نحن والعالم

نحن والعالم عدد 5 ديسمبر 2024


لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.


يقوم هذا التقرير، الصادر عن المعهد المصري للدراسات، على رصد عدد من أبرز التطورات التي شهدتها الساحة الإقليمية والدولية، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات مهمة على المشهد المصري والعربي والإقليمي، في الفترة من 29 نوفمبر 2024 إلى 5 ديسمبر 2024

يهتم التقرير بشكل خاص بالتطورات المتعلقة بالساحتين الإيرانية والتركية، وكذلك على الساحة الإفريقية، خاصة منطقة القرن الإفريقي، بالإضافة إلى بعض التطورات الدولية الأكثر أهمية بالنسبة لمنطقتنا، بما فيها تطورات الشأن الأمريكي.

في هذا التقرير  قمنا بعمل تغطية خاصة، وذلك برصد أهم التطورات العسكرية والسياسية على الساحة السورية، والمتزامنة مع عملية “ردع العدوان”، على أن نفرد لهذه التطورات الهامة دراسة منفصلة في وقت لاحق.

سوريا:

“ردع العدوان” يعيد ترتيب المشهد السوري.. تفاصيل ساعة الصفر وسر انهيار قوات الأسد

في السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بدأت المعارضة السورية المسلحة، هجوماً هو الأكبر منذ سنوات، على مناطق سيطرة قوات النظام السوري في حلب وريفها. هذه العملية العسكرية التي جاءت تحت مسمى “ردع العدوان”، تمكنت وبشكل لافت من استعادة السيطرة على كامل مدينة حلب ومطارها، بعد أكثر من خمس سنوات على سقوطها بيد القوات الحكومية. وبالإضافة إلى حلب سيطرت المعارضة على ريف حلب الغربي بالكامل الممتدة من قبتان الجبل وصولا إلى منطقة عندان.

كما استطاعت إدارة العمليات المشتركة – حتى وقت كتابة هذا التقرير- من السيطرة على قطع عسكرية كبيرة في ضواحي حلب الغربية وجنوب غرب حلب، مثل الأكاديمية العسكرية، ومدرسة المدفعية، ومطار كويرس الحربي والكلية الجوية الموجودة فيه. بالإضافة إلى معامل الدفاع قرب السفيرة، بما فيها من كميات ضخمة من الأسلحة وإمكانيات كبيرة لتصنيع السلاح، وقاعدة جبل عزان التي كانت مرتكزا مهما للحرس الثوري الإيراني والفصائل المتحالفة معه، مثل حزب الله اللبناني وحركة النجباء العراقية، وفق المعلومات المتوافرة من قيادات ميدانية.

وبالتوازي مع حلب، سيطرت العمليات المشتركة أيضا على مناطق مهمة في محافظة إدلب تقع على الطريق الدولي “إم-5” (M-5)، والحديث هنا عن منطقتي سراقب ومعرّة النعمان، وصولا إلى مطار أبو الضهور العسكري شرق إدلب، لتصبح كامل الحدود الإدارية لمدينة إدلب تحت سيطرة المعارضة السورية، بما في ذلك مدينتا معرة النعمان وخان شيخون، معقل الميليشيات الإيرانية والمدعومة إيرانيا في المنطقة، بالإضافة إلى مدينة سراقب الإستراتيجية.

ومع عملية “ردع العدوان”، في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تحرّكت فصائل الجيش الوطني السوري -المكوّن مما كان يعرف بالجيش الحرّ، وانضم إليه عدد من فصائل الثوار السوريين، ويتبع للحكومة المؤقتة التي شكلها الائتلاف السوري المعارض- وأطلقت عملية “فجر الحرية” التي استهدفت استعادة السيطرة على المنطقة الممتدة من الشيخ نجار شمال شرق حلب وصولاً إلى بلدات عين عيسى وتل رفعت ومنغ، وكانت هذه المناطق جميعها قد دخلتها وحدات الحماية الكردية في فبراير/شباط 2016 تحت غطاء الطيران الروسي حينها، وتمكنت قوات الجيش الوطني من السيطرة على كامل مدينة تل رفعت والمناطق المحيطة بها، كما تمكنت من قطع الطريق الواصلة بين حلب ومدينة الرقة التي تتمركز فيها المليشيات الكردية.

وضمن عمليتي “ردع العدوان” و”فجر الحرية” سيطرت المعارضة المسلحة على عدة مطارات وهي: حلب الدولي، ومنغ العسكري، وأبو الظهور العسكري، والنيرب العسكري، وكويرس، بالإضافة لنقاط عسكرية مهمة أبرزها معامل الدفاع ومدرسة المشاة العسكرية في ريف حلب الشمالي. 

وبعد التقدم الكبير الذي أحرزته قوات المعارضة السورية على جبهتي حلب وإدلب، تابعت السير باتجاه ريف حماة الشمالي، لتتمكن من السيطرة على عدة مواقع هامة مثل بلدة مورك، وقلعة المضيق الاستراتيجية وبلدة الحويجة بسهل الغاب في ريف حماة، “وحلفايا” و”معردس” و”طيبة الإمام” و”تل الناصرية”،  كما استمرت بالزحف نحو مدينة حماة، لتبدأ السيطرة على عدة مواقع استراتيجية داخل المدينة. منها مدرسة المجنزرات العسكرية، مقر قيادة الفرقة 25 قوات خاصة بالقرب من حماة، وحيي المزارب والصواعق.

وإذا ما تمكنت قوات المعارضة من السيطرة على مدينة حماة، وقلعتها المرتفعة جداً، فإن باستطاعتها التقدم نحو ريف حمص الشمالي، مما يشكل ضغطا قوياً على النظام السوري وتهديدا استراتيجيا لتحصناته العسكرية والأمنية، وذلك في محافظة حمص الواصلة إلى الساحل السوري في طرطوس واللاذقية من جهة، وإلى العاصمة السورية دمشق من جهة أخرى.

الخرائط المرفقة، نقلاً عن مركزي جسور  وعمران، تظهر  مواقع السيطرة ومحاور التقدم حتى نحو السادسة والنصف مساء 3 ديسمبر (كانون الأول) 2024.

(انظر) نقلاً عن مركز جسور

ومنذ انطلاق عملية “ردع العدوان”، برزت تطورات مفصلية كان أبرزها الانهيار السريع لقوات النظام والمليشيات الإيرانية الداعمة له، مقابل التقدم المذهل الذي حققته غرفة “العمليات العسكرية”. وأظهر ضعف دفاعات النظام بشكل واضح أثر تراجع الدعم المباشر من الميليشيات الإيرانية والغياب الملحوظ للتغطية الجوية الروسية. هذا التقدم جاء مدعوماً بتخطيط وإعداد عسكري دقيق من قبل قوات فصائل المعارضة السورية، مما أفضى إلى تحقيق نتائج ميدانية حاسمة.

أما توقيت العملية، فقد مثّل عاملاً بالغ الأهمية، حيث جاء متزامناً مع تحولات على الصعيدين الإقليمي والدولي، مما أضفى زخماً سياسياً واستراتيجياً على تحركات المعارضة. هذا التوقيت فتح المجال واسعاً أمام تحليلات وسيناريوهات متعددة، تسلط الضوء على أبعاد العملية وتداعياتها المحتملة على مسار الأزمة السورية.

تفاصيل  عسكرية لساعة الصفر وسر انهيار قوات الأسد

وبحسب مصادر عسكرية محلية، تمكنت هذه العملية التي خططت لها فصائل المعارضة السورية بدقة فائقة على مدى شهور، سبقتها سنوات من الإعداد، من تحقيق تقدم استراتيجي أدى إلى انهيار دفاعات النظام السوري في ريف حلب الغربي، ممهّدة الطريق لتحرير مدينة حلب خلال 48 ساعة.

خطة معقدة بتكتيك مبتكر

بدأت التحضيرات للعملية بعد رصد تحركات مكثفة للنظام والميليشيات الإيرانية التي حشدت قوات كبيرة استعداداً للهجوم على المناطق المحررة. ركزت فصائل المعارضة جهودها على محور الأبزمو، الذي أصبح محور اهتمام النظام، بهدف تضليل استخبارات النظام، بينما ظلت منطقة الشيخ عقيل بعيدة عن الأنظار بسبب تضاريسها المعقدة وتحصينها بشبكة ألغام تضم أكثر من 300 لغم.

تفكيك الألغام بسرية

تمكنت وحدة صغيرة من المهندسين العسكريين التابعين للمعارضة من التسلل يومياً إلى حقل الألغام في الشيخ عقيل لتفكيكها بشكل تدريجي ودقيق، دون إثارة انتباه قوات النظام. استمرت هذه العمليات حتى ساعات قليلة من بدء الهجوم، مما جعل المحور يبدو محصناً أمام استخبارات النظام.

المناورة والاختراق

قبل يوم من الهجوم، قامت فصائل المعارضة بمناورة تمويهية باتجاه محور الأبزمو، مما دفع قوات النظام إلى سحب تعزيزات إضافية من الشيخ عقيل. بالتزامن مع ذلك، تمركزت قوات المعارضة في دارة عزة بسرية تامة استعداداً للهجوم.

الهجوم النوعي

مع فجر يوم الأربعاء، 27 نوفمبر 2024، بدأت العملية من محور الشيخ عقيل، بقيادة أربع عناصر من “العصائب الحمراء” الذين تسللوا إلى خلف خطوط النظام قبل أربعة أيام. في الساعات الأولى، شن هؤلاء المقاتلون هجوماً مفاجئاً على مواقع النظام الرئيسية، مما أدى إلى شل قدرته على السيطرة وخلق حالة من الفوضى.

نتائج استثنائية

تمكنت المعارضة من إدخال أكثر من 100 مجموعة قتالية إلى عمق خطوط النظام في الساعة الأولى من العملية، ما أدى إلى السيطرة على مواقع استراتيجية ومستودعات أسلحة ضخمة. المشاهد التي وثقت الغنائم من دبابات وراجمات صواريخ أثارت صدمة واسعة لدى النظام.

تحرير مدينة حلب

بعد هذا الاختراق النوعي، تمكنت فصائل المعارضة من إحراز تقدم سريع وصولاً إلى تحرير مدينة حلب بالكامل خلال يومين، وما تلاها من نجاحات عسكرية مستمرة حتى وقت إعداد هذا التقرير، على النحو الذي قمنا بتوضيحه في بداية هذا التقرير. العملية أكدت أهمية التخطيط الدقيق والتنفيذ الاحترافي في تغيير موازين القوة في النزاعات المعقدة.

هذه العملية لا تُعد فقط نجاحاً ميدانياً، بل تكشف أيضاً عن هشاشة دفاعات النظام، وتعكس تحولاً استراتيجياً في توازن القوى في شمال سوريا، مع فتح الباب أمام تطورات جديدة في المشهد الإقليمي والدولي المحيط بالأزمة السورية.

مواقف أطراف استانا والولايات المتحدة

شكل التطور الأخير على الساحة السورية، صدمة للأطراف الداعمة للأسد، وعلى رأسها روسيا وإيران. طهران التي تخشى على نفوذها ومشروعها في سوريا، تسوق إعلامياً أن هذه التحركات مدعومة من أمريكا وإسرائيل للإضرار بمحور المقاومة.

 كما سعت من خلال وزير خارجيتها عباس عراقجي إلى محاولة الحفاظ على مكتسباتها والإصرار على دعم الأسد. حيث سارع عراقجي لزيارة دمشق والالتقاء بالرئيس السوري. ثم توجه نحو أنقرة للالتقاء بوزير الخارجية التركي هاكان فيدان.

كما كشفت مصادر دبلوماسية أن طهران تشعر بالريبة تجاه موقف روسيا، التي تُظهر تردداً في دعم هجوم مضاد للنظام السوري لاستعادة المناطق التي خسرها. وتشير المصادر إلى وجود مخاوف إيرانية من تفاهمات دولية بقبول روسي، تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني في سوريا.

وتحاول إيران حشد فصائل عراقية موالية لها للانخراط في القتال بسوريا، لكنها تواجه تردداً شديداً بسبب مخاوف تلك الفصائل من التحذيرات الأميركية التي اعتبرت أي تحركات خارجية تهديداً للوجود الأميركي في المنطقة. حيث نفت “هيئة الحشد الشعبي” العراقية إرسال أي قوات عسكرية إلى سوريا، معتبرة أن قواتها لا تقاتل خارج حدود العراق. (المصري اليوم)

وفقاً للمعطيات، تواجه إيران احتمالية تحجيم نفوذها الإقليمي بشكل أكبر في المستقبل، خاصة إذا ما تم التوصل إلى تفاهمات إقليمية ودولية، وهو ما يشكل خطراً على المشروع الإيراني في سوريا. وإذا سقط النظام السوري، ستواجه السياسة الخارجية الإيرانية أزمة حادة في المنطقة؛ حيث يعد نظام بشار الأسد من الركائز الأساسية في نقل الأسلحة، وتأمين اللوجستيات، وتقديم الدعم المالي للمجموعات الوكيلة، التي تدعمها إيران.

وكان من اللافت تغريدة لمستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي كتب فيها تعليقاً على ما يحدث في سوريا العبارة الطائفية الشهيرة “لن تسبى زينب مرتين” (انظر)، وهو ما يؤكد البعد الطائفي الذي تنظر له إيران واتباعها في المنطقة للعمليات العسكرية ضد الأسد في سوريا.

أما عن الموقف الروسي، فقد دعت الرئاسة الروسية النظام السوري إلى استعادة ما وصفته بـ”النظام الدستوري” في محافظة حلب، عقب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة. وأوضح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن ما جرى في مدينة حلب يمثل “تعدياً على السيادة السورية”، مؤكداً أن موسكو تعمل على تحقيق الاستقرار وإرساء النظام في المنطقة، بحسب وكالة سبوتنيك الروسية.

وفيما يتعلق بالأنباء حول زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى موسكو، قال بيسكوف إنه لا يملك معلومات لتأكيد أو نفي هذه الزيارة، مكتفياً بالقول: “ليس لدي ما أقوله حول هذه القضية”، وفقاً لوكالة ريا نوفوستي. إلا أن المعلومات التي توفرت لدينا لاحقاً تفيد بأن الأسد لم يستطع مقابلة الرئيس الروسي.

يأتي تصريح الكرملين بعد إعلان “المركز الروسي للمصالحة”، التابع لوزارة الدفاع الروسية، عن مقتل أكثر من 400 من مقاتلي المعارضة خلال المعارك التي شهدتها محافظتا حلب وإدلب، بحسب النقيب أوليج إغناسيوك. وأكد أن الجيش السوري، بدعم من القوات الجوية الروسية، تصدى للهجوم الذي قادته “هيئة تحرير الشام”. (عنب بلدي)

وتمثل سوريا بالنسبة لموسكو نقطة استراتيجية حيوية، حيث تُعتبر واجهة متقدمة أمام القوى الغربية وتتيح لروسيا تعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط. كما أن الوصول إلى المياه الدافئة عبر السواحل السورية، وترسيخ الوجود العسكري من خلال قواعد مثل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية، وميناء طرطوس، يساهمان في تعزيز المصالح الروسية الإقليمية والاستراتيجية.

بالتأكيد ساهم الانشغال الروسي على الجبهة الأوكرانية، ونقل أغلب الأسلحة والذخائر المتقدمة من سوريا إلى الجبهة الأوكرانية، فضلاً عن عدم رغبة روسيا في الانخراط في صراع عسكري واسع في سوريا قد تجرها إليه أمريكا لتشتيت جهودها العسكرية عن أوكرانيا؛ في ضعف رد الفعل الروسي على الهجوم العسكري المباغت حتى الآن.

من المرجح أيضاً ألا تنظر موسكو إلى إنجازات المعارضة في الشمال السوري كتهديد إستراتيجي للوجود الروسي في سوريا. إلا أن موقف روسيا سيكون مختلفاً لو حديث تهديد حقيقي لأماكن التواجد الروسي على الساحل، أو حدث تهديد حقيقي أيضاً لنظام الأسد الذي شرعن التواجد الروسي في سوريا.

من جهته، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن من الخطأ في هذه المرحلة محاولة تفسير الأحداث في سوريا بأي تدخل أجنبي، معتبراً أن هذا ملجأ لأولئك الذين لا يريدون أن يفهموا الحقائق بشأن سوريا، و ”هذا أمر خاطئ”، وفق تعبيره. (الحرة)

وأوضح فيدان خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في العاصمة التركية أنقرة، أن بلاده لا تريد تصاعد الحرب في سوريا أكثر، مشيراً إلى أن مسار “أستانا” تمكن من وقف الصراعات “الساخنة والمكثفة” في الميدان.

وأكد الوزير أن السبب وراء بدء صراعات واسعة النطاق مرة أخرى في سوريا بهذه المرحلة، هو أن المشكلات المترابطة في هذا البلد لم يتم حلها منذ أكثر من 13 عاماً، ووصف تجاهل المطالب المشروعة للمعارضة السورية وعدم مشاركة النظام الصادقة في العملية السياسية بـ ”الخطأ”.

مستشار الرئيس التركي، أيهان أوغان، قال أمس السبت، حول التطورات في الشمال، إن كل شيء يعود إلى حالته الأصلية، وإن عصر التوسع المبني على الطوائف، والذي لم يعد أمراً طبيعياً، انتهى.

وبحسب أوغان، فإن المشاريع الديموغرافية غير الطبيعية القائمة على أساس عرقي في المنطقة لم تعد تتمتع بفرصة للبقاء، بغض النظر عمن يقف وراءها.

من المؤكد أن تركيا تنظر للتطورات الأخيرة بأنها تحقق مصالح استراتيجية لها، حيث ستجعل لها نفوذاً أكبر في الشمال السوري، ويمكن في حال الاستقرار النسبي للأوضاع عودة أعداد كبيرة من اللاجئين والنازحين من تركيا ومن أقصى الشمال السوري إلى مواطنهم الأصلية، ما يخفف الكثير من الضغوط عليها. تركيا أيضاً أبدت خشيتها من التطورات الحادثة على الساحتين الفلسطينية واللبنانية، والتهديدات الإسرائيلية المستمرة، واعتبرت ذلك تهديداً لأمنها القومي. اتساع نفوذ المعارضة السورية في الشمال السوري سيخفف من هذه التهديدات، بعد أن رفض بشار الأسد مراراً الأيدي التركية الممدودة للمصالحة ومواجهة التحديات المشتركة.

الولايات المتحدة بدت مراقبة للموقف من بعيد، لكن لا يستبعد وجود ضوء أخضر أمريكي، أو  حتى إسرائيلي، للتطورات الأخيرة التي ستزيد من ضعف الموقف الإيراني وموقف حزب الله، بشكل عام. طالما لم تؤثر هذه الأحداث على النفوذ الأمريكي شرق الفرات، فلن يكون هناك في الأغلب اعتراض أمريكي على إنجازات المعارضة. إلا أن التحركات العسكرية إذا أدت لتشكيل تهديد جدي على نظام بشار الأسد في دمشق، فقد يكون للولايات المتحدة وإسرائيل موقف أخر، حيث سيؤثر ذلك على التوازنات الكبرى في المنطقة.

من جهتها، أصدرت حكومات الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بياناً مشتركاً دعت فيه إلى خفض التصعيد العسكري في سوريا، معبرة عن قلقها البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني والإنساني، خاصة في مناطق حلب وإدلب التي تشهد هجمات وصفت بأنها “الأعنف منذ سنوات”.

موقف دولي موحد

وفقاً للبيان الذي نشره مكتب المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية في 29 نوفمبر 2024، شددت الدول الأربع على ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية، ووجهت دعوة صريحة للحد من النزوح الجماعي وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

كما أشار البيان إلى أن التصعيد الحالي يعزز الحاجة الملحة إلى حل سياسي يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، والذي يدعو إلى انتقال سياسي شامل في سوريا، بما يضمن وحدة البلاد واستقرارها.  (عربي21)

وكان اللافت في التصريحات الغربية، تغيّر اللهجة تجاه هيئة تحرير الشام أو جبهة النصرة سابقا، حيث أفادت الإذاعة الفرنسية الرسمية بأن هيئة تحرير الشام، الفصيل المعارض البارز في شمال غربي سوريا، تحاول رسم صورة جديدة لنفسها كمسار مستقل بعيداً عن تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة. وأشارت الإذاعة إلى أن غالبية مقاتلي الهيئة هم من النازحين الذين يقاتلون من أجل العودة إلى ديارهم، موضحة أن الأطفال الذين نزحوا قبل سنوات أصبحوا الآن في سن القتال ويحملون السلاح. و تحاول هيئة تحرير الشام ترسيخ دورها كقوة محلية معارضة ومؤثرة في الشمال السوري، متباعدة عن التصنيفات الإرهابية التي لازمتها لسنوات. (180NEWS)

“ردع العدوان”.. والدعاية الإعلامية

لقد كان من اللافت خلال الأيام الماضية، ردود الفعل الإعلامية والشعبية التي صاحبت عملية ردع العدوان. حيث تنوعت القراءات تجاه هذه العملية بين من اعتبرها بمثابة تقديم خدمة للكيان الإسرائيلي من خلال جرّ “المقاومة” المتمثلة بحزب الله وإيران الى سوريا، للإجهاز على المقاومة بعد “خسارتها للحرب على جبهة لبنان”، وهو ما عملت الآلة السياسية والإعلامية الإيرانية والتابعة لإيران على الترويج له، وسار خلفها مع الأسف الكثير من المتحمسين للقضية الفلسطينية وداعمي طوفان الأقصى، حيث اعتبر محسن رضائي، القائد الأسبق للحرس الثوري الإيراني، أن إسرائيل والولايات المتحدة تقفان خلف هجمات المعارضة السورية على القوات النظامية السورية. وأشار رضائي، إلى أن إسرائيل كانت “تطمح بعد الانتهاء من الحرب على لبنان للتوجه إلى سوريا، وبما أنها علمت أن ذلك لا يمكن القيام به، تعاونت مع أمريكا، وأهم وسيلة هي الإرهابيون”. (انظر)

السردية الثانية التي تم الترويج لها، هو عودة “المتشددين” إلى المشهد العسكري، (انظر) وذلك لانخراط هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقا” في العمليات العسكرية. هذه السردية حملت لواء الأقليات وأظهرت تخوفاً على مصير كل من المسيحيين والأكراد المتواجدين في حلب، رغم صدور بيانات طمأنة من غرفة عمليات ردع العدوان، لجميع المكونات السورية. حيث ظهر قائد هيئة “تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني، في تسجيل مصور يوجه تعليماته للمقاتلين، مشدداً على أهمية التحلي بـ”الرحمة والرفق” تجاه المدنيين في مدينة حلب. أكد الجولاني ضرورة الحفاظ على ممتلكات وأرواح السكان وضمان استقرار الأمن في المدينة، داعياً إلى احترام كافة الطوائف التي تشكل تاريخ حلب المتنوع، وهو ما حدث بالفعل على أرض الواقع.

وقال في رسالته: “لا تقطعوا شجراً، ولا تروعوا الأطفال، وطمئنوا أهلنا من جميع الخلفيات، فحلب كانت دائماً رمزاً للتنوع الثقافي والديني”. ووصف يوم السيطرة على المدينة بأنه “يوم الرحمة”، مؤكداً على حماية كل من يمتنع عن العنف أو ينشق عن النظام ويسلم نفسه للثوار.

وفي بيان سابق، شدد الجولاني على ضرورة أن يتحلى المقاتلون بالسلوك الأخلاقي، بما في ذلك التسامح والعفو، ومعاملة الأسرى بكرامة وفق القيم الإسلامية.

كان من اللافت أيضا أن يتبنى الإعلام في عدد من البلدان العربية الداعمة لنظام الأسد، مثل مصر والسعودية والإمارات هذه السرديات والترويج لها، بعدما أبدت المستويات الرسمية تضامناً مباشراً مع بشار الأسد. أنظر مثلا هنا، وهنا، وهنا، وهنا وهنا وهنا وهنا   

أما آخرون، خاصة من المدنيين الطبيعيين، فقد تخوفوا من أن تؤدي هذه العملية إلى تكرار قصف المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، مما يؤدي إلى كارثة إنسانية أخرى شبيهة بكارثة أحياء حلب الشرقية عام 2016، وغيرها من المجازر في حمص وريف دمشق ومناطق مختلفة من سوريا.

ختاماً:

تُظهِر التطورات الأخيرة في المشهد الجيوسياسي السوري بوضوح أن البلاد قد دخلت مرحلة جديدة، حيث ساهمت الفصائل في تطوير قدراتها خلال فترات التهدئة النسبيّة. في المقابل، تعاني المؤسسة العسكرية للنظام من تهالك واضح سواء على مستوى الموارد البشرية أو العقيدة القتالية. هذا الضعف يتزامن مع تراجع الدعم المقدم من الميليشيات الإيرانية و”حزب الله”، فضلاً عن شبه غياب للتغطية الجوية الروسية المنشغلة بالحرب في أوكرانيا. هذه التطورات التي تأتي متزامنة مع ظرف إقليمي حساس جداً، تطرح العديد من الأسئلة والسيناريوهات المفتوحة على مشهد ضبابي، لا يمكن لنا تبصره إلا بعد انقشاع غبار الحرب عن الخريطة النهائية للأراضي السورية.

لكن تبقى الأسئلة التي تلف المشهد السوري حاضرة ومفتوحة على العديد من الإجابات، حول مصير المناطق التي سيطرت عليها قوات المعارضة، كيف سيتم إدارتها، وهل تكفي قدرة المعارضة الفعلية على إدارة المشهد على الأرض، أم أن جولات انتقامية سوف تعيدنا إلى المشهد السوري قبيل سنوات من قصف وتهجير طال العديد من المدن والأحياء “المحررة”؟

 أما السؤال الأهم حول الأطراف الإقليمية والدولية، فبالرغم من التصريحات التركية التي تؤكد عدم ضلوعها المباشر في قرار العملية العسكرية الأخيرة، إلا أنه لا مجال للشك في أن قوات المعارضة ما كانت لتقدم على هذه الخطوة العسكرية لولا ضوء أخضر تركي، ورضا ضمني في أنقرة عن العملية والنتائج التي ربما تسفر عنها. قد تكون تركيا مساهمة بالإعداد للمشهد الأول لعملية محدودة تتعلق بتحرير الريف الغربي لحلب وبعض المواقع الأخرى، لكن النتائج المبهرة للعمليات العسكرية لاحقاً بالتأكيد ستشجع تركيا على المزيد من الدعم لها.

السؤال الآخر يأتي من المستقبل فيما لو قررت أطراف استانا الثلاثة “تركيا- روسيا-إيران” التفاهم للوصول إلى تهدئة، ما هي الأوراق التي ستلعبها هذه الأطراف مجتمعة؟ خاصة وأنه وبسيطرة المعارضة السورية على أكثر من 22 بالمئة من مساحة سوريا – حتى لحظة كتابة هذه السطور- أصبح لدى تركيا أوراق أقوى للتفاوض على طاولة الحوار، خاصة مع تقهقر القوة الإيرانية، وانسحاب روسيا شبه الكلي من سماء المشهد السوري، لاعتبارات ذكرناها سابقاً حول انشغالها بالساحة الأوكرانية التي ارهقتها لدرجة استجلابها مقاتلين أجانب من كوريا وغيرها من البلدان للقتال ضمن صفوفها.

السؤال المهم أيضاً يتعلق بالطرف السياسي السوري الذي سينخرط في العمليات التفاوضية اللاحقة. هل سيعيد السوريون تجربتهم السابقة في ترك جميع الأطراف الأخرى تتفاوض حول مستقبل سوريا، إلا السوريون أنفسهم؟ أم أن الإنجازات العسكرية الجديدة ستفرض واقعاً مختلفاً، تنشأ عنه أطراف سورية قادرة على البناء سياسياً على ما تم من إنجازات عسكرية؟

كل المؤشرات تأخذنا إلى أن الساحة السورية لن تعود إلى ما كانت عليه قبل عملية ردع العدوان، لكن يبقى مصير الأسد حتى اللحظة قابلا للتأويل.. هل ستتخلى الأطراف الدولية بما فيها “إسرائيل” تماما عن الأسد الذي كان يشكل بالنسبة لها حائطاً دفاعياً في وجه من تصفهم بـ”المتمردين السنة” وهم الخطر الحقيقي الذي تخشاه تل أبيب؟

إيران:

عراقجي يتخوف من انهيار مسار استانا السوري

كشف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقابلة حصرية مع “العربي الجديد”، التي أجراها أثناء عودته من تركيا مساء الاثنين، عن قلقه العميق بشأن مستقبل مسار أستانة السوري، محذراً من أن انهيار هذا المسار قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع في المنطقة، خاصة في ظل عدم وجود بديل واضح له. وأكد عراقجي أن إيران تسعى بشكل دائم إلى التشاور مع تركيا بشأن القضايا الخلافية، مشيراً إلى أن هناك تحضيرات جارية لتهدئة الأوضاع في سوريا، وبلورة مبادرة لحل دائم يساهم في الاستقرار.

وفيما يخص الوضع في سوريا، أوضح وزير الخارجية الإيراني أن إيران ستدرس أي طلب من الحكومة السورية لإرسال قوات إضافية إلى البلاد. وأشار إلى أن “تمدد المجموعات الإرهابية” في سوريا يمثل تهديداً ليس فقط لإيران، بل أيضاً للدول المجاورة مثل العراق والأردن وتركيا، معتبراً أن الخطر قد يمتد إلى هذه الدول أكثر من إيران نفسها.

عراقجي تناول أيضاً العلاقات الإيرانية مع حلفائها في “محور المقاومة” في المنطقة العربية، مؤكداً أن إيران لا تسيطر على الفصائل المقاومة ولا تربطها بها علاقات تنظيمية، بل تقدم الدعم للمقاومة في إطار قضايا عادلة، ويشدد على أن إيران لا تسعى إلى التدخل المباشر في شؤون هذه الفصائل.

وفيما يخص الأوضاع في غزة، أكد عراقجي أن أي مفاوضات بين إسرائيل وحماس لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن سيكون بمثابة “هزيمة لإسرائيل”، معتبراً أن ذلك سيكون نتيجة طبيعية للمفاوضات مع حماس.

أما عن العلاقات الإيرانية السعودية، فقد أكد عراقجي أن العلاقة بين البلدين تسير في اتجاه إيجابي، لكنه أشار إلى أن هذه العلاقة لا تتأثر بما يجري بين طهران وواشنطن. كما تحدث عن المفاوضات الإيرانية مع أوروبا بشأن الملف النووي، حيث أعرب عن تشاؤمه من نتائج هذه المفاوضات، مؤكداً أن إيران في الوقت الحالي لا تنوي الحوار مع الولايات المتحدة بسبب غياب الأسس المناسبة لذلك. وقال إن إيران ستنتظر لتقييم سياسات الإدارة الأمريكية المقبلة قبل اتخاذ أي خطوات.

في الختام، يظهر من تصريحات عراقجي أن إيران تواصل تعزيز نفوذها في المنطقة من خلال تحالفاتها مع القوى الإقليمية، في الوقت الذي تواصل فيه التأكيد على موقفها المستقل من التفاوض مع القوى الكبرى.

أطماع إيران بمرفأ اللاذقية السورية.. تصطدم بعقبة فرنسية

محاولات إيران المستمرة للحصول على موطئ قدم في البحر المتوسط عبر السيطرة على موانئ بحرية رئيسية، خصوصاً في سوريا ولبنان، اصطدمت بعقبات كبيرة، أبرزها تدخل شركة “CMA CGM” الفرنسية، التي تعد من أكبر شركات النقل البحري العالمية. هذه الشركة، التي أسسها جاك سعادة، رجل الأعمال اللبناني-الفرنسي، لها مصالح واسعة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتدير موانئ بحرية استراتيجية في سوريا ولبنان.

محاولة السيطرة على مرفأ اللاذقية

إيران، التي تسعى لتوسيع نفوذها الاقتصادي والعسكري في المنطقة، وضغطت على الحكومة السورية للحصول على امتيازات في مرفأ اللاذقية، أحد الموانئ الحيوية على البحر المتوسط. في عام 2009، حصلت شركة “CMA CGM” على عقد لاستثمار محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد، وبالفعل تم تجديد العقد في 2014 لمدة خمس سنوات أخرى. ومع ذلك، كان التجديد الأخير في عام 2024 مفاجئاً، حيث تم تمديد العقد لمدة ثلاثين عاماً، وهو ما يضع إيران في موقف صعب من جديد.

دلالات التمديد وتأثيرها على إيران

بحسب المحلل الاقتصادي إياد الجعفري، يشير تمديد العقد لمدة ثلاثين عاماً إلى تراجع قدرة إيران على الضغط على النظام السوري، خاصة في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي في المنطقة. الجعفري يعتقد أن النظام السوري استخدم الحجة الإسرائيلية كذريعة لتأجيل تسليم الميناء لإيران، خوفاً من أن يصبح هدفاً للهجمات الإسرائيلية. وبذلك، فإن التمديد يعكس تحولاً في ديناميكيات القوى بين إيران وسوريا، مع تزايد الدعم الروسي للنظام السوري.

العلاقات السياسية والعائلية

تعود جذور شركة “CMA CGM” إلى العلاقات العائلية والجغرافية بين لبنان وسوريا. جاك سعادة، مؤسس الشركة، هو من مدينة اللاذقية السورية، وقد أسس الشركة في 1978. ورث نجله، رودولف سعادة، الإمبراطورية البحرية، حيث توسعت الشركة لتصبح واحدة من عمالقة الشحن العالمي. علاقات الشركة مع الحكومة الفرنسية وأربعة رؤساء فرنسيين، من بينهم نيكولا ساركوزي وإيمانويل ماكرون، سمحت لها بتعزيز نفوذها في البحر المتوسط، خاصة في لبنان وسوريا. وقد أسس سعادة علاقات قوية مع السياسيين الفرنسيين، مما مكّن الشركة من الحصول على استثمارات استراتيجية في مرافئ بيروت وطرابلس.

إيران ومحاولات التأثير

على الرغم من المحاولات الإيرانية العديدة للضغط على النظام السوري للحصول على الميناء، بما في ذلك عرضها بتحمل جزء من ديون سوريا، إلا أن النظام السوري فضل الاستمرار في التعاون مع “CMA CGM” في ظل العلاقات الفرنسية. وحاول الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي خلال زيارته لسوريا في 2023 الحصول على امتيازات أكبر في الميناء، لكنه فشل في تحقيق ذلك.

وفقاً للمراقبين، فإن فشل إيران في السيطرة على مرفأ اللاذقية يعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها في تحقيق طموحاتها في المنطقة، خاصة مع تزايد الضغوط الإسرائيلية والتحولات السياسية الداخلية في سوريا. كما أن الدور المتزايد لشركة “CMA CGM” يضعف من قدرة إيران على فرض نفوذها في هذا القطاع الاستراتيجي.

بالتالي، يبدو أن إيران تواجه صعوبة كبيرة في تحقيق أهدافها في البحر المتوسط، في الوقت الذي تواصل فيه فرنسا تعزيز وجودها من خلال شركاتها الكبرى، مما يجعل الصراع على السيطرة على مرافئ البحر المتوسط أكثر تعقيداً من أي وقت مضى. (عنب بلدي)

مستشار خامنئي: تركيا وقعت في “فخ أمريكي-إسرائيلي”

قال مستشار قائد الثورة الإسلامية الإيرانية للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، إن تركيا وقعت في “الفخ الذي حفرته لها أمريكا وإسرائيل”، معرباً عن دهشته من المواقف الأخيرة للسياسة الخارجية التركية. جاء ذلك خلال تصريحات أدلى بها لوكالة “تسنيم” الإيرانية، حيث وجه انتقادات حادة للتحركات التركية في المنطقة.

انتقاد السياسة التركية

أوضح ولايتي أن إيران كانت تأمل في أن يتمكن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بفضل خبرته الاستخباراتية والسياسية، من تصحيح مسار السياسة الخارجية لبلاده، لكنه أشار إلى أن أنقرة سقطت في “المكائد” التي أعدتها الولايات المتحدة وإسرائيل. وأضاف:

“من المستغرب أن ترتكب مثل هذه الأفعال باسم الشعب التركي، الذي له تاريخ طويل وثابت في الدفاع عن الإسلام”.

(تجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية التركي لم يرد على هذه التعليقات بشكل مباشر، إلا أن صورة نشرت له بظهره، وهو يحتسي القهوة، قد تعني رسالة بأنه لا يلقي اعتباراً لهذه التصريحات!).

إيران تدعم سوريا بلا تراجع

أكد ولايتي التزام إيران الكامل بدعم الحكومة السورية قائلاً:

“عدد حلفاء سوريا اليوم أكبر من بداية الأزمة عام 2011”.

وأشار إلى دعم روسيا، وحزب الله اللبناني الذي أصبح “أقوى من أي وقت مضى”!، والحشد الشعبي العراقي، والحوثيين في اليمن، والفصائل الفلسطينية، مؤكداً أنهم متحدون في دعم وحدة الأراضي السورية وحكومتها الحالية.

رسالة إلى ترامب

وجه ولايتي رسالة إلى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، حاثاً إياه على التعلم من أخطاء إدارته السابقة، ومشيراً إلى أن سياسات الديمقراطيين أدت إلى إشعال الفتن والحروب بدلاً من إطفائها. وقال:

“على ترامب أن يدرك أن العالم اليوم أكثر تعقيداً، وأن الدول المستقلة لن ترضخ لتهديداته وترهيبه”.

زيارة عراقجي إلى دمشق

في سياق متصل، زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي العاصمة السورية دمشق مؤخراً، مؤكداً موقف إيران الثابت إلى جانب سوريا في محاربة الإرهاب، واستعدادها لتقديم مختلف أشكال الدعم للحكومة السورية في هذا الإطار.

تحليل الموقف

تعكس تصريحات ولايتي تصاعد التوتر في المنطقة، حيث تنتقد إيران بشدة التقارب التركي مع بعض السياسات الغربية والإسرائيلية. كما تؤكد هذه التصريحات استمرار إيران في تعزيز تحالفاتها الإقليمية لدعم موقفها في مواجهة التدخلات الدولية. (روسيا اليوم)

أمريكا:

ترامب يتوعد بجحيم للشرق الأوسط

حذر الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، يوم الاثنين، من عواقب وخيمة في المنطقة إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني. وكتب ترامب على منصته “تروث سوشل”: “الجميع يتحدث عن الرهائن الذين يُحتجزون بشكل قاس وغير إنساني، بما يتعارض مع إرادة العالم في الشرق الأوسط، ولكن هذا كله مجرد كلام بلا أفعال”.

وأضاف: “إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي سأستلم فيه منصب رئيس الولايات المتحدة، فإن الشرق الأوسط سيواجه جحيماً لم يشهد مثله من قبل، وسيتم معاقبة المسؤولين عن هذه الفظائع ضد الإنسانية بشكل لم يشهده أي شخص في تاريخ الولايات المتحدة”.

وأكد ترامب أن المسؤولين “سيتعرضون لعقاب أشد من أي وقت مضى في تاريخ أميركا، كما شدد على مطلبه باستخدام الحروف الكبيرة قائلاً: “أطلقوا سراح الرهائن الآن”.

في سياق متصل، أعلنت حركة حماس، في بيان مصور، أن 33 أسيراً إسرائيلياً قد قُتلوا أو فُقدت آثارهم خلال الحرب على غزة. وأشارت الحركة إلى أن هذه الحصيلة جاءت بسبب الهجوم المستمر من قبل رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وجيشه.

في الفيديو الذي نشرته الحركة عبر “تليغرام”، ذكرت أن بعض الأسرى قتلوا في تواريخ مختلفة، مثل 4 أكتوبر 2023 و14 أكتوبر من نفس العام، كما أُعلن عن مقتل أسير في 9 ديسمبر 2023 نتيجة فشل محاولة استعادته، إضافة إلى تواريخ أخرى في 2024.

من جهته، أكد شون سافيت، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، يوم السبت، أن الرئيس جو بايدن يرى فرصة هامة لإبرام صفقة للإفراج عن المحتجزين ووقف الحرب على غزة، مشيراً إلى أن بايدن سيواصل جهوده الدبلوماسية وزيادة الضغط على حركة حماس لتأمين إطلاق سراح المواطنين الأمريكيين.

يُذكر أن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، نشرت يوم السبت مقطع فيديو لأسير إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية يُدعى عيدان ألكسندر، يظهر فيه وهو يناشد ترامب إطلاق سراحه، مؤكداً أن حكومة الاحتلال رصدت مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عنه. (العربي الجديد)

مَسْعَد بولس وكاش باتيل في إدارة ترامب

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، عن تعيين الملياردير الأميركي من أصل لبناني، مَسْعَد بولس، في منصب كبير مستشاريه للشؤون العربية والشرق الأوسط. ووصفه ترامب بأنه “صانع صفقات” و”داعم ثابت للسلام في المنطقة”. وكتب ترامب على منصة “تروث سوشيال”: “مسعد محام بارع ويحظى باحترام واسع في مجال الأعمال، ولديه خبرة كبيرة على الصعيد الدولي”. وأضاف: “كان بولس دائماً مؤيداً للقيم الجمهورية والمحافظة، وأكد أنه سيكون مدافعاً قوياً عن مصالح الولايات المتحدة، وأنا سعيد بانضمامه إلى فريقنا”.

يُعد هذا المنصب جزءاً من سلسلة المناصب الجديدة التي أنشأها ترامب في إدارته الجديدة للأشخاص الذين دعموا حملته الرئاسية وقدموا له الولاء. وأوضح ترامب دور بولس البارز في حملته الانتخابية قائلاً: “كان مصدر قوة لحملتي” و”كان له دور كبير في بناء تحالفات جديدة مع الجالية العربية الأميركية”.

حملة بولس في ميشيجان كانت محورية، حيث ساعد في جذب الناخبين العرب الأميركيين في الولاية الحاسمة، كما رتب لقاءات لترامب مع قادة الجالية العربية والمسلمة في مختلف الولايات. هذا الدعم ساعد ترامب في الفوز في الولايات المتأرجحة.

بولس، الذي تربطه علاقة عائلية مباشرة بالرئيس المنتخب عبر زواج ابنه مايكل من تيفاني ترامب، الابنة الصغرى لترامب، هو أحدث شخصية عائلية في دائرة ترامب التي تحصل على منصب في إدارته. وكان قد حصل سابقاً على تعيينات عائلية أخرى، مثل ترشيح تشارلز كوشنر، والد صهره جاريد كوشنر، سفيراً في فرنسا.

من المتوقع أن يلعب بولس دوراً مهماً في أي جهود يبذلها ترامب لإبرام اتفاق سلام في المنطقة. خلال حملته الانتخابية، تعهد ترامب للجالية العربية بعدم توسع الحرب الإسرائيلية إلى اليمن، وأعلن عزمه على وقف الحرب في غزة، رغم أنه لم يحدد تفاصيل عن كيفية تحقيق ذلك. في الأسابيع الأخيرة، ظهرت مخاوف بين العرب الأميركيين بسبب تعيينات ترامب، التي تضم شخصيات تدعم جميعها تقريباً إسرائيل بشكل قوي.

بولس، الذي وُلد في لبنان وهاجر إلى الولايات المتحدة في السابعة عشرة من عمره، درس القانون وإدارة الأعمال، وشارك في حملة جورج بوش الابن في التسعينات. كما تولى إدارة أعمال عائلته ليصبح المدير التنفيذي لشركة “SCOA Nigeria”، التي تختص بتوزيع المركبات والتجهيزات في أفريقيا.

على صعيد متصل، أعلن ترامب، عن رغبته في تعيين كاش باتيل، المسؤول الأمني السابق، لقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، مما يشير إلى نيته في إقالة المدير الحالي للمكتب، كريستوفر راي. وكان باتيل، الذي شغل خلال فترة ولاية ترامب الأولى منصب مستشار لكل من مدير المخابرات الوطنية ووزير الدفاع، قد دعا سابقاً إلى تقليص دور مكتب التحقيقات الفيدرالي في جمع المعلومات الاستخباراتية، وتنقية صفوفه من أي موظف يعارض دعم أجندة ترامب.

من خلال ترشيح باتيل، يبدو أن ترامب يخطط لتنفيذ تهديده بإقالة راي، الذي عينه في منصبه في عام 2017، رغم أن ولاية راي التي تمتد لعشر سنوات لا تنتهي قبل عام 2027. وعندما سُئل عن ترشيح باتيل، الذي يحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ، قال متحدث باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي: “كل يوم، يواصل رجال ونساء مكتب التحقيقات الفيدرالي العمل لحماية الأميركيين من تهديدات متزايدة. وتركيز المدير راي يبقى على فريق العمل والأشخاص الذين نتعاون معهم لحماية المجتمع”.

وأعلن باتيل، سابقا، أنه في حال فوز ترامب، لديه خطة جذرية لتغيير هيكلية المكتب وتطهيره من الموظفين الذين لا يدعمون أجندة ترامب. وفي تصريحات له، توعد باتيل بإغلاق المبنى الرئيسي للمكتب في واشنطن وتحويله إلى “متحف للدولة العميقة” في اليوم التالي، وإرسال حوالي 7 آلاف موظف من هذا المبنى إلى ملاحقة المجرمين وتجار المخدرات. وأضاف أنه سيتخذ نفس الإجراءات في وزارة العدل، ويعمل مع الكونجرس على تقليص النفقات الحكومية.

ويأتي هذا التصريح في إطار توجه ترامب المستمر للتخلص مما يسميه “الدولة العميقة”، وهو مصطلح يستخدمه للإشارة إلى البيروقراطية الحكومية المزعومة التي يعارضها. وسبق أن استخدم ترامب هذا المصطلح بشكل متكرر خلال فترة رئاسته، ويبدو أنه لا يزال غاضباً من التحقيقات الفيدرالية التي جرت خلال ولايته الأولى، لا سيما التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016.

وفي إطار تبريره لاختيار باتيل لهذا المنصب، قال ترامب: “لعب باتيل دوراً أساسياً في الكشف عن خدعة روسيا، وكان مدافعاً قوياً عن الحقيقة والمساءلة والدستور”. ويُعتبر باتيل، الذي هو مؤلف كتاب “عصابات الحكومة: الدولة العميقة والحقيقة والمعركة من أجل ديمقراطيتنا”، من أبرز الشخصيات التي تدعو إلى تطهير الحكومة الفيدرالية من الموظفين غير الموالين لترامب. كما يعتبر الصحافيين خونة، وتوعد بمقاضاة بعض المراسلين.

من جانبه، أوضح باتيل أنه سيطرد كبار المسؤولين في مكتب التحقيقات الفيدرالي، وسيتخذ إجراءات قانونية ضد العملاء الذين يعتقد أنهم أساءوا استخدام سلطاتهم، كجزء من خطة لتقليص حجم المكتب. وكان قد دعا سابقاً إلى سحب المكتب من دوره في جمع المعلومات الاستخباراتية.

باتيل، الذي يبلغ من العمر 44 عاماً، هو من أصول هندية وولد في مدينة نيويورك. حصل على شهادة دكتوراه في القانون وعمل لعدة سنوات في وزارة العدل، حيث شغل منصب مدع عام في قضايا الإرهاب.

ومع قربه من دائرة ترامب منذ عام 2018، أصبح له دور بارز في الدفاع عن الرئيس ضد تحقيقات التدخل الروسي في الانتخابات، وهو ما جعله يحظى بدعم ترامب في العديد من المناصب.

يُذكر أن إعلان ترامب عن ترشيح باتيل يعكس عزمه على إقالة المدير الحالي للمكتب، كريستوفر راي، الذي كان قد عينه ترامب في 2017. ويأتي هذا في وقت حساس، بعد أن قاد راي التحقيقات التي طالت ترامب، بما في ذلك تفتيش منتجع مار إيه لاجو في أغسطس 2022، إثر اتهامات بالاحتفاظ بوثائق سرية. (العربي الجديد)

ماذا يقول الخبراء عن تهديدات ترامب الجمركية؟

في خطوة قد تفتح الباب أمام توترات اقتصادية جديدة، هدد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على دول مجموعة “بريكس”. هذا التهديد، الذي اعتبره العديد من الخبراء بمثابة إعلان محتمل “لحرب تجارية عالمية”، أثار العديد من التساؤلات حول تداعياته على الاقتصاد الأمريكي. بعض الخبراء يعتقدون أن الاقتصاد الأمريكي قد يكون هو الخاسر الأكبر في حال اندلاع حرب تجارية من هذا النوع.

وتأتي تهديدات ترامب في وقت تتداول فيه تقارير متضاربة حول مساعي دول “بريكس” لإيجاد بديل للدولار الأمريكي في التعاملات التجارية بين أعضائها. وكان ترامب قد صرح عبر منصته “تروث سوشيال” قائلاً: “لا يمكن لمجموعة بريكس أن تجد بديلاً للدولار في التجارة الدولية، وأي دولة تحاول ذلك ستكون مضطرة لتوديع السوق الأمريكية”.

ويقول المحلل الاقتصادي ديفيد باين لموقع “الحرة” إن رفع الرسوم الجمركية سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد الأمريكي قبل أي اقتصاد آخر، مشيراً إلى أن هذه الخطوات قد تضر بالصناعات الأمريكية بدلاً من حمايتها.

من جهة أخرى، يرى الخبير الاقتصادي صادق الركابي أن تهديدات ترامب قد تكون مجرد محاولة للضغط على دول “بريكس”، متوقعاً أن لا يتخذ ترامب خطوة كهذه على الرغم من التصريحات القوية.

وفيما يخص مساعي دول “بريكس” لتقليل اعتمادها على الدولار، لا تزال الآراء متباينة حول فكرة إنشاء عملة مشتركة بين هذه الدول. وبينما كان الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا قد دعا في أغسطس الماضي إلى إنشاء عملة مشتركة، إلا أن هناك تحديات كبيرة أمام تنفيذ هذا المشروع، بسبب التفاوتات الاقتصادية والسياسية بين الدول الأعضاء.

وفي ذات السياق، يؤكد المحلل الاقتصادي خالد صفوري أن دول “بريكس”، بما في ذلك الإمارات والسعودية، لن تتخلى عن الدولار بسهولة، مستبعداً أن تتفق الدول الأعضاء على استبداله بأي عملة أخرى في المستقبل القريب.

يأتي هذا المشهد في وقت أعلنت فيه مجموعة “بريكس” في قمة جوهانسبورج الأخيرة عن فتح باب العضوية لدول جديدة، مما قد يزيد من تعقيد العلاقات الاقتصادية بين أعضائها، وخصوصاً مع الولايات المتحدة. (الحرة)

متابعات إفريقية

الرئيس السنغالي: على فرنسا إغلاق قواعدها العسكرية في بلادنا

صرح الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي بأن وجود القواعد العسكرية الفرنسية في السنغال يتناقض مع سيادة بلاده. وأوضح في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية أنه لا يمكن أن تتماشى السيادة مع وجود قواعد عسكرية أجنبية على أراضي دولة ذات سيادة، داعياً فرنسا إلى إغلاق هذه القواعد.

فاي الذي تولى منصبه في أبريل الماضي، أكد أن رفضه للوجود العسكري الفرنسي لا يعني بالضرورة “قطيعة” مع باريس. وأوضح أن العلاقات بين دكار وباريس لا تزال قائمة بشكل جيد، وأن هذا الموقف هو جزء من خطته لتعزيز سيادة السنغال ووقف الاعتماد على القوى الخارجية. وأشار إلى أن بلاده تسعى لتنويع شركائها في مختلف المجالات، مثل الصين وتركيا والولايات المتحدة، وهي دول لا تمتلك قواعد عسكرية في السنغال.

وفي سياق آخر، كشف فاي عن رسالة تلقاها من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث اعترفت فرنسا بمسؤوليتها عن “مجزرة” ارتكبتها قواتها الاستعمارية في ثياروي قرب دكار في ديسمبر 1944. ورحب الرئيس السنغالي بهذا الاعتراف، معتبراً إياه “خطوة كبيرة” من جانب ماكرون.

بالرغم من مطالبته بإغلاق القواعد العسكرية، أكد فاي أن فرنسا تظل شريكاً مهماً للسنغال في مجالات الاستثمارات والشركات الفرنسية، لكنه شدد على ضرورة وجود شراكة قائمة على التعاون الاقتصادي دون الحاجة إلى الوجود العسكري.

فاي اختتم حديثه بتوضيح أن بلاده تنوي تحديث عقيدتها العسكرية، بحيث لا تشمل وجود قواعد عسكرية لأي دولة، مشيراً إلى أن هذا التوجه لا يعني قطيعة مع الشركاء، بل يهدف إلى شراكة أكثر تنوعاً وثراء. (فرانس برس)

تشاد تنهي اتفاقية التعاون الأمني مع فرنسا

أعلنت تشاد عن إنهاء اتفاق التعاون الدفاعي مع فرنسا، مما قد يؤدي إلى انسحاب الجنود الفرنسيين من أراضيها. وقال وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كلام الله في بيان نشر على صفحة الوزارة الرسمية على فيسبوك: “إن حكومة جمهورية تشاد تبلغ الرأي الوطني والدولي بقرارها إنهاء الاتفاق في مجال الدفاع الموقع مع الجمهورية الفرنسية”. وأضاف كلام الله في تصريح لوكالة فرانس برس أن هذا القرار لا يعني “القطيعة” مع فرنسا، كما حدث في دول أخرى مثل النيجر.

وأوضح المسؤول التشادي أن هذه الخطوة تأتي في إطار تأكيد سيادة بلاده بعد 64 عاماً من الاستقلال عن فرنسا. وأكد أن إنهاء الاتفاق العسكري سيمكن تشاد من إعادة تحديد شراكاتها الاستراتيجية بما يتناسب مع مصالحها الوطنية. يُذكر أن حوالي 1000 جندي فرنسي يتواجدون حالياً في تشاد، حيث تعد الأخيرة حليفاً غربياً مهماً في مكافحة الجماعات المتشددة في منطقة الساحل. (افروبوليسي)

القمة الثالثة والعشرون لرؤساء دول وحكومات السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا)

عُقدت القمة الثالثة والعشرون لرؤساء دول وحكومات السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا) في العاصمة السابقة لبوروندي، بوجومبورا، في الفترة من 28 إلى 31 أكتوبر 2024، في حدث تاريخي بالغ الأهمية وسط تحديات إقليمية ودولية. وتحت شعار “تسريع التكامل الإقليمي من خلال تطوير سلاسل القيمة الإقليمية في الزراعة، التعدين، السياحة، والتكيف مع التغييرات المناخية”، أكدت القمة التزام الكوميسا العميق بتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء الـ 21، مع التركيز على المرونة المناخية والتنمية المستدامة في قطاعات حيوية.

لمحة عن الكوميسا:

تأسست الكوميسا في عام 1994 كمنظمة اقتصادية إقليمية تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول منطقة شرق وجنوب أفريقيا، التي تمتد من تونس شمالاً إلى إسواتيني جنوباً. وتهدف الكوميسا إلى خلق سوق موحدة للدول الأعضاء، وتعزيز التجارة، الاستثمارات، والنمو المشترك، مع 21 دولة عضواً تمثل جزءاً كبيراً من سكان القارة ونشاطها الاقتصادي.

القرارات الرئيسية للقمة:

  • انتقال القيادة: سلّم الرئيس الزامبي هاكيندي هيشيليما رئاسة الكوميسا إلى الرئيس البوروندي إيفاريست ندايشيمي، ما يمثل بداية مرحلة جديدة في قيادة المنظمة.
  • التكامل الإقليمي: تم التأكيد على ضرورة تطوير سلاسل القيمة الإقليمية في الزراعة والتعدين والسياحة، كمحركات رئيسية للنمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
  • التحديات الأمنية: تم مناقشة القضايا الأمنية في المنطقة، مع التركيز على الأمن البحري والقرصنة في الدول الجزرية الأفريقية.
  • التقدم الاقتصادي: تم الإعلان عن إطلاق برنامج للطاقة النظيفة يهدف إلى ربط 100 مليون شخص بمصادر الطاقة المستدامة خلال السنوات السبع القادمة.

الحضور الرسمي:

شملت القمة حضور عدد من القادة الأفارقة البارزين، مثل الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، الرئيس الكيني ويليام ساموي روتو، والرئيس الإثيوبي تاي أتسكي سيلاسي أمدي، بالإضافة إلى ممثلين عن العديد من الدول الأعضاء.

التحديات الداخلية:

رغم التقدم الكبير، تواجه الكوميسا تحديات مرتبطة بتباين الأولويات السياسية والاقتصادية بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى ضعف تنفيذ الاتفاقيات الإقليمية وقلة الموارد المالية. كما أن الصراعات السياسية والاقتصادية الداخلية قد تعيق التكامل الفعلي بين الدول الأعضاء.

المستقبل:

القمة القادمة ستنعقد في كينيا في 2025، ومن المتوقع أن تستمر الكوميسا في تعزيز التعاون الإقليمي في مجالات التجارة والبنية التحتية والطاقة، رغم التحديات الداخلية. ومع التركيز على التنمية المستدامة والتكامل الإقليمي، يأمل القادة في استكمال مسيرة التكامل الاقتصادي في المنطقة.

قمة الكوميسا الثالثة والعشرون في بوجومبورا كانت خطوة هامة نحو تسريع التكامل الإقليمي وتحقيق التنمية المستدامة في أفريقيا، مع التركيز على الزراعة، التعدين، السياحة، والطاقة النظيفة. وبالرغم من التحديات الداخلية، فإن الكوميسا تسعى إلى بناء قاعدة قوية للتعاون بين الدول الأعضاء، مع تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية في السنوات القادمة. (أفروبوليسي)

متابعات دولية

كوريا الجنوبية: أزمة الأحكام العرفية تفجر جدلاً سياسياً وشعبياً

شهدت كوريا الجنوبية تطورات متسارعة عقب إعلان الرئيس يون سوك يول الأحكام العرفية في البلاد، في خطوة بررها بمحاولات عزله وتزايد التهديدات الداخلية والخارجية. أثارت هذه الخطوة ردود فعل متباينة، حيث قوبلت بمعارضة سياسية وشعبية واسعة، ما دفع الرئيس إلى التراجع عنها في غضون ساعات.

إعلان الأحكام العرفية وتبريرها

أعلن الرئيس الكوري الجنوبي الأحكام العرفية استناداً إلى ما وصفه بـ “تهديدات جدية للأمن القومي ومحاولات سياسية لعزله”. كما قام بتعيين الجنرال بارك آن سو قائداً للأحكام العرفية، ما أثار انتقادات حادة من المعارضة التي وصفت الإجراء بأنه غير دستوري ويشكل تهديداً للديمقراطية.

تصاعد المعارضة السياسية والشعبية

البرلمان الكوري الجنوبي صوت لصالح إلغاء الأحكام العرفية، مما أظهر معارضة قوية داخل المؤسسة التشريعية للإجراء.

وصفت المعارضة السياسية الخطوة بأنها محاولة “غير مبررة” لتقييد الحريات وقمع الأصوات المعارضة. كما أكدت أن هذه الإجراءات تفتقر إلى الأسس القانونية والدستورية.

خرج الآلاف من المواطنين في تظاهرات حاشدة في العاصمة سيول ومدن أخرى للتعبير عن رفضهم للأحكام العرفية، معتبرين أنها تمثل تهديداً للمكتسبات الديمقراطية التي تحققت في العقود الأخيرة.

رفع الأحكام العرفية وتراجع الرئيس

في ظل الضغوط السياسية والشعبية، قرر الرئيس رفع الأحكام العرفية بعد ساعات من فرضها، معلناً أنه “استمع إلى صوت الشعب والبرلمان”. وقال في خطاب رسمي إن القرار الأولي جاء “للحفاظ على الاستقرار في وجه التحديات”، لكنه تراجع عن الخطوة تفادياً لمزيد من الانقسام.

انعكاسات الأزمة

يرى مراقبون أن الأزمة الأخيرة قد تضعف موقف الرئيس يون سوك يول، الذي يواجه بالفعل تحديات اقتصادية وسياسية داخلية.

الحادثة تعيد تسليط الضوء على الحساسيات التاريخية في كوريا الجنوبية تجاه الحكم العسكري، خاصة بعد عقود من النضال للتحول إلى الديمقراطية.

المعارضة أعلنت أنها ستستمر في مراقبة أي محاولات مشابهة قد تهدد الحريات أو تقيد صلاحيات البرلمان.

تجسد الأزمة الحالية في كوريا الجنوبية صراعاً بين التوجهات السلطوية والتقاليد الديمقراطية، وسط قلق واسع من إعادة استخدام الأدوات العسكرية والسياسية لتعزيز السلطة. يشكل التراجع السريع للرئيس عن الأحكام العرفية دليلاً على قوة الضغط الشعبي والسياسي في البلاد. (الأناضول)


لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.


صوفيا خوجاباشي

صحفية وباحثة في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى