fbpx
تحليلاتقلم وميدان

3 سنوات بعد المجزرة: الغرب وحقوق الانسان

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تمهيد:

كلما حلت ذكرى أحداث مجزرتي رابعة والنهضة، اللتان وقعتا في 14 أغسطس/ آب 2013، وراح ضحيتها آلاف من المصريين بين شهيد وجريح عبر عملية ابادة جماعية لمتظاهرين سلميين بحسب التوصيفات الدولية، تتجدد التساؤلات حول الصمت الدولي ومدى مصداقية دعاوي انتصار الغرب لحقوق الانسان، والديمقراطية لا سيما أن هناك من يؤمل في كسب موقف غربي رسمي مناصر، وبعيدا عن ازدواجية المعايير، التي تتعامل بها القوى الغربية المهيمنة على النظام العالمي ( أميركا والاتحاد الأوروبي )، خاصة في ظل عدم محاسبة أي مسؤول أو حتى توجيه اتهام على مستوى الداخل المصري.

رغم مرور ثلاث سنوات فإن ردود الفعل الرسمية للفاعلين الدوليين لم تراوح على مدار هذه الفترة منطقة الشجب، والاستنكار والادانة، أو التعبير عن القلق ولم تدفع تجاه اجراء حقيقي على الأرض لمحاسبة الجناة.

أولاً: مواقف المنظمات الدولية

على مستوى المنظمات الدولية فقد توالت تقارير المنظمات التي وثقت وأدانت ما حدث في رابعة والنهضة، ويأتي على رأسها منظمة هيومن رايتس واتش، ومنظمة العفو الدولية.

1ـ منظمة هيومن رايتس ووتش:

في ملخص تقريرها الصادر في 12 أغسطس/ آب 2014 أشارت هيومن رايتس واتش إلى أن عمليات القتل لم تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب، بل إنها ترقى على الأرجح إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية، بالنظر إلى اتساع نطاقها وطبيعتها الممنهجة، وكذلك إلى الأدلة التي توحي بأن عمليات القتل كانت جزءاً من سياسة تقضي بالاعتداء على الأشخاص العزل على أسس سياسية، وجاء في أهم التوصيات الموجهة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تُشكل من خلال المجلس الأممي لحقوق الإنسان لجنة دولية لتقصي الحقائق بغرض التحقيق في كافة انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن أعمال القتل الجماعي للمتظاهرين منذ 30 يونيو/حزيران 2013، وكذلك تعليق كافة مبيعات وتوريدات الأصناف والمساعدات المتعلقة بالأمن لمصر حتى تتبنى الحكومة إجراءات لإنهاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مثل تلك المتعلقة بقمع المظاهرات السلمية إلى حد بعيد، ومحاسبة منتهكي الحقوق(1).

2ـ مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة

اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف تقرير مصر النهائي للمراجعة الدورية الشاملة لملف حقوق الإنسان، والذي اشتمل على أكثر من 300 توصية قدمتها 122 دولة من دول العالم لمصر بغية تحسين ظروف حقوق الإنسان، وقد اعتبر رافضو الانقلاب في مصر وقتها ذلك انتصارا كبيرا للملف الحقوقى المصري.

غير أنه منذ تاريخ اعتماد هذه التوصيات في نوفمبر 2014 لم يحدث ثمة تقدم في الملف الحقوقي المصري بل تفاقمت الانتهاكات حيث انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” وقت اعتماد مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تقرير مصر للمراجعة الدورية الشامل في 20 مارس 2015 ما وصفته “قمع غير مسبوق ومستمر تمر به مصر الآن لاسيما وأن الحكومة المصرية ومنذ الاستعراض الدوري الشامل في نوفمبر/تشرين ثان الماضي2014 ارتكبت انتهاكات أكثر(2).

3ـ منظمة العفو الدولية:

أشارت منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر عن مصر 2015/2016 إلى استمرار وضع حقوق الإنسان في التدهور، حيث فرضت السلطات بشكل تعسفي قيوداً على حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع السلمي كما أشارت إلى أصدار مئات من أحكام الإعدام الجائرة. وحول ما يتعلق بالإفلات من العقاب أشارت منظمة العفو إلى تقاعس السلطات المصرية عن إجراء تحقيقات فعَّالة ومستقلة ونزيهة بخصوص معظم حالات انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاستخدام المتكرر للقوة المفرطة من جانب قوات الأمن، مما أسفر عن وفاة مئات المتظاهرين منذ يوليو/تموز 2013(3).

