نحن والعالم

نحن والعالم عدد 3 يوليو 2025

يقوم هذا التقرير، الصادر عن المعهد المصري للدراسات، على رصد عدد من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على المشهد المصري والعربي والإقليمي، في الفترة من     27 يونيو 2025 إلى 3 يوليو 2025.

تطرقنا في هذه النشرة إلى التحولات في سوريا على المستويين الداخلي والخارجي، ومن ضمنها خطة لإعادة هيكلة الجيش السوري، وتدشين مشروع مدينة بوابة دمشق الإعلامية، بالإضافة إلى تقرير حول الخسائر الإيرانية من حربها مع إسرائيل، وهجوم ترامب على مامداني والانقسام في المعسكر الداعم لترامب في قضايا داخلية وخارجية، والعديد من الملفات العربية والإفريقية والدولية الهامة الأخرى.

سوريا

تشهد سوريا تحولات متسارعة على المستويين الداخلي والخارجي. داخلياً، أعلنت دمشق خطة لإعادة هيكلة الجيش وتحويله إلى قوة وطنية تطوعية، بالتوازي مع حل المجلس الإسلامي السوري ودمج مؤسساته في الدولة. اقتصادياً، أُعيد افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية، وأُطلق مشروع مدينة “بوابة دمشق” الإعلامية باستثمار ضخم لتحفيز التنمية وجذب الكفاءات.

 في المقابل، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً جديداً يقضي بإنهاء برنامج العقوبات الاقتصادية الشاملة المفروضة على سوريا، في خطوة وُصفت بأنها دعم لمسار الاستقرار والسلام في البلاد، وفي الوقت الذي يجري فيه الحديث عن اتفاق سلام محتمل بين سوريا وإسرائيل، تواجه المفاوضات المباشرة الجارية بينهما تحديات جدية تهدد إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل.

 كما  أثارت تقارير دولية اتهامات خطيرة بارتكاب مجازر ضد العلويين، تهدد مرحلة الانتقال. وترافق ذلك مع تفجير غامض استهدف رئيس الاستخبارات حسين السلامة في قلب العاصمة، وسط صمت رسمي، ومسؤولية إسرائيلية.

الموفد الأميركي إلى سوريا: الحرب بين إيران وإسرائيل تمهد لشرق أوسط جديد واتفاقات سلام محتملة

قال الموفد الأميركي الخاص إلى سوريا وسفير الولايات المتحدة في تركيا، توماس باراك، إن الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل قد تشكل “منعطفاً تاريخياً” يفتح الباب أمام شرق أوسط جديد، داعياً إلى استغلال اللحظة لدفع المنطقة نحو السلام، وخصوصاً في سوريا ولبنان.

وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، نُشرت اليوم الأحد 29 يونيو، اعتبر باراك أن ما شهدته المنطقة مؤخراً “يمثل فرصة للجميع للتوقف ومراجعة المسار، والمضي قدماً نحو طريق جديد”، مؤكداً أن تركيا ستكون “عنصراً محورياً” في هذه المرحلة.

وأضاف أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان يتفقان على ضرورة تحويل هذا الظرف إلى فرصة لتغيير واقع الشرق الأوسط، وقال: “القائدان تحدثا مباشرة عن أولوياتهما، وكان الحوار صريحاً حول سبل تحسين حياة شعوب المنطقة”.

اتفاق محتمل بين سوريا وإسرائيل؟

وحول احتمالية التوصل إلى اتفاق بين سوريا وإسرائيل، عبّر باراك عن تفاؤله قائلاً: “نعم، هذا أملي. يجب أن يتم التوصل إلى اتفاق في مرحلة ما”. وأوضح أن إسرائيل “كانت تُعتبر عدواً واضحاً لسوريا في السابق”، لكن الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع “أظهر أنه لا يحمل كراهية تجاه إسرائيل، ويرغب في تحقيق السلام على الحدود”.

وأضاف: “أعلم أن الجانب الإسرائيلي يشارك هذا التوجه. قد نشهد في البداية حواراً غير معلن حول قضايا فنية كأمن الحدود، وهو ما قد يفتح الباب لاحقاً أمام حوار أوسع لنزع التصعيد”.

كما أشار إلى إمكانية عقد اتفاق مماثل بين إسرائيل ولبنان، قائلاً: “لماذا لا نعيش في سلام؟ المعتقدات الدينية يجب أن تبقى في نطاقها الشخصي، بعيدة عن السياسة والنزاعات”.

العلاقات مع تركيا نحو التهدئة

وبخصوص العلاقات الأميركية-التركية، عبّر باراك عن تفاؤله بإمكانية حل الخلافات بين البلدين بحلول نهاية العام الجاري، وخاصة في ما يتعلق بالعقوبات المفروضة على أنقرة واستبعادها من برنامج مقاتلات F-35 بسبب شرائها منظومات الدفاع الروسية S-400.

وقال: “أنا واثق من أننا سنصل إلى حل قبل نهاية هذا العام. الولايات المتحدة تعتبر تركيا دائماً حليفاً استراتيجياً ضمن حلف شمال الأطلسي”.

وختم باراك بالقول إن “فرصة السلام قائمة، والظروف اليوم قد لا تتكرر. المطلوب هو شجاعة القرار، وفتح قنوات الحوار بصدق، بعيداً عن الحسابات القديمة”. (الجزيرة نت)

ساعر: الجولان يبقى جزءا من إسرائيل في أي اتفاق مع سوريا

أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر  أن لديهم مصلحة بضم سوريا ولبنان إلى ما وصفه بـ”السلام والتطبيع” مؤكدا تمسك حكومته باحتلال الجولان السوري.

وقال ساعر -خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيرته النمساوية بياتي مينل ريزينغر بمقر الخارجية في القدس الغربية- إن إسرائيل معنية بتوسيع دائرة السلام والتطبيع التي نصت عليها اتفاقيات أبراهام.

وأضاف “لدينا مصلحة في ضم دول مثل سوريا ولبنان، جيراننا، إلى دائرة السلام والتطبيع، مع الحفاظ على مصالح إسرائيل الأساسية والأمنية”.

وشدد وزير الخارجية الإسرائيلي على أن الجولان سيبقى جزءا من إسرائيل مهما حدث، قائلا “لن نتفاوض على مصير الجولان في أي اتفاق سلام”.

وتابع “طبقت إسرائيل قانونها على الجولان قبل أكثر من 40 عاما، وفي أي اتفاق سلام، سيبقى الجولان جزءا من إسرائيل”.

أنباء عن اتفاق

بدورها، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الاتفاق المتوقع بين مع سوريا لن يكون اتفاق سلام، بل أقرب إلى معاهدة أمنية بشأن التدخلات العسكرية الإسرائيلية في سوريا بعد 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ولن تشمل تغييرا في الأوضاع بالجولان.

وأمس، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” حين سئل عن إمكانية إبرام اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا “لا أعرف، لكنني رفعت العقوبات عن سوريا”.

وجاء ذلك بعد أن نقلت قناة “آي24” الإسرائيلية عن مصدر سوري وصفته بالمطلع قوله إن بلاده وإسرائيل ستوقعان اتفاقية سلام قبل نهاية عام 2025.

ووفقا لما نقلته القناة الإسرائيلية، قال المصدر السوري إن من شأن هذه الاتفاقية تطبيع العلاقات بشكل كامل، وإن مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل ستكون “حديقة سلام” على حد تعبيره.

وأشار المصدر السوري إلى أنه بموجب الاتفاقية “ستنسحب إسرائيل تدريجيا من جميع الأراضي السورية التي احتلتها بعد غزو المنطقة العازلة في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بما في ذلك قمة جبل الشيخ”.

ونهاية الشهر الماضي، قالت 5 مصادر مطلعة لوكالة رويترز إن إسرائيل وسوريا على اتصال مباشر، وأجرتا لقاءات وجها لوجه بهدف تهدئة التوتر والحيلولة دون اندلاع صراع في المنطقة الحدودية بين الجانبين.

وذكرت مصادر أن عدة جولات من الاجتماعات المباشرة جرت بالمنطقة الحدودية بما في ذلك الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل. لكن وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى قال حينها إن “هناك مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، تتمحور على اتفاقية فصل القوات” أو ما تعرف باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.

يُذكر أن إسرائيل ضمت الجولان السوري عام 1981 بعد أن احتلت أغلبها في حرب 1967، في خطوة لم تعترف بها الأمم المتحدة. (الجزيرة نت)

تحركات خلف الكواليس: إسرائيل وسوريا تبحثان إشراك قوات أميركية في الجولان ضمن صيغة جديدة للهدنة

في تطور لافت قد يُعيد رسم معادلة التوازن على الحدود السورية-الإسرائيلية، كشف موقع “المونيتور” الأميركي عن مفاوضات جارية بين إسرائيل وسوريا تهدف إلى إعادة صياغة اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، وسط اقتراحات بإشراك قوات أميركية على خط وقف إطلاق النار في مرتفعات الجولان المحتلة.

مفاوضات غير مباشرة ونموذج بديل للسلام

ووفقاً للتقرير، تُدار المفاوضات على مستوى استخباري ودبلوماسي، وتتركز حتى الآن على بناء نموذج أمني جديد دون الحاجة لتوقيع معاهدة سلام شاملة بين الطرفين. وتُجري هذه المحادثات بشكل غير مباشر عبر وسطاء من قطر والسعودية، مع انخراط أميركي واضح يدفع نحو اتفاق تدريجي يراعي التحولات الإقليمية والتوازنات العسكرية الدقيقة في المنطقة.

واشنطن تراقب وتضغط

الموقع أشار إلى أن الولايات المتحدة تتابع عن كثب هذه الاتصالات، وتبدي استعداداً لممارسة ضغوط دبلوماسية ولوجستية بهدف التوصل إلى صيغة تهدئة جديدة قد تمهّد لتثبيت طويل الأمد على الحدود، دون التورط في عملية سلام شاملة تُعد حالياً بعيدة المنال في ظل الانقسام الإقليمي وتعقيدات الملف السوري.

سيناريو بديل: إعادة ضبط اتفاق الهدنة

ومن بين الخيارات المطروحة، يتم النظر في إعادة ضبط آلية اتفاق 1974، الذي تم توقيعه بوساطة أممية بعد حرب أكتوبر، دون إلغائه بالكامل. ويشمل ذلك تعديل دور قوات المراقبة الدولية (اليونيفيل)، وإعادة تقييم تموضعها، سواء من خلال تثبيت أو سحب القوات على الجانب السوري، مع احتمال نشر قوات أميركية ضمن منطقة الفصل لمراقبة الالتزام بالهدنة وضمان الاستقرار.

محادثات السلام بين سوريا وإسرائيل تصطدم بعقبة أمنية.. والشرع يشترط وقف العمليات داخل الأراضي السورية

تواجه المفاوضات المباشرة الجارية بين إسرائيل وسوريا تحديات جدية تهدد إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل، بحسب ما نقلته صحيفة جيروزاليم بوست عن مصادر مطلعة على سير المحادثات.

وبحسب المصادر، فقد أبلغت حكومة أحمد الشرع الجانب الإسرائيلي بوضوح أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يتضمن تعهداً إسرائيلياً بعدم تنفيذ أي عمليات عسكرية أو أمنية داخل الأراضي السورية، وهو ما تعتبره دمشق شرطاً سيادياً لا يمكن التنازل عنه.

تمسك إسرائيلي بحرية التحرك الأمني

في المقابل، تصر إسرائيل على الاحتفاظ بحق التدخل الأمني والعسكري عند الحاجة، خاصة إذا تم التوافق على انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق العازلة، كما تطالب دمشق. وتعتبر تل أبيب أن التخلي عن هذا الحق قد يعرّض أمنها للخطر في ظل التهديدات الإيرانية ومخاوف تسلل المجموعات المسلحة.

الجولان خارج التفاوض

في سياق متصل، جدد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر موقف بلاده الرافض لأي نقاش حول مرتفعات الجولان، مؤكداً أنها “جزء لا يتجزأ من إسرائيل”، مشيراً إلى أن القانون الإسرائيلي فُرض على المنطقة قبل أكثر من 40 عاماً. وأضاف أن إسرائيل “معنية بتوسيع اتفاقات أبراهام لتشمل دولاً مجاورة كـسوريا ولبنان، بشرط الحفاظ على مصالحها الأمنية”.

اتفاق محتمل… ولكن بارد

ورغم تفاؤل حذر يسود بعض الأوساط السياسية، نقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على سير المفاوضات أن “أفضل ما يمكن تحقيقه في المرحلة الأولى هو سلام بارد، يركز على ترتيبات أمنية تخص مناطق العزل، من دون أي تغيير في وضع الجولان”.

مشهد معقد وسلام مشروط

تُظهر هذه التطورات أن مسار السلام بين سوريا وإسرائيل لا يزال في بدايته، وأن التوصل إلى اتفاق شامل سيحتاج إلى تسويات دقيقة وحلول وسط تتعلق بالملف الأمني والسيادة الإقليمية، خاصة في ظل استمرار الخلاف حول الجولان، والتداخل الإقليمي المعقّد في الملف السوري. (سكاي نيوز)

مجلس الأمن يمدد مهمة قوة حفظ السلام بالجولان لـ 6 أشهر

أقرّ مجلس الأمن الدولي بالإجماع، الاثنين، تمديد ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة لمراقبة فضّ الاشتباك “أوندوف” في مرتفعات الجولان السورية المحتلة لغاية 31 ديسمبر/ كانون الأول 2025.

جاء ذلك خلال جلسة مجلس الأمن المنعقدة في المقر الرئيسي للمنظمة الدولية في نيويورك، وذلك بناء على مشروع قرار أمريكي روسي بهذا الشأن.

وأكد القرار على أن “الأندوف” تواصل الحفاظ على طابعها المحايد، وشدد على ضرورة وقف جميع الأنشطة التي تعرض جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة في الميدان للخطر.

وشدد على ضرورة تمكين موظفي الأمم المتحدة من أداء مهامهم بشكل آمن.

كما دعا القرار “جميع المجموعات، باستثناء قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، إلى “التخلّي عن جميع مواقع القوة، واحترام امتيازات القوة وحصاناتها وضمان حرية تنقلها، وضمان تسليم معدّات القوة دون عوائق”.

هذا وأنشئت قوة “أوندوف” بقرار من مجلس الأمن الدولي عام 1974، ومهمّتها مراقبة فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل في مرتفعات الجولان.

وتحتل إسرائيل مرتفعات الجولان منذ حرب يونيو/حزيران 1967.

وتتمثل مهام قوة “أوندوف” بالحفاظ على وقف إطلاق النار بين الطرفين والإشراف على فض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية.

ويقع على عاتقها الإشراف على ما تسمى “مناطق الفصل” وهي منطقة عازلة منزوعة السلاح، كما تشرف على مناطق “الحدّ”، حيث يتم تقييد القوات والمعدّات الإسرائيلية والسورية، في مرتفعات الجولان. (الأناضول)

“الإعلام” تنفي إحباط محاولة لاغتيال الشرع بدرعا

نفى مصدر في وزارة الإعلام، ما تم تداوله من قبل وسائل إعلام، عن إحباط الجيش السوري، بالتعاون مع المخابرات التركية، محاولة لاغتيال الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خلال زيارته لمحافظة درعا، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء السورية (سانا) اليوم. الأحد 29 من حزيران.

جاء ذلك رداً على ما نقلته صحفية “إسرائيل هيوم”، عبر منصة “إكس“، السبت 28 من حزيران، بأن الجيش السوري والاستخبارات التركية، أحبطا محاولة اغتيال استهدفت الشرع، وكانت مخططة للتنفيذ في منطقة درعا جنوبي سوريا.

ونشرت الصحيفة أن شخصية بارزة في تنظيم “الدولة”، يتردد أن لها صلات مزعومة بـ ”حزب الله”، حاولت اغتيال الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خلال زيارته إلى مدينة درعا.

وفي 6 من حزيران الحالي، زار الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية محافظة درعا، والذي صادف أول أيام عيد الأضحى.

وأفاد مراسل عنب بلدي في درعا، أن الشرع التقى مع المحافظ وعدد من المسؤولين في قصر محافظة درعا.

وكان من المتوقع أن يصلي في المسجد العمري في درعا البلد، لكن تأجلت زيارته إلى المسجد العمري مع انسحاب عناصر الجيش من محيط المسجد.

وعقب اجتماعه مع المحافظ توجه الشرع إلى المسجد العمري لأداء صلاة العصر، وبقي فيه لدقائق، لينسحب بعدها موكب الرئيس الشرع ويغادر المحافظة، بعد توقعات بأن يلقي خطاباً في ساحة المسجد. وشهد محيط المسجد العمري ازدحاماً في ساحتيه الداخلية والخارجية، إضافة إلى محيطه، في ظل انتشار كثيف لعناصر الجيش.

وقال مراسل عنب بلدي في درعا حينها، إن المحافظة شهدت قطعاً للعديد من الطرقات من قبل قوات الأمن العام والجيش، حيث نصبت عشرات الحواجز التي منعت السكان من التحرك سوى من طرق محددة، وسط عمليات تفتيش دقيقة للسيارات والسكان.

كما قطع طريق دمشق- درعا إلى حين انتهاء الزيارة.

وفي نهاية أيار الماضي، زار الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، محافظة حلب، وألقى خطاباً في فعالية “حلب مفتاح النصر”، التي تهدف لتكريم عوائل القتلى والمصابين في عمليات تحرير المدينة خلال معركة “ردع العدوان”.

وخلال زيارته لحلب، أعلن الشرع انتهاء الحرب “ضد الطغاة وبدء المعركة ضد الفقر”.

ودعا الرئيس السوري السوريين إلى بدء العمل بجد من أجل إعمار البلاد والنهوض بالمجتمع، ولا سيما بعد رفع العقوبات التي كانت تثقل كاهل المواطنين والاقتصاد.

رويترز تتهم الحكومة السورية بتنفيذ مجازر بحق العلويين في الساحل

اتهمت وكالة “رويترز” قوات النظام السوري بارتكاب مجازر دموية بحق نحو 1500 من أبناء الطائفة العلوية خلال ثلاثة أيام من أعمال قتل ونهب وحرق وقعت في مارس/آذار الماضي، في الساحل السوري، مؤكدة أن سلسلة الأوامر العسكرية التي أدت لتلك المجازر كانت تنطلق من رجال مرتبطين مباشرة بالقيادة الجديدة في دمشق.

وكشفت الوكالة، في تحقيق موسّع نُشر في 30 يونيو 2025، أن المجازر جاءت عقب تمرد مسلح نظمه ضباط موالون للرئيس المخلوع بشار الأسد، وأسفر عن مقتل نحو 200 عنصر من الأجهزة الأمنية، ما دفع القوات الموالية للحكومة الجديدة إلى شن عمليات انتقامية واسعة ضد تجمعات سكانية علوية.

ووثقت رويترز وجود 40 موقعاً على الأقل شهدت عمليات قتل جماعي وعمليات سلب وتخريب بحق المدنيين، مؤكدة أن الضحايا شملوا أطفالاً ونساء، وأن الهجمات ترافقت مع شعارات طائفية مثل عبارة “كنتم أقلية.. والآن أصبحتم نادراً” التي وُجدت مكتوبة على منازل الضحايا.

وأوردت الوكالة أن سلسلة القيادة العسكرية للمنفذين تضمنت عناصر من وحدات حكومية رسمية مثل “جهاز الأمن العام” التابع حالياً لوزارة الداخلية، بالإضافة إلى مجموعات قتالية سابقة في “هيئة تحرير الشام” كـ”الوحدة 400″ و”لواء عثمان”، إلى جانب ميليشيات سنّية حديثة الانضمام إلى الحكومة مثل “فرقة السلطان سليمان شاه” و”فرقة الحمزات”، المصنفتين أوروبياً على لوائح العقوبات بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، في حين لم تفرض الولايات المتحدة أية عقوبات حتى الآن على هذه المجازر.

وأشارت رويترز إلى أن القوات المنفذة تلقت أوامر واضحة بتاريخ 6 مارس من القيادة الجديدة بقمع ما سُمّي بمحاولة انقلاب من “فلول النظام السابق”، بحسب إفادات ستة مقاتلين وثلاثة مسؤولين في الحكومة الجديدة.

وتطرقت الوكالة إلى أحد المشاهد المروعة التي وثّقها الأهالي، ومنها قيام المسلحين باستخراج قلب أحد الضحايا، الشاب سليمان رشيد سعد (25 عاماً)، ووضعه فوق صدره المفتوح بعد قتله في بلدة الرصافة، في حين اتصل الجناة بوالده من هاتفه الخاص وتحدّوه أن يأتي لاستلام الجثة.

ونقلت رويترز شهادات من أقارب الضحايا ومن سكان بلدات مثل السنوبار والقبّو التي تعرضت لدمار واسع النطاق، وما زال سكانها يعيشون حالة خوف شديد حتى اليوم.

وفي مقابلة مع الوكالة، قال الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع -القائد السابق لـ”هيئة تحرير الشام” والمصنّف على لوائح العقوبات الأممية منذ 2014- إنه لا يقبل بإفلات أي جهة من العقاب، حتى لو كانت من داخل حكومته، متعهداً بفتح تحقيق شامل ومعاقبة كل من يثبت تورطه.

وفي هذا السياق، أعلن المتحدث باسم لجنة التحقيق، ياسر فرحان، أن اللجنة تعمل على جمع شهادات من أكثر من ألف شخص، وسترفع تقريرها النهائي خلال أسبوعين إلى الرئيس، داعياً الوكالة إلى عدم نشر نتائج تحقيقها قبل صدور التقرير الرسمي احتراماً لـ”نزاهة الحقيقة”، على حد تعبيره.

