قلم وميدان

العلاقات التركية القطرية تحديات وآفاق

تمهيد

تشهد العلاقات التركية القطرية تقارباً واضحاً في وجهات النظر حول القضايا العربية والإقليمية والدولية، منها قضايا الإرهاب، الثورات العربية، القضية الفلسطينية، وطرق معالجة الأزمات التي تتصدر المشهد الدولي والإقليمي ومن مظاهر هذا التقارب تأسيس اللجنة الاستراتيجية التركية القطرية العليا عام 2014م، وانعقاد اجتماعها الأول بالدوحة عام 2015، برئاسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني. والتي دفعت بالعلاقات بين البلدين إلى آفاق واسعة على كافة المستويات من خلال 22 اتفاقية في كافة مناحي التعاون، السياسية، العسكرية، الاقتصادية، الأمنية، المالية، الصناعة والطاقة، والتعليم.

حيث بلغ مستوى التعاون بين البلدين أعلى مستوى له مع توقيع اتفاقية التعاون العسكري والصناعات الدفاعية عام2014، والتي تنص على انشاء قاعدة عسكرية تركية على الأراضي القطرية، كما نصت الاتفاقية أيضا على امكانية نشر متبادل لقوات تركية في قطر وقطرية في تركيا، وترتب عليها تأسيس قاعدة عسكرية تركية في قطر وهي الأولي من نوعها.

وتتمثل أهداف إقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر، من المنظور القطري إلى توفير الحماية العسكرية لها بصفتها “بلد صغير” المساحة لا يتمتع بعمقاً استراتيجياً قادراً على توفير الحماية اللازمة لها . وذلك لكونها دولة عائمة على بحر من الغاز الطبيعي. خصوصا بعد الحديث الامريكي حول احتمالية إغلاق قاعدة العديد العسكرية الامريكية المتواجدة على الأراضي القطرية، وهو أمر قد يشكل تهديداً للأمن القومي القطري.

لذلك عمدت إلى ابرام اتفاقيات عسكرية مع تركيا من أجل مواجهة محتملة مع دول الجوار وخاصة بعد تصاعد الأزمة الخليجية القطرية منذ 2014، ثم تفاقمها في 5-6-2017م.

وفيما يتعلق بمستقبل القاعدة حسب ما ورد على لسان ناطقين عسكريين وإعلاميين أتراك وقطريين، ستتمكن من توفير الدعم اللازم للمؤسسة العسكرية القطرية وتطويرها وتحديث وتأهيل كوادرها وتدريبهم، وستكون قادرة في المستقبل على مساعدة قطر في أزمات طارئة ومواجهة تحديات قد تحصل مع إمكانية زيادة نسبة الجنود والعتاد العسكري التركي بما يمكن أن تستوعب 3000 جندي تركي وفق مسؤولين أتراك مع زيادة محتملة تصل إلى 5000 عسكري تركي . .

وتتمثل أهداف إقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر، من المنظور القطري، فإن وجود قاعدة الريان التركية في قطر لأول مره في تاريخها يضمن لتركيا أن تكون قريبة من مياه الخليج العربي والمحيط الهندي، والذي ييسر لها تجارتها مع دول آسيا، علاوة على قربها من إيران لإحداث توازن بين القوى في الشرق الأوسط .

فإيران تتواجد عن طريق ميلشياتها العسكرية سواء تلك الموجودة جنوبي العراق وسوريا بالإضافة لحزب الله في لبنان والمطل مباشرة على البحر الأبيض المتوسط، كما أن التواجد العسكري التركي يتيح للقوات التركية التدريب في بيئة مغايرة للبيئة التركية، لاسيما البيئة الصحراوية، مما يضمن لها مستقبلا القدرة على القيام بعمليات خارج نطاق الجغرافيا التركية.

وقد تباينت ردود الأفعال الإقليمية إزاء القاعدة العسكرية التركية في قطر، وذلك من خلال قائمة مطالب الدول الأربع المقاطعة لقطر (السعودية – البحرين – الامارات – مصر)، والتي قدمتها الكويت إلى الدوحة، والتي تضمنت إغلاق تركيا لقاعدتها العسكرية في الدوحة .

وقد عقب وزير الدفاع التركي، فكري إيشيك، على المطالبة بإغلاق القاعدة العسكرية في قطر بانه تدخلا في العلاقات الثنائية، مؤكداً أنه لا خطط لإعادة تقييم الاتفاق بشأن القاعدة العسكرية في قطر .

 

وعند الحديث عن مستقبل القاعدة العسكرية التركية في قطر، فإن ذلك يجعلنا نقف امام عده سيناريوهات اهمها :

السيناريو الأول: اغلاق القاعدة العسكرية: واحتمالية هذا السيناريو ربما ترجع إلى عدة أمور: التداعيات السلبية لبقائها على سياسات دول الحصار الخليجية حال قررت قطع علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع تركيا في حال لم تغلق القاعدة، وإذا كانت الخسائر أكبر من المغانم لتركيا، وفي حال حدوث أية تغيرات في نظام الحكم داخل تركيا .

السيناريو الثاني: استمرار القاعدة العسكرية: يؤكد احتمالية هذا السيناريو المحاولات التركية الحثيثة الهادفة الى طمأنة الأطراف العربية ودول الخليج بالذات. وأن انشاء هذه القاعدة ما هو إلا اتفاقيات تعاون مشترك لمواجهة أي تحديات في المستقبل، إضافة إلى قوة العلاقات التركية الامريكية .

السيناريو الثالث: تطور القاعدة العسكرية: ترى بعض الأطراف الإقليمية ومنها دول الخليج أن انشاء القاعدة العسكرية التركية هي محاولة للهيمنة على الخليج، بداية من قطر بهدف معاودة احياء المشروع العثماني من خلال فرض معادلات جديدة في الشرق الأوسط، خاصة أن الرئيس أردوغان له أحلامه الساعية لبسط النفوذ في الساحة الاقليمية والدولية، وفي حال صحت هذه التفسيرات فإنه من المتوقع أن تسعى تركيا إلى تطوير القاعدة في السنوات القادمة .

وبنظرة استشرافية لمستقبل العلاقات العسكرية التركية وتحديات أزمة الخليج الأخيرة وموقف دول الخليج التي تنظر بعين التنافس والخصومة لقطر سيفرضان على الطرفين التركي والقطري تحديات عدة، وصعوبات كبيرة، مع بقاء هذا التحالف لذا فإن السيناريو الثاني هو استمرار القاعدة العسكرية التركية في قطر هو الارجح (1) .

——————————

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى