ميلاد دولة النوبة البدايات والتداعيات
تمهيد:
في اصدار للمعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية بعنوان “النوبة ـ أزمة هوية أم قضية أقلية؟ (بتاريخ 25 سبتمبر 2016)، وبعد تناول النوبة في الجغرافيا والتاريخ والديموجرافيا، وعرض بدايات الازمة ومظاهر المشكلة وأسبابها، وفرضية المآلات، كانت الخاتمة هي “إن الانقسام الحاد الذي يعاني منه المجتمع حالياً، قد أدى إلى تمزق تاريخي وتفكك اجتماعي في ظل بنية اقتصادية مختلة، وكيان ثقافي مخترق، وتضليل إعلامي رسمي ينشر فكرة “إحنا شعب وأنتم شعب”، وما تبعها من ممارسات إقصائية، وقمع فكرى، وحديث دائم ومتواصل عن التجديد الفكري والثقافي، مما أدى إلى أزمة حادة في مكونات الهوية المصرية، وزاد الطين بلة عرض مشروعات حكومية بإعادة تقسيم الأقاليم المصرية بطريقة جديدة أثارت الكثير من المخاوف حول إعادة صياغة مكونات الأرض مما يؤدى إلى تقسيمها جغرافيا بعيدا عن فكرة الوادي والدلتا؛ وهذا يعتبر شرخا في أهم مكونات الهوية المصرية.”
وجاء هذا بناء على أحداث السنوات الأخيرة حيث هبت رياح ثورة 25 يناير 2011، وشارك فيها جميع المصريين في تلاحم تاريخي شمل جميع أطياف المجتمع وبالطبع كان الشباب النوبي في القلب منهم، ثم جاء المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري إلى الحكم، ولكنه لم يهتم كثيرا بالمشكلة رغم أنه من مواليد النوبة، وعند تشكيل الجمعية التأسيسية لدستور الثورة 2012، كان لأهل النوبة مندوبة في اللجنة، ولكن تم رفض النص على كونهم أقلية ولهم لغة قومية خاصة بهم، من منطلق أنهم مصريون وليسوا أقلية، وتحت ظل نظام الحكم العسكري بعد انقلاب 3 يوليو 2013، صدر دستور 2014 وفيه إقرار حق العودة للنوبيين إلى أرضهم حول بحيرة السد العالي حسب نص المادة 236، ولكن جاء قرار السيسي رقم 444 لسنة 2014 ليعتبر أرض النوبة منطقة عسكرية.
أولاً: تطورات الأحداث ومخططات التقسيم:
يبدو أن النظام المصري ماض في خطواته المرسومة وفق كتالوج محدد، لأنه فور صدور القرار 444 لسنة 2014، وحين بدأ أهالي النوبة في الحراك الشعبي والقانوني مطالبين بتعديل القرار وضمان حق العودة لهم؛ وعلى عكس المتوقع فقد أصدرت حكومة السيسي في أكتوبر الماضي “كراسة” شروط مشروع ” المليون ونصف مليون فدان ” وتقع ضمن مساحة هذا المشروع 110 آلاف فدان من أراضي النوبة القديمة تم طرحها للبيع في مؤتمر صحفي ترويجي لجذب المستثمرين.
وفى حين يصفه مسؤولون رسميون بالمشروع القومي، إلا أنه وتحت عنوان “العودة النوبية.. حلم بدده مشروع المليون فدان” (الخميس 24/11/2016) نشرت “الجزيرة نت” عدم الجدوى الاقتصادية والاستثمارية لمشروع المليون ونصف مليون فدان، والذى أعلن عنه السيسي من قبل، وذلك بناء على تصريح الخبير الاقتصادي “د. أشرف دوابة” بأن السلطة في مصر تُروج لمشروعات ليس لها أي جدوى على المستوى القريب أو البعيد. وتساءل دوابة: كيف يُقدم النظام على مشروع قوامه المياه وهو يعاني من ندرتها؟ وأضاف أن افتعال مشكلة النوبة لا يخدم تحسين الاقتصاد الذي يتطلب استقرارا سياسيا يجذب الاستثمارات”.
أما الكاتب الصحفي “أحمد القاعود” فقال: “إن النظام المصري يتعامل مع مواطنيه باعتبارهم تهديداً أمنيا لبقائه في الحكم. وأضاف أن المواطنين الذي يطالبون بحقوقهم يتهمون بالعمالة وتبني الأفكار الانفصالية. وحذر القاعود من استمرار اللعب على نغمة انفصال النوبة لإفقاد النوبيين تعاطف باقي المصريين. وأردف: “ربما يؤدي ذلك مع الوقت لانتشار الدعوة للانفصال بالفعل”.
وتوقعات الصحفي احمد القاعود قد تفسر ما ورد أن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق (عاموس يادلين) عام 2010 قد أعلن أنه قد ترك في مصر ألغاماً سياسية وعرقية وطائفية ستنفجر بعد رحيل حسنى مبارك كنزهم الاستراتيجي، وذلك حتى يصعب على من سيأتي من بعده حكم مصر، وأن تفجير النوبة هو أحد تلك الألغام.
“خطة تقسيم مصر” سبق وأن نشرها الدكتور حامد ربيع في سلسلة مقالات بعنوان “احتواء العقل المصري”، حيث كتب يقول: “لقد ظلت مصر دائماً في جميع مراحل تاريخها متماسكة، قومياً وسياسياً واقتصادياً، لماذا؟ التاريخ والطبيعة الجغرافية والتقاليد الحضارية تجيب على هذا التساؤل، ولكن ما هو أخطر من ذلك؟ هو أنه لم يكن من صالح الدول المستعمرة أو المحتلة تجزئة مصر، ستة آلاف عام ظلت خلالها مصر ومنذ عهد (مينا) دولة واحدة تعبر عن كيان قومي واحد.
ولكننا اليوم نعيش مرحلة فيها قوى دولية تطمع في مصر، ومن صالحها تجزئة ذلك الكيان فهل نحن على وعى بذلك؟ لأنها في نهاية القرن العشرين سوف تصير ثمانين مليوناً ولأن موقعها الاستراتيجي أضحى أكثر خطورة على مصالح القوى الكبرى، ولأن حقيقة الصراع الدولي تغيرت معالمه وخصائصه، ولو استطاعت مصر أن تهيئ لنفسها قيادة حقيقية فهي مؤهلة، لأن تجمع تحت رايتها جميع دول المنطقة العربية، وهذا يعنى نتيجتين: أولاً: انتهاء إسرائيل سواء باستئصالها واقتطاع وجودها، أو بذوبانها وابتلاعها. وثانياً: وضع حد لعملية النهب التي تمارسها القوى الدولية والشركات الكبرى المتعددة الجنسية في جميع أجزاء المنطقة العربية.
من يريد أن يعرف كيف تفكر القيادة الإسرائيلية، فليعد إلى كتاب “بن جوريون” الذي أنهاه قبل موته بعدة أشهر، والذي يعتبر وصية للجيل الذي أعقبه بعنوان “A Personal History ” ” تاريخ شخصي ” كتاب ضخم يقع في حوالي ألف صفحة يشرح فيه كاتبه من خلال حياته تطور وظيفة إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط.
إن المخطط العام الذي يسيطر على القيادة الصهيونية، وهو تجزئة المنطقة وتحويلها إلى كيانات صغيرة يسيطر عليها مفهوم الدولة الطائفية، ومصر هي الدولة الوحيدة التي سوف تقف عقبة في وجه هذا المخطط. ولكن هذا لا يمنع القيادة الصهيونية من أن تفكر في تنفيذ نفس السياسة أيضاً بصدد وادي النيل، بل إن المخاطر التي يتعرض لها هذا الكيان الصهيوني، لو ظلت مصر في تماسكها أولاً وفى تضخمها الديمقراطي ثانياً، وفى تقدمها العلمي والتكنولوجي ثالثاً هي قاتلة؛ والقيادة الإسرائيلية تعلم ذلك جيداً، فهل تقف صامتة؟
الخيال الصهيوني يتصور هذه التجزئة في أربعة محاور أساسية: محور الدولة القبطية الممتدة من جنوب بني سويف حتى جنوب أسيوط، وقد اتسعت غرباً لتضم الفيوم التي بدورها تمتد في خط صحراوي، يربط هذه المنطقة بالإسكندرية التي تصير عاصمة الدولة القبطية، وهكذا تفصل مصر عن الإسلام الإفريقي الأبيض وعن باقي أجزاء وادي النيل. ولتزيد من تعميق هذه التجزئة تربط الجزء الجنوبي الممتد من صعيد مصر حتى شمال السودان باسم بلاد النوبة بمنطقة الصحراء الكبرى، حيث أسوان تصير العاصمة لدولة جديدة دولة تحمل اسم دولة البربر. والجزء المتبقي من مصر سوف تسميه مصر الإسلامية وهكذا تصبغ الطابع الطائفي على مصر بعد أن قلصتها من عاصمتها التاريخية في الشمال وعاصمتها الصناعية في الجنوب. وعندئذ يصير طبيعياً أن يمتد النفوذ الصهيوني عبر سيناء ليستوعب شرق الدلتا بحيث تصير حدود مصر الشرقية من جانب فرع رشيد، ومن جانب آخر ترعة الإسماعيلية، وهكذا يتحقق الحلم التاريخي من “النيل إلى الفرات”.
