سجون مصر تاريخ المفاوضات على الحرية
في منتصف عام 2016 يحكي خليل [اسم مستعار] وهو شاب عشريني مُعتقل بسجن جمصة شديد الحراسة [عنبر 1] أنه ظهرت حملة يقودها شاب في أواخر العشرينات يدعى فريد [اسم مستعار] مفادها استمارة تصالح مع النظام الأمني في مصر لضمان الاعتراف به وعدم معاداته بالمقابل خروجه هو ومن يمضي على ذات الاستمارة.
بعد صيت الحملة ومجيء إحدى ضباط أمن الدولة إلى السجن ليخرج له من أجل الحديث والتفاوض من كان له نية التصالح والخروج، وبعد انتهاء عدة استجوابات طفيفة لا وضوح لِمعناها يرجع المُتصالحون إلى العنبر آملين أن تكون تلك المحاولة جادة للخروج من أحكام قد صدرت بحقهم، وفقًا لِشهادة محمد [اسم مُستعار] وهو شاب عشريني مُعتقل بذات السجن ينفي صلته بأي تنظيم سواء داخل السجن أو خارجه ولكنه يؤكد على نبذ تلك المجموعة وتعدادهم لا يتجاوز 20 شخصًا من قبل الحالة العامة للمُعتقلين لاسيما قادة الإخوان ويشهد بحضور خطب وجلسات قادها إخوة في كل زنزانة بعد صلاة العشاء في درسٍ مُخصص ينبذون فيها قائد الحملة [فريد] بوصفه قد شرد وتمرد لأنه ابن أخٍ للجماعة قائلين عنه ومن معه بأنهم باعوا دم الشهداء و تاجروا بالقضية وطأطُأوا رؤوسهم للسلطان الجائر.
وقد نُبذوا بالفعل وتجنب الجمع الحديث معهم خوفًا على سمعتهم بأنهم باعوا القضية أو أصبحوا مرشدين لضباط المباحث السجن حتى في وقت لاحق قد نُقلوا من [عنبر 1] إلى عنبر آخر يتواجد فيه بعض المُختلفين عن الإخوان فكريا كشباب تنظيم الدولة، وضُرب بهم المثل في تنازلهم عن القضية والضحك عليهم من قبل السلطات بعدم خروجهم أو الإفراج عنهم.
هذه قصة حديثة من عدة قصص تتناول الحديث عن مصالحات وتوبة ومفاوضات بشأن العفو من النظام المصري عن المعتقلين والسماح لهم بالخروج ليكملوا حياتهم بعيدًا عن الدين والسياسة.
ولعلّ تاريخ المفاوضات يبدأ من القصة الشهيرة بين سيد قطب قبل إعدامه عندما أرسل له رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر أخته حميدة قطب لتطلب منه أن يكتب وبإمضائِه بأنه كان عميلًا لأمريكا فينشر كلامه في الجرائد والصحف فيُخفف عنه حكم الإعدام ويبقى على قيد الحياة فكان رد قطب لأخته بأنه عميلٌ ولكن لله الواحد القهار وأنه طلب من الله الشهادة، مستنكرا: أفبعد أن يستجيب الله له يرفض هو نداء الله له. وبعدها قد نُفذ حكم الإعدام ومات الشيخ سيد قطب ليسطر بكلماته لأخته تاريخًا على الطراز الحنبلي بعدم التفاوض مع السلطان.
مراجعات الجماعة الإسلامية
اتخذت الجماعة الإسلامية أواخر السبعينات مسلكًا مقاومًا مُسلحًا للسلطة المصرية بقيادة السادات كانت بدايته اغتيال السادات نفسه وسط قواته بقيادة خالد الإسلامبولي والأخوين الُزمر وغيرهم ممّن ينتمون لجماعة الجهاد الإسلامي، ومن بعد ذلك دخلت الجماعة الإسلامية في صدام صفري مع نظام حسني مبارك فبدأت بتنفيذ بعض العمليات من الاغتيالات لشخصيات أمنية وحكومية مُقابل تصفية وإعدام واعتقال المئات والآلاف من كوادر الجماعة وأفرادها. ظل هذا الصراع قائمًا لما يقرب من عقدين إلى أن أعلنت كوادر الجماعة من داخل السجن اعتزالهم العمل المُسلح، وقد تلا هذا الإعلان أحد أفراد الجماعة في 5 يونيو/حزيران من عام 1997م في إحدى جلسات محاكمته هو وآخرون في قضية قتل ضابط شرطة والذي قال فيه إن الجماعة الإسلامية تُعلن اعتزالها العمل المُسلح.
وبالرُغم من اعتراض بعض مُفكري وقيادي الجماعة مثل الشيخ رفاعي طه الذي أعلن رفضه المبادرة واختلافه مع قيادات الجماعة الآخرين مثل كرم زهدي وناجح إبراهيم، ومع ذلك لم يتراجع النظام المصري عن البطش بأفراد الجماعة سواء في الداخل أو الخارج ولم يأخذ خطوةً للوراء تجاه ملف المُعتقلين وهم القائمون على المبادرة ذاتها، إلى أن جاء مطلع الألفينات وبعد أحداث سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة الأمريكية بدأ النظام المصري يتجاوب مع المبادرة والتي خرجت في شكل مراجعات فكرية شرعية قد ألفتها الجماعة عن اقتناع وهي عبارة عن أربعة كتب:
- مبادرة وقف العنف: رؤية واقعية ونظرة شرعية
- تسليط الأضواء على ما وقع في الجهاد من أخطاء
- حرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين
- النصح والتبيين في تصحيح مفاهيم المحتسبين
وبادرت الدولة ونظام مبارك بشكلٍ حقيقي نحو احتواء المراجعات وتنميتها وتشجيع بقيادة اللواء أحمد رأفت وهو مختص الجهاز الأمني بشأن التطرف الديني ومن ناحية أخرى قادة الجماعة الإسلامية كناجح إبراهيم وكرم زهدي في إقناع شباب الجماعة المعتقلين في التخلي عن فكرة المقاومة المُسلحة ضد أجهزة الدولة المصرية فزال التضييق على المعتقلين وذويهم وأصبحت المعتقلات بمثابة ساحة جامعية فكرية للنقاش والحوار مع كبار المُفكرين والمُثقفين وخرج الكثير من أفراد الجماعة والكثير من قياداتها مثل ناجح إبراهيم وكرم زهدي وهم الذين يتولون جزءًا من ملف المراجعات الفكرية القائمة الآن في السجون المصرية المطروحة من شباب الإخوان وغيرهم من التنظيمات الأكثر أصولية مع التنسيق مع الأجهزة الأمنية.
وبعد اندلاع ثورة يناير وخروج الأخوين طارق الزمر وعبود الزُمر من السجن وبداية العمل الحزبي للجماعة الإسلامية بتأسيسهِم حزب البناء والتنمية وانخراطهم في العمل السياسي برفقة الإخوان المُسلمين وما إن فُتِحَت كل الطرق السياسية في وجه الإسلام السياسي حتى جاءت موجة جديدة من الانتقام من الإسلاميين بقيادة الرئيس المصري الحالي ومدير انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013 عبد الفتاح السيسي وعلى إثر تلك الموجة زُج بعشراتِ الآلاف من أبناء الحركة الإسلامية وقياداتها في السجون.
وبالرُغم من اتهامات وتصنيف الدولة المصرية مرةً أُخرى للجماعة الإسلامية بالإرهاب إلا أن قيادات الجماعة الإسلامية ومنهم طارق الزُمر قد أعلنوا بتمسكهِم بمبادرة الجماعة سابقًا ونبذ العُنف وحرصهم على الطرق السلمية في الدعوة والتغيير.
مراجعات السجون الحالية
مع الزّج بعشرات الآلاف من الشباب والقيادات في غيابات قبو مجموعة السجون المصرية على إثر تُهم سياسية منذ 6 سنوات مضت. ومع ضيق الحال بالمعتقلين وكُفرهم بالصبر على مشقة السجن وحياته اللاآدمية وفقدان أملهم في قيادة الجماعة بالخروج من هذا النفق الكاحل فضلًا عن انعدام رؤية استراتيجية من قيادة الجماعة وتشرذمِها وانقسامها على نفسها ما كان الحال بهم إلا أن يطلقوا كل فترةٍ وأخرى مبادرة لحل الأزمة وانتشالهم من غياهب السجن إلى شروق الشمس من بين تلك المبادرات.
خرجت تلك المبادرة في شهر مايو/أيار الماضي من سجن استقبال طرة يقودها شخص ذو توجه إسلامي يدعى محمد الريس وهو حاصل على ليسانس الحقوق وبالنظر إلى تاريخه فهو أحد المُنتمين سابقًا إلى الجماعة الإسلامية وقد اعتقل من قبل عام 1995 وكان عمره 19 عاما حينئذٍ وقضى 8 سنوات قبل أن يخرج ويعود اعتقاله إثر موجة اعتقالات ما بعد 3 يوليو/ تموز 2013، احتوت مبادرة الريس على مناداة الدولة المصرية بواجبِ الدستور والقانون للسماحِ للمعتقلين الذين راجعوا أفكارهم واستراتيجياتهم التنظيمية والإدارية للتأهيل داخل السجون للخروج منها والاندماج في المُجتمع بكافة مؤسساته وشرائحه فضلًا عن إعلانهم استقلالهم والتخلي عن أي تنظيمات إخوانية أو سلفية بمختلف أسمائها ووضع حد للأفكار المتطرفة والخروج سعيًا للوقوف مع الدولة المصرية ونظامها ضد المؤامرة الإمبريالية التي تستهدف المنطقة العربية وفي قلبها مصر، مُتخذين مثالًا بدول الجوار والذي عّمَّ فيها الفوضى والخراب وسفك دماء الشعوب، ولم تلق المبادرة إلى الآن صدى كبيرًا تجاه الرأي العام بل وحتى لم يستجب لها النظام المصري بشكلٍ جِدي بل اكتفى النظام بمتابعته للأوضاع من قبل قطاع ضباط أمن الدولة المُطلعون على السجن.
وبالنظر إلى تلك المبادرة فهي تبدو أقرب إلى السطحيةً، فقد نصت على كُفر المعتقلين بمشقة السجن وافتقدت للمراجعات الفكرية الحقيقية، وذلك على عكس المبادرة التي قُدمت من قبل مُعتقلين سجن الفيوم الموجود بمنطقة دمو والتي شملت انتقادًا حقيقيًا لأفكار وأدبيات الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة وبدأت بالفعل مجموعة من المعتقلين بإنشاء جلسات نقاش حول تلك الأدبيات بل نقدها بشكلٍ حاد استنادًا في نقدهم لكتاب أزمة التنظيمات الإسلامية الإخوان نموذجًا للمُفكر القطري جاسم سلطان والذي انتقد فيه التنظيمات الإسلامية على المستوى الفكري والهيكل الإداري مستشهدًا في انتقاده بالإخوان المسلمين وتجارب فشلهم. ولم تكن جدوى المراجعات العفو والخروج من المعتقل، بل كانت مناقشات حقيقة لمراجعات أفكار الإخوان المسلمين وأهدافهم بشكل حقيقي.
وفي ذلك الوقت أعلن الأزهر الشريف ودار الإفتاء بدء مشروع [ترشيح العقل المُتطرف] هدفه إلقاء محاضرات توعوية بشأن فهم النصوص الدينية وإخراج أفكار الغلو والتطرف من عقول الشباب في السجون وقد أشرف على تلك المحاضرات أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية والتقى بعدد كبير من السجناء من أجل إلقاء المحاضرات والمُناقشة. وبالفعل اهتمت السلطات الأمنية بتلك المبادرة وعقدت مع مُتبنيها عدة لقاءات ولكن لم تُجدِ ولم تنته بخروج المعتقلين أو حتى إلى التوصل إلى اتفاق بعينه من الطرفين.
رسائل استغاثة وردود الفعل تجاهها
في بداية شهر أغسطس/آب 2019 خرجت رسائل بعنوان رسائل شباب المعتقل إلى قيادات الإخوان في الخارج وهي المرة الأولى من نوعها التي يوجه شباب المعتقلات رسائلهم إلى قيادة خارجية بعيدًا عن المبادرات والمُراجعات والتي في الغالب تناقش مع الأجهزة الأمنية داخل السجون، ولكن قد أثارت تلك الرسائل ضجة وتفاعلا بشكل كبير من الحالة العامة على مواقع التواصل ممّا استدعى ذلك رد القيادي الإخواني ورئيس مكتب الإخوان بالخارج المُقيم في لندن إبراهيم مُنير، جاءت الرسائل بشكل عام لتبرز معاناة الشباب في السجون من معيشة لا آدمية وظروف صحية مُميتة وأعمار تُهدر دون جدوى، بل جاءت كاشفة للفجوة الفكرية والإدارية الكبيرة بين الشباب والشيوخ داخل الزنزانة الواحدة ممّا أسفر عن خلافات وإشكاليات كبيرة لا طاقة لهم بها، فوجهت نداء استغاثة إلى القيادة الإخوانية لعمل واتخاذ أي خطوات تفاوضية مع النظام المصري بشأن خروج الشباب من المُعتقل في أقرب وقت لاسيما الشباب ذوي الأحكام العالية [10 سنوات وما فوق].
استقبلت الرسائل على الساحة من قِبل فرقتين فرقة خونت الرسائل وشككت في مصداقيتها وألصقت الرسائل بجهة أمنية وأكدت على ثبات الإخوان والُمعتقلين في السجون وفئة أخرى -وهي من ذوي المُعتقلين الشباب- تذكرت أخطاء قيادات الإخوان ووقفوا لمؤازرة رسالة المعتقلين من الداخل وهاجمت قيادات الإخوان الذين وصفوهم بأنهم يعيشون تحت المكيفات وأنهم السبب في الوصول إلى المعاناة المُميتة للمُعتقلين وذويهم، وبين مشادات وانتصارات للرأي من كل طرف، ظهر على مسائية الجزيرة مباشر القيادي في جماعة الإخوان إبراهيم مُنير ليزيد الخلاف حدة ويقول إن الإخوان المُسلمين لم يحملوا ولم يجبروا الشباب للانضمام إليهم أو الانخراط في العمل معهم وأن الجماعة تفتح باب الرخصة كما فتحته من قبل في محنة عبد الناصر لمن أراد أن يتبرأ منها ويخرج فليتبرأ ويخرج.
وقد استقبلت الحالة العامة تصريحات مُنير بالسخط والسُباب من قبل الشباب واصفينَ إياه بالمُتخاذل والمُنتفع من تلك الأزمة وغير مُبالٍ لمعاناة الشباب المُعتقلين. بينما قال المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان طلعت فهمي في لقاء على قناة الجزيرة عندما حاوره المذيع متسائلا: هل حاولت الجماعة من قبل التفاوض مع النظام المصري خلال ست سنوات مضت منذاندلاع الأزمة وكان رده بأنهم حاولوا وأعلنوا ذلك ولكن النظام المصري قام بإيصادِ الأبواب تجاه كافة المفاوضات التي قدمتها الجماعة.
الحالة العامة داخل السجون بشأن المفاوضات.
يسرد إبراهيم [اسم مستعار] وهو شاب سبق اعتقاله لأكثر من عامين الحالة السائدة من وجهة نظره في السجن بين جيل الشباب والشيوخ داخل السجن، بأن سببه الأساسي اتساع الفجوة في التفكير والإدارة وطريقة النقاش والنظر إلى الجماعة، فالشباب هم أكثر مرونة في التفاهم وتقبل الآراء المُخالفة بعكس الشيوخ والقادة الذين لا يقبلون النقاش وتغليط الجماعة في مسارها في المقاومة مع النظام فضلًا عن الثقة الزائدة والطاعة العمياء في نقل الأخبار والتي يكون مُعظمها مُفبرك بداعي رفع الحالة المعنوية وبث التفاؤل عن طريق إشاعات انشِقاق الجيش وعدم رضا الولايات المتحدة والغرب الأوروبي عن أداء السيسي وغير ذلك من الأكاذيب والتحليلات السياسية من إخوانهم الأكبر منهم إداريًا داخل الجماعة، وقد شهدتُ الكثير من الشباب الذين تركوا الجماعة وامتنعوا من حضور لقاءات هؤلاء الكبار، بل حاولوا الانتقال إلى عنبرٍ آخر بعيدًا عن التحكمات الفكرية والإدارية التي يصعب تقبلها، فضلًا عن الشباب الذين اسْتُقْطِبوا من قبل تنظيم الدولة الإسلامية الفصيل الأكثر كراهيةً للإخوان داخل السجون. وحديث إبراهيم هُنا ليس غريبًا بل تؤكِده معظم المبادرات والرسائل التي تخرج من المعتقلين بأنهم فقدوا الثقة في الإخوان وقياداتها بل اكتشفوا مدى جهلهم بالفكر والواقع والأزمة الراهنة مع النظام المصري.
https://www.youtube.com/embed/nMyoXyqR9PI?feature=oembedعمرو أديب يرفض المصالحة
هل يعفو النظام المصري؟
دائمًا ما يتخذ النظام المصري موقف الصمت الإعلامي تجاه المبادرات والمراجعات الفكرية التي يُقدمها الشباب داخل السجون ذوي التيارات والأفكار والمُختلفة، بل يتابع الوضع من خلال ضباط أمن الدولة المكلفين بمتابعة السجون، إلا أن مسؤولين في المجلس القومي لحقوق الإنسان تحدثوا عن تلك المبادرات، منهم اللواء فؤاد علام الذي دعا إلى السماع والتواصل بشكل جيد إلى تلك المبادرات لأنها بمثابة توبة حقيقية ومراجعة فكرية للتنظيمات التي كان ينضم لها الشباب، وقد صرح أيضًا مختار نوح وهو القيادي المنشق عن الإخوان المسلمين وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان متحدثًا عن إحدى المبادرات التي قُدمت بأنها مراوغة من شباب الإخوان للخروج ولا يكفي المراجعة فقط بل شدد على واجب الشباب للتبرؤ من التنظيم والسعي لفكه وحله بشكلٍ كامل.
ونادرًا ما يتكلم الإعلام المصري بشأن تصالح النظام مع الإخوان إلا في حالات قليلة منها ما شاهدناه في حلقة الإعلامي عمرو أديب في برنامج الحكاية وقد شنَّ هجومًا شديدًا على قياديّ الإخوان البارزين في الخارج يوسف ندا وإبراهيم مُنير بشأن ترويجهم أن النظام المصري يريد التصالح نافيًا أديب نية النظام المصري في ذلك بل ومعايرًا الإخوان بأنهم ليس في يديهم شيء ليتفاوضوا بشأنه.
وقد قسم الباحث في الحركات الإسلامية أحمد فريد مولانا في مداخلةٍ على قناة الجزيرة مباشر المعتقلين السياسيين إلى ثلاث شرائح؛ الأولى وهي الشريحة التي قُبض عليها إثر قضايا انتماء لجماعة الإخوان أو قضايا تظاهر وصُدر بحقهم أحكام خفيفة وهم بالفعل قد توجهت السياسة الأمنية في مصر لإخراجهم سواء عن طريق العفو أو عن طريق قضاء مدة السجن الصادرة قانونيًا بحقهم، والفئة الثانية هي فئة الكوادر الكاريزمية والتي بخروجها قد تُحرك تيارًا مجتمعيًا راكد نحو الاحتجاج أو الثورة وضرب لها المثل بالشيخ حازم أبو إسماعيل والدكتور حسام أبو البخاري والدكتور البلتاجي، والشريحة الثالثة هي التي دخلت ضمن قضايا أعمال عُنف ومقاومة مثل أعضاء تنظيم حسم ولواء الثورة وتنظيم الدولة الإسلامية، وقد استبعد الشريحتين الثانية والثالثة من الخروج إلا إذا تغير النظام المصري بشكلٍ كبير، وأكد مولانا إزاء الرسائل الأخيرة الموجهة لقيادات الإخوان بالتصالح مع النظام بأن القيادة الإخوانية ليس لديها ما تقدمه وتتفاوض عليه مع النظام المصري.
من جهة أخرى يرى النظام المصري أنه لن يقبل خروج أصحاب المراجعات الفكرية حتى ولو كانت حقيقية لأنه مازال غارقًا في أعمال عنف تحدث كل فترة ليست ببعيدة من قتل ضباط وعساكر للجيش والشرطة في سيناء ولاسيما بعدما انتقلت تلك العمليات داخل القاهرة الكبرى ومُنفذيها هم إسلاميون ينتمون إلى حركات مثل حسم وتنظيم الدولة، ويخشى النظام المصري الإفراج عن أي شخصٍ قد شارك في منهجيات المقاومة المسلحة سواء فكريًا أو عمليًا من رجوعه لتلك الأفكار مرةً أُخرى فيكون هو الذي قبض عليه وأفرج عنه ليبحث عنه مرةً أُخرى. أو كما قال مولانا بأن رسالة المسؤولين داخل السجن أنه لن يخرج من شارك في أي عمليات عُنف حتى لو ارتدَّ عن الإسلام.
الوسوم