وبينما تُجري الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب خطوات تدريجية لرفع العقوبات عن سوريا، أعادت رويترز التذكير بأن الحكومة الحالية في دمشق يقودها فصيل إسلامي متشدد كانت تربطه صلات سابقة بتنظيم القاعدة.

واختتمت الوكالة تقريرها بالتأكيد على أن عمليات القتل لم تتوقف حتى الآن، مشيرة إلى أن حالة الاستقطاب الطائفي العميق في سوريا ما زالت مستمرة، وأن الجرائم الأخيرة تهدد ما تبقى من عملية الانتقال الهشة في البلاد.

ولم يصدر أي رد من الحكومة السورية في دمشق على اتهامات الوكالة.

المجلس الإسلامي السوري يعلن حلّ نفسه

أعلن المجلس الإسلامي السوري -اليوم السبت- حل نفسه استجابة لطلب الحكومة في يناير/كانون الثاني بحل جميع الأجسام الثورية السياسية والمدنية لدمجها في مؤسسات الدولة.

وقال المجلس -في بيان- إن قرار الحل يأتي “بعد أن حقق كثيرا من الأهداف التي قام لأجلها” مشيرا إلى حل كافة المؤسسات التابعة له والمنبثقة عنه كمجلس الإفتاء السوري ومجلس القراء السوريين.

وأضاف أنه يوصي كل أفراده بـ”المساهمة الإيجابية الفعالة في إنجاح وإثراء المرحلة الجديدة بما يمتلكونه من خبرات ومؤهلات، وتوحيد الجهود بين العاملين في حقل التربية والتوجيه والدعوة”.

وأفاد في بيانه بأن سنوات الثورة السورية اقتضت إنشاء مؤسسات متنوعة بأدوار مختلفة، لافتا إلى أن سقوط نظام الرئيس بشار الأسد يعني “بدء حقبة جديدة عنوانها بناء الدولة بكل مؤسساتها”.

يُذكر أن المجلس الإسلامي السوري أصدر -خلال سنوات عمله- وثيقتي المبادئ الخمسة والهوية السورية، ورؤية التوافق الوطني.

يُشار إلى أن المجلس الإسلامي السوري تأسس في إسطنبول عام 2014، وضم اجتماع التأسيس أكثر من 128 داعية وعالما، ونشط في الشمال السوري وعدة محافظات في تركيا.

وعرّف نفسه بأنه هيئة لعلماء الشريعة الإسلامية السوريين، وكان يهدف إلى “تجميع الكيانات الشرعية وتوجيه الشعب السوري دينيا، وإيجاد حلول شرعية لمشكلاته وقضاياه”.

ووفق تعريف المجلس بنفسه، فإن رسالته كانت تقضي “ترسيخ المشروع الإسلامي وتفعيل دور المؤسسة الدينية في المجتمع السوري”. (الجزيرة نت)

سوريا تعلن خطة شاملة لتحديث سوق دمشق للأوراق المالية وزيادة أيام التداول

أعلن وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، عن انطلاق خطة تطوير شاملة لسوق دمشق للأوراق المالية، تهدف إلى تحديث البنية التقنية والتشريعية للسوق وزيادة نشاطها، وذلك في منشور له على منصة “لينكد إن” اليوم الاثنين.

وأوضح الوزير أن الخطة تتضمن زيادة عدد أيام التداول الأسبوعية من 3 إلى 5 أيام، بدءاً من شهر يوليو/تموز المقبل، في خطوة تهدف إلى رفع وتيرة التعاملات وتوسيع قاعدة المستثمرين والمشاركين في السوق.

وجاء هذا الإعلان خلال اجتماع عُقد في وزارة المالية بحضور المعنيين بالشأن المالي والاقتصادي، حيث تم التوافق أيضاً على دعوة الجمعية العامة للانعقاد في سبتمبر/أيلول المقبل، لانتخاب مجلس إدارة جديد، تمهيداً لمرحلة جديدة من التحديث المؤسسي.

وأكد برنية أن الخطة تستهدف تعزيز جانب العرض في السوق عبر تشجيع إدراج الشركات العائلية، الجامعات الخاصة، والمؤسسات الاقتصادية ضمن إطار تشريعي أكثر مرونة وجاذبية. كما تشمل إدخال أدوات وخدمات مالية واستثمارية جديدة لتحفيز جانب الطلب وتنشيط التداولات.

وتتضمن الخطة أيضاً إصلاحات تشريعية وهيكلية، تشمل مراجعة القوانين الناظمة للسوق وتحديثاً شاملاً للبنية التحتية التقنية، بما في ذلك نظم التداول والمقاصة، بهدف الوصول إلى التحول الرقمي الكامل في تقديم الخدمات المالية، إلى جانب رفع مستوى الوعي المالي لدى المواطنين.

وفي ختام تصريحه، شدد وزير المالية على التزام الحكومة بتوفير جميع مستلزمات التطوير، من أجل تحقيق نقلة نوعية في أداء السوق، وزيادة مساهمتها في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز قدرته على التعافي والنمو.

يُذكر أن سوق دمشق للأوراق المالية أعيد افتتاحه في 2 يونيو/حزيران الجاري، بعد توقف استمر نحو ستة أشهر، وذلك وسط حضور رسمي رفيع ومشاركة واسعة من المستثمرين والتجار.

وكان رئيس مجلس إدارة السوق، فادي جليلاتي، قد صرّح خلال الافتتاح بأن السوق يقف اليوم على أعتاب “مرحلة اقتصادية جديدة”، معرباً عن أمله في أن تسهم السوق بدور محوري في إعادة الإعمار، جذب الاستثمارات، واستقرار العملة المحلية.

بدوره، وصف المدير التنفيذي للسوق، باسل أسعد، لحظة الافتتاح بـ”اليوم التاريخي”، مؤكداً استعداد السوق للقيام بدور أكبر في سوريا الجديدة، عبر توسيع نطاق الاستثمارات وفتح آفاق اقتصادية جديدة.

“بوابة دمشق”.. مشروع إعلامي عملاق لاستقطاب الاستثمارات واستعادة الكفاءات المهاجرة

في خطوة تهدف إلى تعزيز موقع سوريا في خارطة الإعلام والاستثمار الإقليمي، وقّعت وزارة الإعلام مذكرة تفاهم مع شركة “المها الدولية” لإطلاق مشروع مدينة “بوابة دمشق” للإنتاج الإعلامي والفني، باستثمار قدره 1.5 مليار دولار. مشروع وُصف بأنه تحوّل استراتيجي سيُعيد تموضع دمشق كمركز للإبداع الإعلامي والثقافي في المنطقة.

رافعة اقتصادية جديدة

يرى الخبير الاقتصادي د. محمد الكوسا أن المشروع سيلعب دوراً حاسماً في تنشيط الاقتصاد السوري، إذ يتوقع أن يسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي عبر أنشطة البناء، واستيراد التجهيزات، والإنتاج الفني المستمر. كما يُنتظر أن يُحدِث المشروع انتعاشاً في القطاعات الداعمة مثل النقل، الإقامة، التغذية، الأمن، والخدمات التقنية.

ويضيف الكوسا أن المشروع سيحفّز نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة، نظراً للطلب المتوقع على خدمات متعددة مرتبطة بالإنتاج، مثل الأزياء، الديكور، المعدات التقنية، ودعم الفعاليات.

بوابة لجذب الاستثمارات والتكنولوجيا

يشير الكوسا إلى أن نجاح المشروع سيخلق بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، وخاصة في مجالات الإعلام، السياحة الثقافية، والتكنولوجيا. كما يُعزز المشروع فرص نقل التكنولوجيا المتطورة إلى الداخل السوري، بما في ذلك أحدث تقنيات البث والإنتاج، مما يساهم في تحديث المهارات الفنية ورفع مستوى الكفاءات المحلية.

فرص عمل مباشرة وموسمية

من المتوقع أن يوفر المشروع أكثر من 4000  وظيفة مباشرة في مجالات فنية وإدارية متنوعة داخل المدينة الإعلامية، إضافة إلى نحو 9000  فرصة عمل موسمية مرتبطة بمشاريع إنتاجية وفعاليات مؤقتة. ويرى الكوسا أن هذا الزخم سيساهم في تقليص البطالة وتحفيز النمو المهني في قطاع الإعلام.

تنمية المهارات واستعادة الكفاءات

ويؤكد الكوسا أن المشروع سيستوجب إطلاق برامج تدريب وتأهيل تستهدف تطوير المهارات الإعلامية محلياً، مما يُمهّد لخلق جيل جديد من الكفاءات في هذا القطاع. كما أشار إلى أن المشروع قد يكون حافزاً لعودة “الدماغ السوري المهاجر” في مجالات الفن والإعلام، عبر توفير بيئة عمل محفّزة وآمنة.

أهمية استراتيجية متعددة الأبعاد

يُبرز المشروع أهمية استراتيجية تتمثل في تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية، إلى جانب إحياء قطاع الثقافة والفنون من خلال بنى تحتية متطورة، ودعم المبدعين المحليين.

منظور إعلامي واستثماري

من جانبه، اعتبر مدير المركز الصحفي السوري أكرم الأحمد أن مدينة “بوابة دمشق” ستشكل نقطة جذب قوية للاستثمارات في مجالات الإعلام والسياحة الثقافية، مؤكداً أن المشروع سيتطلب إنشاء شبكة من الخدمات اللوجستية والشركات المتخصصة لتلبية متطلبات الإنتاج الفني، مما سيُسهم في إعادة تدوير عجلة الاقتصاد السوري بطرق مبتكرة ومستدامة. (الحرية)

ترامب يُنهي برنامج العقوبات الشاملة على سوريا مع الإبقاء على القيود بحق الأسد وداعميه

أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً جديداً يقضي بإنهاء برنامج العقوبات الاقتصادية الشاملة المفروضة على سوريا، في خطوة وُصفت بأنها دعم لمسار الاستقرار والسلام في البلاد، مع الإبقاء على العقوبات المحددة ضد شخصيات وكيانات مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان والإرهاب.

وبحسب نص القرار الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية، فإن العقوبات سترفع عن الدولة السورية بشكل عام، فيما ستبقى قائمة على كل من بشار الأسد ومعاونيه، ومنتهكي حقوق الإنسان، ومهربي المخدرات، والمتورطين في أنشطة الأسلحة الكيميائية، وأفراد تنظيم داعش أو فروعه، بالإضافة إلى الوكلاء الإيرانيين في سوريا.

تحوّل في الموقف الأميركي

جاء في البيان أن الولايات المتحدة تلتزم بدعم “سوريا موحدة ومستقرة، لا تشكل ملاذاً للتنظيمات الإرهابية، وتكفل أمن الأقليات الدينية والعرقية، وتعيش بسلام مع جيرانها”، مع التأكيد على أن مثل هذا الواقع من شأنه أن يعزز الأمن والازدهار الإقليميين.

وأشارت الإدارة الأميركية إلى أن الظروف التي كانت قد برّرت فرض العقوبات سابقاً قد تغيّرت خلال الأشهر الستة الأخيرة، على خلفية “الإجراءات الإيجابية” التي اتخذتها الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع.

خطوات تنفيذية سابقة وتمهيد للقرار

يُذكر أن وزيري الخارجية والخزانة الأميركيين قد مهّدا لهذه الخطوة بإصدار الترخيص العام رقم 25 في 23 مايو/أيار 2025، والذي تضمن إعفاءات أولية من العقوبات المنصوص عليها في “قانون قيصر”.

وبموجب الأمر التنفيذي الجديد، ألغت إدارة ترامب عدداً من الأوامر التنفيذية السابقة التي شكلت الإطار القانوني للعقوبات على سوريا، بما في ذلك تلك الصادرة بين عامي 2004 و2011، والتي كانت تستهدف الحكومة السورية وقياداتها وكبار داعميها.

دعم مشروط وإشارات إلى مرحلة جديدة

القرار يعكس توجهاً أميركياً لإعادة تشكيل العلاقة مع سوريا، لكن بشروط صارمة تتعلق بالسلوك السياسي، وملف الإرهاب، وضمان الحقوق، مع فصل بين الدولة السورية كمؤسسة وبعض الأفراد والجهات التي لا تزال تعتبرها واشنطن عقبة أمام السلام والاستقرار. (سكاي نيوز)

وزارة الدفاع السورية تكشف خطتها لإعادة هيكلة الجيش: نحو جيش وطني تطوعي حديث

كشفت وزارة الدفاع السورية عن إستراتيجية شاملة لإعادة هيكلة الجيش العربي السوري، تهدف إلى تحويله إلى مؤسسة عسكرية حديثة، تطوعية، محترفة، تتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة وتلبي تطلعات السوريين لدولة مستقرة ذات سيادة.

وقال عدي العبد الله، مسؤول العلاقات الإعلامية في الوزارة، في تصريحات خاصة لـ”الجزيرة نت”، إن الخطة تتضمن إلغاء التجنيد الإجباري، واستبداله بنظام تطوعي قائم على معايير صارمة في اختيار المتقدمين، مع التركيز على استقطاب الكفاءات الشابة وذوي التخصصات التقنية والعلمية.

من التجنيد الإجباري إلى الجيش الطوعي

وأوضح العبد الله أن القرار بإلغاء التجنيد الإجباري يأتي في إطار الاتفاق السياسي الجديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع، الذي توصّل إلى تفاهم مع الفصائل الثورية يقضي بحلها ودمجها ضمن هيكلية وزارة الدفاع، بما يضمن وحدة السلاح تحت مظلة الجيش الوطني.

وأشار إلى أن عملية الدمج تتم تحت إشراف لجنتين مستقلتين: لجنة الهيكلة، برئاسة العميد عبد الرحمن حسين الخطيب، ولجنة التعيينات، حيث يجري العمل على جرد شامل للفصائل، يشمل عدد المقاتلين والأسلحة الموجودة، تمهيداً لإدماجهم في المنظومة العسكرية الجديدة.

تحديث شامل للهيكلية والتدريب

بحسب العبد الله، تسير عملية إعادة الهيكلة وفق خطة مرحلية متكاملة، تعتمد على تقييم دقيق للتحديات السابقة، وتعزز مبادئ الانضباط والاحتراف والكفاءة، مع إدخال تكنولوجيا التدريب والرقمنة، وتطوير المناهج العسكرية، وإطلاق دورات تخصصية لضباط الصف، وربط الترقية بمعايير الكفاءة وليس الأقدمية فقط.

كما تعمل الوزارة على توسيع شبكات التعاون العسكري الدولي، من خلال مشاورات مع “شركاء إستراتيجيين” في مجالات التدريب، تبادل الخبرات، والدعم الفني واللوجستي، ضمن أطر قائمة على احترام السيادة والمصالح المتبادلة.

الجيش الجديد: أكثر عدلاً واحترافية

وأكد المتحدث أن الصيغة الجديدة للجيش ستكون أكثر عدالة ومهنية، إذ تُعتمد آليات انتقاء صارمة تضمن اختيار المؤهلين أخلاقياً وفكرياً وجسدياً، وستكون المشاركة في الجيش “شرفاً ومسؤولية وطنية”، داعياً الشباب السوري إلى الانخراط في هذه المؤسسة الجديدة.

وأضاف أن الجيش أثبت قدرته على الصمود في أصعب الظروف، وهو الآن يخطو نحو إعادة البناء بشكل مدروس، ليكون درعاً حقيقياً لوحدة البلاد وحامياً لأمن جميع السوريين، بعيداً عن الانتماءات الطائفية أو الحزبية.

مرحلة مفصلية في تاريخ المؤسسة العسكرية

تُمثل هذه الخطوة، بحسب مراقبين، تحولاً جذرياً في بنية الجيش السوري، الذي ظل لعقود يعتمد على التجنيد الإجباري ويعاني من انقسامات حادة خلال سنوات الحرب. ويُنتظر أن تفتح إعادة الهيكلة الباب أمام مرحلة جديدة من إعادة بناء الثقة بالمؤسسة العسكرية، ودمج القوى المسلحة غير النظامية في إطار وطني موحد.

استهداف رئيس الاستخبارات السورية حسين السلامة في تفجير حي المزة بدمشق

كشفت تسريبات إعلامية سورية أن الانفجار الغامض الذي وقع قبل أيام في حي المزة الراقي بالعاصمة دمشق، استهدف شخصية أمنية رفيعة، يُعتقد أنها رئيس جهاز الاستخبارات السورية اللواء حسين السلامة، المعروف بلقبه الحركي “أبو مصعب الشحيل”.

وبحسب المصادر، نُقل السلامة بعد الحادث إلى مستشفى الشامي في العاصمة بحالة حرجة، وتم إدخاله إلى طابق معزول بشكل سري، وسط تكتم رسمي شديد.

الانفجار وتفاصيله

الانفجار وقع في منطقة حساسة بين طريق القصر ومزة فيلات غربية، قرب دوار السرايا، وتحديداً بجانب القصر المعروف سابقاً بقصر رفعت الأسد. ورافق الانفجار إطلاق نار كثيف، أثار ذعراً واسعاً في أوساط السكان.

في ذات اليوم، أكد الصحفي عطا فرحات، في تصريح إعلامي، أن “الانفجار لم يكن طبيعياً بل أقرب إلى قصف موجه”، مشيراً إلى أن روايات متضاربة سادت عقب الحادث؛ فبينما تحدثت وسائل إعلام رسمية عن “مخلفات حرب” أو “تدريبات عسكرية”، ذكرت تقارير إسرائيلية أن المستهدف هو “قيادي أمني كبير”.

من هو حسين السلامة؟

حسين السلامة عُين رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة في مايو 2025 ضمن حكومة أحمد الشرع. يُعد من الأسماء المثيرة للجدل في الساحة السورية، حيث كان سابقاً من مؤسسي “مجلس شورى الشرقية”، كما شارك في الجناح العسكري لهيئة تحرير الشام. لاحقاً، ترأس لجنة التفاوض مع قوات سوريا الديمقراطية، وتولى منصب محافظ دير الزور بعد ما وصف بـ”سقوط النظام المركزي”.

يُنظر إلى السلامة كأحد أبرز رموز المرحلة الانتقالية الجديدة في دمشق، ويُعتقد أنه لعب دوراً حاسماً في ترتيبات داخلية معقدة خلال الأشهر الأخيرة.

صمت رسمي وغموض مستمر

حتى اللحظة، لم يصدر أي بيان رسمي يؤكد أو ينفي تعرض حسين السلامة لمحاولة اغتيال. في المقابل، تتزايد التكهنات حول طبيعة التفجير، وسط اتهامات غير مباشرة بتورط أطراف خارجية، ربما إسرائيل، في تنفيذ الضربة، ضمن سلسلة من العمليات التي تستهدف قيادات عسكرية وأمنية داخل الأراضي السورية. (I24News)

أمريكا

يسرع ترامب لإبرام اتفاقات تجارية مصغّرة قبل 9 يوليو، ما أثار قلق الأسواق ودفع المستثمرين للهروب من السندات طويلة الأجل. داخلياً،  يتعمق الانقسام حول  القانون “الكبير والجميل” الذي يفرضه ترامب بقوة فيما يتعلق بالتغييرات الكبرى في الموازنة العام، والذي لم يبق على صدوره إلا اعتماد مجلس النواب له قبل الموعد النهائي الذي حدده ترامب وهو الرابع من يوليو.

يتعمّق الانقسام أيضاً  في اليمين الأميركي المشكل للتحالف الداعم لترامب  حول دعم إسرائيل والمشاركة في الحروب الخارجية، وسط انتقادات لهيمنة اللوبيات على القرار السياسي والإعلامي، كما يعمل إيلون ماسك على إنشاء حزب سياسي جديد مما سيعمق الانقسام ويسبب المزيد من الإرباك للمشهد الداخلي. في المقابل، يواجه ترامب تحدياً انتخابياً من المرشح المسلم زهران مامداني، ما دفعه لتهديد نيويورك بقطع التمويل الفيدرالي. 

خارجياً، تواصل واشنطن تعزيز وجودها العسكري في السعودية تحسباً لمواجهة إيرانية. وتتزامن هذه التحركات مع دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو، في إطار صفقة إقليمية كبرى تشمل التطبيع وتبادل الأسرى.

ترامب يسرّع إبرام “اتفاقات تجارية مصغّرة” قبل إعادة فرض الرسوم الجمركية الشاملة في 9 يوليو

مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده بنفسه في 9 يوليو/تموز، يكثّف الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه الجهود لإبرام اتفاقيات تجارية مصغرة مع عدد من الدول، لتجنّب عودة الرسوم الجمركية القاسية التي كان قد أعلنها في 2 أبريل الماضي، والتي تتراوح نسبتها بين 11% و50%

استراتيجية “الصفقات السريعة”

بحسب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز ونقله موقع Yahoo Finance، تخلّى فريق ترامب عن فكرة الاتفاقيات التجارية الكبرى والشاملة، وفضّل التوجه نحو صفقات سريعة وصغيرة مع الدول التي أبدت استعداداً للتفاوض، على أن تُوقّع قبل الموعد النهائي في 9 يوليو. هذه الخطوة تهدف إلى تجنّب فرض الرسوم الكاملة، مع استمرار فرض بعض الرسوم الحالية مؤقتاً إلى حين حلّ الملفات المعقدة.

ورغم ذلك، يُحذّر ترامب من أن الفشل في التوصل لاتفاق سيؤدي إلى تطبيق رسوم جمركية مشددة على قطاعات حيوية مثل السيارات والصلب والألمنيوم.

تهديدات مباشرة لليابان

في منشور على منصة “تروث سوشيال”، أعلن ترامب أنه سيوجه رسالة رسمية إلى اليابان لإبلاغها بفرض رسوم جديدة على صادراتها، متهماً طوكيو بـ”رفض استيراد الأرز الأميركي رغم معاناتها من نقص حاد في هذه السلعة”، مضيفاً:

“نحب اليابان كشريك تجاري، لكن لا يمكنها الاستفادة من السوق الأميركية من دون التعامل بالمثل”.

وتسعى اليابان في المقابل للحصول على استثناء من رسوم السيارات التي فرضتها إدارة ترامب بنسبة 25%، حيث من المقرر أن تعود الرسوم على السلع اليابانية إلى 24%  إذا لم يُتوصل إلى اتفاق قبل 9 يوليو.

أوروبا تقبل الرسوم بشرط الإعفاءات

وفي تحرك لافت، أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده لقبول رسوم موحدة بنسبة 10% على صادراته إلى الولايات المتحدة، بشرط حصوله على إعفاءات لقطاعات استراتيجية تشمل:

  • الأدوية
  • المشروبات الكحولية
  • أشباه الموصلات
  • الطائرات التجارية

كما طلبت بروكسل حصصاً وتخفيضات لرسوم السيارات (25%) والفولاذ والألمنيوم (50%). وقال دبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي يأمل بالتوصل إلى اتفاق مبدئي قبل 9 يوليو لتفادي التصعيد، فيما يعتزم مفوض التجارة الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش زيارة واشنطن هذا الأسبوع لدفع المحادثات قدماً.

كندا تتراجع عن “ضريبة التكنولوجيا”

وعلى الجانب الكندي، ألغت أوتاوا ضريبة الخدمات الرقمية التي كانت ستُفرض على شركات التكنولوجيا الأميركية مثل أمازون، آبل، وغوغل، قبل ساعات فقط من بدء تطبيقها. وأعلنت واشنطن أن المفاوضات التجارية مع كندا استُؤنفت فوراً بعد تهديد ترامب بوقفها.

ضغوط على الدول “المترددة”

وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت حذر الدول التي لا تظهر “المرونة الكافية” في التفاوض، بأنها ستواجه الرسوم الكاملة يوم 9 يوليو. وقال لقناة بلومبيرغ:

“نتوقع موجة من الاتفاقات خلال الأيام المقبلة، لكن الدول التي تُعرقل التقدم ستُعاقَب بالعودة إلى رسوم أبريل”.
وأضاف: “الرئيس قد يُمدد المهلة، لكن حتى الآن لم يعطِ أي إشارات واضحة بذلك”.

الرسوم تبدأ بالتأثير على المستهلك الأميركي

أظهرت بيانات تحليلية جديدة من شركة DataWeave، أن الرسوم الجمركية بدأت ترفع أسعار المنتجات الصينية على منصة أمازون بشكل أسرع من معدل التضخم الأميركي. ففي الفترة ما بين يناير ومنتصف يونيو، ارتفع متوسط أسعار أكثر من 1,400 منتج صيني بنسبة 2.6%، مقارنة بزيادة 1% فقط في مؤشر أسعار السلع الأساسية.

وتشير الدراسة إلى أن هذا الارتفاع قد يكون مقدمة لموجة تضخم إضافية إذا مضت الإدارة الأميركية في تطبيق الرسوم المرتفعة المقررة. (Yahoo)

المستثمرون يهربون من السندات الأمريكية طويلة الأجل مع تصاعد القلق من قانون ترامب الضريبي الجديد

في تحوّل لافت يعكس اضطراباً متزايداً في ثقة المستثمرين، سجلت صناديق السندات الحكومية وسندات الشركات الأمريكية طويلة الأجل أكبر موجة انسحابات منذ أوائل 2020، وذلك على خلفية تصاعد المخاوف من مشروع قانون اقتصادي ضخم يقوده الجمهوريون بدعم من الرئيس دونالد ترامب.

نزوح مالي سريع وغير مسبوق

خلال الربع الثاني من عام 2025، سحب المستثمرون نحو 11 مليار دولار من صناديق السندات الأمريكية طويلة الأجل، وفقاً لبيانات نشرتها  فايننشال تايمز، وهو رقم يعكس انعكاساً حاداً في الأداء، خاصة وأن هذه الصناديق كانت تسجل متوسط تدفقات ربع سنوية بنحو 20 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الماضية.

مؤشرات على اضطراب السوق

محللون اقتصاديون يرون في سوق السندات الأميركية مرآة لمعنويات المستثمرين تجاه الوضعين المالي والسياسي في البلاد. وتشير هذه الموجة من الخروج الجماعي إلى تزايد القلق بشأن:

  • زيادة المعروض من سندات الخزانة،
  • تجدد ضغوط التضخم،
  • والاضطراب السياسي المصاحب لأجندة ترامب الاقتصادية.

ومع قرب بدء تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة، يُتوقع أن يرتفع التضخم أكثر، مما يؤدي إلى تقليل جاذبية السندات طويلة الأجل نتيجة تآكل قيمة العوائد الثابتة فيها.

مشروع قانون ضخم يزيد المخاوف

في موازاة هذا، يزيد من قلق الأسواق مشروع قانون شامل قدمه مجلس الشيوخ الأميركي، ويهدف إلى:

  • تمديد التخفيضات الضريبية التي أُقرت في ولاية ترامب الأولى،
  • زيادة الإنفاق الدفاعي وحماية الحدود،
  • رفع سقف الاقتراض الحكومي بـ5 تريليونات دولار.

وقد حصل المشروع على دعم 51 سيناتور مقابل 49 معارضاً بعد مفاوضات مكثفة، ويُتوقع أن يضيف تريليونات جديدة إلى الدين الوطني الذي يبلغ حالياً 36.2 تريليون دولار. وقد تم إقرار القانون في مجلس الشيوخ بالفعل، وسيُعاد إلى مجلس النواب للموافقة النهائية عليه قبل تاريخ الرابع من يوليو، وهو الموعد النهائي الذي حدده ترامب، ثم إلى مكتب ترامب لتوقيعه.

وبعد سباق مع عقارب الساعة، قام مجلس الشيوخ  بالتصويت بالموافقة على تعديلات لمشروع القانون المسمى “مشروع القانون الكبير والجميل” للرئيس دونالد ترامب — وهو تشريع شامل يهدف إلى إقرار مجموعة كبيرة من التخفيضات الضريبية وخفض مخصصات برنامج “ميديكيد” للرعاية الصحية والإعفاءات الضريبية للطاقة النظيفة — قبل الموعد النهائي الذي حدده الرئيس في 4 يوليو. وقد صوت الجمهوريون في مجلس الشيوخ لصالح القانون، بعد يوم من المباحثات الطويلة، حيث عمل أعضاء المجلس على استجلاب توازنا يرضي معارضي مشروع القانون، ويرفع حظوظ تمريره في مجلس النواب لاحقا. 

ما هي النقاط المطروحة للنقاش؟ تخفيف الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة النظيفة، وتغييرات على برنامج “ميديكيد”، وتعديلات على صندوق تمويل المستشفيات الريفية.

التضخم يضرب جاذبية السندات طويلة الأجل

البيئة التضخمية الحالية تؤثر مباشرة على سوق السندات طويلة الأجل. فعوائدها الثابتة تصبح أقل قيمة في ظل ارتفاع الأسعار، ما يدفع المستثمرين للمطالبة بعوائد أعلى مقابل المخاطر التضخمية، ويؤدي إلى عزوف عن شرائها.

وجهة جديدة: السندات قصيرة الأجل

في المقابل، شهدت صناديق السندات قصيرة الأجل الأميركية تدفقات إيجابية بأكثر من 39 مليار دولار في الربع نفسه، مستفيدة من إبقاء الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة القصيرة الأجل عند مستويات مرتفعة.

ويقول أندريه سكيبا، محلل لدى “RBC غلوبال أسيت مانجمنت”، إن على المستثمرين أن “ينوعوا آجال السندات التي يمتلكونها”، تجنباً للتقلبات الحادة في عوائد السندات طويلة الأجل.

مجلس الشيوخ يمرّر “قانون ترامب الضريبي الكبير والجميل” وسط انقسام سياسي حاد ومعارضة اجتماعية واسعة

في خطوة تُعد انتصاراً سياسياً كبيراً للرئيس الأميركي دونالد ترامب، أقر مجلس الشيوخ الأميركي، مساء الثلاثاء الأول من يوليو، مشروع قانون ضريبي ضخم يُعرف باسم “القانون الكبير والجميل”، بعد تصويت انقسم بدقة بين أعضاء المجلس، حيث جاءت النتيجة 51 مقابل 50، حيث صوّت نائب الرئيس جاي دي فانس بكسر التعادل لصالح تمرير المشروع.

ويجمع مشروع القانون بين خفض ضريبي بقيمة 4.5 تريليون دولار وتقليص في الإنفاق يصل إلى 1.2 تريليون دولار، ليمثل بذلك الحزمة التشريعية الكاملة التي سعى ترامب إلى تمريرها ضمن أجندته السياسية والاقتصادية قبل انتخابات التجديد النصفي.

تصويت محفوف بالانقسامات

ثلاثة جمهوريين خالفوا ترامب وصوّتوا ضد المشروع، وهم سوزان كولينز (مين)، توم تيليس (كارولاينا الشمالية)، وراند بول (كنتاكي)، ما أدى إلى اعتماد نائب الرئيس لكسر التعادل. وقال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثون إن “تمرير القانون كان مجهوداً جماعياً وأن الحزب نجح في إنجازه بالنهاية”.

أثر فوري على الرعاية الصحية ومساعدات الفقراء

المشروع، الذي من المتوقع أن يُصوَّت عليه في مجلس النواب قبل الرابع من يوليو، يُثير جدلاً واسعاً بسبب ما يتضمنه من اقتطاعات ضخمة من برامج الدعم الاجتماعي، لا سيما:

  • اقتطاع ما يقرب من تريليون دولار من برنامج “ميديكيد”
  • فرض متطلبات عمل صارمة للحصول على التأمين الصحي للفئة القادرة
  • توسيع متطلبات العمل للحصول على قسائم الطعام
  • تقليص دعم القروض الطلابية الفيدرالية
  • تأثير مباشر على 11.8 مليون أميركي مهددين بفقدان التأمين الصحي

وقد أكد مكتب الميزانية في الكونغرس أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى فقدان ملايين الأشخاص، خصوصاً من الأطفال والمهاجرين والفقراء، لتغطيتهم الصحية تدريجياً خلال العقد القادم.

ضرائب جديدة وامتيازات لفئات محددة

في المقابل، يمنح القانون إعفاءات ضريبية جديدة لفئات معينة، أبرزها:

  • إعفاءات على البقشيش، قروض السيارات، وساعات العمل الإضافية
  • توسيع الإعفاءات الضريبية لكبار السن والآباء
  • رفع خصم الضرائب المحلية والولائية من 10 آلاف إلى 40 ألف دولار لمدة 5 سنوات

إلا أن تمويل هذه الإعفاءات سيأتي من اقتطاعات كبيرة من تمويل الطاقة المتجددة، ما يُلغي حوافز شراء السيارات الكهربائية، وهو ما أثار استياء إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، التي تعتمد على هذا النوع من الدعم.

إنفاق عسكري وزيادة في الدين العام

في جانب آخر، يرفع مشروع القانون الإنفاق العسكري بمئات المليارات من الدولارات، مع زيادة تمويل عمليات ضبط الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية، ويعمل على رفع سقف الدين العام الأميركي بمقدار 5 تريليونات دولار لتجنب التخلف عن السداد بحلول أغسطس.

ويقول الجمهوريون إن القانون سيُنشّط الاقتصاد ويحدّ من الهجرة والفساد في برامج الرعاية الاجتماعية. لكن اقتصاديين بارزين، من بينهم جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، حذروا من أن البلاد تسير في مسار مالي غير مستدام.

انقسامات داخلية ومعارضة واسعة

رغم تمرير المشروع في مجلس الشيوخ، فإن تمريره في مجلس النواب غير مضمون، في ظل اعتراض بعض الجمهوريين على عمق الاقتطاعات، خاصة من برامج الرعاية الصحية. كما أظهرت استطلاعات الرأي، مثل استطلاع مركز بيو للأبحاث، أن 49% من الأميركيين يعارضون القانون، مقابل 29% فقط يؤيدونه.

الديمقراطيون نددوا بالمشروع باعتباره منحازاً للأثرياء، معتبرين أنه يجمع بين خفض ضرائب الأغنياء وزيادة أعباء الفقراء، ويضيف 3.3 تريليون دولار إلى العجز الفيدرالي خلال عشر سنوات.

ملف الذكاء الاصطناعي: شركات وادي السيليكون تتلقى ضربة

وفي اللحظات الأخيرة من النقاشات، أسقط مجلس الشيوخ بنداً كان سيمنع الولايات الأميركية من تنظيم الذكاء الاصطناعي، وهو ما اعتبر هزيمة للشركات التكنولوجية الكبرى مثل مايكروسوفت وميتا، ولشركات استثمار مثل أندريسن هورويتز.

بينما يحتفل الجمهوريون بنصر سياسي كبير، فإن مشروع قانون ترامب الضريبي يقابل بمعارضة سياسية وشعبية عارمة، بما فيها القاعدة الانتخابية العريضة لترامب من الفقراء والمهمشين الملتحقين بتيار  الـ “ماجا”، ويعيد فتح النقاش حول العدالة الاقتصادية ومستقبل الرعاية الاجتماعية في الولايات المتحدة. وفي حال إقراره النهائي في مجلس النواب، فإن القانون سيعيد رسم ملامح السياسة الاقتصادية والاجتماعية الأميركية لعقد قادم.

قانون ترامب الضريبي يهدد بخسارة التأمين الصحي لملايين الأميركيين

حذر تقرير حديث لوكالة استو يشد برس من أن قرابة 11.8 مليون شخص في الولايات المتحدة، من البالغين والأطفال، معرضون لفقدان تأمينهم الصحي بسبب القانون الذي مرره الكونجرس والمعروف باسم “قانون الفاتورة الكبيرة والجميلة الواحدة”.

هذا القانون، الذي يُعد جزءاً من الحزمة الضريبية للإدارة الجمهورية بقيادة دونالد ترامب، لا يُلغي التأمينات فجأة، لكنه يُدخل تعديلات تدريجية على برامج الرعاية الصحية الفيدرالية مثل “ميديكيد” و”أوباما كير” وبرنامج التأمين الصحي للأطفال (CHIP)، بهدف خفض الإنفاق بمقدار تريليون دولار تقريباً خلال عقد من الزمن.

تغييرات تهدد المكتسبات الصحية

و سيتسبب القانون في تراجع المكاسب التي حققتها الولايات المتحدة خلال سنوات من توسيع التغطية الصحية، والتي وصلت إلى أرقام قياسية من حيث عدد المستفيدين. حالياً، هناك نحو 78 مليون شخص مشمولون في برنامج “ميديكيد”، و24 مليوناً مسجلون في برامج “أوباما كير”.

ويفرض القانون المقترح تدقيقاً متكرراً على دخل المستفيدين من “ميديكيد” كل 6 أشهر. ومن المتوقع أن تؤدي هذه المتطلبات إلى فقدان الكثيرين للتغطية الصحية، خاصة المشردين أو الأشخاص المتنقلين، الذين قد لا يتمكنون من مواكبة المتطلبات البيروقراطية، حسب ما ذكرت مارثا سانتانا-تشين، المديرة التنفيذية لبرنامج “L.A. Care Health Plan”.

الأطفال واللاجئون أكثر عرضة للخطر

بموجب القانون الجديد، سيكون بإمكان الولايات تأخير تسجيل الأطفال في برنامج التأمين الصحي للأطفال إذا تأخر أهاليهم عن دفع أقساط التأمين، التي قد تصل إلى 100 دولار شهرياً في بعض الولايات. كما يمكن فرض فترات انتظار على الأطفال الذين ينتقلون من التأمين الخاص إلى “ميديكيد”.

في السياق ذاته، يُضيّق مشروع القانون من شروط الأهلية للحصول على دعم “أوباما كير”، ما سيؤثر على آلاف اللاجئين وطالبي اللجوء الذين يدخلون البلاد سنوياً.

أما الولايات التي تستخدم أموالها الخاصة لتوفير تغطية للمهاجرين غير الحاصلين على إقامة قانونية، فستتلقى دعماً أقل من الحكومة الفيدرالية، مما سيدفع بعض هذه الولايات إلى وقف برامج التغطية للمهاجرين، كما حصل مؤخراً في كاليفورنيا وإلينوي.

متطلبات العمل الإجباري: شرط للحصول على “ميديكيد”

واحدة من أكثر التعديلات إثارة للجدل هي إلزام الأشخاص القادرين على العمل، من عمر 19 إلى 64 عاماً، بالعمل أو التطوع أو الدراسة 80 ساعة شهرياً للحصول على “ميديكيد”. وتُستثنى من هذه الشروط الفئات الضعيفة مثل ذوي الإعاقة، والحوامل، والآباء لأطفال دون 14 عاماً.

لكن حتى من يعملون قد يفقدون تغطيتهم الصحية بسبب أخطاء بيروقراطية، أو صعوبات في إثبات الدخل والعمل، خاصة بين الفقراء ممن لا يملكون هواتف أو إنترنت. وقد شهدت ولاية أركنساس مثلاً عام 2018 فقدان 18 ألف شخص لتأمينهم بعد تطبيق هذه المتطلبات، قبل أن يُعلّقها القضاء الفيدرالي.

تعقيد إضافي لأصحاب الإعاقة والمسنين

القانون الجديد يُلغي أيضاً تسهيلات أدخلتها إدارة بايدن لتبسيط تسجيل المستفيدين الذين يستحقون التأمين من خلال برامج الإعاقة، ما يزيد من احتمال فقدانهم التأمين بسبب التعقيدات الورقية.

جينيفر تولبرت، مديرة سياسات الصحة في مؤسسة KFF، قالت إن التراجع عن هذه التسهيلات “يعني أن البعض سيُحرمون من التأمين ببساطة لأنهم عجزوا عن تجاوز الحواجز الإدارية”.

إن ملايين الأميركيين من الفقراء، والمهاجرين، والأسر ذات الدخل المحدود، وأصحاب الإعاقات، قد يُجبرون على التخلي عن تأمينهم الصحي بسبب قواعد جديدة تُحمّلهم أعباء بيروقراطية ثقيلة. ويرى المراقبون أن هذه الخطوة تمثل انعطافة حادة في سياسات الرعاية الصحية الأميركية، وتحمل معها تهديدات مباشرة لأحد أعمدة شبكة الأمان الاجتماعي في البلاد.

إيلون ماسك يلوّح بتأسيس “حزب أمريكا”: طموح سياسي جديد أم محاولة لإرباك ترامب؟

وسط تصاعد الخلافات بينه وبين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خرج الملياردير الأميركي إيلون ماسك بتصريح مثير يلوّح فيه بتأسيس حزب سياسي جديد يحمل اسم “حزب أمريكا”، في خطوة وصفها البعض بأنها تهديد مباشر للنهج “الترامبي”، فيما يعتبرها آخرون مجرد فقاعة إعلامية من رجل أعمال اعتاد على الإثارة.

ويأتي هذا التلويح عقب تمرير مجلس الشيوخ مشروع موازنة ضخم مدعوم من ترامب، يتضمّن تخفيضات ضريبية واسعة واقتطاعات في مجالات الرعاية الصحية، وهو مشروع وصفه ماسك بـ”الفظيع”، مؤكداً أنه سيتحرك سياسياً فور إقراره.

في منشور حاد اللهجة على منصة “إكس”، قال ماسك:

“إذا تم اعتماد هذا القانون، فسيُعلن عن حزب أمريكا في اليوم التالي… الشعب بحاجة لصوت حقيقي”.

من مستشار إلى معارض شرس

حتى وقت قريب، كان ماسك يُعتبر من أبرز المقرّبين من ترامب، وشارك بشكل غير رسمي في مناقشات حكومية تتعلق بخفض الإنفاق. إلا أن العلاقة بين الرجلين شهدت تدهوراً ملحوظاً منذ يونيو/حزيران، بعد استقالة ماسك من مهمته الاستشارية.

لاحقاً، أطلق ماسك استطلاع رأي على منصته “إكس” يسأل فيه متابعيه عمّا إذا كانوا يؤيدون إنشاء حزب يقع “تماماً في المنتصف بين الديمقراطيين والجمهوريين”، وقد حظي الاستطلاع باهتمام واسع، إلا أن الخبراء يشككون في مدى واقعيته.

عقبات قانونية وتشكيك في الجدية

يرى باحثون في السياسة الأميركية أن مشروع ماسك، على الرغم من الضجيج الإعلامي، لا يبدو جدياً أو قابلاً للتحقق. فالنظام الحزبي الأميركي معقد، ويتطلب تأسيس حزب رسمي الحصول على آلاف التوقيعات في كل ولاية، وتأسيس مكاتب تنظيمية في أنحاء البلاد، إلى جانب تمويل ضخم وتعبئة شعبية، وهي شروط يصعب تحقيقها بسهولة، حتى لملياردير مثل ماسك.

كما يشير الخبير ريتشارد جونسون إلى أن مواقف ماسك السياسية، التي تمزج بين رأسمالية وادي السيليكون والنزعة المناهضة لـ “الووكية Anti WOK”، لا تجد لها جمهوراً عريضاً، لا بين مؤيدي ترامب ولا في صفوف المستقلين أو التقدميين.

رسالة تحذيرية للترامبية

ورغم محدودية فرص تأسيس حزب فعلي، يرى مراقبون أن ماسك يسعى إلى توجيه إنذار مبكر لترامب وحلفائه داخل الحزب الجمهوري. إذ يهدد باستخدام ثروته الهائلة لدعم مرشحين مناهضين لترامب في الانتخابات التمهيدية عام 2026.

وفي هذا السياق، يقول جيروم فيالا-غودفروى، المختص في الشأن الأميركي، إن تدخل ماسك في المعركة الداخلية للجمهوريين قد يُحدث اضطراباً انتخابياً في عدد من الدوائر الرئيسية، خاصة وأن الأغلبية الجمهورية في الكونغرس هشة.

الديمقراطيون يراقبون بارتياح

المفارقة أن هذه “الحرب الباردة” بين ترامب وماسك قد تصبّ في مصلحة الديمقراطيين. فكلما زاد الانقسام داخل معسكر الجمهوريين، كلما ارتفعت فرص خصومهم في صناديق الاقتراع. ويقول فيالا-غودفروى:

“ما يحدث يبدو وكأنه حرب أهلية داخل الحزب الجمهوري… وهو سيناريو يحلم به الديمقراطيون”.

إيلون ماسك لا يخوض بعد حملة سياسية حقيقية، لكن تهديده بتأسيس حزب “أمريكا” يُعد مؤشراً على تحوّل كبير في علاقته مع الجمهوريين، وتحديداً مع ترامب. ورغم أن المشروع قد لا يرى النور تنظيمياً، إلا أن رسالته وصلت: الملياردير الأشهر في العالم مستعد لتوظيف نفوذه المالي والإعلامي لتقويض النفوذ “الترامبي”… ولو من الخارج. (فرانس24)

تصاعد الانقسام داخل التيار المحافظ الأميركي حول “ولاء واشنطن لإسرائيل”

في الوقت الذي تروّج فيه واشنطن لرواية “الانتصار” في الحرب الإسرائيلية-الإيرانية الأخيرة، بدأ يظهر جلياً انشقاق أيديولوجي حاد داخل التيار اليميني الأميركي، خاصة بين التيار المسيحي الصهيوني، وبين أنصار “ترامب ومشروع “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى ” ” (MAGA)، حول أولوية الدعم لإسرائيل وتأثيره على السياسة الداخلية الأميركية.

بانون يفتح النار: هل تعمل فوكس نيوز لصالح جهاز أجنبي؟

في مقابلة مثيرة على قناة “One America News”، اتهم ستيف بانون – كبير مستشاري ترامب سابقاً – قناة فوكس نيوز، وخصوصاً مقدميها مثل مارك ليفين وشون هانيتي، بأنهم يعملون لصالح أجندة “إسرائيل أولاً”، ويتجاهلون أي أصوات معارضة.

“هل يتلقون تعليماتهم من أجهزة استخبارات أجنبية؟ يجب فتح تحقيق” – ستيف بانون

ووصف تغطية القناة بأنها تكرار لأسلوب “الحرب على العراق”، مؤكداً أن نفس الآلة الإعلامية التي بررت التورط في بغداد، تروج الآن لحرب موسعة بين إسرائيل وإيران، وربما لاحقاً مع باكستان.

وأشار بانون إلى أن فوكس نيوز ترفض استضافة أي أصوات تنتقد النهج الإسرائيلي، معتبراً أن هذا الانحياز المفرط يضر بالمصالح الأميركية ويعيق النقاش الوطني الحقيقي.

“إسرائيل أولاً” في الكونغرس: جرين تفجر القنبلة

من جهتها، النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين أضافت بعداً أكثر خطورة، حين كشفت في مقابلة مع تاكر كارلسون أن العديد من أعضاء الكونغرس يُجبرون ضمنياً على إعلان ولائهم لإسرائيل.

“نُجبر على تكرار أن إسرائيل هي أعظم حليف لنا، رغم أن أولويتنا يجب أن تكون أميركا لا الشرق الأوسط” – جرين

كلامها جاء في إطار إشادتها بالمرشح اليساري لبلدية نيويورك، زهران مامداني، الذي رفض الإدلاء برغبة في زيارة إسرائيل خلال مناظرة، مؤكداً أن أولويته هي سكان نيويورك، لا الرحلات الدبلوماسية.

مشروع “أمريكا أولاً” في مأزق داخلي

تعكس هذه التصريحات صدعاً داخل المعسكر  اليميني المحافظ. فبينما يصرّ جناح مثل ليفين وهانيتي على الدفاع المطلق عن إسرائيل، يرى الجناح المتمسك بال  MAGA أمثال بانون وجرين وتاكر كارلسون أن هذا الولاء أضر بـ:

  • التركيز على الملفات الداخلية (الاقتصاد، الهجرة، الأمن الداخلي).
  • هوية مشروع “أمريكا أولاً”، الذي بات يُستخدم أحياناً كغطاء لدعم دولة أخرى أولاً.

اتهم بانون جماعة “إسرائيل أولاً” في فوكس نيوز بمحاولة توسيع ساحة الصراع إلى ما بعد إيران، مشيراً إلى تغطيات تتحدث عن خطر باكستان النووي.

وقال: “كلما أغلق ترامب جبهة حرب، يفتحون أخرى… هل باكستان هي الهدف التالي؟”

هذا الاتهام يعكس قلقاً متنامياً من محاولات جرّ الولايات المتحدة إلى سلسلة حروب بالوكالة نيابة عن إسرائيل، على حساب التركيز على التحديات المحلية والاقتصاد الأميركي.

الديمقراطية في خطر؟ الإعلام أم المخابرات؟

تحذير بانون من أن بعض الإعلاميين قد يكونون على صلة مباشرة بجهاز استخبارات أجنبي يمثل اتهاماً غير مسبوق في المشهد السياسي الأميركي، ويطرح أسئلة جوهرية حول:

  • حدود التأثير الإسرائيلي على الإعلام الأميركي.
  • من يضع أجندة السياسة الخارجية في واشنطن؟ المواطنون أم اللوبيات؟
  • هل الولاء لإسرائيل أصبح شرطاً غير مكتوب لدخول السياسة الأميركية؟

انقسام لا يمكن تجاهله

تصريحات بانون وجرين وكارلسون ليست مجرد انتقادات عابرة، بل تمثل تحولاً في المزاج السياسي الأميركي المحافظ، وتشير إلى بداية مراجعة محتملة لتحالف غير مشروط أتى بترامب للسلطة (وهو ما توقعناه من قبل في دراستنا الشاملة في المعهد المصري للدراسات حول ترامب 2.0).

وللمرة الأولى منذ سنوات، يُطرح سؤال علنياً في قلب واشنطن: هل أميركا تدافع عن مصالحها، أم تخوض حروباً نيابة عن دولة أجنبية؟

ترامب يهدد بحرمان نيويورك من التمويل الفيدرالي إذا انتُخب المرشح المسلم المناهض لإسرائيل

في تصعيد لافت وخطاب هجومي مباشر، هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب المرشح الديمقراطي الاشتراكي زهران مامداني، وهدد بقطع التمويل الفيدرالي عن مدينة نيويورك في حال فاز في انتخابات البلدية و “لم يلتزم بالانضباط”، على حد تعبيره.

وفي مقابلة على قناة فوكس نيوز، وصف ترامب مامداني بأنه “شيوعي بالكامل”، وقال:

“افترضوا أنه فاز… أنا الرئيس، وإذا لم يتصرف كما ينبغي، فلن يحصل على قرش واحد. التمويل سيكون فقط لمن يلتزم بالمسار الصحيح.”

ويُذكر أن مدينة نيويورك حصلت خلال العام الماضي فقط على أكثر من 100 مليار دولار من الحكومة الفيدرالية عبر برامج دعم متنوعة، مما يجعل تهديد ترامب ذا دلالة سياسية واقتصادية كبيرة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات.

مأزق مامداني: مناضل من أجل العدالة أم متطرف شيوعي؟

المرشح زهران مامداني، الذي تفوق على الحاكم السابق للولاية أندرو كومو في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ردّ على تصريحات ترامب في مقابلة عبر برنامج Meet the Press، مؤكداً أنه ليس شيوعياً، بل مدافع عن العدالة الاجتماعية.

“الرئيس يهاجمني بسبب مظهري واسمي ولهجتي، لأنه لا يريد مناقشة ما أمثله. أنا لا أدعو إلى الشيوعية، بل إلى توزيع عادل للثروة، كما قال مارتن لوثر كينغ.”

ودعا مامداني إلى فرض ضرائب أعلى على الأثرياء، قائلاً:

“لا ينبغي أن يكون هناك مليارديرات في مدينة تعاني من انعدام العدالة الاجتماعية. الثروة الهائلة في ظل هذا الظلم لا يمكن تبريرها.”

كما نفى أن تكون سياساته قائمة على أسس عرقية، مؤكداً أن خططه تستند إلى معايير ضريبية واقتصادية دقيقة وليس إلى تقسيمات إثنية.

الديمقراطيون المنقسمون: دعم تقدمي مقابل تحفظ من التيار الوسطي

يحظى مامداني بدعم من شخصيات تقدمية بارزة مثل ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، لكنه في المقابل يواجه تحفظاً من الجناح الوسطي داخل الحزب الديمقراطي. وأشارت حاكمة نيويورك، كاثي هوكول، إلى وجود خلافات مع مامداني، لكنها دعت إلى الحوار، في حين أكد مامداني أنه يتطلع إلى لقاء معها لمناقشة رؤيته المستندة إلى “تجارب الناس الفعلية”.

ترامب: “هذا البلد لن ينتخب شيوعياً”

وفي تصريح مثير، قال ترامب:

“لقد صُدمت… لم أكن أظن أن الولايات المتحدة قد تختار يوماً ما شيوعياً.”

ووصف وعود مامداني – مثل اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا زار نيويورك – بأنها “اقتراحات فاشلة”، معتبراً إياه “راديكالياً يسارياً مجنوناً”.

لكن مامداني شدد على أن حملته لا تدور فقط حول معارضة ترامب، بل تستند إلى رؤية تركّز على كرامة الإنسان، والعدالة الاقتصادية، وتحسين مستوى معيشة سكان المدينة.

خلاصة المشهد

الجدل المتصاعد بين ترامب ومامداني يعكس تحولاً جوهرياً في أولويات الخطاب السياسي في الولايات المتحدة. ففي مقابل المرشح الذي يرفض زيارة إسرائيل ويطالب بإصلاح اقتصادي جذري، يقف رئيس يسعى لتكريس الهيمنة الفيدرالية وفرض الولاء الكامل لحلفاء خارجيين مثل تل أبيب.

السؤال المطروح الآن: هل تتجه نيويورك نحو عهد سياسي جديد يقوده صوت تقدمي مسلم؟ أم أن تهديدات ترامب ستنجح في قلب المعادلة؟ (T24)

توسيع قاعدة أميركية في السعودية لتعزيز الاستعداد في مواجهة إيران

كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة قامت خلال العام الماضي بتوسيع قاعدة عسكرية سرية بالقرب من ساحل البحر الأحمر في السعودية، في خطوة تعكس استعداداً متزايداً لاحتمال اندلاع مواجهة عسكرية مع إيران أو وكلائها في المنطقة.

قاعدة “جنكنز”: من موقع شبه مهجور إلى مركز لوجستي حيوي

القاعدة التي تُعرف باسم “منطقة الدعم اللوجستي جنكنز (L.S.A. Jenkins)”، تقع على بُعد نحو 32 كيلومتراً من الساحل الغربي السعودي، وكانت حتى عام 2024 موقعاً خاملاً. غير أن صور الأقمار الصناعية وتحليلات عسكرية أوضحت أن القاعدة شهدت نشاطاً متسارعاً خلال الأشهر الأخيرة، بما يشمل بناء مستودعات للذخيرة، وتجهيز مناطق سكنية للقوات، وتحسين البنية التحتية الأمنية.

القاعدة، التي بدأت تظهر معالمها في صور الأقمار الصناعية منذ عام 2022، أُنشئت في الأساس بهدف توفير موقع بعيد عن مدى الصواريخ الإيرانية القصيرة المدى، مما يمنح الولايات المتحدة عمقاً لوجستياً أكبر في حال اندلاع نزاع إقليمي.

تموضع استراتيجي لاحتواء تهديدات متعددة

في حين أن العديد من القواعد الأميركية في الخليج (مثل قاعدة العديد في قطر) تقع ضمن مدى الصواريخ الإيرانية القصيرة، فإن قاعدة جنكنز تتيح للأميركيين موقعاً أكثر أمناً، لا تصل إليه إلا الصواريخ الباليستية المتوسطة المدى الإيرانية، والتي تُعرف بقلة دقتها وصعوبة استخدامها دون إنذار مبكر.

ديكر إيفيليث، باحث في مركز التحليل البحري، صرّح بأن بُعد القاعدة “يمنح الوقت الكافي لأنظمة الدفاع الجوي لاعتراض أي تهديد”، كما أن موقعها يجعل استهدافها “أكثر تعقيداً من استهداف مواقع على الجانب الشرقي من السعودية”.

مع ذلك، لا يُستبعد التهديد كلياً، خصوصاً بسبب قرب القاعدة من اليمن، حيث ينشط الحوثيون المدعومون من إيران والذين سبق أن استهدفوا سفناً أميركية في البحر الأحمر.

تطور تدريجي خلال عامين

وفق تحقيق الصحيفة، بدأت القاعدة في عام 2022 كمساحة ترابية تحتوي على مستودعات فارغة ومحاطة بحاجز ترابي بسيط. بحلول أوائل 2024، بدأت تظهر ملامح معسكر صغير يحتوي على حاويات شحن وخيام بيضاء. وبعدها، شهدت القاعدة سلسلة من التمارين اللوجستية العسكرية، مما أكد تحولها التدريجي إلى مركز دعم عملياتي.

أحدث صور الأقمار الصناعية التُقطت في يونيو 2025، وأظهرت عشرات الهياكل والخيام والمركبات والمستودعات، إلى جانب منشآت جديدة لصيانة المعدات وتخزين الذخيرة ومواد بناء، ما يعكس استعداداً تصاعدياً لمواجهة ممتدة.

ميزانيات وعمليات دعم إضافية

تشير وثائق عقود حكومية إلى إنفاق أكثر من 3 ملايين دولار على معدات وتوسعات في القاعدة منذ مطلع 2024، بينما أظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي وجود وحدات من القيادة اللوجستية المتقدمة في الجيش الأميركي تعمل في الموقع.

وفي خطوة موازية، أنشأت الولايات المتحدة قاعدتين لوجستيتين أصغر في مطاري الطائف وجدة، تُستخدمان كمخازن للذخيرة والوقود، ومناطق مرشحة لتطوير الدفاعات الجوية ومرافق الإيواء، لكنها لا تزال أقل نشاطاً من قاعدة جنكنز.

خطط توسع إضافية في الأفق

عرض تقديمي قدّم في مؤتمر عسكري هندسي في وقت سابق من هذا العام، كشف عن خطط لتوسيع قاعدة جنكنز بشكل أكبر، إلى جانب مشاريع في قواعد أميركية أخرى في الشرق الأوسط. تشمل التوسعات المرتقبة إنشاء مرافق لصيانة المركبات، وتخزين الذخائر، ومناطق ترفيهية للجنود، بالإضافة إلى توسيع مطار قريب لتعزيز قدرات النقل الجوي.

الجنرال ماكينزي: “خطوة في الاتجاه الصحيح”

وفي تعليق له، قال الجنرال فرانك ماكينزي، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية:

“هذه القواعد تجعل الأمر أسهل لنا وأصعب عليهم… في كل الجوانب، هذا تطور إيجابي في توازن القوة”.

خلفية: تعزيز النفوذ الأميركي غرب الخليج

يأتي هذا التصعيد في التوسعات اللوجستية الأميركية في السعودية بالتوازي مع التوترات المتصاعدة مع إيران، لا سيما بعد الضربة الأميركية على منشآت نووية إيرانية قبل أيام، والرد الإيراني بصواريخ استهدفت قاعدة العديد في قطر.

وإذا كانت واشنطن تتحضر لجولات مقبلة من المواجهة، فإن قاعدة جنكنز قد تكون المركز اللوجستي الأبرز في صراع الشرق الأوسط الجديد.

ترامب يطالب بإلغاء محاكمة نتنياهو: دعم شخصي أم جزء من صفقة إقليمية أوسع؟

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل إسرائيل وخارجها، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجدداً إلى إلغاء محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واصفاً إياها بـ”التراجيديا السياسية”. تصريحات ترامب، التي جاءت عبر منصة “تروث سوشال”، ترافقت مع إشارات متزايدة إلى وجود صفقة إقليمية شاملة يجري إعدادها خلف الكواليس، يكون نتنياهو طرفاً رئيسياً فيها.

“أنقذنا إسرائيل… والآن سننقذ بيبي”

وصف ترامب المحاكمة الجارية بحق نتنياهو بأنها استهداف سياسي لشخص قدم الكثير لإسرائيل وللولايات المتحدة، مشيراً إلى أن التهم الموجهة إليه “سخيفة”، تتعلق بأمور تافهة مثل “سيجار وهدايا”، على حد تعبيره. وقال:

“بيبي نتنياهو بطل حرب، وشريك مخلص للولايات المتحدة في التصدي للخطر الإيراني. من العبث أن يُجبر على الجلوس يومياً في قاعة المحكمة، بينما يتفاوض في الوقت نفسه على صفقة مهمة لإعادة المختطفين من غزة”.

وأضاف ترامب أن “ما يفعله القضاة خرج عن السيطرة”، محذراً من أن استمرار المحاكمة يهدد الجهود الدبلوماسية مع حماس وإيران، ويعرقل ما وصفه بـ”الانتصار الكبير الذي تحقق”.

دعم مباشر ومردود سياسي

وفي ردّه، عبّر نتنياهو عن امتنانه لترامب قائلاً: “شكراً للرئيس ترامب على دعمه العلني والمؤثر لي ولإسرائيل وللشعب اليهودي”.

وأكد استمرار التعاون مع الولايات المتحدة لـ”هزيمة الأعداء المشتركين، وتحرير المختطفين، وتوسيع دائرة السلام”.

هل هي صفقة إقليمية كبرى؟

بحسب ما أورده موقع “واينت” الإسرائيلي، فإن دعوة ترامب لإلغاء المحاكمة ليست مجرد موقف شخصي، بل تأتي ضمن تحرك منسق يهدف إلى فتح مسار سياسي إقليمي واسع، يبدأ بإنهاء الحرب على غزة، ويشمل صفقة تبادل أسرى، يليها اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية، وتوسيع “اتفاقات أبراهام” لتشمل دولاً جديدة في المنطقة وربما خارجها.

ووفقاً للتقرير، فإن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ألمح إلى أن “الاتفاق مع حماس أقرب من أي وقت مضى”، ما يُعزز التقديرات بأن الدعوة لإنهاء محاكمة نتنياهو جزء من حزمة تفاهمات تشمل الأمن، السياسة، والتطبيع.

معارضة داخلية وتحذيرات

في المقابل، حذر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد من مغبة التدخل الأميركي في النظام القضائي الإسرائيلي، قائلاً في مقابلة:

“مع كامل الاحترام للرئيس ترامب، ليس من دوره أن يتدخل في مسار قضائي بدولة ذات سيادة. هذا يبدو وكأنه مكافأة لنتنياهو مقابل إنهاء الحرب في غزة”.

كما أصدرت هيئة عائلات المختطفين الإسرائيليين بياناً قالت فيه إن “الوقت قد حان لإبرام صفقة الصفقات” – في إشارة إلى التوصل إلى اتفاق لإعادة 50 مختطفاً إسرائيلياً لا يزالون في غزة.

خلفيات ودلالات: دعم مشروط أم تمهيد لتسوية كبرى؟

يتزامن هذا التصعيد في لهجة ترامب مع فتور واضح في علاقته بالحكومة الإسرائيلية بسبب استمرار الحرب في غزة، رغم إعلانه وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. ويبدو أن الإدارة الأميركية تسعى إلى فرض مسار سياسي جديد في المنطقة، يعتبر إنهاء محاكمة نتنياهو شرطاً ضمنياً لتمكينه من لعب دور قيادي في تنفيذ هذا المشروع.

وبينما يصفه البعض بأنه دعم شخصي من حليف لحليف، يرى آخرون أن ما يجري هو جزء من صفقة كبرى تتجاوز حدود إسرائيل، وتحمل في طياتها معادلات جديدة لما بعد الحرب. (العربي الجديد)

إيران

تشير التقارير إلى أن الضربات الجوية الأميركية والإسرائيلية الأخيرة ألحقت أضراراً كبيرة بالمنشآت النووية الإيرانية وأدّت إلى مقتل قيادات رفيعة في الحرس الثوري، ما أحدث فراغاً أمنياً أتاح للجيش النظامي (Artesh) الصعود كلاعب جديد داخل بنية السلطة. في الوقت نفسه، تتزايد الخلافات داخل المؤسسة العسكرية، ويُنظر إلى ما جرى كفرصة لتحوّل داخلي قد يُغيّر ملامح النظام.

 على الصعيد النووي، ورغم تدمير المنشآت، فمن غير الواضح مدى الضرر الذي حدث بالمشروع، حيث ترد من داخل النظام الإيراني نفسه إشارات متناقضة حول هذا الأمر. ولا تزال إيران تحتفظ بخبرة تقنية ومخزونات يورانيوم مخصب غير معروفة الموقع، ما يعزز فرضية استمرار الخطر النووي في الظل. في المقابل، صعّدت طهران لهجتها، متوعدة بتحويل الحرب القادمة مع إسرائيل إلى “الحرب الأخيرة” بدعم شعبي وتصعيد صاروخي محتمل. أما ترامب، فواصل نهجه المتشدد، رافضاً أي تفاوض ومؤكداً أن الضربات الأخيرة لم تكن سوى بداية لتحجيم إيران.

تقييم أضرار الحرب على النظام الإيراني: ضربة للنواة العسكرية أم بداية لتحول داخلي؟

في تقرير مهم لموقع  Geopolitical Futures ، تم تقديم وجهة نظر لتقييم لأضرار الحرب الأخيرة على النظام الإيراني وتماسكه، وذكر التقرير أنه في أعقاب الحرب القصيرة بين إسرائيل وإيران التي استمرت 12 يوماً، توقف إطلاق النار، وبدأت الأطراف المعنية في إجراء تقييم شامل للأضرار، ليس فقط فيما يخص البرنامج النووي الإيراني، بل والأهم من ذلك، البنية الداخلية للنظام الإيراني.

