افتُتح مساء الجمعة 6-7-2018 معرض “الكنوز الذهبية للفراعنة” بإمارة موناكو بحضور عدد كبير من المسئولين المصريين، منهم: وزير الآثار، ووزيرة السياحة، ووسفير مصر بفرنسا، ورئيس لجنة الثقافة والآثار والإعلام بمجلس الشعب، ورئيس لجنة السياحة والطيران بمجلس الشعب .
ويُقام المعرض بقاعة “جريمالدى فورم” وهي قاعة المعارض التى تحمل اسم العائلة المالكة فى الإمارة؛ التي شارك أميرها “ألبرت الثاني” حفل الافتتاح. ويحتوى المعرض الذي يستمر لمدة شهرين على 149 قطعة أثرية كانت موجودة بالمتحف المصرى بالتحرير، وهي عبارة عن قطعتين من مقتنيات الملك توت عنخ آمون، و147 قطعة من مجموعات أثرية أخرى كانت مختفية في المخازن، تضم الأثاث الجنائزى لـ “يويا” و”تويا” أجداد الملك اخناتون، وقناع للملك بسوسنس الأول، وتمثال نصفى للملك رمسيس الثانى، وتمثال للملك امنمحات الثالث، وعدد من الأساور والقلادات التي كانت تستخدم للزينة، وأطباق من الفضة، هذا فضلاً عن أن المعرض يضم أيضاً آثارًا مصرية أخرى قادمة من متاحف دول أخرى وهي بلجيكا والنمسا وفرنسا، وهذه القطع ملك لهذه الدول رغم أنها مصرية!
وتُسلط هذه القطع الضوء على الأعمال اليدوية العظيمة التي قام بها المصريون القدماء سواء من الذهب أو الفضة أو النحاس خلال 2500 عام، وكيفية إنتاج هذه القطع المختلفة من الأساور والخواتم والمعلقات.
وبالرغم من الميزات العديدة التي يتحدث عنها الاعلام والمسئولون المصريون؛ نستطيع أن نقول بموضوعية شديدة:
1ـ إنه من الضروري أن نسعى سوياً في ايجاد سبل لتنشيط السياحة وإعادتها إلى مصر، فعودة السياحة سيكون لها تأثير ايجابي على الاقتصاد المصري بشكل عام، وعلى المواطن المصري على وجه الخصوص؛ فهناك ما لا يقل عن ثلاثة ملايين من أفراد الشعب المصري يعيشون بشكل يومي على عائد السياحة.
لكننا نتساءل: هل هذه هي الطريقة التي نستطيع من خلالها اعادة السياحة إلى مصر، وهل اعلان وزير الآثار ومرافقيه خلال افتتاح المؤتمر؛ أن مصر تحارب الإرهاب سيعمل على جذب السياحة لمصر، هل هؤلاء المسئولون يتحدثون فعلاً بنظرة علمية أم أنهم يتبعون سياسة موضوعة لهم من قبل القائمين على الحكم في مصر؛ ويطبقون حرفياً ما يقال لهم، خاصة وأنهم قد أعلنوا جميعاً خلال الافتتاح بأنهم يسيرون على منهج القيادة الرشيدة، بل إن وزير الآثار في حواره مع جريدة “اليوم السابع” قبل أيام قليلة من الافتتاح؛ قال: “إن السيسي يعرف في الآثار أكثر مني”!!
2ـ مما لا شك فيه أيضاً أن معارض الآثار في الخارج لها أهمية كبرى، ولكننا في مصر لا نتبع الطرق العلمية السليمة التي يجب علينا القيام بها كغيرنا، فدول العالم تقوم بمثل هذه المعارض ولكن من خلال عرض نسخ للقطع الأثرية الحقيقية وتترك الأصل في موطنه الأصلي؛ وبذلك يكون المعرض عبارة عن دعاية قوية، وحافز جذب وتشويق للزائرين نحو القيام بزيارة الأثر الأصلي في موطنه وليس العكس؛ فالسائح الذي يذهب إلى معرض موناكوا ويشاهد الأثر الأصلي هناك، ما الذي سيدفعه نحو القيام بزيارة مصر؟! ولو كانت هذه هي الطريقة المُثلى في عرض الآثار في الخارج لقامت إنجلترا وألمانيا وفرنساء بعرض آثارها وآثارنا الموجودة بمتاحفها بهذه الطريقة!
3ـ يجب علي المسئولين أن يُجيبوا لنا عن التساؤل الأهم، وهو؛ هل سيحقق هذا المعرض هدفه ويُعيد السياحة إلى مصر، وهل سيُورد لمصر دخلاً يكفي تكلفة رحلة هؤلاء المسئولين ومرافقيهم!، خاصة أن هؤلاء المسئولين والاعلام المصري يُشيدون باقامة هذا المعرض في إمارة موناكو ويقولون أنها منطقة من أكثر مناطق العالم جذباً للسياحة، وبالفعل هي تُعد واحدة من أفخم المنتجعات السياحية في العالم، ويزورها ما لا يقل عن خمسة ملايين سائح سنوياً، ولكن هل يستطيع هؤلاء المسئولون أن يخبرونا ولو بالتقريب عن عدد السائحين القادمين الي موناكو الذين سوف ينوون زيارة مصر على إثر هذا المعرض؟
هل أخبرنا هؤلاء المسئولون بأن امارة موناكو هي إمارة مستقلة لا تزيد مساحتها عن 2كم2، ولا يتجاوز عدد سكّانها 30.645 نسمةَ، وهل كان يجب أن يتجه إليها وفد بهذا المستوى، وما العائد من وراءه وخاصة أن أسعار تذاكر دخول المعرض ليست بالكبيرة؛ فتذكرة الزيارة الكاملة تصل 11 يورو، والمجاميع أكثر من 10 أشخاص تبلغ 9 يورو للشخص، والطالب أقل من 20 عاماً تصل لـ9 يورو، والمسن 9 يورو، وتحت 18 عاماً مجاناً؟
هل قامت وزراتي الآثار والسياحة، بعمل دراسة تُظهر كم عدد السائحين الذين قدموا إلى مصر من “موناكو” بعد اقامة معرض “ملكات مصر” المقام بنفس الامارة عام 2008 ، والذي شارك في افتتاحه أيضاً عدد كبير من المسئولين كانت على رأسهم “سوزان مبارك”؟
4ـ بعد أن أثني المسئولون المصريون على عملية عرض القطع المصرية بقاعة العرض بموناكو وحرفيتها التي أظهرت جمال تلك القطع، هل من الممكن نقل هذه التجربة إلى جميع المتاحف المصرية، وخاصة بالمتحف المصري الذي تحل ذكراه الـ116 بعد شهور قليلة كما أن تلك القطع المعروضة هناك سيُعاد عرضها بالمتحف المصري عند عودتها؟(* ).
(*) الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات