات”.
يشار إلى أن إيران كانت الداعم الإقليمي الرئيسي لنظام الرئيس الأسد الابن الذي أطاحت به قوات المعارضة السورية في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وفي وقت سابق، قال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، إن الولايات المتحدة تسعى من خلال مخططاتها في سوريا إلى نشر الفوضى وإثارة الشغب لفرض هيمنتها على المنطقة، متوقعاً أن تخرج ما وصفها بـ “مجموعة من الشرفاء” لتغيير الوضع الجديد، وإخراج ما وصفهم بـ “الثوار” من السلطة.
وأوضح خامنئي، أن الأسلوب الأمريكي لتحقيق الهيمنة يتمثل في تنصيب أنظمة استبدادية تخدم مصالحها، أو التسبب في انهيار الدول من خلال إشاعة الفوضى”. (عربي21)
زيارة تركية تاريخية إلى دمشق بعد سقوط الأسد
في خطوة هامة لدعم سوريا الجديدة عقب سقوط الأسد، قام وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بزيارة إلى دمشق براً عبر محافظة هاتاي، حيث التقى برئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع.
وتعتبر زيارة فيدان إلى دمشق هي الأولى لمسؤول تركي بعد 13 عاماً (باستثناء الزيارة الخاطفة غير الرسمية التي تلت سقوط دمشق مباشرة)..
وفي مؤتمر صحفي مشترك، صرح فيدان قائلاً: “كما كنا معكم في أصعب أيامكم، نحن اليوم أيضاً إلى جانبكم. الشعب التركي، والدولة التركية، والرئيس أردوغان، سيكونون دائماً داعمين لكم”.
اللقاء التاريخي
وخلال المؤتمر الصحفي المشترك، أجاب الطرفان عن أسئلة الصحفيين وأكدا على ضرورة دعم المجتمع الدولي لإعادة إعمار سوريا.
أبرز ما جاء في تصريحات فيدان:
- “نحن في تركيا فخورون بالوقوف إلى جانب الحق، واليوم نحن معكم كما كنا في أصعب أوقاتكم.”
- “هذه الانتصارات هي ملك للشعب السوري وحده. الاستقرار في سوريا بات ممكناً الآن، ويمكن للشعب السوري العودة إلى ديارهم.”
- “ناقشنا أهمية إتمام الفترة الانتقالية بنجاح، مع التركيز على الأمن وسيادة القانون.”
- “نحن مستعدون لتقديم خبراتنا في إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية، وسنبدأ بخطوات عملية عبر وكالة التعاون والتنسيق التركية (TİKA) وشركاتنا الخاصة.”
الدعوة للتحرك الدولي:
وأكد فيدان ضرورة البدء الفوري بالتحضيرات لإعادة إعمار سوريا، موضحاً أن عودة اللاجئين السوريين ستصبح ممكنة فقط مع تحقيق الاستقرار والبنية التحتية المناسبة.
وأضاف أن الوقت ليس للانتظار، بل للتحرك، مشدداً على أهمية إنهاء وجود تنظيمات مثل حزب العمال الكردستاني (PKK) وتنظيم داعش على الأراضي السورية.
موقف الإدارة السورية الجديدة:
صرح أحمد الشرع خلال المؤتمر الصحفي بأنهم يعملون على التنسيق مع جميع الفصائل المسلحة لضمان تفكيكها تدريجياً، مشيراً إلى ضرورة وجود وزارة دفاع قادرة على إدارة شؤون البلاد الأمنية. كما أكد الشرع أن الإدارة الجديدة ملتزمة بحماية حقوق الأقليات التي تعرضت للتهميش خلال النظام السابق.
وأكد الشرع أن منطق الدولة يختلف عن منطق الثورة، مشدداً على عدم السماح بوجود أي سلاح خارج سيطرة الدولة، وأن السلاح المنفلت يؤدي إلى زعزعة استقرار الدولة، وقال إنه تم التوافق مع الفصائل على قيادة موحدة وتأسيس وزارة دفاع.
كما قال إن النظام المخلوع عمل خلال نصف قرن على تخويف الأقليات وإثارة النعرات، لكنهم سيعملون على حماية الطوائف والأقليات، وتأسيس دولة تليق بالشعب السوري.
ودعا الشرع إلى انتهاء العقوبات على سوريا بعد زوال أسبابها برحيل النظام المخلوع، وقال إنه لا بد من توافق دولي على استقرار سوريا ووحدة أراضيها ورفع العقوبات.
وقال إن نصف الشعب السوري خارج البلاد وبنية الاقتصاد التحتية مدمرة، مؤكدا على أن التحديات أمامهم كبيرة، ولا بد من تخفيف معاناة الشعب السوري بقدر الاستطاعة.
وكان من المشاهد اللافتة بعد المؤتمر الصحفي، قيام الوزير هاكان فيدان برفقة أحمد الشرع بزيارة جبل قاسيون، حيث استمتعا بمشاهدة دمشق من الأعلى أثناء احتسائهما الشاي. وتحدث فيدان عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن تفاؤله بمستقبل سوريا، مؤكداً على الروابط العميقة بين الشعبين التركي والسوري.
وتُعد زيارة وزير الخارجية التركي إلى دمشق وإعلان التعاون بين الجانبين خطوة محورية في مرحلة إعادة بناء سوريا. ومع استمرار الدعم الدولي، قد تشهد المنطقة تحولاً كبيراً نحو الاستقرار والتنمية. (يني شفق)
دمشق تستقبل وفدان رسميان من قطر والأردن
وصل وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي إلى دمشق على رأس وفد قطري رسمي رفيع المستوى لعقد لقاءات مع المسؤولين السوريين في الإدارة الجديدة.
وأشار الأنصاري إلى أن زيارة الوفد تأتي «تجسيداً للموقف القطري الثابت في تقديم كل الدعم للشعب السوري». وأكدت الخارجية أن الزيارة تجسد متانة العلاقات الأخوية بين دولة قطر وسورية، وتبرز حرص الدوحة على دعم الشعب السوري والحفاظ على سيادة سورية واستقلالها.
دعوة إلى أمير قطر لزيارة سورية
وقال القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع إنه وجه دعوة إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لزيارة سورية، مؤكدا أن قطر لها أولوية خاصة في سورية بسبب مواقفها المشرفة تجاه الشعب السوري.
وقال الشرع في تصريحات صحفية إلى جوار الخليفي بالعاصمة السورية دمشق إن «الجانب القطري كان ثابتاً على موقفه في كل المراحل إلى جانب الشعب السوري، وإن مشاركة دولة قطر في المرحلة المقبلة ستكون فعالة ومهمة».
تأمين مطار دمشق
وأضاف الشرع أن «العلاقات بين الدوحة ودمشق ستعود أفضل مما كانت في السابق، وأنهم سيبدؤون تعاونا استراتيجيا واسعا مع قطر خلال الفترة المقبلة يسعون من خلاله إلى الاستفادة من الخبرات القطرية في جميع المجالات». وقال إن الدوحة أبدت اهتمامها بالاستثمار في قطاعات، من بينها الطاقة في سورية في المستقبل. (الوسيط)
في سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، أن وزيرها أيمن الصفدي يجري “الآن” مباحثات “موسعة” في دمشق مع القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع.
يأتي ذلك ضمن زيارة رسمية للعاصمة السورية غير معلنة المدة، بدأها الصفدي في وقت سابق الاثنين، وفق منشورين للخارجية الأردنية عبر حسابها بمنصة “إكس”.
وكتبت الوزارة: “يجري الآن نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي مباحثات موسعة مع القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع”. (الأناضول)
وزير الخارجية الإماراتي يجري اتصالا مع وزير خارجية الحكومة السورية المؤقتة
أجرى عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، مكالمة هاتفية مع أسعد حسن الشيباني، وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، تم خلالها مناقشة آخر المستجدات في سوريا. جاء ذلك بحسب منشور لمديرة الاتصالات الاستراتيجية في دولة الإمارات عفراء الحميلي على منصة إكس. (انظر)
وبحسب منشور الحميلي، بحث الوزيران سبل تعزيز العلاقات بين الإمارات وسوريا في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
وخلال المكالمة، أكد بن زايد على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة سوريا. كما أشار إلى موقف الإمارات الثابت في دعم جميع الجهود الرامية إلى تحقيق مرحلة انتقالية شاملة تضمن استقرار وتنمية سوريا، مع التأكيد على أهمية تعزيز الأمل لدى الشعب السوري لتحقيق مستقبل أفضل.
تقرير: تحولات كبرى في النظام الإقليمي بعد سقوط الأسد.. لحظات فاصلة في التاريخ السياسي
يشهد التاريخ السياسي لحظات فارقة تُعيد تشكيل النظام الإقليمي أو الدولي بالكامل. ففي التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 1989، تجمع الشباب الألمان لإسقاط جدار برلين، مُدشّنين مرحلة جديدة من إعادة صياغة النظام العالمي. وبالمثل، في 1956، لم يكن يدرك المقاومون المصريون في السويس أن مقاومتهم ستكتب نهاية الهيمنة البريطانية-الفرنسية، لتبدأ حقبة جديدة.
في سياق مشابه، يُمكن اعتبار اقتحام آلاف من عناصر المعارضة السورية المسلحة للعاصمة دمشق في ديسمبر/كانون الأول 2024 لحظة تاريخية ستعيد ترتيب موازين القوى الإقليمية. وعلى الرغم من أن التأثيرات لا تزال قيد التشكل، فإن ملامح رئيسية بدأت تتضح.
إيران.. تراجع النفوذ الإقليمي
إيران، التي وصفها مهدي طائب بأنها تعتمد على سوريا كخط دفاع أمامي، وجدت نفسها في مأزق غير مسبوق بعد خسارة وجودها العسكري في سوريا خلال 12 يوماً فقط من بدء معركة “ردع العدوان”. امتد النفوذ الإيراني لعقود عبر الحرس الثوري وقواعد عسكرية، إلا أن خسارة سوريا جاءت متزامنة مع تراجع حليفها اللبناني، حزب الله، الذي تكبَّد خسائر فادحة.
هذه الهزيمة قد تدفع إيران إلى خيارات صعبة: تسريع امتلاك قنبلة نووية لموازنة الردع، أو تقليص نفوذها الإقليمي وبرنامجها النووي لتجنب مزيد من الخسائر. كما أن ضعف حزب الله قد يُعيد تشكيل المشهد السياسي اللبناني، حيث قد يستغل اليمين المسيحي والقوى السُّنية هذا الفراغ.
روسيا.. إعادة ترتيب الأولويات
بالرغم من سقوط الأسد، لم تُغادر روسيا المشهد السوري بالكامل. إذ تُجري موسكو محادثات مع الإدارة الجديدة في دمشق لضمان بقاء قواعدها العسكرية في طرطوس واللاذقية. ومع ذلك، تُعد خسارة نظام الأسد ضربة رمزية لثقل روسيا السياسي والعسكري في المنطقة.
التحدي الأكبر لموسكو يكمن في إعادة هيكلة دعمها اللوجستي العالمي، خاصة في أفريقيا، حيث كان الوجود السوري محوراً رئيسياً. ورغم أن خروجها من سوريا يمنحها فرصة للتركيز على حرب أوكرانيا، فإنها قد تضطر لتعزيز تحالفاتها مع قوى مثل الحوثيين في اليمن للحفاظ على مصالحها.
تركيا.. المستفيد الأكبر؟
تبدو تركيا الأكثر استعداداً لجني ثمار سقوط الأسد، خاصة من خلال علاقتها مع الفصائل السورية المسلحة. وقد تُعزز أنقرة نفوذها في سوريا، ما يُهدد النفوذ الإيراني، ويعيد تشكيل التوازنات الإقليمية. إلا أن تحديات داخلية ستواجه تركيا، أبرزها التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات، في ظل احتمال استمرار الدعم الأميركي لهذه القوات.
إسرائيل.. مكاسب مؤقتة ومخاوف مستمرة
مع سقوط الأسد، سارعت إسرائيل للتوسع في جنوب سوريا، مستهدفة الجيش السوري بعمليات واسعة. ورغم الفرح الإسرائيلي بإضعاف المحور الإيراني، فإن تنامي النفوذ التركي في سوريا يثير قلق تل أبيب. كما أن السلطة السورية الجديدة قد تتبنى مواقف عدائية تجاه الاحتلال الإسرائيلي، ما يعيد رسم معادلات الردع.
الولايات المتحدة.. حسابات معقدة
سقوط الأسد يزيد من تعقيد الحسابات الأميركية في سوريا. ورغم تصريحات الرئيس ترامب السابقة بأن سوريا ليست معركة أميركا، فإن التوترات المتصاعدة، خاصة مع إسرائيل، قد تُجبر واشنطن على البقاء في المشهد السوري. كما أن مناطق شرق الفرات، التي تحتوي على حقول النفط، تبقى محط اهتمام استراتيجي.
ملامح نظام إقليمي جديد
التفاعلات الجارية تُشير إلى زلزال تاريخي في منطقة المشرق. وبينما يصعب الجزم بالشكل النهائي للنظام الإقليمي الجديد، فإن الواضح أن موازين القوى تُعاد صياغتها بشكل غير مسبوق منذ تقسيم المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى. (الجزيرة نت)
واشنطن تدافع عن “قسد”: الشريك الأفضل
أكدت الولايات المتحدة دعمها المستمر لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، بينما جددت تركيا رفضها لوجود هذه القوات في مستقبل سوريا، مؤكدة أنها تمثل تهديداً لأمنها القومي.
موقف واشنطن
صرح مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أن الولايات المتحدة تعتبر الأكراد أفضل شريك في مواجهة تنظيم الدولة. وأوضح أن واشنطن قلقة من أن تفقد “قسد” تركيزها في محاربة التنظيم إذا تعرضت لضغوط أو هجمات من تركيا.
وأشار سوليفان إلى أن الأكراد يديرون سجونا تحتوي على الآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة، محذراً من أن أي خلل في إدارة هذه السجون قد يؤدي إلى إطلاق سراح هؤلاء السجناء، مما يمثل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي والدولي.
وأضاف سوليفان أن الهدف الأساسي للولايات المتحدة هو ضمان استمرار دعم “قسد” للحفاظ على سيطرتها على التنظيم، مؤكداً أن أي انسحاب أميركي أو تخلي عن هذه الشراكة قد يعرض المنطقة لمزيد من الفوضى.
الموقف التركي
من جانبها، أعلنت تركيا رفضها القاطع لوجود قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا المستقبلية. وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، عقب محادثات مع القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، إن أنقرة والإدارة السورية الجديدة متفقتان على ضرورة القضاء على “التنظيمات الإرهابية”، بما فيها وحدات حماية الشعب الكردية وتنظيم الدولة.
وأكد فيدان أن الإدارة الجديدة في دمشق مستعدة لتولي مسؤولية السجون التي تحتجز مقاتلي تنظيم الدولة في المناطق الشمالية الشرقية، وهي مهمة كانت تتولاها “قسد” سابقاً.
كما أعرب عن أمله في أن يتبنى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب سياسة مختلفة تجاه الشراكة الأميركية مع “قسد” فور توليه السلطة.
تحركات عسكرية
وفي سياق متصل، قال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن الفصائل السورية المدعومة من أنقرة، بما في ذلك الجيش الوطني السوري، ستواصل القتال لإخراج وحدات حماية الشعب من جميع الأراضي التي تسيطر عليها في شمال شرق سوريا.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب امتداداً لحزب العمال الكردستاني، المصنف كمنظمة إرهابية من قبل أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي.
تطورات ميدانية
ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد قبل أسبوعين، تشهد المناطق الشمالية الشرقية من سوريا تصاعداً في القتال بين تركيا والفصائل المدعومة منها ضد قوات سوريا الديمقراطية. وتمكنت القوات التركية والفصائل الحليفة لها من السيطرة على مدينة منبج، وسط مطالب تركية بتفكيك قوات “قسد” وسحب الدعم الأميركي لها.
الوجود الأميركي
وفي تطور لافت، أقر الجيش الأميركي أن عدد قواته في سوريا يبلغ ألفي جندي، وهو ضعف الرقم المعلن سابقاً. وتطالب تركيا واشنطن بسحب هذا الدعم، في وقت تؤكد فيه الولايات المتحدة أن وجودها يهدف إلى ضمان استمرار جهود مكافحة تنظيم الدولة ومنع عودته إلى المناطق المحررة.
نظرة مستقبلية
مع استمرار التوترات بين تركيا والأكراد من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، يبدو أن الملف السوري سيبقى محوراً للنزاع الإقليمي والدولي، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل الشراكات والتحالفات في المنطقة. (الجزيرة نت)
وزير الدفاع التركي يزور المناطق الحدودية مع سوريا
زار وزير الدفاع التركي ياشار غولر منطقة الحدود السورية لإجراء تفتيش ومتابعة العمليات العسكرية. برفقة قادة الجيش. وعقد غولر اجتماعاً عبر الفيديو مع قادة الوحدات في الداخل والخارج، مؤكداً التزام تركيا بالتصدي للإرهاب وتأمين حدودها.
صرح غولر أن الأزمة السورية منذ عام 2011 ساهمت في تعزيز نفوذ تنظيمات إرهابية مثل PKK/YPG وداعش، ما شكل تهديداً لأمن الحدود التركية. وأشار إلى العمليات العسكرية التركية، بدءاً من عملية “درع الفرات”، التي استهدفت القضاء على التنظيمات الإرهابية وحماية المدنيين.
كما أكد أن الجيش التركي هو القوة الوحيدة التي واجهت داعش بشكل مباشر على الأرض، مشيداً بالتضحيات التي قدمها الجنود الأتراك، حيث استشهد 67 جندياً في عملية “درع الفرات” وحدها.
أوضح غولر أن هناك مرحلة جديدة في سوريا مع ظهور إدارة جديدة، مشيراً إلى التعاون الوثيق مع هذه الإدارة لدعم استقرار سوريا وسلامتها الإقليمية. وذكر أن الجيش الوطني السوري، بالتنسيق مع تركيا، نجح في تحرير مناطق مثل تل رفعت ومنبج من سيطرة تنظيم PKK/YPG الإرهابي.
رسالة واضحة ضد الإرهاب
وشدد غولر على أن تنظيمات مثل PKK/YPG وداعش لا مكان لها في مستقبل سوريا، متعهداً بمواصلة العمليات العسكرية ضد الإرهاب، سواء داخل سوريا أو العراق. وأكد أن القوات المسلحة التركية ستظل تتابع وتتصدى لأي تهديدات ضد أمن تركيا وسلامة سكانها.
يذكر أن زيارة وزير الدفاع التركي وتصريحاته الأخيرة، تأتي في ظل حديث عن إمكانية شن أنقرة عملية عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب YPG الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني عمودها الفقري، وذلك إن لم تنسحب من المناطق التي تسيطر عليها وتسلم سلاحها للإدارة السورية الجديدة. (gazetekritik)
تصريحات تركية رسمية حول الدعم التركي للبنية التحتية السورية
صرّح وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، عن خطة تركيا لتحسين البنية التحتية في سوريا، مشيراً إلى أن بلاده ستعمل على استعادة وتطوير شبكات النقل في سوريا، بما في ذلك السكك الحديدية، حيث سيتم توسيعها لتصل إلى دمشق. وأضاف أن سوريا تحتاج إلى دعم كبير في جميع المجالات، مشيراً إلى أن سوريا حالياً متأخرة في مجال الاتصالات مقارنةً بتركيا التي تتمتع بتطور كبير في هذا المجال.
وفي حديثه عن تقييم الأوضاع في مطاري دمشق وحلب، أشار أورال أوغلو إلى أن تركيا قامت بإرسال فرق فنية لمراجعة الوضع هناك، وأوضح أنه سيتم إعادة تأهيل مطار دمشق بالتعاون مع إدارة المطارات التركية (DHMİ). كما أشار إلى أن سوريا تفتقر إلى الأنظمة الأساسية مثل الرادارات وأنظمة الفحص الحديثة في المطارات، حيث يتم استخدام تقنيات قديمة للغاية.
وتحدث الوزير عن الوضع الاقتصادي في سوريا، موضحاً أن البلاد بحاجة ماسة إلى كل شيء بدءاً من البنية التحتية وحتى العملة، حيث أن العملة السورية يتم طباعتها في روسيا. كما أشار إلى أن بعض المواد الأساسية مثل السكك الحديدية قد تم سرقتها في بعض المناطق، مما يشكل تحدياً كبيراً أمام إعادة تأهيل هذه الشبكات.
وفيما يتعلق بإعادة تأهيل الطرق والبنية التحتية في سوريا، لفت أورال أوغلو إلى أن تركيا نفذت مشاريع كبيرة في المناطق التي شهدت عمليات عسكرية، بما في ذلك إصلاح الجسور المدمرة، مؤكداً أن تركيا ستستمر في تقديم الدعم من خلال التعاون مع الوزارات المختصة.
وقال أورال أوغلو إنهم في المرحلة الأولى سيعملون مع المديرية العامة لمطارات الدولة (DHMİ) لإعادة تشغيل مطار دمشق، وأضاف: “هناك أجزاء من السكك الحديدية التي تمتد من تركيا حتى الحجاز. نعلم أن هذه الأجزاء لم تُستخدم كجزء من نظام متكامل لفترة طويلة. سنقوم بسرعة بتحديد الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة تكامل السكك الحديدية حتى دمشق في المرحلة الأولى. في عامي 2009-2010، أرسلنا قطارات الركاب إلى هناك وقمنا برحلة. هناك بنية تحتية موجودة. وفي بعض المناطق، مثل العراق، نعلم أنه تم سرقة قضبان السكك الحديدية من الحديد وبيعها، وقد نواجه نفس المشكلة في سوريا”.
من جهة أخرى، أكد أورال أوغلو أن سوريا تحتاج إلى تطور هائل في مجال الاتصالات، حيث تفتقر إلى شبكة اتصالات متطورة مقارنةً بتركيا، معرباً عن استعداد بلاده لمساعدة سوريا في هذا المجال. وأشار إلى أن هناك خططاً لتقديم الدعم التقني والتكنولوجي لتعزيز بنية الاتصالات في سوريا.
أما في مجال التجارة والنقل، أكد أورال أوغلو أن تركيا ستعمل على إحياء التجارة بين سوريا وتركيا من خلال تعزيز شبكة السكك الحديدية وربطها بمناطق أخرى. كما أشار إلى أهمية تطوير الموانئ السورية، حيث أكد أن هذه الموانئ لم تشهد تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة.
وأضاف الوزير التركي أنه في إطار مشروع “طريق التنمية”، يتم العمل على إنشاء طرق وسكك حديدية جديدة، لربط العراق وتركيا وسوريا ببعضها البعض، مشيراً إلى أن هذا المشروع سيسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي والنقل بين الدول. (bigpara)
إيران:
خرازي يصنف ما جرى في سوريا بمؤامرة أمريكية-إسرائيلية.. ويحذر من التقسيم
في مقابلة مع قناة الميادين اللبنانية (ممولة من طهران)، أشار كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران، وأحد العقول الإستراتيجية المهمة في إيران، إلى موقف طهران الثابت في دعم محور المقاومة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية. كما تناول تعقيدات الأزمة السورية، مؤكداً أن السياسات الأميركية والإسرائيلية كانت لها تأثيرات سلبية على استقرار المنطقة.
الأزمة السورية ودور القوى الإقليمية
خرازي أوضح أن الدول الضامنة لمسار أستانة، وهي إيران وروسيا وتركيا، عملت على إيجاد حلول للأزمة السورية، لكن أهدافها كانت متباينة. وأكد أن إيران ركزت على دعم المقاومة، بينما كان لكل من تركيا وروسيا مصالح مختلفة. وانتقد خرازي الموقف الروسي إزاء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، مشيراً إلى عدم اتخاذ موسكو خطوات فعالة للرد عليها.
وأضاف أن التقدم الذي حققته المعارضة السورية في الماضي جاء نتيجة غياب المقاومة الكافية من الجيش السوري وبعض القوى المساندة، مثل قوات الفاطميين، التي اضطرت للانسحاب.
المخططات الأميركية-الإسرائيلية وتأثيرها الإقليمي
اتهم خرازي الولايات المتحدة وإسرائيل بتنسيق مشروع يستهدف طهران من خلال زعزعة الاستقرار في سوريا، مشيراً إلى اللقاءات التي جمعت مسؤولين أميركيين مع قادة المعارضة السورية. كما أشار إلى أدوار متعددة لعبتها أطراف إقليمية، من بينها تركيا، في تعزيز الأزمات، داعياً إلى تعاون إقليمي لتسوية الوضع السوري.
دعم المقاومة ومواجهة الاعتداءات الإسرائيلية
أكد خرازي أن دعم إيران للحكومة السورية كان مدفوعاً برغبتها في مواجهة الجماعات التكفيرية التي تهدد أمن المنطقة بأسرها. كما شدد على أهمية استقلال وسيادة سوريا ووحدة أراضيها، معرباً عن أمله في أن يتمكن الشعب السوري من مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن أراضيه.
وفيما يتعلق بمستقبل محور المقاومة، أشار خرازي إلى استمرار المقاومة الفلسطينية وتطور قدراتها رغم التحديات، معتبراً ذلك رداً طبيعياً على السياسات الإسرائيلية العدوانية.
المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل
خرازي تحدث عن خطط أميركية-إسرائيلية طويلة الأمد لإسقاط النظام الإيراني، بدءاً من دعم صدام حسين إلى العقوبات الاقتصادية المشددة. وأكد أن إيران ستظل قوية في مواجهة هذه المخططات، مشيراً إلى امتلاك بلاده قدرات ردع يدركها أعداؤها جيداً.
اليمن ودور المقاومة في المنطقة
تطرق خرازي إلى الدور الذي لعبه اليمنيون في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتعطيل الموانئ الإسرائيلية في البحر الأحمر، مشيداً بصلابة موقفهم. وأكد أن المقاومة في لبنان وفلسطين تتخذ قراراتها بشكل مستقل لكنها تحظى بدعم إيران.
التفاوض مع واشنطن والموقف من إدارة ترامب
وفيما يتعلق بالتفاوض مع الولايات المتحدة، أكد خرازي أن إيران مستعدة للتفاوض أو المقاومة بناءً على السياسة الأميركية المستقبلية. وأشار إلى ضرورة التحلي بالصبر لتقييم مواقف الإدارة الأميركية القادمة قبل اتخاذ خطوات جديدة.
ختاماً: تعقيدات المشهد الإقليمي
أكد خرازي أن الأوضاع في المنطقة شديدة التعقيد، مع تدخلات متعددة من قوى دولية وإقليمية. وشدد على أهمية التعاون الإقليمي لحل الأزمات، محذراً من خطر تقسيم سوريا وتصاعد المواجهات المسلحة. واختتم بقوله إن إيران ستواصل مراقبة التطورات ميدانياً لتحديد استراتيجياتها المستقبلية.
بين أزمات داخلية وهزيمة إقليمية.. سقوط النظام الإيراني يلوح في الأفق
كتب المحلل السياسي مراد ويسي مقالاً في إيران انترناشونال، تحدث فيه عن التحولات الإقليمية والأزمات الداخلية التي تعصف بإيران، وقد تؤدي إلى احتمالية سقوط نظامها. جاء في المقال:
لم يكن يُنظر إلى سقوط النظام الإيراني، خلال السنوات الماضية، كحقيقة ممكنة، بل كان يبدو احتمالاً بعيد المنال، ولكن في الآونة الأخيرة، تغير المشهد، وبدأ العديد من المحللين والخبراء، سواء داخل إيران أو خارجها، يتحدثون عن هذا الموضوع بجدية أكبر، ويقومون بدراسة أبعاد هذا التحول.
وتركز تحليلات هؤلاء الخبراء على الوضع الداخلي والإقليمي للنظام الإيراني، الذي يظهر أنه أصبح ضعيفاً جداً وهشاً.
وتعد الهزائم الإقليمية، التي تكبدتها طهران أحد الأسباب الرئيسة لهذا الضعف، فبعد انتصار إسرائيل على الميليشيات التابعة للنظام الإيراني، مثل حماس وحزب الله، والسقوط السريع وغير المتوقع لحكومة بشار الأسد في سوريا، تقلصت المكانة الإقليمية لإيران بشكل كبير.
وقد أدت هذه الهزائم إلى مزيد من العزلة للنظام الإيراني في المنطقة، مما زاد من آمال الإيرانيين في إمكانية إسقاطه.
وقد تناولت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية هذا الموضوع، في تقرير تحليلي، ووصفت سقوط النظام الإيراني بأنه “حقيقة ممكنة”.. مشيرة إلى الأزمات الداخلية والعزلة الإقليمية، واعتبرت أن النظام الإيراني أصبح أكثر ضعفاً.
ووفقاً لصحيفة ” ليبراسيون”، فإن سقوط بشار الأسد قد خلق موجة من الأمل بين الإيرانيين، الذين يرون أنه قد يكون من الممكن أن يواجه النظام الإيراني مصيراً مشابهاً، وهذه النقطة هي واحدة من أبرز النقاط، التي تناولتها الصحيفة، مما يدل على تغير في الأجواء الفكرية بين الإيرانيين.
كما تناولت مجلات دولية مرموقة أخرى احتمالية سقوط النظام الإيراني. فعلى سبيل المثال، أشار المحلل الأميركي الشهير، روبين رايت، في مقال نشرته مجلة “نيويوركر”، إلى انهيار التحالفات القوية للنظام الإيراني، واعتبر أن النظام يعيش مرحلة من التراجع والضعف في الوضع الحالي.. مؤكداً أن الهزائم الإقليمية والمشاكل الداخلية وضعت النظام الإيراني في وضعية حرجة.
وأفادت وكالة “رويترز”، في تقرير لها، نقلاً عن خبراء بأنه بعد هزيمة حماس وحزب الله وسقوط الأسد، قد يكون الهدف المقبل لإسرائيل هو إيران. وأشار التقرير إلى أنه إذا استمرت طهران في برنامجها النووي، فإن احتمال شن هجوم عسكري من إسرائيل وأميركا على إيران قد يرتفع. كما أكدت “رويترز” أن إسرائيل لا تركز فقط على البرنامج النووي الإيراني، بل أيضاً على برنامجها الصاروخي.
وتشير هذه التطورات إلى تغيير كبير في التحليلات والاتجاهات تجاه مستقبل النظام الإيراني، وتحول هذه الإمكانية إلى حقيقة ممكنة.
وقد تحدث السيناتور الجمهوري الأميركي، تيد كروز، مؤخراً بوضوح أكبر عن احتمال حدوث تغيير في إيران، قائلاً: “إن عودة ترامب إلى السلطة ستمنع إيران من الوصول إلى عائدات النفط، مما سيقوض قدرتها على دعم وكلائها، مثل حماس وحزب الله”.
وأضاف كروز أن النظام الإيراني أصبح ضعيفاً وخائفاً، وأن التغيير قادم لا محالة، وأكد أن هذا التغيير قد يكون سريعاً لدرجة تثير دهشة الكثيرين.
وتشير هذه التحليلات إلى أن الأنظمة الديكتاتورية قد تنهار في بعض الأحيان بسرعة تفوق التصورات؛ بحيث يفاجئ سقوطها حتى داعميها ومعارضيها على حد سواء. والمثال الأحدث على ذلك هو السقوط المفاجئ لبشار الأسد في سوريا، الذي حدث خلال عشرة أيام فقط.
ويعترف المسؤولون في النظام الإيراني بوجود هذه الأزمات، داخل طهران، لكنهم يعبرون عنها بحذر نظراً للظروف السياسية.
وبشكل عام، يعتقد الخبراء المحليون وبعض المسؤولين من مختلف التيارات السياسية في طهران أن خطر سقوط النظام الإيراني نتيجة الضغوط الخارجية والأزمات الداخلية بات أمراً جدياً. ومع ذلك، هناك خلافات حول كيفية مواجهة هذا الخطر.
ويرى بعض المسؤولين الإيرانيين أن السياسة الخارجية يجب أن تصبح أكثر مرونة لتخفيف خطر الهجمات العسكرية، بينما يرى آخرون ضرورة الاستمرار في نهج المقاومة والصمود، حتى أنهم يتحدثون عن إمكانية الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) وصنع قنبلة نووية.
وفي المقابل، هناك من يدعو إلى التفاوض وتبني مرونة خارجية، مع تخفيف الضغط على الشعب داخلياً، وتعكس هذه الاختلافات عمق الأزمة داخل النظام الإيراني.
وبالنظر إلى كل هذه العوامل، يبدو أن سقوط النظام الإيراني لم يعد احتمالاً بعيداً، بل أصبح واقعاً محتملاً؛ فقد اجتمعت عدة عوامل داخلية وخارجية لإضعاف النظام بشكل كبير، منها الأزمات الاقتصادية، والهزائم الإقليمية، والعزلة الدولية، والضغوط الشعبية المتزايدة؛ حيث تشير جميعها إلى مستقبل غامض لبقاء النظام. وهذه التطورات تؤكد أن تغييرات كبيرة قد تحدث في إيران أسرع مما هو متوقع.
* تجدر الإشارة إلى أن إيران انترناشيونال هو موقع إيراني معارض مدعوم سعودياً.
تصاعد الانقسامات في إيران.. “الثوريون المتطرفون” يتحدّون النظام
هاجمت صحيفة “صبح نو”، المقربة من رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، بشدة ما وصفته بـ “الثوريين الأشد” أو المتشددين المتطرفين، لرفضهم العلني “المؤسسات الرسمية والثورية”.
وكتبت الصحيفة: “يمكن اعتبار تصريحات صادق كوشكي، ومهدي غضنفري، وفؤاد إيزدي، مؤشراً على ظهور اتجاه في اليمين يعرض قراءة راديكالية للثورية ضد العقلانية الثورية والمؤسسات الرسمية والثورية”، حسب وصفها.
وكانت التصريحات المشار إليها تدور أساساً حول السياسة الخارجية، بما في ذلك هجمات إسرائيل على حلفاء إيران في المنطقة، ومطالبة المتشددين بإقالة مساعد الرئيس للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف، إضافة إلى تنفيذ قانون جديد للحجاب، الذي تؤكد حكومة بزشكيان أنه غير قابل للتنفيذ، وسط معارضة داخلية وانتقادات دولية واسعة.
وخصصت الصحيفة جزءاً كبيراً من صفحتها الأولى لصورة مركبة للمتشددين الثلاثة تحت عنوان: “قفزة ثورية كبيرة نحو الانحراف الثوري”.
وقالت: “يمكن اعتبار تصريحات كوشكي و إيزدي و غضنفري، في الأيام الأخيرة، بمثابة بيان للثورية المتطرفة”.
وفي منشور على مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 10 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ادعى كوشكي أن حكومة بزشكيان تخضع للضغوط الخارجية. وكتب: “مع اكتمال المفاوضات مع الولايات المتحدة والأوروبيين، ستسلم الحكومة قدرات إيران الصاروخية وبقية محور المقاومة للعدو، وهذا سيكون شبيهاً بدخول قوات المعارضة إلى دمشق وإتمام مهمتها هناك”.
“الثوريون الفائقون” أو “الثوريون الأشد”، الذين أشارت إليهم صحيفة “صبح نو” في افتتاحيتها، يرتبطون بشكل وثيق بحزب “بايداري” (الصمود) و”جبهة صبح إيران”، التي تأسست قبل أقل من عام. وغالباً ما يطلقون على أنفسهم لقب “أرزشيه ها”، أي حماة قيم الجمهورية الإسلامية.
وتربطهم علاقات وثيقة بالمتشدد السابق في المفاوضات النووية سعيد جليلي، الذي خسر الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ورجل الدين محمد مهدي ميرباقري المعروف بتفسيره المتشدد للشريعة الإسلامية وميله للسياسات المؤيدة لروسيا والصين.
ولا يكتفي أعضاء حزب “بايداري” و”جبهة صبح إيران” بانتقاد الرئيس مسعود بزشكيان وحكومته فحسب، بل يهاجمون أيضاً قاليباف ومؤيديه.
وتطالب هذه الجماعات، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالانتقام من إسرائيل تحت شعار “الوعد الصادق 3” رداً على هجوم تل أبيب في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على مواقع متعددة داخل إيران، متهمة السلطات بالإخفاق في تنفيذ وعدها بعدم ترك الهجمات بلا رد.
وفي هذا السياق، نظم نحو 50 من أعضاء هذه الجماعات احتجاجاً في طهران، مطالبين السلطات باتخاذ إجراء عسكري ضد إسرائيل، وقال متحدث في التجمّع: “نأمركم بتدمير تل أبيب وحيفا. إذا لم تهاجموا، سنُسقطكم نحن الذين صوّتنا لكم”.
ومنذ الإطاحة ببشار الأسد في سوريا، تصاعدت انتقادات هذه الجماعات لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، في منصات مغلقة مثل “إيتا” و”تلغرام”.
وفي منشور عبر منصة “إكس” هذا الأسبوع، قال محمد مرندي، مستشار فريق التفاوض النووي خلال فترة الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي، والمقرّب من هذه الجماعات، إنه ينبغي استهداف قطر إذا استهدفت الولايات المتحدة المنشآت النووية الإيرانية.
وكتب: “قاعدة العديد الجوية الأميركية في قطر صغيرة. في حالة العدوان، سيتم تدمير منشآت الغاز والبنية التحتية في قطر بالكامل، ومِن ثمّ لن يكون هناك غاز طبيعي من الدوحة، ولن تكون هناك قطر. ولن تتوقف الأمور عند هذا الحد”. (إيران انترناشونال)
خامنئي يصف سقوط “الأسد” بـ “الفوضى” ويعد بهزيمة “الثوار” في سوريا
أدلى المرشد الإيراني، علي خامنئي، بتعليقات حول التطورات الأخيرة في سوريا، عقب سقوط حليفه بشار الأسد، متهماً الثوار بالمسؤولية عن الفوضى التي شهدتها البلاد. وقال خامنئي إن “الثوار يظنون أنهم حققوا انتصاراً ويبدؤون في التفاخر المبالغ فيه”، مشيراً إلى أن هذا التفاخر لا يعكس الواقع.
كما علق خامنئي على ما يُقال عن تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة قائلاً: “يقولون إننا فقدنا قواتنا الوكيلة، لكننا في الحقيقة لا نملك وكلاء في المنطقة”. وأكد أن إيران لا تحتاج إلى وكلاء لتنفيذ أي تحرك في المنطقة.
وتابع خامنئي بالقول: “الشاب السوري لا يملك شيئاً ليخسره؛ مدرسته، جامعته، منزله، وشارعه كلها غير آمنة، فماذا يجب أن يفعل؟ يجب أن يقف بوجه من خططوا لهذه الفوضى ومن نفذوها”. وتوقع خامنئي أن يظهر في سوريا “مجموعة شريفة وقوية” قادرة على هزيمة أولئك الذين تسببوا في الفوضى.
وفي معرض رده على الثوار، قال خامنئي: “لم يكن هناك أي قوة إسرائيلية في سوريا ضدكم، التقدم بمسافة صغيرة ليس انتصاراً، لم يكن هناك عائق أمامكم وهذا ليس انتصاراً حقيقياً”. كما أضاف: “سيخرجكم شباب سوريا الشجعان من هنا بالتأكيد”.
كما انتقد خامنئي ما وصفه بـ “خطة أمريكا للهيمنة” التي تقوم على خيارين: إما “إقامة حكومة استبدادية فردية أو الفوضى والاضطرابات”. وأشار إلى أن الشعب الإيراني سيقف ضد أي شخص يقبل بأن يكون خادماً لأميركا.
واستعرض خامنئي تصريحاً أميركياً جاء فيه أن الولايات المتحدة ستساعد أي شخص يثير الفوضى في إيران، ليؤكد أن “الحمقى فقط يعتقدون أنهم سيتلقون المساعدة” من واشنطن، مختتماً بقوله: “غداً سيكون أفضل من اليوم في المنطقة بفضل الله”.
تأتي هذه التصريحات في وقت كان خامنئي قد أشار فيه سابقاً إلى “النفوذ الاستراتيجي” لإيران في المنطقة، وتحديداً في دول مثل العراق وسوريا ولبنان، وهو ما كان يُعتبر جزءاً من القوة الوطنية الإيرانية. لكن، مع الضغوط الأخيرة التي تعرضت لها ميليشيات إيران في المنطقة، بدأ البعض في طهران يشير إلى أن هذه الميليشيات باتت تعمل بشكل مستقل عن القيادة الإيرانية.
وفي وقت لاحق، تزايدت التقارير حول تراجع قوة الجماعات الوكيلة لإيران في دول مثل العراق ولبنان، حيث أشار نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله اللبناني، إلى فقدان القدرة على تأمين الإمدادات العسكرية عبر سوريا بعد سقوط بشار الأسد. كما اعترف علي أكبر أحمديان، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بأن دعم الجماعات الوكيلة أصبح “أكثر صعوبة”. (إيران انترناشونال)
العملة الإيرانية في تراجع مستمر وانتقادات للبنك المركزي
مع استمرار الانخفاض الحاد في قيمة العملة الإيرانية، وتخطي سعر الدولار 77 ألف تومان، حمّل البرلماني الإيراني، علي رضا زنديان، البنك المركزي مسؤولية هذا التراجع، مضيفا أن شدة وسرعة تراجع العملة الوطنية في إيران لا تحدث “حتى في أفقر دول أفريقيا”.
وقال علي رضا زنديان، في 19 ديسمبر إن إيران من الناحية الاقتصادية ليست “دولة فقيرة جداً”، وأن حتى أفقر الدول الأفريقية لا تشهد انخفاضاً في قيمة عملتها بهذه الطريقة.
وأضاف: “ماذا يفعل البنك المركزي ومجلس النقد والتسليف؟ يجب تعديل السياسات في هذه الظروف من الحرب الاقتصادية. المشكلة الأساسية تكمن في البنك المركزي نفسه”.
ووصل سعر الدولار في سوق الصرف الحرة في إيران، إلى حوالي 77 ألفاً و200 تومان، فيما بلغ سعر الجنيه الإسترليني 98 ألفاً و700 تومان، ليقترب من دخول نطاق الـ100 ألف تومان. أما اليورو فقد بلغ سعره 81 ألفاً و500 تومان.
وبعد ساعات من تأكيد رئيس البنك المركزي بشأن تأمين احتياجات البلاد من العملة، وصل سعر الدولار في سوق الصرف الحرة في طهران إلى 78 ألف تومان.
وفي مساء 17 ديسمبر قال محمد رضا فرزين، رئيس البنك المركزي، في مقابلة تلفزيونية، إن التقلبات غير المسبوقة في سوق الصرف “نتيجة حرب نفسية من العدو”، مؤكداً أن جميع هذه الأخبار تم نشرها بهدف التأثير على السوق في ظل المبادرة الجديدة للبنك المركزي (التي تتيح شراء وبيع العملة الأجنبية).
وأضاف: “لسوء الحظ، يسعى المستفيدون من ارتفاع سعر العملة والأعداء من خلال الشائعات إلى إثارة الذعر وبث الخوف في قلوب الناس. وفي اليوم السابق تم عرض 220 مليون دولار، وسوف يتم عرض المزيد بالتأكيد. لذا لا يوجد أي نقص أو مشكلة”.
يذكر أن سعر الدولار سجل، منذ بداية هذا العام، عدة أرقام قياسية جديدة.
وكانت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وتوقعات بتراجع الإيرادات النفطية للنظام الإيراني، وزيادة التوترات العسكرية مع إسرائيل، من بين الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار العملات في عام 2024.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في وقت سابق عن تأثير العقوبات التي فرضتها إدارة جو بايدن على سلوك النظام الإيراني: “بفضل العقوبات الأميركية، فإن طهران تتلقى فقط جزءاً من عائدات النفط مقابل بيعها، وقد وصلت العملة الإيرانية إلى أدنى مستوى لها أمام الدولار”. (إيران إنترناشونال)
الموساد يدعو إلى الهجوم على إيران رداً على هجمات الحوثيين على إسرائيل
ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي “موساد”، ديفيد بارنيا، دعا إلى توجيه ضربة عسكرية ضد إيران رداً على الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي شنها الحوثيون في اليمن على إسرائيل.
وحسب التقرير، فقد تم تداول هذا المقترح خلال اجتماع مغلق حضره مسؤولون رفيعو المستوى، حيث ناقش بارنيا الهجمات التي شنها الحوثيون على إسرائيل باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة. وأشار التقرير إلى أن بارنيا اقترح توجيه الهجوم إلى إيران مباشرة بدلاً من الرد على الحوثيين في اليمن.
وتستمر الهجمات التي يشنها الحوثيون المدعومون من إيران على إسرائيل. ففي 21 ديسمبر، فشل النظام الدفاعي الإسرائيلي في اعتراض صاروخ أطلقه الحوثيون، مما أدى إلى سقوطه في تل أبيب، وأسفر عن إصابة 16 شخصاً.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن بلاده ستواصل الرد على هذه الهجمات من الحوثيين. (الأناضول)
أمريكا:
ترامب: سأوقف الفوضى في الشرق الأوسط
أطلق الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، سلسلة من التصريحات التي أثارت جدلاً واسعاً، حيث أظهرت بوضوح الاختلاف الجوهري بين سياسته المرتقبة وسياستي الإدارة الديمقراطية المنتهية ولايتها بقيادة الرئيس جو بايدن على الصعيدين الداخلي والخارجي.
السياسة الخارجية
أكد ترامب أنه سيعمل على وقف ما وصفه بالفوضى في الشرق الأوسط، كما أعلن عزمه على إنهاء الحرب في أوكرانيا ومنع اندلاع حرب عالمية ثالثة، دون أن يقدم تفاصيل حول الآليات التي يعتزم استخدامها لتحقيق هذه الأهداف.
كما أعاد ترامب التذكير بتصريحاته السابقة التي أشار فيها إلى أن أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول (عملية طوفان الأقصى) والحرب الروسية الأوكرانية لم تكن لتقع لو كان رئيساً للولايات المتحدة.
وفي سياق متصل، تواجه إسرائيل، بدعم أميركي كبير، انتقادات واسعة بسبب حربها على قطاع غزة التي انطلقت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ووفقاً للتقارير، أسفرت هذه الحرب عن استشهاد وإصابة أكثر من 153 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى وجود أكثر من 11 ألف مفقود وسط دمار شامل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال وكبار السن.
تهديدات بشأن المحتجزين
وفي وقت سابق من هذا الشهر، هدد ترامب باتخاذ إجراءات حاسمة إذا لم يتم إطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة قبل تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني المقبل. وقال: “سيكون هناك جحيم في الشرق الأوسط”، مضيفاً أن المسؤولين سيواجهون “ضربات أشد من أي ضربات في تاريخ الولايات المتحدة الطويل”.
قضايا عسكرية وتجارية
أعلن ترامب عن عزمه على إنهاء تدخلات الولايات المتحدة في “الحروب الخارجية غير الضرورية”، مع توجيه الجيش الأميركي لإنشاء منظومة دفاعية مماثلة لمنظومة القبة الحديدية لحماية الأجواء الأميركية، دون الإشارة إلى مصدر التهديد المحتمل.
كما أعاد ترامب التركيز على قضية قناة بنما، مؤكداً رفضه لفرض رسوم مرتفعة على السفن الأميركية عند عبورها. وطالب باستعادة القناة إلى السيطرة الأميركية الكاملة، مشدداً على أهمية تأمينها لدعم التجارة الأميركية.
قضية المهاجرين
على صعيد الهجرة، صرح ترامب بأنه سيبدأ فور توليه السلطة تنفيذ أكبر عملية ترحيل للمهاجرين غير الشرعيين في تاريخ الولايات المتحدة. وأوضح أنه أبلغ المسؤولين المكسيكيين بأن الوضع الحالي على الحدود الجنوبية “غير مقبول”.
السياسة الداخلية
وفيما يتعلق بالشؤون الداخلية، أشار ترامب إلى خططه لإجراء تغييرات جذرية في واشنطن. وأكد أن الأغلبية الجمهورية في الكونغرس تدعم خياراته للمناصب الحكومية.
وكان ترامب قد أعلن الشهر الماضي عن اختياراته لأعلى 20 منصباً داخل حكومته. وضمت القائمة مزيجاً من الشخصيات التقليدية وغير التقليدية، بعضها ذات خلفيات أيديولوجية متباينة، لكنها تتوحد تحت شعار حركته الشعبوية “لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى” (MAGA).
تظهر تصريحات ترامب أن إدارته المقبلة ستتسم باتخاذ قرارات حاسمة على الصعيدين الداخلي والخارجي، مع التركيز على استعادة الهيمنة الأميركية وحماية المصالح الوطنية، سواء عبر السياسات الاقتصادية أو العسكرية. ومع ذلك، تظل تفاصيل تنفيذ هذه السياسات غير واضحة، مما يثير تساؤلات حول كيفية ترجمة هذه التصريحات إلى أفعال في الواقع. (الجزيرة نت)
رئيس بنما يرد على تهديدات ترامب بشأن قناة بنما: “القناة ستظل ملكاً لبنما”
رد رئيس بنما، خوسيه راؤول مولينو، على التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب حول قناة بنما، مؤكداً أن القناة وجميع المناطق المحيطة بها هي ملك لبنما وستظل كذلك. في تصريحات بثها عبر حسابه الرسمي على موقع “إكس”، شدد مولينو على أن سيادة بنما على القناة “لا يمكن نقاشها” وأن أي محاولة لتغيير ذلك غير مقبولة.
تصريحات ترامب جاءت بعدما اعتبر أن رسوم المرور التي تفرضها بنما على السفن الأمريكية المارة عبر القناة غير عادلة، قائلاً إنه إذا لم تتم إدارة القناة بشكل كفء وموثوق، فإن الولايات المتحدة ستطالب بإعادتها. وأضاف ترامب أن بلاده ستطالب بإعادة القناة “دون قيد أو شرط” إذا استمرت بنما في فرض رسوم عالية وغير مبررة.
من جانبه، أكد مولينو في رسالته المصورة أن “كل متر مربع من قناة بنما والمناطق المجاورة لها هو ملك لبنما، وسيظل كذلك”. وأضاف: “سيادة بلادنا واستقلالها أمر غير قابل للتفاوض.”
تأتي هذه التوترات بعد فترة من الانتقادات التي وجهها ترامب إلى رسوم المرور عبر القناة، التي وصفها بأنها “سخيفة” وغير عادلة. وقد أثار هذا التصريح الكثير من الجدل في بنما، حيث يعتبر العديد من المواطنين أن القناة هي جزء لا يتجزأ من هوية وسيادة البلاد. (يني شفق)
متابعات عربية
السودان
هل يتجه السودان نحو التقسيم الفعلي؟
أعلنت قوات الدعم السريع السودانية أنها ستتعاون مع حكومة جديدة تخطط لتشكيلها مجموعة من السياسيين المدنيين وقادة جماعات مسلحة لإدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها، في خطوة تعتبر الأكثر وضوحاً نحو تقسيم محتمل للبلاد بعد 20 شهراً من الحرب الأهلية.
تسيطر قوات الدعم السريع على مناطق واسعة من وسط وغرب السودان، بما في ذلك معظم العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور. وتخوض هذه القوات صراعاً مع الجيش الوطني منذ أبريل 2022.
وأفادت مجموعة من السياسيين المدنيين وقادة جماعات مسلحة أنهم توصلوا إلى اتفاق لتشكيل ما وصفوه بـ “حكومة سلام”، مؤكدين أنها ستكون بقيادة مدنية ومستقلة عن قوات الدعم السريع، بهدف استبدال الحكومة الحالية في بورتسودان، التي اتهموها بإطالة أمد الحرب.
الحكومة المخططة وموقف قوات الدعم السريع
ذكرت مصادر سياسية سودانية رفيعة أن قوات الدعم السريع تعاونت مع السياسيين في تشكيل هذه الحكومة، لكن الأخيرة أكدت في بيان أنها لن تتدخل في إدارة الحكومة وستقتصر على دور عسكري وأمني.
وقال البيان: “نحن في قوات الدعم السريع سنقوم فقط بالدور العسكري والأمني، بينما ستتولى القوى المدنية إدارة الحكم بشكل مستقل”.
لم يتم الكشف عن تفاصيل حول موعد بدء عمل هذه الحكومة أو كيفية اختيار ممثليها وإدارتها وجمعها للتمويل. وأشار أعضاء المجموعة إلى أن مقر الحكومة سيكون في الخرطوم.
ردود الفعل المحلية والدولية
لم يصدر أي تعليق فوري من الحكومة في بورتسودان أو الجيش، اللذين أكدا سابقاً أنهما السلطة الوطنية الوحيدة واتهما قوات الدعم السريع بالسعي لتدمير البلاد.
في المقابل، أعرب دبلوماسيون غربيون عن إدراكهم لمحادثات تشكيل حكومة جديدة، مؤكدين أن أي مؤسسة قد تنشأ ستكون تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وقال دبلوماسي غربي: “لن يندفع أحد للاعتراف بها”. وأضاف: “أكبر نقاط ضعف قوات الدعم السريع هي افتقارها لهيكل قيادة فعال”.
تصاعد الأزمة واستمرار الحرب
بينما تستمر المحادثات حول تشكيل الحكومة، لا يبدو أن هناك نهاية قريبة للحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف وأدت إلى نزوح 12 مليون شخص.
وقال المحلل جليل هرشاوي من معهد الخدمات الملكية المتحدة: “التعنت المتبادل والتدخلات الخارجية المستمرة قد يؤديان إلى تقسيم البلاد”.
تشهد السودان صراعاً مستمراً بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب، في ظل تراجع الجهود الدولية لإحلال السلام. (رويترز)
وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور غربي السودان، بالإضافة إلى مناطق واسعة في إقليم كردفان والعاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وسنار.
السعودية
السعودية تجمد انضمامها الكامل لمجموعة “بريكس”
أعلن الكرملين أن المملكة العربية السعودية قررت تجميد خطوة انضمامها كعضو كامل في مجموعة “بريكس”، وفق ما نقلته وكالة “إنترفاكس” الروسية عن يوري أوشاكوف، مستشار الكرملين للسياسة الخارجية.
كانت السعودية قد تلقت دعوة للانضمام إلى المجموعة خلال عام 2023، إلا أن القرار النهائي بشأن الانضمام ظل قيد الدراسة، وفق تصريحات سابقة لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الذي أشار إلى أهمية توافق هذا القرار مع سياسات المملكة وأولوياتها الداخلية.
مشاركة السعودية في فعاليات “بريكس” السابقة
شاركت المملكة في عدة فعاليات متعلقة بالمجموعة بصفتها “دولة مدعوة للانضمام”. ففي أكتوبر الماضي، شارك وفد سعودي برئاسة الأمير فيصل بن فرحان في قمة “بريكس” الـ16 التي عُقدت في مدينة قازان الروسية تحت شعار “تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلَين”. وسبق ذلك مشاركة وزير الخارجية السعودي في اجتماع وزراء خارجية المجموعة بمدينة نينجني نوفجورد الروسية في يونيو من العام نفسه.
أولويات السعودية في الحوارات الدولية
خلال مشاركتها في قمم “بريكس”، ركزت المملكة على القضايا الإقليمية والعالمية، بما في ذلك التطورات في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما الحرب الإسرائيلية على غزة والمخاوف من تصعيد الصراع في المنطقة. (الشرق)
اليمن
التوترات تشتعل في البحر الأحمر بين الحوثيين وأمريكا وإسرائيل
شهدت الفترة الأخيرة، تصاعدا في التوترات بين جماعة الحوثي وإسرائيل أثارت القلق مجدداً بشأن الملاحة في البحر الأحمر.
في 19 ديسمبر 2024 أعلنت الجماعة إطلاق صاروخين باليستيين من النوع “فرط صوتي” إصابة أهدافاً عسكرية إسرائيلية بنجاح، فيما أعلنت السلطات الإسرائيلية حدوث أضرار بمدرسة شرق تل أبيب جراء سقوط الرأس المتفجر في الصاروخ رغم اعتراضه.
الرد الإسرائيلي جاء باستهداف العاصمة صنعاء، ومواقع في محافظة الحديدة، بينها الميناء، بـ 16 غارة جوية.
وقال الجيش الإسرائيلي إن 14 طائرة حربية تابعة له هاجمت بعشرات القنابل في 19 ديسمبر2024 5 أهداف في اليمن، شملت موانئ وبنى تحتية للطاقة في العاصمة صنعاء، ومحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.
وفي 20 ديسمبر 2024 أعلنت جماعة الحوثيين مسؤوليتها عن استهداف سفينة شحن إسرائيلية في البحر الأحمر باستخدام صاروخ باليستي. وأكدت الجماعة أن الهجوم يأتي رداً على السياسات الإسرائيلية في المنطقة ولدعم الشعب الفلسطيني.
وفي 21 ديسمبر 2024 صرح المتحدث باسم جماعة الحوثيين، يحيى سريع، بأن الجماعة ستواصل استهداف السفن الإسرائيلية والأمريكية في البحر الأحمر إذا استمرت “الاعتداءات” على الشعب الفلسطيني. وأضاف أن العمليات البحرية تأتي في إطار الدفاع عن القضية الفلسطينية وتحدياً لما وصفه بـ”الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية” في المنطقة.
وفي 22 ديسمبر 2024 أعلنت جماعة الحوثي اليمنية، إسقاط مقاتلة أمريكية من طراز “إف 18″ خلال استهدافها حاملة طائرات في البحر الأحمر، وذلك بعدما ادعت واشنطن أنها سقطت بـ”نيران صديقة”.
وقال المتحدث العسكري لقوات الجماعة يحيى سريع، في، بيان، إن قوات الجماعة نجحت في “إفشال هجوم أمريكي بريطاني على اليمن”.
وأضاف أنه “تم استهداف حاملة الطائرات (يو إس إس هاري أس ترومان) وعدد من المدمرات التابعة لها، بالتزامن مع بدء الهجوم العدواني مساء أمس (السبت) على اليمن”.
وأوضح سريع، أن العملية “نفذت بـ 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيرة، وأدت إلى إسقاط طائرة إف 18، أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيرات والصواريخ اليمنية”.
كما أدت العملية إلى “مغادرة معظم الطائرات الحربية المعادية الأجواء اليمنية إلى أجواء المياه الدولية في البحر الأحمر للدفاع عن حاملة الطائرات أثناء استهدافها”، وفق البيان.
وفي وقت سابق أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) أن طائرة مقاتلة تابعة للبحرية الأمريكية من طراز “F/A-18″ أُسقطت فوق البحر الأحمر بـ”نيران صديقة”.
بدوره، قال عضو المجلس السياسي لجماعة أنصار الله محمد علي الحوثي “إذا لم تفصح البحرية الأميركية عن سبب سقوط الطائرة المقاتلة، فلماذا أوقفت حاملة الطائرات يو إس إس هاري ترومان قرب السودان وأوقفت كل أجهزتها ومحركاتها البارحة؟”.
وأضاف في تغريدة على موقع إكس “نقول للأمريكان إن كلفة إيقاف إبادة غزة وحصارها وعسكرة البحر الأحمر لاستمرار الإرهاب في المنطقة وفلسطين ليس أقل مما تقومون به؟”.
وذكرت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) في بيان أن الحادث وقع أثناء مهمة للطائرة المقاتلة التي كانت تحلق فوق حاملة الطائرات “هاري إس ترومان”. وأوضحت أن إحدى السفن المرافقة، وهي الطراد الصاروخي “جيتيسبيرج”، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة، مما أدى إلى تدميرها.
وأكد البيان إنقاذ الطيارين الاثنين، مع إصابة أحدهما بجروح طفيفة. ووصف الحادث بأنه نتيجة لـ”حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو”، مشيرا إلى أن التحقيق في الحادث جارٍ لتحديد الملابسات.
وفي وقت سابق أعلنت القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) تنفيذ غارات جوية “دقيقة” في ساعة متأخرة أمس السبت على منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة للقيادة والسيطرة، تديرها جماعة أنصار الله في العاصمة اليمنية صنعاء. (انظر)
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، كثفت جماعة أنصار الله هجماتها على السفن المرتبطة بإسرائيل أو الشحن الإسرائيلي في البحر الأحمر.
حميد الأحمر: المجتمع الدولي تغير، والحسم قادم لإنهاء انقلاب الحوثي واستعادة الدولة
غادر الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر القيادي في حزب الإصلاح اليمني، العاصمة السعودية الرياض بعد زيارة استمرت عدة أيام التقى خلالها بعدد من القيادات اليمنية المتواجدة في الرياض، إضافة إلى شخصيات يمنية أخرى توافدت إلى المملكة استجابةً للمطالب الشعبية المتزايدة لإنهاء انقلاب الحوثي واستعادة الدولة.
وفي تصريحاته، أكد الأحمر أن المطالب الشعبية الداعية للاستفادة من المستجدات الدولية والإقليمية تتزايد، في ظل اقتناع الجميع بأن الحوثي لا يؤمن بنهج السلام، وأنه أضاع فرصاً ثمينة لتحقيقه، قدمها بصدق الأشقاء في المملكة العربية السعودية. وأضاف أن التحشيدات العسكرية والتصريحات الحوثية التصعيدية لن تغير القرار الحتمي بإنهاء انقلاب الجماعة، لكنها قد تزيد من كلفة هذا القرار على الحوثي ومنظومته.
وأوضح الأحمر أن المجتمع الدولي لم يعد كما كان في السابق، مشيراً إلى أن المواقف الدولية أصبحت أكثر وضوحاً بشأن التعامل مع انقلاب الحوثيين، مستشهداً بالتغيرات الأخيرة في المواقف التي كانت تعيق تقدم الجيش الوطني في السابق. كما لفت إلى حالة السخط الشعبي غير المسبوق في مناطق سيطرة الحوثيين، والذي قد يؤدي إلى تصعيد داخلي في ظل استمرار الجماعة في نهجها العنيف والقمعي.
وفي ختام حديثه، شدد الأحمر على يقينه بزوال انقلاب الحوثي، مؤكداً أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية تفادي أي كلفة مجتمعية قد تنجم عن الأحداث القادمة. (انظر)
ليبيا
صمت في طرابلس وترحيب بنغازي باجتماع مجلسي النواب والدولة
افتتح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في 19 ديسمبر 2024 بمنتجع بوزنيقة على الساحل الأطلسي شمال غربي المغرب، اجتماعاً تشاورياً هاماً جمع أعضاء من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبيين. الاجتماع الذي يعد خطوة مهمة في مسار حل الأزمة الليبية، جاء لمناقشة سبل تجاوز الجمود السياسي الراهن في البلاد، بالإضافة إلى المبادرة التي اقترحتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
في ختام الاجتماع، أعلن المشاركون عن تشكيل خمس لجان مشتركة تعمل على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا، وتقديم مقترحات حول عدد من القضايا العالقة، بما في ذلك الإصلاحات السياسية والأمنية، فضلاً عن الملفات المرتبطة بالشفافية واللامركزية. كما تم الاتفاق على ضرورة استعادة دور المؤسسات السيادية وضمان استقرار الدولة الليبية من خلال عملية مدعومة بالشفافية والتوافق الوطني.
إعادة تشكيل السلطة التنفيذية
في تصريح له، أكد رئيس الحكومة الليبية في شرق البلاد، أسامة حماد، أن اجتماع بوزنيقة يعد “خطوة إيجابية” نحو حل الأزمة الليبية. وقال حماد عبر حسابه على منصة إكس إنه “يرحب بمخرجات الحوار بين المجلسين، لاسيما المتعلقة بتشكيل سلطة تنفيذية جديدة تضم مجلس رئاسي وحكومة جديدة”. ورغم هذه الإيجابية، لم يصدر أي تعليق رسمي من حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس حتى الآن.
اللجان الخمس
وفقاً لما تم الاتفاق عليه في الاجتماع، فإن المجلسين اتفقا على تشكيل لجان متخصصة لإعادة تشكيل السلطة التنفيذية وفقاً للمادة الرابعة من الاتفاق السياسي الليبي، مع تحديد الصلاحيات الخاصة بكل من المجلسين. وأشار البيان الختامي إلى أن لجنة مشتركة ستتولى مهمة مراجعة آلية الاختيار التي تم اقتراحها في لقاء القاهرة بين المجلسين، وتقديم مقترحات تعديلها بهدف تحقيق مزيد من التوافق.
كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة مختصة بوضع معايير شفافة لتوزيع مخصصات التنمية والبرامج الحكومية، بالإضافة إلى لجنة ثالثة تتعلق بالملف الأمني ودعم عمل لجنة 5+5 العسكرية، التي تشرف على عمليات نزع السلاح وإخراج القوات الأجنبية.
ملف المناصب السيادية والأموال المهربة
فيما يخص المناصب السيادية، ستشكل لجنة رابعة للبحث في معايير الترشح لهذه المناصب وتقديم آلية اختيار تضمن التوافق. بالإضافة إلى ذلك، ستشكل لجنة خامسة تتولى متابعة ملف الأموال المهربة وغسيل الأموال، واقتراح التشريعات اللازمة لمكافحة هذه الظواهر.
المرحلة القادمة
من المتوقع أن تقدم اللجان الخمس تقاريرها النهائية في غضون شهر من الآن، على أن يلتقي المجلسان مجدداً في مدينة درنة في 19 يناير المقبل لإصدار الاتفاق النهائي للمرحلة التمهيدية وبدء تنفيذ نتائج أعمال اللجان. هذا الاجتماع يعد خطوة رئيسية نحو استكمال مسار التوافق الليبي الداخلي في ظل الانقسام السياسي العميق بين حكومتي الشرق والغرب، والذي كان له دور بارز في فشل إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية التي كانت مقررة في نهاية 2021.
خلفية الأزمة
ليبيا تمر بمرحلة من الانقسام السياسي، حيث توجد حكومتان متنافستان، واحدة في الشرق برئاسة أسامة حماد، والأخرى في الغرب بقيادة حكومة الوحدة الوطنية. هذه الانقسامات السياسية أضافت تعقيداً للوضع في البلاد، مما حال دون إجراء انتخابات كان من المفترض أن تُسهم في إنهاء الأزمة. (الغد)
متابعات إفريقية
أفريقيا ولعبة التوازنات الدولية
أعاد التنافس والصراع الدولي حول المصالح بين القوى العظمى والكبرى الذي تشهده القارة الأفريقية والذي تجدد مع بداية هذا القرن شيئاً من البريق المفقود لهذه القارة، التي عانت وما تزال من حالات الاحتراب الداخلي، والتشظّي المُجتمعي، وانسداد الأفق السياسي المفضي لعقد اجتماعي يعمل على بلورة مشروع وطني يتجاوز بدول القارة مربع الفشل التنموي والتخلف الاقتصادي إلى نوع من الاستقرار والازدهار، مقارنة مع أقاليم وقارات أخرى من العالم.
وقد لعبت عدة عوامل دوراً في تسليط الضوء مجدداً على أفريقيا في إطار معادلة البحث عن القوة وتعزيز النفوذ بين المتنافسين الإقليميين والدوليين. ومن هذه العوامل قضايا النمو السكاني، ووفرة الموارد الطبيعية التي تشمل 30% من احتياطيات العالم من المعادن، و12% من احتياطياته من النفط، و8% من الغاز الطبيعي، و65% من الأراضي الصالحة للزراعة، بجانب كون أفريقيا موطناً لـ 40% من احتياطيات الذهب في العالم التي جعلت من القارة محوراً مُهماً للاقتصاد العالمي، خاصة في مجال الصناعات الإستراتيجية عالية التقنية، مثل: الرقائق الإلكترونية Semiconductors، والبطاريات، والصناعات المرتبطة بالطاقة الخضراء.
وعلى الرغم من هذه الموارد، فإن دول القارة – كما أسلفنا – لم تتجاوز مربع الفشل التنموي والتخلف الاقتصادي، وهذا يطرح مجموعة من الأسئلة التي يسعى هذا المقال للإجابة عنها، والتي من بينها:
- ما هي جذور وخلفيات التنافس الدولي على أفريقيا؟
- ما أبعاد التنافس الدولي على القارة الأفريقية؟
- ماهي تداعيات ذلك التنافس على الدول الأفريقية؟
- ما طبيعة العلاقة بين التحديات الداخلية للقارة، مثل: الصراع السياسي، وتحديات الحكم التي تعيق تقدمها، وتعزيز نفوذ الأطراف الخارجية؟
- ما مستقبل النفوذ الخارجي على أفريقيا، ولمصلحة أي الأطراف ستحسم معركة التنافس حول المصالح والنفوذ؟
مؤتمر برلين وانعكاساته الجيوستراتيجية
عقد مؤتمر برلين في الفترة ما بين 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 1884 إلى 26 فبراير/ شباط 1885، وقد عُرف عند بعض المؤرخين بالمؤتمر الذي وضع أسس الصراع في أفريقيا، إذ قاد إلى رسم خريطة سياسية مُشوهة تجاهلت الحدود الثقافية والعرقية للشعوب، مما أسفر عن عواقب وخيمة لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم.
فقد تمّ تقسيم الشعوب المتجانسة ثقافياً وعرقياً إلى كيانات متفرقة، ومن أمثلة ذلك شعب التوجو الذي قسم بين دول مختلفة، مما أدى إلى تشتيت هويتهم وزرع بذور الصراع، بجانب إشعال النزاعات الحدودية، حيث أصبحت الحدود المرسومة عشوائياً arbitrarily وقوداً للصراعات والنزاعات بين الدول الأفريقية.
ويتجلى هذا الأمر في الخلاف الحدودي بين الصومال وإثيوبيا حول إقليم أوجادين، والمشكلة الحدودية بين تشاد والسودان حول قبائل الودّاي، والنزاع الموريتاني – السنغالي حول قضية قبائل التكرور، ومشكلة قبائل الباكونغو المقسمة بين الكونغو برازافيل، والكونغو كينشاسا، ومشكلة قبائل الهوسا بين النيجر ونيجيريا، ومشكلة دينكا نجوك بين السودان وجنوب السودان.
الأمر الذي خلّف إرثاً ثقيلاً من التفتت والنزاع في القارة الأفريقية، وقد قاد هذا الواقع الصراعي الذي وضعت لبناته الدول الكبرى عبر بوابة مؤتمر برلين، إلى فتح الباب لمزيد من التنافس بينها حول أفريقيا ومواردها، بصورة أضرت بمستقبل التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخلها.
والملاحظة الجديرة بالاهتمام هنا تتمثل في أن الاستعمار لم يكن يحتل أكثر من 10% من المساحة الكلية لأفريقيا قبل مؤتمر برلين، ولكن بعد المؤتمر لم يتبقَّ من الأراضي الأفريقية خارج سيطرة المستعمر إلا 8% فقط.
وليس بالضرورة أن ينظر لخريطة أفريقيا السياسية اليوم بكل تمزقاتها كنتيجة لمؤتمر برلين فقط، وإنما يجب النظر أيضاً إلى نتائج الحرب العالمية الثانية التي أسهمت في بلورة هذه الخريطة بنسبة مقدرة، غير أن المؤتمر المشار إليه يُعد واحداً من أهم الأدوات التي استُخدمت لتفتيت القارة وتقاسم النفوذ فيها بين القوى الدولية.
وبالتالي لا يُمكن قراءة واقع التنافس الدولي على القارة الأفريقية اليوم بمعزل عن استصحاب الانعكاسات الجيوستراتيجية الناجمة عن نتائج مؤتمر برلين.
أطراف التنافس وأبعاده
تتعدد الأطراف المتنافسة دولياً على قارة أفريقيا بتعدد المصالح وتباين زوايا النظر لها. ولكن رغم كثرة المتنافسين سنركز على أربع قوى رئيسية تشمل الصين، الولايات المتحدة، روسيا وفرنسا.
فالصين سعت إلى تعزيز وجودها في أفريقيا منذ فترة مبكرة، وذلك بغرض تحقيق عدة أهداف، بدءاً من تأمين المواد الخام وتصدير السلع المصنعة، وصولاً إلى توسيع نفوذها السياسي والاقتصادي.
وقد اشتملت إستراتيجيتُها في البداية على التركيز على استيراد المواد الخام، وتصدير السلع المصنعة، مصحوباً ذلك بتمويل مشاريع البنية التحتية التي تُعد جزءاً رئيسياً من إستراتيجيتها المعروفة بالحزام والطريق.
وترتكز هذه الإستراتيجية على ربط مناطق الإنتاج داخل الصين مع مناطق الاستهلاك خارجها، وتعد أفريقيا أهم الجوائز الكبرى في سباق التنافس الدولي حول المصالح، وتعزيز النفوذ، رغم وجود بعض المخاوف من قبل الأفارقة فيما يتعلق بأمرين.
الأوّل منهما يتعلق بمخاطر الوقوع فيما يُسمى بفخ الديون الذي تنصبه بكين لدول القارة، في مقابل تعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي، والأمر الثاني يرتبط بجلب الصين لعمالتها المحلية، والتي تضعف حظوظ السكان المحليين في الحصول على الوظائف في ظل انتشار العمالة الصينية الماهرة، والرخيصة في نفس الوقت.
في المقابل فإنّ الولايات المتحدة تنظر لأفريقيا كموقع إستراتيجي حاكم يساعدها على تعزيز سيطرتها ونفوذها العالميين، وذلك بالنظر إلى الموقع الجغرافي الحيوي الذي تتمتع به القارّة، فهي تقع بالقرب من أهم أربع نقاط عبور بحرية من أصل ثمانٍ في العالم: (قناة السويس، مضيق باب المندب، رأس الرجاء الصالح، مضيق جبل طارق، مضيق ملقا، مضيق هرمز، مضيق البوسفور التركي، قناة بنما).
الأمر الذي جعلها محط اهتمام القوى الدولية الساعية للسيطرة على طرق التجارة، وتعزيز النفوذ العسكري، ويتجلى ذلك من خلال تواجد القواعد العسكرية الأميركية بالقرب من المضائق البحرية وطرق الملاحة الإستراتيجية.
وقد منحها ذلك الوضع تفوقاً إستراتيجياً من الناحية الأمنية والعسكرية. ومن المنظور التحليلي فإن أفريقيا بالنسبة لأميركا تُعدّ ملفاً أمنياً بامتياز، رغم وجود بعض المصالح الاقتصادية، إذ بلغ حجم الاستثمارات الأميركية في كل أفريقيا في عام 2020 ما قيمته 33.3 مليار دولار، مقابل 175. 3 مليارات دولار تُمثل حجم تجارة الصين مع عشرة شركاء تجاريين فقط في أفريقيا في عام 2021.
وبالتالي فإنّ قصور المقاربة الأميركية، أسهم ضمن عوامل أخرى في تراجع نفوذها لمصلحة شركاء آخرين، وبات قصور نظرتها في إطار تعاطيها مع القارة الأفريقية أحد أهم المحددات التي ربما قادت لمستقبل تؤول فيه السيطرة لأطراف دولية أخرى، تعتمد مقاربة سياسية، اقتصادية وعسكرية أكثر شمولاً وعمقاً.
وفي ذات الإطار المتصل بلعبة التوازنات الدولية، هناك روسيا وفرنسا اللتان تتنافسان على إحدى أهم المناطق في القارة الأفريقية والمتمثلة في دول غرب أفريقيا ومنطقة الساحل. وتُعد هذه المنطقة من المنظور التاريخي إحدى دوائر النفوذ الفرنسي التقليدي، وتُمثل آخر القلاع المتبقية لباريس في إطار معركة التنافس الدولي حول المصالح.
والملاحظة المهمة في هذا الصدد، هي أن هذا النفوذ بدأ في التراجع والتآكل بشكل متسارع لمصلحة موسكو التي نجحت في توطيد علاقاتها مع دول المنطقة التي باتت الغلبة فيها لأنظمة عسكرية ذات طابع تحرري معادٍ للوجود الغربي بشكل عام، والنفوذ الفرنسي بشكل خاص.
وعملت روسيا على استثمار هذا الشعور المعادي للوجود الفرنسي في المنطقة، وساعدها ذلك الشعور المتعاظم لدى سكان الإقليم بأن باريس تُمثل مشروعاً للعبودية والجشع الاستعماري الذي يهتم بمصالحه، دون مراعاة لمطلوبات التنمية التي تقتضي نوعاً من الشراكة العادلة بين هذه الدول وفرنسا.
ونجحت موسكو في استمالة شريحة مقدرة من قيادات هذه الدول، مستثمرةً العداء الشعبي المتنامي ضد فرنسا. والأمر الآخر الذي دفع روسيا لتوطيد علاقتها بدول القارة، هو تداعيات حربها مع أوكرانيا، والتي دفعتها للبحث عن موارد وشراكات بديلة لتعويض خسائرها الناتجة عن الحرب، وبالتالي يمكن قراءة مشروعها للبحث والتنقيب عن الذهب واليورانيوم في دول، مثل: السودان، أفريقيا الوسطى، ليبيا، موزمبيق، تنزانيا، النيجر والكثير من دول الساحل في هذا السياق التعويضي.
ويظهر جلياً أن روسيا ومن خلال دعمها كثيراً من الأنظمة العسكرية في دول الساحل نجحت بشكل كبير ليس في محاصرة النفوذ الفرنسي فحسب، بل في إخراج الولايات المتحدة من بعض المناطق الحرجة التي تزخر بالمعادن الإستراتيجية في منطقة الساحل، ويمكن قراءة قرار إخراج قواتها من النيجر، وإنهاء تعاونها العسكري مع تشاد في هذا السياق.
ويمثل فقدان قاعدة أغاديز الأميركية، والتي تبعد عن العاصمة النيجرية نيامي حوالي 920 كيلومتراً خسارة إستراتيجية كبرى، وذلك بالنظر إلى أن بناءها كلف 110 ملايين دولار، ويضاف إلى ذلك خسارة مئات الملايين من الدولارات كانت واشنطن قد استثمرتها في تدريب جيش النيجر منذ بدء عملياتها هناك في عام 2013.
ويُمكن قراءة الفيتو الذي استخدمته موسكو لصالح الخرطوم في نوفمبر/تشرين الثاني داخل مجلس الأمن في سياق مساعي موسكو لكسب مزيد من النقاط في أفريقيا في إطار تنافسها مع غرمائها الغربيين.
تداعيات التنافس الدولي
تُعدّ إشكالية بناء الدولة القومية، أو ما يسمى بأزمة التكامل القومي أكبر مُعضلة واجهت الدولة الأفريقية، ويعود ذلك بدرجة أساسية لعاملين رئيسيين:
يرتبط العامل الأول بالاستعمار ومخلفات سياساته التي لم تكن موجهة لخدمة الأفارقة ولا المؤسسات المصطنعة التي باتت تعرف لاحقاً بالدولة.
والثاني ذو صلة بتجربة الحكم الوطني التي تلت خروج المستعمر.
فالدولة الموروثة في أفريقيا رغم أن قيادتها شكلاً تُعد وطنية، فإنها لم تنجح في تحقيق التنمية المنشودة بمثل ما حدث في قارات أخرى من العالم، كالتجربة التايوانية، أو الكورية الجنوبية، أو حتى النموذج الصيني، رغم التحفظات على بعض جوانبه.
فعوضاً عن قيادة التنمية وإحداث التغيير المطلوب داخل المجتمعات الأفريقية، تشكلت بيئة حاضنة للفساد وإهدار الموارد الوطنية داخل محيط الدولة الأفريقية، والنماذج في هذا الصدد كثيرة، وكانت وثيقة صلة بالمستعمر الذي نجح في خلق وكلاء محليين من النخب لحماية مصالحه.
وتُعدُ تجربة الكونغو كينشاسا في عهد موبوتو نموذجاً لذلك، وظلت هذه النماذج الفاسدة مستمرة إلى يومنا هذا. فأصبحت الدولة والسيطرة على مفاصلها إحدى الأدوات التي استخدمت لإثراء النخب الحاكمة ووكلائهم في الخارج.
وتُعدّ تجربة الدولة في السودان، الصومال، تشاد، إثيوبيا، جنوب السودان، وغيرها من الدول الأفريقية امتداداً لهذا الإرث من الفشل، وعليه لا يمكننا استثناء أي من الدول التي لم تذكر ضمن النماذج المشار إليها أعلاه، ليفتح ذلك الباب أمام تساؤل مفصلي، وهو: ما مستقبل الدولة الأفريقية، وما مستقبل التنافس الخارجي عليها في ظل لعبة التوازنات الدولية؟
مستقبل الدولة الأفريقية
يتوقف مستقبل الدولة الأفريقية ومسار التنافس عليها على جملة من التحديات:
فأولى هذه الصعاب تعتمد على قدرة هذا الكيان المُصطنع الذي اصطلح على تسميته بالدولة على تجاوز قائمة طويلة من التحديات، والتي يقف على رأسها تحدي إدارة التنوع في أبعاده الإثنية، واللغوية، والدينية.
فالدولة المنقسمة على نفسها ثقافياً لا تستطيع إنجاز مشروع وطني يحظى بالقبول بين مختلف مكونات الشعب، وبالتالي فإن الاعتراف بالتنوع وحسن إدارته يعد اللبنة الأولى في اتجاه تحقيق الاستقرار السياسي والسلام المجتمعي. فالاعتراف بالتنوع وحسن إدارته يقتضي تمثيلاً عادلاً في هياكل الدولة من جهة، وتنمية متوازنة ترتكز على مبدأ التقاسم العادل للثروات القومية.
التحدي الثاني في مسار مستقبل الدولة الأفريقية في إطار لعبة التوازنات الدولية، يرتبط بعسكرة الدولة وأمننتها. فعملية عسكرة الدولة وإدارتها كملف أمني له تبعات مضرة من المنظور الإستراتيجي، فالوضع الطبيعي لمستقبل أي دولة، والحديث ينصرف هنا لأفريقيا، أن يتمّ الاهتمام بمختلف قطاعات الدولة المدنية والعسكرية التي تشكل في المحصلة النهائية ما يعرف بقوى الدولة الشاملة.
ويُعدّ تطوير عناصر القوة المختلفة مسؤولية كبرى تتجاوز إمكانات المؤسسة العسكرية والأمنية كمؤسسات محترفة تُعنى بالجانب العسكري والأمني، لشمل بقية القطاعات الأخرى ذات الطابع المدني.
وعملية التطوير المشار إليها تقتضي الاهتمام بتطوير البنى السياسية المدنية، والتي تشمل الأحزاب، والكيانات المهنية، ومنظمات المجتمع المدني، والتي يُمثل وجودها ضرورة قصوى؛ لضمان تنمية ولاءات وطنية وقيم عليا تحمي الدولة والمجتمع من الارتداد إلى ما يُعرف بالولاءات تحت القومية المتمثلة في القبيلة والعشيرة.
ويمكن فهم وتفسير ظاهرة تعاظم دور القبيلة في الدولة الأفريقية في سياق العجز عن بناء مؤسسات مدنية ناضجة تستطيع أن تحمي وتستوعب أحلام وتطلعات المجتمع، وبالتالي احتماء الناس بقبائلهم، بل وفي كثير من الأحيان الاستقواء بها للظفر بالمنصب السياسي والحظوة المالية التي يوفرها.
سيناريوهات التنافس على أفريقيا
من الطرح أعلاه يمكن النظر لمستقبل التنافس على الدولة الأفريقية في إطار لعبة التوازنات الدولية في سياق ثلاثة سيناريوهات رئيسية:
السيناريو الأول:
أن تنجح الدولة الأفريقية في تجاوز التحديات المشار إليها والمتعلقة بالقدرة على الاعتراف بالتنوع وإدارته بشكل جيد من جهة، والعمل على بناء مؤسسات الدولة وتفادي عسكرتها من جهة أخرى.
وفي حال نجاح التعامل مع هذه التحديات تستطيع الدولة الأفريقية أن تواجه تحدي التنافس الدولي حول المصالح أو ما نسميه بلعبة التوازنات الدولية بشكل فاعل ورشيد، والعمل على تحقيق مصالح المجتمعات الأفريقية، بدلاً من أن تعمل النظم السياسية كوكلاء للخارج، رغم إمكانية أن تستفيد الأطراف الخارجية من موارد الدول الأفريقية، ولكن في إطار مبدأ الكل كاسب.
السيناريو الثاني:
أن تفشل الدولة الأفريقية في مسعى الاستجابة لتحدياتها الداخلية، وتدخل معترك التنافس الدولي بظهر مكشوف لمصلحة روسيا، والصين والولايات المتحدة، بعيداً عن المسار الانعزالي والشعبوي الذي يمكن أن يسلكه الرئيس الأميركي الجديد كصانع للسياسة الخارجية، بمعنى أن تبقى واشنطن منخرطة في عملية التنافس الدولي.
وفي هذه الحالة ربما تحوّلت القارة لساحة لتصفية الحسابات بين القوى الثلاث، وفي حال حدوث هذا السيناريو فإن الكلفة الأمنية ستكون باهظة على الأفارقة.
السيناريو الثالث:
أن تفشل الدولة الأفريقية في الاستجابة للتحديَين المطروحين، وتدخل في لعبة توازنات دولية غير متكافئة، تكون المحصلة فيها مزيداً من الاستنزاف الخارجي لمواردها، واتساع نطاق الاختراق الخارجي المرتكز على استغلال هشاشة الدولة، وتوظيف العملاء الداخليين من النخب الأفريقية؛ لخدمة مصالح أطراف خارجية يأتي على رأسها الصين، وروسيا.
وبروز هاتين القوتين كلاعب رئيسي في هذا السيناريو يعتمد على انكفاء واشنطن على نفسها في ظل الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب وشعاراته الشعبوية القائمة على مبدأ الانعزال والانكفاء الداخلي.
ولعل هذا السيناريو هو الأقرب للحدوث من منظور تحليلي دون استبعاد إمكانية حدوث السيناريوهات الأخرى.
البرلمان الإثيوبي يوافق على قرار يسمح للبنوك الأجنبية بدخول القطاع المالي
بعد سنوات من الانتظار والترقب، أقر البرلمان الإثيوبي أخيراً إعلاناً مصرفياً طال انتظاره، يفتح المجال أمام البنوك الأجنبية للدخول إلى القطاع المالي في البلاد. ويتيح هذا القرار للبنوك الأجنبية إمكانية الدخول إلى السوق الإثيوبية عبر إنشاء شركات تابعة أو فتح فروع أو مكاتب تمثيلية، بالإضافة إلى إمكانية الاستحواذ على حصص في البنوك المحلية القائمة.
لكن، يتضمن القرار بعض القيود، حيث يحدد سقف ملكية المستثمرين الأجانب الاستراتيجيين في البنوك المحلية بنسبة 40% كحد أقصى، بينما يسمح للمستثمرين الأجانب غير الاستراتيجيين بامتلاك حصة إضافية تتراوح بين 7% و10% من الأسهم.
وفي إطار هذا التحول، كانت الحكومة الإثيوبية قد أعلنت في يونيو 2023 عن خططها لإصدار ما يصل إلى خمسة تراخيص مصرفية للبنوك الأجنبية على مدى خمس سنوات، وذلك في إطار استراتيجية لتشجيع المنافسة الأجنبية في قطاع الخدمات المالية. (أفروبوليسي)
غرب أفريقيا تطلق مشروع طريق سريع يربط ساحل العاج بنيجيريا
تستعد دول غرب أفريقيا للبدء في تنفيذ مشروع طريق سريع طموح يمتد بطول 1028 كيلومتراً، يربط مدينة أبيدجان الرئيسية في ساحل العاج، مروراً بغانا وتوجو وبنين، وصولاً إلى لاجوس، أكبر مدينة في نيجيريا. وكان قد تم الموافقة على خطة بناء هذا الممر الحديث للنقل على طول ساحل غرب أفريقيا قبل نحو ثماني سنوات.
ويهدف المشروع إلى بناء طريق سريع يتكون من أربعة إلى ست مسارات، ومن المتوقع أن يخلق حوالي 70,000 فرصة عمل. كما يُتوقع أن يتم الانتهاء من المشروع بحلول عام 2030. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن الخطة الاستحواذ على أراضٍ واسعة على طول الطريق لتسهيل إنشاء خط سكة حديد جديد مستقبلاً، يربط بين مدن الموانئ الكبرى الواقعة على ساحل خليج غينيا. على الرغم من وجود خطوط للسكك الحديدية في الداخل، فإن الساحل يفتقر إلى شبكة سكة حديدية.
سيربط الطريق السريع المقترح العديد من أكبر مدن غرب أفريقيا، بما في ذلك الموانئ الرئيسية التي تعد محوراً حيوياً لتدفق التجارة بين هذه الدول ومنطقة البحر الأبيض المتوسط. (أفروبوليسي)
تحليل لـ “أفروبوليسي”.. إعلان أنقرة ومسار العلاقات الصومالية الأثيوبية
يعتبر الإعلان المعروف بـ”إعلان أنقرة” محطة مهمة في تاريخ العلاقات السياسية بين الصومال وإثيوبيا، إذ يحدد مساراً جديداً للمرحلة المقبلة بين البلدين. أكد الإعلان التزام الطرفين بمبادئ السيادة الوطنية والوحدة السياسية، مع احترام القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في علاقاتهما الثنائية. كما تناول القضايا السياسية والتنموية التي تشكل أولوية للبلدين، وأدى إلى إنهاء عام من التوتر الدبلوماسي، مما عزز دور تركيا في المنطقة وجعلها شريكاً رئيسياً في تنفيذ الاتفاقات المستقبلية، خصوصاً في منطقة القرن الإفريقي. بالإضافة إلى ذلك، اتفق البلدان على تجاوز القضايا الخلافية والتركيز على تعزيز التعاون الثنائي لتحقيق الازدهار المشترك. كما أشاد الإعلان بتضحيات الجيش الإثيوبي في الصومال ضمن إطار الاتحاد الإفريقي، مؤكداً على أهمية ضمان الوصول الآمن والمستدام إلى البحر تحت السيادة الصومالية. كما نص على تعاون وثيق بين البلدين في مجال التجارة والاقتصاد، بما يشمل العقود والاستئجار، مع تحديد مهلة قصيرة للوصول إلى اتفاقيات ثنائية يتم التوقيع عليها مع تسهيلات تركيا في المفاوضات. وأخيراً، عبر الرئيسان عن تقديرهما لدور تركيا في تسهيل هذا الاتفاق.
لماذا قبِلَت الدولتان بالتسوية بعد فترة من التوتر؟
تقبل البلدان الاتفاق لأسباب عديدة، أبرزها الحاجة إلى التركيز على التحديات الداخلية المتزايدة والظروف السياسية المعقدة. فقد أثبتت الدولتان قدرتهما على ممارسة ضغوط على بعضهما البعض خلال السنة الماضية، مما جعل القيادة تدرك أن استمرار التوتر قد يؤدي إلى آثار سلبية على استقرارها الداخلي. كما أدركت إثيوبيا خطأها في توقيع مذكرة تفاهم مع هرجيسا في يناير 2024، مما ألحق أضراراً بصورتها الدولية، ودفعها للبحث عن حل دبلوماسي. علاوة على ذلك، كانت كلا الدولتين تواجه تحديات سياسية وتنموية داخلياً، خاصة فيما يتعلق بتوحيد الجهود وتعزيز الأمن الداخلي، بالإضافة إلى الاستعداد للانتخابات الرئاسية في 2026. هذه التحديات دفعت البلدين إلى تجاوز الخلافات والتركيز على التعاون من أجل تحقيق استقرار داخلي وتنمية اقتصادية.
تقاطعات وجهات النظر بين الصومال وإثيوبيا
- النقطة الأولى: يعتقد الصوماليون أن فترة الاستعمار كانت فترة خسارة واغتراب، وينبغي عليهم التغلب على آثارها، بينما تعتبر إثيوبيا العهد الاستعماري إرثاً سياسياً ينبغي الحفاظ عليه.
- النقطة الثانية: ما كانت تقدمه إثيوبيا للصومال من دعم للأنظمة الموالية وتوفير الأسلحة في مرحلة ما بعد الانهيار، كانت تهدف إلى منع توحيد الصومال وتحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
مكاسب الأطراف في الاتفاق
يمكن اعتبار إعلان أنقرة تسوية سياسية حققتها الدولتان بفضل الوساطة التركية. حصلت الصومال على ضمان سيادتها ووحدتها الوطنية، بينما ضمنت إثيوبيا الوصول الموثوق إلى موانئ الصومال. كما أُعيدت العلاقات التجارية والاقتصادية إلى مسارها الصحيح، وحققت الدول الأخرى في المنطقة مصالحها الإستراتيجية.
الفرص والمخاطر المحيطة بالإعلان
الفرص: يعتبر الإعلان فرصة للصومال لتحقيق استقرار سياسي داخلي وعودة ثقة الدول الإقليمية مثل إيغاد. كما يفتح المجال أمام تركيا لدور دبلوماسي أكبر في المنطقة. سيؤدي هذا إلى تعزيز التعاون بين دول المنطقة بدلاً من استمرار الصراع.
المخاطر: رغم الفرص، هناك مخاطر تتمثل في احتمال عدم التزام أحد الأطراف ببنود الاتفاق، خصوصاً فيما يتعلق بالمفاوضات الفنية أو بنود الوصول إلى الموانئ. كما أن هناك احتمالية لتصرفات غير منسقة قد تؤثر على التوازن في العلاقات بين الدولتين.
خاتمة
يُعد “إعلان أنقرة” نقطة تحول رئيسية في العلاقات بين الصومال وإثيوبيا. تضمن الإعلان توازناً بين المصالح السياسية والتنموية للبلدين، وهو ما ساعد في تحقيق التسوية. لكن التحدي يبقى في تنفيذ هذه البنود على الأرض، حيث يعتمد النجاح على التزام الأطراف بكل تفاصيل الاتفاق. (أفروبوليسي)
متابعات دولية
إسرائيل توقع اتفاقية لبيع أنظمة الدفاع الجوية إلى سلوفاكيا
وقعت إسرائيل وسلوفاكيا اتفاقية لبيع أنظمة الدفاع الجوي Barak MX، حيث أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن توقيع “اتفاق تاريخي” مع سلوفاكيا، معتبرةً أنه يشكل “مرحلة فارقة” في التعاون الدفاعي بين البلدين. وبلغت قيمة الصفقة 2 مليار شيكل (حوالي 582 مليون دولار).
وتم تصنيع أنظمة Barak MX بواسطة شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)، وهي مصممة لمواجهة تهديدات جوية متعددة تشمل الطائرات الحربية، والمروحيات، والطائرات بدون طيار، والصواريخ الموجهة، والصواريخ الباليستية التكتيكية، إلى جانب الصواريخ الموجهة من الأرض إلى الجو.
ويتمتع نظام Barak MX بقدرة على اعتراض تهديدات ضمن مدى يصل إلى 150 كيلومتراً، ويشمل النظام ثلاثة أنواع من الصواريخ الاعتراضية المخصصة للتعامل مع تهديدات ضمن مسافات 35 و70 و150 كيلومتراً.
تعتبر هذه الصفقة أكبر صفقة دفاعية تجارية بين سلوفاكيا وإسرائيل حتى الآن، ويُتوقع أن تعزز التعاون العسكري بين البلدين في المستقبل. (يني شفق)
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.