ويرى البعض أن هناك قصورا في الملف الحقوقي من جانب رافضي الانقلاب في ثلاث مسارات هامة وهي مسار التوثيق ومسار المتابعة الجنائية ومسار جماعات الضغط، ومن الممكن عند تدارك القصور فيها أن يتم الوصول إلى محاكمة المسؤولين دوليا.

ورغم وضوح حالة حقوق الإنسان في مصر والإدانات والاستنكارات المتتالية والتوصيات الصادرة والحقائق الموثقة وتصاعد الانتهاكات المنهجية والمتنوعة لحقوق الانسان وقتل الآلاف واعتقال عشرات الألوف يثور على الدوام تساؤل حول مدى مصداقية دعم المنظومة العالمية لتحول ديمقراطي حقيقي والانتصار لحقوق الانسان؛ في ظل ما يؤمله البعض من أن ينتصر النظام العالمي (بمنظماته الأممية ومجالسه ومحاكمه الدولية التي يسيطر عليها) للديمقراطية وحقوق الإنسان في الحالة المصرية وفي غيرها، رغم ازدواجية المعايير على أرض الواقع، ومشاركة الغرب، وأميركا في انتهاك الديمقراطية، وحقوق الانسان في مناطق مختلفة من العالم وفي منطقتنا العربية تحديدا.

 

ثانياً: حقيقة الموقف الأميركي والأوروبي من الأحداث في مصر:

منذ اللحظات الأولى للانقلاب على الرئيس المنتخب (دكتور محمد مرسى) كان الموقف الأميركي والأوروبي واضحا، ويمثل استكمالا لذات المسار قبل الثالث من يوليو، والذي لم يكن مع الربيع العربي ولم يتعامل مع المنطقة بأسلوب جديد بعيدا عن الأسلوب القديم الذي يعتمد على الانقلابات العسكرية ولكنهم دعموا انقلابا خشنا وعنيفا، وامتنعت أميركا وأوروبا عن وصف ما جرى في مصر بأنه انقلاب عسكري.

ومع تصاعد انتهاكات السلطة وكبت الحريات والزج بالآلاف في المعتقلات ظل الموقف ثابتا ولم يخل الأمر من تصريحات دبلوماسية وتكتيكية ناعمة لمخاطبة الداخل الأميركي والأوروبي، وامتصاص غضب الداخل المصري، ليبدو الموقف الغربي أقرب إلى الترحيب بالانقلاب واعترافا به واعتبار عودة ما قبل الثالث من يوليو 2013 أمرًا مستحيلا.

إن المواقف الأميركية والأوروبية تجاه مصر والمنطقة تنحاز دائما مع مصالحها ومحكومة بهواجس ومصالح الكيان الاسرائيلي المحتل، والذي يري في وجود حكومة منتخبة، ورئيس منتخب بمرجعية وطنية واسلامية تهديدا مباشرا لوجوده، حتى وإن أكدوا على احترام معاهدة السلام واتفاقية كامب ديفيد- فالعملية الديمقراطية إن أتت بمن يعمل خالصا للمصالح الوطنية المصرية فإن ذلك سيتصادم مع مصالح الكيان الاسرائيلي المحتل والهيمنة الغربية في المنطقة.

لقد شهدت الثلاث سنوات السابقة وخاصة الفترة بعد تولي السيسي تأكيدا لدور الكيان الإسرائيلي المحتل، والدور الغربي الفاعل في الانقضاض على تجربة 25 يناير والانقلاب على الرئيس المنتخب والعمل بقوة على دعم مرحلة ما بعد الثالث من يوليو وقام الكيان الإسرائيلي المحتل بحض القوى الدولية على دعم رأس السلطة المصرية عبدالفتاح السيسي رغم الحالة الاستبدادية وانتهاكات حقوق الانسان التي انتجتها هذه المرحلة.

 

ثالثاً: ماذا يريد الغرب وأميركا من مصر؟

إن الهدف الذي يسعى إليه الغرب وأميركا وبطبيعة الحال الحليف الإسرائيلي هو السيطرة على مصر وابقائها قيد الهيمنة والتبعية، والحفاظ على ذلك بعيدا عن أي تغيير. يقول الدكتور حامد ربيع رحمه الله (والواقع أن هذا ينطلق من مقدمات معينه تدور حول أسلوب التعامل مع دول العالم الثالث، فأى حركة فى تلك الدول ترمى إلى تغيير الوضع القائم يجب أن تواجه بالعنف”(4)، إنها نوع من الإرهاب الدولى، كما يقول هيج عندما كان مسؤولاً عن وزارة الخارجية بهذا الخصوص: إن مفهوم مقاومة الإرهاب الدولى- وهو الاصطلاح الذى استخدم للتعبير فى العالم الثالث – يجب أن يحل فى اهتمامنا موضع مفهوم الدفاع عن حقوق الإنسان، وكذلك فإن مواجهة هذا الإرهاب الدولى يجب أن تتم من خلال استخدام القوة العسكرية، من العبث الحديث عن الإصلاح أو التقدم أو التجديد، الذى يعنى القيادات الأمريكية هو القدرة على الاستئصال الجسدى والعنصرى للقوى الثورية والقيادات الرافضة).

فهناك قناعة لدى هذه القوى مجتمعة أن مصر لو استطاعت أن تهيئ لنفسها قيادة حقيقية فهي مؤهلة لأن تجمع تحت رايتها الدول العربية بما يعنى ذوبان إسرائيل ووضع حد للنهب الاقتصادي الذي تمارسه القوى الغربية وأميركا(5). لذلك تري القوي الكبرى وأميركا أن الضمانة الوحيدة لمنع مصر من استعادة مكانتها ومحوريتها يستوجب الأخذ بوسائل السيطرة الكاملة وتأكيد التبعية، والهيمنة بما فيها الهيمنة المعنوية على الشعب المصري وشعوب المنطقة العربية.

إن الحالة المصرية ما بعد الثالث من يوليو 2013 وحتى مرحلة السيسي الحالية هي امتداد للمخطط الاستعماري تجاه مصر والذي يرتكز على اضعاف مصر في علاقة السلطة أو القيادة الحاكمة بالشعب، وكذلك اضعافها علاقتها بالمنطقة، وهذا ما تعيشه مصر فعليا عبر قبضة أمنية عسكرية تولد عنها الانتهاكات المتصاعدة للحريات وحقوق الأنسان، ويُعد هذا هو الوضع المثالي لاستمرار التبعية والهيمنة؛ فمصر في أضعف حالاتها فيما يتعلق بعلاقاتها العربية وكذلك علاقة حكامها بالشعب حيث اصبح التسميم السياسي يسري في دماء المشهد المصري.

وفي إطار ما يريده الغرب وأميركا من مصر هناك أسئلة تطرح نفسها لدي كثيرين في المشهد المصري منها: هل القوى الفاعلة في المشهد المصري سواء في الداخل أو في الخارج، والمعارضة والقوى الثورية بل وحتى السلطة تدرك طبيعة الموقف الغربي الأميركي وأبعاده الحقيقية؟ وهل تعتقد القوى الفاعلة في التيار الإسلامي والتيارات الوطنية الأخرى أنها ستكون محل ترحيب، وينتصر الغرب وأميركا متجردا للديمقراطية التي أتت بهم، ولحقوق الانسان التي انتهكتها السلطة في مصر، في ظل أحد ثوابت التيار الإسلامي والقوي الوطنية المتمثلة في رفض الاحتلال الصهيوني والتبعية والهيمنة الغربية الأميركية على مصر؟

هل من الممكن أن ينتصر الغرب وأميركا للديمقراطية وحقوق الانسان في مصر والمنطقة وفي ظل السلام الدافئ الذي تحدث عنه رأس السلطة في مصر والاندماج الكامل للسلطة، وهرولة دول إقليمية للتطبيع وإقامة التحالفات مع الكيان الصهيوني المحتل؟ وهل هناك إدراك بأن مطالب التغيير لأجل الديمقراطية وحقوق الانسان والعمل من أجل الاستقلال عن الهيمنة والتبعية يتصادم مع استراتيجية أميركا في مصر والمنطقة والتي تستوجب مواجهة أي تغييرات ومواجهتها والعمل على تصفيتها وتفريغ المنطقة منها ؟

ألا يفسر ما حدث ويحدث في دول الربيع العربي والمنطقة ويشارك الغرب فيه أسباب الصمت وغض الطرف تجاه القتل والقمع وانتهاكات حقوق الإنسان والديمقراطية؟ وهل تدرك الدولة المصرية ومؤسساتها الفاعلة أن ما يحدث في مصر الآن يمثل تطبيقا على الأرض لرغبة القوى الدولية في إضعاف مصر وأن النظام بذلك ينوب عنهم في القيام بمهمة تصفية القوى الإسلامية والوطنية الرافضة للإرادة الصهيونية الغربية؟

هل يعمل النظام في مصر وفقا لمبدأ كيسنجر القائم على أن الخطر الحقيقي في هذه المنطقة سوف يتمركز حول عدم القبول بالإرادة الإسرائيلية وأن القبول بالإرادة الإسرائيلية هو الضمانة الأساسية لاستمرار دعم الغرب وأميركا له وما يحدث على صعيد حقوق الانسان والديمقراطية وغيرها ما هو إلا نتيجة طبيعية لذلك؟

هل يدرك الجميع أن الغرب وأميركا ينظرون إلى أن استقرارًا من نوع ما في مصر إذا كان مطلبا ملحا لمصالحهم فإنه يجب ألا يكون من خلال من يمثلون هوية مصر الإسلامية ولكن من خلال القوى العلمانية التي تعمل وفقا للرؤية الغربية، ويفتقدون الظهير الشعبي وهذا ما يتطلب دعما من القوة العسكرية المهيمنة في مصر؟

ألا يطرح الانقلاب الفاشل الذي عاشته تركيا في الخامس عشر من يوليو/ تموز 2016 أسئلة ويقدم إجاباتها -من خلال أحداثه وما تكشف من الأدوار وردود الفعل الأميركية والأوروبية- لجميع القوى في مصر حول ما يريده الغرب وأميركا في مصر والمنطقة؟

 

رابعاً: الديمقراطية وحقوق الإنسان دعاوى وأدوات ضغط:

منذ الثالث من يوليو 2013 وما تلاه من أحداث قمعية ومجازر مروعة لأول مرة في تاريخ مصر بلغت ذروة الدموية في رابعة والنهضة وهناك من يؤملون دعم الحكومات الغربية وأميركا (عبر نافذة الديمقراطية وحقوق الإنسان) في ملاحقة النظام العسكري على جرائمه وانتهاكاته في حق المصريين، والدفع نحو مسار الديمقراطية والحرية. وفي سبيل ذلك تم اتخاذ خطوات متعددة عبر وسائل متنوعة ساهمت بدون شك في تعريف شعوب العالم بما حدث من النظام الحاكم في مصر ومثلت أيضا نوعا من الحرج للحكومات الغربية أمام شعوبها.

ولكن على مدار ثلاث سنوات مضت من السعي لمحاسبة النظام المصري على الجرائم التي ارتكبت وتقديم المسؤلين عنها للمحاكمة لم ينتج عن القوي الدولية سوي التصريحات والتوصيات على استحياء دون إجراءات عملية على أرض الواقع. وبرز من يري أن هذا التوجه لن يأت بثماره مع قوي النظام العالمي سواء على المدي البعيد أو حتى الأبعد وكذلك يري آخرون من أنصار النظام في مصر أن الغرب يحرض ضد مصر( النظام المصري) بحجة “حقوق الانسان”(6). وبين أصحاب الرؤي السابقة حول الموقف الغربي من قضايا حقوق الانسان والديمقراطية المنتهكة يقف الواقع وشواهد التاريخ.

إن الخطوات التي تمت حتى اللحظة مثلت ضغطا على النظام المصري في الغرب وقد شاهد الجميع آثاره، عبر البث الحي في مناسبات عدة؛ غير أن الغرب دأب على الاستفادة من ذلك فقط لدفع النظام في مصر لتحقيق مصالحه، ومصالح الكيان الصهيوني علي حساب الشعب المصري؛ فيستمر النظام في انتهاكاته وعلى جانب آخر يحقق ما يريده الغرب وأميركا عبر مزيد من الانبطاح للإرادة الخارجية، بما يضمن استمراره لو حساب المصالح الوطنية والثوابت الاستراتيجية، ووفقا لما سبق يتحقق ما أشرنا إليه حول ما يريده الغرب من مصر. أيضا وعلى جانب آخر فإنه لا تتحقق ثمة مكاسب لرافضي الانقلاب تدفع في اتجاه المسار الديمقراطي واحترام حقوق الانسان إلا ما يتماشي مع رغبات الغرب، في قضايا تتصادم في الغالب مع هوية الشعب المصري وثقافته الإسلامية، وبعيدة عن القضايا الأساسية التي لا تختلف عليها الثقافات والأعراف الإنسانية.

 

خامساً: ماذا بعد في ظل المشهد الحالي؟

إن مصر وغيرها من الدول العربية لن يُتركوا لينعموا بنظام حكم ديمقراطي رشيد ومن ثم لن يتحقق فيهم عدل أو انتصار لحقوق الانسان لأن ذلك يجعل منهم قوة استراتيجية كبرى، وهذا هو الخطر الأكبر على المصالح الغربية والأميركية ومصالح الكيان الصهيوني المحتل، لذلك فمستقبل الحرية وحقوق الانسان في مصر والمنطقة مرهون بقدرة المصريين وشعوب المنطقة على تحقيقه وفرضه على العالم فرضا لأن الغرب وأميركا يرون في نظم الحكم العسكرية العلمانية في بلد كمصر ضمانة لمصالحهم وأن أي محاولة للأنفكاك من التبعية والهيمنة من أجل الاستقلال الحقيقي سوف يعمل الغرب على مواجهتها وإفشالها ولعل أقرب مثال واضح على ذلك هذا الانقلاب الفاشل في تركيا في الخامس عشر من يوليو/ تموز 2016.

وعلى النظام الحاكم في مصر أن يدرك أن الاستمرار على نفس النهج لن يحقق سوي المزيد من الإخفاق والتردي على كافة الأصعدة وأن الحالة التي عليها النظام الآن والاستمرار في طريق الانتهاك لحقوق الانسان وتسميم العلاقة بين السلطة والشعب هي الحالة المثالية التي تسعى القوي الدولية لتخليقها في بلد محوري كمصر حتى تظل في حالة فشل وخاضعة للضغوط والإملاءات وواقع مصر السياسي، والاقتصادي خير مثال على حالة التردي والانهيار التي تعيشها مصر الآن، كما أنه من الصعوبة بمكان أن يضمن الاستمرار بهذا الشكل استمرارية للنظام لأن ذلك يخالف نواميس الكون وطبائع الأشياء.

إن المرحلة التي تعيشها مصر والأمة، في ظل موقف النظام العالمي الذي تقوده أميركا وحلفاؤها يحتاج من جميع الفاعلين العمل على وضع تصور لبناء جسور تواصل مع الكيانات المحلية والدولية والإقليمية المناهضة للتبعية والهيمنة وخلق علاقات مع القوى الشعبية والنخب الفاعلة إقليمياً ودولياً والرافضة للتبعية والهيمنة الغربية الأميركية، ولا سيما في الدول التي خاضت تجارب مشابهة للحالة المصرية ولا تعادى الفكرة الإسلامية وذلك عبر صياغة وتقديم مشروع حضاري مغاير وموازى للمشروع الأميركي الأوروبي.

كما أن هناك حاجة ملحة لإعداد مشروع وطني متكامل ورؤية للتعامل مع كافة مؤسسات الدولة السيادية وغير السيادية وكافة الأطياف السياسية والمكونات الفاعلة في مصر للخروج من هذا المأزق التاريخي بما يستوجب العمل على فتح خطوط تواصل مع كافة الشرفاء.

لابد أن يعي الجميع بأن المنطقة تمر بمرحلة تحول تاريخي وأن الصراع صراع من أجل التحرر والاستقلال ومن أجل تحقيق دولة العدل والحرية (7).

—————————

الهامش

(1) هيومن رايتس واتش، مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر، الموقع الرسمي للمنظمة، تاريخ الزيارة 1/9/2016.

(2) وكالة الأناضول الجمعة 25 مارس 2015

(3) تقرير منظمة العفو الدولية عن مصر 2015/2016، الموقع الرسمي للمنظمة، تاريخ الزيارة 1/9/2016.

(4) د. حامد ربيع، تحركات السياسة الأميركية على أرض مصر، الأهرام، العدد 735 بتاريخ 14/2/1983.

(5) د. حامد ربيع، احتواء العقل المصري، الأهرام، العدد 733، القاهرة 31/1/1983.

(6) الغرب يحرض ضد مصر بحجة حقوق الانسان، اليوم السابع، 24/4/2016.

(7) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

 

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close