نيوزويك: ما مدى خطورة التوترات المتصاعدة بين إسرائيل ومصر؟

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية في 7 إبريل 2024 مقالاً بعنوان: “ما مدى خطورة التوترات المتصاعدة بين إسرائيل ومصر؟” لـ “أميرة الفقي”، مراسلة شؤون الشرق الأوسط، التي تُعنى بشؤون السياسة والمجتمع في منطقة الشرق الأوسط، حيث ترى أن تُضيف التوترات المتزايدة بين إسرائيل ومصر تعقيداً إضافياً لإدارة ترامب في سعيها لتهدئة الصراع المُستمر في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تُعدّ فيه اتفاقيات كامب ديفيد ركيزةً أساسيةً للأمن الإقليمي.
وقد جاء المقال على النحو التالي:
تصاعدت التوترات في الأسابيع الأخيرة بين إسرائيل ومصر بسبب الأنشطة العسكرية المصرية (المزعومة) في شبه جزيرة سيناء المصرية.
وكانت التوترات قد تفاقمت منذ أن أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب احتمال انتقال فلسطينيين من قطاع غزة المدمر إلى مصر، وهو اقتراح رفضته القاهرة.
ويضيف هذا بُعداً آخر إلى تفاقم انعدام الأمن في المنطقة منذ أن شنت إسرائيل الحرب على غزة في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة حماس على المستوطنات في غلاف غزة في شهر أكتوبر من عام 2023.
وكانت مجلة نيوزويك قد تواصلت مع الحكومة المصرية للتعليق على الأمر. وكذلك رفضت القوة متعددة الجنسيات والمراقبون (MFO)، المشرفة على تنفيذ معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل لعام 1979، التعليق.
اتهامات إسرائيلية
أعرب مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم إزاء تزايد الوجود العسكري المصري في شمال شبه جزيرة سيناء، الواقعة على الحدود مع كل من إسرائيل وقطاع غزة. وأشار المسؤولون الإسرائيليون إلى بناء قواعد عسكرية جديدة وزيادة عدد القوات المصرية المنتشرة بسيناء.
وفي شهر مارس، حذر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف كاتس مصر من خرق معاهدة السلام المبرمة عام 1979 مع إسرائيل، والتي تضع قيوداً على الوجود العسكري المسموح به للمصريين في المنطقة.
ورغم أن مصر لم ترد رسمياً (على الادعاءات)، فقد أكد مسؤولون ومحللون أن القدرات العسكرية في سيناء قد تم تعزيزها.
وعزا العميد سمير فراج، وهو ضابط كبير سابق في الجيش المصري، هذا التعزيز إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي، لا سيما فيما يتعلق بالتهديد الذي تشكله الجماعات المسلحة العاملة في المنطقة، وصرح لوسائل إعلام عربية بأن مصر نشرت المزيد من القوات بالقرب من رفح، على الحدود مع قطاع غزة، بالتنسيق مع إسرائيل.
أنفاق حماس
وزعم مسؤولون إسرائيليون أن قرب شبه جزيرة سيناء من قطاع غزة قد جعل سيناء نقطة هامة لتنسيق أنشطة حماس. واتهم مسؤولون إسرائيليون مصر بالتقصير في السيطرة على أنفاق التهريب التي تستخدمها حماس لنقل الأسلحة والمقاتلين.
وكانت هذه الأنفاق، التي غالباً ما تقع في منطقة رفح، مصدر قلق أمني كبير لإسرائيل.
ومنذ توليه السلطة رسمياً عام 2014، قاد السيسي حرباً داخلية على الجماعات المتمردة، ونفذ حملة عسكرية على الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم داعش في شمال سيناء.
وفي عام 2018، شنت مصر عملية عسكرية واسعة النطاق أفادت وسائل الإعلام أنها دمرت آلاف الأنفاق المستخدمة في تهريب البضائع و “الأسلحة” إلى الجماعات المسلحة.
نقل سكان غزة إلى مصر
في شهر يناير، اقترح ترامب نقل سكان غزة الفلسطينيين – ربما إلى مصر والأردن – خلال اجتماع له مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مُحيياً بذلك فكرةً طرحها مسؤولون إسرائيليون منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وقد كانت مصر تحكم قطاع غزة حتى احتلته إسرائيل في الحرب التي شنتها (على مصر وسوريا) عام 1967، بينما كانت الأردن تحكم الضفة الغربية.
وقد رفضت كلٌّ من مصر والأردن بشدة فكرة ترامب، في إطار موقف عربي موحد عارض “تهجير الشعب الفلسطيني” من أرضه.
توترات حدودية بين إسرائيل ومصر
وتتزايد التوترات بين إسرائيل ومصر، حيث يقول كلٌّ منهما إن الأنشطة العسكرية للآخر قد تُشكّل انتهاكاً لمعاهدة السلام المبرمة بينهما عام 1979.
وبعد تصريحات ترامب، قال الزعيم المصري عبد الفتاح السيسي: “ليطمئن الشعب المصري بأنه لا مجال للتساهل أو السماح بالمساس بالأمن القومي المصري”.
واستضافت الأردن أعداداً كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين لأكثر من 70 عاماً، وحصل معظمهم على الجنسية الأردنية.
وفي مصر، يُعدّ الأمر أكثر حساسية، لا سيما بالنظر إلى علاقات حماس بجماعة الإخوان المسلمين (التي تم حظرها في مصر).
وقُدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في مصر بنحو 135 ألف لاجئ، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة في عام 2022، مع وصول عدد مماثل تقريباً بعد صراع غزة الذي بدأ في أكتوبر 2023، وفقاً لإحصاءات فلسطينية.
الأنشطة العسكرية على طول حدود غزة
في عام 2014، أشرفت حكومة السيسي على هدم مئات المنازل والقيام بعمليات إخلاء قسري من الجانب المصري من رفح بهدف إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود مع قطاع غزة، وذلك في أعقاب هجوم دامٍ تم شنه على نقطة تفتيش عسكرية في شمال سيناء.
وفي السنوات التالية، وسّعت مصر قواعدها العسكرية ونشرت المزيد من الجنود في سيناء، وفقاً لتقارير إعلامية وصور الأقمار الصناعية. وتقول إسرائيل إن المصريين تجاوزوا الآن حدود القوات المنصوص عليها في معاهدة السلام.
وفي عام 2024، سيطرت إسرائيل على ممر استراتيجي على طول حدود غزة مع مصر يُعرف باسم محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين) – وهي منطقة عازلة تمتد على مسافة تسعة أميال من البحر الأبيض المتوسط إلى النقطة التي تلتقي فيها حدود مصر وقطاع غزة وإسرائيل – بالإضافة إلى معبر رفح الحدودي. وأشارت إسرائيل إلى الحاجة حينئذٍ إلى العمل على الحد من تهديد حماس.
وترى مصر أن إسرائيل قد انتهكت حدود الوجود العسكري بالقرب من المناطق منزوعة السلاح بموجب المعاهدة الموقعة بينهما، مما زاد من التوترات. ويبلغ الطول الإجمالي للحدود بين إسرائيل ومصر حوالي 130 ميلاً.
دبابات الجيش المصري نُشرت على طول الحدود مع قطاع غزة في 4 يوليو 2024 في العريش، شمال شبه جزيرة سيناء، وسط معارك متواصلة بين حماس وإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحاصرة. (وكالة فرانس برس/صور جيتي)
معاهدة السلام لعام 1979
وكانت اتفاقيات كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر لعام 1979 والتي وُقِّعت برعاية الولايات المتحدة، قد نصت غلى إنشاء أربع مناطق أمنية في سيناء وإسرائيل على طول الحدود الدولية، حيث نُصَّ فيها أيضاً على قيود على القوات والمعدات العسكرية.
وجاءت المعاهدة في أعقاب حرب عام 1973، عندما شنَّت القوات المصرية هجوماً مفاجئاً على الإسرائيليين الذين كانوا يحتلون شبه جزيرة سيناء آنذاك، وحققت مكاسب كبيرة في البداية قبل أن ترد إسرائيل بهجوم مضاد أدى إلى تراجع القوات المصرية. ومنذ توقيع المعاهدة، واصلت مصر الاستفادة من مساعدات أمريكية كبيرة بشكل سنوي.
وتُشرف قوة متعددة الجنسيات ومراقبون الآن على تنفيذ الأحكام الأمنية لمنع انتهاك بنود اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
وبينما يؤكد الجانبان باستمرار التزامهما بالاتفاقات، إلا أن التطورات الأخيرة وضعت كلا الجانبين تحت ضغط.
وكان البلدان في وقت سابق يتبادلان المعلومات الاستخباراتية وينسقان أمنياً لمواجهة التهديدات في المنطقة.
ما يقوله الناس
صرح السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، في شهر يناير، قائلاً: “أنشأت القاهرة قواعد عسكرية في سيناء لا يمكن استخدامها إلا للعمليات الهجومية، وللأسلحة الهجومية – وهذا انتهاك واضح. إن انتهاك مصر للاتفاق قضية ستبرز إلى الواجهة لأنها غير مقبولة. لقد تم تجاهلها لفترة طويلة، وهذا مستمر. ولكن ستكون هذه قضية سنطرحها على الطاولة قريباً جداً بكل تأكيد”.
وقال النائب المصري البارز مصطفى بكري على منصة إكس: “عندما يقول وزير الحرب الصهيوني إن إسرائيل لن تقبل بالتواجد العسكري المصري المتزايد في سيناء، فإنه لا يسعنا إلا أن نقول: سيناء أرض مصرية، وقد انتهكتم اتفاقية السلام مع مصر باحتلالكم محور صلاح الدين (ممر فيلادلفيا). أما هذا الابتزاز، فهو مرفوض رفضاً باتاً وقاطعاً. لقد شهد العالم على أكاذيبكم، وأعذاركم الواهية. أنتم تحاولون كسب تعاطف العالم للتغطية على حربكم الإبادة الجماعية وأزمتكم الداخلية. أوقفوا هذا الابتزاز. مصر ليست هدفاً سهلاً، ومصر قادرة على تلقينكم دروساً لن تنسوها أبداً”.
ماذا عساه يحدث لاحقاً
تُضيف هذه التوترات المتزايدة بين إسرائيل ومصر تعقيداً إضافياً لإدارة ترامب في إطار سعيها لإخماد الصراع الدائم في الشرق الأوسط. حيث تُعدّ اتفاقيات كامب ديفيد ركيزة أساسية للأمن الإقليمي.
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.