خيارات السياسة التركية في كركوك
تصاعد التوتر في منطقة كركوك الغنية بالنفط، حيث تتقاطع الطموحات السياسية والتاريخية والمصالح الاقتصادية بين العرب والكرد والتركمان، منذ أن قامت قوات التحالف التي كانت تقودها الولايات المتحدة الامريكية بإطاحة النظام البعثي في العراق في نيسان / أبريل 2003. ومنذ ان تأسست الدولة العراقية الحديثة في عام 1921 كان كركوك جزءا أساسيا من الأزمة المستمرة بين بغداد والحركة الكردية. وقبل السبعينات من القرن العشرين، كانت الأزمة في كركوك تقتصر على المجتمعين التركماني وال الكردي فقط. في الحقيقة أن الأزمة بين الكرد والتركمان هي أزمة سياسية ذات طابع نخبوي متجسدة بالتناقض والصراع بين مصالح الحركة القومية التركمانية والكردية وهي حالة طارئة وحديثة ليس لها بعد تاريخي ومجتمعي. علما أن هناك ارتباط مجتمعي وصلات اجتماعية واواصر دينية وثقافية واقتصادية متينة بين القوميتين في كركوك. وتمتد جذور الازمة الحالية إلى رغبة القوى الخارجية لاستغلال التنوع العرقي في كركوك لتحقيق اهداف سياسية حيث لم يكن لأهل كركوك لا ناقة فيها ولا جمل. من الجدير بالذكر، يعود بداية الصراع بين السياسيين من القوميين الكرد والتركمان إلى الثورة العراقية التي اطاحت بالنظام الملكي في العراق في عام 1958. تشكل في العراق بعد الثورة قطبين سياسيين:
- قطب سياسي يميني يقوده البعثيون والناصريون العراقيون ويرتكز ثقله في المؤسسة السياسية العسكرية.
- قطب يساري يقوده عبد الكريم قاسم، رئيس الوزراء ويسانده الحزب الشيوعي العراقي.
اصطف القوميون الكرد بصورة عامة مع القطب اليساري بينما اصطفت الحركة التركمانية مع القطب اليميني. لذلك انتقل الصراع بين اليمين واليسار العراقي إلى كركوك واتخذت شكل مواجهات عسكرية وأدى ذلك إلى قتل وسحل العشرات من الشخصيات التركمانية ونهب بيوت ومحلات التجارية للتركمان من قبل الشيوعيين في كركوك وكان أكثرهم من الكرد. وبعد سقوط قاسم انتقم التركمان من الكرد من خلال محاكمة وإعدام الشخصيات الكردية المشتركة في أحداث19591 .
وكما شكل التركمان عصابة مسلحة باسم الكف الاسود واغتالت هذه المنظمة العديد من الوجوه الكردية في كركوك بدعم من الحكومة العراقية. ومن هنا بدأ الاحتقان العرقي بين الكرد والتركمان ولكن ظل هذا الاحتقان ايضا محصورة في النخبة.
وبعد تنفيذ سياسة التعريب خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين، من قبل نظام صدام حسين، أصبح العرب عنصرا هاما من الهوية الثقافية لكركوك أيضا. حيث جلب نظام صدام الالوف من أبناء العشائر العربية من الجنوب ووسط العراق وأسكنهم في مستوطنات عربية في داخل كركوك وأيضا تم زرع حزام عربي في الاطراف الشمالية والشرقية والجنوبية من المدينة.
كما أقدم النظام على طرد عشرات الآلاف من الكرد والتركمان من مناطق كركوك الغنية بالنفط لإحداث تغيير ديمغرافي في المحافظة. وتم اقتطاع العديد من الوحدات الادارية الكردية من كركوك والحق بالمحافظات الاخرى.
وحين طالب الكرد في مفاوضات سياسية مع بغداد في عام 1991 نظام صدام بكركوك قال صدام: «نحن لا ننكر أن كركوك كردية لكننا لا يمكن أن نعطيكم إياها لأنها قاعدة جاهزة لإعلان دولة… كل شيء إلا كركوك». وكان يلمح إلى الثروة النفطية في منطقة كركوك.
قبل أسابيع من ذلك اللقاء كانت بغداد استقبلت وفدا كرديا برئاسة جلال طالباني. وخلال نقاش حول كركوك سمع الوفد من طارق عزيز جملة بالغة القسوة عليهم وهي «ليس لكم في كركوك غير حق البكاء عليها». كما يبكي العرب من بعيد على الاندلس2 .
وبعد سقوط نظام صدام حسين وأثناء كتابة الدستور عام 2005 أدخلت مادة 140 إلى الدستور العراقي التي تدعو إلى تصحيح الوضع وازالة اثار التغيير الديمغرافي ونصت المادة على أن يتم تطبيع الاوضاع في كركوك كما كانت في الفترة قبل وقوع سياسة التعريب ومن ثم إحداث التعداد السكاني وأخيرا تقوم الحكومة العراقية بالاتفاق مع حكومة إقليم كردستان بإجراء استفتاء عام لتحديد مستقبل المناطق المتنازعة عليها (من ضمنها كركوك) والتي تقع ضمن مادة 140. لذلك أصبحت الأزمة في كركوك معقدة ولها أبعاد متعددة الأعراق وتداخلت فيها أجندات سياسية عراقية عامة واجندات للدول الاقليمية3 .
أولاً: بدء الأزمة والتوتر في كركوك
بمناسبة عطلة نوروز في العراق في 21 آذار / مارس 2017، رفعت حكومة إقليم كردستان العراق رسميا علمها إلى جانب علم العراق في دوائر مدينة كركوك. وقال نجم الدين كريم، محافظ كركوك من الاتحاد الوطني الكردستاني، في تصريحاته، إن “علم حكومة إقليم كردستان ليس فقط علم الكرد، بل هو علم جميع المكونات العرقية في كركوك، ونقول للذين يريدون إثارة الفوضى: “هذا العلم هو علم العرب والتركمان أيضا، وكردستان هو مكان للجميع “. وحذر المحافظ أيضا من أي محاولة لتحدى أوامره”.
وقد أثار هذا الحادث جدلا كبيرا بين مختلف الطوائف في محافظة كركوك، وأضاف عاملا جديدا للتدهور في العلاقات المتوترة أصلا بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان. ورأت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ضرورة الإدلاء ببيان حول هذه المسألة. وقد يكون من الصحيح القول بأن الأسباب الكامنة وراء هذا الأمر الواقع للجدل هي عدم تنفيذ وطبيعة المادة 140 من الدستور العراقي التي تناولت مسألة كركوك والعلاقات المتوترة بين محافظ كركوك وحكومة بغداد، وكما يشكل رغبة الكرد في تحقيق طموحاتهم التاريخية في كركوك جزءا من الازمة الحالية. وما لم تتم معالجة وضع كركوك سياسيا وقانونيا في حقبة ما بعد معركة الموصل، فإنه من الممكن أن يتحول إلى صراع أكثر حدة وعلى نطاق واسع. وسيعاني المجتمع التركماني أكثر من غيره من تبعات هذا الصراع. وهذا سيعزز بالتالي من قوة الميليشيات الشيعية المؤيدة لإيران، ويمكن للحكومة المركزية أن تتحرك لإعادة تثبيت سيطرتها في كركوك.
ويرى محافظ المدينة أن وضع كركوك يقع ضمن اختصاص المادة 140، ولذلك، ينبغي إدارة المحافظة في جهود مشتركة بين بغداد وأربيل. ونتيجة لذلك، يعتقد المحافظ بأن حكومة إقليم كردستان يحق لها استخدام سلطتها في رفع العلم الكردستاني على المباني الحكومية. وقد دافعت معظم الأحزاب الكردية عن عمل المحافظ واتهمت الحكومة المركزية بالإهمال المتعمد في تنفيذ المادة 140. وبالإضافة إلى ذلك اتهم المحافظ الحكومة المركزية بحرمان كركوك من حصتها المستحقة من الدولار البترولي واستغلال عائدات كركوك النفطية لتمويل الميليشيات الشيعية، والإنفاق على محافظات أخرى في العراق4 .
غير أن مكتب رئيس الوزراء العراقي يرى أن محافظ كركوك ليس لديه سلطة رفع العلم الكردستاني. وقال سعد حديثي، المتحدث باسم مكتبه، في 19 مارس، 2017 “يبين الدستور بوضوح صلاحيات حكومات المحافظات وسلطات الحكومة الاتحادية في بغداد. وكركوك هي واحدة من هذه المحافظات وبالتالي، فهي تقع في خارج إقليم كردستان، لا ينبغي رفع أي علم آخر على مؤسسات الحكومية غير العلم العراقي “5 .
واعتبرت زينب الخزرجي، عضوة البرلمان من كتلة دولة القانون التابع للتحالف الشيعي الوطني العراقي القوي، رفع علم حكومة إقليم كردستان بأنه انتهاك للدستور العراقي “لأن كركوك مدينة عربية” ودعا الحكومة إلى اتخاذ إجراء ضده 6.
وفي 1 نيسان / أبريل 2017 ترك أعضاء الكرد في البرلمان العراقي جلسة برلمانية بينما كانت تناقش قرارا بصدد رفع علم كردستان على مباني الدولة في محافظة كركوك. وافق البرلمان العراقي في هذا اليوم على قرار يدعو إلى ازالة علم كردستان في كركوك مؤكدا انه يجب رفع العلم العراقي فقط على المؤسسات الحكومية في جميع انحاء المدينة. كما قرر البرلمان ان الحكومة المركزية هي السلطة الوحيدة المخولة باستخراج وتصدير نفط كركوك7 .
وهددت الفصائل الكردية بمقاطعة جلسات البرلمان العراقي ما دام هذا القرار قائما. وقال المتحدث باسم حكومة اقليم كردستان إن قرار البرلمان العراقي الصادر بحق كركوك غير دستوري لأنها تنتهك مبدأ التوافق الذي بني عليه العراق بعد صدام. وهذا ما نصت عليها ديباجة المكتوبة في الدستور العراقي 8.
وفي نفس اليوم، أصدر مكتب رئاسة حكومة إقليم كردستان بدوره رداً قوياً على قرار البرلمان المذكور وجاء فيه “أن حكومة إقليم كردستان غير ملزمة بالقرار، ودعا مسؤولي بغداد إلى قبول كركوك كجزء من اقليم كردستان باعتباره امر شرعيا وواقعا على الارض”9 .
وفي إشارة واضحة أخرى على تحدي الحكومة المركزية، أصدر مجلس محافظة كركوك، الذي يكون الكرد الاكثرية فيها، إعلانا رفض فيه قرار البرلمان بشأن كركوك. واستند هذا الرفض إلى أن قرار البرلمان غير دستوري لأنه انتهك المادة 115 من الدستور العراقي الذي يحظر على السلطات الاتحادية، ولا سيما البرلمان، إصدار تشريع بشأن المسائل التي تدخل في اختصاص سلطات المحافظات. وقال ريبوار طالباني، رئيس مجلس محافظة كركوك بالنيابة، “إن مسألة رفع العلم في كركوك تقع تماما ضمن سلطة المحافظة”. وعلاوة على ذلك، فإن القرار ينتهك مبدأ توافق الآراء الذي ورد بوضوح في ديباجة الدستور، وقد اتفقت جميع الجماعات العراقية في الماضي على التقيد به. وطلب مجلس ادارة كركوك المنتخب من فؤاد معصوم، الرئيس الكردي للعراق، عدم التوقيع على قرار البرلمان العراقي 10. وطبقا للدستور فإن القوانين التي يصدرها البرلمان العرافي ستصبح تلقائيا قانونا بعد 15 يوما من اصداره.
إن توقيع الرئيس ليس إلزاميا من الناحية الفنية. ولكن لرئيس الجمهورية صلاحيات الممنوحة له في المواد 60،67، و68 لتأخير تنفيذ قانون أقره البرلمان. ومن المتوقع أن يحاول الرئيس معصوم مساعدة الأطراف على إيجاد حل توفيقي حول المسالة. ومن المتوقع أنه سيكون تحت ضغوط هائلة من الاحزاب الكردية للدفاع عن المصالح الكردية. وفي حال قيام الساسة العرب في الضغط عليه في بغداد أو رفض طلبه للاستجابة للمخاوف الكردية، من المرجح أن يقوم معصوم بتقديم استقالته، وهذا سيضع العراق في أزمة سياسية وقانونية خانقة وجدية.
وفي مقابل التأييد المطلق للكرد لرفع علم كردستان أبدى السكان التركمان والعرب على حد سواء في كركوك قلقهم البالغ وغضبهم من عمل محافظ كركوك لرفع علم حكومة إقليم كردستان في كركوك. وفى إعلان صادر عن الاطراف التركمانية اعتبروا هذا العمل انتهاكا صارخا للدستور العراقي ودعا المكونان العربي والتركماني بعثة يونامي التابعة للأمم المتحدة في العراق إلى نقل قلقهما الشديد للأمم المتحدة. وأشار حسن توران، نائب رئيس الجبهة التركمانية في العراق، إلى أن إدارة المحافظة “ارتكبت خطأ دستوريا”، مؤكدا أن حدود المنطقة الكردية وضعت في قانون و”كركوك ليست جزءا منها”. ووصف التركمان عمل المحافظ بإجراء من جانب واحد من قبل الكرد وأكد على أنه سيضر بالمصالحة الوطنية والوئام والسلام في كركوك التي عملت جميع الأطراف في الماضي على تحقيقها11 .
وكدليل على تزايد التوتر بين التركمان والكرد، دعا المكتب الإعلامي في الجبهة التركمانية في 25 آذار / مارس 2017 جميع التركمان إلى مقاومة رفع العلم الكردستاني في مكاتبهم ورفع العلم الوطني التركماني في أماكن عملهم ومنازلهم 12. وهذا قد يخلق وضعا متوترا وخطرا لأن التركمان والكرد يعيشون في أحياء مختلطة. علما أن المواجهة الدموية التي وقعت في تموز عام 1959 بين الكرد والتركمان وقعت في جو مشحون للغاية وهي اجواء متوترة تشابه إلى حد بعيد ما يحدث منذ 14 آذار / مارس 2017.
لم يكن عرب كركوك أقل حدة في التعبير عن معارضتهم الصريحة لرفع العلم الكردستاني في كركوك. وقال أحمد العبيدي، منسق المؤتمر العربي في كركوك، لمجلة مدى في 19 مارس / آذار إن “عملية رفع العلم الكردستاني هي بمثابة دق إسفين الموت للوجود العربي في كركوك”. لكن عرب كركوك أعلنوا أن معارضتهم لقرار المحافظ ستكون سلمية وضمن القانون، وقد صوت ممثلي كل من عرب وتركمان كركوك في البرلمان العراقي في بغداد بالإجماع على قرار البرلمان بحظر علم حكومة إقليم كردستان في كركوك 13.
ثانياً: المعارضة الخارجية لرفع علم كردستان في كركوك
يبدو ان هناك اجماع اقليمي ودولي لمعارضة رفع علم اقليم كردستان في كركوك. فقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حسين مفتواغلو، إدراكا منه لتطور الوضع الحرج في كركوك، في 20 آذار / مارس 2017، فإنه يرى أن رفع العلم الكردستاني في كركوك هو عمل أحادي الجانب وأنه “سيضر بجهود المصالحة ويزعزع الاستقرار ويهدد العراق… هذه المحاولات خطرة لأنها تسبب تآكل هوية كركوك المتعددة الثقافات، والتي هي جزء من الثروات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للعراق”14 .
وتعليقا على نفس الموضوع قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، ابراهيم كالين، في مؤتمر صحفي عقد في 31 مارس “إننا نقول إن هذا خطأ أيضا. وقد نقلنا رسائلنا إلى المسؤولين المعنيين في الاقليم. وقال إن هذه الخطوة يمكن أن تثير مصادر جديدة للتوتر العرقي ليس فقط حول كركوك ولكن في كل العراق”15 .
ووصف متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي تصريحات الحكومة التركية حول كركوك “بكونها تدخلا غير مبررا في الشؤون الداخلية للعراق”. وفي 21 آذار / مارس 2017 أصدرت بعثة يونامي إعلانا تحذيرياً من “أية خطوات أحادية الجانب التي قد تعرض للخطر الوئام والتعايش السلمي بين العديد من المجموعات الإثنية والدينية في كركوك”. واعتبر رفع العلم ضمن اختصاص السلطات الاتحادية في بغداد 116.
ولهذه الأسباب، فإن الحالة في كركوك حرجة، وتحتاج إلى اهتمام عاجل من السلطات والمنظمات الإقليمية والدولية. يذكر ان الوضع غير المستقر في كركوك مستمر منذ ما لا يقل عن عقد من الزمان ووصفه العديد من المحللين بأنه قنبلة موقوتة للعراق. وفي 3 آذار / مارس 2008، كتب جوست هيلترمان، مدير مركز مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، عن الوضع في كركوك قائلا “بعد غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في آذار / مارس 2003، كان ينظر إلى كركوك على أنها قنبلة موقوتة… كثيرون من الكرد وغيرهم – عادوا للعثور على منازلهم التي إما بيعت أو أعطيت للعرب القادمين من الجنوب، ويحاول الكرد تغير هذا الواقع مع سلطتهم المكتسبة حديثا في كركوك”.
هذا هو الحال منذ ذلك الحين، ووضع كركوك في العديد من الوجوه يشبه برميل من المتفجرات التي تنتظر شعلة لتفجيره. فمنذ عام 2003 وحتى الآن، كانت الحالة على وشك الخروج عن نطاق السيطرة في عدة مناسبات. وفي إحدى المناسبات في عام 2007، حين كان هناك توتر في المدينة، استطاع الرئيس السابق جلال الطالباني إقامة نظام فريد من نوعه لإدارة كركوك حيث يُعطي حصة متساوية في المناصب الحكومية للمجموعات الثلاثة المتنافسة: الكرد والتركمان والعرب. وأدى ذلك إلى تأخير انفجار الوضع المتوتر الذي كان يبني لعدة أشهر17 . وفي عدة مناسبات أخرى، كان تدخل أطراف ثالثة مثل الولايات المتحدة والدول الإقليمية وكذلك يونامي هو الذي أخر فتيل الازمة من الانفجار. ولكن يرى الكثيرون أن الازمة لها مقومات تصادم لا مفر منه بين مختلف مكونات كركوك. ومع ذلك، فإن القضايا التي تسبب التوتر بين المجتمعات المتنافسة في كركوك لم تعالج بعد بشكل جدي.
الوسائل الممكنة لتفادي التصادم
إن التاريخ المختلط لكركوك والطبيعة المعقدة والمتناقضة لأهداف الجماعات المتنافسة فيها تتطلب التدخل الدولي بكونه السبيل الوحيد لتحقيق سلاما عادلا ودائما للصراع. إن الصراع على من يملك كركوك لا يختلف كثيرا عن أزمة الموصل التي وقعت خلال الفترة 1923-1925 بين تركيا والعراق. ثم كما في الأزمة الحالية على كركوك، أولت الأطراف المعنية أهمية أمنية وتاريخية ونفسية للازمة لا مبرر لها والتي جعلت من الصعب التوصل إلى حل توفيقي. ولم تتم تسوية الأزمة في الموصل في نهاية المطاف إلا من خلال اللجوء إلى آلية التحكيم في عصبة الأمم.
ويدعو الدستور العراقي إلى إجراء استفتاء منفصل حول مستقبل كركوك كان من المفترض ان يعقد في نهاية عام 2007. وقد عمل كل من التركمان والعرب على الحيلولة دون تنفيذ المادة 140 والتي تدعو إلى تطبيع الاوضاع والاستفتاء حول مستقبل كركوك.
ويدّعي قادة المكونين العربي والتركماني أن السلطات الكردية في كركوك تورطت في عمليات تلاعب واسعة النطاق بالسجلات، وطرد العرب قسرا، وإعادة توطين الكرد من خارج كركوك في المحافظة لإحداث تغيير ديمغرافي 18. لذألك يرفضون الاستفتاء بدون تدخل خارجي ووجود قوي من السلطة المركزية في كركوك.
ويخلص ليام أندرسون وغاريث ستانسفيلد، استنادا إلى أبحاث ميدانية قاما بها في كركوك، إلى أن التوصل إلى حل وسط مقبول من جميع الأطراف أمر حيوي لاستقرار العراق في المستقبل، وأن العمل الأحادي الجانب في كركوك سيزعزع استقرار جميع العراق، ومن الضروري تدخل طرف ثالث لحل الازمة19 .
وكتب ريتشارد هول منبري أن “ما يحدث في كركوك يمكن أن يحدد مستقبل العراق” وبما أن حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية تعاني من حالة اقتصادية سيئة فلا يمكن لهما أن يتخليا بسهولة عن كركوك. علما أن عائدات النفط والغاز في كركوك ليست شيئا يمكن للأطراف الكردية والمركز أن تتخلى عنها بسهولة. إلى جانب ذلك، يحاول الكرد الاستفادة من مكاسبهم في المعركة ضد داعش لتحقيق مطالبهم الوطنية التاريخية في كركوك. وفي 22 شباط / فبراير 2015، أعلن مسعود بارزاني أن “حدود كردستان الحالية قد تحققت بالدم الثمين ولن نتسامح مع أي تغيير في هذه الحدود”20.
ومع ذلك، فإن محافظ كركوك، الذي هو أكثر دراية بالواقع الصعب للحقائق على الأرض، كان في السابق يدعو إلى فكرة أن يكون كركوك اقليما بحد ذاته ضمن العراق، على الأقل لفترة من الزمن. ويتفق صاحب هذه الاسطر مع هذا الرأي. ولكن فقط الاطراف التركمانية تؤيد هذا الطرح حاليا. ويبدو أن المحافظ قد استاء من تصرفات حكومة بغداد فهو يدعو حاليا إلى الربط الفوري لكركوك ضمن حكومة اقليم كردستان.
ومع ذلك، لا يزال هناك حاجة إلى تدخل دولي من أجل التوصل إلى حل معقول ودائم على أرض الواقع. ولهذا التدخل أسباب كثيرة. وقبل كل شيء، “السلطات التنفيذية” التي تشير إليها المادة 140 من الدستور العراقي هي الحكومة الاتحادية العراقية. وهذه الأخيرة مسؤولة عن تنفيذ المادة 140 بخصوص كركوك. ويجادل الكرد بأن الأنظمة العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 لم تكن مستعدة لتنفيذ هذه المادة، وأنها لم تلتزم بالموعد النهائي المحدد في الدستور لتنفيذ هذه المادة والتي انتهت في 31 ديسمبر / كانون الأول 2007.
كما أخفقت هذه الحكومات في اتخاذ أي تدابير ملموسة لتنفيذ أحكام المواد المتعلقة بالتطبيع ووتصحيح الخطأ الذي لحق بالسكان غير العرب في كركوك. وليس هناك ما يشير في الافق إلى أن الحكومة الحالية قادرة أو على استعداد لتنفيذ هذه المادة. ويعتقد ممثلي الكرد أيضا أن المادة 140 التي استبدلت نصا وروحا التوصيات، من قانون الخاص بالعراق لعام 2003 والذي اصدرته سلطة التحالف المؤقت في العراق. وينص البند الفرعي 2 (ب) من هذا القانون على ما يلي: “… إذا لم يتمكن مجلس الرئاسة من الاتفاق بالإجماع على مجموعة من التوصيات، تعين بالإجماع محكّما محايدا للنظر في المسألة وتقديم توصيات. وفي حالة عدم تمكن مجلس الرئاسة من الاتفاق على محكّم، يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين شخص دولي متميز ليكون المحكّم”.
وفي عام 2008، أعرب رئيس الوزراء في حكومة إقليم كردستان نيجرفان بارزاني عن استعداده لإعطاء كركوك وضعا قانونيا خاصا داخل إقليم كردستان 21.
ويبدو أن الرئيس العراقي ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني يذهبا خطوة أخرى، من خلال اقتراح أن يكون لدى كركوك نظام إداري مؤقت مماثل لذلك الموجود في بروكسل في بلجيكا، و”في مرحلة لاحقة يمكن حل مستقبلها من خلال التفاهم المتبادل واتفاق وطني بموجب المادة 140″. علما تضم منطقة العاصمة بروكسل كلا من المجتمعات الفرنسية والفلمنكية. وهي منطقة اتحادية متميزة في بلجيكا، حيث تعيش عدة مكونات عرقية معا مع فلندرز (الناطقة بالفلمنكية) والونونيا (الناطقة بالفرنسية)، وعلى الرغم من أنها محاطة جغرافيا من قبل فلاندرز، فهي منفصلة من الناحية المؤسسية عن ذلك وتتخذ تدابير محددة لحماية الثقافة واللغة حقوق كلتا الطائفتين داخلها. 22وفي العام 2011، دعا اياد علاوي، وهو سياسي عراقي وزعيم كتلة عراقية، إلى “وضع خاص” بالنسبة لكركوك من شأنه ان يبقيه تحت سيطرة بغداد، لكنه يمنح سلطات محلية اضافية23 .
وأخيرا، اقترحت بعثة يونامي في تقریرها النهائي الصادر في نيسان / أبريل 2009 للسلطات العراقية، سلسلة من الخيارات لکرکوك، بما في ذلك أن تصبح كركوك منطقة مستقلة أو نموذجا “مزدوج العلاقة” حیث سیکون لکل من الحكومة الفدرالية وحكومة إقليم كردستان بعض السيطرة عل کرکوك وربما تلعب دورا في إدارته .
وعند مراجعة جميع هذه الخطط لوضع كركوك في المستقبل، ليس من الصعب أن نلاحظ أن هناك حاجة إلى وضع نظام خاص لكركوك، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بتنازلات وتدابير متفق عليها بصورة متبادلة.
قبل تبني أية صيغة لحل الأزمة يجب أن نأخذ بعين الاعتبار خريطة القوى السياسية والعسكرية المهيمنة في كركوك والاهمية التي توليها كل هذه الجماعات لكركوك. ما عدا منطقة الحويجة العربية في غرب كركوك تخضع المحافظة لسيطرة المجموعات الكردية المسلحة في المحافظة. ولكن تستمر الحكومة المركزية في تجنيد تركمان الشيعة والعرب وحتى قسم من الكرد الشيعة في أطراف كركوك في الحشد الشعبي ولا تخفي الحكومة المركزية عن نيتها لاستعادة كل المناطق المتنازعة عليها بينها وبين حكومة الاقليم بعد معركة موصل. وتبدى الاطراف الكردية بدورها عن عدم استعدادها بالانسحاب ولو بشبر من هذه الأراضي. وأن كلا الطرفين غير مستعدان للمساومة، وينويان حسم المسألة بالسلاح أذا اقتضى الأمر.
ومن المعقول توقع مواجهة عسكرية بين بغداد وأربيل. وفي حالة وقوع المواجهات العسكرية تضطر تركيا والتحالف الغربي ضد داعش المؤيد للكرد بالتدخل لصالح الكرد، لأن إيران تهيمن على كافة مفاصل القوى في بغداد. ومن المتوقع أن يكون لقوات الحكومة المركزية الأقوى تسليحًا والمدعوم من إيران اليد الطولي في أية مواجهة عسكرية مع الكرد حيث أن القوى السياسية في الاقليم تعيش حالة التشتت وليس لها تسليح عسكري يضاهي ما هو موجود عند الحكومة المركزية. وهذا من شأنه أن يساعد على إرساء قبضة إيران على آخر معقل في العراق خارج سيطرته وتضع يدها على مدينة غنية بالنفط والغاز مع عدد كبير من السكان التركمان.
خيارات تركيا السياسة في كركوك.
بالنسبة لتركيا، فإن وضع كركوك وأمن تركيا في شمال العراق مرتبطان بأهداف سياستها العامة في العراق. ويشعر القادة الأتراك بقلق من أن يؤدي عدم استقرار العراق وتفككه إلى منح حزب العمال الكردستاني فرصة لتوسيع نفوذه في شمال العراق. وفي العقود الأخيرة اكتسبت تركيا مصالح اقتصادية وأمنية جمة في إقليم كردستان. فالبرزاني هو عنصر هام في الكفاح ضد حزب العمال الكردستاني أيضا. وعلاوة على ذلك، فإن حكومة إقليم كردستان وقائدها القوي عنصر هام في المعادلة السياسية الناشئة حديثا في الشرق الأوسط. إلى جانب ذلك، اكتسبت تركيا مصالح تجارية كبيرة، وخاصة الطاقة، في إقليم كردستان. ومن ثم، يجب الموازنة بين عامل التركمان وأهداف السياسة الاستراتيجية الأخرى لتركيا في العراق. ومن الجدير بالذكر قبل عام 2005 وظهور نتائج الانتخابات في العراق كان الحفاظ على مصالح التركمان أهم أهداف السياسة التركية في العراق ولكن حين تبين ان نفوذ الاحزاب التركمانية مبالغ فيها في الاوساط الرسمية التركية أصبحت هناك حاجة لإعادة النظر في هذه السياسة. وأصبح العامل التركماني أحد وليس أهم أهداف السياسة التركية في العراق 25.
واقتنع صناع القرار في تركيا أن بقاء العراق ككيان موحد غير مضمون. لذلك صارت هناك قناعة بأن لا تعارض تركيا وجود تركمان ضمن إدارة كردية، حتى وإن ألحقت كركوك ولكن يجب السعي لضمان موقع خاص لهم ضمن الإدارة الكردية، بشرط أن تكون الإدارة الكردية تؤمن الحدود من إرهاب حزب العمال الكردستاني26 .
ومع ذلك، فإن عامل التركمان له جوانبه الوطنية التي لا يمكن الاستهانة بها في السياسة الخارجية التركية. وقد كانت كركوك قضية هامة بالنسبة لتركيا منذ تشكيل ميثاقي ميلي عام 1920 ولا يزال يشكل جزءا من الوعي الوطني التركي. وكانت تركيا تأخذ مسألة تكريد مدينة كركوك في الماضي كمسألة جدية وفي عام 2005 كتبت الخارجية التركية تقارير إلى كوفي عنان تطالبه كأمين عام الامم المتحدة بالتدخل لوقف الكرد من محاولة محو الهوية التركمانية للمدينة 27.
وبحسب بولنت أراس، فإن فكرة الكرد الحاكمة في كركوك والسيطرة على احتياطاتها النفطية تلمس عصبا حساسا في الأوساط القومية التركية. ونتيجة لذلك، أثارت تركيا مخاوف بشأن التطورات الأخيرة في كركوك ومسألة رفع العلم الكردي هناك28 .
وقد قللت بعض المصادر الكردية من هذا الاستياء التركي الشديد اللهجة ضد محاولات الكرد لإلحاق كركوك من جانب واحد. وتعتقد الأطراف الكردية أن الموقف الحكومي التركي الصارم يعود إلى رغبة الحزب الحاكم لكسب أصوات القوميين الأتراك خلال الاستفتاء على نظام الرئاسة الذي تم تنفيذه في تركيا في أبريل الماضي29 . وترى تركيا أن التطورات في كركوك خطيرة للغاية. ووفقا لدبلوماسي التركي، “أن كركوك هي محور العراق، وأن مصيرها سيقرر مصير العراق، سيكون من الصعب جدا تصور العراق بدون كركوك “30 .
ومع ذلك، وبالنظر إلى التعقيدات الداخلية والأبعاد الإقليمية لقضية كركوك، اتبعت الحكومة التركية لحد الان سياسة يمكن وصفها، إلى حد ما، بأنها سياسة عدم التدخل المباشر والاعتماد على مسعود البارزاني لحسم المسألة فيما يتعلق بكركوك.
ويعتقد صانعو القرار في تركيا أن مصالحهم في العراق ستتحقق من خلال تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة هذا البلد وعلى تركيا أن تصر على حيادها. وحول تعليق القادة الأتراك على العمل الأحادي الجانب في كركوك صرح إبراهيم كالين، المتحدث باسم مكتب الرئاسة في تركيا “نحن نعتقد أن إثارة مسألة الاستفتاء والاستقلال لكردستان ستكون خاطئة خصوصا خلال هذه الفترة الحساسة… ونحن نرفض الإشارة إلى مثل هذه المسألة في أوقات المخاطر الأمنية الشديدة [في المنطقة]”، كما لفت الانتباه إلى أهمية الحفاظ على السلامة الإقليمية للعراق، وأشار إلى أن “انفصال العراق المحتمل وفقا للخطوط الإثنية والطائفية لن يقتصر آثارها السلبية فقط على أراضي العراق بل تنتشر على المنطقة وسوف يدفع الجميع ثمن مثل هذه الخطوة “ 31.
تركيا لديها قدرا هائلا من النفوذ على كل من التركمان والجماعات الكردية. إن التواصل مع الزعماء الكرد والتركمان من خلال سياسات الجزرة والعصا هو أحد الطرق لتحقيق تنازلات الصعبة والضرورية من جميع الاطراف. وستساعد مفاوضات المائدة المستديرة لجميع الأطراف التي لها مصالح في كركوك في تركيا أو اجتماع ترعاها تركيا بين جميع الزعماء الكرد والتركمان في أربيل على التوصل إلى الحلول التوفيقية المطلوبة.
ويعتقد هذا الكاتب أن ديناميات القوى الناشئة في العراق في فترة ما بعد داعش والتأثيرات الإقليمية والخارجية ستحول دون الحفاظ على وحدة العراق كدولة موحدة أو إعادة ظروف ما قبل عام 2014 في العراق. يجب على تركيا أن تنظر بنظرة واقعية إلى الأمور وتحاول أخذ المبادرة من خلال إيجاد أساليب ثورية للتعامل مع العراق بطريقة تبقيها موحدة ولكنها تمكّن الكرد والتركمان والعرب السنة بعض القوة والاقتدار ازاء سلطة بغداد المهيمنة عليها من إيران.
علما أن الموقف الإيراني الحالي والمستمر في إضفاء الطابع الإيراني على النظام السياسي في العراق، سيترك للعرب السنة والكرد والتركمان خيارات محدودة جدا.
الاتجاه السائد بين الكرد والعرب غير الشيعة هو البحث عن ترتيب جديد في علاقة السلطة مع النظام الذي يهيمن عليه الشيعة في بغداد. إن إصرار برزاني على الاستفتاء في القردستان هو انعكاس واضح لهذا الواقع. وهناك نسبة كبيرة من قيادات العرب السنة تفكر بنقس الطريقة. ومن مصلحة تركيا ان تحصل على دعم المجتمع الدولي لرعاية مؤتمر دولي حول العراق لبحث اتفاقية محتملة لتقاسم السلطة من شأنها تحقيق سلام دائم في العراق. ومن المستحسن تشجيع العرب السنة والكرد على تشكيل نظام اتحادي قد يتعايش مع النظام الشيعي في بغداد على أساس كونفدرالي وستمكّن هذا النظام العرب السنة والكرد والتركمان بعض القوة. وستكون النظام الفيدرالي الكردي-السني العربي بمثابة حاجز بين تركيا والمنطقة التي تسيطر عليها إيران في العراق. هذا النظام السني -الكردي ستكون منطقة معتمدة على تركيا من جوانب عدة وتخدم مصالح تركيا الامنية والاقتصادية.
وبالإضافة إلى ذلك، سيسهل هذا النظام تخفيف الكثير من المعاناة والتهميش السياسي للتركمان الذي ما برح قائما منذ إنشاء العراق الحديث 32. وفي مقابل دعم تركيا وقبولها للكيان الكردي الجديد في العراق، ستطلب من حكومة إقليم كردستان أن تُقيم شكلا من أشكال الشراكة مع التركمان في شمال العراق. وسيكون من المستحسن وجود شكل من أشكال الاستقلال الثقافي والاداري للتركمان في كركوك وغيرها من المناطق المختلطة. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تكون حقوق التركمان مكرسة في دستور الاقليم. علما أن هناك في أربيل، نموذج لا بأس به للتعايش بين التركمان والكرد بطريقة سلمية. وقد تم الحفاظ على الحقوق الثقافية والسياسية للتركمان إلى حد ما في أربيل33. وينبغي تعزيز ذلك وتوسيع نطاقه ليشمل المقاطعات التركمانية الأخرى.
ولكي تلعب تركيا دورا أكثر فاعلية في الحل السلمي في كركوك، يجب أن تساعد الكرد والتركمان على إيجاد تدابير لبناء الثقة. إن إعطاء بعض المناصب الادارية التنفيذية العليا في كركوك وفي حكومة إقليم كردستان للشخصيات التركمانية من الجبهة التركمانية، وتخصيص بعض الأموال في حكومة إقليم كوردستان للحفاظ على الثقافة التركمانية، وجعل اللغة التركمانية اللغات الرسمية الثانية، ستكون مداخل جيدة لمعالجة بعض المخاوف التركمانية. وقد تنسق تركيا الجهود مع الولايات المتحدة وبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق إما لتأجيل الاستفتاء أو تشجيع القادة الكرد على إعطاء التركمان بعض التأكيدات بأن الاستفتاء ونتائجه لن يتم تنفيذهما بطريقة تمس بحقوق التركمان.
خلاصة:
إن الوضع في كركوك ينحدر بشكل خطير نحو انفجار حتمي من شأنه أن يضر بمصالح أصدقاء تركيا في إقليم كردستان كحكومة الإقليم ورئيسها مسعود البارزاني والجبهة التركمانية. وستكون إيران الطرف الوحيد المستفيد من مثل هذا الاحتمال.
وهناك احتمال أن يتكرر الصراع الدموي المؤسف لعام 1959 بين التركمان والكرد لو لم يتم احتواء الصراع وتخفيف حدة التوتر الحالي. إن مثل هذا التطور إذا حدث سُيشكل وضعا صعباً للغاية بالنسبة لتركيا، وينبغي توسيع نطاق الجهود في الوقت المناسب لإضفاء الهدوء على هذا الوضع المتوتر للغاية. وقد تحتاج تركيا، من بين أمور أخرى، إلى بدء مؤتمر دولي لمعالجة قضية كركوك. أخيرا، من صالح تركيا اتخاذ بعض المبادرات الجريئة من أجل أن يكون لها تأثيرها في عملية إعادة تشكيل العراق بعد معركة الموصل. (34 )
————————
الهامش
( 1 ) Hanna Batatu , The Old Social Classes and the Revolutionary Movements of Iraq: A Study of Iraq’s Old Landed and Commercial Classes and of Its Communists, Ba’thists and Free Officers .London . Saqi Books 2004 .pp. 914-19.
( 2) غسان شربل ، لحياة – «كل شيء إلا كركوك» www.alhayat.com/Opinion/Ghassan …/«كل-شيء-إلا-كركوك». 30 يونيو 2014.
( 3 ) ضواء على موضوع تنفيذ المادة 140 وتنظيم الاستفتاء في كركوك -NRT www.nrttv.com/Ar/birura-details.aspx?Jimare=5599 4 July 2017
( 4 ) Kirkuk governor and Iraqi PM meet to discuss oil revenues, Hawija operation, http://www.rudaw.net/english/middleeast/iraq/12012017
Rudaw 12 January. 2017
( 5 ) Kurdish flag is raised in Kirkuk – Rudaw
www.rudaw.net/mobile/english/kurdistan/200320176
20 Mar 2017
( 6 ) Parlemaniaya refea alam Kurdistan kharq Safir lil dastour
http://aynaliraqnews.com/index.php?aa=news&id22=73111
19 March 2017
( 7 ) Loaa Adel ,UN agrees to oversee Kurdistan independence referendum: Official …
www.iraqinews.com/…/un-agrees-oversee-kurdistan-independence-referendum-offici.. 1 April 2017
( 8 ) Loaa Adel ,UN agrees to oversee Kurdistan independence referendum: Official …
www.iraqinews.com/…/un-agrees-oversee-kurdistan-independence-referendum-offici..1 April 2017
( 9 ) اقليم كردستان يرفض الاستجابة لقرار البرلمان بشأن كركوك
www.aljazeera.net /…/إقليم-كردستان-يرفض-الاستجابة-لق…
2 April 2017
( 10 ) Kirkuk council slams parliament vote against raising Kurdish flag
www.thebaghdadpost.com/…/Kirkuk-council-slams-parliament-vote-against-raising-K
2 April 2017
( 11 ) Turkmen political parties reject Kurdistan regional flag in Kirkuk – Kom …
https://komnews.com › Regional › Iraq 18 March 2017
25 March 2017
( 12 ) الجبهة التركمانية تدعو مواطنيها لرفع العلم التركماني فوق منازلهم، 25 Mar 2017
( 13 ) رفع علم كردستان فـي كركوك-يثيرخلافا بين مكوناتها
/…/رفع-علم-كردستان-فـي-كركوك-يثير-خلا… al-MadaMarch 19 2017
(14 ) Turkey wary of Kurdistan flag in Kirkuk
www.kurdistan24.net/en/news/…3005…/Turkey-wary-of-Kurdistan-flag-in-Kirkuk
20 March 2017
( 15 ) Ankara Opposes Iraqi Kurdish Independence Bid Amid Worries of …
www.worldaffairsjournal.org/…/ankara-opposes-iraqi-kurdish-independence-bid-ami …Friday, 31 March 2017
( 16 ) UNAMI Concerned by Raising Kurdistan Flag in Kirkuk, Cautions …
reliefweb.int/…/unami-concerned-raising-kurdistan-flag-kirkuk-cautions-against-unila … Baghdad, 21 March 2017
( 17 ) al-Arabiyah Muwahada Talabani Yejtami Fi Kirkuk be Wafid al-Kitlah
www.alsumaria.tv/news/4333/alsumaria-news/ar –
22 December2008
( 18 ) من الذي يملك كركوك؟ – the Iraqi Turkmen Human Rights Research …
www.turkmen.nl/1A_soitm/Art.5-J1311a.pdf ; Kirkuk, Mosul and the ever-changing demographics of Iraq | GulfNews …gulfnews.com/…/kirkuk-mosul-and-the-ever-changing-demographics-of-iraq-1.1930 … 20 November 2016
( 19 ) Crisis in Kirkuk .University of Pennsylvania Press,2009. pp.23-27
( 20 ) ” What happens in Kirkuk could determine the future of Iraq “| Public …
https://www.pri.org/…/what-happens-kirkuk-could-determin …
12 March 2017
(21 ) Nechirvan Barzani Expresses Readiness to Share Urban Administration in Kirkuk,” www.institutkurde.org/en/publications/bulletins/pdf/275.pdf
1 Feb 2008
( 22 ) President Talabani: ‘Kirkuk Is an Iraqi Issue,” Al-Ittihad (PUK sponsored), 31 May 2010
( 23 ) Iraq’s Disputed Territories – United States Institute of Peace
https://www.usip.org/sites/default/files/resources/PW69.pdf
1 March 2011
( 24 ) Kirkuk in Transition – The Washington Institute for Near East Policy
https://www.washingtoninstitute.org/uploads/Documents/pubs/PolicyFocus102.pdf
Iraq’s Disputed Territories – United States Institute of Peace
https://www.usip.org/sites/default/files/resources/PW69.pdf
1 March 2011
( 25 ) Mesut Ozcan , Harmonizing Foreign Policy: Turkey, The EU, and the Middle East, Burlington: Ashgate Publishing Company ,2008. Pp.144-45
( 26 ) William Hale , Turkey, US and Iraq, London : SOAS Middle East Issues ,2012 ,pp.135-36
( 27 ) Ibid , p,144.
( 28 ) Aras, Bulent. Turkey’s Options (March 18, 2006: Media Monitors Network
( 29 ) ” Kirkuk governor speaks on implications of raising Kurdistan flag” – Rudaw
www.rudaw.net/english/kurdistan/0704201 7 April 2017
( 30 ) Alpogan, Yigit. Turkey: Between the West and the Middle East (January 31, 2006 Washington Institute Policy Watch, No:1074
(31 ) MERVE AYDOĞAN ” Turkey expresses disapproval over KRG’s initiatives toward independence referendum”. https://www.dailysabah.com/politics/2017/03/31/turkey-expresses-disapproval-over-krgs-initiatives-toward-independence-referendum 31 March 2017
( 32 ) باعتبارها واحدة من الكيانات الرئيسية الثلاثة للدولة العراقية الحديثة، كان التركمان أقل فائدة للانجليز. ومنذ تأسيس العراق في أعقاب الحرب العالمية الأولى، تم رفض وجود التركمان من قبل الأنظمة الرسمية في بغداد وفقا لسياسة الدولة “التعريب”. ان محاولة اغلاق الحدود مع تركيا التي حفزت نظام بغداد وحاميها، بريطانيا، عمدا الى تجاهل وجود الشعب التركماني في السنوات الأولى من العراق. ويبدو أن الانجليز والحكومات العراقية المتعاقبة استمرت في هذه السياسة الى فترة سقوط نظام صدام، Foreign Policy Institute Ankara, 2001
( 33 ) نائب رئيس مجلس محافظة اربيل ازاد كورجي : للتركمان دور مهم في مجلس، 27 مارس 2015.
( 34 ) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.