قلم وميدان

الإنقلاب لماذا فشل في تركيا ونجح في اليمن

 

مقدمة

يعد الصراع بين الجانب المدني والعسكري من أهم المعضلات التي تواجه الديمقراطيات الناشئة في الدول النامية، ذلك أن معظم تلك الدول لم تتمكن من الخروج من عباءة التبعية المطلقة للغرب مهندس مصطلح الديمقراطية ومصدرها إلى كل الشعوب كتجربة إنسانية هو رائدها، وعلى الرغم من أن الديمقراطية هي أسلوب وليست هدفا بحد ذاتها إلا أنه ولعدة أسباب أصبحت الديمقراطية هدفاً بحد ذاتها في كثير من الدول النامية.

تركيا التي كانت تعتبر إلى عقد قريب ضمن الدول النامية تمكنت بعد جهد كبير أن تتخطى تلك المرحلة لتقف في المنتصف بين الدول النامية والدول العظمى، ساعدها في تغيير وضعها على المستوى الدولي تغيير نظرتها وفلسفتها نحو دورها في المنطقة، إضافة إلى النمو الاقتصادي الكبير الذي قاده حزب العدالة والتنمية منذ وصوله للحكم في 2002، ونتيجة للتغيرات الإيجابية التي حدثت على المستوى الاقتصادي تمكن حزب العدالة والتنمية من الفوز بثلاثة فترات انتخابية مكنته من أن يخلق أسباب رئيسية للاستقرار السياسي، لكن تركيا التي استقرت نسبياً في الجانب السياسي لم تكن بمأمن حقيقي من كابوس الانقلابات العسكرية المتكررة، والتي عملت على تقليص التطور في الجانب المدني بسبب التدخلات السافرة من قبل الجانب العسكري، والتي وصل الحد فيها في أحد الانقلابات إلى إعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس بتهمة خيانة الدولة، رغم أن تهمته اقتصرت على تغيرات مدنية لا تمس أمن الدولة بأي شكل من الاشكال.

محاولة الانقلاب الأخيرة كانت في 2003 واتهم فيها العقيد في الجيش التركي محرم كوسا، إلا أنه وبعد التحقيقات تم الإفراج عنه، لتدخل تركيا مرحلة الاستقرار النسبي الذي استمر حتى هذا العام 2016، والذي واجه تحدي سياسي لا عسكري عندما لم تتمكن الدولة التركية من تشكيل حكومة بسبب عدم حصول حزب العدالة والتنمية على العدد الكافي من الاصوات، كما لم تتمكن الفصائل السياسية المعارضة من الوصول إلى صيغة سياسية تؤلف بينها، وظنت تركيا أن تلك المعضلة هي أكبر معظلة ستواجهها في عقدها الحالي إلى أن تفاجأت بمحاولة الانقلاب التي تمت في الخامس عشر من يوليو 2016.

الإنقلاب الذي يعتبر الأقصر زمناً في تاريخ الانقلابات العسكرية في التاريخ الحديث يضعنا أمام سؤال حول أسباب فشله بتلك السرعة في حين حقق آثاراً مدمرة في بعض الدول العربية كمصر واليمن، اليمن التي أخذ الانقلاب فيها عدة أبعاد وعدة مراحل قبل أن يصبح حقيقة واقعة تعايشها الحكومة الانتقالية والشعب اليمني، في هذه الورقة نحاول أن نستجلي الأسباب الحقيقية التي قصرت عمر الإنقلاب في تركيا ليصبح فاشلاً، بينما عملت على توسيع رقعة تاثيره في اليمن ليصبح موقف تتعامل مع مختلف الأطراف الدولية؟

جذور الانقلابات العسكرية

رغم تعدد أشكال واهداف الانقلابات العسكرية التي حدثت وتحدث في مختلف دول العالم، إلا أن ثمة أسباب تعمل على تشكل الانقلاب ونجاحه في دولة ما، من تلك الأسباب ما يتعلق بجانب داخلي ومنها ماله علاقة بالجانب الخارجي، الجانب الداخلي الذي يدعم نشوء ونجاح الانقلابات في أي دولة هو عدم الاستقرار السياسي والذي يلقي بظلاله الثقيلة على مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى أن الديمقراطيات العسكرية والمزيفة تلعب دوراً كبيراً في إضعاف الجانب السياسي في أي بلد تتفشى فيه، فالجانب العسكري يتحرك بعقلية عسكرية تحول مؤسسات الدولة إلى ثكنات متحركة فتعطل الجانب المدني ولا يتطور المجتمع، بل تبقى العقلية البوليسية هي التي تحركه، فتنتشر الفتن والقلاقل، كما تنتشر الجريمة والفساد والانتهامات التي تطال الأفراد بلا استثناء.

وقد لا يتعلق أمر ضعف الجانب السياسي بالتدخل العسكري المباشر، بل قد يرتبط بشكل مباشر بالديمقراطيات الهشة التي تنشأ دون إرادة ووعي الشعوب، كأن تنشأ بدعم من الخارج، أو بدعم السلك العسكري نفسه، وبهذا تكون ممثلة للنخبة لا للشعب نفسه، بل وقد تعمل على استخدام الآلة العسكرية بمقدراتها لقمع الشعوب، متناسية أن الهدف الأساسي من إنشاء المؤسسة العسكرية هو حماية الشعب وليس النخب.

وهنا يبرز نموذجان يشكلان طبيعة الصراع بين الجانب المدني والعسكري في مختلف دول العالم، نموذج (جيش للدولة) ونموذج (دولة للجيش) في النموذج الأول تحاول السلطات المدنية أن تعيد تعريف دور مؤسسات الدولة وأهدافها بحيث تدعم الجانب المدني، وتنظر إلى الجيش باعتباره أحد تلك المؤسسات التي يجب أن تصب في مجال نمو الدولة وتقدمها، بينما في النموذج الثاني تحاول المؤسسة العسكرية أن تفرض نفسها على المشهد العام على مستوى الدولة بحيث تصبح هي حامية الدولة، وتعيد تعريف نفسها على أنها الجزء الأساسي في كل مؤسسات الدولة كون دورها يتعلق بجانب الأمن، ومن هنا تعمل بشكل مباشر وغير مباشر على تعطيل دور بقية مؤسسات الدولة، ومن هنا تبدأ اشكالية تخلف الوضع السياسي والاقتصادي الذي تمر به كثير من الدول التي تحدث فيها انقلابات.

جذور الانقلابات العسكرية ترتبط بجانب خارجي كذلك، يتمثل في دعم الأطراف الخارجية التي لها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة من تغير الأوضاع في البلد الذي يحدث فيه الانقلاب، والتدخل الخارجي لا يأخذ شكلاً مباشراً إلا في حال كان وضع الدولة أضعف من أن يجابه ذلك التدخل المباشر، إذ يتم التعامل مع بعض الدول على أنها أطراف تابعة لدول أقوى منها، لكن يتغير الحال مع الدول التي تمتلك مقومات الدولة كتركيا مثلاً، إذ أن الأطراف الخارجية على تعدد مستوياتها ومصالحها لا يمكن أن تعمد إلى التدخل المباشر، بل تلجأ إلى التدخلات غير المباشرة والمتمثلة بدعم أطراف داخلية هي من تقوم بتنفيذ الانقلابات أو الاضطرابات التي تحقق للأطراف الخارجية مصالحها.

خطورة تدخل الأطراف الخارجية لا تقتصر على دعم الأطراف الداخلية وحسب، بل على العكس تعد هذه الأطراف جزءاً لا يتجزأ من العوامل التي تضعف البيئة الداخلية، والتي تعمل على استمرار الضعف في الجانب السياسي من خلال تصارع القوى السياسية في البلد، أو من خلال سيطرة الجانب العسكري الذي يعمل على إلغاء العملية الاساسية برمتها كما هو حاصل في مصر.

بين المشهد التركي والمشهد اليمني

تركيا كدولة علمانية بشكل أساسي واجهت الكثير من الانقلابات بسبب الصراع بين التيارات المدنية والاطراف العسكرية التي كانت تبرر أي خطوة استباقية وأي انقلاب ضد الحكومات القائمة أو الحكومات المدنية بأنه جزء من دورها في حماية الأهداف الكمالية التي أسسها كمال أتاتورك نفسه في وقت سابق، وبهذا كانت تفسر أي عملية إصلاح تقوم بها الأطراف المدنية المنتخبة على أنها جزء من مخطط يُهدد الدولة التركية فيتم إسقاطها والالتفاف عليها، بل وإعدام بعض رموزها انطلاقاً من السلطات اللامحدودة التي يمتلكها الجيش باعتباره حامي الدولة ومنقذها في تركيا.

عاشت تركيا أربعة انقلابات عسكرية أفضت إلى تغيرات جذرية في البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية لعقود، كان أولها في في 1913 ضد الدولة العثمانية أو ما سمي حينها بانقلاب (الباب العالي) والذي نفذته مجموعة مقربة من جمعية الاتحاد والترقي وساهمت في سقوط الدولة العثمانية، الانقلاب الثاني كان في 1960 ويعتبر أول انقلاب عسكري ضد حكومة منتخبة ديمقراطياً وهي الحزب الديمقراطي، نفذ هذا الانقلاب مجموعة من ضباط القوات المسلحة وأفضى إلى اعتقال الرئيس “محمود جلال بايار” ورئيس الحكومة “عدنان مندريس” وبعض الوزراء، وتم محاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى وإساءة استخدام الأموال العامة وإلغاء الدستور، وتم الحكم بالإعدام على رئيس الوزراء عدنان مندريس ووزير الشؤون الخارجية، فاتن روستو زورلو، ووزير المالية، حسن بولاتكان.

الانقلاب الثالث كان في 1971 ويعتبر ثاني انقلاب في جمهورية تركيا، ويعرف باسم (انقلاب المذكرة) وهي مذكرة أرسلها الجيش إلى الحكومة بقيادة سليمان ديميريل منذراً فيها من ضرورة التحرك السريع لاحتواء تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلد، وانتهى الانقلاب باستقالة رئيس الحكومة ودخول تركيا مجدداً لحكم العسكر قبل أن تؤل الأمور إلى بولنت أجاويد الذي فاز على منافسه حينها عصمت أينونو.

الانقلاب الرابع حدث في 1997 ويعرف (بانقلاب ما بعد الحداثة) والذي نفذته جماعة سرية داخل الجيش عرفت بـ(جماعة دراسة الغرب)، وأفضى هذا الانقلاب إلى استقالة رئيس الوزراء نجم الدين أربكان من حزب الرفاه وإنهاء حكومته الإئتلافية والتتضيق بشكل كبير على الجانب الديني، وجاءت محاولة الانقلاب الأخيرة، 2016، في تركيا لتذكر الشعب التركي بالانقلابات المريرة التي تجرع ويلاتها على مدار العقود السابقة في تاريخه الحديث.

غير ان المشهد التركي يتفرد بعدة جوانب ساهمت في إفشال محاولة الانقلاب الأخيرة، أبرز تلك العوامل وجود الدولة، وترسخ مفهوم الديمقراطية على مدار العقد الأخير، إضافة إلى ظهور آثار الوعي السياسي والاجتماعي لدى القيادات السياسية والعسكرية في تركيا ولدى الشعب التركي نفسه، فردة الفعل غير المتوقعة والمتماسكة من قبل الشعب نفسه لوقف محاولة الانقلاب لعبت دوراً كبيراً في إفشاله من ساعاته الأولى، إضافة إلى أن الالتفاف الواضح من قبل مختلف الأطراف العسكرية والسياسية حول القيادة الديمقراطية المنتخبة ساهم إلى حد كبير في تدعيم موقفها أمام موقف الانقلابيين، وساعدها في استعادة دورها لتطيح بالانقلابين بشكل سريع.

ولعل ما يميز المشهد التركي إذا قورن بمشاهد أخرى ليست بعيدة عنه هو الحس السياسي العالي والوعي الديمقراطي المسؤول من قبل الإسلاميين والعلمانيين على حد سواء، ففي حين رأينا تضامن أطراف سياسية مصرية مع الانقلاب العسكري نكاية في الحركات الإسلامية لم نر تلك المواقف من قبل الأطراف السياسية، وقد يقول قائل ربما أن موقف الأطراف السياسية العلمانية لن يختلف كثير في حال تم الانقلاب بشكل كامل، لكن المشهد التركي العام والذي يتعلق بالإنسان التركي بصفة أساسية يوضح مدى نضوج الوعي السياسي الديمقراطي لدى الشعب التركي نفسه، فالأطياف العلمانية سارعت في التصدي للإنقلاب العسكري شأنها شأن التيارات الإسلامية، بل أن مختلف تيارات الحشود الغاضبة هتفت بالشعار الذي يصنف على أنه شعار اسلامي بامتياز.

اذا قارنا مشهد الإنقلاب التركي بمشهد الإنقلاب في اليمن سنجد أن كثيراً من العوامل التي ساهمت في إفشال الانقلاب في تركيا لم تتوفر في المشهد اليمنين ولذا كان انتصار الإنقلاب رغم عدم توفر كل مقوماته أمر وارد في المشهد اليمني، فالدولة موجودة بشكل قوي بمؤسساتها في المشهد التركي، بينما لم تظهر الدولة بشكلها الحقيقي في اليمن، ورغم ظهور مؤسسات الدولة والدستور والقانون إلا أنها بقيت مفرغة من دورها وأهدافها لتفرد طبيعة اليمن من الناحية الثقافية والسياسية.

فدولة القانون لم تظهر بسبب عوامل داخلية وخارجية، العوامل الداخلية تتمثل في العقلية القبلية التي تحكم الشريحة الأوسع من المجتمع المدني، ورغم ظهرو موجات تمدن كبيرة في المناطق الجنوبية والوسطى من اليمن إلا أن المشهد ككل بقي كما هو لم يتغير رغم مرور أكثر من نصف قرن على أول ثورة قام بها اليمنيون في 1962 للتخلص من الحكم الإمامي في اليمن، إضافة إلى أن تجربة الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية في اليمن لم ترق بأي حال من الاحوال لتمثل نموذج ديمقراطي حقيقي يمكن من خلاله أن نحدد ملامح الدولة اليمنية، وبعد الوحدة التي تمت في 1990 تم هدم آخر معالم الجانب المدني الذي كان يؤمل عليه في بناء دولة ما بعد الوحدة، لعبت عوامل دينية واقتصادية وثقافية في إضعاف التجربة التي ماتت فور ولادتها لتخلق حرب الانفصال في 1994، بعد ذلك آلت الأمور إلى يد الرئيس اليمني السابق الذي لم يكن سوى احد العساكر الذين لم يكملوا مراحل التعليم الأولى، وبعقليته العسكرية تحولت اليمن إلى ثكنة عسكرية لا تتوقف فيها الحروب لا في الشمال (حروب صعدة)، ولا في الجنوب (حروب القاعدة).

العوامل الداخلية لم تكن بمعزل عن تأثير العوامل الخارجية المتمثلة بتأثير السعودية وإيران وأمريكا، وكان لكل طرف حججه وأهدافه في تبرير ذلك التدخل السافر الذي أفضى إلى حروب أهلية، كما أنه تسبب في خسائر بشرية عالية كما كان يحدث بسبب عمليات الطائرات بدون طيار في بعض مناطق الجنوب في اليمن بذريعة ملاحقة قيادات من افراد تنظيم القاعدة.

وتتداخل العوامل الداخلية والخارجية في اليمن بشكل كبير، إذ ان غياب الدولة ارتبط بشكل كبير بغياب التجربة السياسية الناضجة من قبل الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة على حد سواء، غذى ذلك الغياب تأثير الأطراف الخارجية التي استفادت من غياب الدولة وأهدافها لتملي أهدافها ومصالحها على تلك الاطراف الداخلية التي كان معظمها لا يخرج عن إطار أهدافه الضيقة ولو على حساب الوطن، لذا عندما حدث انقلاب 2014 على يد الحوثي سقطت كل مؤسسات الدولة بسبب غياب الدولة، وبسبب وقوف فصائل الجيش مع الانقلابيين من الحوثيين نكاية بالقوى العسكرية الموالية للثورة، وبهذا وجدت اليمن نفسها في فراغ سياسي كبير أفضى بها إلى الحرب الأهلية التي لا زالت رحاها تدور حتى اللحظة مخلفة الكثير من الخسائر المادية والبشرية.

التدخلات الخارجية أخذت بعدها المباشر المتمثل بالعمليات العسكرية التي قادتها عاصفة الحزم، ناهيك عن الدعم المباشر وغير المباشر من قبل إيران لحركة الحوثي، إضافة إلى التلكؤ والتواطؤ الدولي المتمثل بالصمت الدولي تجاه الانتهاكات اللاإنسانية التي ينفذها الحوثي في مختلف المحافظات اليمنية، كما أن الموقف الضعيف للحكومة الشرعية التي فضلت خيار الهرب على خيار البقاء ليصبح دورها السياسي في الأحداث منتهي الصلاحية، كل هذه النتائج كانت تحصيل حاصل لتضافر العوامل الداخلية والخارجية التي ساهمت بشكل كبير في نجاح الإنقلاب في اليمن على النحو الذي رأيناه.

مقومات إفشال الانقلابات

لا يمكن أن يتوقف الإنقلاب قبل أن يحقق أهدافه في إسقاط الدولة التي يحدث فيها، ولم نسمع عن انقلاب عسكري توقف دون أن يخلق أضراره على المستويين السياسي والاقتصادي والأمني في الدول التي حدث فيها، لكن بعض الانقلابات يمكن أن تتوقف قبل أن تحقق أهدافها وتفشل، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بوجود عوامل داخلية بالأساس تعمل على إفشالها وأبرزها:

1ـ وجود الدولة القوية القادرة على إعادة تنظيم نفسها أمام أي محاولة انقلاب تقضي على وجودها، والدولة القوية تعتمد بشكل أساسي على تطبيق المبادئ الديمقراطية ليس وفق صيغتها الغربية، بل وفق صيغتها التي تتناسب مع الشعب الذي اختارها، بحيث تكون العدالة والتقدم والنمو أبرز ملامحها، لأنها بذلك تخلق علاقة إيجابية بينها وبين الشهب الذي انتخبها، والذي سكون مستعداً للتضحية من أجلها دفاعاً عن نفسه وعنها كما رأينا في المشهد التركي.

2ـ نضوج الوعي السياسي لدى الأحزاب السياسية والشعب، وهذا لا يكون إلا من خلال التركيز على تنمية الجانب العلمي بشكل أساسي، إضافة إلى نمو ونضوج الممارسة السياسية بمختلف مستوياتها، فالشعب الذي يرى أثر تصويته لهذا الحزب أو ذاك حتماً سيثق بالعملية الديمقراطية التي تخلق آثارها الإيجابية على واقعه كما يحدث في الدول الأوروبية وكما هو نموذج تركيا التي قطعت شوطاً كبيراً في التنمية على مدار ثلاثة عشر عاماً، بينما تبقى العملية الديمقراطية أشبه بمهزلة في حال تم تفريغها من أهدافها الأساسية كما هو حاصل في معظم الدول العربية.

3ـ تقنين دور الجيش وتفعيل أدوار مؤسسات الدولة بشكل متوازن وليس المؤسسة العسكرية وحسب، لأنه في حال لم يتم تقنين دور الجيش سيسهل استغلاله إما من قبل الخارج أو من قبل النخب العسكرية والسياسية نفسها، وفي حال تم تفعيل كل أدوار مؤسسات الدولة لن توجد ثغرة يمكن الاستفادة من خلالها في إضعاف البيئة الداخلية للبلد، وسيعمل ذلك على إضعاف تأثير الأطراف الخارجية على العوامل الداخلية لتمتلك الدولة مقومات تمكنها من الدفاع عن نفسها أمام تهديدات الداخل والخارج على حد سواء (1).

—————————

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى