المرصد

تطورات المشهد السعودي 11 أكتوبر 2016

تمهيد:

تقرير دوري يتناول أهم القضايا الداخلية والخارجية التي كانت محلاً لاهتمام وسائل الإعلام السعودي، وكذلك قضايا العلاقات المصرية السعودية، خلال الفترة من 2 إلى 10 أكتوبر 2016، وذلك على النحو التالي:

أولاً: مقدمة:

يقدم هذا العدد من التقرير، قراءة في أبرز اتجاهات الحدث السعودي، السياسي والاقتصادي، ورؤية الإعلام السعودي لتطورات الحدث الداخلي والإقليمي، والعلاقات المصرية السعودية، خلال الفترة من الإثنين، الثالث من أكتوبر، وحتى الأحد التاسع من أكتوبر 2016م.

ثانياً: حدث الأسبوع:

بالرغم من أن المؤشر الإحصائي يشير إلى الأهمية النسبية التي احتلتها قضايا عدة مثل الحرب في اليمن، على المستوى الخارجي، وقرارات التقشف الاقتصادية الأخيرة في المملكة، والتي تم تدعيمها بقرار اعتماد التقويم الميلادي، بدلاً من الهجري، مما سوف يوفر بضعة مليارات من الدولارات سنويًّا للموازنة السعودية؛ إلا أن هناك حدثٌ اكتسب مكانته كحدث الأسبوع بسبب أهميته في سياق السياسات السعودية وأولوياتها في الوقت الراهن، بالإضافة إلى جمعه بين أطراف أكثر من ملف إقليمي تهم الرياض، وهو معركة الموصل المقبلة في العراق، والموقف التركي منها، والأزمة التركية العراقية الأخيرة على خلفية هذا الحدث.

يرتبط هذا الموضوع بالملف المركزي في السياسة الخارجية السعودية منذ ما يقرب من عامَيْن، وهو الصراع المتصاعد مع إيران، والذي يشمل مختلف قضايا الإقليم حاليًا، بما فيها الحرب في اليمن، وفي سوريا، وأسعار النفط، وغير ذلك.

كانت النقطة المركزية التي ركزت عليها المصادر السعودية المختلفة في هذا الصدد، هي رفض مشاركة قوات الحشد الشعبي الشيعية في معركة الموصل، وإعلان تركيا رفضها لـ”مشاركة الشيعة في عملية تحرير الموصل” المرتقبة.

وفي هذا الصدد، صدَّرت صحيفة “الحياة” اللندنية، عددها يوم السبت 8 أكتوبر، بتقرير موجز حمل عنوان: “تركيا ترفض «مشاركة الشيعة» في تحرير الموصل“(1).

الجريدة قالت في مفتتح التقرير:

“صعّدت أنقرة موقفها أمس وأعلن وزير خارجيتها جاويش أوغلو أن «مشاركة الشيعة في تحرير الموصل لن تحقق السلام» وتعرقل العملية، فيما اضطلاع الميليشيات التي دربها الجنود الموجودون في بعشيقة، بالمهمة «ضروري لنجاح العملية»”.

ومن خلال تقارير صحفية أخرى سابقة؛ فإن أوغلو يشير إلى مجموعات كردية تتبع أربيل؛ حيث مصدر ثقل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يقوده رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، الذي تحتفظ بعلاقات جيدة مع تركيا.

تقرير “الحياة” كشف الكثير من الأمور المتعلقة بالأزمة الراهنة المتصاعدة بين الحكومة العراقية ونظيرتها التركية، والتي وصلت إلى مستوى استدعاء خارجية البلدَيْن لسفير الدولة الأخرى فيها.

ففي بغداد تم استدعاء السفير التركي، من أجل استيضاح الموقف بشأن الوجود العسكري التركي في العراق، والمتمركز في معسكر بعشيقة الواقع شمال شرق الموصل، وإبلاغه بضرورة خروج القوات التركية من الأراضي العراقية، فيما استدعت الخارجية التركية، السفير العراقي بشأن تصريحات لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، التي قال فيها إن الوجود العسكري التركي في شمال العراق، والذي يتوغل حوالي 110 كيلومترات، قد يؤدي إلى حرب إقليمية.

الإعلام السعودي اللندني تابع هذه التطورات عن كثب، ونقل تصريحات مضادة لوزير الخارجية العراقي، بشار الجعفري، أمام البرلمان، حول عدم وجود قبول دولي لعقد جلسة طارئة لحض تركيا على سحب قواتها من العراق.

كما نقلت مصادر سعودية، تهديدات فصائل “الحشد الشعبي” بمقاتلة القوات التركية الموجودة في القاعدة، ونقلت في هذا على وجه الخصوص، تصريحات زعيم فصيل “عصائب أهل الحق”، وهي إحدى تشكيلات الحشد الشعبي، أن قوات الحشد “ستشارك في العملية العسكرية العراقية لتحرير الموصل من سيطرة داعش، ولن نسمح لأردوغان وقواته بالمشاركة”.

وأضاف: “لا أردوغان ولا عائلة النجيفي (سُنِّية وهي من أكبر عائلات الموصل السُّنِّية) يستطيعان منع مشاركة الحشد في معركة التحرير، وقوات الحشد ستحبط مخطط تقسيم الموصل، كما منعت مخططات سابقة في الأنبار وصلاح الدين، وسننتصر في الموصل ونبقى فيها”.

ويشير هذا القائد العسكري الشيعي إلى أسامة النجيفي، النائب السابق للرئيس العراقي، الذي له تلميحات سابقة تشير إلى إمكانية أن تكون الموصل نواة لدولة سُنِّية في المنطقة، وهو ما ترفضه إيران وحلفاؤها في العراق.

في مجال مقالات الرأي؛ نقرأ مقالاً لعبد الرحمن الراشد، في “الشرق الأوسط”، بعنوان “مواجهات الموصل”، تناول فيه جوانب عدة للصورة في إطار الأزمة الراهنة والتي تفاعلت فجأة في المنطقة بعد أن كانت سوريا هي بؤرة الحدث، ولاسيما في موضوع محاربة “داعش”.

الفقرة الأهم في مقال عبد الرحمن الراشد، وتلخص أسباب التحول الأخير والكبير في المواقف السعودية من تركيا، وكذلك الموقف التركي الذي كان قد بدأ في تحسين غير مسبوق لعلاقاته مع إيران، تقول الآتي:

“.. من إشكالات أزمة تحرير الموصل خلاف عراقي تركي طفا على السطح فجأة، حيث توجد قوة عسكرية تركية على أطراف المدينة المحاصرة. وقد طلبت الحكومة العراقية من حكومة أنقرة أن تسحب قوتها، التي تقدر بأقل من ألفي جندي، التي تعتبر وجودها على أراضي عراقية غير شرعي، من دون إذن الدولة صاحبة السيادة. وقد جاء الرد التركي رافضًا على لسان الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي قال للزميل جمال خاشقجي، في مقابلته على قناة روتانا، إنه لن يسمح بتهجير السنة العرب والتركمان العراقيين، في اتهام واضح للحكومة العراقية بأنه لا يثق بإدارتها المعركة وتعاملها مع المكونين التركماني والعربي السني”.

ويبدو أن حقائق الموقف فرضت نفسها على السياسة السعودية، وبالتالي؛ فإن هذا الأسبوع، وعلى خلفية الزيارة التي قام بها ولي العهد ووزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، إلى تركيا، يوم الخميس 29 سبتمبر الماضي؛ فإننا نجد أننا أمام صورة مغايرة لتركيا في الإعلام السعودي، ولكن على حذر؛ حيث الكثير من المصادر التي لها موقف مبدئيٌّ معارض للإخوان المسلمين، لم تلتزم بالتحسن الحاصل في العلاقات.

ومن أهم هذه المصادر، “عكاظ” و”العربية” والمصادر اللندنية.

ففي ذات مقال الراشد المتقدم؛ نجده يقول:

“الموقف التركي بالتدخل في الموصل من ناحية أثار تساؤلات، في ظل امتناع أنقرة عن التدخل لحماية أهالي مدينة حلب السورية المحاصرة، والمجاورة للحدود التركية، ومن ناحية أخرى لقي حماسًا كبيرا في المنطقة. فالحكومة العراقية أثبتت مرات كثيرة فشلها في حماية مواطنيها السنة في كل المعارك السابقة في محافظة الأنبار، وآخرها معركة الفلوجة وقبلها في الرمادي. حينها تمادت ميليشيات من الحشد الشعبي في الاعتداء على المدنيين من سكان المدينتين السنيتين بعد أن غادروها بناء على دعوة الحكومة نفسها لإخلائها”.

إلا أن هذا لم يمنع أن تكون هناك اشارت في الإعلام السعودي توضح التقارب أو الرغبة في التقارب من جانب الرياض؛ حيث استضافت قناة “روتانا خليجية”، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في لقاء نادر للغاية مع مصدر سعودي، وأجراه الإعلامي السعودي جمال خاشقجي.

وفي الحوار، كرر فيه اردوغان ذات المواقف التي ذكرها خلال لقائه مع بن نايف، وأمام البرلمان التركي، حول أهمية التنسيق بين البلدَيْن، وموقف بلاده المبدئي من قانون “جاستا” الأمريكي الجديد الذي تقول الرياض إنه يستهدفها.

الحوار كان حرًّا لدرجة أن البروتوكول العام الموضوع له، سمح لأردوغان بأن يتكلم عن الحليف الأهم للرياض، وهو النظام الانقلابي المصري، باعتباره “جاء بانقلاب”، وأنه لا يمكن تحسين العلاقات السياسية مع مصر قبل الإفراج عن الدكتور محمد مرسي وإخوانه من السجون المصرية (2).

وكالة “ترك برس”، نقلت عن خاشقجي تصريحات صحفية على هامش اللقاء الذي أجراه مع أردوغان، قال فيها (3):

“الرجل (أردوغان) متعب جدا أمام الهمّ كبير والتحديات الهائلة التي تواجهه، ورؤيتي تقول بألا حلّ إلا باتفاق وتكامل تركيا والسعودية لحل مشاكل المنطقة، ولو كنت مفتيا لقلت بعينية ووجوب التعاون بين البلدين وأن خلافهما إثم كبير، وهذا لخير البلدين والأمة ولكل الذين ضدهما من دول الخليج”.

كما علق خاشقجي على تغريدة للكاتب الإماراتي عبد الخالق عبد الله، والتي قال فيها بعدم وجود تفاهم بين تركيا والسعودية، برغم تعدد اللقاءات والقمم بينهما، قائلاً:

“أستغرب جدًّا من أخينا عبد الخالق عبد الله وهو رجل العلوم السياسية لما غرد به، ولا أدري عن حرصه على التثبيط الذي يمارسه من التحالف بين البلدين، رغم أنني سمعت هنا عن دفء في العلاقات التركية الإماراتية، وأن الشيخ عبدالله بن زايد سيقوم بزيارة قريبة لأنقرة، وهذا الذي نتوسمه جميعا، لإشاعة الروح الإيجابية، مسألة علاقة تركيا بإيران أمثله لك بالتالي: إن احتملت السعودية إيران في اليمن، فيمكن حينها أن تحتمل تركيا إيران في سوريا. الأتراك يرفضون تماما وجود إيران في محيطها”.

كما أنه، وفيما وصف بأنه سابقة هي الأولى من نوعها منذ الانقلاب الفاشل في تركيا، استضافت قناة “العربية”، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا البروفيسور ياسين أقطاي.

وفي الحوار، جدد ما قاله أردوغان من أن تركيا تقف إلى جانب المملكة في رفض قانون “جاستا”، وأنه من بين الوسائل التي سوف تلجأ إليها تركيا في دعم الموقف السعودي، قيام أقارب ضحايا المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو الماضي، بمحاكمة الولايات المتحدة وفق هذا القانون لدعمها وإيوائها فتح الله جولن، زعيم الكيان الموازي الذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة الانقلابية، ويقيم حاليًا في ولاية بنسلفانيا الأمريكية.

وحول الوضع في سوريا، أشار أقطاي إلى عملية “درع الفرات” وأهدافها المرحلية، والتي تتعلق بمنطقة منبج شمال سوريا، وقال إن الولايات المتحدة تستخدم الأكراد تحت ذريعة محاربة “داعش” في عمليات تطهير عرقي وتغيير ديموغرافي، وهي من أهم النقاط في حواره؛ حيث توضح الكثير فيما يخص نقاط الالتقاء في المواقف بين السعودية وتركيا أردوغان في الوقت الراهن.

هنا تجب الإشارة إلى أن “العربية” سبق وأن أجرت لقاء مع جولن، ولكنها حذفته مع على موقعها الإلكتروني، بعد أن أثار أزمة بين أنقرة والرياض(4).

الرابط بين الموضوع السوري والموضوع العراقي في هذا الاتجاه، لم يكن غائبًا عن الإعلام السعودي كذلك؛ حيث نجد – على سبيل المثال – أن صحيفة “الرياض” قد نشرت افتتاحية بعنوان: “حلب والموصل.. أزمات متلاحقة“(5)، وبعد أن عددت مظاهر عجز المجتمع الدولي عن القيام بدوره في وقف جرائم الحرب التي تتم في سوريا على يد النظام السوري وحلفائه؛ قالت في نهاية الافتتاحية:

“أزمة سورية وحلب مرشحة للاستمرار، ونحن أمام معضلة أخرى ولكن هذه المرة في الموصل”.

جمال خاشقجي وخالد الدخيل، كانا الأكثر اهتمامًا في صحيفة “الحياة” اللندنية بهذا الملف المعقد.

وفي ذات الاتجاه الذي تناولته افتتاحية “الرياض” في إيجاز شديد، نجده موسعًا في مقال لجمال خاشقجي، نُشِر في “الحياة” بتاريخ 8 أغسطس، بعنوان: “دافع عن «السنّة» ولا تبالِ“، بدأه بتلخيص حواره المتقدم مع الرئيس التركي، ثم انتقل بعد ذلك إلى انتقاد الموقف الأمريكي من السُّنَّة في العراق وسوريا، وقال إن هناك ضرورة للتحرك لإنقاذ أهل السُّنَّة في العراق من التدخل الشيعي في معركة الموصل.

لكن خاشقجي وقع في تناقض كبير في مقاله؛ حيث وضع الأكراد السُّنَّة مع العرب والتركمان في ذات بوتقة التهديد، ولكن لاعتبارات أيديولوجية معروفة عن الرجل، عندما تناول الملف الكردي في سوريا، شبه الأكراد هناك باليهود ومشروعهم الاستيطاني في فلسطين، وينتقد الدعم الأمريكي لهم، وسرعان ما تحولوا إلى أعداء لأهل السُّنَّة في العراق وسوريا (6).

 

ثالثًا: أهم تطورات المشهد:

  1. الأوضاع الاقتصادية تطغى على المشهد الداخلي:

على المستوى الداخلي؛ طغت العديد من القضايا الاقتصادية المرتبطة بخطة التقشف الجديدة التي بدأتها المملكة العربية السعودية في الفترة الأخيرة، وشملت تقليصات ضخمة في الإنفاق الحكومي، على اهتمامات الإعلام السعودي.

ومن بين التطورات الأهم، موضوع تحول الرياض إلى التقويم الميلادي، بدلاً من التقويم الهجري، وهو ما سوف يعمل على توفير أربعة مليارات دولار سنويًّا للموازنة السعودية.

كما نقلت المصادر السعودية كذلك، إعلان المديرية العامة للجوازات في المملكة، عن بدء تطبيق الرسوم الجديدة لتأشيرات (الدخول، والمرور، والخروج، والعودة)، حسب المرسوم الملكي الصادر في هذا الخصوص، ويشمل رفع رسم تأشيرة الدخول لمرة واحدة إلى (2000) ريـال، على أن تتحمل الدولة هذا الرسم عن القادم لأول مرة لأداء الحج أو العمرة، بينما تم رفع رسم تأشيرة المرور (300) ريـال.

وفي خضم هذا الزحام من الأخبار عن الإجراءات التقشفية الجديدة، نشرت مصادر إعلامية سعودية عدة، نفي شركة المياه الوطنية في المملكة لما يتم تداوله عن صدور آلية جديدة لتعريفة المياه، تتضمن رفع سعرها للمستهلك، مشيرة إلى أن ما تم اتخاذه من إجراءات هو فصل المديونيات السابقة في حال وجودها لدى العملاء مع إمكانية تقسيطها وفق الضوابط التي وضعتها الشركة.

من جهة أخرى حرصت الصحف السعودية التي تصدر في المملكة، على وضع بعض المواد التي تنقل بعض التقارير الدولية والتي تؤكد متانة الاقتصاد السعودي.

ومن بين ذلك تقرير لوكالة “رويترز” نشرته جميع المصادر السعودية تقريبًا، عن تصنيف مؤسسة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني، للمملكة، عند مستوى “A-/A-2″، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وتوقعات المؤسسة بأن يظل وضع الموازنة السعودية قويًّا خلال الفترة من 2016م إلى 2019م، مشيرة إلى أن النظرة المستقبلية المستقرة تستند إلى التوقعات بأن السلطات ستتبنى خطوات للحيلولة دون حدوث أي تدهور في الوضع المالي للحكومة.

اللافت أن بعض الصحف ذات الطابع السياسي في المواد والموضوعات التي تنشرها، ربطت بين تقرير مؤسسة “ستاندرد آند بورز”، وبين تقارير دولية أخرى تناولت ما وصفته بدور ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في رفع أسعار النفط، وهو ما يصب بطبيعة الحال في صالح المالية العامة السعودية المتدهورة.

ونشرت صحيفة “عكاظ” يوم 8 نوفمبر 2016م، تقريرًا بعنوان: “وول ستريت: هكذا تمكَّن “الأمير الشاب” من رفع أسعار النفط العالمية”، قالت فيه إن صحيفة الوول ستريت جورنال الأمريكية “أثنت” على الطريقة التي تدير بها المملكة سياستها النفطية، واختيارها التوقيت المناسب لتفاجئ الجميع، خلال اجتماع منظمة “الأوبك” الأخير بالجزائر، بأن المنظمة مازالت قادرة على إدارة أزماتها بشكل ناجح والتوصل لاتفاقيات بناءة، وذلك رغم الصعوبات التي تشهدها أسواق النفط العالمية، على حد قول الصحيفة.

وذكرت الصحيفة السعودية أن الصحيفة الأمريكية أعربت عن اعتقادها بأن ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان “كان له دور بارز في صياغة التغيرات الحالية في سياسة المملكة النفطية، نظرا لكونه رئيس المجلس الأعلى لشركة أرامكو”(7).

ملف اقتصادي آخر يبرز حجم الأزمة المالية السعودية، هو ذلك المتعلق بمشكلة قروض مصرفية هالكة وشبه هالكة، تناهر نصف المليار ريـال، ذكرت تقارير صحفية أن لها تأثير كبير في انخفاض مستوى الإنفاق الفردي على العقارات مما مارس ضغوطًا على الأسعار، وأن هناك توجيهات ملكية بجدولة هذه الديون لمعالجة مشكلات القطاعات الاقتصادية المتأثرة بهذا الأمر.

في إطار “الطمأنة” كذلك، ويوم الأحد 9 أكتوبر، نشرت “الرياض” تقريرًا بعنوان: “النسبة تعادل 758.4 مليار دولار.. المملكة تسيطر على 10.3% من الثروات السيادية في العالم“، نقلت فيها بيانات لمؤسسة “SWF Institute” المتخصصة في دراسة استثمارات الحكومات والصناديق السيادية، وردت في تقريرها لشهر سبتمبر الماضي، بشأن الأداء المالي للمملكة(8).

وكان من بين المؤشرات التي وردت في تقرير المؤسسة، أن صندوق الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي “ساما”، حافظت على مركزها الرابع عالميًّا بنحو 598.4 مليار دولار، وأن صندوق الاستثمارات العامة بالمملكة حافظ كذلك على مركزه الـ13 ضمن أكبر الصناديق السيادية في العالم بقيمة 160 مليار دولار بنهاية الربع الثالث للعام 2016م.

2ـ السياسة الخارجية:

كان هناك أكثر من ملف مركزي في الإعلام السعودي هذا الأسبوع، ومن بين الأخبار اللافتة في الصحف السعودية فيما يخص اهتمامات التقرير على المستوى الإقليمي، إعلان الحكومة الكويتية عن القبض على مصري يتبنى فكر “داعش” اصطدم “متعمدًا” بسيارة تقل أمريكيين في الكويت، وتوجيه الادعاء العام في الأردن، عدة اتهامات بينها “الإرهاب” لقاتل الكاتب المسيء، ناهض حتر.

في شؤون دول الربيع العربي ومشهد الإسلام السياسي بشكل عام، اهتم الإعلام السعودي بإعلان المجلس الرئاسي الليبي برئاسة فايز السرَّاج، أنه يفكر في نقل مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة إلى الداخل بدلاً من الوسطاء الإقليميين، معتبرًا أن الوضع السياسي في ليبيا، لن يقبل منا الوجود خارج ليبيا أكثر من ذلك”.

كما كان هناك اهتمام بنتائج الانتخابات البرلمانية المغربية، التي فاز بها حزب العدالة والتنمية، ذراع الإخوان المسلمين الحزبية في المغرب، بـ125 مقعدًا، وتصريحات رئيس الحزب، عبد الإله بن كيران، التي أكد فيها على انتصار الديمقراطية في المغرب.

وبينما كان التناول في المصادر السعودية العامة، للحدث خبرية؛ كانت في المصادر الصحوية بمثابة احتفالية، وكان موقع “المسلم” هو الأكثر احتفاءً بنتائج الانتخابات المغربية.

لكن المصادر الصحوية كانت أكثر اهتمامًا بشكل عام بأوضاع الأقليات المسلمة في الغرب، وكذلك تطورات الاوضاع الأمنية في بلدان الأزمات، ولاسيما أفغانستان، بعد استيلاء حركة طالبان على مدينة “قندوز” مجددًا الأسبوع الماضي، في ذكرى مرور 15 عامًا على “التدخل” الأمريكي في أفغانستان، ويُلاحظ أن الإعلام الصحوي كما العام، استخدم كلمة “تدخل” وليس “غزو” في وصف ما حدث في الثاني من أكتوبر في العام 2001م.

ومن بين أخبار الأقليات الإسلامية التي تمت متابعتها بشكل واسع، منع فتاة فرنسية كانت تدرس في مدرسة فرنسية كاثولكية، أشهرت إسلامها، من السفر إلى خارج فرنسا، وتطورات قضية معاقبة طالبَيْن مسلمَيْن رفضا مصافحة معلمتهما في سويسرا، وموقف المجلس الاسلامي السويسري من هذه القضية، وحظر بلغاريا للنقاب في الأماكن العامة.

كما كان هناك اهتمام نسبي باختيار البرتغالي أنطونيو جوتيريز، في منصب الأمين العام الجديد للـمم المتحدة بدلاً من بان كي مون الذي تنتهي فترة ولايته الثانية نهاية العام الجاري، وتباينت الأقلام السعودية في التعبير عن تفاؤلها أو تشاؤمها من إمكانية أن يعالج جوتيريز الذي شغل منصب مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقبلاً منصب رئيس الوزراء في بلاده، المشكلات البنيوية التي تعترض طريق أداء المنظمة الدولية.

الموضوع الأمريكي في الإعلام السعودي:

تعددت أبعاد التناول فيما يخص الموضوع الأمريكي في الإعلام السعودي، ولكن يمكن القول إنها تتمحور في نقاط ثلاث، أجمعت عليها المواقع العامة والصحوية على حدٍ سواء، وهي:

1. السجالات الراهنة في الولايات المتحدة في إطار الحملات الانتخابية للرئاسيات المقبلة، وكان أهم حدث فيها، وركزت عليه المصادر السعودية، هو الفيديو المسرَّب للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، والذي يسيء فيه للمرأة، وأدى إلى انتقادات داخلية له في الحزب الجمهوري ذاته، بما فيه زوجته، وإعلان سلفه السابق، جون ماكين، عن سحب دعمه له.

وبالتالي، فقد أكدت الأقلام السعودية التي اهتمت بهذا الأمر، ومن بينها جمال خاشقجي، وجهاد الخازن، في “الحياة” اللندنية، على أهمية المناظرة الثانية المقررة الأحد، 9 أكتوبر بين ترامب ونظيرته الديمقراطية، هيلاري كلينتون، بعد تراجعه خمس نقاط أمامها في استطلاعات الرأي.

2. قانون “جاستا”، مع تصعيد الحملة ضده في الإعلام السعودي، لدرجة ظهور دعوات إلى إعادة النظر في التحالف السعودي الأمريكي على إثره.

وفي هذا الصدد، وبعيدًا عن الوتائر الدعائية المعتادة في هذه الحالة، كان هناك مادة مهمة نشرها موقع “الإسلام اليوم” بعنوان: “غضباً من قانون ضحايا 11/9.. السعوديون يعيدون النظر في التحالف الأمريكي”(9)، نقل فيه الموقع عن صحيفة النيويورك تايمز، قولها:

“أثناء الفترة التي قضاها الرئيس الامريكي باراك اوباما في البيت الأبيض، راقبت السعودية وحلفائها في الخليج الفارسي التحالف الأمريكي الممتد لعقود بفزع وهو يوشك على الانزلاق. ثم أتى تأييد الكونغرس الساحق لجاستا – Jasta – أو قانون العدالة ضد داعمي الإرهاب – Justice Against Sponsors of Terrorism Act – الذي سوف يسمح لأقارب هؤلاء المقتولين جراء أحداث 11 سبتمبر 2001 الإرهابية من مقاضاة السعودية لأي أدوار مشكوك بها في تلك الحبكة. كان ذلك البرهان الوحيد الذي احتاجه العديد من السعوديين بأن التحالف الذي كان جزءاً أساسياً في تنظيم المنطقة لعقود قد عفى عليه الزمن – و قد لا يمكن إصلاحه “جاستا كان بمثابة تنبيه يقظة للسعوديين، لقد حان الوقت لإعادة النظر في فكرة التحالف مع الولايات المتحدة” قال خالد الدخيل، عالم اجتماع سياسي و كاتب سعودي”.

كما نختار من “الشرق الأوسط”، مقالاً نُشر يوم 9 أكتوبر، بعنوان: “«جاستا» تغييب للعدالة” للكاتب الليبي، جبريل العبيدي(10)، الذي اتهم الإدارة الأمريكية بتصدير أزماتها المالية والسياسية إلى الخارج؛ حيث يقول:

“فقانون «جاستا» (..) وضع كخطة بديلة لملء الخزانة الأميركية عند فراغها، من خلال شرعنة حزمة من القوانين تطال سيادة الدول وتنهب أموالها تحت بند التعويضات (..) قانون جاستا لم يأت لجلب العدالة أو جبر الضرر كما روّج له المشرع الأميركي، الذي قفز حتى على فيتو أوباما”.

ويضيف أن:

“جاستا جاء للسيطرة على الأموال السعودية الموجودة داخل الولايات المتحدة، سواء كانت أصولا ثابتة أو منقولة، سواء كانت أموالا مسيلة أو عقارات وشركات وأسهما وسندات (..) فبداية النهب كانت بالتجميد الأميركي لأموال الدول بذرائع متعددة، طالت من الأموال الليبية أكثر من مائة مليار دولار في الماضي”.

أما “عكاظ”، فقد قالت إن تعديل قانون “جاستا” هو مصلحة أمريكية، ونقلت في ذلك تصريحات للمستشار القانوني الأمريكي جون بيلينجر، وجهها إلى الكونجرس دعا فيها إلى تعديل قانون “جاستا” لإعطاء الرئيس الأمريكي سلطة تجاوزه إلى “قانون حصانات السيادة الأجنبية”، فيما يتعلق ببعض البلدان. وأوضح أن الكونجرس يمكنه تعديل التشريعات لإعطاء الرئيس سلطة تجاوز القانون لمصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة (11).

وفي هذا الصدد، حرص الإعلام السعودي على تناول ردود الفعل الإقليمية والدولية التي نددت بالقانون الأمريكي الجديد، ومن بين ردود الفعل التي كان من اللافت أن نقلها أكثر من مصدر سعودي، الانتقادات التي وجهها حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، لإقرار الولايات المتحدة للقانون، واعتباره “يأتي لممارسة الابتزاز السياسي والاستهداف الواضح للمملكة”، بحسب بيان للأمين العام للحزب محمد الزيود، أدان فيه كذلك “الحملات الظالمة التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية، والقائمة على الافتراء والابتزاز ضد بلاد الحرمين الشريفين والتي صدرت عن مراكز قوى ولوبيات أمريكية تستهدف الإسلام والمسلمين”.

3. الهجوم على السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، ولاسيما في المجال المتعلق بالحرب في سوريا.

وهنا نختار مقالاً من “الحياة” اللندنية للكاتب أحمد جابر، بعنوان: “رسوب أميركا في امتحان القيادة العالمية“(12)، قال فيه إن هناك فشلاً كاملاً للسياسات الأمريكية في العالم في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، مؤكدًا على أن ميدان الفشل الأهم، كان في الشرق الأوسط.

ومن بين ما قاله في هذا الصدد:

“حصدت الولايات المتحدة الأميركية الفشل إثر الآخر، في ميدان قيادتها العالمية، ولم تستطع، بعد الحرب الباردة، أن تكون قطباً جاذباً كما كان عليه موقعها قبل هذه الحرب، وعلى العكس من آليات الجمع والتجميع التي اعتمدتها السياسة الأميركية، اعتمدت هذه السياسة وما زالت، آليات الفرز والتصنيف والاستبعاد، مثلما مارست أساليب الابتزاز والتهويل والتهديد (..) دخلت السياسة الأميركية إلى العالم المتبدل على قاعدة التجريب والتعلم من الخطأ، أي من دون رؤية شاملة متوازنة تحافظ على عدم الاختلال الإجمالي بين ما تراه مصلحة خاصة أميركية”.

وأضاف أن ميدان التجريب الأساسي للسياسة الأمريكية كان في الشرق الأوسط، وفي البلدان العربية:

“فبعد أفغانستان التي ما زالت مدمرة، جاء دور العراق، ومن بعدهما كرَّت سبحة التدخلات غير المجدية حيناً، وسبحة الانسحاب والتخلي، عن ميدان المسؤولية أحياناً كثيرة”.

الأزمة السورية والأوضاع في حلب.

بشكل عام كان هناك تعاطٍ واسع على المستوى الإخباري مع عمليات القصف الروسي والسوري على أحياء حلب الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة؛ حيث سقط 500 قتيل في أسبوع واحد بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

على المستوى السياسي، كان هناك صدىً كبير لفشل مجلس الأمن الدولي للمرة الخامسة، في تبني قرار لوقف إطلاق النار في سوريا، بعد عدم تمرير مشروعَيْ القرار الفرنسي والروسي، اللذَيْن كانت البلدان قد طرحتهما في المجلس، بالإضافة إلى الأزمة المتفاقمة بين الروس والأمريكيين بشأن تطورات الموقف في سوريا بشكل عام، وتهديد الروس للأمريكيين بـ”عواقب مخيفة مزلزلة” حال إقدامهم على قصف قوات النظام الروسي أو تهديد دمشق.

في الجانب المقالي؛ ارتفعت وتيرة الحديث عن تقسيم سوريا عمليًّا كحلٍّ للأزمة، واتجاه بعض الأطراف الفاعلة في الأزمة، إلى هذا الخيار.

فنجد عبد الباسط سيدا، يقول في “الحياة” اللندنية:(13)

“هل ستكون حلب الحد الفاصل بين سورية المفيدة وسورية «الأخرى» التي لم تتحدّد معالمها بعد؟ أم ستكون الورقة الأصعب في الحسابات الأصعب بين الراعيين الكبيرين الخصمين لمشروع السلام المفقود؟ أم أنها ستكون المقدّمة لتحوّل نوعي في استراتيجية المقاومة السورية وتكتيكاتها في مواجهة اندفاع حلف النظام؟”.

ويضيف بعد أن عدد ملامح قصور الأدوار الإقليمية والدولية في معالجة الأزمة السورية، و”تعمُّد” الولايات المتحدة لذلك، لإرهاق واستنزاف القوى الأخرى الخصم لها، وعلى رأسها سوريا:

“على ضوء نتائج هذه المعارك الثلاث ستتحدّد ملامح المنطقة من مختلف النواحي، وستكون هناك إعادة ترتيب للتحالفات ولمناطق النفوذ، وربما الشروع في عملية إعادة نظر في الخرائط المعتمدة راهناً. وكل ذلك يثير حفيظة وهواجس القوى الإقليمية الكبرى التي تدرك قبل غيرها مواطن ضعفها، وتعمل بدأب على منع استغلالها من الآخرين”.

الحرب في اليمن.

كانت أهم معالم تناول الإعلام السعودي يتعلق بالموقف الميداني، ولاسيما في ظل استمرار سقوط المقذوفات العسكرية والصواريخ اليمنية البالستية على مناطق الحدود الجنوبية للسعودية في عسير ونجران، وسقوط ضخايا نتيجةً لذلك.

لكن الإعلام السعودي لم يعقب على الفور على إعلان واشنطن عن اتجاهها لمراجعة “فورية” لدعمها الاستخباري والعسكري للتحالف العربي الذي تقوده الرياض في اليمن، بعد مجزرة مجلس العزاء في صنعاء، والتي راح ضحيتها 140 مدنيًّا وبعض المسؤولين السياسيين والأمنيين ذوي الحيثية في منظومة سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، ومن بين هذه الشخصيات، أمين العاصمة السابق، اللواء عبد القادر هلال، وخالد، نجل الرئيس اليمني المخلوع، علي عبد الله صالح، بالإضافة إلى القيادي الحوثي يوسف المداني، وقائد قوات الأمن المركزي الموالي للحوثيين، عبد الرزاق المروني.

في المقابل، لم ينقل الإعلام السعودي شيئًا عن تصريحات المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، نيد برايس، قال فيها إن “التعاون الأمني الأمريكي مع السعودية ليس شيكًا على بياض”

ولكن الإعلام السعودي ركز في المقابل على تأكيد قيادة التحالف بأن لديها تعليمات واضحة وصريحة بعدم استهداف المواقع المدنية، وأنها لم تستهدف مجلس العزاء، وإعلانها فتح تحقيق فوري في الحادث، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية “واس”، وتم تعميمه على كل المصادر السعودية تقريبًا.

كما اهتم الإعلام السعودي بواقعة الهجوم على السفينة “سويفت” الإماراتية من جانب الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح قبالة سواحل المخا، وكان طاقهما يضم 24 مدنيًّا من ستة جنسيات، من بينهم أربع مصريين، يتلقون العلاج جميعهم الآن في المستشفيات الإماراتية.

أما المشهد الأهم الذي ركزت عليه وسائل الإعلام السعودية من داخل اليمن، هو “نزول اليمنيين يوميًّا إلى ميادين صنعاء في مسيرات سلمية تندد بممارسات انقلابيي اليمن، وجرائمهم كافة”، والتي وصلت إلى مستوى دفع الحوثيين إلى منع تطبيق الـ”واتس” الذي يستخدم في الحشد في الغالب.

3. قضايا مصر والعلاقات المصرية – السعودية:

بشكل عام، لم يبدُ هناك أثرٌ واضح في الإعلام السعودي لتقارير ترددت مؤخرًا حول وجود أزمة في العلاقات المصرية السعودية على خلفية تأييد القاهرة للموقف الروسي في سوريا، فيما هناك غضب مكتوم في القاهرة بحفاوة بعض الإعلاميين ووسائل الإعلام السعودية المقربة من الرياض، برموز الدولة التركية، مثل أردوغان وأقطاي، كما تقدم.

ولكن هذا أو ذاك لم يعلن عن نفسه صراحة، في ظل إدراك كلا البلدَيْن لحاجة كلٍّ منهما للآخر، مع إدراك القاهرة كذلك أن الرياض بحاجة إلى تركيا في موضوع الموصل بشكل خاص، والذي يطرح نفسه كأولوية في الوقت الراهن.

ولكن هذا لم يمنع بعض التقارير التي تناولت عدم وصول مقرر أكتوبر المنحة السعودية الشهرية من المواد البترولية المكررة، والتي كانت الرياض قد أعلنت عن التزامها بتوفيرها بقيمة 700 مليون دولار شهريًّا، على مدار خمس سنوات، مما دفع القاهرة – بحسب “رويترز”، إلى المسارعة بطرح مناقصات دولية عدة لشراء منتجات نفطية لسد احتياجات السوق المحلية.

– الحدث المصري في الإعلام السعودي:

1. كان الحدث الأمني المصري هو الأبرز في الإعلام السعودي، خلال الفترة التي يغطيها التقرير؛ حيث كان هناك التفات إلى الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها السلطات المصرية على هامش الاحتفال بالذكرى الثالثة والأربعين لحرب رمضان/ أكتوبر 1973م، بالإضافة إلى تعقيب وزارتَيْ الداخلية والخارجية، على التحذير الذي أصدرته السفارة الأمريكية في القاهرة، وبعض السفارات الأخرى على الإثر، لمواطنيها، من التجمعات في مصر، يوم 9 أكتوبر؛ حيث يوافق ذكرى مجزرة ماسبيرو، في العام 2012م، التي قتل فيها الجيش نشطاء ومحتجين أقباط.

ولكن بشكل عام؛ كان التوصيف السعودي لما تراه مصر من أحداث، يتسم بالتأييد للرؤية المصرية؛ حيث تصف هذه الأحداث بالإرهابية، وتدعم من إجراءات الحكومة المصرية في هذا الصدد.

كما أشارت صحيفة “عكاظ” إلى “تحية” الرئيس المخلوع حسني مبارك لمؤيديه من شرفة غرفته في مستشفى المعادي العسكري.

في الشأن الأمني كذلك، نشرت مصادر سعودية خبر مقتل أمين شرطة بالأمن الوطني بمحافظة البحيرة، الجمعة الماضية، إثر قيام مجهولين ملثمين بإطلاق وابل من الأعيرة النارية عليه أمام قرية كفر “الرحمانية” بمركز المحمودية، ولكنها لم تُشِر لتبني حركة سواعد مصر “حسم” لهذه الواقعة.

كما تناولت في شأن خبري آخر، الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة، السبت الماضي، ويقضي بالإعدام شنقًا لمتهم، والسجن المؤبد والمشدد لـ18 آخرين في جلسة إعادة محاكمتهم، في القضية المعروفة إعلاميًّا بـ”خلية الزيتون الإرهابية”.

2. الموضوع الثاني الأهم في تغطيات الإعلام السعودي للشأن المصري، كان يخص القرض المرتقب لصندوق النقد الدولي لمصر؛ حيث نقلت المصادر السعودية إعلان المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد، أن مصر يمكن أن تتسلم “سريعًا” الشريحة الاولى من القرض البالغ 12 مليار دولار، وقدرها 2.5 مليار دولار؛ حيث قالت لاجارد إن مصر “طبقت الاصلاحات المسبقة بشكل شبه كامل”.

وكان آخر هذه الإصلاحات التي أشارت إليها الصحف السعودية، إقرار البرلمان المصري في أغسطس الماضي، قانون ضريبة القيمة المضافة لتلبية مطالب المؤسسة المالية لمواجهة تداعيات تراجع القطاع السياحي والاستثمارات الأجنبية.

تصريحات لاجارد جاءت بعد أن نقلت صحف سعودية عن صحيفة “الشروق” المصرية عن كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، قوله إن “مسؤولي الصندوق لن يناقشوا قرار إقراض مصر” خلال الاجتماعات السنوية التي بدأت الخميس الماضي، 6 أكتوبر.

وأعاد مراقبون ذلك إلى عدم إعلان الحكومة المصرية عن قرارها بتعويم الجنيه المصري في سوق الصرف، باعتبار أن ذلك من شأنه تراجع القوة الشرائية للجنيه ومفاقمة الحالة المعيشية المتردية أمام المواطنين، مما ينذر بمخاطر احتجاجات اجتماعية واسعة.

لذلك كان قرار بقاء البنك المركزي المصري على سعر الصرف الرسمي للجنيه مقابل الدولار في عطائه الدوري لبيع العملة الصعبة، محور تناول خبري موسع من بعض وسائل الإعلام السعودية، وذكرت “الاقتصادية” في هذا الصدد أن الدولار “تراجع بشدة” في السوق السوداء، بعد أن باع البنك المركزي 117.9 مليون دولار بسعر 8.78 جنيه للدولار دون تغيير عن سعره في العطاء السابق.

3. اهتمت مصادر سعودية متخصصة، مثل “الاقتصادية”، بتصريحات وزير الصحة المصري، أحمد عماد الدين راضي، التي قال فيها إن مصر تهدف إلى القضاء تمامًا على مرض التهاب الكبد (سي) بحلول عام 2020م، مشيرًا إلى علاج 835 ألف مصاب بالمرض خلال الشهور العشرة الأخيرة.

وقال الوزير إن مصر تعتمد في حملتها للقضاء على المرض العلاج للمرضى على بديل مصري بتكلفة 175 دولار فقط للمريض الواحد في حين تبلغ تكلفة العلاج في الولايات المتحدة 84 ألف دولار للمريض الواحد، وأشار إلى أن العلاج يصنع تحت إشراف منظمة الصحة العالمية التي أثنت على الجهود المصرية في هذا الشأن.

4. فيما يخص جريمة اغتيال الدكتور محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، ومرافقه الأستاذ ياسر شحاتة، على يد قوات الأمن المصرية، في وقت متأخر من مساء الإثنين، 4 أكتوبر، اكتفت المصادر السعودية بتناول الأمر في الإطار الخبري؛ حيث نقلت الرواية الرسمية المصرية للجريمة، من أنهما من أهم كوادر الجماعة الداعية إلى العنف والمسؤولة عن “جرائم إرهابية” وقعت في مصر مؤخرًا، وأنهما “قُتلا تبادل لإطلاق النار مع قوة أمنية بالقاهرة”.

الصور التي رافقت الأخبار القليلة نسبيًّا عن هذا الحدث، تشير إلى تبني الإعلام السعودي للموقف الرسمي الذي يصف الجماعة باعتبارها “جماعة إرهابية تتبنى العنف”، بل إن “عكاظ” كما هو معتاد منها، عنونت تقريرها في هذا الصدد: “سقوط مؤسس الجناح العسكري لـ«الإخوان»”.

5. اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين مصر والسودان، كانت حاضرة في الإعلام السعودي، مع وجود رئيسَيْ البلدين، السيسي، والسوداني، عمر البشير، على رأسها.

لكن مجال الاهتمام الأهم الذي ركز عليه الإعلام السعودي في هذا الصدد، كان تصريحات الرئيس السوداني حول أمن المملكة، والذي وصفه بأنه “خط أحمر”، وأن السودان “لن تسمح أو تقبل المساس به”، وتهنئته للمملكة على نجاح موسم الحج.

كما أكد البشير في هذا الصدد على دعم بلاده للتحالف العربي الذي تقوده المملكة “لإعادة الأمن والاستقرار في اليمن ودعم الشرعية”، وعلى مشاركة السودان في عملية عاصفة الحزم باعتباره ذلك “أبلغ دليل على دعم الحكومة الشرعية والاستقرار”.

6. برغم التراجع الملحوظ لوتيرة الهجوم على الحكومة المصرية في المواقع الصحوية السعودية؛ إلا أن موقع “الإسلام اليوم”، نشر يوم الخميس، 6 أكتوبر، تقريرًا لوكالة “الأناضول”، بعنوان: “محاكمة 3391 مدنيا أمام القضاء العسكري في مصر خلال 3 أعوام“(14)، نقلت فيه عن المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن 3391 مدنيًّا، بينهم نساء وأطفال، جرت محاكمتهم أمام القضاء العسكري في مصر منذ الإطاحة بمرسي في 3 يوليو الماضي، مشيرةً إلى صدور أحكام بإدانة أكثر من 3 آلاف و200 منهم.

وأوضح التقرير الحقوقي أن من بين المدنيين 3203 حُكم عليهم بالإدانة بأحكام مختلفة، و188 شخصًا فقط، صدرت أحكام براءة بحقهم.

العلاقات المصرية – السعودية:

1. الحدث الأبرز في هذا الصدد، كان بروتوكوليًّا، وهو تهنئة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد، الأمير نايف، وولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بمناسبة احتفالات أكتوبر.

2. وصول حاملة الطائرات المروحية الثانية من طراز “ميسترال”، إلى مصر، في ذكرى احتفالات أكتوبر، كان مجالاً لاهتمام الإعلام السعودي، ورافقته تصريحات لقائد القوات البحرية المصرية، الفريق أسامة ربيع، يمكن وضعها في إطار العلاقات المصرية السعودية؛ حيث قال خلال مراسم الاحتفال بوصول السفينة الجديدة، أن الأمن القومي الخليجي جزء من الأمن القومي المصري، وأنه “عندما يتطلب الموقف إشراك حاملة المروحيات “ميسترال” في تنفيذ مهما بالمنطقة العربية، فإن مصر لن تتوانى عن مساندة أشقائنا في الخليج العربي”.

وأشارت المصادر السعودية كذلك إلى أنه “في ظل الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة والمنطقة العربية بصفة خاصة والتي أدت إلى حالة من عدم الاستقرار لبعض الدول وما ترتب عليه من انتشار الأعمال الإرهابية الذي امتدت آثارها لتشمل العديد من دول العالم، فإن مصر بتاريخها ومكانتها هي قلب الوطن العربي ومصالحنا القومية والإستراتيجية ترتبط ارتباطا وثيقا بأشقائنا في الخليج العربي”.

3. في ذكرى حرب أكتوبر كذلك، نقلت صحيفة “الرياض” تصريحات عن الروائي السعودي، نور الحراكي بصفته رئيس المنتدى العربي العالمي للثقافة والسلام، قال فيها إن حرب أكتوبر “ستظل ملحمة تاريخية ومفخرة ليست للمصريين فحسب بل لكل عربي، كونها كانت بمثابة صفعة في وجهه أعداء العرب، وكانت رسالة أن العرب في وقت المحنة يصبحون صفًّا واحدًا، كَوْن أي تهديد لأي دولة (عربية) هو تهديد للعالم العربي كله”(15).

كما أشار الحراكي إلى “الموقف النبيل الذي لا يُنسى ولا يمكن أن يشطب من ذاكرة العقل العربي عندما أصدر الملك فيصل -رحمه الله- قراره التاريخي بحظر تصدير البترول لأمريكا، وكان موقف بطولي يكشف عن المعدن الأصيل للبلدان العربية التي ما ترددت لحظة واحدة في مساعدة والوقوف بجوار مصر مشيدا بموقف سوريا وغيرها من الدول العربية التي ساندت وساعدت مصر بشكل مباشر أو غير مباشر حتى أتم الله نصره”.

4. في العلاقات المصرية السعودية، كان هناك تقرير عن مشاركة عدد من المفكرين والمثقفين السعوديين في الملتقى الثقافي العربي الأول – أبو الفوارس عنترة بن شداد العبسي، الذي أقيم تحت رعاية قبيلة بني رشيد العبسية، ودعم الشيخ محمد الحاضر الرشيدي، يوم 7 أكتوبر في دار الأوبرا المصرية، وكان من بين من شاركوا في الاحتفالية، سفير المملكة لدى مصر ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، أحمد القطان؛ حيث جرى تكريمه “لجهوده في توطيد أواصر الصداقة والأخوة بين الشعبين المصري والسعودي”.

5. في هذا الإطار كذلك، تابعت مصادر سعودية محلية، حفل الاستقبال الذي نظمته الجالية المصرية في جدة، للسفير حازم رمضان القنصل العام المصري في جدة، بحضور عدد من المسؤولين والدبلوماسيين، منهم رئيس الاتحاد العام للمصريين في الخارج، ورئيس الجالية المصرية، الدكتور سعيد يحيى، ونائبه محمد أبو العيش، ومندوبين من البنك الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي، وعدد من أبناء الجالية والإعلاميين والأكاديميين.

ملفات وقضايا خاصة:

هذا الأسبوع كان هناك ملفَّان خاصَّان في مقالات الرأي والتحليلات السعودية حول الأوضاع في مصر وما تتصل به في صدد الأوضاع الإقليمية والربيع العربي:

– الملف الأول، هو الحالة المتردية للجنيه والاقتصاد المصري بشكل عام، والدور المتعاظم للجيش في المقابل.

– الملف الثاني، يتعلق بـ”التهديدات” التي تواجهها مصر في هذه المرحلة، ضمن “التبعات السلبية” للربيع العربي.

1. أزمة الجنيه ودور الجيش الاقتصادي المتعاظم:

صحيفة “الاقتصادية” نشرت فيديو بعنوان: “الجنيه المصري في

بحر متلاطم”، قالت فيه الصحيفة إنه، ومنذ سنوات يترنح الجنيه المصري في بحر أسعار العملات المتلاطم بينما تسعى الحكومة إلى إبقائه عائمًا خشية الغرق، لكن خطط السلطات المستحدثة لموازنة العرض والطلب من الجنيه يتطلب من الحكومة رؤية شاملة وبعيدة(16).

“الاقتصادية” كذلك نشرت تقريرًا لوكالة الصحافة الفرنسية “أ. ف. ب”، بعنوان: “السيسي يلجأ الى الجيش للمساعدة في حل مشكلات مصر الاقتصادية“، استهلته بالقول إن السيسي يلجأ بشكل متزايد الى الجيش للمساعدة في حل أزمات البلاد الاقتصادية، مما ادى الى اتساع نشاط القوات المسلحة الاقتصادي مع تنامي دورها السياسي منذ اسقاط مبارك عام 2011م(17).

ويقول التقرير إنه يصعب تقدير حجم النشاط الاقتصادي للجيش في القطاعات المدنية؛ حيث يحظر القانون نشر أي أرقام تتعلق بتفاصيل موازنته، وبرغم ذلك؛ فإنه بشكل عام يمكن القول إن حصة الجيش في الاقتصاد المصري قد ارتفعت منذ تولي السيسي الرئاسة، مع دخول القوات المسلحة مجالات اقتصادية جديدة مثل استيراد البان الأطفال وإنتاج الأدوية، مثل أدوية السرطان.

وقال التقرير كذلك، إن النشاط الاقتصادي الأكبر للجيش، يتركز في مجال البنية الأساسية.

لكنه نقل عن أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، عمرو عادلي، قوله إن الدور الاقتصادي للجيش “اتسع، ولكنه ليس دورًا مهيمنًا”.

ويضيف عادلي إنه “باستثناء قطاع تشييد الطرق، الذي تبلغ حصة الجيش فيه ما بين 7% و8% وهي حصة كبيرة، فإن القوات المسلحة لا تمتلك أية حصص كبيرة في أي قطاع آخر”، ويشير – على سبيل المثال – إلى أن الجيش يمتلك بعض محطات الوقود ولكنه لا يستطيع منافسة شركة مثل “توتال”، ويمتلك مصنعًا لإنتاج المياه المعدنية، ولكن حصته ضعيفة في هذا المجال الذي تهيمن شركة “نِسلة” على 70 بالمائة منه.

ويفسر الباحث في مركز كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط، يزيد صايغ، توسع الدور الاقتصادي في عهد السيسي بالقول إن هذا يعود لعاملَيْن أساسيَّيْن، الأول هو أن مجموعات مصالح متعددة داخل الجيش وجدت فرصة للقيام بانشطة ربحية بسبب الدور المحوري للتحالف الذي يضم مؤسسات الدولة الرئيسية الذي يحكم مصر منذ الإطاحة بالدكتور محمد مرسي.

أما السبب الثاني، وفقًا لصايغ، فهو قيام السيسي بتكليف الجيش بدور رئيسي في مشروعات عامة كبرى نتيجة تدهور مؤسسات الدولة المدنية التي أصبحت عاجزة عن القيام بمهامها “فبات الجيش يملأ الفراغ”.

ويشير صايغ إلى أن نشاط الجيش الاقتصادي توسع مقارنة بما كان عليه في عهد مبارك بسبب تنامي دوره السياسي.

ويقول: “أثناء حكم مبارك، كان للجيش وضع متميز، ولكنه لم يكن لاعبًا رئيسيًّا أو صانعًا للقرار السياسي أو الاقتصادي؛ اذ ان نظام مبارك كانت به توازنات غائبة الآن، بين الحزب الوطني عمومًا، ولجنة السياسات التي كان ابنه جمال يترأسها، والتي كانت متحالفة مع كبار رجال الأعمال ووزارة الداخلية”.

2. مهددات الأمن القومي والربيع العربي:

نبدأ في هذا الصدد بمقال عام، نشرته “الحياة” اللندنية”، للكاتب حسام عيتاني، بعنوان: “الجيو – سياسة تصادر الثورات” (18).

ومن بين ما قاله في هذا الصدد:

“تقوم واحدة من أكثر المقولات ذرائعية في تبرير هزيمة الثورات العربية، على ان الانتكاسة الحالية لا تزيد عن كونها نهاية الطور الأول من الثورات وان الأحداث التاريخية الكبرى، على غرار نهاية الدولة التسلطية الاستبدادية في المشرق العربي، تتطلب زمناً طويلاً وممرات إجبارية في عكس اتجاه تقدم التاريخ. تعطي هذه المقولات نماذج مثل هزيمة ربيع الشعوب في أوروبا عام 1848 وفشل ثورة 1905 في روسيا وتستشهد بكلمة قالها رئيس الوزراء الصيني شو ان لاي عن انه ما زال مبكراً تقييم الثورة الفرنسية (..) لا مبالغة في أن الخزعبلات المشابهة تتأسس على نزعتين. الأولى تعويضية للتخفيف من هول الكارثة التي أصابت الشعوب العربية وشكلت ردة الى زمن يساوي في سوئه الزمن السابق على الثورات إن لم يفقه مأسوية. والثانية، تعتمد التضليل في قراءة تجارب التاريخ الأوروبي”.

ويدين المقال سلوك الأنظمة العربية الذي وصفه بالاستعبادي، وأشار كذلك إلى دور الأنظمة “العسكرية والمخابراتية” التي حكمت المنطقة العربية، في هذه الحالة من التردي الحضاري القائمة؛ حيث يقول:

“كان حري بنا ان ننتبه الى اتساع الدمار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي خلفته هذه الأنظمة التي تركت بلدانها أشبه بأرض مرّ عليها قطيع من الجواميس المذعورة”.

ثم يختم مقاله بالقول:

“بيد أن المناخ السائد القائل أصحابه باستحالة التغيير ما دامت القوى الكبرى قد أمسكت ناصية الفعل وحولت ثوراتنا الى صراعات جيوسياسية، يجد سلفاً له في تمجيد «الاستقرار» الذي كانت تمن به الحكومات العسكرية – المخابراتية على شعوبنا”.

في الإطار العام السابق، نشرت “الاقتصادية” مقالاً بعنوان: “ولا تزال المؤامرات مستمرة ضد مصر“(19)، بقلم عبد الله المدني، هاجم فيه بشدة جماعة الإخوان المسلمين، واتهمها بالإرهاب.

ويبدأ مقاله كما هو معتاد بالهجوم على إيران، ودورها في زعزعة استقرار البحرين، ولكنه مدخل مهم لو علمنا أنه يستغله لوصف ثورات الربيع العربي بالكذب والدجل.

المهم أنه يصل بعد ذلك إلى الحديث عن مصر والإخوان المسلمين؛ حيث يقول إن الجماعة تلجأ إلى الضغط على الاقتصاد المصري، لتحقيق أهدافها، ويضيف:

“يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين المتعطشة للسلطة في مصر المحروسة، وليس أي شيء آخر فيها سوى السلطة، تمارس اليوم ما مارسته الجماعات البحرينية التي اصطلح على تسميتها بـ “جماعة الدوار”، على الرغم من الفارق بين التوجه الأيديولوجي / المذهبي للجماعتين. وآية ذلك أن الجماعة المصرية تقوم اليوم بحرب دعائية إعلامية إلكترونية ممنهجة ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، مستخدمة كل منصات التواصل الاجتماعي للإضرار بالاقتصاد المصري”.

ويتهم الجماعة في هذا الإطار بأنها كانت وراء الحملة الأخيرة ضد المنتجات الزراعية المصرية ووصفها بالموبوءة والمسببة لداء الكبد الوبائي بدعوى أنها تروى بمياه المجاري، وكذلك بشن حملة على القطاع السياحي المصري بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية قرب العريش في أكتوبر 2015م “التي حاولت الجماعة استغلالها للقول إن المطارات المصرية وأجهزتها الأمنية غير كفؤة أو مخترقة، فكفوا عن السفر إلى مصر للسياحة”.

كما يضع في ذات السلة حادثة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي قتل في مصر، واختطاف رجال الأعمال السعودي حسن سند، وقال إن “إخوان مصر وأذنابهم استغلو هذه الحوادث ببراعة للإضرار بسمعة وطنهم ومواطنيهم”.

ويختم مقاله بالقول: “الغريب هنا أن مثل هذه الدعاية الإخوانية السلبية ضد مصر واقتصادها انطلت على كثيرين، بمن فيهم أولئك الذين لا يقفون مع الإخوان المسلمين في خندق فكري واحد، بدليل أن هؤلاء يتبادلون الخزعبلات والفبركات الإخوانية ويتولون نشرها دون تمحيص على أوسع نطاق مستخدمين منصات التواصل الاجتماعي والمنابر الإلكترونية، فيتحولون بذلك إلى ذراع إعلامية إضافية للإخوان من حيث لا يدرون”.

والجداول والأشكال التالية توضح الأوزان النسبية لهذه الحزمة من القضايا الداخلية والخارجية وكذلك الشأن المصري في الإعلام السعودي:

الجدول رقم (1) : القضايا الخارجية في الإعلام السعودي وتوزيعاتها النسبية

الشكل رقم (1)

الجدول رقم (2)

أبرز القضايا الداخلية في الإعلام السعودي وتوزيعاتها النسبية

الشكل رقم (2)

الجدول رقم (3)

القضايا المصرية في الإعلام السعودي

الشكل رقم (3)

اتجاهات المواقف تجاه القضايا الأساسية:

1. تركيا: خطاب محايد باستثناء بعض الأقلام مثل جمال خاشقجي، والمواقع الصحوية، مثل “المسلم” و”الإسلام اليوم”.

2. إيران وحلفاؤها في المنطقة: خطاب سلبي متصاعد بشدة.

3. الولايات المتحدة: خطاب سلبي متصاعد على خلفية قانون “جاستا”.

4. روسيا والدور في سوريا والشرق الأوسط: خطاب سلبي متصاعد على خلفية أزمة “حلب”.

5. “الإخوان المسلمون” والإسلام السياسي والربيع العربي: خطاب سلبي.

6. مصر والعلاقات المصرية – السعودية: إيجابي بقدر ولكن مع تراجع مستوى الاهتمام بالشأن المصري، واستمرار تراجع تناول المواقع الصحوية السلبي للأوضاع في مصر.

رابعًا الاستنتاجات:

1. لا يمكن في الوقت الراهن الانسياق خلف التقديرات التي تشير إلى تحالف تركي سعودي على حساب العلاقات السعودية المصرية؛ حيث تحرك الموقف بالأساس بفعل صورة إعلامية عملت بعض الأوساط المؤيدة لأردوغان على تكريسها في الإعلام السعودي، وأمام الرأي العام، وكذلك استجابة من الرياض لاعتبارات حتمية الدور التركي للتصدي للسياسات الإيرانية في موضوع الموصل.

2. تبقى الأزمة في العلاقات المصرية السعودية تكهنات، وإن كان هناك نقاط كثيرة لخلافات في وجهات النظر بين البلدَيْن قد بدأت تتفاعل، وليس الأمر قاصرًا على الموضوع الروسي السوري فحسب؛ حيث يمتد إلى سياسة مصرية منفردة في الموضوع الليبي، تدعمه في ذلك الإمارات، بعيدًا عن الإطار الثلاثي الذي كان يجمع في المعتاد بين البلدان الثلاثة في قضايا المنطقة.

3. تواجه السعودية في الوقت الراهن أزمات كبرى تهدد أمنها القومي بالفعل، مع دخولها في مواجهات غير متكافئة أو متوازنة مع أكثر من طرف إقليمي ودولي، على رأسهم الولايات المتحدة، في مقابل عدم تمتع الرياض بتأييد من أي طرف فاعل في الإقليم، وفي المجتمع الدولي، في ظل الجرائم المتكررة المرتكبة في اليمن، وكون السعودية في الأصل في عين عاصفة الاستهداف ضمن مخطط إعادة رسم خرائط المنطقة.

وهو، في ظل تراجع مستوى التنسيق الإماراتي السعودي، وضعف الحليف المصري؛ كان عامل حسم للقرار السعودي للتقارب مع أنقرة.

4. لم تزل الرؤية غائبة أمام الرياض في صدد التعامل مع مشكلة قانون “جاستا”، وإن كانت الخيارات الأكثر واقعية بالنسبة للسعودية على صعوبة تنفيذها، هو السعي إلى فتح ملفات محاكمة الجنود الأمريكيين في بعض الدول العربية والإسلامية الحليفة للرياض، وارتكب فيها الأمريكيون جرائم حرب، كما في باكستان وأفغانستان، ومن خلال بعض الأطراف في العراق.

5. يُعتبر العامل الاقتصادي معطلاً للرياض بالفعل في الوقت الراهن عن مواصلة سياساتها المقتحمة في أزمات الإقليم، وهو ما يبدو في عصبية تعاملها في الملف اليمني، ولذلك أُعطيت قضية التعامل مع الأزمات المالية الراهنة، وضبط أداء الاقتصاد السعودي اهمية، لإمكانية مواصلة العمل بذات النسق المقتحم، وتفادي مشكلات داخلية بسبب التراجع الاقتصادي.

————————-

الهامش

(1). الرابط

(2). أردوغان: تطبيع العلاقات مع مصر ممكن إذا أفرج عن مرسي ورفاقه، تقرير لـ”روسيا اليوم” عن الحوار، 2 أكتوبر 2016م، الرابط

وطالع أيضًا:

لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع قناة “روتانا خليجية” على موقع “يوتتيوب”، الرابط

(3). خاشقجي: لو كنت مفتيا لقلت بعينية ووجوب التعاون بين تركيا والسعودية، 3 أكتوبر 2016م، الرابط

(4). لأول مرة منذ محاولة الانقلاب.. مسؤول تركي على قناة العربية، ترك برس، 8 أكتوبر 2016م، الرابط

(5). 8 أكتوبر 2016م، الرابط

(6). 8 أكتوبر 2016م، الرابط

(7). الرابط

(8). الرابط

(9). 1 أكتوبر2016م، الرابط

(10). الرابط

(11). تعديل «جاستا» مصلحة أمريكية، 8 أكتوبر 2016م، الرابط

(12). 8 أكتوبر2016م، الرابط

(13). 8 أكتوبر2016م، الرابط

(14). الرابط

(15). المنتدى العربي العالمي للثقافة والسلام: موقف الملك فيصل في حرب أكتوبر لن يشطب من ذاكرة العقل العربي، 7 أكتوبر 2016م، الرابط

(16). 5 أكتوبر 2016م، الرابط

(17). 9 أكتوبر 2016م، الرابط

(18). 7 أكتوبر 2016م، الرابط

(19). 8 أكتوبر 2016م، الرابط

 

أحمد التَّلاوي

باحث سياسي ومحرر إعلامي، بكالوريوس العلوم السياسية، جامعة القاهرة، 1996، من مؤلفاته: إيران وصراع الأصوليات في الشرق الأوسط، دولة على المنحدر، أمتنا بين مرحلتين، الدولة والعمران في الإسلام

اعمال اخرى للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى