fbpx
الشرق الأوسطترجمات

واشنطن بوست: الانسحاب من أفغانستان يجبر الحلفاء والخصوم على إعادة النظر في الدور العالمي لأمريكا

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في 17 أغسطس 2021 تقريراً بعنوان “الانسحاب من أفغانستان يجبر الحلفاء والخصوم على إعادة النظر في الدور العالمي لأمريكا”. وقد جاء التقرير الذي أعده جون هدسون، مراسل الأمن القومي في واشنطن بوست الذي يغطي وزارة الخارجية والدبلوماسية؛ وميسي رايان، مراسلة واشنطن بوست التي تغطي الدبلوماسية والأمن القومي؛ وشاركت فيه أيضاً من لندن ليز سلاي، مراسلة واشنطن بوست في الشرق الأوسط – على النحو التالي:

لقد أدى قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بالانسحاب من أفغانستان إلى إعادة تفكير شاملة حول دور أمريكا في العالم، حيث يناقش الحلفاء الأوروبيون حاجتهم للعب دور أكبر في المسائل الأمنية، بينما تبحث روسيا والصين كيفية تعزيز مصالحهما في أفغانستان في ظل قيادة طالبان.

وكان خطاب بايدن المتحدي للأمة والذي ألقاه يوم الاثنين، 16 أغسطس 2021، عندما وقف “بشكل مباشر” وراء قراره بسحب القوات الأمريكية، قد جدد أيضاً أحد أكثر النقاشات احتداماً في حقبة ما بعد 11 سبتمبر، حول: هل يمكن أن يؤدي الانسحاب من أفغانستان إلى جلب الضعف، وإثارة العدوان، وتدمير قدرة أمريكا على القيادة على الساحة الدولية، أو أنه قد يعكس إعادة ترتيب للمصالح الوطنية بشكل سليم، ووضع البلاد في موقف أفضل للتعامل مع التحديات الجديدة للقرن الحادي والعشرين، والتوضيح للحلفاء والأعداء عن الأشياء التي ترغب أو لا ترغب الولايات المتحدة في إنفاق الموارد عليها؟

أما الاتحاد الأوروبي، فقد عقد يوم الثلاثاء، 17 أغسطس 2021، جلسة طارئة عن أفغانستان على مستوى وزراء الخارجية، حيث وجه المسؤولون في الاتحاد انتقادات نادرة لواشنطن كونها تخاطر بتدفق اللاجئين إلى حدودهم وعودة منصة للإرهاب في آسيا الوسطى من جديد.

وقال وزير دفاع لاتفيا، أرتيس بابريكس، في مقابلة إذاعية يوم الثلاثاء، 17 أغسطس، “لقد تسبب انسحاب القوات بهذا الشكل في إثارة الفوضى”، مشيراً إلى انتهاء مشاريع بناء الدولة على المدى الطويل وكيف أن قرار الانسحاب تم فرضه بشكل أساسي على الأوروبيين. “لقد انتهى هذا العصر. ولسوء الحظ، فإن الغرب، وخاصة أوروبا، يُظهر أنه قد أصبح في حالة أضعف على المستوى العالمي”.

ووصف مرشح ألمانيا المحافظ لخلافة المستشارة أنجيلا ميركل، أرمين لاشيت، يوم الثلاثاء، 17 أغسطس، انسحاب القوات من أفغانستان بأنه “أكبر كارثة شهدها حلف الناتو منذ تأسيسه”.

أما في الصين، حيث يُنظر إلى الانسحاب الأمريكي على أنه يخلق مخاطر وفرصاً في نفس الوقت، فقد أبلغ وزير الخارجية الصيني وانج يي نظيره الأمريكي أنتوني بلينكين في مكالمة هاتفية أن المغادرة السريعة للقوات الأمريكية قد تسببت في إحداث “آثار شديدة السلبية”.

كما حدد أيضاً تداعيات أوسع للانسحاب، بقوله إنه (الانسحاب من أفغانستان) قد أظهر عدم قدرة أمريكا على نقل نموذج حكم أجنبي إلى دولة ذات سمات ثقافية وتاريخية مختلفة.

ويقول منتقدو الحرب في أفغانستان منذ فترة طويلة إن المزاعم حول فقدان صمود الولايات المتحدة ومصداقيتها تبدو جوفاء.

وقال ستيفن والت، الباحث في العلاقات الدولية بجامعة هارفارد: “إن اتخاذ قرار بعدم الاستمرار في خوض حرب لا يمكن الانتصار فيها من أجل مصلحة أقل أهمية لا يعني أن الولايات المتحدة لن تقاتل عندما تكون المخاطر أكبر”. ويضيف “على العكس من ذلك، فإن إنهاء الحرب الطويلة وغير المجدية في أفغانستان سيسمح لواشنطن بتركيز مزيد من الاهتمام على أولويات أكبر.”

وفي تصريحاته ضمن الخطاب الذي وجهه للأمة، تمسك جو بايدن بالحاجة إلى إخراج الولايات المتحدة من المستنقعات المكْلِفة في عصر المنافسة بين القوى العظمى.

وقال: “إن منافسينا الاستراتيجيين الحقيقيين، الصين وروسيا، لن يرغبوا أكثر من أن تواصل الولايات المتحدة ضخ مليارات الدولارات من الموارد والاهتمام لتحقيق الاستقرار في أفغانستان إلى أجل غير مسمى”.

وقال بايدن إن الولايات المتحدة يمكن أن تواصل إعاقة المنظمات الإرهابية من خلال القوة الجوية.

وعلى الرغم من أن التاريخ يمكن أن يبرر الأمر الذي أصدره بايدن، إلا أن إدارته تواجه الآن أسئلة صعبة حول كيفية التوفيق بين قرار الانسحاب وبين إيمانها شبه الدائم بأن حقوق الإنسان ودعم الحلفاء سيكونان “في قلب السياسة الخارجية للولايات المتحدة”.

غالباً ما كانت مثل هذه التصريحات تهدف إلى خلق تناقض مع إدارة ترامب، التي  دأبت على تشويه سمعة الحلفاء الأوروبيين ومحاباة الحكومات الاستبدادية في مصر والسعودية والمجر والبرازيل.

وقد استغل منتقدو سياسة بايدن هذا الخطاب عندما اجتاحت حركة طالبان كابول ولجأ العديد من النساء والفتيات إلى المنازل خوفاً من العودة إلى الحكم القاسي للمتشددين والذي منع النساء من التعليم والعمل عندما كانت طالبان في السلطة من قبل.

وقال توبياس إلوود، رئيس لجنة الدفاع في البرلمان البريطاني، “ماذا حدث لشعار ’لقد عادت أمريكا من جديد‘؟”، مشيراً إلى الوعد الذي قطعه بايدن بإعادة بناء التحالفات واستعادة مكانة أمريكا في العالم.

وينبع جزء من الارتباك في المشهد من مزيج الأيديولوجيات داخل إدارة بايدن، ولا سيما المدافعون منذ وقت طويل عن التدخلات المرتبطة بحقوق الإنسان مثل بلينكين ومديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سامانثا باور، الذين دأبوا على الحديث عن أهمية حقوق الإنسان.

وتتناقض النظرة المستقبلية (بعد الانسحاب من أفغانستان) مع شكوك بايدن في العسكر، والتي كانت واضحة خلال فترة توليه منصب نائب الرئيس، عندما كان ضد الزيادة الطموحة للقوات التي كان قادة البنتاغون يقترحونها في عام 2009 لمنع عودة طالبان. فقد حذر بايدن حينها الرئيس باراك أوباما من السماح لكبار الضباط “بإرباكه”، فدافع دون جدوى عن الاكتفاء بمهمة أصغر بكثير تركز بشكل ضيق على منع التهديدات ضد الولايات المتحدة.

لكن فيما يتعلق بالقضايا التي تنطوي على عناصر أخرى من القوة الأمريكية، مثل الدبلوماسية أو التجارة، فقد صاغ بايدن وجهة نظر أكثر طموحاً، ساعياً إلى تحمل مخاطر أكبر للنهوض بحقوق الإنسان. وخاطبت إدارته الصين مراراً حول ما تعتبره حملة إبادة جماعية ضد مسلمي الأويغور في شينجيانغ، على سبيل المثال.

وقال مسؤول دفاعي سابق مطلع على طريقة تفكير بايدن، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة: “هذه الأشياء تتعايش بشكل عام دون الكثير من التوتر.” وأضاف، “وفي أفغانستان، كانت هناك مقايضة.”

لقد تأثرت آراء بايدن، وبعض مساعديه، بشكل كبير من النقاشات الحادة حول التدخل في ليبيا وسوريا خلال إدارة أوباما.

وقال ستيفن بومبر، الذي كان يشغل منصب مسؤول كبير في البيت الأبيض في مجال حقوق الإنسان خلال إدارة أوباما وهو الآن القائم بأعمال مدير السياسات في مجموعة الأزمات الدولية، “أحد الحقائق التي تم إدراكها في العقدين الماضيين أن النهوض بسياسة حقوق الإنسان من خلال التدخل العسكري أمر بالغ الصعوبة.”

وأشار إلى التدخل في ليبيا عام 2011، والذي قُصد به حماية أولئك الذين كانوا ينتفضون ضد الدكتاتور معمر القذافي، ولكن أعقبه عِقد من الزمان من الفوضى وانعدام الأمن. ويظهر هذا الدرس جلياً أيضاً في أفغانستان؛ فعلى الرغم من المكاسب المهمة التي تم تحقيقها في مجال الصحة وحقوق المرأة، لم تستطع الجهود التي بُذلت بدعم من الولايات المتحدة على مدى فترة طويلة على تأمين سلام دائم.

وقال بومبر: “هذه هي التجربة الحية التي تتبدى لكثير من الأشخاص الذين هم الآن في قمة هرم السياسة الخارجية في هذه الإدارة”.

وقال بريان كاتوليس، الباحث في “مركز التقدم الأمريكي” ذي الميول اليسارية، إن سلوك الإدارة الأمريكية كان في بعض الأحيان مجرد رد فعل على الأحداث في الداخل والخارج بدلاً من صياغة أيديولوجية شاملة.

وقال “هذا يثير السؤال: ماذا سيكون موقفك عندما تنشأ حالة شديدة الخطورة؟”

لقد بدأت القوى العالمية يوم الثلاثاء، 17 أغسطس، بالتكيف مع الواقع الجديد لحكم طالبان حيث وصل الزعيم الفعلي للجماعة، عبد الغني بارادار، إلى البلاد لأول مرة منذ أكثر من عقد.

وخلال مؤتمر صحفي في كابول يوم الثلاثاء، قدم قادة طالبان رسائل تصالحية – قوبلت بتشكيك من قبل بعض المسؤولين والمحللين – تعهدوا فيها بعدم التمييز ضد المرأة أو بالسعي للسيطرة على وسائل الإعلام، وأشاروا إلى أنه سيتم “العفو” عن أولئك الذين عملوا مع الحكومة السابقة وقوات الحلفاء.

ومع استمرار إدارة بايدن في “تقييم” ما إذا كانت ستعترف رسمياً بطالبان كحكومة لأفغانستان، بدأت الدول الأخرى في تبني نهجها الخاص حيال ذلك.

وأشادت روسيا يوم الإثنين، 16 أغسطس، بحركة طالبان، حيث تربط موسكو علاقات طويلة الأمد مع الحركة على الرغم من أنها لا تُقر رسمياً بذلك. فقال ديمتري جيرنوف، السفير الروسي في أفغانستان، “الوضع سلمي وجيد وقد هدأ كل شيء في المدينة.” وأضاف “إن الوضع في كابول الآن تحت حكم طالبان أفضل مما كان عليه في عهد (الرئيس) أشرف غني”.

وفي غضون ذلك، قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن حكومته “ليس لديها خطط” بخصوص الاعتراف بحكومة طالبان.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس يوم الاثنين، 16 أغسطس، إن الولايات المتحدة ستقرر ما إذا كانت ستعترف بحكمها (طالبان) فقط بعد أن تظهر استعدادها لتشكيل حكومة شاملة للجميع، ومنع الإرهابيين من العمل على أراضيها.

وقال برايس أيضاً: “ما زلنا نعمل على تقييم ما حدث خلال الاثنتين وسبعين ساعة الماضية والآثار الدبلوماسية والسياسية على ذلك.”

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close