ثانياً: النوبة ومراحل على طريق الأزمة
من اللافت للنظر في التاريخ النوبي الحديث هو الارتباط العضوي الشديد بين أهل النوبة والارض والتمسك باللغة والعادات والتقاليد الخاصة بهم دون تعارض أو تناقض مع كونهم ضمن نسيج مصري واحد؛ ويشهد التاريخ لهم بأن هجرتهم الاولى بعد انشاء خزان أسوان عام 1902 كانت طوعية، وكذلك هجرتهم الثانية بعد تعلية الخزان عام 1912، وعادوا بعدها إلى قراهم التي لم تغمرها المياه، وفى عام 1933 وبعد الهجرة الثالثة تم السماح لهم بالعودة إلى ارضهم والعيش في بيئتهم الطبيعية على ضفاف نهر النيل وصدر وقتها قرار بنزع ملكية الارض التي غمرتها المياه وصرف تعويضات لأصحابها.. ولكن هجرتهم الرابعة والتى انتهت عام 1964 كانت كارثية؛ فبالرغم من زيارة الرئيس جمال عبد الناصر للنوبة، ووعوده بالمستقبل المشرق والتنمية الشاملة على مدار عشر سنوات تالية؛ ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان وهو غرق أرض النوبة بشكل كلي، بالإضافة إلى أن المكان الجديد البعيد في صحراء “كوم أمبو” الشرقية كان مختلفاً تماماً عن البيئة التي تعود عليها السكان.
هذه الهجرة، التي قيل عنها مباركة، أفسدت حياة أبناء المجتمع النوبي وغيرت من عاداتهم وتقاليدهم، وأن تحديد مساحة ضيقة ومحددة لكل قرية بصحراء كوم امبو كان القصد من ورائه تعبئة هذا المجتمع في مساحة ضيقة حتى لا تتم عملية التوسع وبالتالي يضيق المقام بهم، مما يضطرهم إلي ترك قراهم والنزوح إلى مدن ومحافظات مصر للذوبان فيها، فخطط لمنطقة النوبة الجديدة بصحراء كوم امبو أن تكون منطقة طرد مستمرة، ولذلك تُركت دون أي تنمية صناعية أو حرفية، حتى لا تكون منطقة جذب واستقرار لأبناء النوبة. وكانت هذه هي البداية الفعلية لتغيير الطبيعة الديموجرافية والنسيج السكاني للمصريين من أهل النوبة.
وتحت عنوان “مصر مهددة بالتقسيم في النوبة وسيناء والصحراء” بتاريخ 17/10/2016، حذر رئيس “منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية”، النائب البرلماني سمير غطاس: “إن ملف النوبة يزداد سخونة يومًا بعد يوم، والشواهد على خطورة هذا الملف أنه يوجد في دستور 2014 نص يقول بإعادة النوبيين إلى أراضيهم ومنازلهم خلال عشرة سنوات، فكيف نعيدهم إلى منازلهم؟ وهذا معناه أن يسكنوا على بحيرة السد العالي، وبدأ بعض النوبيين يستغلون هذا النص الدستوري والسنوات مرت ويتبقى القليل، وإذا لم يتحقق هذا فسوف يتم تدويل القضية النوبية وسيتم تضمين هذه الشواهد الخطيرة”. و”كلام الاتحاد الأفريقي الذى لم يعد يتحدث عن الحضارة الفرعونية ولكنه يقول إن أصل إفريقيا الحضارة النوبية، وليصبح هناك تكريس لما يسمى بالحضارة النوبية والدولة النوبية التي لن ننكرها، ومن الناحية الجغرافية فإن النوبة مقسمة إلى نصفين؛ جزء في السودان وجزء في مصر، وهناك من يحرك تلك النعرة، ولذلك أحذر لأننا إذا غفونا عن هذا الموضوع فقد يكون مشروعًا لتفكيك مصر”.
ومع توارد الاخبار عن انطلاق “قافلة العودة النوبية” الثانية يوم 19 نوفمبر 2016، وسط استحكامات أمنية ومحاصرة كاملة من قوات الداخلية والشرطة العسكرية، وبينما كان السيسي يستعد للسفر في اليوم التالي إلى البرتغال، نشرت جميع وسائل الاعلام المصرية خبر” تكليف” السيسي للمشير طنطاوي، رئيس المجلس العسكري السابق، بالتوجه إلى النوبة لحل الازمة.
وعلى مدار القرن الماضي وحتى اليوم؛ كانت النوبة تمثل قنبلة موقوتة، وغضب شعبي كامن في وطن لا تهتم حكوماته كثيرا بمشاكل وهموم المواطنين المصريين خاصة ما يخص أبناء النوبة، وفيما يلي أهم الوقفات والحراك الشعبي النوبي منذ بداية التهجير عام 1902:
1ـ في عام 1933: ارتفع انين النوبيين بالشكاوى، وبعد أكثر من ثلاثين عاماً على بناء الخزان اصدرت الدولة القانون رقم 6 لسنة 1933 هـــ الخاص بنزع ملكية اهالي النوبة وتقدير التعويضات اللازمة لمواجهة كوارث أعوام 1902 و1912 و1932 الا ان القانون حفل ببنود مجحفة في حق النوبيين.
2ـ في عام 1936: في عهد حكومة مصطفى النحاس كان أول مطلب للنوبيين حمله نائب النوبة في البرلمان عبد الصادق عبد الحميد بعد الانتخابات. هي إعادة النظر في التعويضات التي صرفت للأهالي، ومنح أبناء النوبة أراضي صالحة للزراعة شمال اسوان وجنوب قنا بدلا من الأراضي التي أغرقتها مياه الخزان. والجدير بالذكر ان مصطفى النحاس قال عند القائه خطاب العرش في تلك الدورة البرلمانية (ستعمل الحكومة على إقامة مشروعات الري في بلاد النوبة تعويضا عما فقدوه وتقديم كافة الخدمات لأهلها).
3ـ عام 1947: تقدم النائبان النوبيان في البرلمان عام 1947 سليمان عجيب وشاهين حمزة باقتراح مشروع ربط سكة حديد مصر والسودان بتكلفة اربعة مليون جنيها مصريا ولم تأخذ الحكومة هذا الاقتراح بمحمل الجد، وهكذا تم فصل السودان عن مصر كما هو معروف فيما بعد.
4ـ عام 1960: كان من وعود الرئيس جمال عبد الناصر “إن الخير الذي سيعم على أبناء النوبة سيكون الخير الكثير لأنه سيجمع شمل أبناء النوبة جميعا على الأسس الصحيحة لبناء مجتمع قوي وسليم”.
5ـ عام 1964: في حركة من الاحتجاج الصامت والغضب المكتوم قام النوبيون بتسمية “نصر النوبة” باسم “وادي جهنم”، فخيالهم قدّر أن جحيم الآخرة لن يكون أشد من هذه المنطقة التي اختارتها حكومة الرئيس جمال عبد الناصر بديلا لهم عن قراهم التي أغرقها السد العالي، حيث تم تهجير 44 قرية خلال ستة أشهر من مايو 1963 حتى مطلع العام 1964. وحكومة الستينيات سمت منطقة المهجرين “نصر النوبة” كحال كل شيء كان يُسمى بمشتقات ناصر في عهد مصر الناصرية، لكن النوبيين لم يقتنعوا بالاسم الرسمي وظل “وادي جهنم” هو المتداول حتى الآن، ويعيش بها أكثر من 85 ألف نوبي، وفق آخر إحصاء لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار عام 2012. ( النوبة زينة النيل عدد خاص من الجزيرة نت )
6ـ في عام 1970: حاولت لجنة تقصي الحقائق المنبثقة من مجلس الامة المصري تبرير سوء حالة أهالي النوبة في صحراء كوم أمبو، وسجلوا هذا في المضبطة بتاريخ 5 يناير 1970؛ وكانت حجتهم أن ضخامة المشروع السبب في كل العيوب مع عامل الزمن وضيق الوقت نفس الحجة التي هي أقبح من ذنب، ومازالت التبريرات غير مقبولة مستمرة وكذلك الاستهانة بالنوبيين قائمة.
7ـ في عام 1979: شهد حراكا شعبياً نوبياً نتج عنه تشكيل اللجنة الوزارية للتنمية الشعبية، والتي قررت في جلستها المنعقدة في 28/2/1979م، تنمية النوبة حول بحيرة السد العالي، وقد أبدت القيادات النوبية آرائها علي أن يتم تعمير المنطقة بسواعد أبنائها، وتم رفع شعار (خلق مجتمع النوبة على أرض النوبة) وفى مقابلة للرئيس السادات مع القيادي النوبي عوض كرباش، أطلق السادات كلمته المشهورة التي دغدغت المشاعر النوبية دون نتيجة ملموسة حيث قال: “النوبة للنوبيين ياكرباش ونحن نقول بمليء أفواهنا النوبة للنوبيين مهما تآمر المتآمرون”.
8ـ عام 1987: تم تنظيم مؤتمر شعبي بالنوبة حضره رئيس الوزراء وقتها، وصرح بأنه سوف يتم إعطاء الأولوية لأهالي النوبة لتنفيذ مشروعات تعمير وزراعة شواطئ البحيرة. وهنا ولأول مرة صرّح بعبارة وهي: (تقرر إعطاء الأولوية لأهالي النوبة) بمعني أن هناك عناصر جديدة ستدخل المنطقة.
9ـ عام 1998: صدر تقرير لجنة الإسكان والمرافق بمجلس الشعب حول ضرورة إعادة التوطين للنوبيين، ولكن لم يتم أي تغيير.
10ـ عام 2008: نوبيون يعتصمون في القاهرة ويطلبون حق العودة للنوبة القديمة، ونوبيو المهجر يطالبون بتدويل القضية المطالبة بتدويل مشكلة النوبة.
11ـ عام 2009: قامت منال الطيبى (عضو جماعة المبادرين النوبيين) بإطلاق شعار “ثروات النوبة القديمة حق لنا”، وذلك يوم الأربعاء، 26 أغسطس 2009؛ بمناسبة الإعلان عن محمية طبيعية على أرض النوبة القديمة.
12ـ 2010: ظهرت فكرة تدويل مشكلة النوبة داخل مصر عام 2010، وسط مطالبات من الناشطة النوبية الحقوقية “منال الطيبى” مديرة المركز المصري لحقوق السكن، والتي تزعمت تدويل المشكلة النوبية، ودعت إلى اجتماع لحشد أصوات النوبيين ضد الحكومة المصرية أمام لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
13ـ عام 2011: شباب النوبة في ميدان الثورة يوم 25 يناير مع جميع أطياف الشعب المصري.
14ـ عام 2012: مندوبة النوبة تشارك في الجمعية التأسيسية للدستور ولكنها تنسحب بسبب رفض اللجنة وضع مواد مخصصة للنوبة مثل اللغة، وكان رفض أعضاء الجمعية خشية أن يكون ذلك يعنى وجود تمايز أو تباين بين جموع الشعب المصري في نسيجه الواحد.
15ـ عام 2012: ظهور حركة “كتالة” على المشهد في شهر نوفمبر 2012، وضمّت عدداً من سكّان النوبة، وكان أهمّ أهدافها بحسب ما يقول الرئيس التنفيذيّ للحركة “أسامة فاروق”: الدفاع عن الحقّ النوبيّ، وردّ كرامة النوبيّين بأيّ وسيلة كانت، حتّى لو باستخدام السلاح”.
16ـ عام 2013: ناقش الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، العديد من الملفات الخاصة بالشأن النوبي، والتي ذكرها المستشار محمد صالح عدلان، رئيس مجلس إدارة نادي النوبة العام، خاصة ملف إهانة فتيات نوبيات بأحد المعاهد الازهرية، وصرح شيخ الأزهر أنه يستنكر أي تمييز ممنهج ضد النوبيين.
17ـ عام 2014: تم عقد مؤتمر للمصالحة بين الطرفين تحت رعاية شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ورئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، في الأحداث التي وقعت بين قبيلتى “الهلايل” و”الدابودية” بأسوان في أبريل من العام 2014. وكانت المذبحة قد وقعت في منطقة السيل الريفي بأسوان بين القبيلتين بسبب خلافات الجيرة وتسببت في مصرع أكثر من 25 شخصا وإحراق وإتلاف عدد من الممتلكات بين الطرفين، وذكر قرار الإحالة الصادر من النائب العام وقتها المستشار هشام بركات أن المتهمين ارتكبوا جرائم التجمهر، والخطف، والقتل والحرق مع سبق الإصرار والترصد وحيازة واستخدام الأسلحة النارية والبيضاء في إزهاق الأرواح، والتمثيل بالجثث وحرقها.
وفي نفس العام، حذرت “حركة الضغط الشعبي”، من تصاعد الاحداث بأسوان، مُحذرة من تنفيذ مخطط تقسيم مصر من الجنوب. وقالت نسرين المصري، مؤسسة الحركة أن ما يحدث في أسوان عدم تقدير للمسئولية من قبل حكام مصر تجاه أهل النوبة، الذين تحملوا الكثير وتركوا بيوتهم وأراضيهم من أجل مصر خاصة أثناء بناء السد العالي. واستنكرت، ما تشهده اسوان من تجدد للاشتباكات، والتي خلفت 26 قتيلا، ومطالبة الدولة بسرعة التدخل الفوري لوقف نزيف الدم المصري، محذرة من تصاعد الازمة، خاصة في البوابة الجنوبية للبلاد، التي تمثل خطورة شديدة على مستقبل مصر. وحملت مؤسسة الحركة، وزارة الداخلية المسئولية الكاملة لنزيف الدم المستمر في مصر، في ظل فشل قيادتها في السيطرة على الاوضاع الامنية في البلاد، واكتفائها بغلق كل الطرق وتأمين منشآتها فقط.
كما اتهم النادي النوبي بالإسكندرية، أجهزة الأمن بمحافظة أسوان، بالتواطؤ مع “الهلايلة” لإبادة أهل النوبة، وذلك في المذبحة التي خلفت 26 قتيلا وعدد كبير من المصابين. وطالب النادي النوبي بالإسكندرية، بإقالة كل من محافظ أسوان ومدير أمن أسوان ورئيس المباحث لتقاعسهم عن القيام بالدور المنوط بهم، بعد الاشتباكات التي وقعت بين أبناء النوية وقبيلة الهلايلة. 07 أبريل 2014.
وفي عام 2014، كذلك، وفي أول رد فعل على التقسيم الإداري الجديد للمحافظات، أعرب “النادي النوبي” بالقاهرة ـ والذي يضم أكبر تجمع لأهالي النوبة ـ عن رفضه التام لاعتزام قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي تقسيم منطقة النوبة إلى ثلاث محافظات هي: أسوان وتوشكى والوادي الجديد. وذلك خلال مؤتمر “لا لانفصال النوبة، ونعم لتنمية النوبة” الذي عقد في مقر نادي النوبة بوسط القاهرة وهدد بتدويل القضية واللجوء إلى المحافل الدولية، إذا ما قرر السيسي المضي في مشروع تقسيم النوبة.
18ـ عام 2015: نظمت كيانات سياسية واجتماعية نوبية عدة من أسوان والقاهرة والإسكندرية والإسماعيلية والجيزة والسويس، وقفة احتجاجية، يوم السبت 23 مايو 2015 أمام مقر مجلس الوزراء، وسط القاهرة، للمطالبة بإصدار” قانون إنشاء الهيئة العليا لتوطين النوبة”، والاحتجاج على رفض رئيس مجلس الوزراء تحديد لقاء مع النوبيين لعرض عدد من المطالب المتعلقة بحقوق العودة وتعويضات النوبة التي أقرّها الدستور. وفى اليوم التالي مباشرة، جاء رد الامن المصري سريعًا، حيث قامت قوات الأمن والإدارة المحلية بمحافظة القاهرة، بإخلاء عدد من مساكن النوبيين في منطقة “كلوت بك” بمنطقة العتبة، وسط القاهرة. وقامت قوات شرطة قسم الأزبكية بتكسير محتويات المنازل وإلقائها في الشارع واحتجاز السيدات والأطفال، إلى جانب سيل من الشتائم من قبل رجال الشرطة، وفق نشطاء أكدوا أن رئيس حي العتبة، أهان الأسر، قائلاً “يلا روحوا على أسوان”. مما أثار حالة من الغضب الشعبي في وسط القاهرة.
19ـ عام 2016: قام عددً من أهالي النوبة بتنظيم وقفات احتجاجية، أمام مبنى الاتحاد النوبي بأسوان، وأمام مركز نظم المعلومات بنصر النوبة، ردًا على تمرير قانون 444 بمجلس النواب، مطالبين بإعادة مناقشة القانون بالبرلمان أو اللجوء للمجتمع الدولي، ورفع المشاركون لافتات بها عبارات مثل: “النوبة ضد قرار 444″، “القرار 444 يسرق أراضي النوبة القديمة”، “على الدولة احترام الدستور أو اللجوء للمحاكم الدولية”، “النوبة ليست للبيع”.
ثالثاً: قافلة العودة النوبية:
من بين القرارات التي أدت إلى تفاقم الأزمة خلال شهر نوفمبر 2016، وتصاعد الحراك النوبي: إهدار المادة 236 من دستور 2014 (حيث لم تُنفذ حتى الآن أو تتخذ أي قرارات مبدئية لتنفيذها)، والقرار الجمهوري رقم 444 لسنة 2014(وهو ما أضاع 16 قرية من قري النوبي القديمة باعتبارها منطقة عسكرية)، والإعلان يوم 18 أكتوبر2016، عن إطلاق المرحلة الأولى مشروع زراعة وتنمية 1.5 مليون فدان (وتضمنت الأراضي المطروحة للبيع 110 ألف فدان أراضي بمنطقة توشكي وفورقندي وهي أراضي يطالب أهل النوبة بالعودة لها لأنها أرضه التاريخية).
وكان الاعلان عن عرض أراضي النوبة للبيع ضمن مشروع الـ 1.5 مليون فدان بمثابة المحرك الرئيس لخروج شباب النوبة رافضين بيع أرضهم، ومستنكرين للشروط المجحفة لهم والتي شملها المشروع؛ والتي تكرس فعليا ضياع أمل العودة إلى ارضهم؛ وكان من بين شروط المشروع1: تخصيص 50% من أراضي المشروع لأبناء كل محافظة تقع فيها أراضي المشروع عن طريق إقامة شركة مساهمة بين صغار المزارعين والشباب، ولوزارة الري الحق في سحب الأراضي المنتفع بها، في حالة الإخلال بشروط استخدام المياه الجوفية أو عدم الجدية في الزراعة والالتزام بما يسمى بالتراكيب المحصولية، وتقوم الدولة باستصلاح الأراضي قبل توزيعها على الشباب، ويتحمل المستثمرين مصاريف استصلاح الأراضي الخاصة بهم، وتخصيص 20% من تلك الأراضي للشباب المصري بحق التمليك، وتخصيص 80% من الأراضي على المستثمرين العرب والأجانب بنظام حق الانتفاع لمدة 30 عام.
تصاعد الأحداث:
1ـ الدعوة إلى قافلة العودة النوبية (2/11/2016) حيث أطلق عدد من النشطاء “هاشتاج” بعنوان #ادعم_يوم_العودة”، لدعم عودة النوبيين لأرضهم، لتنظيم مسيرة سلمية يوم 5 نوفمبر، ورفعت الكيانات والحركات الشبابية النوبية شعار “هنفعل دستورنا”، معلنين رفضهم القاطع لبيع الأراضي النوبية التاريخية بحجج الاستثمار والتنمية والأمن القومي، مؤكدين أنه لا تنمية ولا أمن إلا بالإنسان المستقر وجدانه في وطن عادل، في ظل تحمل المواطن المصري النوبي لآلام وقهر أكثر من قرن.
2ـ اعتراض قافلة العودة النوبية الأولي (5/11/2016) بناء على دعوة الشباب النوبي، وعدد من الكيانات النوبية، تم اطلاق حملة «قافلة العودة النوبية»، لرفض بيع أراضي توشكي وفورقند القديمة، فيما تحركت 20 سيارة تحمل الشباب بلافتات مكتوب عليها «النوبة ليس للبيع – أرض النوبة لها ورثة – توشكي نوبية»، وبدأت رحلتها بتجمع شباب من 71 قرية بمركز نصر النوبة ومنطقة الشلال بمدينة أسوان طافت عددا من القرى، داعين أبناءها للمشاركة في المسيرة الرافضة لبيع أراضي النوبة القديمة.2
غير أن الأمن قام باحتجاز المسيرة عند كمين أبو الريش، وجمع بعض البطاقات الشخصية، فيما قام المشاركون في المسيرة بقطع الطريق السريع القاهرة ـ أسوان، قبل تدخل عدد من القيادات الأمنية لفتح الطريق، فيما قرر المشاركون الاتجاه بالمسيرة إلى ديوان محافظة أسوان.
3ـ اعتصام بالاتحاد النوبي بأسوان اعتراضا على بيع أراضي توشكي، حيث اعتصمت مجموعة مواطنين من أبناء النوبة بقرى مركز نصر النوبة وأسوان والمشاركين في “قافلة العودة”، اعتصاماً مفتوحاً داخل مقر الاتحاد النوبي العام بأسوان بطريق السادات التابع لحي جنوب مدينة أسوان، وذلك لمدة 3 أيام حتى الانتهاء من المدة التي حددها اللواء مجدي موسى، مدير أمن أسوان، لرفع مطالبهم لقيادات الدولة، وذلك بعد الاتفاق مع القيادات الأمنية علي فتح الطريق السريع.3
4ـ في (7/11/2016) عقدت الكتل النوبية بأسوان مؤتمرًا حاشدًا بقرية السيالة النوبية بمركز نصر النوبة، لمناقشة قضية حق العودة النوبية للأراضي التي هجروا منها وأيضا النظر في رفض أي إجراءات تتخذها الحكومة لبيع أرضي توشكي، ومنطقة فورقندي، وأوصى المؤتمر بالخروج يوم السبت الموافق 19 نوفمبر إلى منطقتي توشكي وفورقندي النوبية على ضفاف بحيرة ناصر بهدف قيام الدولة بالعمل على تفعيل المادة 236 من الدستور بإعادة النوبيين الكاملة للأراضي التي هجروا منها وإنشاء الهيئة العليا لإعادة تعمير وتوطين أهالي النوبة. 4
5ـ قوات الأمن تعترض قافلة العودة النوبية الثانية (19/11/2016) للمرة الثانية، أثناء توجهها إلى منطقتي توشكي وفورقندي، وقال المحامي محمد عزمي، رئيس الاتحاد النوبي العام في أسوان، إنه تم منع القافلة النوبية من التوجه إلى منطقتي توشكي وفورقندي بدعوى صدور تعليمات من جهات عليا بمنع مرور القافلة، مشيراً إلى أنه تم تحذيرهم بأنه سيتم التعامل معهم بالرصاص في حال محاولة المرور. وأكد حمادة سراج، منسق الحملة، إن القافلة بعيدة كل البعد عن أي توجه سياسي، وهدفها المطالبة بتنفيذ مواد الدستور بشأن حق عودة النوبيين إلى الأراضي التي هجروا منها ووقف بيع أراضي النوبيين على ضفاف البحيرة.5
6ـ تصاعد الأحداث وقطع الطريق ومحاصرة القافلة وحسب تصريحات رئيس الاتحاد النوبي العام، أنه عندما اعترض على منع القافلة من مواصلة طريقها وأن هذا مخالف للدستور… كان رد الأمن عليه: “اعتبرها بلطجة”. وانتقل الأمن للمرحلة الثانية وهي استخدام سياسة التجويع، ومنع الطعام والشراب.6 (وهو ما أكده اتصال هاتفي من النائب ياسين عبد الصبور النائب عن دائرة نصر النوبة في مداخلة هاتفية بإحدى الفضائيات المصرية)7، وبدأت محاولات مساومة المعتصمين على مرور الأتوبيسات السياحية في مقابل مرور الطعام والماء والدواء لهم.
7ـ نوبيون يقطعون السكة الحديد بأسوان احتجاجا على منعهم من السفر إلى منطقتي توشكي وفورقندي، وقاموا بقطع السكة الحديد، أمام مزلقان بلانة بمركز نصر النوبة، والطريق الزراعي “مصر-أسوان”.8
8ـ طالب النوبيون بتنفيذ خمسة مطالب أو الاعتصام المفتوح (20/11/2016) وجاءت المطالب على النحو التالي: سرعة فك الحصار الأمني عن الشباب المشاركين في القافلة وعدم الملاحقة الأمنية لهم في المستقبل، وسرعة رفع منطقة فورقندي وتوشكي من كراسات الشروط المطروحة للبيع ضمن مشروع المليون ونصف مليون فدان وعدم طرح أي منطقة نوبية في أي مشروع قومي قبل الانتهاء من توطين النوبيين وإعادة إعمار قري النوبة الأصلية، ومنح الأولوية في تملك باقي أراضي المشروع بمنطقة توشكي لشباب الخريجين من أبناء محافظة أسوان بشكل عام، وتفعيل المواد الدستورية (47) و(48) و(49) و(50) و(93) و(236) من دستور العسكر (2014)، وذلك من خلال إقرار قانون إنشاء الهيئة العليا لإعادة توطين النوبيين وتعمير وتنمية قري النوبة الأصلية مع تعديل القرار الجمهوري رقم 444 لسنة 2014 الخاص بتحديد المناطق المتاخمة للحدود بما يتفق مع نصوص الدستور وحقوق النوبيين بإعادة توطينهم علي كامل أراضيهم، ووقف كافة المشروعات الاستثمارية داخل مناطق النوبة الأصلية، والدخول في اعتصام مفتوح لحين تنفيذ مطالب قافلة العودة ورفض الممارسات الأمنية وحرصها على تكميم الأفواه.9
9ـ أصيب شابان من أبناء النوبة المقيمين بقرية الكرور التابعة لحي جنوب أسوان، بعد أن أطلقت عليهما قوات الأمن والشرطة العسكرية طلقات نارية بعد مشادة لمحاولة النوبيين قطع الطريق أمام قرية الكرور نهاية طريق السادات وبالقرب من خزان أسوان. احتجاجا علي منع قافلة أبناء النوبة المتجهة إلي توشكي من قبل قوات الأمن والجيش والمعتصمة الأن هناك وتم نقلهما لمستشفى أسوان الجامعي لتلقي العلاج.10 (وهو ما أكده عبد الصبور حسب الله في مداخلة هاتفية بالفضائيات )11، في حين صرح عوض عبدالظاهر، ناشط نوبي وأحد القيادات النوبية، قال إن قوات الأمن أطلقت وابلاً من الرصاصات النارية على الشباب النوبي المعتصم بتوشكى، وأصابت ثلاثة منهم. وأكد “عبدالظاهر” أن هؤلاء الشباب كانوا يمسكون الطبول ويغنون أغاني نوبية تتحدث عن الحضارة والأراضي النوبية.
10ـ استمرار المفاوضات مع أهالي النوبة المعتصمين على طريق أبو سمبل الدولي بدأت الأجهزة التنفيذية والشعبية بمحافظة أسوان بقيادة محافظ أسوان، ومساعد قائد المنطقة الجنوبية للقوات المسلحة، ونائب النوبة ياسين عبد الصبور في مفاوضات مع أهالي النوبة المعتصمين على طريق أبو سمبل الدولي منذ ثلاث أيام أمام الكيلو 43، احتجاجا على منعهم من السفر لتوشكي للاحتجاج على قرار طرح أراضي فورقندي للاستثمار.12
12ـ قال مصدر أمني في محافظة أسوان المصرية إن وزير الدفاع الأسبق المشير حسين طنطاوي التقى مسؤولين محليين بالمحافظة، لبحث تهدئة مواطنين محتجين على بيع أراضٍ من منطقة النوبة جنوبي مصر. وأضاف المصدر الأمني أن الاجتماع بين طنطاوي ومحافظ أسوان مجدي حجازي والنائب بمجلس النواب ياسين عبد الصبور في أحد فنادق المحافظة، ناقش وضع حلول لمشكلة اعتصام النوبيين بطريق أبو سمبل السياحي، باعتبار المشير طنطاوي من أبناء قرية أبو سمبل النوبية. ولم يفصح المصدر الأمني ذاته عن نتائج الاجتماع، ولم تعلن السلطة المصرية أنها طلبت من طنطاوي أن يكون وسيطا لحل الأزمة هناك.13
13ـ أصدرت الجمعيات النوبية بالإسكندرية بياناً جاء فيه: دعم ومساندة أبناءنا وأهلنا في القافلة النوبية للعودة، والمطالبة بالسماح للمعتصمين بحرية التنقل والتحرك وحصولهم على المواد الغذائية اللازمة كما نحمل كافة الجهات المعنية مسؤولية امن وسلامة المعتصمين وعدم ملاحقتهم أمنياً، وإجراء تحقيق فوري مع من أطلق الرصاص على أبناء النوبة المصريين وإعلان نتيجة التحقيق على الشعب المصري، وطلب اصدار قرار سيادي من القيادة السياسية يضمن حق النوبيين في العودة إلى أراضيهم؛ تفعيلا للمادة 236 من دستور مصر 2014، واستبعاد كافة الأراضي النوبية من المشاريع الاستثمارية حاليا ومستقبلاً، وإعادة النظر في القرار 444 لسنة 2014 وتعديلاته على ألا يتعارض مع حق النوبيين في العودة إلى أراضيهم، وعرض مشروعين بقانونين بحق العودة للنوبيين إلى أراضيهم وأنشاء هيئة عليا لتعمير منطقة بحيرة النوبة في الفصل التشريعي الحالي، ويعلن المجتمعون عن احتفاظهم بحقهم في تسيير قوافل إلى الجنوب في حال عدم الوصول إلى حلول عاجلة للمعتصمين خلال48 ساعة من تاريخه. مع اتخاذ كافة التدابير اللازمة لمواجهة موقف محتمل. وقد طالب المجتمعون باستخراج التصاريح اللازمة لعمل وقفة احتجاجية بالإسكندرية تضامنا مع مطالب أهلنا المعتصمين بالجنوب.14
14ـ تسليم بيان اجتماع أبناء النوبة بالقاهرة إلى مكتب رئيس الوزراء بحضور النائب عمرو أبو اليزيد والأستاذة جليلة جمال وكريمة صيام وشباب النوبة.15
15ـ رفض أبناء النوبة المعتصمون بالكيلو 45 قبل منطقة وادي كركر بأسوان، إرسال وفد منهم للتفاوض مع المشير محمد حسين طنطاوي، حول فض الاعتصام.قال ياسر عرابي، أحد المشاركين بالاعتصام، إن قوات الجيش أبلغتهم بطلب المشير طنطاوي لـ 10 متحدثين للتفاوض معه بالمحافظة، إلا أنهم رفضوا.16
16ـ قال أحمد سعد، عضو مجلس النواب عن مُحافظة أسوان، إن هناك أيادي خارجية وراء اعتصام أهالي النوبة وقطعهم للطريق. مشددًا على أنه لا يمكن “لي ذراع الدولة لتحقيق المطالب”.17
17ـ التقي القائم بأعمال السفارة المصرية في فرنسا وفداً ممثلاً لأبناء الجالية النوبية بفرنسا، للأعراب عن استياء الجاليات النوبية بالخارج وليس فرنسا وحدها بأطلاق النيران على المتظاهرين السلميين. وأن أي إطلاق نار مرة أخري يقابله رد فعل لا يعلم مداه إلا الله.18 كما التقي وفد للجالية النوبية بالكويت السفير المصري (23/11/2016) وتم تسليمه كتاب موجه إلي رئيس مجلس الوزراء المصري نيابة عن أبناء النوبة بالكويت.19
18ـ نظم عدد من أعضاء النادي النوبي بالإسكندرية وقفة أمام مقر النادي في شارع النبي دانيال، وذلك لإعلان التضامن مع القافلة النوبية في أسوان.20
19ـ قرر المعتصمون من أبناء النوبة على طريق أبوسمبل الدولي، تعليق احتجاجاتهم وفتح الطريق أمام حركة المرور، فجر اليوم الأربعاء، بعد إغلاقه 4 أيام متتالية، احتجاجًا على طرح أراضي فورقندي للاستثمار باعتبارها من حق أبناء النوبة فقط.وتأتى هذه الخطوة بعد اجتماع مع النائبين مصطفى بكري ومحمد سليم ليلة أمس، وإقناع المعتصمين بفض تجمهرهم على الطريق لحين رفع مطالبهم إلى رئيس مجلس الوزراء خلال أسبوع، وعدم ملاحقة المعتصمين على الطريق أمنيًا بعد ذلك.21
20ـ قال رامي يحيى منسق ائتلاف عائدون، إن “وعود رئيس الوزراء شريف إسماعيل بإعطاء الأولوية لأهالي النوبة في أراضي منطقة فورقندي غير كفاية”، مشددا على ضرورة إصدار قرار بذلك وعدم الاكتفاء بالوعود فقط. وأضاف أن “وعود رئيس الوزراء غير ملزمة”، منوها بأن “النوبيين يجب أن يكون لهم الأولوية لشراء أراضي فورقندي”. وقال: «مش من حق حد يقولنا ادفعوا عشان تأخذوا حقكوا، يجب توطين النوبيين في أراضيهم… وزي ما خرجنا منها للمصلحة العامة يجب أن نعود الآن”.22
21ـ في (29/11/2016) استنكر عدد من أبناء النوبة إلغاء الأمن لمؤتمر قافلة العودة النوبية، بنقابة الصحفيين، مشيرين أن هذا أضعف ثقتهم في تنفيذ مطالبهم التي تعرض خلال اجتماعهم برئيسي الوزراء والنواب. وعبر محمد عزمي، رئيس اتحاد النوبة العام، عن استيائه من إلغاء المؤتمر، قائلاً:” المؤتمر مش سياسي ولا يهدد الأمن العام، بس الدولة مش عايزة النوبيين يعلنوا عن مطالبهم”. وأضاف إن رفض الداخلية لإعلان لمؤتمر أبناء النوبة يعد بشرى سيئة بعدم الاستجابة لمطالبنا.وقال الناشط النوبي طارق يحيى: “إن استطاعت الدولة إلغاءه اليوم فلن تتمكن من إلغاءه عقب الاجتماع برئيسي النواب والوزراء”، مؤكداً على عدم سماح أبناء النوبة بإثارة الفتن فيما بينهم وعدم رغبتهم في الانفصال عن مصر.وأكد أن أبناء النوبة سوف يتخذوا خطوات تصعيدية شرعية في حال عدم تنفيذ مطالبهم، مضيفًا: ” المشهد النوبي بقى معروف عالميًا واعتقد إن مصر كلها ستعترض مش بس أهالي النوبة إذا كانت نتيجة اجتماع غدًا غير مُرضية”.23
22ـ التقي الأربعاء 30 نوفمبر 2016، وفد تنسيقي من أبناء النوبة مع شريف إسماعيل رئيس الوزراء، لتسليمه مذكرة تتضمن وقف كراسات الشروط الخاصة ببيع أراضي توشكي وفورقندي في المزاد العلني؛ لحين إنشاء الهيئة العليا لتوطين وإعمار بلاد النوبة طبقا للمادة 236. وأضاف الدكتور هشام جمال أستاذ الجغرافية السياسية بجامعة أسوان، أن هناك وفد فني وقانوني من أساتذة الجامعة وقانونيين ومستشارين من أبناء النوبة، بجانب القيادات النوبية، للجلوس على طاولة المفاوضات لتحديد القانون الخاص بإعادة إنشاء الهيئة العليا لتوطين وإعمار منطقة النوبة، وتحديد المواقع التي تتم فيها التنمية الشاملة لأبناء النوبة من مشروعات زراعية وسياحية وتعدين وصناعة وصيد، وهو الأمر الذي يتطلب وجود خبرات علمية أثناء التفاوض مع الوزراء المعنيين بهذا الملف.وأشار إلى أنه سوف يكون هناك لجنة استماع مشتركة ما بين أعضاء مجلس النواب والقانونيين والقيادات النوبية، لمناقشة مشروع القانون الخاص بالتوطين.24
23ـ في (30/11/2016) تم الاعلان عن لقاء بين رئيس مجلس النواب، وممثلين عن النوبة، إلى جانب عدد من أعضاء مجلس النواب عن محافظة أسوان، بمقر البرلمان لبحث أزمتهم خلال الأيام الماضية.25
وبعد الاجتماع مع رئيسي الوزراء والبرلمان، كتب الناشط النوبى أحمد صايم: انتهى منذ قليل لقاء ممثلي #قافلة_العودة_النوبية مع رئيس البرلمان أولاً ثم رئيس الوزراء ثانياً بوعود وكلام معسول دون الالتزام بجدول زمني او اقرار من رئيس الجمهورية. مع التوصية بتشكيل لجنة برئاسة نائب النوبة ياسين عبد الصبور لبحث مطالب النوبة!!! ‘والان منسقي القافلة في اجتماع تحضيري للخروج ببيان للرد علي رئيس الحكومة ورئيس البرلمان”.
وجاء بيان اللجنة التنسيقية بشأن اللقاءات التي تم عقدها بمجلسي النواب والوزراء، على النحو التالي: التقى اليوم ممثلي اللجنة التنسيقية لقافلة العودة النوبية بمرافقة النائب ياسين عبد الصبور مع كل من: السيد الدكتور / على عبد العال رئيس البرلمان، والسيد المهندس/ شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، وتم خلال الجلستين عرض ظروف وأسباب تحرك قافلة العودة النوبية ومنع الأمن لها، ومما استتبعه من احتجاجات داخل النوبة ووضح أعضاء اللجنة التنسيقية حرصهم التام على احترام سيادة الدستور وعدم خروجهم عن نصوصه.
كما قاموا بتوضيح المخالفات الدستورية التي تتم على الأراضي النوبية من خطط ومشروعات استثمارية دون الرجوع إلى أهالي المنطقة، حيث تقدم أعضاء اللجنة بالمطالبات الآتية: وقف كراسات الشروط الخاصة ببيع 110 الف فدان في منطقة توشكي فورقندي حتى يتم رفع منطقة فورقندي النوبية بشكل كامل من المشروع، وتمليك مساكن نوبيي مجرى خزان أسوان وتعلياته وتخصيص أراضي كظهير صحراوي لكل قرية بخطة زمنية محددة، والبدء في مناقشة مسودة مشروع قانون إنشاء هيئة تنمية وتعمير وإعادة توطين أهالي النوبة خلال الفصل التشريعي الحالي والذي سوف يتم تقديمه عن طريق النائب ياسين عبد الصبور خلال الأيام المقبلة، وطالبة رئيس الجمهورية بإنشاء لجنة فنية نوبية تشكل بترشيح أهالي النوبة تكون مختصة بمراجعة جميع الخطط والمشروعات الاستثمارية في نطاق منطقة جنوب السد العالي وتحديد نطاق الأماكن الخارجة عن حدود القرى النوبية. وتنتهي مهمة هذه اللجنة بمجرد صدور قانون إنشاء هيئة التوطين، وتعديل القرار 444 لسنة 2014 بما يحقق ضمان توطين القرى النوبية الواقعة في نطاق في أماكنها الأصلية.
وعليه وبعد مناقشات استمرت أكثر من سبع ساعات داخل أروقة البرلمان ومجلس الوزراء تم اعطاؤنا مجموعة من الوعود، أولها: تشكيل لجنة من مجلس الوزراء يكون السيد النائب ياسين عبد الصبور عضو بها بالإضافة إلى مجموعة من منسقي القافلة للاطلاع على الخرائط والاحداثيات الخاصة بمنطقة فورقندي لتقسيم حدودها استعدادا لرفعها من المشروع. ثانيهما: وعد الدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان بمناقشة مشروع قانون هيئة تنمية وإعمار وتوطين أهالي النوبة (ولم يحدد مخطط زمني لذلك) وقرر النائب ياسين عبد الصبور بأنه سوف يتقدم بمسودة مشروع القانون خلال الأيام القادمة. بعد مراجعتها قانونيا. ثالثهما: تم الوعد بالنظر في جميع المطالب الباقية وعرضها على محافظ أسوان ورئيس الجمهورية.
وقد صرح رئيس مجلس الوزراء بأن شركة الريف المصري لم يخصص لها أي أراضي حتى الآن داخل جمهورية مصر العربية وانه ما طرح هو مجرد افتتاح للمشروع، وان الأراضي النوبية للنوبيين بأولوية مطلقة
وقرر رئيس البرلمان بأن القرار 444 لم يعرض على البرلمان وانه قرار سيادي لا يجوز طرحه للتصويت، وأنه يمس الأمن القومي المصري.
وعليه فقد تقرر بإجماع الآراء تعليق جميع فاعليات #قافلة_العودة_النوبية لمدة شهر واحد من تاريخه لإتاحة الفرصة للدولة حتى تقوم بالوفاء بوعودها، وجميع ما ذكر بجلسات التفاوض.
رابعاً: قافلة العودة النوبية وردود الأفعال الرسمية نحوها:
1ـ جاء الحراك النوبى تحت مسمى “قافلة العودة النوبية” كنتيجة طبيعية لحالة الاستفزاز المستمر والمتوالي من الدولة لمشاعر النوبيين واصدار قرارات متوالية بالمخالفة لدستور 2014 والذي اعتبره اهل النوبة بداية تبشر بالأمل في نيل حقوقهم المشروعة والتي طال حرمانهم منها، وتعنى ببساطة شديدة حقهم في العودة إلى ارضهم والعيش في بيئتهم الطبيعية حول نهر النيل أو “بحر النيل” كما يحبون تسميته. ولكن الحراك هذه المرة كان له زخم مميز ومردودات سياسية ومجتمعية بخلاف جميع ما سبقه من فعاليات على مدى الخمسين عاما الماضية ومنذ كارثة الهجرة الرابعة عام 1964.
حيث تلاحظ أنه تمت الدعوة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بإطلاق هاشتاج بعنوان #ادعم_يوم_العودة لدعم عودة النوبيين لأرضهم، لتنظيم مسيرة سلمية يوم 5 نوفمبر، وكانت القيادات الشبابية في صدارة المشهد، وتم رفع شعار “هنفعل دستورنا”، رغم التباطؤ الواضح في الاستجابة كبار السن والشيوخ الذين عانوا آلام ومشاكل الهجرة بعيدا عن الأرض.
وكان هذا مؤشرا هاما على قوة التواصل المجتمعي واستمرارية الانتماء إلى الارض والتراث النوبي عبر الاجيال، في حين يراه بعض الرسميين انه دليل وجود جهات تقف خلف الحراك الشبابي.
2ـ تحركت القافلة الاولى يوم 5 نوفمبر 2016، وحين تصدت لها قوات الامن قام الشباب بقطع الطريق الرئيس أسوان / القاهرة، ولكن تمت التفاهمات الامنية، ليتوجه المتظاهرون إلى مبنى المحافظة بأسوان ويتم اصدار بيان، ثم الاتفاق على تأجيل القافلة.
وكان اللافت للانتباه هو الاتفاق مع الامن على تأجيل القافلة إلى يوم 19 نوفمبر نظرا للظروف الأمنية، وكان واضحا أن التأجيل كان لأسبوع بعد يوم الجمعة 11 /11 والتي تم الترويج لها بانها يوم انطلاق “ثورة الغلابة”.
3ـ رغم وجود تفاهمات مع الامن في القافلة الأولى، إلا أن قوات الامن قامت بمنع القافلة النوبية الثانية من التوجه إلى منطقتي توشكي وفورقندي بدعوى صدور تعليمات من جهات عليا بمنع مرور القافلة، وتم تحذيرهم بأنه سيتم التعامل معهم بالرصاص في حال محاولة المرور. وبالفعل قامت قوات الأمن والشرطة العسكرية بإصابة شابين من النوبة بطلقات نارية.
4ـ تم الاعلان في وسائل الاعلام عن صدور تكليف من السيسي للمشير طنطاوي بالسفر إلى النوبة لحل المشكلة، وتمت الإشارة إلى أنه قد اجتمع مع محافظ اسوان ومع قيادات النوبة، ولكن لم يصدر أي بيان رسمي عن تلك الزيارة، في حين أعلن الشباب عن رفضهم مقابلة المشير، في حين نشر النائب مصطفى بكرى على أن طنطاوي لم يذهب إلى اسوان في ذلك الوقت”.
5ـ غاب شيخ الازهر (وهو من مواليد قرية القرنة مركز الاقصر) تماما عن المشهد النوبي في الأزمة الحالية، في حين كان هو الفاعل الرئيس في حل المشكلة السابقة عام 2013، وقام بدور الوساطة في حل مشكلة الصراع الدموى بين قبيلتى الهلايل والدابودية بأسوان عام 2014. مع غياب دور النشطاء النوبيين الذين كان لهم دور بارز في المراحل السابقة خاصة فترة ما قبل انقلاب 3/7/2013، مثل مؤسس حركة كتالة، ومنال الطيبى مديرة مركز حقوق السكن وعضو المجلس القومى لحقوق الانسان، وغيرها. وجاء الحراك هذه المرة من الشباب بالداخل النوبى، بزعامة الناشط النوبى ياسر رمضان منسق حركة شباب توشكى والناشط عوض عبد الظاهر وقيادات شبابية نوبية أخرى.
6ـ استنكر عدد من خبراء الأمن تضامن المراكز الحقوقية مع اعتصام النوبة، باعتباره مشاركة في تفاقم الأزمة بين الطرفين بدلا من البحث عن حلول عاجلة لها أو ترك الأمر للجهات المختصة التي تتولى بحث الأزمة. وقال اللواء احمد عبد الحليم، الخبير العسكري، إن تضامن المجتمع المدني مع اعتصام النوبة خارج إطار عملهم الحقوقي، مشيرًا إلى أنهم يجب أن يلعبوا دور الوساطة بين النوبة والدولة في إيجاد حلول للأزمة بدلا من المساعدة على تفاقمها. وأضاف أن اتخاذ تلك المراكز هذا المواقف يلحق بها شبهة التمويل”. كما أ، تضامن العديد من التجمعات النوبية في الخارج مع الحراك النوبى (الكويت، فرنسا، أمريكا…) أتاح الفرصة أمام بعض المحسوبين على النظام العسكري لنشر اتهاماتهم للشباب النوبي بتلقي تمويل أجنبي لإثارة المشاكل الداخلية بالنوبة.
خامساً: نتائج الحراك النوبي “قافلة العودة النوبية”:
جاء بيان اللجنة التنسيقية وتعليقات النشطاء النوبيين يعلن أن الأزمة انتهت إلى وعود هلامية دون اتخاذ أية قرارات واضحة أو ملزمة للحكومة، وهذا الإعلان له عدة أسباب واضحة؛ وهي:
1ـ وعد بتشكيل لجنة مشتركة حكومية وأهلية وبرلمانية للاطلاع على الخرائط والاحداثيات لتحديد حدود أراضي أهل النوبة”، وهذا الوعد يعنى بوضوح أن أرض النوبة غير معروفة وغير محددة المعالم للحكومة المصرية في حين أن أرض النوبة معلومة ومحددة ومعروفة منذ أكثر من سبعة آلاف عام.
2ـ وعد رئيس البرلمان بمناقشة مشروع قانون هيئة تنمية وإعمار وتوطين أهالي النوبة (ولم يحدد مخطط زمني لذلك)”، وعدم وضع جدول زمني معلن لمطلب قديم منذ سنوات عديدة يعنى عدم الجدية في التنفيذ.
3ـ الوعد بالنظر في جميع المطالب الباقية وعرضها على محافظ أسوان ورئيس الجمهورية، وهنا يثار أكثر من علامة استفهام حول صلاحيات رئيس مجلس الوزراء وصلاحيات البرلمان طالما أن القرار سوف يكون من الرئاسة مباشرة.
4ـ تصرح رئيس مجلس الوزراء بأن شركة الريف المصري لم يخصص لها أي أراضي حتى الآن داخل جمهورية مصر العربية وانه ما طرح هو مجرد افتتاح للمشروع”، ومعنى هذا التصريح أن طرح “كراسة الشروط ” كان مجرد بالونة اختبار لردود أفعال أهل النوبة، ويعنى بالتالي أن الحكومة كانت تمارس عملية “نصب علني” على المستثمرين المصريين والاجانب.
5ـ إن الأراضي النوبية للنوبيين بأولوية مطلقة”، وكلمة ” الأولوية المطلقة ” شعار إعلامي، يبدو جيدا لأول وهلة ولكنه يحمل اشكالية تحديد جغرافية ارض النوبة والتي سبق وأن أعلنوا انها غير محددة الاحداثيات. كما أنه يعنى أن الارض سوف يتم بيعها لمن يملك المال من أهل النوبة وليس العودة الطبيعية لأرض الأجداد كما يطالب النوبيون منذ أكثر من خمسين عاما.
6ـ أعلن رئيس البرلمان بأن القرار 444 لم يعرض على البرلمان وأنه قرار سيادي لا يجوز طرحه للتصويت وأنه يمس الأمن القومي المصري”، وهذا يعنى نسف فكرة “حق العودة” من أساسه؛ لأن القرار 444 لسنة 2014 يعنى أن غالبية قرى أهل النوبة تدخل ضمن الأراضي العسكرية المحظور الاقتراب منها.
7ـ تعليق جميع فاعليات #قافلة_العودة_النوبية لمدة شهر واحد من تاريخه لإتاحة الفرصة للدولة حتى تقوم بالوفاء بوعودها وجميع ما ذكر بجلسات التفاوض”، وكلمة “تعليق” تعنى وقف الفعاليات، وتعنى التأجيل إلى موعد لاحق سوف يتم بالتأكيد منعه وإلغاؤه أمنيا لأنه يأتي مع ذكريات أحداث ثورة 25 يناير وما قد يصاحبها من فعاليات وحراك شعبى متوقع، وذلك قياسا على ما حدث من قبل حيث تأجيل فعاليات قافلة العودة الأولى 5/11 ترقبا لما كان متوقع من أحداث يوم 11/11 أو “جمعة ثورة الغلابة” كما كان يُطلق عليها.
سادساً: السيناريوهات المتحملة:
من واقع الرصد السابق تبرز عدة سيناريوهات، أولها التزام النظام بوعوده وتنفيذ ما ورد بالمادة 236 من دستور 2014 نحو حقوق أهل النوبة وانتهاء أزمة طالت لأكثر من قرن من الزمان. وثانيها استمرار مسلسل الاهمال والتهميش لأهالي النوبة وحقوقهم المشروعة في العودة إلى ارضهم. وثالثها، تطور الحراك الشبابي النوبي المجتمعي بالداخل ودعم من النوبيين بالخارج، وما قد يتبعه من السعي نحو التدويل ومن ثم تفعيل فكرة الانفصال واعلان دولة النوبة.
وبناء على القراءة التحليلية لأحداث “قافلة العودة النوبية”، ونتائج الحراك النوبي خلال شهر نوفمبر 2016؛ يتضح أن السيناريو الاقرب هو استمرار مسلسل الاهمال والتهميش لأهالي النوبة وحقوقهم المشروعة في العودة إلى ارضهم، وبالتالي فإن هذا سوف يؤدى إلى زيادة ونمو الحراك الشبابي النوبي وما يتبعه من إدارة القضية من المنظور الشبابى في تجمعاتهم على ارض النوبة وفى محافظات مصر وفى الخارج.
وفي إطار هذه الاعتبارات تظل خطوات النوبيين مدفوعة بالعجز عن إيجاد وسائل للتفاوض الحقيقي مع الدولة على حقوقهم المشروعة، وبالتالي وامتدادا للحراك السلمى والقانوني يجد النوبيون أنفسهم أمام تجربة وسائل مشروعة قانونيًا مثل اختصام الحكومة في الآليات الدولية، حيث أن الطرق حاليا تزداد انسدادا أمام النوبيين نحو حق المواطنة الكاملة واستعادة الحقوق المشروعة؛ ومن ناحية أخرى فإن القرارات الصادرة من الدولة بالمخالفة للدستور والتي تكرس لإبعاد أهل النوبة عن ارضهم وثقافاتهم، وما يتم من اجراءات أمنية نحو مواجهة الحراك الشعبي، أو ما يتم اتخاذه من مناورات سياسية للمماطلة والتسويف نحو حصول أهل النوبة على حقوقهم؛ كل هذا يؤدى إلى تهيئة المناخ نحو انفجار منطقة النوبة في اتجاه التدويل ثم المطالبة بالانفصال الفعلي، خاصة وأن المشهد الحالي يتصدره الشباب النوبي بتطلعاتهم وطموحاتهم إلى مستقبل أفضل.
مصادر إضافية:
1ـ د. مصطفى جاويش “النوبة أزمة هوية أم قضية أقلية؟”، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية (سبتمبر 2016)
2ـ د. محمد عمارة ” في المسألة القبطية: حقائق وأوهام، القاهرة، مكتبة الشروق، طبعة1، 2001.
3ـ مشاكل النوبة http://elnoba-elyoum.blogspot.com.tr/p/blog-page_16.html
4ـ مشروع برنارد لويس لتقسيم مصر – موقع طريق الاسلام www.islamway.net
5ـ م. محمد سيف الدولة ” الوثيقة الصهيونية لتفتيت الامة، الشعب
6ـ نوبيو المهجر يطلبون تدويل القضية، العربية نت.
7ـ د. حامد ربيع، احتواء العقل المصري، الأهرام الاقتصادي، العدد 733 القاهرة في 31/1/1983
8ـ النوبة زينة النيل ” الجزيرة نت
10ـ مصر مهددة بالتقسيم في النوبة وسيناء والصحراء، الصباح
11ـ منال الطيبى عضو جماعة المبادرين النوبيين، ثروات النوبة القديمة حق لنا، اليوم السابع، الأربعاء، 26 أغسطس 2009.
12ـ طنطاوي في النوبة لتهدئة محتجين، الجزيرة نت.
13ـ قافلة العودة النوبية حلم ترفضه الحكومات منذ 117 عاما (قدس برس)
14ـ على لسان أهلها.. تفاصيل اعتداء الأمن على معتصمي النوبة، المصريون
15ـ الناشط النوبي عوض عبد الظاهر في مداخلة على قناة الحوار اللندنية
16ـ الحكومة تطرح كراسة شروط المليون ونصف مليون فدان (اليوم السابع)
17ـ بالفيديو القصة الكاملة لاعتصام النوبة، مصر العربية 3/12/2016
18ـ مذكرة النائب مصطفى بكري 3/12/2016 للعرض على البرلمان بخصوص احداث النوبة
19ـ اليوم السابع().
——————————-
الهامش
(1)الأهرام الزراعي 31 يناير 2016(2)الشروق 5 نوفمبر 2016
(5)المصري اليوم 20 نوفمبر 2016
(6) مقال لكاتب من أبناء النوبة رامي يحي 20 نوفمبر 2016
(7)عمرو أديب التفاصيل الكاملة لأزمة أهالي النوبة 20 نوفمبر 2016
(8)اليوم السابع 19 نوفمبر 2016
(11)لميس الحديدي متابعة لتطورات أحداث النوبة 20 نوفمبر 2016
(12)بوابة الأخبار 21 نوفمبر 2016
(14)جريدة صوت النوبة 21 نوفمبر 2016
(15)جريدة صوت النوبة 21 نوفمبر 2016
(16)جريدة صوت النوبة 22 نوفمبر 2016
(18)جريدة صوت النوبة 22 نوفمبر 2016
(19)جريدة صوت النوبة 23 نوفمبر 2016
(20)مصر العربية 22 نوفمبر 2016
(21)اليوم السابع 23 نوفمبر 2016
(23)مصر العرابية 29 نوفمبر 2016
(25)اليوم السابع 30 نوفمبر 2016
(26) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.