نحن والعالم عدد 27 نوفمبر 2025

يقوم هذا التقرير، الصادر عن المعهد المصري للدراسات، على رصد عدد من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على المشهد المصري والعربي والإقليمي، في الفترة من 21 نوفمبر 2025 إلى 27 نوفمبر 2025.
تشهد الساحة الدولية أسبوعاً متسارعاً من التحولات العميقة، إذ تعيد الولايات المتحدة رسم قواعد الاشتباك السياسي والأمني، سواء عبر قرارات تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية، أو عبر الدفع بخطط سلام كبرى في أوكرانيا وغزة، ومحاولة ضبط توازنات علاقاتها مع روسيا والصين.
وتتزامن هذه التحركات مع تصعيد عسكري مستمر في محيط فنزويلا، واستثمارات استراتيجية هائلة في الذكاء الاصطناعي والطاقة والمعادن، ما يعكس انتقال واشنطن إلى مرحلة جديدة من “القوة الصلبة والتكنولوجية” في سياستها الخارجية، وسط مخاوف من انفجار فقعة مالية، على غرار فقاعة الدوت كوم في بداية الألفية، إذا ما انهارت أسعار شركات التكنولوجيا.
وفي الشرق الأوسط، تتوالى القرارات الحساسة التي تعيد توزيع موازين القوى من غزة إلى الرياض، وتقاوم قوى شعبية سورية اختراقات إسرائيلية في بيت جن وتوقع بها إصابات بالغة في تطور لافت، كما تتصاعد الاضطرابات ذات الطبيعة الطائفية في سوريا، وتتزايد الدعاوى للمزيد من التقارب بين تركيا ومعسكر خليفة حفتر في ليبيا، بينما تواصل العواصم الأفريقية اختبار توازناتها الداخلية، في ظل انقلاب عسكري في غينيا بيساو، وانفلات أمني في نيجيريا، وتأثيرات التكنولوجيا على الحوكمة كما في غانا.
وبينما تشتد ضغوط الحرب والاقتصاد والانتخابات، يبدو العالم اليوم على حافة إعادة تشكيل شاملة لخرائط النفوذ، تتداخل فيها الدبلوماسية القسرية مع المبادرات التقنية والعسكرية. وفي خلفية هذا المشهد المضطرب، يبقى السؤال الأبرز: هل تقود هذه التحركات إلى استقرار نظام عالمي جديد، أم إلى جولات صراع أشدّ تعقيداً؟
أمريكا
تشهد الولايات المتحدة لحظة سياسية وأمنية مضطربة؛ إذ أصدر الرئيس دونالد ترامب أمراً تنفيذياً غير مسبوق لتصنيف فروع من جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية، في خطوة تفتح باب صدامات قانونية ودبلوماسية واسعة، تزامناً مع تحركات عسكرية في فنزويلا وضغوط متصاعدة على مادورو.
وفي الخلفية، تتحرك واشنطن بقوة على عدة جبهات: مفاوضات سرية مع روسيا حول خطة سلام معدّلة لأوكرانيا، واتفاقيات استراتيجية مع السعودية تشمل المعادن الحرجة والطاقة النووية، إلى جانب تمرير قرار دولي بشأن غزة يمهّد لنشر قوة متعددة الجنسيات.
داخلياً، تهتز الساحة الأمريكية بين فقاعة عملاقة يقودها قطاع الذكاء الاصطناعي وتحذيرات من انهيار مالي، واستقالات وانقسامات تهدد تماسك الحزب الجمهوري. وبين انشغال واشنطن بتشكيل نظام عالمي جديد، يبدو العالم أمام مرحلة تعيد فيها الولايات المتحدة رسم خرائط الأمن، الطاقة، والتكنولوجيا على نطاق غير مسبوق.
الرئيس الأمريكي يصدر أمراً تنفيذياً لتصنيف فروع من جماعة الإخوان المسلمين كـ”منظمات إرهابية أجنبية”
وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً جديداً يبدأ بموجبه مسار تصنيف عدد من فروع جماعة الإخوان المسلمين كـ “منظمات إرهابية أجنبية” و”إرهابيين عالميين مصنفين بشكل خاص”، في خطوة تمثل تصعيداً سياسياً وقانونياً واسع الأثر تجاه التنظيم الذي ينشط في عدة دول عربية وإسلامية.
جاء الإعلان في بيان صادر عن البيت الأبيض، أكد أن هذه الخطوة تهدف إلى مواجهة الشبكة العابرة للحدود للإخوان المسلمين، والتي قال إنها تساهم في تمويل الإرهاب وتغذية حملات زعزعة الاستقرار ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط.
تفاصيل القرار التنفيذي
وفق البيان الرسمي، يمنح القرار الجديد السلطات الفيدرالية القدرة على:
- استهداف أموال الفروع المصنفة داخل الولايات المتحدة.
- جمع معلومات استخباراتية عسكرية عنها.
- مقاضاة الأفراد الذين يقدّمون “دعماً مادياً” لفروع التنظيم المصنّفة إرهابياً.
ويدعو القرار كلاً من وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخزانة سكوت بيسنت إلى تقديم توصيات خلال 45 يوماً بشأن الفروع التي سيجري تصنيفها رسمياً.
ووفق ورقة “وقائع” أصدرها البيت الأبيض، تشمل القائمة المبدئية الفروع العاملة في لبنان، ومصر، والأردن، مع الإشارة إلى روابط بين الإخوان المسلمين في الأردن وحركة حماس.
خلفية سياسية: ترامب يعيد الملف بعد فشل محاولات 2017–2020
كانت إدارة ترامب خلال ولايته الأولى قد درست إدراج الجماعة على لائحة الإرهاب بعد لقاء جمعه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017، إلا أن الأمر لم يكتمل حينها.
ويختلف القرار الجديد عن محاولات الإدارة السابقة، إذ يركز على تصنيف فروع محدّدة بدل التنظيم الكامل، باعتبار أن الإخوان المسلمين لا يمتلكون هيكلاً تنظيمياً دولياً موحّداً رغم اشتراكهم في الأسس الفكرية.
حتى لحظة صدور التقرير، لم يصدر أي تعليق رسمي عن ممثلي جماعة الإخوان المسلمين بشأن القرار.
خلفية مهمة: تكساس سبقت الإدارة الفيدرالية بأسبوع
تأتي خطوة البيت الأبيض بعد أسبوع فقط من إصدار حاكم تكساس غريغ أبوت قراراً وصفته الولاية بأنه “الأول من نوعه”، حيث أعلن تصنيف:
- جماعة الإخوان المسلمين
- ومجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية (CAIR)
كـ “منظمات إرهابية أجنبية” و”منظمات إجرامية عابرة للحدود”.
وقال أبوت في بيانه إن الإخوان وCAIR يسعيان – بحسب تعبيره – إلى فرض الشريعة بالقوة و”إقامة سيادة الإسلام على العالم”، مضيفاً أن الولاية لن تسمح لهما بـ “شراء أو امتلاك أي أرض داخل تكساس”.
قرار أبوت أثار جدلاً واسعاً داخل الولايات المتحدة، خاصة أن CAIR تُعد واحدة من أكبر منظمات الحقوق المدنية الإسلامية في البلاد.
تقاطعات سياسية وتشريعية
تزامن القرار الفيدرالي مع تحركات في الكونجرس، حيث قدّم مشرّعون من الحزبين – أبرزهم السيناتور تيد كروز والنائب جاريد موسكوفيتز – مشروع قانون خلال الصيف يهدف إلى وضع إطار قانوني رسمي لتصنيف فروع الإخوان كمنظمات إرهابية.
ويُتوقَّع أن يفتح القرار التنفيذي الباب أمام:
- نقاشات قانونية حول مدى سلطة الحكومة الفيدرالية في التصنيف الجزئي للتنظيمات العابرة للحدود.
- توترات محتملة مع دول في الشرق الأوسط يتفاوت موقفها من الإخوان بين الحظر والدعم غير المباشر.
- اختبارات دبلوماسية مع حكومات تعتبر وجود الإخوان جزءاً من المشهد السياسي لديها.
نص القرار:
المادة 1 – الغرض من القرار
البيت الأبيض يعلن أن الهدف من القرار هو:
- إطلاق عملية قانونية لإدراج فروع أو تقسيمات من جماعة الإخوان على لوائح الإرهاب الاتحادية.
- تطبيق التصنيف وفق:
- المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية (8 U.S.C. 1189).
- قانون IEEPA للسلطات الاقتصادية الطارئة (50 U.S.C. 1702).
- الأمر التنفيذي 13224 الخاص بتجميد أصول الجهات الداعمة للإرهاب.
مبررات القرار وفق الإدارة الأمريكية:
- الإخوان تطورت منذ تأسيسها عام 1928 إلى شبكة عابرة للحدود.
- تتهم واشنطن فروع الجماعة في لبنان والأردن ومصر بأنّها:
- تشارك أو تُسهّل أعمال عنف.
- تدعم حملات لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
- تشكّل تهديداً لمواطني الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين.
وتستشهد الإدارة بهجمات 7 أكتوبر 2023، مشيرة إلى:
- انضمام “الجناح العسكري لفرع الإخوان في لبنان” إلى حماس وحزب الله في هجمات صاروخية ضد إسرائيل.
- دعوات علنية من قيادي في فرع الجماعة بمصر لاستهداف شركاء واشنطن.
- دعم مادي مستمر من فروع الإخوان في الأردن لحماس.
المادة 2 – السياسة العامة
تتبنى الولايات المتحدة سياسة تقوم على:
- التعاون مع حلفائها الإقليميين لمواجهة قدرات فروع الإخوان التي تُصنَّف كمنظمات إرهابية.
- حرمان هذه الفروع من الموارد المالية واللوجستية.
- منع أي تهديد محتمل لمواطني الولايات المتحدة أو مصالحها الأمنية.
المادة 3 – آليات التنفيذ
- خلال 30 يوماً
يُطلب من:
- وزير الخارجية
- وزير الخزانة
وبالتشاور مع: - المدعي العام
- مدير الاستخبارات الوطنية
تقديم تقرير مشترك للرئيس يتضمن توصيات بشأن فروع الإخوان في:
- لبنان
- الأردن
- مصر
وغيرها
وتحديد ما إذا كانت تنطبق عليها شروط التصنيف الإرهابي.
- خلال 45 يوماً بعد التقرير
على وزيري الخارجية أو الخزانة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإدراج الفروع المحددة ضمن:
- قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO).
- قائمة الإرهابيين العالميين المُحدّدين بصفة خاصة (SDGT).
المادة 4 – أحكام عامة
- القرار لا يقيّد صلاحيات أي وزارة أو وكالة اتحادية أخرى.
- يُنفَّذ ضمن حدود القوانين السارية والاعتمادات المالية المتاحة.
- لا ينشئ القرار أي حق قانوني يمكن لأي طرف استخدامه ضد الحكومة الأمريكية.
- تتحمل وزارة الخارجية تكاليف نشر القرار رسمياً.
تحليل المعهد المصري:
لا تعد هذه المحاولة الأولى على المستوى الرسمي الأمريكي، بل سبقتها عدة محاولات فاشلة، أهمها كانت في بداية ولاية ترامب الأولى، ولم تنجح أيضاً لنفس الأسباب التي فصلتها دراسة مهمة صدرت في حينه عن المعهد المصري للدراسات (في الشهور الأولى من العام 2017)، لاعتبارات قانونية وسياسية وعملية.
إلا أن الخطوات المتتابعة الراهنة بين واشنطن وتكساس خلال أسبوع واحد فقط تشير إلى أن ملف الإخوان المسلمين عاد مجدداً إلى قلب المواجهة السياسية الأمريكية، ولكن هذه المرة بمنطق مختلف واستراتيجية أكثر تنظيماً، وفي ظروف مواتية بشكل أكبر مما شهده العقد الماضي. فالقرار التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يبدأ عملية تصنيف فروع محددة من الإخوان كـ”منظمات إرهابية أجنبية”، ليس مجرد إجراء قانوني؛ بل هو إعلان إعادة تموضع استراتيجي للولايات المتحدة في التعامل مع الإسلام السياسي في المنطقة.
وبينما يشدد البيت الأبيض على أن الخطوة تستهدف “شبكات عابرة للحدود تغذي الإرهاب وزعزعة الاستقرار”، فإنّ الدلالات الأعمق تتجاوز التنظيم نفسه لتلامس توازنات إقليمية ودولية واسعة.
تظهر التداعيات الإقليمية للقرار بوضوح في كونه ليس خطوة تقنية بحتة، بل جزءاً من إعادة تشكيل خريطة النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، إذ يُتوقع أن يعزّز اصطفاف واشنطن بشكل أكبر مع الدول التي تتبنى موقفاً صارماً تجاه الإخوان، كما سيشكّل التصنيف ضربة غير مباشرة لحماس والمقاومة الفلسطينية عبر المزيد من التضييق على التمويل والغطاء التنظيمي الإقليمي، ويشكل ضغوطاً أكبر على الدول الأقرب للمقاومة مثل قطر وتركيا، ما قد يقلل من فعاليتها في إحداث توازن مع القوى الأخرى في المنطقة في هذا المجال.
داخلياً، سيدخل القرار الولايات المتحدة في حالة اشتباك قانوني وثقافي، مع تشديد الرقابة على المؤسسات المرتبطة فكرياً أو اجتماعياً بالإخوان، واحتمال تصاعد المواجهة مع منظمات حقوقية، يتنامى نفوذها السياسي بشكل كبير، تعتبر الخطوة استهدافاً للمسلمين، بينما يحظى القرار بدعم قوي من القاعدة اليمينية وجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل والدوائر الأمنية.
يبدو الآن الوقت أكثر ملاءمة من جانب الولايات المتحدة للمضي قدما بخطوة التصنيف لعدة أسباب، منها أن حركة الإخوان ليست على نفس القدر من التماسك الذي كانت عليه في العام 2017 أو ما قبله عندما بدأت محاولات التصنيف، فهي تمر بحالة ضعف وانقسام وتراجع سياسي وتنظيمي وإعلامي، وبالتالي لا يبدو أنها ستكون بنفس القدر من الفعالية في مواجهة هكذا قرار، قانونياً وإعلامياً وسياسياً. تزداد أيضا حدة إحكام الخناق على الجماعة على المستوى الإقليمي، فضلاً عن تأثر حركة حماس كثيراً بسبب تداعيات معركة طوفان الأقصى، وذلك مقارنة بالوضع قبل اندلاع المعركة.
إسرائيل أيضاً تشعر أنها في مزاج توسعي كبير على المستوى الإقليمي بعد الخسائر التي لحقت “بمحور المقاومة”، وهي بكل تأكيد ترى في الإسلاميين عائقاً أمام تحقيق أحلامها التوسعية، سواءً الإخوان أو غيرهم، ممن يستطيع تقديم مشروع إسلامي منظم يقدم رؤية بديلة للمشروع الغربي الصهيوني، وله إمكانية تكوين قاعدة شعبية واسعة، لذلك تضغط لإضعاف تأثيرهم بقوة.
تصاعد الرفض الشعبي في الداخل الأمريكي للممارسات الإسرائيلية في غزة، وتزايد نفوذ الحركات الرافضة للعلاقات الأمريكية مع الكيان، والتي تجلت مؤخرا في القدرة على رفع زهران ممداني لمقعد عمدة نيويورك رغم انتقاداته الحادة لإسرائيل، ما يؤشر لبوادر ضعف للنفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة، كل ذلك يدفع اللوبي الصهيوني في أمريكا للضغط على أية قوة إسلامية منظمة للحد من تأثيرها، وهو ما يمكن أن يتحقق جزئياً باستهداف أي قوة إسلامية بحجة ارتباطها بالإخوان، بل حتى أية أصوات أمريكية غير إسلامية معارضة للممارسات الإسرائيلية باتهامها أنها تدعم أهداف “الحركات الإرهابية”.
الملاحظ هو أن الصياغة الفضفاضة التي جاء بها قرار تصنيف فروع من جماعة الإخوان المسلمين لا تبدو مجرد ثغرة تقنية أو قصوراً تشريعياً، نظراً لتهافتها القانوني، بل تمثل – على الأرجح – تصميماً مقصوداً يمنح صانعي القرار والأجهزة الأمنية الأمريكية وحلفاءها هامش حركة واسعاً لاستخدام التصنيف كأداة سياسية وأمنية متعددة الوظائف. فغياب التعريفات الدقيقة والمعايير الصارمة يخلق بيئة تسمح بضمّ طيف واسع من الأفراد والمنظمات والأنشطة الإسلامية تحت مظلة القرار، بما يتيح اتخاذ إجراءات عقابية أو تقييدية دون الحاجة إلى إثباتات مباشرة أو سوابق واضحة، ما يستنفذ وقت وجهد وموارد هؤلاء في معارك قانونية وإعلامية تستهدف إبراء ساحتهم، وهو ما سيؤثر أيضاً على ما يقومون به من أعمال قد لا تسعد صانع القرار الأمريكي وحلفاؤه. الأثر المباشر لهذا الأمر هو تحجيم قدرة أي مجتمع إسلامي مدني يقوم بأنشطة ليست سياسية بالضرورة، لكن أنشطة اجتماعية ودعوية وإغاثية، يمكن تطويرها لتكون مشروعا متكاملا ومواجها للمشروع الاستعماري المضاد.
وبذلك يتحول التصنيف إلى آلية ضغط إستراتيجية يمكن توظيفها باستمرار ضد الجهات التي يُنظر إليها على أنها غير منسجمة مع المصالح الأمريكية أو مصالح حلفائها الإقليميين.
التحليل السابق مؤداه أن عملية التصنيف الراهنة في النهاية لا تستهدف الإخوان كتنظيم بشكل خاص عن طريق خطوات فضفاضة ليس لها أساس قانوني متماسك، ولكن تستهدف الصعود الإسلامي في المنطقة وفي العالم بشكل متكامل.
تحليل أمريكي يكشف ملامح التسوية المحتملة لإنهاء حرب أوكرانيا
نشر الباحث الأمريكي المعروف جورج فريدمان تحليلاً جديداً حول خطة السلام المكوّنة من 28 بنداً التي اقترحتها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، معتبراً أن التسوية باتت الطريق الوحيد الممكن، بعد أن أثبتت الحرب استحالة حسمها عسكرياً لأي من الطرفين.
وبحسب التحليل، فإن روسيا غير قادرة على احتلال أوكرانيا، كما أن كييف عاجزة عن طرد القوات الروسية بالكامل، ما يجعل التسوية خياراً لا مفر منه. وتشير الخطة إلى السماح لروسيا بالاحتفاظ بلوجانسك ودونيتسك (كامل إقليم الدونباس)، في مقابل حصول أوكرانيا على ضمانات أمنية تضاهي حماية الناتو دون عضوية رسمية.
ويؤكد فريدمان أن البند الأبرز في الخطة هو اعتبار أي هجوم روسي مستقبلي على أوكرانيا بمثابة “هجوم على الغرب ككل”، وهو ما قد يشكّل رادعاً فعالاً رغم غياب التأكيدات حول الالتزام به.
وتقترح الخطة أيضاً تحييد أوكرانيا وإنشاء منطقة عازلة بين موسكو والناتو، مع السماح لأوكرانيا بالحفاظ على جيش قوي يصل إلى 600 ألف جندي، ما يبقيها دولة محايدة لكن قادرة على الدفاع عن نفسها.
أما البند الثالث عشر فيدعو إلى إعادة دمج روسيا تدريجياً في الاقتصاد العالمي وإقامة تعاون اقتصادي طويل المدى مع الولايات المتحدة، وهو ما يراه فريدمان مفتاحاً لاستقرار المنطقة مستقبلاً.
ويشير التحليل إلى أن الاعتراف بالقرم ولوجانسك ودونيتسك كأراضٍ روسية يمثّل خسارة لأوكرانيا، لكنه يضيف أن استعادتها كانت شبه مستحيلة من دون تدخل عسكري واسع من الناتو.
وفي الخلفية، يبرز عامل الصين، حيث يرى فريدمان أن كلاً من واشنطن وبكين تدرس إمكانية التوصل إلى تفاهمات استراتيجية، ما يجعل أي تقارب محتمل بين الولايات المتحدة وروسيا عاملاً سلبياً للصين، والعكس صحيح.
ويختتم التحليل بالتأكيد على أن كل بند من بنود الخطة يمثل “نقطة فشل محتملة”، لكن المخاطر المتزايدة لاستمرار الحرب تجعل من التوصل إلى اتفاق — حتى لو كان هشاً — السيناريو الأقرب للتحقق.
تضيف قراءة أرنو بيرتران بعداً بالغ الأهمية إلى تحليل خطة النقاط الـ28 التي ناقشها جورج فريدمان. فإلى جانب كون الخطة محاولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، يشير بيرتران إلى أن الخطة تكشف — بشكل غير مسبوق — عن شرخ عميق بين الولايات المتحدة وأوروبا قد يرتقي إلى مستوى الصدام الاستراتيجي. (انظر)
فبحسب بيرتران، فإن البنود المتعلقة بأوروبا في الخطة الأمريكية لا تُقرأ كاقتراحات بين حلفاء، بل كشروط تُفرض على طرف مهزوم، إذ يتعامل المقترح الأمريكي مع أوروبا باعتبارها متلقّياً سلبياً لأي ترتيبات أمنية جديدة، بينما تتولى واشنطن وموسكو دور “المشرفيْن الأمنييْن” على مستقبل القارة دون مشاركة الأوروبيين أنفسهم.
ويشير بيرتران إلى تجربة فكرية أجراها بنفسه: فقد أخفى أسماء الدول من الخطة الأمريكية والمقترح الأوروبي المضاد، ثم عرض الوثيقتين على نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة، وطلب منها تحليل طبيعة العلاقة بين الجهتين اللتين صاغتا هذين النصين. وكانت الإجابات ـ كما يقول ـ “واضحة بشكل مذهل”:
“العلاقة أقرب لعلاقة طرف مُهيمن يفرض شروطه على طرف ضعيف، لا علاقة شركاء في منظومة أمنية واحدة”.
كما يُبرز بيرتران الفارق البنيوي بين المقترحين:
فالخطة الأمريكية صفقة مكتملة تمنح روسيا بعض ما تريده مقابل أن تحصل الولايات المتحدة على ما يناسب مصالحها الاستراتيجية.
أما “الخطة الأوروبية المضادة” فهي ليست صفقة، بل “قائمة اعتراضات” لا تضيف قيمة لأي طرف في المفاوضات، ولا أحد طلبها أصلاً.
ويرى بيرتران — كما نرى واضحاً في الوضع الأوروبي الحالي — أن أوروبا لا تمتلك أدوات ضغط حقيقية:
لا سيادة عسكرية مستقلة، ولا بنية طاقة مستقلة، ولا منظومة مالية أو تكنولوجية تتحرر من الاعتماد الأمريكي.
وهو ما يجعله يصف الوضع الأوروبي بأنه أشبه بما أسماه الوزير الفرنسي الأسبق أوبير فيدرين: “أوروبا تعيش في عالم الدببة اللطيفة… بينما العالم الحقيقي هو حديقة الديناصورات”.
وفي هذه الحديقة، يقول بيرتران بمرارة، أوروبا ليست ديناصوراً كبيراً، ولا حتى مفترساً.
إنها “الماعز المربوطة إلى السارية”.
تتضافر هذه القراءة مع التحليل الذي قدمه فريدمان وكذلك مع خط المكالمة الاستثنائية بين الرئيس الصيني شي وترامب، لتكشف أن النظام الدولي يدخل مرحلة جديدة تتجه فيها: (انظر)
- الولايات المتحدة نحو إدارة أمن أوروبا بمعزل عن أوروبا نفسها،
- وروسيا تبحث عن صفقة تنقذ ماء وجهها وتأخذ في نفس الوقت مكاسب كانت تستهدفها،
- والصين تعيد تشكيل سردية علاقتها مع واشنطن على أساس “حلفاء 1945”، والتي كانت اليابان فيها في الطرف المقابل،
- بينما تقف أوروبا عاجزة عن صياغة أي بديل.
يبدو جلياً أن الولايات المتحدة تحاول صياغة ملامح النظام العالمي الجديد، عن طريق توازن علاقتها مع الأقطاب الرئيسية الأخرى، الصين وروسيا، وذلك على حساب حلفائها التقليديين في أوروبا واليابان.
واشنطن أجرت اجتماعاً سرياً مع وفد روسي في أبوظبي لبحث خطة السلام في أوكرانيا
كشفت مصادر أمريكية أن وزير جيش الولايات المتحدة دان دريسكول عقد اجتماعاً سرياً مع وفد روسي في العاصمة الإماراتية أبوظبي، في خطوة تأتي ضمن تحركات أمريكية متسارعة لإحياء مسار السلام المتعثر بين موسكو وكييف. ويأتي هذا اللقاء بعد محادثات مطوّلة جرت نهاية الأسبوع الماضي في جنيف بين وفد أمريكي وآخر أوكراني، في محاولة لدفع العملية السياسية إلى الأمام.
وقالت مصادر مطلعة لقناة ABC News إن دريسكول سيجتمع مرة أخرى مع الوفد الروسي يوم الثلاثاء، دون أن تُعرف هوية المسؤولين الروس المشاركين. ويُعد هذا اللقاء أول تواصل مباشر بين واشنطن وموسكو بعد جولة جنيف، في مؤشر واضح إلى أن المبادرة الأمريكية الجديدة لإعادة تشغيل مفاوضات السلام بدأت تتحرك فعلياً على الأرض.
وكان الوفد الأمريكي في جنيف قد ترأسه وزير الخارجية ماركو روبيو، إلى جانب المبعوث الخاص ستيف ويتكوف ووزير الجيش دريسكول. وقدّمت الولايات المتحدة خلال تلك الاجتماعات خطة سلام من 28 بنداً، قبل أن يُعاد صياغتها لتصبح 19 بنداً فقط، بعد إزالة بنود تتعلق بمنح عفو عن الجرائم المرتكبة خلال الحرب، وكذلك إلغاء شرط يحد من حجم القوات المسلحة الأوكرانية مستقبلاً.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكد في خطاب مساء الاثنين 24 نوفمبر أن الخطة المعدّلة “ما زالت تحتاج إلى مزيد من العمل”، في أول رد رسمي على التغييرات الأخيرة التي أجرتها واشنطن على مقترحها. وفي المقابل، قالت موسكو إنها لم تتلق أي تفاصيل حول ما دار في جنيف أو حول التعديلات على الخطة، وهو ما دفع واشنطن إلى إرسال دريسكول إلى أبوظبي للاجتماع مباشرة مع وفد روسي لبحث نقاط الخطة المحدثة.
وبعد انتهاء محادثات جنيف، عاد الوزير روبيو إلى الولايات المتحدة، بينما انتقل دريسكول إلى الإمارات حيث عقد اللقاء السري يوم الاثنين. ويأتي تحركه بعد أسبوع من زيارته لأوكرانيا لإجراء محادثات أمنية، وهي زيارة أشارت واشنطن حينها إلى احتمال أن تفتح الباب أمام لقاءات مستقبلية مع الروس.
دور دريسكول المفاجئ في قيادة المسار الدبلوماسي يعود إلى اتفاق جرى بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جاي دي فانس قبل أسبوعين، وهو أمر غير مألوف في السياقات الدبلوماسية، إذ عادة لا يقود وزير تابع لأحد فروع الجيش مبادرة سياسية بهذا الحجم. غير أن واشنطن ترى أن إرسال شخصية عسكرية قد يساعد في بناء الثقة لدى كل من موسكو وكييف، بالنظر إلى الطبيعة الأمنية للصراع.
وقبل دخوله أوكرانيا، أجرى دريسكول مشاورات مع روبيو وويتكوف، وتوقف في ألمانيا لإجراء تحديثات مع فريقه. ورافقه في زيارته إلى أوكرانيا كبار القادة العسكريين الأمريكيين، بينهم رئيس أركان الجيش الجنرال راندي جورج وقائد القوات الأمريكية في أوروبا وأفريقيا الجنرال كريس دوناهيو. لكن هؤلاء القادة العسكريين لم يشاركوا في محادثات جنيف، كما أنهم ليسوا جزءاً من اجتماعات أبوظبي السرية.
وبينما تتكثف الدبلوماسية الأمريكية لإعادة فتح نافذة تفاوض مع روسيا، تستمر العمليات العسكرية على الأرض، حيث أعلن عمدة كييف عن سقوط قتلى وجرحى نتيجة هجوم صاروخي روسي واسع على العاصمة. وتؤكد هذه التطورات أن طريق السلام لا يزال معقداً، وأن المبادرة الأمريكية — رغم نشاطها — تواجه تحديات كبيرة على المستويين السياسي والميداني.
مجلس الأمن يقرّ قراراً أميركياً يدعم خطة ترامب لغزة ويجيز نشر قوة دولية لنزع السلاح
في خطوة اعتُبرت اختراقاً دبلوماسياً كبيراً، اعتمد مجلس الأمن الدولي مساء الاثنين قراراً أميركياً يدعم خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، ويمنح تفويضاً رسمياً لتشكيل قوة دولية تُكلَّف بتحقيق الاستقرار ونزع سلاح القطاع.
ويأتي القرار بعد شهر من موافقة إسرائيل وحركة حماس على المرحلة الأولى من الخطة المكوّنة من 20 نقطة، والتي تضمنت وقفاً لإطلاق النار وصفقة لتبادل الأسرى. ومع ذلك، ترى واشنطن أن موافقة الأمم المتحدة ضرورية لإضفاء شرعية دولية على هيئة الحكم الانتقالية الجديدة — “مجلس السلام” — وتشجيع الدول على إرسال قوات إلى غزة.
وينص القرار على تشكيل مجلس انتقالـي يشرف على إعادة إعمار غزة وتنشيط اقتصادها، كما يمنح الضوء الأخضر لقوة متعددة الجنسيات تتولى مهمة نزع السلاح الكامل وتدمير البنية العسكرية للفصائل داخل القطاع.
لكن حماس رفضت القرار بشدة، مؤكدة أنها لن تنزع سلاحها وأن معركتها ضد إسرائيل “مقاومة مشروعة”، واعتبرت أن القرار “يفرض وصاية دولية على غزة”.
من جانبه، قال السفير الأميركي مايك والتز إن القرار “يمهد الطريق لغزة خالية من الإرهاب، مزدهرة وآمنة”، معتبراً أن خطة ترامب تمنح الفلسطينيين “مساراً واقعياً لتقرير المصير”.
القرار مرّ بفضل امتناع روسيا والصين عن التصويت رغم انتقاداتهما. إذ اعتبر السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا أن المجلس “منح واشنطن تفويضاً كاملاً” دون وضوح حول آليات القوة الدولية.
ورحبت السلطة الفلسطينية بالقرار وقالت إنها مستعدة للمشاركة في تنفيذه — وهي خطوة قال دبلوماسيون إنها كانت حاسمة في منع روسيا من استخدام الفيتو.
غير أن النقطة الأكثر حساسية جاءت في الإشارة إلى “مسار نحو دولة فلسطينية”، وهو ما أثار توتراً داخل إسرائيل، حيث أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفضه القاطع لإقامة دولة فلسطينية، متعهداً بنزع سلاح غزة “بالقوة إذا لزم الأمر”.
ويُعد القرار، بحسب وصف ترامب، “لحظة تاريخية”، فيما تتجه الأنظار الآن إلى الدول التي ستقرر المشاركة في القوة الدولية الجديدة، وإلى كيفية تعامل حماس مع واقع ميداني وسياسي جديد في القطاع.
اتفاق أميركي–سعودي جديد يعيد رسم خريطة المعادن الحرجة والطاقة النووية
في تقرير تحليلي نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، كشفت الباحثة غرايسلين باسكاران عن ملامح الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والسعودية الذي اعتُبر أحد أهم تطورات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين خلال السنوات الأخيرة.
وجاء اتفاق التعاون في إطار زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، حيث ناقش مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ملفات واسعة تشمل الدفاع والطاقة والاستثمار والمعادن الحرجة.
مصفاة معادن نادرة بتمويل أميركي كامل
أحد أبرز بنود الاتفاق هو إنشاء مصفاة سعودية للمعادن الأرضية النادرة بتمويل مباشر من وزارة الحرب الأميركية مقابل حصة 49٪، بينما تمتلك شركة “معادن” السعودية الحصة الأكبر. وستوفر شركة MP Materials الخبرة التقنية.
ويأتي المشروع لتقليل اعتماد الولايات المتحدة على الصين في الحصول على المعادن النادرة الثقيلة المستخدمة في الصناعات الدفاعية بعد تكريرها مثل:
- مقاتلات F-35
- الغواصات النووية
- الصواريخ الموجهة
- أنظمة الرادار والمسيّرات.
ثروة جيولوجية سعودية ضخمة
يشير التقرير إلى أن موقع جبل صايد في السعودية يحتوي على رابع أكبر احتياطي عالمي من المعادن النادرة، مع تقديرات تتجاوز 900 ألف طن من المعادن الثقيلة والخفيفة.
قانون تعدين متطور وطاقة منخفضة التكلفة
وترى الباحثة أن السعودية مؤهلة لتصبح مركزاً عالمياً لمعالجة المعادن بحلول 2030 بفضل:
- أدنى تكلفة طاقة في العالم
- بنية تنظيمية حديثة
- قدرة على منح تراخيص التعدين خلال 6 أشهر فقط.
اتفاق نووي مدني يربط واشنطن بالرياض لعقود
كما أعلنت الرياض وواشنطن إنهاء المفاوضات حول اتفاق للتعاون النووي المدني يمهّد لعلاقة تمتد لعقود، ويجعل الشركات الأميركية الشريك المفضل للمملكة في قطاع الطاقة النووية. ويرتبط هذا الاتفاق باحتياطيات اليورانيوم الضخمة في السعودية، التي يمكن أن تلعب دوراً محورياً في الأمن النووي الأميركي.
من “نفط مقابل أمن” إلى تحالف المعادن الحرجة
يؤكد التقرير أن التحالف الأميركي–السعودي يدخل مرحلة جديدة تتجاوز النفط، حيث أصبحت المعادن النادرة، واليورانيوم، والتقنيات الاستراتيجية هي الركائز الجديدة للأمن الاقتصادي والعسكري المشترك بين البلدين.
الولايات المتحدة تحذّر الطيارين من مخاطر التحليق فوق فنزويلا بسبب “تدهور الوضع الأمني” وتصاعد النشاط العسكري
أصدرت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية FAA تحذيراً عاجلاً لجميع الطيارين بضرورة “توخي الحذر الشديد” عند الطيران في أجواء فنزويلا، مشيرة إلى أن “تدهور الوضع الأمني وارتفاع مستوى النشاط العسكري حول البلاد” قد يشكلان خطراً مباشراً على الطائرات على مختلف الارتفاعات.
وقالت الإدارة في بيانها إن تهديدات غير محددة “قد تشكل خطراً محتملاً على الطائرات في جميع الارتفاعات، وكذلك أثناء الإقلاع والهبوط وحتى على الطائرات المتوقفة على الأرض داخل فنزويلا”.
تصعيد عسكري أميركي مقابل نظام مادورو
يأتي التحذير بالتزامن مع تصعيد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للضغط على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي لا تعترف به واشنطن كزعيم شرعي وتتهمه بالضلوع في أعمال “ناركوتيرور” (الإرهاب المرتبط بالمخدرات).
وكانت القوات الأميركية قد نفذت في الأسابيع الأخيرة:
- طلعات لطائرات B-1 القاذفة الأسرع من الصوت بالقرب من السواحل الفنزويلية
- تدريبات تحاكي احتمالات شن هجمات
- إرسال حاملة الطائرات USS Gerald R. Ford إلى المنطقة برفقة عدد من المدمرات.
وتعتبر هذه الحشود الأكبر منذ عقود في منطقة البحر الكاريبي قرب فنزويلا.
عمليات أميركية ضد شبكات تهريب المخدرات
تنفّذ واشنطن أيضاً عمليات عسكرية ضد قوارب يُشتبه بنقلها المخدرات عبر الكاريبي والمحيط الهادئ. ومنذ بدء الحملة في سبتمبر، قُتل أكثر من 80 شخصاً في ضربات استهدفت تلك الزوارق، وفق مسؤولين أميركيين.
خبراء: التحذير لا يعني هجوماً وشيكاً
وقالت ماري سكيافو، المفتشة العامة السابقة في وزارة النقل الأميركية، إن مثل هذه الإشعارات تُصدرها FAA عند وجود صراعات عسكرية، لكنها حذّرت من تجاهلها رغم أنها لا تعني بالضرورة وجود هجوم وشيك.
ورفض البنتاغون التعليق على خلفيات التحذير، ووجّه الأسئلة إلى FAA، التي أكدت أن الإشعار سيبقى سارياً لمدة 90 يوماً.
ناجيات من اعتداءات جيفري إبستين يتحدثن قبيل تصويت مجلس النواب ويُوجِّهن انتقادات حادة للرئيس الأمريكي
قبل ساعات من التصويت في مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون يطالب بالإفراج الكامل عن ملفات وزارة العدل الخاصة بالمعتدي الجنسي الراحل جيفري إبستين، شاركت مجموعة من الناجيات في مؤتمر صحفي أمام مبنى الكابيتول، حيث قدّمن شهادات مؤثرة ووجّهن رسائل سياسية مباشرة، كان أبرزها انتقادات حادة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ظهرت الناجيات وهن يحملن صوراً لهن من طفولتهن وشبابهن، في محاولة لتذكير الرأي العام بحجم الانتهاكات التي تعرضن لها على يد إبستين وشريكته غيلين ماكسويل. وتقدمت الناجية هايلي روبسون للحديث أولاً، رافعة صورة لها كطفلة وهي تقول: “نحن نقاتل من أجل الأطفال”. ثم وجهت خطاباً مباشراً للرئيس ترامب، معربة عن امتنانها لوعوده بالتوقيع على مشروع القانون، لكنها عبّرت في الوقت نفسه عن شكوكها في دوافعه السياسية، مضيفة: “أنا مصدومة، لكني لست غبية”. واتهمته بأنه تسبب “بضغط هائل” على الناجيات جراء تأخير الإجراءات التي كان من المفترض أن تُنفّذ قبل خمسين يوماً، قبل أن تختم بقولها: “أنا اليوم لا أشعر بالحرية… أرجوكم اختاروا الناجيات، اختاروا الأطفال”.
كما وجهت الناجية جينا-ليزا جونز رسالة حادة لترامب، مطالبة إياه بالتوقف عن “تسييس” ملف إبستين، وقالت: “صوتُّ لك، لكن سلوكك في هذه القضية كان إحراجاً وطنياً”. أما الناجية تيريزا هيلم فأعربت عن رغبتها في حضور لحظة توقيع الرئيس على مشروع القانون، إذا ما أقره الكونغرس، مؤكدة أن جميع الناجيات يتشاركن الرغبة نفسها.
وفي لحظة مؤثرة، ظهر سكاي روبرتس، شقيق فيرجينيا جوفري — إحدى أبرز الناجيات اللواتي توفين انتحاراً هذا العام — حاملاً صورة شقيقته. تحدّث روبرتس بصوت مختنق بالدموع، مؤكداً أن شقيقته “ليست أداة سياسية”، ودعا أعضاء الكونغرس بقوة إلى التصويت لصالح القانون، قائلاً: “هذه قصص حقيقية وصدمة حقيقية… توقفوا عن الكلام وتحركوا”.
وخلال المؤتمر، أبدت ناجيات أخريات استياءً شديداً من تسييس القضية. الناجية ويندي آفِس قالت إنهن “لم يخترن أن يكن جزءاً من الحروب السياسية”، مشيرة إلى أن الناجيات يعانين من “النجاة من الصدمة ثم النجاة من السياسة التي تحيط بها”. بينما وصفت آني فارمر القضية بأنها “خيانة مؤسسية”، معتبرة أن التحقيقات غير الكافية سمحت بإلحاق المزيد من الضرر بالفتيات والنساء على مدى سنوات.
أمازون تطلق أكبر استثمار حكومي في تاريخ الذكاء الاصطناعي بقيمة 50 مليار دولار
أعلنت شركة أمازون عن خطة لاستثمار 50 مليار دولار بهدف تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة المخصصة للوكالات الحكومية الأميركية، في خطوة تُعد من أضخم التوسعات في البنية التحتية السحابية الموجهة للقطاع العام.
قدرات حوسبة تعادل استهلاك 750 ألف منزل
المشروع، الذي سيبدأ تنفيذه عام 2026، يتضمن إنشاء مراكز بيانات جديدة تضيف 1.3 غيغاواط من قدرات الذكاء الاصطناعي عبر المناطق المخصصة للسرية الحكومية في AWS، ما يعادل الطاقة الكهربائية التي تستهلكها ثلاثة أرباع مليون أسرة أميركية.
وقال مات غارمان، الرئيس التنفيذي لـAWS، إن الاستثمار الجديد “سيرفع القيود التقنية التي عطلت المؤسسات الفيدرالية لسنوات”.
11 ألف جهة حكومية تعتمد AWS
تخدم خدمات أمازون السحابية أكثر من 11 ألف وكالة حكومية، ويهدف التوسع الجديد إلى تزويد المؤسسات الفيدرالية بمجموعة أوسع من أدوات الذكاء الاصطناعي، من بينها:
- Amazon Bedrock
- Amazon SageMaker
- نماذج Amazon Nova وAnthropic Claude
وتأمل الحكومة الأميركية في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي مخصصة وتقليل التكلفة التشغيلية عبر الاستفادة من السعة السحابية المتقدمة.
سباق عالمي على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي
تأتي خطوة أمازون في ظل سباق عالمي على قيادة التكنولوجيا الناشئة، حيث تضخ شركات مثل Microsoft وOpenAI وAlphabet مليارات الدولارات في تطوير مراكز الحوسبة.
وارتفعت أسهم الشركات التكنولوجية الكبرى مع إعلان أمازون؛ إذ صعد سهم Alphabet بنسبة 4.7% مقترباً من قيمة سوقية للشركة تبلغ 4 تريليونات دولار، بينما ارتفعت Nvidia بنسبة 1.8% بعد توقعات قوية لإيراداتها الفصلية.
ويُنظر إلى هذا الاستثمار على أنه جزء من استراتيجية أميركية أوسع لتعزيز أمنها التكنولوجي، وتقليل اعتمادها على البنى التحتية الخاصة بالقطاع الخاص أو المنافسين الدوليين، خصوصاً في ظل التنافس مع الصين على ريادة الذكاء الاصطناعي.
ترامب يطلق “مهمة جينيسيس” لتسخير الذكاء الاصطناعي في عمليات كبرى
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مبادرة وطنية جديدة تهدف إلى تعبئة قدرات الذكاء الاصطناعي لدفع عجلة الاكتشافات العلمية، في خطوة وصفها البيت الأبيض بأنها “أكبر برنامج علمي منذ مشروع أبولو”.
ووقّع ترامب يوم الاثنين أمراً تنفيذياً لتأسيس برنامج “The Genesis Mission”، وهو مشروع ضخم يجمع بين إلغاء القيود التنظيمية وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بهدف خلق منصة تجريبية علمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
دمج المختبرات الوطنية في منظومة واحدة
يُلزم القرار التنفيذي وزير الطاقة كريس رايت بتوحيد العلماء والتقنيات في 17 مختبراً وطنياً أمريكياً ضمن “نظام تعاوني واحد للبحث العلمي”. وسيجري دمج الحواسيب العملاقة وقواعد البيانات الحكومية لتشكيل “منصة تجريبية مغلقة تعتمد على الذكاء الاصطناعي”.
ووفق البيت الأبيض، ستركز المبادرة على “أكبر التحديات العلمية في عصرنا”، بما في ذلك:
- الاندماج النووي
- صناعة أشباه الموصلات
- المواد الحرجة
- استكشاف الفضاء.
ووصف مستشار العلوم في البيت الأبيض مايكل كراتسيوس المهمة بأنها “نهج ثوري”، مضيفاً:
“مهمة جينيسيس تربط أفضل البيانات العلمية في العالم بأقوى نماذج الذكاء الاصطناعي الأمريكية لفتح آفاق جديدة في الطب والطاقة وعلوم المواد وغيرها”.
شركات التكنولوجيا الكبرى تنضم للمبادرة
أعلنت كل من Nvidia و Anthropic مشاركتهما رسمياً في البرنامج. ووصفت Nvidia المشروع بأنه “أعقد أداة علمية تبنيها الولايات المتحدة على الإطلاق”، حيث سيربط:
- الحواسيب العملاقة
- أنظمة الذكاء الاصطناعي
- الأجهزة الكمومية من الجيل التالي
وذلك لتعزيز الاكتشافات العلمية والأمن القومي.
ترامب يدفع نحو “معيار فيدرالي واحد” للذكاء الاصطناعي
منذ عودته إلى البيت الأبيض، جعل ترامب من تسريع تطوير الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية لسياسته الاقتصادية، داعياً الكونغرس الأسبوع الماضي لتمرير قانون يضع معياراً وطنياً موحداً للذكاء الاصطناعي.
وانتقد ترامب الولايات التي فرضت قوانين تنظيمية خاصة، معتبراً أنها تهدد “محرك النمو الجديد”. وكتب على منصة Truth Social:
“يجب أن يكون لدينا معيار فيدرالي واحد، وليس 50 نظاماً مختلفاً”.
خبراء: الخطوة تدعم “انتشار الذكاء الاصطناعي” بدل احتكاره
البروفيسور بنجامين براتون من جامعة كاليفورنيا رحّب بالمبادرة، معتبراً أن الهدف الأهم هو إتاحة التكنولوجيا للجمهور وليس جهة معينة.
وقال براتون:
“معظم محاولات الحد من الذكاء الاصطناعي في أمريكا وأوروبا تأتي من قوى اقتصادية وسياسية تخشى فقدان نفوذها… المستبعدون من الثورة التكنولوجية هم الأكثر استفادة من نشر هذه التقنية”.
فقاعة الذكاء الاصطناعي تهدد الاقتصاد الأميركي… مسار عشوائي أم مخطط ممنهج؟
أطلقت قناة Geopolitical Economy Report على يوتيوب حلقة جديدة أثارت جدلاً واسعاً، حذّر فيها الصحفي الاقتصادي الأميركي Ben Norton من أن الاقتصاد الأميركي يعيش داخل أكبر فقاعة مالية في تاريخه، تقودها موجة الاستثمار الهائلة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، والشركات العاملة عليها، وبالأخص شركة إنفيديا (Nvidia).
وأكد Norton في حلقته أن اقتصاد الولايات المتحدة كان سيدخل في حالة ركود لولا “الفقاعة الاصطناعية” التي ترفع البورصة الأميركية بشكل مبالغ فيه، مشيراً إلى أن شركة واحدة فقط تحقق أرباحاً حقيقية ومعقولة من الذكاء الاصطناعي، وهي إنفيديا، بينما جميع شركات التكنولوجيا الكبرى تخسر أموالاً طائلة رغم استثماراتها الضخمة، ما يعني أن قيمتها السوقية في البورصات مبالغ فيها.
إنفيديا… شركة تحمل البورصة على كتفيها
ووفق الحلقة، تستحوذ إنفيديا على احتكار شبه مطلق لرقاقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، ما جعلها—وللمرة الأولى في التاريخ—أكثر شركة قيمة في العالم، بقيمة سوقية تجاوزت 4 تريليونات دولار، ووصلت في بعض الأوقات إلى 5 تريليونات دولار.
لكن هذا النجاح يخفي خلفه “هشاشة خطيرة”، إذ:
- تعتمد إنفيديا على 4 عملاء فقط لتأمين 61% من إيراداتها.
- ترتفع ديون هؤلاء العملاء مع عجزهم عن الدفع نقداً.
- قفز المخزون غير المباع إلى 20 مليار دولار في عام واحد.
- شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى مثل OpenAI تخسر مليارات وتستدين لشراء الرقاقات.
تقلبات تاريخية تهزّ الأسواق
الحلقة عرضت بالأرقام كيف شهد سهم إنفيديا تقلبات وصفها Norton بـ “الجنونية”:
- صعود بقيمة 450 مليار دولار خلال ساعات بعد إعلان الأرباح.
- ثم انهيار تاريخي بقيمة 600 مليار دولار في يوم واحد.
- تبعه هبوط جماعي في أسهم التكنولوجيا، وخسارة مؤشر S&P500 تريليوني دولار في 5 ساعات.
فقاعة أكبر من 1929؟
وشبّه Norton فقاعة الذكاء الاصطناعي الحالية بفقاعة 1929 التي أدت إلى الكساد الكبير، ومن ثمّ إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية، مؤكداً أن الأسواق أصبحت “كازينو مالي ضخم” وأن مجرد ذعر بسيط بين المستثمرين قادر على محو تريليونات الدولارات في ساعات.
كما حذّر من أن دخول الصين بقوة إلى سباق الشرائح المتقدمة سيُضعف احتكار إنفيديا، ما قد يؤدي إلى انفجار الفقاعة بشكل أسرع مما يتوقعه السوق.
الانفجار قادم… لكن لا أحد يعرف متى
اختتم Norton الحلقة بالقول إن الجميع يدرك وجود الفقاعة، لكن “لا أحد يعرف متى ستنفجر”. مؤكداً أن استمرار اعتماد الاقتصاد الأميركي على شركات تخسر أموالاً من أجل دعم أسعار الأسهم يشكّل خطورة هائلة على الاقتصاد العالمي.
تعليق المعهد المصري
من غير المعقول ألا يرى المسؤولون عن شركات التكنولوجيا الصورة الواقعية لهذه الفقاعة التي من المحتم أن تنفجر، فهل تسير هذه الشركات إلى حتفها بإرادتها؟
الخبرة التاريخية للفقاعات المماثلة (وإن كانت أصغر حجما) مثل فقاعة الدوت كوم في بداية الألفية، والأزمة المالية العالمية في 2008، تُظهر أن الحكومة الأمريكية تتدخل لإنقاذ الشركات والبنوك الكبرى، وبالتالي إنقاذ الاقتصاد من الانهيار، رغم أن هذه الشركات هي في حقيقة الأمر المتسببة في الأزمة. تبقى الخسائر الحادثة في واقع الأمر على عاتق الشركات الأصغر، والأفراد وصغار المستثمرين، فضلً عن الشعب الكادح، ما يعني في نهاية المطاف إعادة توزيع الثروات لصالح الشركات الكبرى، والمؤسسات المالية الضخمة المتحكمة (راجع مثلاً وضع شركة بلاك روك العملاقة لإدارة الأصول والتي عملت مع الحكومة الأمريكية على تجاوز الأزمة في العام 2008، بينما بلغت قيمة الأصول التي تديرها حالياً أكثر من 13 تريليون دولار!).
في الحالة الراهنة حول فقاعة الذكاء الاصطناعي، فإن شركات التكنولوجيا، وكما شرحنا وأوضحنا كثيراً على مدار العامين الماضيين في دراساتنا ومداخلاتنا، تمتلك نفوذا هائلاً على الحكومة الأمريكية، بل أنها تسعى لأن تشكل القوة الرئيسية المتحكمة سياسياً في المؤسسة الأمريكية؛ ليس ذلك فقط، ولكن في توجيه مسار الأمور من خلال النظام العالمي الجديد. في ظل ذلك الأمر لا يصعب توقع سيناريو تدفع فيه المؤسسات التكنولوجية العملاقة لانفجار الفقاعة المصطنعة، يتم بعدها إعادة توزيع الثروة وتركيزها في أيديهم على غرار الأزمات المالية السابقة على مدار التاريخ، ما يعني أن هذه الفقاعة لا تسير بشكل عشوائي ولكن بشكل ممنهج في اتجاه تدشين تربع أباطرة التكنولوجيا على عرش النظام العالمي الجديد بالاستحواذ على كل مكامن الثروة والسلطة، فضلاً عن القوة التكنولوجية التي لن يكون هناك غنى عنها في إدارة كافة شئون العالم.
من هنا تظهر ضرورة متابعة هذا الأمر بالغ الأهمية لفهم ديناميكياته، والتجهز للتعامل معه لكل من يهتم أن يكون له موطئ قدم في المستقبل.
وزارة الخزانة الأميركية تُرسل لوائح CARF إلى البيت الأبيض… بداية عصر جديد للرقابة الضريبية على العملات الرقمية
في تطور يُعد من أضخم الخطوات التنظيمية في قطاع الأصول الرقمية، أرسلت وزارة الخزانة الأميركية رسمياً لوائح إطار الإبلاغ عن الأصول المشفّرة (CARF) إلى البيت الأبيض لمراجعتها، تمهيداً لاعتماد الولايات المتحدة لهذا النظام العالمي الذي طوّرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
يأتي هذا الإطار في وقت انضمت فيه نحو 90 دولة بالفعل إلى الاتفاقية، مع توقّع بدء التطبيق الكامل للقواعد الجديدة في عام 2027—وهو موعد قريب جداً في الزمن التنظيمي.
يُلزم CARF جميع الدول المشاركة بفرض معايير مشددة على منصّات تداول العملات الرقمية ومقدمي الخدمات (VASPs)، تشمل جمع بيانات مفصلة عن المستخدمين، مثل معلومات “اعرف عميلك” KYC، الإقامة الضريبية، ورقم التعريف الضريبي. كما يفرض على المنصات إرسال تقارير سنوية حول تعاملات المستخدمين إلى بلادهم الأصلية.
وبالنسبة للمواطنين الأميركيين، يعني هذا أن أي نشاط يتم على منصّات مثل Binance، Kraken، Bybit، Bitstamp، OKX أو أي منصة تعمل داخل دولة موقّعة على CARF سيُرسل مباشرة إلى دائرة الضرائب الأميركية (IRS) بشكل تلقائي.
يُنظر إلى CARF باعتباره النسخة “الكريبتوية” من معيار الإبلاغ المصرفي العالمي CRS الذي تطبقه معظم دول العالم. ورغم أن الولايات المتحدة لم تنضم سابقاً إلى CRS، مفضّلةً تشريع FATCA الخاص بها، إلا أنها الآن تقترب من الانضمام لأول مرة إلى نظام دولي مشابه—ولكن في مجال العملات الرقمية.
وبحسب مشروع القواعد، ستُبلغ المنصات عن جميع أنواع المعاملات: البيع، والمقايضة، والتحويلات، بما يشمل الإبلاغ عن عنوان المحفظة المرسِلة أو المستلمة. وهو مستوى غير مسبوق من الشفافية.
الفارق الجوهري هو أن الإخطارات الجديدة لن تُرسل للمستخدم كما يحدث مع نماذج 1099-DA الأميركية، بل ستذهب مباشرة وبشكل صامت إلى IRS. ما يمنح السلطات الضريبية قدرة هائلة على مطابقة البيانات—محلية ودولية—باستخدام أدوات تحليل متقدمة مثل Palantir، لتحديد المخالفات بدقة.
تشير التوقعات إلى أن هذه الخطوة ستمهد لموجة تدقيقات ضريبية واسعة، مع انتهاء عصر “إخفاء” أو تجاهل النشاطات الرقمية خارج الولايات المتحدة. ويُنظر إلى CARF كآلية عالمية قد تغيّر شكل الامتثال الضريبي في سوق العملات الرقمية خلال السنوات المقبلة.
تعليق المعهد المصري
يعتبر هذا التطور خطوة بالغة الأهمية على طريق التحكم الأمريكي في المعاملات المالية على مستوى العالم، فبينما تتيح اللوائح الحالية متابعة، ومنع إذا لزم الأمر، التحويلات البنكية المالية باستخدام الدولار على مستوى العالم، يمكن باللوائح الجديدة المراقبة والتحكم في التعاملات التي تستخدم العملات الرقمية، والتي ينتظر أن تكون أوسع انتشاراً في المستقبل المنظور.
يبدو الاتجاه العالمي، في إطار النظام العالمي الجديد الذي يجري حثيثاً الإعداد له، والذي يلعب فيه عمالقة التكنولوجيا الدور الرئيس، إلى الاستبدال التدريجي للتعامل بالعملات (الفيات) المعتادة، إلى تعاملات رقمية كاملة باستخدام العملات المشفرة، وخاصة ما يطلق عليه “العملات المستقرة – Stablecoins” بحيث تكون كافة التعاملات المالية حول العالم تحت السيطرة، وتتلافى مع الوقت الحاجة لاستخدام النقدية Cash، ما يقيد حرية الأفراد في إجراء تعاملاتهم المالية كما يشاءون. الأخطر من ذلك أن كافة بيانات المتعاملين، بما فيها البيانات البيومترية لتحقيق الشخصية، قد تكون تحت إمرة جهات نافذة في النظام الجديد، وأهمها بالانتير Palantir، ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى التمكين التام “لدولة المراقبة – Surveillance State”، الأمر الذي تحدثنا عنه في دراساتنا كثيرا خلال العامين الماضيين.
العالم الآن يمر بتحولات ضخمة، والإجراءات الجديدة تشي بجدية تمكين النظام الجديد في فترة قد لا تتعدى العام الواحد من الآن!
استقالة نائبة أميركية تشعل الانقسامات داخل الحزب الجمهوري وتُنذر بموجة مغادرات جديدة
أحدثت استقالة النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين هزة سياسية قوية داخل واشنطن، بعدما لم تكتفِ بمغادرة الكونغرس بعد استقالتها منه، بل وجّهت ما يشبه “الإنذار الأخير” للحزب الجمهوري وللرئيس دونالد ترامب في ولايته الثانية.
فجرين، المعروفة بمواقفها الحادة، شنّت في رسالة استقالة من أربع صفحات هجوماً مباشراً على ما وصفته بـ“خداع القيادة الجمهورية للناخبين”، متهمة رئيس مجلس النواب مايك جونسون والمجمّع السياسي في واشنطن بخدمة النخب على حساب المواطنين الأميركيين.
استقالة تُنذر بالتمرد داخل الحزب
إعلان جرين أعاد إشعال التكهنات حول احتمال مغادرة المزيد من النواب الجمهوريين الذين يعانون—بحسب تصريحات مسرّبة—من تهميش دورهم داخل الكونغرس. ويقول محللون إن الحزب يقف الآن أمام “وضع غير مستقر” مع أغلبيته الهشة أصلاً (219–213).
المحلل السياسي أندرو كونزتشوسكي علّق بأن “شهر العسل انتهى”، مضيفاً أن العديد من الجمهوريين يشعرون بخيبة أمل نتيجة ارتفاع تكلفة المعيشة، قضايا إبستين، تآكل سلطة الكونغرس، وتصاعد الخطاب السياسي السام.
جرين: واشنطن ليست مشلولة… بل متعفّنة
في رسالتها، وصفت جرين العاصمة الأميركية بأنها “متعفنة”، مشيرة إلى تجاهل التشريعات الجوهرية لصالح مشاريع قوانين هدفها “اختبار الولاء” داخل الحزب. واتهمت جونسون بـ“تهميش الكونغرس” والخضوع الكامل للبيت الأبيض عبر منع التصويت على قوانين تعهّد بها ترامب خلال حملته.
نائبة أخرى، فيكتوريا سبارتز، اعتبرت أن غرين “لا يمكن لومها على الهروب من مؤسسة خدعت الشعب الأميركي”.
أجواء احتقان وخشية من انهيار داخلي
الأجواء داخل الحزب تبدو متوترة؛ أكثر من 41 نائباً ينوون التقاعد قريباً، وهو رقم غير مسبوق في منتصف دورة برلمانية. ونقل موقع “بانشباول نيوز” عن نواب جمهوريين قولهم إنهم “يُعاملون كالقمامة”، محذرين من استقالات مبكرة مفاجئة.
وقال أحدهم في تصريحات مسرّبة: “هناك صندوق قابل للاشتعال. المعنويات في أدنى مستوى لها على الإطلاق”.
الانقسام يتحول إلى خطوات عملية
بسبب شلل العمل التشريعي منذ يوليو رغم الرواتب العالية، بدأ بعض النواب باستخدام التماسات خاصة للالتفاف على القيادة وفرض جلسات تصويت. وقد تمكّنوا بالفعل من تمرير 5 التماسات ناجحة في عهد جونسون—أكثر مما حدث في الثلاثين عاماً السابقة مجتمعة.
وشهد الأسبوع الماضي تحدياً مباشراً لترامب ولجونسون عندما طالب أربعة جمهوريين بنشر وثائق مرتبطة بقضية جيفري إبستين.
العواقب السياسية
استقالة جرين تأتي في وقت حساس بالنسبة للجمهوريين، إذ يستعد الديمقراطيون لانتخابات خاصة في تينيسي قد تمنحهم مقعداً إضافياً، فيما تشير التوقعات إلى تقدمهم أيضاً في تكساس ونيوجيرسي.
ويرى مراقبون أن الحزب الجمهوري قد يدخل مرحلة “تفكك داخلي” إذا تحولت استقالة غرين إلى نموذج يحتذي به آخرون.
سوريا
تشهد سوريا موجة اضطرابات أمنية متصاعدة، من جريمة زيدل التي أعادت شبح التوتر الطائفي في حمص، إلى احتجاجات اللاذقية والساحل واشتباكات السويداء، وسط تحذيرات من محاولات خارجية لاستثمار الفوضى. وبينما تؤكد الحكومة السورية قدرتها على ضبط الوضع، يرى محللون أن ما يجري هو جهد منسّق يهدف لإرباك الدولة الجديدة وإحياء خطوط الانقسام القديمة.
في الجنوب، تتحرك روسيا لإعادة تموضع قواتها قرب خط الفصل، ما يفتح ملفاً حساساً بين موسكو وتل أبيب، بينما تتوغل إسرائيل جنوبي سوريا تحديداً في قرية بيت جن جنوبي دمشق، مما أسفر عن شهداء وجرحى وخسائر إسرائيلية نتيجة مقاومة شعبية في تطور لافت. وفي المقابل، تتقدم ملفات الحوار بين دمشق و “قسد” نحو اتفاق 10 آذار، فيما تبحث سوريا عن استثمارات إماراتية جديدة لدعم قطاع النفط المنهار.
المشهد العام يعكس سوريا تقف عند مفترق طرق بين تثبيت الاستقرار أو انزلاق جديد قد تعمّده أطراف داخلية وخارجية.
كيف تحوّل التوغّل الإسرائيلي في بيت جن إلى مواجهة مباشرة غير مسبوقة؟
في تطوّر أمني هو الأخطر منذ توغّل الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي السورية قبل عام، استشهد 13 مدنياً سورياً وأصيب العشرات فجر الجمعة 27 نوفمبر، بعد قصف مدفعي وصاروخي إسرائيلي طال بلدة بيت جن في ريف دمشق، إثر اشتباكات اندلعت بين سكان البلدة وقوة إسرائيلية حاولت تنفيذ عملية اعتقال. وأسفرت المواجهات عن إصابة ستة ضباط وجنود إسرائيليين، من بينها ثلاث إصابات بالغة، في حادث وصفته تل أبيب بأنه “استثنائي”.
ماذا جرى في الميدان؟
وفق الجيش الإسرائيلي، توغلت قوة من لواء المظليين الاحتياطي (55) داخل بيت جن لاعتقال ثلاثة مطلوبين من “الجماعة الإسلامية”، قبل أن تتعرّض لإطلاق نار من مسافة قصيرة، ما أدى لوقوع إصابات في صفوفها. وتحدثت مصادر إسرائيلية عن محاصرة القوة داخل البلدة، الأمر الذي دفعها لاستدعاء الطائرات والمدفعية والمسيّرات لقصف مواقع داخل القرية من أجل سحب عناصرها.
وأكدت الصحف الإسرائيلية أن القوة اضطرت لترك آلية هامفي معطّلة وقصفها لاحقاً لمنع سقوطها بيد الأهالي.
دوافع العملية الإسرائيلية
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الجيش كان يجهّز للعملية منذ أسابيع بزعم وجود “بنية تحتية إرهابية واسعة” في بيت جن. وتتهم تل أبيب الشبان الثلاثة الذين اعتُقلوا بأنهم ينشطون ضمن “الجماعة الإسلامية” وأن أحدهم شارك سابقاً في إطلاق صاروخ وزرع عبوات ناسفة.
من الذي اشتبك مع القوة الإسرائيلية؟
الجانب السوري أكد أن أهالي البلدة هم من تصدّوا للقوة الإسرائيلية خلال محاولتها تنفيذ الاعتقال، مما أدى إلى اشتباكات مباشرة. وذكرت وكالة “سانا” أن القصف الذي أعقب الاشتباكات أدى إلى مقتل 13 شخصاً—5 منهم من عائلة واحدة—وإصابة 25 آخرين، إضافة إلى نزوح عشرات العائلات نحو المناطق المجاورة.
الردّ السوري والمشهد السياسي
نددت وزارة الخارجية السورية بما وصفته “عدواناً وحشياً” أسفر عن “مجزرة بحق المدنيين”، معتبرة أن إسرائيل لجأت للقصف بعد فشلها في تنفيذ التوغّل. وتؤكد دمشق أنها تتجنب مواجهة عسكرية شاملة مع الجيش الإسرائيلي في المناطق الحدودية، وتفضّل “المسار الدبلوماسي” لمنع التصعيد في ظل وضع داخلي حساس.
غير أن محاولات التوصل إلى اتفاق أمني بوساطة دولية تواجه تعثّراً واضحاً؛ إذ ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض إسرائيل مطلب دمشق بالانسحاب الكامل من النقاط التي سيطرت عليها خلال العام الماضي.
لماذا بيت جن؟
تقع بيت جن في موقع حساس عند السفح الشرقي لجبل الشيخ، بالقرب من خطوط التماس مع الجولان المحتل. وتعد المنطقة ذات أهمية إستراتيجية لإسرائيل التي تزعم أنها ممر محتمل لتهريب الأسلحة. وهي ليست العملية الأولى؛ إذ نفذت إسرائيل خلال الأشهر الماضية عدة اقتحامات للبلدة ومحيطها، بينها مداهمة في 12 يونيو وأخرى في أغسطس بمشاركة نحو 100 جندي.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن الجيش الإسرائيلي اختطف نحو 45 سورياً خلال توغلاته العام الماضي، ولا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اليوم.
تعليق المعهد المصري
المتغير الأهم في الحالة الأخيرة، هو تكوين أهالي لمقاومة مسلحة، تصدت بقدر الإمكان للتوغل الإسرائيلي، وأوقعت بالقوة الإسرائيلية إصابات لم تكن معتادة، ما قد يشكل نمطاً جديداً قي مواجهة التوغلات الإسرائيلية في المستقبل.
حمص… المدينة التي زرعت فيها عائلة الأسد قنبلة طائفية تنفجر عند كل حادثة
بدت حمص خلال الساعات الماضية وكأنها تقف على حافة انفجار طائفي واسع، بعد جريمة قتل مروّعة طالت عبدالله العبود وزوجته داخل منزلهما في بلدة زيدل جنوب المدينة، حيث عُثر على شعارات طائفية مكتوبة بدم المجني عليهما، في مشهد صادم فجّر موجة انتقامية وهجمات مسلّحة على أحياء ذات غالبية علوية وسط عجز واضح لأجهزة الأمن عن احتواء الموقف.
ورغم إعلان السلطات السورية إعادة الهدوء النسبي، فإنّ الحادثة كشفت من جديد هشاشة البنية الاجتماعية في حمص، وهي هشاشة يرى كثيرون أنها ليست نتاج اللحظة الراهنة فقط، بل نتيجة عقود من الهندسة الطائفية التي اعتمدها نظام الأسد في توزيع الأحياء وسكانها، وتحويل المدينة إلى خريطـة شديدة الحساسية يمكن أن تشتعل بالكامل من شرارة واحدة.
هندسة الأسد الطائفية… جذور الأزمة
منذ سبعينيات القرن الماضي، أعادت السلطة السورية تشكيل حمص ديموغرافياً، بحيث تتجاور أحياء سنية وعلوية ومسيحية ضمن خطوط تماس غير معلنة، استخدمت لاحقاً في إدارة التوتر وضبط المجتمع وقمعه. وخلال سنوات الثورة، تضاعف الانقسام بفعل حملات التحريض الإعلامي، لتتحول المدينة إلى واحدة من أكثر بؤر الاقتتال الطائفي خطراً.
جريمة قتل العبود وزوجته جاءت لتذكّر بأن إرث الأسد ما يزال يعمل بكفاءة مخيفة؛ إذ لم يحتج الأمر سوى ساعات ليشنّ مسلّحون من عشيرة بني خالد هجوماً على أحياء “المهاجرين” و “المضابع” و“الأرمن”، ويحرقوا سيارات ومحال تجارية، ويوقعوا إصابات بين المدنيين، في مشهد وصفه ناشطون بأنه “إنذار لما هو أسوأ بكثير”.
سلاح منفلت وأجهزة أمن عاجزة
الناشطة السياسية عتاب شاهين تقول إن المشكلة لا تكمن في “بيئة طائفية جاهزة للانفجار”، بل في غياب سلطة الدولة على السلاح. وتشير إلى أن حمص اليوم “تعاني تراجعاً حاداً في السيطرة الأمنية”، ووجود جماعات مسلحة عشائرية تستطيع التحرك خلال دقائق من دون قدرة حقيقية للأجهزة على ردعها.
ورغم أن قوات الأمن وسّعت انتشارها فور الحادثة، وفرضت حظر تجوال في عدة مناطق، فإن رد الفعل كان أقرب إلى “الاحتواء اللحظي” منه إلى معالجة الجذور، خصوصاً أن الأجهزة نفسها وقفت عاجزة لساعات أمام هجمات عشائرية واسعة داخل المدينة.
تحذيرات من انزلاق شامل
الناشط الحمصي علي ملحم يرى أن الحوادث الأخيرة تشكّل “كرة ثلج قابلة للتمدد”، محذراً من أن أي حادثة مستقبلية قد تشعل مشاهد أوسع وأكثر عنفاً. ويحدد أولويات المعالجة في خطوتين:
- ضبط السلاح غير الشرعي في أحياء العشائر،
- وقف الخطاب الطائفي المرافق لكل جريمة.
من دون ذلك، يقول ملحم، “لا يمكن الانتقال إلى مصالحة اجتماعية حقيقية بين السنة والعلويين في المدينة”.
حمص… نموذج سوريا بأكملها
خلال شهر واحد فقط، شهدت حمص سلسلة جرائم:
- قتل شابين رجماً بالحجارة في أبو حكفة
- مقتل معلمة بقنبلة أمام منزلها في حي الوليد
- ثم جريمة العبود وزوجته التي كادت تشعل حرباً أهلية صغيرة.
هذا المشهد ليس طارئاً بل يعكس انهيار المنظومة الأمنية في مرحلة ما بعد سقوط النظام، حيث تتزايد مؤشرات التفكك الاجتماعي وعودة العصبيات الأولية إلى الواجهة في مدينة كانت تُعرف يوماً بـ“عاصمة الثورة السورية”.
وبينما تؤكد السلطات السورية أنها تعمل على “الحفاظ على الاستقرار”، يقول سكان إن الخوف بات مشتركاً بين جميع المكونات—السنة والعلويين والمسيحيين—لأن “الفلتان الأمني لا يميّز طائفة من أخرى”.
سوريا بين حوادث فردية وجهد منسّق: ما وراء موجة الاضطرابات الأمنية الأخيرة؟
شهدت عدة مناطق سورية خلال الأسبوع الجاري سلسلة من الحوادث الأمنية والتوترات، أبرزها في محافظة اللاذقية، حيث خرجت احتجاجات طالبت بالإفراج عن متهمين بارتكاب جرائم خلال عهد النظام المخلوع، رافقتها هتافات طائفية ودعوات إلى الفدرالية. هذه التحركات وما تلاها من أعمال عنف أثارت نقاشاً واسعاً حول ما إذا كانت حوادث معزولة أم أنها جزء من تحركات منسّقة تسعى لزعزعة الاستقرار في البلاد.
حمص: جريمة تهزّ المدينة وتعيد شبح التوتر الطائفي
البداية كانت من بلدة زيدل في ريف حمص، حيث عُثر على رجل وزوجته مقتولين داخل منزلهما، مع حرق جثمان الزوجة وترك عبارات تحمل طابعاً طائفياً. هذا المشهد فجر موجة غضب واحتكاكات في أحياء تضم خليطاً من المكونات الطائفية، تزامن معها إطلاق نار عشوائي وعمليات اقتحام وتخريب.
ورغم أن التحقيقات الأولية رجّحت دافعاً جنائياً للجريمة، فإن وزارة الداخلية سارعت إلى فرض حظر تجول وتعليق الدوام المدرسي لمنع استغلال الحادثة لإشعال فتنة طائفية، مؤكدة أن الأوضاع تسير نحو الاستقرار.
اللاذقية: احتجاجات تحولت إلى اشتباكات
في اللاذقية، أصيب عنصران من الأمن الداخلي وعدد من المدنيين بعدما تعرضت احتجاجات سلمية لإطلاق نار من منطقة يسكنها ضباط مرتبطون بالمؤسستين الأمنية والعسكرية للنظام السابق، وفق تصريحات رسمية. الاحتجاجات التي شهدتها اللاذقية وطرطوس وجزء من ريف حماة جاءت بدعوة من “المجلس الإسلامي العلوي الأعلى”، وتركزت مطالبها على الإفراج عن معتقلين وطرح نموذج للحكم الفدرالي.
قوات الأمن الداخلي أكدت أنها أمّنت مواقع الاحتجاج لحماية المتظاهرين ومنع تحول الوقفات إلى مواجهات أهلية، إلا أنها تعرضت لاعتداءات من “عصابات فلول النظام البائد”.
السويداء: هجوم جديد يفتح جبهة أخرى
في الجنوب، أعلن مصدر أمني مقتل عنصر من قوى الأمن الداخلي وإصابة اثنين في ريف السويداء الغربي، بعد هجوم شنّته مجموعات مسلحة محلية. الداخلية وصفت العملية بأنها “اعتداء إرهابي” يستهدف زعزعة الأمن، مؤكدة مقتل عدد من المهاجمين خلال الرد.
السويداء، ذات الغالبية الدرزية، شهدت منذ يوليو/تموز الماضي سلسلة مواجهة بين مجموعات بدوية ومقاتلين محليين، إضافة إلى تدخلات إسرائيلية، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى وارتكاب انتهاكات واسعة قبل الوصول إلى اتفاقات هشة لوقف إطلاق النار.
تحليل: “تنسيق عالي المستوى” ومحاولات لإرباك الدولة
المحلل العسكري السوري فايز الأسمر رأى أن الاحتجاجات الأخيرة، خصوصاً في مناطق التماس الطائفي، تحمل مؤشرات على تنسيق إقليمي ومحلي عالي المستوى. وأشار إلى مشاركة جهات عدة، منها:
- مجموعات مرتبطة بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)
- “مليشيات الهجري” في السويداء
- ضباط من فلول النظام السابق داخل البلاد وخارجها
- دعم من إيران وحزب الله.
وهدف هذا التنسيق – وفق الأسمر – هو إشعال التوترات الطائفية وإرباك الدولة الجديدة عبر فرض فوضى أمنية متصاعدة.
جهات خارجية تستثمر في الفوضى؟
الباحث وائل علوان من مركز جسور للدراسات عبّر عن اعتقاده بأن الحكومة السورية ما تزال قادرة على ضبط الوضع، إلا أنه حذّر من “استثمار خارجي” يسعى لتحويل حوادث صغيرة إلى أدوات لإثارة الهلع. وأوضح أن التضخيم الإعلامي، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي، “يفوق ما يحدث على الأرض بأضعاف”، مشيراً إلى أنه استخدام مقصود لتصوير الدولة وكأنها عاجزة عن فرض الأمن.
سوريا الجديدة… واستمرار التحديات
منذ الإطاحة بالنظام السابق في ديسمبر/كانون الأول 2024، تبذل الحكومة السورية جهوداً واسعة لإرساء الاستقرار، لكن الأحداث الأخيرة تؤكد – وفق المحللين – أن البلاد ما تزال تواجه اختراقات أمنية ومحاولات تشويه وتحريض تتطلب يقظة أكبر لحماية مسار “سوريا الجديدة”.
تقارير: موسكو تستعد لإعادة نشر قواتها جنوب سوريا… ملف ثقيل يفتح من جديد بين روسيا وإسرائيل
تتجه روسيا، وفق تقديرات أمنية نقلتها “القناة 14” الإسرائيلية، إلى طرح ملف إعادة انتشار قواتها جنوب سوريا خلال محادثات مرتقبة مع تل أبيب، وذلك بعد الاتصال الذي جمع الرئيس فلاديمير بوتين برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل نحو عشرة أيام، والذي ركّز على “إرساء الاستقرار” في سوريا.
التوقعات الإسرائيلية تشير إلى أن موسكو لا تفكر فقط في إعادة تمركز قواتها، بل تخطط أيضاً لطلب تزويد دمشق بمعدات عسكرية جديدة لتعويض الدمار الذي لحق بمخزون الجيش السوري خلال عملية “سهم الباشان”. هذه العملية التي أطلقتها إسرائيل فور سقوط نظام بشار الأسد المخلوع في كانون الأول 2024، دمّرت أكثر من 80% من القدرات البرية والبحرية والجوية للجيش السوري، بما في ذلك مخازن أسلحة متقدمة وأنظمة دفاع جوي وصواريخ وطائرات ودبابات.
عودة الدوريات الروسية إلى خط الفصل؟
مصدر سوري مقرّب من الحكومة السورية كشف لهيئة البث الإسرائيلية “كان” أن موسكو اقترحت على دمشق خلال الأشهر الماضية عودة الدوريات الروسية إلى المنطقة الحدودية لتعمل كقوة فصل بين القوات السورية والإسرائيلية. المقترح لم يُحسم بعد، لكنه ما زال مطروحاً بقوة في ظل تكثيف الاتصالات بين موسكو وتل أبيب.
ولا يُستبعد – بحسب مصادر سورية أخرى – أن يتحول الوجود الروسي جنوب سوريا إلى جزء من تفاهم أمني أوسع بين الجانبين، خصوصاً أن إسرائيل لطالما فضّلت النفوذ الروسي على نفوذ إيران قرب حدودها، وكانت قد وافقت سابقاً على نشر القوات الروسية في ثماني نقاط ضمن منطقة فضّ الاشتباك في القنيطرة، قبل انهيار نظام الأسد السابق.
جولة ميدانية تحمل رسائل
تزامن الحديث عن إعادة الانتشار مع جولة ميدانية لافتة أجراها وفد عسكري روسي–سوري في الجنوب السوري يوم 17 تشرين الثاني. وبحسب مصادر من محافظة القنيطرة، ضم الرتل نحو 30 مركبة، وسلك طريقاً حساساً يخضع لرقابة إسرائيلية دائمة، مروراً بقرى بئر عجم وبريقة ورويحينة والقحطانية والحميدية، وهي مناطق تشهد توغلات إسرائيلية شبه يومية.
وتوقف الوفد في موقعين بارزين لانتشار روسي سابق: قاعدة الناصرية ومنطقة الحيران، وهي مواقع لا تبعد سوى ثلاث كيلومترات عن خط الحدود، ما أعاد التساؤلات حول نية موسكو في إحياء حضورها العسكري قرب الجولان المحتل.
الجولة رافقها استنفار أمني واسع على الجانب السوري؛ إذ انتشرت حواجز الأمن الداخلي في بلدات عدة، مع عمليات تفتيش وتدقيق، ما عكس حساسية الزيارة ورسائلها.
موسكو عائدة… ولكن بأي صيغة؟
الولايات المتحدة منشغلة بالملف الإيراني، وإسرائيل تخوض معارك متفرقة في الجنوب السوري ولبنان، فيما يدرك الكرملين أن الفراغ العسكري في الجنوب بعد سقوط نظام الأسد السابق قد يفتح الباب أمام نفوذ إيراني أو فوضى أمنية قرب حدود إسرائيل.
ولذلك، يبدو أن موسكو تسعى للعودة كلاعب ضامن، ربما عبر:
- نشر دوريات فاصلة بين دمشق وتل أبيب
- تعزيز المواقع الروسية السابقة في القنيطرة
- إعادة بناء الجيش السوري وفق رؤية أمنية تتوافق مع موسكو وليس مع إيران
- تثبيت نفوذها في ملف الحدود الجنوبية تمهيداً لأي تسوية مستقبلية.
حتى الآن، لا تعليق رسمي من موسكو أو دمشق أو تل أبيب، لكن المؤشرات المتراكمة – من الاتصالات رفيعة المستوى إلى الجولات الميدانية – توحي بأن الجنوب السوري مقبل على تغييرات مهمة، وأن موسكو تستعد لاستعادة موطئ قدم مؤثر في المنطقة الأكثر حساسية على الإطلاق.
عبدي: تقدّم في اتفاق 10 آذار… ولا عودة إلى مركزية الدولة
أكد القائد العام لـ“قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، أن سوريا الجديدة لا يمكن أن تعود إلى نموذج الدولة المركزية بعد 15 عاماً من الحرب، مشيراً إلى أن الحل هو اللامركزية السياسية والإدارية.
وقال عبدي، خلال مشاركته في منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط (MEPS 2025) في دهوك، إن المحادثات مع دمشق تسير بشكل جيد، وإن ملفات الأمن والعسكر “شارفت على الإنجاز”، ولم تبقَ إلا “تفاصيل أخيرة” قبل إعلان اتفاق 10 آذار بشكل رسمي وخطي.
اعتراف دستوري بحقوق الكرد
أوضح عبدي أن اتفاق 10 آذار مثّل “منعطفاً مهماً” عبر قطع الطريق على سيناريوهات التقسيم، مشيراً إلى أن الاتفاق يتضمن اعترافاً دستورياً بحقوق الكرد. لكنه شدد في الوقت نفسه على أن الثقة بين الطرفين لا تزال ضعيفة، وأن قضايا مثل الشيخ مقصود والأشرفية وملف المهجّرين ما تزال “عوائق مؤثرة”.
رسائل إلى تركيا والمجتمع الدولي
عبدي أكد أن “قسد” لا تشكل تهديداً لأي طرف، بما في ذلك تركيا، معتبراً أن مؤسسات “الإدارة الذاتية” هي “مؤسسات أمن وسلام”. ودعا المجتمع الدولي إلى منح الحوار بين “قسد” والحكومة السورية فرصة حقيقية.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان قد أعلن قبل أيام تمسك أنقرة بتنفيذ اتفاق 10 آذار، معتبراً أنه يدعم وحدة سوريا، مع استعداد تركيا لتقديم المساعدة لإنجاحه.
اندماج “قسد” في الجيش السوري
مصادر سورية وأخرى مقربة من “قسد” قالت لقناة “العربية” إن جولة تفاوض جديدة ستعقد بين الطرفين بعد عودة الرئيس السوري أحمد الشرع من واشنطن، وإنه تم الاتفاق مبدئياً على دمج “قسد” في الجيش السوري ضمن فرقة ولواءين.
ووفق المصادر، رشّحت “قسد” ثلاثة من قادتها لتولي قيادة هذه التشكيلات: لقمان خليل، جيا كوباني، جميل كوباني.
لقاءات رفيعة المستوى
جاءت هذه التطورات بعد لقاء جمع الشرع وعبدي في دمشق في 7 تشرين الأول، بحضور المبعوث الأميركي إلى سوريا وقائد القيادة المركزية الأميركية. وخلاله تم الاتفاق على وقف شامل لإطلاق النار في شمال وشمال شرق سوريا بعد اشتباكات بين “قسد” والجيش السوري في حلب.
سوريا والإمارات تبحثان آفاق التعاون في قطاع النفط
بحث وزير الطاقة السوري محمد البشير، مع وفد من شركة الهلال الإماراتية، آفاق التعاون وتعزيز الاستثمار في قطاع النفط.
جاء ذلك خلال لقائهما في دمشق، وفق بيان لوزارة الطاقة السورية على قناتها بمنصة “تلغرام”.
وذكر البيان أن الجانبين “بحثا آفاق التعاون وفرص الاستثمار المتاحة في قطاع النفط”.
كما جرى “استعراض المشروعات الممكنة لتعزيز الإنتاج وتطوير البنية التحتية، إضافة إلى مناقشة سبل توسيع مجالات الشراكة بما يسهم في دعم القطاع النفطي وتحسين كفاءته”.
وأكد البشير “حرص الوزارة على جذب الاستثمارات النوعية وتوفير البيئة الملائمة لنجاح الشركات الراغبة بالعمل في سوريا”، وفق البيان.
وعام 2010، كان النفط يمثل 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا، ونصف صادراتها، وأكثر من 50 بالمئة من إيرادات الدولة.
وكانت البلاد تنتج 390 ألف برميل نفط يوميا، إلا أن الإنتاج تراجع بشكل حاد ليصل في 2023 إلى 40 ألف برميل يوميا فقط.
تركيا
تدخل تركيا مرحلة جيوسياسية جديدة في ليبيا، بعد انفتاح غير مسبوق على شرق البلاد وتحوّل لافت في علاقتها مع خليفة حفتر، في خطوة يصفها محللون بأنها إعادة رسم لخريطة النفوذ التركي في المتوسط وعمق إفريقيا. التحركات المتبادلة بين أنقرة وبنغازي— من زيارات أمنية رفيعة إلى اتفاقيات اقتصادية— تعكس رغبة تركية في بناء شراكة واسعة تُنهي الانقسام الليبي وتفتح الطريق أمام نفوذ تركي يمتد من ليبيا إلى قلب الساحل الإفريقي.
وفي موازاة ذلك، فجّر ملف التجسس في إسطنبول جدلاً واسعاً، بعد انتقال الرواية الرسمية خلال ساعات من اتهام الإمارات إلى نفي قاطع لأي علاقة لها، ما أثار تساؤلات حول الجهة الحقيقية التي تقف خلف العملية. هذا التناقض زاد من حساسية المشهد، خصوصاً مع ارتباط القضية بقطاع الصناعات الدفاعية. وبين التمدد التركي في ليبيا والضبابية الأمنية في إسطنبول، تبدو أنقرة في لحظة إعادة تموضع إقليمي تتخللها حسابات دقيقة وحساسة.
تركيا تنفتح على شرق ليبيا: مرحلة جديدة في علاقة أنقرة بحفتر
تشهد العلاقات بين تركيا وشرق ليبيا تحوّلاً لافتاً، وصفته صحيفة يني شفق التركية بأنه “مرحلة استثنائية” تعيد رسم خريطة النفوذ التركي في البحر المتوسط ووسط إفريقيا. وفي مقاله الأخير، يقدّم الكاتب التركي البارز إبراهيم قراغول قراءة معمّقة لهذا التحول، معتبراً أن أنقرة دخلت فعلياً في شراكة جيوسياسية جديدة مع خليفة حفتر، تختلف جذرياً عن سنوات التعاون السابقة مع حكومة طرابلس.
انفتاح غير مسبوق: حفتر نحو أنقرة… وأنقرة نحو بنغازي
بحسب قراغول، فإن سلسلة من التطورات المتسارعة – زيارات متبادلة، لقاءات أمنية رفيعة، تفاهمات اقتصادية ضخمة – تشير إلى إعادة تموضع تركي واضح تجاه شرق ليبيا.
ففي 26 أغسطس، زار رئيس جهاز الاستخبارات التركية إبراهيم قالن بنغازي والتقى خليفة حفتر، بينما تلت ذلك زيارات عسكرية تركية إلى الميناء الشرقي، بمشاركة قيادات من قوات حفتر. وفي المقابل، زار بلقاسم حفتر – نجل قائد الجيش الليبي – أنقرة، حيث عقد لقاءات مع وزير الخارجية هاكان فيدان ووقّع عدداً من الاتفاقيات.
ويصف قراغول هذه التحركات بأنها “تأسيس لشراكة جيوسياسية جديدة”، قد تغيّر الاتجاه العام للملف الليبي خلال السنوات المقبلة.
لماذا هذا التحول؟
يرى الكاتب أن السياسة التركية في ليبيا لم تعد قادرة على الاكتفاء بمد يد طرابلس فقط، خصوصاً مع تصاعد النفوذ الأميركي والأوروبي في الغرب الليبي، وضغوط تتعلق بتوزيع الموارد، ودفع خارجي باتجاه “الفيدرالية” بدلاً من وحدة ليبيا.
ويضيف أن النمو المتصاعد للدور التركي في أفريقيا الوسطى – من السودان إلى إثيوبيا والصومال – يجعل استقرار ليبيا شرطاً أساسياً لاستمرار النفوذ التركي الإقليمي.
ليبيا… بوابة وسط إفريقيا ومفتاح نفوذ تركيا
ينطلق قراغول من قراءة جيوسياسية واضحة:
لا يمكن ضمان النفوذ التركي في إفريقيا من دون ليبيا الموحدة.
ويشير إلى أن ليبيا ليست مجرد دولة متوسطية، بل هي ممر استراتيجي يصل الساحل الأفريقي بالساحل الشمالي للمتوسط.
ويذكّر بنفوذ القذافي التاريخي في دول وسط أفريقيا، وهو أحد الأسباب التي دفعت فرنسا – حسب وصفه – إلى “الإطاحة بالنظام الليبي السابق”.
ويتوسع في وصف ليبيا كدولة غنية بالموارد:
- ثاني أكبر مساحة في المتوسط
- احتياطيات نفط وغاز ضخمة
- ثروات معدنية ومائية هائلة.
ويرى أن هذه الموارد يجب أن توظّف في “إنقاذ ليبيا لا تفكيكها”.
شرق ليبيا يتحرك بسرعة… مشاريع وبنى تحتية ضخمة
يسرد التقرير صوراً لمشاريع تنموية جارية في الشرق بإشراف بلقاسم حفتر:
- مئات المدارس
- عشرات المستشفيات
- مئات الكيلومترات من الطرق
- آلاف الوحدات السكنية
- مشروع الطريق السريع الذي يربط بنغازي بعمق إفريقيا، ما سيجعل البضائع التركية تصل إلى دول الساحل خلال 3–4 أيام فقط.
هذه المشاريع، وفق قراغول، تُظهر أن الشرق يعيد التموضع إقليمياً ودولياً، وأن تركيا أصبحت شريكاً محورياً لهذا التحول.
بين طرابلس وبنغازي: ضرورة إنهاء الانقسام
يشدد الكاتب على أن استمرار الانقسام بين الشرق والغرب “خطر وجودي” على ليبيا وعلى النفوذ التركي معاً.
ويرى أن بناء جيش ليبي موحد لا يمكن أن يتم إلا عبر الخبرة العسكرية التركية، وأن أنقرة تمتلك القدرة الفعلية على تحويل القوات المسلحة الليبية إلى “جيش قوي يحمي الدولة”.
دعوة حفتر إلى تركيا… ضرورة جيوسياسية
يختم قراغول مقاله بدعوة صريحة: “آن الأوان لدعوة خليفة حفتر رسمياً إلى تركيا.”
ويعتبر أن هذه الخطوة ستؤسس لمعالجة الانقسام الليبي، وتطلق مرحلة جديدة توحّد الشرق والغرب ضمن إطار شراكة تركية–ليبية واسعة تشمل الأمن، الاقتصاد، وإعادة الإعمار.
ويؤكد أن تركيا، التي كسرت العديد من “المحظورات الجيوسياسية” خلال العقدين الماضيين، قادرة اليوم على لعب الدور المركزي في إعادة بناء ليبيا كدولة واحدة وجيش واحد وسلطة مركزية متماسكة.
تركيا تعلن تفكيك خلية تجسس مرتبطة بالإمارات… ثم تنفي ارتباطها بالإمارات: من يقف وراء العملية؟
شهد ملف التجسس الذي كشفت عنه السلطات التركية في إسطنبول هذا الأسبوع تطوّراً لافتاً، بعد تغيير جذري في الرواية الرسمية خلال أقل من 24 ساعة، الأمر الذي فتح الباب أمام تساؤلات حول الأطراف الحقيقية الضالعة في القضية.
المرحلة الأولى: اتهام مباشر للإمارات
في الساعات الأولى للعملية، أعلنت النيابة العامة في إسطنبول، بالتنسيق مع جهاز الاستخبارات التركي (MİT) ومديرية الأمن، إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص وصدور مذكرة توقيف بحق رابع، بعد الاشتباه في أنهم جمعوا معلومات حساسة لصالح الاستخبارات الإماراتية.
ووفق البيان الأول، فقد استخدمت المجموعة خط هاتف تابعاً لإحدى شركات GSM التركية لإنشاء حسابات وهمية، جرى عبرها التواصل مع:
- موظفين في شركات الصناعات الدفاعية
- مسؤولين يستخدمون خطوطاً تابعة لوزارة الخارجية
- أفراد على اتصال بجهات خارجية
وأشارت التحقيقات إلى محاولات للحصول على بيانات شخصية وسير ذاتية للعاملين في مؤسسات حساسة، ما دفع الأجهزة الأمنية للتحرك واعتقال ثلاثة من المشتبه بهم، بينما تبيّن أن الرابع خارج البلاد.
هذا التطور الأول خلق انطباعاً بأن القضية جزء من توتر أمني متكرر بين أنقرة وأبوظبي، وأعادت إلى الواجهة ملفات تجسس سابقة اتُّهمت فيها الإمارات.
المرحلة الثانية: نفي رسمي قاطع لأي علاقة مع الإمارات
لكن المفاجأة جاءت لاحقاً عندما خرج وزير العدل التركي يلماز تونتش بتصريح يناقض الرواية الأولى، مؤكداً أنه لم تُعثر خلال التحقيقات على أي صلة تربط المتهمين بدولة الإمارات.
وأوضح الوزير أن المشتبه بهم:
- حصلوا على خطوط هاتف داخل تركيا
- أنشأوا حسابات مزيفة لجمع معلومات
- نقلوا الخطوط إلى الخارج لاستخدامها في عمليات تجسس مدعومة ببرمجيات خبيثة.
لكنه شدد على أنه لا وجود لأي مواطن إماراتي ضمن الشبكة، ولا لأيّ علاقة تربط العملية بأبوظبي، واصفاً التقارير الإعلامية التي تحدثت عن “شبكة إماراتية” بأنها غير صحيحة.
تساؤلات بعد تضارب الروايتين
التغيير المفاجئ بين الروايتين — من اتهام مباشر إلى نفي قاطع — أثار سلسلة من التساؤلات في الأوساط الإعلامية والسياسية التركية:
- هل حصلت أنقرة على معلومات جديدة خلال الساعات اللاحقة للعملية؟
- أم أن النفي جاء لاعتبارات دبلوماسية في ظل انفتاح تركي–خليجي مستمر؟
- هل يقف طرف ثالث خلف العملية، مستفيداً من توجيه الاتهامات للإمارات؟
- ولماذا أصرّت الرواية الأولى على ذكر “الاستخبارات الإماراتية” قبل أن تُسحب؟
ويرى محللون أن حساسية الملف المرتبط بـ الصناعات الدفاعية تجعل التعامل معه بالغ الدقة، وأن تضارب التصريحات قد يكون مؤشراً على صراع أجهزة أو ضغط خارجي. (Son)
متابعات عربية
“جيروزاليم بوست”: اغتيال طبطبائي يكشف اهتزازاً داخلياً غير مسبوق في حزب الله
قالت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية إن الضربة الدقيقة التي نفذتها إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت وأسفرت عن مقتل رئيس أركان حزب الله، هيثم علي طبطبائي، تمثّل إشارة صارخة إلى عمق الأزمة التي يعيشها الحزب، في لحظة حساسة تشهد إعادة تشكيل لميزان القوى داخل لبنان والمنطقة.
وبحسب التقرير، فإن حزب الله دخل منذ الحرب الأخيرة في مرحلة “انتقالية قسرية” بعد فقدانه الغالبية الساحقة من أعضاء مجلسه الجهادي وهيئة أركانه، إذ يحاول تقديم رواية مفادها أن ما جرى هو امتداد لمسار “النصر والصمود”، بهدف إعادة ترميم معنوياته وطمأنة قاعدته الاجتماعية التي تضررت بشدة بفعل الحرب والخسائر.
وتوضح الصحيفة أن الحزب، بدعم مباشر من إيران، ضخّ أموالاً ضخمة لتعويض العائلات المدمرة وإعادة إعمار منازل أتباعه المتضررين، كما أطلق عملية إعادة تأهيل واسعة تعتمد على التهريب من إيران وعلى خطوط الإنتاج المحلية. وفي الوقت نفسه، فتح تحقيقات داخلية لتحديد الثغرات الأمنية التي سمحت لإسرائيل باختراق صفوفه.
أما قيادته السياسية والعسكرية، وعلى رأسها الأمين العام نعيم قاسم، فقد اختارت – وفق التقرير – اعتماد سياسة “الاحتواء الحذر” تجاه الاعتداءات الإسرائيلية، رغم الغضب المتصاعد لدى القادة الميدانيين الذين يرون أن الردّ المحدود يضرب صورة الحزب وهيبته.
وتضيف جيروزاليم بوست أن التطورات الداخلية في لبنان، خصوصاً مؤشرات عودة الدولة ورغبتها في استثمار نتائج الحرب لإنهاء هيمنة إيران وحزب الله، دفعت الحزب إلى المزيد من الحذر. فالاغتيال الأخير وقع بينما الحزب عالق داخل معادلة حساسة: الردّ قد يجرّه إلى مواجهة واسعة يخسر فيها مكاسب ما بعد وقف إطلاق النار، بينما عدم الردّ قد يُظهره ضعيفاً ويشجع على تمرّد داخلي.
وترى الصحيفة أن إيران نفسها ليست في وضع يسمح لها بجرّ المنطقة إلى حرب جديدة، وسط أزمة شرعية داخلية وضغوط اقتصادية واقتراب الوكالة الدولية للطاقة الذرّية من فرض قيود رقابية إضافية بعد قرار مجلس المحافظين الأخير.
وبحسب التقرير، فإن دعم الحلفاء الإقليميين ليس مضموناً؛ فالحوثيون لن يشكلوا عامل ترجيح في مواجهة واسعة، وحركتا حماس والجهاد الإسلامي غير مستعدتين لاستئناف القتال من غزة في ظل ظروفهما الراهنة.
وفي ضوء ذلك، ترجّح الصحيفة أن يلجأ حزب الله إلى ردّ مدروس ومحدود زمنياً على اغتيال طبطبائي، يمنح مقاتليه مساحة للتنفيس عن غضبهم ويجنب الحزب الانجرار إلى حرب شاملة، مع الاستمرار في عملية إعادة بناء قدراته رغم توقع المزيد من الضربات الإسرائيلية.
دلالات تشكيل “المجلس السياسي الوطني” للقوى السنية في العراق
أعلنت القوى السنية الفائزة في الانتخابات البرلمانية العراقية تشكيل “المجلس السياسي الوطني” خلال اجتماع موسّع في بغداد، في خطوة تُعدّ محاولة لإعادة تنظيم الثقل السياسي للمكوّن السني ضمن مشهد سياسي تتعمّق فيه الاستقطابات الطائفية. وشارك في الاجتماع كلّ من محمد الحلبوسي، ومثنى السامرائي، وخميس الخنجر، وثابت العباسي، وبدر الفحل، واتفقوا جميعاً على أن يكون المجلس إطاراً جامعاً لتنسيق المواقف والقرارات المتعلقة بالملفات الوطنية الكبرى وفي مقدمتها مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة.
وأكد بيان مشترك صدر بعد الاجتماع أن المجلس سيعقد اجتماعات دورية على مدار الدورة النيابية السادسة، وسيظلّ “منفتحاً على جميع الشركاء الوطنيين”، على أن يعمل وفق رؤية تدعو لبناء دولة “عادلة وقوية” تحافظ على حقوق جميع مكونات العراق. وفي مؤتمر صحفي أعقب الاجتماع، قال الخنجر إن المجلس جاء “لتجاوز العقبات وتوحيد الصفوف”، بينما اعتبر الحلبوسي أن المرحلة المقبلة تتطلب “الوعي بأهمية التكاتف وتعظيم تمثيل المكوّن السني”. أما السامرائي فرأى أن المسؤولية “تفرض وحدة الموقف” لضمان حضور فعّال في الحكومة القادمة.
ويُنظر إلى المجلس الجديد باعتباره جسماً يوازي من حيث الشكل “الإطار التنسيقي” الشيعي، لكنه يترك للأحزاب المحتوى التنظيمي الخاص بها، ويقتصر دوره على توحيد القرار في القضايا المصيرية مثل توزيع المناصب وصياغة التشريعات والتفاوض مع القوى الشيعية والكردية. وفي حين يراه البعض خطوة لتعزيز الحضور السني ضمن المعادلة السياسية، يراه آخرون إعادة تكريس لمنطق “البيوت الطائفية” الذي حكم العراق منذ عام 2003 وأعاق بناء دولة المواطنة المدنية.
الآراء حول المجلس تباينت؛ إذ حذّر ناشطون من أن العودة إلى تشكيل اصطفافات طائفية يعيد العراق إلى مربع الهويات الفرعية، بينما اعتبر سياسيون آخرون، مثل ظافر العاني، أن المجلس خطوة إيجابية تمنح المكوّن السني قدرة أكبر على التعبير عن مطالبه وتوحيد رؤيته في مفاوضات تشكيل الحكومة. لكن محللين سياسيين مثل فراس إلياس يرون أن المجلس وُلد كردّ فعل على تقارب شيعي–كردي محتمل، وليس كنتاج رؤية سنية بعيدة المدى، ما يجعل احتمالات تفكّكه كبيرة في حال غياب توزيع عادل للنفوذ داخله، أو تكرار أخطاء تجارب سابقة مثل “القائمة العراقية” عام 2010.
وتأتي هذه الخطوة في توقيت تشهد فيه الساحة العراقية تنافساً محتدماً على تشكيل الحكومة الجديدة، في ظل تغيّرات إقليمية مؤثرة، ما يدفع القوى السنية إلى محاولة بناء كتلة تفاوضية وازنة تضمن عدم تهميشها في المعادلة المقبلة.
يشير تشكيل “المجلس السياسي الوطني” إلى عودة واضحة لسياسة الاصطفاف الطائفي في العراق، ومحاولة سنية لملء فراغ سياسي تسبّب به الانقسام خلال السنوات الماضية. كما يعكس خشية من تقارب شيعي–كردي قد يهمّش دور القوى السنية في الحكومة المقبلة، في وقت تسعى فيه هذه القوى إلى خلق كتلة تفاوضية متماسكة. لكن استمرار المجلس مرهون بقدرته على إدارة خلافاته الداخلية، وتقديم رؤية سياسية تتجاوز ردّ الفعل اللحظي نحو مشروع طويل الأمد، وإلا فقد يتحوّل إلى تجربة إضافية في سلسلة الاصطفافات العابرة التي عرفتها الساحة العراقية.
لبنان وقبرص يوقّعان اتفاقية تاريخية لترسيم الحدود البحرية تمهيداً لبدء استثمارات الطاقة
أعلنت الرئاسة اللبنانية، توقيع اتفاقية رسمية لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص، في خطوة تُعدّ محورية على طريق استثمار الموارد البحرية وفتح المجال أمام مشاريع الطاقة المشتركة بين البلدين.
وخلال زيارته إلى بيروت، وصف الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس الاتفاقية بأنها “خطوة تاريخية تُرسل رسالة سياسية قوية حول التعاون الإقليمي وتعزيز الاستقرار”. وأضاف أن بلاده تتطلع إلى الفرص الاقتصادية التي قد تنشأ عن هذا الترسيم، ولا سيما في مجال الاستكشافات البحرية الواعدة شرق المتوسط.
وأشار كريستودوليدس إلى أن الاتفاقية توفّر غطاءً قانونياً ضرورياً لجذب المستثمرين المهتمين بمشاريع الطاقة في المنطقة، لافتاً إلى أن قبرص ولبنان تدرسان، بالتعاون مع البنك الدولي، جدوى مشروع الربط الكهربائي بين البلدين.
وكان الرئيس القبرصي قد وصل صباح اليوم إلى مطار رفيق الحريري الدولي حيث استقبله عدد من المسؤولين اللبنانيين، يتقدّمهم وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، إلى جانب السفيرة القبرصية في بيروت ماريا هادجيتيوسيوس، قبل أن ينتقل إلى القصر الجمهوري في بعبدا لإتمام مراسم التوقيع واستعراض حرس الشرف مع الرئيس اللبناني جوزيف عون.
إسرائيل تلوّح بالحرب قبل نهاية العام… ولبنان يستنفر دبلوماسياً لاحتواء التصعيد
مرّ عام على اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر 2024، غير أن الانتهاكات الإسرائيلية لم تتوقف منذ ذلك الحين، وسط تصعيد سياسي وعسكري بلغ حدّ التهديد بحرب جديدة قبل نهاية العام، وفق ما أعلنه وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس.
وفي مقابل هذا التصعيد، تتجه الأنظار إلى الجهود الدبلوماسية المكثفة التي يقودها لبنان بدعم مصري، في محاولة لاحتواء الموقف ومنع انزلاق المنطقة نحو مواجهة واسعة.
القاهرة تدعم مبادرة لبنان وتدعو لوقف الانتهاكات فوراً
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الذي التقى الرئيس اللبناني جوزيف عون في بيروت، أكد أن زيارته تأتي بتوجيه مباشر من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مشدداً على أن مصر “لن تألو جهداً لحماية أمن واستقرار لبنان”.
وأعرب عبد العاطي عن دعم مصر الكامل لمبادرة الرئيس عون التي أعلنها في عيد الاستقلال، والتي تنص على استعداد الجيش اللبناني لتسلّم كل النقاط في الجنوب، معتبراً أن حصر السلاح بيد الدولة هو السبيل الوحيد لضبط الاستقرار.
كما دعا إلى وقف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، مشيراً إلى أن القاهرة تتحرك ضمن “محددات ثابتة” تقوم على منع التصعيد ونزع فتيل الأزمة.
تحذير أميركي… ودعوة لزيارة واشنطن
وفي السياق نفسه، استقبل الرئيس اللبناني السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى، حيث ناقشا التطورات الإقليمية. ونقل السفير دعوة رسمية من الرئيس الأميركي إلى جوزيف عون لزيارة واشنطن، وهو ما لاقى ترحيباً من الجانب اللبناني.
تهديدات إسرائيلية متصاعدة: “لا مفر من العمل في لبنان”
وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس صعّد لهجته، معتبراً أن “حزب الله لن يتخلى عن سلاحه طوعاً”، مضيفاً أن الولايات المتحدة “ألزمته بتسليم سلاحه قبل نهاية العام”، وأنه لا يتوقع حدوث ذلك. وأوضح أنه إذا لم يلتزم الحزب، “فلا مفر من العمل مجدداً في لبنان”.
كما لوّح كاتس بإعادة النظر في اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، واصفاً الاتفاق بأنه يتضمّن “نقاط ضعف وقضايا إشكالية”.
يونيفيل: الجيش الإسرائيلي يمنع انتشار الجيش اللبناني جنوباً
من جهتها، أعلنت الناطقة باسم قوات “اليونيفيل”، كانديس إردييل، أن القوات الإسرائيلية المنتشرة داخل الأراضي اللبنانية “تشكل انتهاكاً خطيراً” لقرار مجلس الأمن 1701، مؤكدة أن وجودها يعرقل تحركات الجيش اللبناني ويحدّ من انتشار قواته.
وأشارت إلى أن إسرائيل تبني جداراً على طول الخط الأزرق منذ سنوات، في خرق واضح للاتفاقات الدولية.
صور أقمار صناعية تكشف واقعاً ميدانياً مقلقاً
صور أقمار صناعية حلّلتها وكالة “فرانس برس” أظهرت احتفاظ الجيش الإسرائيلي بخمسة مواقع عسكرية متقدّمة داخل الأراضي اللبنانية، مع تعزيزات لوجستية وتحصينات جديدة على تلال تمتد من الغرب إلى الشرق.
وتتيح هذه المواقع للإسرائيليين الإشراف بشكل مباشر على قرى حدودية لبنانية مثل كفركلا، عيتا الشعب، مارون الراس، عيترون، بليدا، مركبا وحولا—وهي من أكثر المناطق تضرراً جراء الغارات والعمليات البرية الإسرائيلية.
وتظهر الصور كذلك دماراً واسعاً في المباني المحيطة بموقع “هاتزيفوني” بين حولا ومركبا، ما يعكس حجم العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع الجنوبي.
على صعيد متصل، أفادت مصادر لبنانية مطّلعة بأن الوفد المصري نقل خلال اجتماعاته الأخيرة تحذيرات جدّية من تصعيد إسرائيلي قد يتطور في المرحلة المقبلة، مشيراً إلى وجود رغبة إسرائيلية بتوسيع نطاق السيطرة الميدانية وصولاً إلى جنوب نهر الليطاني قبل نهاية العام. ووفق المصادر نفسها، أوضح الجانب المصري أن جهوده الدبلوماسية تتركز حالياً على خفض مستوى التصعيد “الحتمي” وفق تعبيره، وهو ما أثار حالة من الإحباط والقلق بين الحاضرين، نظراً لخطورة السيناريوهات المطروحة.
متابعات إفريقية
ضباط في جيش غينيا بيساو يسيطرون على البلاد ويعتقلون الرئيس
أعلن كبار ضباط الجيش في غينيا بيساو، استيلاءهم الكامل على السلطة وتعليق العملية الانتخابية، عقب الانتخابات الرئاسية والتشريعية المتنازع عليها. وقالت القيادة العسكرية إنها عزلت الرئيس عمر سيسوكو إمبالو وإنه “يُعامل بشكل جيد”، مع إغلاق الحدود وفرض السيطرة “حتى إشعار آخر”.
وجاء الإعلان بعد سماع إطلاق نار قرب القصر الرئاسي وسيطرة عسكريين على الطرق المؤدية إليه. وأكدت مصادر حكومية لوسائل الإعلام أن مسلحين ألقوا القبض على الرئيس.
كما اعتقل الجيش زعيم المعارضة دومينغوس سيموس بيريرا، إضافة إلى احتجاز شخصيات سياسية أخرى. ويأتي هذا التطور قبل أقل من 24 ساعة من الموعد المتوقع لإعلان النتائج الأولية، في حين أعلن كل من إمبالو ومرشحه المنافس فرناندو دياس الفوز قبل صدور النتائج.
وشهدت العاصمة بيساو حالة ذعر دفعت مئات السكان إلى الفرار بحثاً عن ملاجئ آمنة. وتُعد غينيا بيساو من أكثر الدول هشاشة سياسياً في غرب أفريقيا، إذ شهدت تسع انقلابات أو محاولات انقلاب منذ عام 1980، إضافة إلى محاولتين سابقتين للإطاحة بإمبالو خلال الأعوام الأخيرة.
النيجر: الأمن.. الحلقة الأضعف في حملة تينوبو الانتخابية نحو 2027
على الرغم من نجاح الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو خلال الأشهر الماضية في تفكيك تحالفات خصومه وتعزيز نفوذه داخل حزب المؤتمر التقدمي الحاكم، فإن الملف الأمني—الذي لطالما شكّل ورقته الأقوى في مواجهة الرؤساء السابقين—تحول اليوم إلى العبء الأكبر على مسار إعادة انتخابه في عام 2027.
تصاعد غير مسبوق للعنف والخطف
تقرير منصة أفريكا ريبورت يشير إلى أن موجة الهجمات الجهادية وعمليات الخطف الجماعية في شمالي نيجيريا وغربها أعادت هشاشة الدولة إلى الواجهة. ففي أسبوع واحد فقط، اختُطف أكثر من 300 تلميذ، بينما تعرضت قرى وكنائس لهجمات دامية دفعت الحكومة إلى إغلاق عشرات المدارس وتأجيل فعاليات وطنية خوفاً من تكرار الهجمات.
وتجاوزت الأزمة بعدها البعد الأمني لتطرح سؤالاً وجودياً:
هل ما زالت الدولة تحتكر السلاح؟
ففي عدة مناطق، باتت المجتمعات المحلية تعتمد على ميليشيات أهلية للدفاع عنها، في ظل عجز الأجهزة الرسمية عن التدخل السريع.
اعتراف غير مسبوق من الرئيس
في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، خرج تينوبو بتصريح صريح لافت، قال فيه إن “الأمن هو أكثر ما يقلقه اليوم”.
هذا الاعتراف—النادر من رئيس بنى سمعته على الحزم والانضباط—اعتُبر مؤشراً على حجم الضغوط التي تواجه حكومته بعد سلسلة العمليات الدامية.
ضغوط أمريكية تضاعف الأزمة
الأزمة الأمنية الداخلية تزامنت مع ضغوط خارجية، أبرزها تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وصف ما يجري في نيجيريا بأنه “إبادة جماعية للمسيحيين”، وهي تصريحات تفتح الباب لعقوبات أو تدخل أحادي من واشنطن، وتحرج الحكومة النيجيرية سياسياً وأمنياً.
إصلاحات بلا نتائج حقيقية
ورغم قيام الحكومة بإعادة تشكيل القيادات الأمنية وإنشاء شرطة محلية على مستوى الولايات، فإن هذه الإجراءات—بحسب التقرير—تبقى شكلية أمام واقع أمني معقد يتضمن:
- تمدد الجماعات الجهادية
- صعود عصابات الخطف وقطاع الطرق
- تواطؤ بعض المسؤولين المحليين
- ضعف تسليح القوات الرسمية
- غياب إستراتيجية متماسكة لمواجهة العنف.
ارتداد سياسي على تينوبو
خصوم الرئيس أعادوا نشر تصريحاته الشهيرة التي هاجم فيها الرئيس السابق غودلاك جوناثان بسبب الفشل الأمني، مؤكدين أن “المعيار نفسه يجب أن يُطبّق على تينوبو اليوم”.
وما يفاقم موقفه أن الانتقادات لم تعد حكراً على المعارضة، بل طالت رجال دين وشخصيات عامة تعكس السخط الشعبي المتصاعد.
غياب دليل على “المؤامرة”
أنصار تينوبو يعتبرون أن موجة العنف جاءت نتيجة تصريحات ترامب وتهديداته بالتدخل، يتهمون جهات داخلية وخارجية بدعم الإرهاب لإسقاط الحكومة.
لكن أفريكا ريبورت يؤكد أن لا أدلة على وجود تنسيق سياسي خلف هذه العمليات، مشيراً إلى أن الصورة أكثر تعقيداً، وأنها مزيج من:
- خلايا جهادية
- عصابات مسلحة تعمل على الفدية
- صراعات محلية
- بيئة اقتصادية هشّة تسمح بازدهار الجريمة.
الصراع ليس دينياً كما يُروّج
الدراسات المستقلة تدحض السرديات الطائفية المنتشرة:
- معظم ضحايا العنف الجهادي في الشمال الشرقي هم مسلمون.
- قطاع الطرق يستهدفون من يرفض دفع الإتاوة بغض النظر عن ديانتهم.
لهذا تُصنّف الأزمة على أنها أمنية – اجتماعية لا حرباً دينية كما يصفها البعض.
انتخابات 2027: اختبار الأمن قبل السياسة
خلص التقرير إلى أن كل حادثة خطف أو مجزرة جديدة تضعف شعار تينوبو الانتخابي “الأمل المتجدد”، وتزيد المطالب بإصلاح جذري للمنظومة الأمنية.
وإذا فشل الرئيس في تحسين الوضع الأمني بشكل ملموس—خصوصاً في الشمال—فقد تتحول انتخابات 2027 من سباق سياسي إلى استفتاء شعبي على فشله في وقف العنف، بدلاً من تقييم مهاراته في الحكم.
زيارة أنور إبراهيم تدفع علاقات كينيا وماليزيا إلى مرحلة جديدة
اختُتمت في نيروبي زيارة رسمية لرئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، استمرت يومين، وأعلنت خلالها كينيا وماليزيا الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى أوسع من التعاون الاقتصادي والتنموي، عبر سلسلة اتفاقيات وُصفت بأنها نقطة تحول في مسار الشراكة بين البلدين.
وخلال الزيارة، وقع الجانبان اتفاقية جديدة للخدمات الجوية ترفع القيود عن الرحلات بين البلدين، إضافة إلى مذكرة تفاهم في الترويج السياحي تهدف لزيادة الرحلات المباشرة وتعزيز التعاون في التخطيط الحضري وإدارة المدن.
كما اتفق البلدان على إزالة الرسوم الجمركية والعوائق غير الجمركية أمام الصادرات، ما يتيح للمنتجات الزراعية واللحوم الكينية دخول السوق الماليزية. واعتبر الرئيس الكيني وليام روتو الخطوة فرصة تاريخية لدعم المزارعين وتوسيع حضور كينيا في الأسواق الآسيوية.
وشملت المباحثات أيضاً تعزيز التعاون التكنولوجي، حيث ستوفر ماليزيا خبراتها لدعم التصنيع الكيني وتدريب المهندسين والكوادر التقنية.
وفي الجانب السياسي، أعرب الزعيمان عن مواقف مشتركة تجاه الأزمات الدولية، خصوصاً في غزة والسودان، مؤكدين أهمية حلول قائمة على الديمقراطية والعدالة واحترام حقوق الإنسان، وأن هذه المبادئ ستكون جزءاً محورياً من الشراكة الجديدة بين البلدين.
عودة توت قلواك… هل تعيد ترتيب توازنات السلطة في جنوب السودان؟
أعاد رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت مستشاره الأمني السابق الجنرال توت قلواك إلى منصبه، في خطوة لافتة جاءت بعد عامين من إقالته، وفي لحظة تتقاطع فيها أزمات الداخل وضغوط الإقليم. وتُقرأ عودة قلواك باعتبارها محاولة لترميم الثقة داخل هرم الحكم وإعادة التوازن إلى الملفات التي تعثّرت بعد غيابه.
فراغٌ تركه الغياب… وملفات متعثّرة
كان توت قلواك أحد أبرز رجال الدولة خلال السنوات الماضية، وتولى إدارة ملفات حساسة، أهمها تنفيذ اتفاق السلام لعام 2018 بين الحكومة والمعارضة المسلحة. وخلال فترة غيابه تراجع هذا الملف بشكل واضح، وصولاً إلى اعتقال رياك مشار وعدد من قادته، وهو تطور أعاد التوتر وهدد بانهيار تسوية رعَتها قوى إقليمية ودولية.
إقالة قلواك جاءت يومها نتيجة صراع داخلي بين أجنحة الحكم ورغبة بعض الدوائر في توسيع نفوذها. لكن تلك الدوائر عجزت عن سدّ الفراغ أو متابعة الملفات المعقدة التي كان يديرها، ما دفع الرئيس سلفاكير إلى إعادة النظر.
رجل الخرطوم… والعقدة السودانية
يحتفظ قلواك بخبرة طويلة في الخرطوم منذ ما قبل الانفصال، ونسج شبكة علاقات واسعة بين النخب السياسية والأمنية في السودان. وقد لعب دوراً محورياً في مفاوضات “سلام جوبا” عام 2020، ما منح جوبا وزناً إقليمياً جديداً باعتبارها وسيطاً قادراً على التأثير في مسار النزاعات.
غيابه تزامن مع أسوأ فترات العلاقات بين جوبا والخرطوم، بما في ذلك توقف صادرات النفط وتبادل الاتهامات. لذلك تُفهم عودته اليوم كمحاولة لإعادة فتح خطوط التواصل، خاصة في ظل الحرب السودانية الدائرة وما يرافقها من تنافس إقليمي على النفوذ وممرات النفط.
شبكة علاقات واسعة… ولكن حسّاسة
بحسب محللين، يملك قلواك نفوذاً شخصياً وعلاقات تمتد بين الأطراف المتصارعة في السودان، ما يجعله “رجل التوازنات الدقيقة”. ويرى كاتبان سياسيان أن الرئيس سلفاكير يعوّل على هذا النفوذ لضمان استمرار تدفق النفط، والحفاظ على علاقات متوازنة مع الخليج، ومعالجة التوترات المتراكمة على الحدود.
لكن هذه الشبكة نفسها قد تثير حساسية الخرطوم، خاصة إذا فُسّرت تحركاته كميل لطرف دون آخر. كما تواجه جوبا اتهامات متزايدة بدعم قوات الدعم السريع سراً، ما يجعل مهمة قلواك محفوفة بالشكوك.
صراع تيارات داخل جوبا
تؤكد مصادر سياسية أن إقالة قلواك قبل عامين لم تكن مجرد “إعادة تدوير للمناصب”، بل نتيجة صراع داخل مؤسسات الدولة وداخل الحزب الحاكم، خصوصاً بعد تنامي الدعوات لإبعاد الشخصيات التي لها صلات بحزب المؤتمر الوطني السوداني السابق.
لكن فشل البدائل في إدارة الملفات الحساسة دفع مؤسسات الدولة لإعادة تقييم الموقف، لترى في توت قلواك الخيار الأكثر قدرة على إعادة ضبط الإيقاع بين مؤسسات الحكم.
عودة بوزن سياسي… ومهمة شاقة
يرى نواب وشخصيات برلمانية أن إعادة تعيين قلواك خطوة “استراتيجية” تهدف إلى توحيد القرار داخل مؤسسة الرئاسة وتعويض حالة التشتت التي عاشتها الدولة مؤخراً. وتُعتبر خبرته في إدارة الأزمات والتفاوض أحد أهم أسباب عودته.
مع ذلك، يواجه الرجل تحديات غير مسبوقة:
- الحرب المشتعلة في السودان وتداعياتها المباشرة على الاقتصاد الجنوبي
- الشكوك حول حياده بسبب علاقاته القديمة
- حساسية التوازن بين الخرطوم والدعم الإقليمي
- تعقيدات الداخل الجنوبي وصراع التيارات في مؤسسات الأمن والرئاسة.
ختاماً
عودة توت قلواك ليست مجرد قرار إداري، بل خطوة سياسية تُعيد رسم ملامح السلطة في جنوب السودان. وتبدو جوبا اليوم أمام اختبار جديد في قدرتها على استثمار خبرة الرجل لإعادة فتح القنوات المجمّدة مع الخرطوم، وإنعاش الملفات العالقة، وتأمين استقرار الدولة في لحظة إقليمية مضطربة.
ويبقى نجاح قلواك مرهوناً بقدرته على إدارة هذه التوازنات الحساسة دون إشعال حساسيات جديدة، وبمدى الثقة التي سيحافظ عليها داخل مؤسسة الرئاسة وخارجها.
هل تُعيق التعددية القانونية الحوكمة الرقمية للأراضي في غانا؟
رغم أن غانا قطعت شوطاً في إصلاح إدارة الأراضي والانتقال نحو النظم الرقمية، فإن التعددية القانونية—بوجود نظامين متوازيين: العرفي والرسمي—لا تزال تُعقّد عملية الحوكمة وتحدّ من فعالية الرقمنة.
تمثل المؤسسات العرفية نحو 80% من إدارة الأراضي، وتملك نفوذاً تاريخياً يستند إلى الشرعية الاجتماعية، بينما تحاول الدولة عبر قوانين حديثة ومنصات رقمية مثل GELIS ونظام الهوية البيومترية دمج الملكيات وتحديث السجلات. إلا أن الرقمنة تصطدم بواقع معقّد من الحدود غير الواضحة، وتعدد المطالبات، والتوثيق الشفوي، وتضارب الروايات حول الملكية.
وتكشف الدراسة أن النزاعات على الأرض—خصوصاً في المناطق الغنية بالذهب كأهافو نورث وبريستيا—ترتبط بشدة بتداخل أنظمة الحيازة العرفية مع القوانين الرسمية. ففي هذه المناطق، تؤدي مشاريع التعدين إلى صدام بين الشركات والمجتمعات المحلية بسبب غياب الوثائق القانونية، وتعدد روايات الملكية، وافتقار السكان للمعلومات حول حقوقهم. كما تُظهر المقابلات الميدانية أن الثقة في الإجراءات الرسمية منخفضة، وأن المشاورات غالباً تتم بين الشركات والزعماء التقليديين دون مشاركة حقيقية للأهالي.
ورغم أن الرقمنة تُروَّج كحل لتعزيز الشفافية ومنع الفساد وتوثيق الحقوق عبر تقنيات مثل البلوك تشين، تحذّر الدراسة من أنها قد تتحوّل إلى أداة تُفاقم الإقصاء إذا لم تُدمج الهياكل العرفية بشكل فعلي. فقد يؤدي تسجيل الملكيات الرقمية إلى نزع ملكية صامت بحق السكان الذين يفتقرون إلى سندات رسمية، فيما يستفيد الأقوياء اقتصادياً من توثيق الأراضي لصالحهم.
في المقابل، تُظهر التجارب أن الرقمنة يمكن أن تُحسّن التخطيط العمراني وتسرّع الخدمات وتقلل البيروقراطية، لكنها تفشل حين تتجاهل السياقات الاجتماعية والديناميكيات التقليدية التي ترتبط بالأرض كمصدر للهوية ووسيلة للعيش.
ترى الدراسة أن الحوكمة الرقمية لن تنجح في غانا ما لم تُبنَ على شراكة حقيقية بين الدولة والمؤسسات العرفية والمجتمعات، مع تعزيز الوعي القانوني، وتطوير آليات تشاركية واضحة لتسوية النزاعات، ودمج المطالبات التاريخية ضمن قواعد البيانات الرسمية.
فالرقمنة ليست حلاً سحرياً، بل اختبار لكيفية التوفيق بين التكنولوجيا والبنى التقليدية القديمة. نجاحها مرهون بقدرتها على حماية الفئات الهشة وتكريس الثقة والعدالة في إدارة الأراضي، لا مجرد تحديث المنصات التقنية.




