مفهوم الأمن في منظورات العلاقات الدولية
كل مفهوم الأمن هاجس كبير لدى المفكرين وصناع القرار على حد سواء، حيث مثل ضمان البقاء والأمن والإستمرار أولوية السياسة الداخلية والخارجية، وعلى الرغم من أنه مصطلح غامض إلا أنه مصطلح خلافي بالأساس غير أنه يبقى مفهوما بالغ الدلالة، وهو ما ذهب إليه روني ليبشتز Ronnie D. Lipschutz في قوله: “بوجود ليس فقط صراع حول الأمن بين الأمم بل أيضا صراع حول الأمن بين المفاهيم”[1].
لقد سيطر المنظار الواقعي بشكل كبير إبان الحرب الباردة، بحيث سيطروا على التنظير في حقل العلاقات الدولية، وعمدوا على تعريف الدراسات الأمنية تعريفا ضيقا من خلال التركيز على قضايا الأمن العسكري ومحورية أمن الدولة بإعتبارها المرجعية الأساسية في التحليل الأمني، والأمن الوطني بإعتباره التصور الأمثل للأمن لتكيفه مع التهديدات الأمنية في ظل نظام ثنائي القطبية تتصارع فيه كل من الكتلة الغربية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية والكتلة الشرقية بزعامة الإتحاد السوفيتي.
غير أنه مع نهاية الثمانينات بنهاية الحرب الباردة، وظهور تهديدات أمنية جديدة ذات طبيعة مغايرة قومية (الدولة القومية)، وتحت قومية (الفرد، الجماعات، ..) وفوق قومية (الشركات متعددة الجنسيات، المنظمات الدولية،..)، وتم التراجع على التركيز على المفاهيم المفتاحية الأربعة المرتبطة بالنموذج الواقعي والقائمة على فكرة حماية الدولة من التهديدات الداخلية والخارجية، مما فسح المجال أمام أبحاث السلام الإيجابي والبنائيين لإستخدام التقليد السوسيولوجي الدوتشي المركز على أنماط التفاعل المدنية تحت القومية (دون مستوى الدولة) والتقليد النقدي للعنف البنيوي وغيرها من أبحاث السلام ،مما إستدعى ضرورة إعادة النظر في مفهوم الأمن بالشكل الذي يستوعب كل التهديدات الأمنية الجديدة، لذلك فقد عرفت تلك المرحلة بمرحلة النهضة في الدراسات الأمنية لما شهدته من تطور ملحوظ في الدراسات الأمنية، هذه الأخيرة التي عرفت نقاشا فكريا وأكاديميا حول ضرورة توسيع وتعميق مفهوم الأمن في ظل إنفتاح الأجندات البيئية والإقتصادية والمجتمعية والسياسية الجديدة، وهو ما أعطى الأولوية للسياسة الدنيا للبيئة للإقتصاد والبيئة في مقابل تراجع ما يسمى بقضايا السياسة العليا المتمركزة حول القضايا العسكرية.
وبهذا المنطلق، تعتبر مرحلة نهاية الحرب الباردة بمثابة نقطة تحول في مفهوم الأمن والدراسات الأمنية على إعتبار ظهور مقاربات نظرية جديدة مفسرة للأمن في فترة ما بعد الحرب الباردة عبر طرح تصور جديد للأمن يعكس تنامي النزعة ما بعد الوضعية في نظرية العلاقات الدولية فيما عرف بالإتجاه التأملي Reflexif Trend في ظل أكبر عملية هدم معرفي للمنطلقات التيار العقلاني.
الإشكالية:
شهدت نهاية الحرب الباردة ظهور فواعل جديدة سواء كانت تحت قومية كالأفراد والجماعات والحركات الاجتماعية المختلفة، أو فوق قومية كالمنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسيات لها تأثير فعلي وقوي في ظهور تهديدات أمنية جديدة ذات طبيعة مغايرة يتجاوز تأثيرها تأثير الدولة القومية، وهو ما أثار جدلا واسعا في الأوساط الأكاديمية والفكرية حول ضرورة إعادة صياغة مفهوم الأمن بالشكل الذي يستوعب كل هذه التهديدات، مما يدعونا لطرح الإشكالية التالية:
كيف ساهمت منظورات العلاقات الدولية في تطور مفهوم الأمن؟
المحور الأول: مفهوم الأمن من منظور عقلاني – تفسيري:
يشتمل المنظور العقلاني التفسيري على كل النظريات المؤسسة على تفكير وضعي ونزعة تجريبية، حيث يحاول تفسير الأمن انطلاقاً من مبدأ الحتمية في الأخذ بمفاهيم وتصورات غير قابلة للنقاش، فهو لا ينظر للأمن كمعطى مسبق وليس مبني، بمعنى أنه ظاهرة وجدت ضمن نطاق العلاقات الدولية.
أولا-الأمن من المنظور الواقعي الكلاسيكي:
ترجع الجذور التاريخية للنظرية الواقعية إلى الفلسفة السياسية القديمة عند المفكر الهندي ” كوتيليا kautilya ” 312-296 ق.م الذي بحث في أسباب توسع الدول سواء بالتحالف مع الخصوم أو بالقضاء عليهم ، وفي الحالتين الدولة مطالبة بتطوير قوتها لمواجهة التهديد المرتقب من الخصوم المباشرين ، إذ يعتبر “كوتيليا” بأن دول التماس الجغرافي هي مشاريع أعداء محتملة ، وفي وصفه لسلوك الدول فإنه يصنفها إلى دول محاربة وأخرى حيادية إذ يقول :” إن شعرت بتفوقك على خصمك لابد من شن الحرب ، أما إذا شعرت بعدم القدرة على ذلك ولكنك تستطيع الدفاع عن نفسك فعليك التزام الحياد”[2].
ومن خلال مقولته يعتبر كوتيليا بأن الدور الذي تلعبه القوة كمحرك أساسي للسلوكية الدولية أو السلوك السياسي الخارجي للدولة، ولذلك فإنه يرى ضرورة أن تتسلح الدول بعنصر القوة للدفاع عن نفسها، أو لغزو جيرانها أو لمواجهة أي عدوان محتمل عليها، وهو ما ذهب إليه مورغانثو حين إعتبر بأن: ” السياسة الدولية ككل هي صراع من أجل القوة، ومهما تكن الأهداف النهائية للسياسة الدولية القوة هي دائما الهدف العاجل “[3].
وبالمقابل أكد “مكیافیلي على حاجة الحاكم لتبني مقاییس أخلاقية تختلف عن تلك التي یتبناها الفرد العادي، وذلك لضمان أمن الدولة وبقائها… ، في حين يرى توماس هوبز على غرار مكیافیلي بأن: القوة هي عامل حاسم في السلوك الإنساني، فالإنسان یسعى دون هوادة نحو إمتلاك المزید من القوة، ولا یتوقف هذا السعي إلا عند الموت”… ، أما “هیغل فيكاد یكون أكثر الفلاسفة السیاسیین رفعا لشأن وأهمیة الدولة، ومع أن الكتابات الواقعیة تعكس بعض الآراء القلیلة لهیغل، إلا أنه یلتقي مع هذه الكتابات من حیث قصره للوظيفة الأساسية للدولة في الحفاظ على ذاتها[4].
لقد برز المنظور الواقعي للأمن منذ معاهدة وستفاليا 1648، ونشأة الدولة القومية إلى يومنا هذا، ورغم صياغة افتراضات جديدة للمعادلة الأمنية إلا أن المدرسة الواقعية لا زالت الأكثر تأثيرا في العلاقات الدولية[5]،حيث تنظر للدولة على أنها وحدة التحليل الأساسية ومحور أية سياسة أمنية، وأن الأولوية هي تحقيق أمنها في مواجهة أية تهديدات عسكرية، إذ تعتبر الوسائل العسكرية وحدها الوسائل المتاحة أمامها لتحقيق أهدافها[6].
أما من الناحية الأكاديمية فقد تزامن صعود الواقعية كمذهب “مركزي” في العلاقات الدولية مع تحولين أساسیین[7]:
1-إهتزاز الإفتراضات والأسس المثالية التي تكرست في فترة ما بین الحربين العالميتين، وذلك لاعتمادها تحلیلیا على معاییر السلوك الدولي وتطورها استنادا إلى القانون والتنظيم الدولیین، فیما إستقت الواقعية مادتها الخام من التاريخ لتصل إلى تعميمات حول السلوك الدولي.
2-تزامن الصعود الواقعي مع الارتقاء الأمريكي إلى سدة الزعامة العالمية، وهو ما أفضى إلى إضفاء نوع من القوة التحليلية على التفسيرات الواقعية للشؤون الدولية.
لقد سيطرت المقاربة الواقعية في فترة الحرب الباردة، وحسبها فالأمن يعني قدرة الدولة على الحفاظ على بقائها واستقلالها السياسي ووحدة أقاليمها في ظل نظام دولي يتميز بالفوضى بالنظر لعدم وجود سلطة عليا تستطيع فرض هيمنتها على جميع الدول، وفي هذا الإطار يذهب فريدريك شومان في دراسة له في عام 1933م للقول بأنه:” في ظل إفتقاد النظام الدولي لحكومة عالمية، فإنه من الضروري لكل وحدة في هذا النظام أن تسعى لضمان أمنها اعتمادا على قوتها الذاتية، وأن تنظر بحذر إلى قوة الدول المجاورة”[8].
ينطلق الواقعيون في تصورهم للأمن من رفض وجود تناسق في المصالح بين مختلف الأمم، ويرون أن الدول غالبا ما تعرف تضاربا بين مصالحها لدرجة قد يقود بعضها إلى الحرب، لذلك يفترض المنظور الواقعي تحليلاً صراعيًا للعلاقات بين الدول التي تتعارض إراداتها حتمًا في سياق بحثها عن القوّة، البقاء والحفاظ على المكانة، لذا فالدول مشغولة بأفاق الحرب، وهي تعتمد على الوسائل العسكريّة من أجل تحييد التهديد وتحقيق الأمن، حيث ارتبط الأمن بالقوة العسكرية المفضية إلى العمل المسلح، أو ما يطلق عليه بالعمل العسكري الدولتي، فوفقا والتر ليبمان:” تعتبر الدولة أمنة إذا لم تبلغ الحد الذي تضحي بقيمها إذا أرادت تجنب الحرب، فالأمن مساو للقوة العسكرية ومرادف للحرب”[9].
كما يمثل الواقعيون المنظور الأكثر دفاعا عن فكرة إعتبار الأمن من صميم إهتمام وصلاحيات الدولة وحدها، أي أن مفهوم الأمن الوطني يرتبط مباشرة بالدولة، حيث يفسر الأمن على أنه أمن الدولة ضد الأخطار والتهديدات الخارجية، ولا يمكن ضمان هذا الأمن إلا بزيادة القدرات العسكرية الوطنية، وإقامة تحالفات عسكرية دولية ضمن الترتيب النووي العالمي، وهو مفهوم يعكس التحديات الأمنية في ظل الترتيب العالمي ثنائي القطبية، من هنا فإن المنظور الواقعي للأمن يركز على بقاء الدولة الوطنية بإعتبارها الفاعل المركزي والوحيد في السياسة الدولية، وذلك من خلال حماية حدودها الإقليمية وصيانة سيادتها الوطنية و استقرارها، ضد أي تهديد عسكري خارجي، والقوة العسكرية هي الأداة الرئيسية لتحقيق الأمن[10].
على الرغم من ذلك فإن الواقعيون يعترفون بأشكال أخرى من القوّة، بما فيها الثروة والمزايا الجيوسياسية[11]،كما أن الإمكانيات المتوفرة للدولة تلعب دورا هاما في تحديد نتيجة الصراع الدولي وقدرة الدولة على التأثير في سلوك الأخرين شريطة إدراك أن قدرات الدولة لا تقتصر على الإطلاق على الجانب العسكري فحسب[12]، فالقوة حسب الواقعيين مركبة من أجزاء عسكرية وغير عسكرية، كما لديهم نماذج لتصنيف عناصر أو مقومات القوة الوطنية للدولة على إعتبار أن القوة تشتمل إلى جانب البعد العسكري على متغيرات أخرى كمستوى التطور التقني، النمو الديمغرافي، المصادر الطبيعية، والعوامل الجغرافية ، شكل الحكومة والقيادة السياسية والإيديولوجية[13].
إذا سيطرت المقاربة الواقعية على تحليلات المختصين في الدراسات الأمنية باختزالها للأمن في المجال العسكري حيث نظر إليها من زاوية القوة الوطنية في المقام الأول من قبل صناع القرار والاستراتيجيين، كما نظروا إلى الأمن بإعتباره مشتقا من القوة، فقد تشكل مفهوم القوة موضوعا مهما في الدراسات الواقعية للسياسة الدولية سواء نظر إليها كوسيلة أو كمحفز لسلوك الدول أو كنتاج له أو الإثنين معا، ومهما تكن الأهداف النهائية للسياسة الدولية فالقوة هي الهدف العاجل دوما[14].
حيث یذهب أرنولد ولفارز لإعتبار بأن القوة هي “القدرة على دفع الآخرين نحو عمل ما ترید ومنعهم من عمل ما لا ترید”، وهنا يظهر الخلط الواضح بین القوة والتأثير أو النفوذ حیث أن التمییز بینهما یكون إنطلاقا من أن القوة وإن كانت تعني تحریك الآخرين بالتهديد أو معاقبتهم بالحرمان، فإن النفوذ أو التأثير یعني القدرة على تحریك الآخرین بالوعد والإغراء، وفي النهاية فإن هذه المفاهيم هي مجرد مستویات للقوة، أي المراحل الأولى لتشكيلها في أي مجال من مجالات الحیاة الدولیة المتنوعة[15].
وعموما يمكن القول بأن الفكر الواقعي يرتكز على عدة مبادئ وأسس تعتبر محددات لتحليل مفهوم الأمن عند أنصاره، وهي كالآتي[16]:
1-الدولة هي الفاعل الوحدوي في العلاقات الدولية، وهي الموضوع المرجعي والأساسي للأمن، وهي المصدر الأعلى للسلطة الحاكمة.
2-النظام الدولي هو نظام فوضوي، بفضل عدم وجود سلطة مركزية قادرة على ضبط وتنظيم العلاقات التنافسية بين الدول.
3-تسعى الدول إلى تطوير قدراتها العسكرية للدفاع عن نفسها، وتوسيع نطاق سيطرتها، أو التأثير على الآخرين وبالتالي فالحرب لا يمكن تفاديها.
4-الطريقة التي توزع بها القدرات العسكرية بين القوى الكبرى، والتوازن بين هذه القوى هو الذي يحدد الإستقرار في النظام الدولي، وبالتالي بنية النظام الدولي هي التي تحدد سلوكيات الدول.
5-تتميز بنية النظام الدولي بغياب الثقة بين الدول أو الشك والتوجس، فليس بإستطاعة الدول التأكد من نوايا جيرانها وهو ما يولد الريبة، ويزيد من إاحتمال قيام الحرب على الدوام، بمعنى أخر أن العلاقات الاستراتيجية بين الدول مبنية على غياب الثقة لأن كل دولة تعمل على تحقيق حد أدنى من القوة، وبالتالي تسعة إلى التسلح كنتيجة لذلك لأنه في ظل مبدأ كل لنفسه يعد الأمن معطى نادرا، وهو ما يفسر نزوع كل دولة إلى الصراع من أجل البقاء.
6-إستقرار أو عدم استقرار النظام الدولي يتوقف بشكل كبير على بنيته، بمعنى أن ذلك مشروط بتوزيع القدرات خاصة منها العسكرية لاسيما في ظل التوازن بين القوى الكبرى، وهو ما يعبر عن الرغبة في الحفاظ من عدمه على هذه البنية التي تحدد سلوك الدول.
ثانيا-المنظور الواقعي الجديد للأمن:
تنص الواقعية الجديدة بأن الدول تعمل وفقا لمبدأ الحوافز المادية، وتعكس مواقفها مواقعها ضمن النظام الدولي، وعليه فالدول تسعى للحفاظ على مكانتها النسبية داخله، فكلما نمت قدرات دولة ما ازدادت مكانتها في تراتيبية السلطة وازداد نفوذها وتتحدد بنية النظام العالمي عبر هذا التوزيع للقدرات بين الدول[17].
كما یعتقد “وولتز” أن النظم تتكون من بنیة (Structure) ومن وحداتها المتفاعلة معا، والبنى السیاسیة تتكون من ثلاثة عناصر: المبدأ المنظم “Ordering principle الفوضوية أو التراتبية، میزة، الوحدات “The character of the units ” متشابهة وظیفیا أو مختلفة، وتوزيع القدرات، (Distribution of capabilities) وهنالك عنصرین ثابتین من بین العناصر الثلاث لبنیة النظام الدولي وهما: غیاب سلطة مؤثرة مما یعني أن مبدأها المنظم هو الفوضى، (Anarchy) وثانیا مبدأ الاعتماد على الذات أو المساعدة الذاتية (Self-help) وهو ما معناه أن كل الوحدات تبقى متشابهة وظیفیا، ویكون المتغير البنيوي الوحيد حسبه هو توزيع القدرات الذي یولد التمییز الرئيسي بین النظم المتعددة وثنائية القطبية[18].
ويندرج مقترب الواقعي الجديد في تلك المقتربات التي تتناول سلوك الدولة من الزاوية العليا في تبنيها لمستوى تحليل تنازلي ، فيما يعرف بمقترب النسق الدولي ، ومفتاح فهم سلوك الدول وفق هذا المقترب هي الحوافز والقيود،كما أن الواقعية الجديدة تتفق مع الواقعية الكلاسيكية في دور الدولة وأهمية القوة وميزان القوى والمصلحة القومية هذه الأخيرة التي تسير السلوك الخارجي للدولة التي في مقدمتها تحقيق الأمن والبقاء ، ويرى والتز أن النظام الدولي يتميز بالفوضى وهو الذي يحدد سلوك الفاعلين فيه ( الدول ) والذين يحتلون نفس المركز خلافا للأنظمة السياسية الداخلية التي تحكمها الهرمية ، فكل الدول تمارس الوظائف نفسها أي لا يوجد تقسيم للعمل بسبب غياب ثقة الدولة في الدول الأخرى.
ولهذا لا توكل الدولة شؤون أمنها للآخرين، وفي هذا الإطار يؤكد الواقعيون الجدد على أن فوضوية النظام الدولي تستدرج وحدات النظام الدولي (الدول) إلى انتهاج سلوك الاعتماد على الذات أو المساعدة الذاتية (help Self-) وانطلاقا من رؤية السياسات الدولية حقلا للمساعدة الذاتية، فإن الأوتاركية (الاكتفاء الذاتي) سيكون هدفا رئيسيا لكل دولة، والنظام الدولي يحفز كل دولة لتكون قادرة على إدارة شؤونها بنفسها، طالما أنه لا توجد سلطة عليا تتولى هذه الوظيفة.
وبالتالي يمكن القول إن الواقعية الجديدة تشكك في إمكانية التعاون على المستوى الأمني بإعتبار أن الدول تهتم بالأرباح النسبية للتعاون أكثر من إهتمامها بالأرباح المطلقة، أي أنها تضمن عدم ربح الآخرين إلى درجة إستعمالهم لذلك التفوق ضدها، وقد طبق والتز مفهوم الفوضى على السياسة الدولية، ومفاده أنه مع وجود دول ذات سيادة، وعدم وجود نظام قانوني يملك السلطة عليهم، فإن الإنقياد إلى الحرب يصبح شيئا مؤكدا، وفي حالة الفوضى الدولية لا يوجد إنسجام تلقائي بين الدول، فهي على عكس الواقعية التقليدية تربط حالة الصراع بالطبيعة الفوضوية للنظام الدولي الذي يعيق تشكل علاقات تعاونية.
إذا فنقطة الانطلاق الرئيسية هي بنية النظام الدولي،حيث تعتبر الواقعية البنيوية أو ما تسمى الواقعية البنيوية الثانية أن سبب الصراع يكمن في طبيعة التركيب الفوضوي للنظام العالمي الذي يحول دون أمراء المقاطعات ذات السيادة (روسو) أو الدول (والتز) الدخول في إتفاقيات تعاونية لإنهاء حالة الحرب، ويمكن أن يدفع تركيب ذلك النظام الدول نحو الحرب حتى ولوكان زعماء هذه الدول يرغبون في السلام، فحسب والتز وميرشايمر فان الدول هي عبارة عن كيانات متنافسة وأنانية[19].
لذا فإن أي دولة من الممكن أن تستعمل القوة لتحقيق أهدافها، خصوصا وأنها قد تجبر على السعي الى الحصول على القوة، في ظل نظام يفتقر الى وجود سلطة عليا تشرف على الدول العظمى، وحيث لا يوجد ما يضمن ألا تهاجم الواحدة منها الأخرى، ولأن الدولة هي الحكم الأخير في الحكم على نواياها ودوافعها فإن أي دولة وفي أي وقت يمكن أن تلجأ إلى القوة لتنفيذ سياساتها، لذلك على كل دولة أن تكون مستعدة دائما وبإستمرار إما لمواجهة القوة بالقوة أو لدفع ثمن الضعف[20]، ولأنه من المنطقي جدا ألا تكون كل دولة قوية إلى حد يمكنها من حماية نفسها في حال تمت مهاجمتها، بمعنى أن القوى العظمى محاصرة في قفص حديد ليس لديها فيه سوى خيارات قليلة تتمثل في أن يتنافس بعضها مع بعض من أجل القوة وتحقيق الأمن إذا ما أرادت البقاء[21].
لذلك فان الأمن حالة تتنافس عليها الدول لتحقيقها، وفي كنف نظام عالمي يتسم بالفوضى يتعين في كنفه على الدول العمل وفقا لمبدأ كل لنفسه، لضمان بقائها وفي إطار مسعاها لتحقيق ذلك نجدها تزداد قوة يوم بعد يوم لتكون قادرة على تجنب أثر قوة الدول الأخرى، وهو ما يدفع الأخرين إلى الإحساس بعدم الأمن، مما يدفعهم إلى التنافس بغية تحقيقه مما يدخلنا في دوامة من انعدام للأمن داخل المنتظم الدولي[22].
كما يرى والتز أن القيود البنيوية ذات العلاقة بالثنائية القطبية تحدث إستقرارا أعلى مستوى مما تحدثه القيود البنيوية المتعلقة بالتعددية القطبية، وتعد المرونة المتصلة بتشكيل التحالفات مصدرا لعدم الإستقرار الذي يمكن أن يؤدي إلى الحروب والأزمات ويولد درجة عالية من عدم الشعور بالأمن، وتكمن المشكلة في أن المرونة تزيد من تعقيدات السياسة الدولية وتسبب شتى أشكال عدم اليقين، فالواقعية الجديدة تضع أولوية الأمن فوق غيرها من الأهداف الممكنة أو المرجوة.
كما أن كل دولة تلعب دورها أو بعضا من أدوارها بما تمليه عليها الإحتياجات الأمنية ومكانتها في نظام توازن القوى بين الدول ، وهو ما يختلف عن طروحات الواقعية الكلاسيكية التي تعتبر أن أقصى قدر ممكن من القوة، وبالتالي فإن الرغبة من طرف الوحدات السياسية في تعاملاتها وتفاعلاتها مع بعضها البعض بغية زيادة قوتها دون أن يؤدي الطلب على القوة والإقبال عليها إلى تعرض أمن الدولة للخطر ، فالقوة وفقا للطرح الواقعي الجديد وسيلة لتحقيق الأمن وليست وسيلة وغاية في نفس الوقت ، كما هو الشأن بالنسبة للطرح الواقعي الكلاسيكي[23].
من جهة أخرى تعتبر المعضلة الأمنية من بين أهم المفاهيم المحورية في الفكر الأمني الواقعي الجديد، الذي يعتبرها بأنها سلسلة متصاعدة من حالات عدم الأمن، تنشأ كما يراها كين بوث وويلر:” حين تحدث الإستعدادات العسكرية لدولة ما شعورا بعدم الإطمئنان لا يمكن إنتزاع من تفكير دولة ما إزاء الحيرة فيما إذا كانت تلك تلك الإستعدادات لأغراض دفاعية لا غير) أي لدعم أمنها في عالم غير مستقر (، أم كانت لأغراض هجومية (أي لتغيير الوضع الراهن لمصلحتها)”[24].
كما يعتبر كينيث والتز (K.Waltz) بأنه: “في ظل الفوضى فالأمن هو الهدف الأسمى لكن فقط عندما يكون بقاء وإستمرارية الدول مضمونا، ستبحث هذه الأخيرة (عن أهداف أخرى مثل الهدوء والربح والقوة)[25]“.
لذلك فأن أنصار التحليل الواقعي البنيوي للدراسات الأمنية يستندان على مسألتين مهمتين تجعلان من التعاون بين وحدات النظام الدولي صعب التحقق[26]:
1-مسألة الخوف والغش وإنعدام الثقة: على الرغم من أن الواقعيون الجدد أمثال والتز وميرشايمر يقرون بإمكانية التعاون في ظل الفوضى، غير أن تحقيقه والمحافظة عليه صعب المنال بين الدول لأن هذه الأخيرة تبقى خائفة من قيام الأخرين بنقض إتفاقياتهم.
2-مسالة المكاسب النسبية: فحسب الواقعية الجديدة فإن الدول تهتم بالمكاسب النسبية بدل الإهتمام بالمكاسب المطلقة، فما يهم الدول ليس المزايا التي تحصل عليها من المحصلات المختلفة، بل كم تستحق من الفائدة مقارنة بمنافسيها.
وإجمالا يمكن تلخيص أهم إفتراضات الواقعية الجديدة في النقاط التالية[27]:
1-الدولة هي وحدة التحليل الأساسية في العلاقات الدولية التي هي في محصلتها عبارة عن تفاعل مستمر بين الدول.
2-هناك تشكل لفواعل جديدة في النظام الدولي من شركات متعددة الجنسيات ومنظمات دولية حكومية وغير حكومية، وهو ما يفرض إطارا نظريا يستوعب على الأقل التواجد البيولوجي لهذه الفواعل بغض النظر عن مدى تأثيرها وفعاليتها في توجيه التفاعلات الدولية.
3-رغم هذا التحول في طبيعة الفواعل إلا أن جوهر التحليل في السياسة الدولية لم يتغير كثيرا، أو كما يقول والتز ” على مر التاريخ تغيرت الدول في أشكال كثيرة لكن طبيعة الحياة الدولية ظلت هي دوما نفسها صراع وتعاون”
4-إن تفاعل هذه الفواعل (دول، منظمات، شركات) يشكل لنا فاعلا جديدا مستقلا عن الأطراف المكونة له وهو بنية النظام الدولي، من هنا استمدت الواقعية الجديد تسمية البنيوية (Structural Realism).
كما يعد الأمن الهدف الأسمى الذي يصبو إلى تحقيقه الواقعيون الجدد في تنظيرهم للعلاقات الدولية في إطار الواقعية الجديدة وذلك بديلا عن الكلاسيكيين الذين يسعون إلى القوة وهو ما أدى ببعض المحللين في العلاقات الدولية إلى تصنيف الواقعية الجديدة.
ورغم إقرار الواقعين الجدد بالهدف الأمني ، إلا أن والتز وغيره من الواقعيين الجدد يعترفون بفكرة مفادها أن الدولة العقلانية هي تلك التي تسعى إلى القوة عندما يكون الهدف الأمني قد تحقق، وفي هذا السياق ظهر المفكر مارشهيمر وكأنه يناقض والتز في هذه الفكرة معتبرا أن الدول تهدف بشكل أو بأخر إلى زيادة قوتها وبالتحديد قوتها العسكرية ، ثم يعود ليعترف بأهمية الهدف الأمني على أن لا يكون ذلك على حساب هذه القوة ، فالدول تسعى إلى تحقيق أقصى قدر ممكن من الأمن مع تدعيم قوتها العسكرية في نفس الوقت ، فرغم تراجع الترتيب الاستراتيجي العسكري العالمي ، إلا أن الواقعيين الجدد بزعامة مارشهيمر يصرون على أهمية القوة العسكرية كمحدد أساسي للتأثير على الدول الكبرى والتحكم في علاقاتها[28].
علما أن مفهوم الأمن لدى الواقعيين الجدد أقترن بعنصر الخوف لاعتقادهم أن هذا الأخير ناتج عن حالات اللاأمن المنبثقة من الفوضى وهو ما يميزهم عن الواقعيين الكلاسيكيين الذين يربطون القوة بالغريزة العدوانية والشريرة للطبيعة البشرية، أما إذا كان الأمن من حيث ندرته أو توافره مرتبط بعملية إدراكية من طرف صانع القرار، فإن فكرة الأمن في الواقعية الجديدة أدت إلى انقسام أنصارها إلى فريقين[29]:
الواقعيون الهجوميون والواقعيون الدفاعيون، فالواقعيون الهجوميون وعلى رأسهم جون مارشهيمر وروبرت غيبلين يرون بصعوبة توفير الأمن في النظام الدولي، بينما يرى الواقعيون المدافعون وعلى رأسهم كينيث والتز وغريكو بتوافره رغم الفوضى التي يتميز بها النظام الدولي، وينظرون إليه كلعبة غير صفرية مع تفاؤلهم لوضع حد لوقوع الحرب، كما أن القوة حسب الواقعيين الهجوميين هي وسيلة ذات أهمية قصوى لتعظيم المكاسب معتبرين العلاقات الدولية بأنها لعبة صفرية أما القوة حسب الواقعيين الدفاعيين فإنها وسيلة لتحقيق الأهداف الضرورية، وهي أهداف ترتبط بالأمن معتبرين أن العلاقات الدولية هي عبارة عن مأزق السجين أو مأزق أمني معقد وهي إختلافات عميقة ظهرت من خلال المحاورة بين الواقعيين الهجوميين والدفاعيين حسب جاك سنايدر.
ثالثاً: مفهوم الأمن في المنظور الليبيرالي:
تعد المدرسة الليبيرالية أكثر مدارس العلاقات الدولية نزوعا لقيمة التعاون الدولي، حيث تنظر إليه على أنه الحالة الطبيعية في العلاقات الدولية، في حين أن النزاعات والحروب هي الاستثناء، حيث وأنه على الرغم من غياب بناء نظري موحد ومتماسك للنظرية الليبيرالية، الا أنها مثلت نسقا فكريا متعدد التيارات عبر عنه ستيفن والت بعائلة الليبيراليات[30].
وبالمقابل شهد المنظور الليبيرالي تطورا كبيرا خلال سبعينات وثمانينيات القرن العشرين، في ظل تطور نظرية الاعتماد المتبادل وتشابك العلاقات الاقتصادية الدولية، حيث أعطى الاتجاه الليبيرالي الجديد مقاربات جديدة لمحاولة فهم وتعزيز السلم والأمن الدوليين[31].
1-الليبيرالية المؤسساتية: دور المؤسسات الدولية في تعزيز الأمن
الليبرالية الجديدة Néo-Liberalism هو إتجاه ضمن عائلة الليبيراليات تم تطويره في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين من طرف منظري المنظار التعددي كروبرت كوهين وجوزيف ناي في إطار النظرية المؤسساتية الدولية التي تؤكد على الدور المركزي للمؤسسات الدولية في إطار الرأسمالية وقيم الديمقراطية[32]،كما تؤكد الليبرالية المؤسساتية على أن المؤسسات تؤدي دورا جوهريا في تحقيق الأمن الدولي وتحقيق التعاون والإستقرار لأن بوسعها: “توفير المعلومات وخفض تكاليف العمليات وجعل الالتزامات أكثر موثوقية وإقامة نقاط تركيز من أجل التنسيق، وتعمل بصفة عامة على تسهيل إجراءات المعاملة بالمثل”[33].
كما تعمل على تعزيز الأمن الداخلي عبر ما أصبحت تملكه من صلاحيات وعناصر تسمح لها بضبط بعض الجوانب في المسائل الداخلية كنتاج للتحولات التي مست السياسة العالمية، والتي لم تعد تجعل الدول تتصرف بشكل منفرد في سياساتها الداخلية[34]، فالليبيرالية المؤسساتية تقوم على إفتراض مؤداه أن إنتشار وتزايد عدد المنظمات الدولية والإقليمية وزيادة وتعقد وتيرة شبكة الإعتماد المتبادل سوف يفضي إلى سلوك سلمي وتعاوني بين الدول والوحدات الموجودة في النظام الدولي[35].
تركز الليبرالية المؤسساتية على الطريقة التي من خلالها يمكن للمؤسسات الدولية أن تؤثر في توفير الأمن بواسطة نشر قيم معينة أو خلق نمط من السلوك المحكوم بقوانين معينة ، كما ترتبط بنظام دولي يتوفر فيه شرطان أساسيان، أولا يجب أن يكون بين الفاعلين من الدول وغيرها مصالح متبادلة يرجى الحصول عليها نتيجة لعملية التعاون ، ثانيا أن يكون التغيير في درجة المأسسة يمارس تأثيرا قويا على سلوك الدول[36] ، كما ترى الليبرالية المؤسساتية أن المؤسسات التي تنجح في تسهيل التعاون لتبادل المنافع سوف تصبح على قدر من الأهمية للدول لما توفره لها من فرص، ولذلك سوف تكتسب قدرا من الإستمرار ، كما ستقيد قواعدها الحكومات من حيث ممارستها للقوة ، وإن كان هذا لا يمنع من استمرار الدول في محاولة الوصول إلى غاياتها بما في ذلك زيادة مكاسبها من خلال استخدام النفوذ السياسي[37].
وفي إطار تعزيز التعاون بين الدول تصبح المسألة الكبرى هنا تهيئة الأجواء التي يمكن فيها تحقيق التعاون على أفضل وجه، وصورة السياسة العالمية المنبثقة عن هذه النظرية الليبيرالية هي صورة نظام معقد من المساومات بين العناصر الفاعلة المتنوعة، والسياسة الدولية من وجهة النظر الليبيرالية لا تقوم على أساس لعبة محصلة الصفر، أكثر من قيام علم الإقتصاد الدولي على تلك اللعبة، أما المصالح فهي دوما قابلة للتوفيق والمصالحة[38].
كما يظهر التعاون الدولي عندما تعدل الدول سلوكها ليلائم التفضيلات الفعلية أو المتوقعة للدول الأخرى، بحيث أن السياسات التي تتبعها فعليا إحدى الحكومات تعتبر من جانب شركائها بأنها تساعد على تحقيق الغايات الخاصة بهم، حيث تتفق الليبيرالية الجديدة مع الواقعية البنيوية في صعوبة تحقيق التعاون الدولي في ظل بيئة فوضوية ترعى الخوف وعدم اليقين[39]، ولكنها تجادل بأن المؤسسات تتيح للدول التغلب على مجموعة متنوعة من عراقيل العمل الجماعي[40].
كما تتفق مع الواقعية الجديدة في اعتبارها الدول جهات فاعلة وحدوية وعقلانية تعظم المنفعة وتسيطر على الشؤون الدولية، بمعنى أنه يتم التعامل مع الدول وكأنها كيانات موحدة ذات أهداف محددة خاصة، وليس تركيبات تتكون من جهات محلية عدة فاعلة ومختلفة ومصالح متنافسة، ويفترض بالدول أن تتخذ القرارات بناء على مجموعة من الأولويات التي تخدم المصلحة الذاتية، كما تفترض بإمكانية الحصول على المنافع الجماعية من خلال تطبيق أوسع للإستدلال المنطقي البشري، وترى بأنه يمكن تحقيق الفوائد من خلال إبتكار تدابير مؤسسية أكثر فعالية، وبناء عليه فلديها إيمانا أكبر نسبيا بقدرة البشر على القيام تدريجيا بتحقيق مخرجات جماعية أفضل تعزز الحرية والأمن والسلام والإزدهار والعدالة على نطاق عالمي[41].
بالمقابل تعمد الليبرالية المؤسساتية إلى تعريف الأمن من منطلقات أوسع مبتعدة عن القراءة الجغرافية/العسكرية للمصطلح التي ركز عليها التيار الواقعي مؤكدة على أهمية قضايا الثروة والرفاه والبيئة، ومقحمة فاعلين من غير الدولة، ليصبح الأمن ليس فقط حماية أمن الدولة ضد تهديدات الدول الأخرى، وإنما من تهديدات فاعلين غير دوليين ضمن الترتيب العالمي، إذن فقوام التصور الليبرالي للأمن موسع بمعنى “ما فوق الدولة” أكثر “ما دون الدولة ” ليشمل العوامل المؤسساتية، الاقتصادية والديمقراطية، وهي أبعاد أكثر تأثيرا من العامل العسكري في إقامة السلام، باعتبار أن السياسات الدنيا هي التي تحدد أجندة الأمن وتجعل التعاون بين الدول أمرا لا مفر منه.[42]
كما ركزت الليبرالية المؤسساتية على بناء المؤسسات وإيجاد الأنظمة والبحث عن المكاسب المطلقة بدلا من المكاسب النسبية، وإعتقدت بأن المؤسسات الدولية بمقدورها التأثير في سلوك الدول والتغلب على تأثير الفوضى، حيث لا يعني ذلك أن المأسسة الدولية في إستطاعتها منع حدوث الحروب، ولكن بوسعها تخفيف مخاوف الغش وتلطيف المخاوف التي تنشأ في بعض الأحيان من المكاسب غير المتكافئة المنبثقة من التعاون، والتخفيف من النزعة الأنانية للدول بتشجيعها على ترك المصالح الأنية لصالح فوائد أكبر للتعاون الدائم[43].
وفي هذا الإطار يعرف أميتاف أشاريا مفهوم الأمن التعاوني على أساس تميزه بثلاث عناصر[44]:
1-قبول فكرة الشمولية فيما يتعلق بالمشاركين وتوسيع الأجندة الأمنية لتشمل مصادر تهديد غير تقليدية
2-الإعتماد على الحوار بين الأطراف المختلفة كألية لحل النزاعات
3-معظم قضايا الأمن لم تعد تتطلب تحركا فرديا، لكنها تتطلب إقترابات تعاونية بين الدول
كما أن هناك رأي شائع ضمن الاتجاه الليبرالي المؤسساتي ظهر في ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن، العشرين بين جماعة متميزة من الكتاب الأكاديميين من أمثال تيموثي دن Timothy Dunne يعتقد من خلاله هؤلاء الكتاب بأن النمط الناشئ للتعاون المؤسساتي بين الدول يفتح المجال أمام فرص لم يسبق لها مثيل في السنوات القادمة، ومع أن الماضي ربما تميز بحروب مستمرة وصراع دائم، فإن العلاقات الدولية شهدت تغيرات هامة في نهاية القرن العشرين توفر الفرص لتقليص المنافسة الأمنية التقليدية بين الدول[45].
كما يقوم المنظور الليبرالي المؤسساتي على أساس تشكيل تحالف موسع يضم أغلب الفاعلين في النظام الدولي لمواجهة أي فاعل آخر، ويقصد بالفاعلين هنا الدول والمنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية، وحتى الأفراد والجماعات، فالمؤسسات الدولية يمكن أن تساعد للتغلب على النزعة الأنانية للدول عن طريق تشجيعها على ترك المصالح الآنية لصالح فوائد أكبر للتعاون الدائم، وهذا لا يعني أن هذه المؤسسات تمنع حدوث الحروب، لكن بوسعها تخفيف مخاوف الغش وتلطيف المخاوف التي تنشأ إثر المكاسب غير المتكافئة الناجمة عن التعاون[46].
وفي هذا الإطار طورا كل من كيوهان وناي نظرية الإعتماد المتبادل باستحداث مصطلح جديد هو “الاعتماد المتبادل المركب Interdependence Theory” Complex ذلك أن الأمن يتحقق نتيجة تعقد وترابط العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدول، إذ يعتقد الليبراليون أن نشر القيم الليبرالية وتحرير التجارة يحفزان على السلام، وأنه كلما زاد العالم رأسمالية، كلما أضحى سلميا، وأن السياسات الدنيا هي التي تحدد أجندة الأمن، وينظران إلى تداعيات الاعتماد المتبادل-الشبكات المالية العابرة للقارات والفاعلين غير الدولاتيين-على أنها مفيدة للاندماجين القاري والعالمي[47].
2-الليبيرالية البنيوية وأطروحة السلام الديمقراطي:
اقترن هذا الاتجاه بكتابات كل من مايكل دويل Michael Doyle وبروس راست Russet Bruce من خلال تأكيدهما على أن التحليل الأمني يجب أن يستند إلى المتغير الديمقراطي، لأن انتشار الديمقراطية وترسخها على مستوى الدول وأيضا على مستوى بنى النظام الدولي من شأنه أن يكرس أطر السلام الدائم التي تفتح المجال أمام مسارات جديدة للسياسة الدولية تكون الصفة التعاونية سمتها الرئيسية، بعكس حالة الصراع الدائم التي صورها الواقعيون أو كما عبر عنها كانط Kant بأنها حالة الوحشية التي لا تخضع لأي قانون.[48]
من هنا تبرز كتابات إيمانويل كانط كمرجعية فكرية لأصحاب هذا الاتجاه، فكانط في كتابه “مشروع السلام الدائم” لعام 1795، الذي كان مستمدا من عبارة السلام الدائم التي كانت شائعة بين مبدعي مشاريع السلام في القرنين السابع عشر والثامن عشر[49]،يحاول أن يبين بأن السلام ممكن إذا توفرت بعض الشروط مثل بداية تحول في الوعي الفردي وإقامة جمهورية دستورية ومعاهدة فيدرالية بين الدول لإنهاء الحرب وليس تنظيمها، فقط كما قال بذلك هوغو غروتيوHugo Grotius وقد دعى كانط في المادة التعريفية الثالثة لمشروعه بإقامة نوع من التنظيم العالمي بين الدول المتعاهدة، وفعلا تجسدت فكرته في إقامة عصبة الأمم بعد نهاية الحرب العالمية الأولى[50].
كما تتمحور الليبيرالية البنيوية حول فكرة أساسية مفادها أن الدول الديمقراطية أكثر میلا لإحترام إرادة مواطنیها، وأقل میلا للإقدام على مباشرة الحرب مع جيرانها الديمقراطيين، وبالرغم من أن جوهر الفكرة قدیم جدا إلا أن هذه الرؤية قد أعید تقديمها حدیثا في إطار ما یعرف بنظرية السلام الديمقراطي[51]،حيث يرى أنصارها أن الدول الديمقراطية لا تسعى إلى محاربة بعضها البعض، إذ تشكل الديمقراطية مصدرا رئيسيا للسلام، وفي هذا الإطار يرى روبرت كوفمان أن سبب الحروب وعدم الإستقرار الأمني يعزى إلى غياب الديمقراطية، لذلك فان الإقتراب الرئيسي لهذه المقاربة يرتكز على أن الدول الديمقراطية نادرا ما تحارب بعضها البعض، رغم دخولها في حروب مع دول أخرى[52].
كون الحكومات الديمقراطية لها دور في صنع ودعم السلم الدولي، وذلك بانطلاقها من فرضية أن الدول الديمقراطية تعتنق ضوابط التوفيق التي تمنع استعمال القوة بين أطراف تعتنق نفس المبادئ، باعتبارها أكثر ميلا للسلام من الدول التسلطية[53]، كما أن أن الديمقراطيات ستمتنع على إستخدام القوة ضد ديمقراطيات أخرى، وأن التجارة المهمة إقتصاديا تخلق حافزا للمحافظة على العلاقات السلمية، وأنه يمكن للمنظمات الدولية أن تقيد صناع القرار من خلال تعزيز السلام بطريقة إيجابية[54]، وبهذا المعنى فقد أوجدت الدول الليبيرالية ما سماه مايكل دويل السلام المنفصل، ومع أن الدول الليبيرالية مسالمة بالنسبة للدول الليبيرالية الأخرى، فإن دويل يدرك بأن الديمقراطيات الليبيرالية لا تقل عدوانية عن أي نوع أخر من الدول في علاقاتها مع الأنظمة الفاشية والشعوب التي ليست لها دول[55].
وقد تميزت هذه المقاربة بالتشديد على الطابع السلمي للديمقراطيات التي تحترم القانون ولا تميل للعنف، وبالقول بأن النظم الديمقراطية لا يمكن أن تلجأ للحرب في مواجهة بعضها البعض كأسلوب لمعالجة الخلافات والتناقضات، وهو ما يبرر تسمية هذا الاتجاه بالسلام الديمقراطي في إشارة إلى ما قدمه إيمانويل كانط من تصور للسلام قائم على أهمية إقرار دستور عالمي يضمن السلام بين الأمم وفدرالية أو حكومة مركزية للدول الحرة التي تسعى للسلام وحكم القانون[56].
“فالديمقراطيات مصممة مؤسسيا بحيث تستجيب لآراء جمهور ناخبيها، فبما أن الناس يفضلون السلام على الحرب بصفة عامة، وبما أن الناس هم الذين يعانون في الحرب فان الحكومات الديمقراطية تتصف بالحساسية إزاء تكاليف الصراع، لذا يغلب عليها إتباع إاستراتيجيات ترمي الى تجنب الحرب، وفيما يخص المعايير والثقافة فان الديمقراطيات تفترض أن الديمقراطيات الأخرى تؤمن أيضا بفكرة التسوية السلمية للمنازعات وإستخدام القوة فقط في الملاذ الأخير”[57]
وفي هذا الإطار كتب فرانسيس فوكوياما في عام 1989 مقالة بعنوان نهاية التاريخ ابتهاجاً بإنتصار الليبيرالية على جميع الأيديولوجيات الأخرى، وقد جادل فيها بأن الدول الليبيرالية أكثر إستقرار داخليا وأكثر مسالمة في علاقاتها الدولية، وهو ما أتاح الصبغة الشرعية لأولئك الذين كانوا يسعون لتصدير الليبيرالية[58].
ويظهر تشبع دويل بكتابات كانط من خلال إشارته إلى العناصر الثلاثة التي قدمها الأخير حول الأمن الدولي في كتابه السلام الدائم وهي التمثيل الديمقراطي الجمهوري، الإلتزام الأيديولوجي بحقوق الإنسان والترابط العابر للحدود الوطنية، وهي العناصر التي تفسر إتجاهات الميل إلى السلام الذي تتميز به الدول الديمقراطية، أما روست فيجادل بأن القيم الديمقراطية ليست التأثير الوحيد الذي يسمح للدولة بتجنب الحرب لأن القوة والتأثيرات الإستراتيجية تؤثر في حسابات جميع الدول بما في ذلك الديمقراطيات، التي تمنع إستخدام القوة بين أطراف تؤمن بنفس المبادئ[59]، فضلا عن ذلك فان السبب الذي يدفع الدول ألا تحارب بعضها البعض قد يكمن فيما يلي[60]:
1-يتعلق بالمعايير، فالديمقراطيات تعمل داخليا ضمن مبدأ أنه يجب على الصراعات أن تحل بطريقة سلمية من خلال المفاوضات والتنازلات من دون اللجوء إلى التهديد بإستخدام التهديد والعنف المنظم أو إستخدامه فعلا، ففي ظل وجود ثقافة التفاوض والحوار في الديمقراطيات والقيم المتقاربة مع التقارب في السلوكيات المحترمة للقانون يجعل صناع القرار يفضلون التفاوض على الحرب والتسوية بدلا من الإكراه،
2-يتعلق بالمؤسسات، فالزعماء الديمقراطيون الذين يدخلون في حرب مساءلون ومحاسبون من خلال المؤسسات الديمقراطية عن تكاليف الحرب ومكاسبها، وغالبا ما تفوق التكاليف الفوائد، ويتحمل عامة الناس معظم هذه التكاليف، ويخاطر الزعماء الديمقراطيون الذين يشعلون حروبا بأن لا يعاد إنتخابهم للرئاسة مجددا، وعليه تكون الحرب مع الدول غير الديمقراطية غير مقبولة، غير أن التاريخ أثبت بأن الدول الديمقراطية غالبا ما تحارب كالدول الأخرى بل أنها تورطت نسبيا في عدد من الحروب يضاهي عدد حروب الدول الأخرى،
3-أن المؤسسات العابرة للحكومات والدولية تربط الديمقراطيات معا بشبكات كثيفة تعمل على تقييد السلوك،
4-أن تنوع المؤسسات والعلاقات في الدول الديمقراطية يخلق عوامل وتوازنات وضغوط متعارضة الأمر الذي يمنع قيام الحرب بينها.
غير أن العديد من المفكرين مازالوا يتعاملون مع هذه الأطروحة بنوع من الشك والتوجس على إعتبار يمكن شرح السلام النسبي بين الديمقراطيات بالنظر إلى عوامل أخرى، حيث أشار كل من دافيد سبير وجوان قوا إلى أن العزوف الظاهري عن تورط الديمقراطيات في الحرب ضد بعضها البعض راجع إلى الطريقة التي عرفت بها الديمقراطية والعدد القليل نسبيا لهذا الصنف من الدول خاصة قبل سنة 1945 ، أما غياب حالات النزاع بين الديمقراطيات بعد هذه الفترة فيرجعه (قوا) إلى وجود مصلحة مشتركة في إحتواء المد الشيوعي أكثر من تقاسم المبادئ والقيم الديمقراطية[61].
الحجج المؤسساتية والسلام الديمقراطي.
Thomas S. Szayna et al, The Emergence of Peer Competitors: A Framework for Analysis, Rand publications, 2001, p 149. ([62])
الهامش
[1] سليم قسوم، الاتجاهات الجديدة في الدراسات الأمنية: دراسة في تطور مفهوم الأمن عبر منظورات العلاقات الدولية، رسالة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص: الإستراتيجيات والمستقبليات، جامعة الجزائر 3، كلية العلوم السياسية والإعلام، قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية، 2010، ص7
[2] عبد الحي وليد، تحول المسلمات في نظرية العلاقات الدولية، مؤسسة الشروق للإعلام والنشر، الجزائر، 1994، ص 24.
[3] جندلي عبد الناصر، أثر الحرب الباردة على الإتجاهات الكبرى والنظام الدولي، مكتبة مدبولي، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 2011، ص 153
[4] عبد القادر دندن، الإستراتيجية الصينية لأمن الطاقة وتأثيرها على الإستقرار في محيطها الإقليمي: أسيا الوسطى –جنوب أسيا –شرق وجنوب شرق أسيا، رسالة دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص: علاقات دولية، جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2012-2013، ص 32
[5] جويدة حمزاوي، التصور الأمني الأوروبي: نحو بنية أمنية شاملة وهوية إاستراتيجية في المتوسط، مذكرة ماجستير في العلوم السياسية، تخصص: دراسات مغاربية ومتوسطية في التعاون والأمن، جامعة الحاج لخضر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2010-2011، ص17
[6] سليم قسوم، الاتجاهات الجديدة في الدراسات الأمنية، مرجع سابق، ص ص 65-66
[7] بالة عمار، مكانة الولايات المتحدة الأمريكية في الترتيبات الأمنية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، رسالة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص: علاقات دولية، جامعة الحاج لخضر، باتنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2011-2012، ص 11
[8] جیمس دورتي وروبرت بالستغراف، النظريات المتضاربة في العلاقات الدولية، تر: وليد عبد الحي، الكويت، كاظمة للنشر والتوزيع والترجمة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ديسمبر 1995، ص 61
[9] سليم قسوم، مرجع سابق، ص 67
[10] جويدة حمزاوي، مرجع سابق، ص 20
[11]حسام حمزة، الدوائر الجيوسياسية للأمن القومي الجزائري، رسالة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص: علاقات دولية، جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2010-2011، ص 11
[12] عمار بالة، مكانة الولايات المتحدة الأمريكية في الترتيبات الأمنية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، رسالة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص: علاقات دولية، جامعة الحاج لخضر، باتنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2011-2012، ص 10
[13] جيمس دورتي وروبرت بالستغراف، النظريات المتضاربة في العلاقات الدولية، مرجع سابق، ص59
[14] Paul Viotti et Mark V. Kauppi, International Relation Theory : Realism, Pluralism, Globalism and Beyond, USA, Boston, Allyand Bacon, 1997, P 56.
[15] عبد الناصر جندلي، انعكاسات تحولات النظام الدولي لما بعد الحرب الباردة في الاتجاهات النظرية الكبرى في العلاقات، رسالة دكتوراه دولة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص: علاقات دولية، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والاعلام، قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية،2004-2005، ص 115
[16] أنظر: جويدة حمزاوي، مرجع سابق، ص ص 17-18
Charls -Philippe David et Jean Jaques Roche, Théories de la Sécurité, France, Paris, Edition Montchrestien, 2002, P 90.
[17] سليم قسوم، مرجع سابق، ص 68
[18] Paul D. Williams (Ed (Security Studies : An introduction. Routledge. New York. First published 2008, p. 18.
[19] تيموثي دن، الواقعية في: جون بيليس وستيف سميث (محرران) عولمة السياسة العالمية، ترجمة ونشر مركز الخليج للأبحاث، دبي، 2004، ص 235
[20] نصار الربيعي، دور الهيمنة الأمريكية في العلاقات الدولية، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، 2013، ص ص 102 – 103
[21]تيم دان، ميليا كوركي، وستيف سميث، نظريات العلاقات الدولية: التخصص والتنوع، تر: ديما الخضرا، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2016، ص 214
[22] سليم قسوم، مرجع سابق، ص ص 69 -70
[23] عبد الناصر جندلي، أثر الحرب الباردة على الاتجاهات الكبرى والنظام الدولي، مرجع سابق، ص 194
[24] ثيموتي دن، “الواقعية”، مرجع سابق، ص. 224
[25] Kenneth N. Waltz, Theory of International Politics, New York, McGraw-Hill, 1979, P. 102.
[26] سليم قسوم، مرجع سابق، ص 71
[27] For more look at : Jean François Thibault, « Représenter et Connaitre les Relations Internationales : Alexandre Wendt et le Paradigme Constructiviste », http:// www.er.uqam.ca/nobel/cepes/note7.html.
[28] عبد الناصر جندلي، أثر الحرب الباردة على الاتجاهات الكبرى والنظام الدولي، مرجع سابق، ص 201.
[29] نفس المرجع، ص 202-203
[30] عمار بالة، التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الافريقي وتداعياتها على الأمن القومي الجزائري: مالي نموذجاً، رسالة دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص: علاقات دولية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2017-2018، ص 49
[31] سليم قسوم، مرجع سابق، ص 94
[32] عمار بالة، التهديدات الأمنية في الساحل الافريقي وتأثيراته على الأمن القومي: مالي نموذجاً، مرجع سابق، ص 55
[33] جون بيليس، الأمن الدولي في حقبة ما بعد الحرب الباردة، جون بيليس وستيف سميث (محرران) عولمة السياسة العالمية، ترجمة ونشر مركز الخليج للأبحاث، دبي، 2004، ص427
[34] خالد معمري، التنظير في الدراسات الأمنية لفترة ما بعد الحرب الباردة: دراسة في الخطاب الأمني الأمريكي بعد 11 سبتمبر، رسالة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص: العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية، جامعة باتنة، كلية الحقوق، قسم العلوم السياسية، 2007-2008، ص 98
[35] محمد الطاهر عديلة، تطور الحقل النظري للعلاقات الدولية: دراسة في المنطلقات والأسس، رسالة دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص علاقات دولية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2014-2015، ص156
[36] أنور محمد فرج، نظرية الواقعية في العلاقات الدولية: دراسة نقدية مقارنة في ضوء النظريات المعاصرة، مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية، السليمانية، 2007، ص 413
[37] نصار الربيعي، دور الهيمنة الأمريكية في العلاقات الدولية، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2013، ص ص 121 – 122
[38] نفس المرجع، ص 118
[39] جينيفر ستيرلنغ فوكر، الليبيرالية الجديدة، في نظريات العلاقات الدولية: التخصص والتنوع، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2016، ص 295
[40]نفس المرجع، ص 293
[41] جينيفر ستيرلنغ فوكر، الليبيرالية الجديدة، مرجع سابق، ص ص 296-297
[42] جويدة حمزاوي، مرجع سابق، ص26
[43] سليم قسوم، مرجع سابق، ص 95
[44] نفس المرجع، ص97
[45] خالد معمري، مرجع سابق، ص98
[46] جويدة حمزاوي، مرجع سابق، ص24
[47] نفس المرجع، ص25
[48] خالد معمري، مرجع سابق، ص 93
[49] كريس براون، فهم العلاقات الدولية، مركز الخليج للأبحاث، دبي،2004، ص158
أنظر: مبروك غضبان، مدخل الى العلاقات الدولية، الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية، الجزائر،2007، ص 335[50]
[51] توفيق حكيمي، مستقبل التوازن الدولي في ظل الصعود الصيني، رسالة دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصص: علاقات دولية، جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2014-2015، ص65
[52] عمار بالة، التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الافريقي وانعكاساته على الأمن القومي الجزائري: مالي أنموذجا، مرجع سابق، ص 53
[53] Jean jacques roche, théories des relations internationales, 5éme éditions, paris : éditions Montchrestien, 2004, pp 96 – 95
[54]جينيفر ستيرلنغ فوكر، الليبيرالية الجديدة، مرجع سابق، ص265
[55] تيموثي دن، الليبيرالية، في: جون بيليس وستيف سميث (محرران) عولمة السياسة العالمية، ترجمة ونشر مركز الخليج للأبحاث، دبي، 2004، ص329
[56] يوسف محمد الصواني، نظريات في العلاقات الدولية، منتدى المعارف، بيروت، لبنان، 2013، ص 67
[57]سليم قسوم، مرجع سابق، ص 99
[58] تيموثي دن، الليبيرالية، مرجع سابق، ص330
[59] عمار بالة، التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الافريقي وانعكاساته على الامن القومي الجزائري: مالي أنموذجا، مرجع سابق، ص 54
[60] أنظر:
– جينيفر ستيرلنغ فوكر، الليبيرالية الجديدة، في نظريات العلاقات الدولية: التخصص والتنوع، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، 2016، ص ص 265-266
كارين أ. منغست وايفان م. أريغوين، مبادئ العلاقات الدولية، ترجمة: حسام الدين خضر، دار الفرقد للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، 2013، ص 127
[61] سليم قسوم، مرجع سابق، ص 100
[62] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.