المعلومات الأولية تشير إلى أن الضربات الجوية الأميركية والإسرائيلية ألحقت “أضراراً بالغة” بالمنشآت النووية، خاصة في نطنز وأصفهان، لكن موقع “فوردو” المحصّن نجا جزئياً من الدمار رغم استهدافه بقنابل خارقة للتحصينات.

الكارثة الكبرى: تصفية قيادات الحرس الثوري

إحدى النتائج الأشد خطورة لهذه الحرب كانت مقتل معظم القيادات العليا في الحرس الثوري الإيراني (IRGC)، وعلى رأسهم القائد العام حسين سلامي.
هذا الحدث أدى إلى فراغ قيادي حاد في المؤسسة الأمنية الأساسية للنظام، وترك الحرس الثوري في حالة من الارتباك التنظيمي.

قيادات جديدة صعدت بسرعة، مثل اللواء محمد باكبور، لكن قدرتها على إعادة إنتاج السيطرة السابقة للحرس ما زالت محدودة في المدى القريب.

فرصة تاريخية: صعود الجيش النظامي (Artesh)

مع ضعف الحرس الثوري، برز الجيش الإيراني النظامي (Artesh) – الذي لطالما كان في الظل – كقوة بديلة.
فقد تم تعيين اللواء عبد الرحيم موسوي، قائد الجيش، في منصب رئيس هيئة الأركان العامة، ما منحه سلطة مشتركة على المؤسستين العسكريتين.

كذلك أصبح الجيش يتمتع بثلاثة مقاعد في المجلس الأعلى للأمن القومي، مقابل مقعد واحد فقط للحرس، ما يدل على تحوّل واضح في موازين القوة داخل النظام.

صراع داخلي مكتوم: بين الحرس والجيش

الضغوط المتزايدة لإعادة ترتيب الصفوف كشفت عن خلافات متصاعدة داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية:

  • عناصر في الجيش يلومون الحرس على الفشل الذريع في الدفاع الجوي.
  • ضباط في الحرس يسعون للتنصل من قرارات سابقة، خاصة سياسة الاعتماد المفرط على الوكلاء (حماس، حزب الله، والنظام السوري).
  • بعض القيادات تحمّل السياسة الخارجية العدوانية للحرس مسؤولية استهداف إيران داخلياً.

خلفية تاريخية: مساران عسكريان منذ الثورة

الانقسام بين Artesh وIRGC  ليس جديداً. فالأول هو جيش الدولة الرسمي منذ العهد الملكي، بينما أنشئ الحرس الثوري بعد الثورة الإسلامية عام 1979 لحماية النظام.
ومنذ الحرب العراقية الإيرانية، ظلت المؤسستان تعملان بشكل متوازٍ ولكن متنافس.

محاولات المرشد الأعلى خامنئي لتوحيد القيادة العسكرية من خلال “هيئة الأركان العامة” في التسعينات فشلت في إنهاء هيمنة الحرس. لكن أحداث الحرب الأخيرة أعادت بعثرة الأوراق.

لحظة مفصلية: ما بعد خامنئي

يتوقف مصير التوازن العسكري والسياسي في إيران على:

  • مدى قدرة الجيش النظامي على فرض سيطرته في غياب الحرس.
  • التعاون المحتمل بين ضباط من الحرس وجيش Artesh لبناء جبهة موحدة.
  • سيناريوهات انتقال القيادة في إيران بعد المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي تلوح نهايته السياسية أو الصحية في الأفق.

أي فشل في ضبط هذا الانتقال بسلاسة قد يؤدي إلى انقسام داخل المؤسسة العسكرية، وربما إلى تفكك النظام بالكامل، كما حدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن.

الخلاصة: هل نشهد بداية نهاية النظام الإيراني بصيغته الحالية؟

الحرب الأخيرة لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل مثلت زلزالاً داخلياً في قلب النظام الإيراني:

  • الحرس الثوري فقد قيادته المركزية وهيبته.
  • الجيش النظامي يبرز كلاعب سياسي وعسكري لأول مرة منذ عقود.
  • النظام في لحظة هشّة… بين إعادة التشكل والانهيار.

المؤشرات تُظهر أن إيران مقبلة على إعادة هيكلة داخلية عميقة في مؤسساتها العسكرية والسياسية، وقد يكون ما جرى خلال يونيو 2025 بداية لحقبة جديدة تماماً. (للاطلاع على التقرير)

مصدر إيراني: الحرب القادمة مع إسرائيل ستكون الأخيرة… ولن نضيع الفرصة التاريخية

في تصعيد لافت في نبرة الخطاب السياسي الإيراني بعد الحرب الأخيرة، صرّح مصدر مطّلع في طهران أن “إيران ستحوّل الحرب القادمة مع إسرائيل إلى حربها الأخيرة معها”، مشدداً على أن القيادة الإيرانية تعتبر أن اللحظة الحالية تمثل فرصة تاريخية لا ينبغي تفويتها لتحييد ما وصفه بـ”التهديد الإسرائيلي الدائم”.

وقال المصدر، الذي تحدث لوسائل إعلام محلية بشرط عدم الكشف عن هويته، إن “إيران اكتشفت مؤخراً نقطة ضعف داخلية في بنية النظام الإسرائيلي، وتتمتع حالياً بدعم شعبي غير مسبوق داخل البلاد، إضافة إلى تأييد واسع من أبناء الجاليات الإيرانية في الخارج”، مضيفاً أن “هذا هو الوقت المناسب لإنهاء التهديد بشكل جذري”.

صواريخ الجيل الجديد جاهزة

وفيما بدا أنه تهديد مباشر ومفتوح، كشف المصدر عن امتلاك إيران عشرات الآلاف من الصواريخ المتطورة التي لم يتم إطلاقها، قائلاً:

“في حال اندلاع مواجهة جديدة، نحن قادرون على إطلاق مئات الصواريخ يومياً على إسرائيل، والنظام الإسرائيلي لا يملك أي حل تقني لمواجهتها”.

وأكد أن الحرب المقبلة لن تُحسم فقط بالقدرات الدفاعية، بل بـ”الإرادة السياسية واستغلال اللحظة”، واعتبر أن استمرار حالة التهديد الدائم “لم يعد مقبولاً”، مشدداً على أن إيران تتعامل مع المرحلة القادمة على أنها نقطة مفصلية في تاريخها.

اتهام أميركا بالموافقة المسبقة

وأضاف المصدر أن إيران أصبحت على قناعة تامة بأن أي عدوان إسرائيلي مستقبلي لن يتم دون “ضوء أخضر أميركي”، وهو ما يجعل طهران تعتبر المواجهة مع إسرائيل “صراعاً مزدوجاً مع الولايات المتحدة من جهة، ومع المشروع الإسرائيلي في المنطقة من جهة أخرى”.

وقال:

“إيران دولة عظيمة، وقادرة على تجاوز هذا التحدي مهما كانت تداعياته”.

“مطلب شعبي بإنهاء التهديد”

في إشارة إلى تصاعد النزعة القومية والتعبئة الشعبية، شدد المصدر على أن “الشعب الإيراني يريد إنهاء التهديد المستمر الذي تمثله إسرائيل، سواء بشكل مباشر أو عبر مؤامرات غير مباشرة”، مضيفاً أن القيادة الإيرانية “ملتزمة بتلبية هذا المطلب الشعبي الشجاع”، على حد وصفه. (RT)

غروسي: إيران قادرة على استئناف تخصيب اليورانيوم خلال أشهر رغم الضربات الأميركية والإسرائيلية

رغم الضربات العسكرية المكثفة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً، حذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، من أن إيران قد تتمكن من استئناف تخصيب اليورانيوم خلال أشهر، مشيراً إلى استمرار الغموض بشأن مصير مخزوناتها من المواد النووية عالية التخصيب.

وفي مقابلة مع شبكة CBS  الأميركية، قال غروسي إن “إيران كانت تمتلك برنامجاً نووياً طموحاً للغاية، وقد تبقى أجزاء منه قائمة”. وأضاف أن طهران تحتفظ بمعرفة تقنية وصناعية متقدمة تمكنها من استئناف نشاطها النووي “حتى لو تم تدمير معظم بنيته التحتية”.

منشآت مدمّرة ولكن المعرفة باقية

أشار غروسي إلى أن المنشآت النووية الرئيسية في فوردو، ونطنز، وأصفهان تعرضت لأضرار “بالغة الخطورة”، لافتاً إلى وجود شبه إجماع دولي على أن تلك المنشآت قد دُمرت إلى حد كبير. لكنه شدد على أن “المشكلة لا يمكن حلها عسكرياً فقط”، في إشارة إلى أهمية العودة للمسار الدبلوماسي.

مصير مجهول لمخزونات اليورانيوم

وفيما يتعلق بمخزونات اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 60%، والتي قدرتها الوكالة مؤخراً بنحو 408.6 كيلوغرام، أكد غروسي أن الوكالة لا تعلم بمكان وجودها حالياً، مشيراً إلى احتمال تدميرها أو نقلها إلى مواقع غير معلومة قبل أو أثناء الضربات.

من جانبه، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” إن إيران لم تنقل تلك المواد خارج منشأة فوردو، مشيراً إلى أن العملية كانت سريعة ولم تمنح طهران وقتاً كافياً للاستعداد أو الإخلاء.

توتر متصاعد مع الوكالة الدولية

على خلفية هذه التطورات، أقر البرلمان الإيراني قراراً يقضي بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنع دخول مفتشيها إلى البلاد “حتى ضمان أمن المواقع والعلماء”. كما هاجم مسؤولون إيرانيون، بينهم مستشار المرشد علي لاريجاني، المدير العام للوكالة شخصياً، فيما دعت صحيفة “كيهان” إلى اعتقاله وحتى إعدامه.

ورداً على ذلك، أعرب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن إدانته الشديدة، وكتب على منصة “إكس” أن “دعوات إعدام غروسي غير مقبولة على الإطلاق ويجب رفضها دولياً”.

أما غروسي، فقد دافع عن حيادية تقارير الوكالة، مؤكداً أن “ما ورد في التقرير الأخير لم يكن جديداً”، بل تكرار لما ذكرته الوكالة في تقارير سابقة. وقال: “لا أحد يصدق أن هذه الحرب اندلعت فقط بسبب تقرير رقابي”.

استمرار المأزق النووي

رغم تدمير المنشآت النووية الرئيسية، يرى غروسي أن المعرفة التكنولوجية والخبرة الإيرانية في المجال النووي تجعل من استئناف التخصيب مسألة وقت، داعياً طهران إلى استئناف التعاون مع الوكالة الدولية وتوضيح مصير المواد المخصبة في أقرب وقت.

ومع استمرار التوتر بين إيران والوكالة الدولية، وتزايد الخطاب المعادي داخل طهران، تبقى الملف النووي الإيراني مفتوحاً على كل الاحتمالات، بين التصعيد العسكري والدعوات الدولية لاستئناف المسار الدبلوماسي. (إيران إنترناشونال)

ترامب: اتفاق “برجام” كان غبياً.. ولن أقدم أي تنازلات لإيران

في موقف جديد يكرّس نهجه المتشدد تجاه إيران، هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاتفاق النووي المعروف بـ”برجام”، واصفاً إياه بـ “الاتفاق الغبي”، مؤكداً أنه لن يقدم أي امتيازات لطهران كما فعلت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.

وفي منشور له على منصة “تروث سوشيال” يوم الاثنين 30 يونيو، كتب ترامب رداً على انتقادات وجهها له السناتور الديمقراطي كريس كوونز، قائلاً:

“على عكس أوباما الذي قدّم مليارات الدولارات لإيران بموجب الاتفاق الغبي (برجام)، وهو اتفاق كان سينتهي الآن لو استمر، لم أمنح إيران أي شيء”.

وأضاف ترامب أنه يرفض الدخول في مفاوضات مع المسؤولين الإيرانيين، مشيراً إلى أن المنشآت النووية الإيرانية قد دُمرت بالكامل.

تصريحات متضاربة بعد وقف إطلاق النار

تصريحات ترامب جاءت في وقت تتزايد فيه التساؤلات حول تناقض المواقف الصادرة عن إدارته، خصوصاً بعد إعلانه التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.

ففي حين نفى ترامب عزمه على التفاوض مع طهران، كانت شبكة CNN  قد كشفت سابقاً عن مقترحات أميركية قدّمت لإيران بهدف إعادتها إلى طاولة الحوار، من بينها السماح بالوصول إلى 30 مليار دولار من الأموال المجمدة، وإنشاء برنامج نووي سلمي.
لكن ترامب سارع لاحقاً إلى نفي هذه الأنباء، واصفاً إياها بـ”الكاذبة والمضللة”.

شكوك استخباراتية حول “تدمير كامل”

في خضم الجدل، حذّر السناتور كريس كوونز من التسرّع في إعلان نتائج الضربات الأميركية، مؤكداً على أهمية عدم “تسييس المعلومات الاستخباراتية”. واعتبر أن تصريحات ترامب بشأن “تدمير كامل” للمنشآت النووية الإيرانية “تفتقر للدقة وتعتمد على تقييمات غير مكتملة”.

وفي تقرير لوكالة أسوشييتد برس، نُقل عن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية CIA  أن الهجمات الأخيرة ألحقت ضرراً بالغاً ببرنامج إيران النووي، لكنها لم تكن ضربة قاضية، موضحاً أن البرنامج قد يحتاج سنوات للتعافي.

من جانبه، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إن إيران قد تكون قادرة على استئناف تخصيب اليورانيوم خلال أشهر قليلة، ما يعكس استمرار المخاوف الدولية من قدرة طهران على استعادة نشاطها النووي رغم الأضرار. (إيران إنترناشونال)

ليندساي غراهام: لا اتفاق مع إيران دون اعترافها بحق إسرائيل في الوجود

في موقف متشدد يعكس توجهات اليمين الأميركي، أكد السيناتور الجمهوري ليندساي غراهام أن أي اتفاق دبلوماسي مع إيران يجب أن يُبنى على شرط أساسي، وهو اعتراف طهران العلني بحق إسرائيل في الوجود. واعتبر أن الوقت قد حان لتعزيز التحالف الأمني مع إسرائيل في مواجهة ما وصفه بـ”سلوك النظام الإيراني العدائي”.

وفي مقابلة مع صحيفة يسرائيل هيوم الإسرائيلية، عقب انتهاء العملية العسكرية الأميركية-الإسرائيلية المشتركة ضد المنشآت النووية الإيرانية، قال غراهام:

“لا مجال للأوهام. إيران لن تتغير دون ضغط. وأي تفاوض معها دون تغيير سلوكها الجوهري سيكون ضرباً من الوهم”.

شروط صارمة لأي مفاوضات

وشدد غراهام على أن أي تسوية محتملة مع إيران يجب أن تتضمن ثلاثة شروط غير قابلة للتفاوض:

  • أن تكون إيران دولة غير نووية،
  • ألا تدعم الإرهاب،
  • وأن تعترف بحق إسرائيل في الوجود.

وأضاف أن إيران لم تُظهر حتى الآن أي استعداد للتخلي عن طموحها النووي، مشيراً إلى تصريحات مسؤولين إيرانيين تؤكد نيتهم استئناف البرنامج النووي، رغم الضربات الأخيرة التي استهدفت منشآت في فوردو ونطنز وأصفهان.

تأييد للضربة العسكرية وتحذير من التراخي

غراهام رحّب بالضربة العسكرية المشتركة التي نفذتها الولايات المتحدة وإسرائيل، معتبراً أنها “ضرورية” لمنع إيران من استئناف تخصيب اليورانيوم، حتى “لأغراض مدنية”. كما دعا إلى عدم ترك إسرائيل بمفردها، قائلاً:

“التقاعس في دعم إسرائيل سيُضعف من موقع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وسيعقّد بناء أي شراكات مستقبلية مع الدول العربية المعتدلة”.

موقف حاد من المحكمة الجنائية الدولية

وفي سياق آخر، هاجم غراهام المحكمة الجنائية الدولية بسبب إصدارها مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبراً أنها “تهديد وجودي لإسرائيل”، ووصفها بأنها “تسخر من القانون الدولي”، متوعداً بالعمل على فرض عقوبات ضدها.

من الكتاب المقدس إلى تيك توك: معركة السرديات

وفي لهجة دينية صريحة، قال غراهام:

“أنا أعيش في منطقة الحزام الإنجيلي، ونرى إسرائيل الطرف الصالح لأننا نحصل على أخبارنا من الكتاب المقدس”.

وانتقد غراهام ما وصفه بـ”نزع الشرعية عن إسرائيل على وسائل التواصل”، قائلاً إن الشباب الذين يتابعون الأخبار عبر تيك توك يرون إسرائيل “الطرف الشرير”، واصفاً الشعارات الطلابية مثل “من النهر إلى البحر” بأنها “دعوة لتدمير إسرائيل”، وهاجم التيارات الليبرالية في الجامعات الأميركية بشدة، معتبراً أن بعضها “معادٍ للسامية أو غبي للغاية”.

تفاؤل حذر بمستقبل المنطقة

رغم لهجته المتشددة، عبّر غراهام عن تفاؤل حذر بمستقبل الشرق الأوسط، معتبراً أن الضربة العسكرية الأخيرة عززت مكانة إسرائيل الإقليمية. وأكد أن هناك مؤشرات على استعداد دول مثل السعودية وبعض الدول العربية لـ”تغيير الواقع” والانضمام إلى تحالفات جديدة. كما أشار إلى إمكانية تحجيم نفوذ حزب الله وتحرير سوريا من المحور الإيراني الروسي، ما قد يفتح الباب أمام واقع إقليمي جديد أكثر استقراراً، وفق تعبيره.

“خارج الرادار الدولي”.. أسرار تخصيب إيران بعد الضربة ‏الأمريكية

في أعقاب الضربات الجوية الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة ‏على المنشآت النووية الإيرانية، عاد إلى الواجهة سؤال ‏استراتيجي بالغ الأهمية: هل نجحت واشنطن فعلاً في تدمير ‏قدرة إيران على امتلاك السلاح النووي؟ ولكن الإجابة ليست ‏بهذه البساطة، إذ تتداخل فيها الأبعاد العسكرية والتقنية ‏والسياسية.‏

نجاح تكتيكي أم فشل استراتيجي؟

في 22 حزيران 2025، أقدمت الولايات المتحدة ‏على شن هجمات جوية مركزة على منشآت إيران النووية ‏نطنز وفوردو وأصفهان، وذلك بعد 12 يوماً من الهجمات ‏الإسرائيلية المتتالية ليل نهار، وقد استخدمت الولايات المتحدة ‏في هذه الهجمات قنابل خارقة للتحصينات من طراز «‏GBU-‎57‏» وبعد انجاز المهمة من الطائرات الشبحية «‏B2‏» ‏صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن منشآت إيران ‏الرئيسية لتخصيب اليورانيوم قد دُمرت بالكامل.‏

لكن تقييماً استخباراتياً سرياً، أشار إلى أن الضربات ألحقت ‏أضراراً كبيرة لكنها لم تدمر المنشآت بالكامل، وأن جزءاً من ‏اليورانيوم عالي التخصيب نُقل قبل الضربة، كما أن معظم ‏أجهزة الطرد المركزي لم تتضرر.‏

اليورانيوم المخصب.. المادة موجودة ولكن أين؟

وفقاً لتقديرات وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، فإن إيران ‏كانت تمتلك نحو 408 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة ‌‏60 %، وهي كمية تقترب من العتبة اللازمة لصنع قنبلة ‏نووية، ومع ذلك، لم يُعرف مصير هذه المواد بعد الضربة، ‏ما يعزز فرضية نقلها إلى مواقع سرية.‏

وصرّح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ‏غروسي، بوضوح أنه «لا نعرف أين يمكن أن تكون هذه ‏المواد.. ربما نُقل بعضها، وربما دُمّر، لكن لا بد من توضيح ‏في مرحلة ما».‏

مع ذلك فإن صور الأقمار الصناعية أظهرت نشاطاً غير ‏اعتيادي لشاحنات قرب منشأة فوردو قبل الضربات، ما يعزز ‏فرضية نقل المواد إلى مواقع سرية.‏

صحيفة فاينانشيال تايمز نقلت عن مصادر استخباراتية أوروبية ‏أن المخزون لم يكن متمركزاً في فوردو وقت الضربة، بل ‏تم توزيعه مسبقاً.‏

منشآت بديلة تحت المجهر

تشير تقارير استخباراتية إلى أن هناك منشأة نووية جديدة ‏تحت جبل يُعرف بـ«جبل الفأس» قرب نطنز، بعمق يصل ‏إلى 100 متر، أي أكثر تحصيناً من فوردو، ويُعتقد أن هذه ‏المنشأة قد تكون الملاذ الجديد للمخزون النووي، خاصة مع ‏وجود أربعة مداخل وشبكة أنفاق معقدة، ما يجعلها شبه منيعة ‏أمام القصف التقليدي.‏

المعرفة النووية.. هل يمكن قصف العقول؟

حتى لو تم تدمير البنية التحتية، فإن المعرفة التقنية والعلمية ‏التي راكمتها إيران لا يمكن محوها بالقنابل، قد يسأل سائل ما ‏الذي يدعونا لقول ذلك؟ الجواب، كيف لا وقد أشار مدير ‏وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الأسبق، جون راتكليف، ‏إلى أن إيران «على وشك امتلاك قنبلة ذرية»، بينما قالت ‏المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، إن «كل ما ‏تحتاجه إيران هو قرار سياسي، ويمكنها صنع القنبلة خلال ‏أسبوعين».‏

ما بعد الضربة

رغم إعلان واشنطن أمام مجلس الأمن أن الضربات «قلّصت ‏فعلياً قدرة إيران على إنتاج سلاح نووي»، فإن تقييماً أولياً ‏للاستخبارات الأمريكية خلص إلى أن البرنامج تأخر لبضعة ‏أشهر فقط، وليس أكثر، وقد عبّر السيناتور كريس فان هولن ‏في هذا السياق عن قلقه من «تحريف ترامب للمعلومات ‏الاستخباراتية وتلاعبه بها».‏

خلاصة القول

الضربات الجوية لم تُنهِ البرنامج النووي الإيراني، بل أعادت ‏تشكيله في الظل، فالمادة الأساسية «اليورانيوم المخصب» ‏موجودة ولكن خارج الرادار الدولي، والمعرفة التقنية باقية، ‏والمنشآت البديلة قيد التشغيل أو البناء، ما لم يُستأنف التفتيش ‏الدولي وتُكشف المواقع الجديدة، فإن الخطر النووي الإيراني ‏لم يُستأصل، بل أصبح أكثر غموضاً وتعقيداً.‏

إذاً الضربة الأمريكية لم تُنهِ البرنامج النووي الإيراني، لكنها ‏أعاقت قدرته التشغيلية مؤقتاً، ومع بقاء المواد، والمعرفة، ‏والإرادة السياسية، فإن الخطر لم يُستأصل بل تغيّر شكله، ما ‏لم يُعالج الملف عبر تسوية دبلوماسية شاملة، فإن سباق ‏الظلال بين إيران والغرب سيستمر، وربما يدخل مرحلة أكثر ‏غموضاً وخطورة.‏ (الحرية)

تسريبات استخباراتية: إيران تقلل من حجم الأضرار التي سببتها الضربات الأميركية – “واشنطن بوست”

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية تقريراً يفيد بأن اتصالات إيرانية تم اعتراضها تُظهر أن المسؤولين الإيرانيين يُهونون من حجم الأضرار التي خلفتها الضربات الجوية الأميركية الأخيرة على منشآت البرنامج النووي الإيراني. واستند التقرير إلى أربعة مصادر مطّلعة على معلومات استخباراتية سرّية يتم تداولها داخل أروقة الحكومة الأميركية.

وأكد مصدر مطّلع لوكالة رويترز دقة هذه المعلومات، لكنه أشار إلى وجود شكوك جدية حول مدى صدق المسؤولين الإيرانيين في تقييمهم للأضرار، معتبراً أن تلك الاتصالات “ليست مؤشراً موثوقاً” على حجم الدمار الحقيقي.

وبحسب تقييم أولي تم تسريبه من وكالة استخبارات الدفاع الأميركية، فإن الضربات قد تكون عطلت البرنامج النووي الإيراني لبضعة أشهر فقط، ما يثير تساؤلات جديدة حول فعالية الهجوم.

من جهته، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الضربات “دمّرت بالكامل” البرنامج النووي الإيراني، لكنه أقرّ أيضاً بأن تقييم حجم الضرر بدقة سيحتاج إلى وقت.

البيت الأبيض يرد على تقرير واشنطن بوست

علّقت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت على تقرير الصحيفة قائلة:

“الحديث عن أن مسؤولين إيرانيين مجهولين يعلمون ما جرى تحت مئات الأقدام من الأنقاض هو ضرب من الهراء. برنامجهم النووي انتهى.”

ترامب: “تم محوهم بشكل غير مسبوق”

وفي مقابلة تلفزيونية بُثّت يوم الأحد عبر قناة فوكس نيوز، جدّد ترامب تأكيده أن الضربات أجهزت على قدرة إيران النووية بالكامل، قائلاً:

“لقد تم محوهم بطريقة لم يشهدها أحد من قبل. وهذا يعني نهاية طموحاتهم النووية، على الأقل لفترة من الزمن.”

وكان ذلك خلال ظهوره في برنامج Sunday Morning Futures مع المذيعة ماريا بارتيرومو.

الصورة المرفقة بالتقرير، والمأخوذة عبر الأقمار الصناعية، تُظهر تدميراً واضحاً لمداخل الأنفاق في مركز أبحاث التكنولوجيا النووية في أصفهان، والذي كان أحد أهداف الغارات الأميركية ضمن تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل.

عراقجي: منشأة فوردو أصيبت بأضرار كبيرة ولا أحد يملك معلومات دقيقة حول وضعها الحالي

في أول تعليق رسمي إيراني بعد الضربات الأميركية التي استهدفت منشآت نووية داخل إيران، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن “لا أحد يملك معلومات دقيقة عما يحدث حالياً في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم”، مشيراً إلى أن حجم الأضرار كان “كبيراً”، دون الخوض في تفاصيل فنية أو أمنية إضافية.

وفي مقابلة مع شبكة CBS News الأميركية، أكد عراقجي أن “استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة لن يتم بهذه السرعة”، معتبراً أن “أي قرار لإعادة الانخراط في المباحثات يجب أن يسبقه ضمان واضح من واشنطن بعدم تكرار استهداف المنشآت الإيرانية خلال فترة التفاوض”.

باب الدبلوماسية “لم يُغلق”

ورغم النبرة الحذرة، شدد عراقجي على أن “أبواب الدبلوماسية لن تُغلق أبداً”، موضحاً أن طهران لا تزال منفتحة على العودة إلى طاولة التفاوض، لكن بشروط تضمن احترام سيادتها وعدم تكرار الهجمات العسكرية.

وجاءت تصريحات عراقجي بعد تأكيد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن منشآت فوردو، ونطنز، وأصفهان “دُمرت بالكامل”، وهو ما نفاه جزئياً المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، الذي أشار في حديث لنفس الشبكة إلى أن “الضربات تسببت في أضرار جسيمة، لكنها لم تؤدِ إلى تدمير كلي”، مرجحاً إمكانية استئناف إيران نشاطها في تخصيب اليورانيوم خلال بضعة أشهر فقط.

التكنولوجيا النووية “لا تُقصف”

ورداً على هذه التصريحات، أكد عراقجي أن “التكنولوجيا والمعرفة النووية لا يمكن القضاء عليهما بالقصف”، مضيفاً: “إذا كانت لدينا الإرادة – وهي موجودة – يمكننا إصلاح الأضرار بسرعة وتعويض الوقت الضائع”. وشدد على أن البرنامج النووي الإيراني “لم يكن يوماً مجرد مشروع تقني، بل رمز للكرامة الوطنية والفخر الشعبي”، على حد تعبيره.

حق التخصيب “غير قابل للتفاوض”

وفي سؤال مباشر حول مستقبل تخصيب اليورانيوم، قال الوزير الإيراني إن بلاده “لن تتخلى بسهولة عن حقها في التخصيب”، خصوصاً بعد ما وصفه بـ”حرب مفروضة استمرت 12 يوماً”، في إشارة إلى الصراع العسكري الأخير الذي اندلع بين إيران وإسرائيل بمشاركة جوية أميركية.

تقييم الأضرار قيد المتابعة

من جهته، أكد غروسي أن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية تُجري تقييماً ميدانياً شاملاً بالتعاون مع منظمة الطاقة الذرية الإيرانية”، وأن نتائج التحقيق الفني ستُعرض لاحقاً على الحكومة الإيرانية.
وفي ظل التباين بين الروايات الأميركية والدولية حول حجم الأضرار في منشآت إيران النووية، تؤكد طهران أنها تحتفظ بإرادتها السياسية والتقنية لإعادة بناء قدراتها، وتربط أي عودة إلى طاولة التفاوض بضمانات صارمة تمنع التصعيد العسكري. وبينما لا تزال فوردو تحت التعتيم، يبدو أن “الحرب على التخصيب” لم تنتهِ، بل دخلت فصلاً أكثر تعقيداً. (روسيا اليوم)

طهران تتجه شرقاً لتعزيز قواتها الجوية بمقاتلات صينية بدل الروسية

في خطوة لافتة تعكس تبدل أولوياتها الاستراتيجية، تتجه إيران نحو الصين لعقد صفقة تسلح ضخمة تشمل شراء مقاتلات من طراز Chengdu J-10C، في مسعى لتحديث أسطولها الجوي المتقادم، وذلك بعد تعثّر تسلم طائرات سوخوي 35 الروسية رغم الوعود المتكررة من موسكو.

ووفقاً لما كشفته صحيفة “جلوبس” الاقتصادية الإسرائيلية، فإن وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده سافر مباشرة إلى الصين عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار الأخير، لحضور مؤتمر منظمة شنغهاي للتعاون، حيث كان هدفه الأساسي هو الترويج لاتفاق لشراء مقاتلات J-10C، في صفقة تمثل نقلة نوعية في القدرات الجوية الإيرانية.

صفقة مؤجلة.. وبديل صيني جاهز

منذ عام 2022، دعمت إيران روسيا بطائرات مسيّرة محلية الصنع في حربها ضد أوكرانيا، في إطار صفقة غير معلنة كانت تهدف إلى الحصول على مقاتلات روسية حديثة مقابل هذا الدعم. لكن بعد ثلاث سنوات من الانتظار، لم تتحقق الوعود، ولم تسلم موسكو أي طائرات سوخوي 35، مما دفع طهران للبحث عن بدائل أكثر واقعية وسرعة في التسليم.

تقول “جلوبس” إن العملية العسكرية الأخيرة كشفت حجم الفجوة التكنولوجية بين سلاحي الجو الإيراني والإسرائيلي، وهي فجوة تعود جذورها إلى أكثر من خمسة عقود. ومع تضرر ما يقارب 30% من الطائرات الإيرانية في الغارات الأخيرة، بدا واضحاً أن القيادة الإيرانية لم تعد قادرة على انتظار الحليف الروسي.

J-10C: مقاتلة حديثة بسعر أقل

طائرة J-10C، التي دخلت الخدمة عام 2002، ليست من الجيل الخامس، لكنها مزودة برادار حديث وصواريخ جو-جو يصل مداها إلى 200 كيلومتر، وتعد من حيث الأداء والتكلفة منافساً للطائرات الغربية مثل F-16. وقد أثبتت كفاءتها في النزاع الأخير بين باكستان والهند، حين أسقطت طائرة هندية فرنسية الصنع، ما شكل إحراجاً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ويبلغ سعر الطائرة الصينية حوالي 60 إلى 90 مليون دولار، مقارنة بسعر 100 مليون دولار لطائرة سوخوي 35 الروسية، وقرابة 80 مليون دولار لطائرة F-35 الإسرائيلية، مما يجعلها خياراً مغرياً لطهران التي تعرضت بنيتها الجوية لضربات موجعة مؤخراً.

مصالح بكين في الصفقة

من جانبها، لا تنظر الصين إلى هذه الصفقة من زاوية الربح التجاري فقط. فبكين تُعد المستورد الرئيسي للنفط الإيراني، حيث يُوجه أكثر من 90% من صادرات الخام الإيراني إليها، كما تحتفظ بعلاقات وثيقة مع قوى إقليمية مثل الحوثيين. ويُنظر إلى تعزيز الاعتماد الإيراني على التكنولوجيا العسكرية الصينية كوسيلة لبكين لضمان استقرار نفوذها في المنطقة وعدم خروج إيران عن الخطوط التي ترسمها المصالح الصينية. (موقع24)

مقتل “الحاج يونس”: غارة إسرائيلية تُنهي مسيرة أحد أبرز رجال سليماني

كشفت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن مقتل القيادي العسكري حسن أبو الفضل النيقويئي، المعروف بلقبه الحركي “الحاج يونس”، في غارة جوية إسرائيلية استهدفته خلال الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل. ويُعد الحاج يونس من أبرز الشخصيات العسكرية المقرّبة من قاسم سليماني، القائد السابق لـ”فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي قُتل في غارة أميركية ببغداد عام 2020.

“الحاج يونس”… رجل الظل في معارك فيلق القدس

وبحسب ما نشرته وكالة تسنيم الإيرانية، فإن “الحاج يونس” كان يُعرف بدوره المحوري في قيادة العمليات الميدانية لـ”فيلق القدس” داخل الأراضي السورية، وكان من الضباط القلائل الذين نُظر إليهم بوصفهم شركاء استراتيجيين لقاسم سليماني، ليس فقط في المهام العسكرية، بل في الروابط الشخصية والعقائدية.

ووصفت الوكالة يونس بأنه “أحد أساطير مواجهة الإرهابيين في المنطقة”، وأكدت أن استشهاده يمثل “خسارة فادحة للحرس الثوري ولنهج المقاومة بأسره”، في إشارة إلى المنظومة الإقليمية المرتبطة بإيران في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن.

غارة إسرائيلية دون تفاصيل

قناة “صابرين نيوز”، المقربة من “فيلق القدس”، أفادت أن “الحاج يونس” قد قضى في غارة جوية إسرائيلية نُفذت قبل 11 يوماً، دون أن تكشف عن مكان الغارة أو تفاصيل تنفيذها، وهو ما يُبقي ظروف مقتله في إطار الغموض الأمني المتعمد.

في المقابل، أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية عن يوم حداد وطني يوم السبت المقبل، تكريماً لمسيرة الرجل الذي بقيت هويته طيّ الكتمان لسنوات، ولم يُكشف عنها في الإعلام الإيراني سوى بعد مقتله، ما يعكس حساسية موقعه داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية.

جزء من تصعيد أوسع

وتأتي هذه التطورات ضمن سياق تصعيد عسكري غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، بدأت ملامحه في 13 يونيو/حزيران، عندما شنت تل أبيب هجوماً واسع النطاق استهدف مواقع عسكرية وعلمية داخل إيران، أسفر عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين وعلماء نوويين.

وبعد أيام، وتحديداً في 22 يونيو، نفذت الولايات المتحدة ضربات متزامنة استهدفت منشآت فوردو، نطنز، وأصفهان النووية، فيما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن وقف لإطلاق النار في 24 يونيو، وسط تحركات دبلوماسية لاحتواء الموقف.

إيران تودع أحد صقور الظل

يُعد الحاج يونس، وفقاً لوكالة تسنيم، من الشخصيات العسكرية التي عملت في الظل طوال عقود، وكان وجوده الميداني “مركزياً ومؤثراً” في تنفيذ الاستراتيجية الإيرانية في سوريا، وخاصة خلال المواجهات مع الفصائل المسلحة والمعارضة السورية، بالإضافة إلى دعم حزب الله اللبناني.

وبالرغم من الغموض الذي لفّ هويته لسنوات، تكشف وفاته عن شبكة عسكرية عميقة يقودها “فيلق القدس” خارج الحدود الإيرانية، حيث تحرص طهران على الإبقاء على رموزها بعيداً عن الأضواء، حتى في مقتلهم، خوفاً من تعقبهم أو استهدافهم لاحقاً.

يشكل مقتل “الحاج يونس” ضربة رمزية وأمنية لإيران، في خضم مرحلة حافلة بالتصعيد العسكري والدبلوماسي مع إسرائيل والولايات المتحدة. وبينما تتجه طهران إلى تمجيد الرجل بوصفه شهيداً لعقيدة المقاومة، يبقى مقتله رسالة ضمنية حول توسع بنك أهداف إسرائيل، ومدى هشاشة شبكات النفوذ الإيرانية في لحظة إقليمية شديدة التقلّب. (عربي21)

تركيا

“الممر الأوسط”: طريق التجارة الجديد بين الصين وأوروبا يعبر تركيا ويغيّر قواعد اللعبة

في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة وتنامي الحاجة إلى بدائل آمنة وسريعة للممرات البحرية التقليدية، يبرز “الممر الأوسط” كمشروع استراتيجي طموح يعيد رسم خارطة التجارة العالمية، رابطاً الصين بأوروبا عبر قلب أوراسيا، مروراً بتركيا، دون الحاجة للمرور بمضائق وممرات بحرية معرضة للاضطرابات.

صورة تحتوي على نص, خريطة, أطلس, الخط

قد يكون المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي غير صحيح.

طريق جديد يختصر الزمن ويتجاوز المخاطر

يمتد الممر الأوسط – أحد محاور مبادرة “الحزام والطريق” الصينية – من العاصمة بكين، ليعبر تبليسي في جورجيا، وإسطنبول في تركيا، وصوفيا في بلغاريا، وصولاً إلى لندن. ويبلغ طوله نحو 4,256 كيلومتراً برّاً وسككياً، يضاف إليه 508 كيلومترات بحرية، ويتجاوز ممرات مثل قناة السويس ومضيق باب المندب ورأس الرجاء الصالح، التي تشهد ازدحاماً متزايداً وتوترات أمنية متكررة.

ويمثل هذا المسار تحوّلاً نوعياً في قطاع الشحن الدولي، إذ يقلّص زمن النقل بين الصين وأوروبا إلى أقل من 15 يوماً، مقارنة بـ35 يوماً عبر قناة السويس، و45 يوماً عبر رأس الرجاء الصالح. كما يتميز بأمانه العالي وتكاليفه المعقولة، ما يجعله خياراً مفضلاً بين النقل البحري البطيء والمحفوف بالمخاطر، والنقل الجوي المكلف.

تركيا في قلب الطريق: مركز لوجستي عالمي

تُعد تركيا واحدة من أكبر المستفيدين من هذا المشروع، ليس فقط كمحطة عبور، بل كبنية تحتية محورية ومركز لوجستي حيوي. وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، وصف المشروع بأنه “تحوّل استراتيجي جعل من تركيا العمود الفقري للتجارة بين 21 دولة”.

وفي بيان رسمي، أوضح الوزير أن استكمال الاستثمارات في هذا المشروع سيتيح نقل البضائع من الصين إلى أوروبا في أقل من 15 يوماً، مشدداً على أن تركيا باتت تملك القدرة على إيصال الشحنات الصينية إلى أوروبا عبر السكك الحديدية دون انقطاع.

ويؤكد أورال أوغلو أن هذا المسار يوفر مزيجاً فريداً من السرعة والتكلفة المنخفضة والاستقرار السياسي، ما يضمن منافسة قوية للممرات التقليدية، سواء عبر روسيا (الممر الشمالي) أو إيران (الممر الجنوبي).

75 مليار دولار سنوياً.. و144 ألف فرصة عمل

وفق التقديرات الرسمية التركية، فإن “الممر الأوسط” يملك طاقة تجارية محتملة تصل إلى 75 مليار دولار سنوياً عبر السكك الحديدية وحدها، إلى جانب ما يقارب 6.5 ملايين طن من البضائع تُنقل سنوياً في مراحله الأولى. ويتوقع أن يبلغ الأثر التراكمي للمشروع على الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة خلال العقد القادم نحو 114 مليار دولار، فيما يصل متوسط الأثر السنوي على فرص العمل المباشرة وغير المباشرة إلى 144 ألف وظيفة.

ويخدم هذا المشروع -وفق المسؤولين الأتراك- دول آسيا الوسطى، والقوقاز، وشرق أوروبا، والشرق الأوسط، ويمثل نموذجاً لتكامل اقتصادي عابر للحدود يعزز من الاستقرار والتنمية في المنطقة بأسرها.

بديل للممرات الروسية والإيرانية

في السياق الجيوسياسي، يأتي “الممر الأوسط” كبديل عملي وآمن لممرات تواجه تحديات متزايدة، مثل الممر الشمالي الذي يمر عبر روسيا ويعاني من عزلة دولية منذ الحرب في أوكرانيا، والممر الجنوبي عبر إيران الذي يواجه عقوبات وضغوطاً سياسية متصاعدة.

وعبر الاعتماد على تركيا والقوقاز وبحر قزوين، يتيح الممر الأوسط تجاوز هذه العقد السياسية والجغرافية، مؤمّناً مساراً مرناً يمكن تطويره باستمرار عبر تحسين البنى التحتية والربط الشبكي بين الدول المعنية.

الممر الأوسط ليس مجرد مشروع نقل، بل هو رؤية استراتيجية لعالم متعدد الأقطاب، ينقل مركز الثقل من الموانئ والمضائق البحرية إلى الممرات السككية البرية. وفي عالم يسوده التنافس والمخاطر، يفتح هذا الطريق صفحة جديدة في العلاقة بين الشرق والغرب، ويمنح تركيا موقعاً جيوسياسياً لا يمكن تجاهله في الاقتصاد العالمي الجديد. (الأناضول) (الأناضول)

أردوغان: سنمهد لاتخاذ قرارات مهمة في قمة الناتو 2026 بأنقرة

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنهم سيمهدون الأرضية من أجل اتخاذ قرارات مهمة في قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) العام القادم في أنقرة.

جاء ذلك في كلمة للرئيس التركي بعد رئاسته لاجتماع الحكومة.

وقال: “ستستضيف تركيا قمة الناتو في يوليو (تموز) 2026. وبهذه المناسبة، سنستضيف قادة الناتو في عاصمتنا أنقرة، ونمهد الطريق لاتخاذ قرارات بالغة الأهمية”.

وتطرق الرئيس أردوغان إلى قرار زعماء الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035.

وأكد أنهم تمكنوا من إدراج مبدأ إزالة العقبات أمام تجارة المنتجات الصناعية الدفاعية بين الحلفاء في وثائق الحلف.

وأشار أردوغان إلى أنه التقى بالعديد من القادة، بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وناقش معهم العلاقات الثنائية والقضايا الراهنة.

وأعرب أردوغان عن سعادته بالتقدم الذي تم تحقيقه خلال فترة قصيرة بشأن الجهود الرامية إلى جعل تركيا خالية من الإرهاب.

وأكد أردوغان أن بلاده لن تتسامح مع أي تحرك يستهدف أمنها القومي.

وأشار إلى نجاح النظام الرئاسي في تركيا خلال السنوات السبع الماضية في التعامل مع الأزمات مثل الأوبئة والكوارث والحروب من خلال سرعة اتخاذ القرار، والتنسيق العالي، والاستقرار السياسي، وابتعاده عن التدخلات الخارجية.

كما أعرب الرئيس التركي عن سعادته حيال التقدم الذي أحرزته تركيا في رؤيتها المتمثلة بـ”تركيا خالية من الإرهاب”.

وأكد أردوغان أنه في ظل الانقسامات التاريخية التي يشهدها النظام العالمي، ينبغي على المؤسسات السياسية أن تعمل أيضاً انطلاقا من دور تركيا المركزي.

وصرح الرئيس أردوغان بأنهم بحثوا دور الذكاء الاصطناعي والابتكار في التعليم، والفرص والتهديدات الجديدة للتقنيات الرقمية من وجهات نظر مختلفة، بمشاركة خبراء في قمة تركيا لتقنيات التعليم هذا العام.

وعن الاجتماع الحادي والخمسين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد في تركيا بوقت سابق قال أردوغان: “أكدنا على أهمية أن يتحلى العالم الإسلامي، الذي يبلغ تعداد سكانه ملياري نسمة، بروح الوحدة والأخوة في مواجهة مشاكله الراهنة”. (الأناضول)

هل يتسلم كليتشدار أوغلو رئاسة حزب الشعب مجددا؟ 

أعلنت المحكمة تأجيل جلسة النظر في قضية إبطال نتائج مؤتمر حزب الشعب الجمهوري إلى تاريخ 8 أيلول/سبتمبر المقبل، وهي القضية التي رفعتها مجموعة من الأعضاء بقيادة رئيس بلدية هاتاي السابق لطفي سفاش، بحجة شراء أصوات المندوبين بالرشاوى.

وفي أول تعليق له بعد القرار، قال النائب عن الحزب علي ماهر باشارير: “نحن نريد أن نذهب بهذا البلد إلى انتخابات مبكرة، هذا هو جدول أعمالنا الحقيقي. هذه القضية لا معنى لها، وهي مبنية على أربع عرائض مصابة بجنون الشك، ونحن واثقون من نتيجتها.”

من جانبه، صرّح رئيس المحكمة بأنهم “بانتظار نتائج البتّ النهائي في القضية الجنائية، وقرارات عدم الصلاحية”.

كل من لطفي سفاش والرئيس السابق للحزب كمال كليتشدار أوغلو لم يحضرا الجلسة.

ووفقاً لتقرير صحيفة سوزجو، فإن محامي لطفي سفاش أكد أنهم لا يطالبون بتعيين وصي على الحزب، كما رأى أنه لا داعي لانتظار نتيجة القضية الجنائية، طالباً قبول دعواهم، قائلاً: “نحن لا نرغب في أن تُناقش أمور حزب الشعب الجمهوري في أروقة المحاكم، لكن هناك شبهة فساد حقيقية. هذه ليست قضية سياسية بل قانونية.”

ما فحوى الدعوى؟

تسعى القضية لإلغاء نتائج المؤتمر العام الـ 38 وكذلك المؤتمر الاستثنائي الـ 21 الذي تم فيه انتخاب أوزغور أوزال مجدداً رئيساً للحزب. ويزعم المدّعون أن إرادة المندوبين شُوّهت بفعل الرشوة، وأنه يجب عزل أوزال وإعادة كليتشدار أوغلو إلى رئاسة الحزب.

الإدارة الحالية للحزب تؤكد أن المحكمة لا تمتلك صلاحية إصدار قرار “بطلان مطلق”، وبالتالي يجب رفض القضية. وفي حال صدر حكم كهذا، فلن يكون بمقدور الإدارة السابقة العودة فوراً إلى قيادة الحزب، بل ينبغي انتظار نتائج الاستئناف والنقض.

كيف تنوي القيادة الحالية التصرف؟

يعكف المقر العام للحزب على تسريع إجراءات المؤتمر القادم الـ39 لجعل الدعوى بلا موضوع، خاصة أن عملية الاستئناف قد تستغرق أكثر من عامين.

في حال صدور قرار “بطلان مطلق”، تجهز إدارة الحزب خطة لمنع الإدارة السابقة من دخول مقر الحزب.

من سيقود الحزب؟

هذا هو أكثر الأسئلة جدلاً في القضية. بعض السيناريوهات تطرح تعيين “قيّم” (وصي)، وهو ما يُنظر إليه كإلغاء للإرادة الداخلية للحزب، فيما يُقلق سيناريو عودة كليتشدار أوغلو من خلال قرار قضائي أطرافاً داخل القيادة الحالية.

وهناك مخاوف من أن يقوم كليتشدار أوغلو –في حال عودته– بتمديد العملية الداخلية للمؤتمر على مدى عام ونصف، وإعادة هيكلة مؤسسات الحزب بما يخدمه شخصياً. لذا بدأ الحديث في أروقة الحزب عن أن تعيين لجنة “دعوة للمؤتمر” قد يكون خياراً أفضل من تعيين وصي أو عودة كليتشدار.

جهود الوساطة تفشل

فشلت محاولات وساطة قام بها رؤساء بلديات أنقرة منصور يافاش، وميرسين فهاب سَتشر، وعضو المجلس الحزبي أنجين أوزكوش. كما لم تجد دعوة رئيس حزب الشعب الجمهوري في أنقرة أوميت أركول للصلح بين الزعيمين أي تجاوب.

كليتشدار أوغلو والحديث عن الانقسام

تُطرح احتمالات بأن كليتشدار أوغلو قد يتسلم الحزب مؤقتاً “حتى يُوصله إلى برّ الأمان”، مع بدء سريع لعملية المؤتمر الاعتيادي. هناك من يعتقد أن هذه الفترة يمكن أن تكتمل خلال 90 يوماً، وآخرون يرونها تمتد لعام.

أمّا احتمال انقسام الحزب، فهو أكثر السيناريوهات تداولاً. فهناك من يعتقد أن الخلاف قد يؤدي إلى ولادة حزب جديد بقيادة أوزغور أوزال وفريقه، في حال تعذّرت المصالحة.

في أروقة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، يُرجَّح أن تمتد القضية إلى بداية العام القضائي الجديد، ويُعتبر أن إصدار حكم ببطلان مطلق ممكن فقط إن توافرت أدلة ملموسة على التلاعب. إلا أن ممثل حزب العدالة والتنمية في الهيئة العليا للانتخابات رجب أوزال شدّد على أن المحكمة لا تملك صلاحية إصدار هذا النوع من الأحكام، مشيراً إلى أن قرارات الهيئة العليا ملزمة. (أوكسجين)

متابعات عربية

تحقيق فرنسي: قاعدة “الخادم” الليبية تتحول إلى محور روسي لنقل الأسلحة من سوريا إلى إفريقيا

كشف تحقيق استقصائي أجرته وحدة “إنفو فيريف” التابعة لإذاعة فرنسا الدولية عن دور متنامٍ لقاعدة “الخادم” الجوية شرق بنغازي في تأمين نقل الأسلحة والمعدات الروسية من سوريا إلى مناطق نفوذ موسكو في إفريقيا، خصوصاً منطقة الساحل. وأظهرت صور الأقمار الصناعية وبيانات تتبع الرحلات أن طائرة شحن روسية من طراز “أنتونوف-124” غادرت قاعدة حميميم في سوريا يوم 16 مايو 2025، وحطّت في “الخادم” ضمن سلسلة من الرحلات المشابهة التي ازدادت وتيرتها منذ ديسمبر 2024.

الطائرة، التي تديرها وحدة طيران 224 التابعة لوزارة الدفاع الروسية، أوقفت جهاز الإرسال أثناء تحليقها فوق المتوسط، في محاولة لإخفاء مسارها، وهو سلوك رُصد في رحلات سابقة. التحقيق أشار إلى أن الطائرة ذاتها شوهدت لاحقاً في باماكو وواغادوغو، ما يعزز فرضية استخدامها لدعم العمليات الروسية في مالي وبوركينا فاسو، في ظل انسحاب فاغنر الظاهري من بعض المناطق.

التحقيق تطرّق أيضاً إلى نشاطات شحن سابقة عبر نفس المسار، حيث تم توثيق 8 رحلات على الأقل بين حميميم والخادم خلال شهري ديسمبر ويناير الماضيين. ورُصدت عبر قنوات تابعة لفاغنر وفيلق إفريقيا شحنات لأسلحة ثقيلة ومركبات مدرعة مشابهة لتلك المستخدمة في سوريا.

ويشير التقرير إلى أن هذه التحركات تعكس استراتيجية روسية لإعادة التمركز العسكري خارج سوريا، لا سيما بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وتعزز العلاقة بين موسكو والقيادة الليبية في الشرق، بقيادة خليفة حفتر، التي باتت تلعب دوراً مركزياً في المشروع العسكري الروسي في القارة السمراء.

نيويورك تايمز تكشف: الشيخ منصور بن زايد في قلب شبكة نفوذ عسكري وسياسي تمتد من إفريقيا إلى كرة القدم العالمية

نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقاً استقصائياً موسّعاً أعدّه الصحفيان ديكلان وولش وطارق بانجا، كشفا فيه عن الدور الخفي للشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات ومالك نادي مانشستر سيتي، الذي يمتد إلى ما هو أبعد من عالم الرياضة الفاخرة، إلى عمق الصراعات الدامية في السودان وليبيا وأفريقيا، حيث لعب دوراً محورياً في تمويل وتسليح قوى مسلحة ضمن استراتيجية أوسع للإمارات في إعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية.

ما وراء واجهة كرة القدم

يُعرف الشيخ منصور في الغرب بأنه أحد أقطاب الرياضة العالمية بعد شرائه نادي مانشستر سيتي في 2008، لكنه في الكواليس، كما تؤكد الصحيفة، هو “المُوجه” لما وُصف بـالحروب الإماراتية السرية. ورغم ندرته في الظهور العلني أو التحدث إلى وسائل الإعلام، إلا أن المسؤولين الأميركيين يرونه مفتاحاً رئيسياً لفهم تحركات أبو ظبي العسكرية والاستخباراتية في مناطق التوتر، خاصة السودان.

السودان: من اللقاءات السرية إلى حرب الطائرات المسيّرة

قبل اندلاع الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023، كان الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) ضيفاً في قصر الشيخ منصور، في لقاء ليس الأول من نوعه. وتشير الصحيفة إلى أن جمعيات خيرية تابعة للشيخ منصور أسست مستشفى ميدانياً في السودان بغطاء إنساني، لكن في الواقع، تقول مصادر أميركية، كان المستشفى جزءاً من عملية تهريب طائرات مسيّرة وأسلحة لقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، التي وُجّهت إليها اتهامات بارتكاب مذابح وجرائم حرب واغتصاب جماعي.

رغم نفي الإمارات دعمها لأي طرف، فإن وكالات الاستخبارات الأميركية اعترضت اتصالات مباشرة بين الشيخ منصور وحميدتي، وبين الشيخ محمد بن زايد وقادة الجماعة المسلحة، مما يعزز الرواية الأميركية بأن أبو ظبي أسهمت في تأجيج حرب أودت بحياة أكثر من 150 ألف شخص، وشردت 12 مليوناً، وأشعلت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية المعاصرة.

امتدادات النفوذ: من ليبيا إلى إثيوبيا

تعود جذور دور الشيخ منصور إلى سنوات ما بعد “الربيع العربي” 2011، عندما تحركت الإمارات بقوة لمحاربة صعود الإسلاميين عبر دعم قادة عسكريين في مصر وليبيا واليمن. في ليبيا، كان خليفة حفتر أبرز حلفائه، ووفق التحقيق، فقد أدار الشيخ منصور شخصياً العلاقة معه، وصولاً إلى تسليح قواته، بل وتمويل مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية في هجوم على طرابلس عام 2020، حسب البنتاغون.

وفي إثيوبيا، لعبت أبو ظبي دوراً حاسماً في قلب موازين الحرب الأهلية لصالح رئيس الوزراء آبي أحمد عبر تزويده بطائرات مسيّرة إماراتية قلبت المعادلة العسكرية.

البشير وحميدتي.. أذرع النفوذ السوداني

بحسب التقرير، بدأت علاقة الإمارات بالسودان منذ سنوات، بمحاولة استقطاب عمر البشير بعيداً عن إيران. وتمخضت لقاءات خلفية بين الشيخ منصور والبشير عن تدفق استثمارات ومساعدات ضخمة، تلاها نشر السودان لمقاتلين في اليمن، أغلبهم من قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، الذي تحول لاحقاً إلى الحليف الأساسي.

وتشير شهادات مسؤولين أميركيين إلى أن الشيخ منصور كان منذ البداية العقل المدبر لدعم حميدتي، حتى بعد انقلاب 2021 الذي أغضب واشنطن، حيث استقبلته أبو ظبي استقبالاً رسمياً، وواصلت توفير الدعم السياسي والعسكري له، حتى مع بداية الحرب الأهلية الجديدة.

شبكة المال والسرية

التحقيق يكشف أيضاً عن شبكة شركات وهمية أنشأها مسؤول إماراتي، بتنسيق مباشر مع الشيخ منصور، لتمويل وتسليح قوات الدعم السريع، إضافة إلى قاعدة جوية شرق تشاد استخدمت كنقطة انطلاق لشحنات الأسلحة. وقد وصف مسؤول أميركي سابق هذا الدور بأنه “التحرك الإماراتي الأكثر سرية وخطورة في أفريقيا”.

ورغم محاولة الشيخ منصور قطع علاقاته العلنية بحميدتي مع تصاعد الانتقادات الدولية، إلا أن الأدلة الاستخباراتية – وفق نيويورك تايمز – تؤكد استمرار الدعم عبر قنوات خلفية، مستتراً وراء مؤسسات خيرية ومستشفيات ميدانية.

صدمة واشنطن وقلق الكونغرس

في عام 2024، واجه المبعوث الأميركي توم بيرييلو الشيخ منصور شخصياً، في محاولة لوقف الدعم الإماراتي لقوات حميدتي، إلا أن الشيخ تهرب من الإجابة، محملاً خصومه مسؤولية السلام. وقد دفع هذا الملف بعدد من أعضاء الكونغرس إلى المطالبة بفرض حظر على مبيعات السلاح للإمارات، واتهامها بدعم “إبادة جماعية”.

مانشستر سيتي في مهب العاصفة

بعيداً عن السياسة، يخضع نادي مانشستر سيتي لتحقيقات في بريطانيا بشأن شبهات بتضخيم أموال الرعاية وصفقات اللاعبين، ما قد يؤدي إلى تغريمه أو حتى طرده من الدوري الإنجليزي، في ضربة محتملة لـ”جوهرة التاج” في مشروع القوة الناعمة الإماراتي.

الشيخ منصور بن زايد، الذي اشتهر عالمياً بصفقات كرة القدم وخيول السباق، يتحول تحت الأضواء الآن إلى شخصية محورية في استراتيجية إماراتية معقدة تجمع بين المال، والسياسة، والحرب. ومع تزايد التحديات الدولية، قد تكون السرية التي أحاطت بتحركاته قد وصلت إلى نهايتها، ومعها تبدأ مرحلة جديدة من المساءلة العلنية، سواء في السودان أو في ملاعب إنجلترا.

متابعات إفريقية

الكاميرون – انشقاق بارز في معسكر بيا: الوزير السابق عيسى تشيروما يعلن ترشحه للرئاسة

في تطور لافت يشير إلى تصدّع داخل الدائرة المقرّبة من الرئيس الكاميروني المخضرم بول بيا، أعلن وزير العمل والتدريب المهني السابق، عيسى تشيروما باكاري، استقالته رسمياً من الحكومة وترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في وقت لاحق من هذا العام. جاء الإعلان أولاً عبر رسالة مفتوحة نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي مساء الأربعاء، وأكد عليه في بث مباشر بعد 24 ساعة، مستخدماً لهجة حادة قال فيها إن هدفه هو “إنهاء النظام القديم”.

تشيروما، البالغ من العمر 75 عاماً، يُعد من أبرز الوجوه السياسية في الكاميرون، وسبق أن شغل منصب وزير النقل (1992 – 1996) ثم وزير الاتصالات (2009 – 2019)، وكان من أبرز المدافعين عن سياسات حكومة بيا، كما يقود حزب جبهة الإنقاذ الوطني للكاميرون (FSNC) الذي كان متحالفاً طويلاً مع حزب الرئيس الحاكم “حركة الديمقراطية الشعبية الكاميرونية” (CPDM).

وتأتي هذه الخطوة في ظل غموض يحيط بموقف الحزب الحاكم، الذي لم يُعلن حتى الآن عن مرشحه للانتخابات المقبلة، وسط مؤشرات عن خلافات داخلية واستقالات غير معلنة. من جهة أخرى، لا تزال المعارضة الكاميرونية تعاني من الانقسامات وعدم القدرة على الاتفاق حول مرشح موحد.

ترشح تشيروما يسلط الضوء على تحولات محتملة في الخارطة السياسية الكاميرونية، حيث يبدو أن عدداً من الحلفاء التاريخيين للرئيس بيا بدأوا بالابتعاد عنه، في وقت تزداد فيه الضغوط الداخلية والدولية للمضي نحو انتقال ديمقراطي للسلطة. (أفروبوليسي)

غينيا تتحول إلى بوابة لوجستية للأسلحة الروسية نحو منطقة الساحل

في ظل استمرار التمدد الروسي في إفريقيا، كشفت تحقيقات استقصائية أجرتها إذاعة فرنسا الدولية (RFI) عن استخدام روسيا لميناء كوناكري في غينيا كبوابة رئيسية لنقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى مالي، رغم انسحاب مجموعة فاغنر من الأراضي المالية. ويبدو أن الكرملين بات يعتمد على ما يسمى بـ”فيلق أفريقيا” كبديل منظم لتعويض الفراغ الذي خلّفه غياب فاغنر.

وبحسب وحدة التحقيقات “إنفو فيريف”، فإن روسيا أقامت مركزاً لوجستياً في العاصمة الغينية كوناكري، الواقعة على الساحل الأطلسي، يتم من خلاله استقبال شحنات عسكرية روسية قادمة بحراً، قبل أن تُنقل براً إلى مالي غير الساحلية. ومنذ بداية عام 2025، تم توثيق وصول ثلاث قوافل بحرية إلى الميناء الغيني، تلاها تحرك بري نحو العاصمة المالية باماكو، وسط حراسة أمنية مشددة.

وقد أكدت قناة ORTM الرسمية في مالي، وصول إحدى تلك القوافل في 31 مايو الماضي، وكانت تتألف من عشرات الشاحنات المحمّلة بالمعدات العسكرية. كما حصلت RFI على لقطات حصرية وشهادات من شهود عيان، تؤكد وجود تنسيق روسي-مالي لضمان عبور الشحنات دون عوائق.

وتشير بيانات تتبع السفن إلى أن سفينتين روسيتين خاضعتين لعقوبات دولية – “بالتيك ليدر” و”باتريا” – رستا في ميناء كوناكري بين 25 و28 مايو. وتُعرف “بالتيك ليدر” بكونها جزءاً من “الإكسبريس السوري”، وهو مسار بحري استخدمته موسكو سابقاً لنقل العتاد العسكري إلى سوريا. ويُعد هذا الأسطول المظلم إحدى أدوات روسيا للالتفاف على العقوبات الدولية وتوسيع نفوذها في مناطق النزاع.

وتعكس هذه التحركات استمرار النهج الروسي في تعزيز موطئ قدمها العسكري في القارة، رغم تغير الأسماء والهياكل، وسط صمت رسمي من جانب السلطات الغينية، وتجاهل غربي متزايد لحجم التوغل الروسي في قلب الساحل الأفريقي. (أفروبوليسي)

لماذا أفريقيا أولوية لإيران بعد الحرب؟

مقال رأي لـ الصادق الرزيقي

من السابق لأوانه الحديث عن تحولات كبيرة في مسار العلاقات الأفريقية – الإيرانية عقب حرب الاثني عشر يوماً مع إسرائيل، غير أن الحديث عن مؤشرات الحرب وانعكاساتها على علاقة طهران مع القارة الأفريقية يكتسب أهمية بالغة، متسقاً مع ما يدور في القارة من تفاعلات وتحالفات.

فمنذ العام 1979، ظلت علاقة طهران بأفريقيا تتأرجح وفق الوضع الجيوسياسي في المنطقة والبيئة المحيطة بإيران وتطلعاتها في بناء علاقات إستراتيجية مع البلدان الأفريقية.

ساعدت في السابق عوامل عديدة على نسج علاقات جيدة بين الطرفين، خاصة مع دول في الشمال الأفريقي وجنوب القارة وغربها وشرقها، واستفادت طهران من تطورات هذه العلاقات، ومن تقاطعات الأحداث في أقاليم أفريقيا الخمسة خلال الأربعين سنة الماضية، وكان حصادها علاقات دبلوماسية وتعاوناً اقتصادياً وفنياً وعسكرياً مع بضع وعشرين دولة أفريقية تغطي كامل القارة، التي صارت سوقاً للمنتجات الإيرانية، من بينها السلاح، وحازت مرتبة متقدمة بعد روسيا والصين وتركيا في مبيعات الأسلحة.

لكن فيما يبدو أنه بعد نهاية الحرب السريعة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وما تمخض عن هذه المواجهات وبقاء إيران كقوة إقليمية بعد الحرب لا يمكن تجاوزها، فإن العلاقات الأفريقية- الإيرانية ستدخل مرحلة جديدة يجدر النظر إليها بعيداً عن المؤثرات الأخرى، وقريباً مما خرجت به بعد المواجهة المكلفة مع إسرائيل والولايات المتحدة.

إذا كانت إيران قد بنت علاقاتها الأفريقية خلال الأربعة عقود الماضية على تحالفات محدودة مع بعض البلدان: الجزائر في شمال أفريقيا ودولة جنوب أفريقيا في جنوب القارة، والتعاون في بعض المجالات المحدودة مع بلدان في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، وفي منطقة الساحل الأفريقي مؤخراً: النيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، فضلاً عن علاقات جيدة وتعاون اقتصادي وفني وتبادلات تجارية مع عديد البلدان في غرب ووسط أفريقيا، في مقدمتها: نيجيريا وغانا وليبيريا وسيراليون وغامبيا والسنغال والغابون والكونغو الديمقراطية، فإنها الآن أمام واقع جديد يدفعها بقوة لتعزيز روابطها الأفريقية في أعقاب الحرب ونتائجها، وذلك لسببين أساسيين:

  • أولاً: خرجت إيران من الحرب، رغم الخراب والدمار، وهي تحمل بطاقة الدخول إلى الملعب الدولي كلاعب إقليمي، فلم تتزحزح مكانتها بعد الحرب مع إسرائيل والضربات الأميركية لمواقعها النووية، ولم تؤثر عليها محاولة إسقاط نظامها الحاكم، وقد لا تتعرض لعزلة دولية كما كان في السابق، وسيكون رهانها انفتاح الأبواب أمامها في المرحلة المقبلة، إذا أحسنت توظيف نتائج الحرب وحافظت على مسافة مقبولة مع الغرب، الذي يتطلع لتفاهمات معها حول برنامجها في المجالين: النووي والصاروخي.
  • ثانياً: زالت الكثير من المخاوف الأفريقية التي كانت تمنع بعض بلدانها من مجرد الاقتراب من إيران، فقد كانت الضغوط الأميركية والإسرائيلية على القارة السمراء عقبة تعيق تقدم وتنامي علاقات طهران الأفريقية. وتلاشى الحذر الأفريقي بسبب التقارب الخليجي – الإيراني، خاصة مع المملكة العربية السعودية، بيد أن المغرب في شمال أفريقيا لديه موقف مناهض لإيران لدعم الأخيرة جبهة البوليساريو.

لا خيار أمام طهران اليوم، غير ترميم وتطبيب جراحها ثم الاستفادة من هامش المناورة المتاح الآن، ومواصلة انفتاحها نحو أفريقيا. فيمكنها الآن تطوير تعاونها الموجود أصلاً مع زيمبابوي والنيجر في تبادلية النفط والدعم الفني مقابل اليورانيوم، وهي في حاجة ماسة كما يبدو للتعاون في هذا المجال.

ثم مواصلة تعاونها العسكري والتجاري مع دول غرب أفريقيا وشرقها، والاستثمارات في مجال صناعة السيارات والمعدات الزراعية مع السنغال، وموزمبيق، وتنزانيا، وإثيوبيا، ومتابعة الملفات ذات الطبيعة الإستراتيجية المتعلقة بالوجود الفعلي في باب المندب والبحر الأحمر مع جيبوتي، وإريتريا والسودان، وهو أولوية قصوى تترافق مع الوجود في اليمن.

وتدخل هذه العلاقات في دائرة تدعيم النفوذ في المنطقة، ووضع هذا الوجود في هامش المناورة إذا تواصل الحوار الإيراني – الأوروبي.

وهناك قلق من الدول الأوروبية بسبب التواجد الإيراني في القرن الأفريقي وباب المندب والبحر الأحمر، حيث بموجبه تكون قريبة وقادرة على السيطرة على أهم ممرات التجارة الدولية: مضيق هرمز، الذي تمر عبره خُمس احتياجات العالم من البترول والغاز، وباب المندب، الأهم في الممرات البحرية الدولية.

على صعيد آخر، ليس لدى طهران ما تخسره بعد هذه الحرب، ولكنها بلا جدال تسعى لتعويض ما فقدته، وصناعة أحلافها الإقليمية توطئة للمرحلة المقبلة.

فمحور العلاقات المشتركة مع روسيا والصين في أفريقيا سيكون أكثر نشاطاً، ويشمل دول الساحل الأفريقي: النيجر، وبوركينا فاسو، ومالي، وغينيا كوناكري، ثم الجزائر وتونس وربما مصر في شمال أفريقيا، والسودان وإثيوبيا وجيبوتي والصومال وتنزانيا في الشرق الأفريقي، بينما تبدو أكثر اطمئناناً لعلاقاتها التاريخية مع جنوب أفريقيا وموزمبيق وأنغولا، وستكون جنوب أفريقيا هي رأس الرمح في الانطلاقة نحو علاقات ووجود أمتن في الجنوب الأفريقي.

تستفيد إيران من عدة ميزات وتحولات جارية الآن في البلدان الأفريقية، أهمها الموقف الأفريقي الذي يتكاثف يوماً بعد يوم ضد إسرائيل، خاصة أن جنوب أفريقيا والجزائر تقودان تياراً قوياً مناوئاً لإسرائيل، وعطلتا وجودها داخل الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب.

وقادت جنوب أفريقيا الحملة الدولية الضخمة والقضية أمام القضاء الدولي ضد الكيان الصهيوني وجرائمه في قطاع غزة، وكلتا الدولتين، الجزائر وجنوب أفريقيا، حليفتان لإيران.

ويساعد التراجع الفرنسي والأميركي في القارة، وزيادة النفوذ الروسي، ومع رسوخ القدم الصينية في القارة، إيران في التواجد في كثير من هذه البلدان التي تتحالف مع حلفائها الدوليين، وهذا بارز في علاقات إيران الحالية في أفريقيا.

ويعتقد عدد من المراقبين ومتابعي العلاقات الأفريقية – الإيرانية في شرق أفريقيا وغربها، أن الحرب الأخيرة وضعت إيران في الواجهة بما يتوافق مع المزاج الأفريقي الراهن.

بجانب ذلك، لا بد من الإشارة إلى استثمار إيران عبر العقود الماضية قواها الناعمة في القارة، وحصدت منها الكثير، وتوجد الآن مجموعات تتبع المذهب الشيعي بأعداد ضخمة (نيجيريا وحدها يوجد بها ما يقارب خمسة ملايين من أتباع المذهب الشيعي. السنغال، وسيراليون، وغانا، وليبيريا، وساحل العاج، ومالي، وغينيا بيساو، وغينيا كوناكري)، وفي شرق القارة وجنوبها (كينيا، وتنزانيا، وموريشيوس، وجزر القمر، وزامبيا، ومدغشقر، وموزمبيق، وملاوي)، بينما يعج وسط أفريقيا بمجموعات شيعية من الأفارقة (تشاد، والكونغو الديمقراطية، والغابون، والكاميرون).

ويمثل الوجود الشيعي بالقارة، وعمل المراكز الثقافية والحوزات العلمية والمناسبات الدينية والمؤسسات الإعلامية والثقافية، والتغلغل الاجتماعي، والبعثات والمنح الدراسية التي تقدمها طهران سنوياً لآلاف الطلاب الأفارقة، أهم أدوات التأثير والنفوذ وسط المجتمعات المسلمة في القارة، التي باتت تنظر لطهران بعد الحرب والضربات الصاروخية الموجعة التي وجهتها لإسرائيل، بأنها قادرة على المواجهة، وزادت قيمة إضافية على صورتها لدى هذه الشعوب الكارهة لأميركا وإسرائيل.

قد لا تتاح لإيران بعد الحرب الموارد المالية كما في السابق لتمويل أنشطتها السياسية والثقافية وتقديم المعونات للدول وبناء النسخ الأفريقية من أذرعها الفاعلة، لكنها قطعاً لن تتخلى عن إستراتيجيتها تجاه القارة السمراء، وستسعى بسرعة لتكثيف مبادراتها السياسية والاقتصادية وكسب أصدقاء، والتعامل بجدية مع الأسواق الأفريقية الصاعدة، وترتيب البدائل لمجالات حيوية قد تراها ضرورية لعودتها قوية، وهي تتحسب لحملة شعواء شرسة ستقوم بها إسرائيل في أفريقيا ضد الوجود الإيراني.

مع وجود كل هذه المعطيات، وبنظرة فاحصة للأوضاع الأفريقية التي تصعد فيها قيادات وتضمحل تيارات ورموز قديمة، وتتراجع أنظمة وحكومات وتنهض أخرى، وخفوت الدور الفرنسي والغربي، فإن محور الصين وروسيا وإيران سيجد الفرصة سانحة للتمدد. إذا تمددت روسيا والصين، فإن إيران رغم جراح الحرب ستكون هناك بلا شك، وهي المستفيد الأول. (الجزيرة نت)

متابعات دولية

الولايات المتحدة توقف شحنات أسلحة رئيسية إلى أوكرانيا وسط مخاوف من تراجع المخزون: كارثة تلوح في الأفق؟

في خطوة مفاجئة أثارت قلق كييف، أفادت تقارير صحفية أميركية أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوقفت تسليم دفعات رئيسية من الأسلحة إلى أوكرانيا، بما في ذلك صواريخ باتريوت الاعتراضية، وذخائر مدفعية عيار 155 ملم، وصواريخ Hellfire، وأنظمة دفاع جوي متنقلة مثل Stinger  وصواريخ جو-جو AIM-7 وAIM-9M.

كييف تنفي تلقي إشعار رسمي

رغم هذه الأنباء، أكّد مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك أن تسليم الأسلحة الأميركية لا يزال مستمراً، وقال في تصريحات لقناة FREEDOM TV:

“سيبدو الأمر غير إنساني للغاية إذا توقفت إمدادات الصواريخ الاعتراضية، خاصة لصواريخ باتريوت التي تحمي بوضوح المدنيين في أوكرانيا.”

كما أشار بيان صادر عن وزارة الدفاع الأوكرانية إلى أن كييف لم تتلقّ إخطاراً رسمياً بوقف الشحنات، مضيفة أنها طلبت إجراء مكالمة هاتفية مع البنتاغون لتوضيح الموقف.

واشنطن: القرار لحماية الأمن القومي

في المقابل، قالت نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، إن القرار جاء بعد مراجعة شاملة لمخزون الأسلحة الأميركي، مضيفة:

“اتخذنا هذا القرار انطلاقاً من مبدأ أمريكا أولاً، ويجب أن نضع مصالح الولايات المتحدة قبل كل شيء، خاصة وسط تصاعد التحديات العالمية من الصين وإيران.”

وأكد الممثل الأميركي الدائم لدى الناتو، ماثيو ويتيكر، في حديثه لقناة فوكس نيوز:

“هكذا تبدو سياسة أمريكا أولاً: علينا أولاً تلبية احتياجاتنا قبل الآخرين.”

ردود فعل وتحذيرات أوكرانية

في اجتماع طارئ مع القائم بالأعمال الأميركي في كييف، أعربت وزارة الخارجية الأوكرانية عن قلقها، مشيرة إلى أن أي تأخير في المساعدات العسكرية سيطيل أمد الحرب ويشجع روسيا على مواصلة هجماتها.

كما حذر مراقبون عسكريون من أن توقف إمدادات الذخائر عالية الدقة، كصواريخ GMLRS المستخدمة على أنظمة  HIMARS، قد يُضعف قدرة أوكرانيا على شنّ ضربات دقيقة في عمق الأراضي المحتلة، ويؤثر على ميزان القوى في الجبهة.

في موسكو: ترحيب بالقرار

المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، وصف القرار بأنه “إشارة على نفاد مخازن الأسلحة الأميركية”، معتبراً أن تراجع الدعم العسكري لأوكرانيا “يُقرّب نهاية العملية العسكرية الخاصة”، وفق التوصيف الروسي للحرب.

سياق أكبر: الضغوط تتراكم على المخزون الأميركي

تأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة ضغوطاً شديدة على مخزونها العسكري، بعد ثلاث سنوات من الدعم العسكري لأوكرانيا، وتقديم المساعدة لإسرائيل في صراعاتها مع حماس وحزب الله، إلى جانب تهديدات الصين وإيران والحوثيين في البحر الأحمر.

وتُشير تقارير استخباراتية إلى أن معدلات استهلاك الذخائر تتجاوز القدرة الحالية على الإنتاج، وأن العودة لمستويات مخزون آمنة قد تستغرق سنوات، وهو ما دفع الإدارة الأميركية لاتخاذ قرارات تقشفية تتعلّق بالمساعدات العسكرية الخارجية.

تحليل: أوكرانيا أمام تحدٍ وجودي

في ظل تصعيد روسي واسع، شمل هجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ تجاوزت 500 قذيفة في هجوم واحد هذا الأسبوع، واستمرار الضغط الروسي في جبهة الشمال (سومي) والشرق، فإن أي نقص في الدفاعات الجوية قد يترك المدن الأوكرانية عرضةً للهجمات المدمرة.

وتحذّر تقارير غربية من أن روسيا باتت تنتج طائرات “شاهد-136” الانتحارية بكثافة محلية وبمساعدة تكنولوجية من الصين، ما يُنذر بموجات متتالية من الهجمات ضد المدنيين.

قرار واشنطن تجميد جزء من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، في خضم واحدة من أكبر موجات الهجمات الروسية، يعكس تحولاً استراتيجياً في أولويات الولايات المتحدة، ويطرح تساؤلات كبرى حول مستقبل الدعم الغربي لكييف، خاصة إذا استمر النزاع وتراجعت مخزونات الأسلحة الحيوية. أوروبا، من جهتها، تحاول سد الفراغ، لكن الزمن ليس في صالحها ولا في صالح أوكرانيا.

هل هي بداية النهاية للدعم غير المشروط؟ أم لحظة فرز جديدة في المشهد الجيوسياسي؟

“جدار الدرونز”: الناتو يرد على تكتيكات موسكو بسلاح المستقبل

بينما تمضي روسيا في تكثيف استخدام الطائرات المسيّرة في حربها ضد أوكرانيا، يتحصّن حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلف “جدار طائرات دون طيار” يمتد من النرويج إلى بولندا، في محاولة لرسم ملامح ردع جديد يواكب تحولات ساحات القتال.

عام 2023، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً بإدخال مهارات تصميم واستخدام المسيّرات ضمن المناهج التعليمية، في مؤشر على رهان موسكو طويل المدى على هذا السلاح. وفي المقابل، أعلن الناتو عن مشروع جدار مراقبة قائم على طائرات بدون طيار، قيد الإنشاء بدعم من ألمانيا وست دول أخرى، ليشكل إحدى أكبر شبكات الإنذار المبكر الذكية باستخدام الذكاء الاصطناعي وأجهزة استشعار متقدمة.

الدرون.. من تكتيك إلى عقيدة عسكرية

يصف الخبراء هذه التطورات بأنها تحوّل جذري في العقيدة العسكرية الحديثة، حيث تحوّلت المسيّرات من أدوات مساندة إلى “أسلحة أولى” في الهجوم والدفاع. وتشير تقارير إلى أن خطة الناتو تهدف إلى ردع أي اختراقات غير تقليدية على حدوده الشرقية، وخاصة من الجانب الروسي، وسط تحوّل أوروبا إلى ساحة تصنيع واستثمار في تقنيات الطائرات بدون طيار.

في هذا السياق، لعبت أوكرانيا دوراً محورياً، إذ تحوّلت خلال سنوات قليلة إلى إحدى أكبر الدول المصنعة للطائرات المسيرة، بطاقة إنتاجية تصل إلى 4.5 ملايين وحدة سنوياً، مع خطط لبلوغ 10 ملايين طائرة بحلول 2026.

ويتحدث فياتشيسلاف، أحد مطوري الطائرات الأوكرانية، عن “عصر جديد” في الحرب، حيث بات بالإمكان تدمير دبابة بمسيّرة تكلف أقل من ألف دولار.

“شبكة العنكبوت”.. هجوم يغيّر المعادلة

في يونيو 2025، وجّهت أوكرانيا ضربة نوعية إلى العمق الروسي من خلال عملية “شبكة العنكبوت”، التي استخدمت فيها 117 طائرة مسيرة استهدفت أربع قواعد جوية وألحقت أضراراً بـ41 طائرة عسكرية وهي على المدرج. هذه العملية مثلت نموذجاً لـ”الثورة العسكرية” التي تحدث عنها المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، مشيراً إلى دخول أكثر من 48 جيشاً حول العالم إلى سباق التسلح بالمسيّرات مقارنة بأربعة فقط قبل عام 2014.

موسكو تحاول اللحاق

تسعى روسيا الآن إلى تقليص الفجوة عبر تصنيع مسيّراتها الخاصة، بعدما اعتمدت خلال السنوات الماضية على الطائرات الإيرانية من طراز “شاهد”. وبحسب تسريبات نشرتها “واشنطن بوست”، فإن موسكو تعتزم إنتاج 6000 طائرة مسيرة محلياً هذا العام، بتمويل يقترب من مليار دولار.

لكن رغم تفوق روسيا الصناعي، تستفيد أوكرانيا من الابتكار والخبرة الميدانية، حتى أن التقارير تشير إلى أن 70% من الضربات الناجحة ضد البنى التحتية الروسية نُفذت بواسطة مسيّرات أوكرانية.

شراكات أوروبية لتعزيز الإنتاج

في مواجهة هذا السباق، دخلت فرنسا على الخط بشراكة مع أوكرانيا لتصنيع طائرات مسيرة على الأراضي الأوكرانية. وتشارك في المشروع شركة “رينو” بالتعاون مع مؤسسة تصنيع عسكري فرنسية. والهدف، وفق وزارة الدفاع الفرنسية، هو تعويض تأخر باريس في هذا المجال، والاستفادة من خبرة الأوكرانيين الميدانية.

ليست فرنسا وحدها، إذ أن فنلندا بدأت أيضاً في إنشاء خطوط إنتاج مشتركة مع كييف، بينما وقّعت أوكرانيا اتفاقيات مع هولندا بقيمة 675 مليون يورو لإنتاج 600 ألف طائرة، وتشمل الحزمة أيضاً 100 رادار متقدم ومعدات للإخلاء الطبي.

وبدورها، أعلنت بريطانيا عن تخصيص 480 مليون دولار لإنتاج 100 ألف مسيرة لصالح أوكرانيا بحلول 2025، بينما رصدت النرويج نحو 644 مليون دولار لدعم المصانع الأوكرانية والأوروبية في إنتاج المسيّرات.

سوق يزدهر.. وسلاح “للفقراء”

تشير بيانات صحيفة “لوموند” إلى أن حجم سوق الطائرات المسيرة العالمية بلغ 4.3 مليارات دولار في 2024، مع توقعات بتجاوزه 5.2 مليارات دولار في 2025. وتتصدّر الصين دول العالم في تصدير المسيّرات، تليها هونج كونج وتركيا ثم الولايات المتحدة.

أما على مستوى الاستيراد، فتأتي أوكرانيا أولاً تليها الولايات المتحدة، ثم هولندا وألمانيا.

اللافت في هذا التحول أن الطائرات المسيرة باتت متاحة حتى للدول ذات الموارد المحدودة، إذ يمكن شراء طائرة فعالة بسعر لا يتجاوز 130 دولاراً، ما يجعلها “سلاح الفقراء” بامتياز.

نظام عالمي جديد بطائرات دون طيار؟

في خضم هذا المشهد، لم تعد الطائرات المسيّرة مجرد أدوات تقنية، بل باتت مؤشراً على تحولات جذرية في موازين القوة وخرائط الردع. “جدار المسيّرات” الذي يبنيه الناتو، والتوسع الصناعي في كييف، والمنافسة الروسية على الابتكار، كلها مؤشرات على أننا أمام عصر جديد يعيد رسم مفاهيم الحرب والسيادة والاستقلال التكنولوجي.

في نهاية المطاف، يبدو أن من سيسيطر على سماء المعركة الصغيرة بتكلفة زهيدة، قد يتحكم أيضاً في مستقبل الصراعات الكبرى. (الجزيرة نت)

انتقادات لقرار “العليا البريطانية” بقضية بيع الأسلحة لإسرائيل

انتقدت العديد من المنظمات الحقوقية، قرار المحكمة العليا في المملكة المتحدة الذي قضى بأن الدعوى المرفوعة ضد الحكومة لاستمرارها في بيع الأسلحة لإسرائيل ليست من اختصاص المحاكم، ووصفت هذا اليوم بأنه يوم حزين للعدالة والمساءلة والقانون الدولي.

وتلت العديد من منظمات حقوق الإنسان، بيانات وتصريحات لوسائل الإعلام أمام مبنى المحكمة عقب صدور القرار الاثنين، من بينها منظمة “الحق” الفلسطينية، وشبكة العمل القانوني العالمية، ومقرها المملكة المتحدة، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش.

وأدانت ياسمين أحمد، مديرة فرع المملكة المتحدة في منظمة “هيومن رايتس ووتش” قرار المحكمة العليا قائلة: “اليوم هو يوم حزين للعدالة والمساءلة والقانون الدولي، ولكنه أكثر حزناً بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي يواصل مواجهة جرائم الإبادة الجماعية وغيرها من الفظائع”.

وقالت دورين مكارثي، الباحثة القانونية في منظمة “الحق” إن قرار المحكمة يُظهر “تواطؤ المملكة المتحدة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة”.

وأضافت مكارثي: “هذه القضية ليست سوى نقطة البداية في نضالنا من أجل العدالة والمساءلة”.

ودعت مكارثي الدول لفرض حظراً على تصدير السلاح إلى إسرائيل، وأن تقطع جميع علاقاتها الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والتجارية معها، وأن تعمل على طرد إسرائيل من الجمعية العامة للأمم المتحدة بوصفها دولة ترتكب الإبادة الجماعية، وأن تعتقل مرتكبي جرائم الإبادة وتحاكمهم.

وأعرب المدير التنفيذية لمنظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، ساشا ديشموخ، عن خيبة أملهم من قرار المحكمة.

وقال ديشموخ: “رغم أن المحكمة أوضحت بجلاء أنها ليست الجهة المخولة باتخاذ قرار بشأن تصدير قطع غيار طائرات F-35، إلا أن هذا لا يُعفي السلطة التنفيذية أو البرلمان من تحمّل المسؤولية”.

وفي عام 2024، قدمت مؤسسة الحق وشبكة العمل القانوني العالمي طلبا إلى المحكمة العليا ضد الحكومة البريطانية بعد أن تم تجاهل طلباتهما بتعليق مبيعات الأسلحة لإسرائيل مرارا.

وطلبت المنظمتان من حكومة بريطانيا تعليق جميع تراخيص بيع الأسلحة لإسرائيل، بما في ذلك قطع غيار طائرات F-35 المقاتلة.

صوفيا خوجاباشي

صحفية وباحثة في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى