تقارير

ما بعد انفجار بيروت: لبنان إلى أين؟

لقد فتح انفجار بيروت الباب واسعاً أمام عودة لبنان إلى قلب التنافس الإقليمي والدولي بين القوى المتنافسة. وقد تقاطر على بيروت، خلال أيام الانفجار الأولى، مسؤولون من هذه الدول؛ لإبداء تضامنهم، والدفع باتجاه مسارات سياسية تتفق مع رؤية كل منهم لِمَا يجب أن تكون عليه الحال في لبنان بعد انفجار المرفأ. وبدا واضحاً، خلال هذه التحركات، انعكاس ملفات المنطقة واستقطاباتها على الوضع في لبنان.

فقد حظي حراك ماكرون، المدفوع بالصراع ضد تركيا في شرق المتوسط، بدعم مصر التي زار وزير خارجيتها سامح شكري بيروت، بالتوازي مع تغذية الطرفين المخاوف من نمو الدور التركي في لبنان، في حال تَرْك هذا البلد يتخبط في أزماته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وفي المقابل، وجَّه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، انتقادات شديدة للمبادرة الفرنسية في لبنان، باعتبارها محاولةً لإحياء الماضي الاستعماري الفرنسي في شرق البحر المتوسط. وقد يعيد هذا الاستقطاب تشكيل المشهد اللبناني ودوره في التنافس الإقليمي؛ إذ انصبّ التركيز خلال السنوات الماضية على إيران، بصفتها القوة الأكثر نفوذاً وتأثيراً في لبنان بعد خروج الجيش السوري عام 2005.

ومع تراجع الدور السعودي في لبنان، يتزايد الحديث عن تشكيل حلف فرنسي-إماراتي، يسنده تقاربٌ خفيٌّ لأبوظبي (وباريس والقاهرة أيضاً) مع النظام السوري لمواجهة تركيا في شرق المتوسط، وقد يُمثل هذا الاصطفاف الذي يتشكل، مركز الاستقطاب الإقليمي مستقبلاً في لبنان وخارجه، وهو كفيل بخلق أزمات جديدة على الصعيد الوطني.

إلا أنه في المقابل يتبلور رأي عام لبناني له وزنٌ محلياً ودولياً يمكن أن يضمن عدم تعزيز الاصطفافات الإقليمية الجديدة لنظام المحاصصة الطائفي في لبنان. لكن الأمر يعتمد على قدرة هذا الحراك الشعبي على فرض مطلب واحد أو مطلبين، على الأقل، مثل تغيير طريقة الانتخابات، وفرض الحراك الثوري نفسه طرفاً في أي حوار وطني قادم، وطرح برنامج يجتمع عليه جميع لبنان ويكون واقعي قابل للتطبيق بهدف الانتقال بلبنان من نظام طائفي، إلى دولة المواطنة والقانون والمؤسسات. وإذا لم يحدث ذلك فهذا يعني العودة إلى المربع الأول من المحاصصات والتَّزلُم ومزيداً من الطائفية.

أزمات متراكمة:

عانى لبنان قبل انفجار 4 آب أزمات متراكمة متمثلة بفساد السلطة الحاكمة التي استفحلت بعد اتفاق الطائف عام 1989، الذي كرس مفهوم ومبدأ التوافقية والتوزيع الطائفي القائم على المحاصصات والمحسوبيات والزبائنية على أساس مذهبي وطائفي ومناطقي. إضافة إلى أن لبنان منذ لحظة نشوئه إلى يومنا هذا قائم على أساس تشويهات بنيوية لم يستطع من خلالها تحديد هويته وكيانه، وهذا ما عبرت عنه بشكل واضح جميع الطوائف اللبنانية منذ 1920 إلى 1943 إلى 2020، إضافة إلى الحروب الأهلية التي حالت دون عبور منطق المواطنة والمؤسسات باستثناء عهد الرئيس السابق فؤاد شهاب عام (1902-1973)

واليوم يعيدون استحضار مبدأ الحياد بهدف تجنيب لبنان اخذ موقف واضح وصريح من الأزمات التي تعصف به سواء لجهة الصراع العربي-الإسرائيلي، أو الصراع الإيراني – العربي، أو الصراع اللبناني – اللبناني، أو الصراع الإسلامي – الإسلامي، أو الصراع المسيحي – الإسلامي، أو المسيحي – المسيحي. إنهم يطالبون بالحياد كلما شعروا بأن مصالحهم بدأت تتراجع، يصدرون هذا المفهوم بهدف التعطيل والمراوغة مع العلم أن منطق الحياد ليس هو الحل لمشكلة لبنان كما يعول البطريرك مار بشارة الراعي في تصريحاته الإعلامية، كما أنه ليس الجهة المخولة لتصدير هذه المواقف السياسية.

كما أن وجود سلاح حزب الله في لبنان يطرح جدال وانقسام داخلي يتم تطييفه واستبعاد خطورة المشهد العربي- الخليجي-الإسرائيلي سواء لجهة الأنظمة الاستبدادية أو لجهة “التكفيريين”، أو لجهة الصراع مع الكيان الإسرائيلي إضافة إلى أن البعض يرى أن هذا السلاح بات يشكل عبئا حقيقيا ًعلى وجود وهوية الدولة اللبنانية وعلاقتها بأشقائها العرب.

أضف إلى ذلك الإعلان عن العلاقات الإماراتية–الإسرائيلية وما شكلته من صفعة ورصاصة رحمة على لبنان على كافة المستويات الاقتصادية والاستثمارات والتبادل التجاري والطاقة والسياحة والخدمات، ناهيك عن التداعيات السياسية التي ستشكلها الإمارات في تطبيعها مع إسرائيل من خلال جعلها دولة مواجهة لإيران مما سينعكس الأمر على حزب الله، وعلى لبنان أيضاً.

كما أن إخفاق ثورة 17 تشرين وما تلاها من احتجاجات شعبية كانت من جهة صرخة انقلاب على الواقع المأزوم من جهة، لكنها أخفقت في ممارساتها وفي عجزها عن تقديم رؤية استشرافية ومشروع سياسي واضح يقوده قائد ذو رؤية متصلة بواقع المنطقة وآفات مسار الربيع العربي وتحدياته وفرصه وكيفية توفير شروط انتقال ديمقراطي ملائمة تحقق وتستجيب لمطالب أجيال قرن الـ 21 وحاجة الشعب اللبناني لأبسط مقومات الحياة والكرامة والإنسانية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

والتحدي الأكبر الذي يعيق لبنان من تحقيق مفهوم المواطنة هي مشكلة الولاء والتبعية الطائفية والمذهبية والمناطقية والثقافة الضيقة في طرح المشكلات المصيرية، وأزمة الإنسان في وجوده وعلاقته مع الآخر بفعل عدة اعتبارات مرتبطة بثقافة القمع والإقصاء وعقدة النقص وذاكرة الاضطهاد والإكراه والإنكار وتجاهل الواقع، كما أن هناك تعصب وانحياز حزبي للزعيم والطائفة، وهذا دليل معرفي ضيق للآخر وأقصد هنا في تاريخ العلاقات المسيحية–الإسلامية، وهذا الأمر ينعكس بشكل مباشر على حياة اللبنانيين وتفاصيلها اليومية وتنوع الأحزاب ورؤيتهم إلى الأحزاب الأخرى ومشروعهم السياسي.

إضافة إلى ذلك، فإن النظام العالمي وما يحمله من تداعيات العولمة والرأسمالية–النيوليبرالية كلها لها تأثير إيجابي وسلبي على أنماط حياة اللبنانيين، وتفاعلهم الحضاري والقيمي وانعكاسه على طريقتهم في التفكير حيث باتوا يعانون اغتراب وهجران في هوياتهم العقائدية، إما الميل إلى الغرب بكل تفاصيله، أو الميل إلى الشرق بكل تفاصيله، فلا حوار حقيقي وصريح بين الثقافات والحضارات على أساس فكري وحضاري بل على أساس غالب ومغلوب، حيث الكلمة المهيمنة للقوي ولمن يملك أوراق النفوذ والسيطرة.

إن لبنان يعاني صراعات إقليمية ودولية بفعل الجغرافيا المستبدة التي تعيقه من التنفس والتمدد والنمو. فكلما كانت المنطقة تنعم بحالة من الاستقرار كان وضعه مستقرا وكلما كانت حال المنطقة مضطربة واجه لبنان مشاكل عديدة وحروب وانقسامات وتجزئة، والجديد اليوم مع وضع لبنان أنه بدلاً من أن يكون ساحة لحروب الآخرين عليه أصبح ساحة حروبه التي تنعكس بالحصار الاقتصادي والمجاعة والإفقار والانفجارات.

يضاف إلى ذلك، عامل الديمغرافيا وما يشكله اختلال موازين القوى وانعكاسه على مكوناته الداخلية سنة وشيعة ومسيحية بشكل خاص بفعل وجود الفلسطينيين في المخيمات واللاجئين السوريين. فلبنان مهدد بالانفجار الكبير، على خلفية العديد من الصراعات والقضايا ذات الجذور الممتدة.

من هنا، فإنه لابد من عبور حاجز الانقسام والاحتكار والإكراه الذي حال دون بناء دولة المواطنة التي تتحقق فيها هذه اللّحمة بين المجتمع والسلطة، فضلا عن إشكالية تحديث البناء الوطني، مما يمكن أن يفسر العجز عن الانتقال بها من الدولة المصطنعة إلى دولة قومية حقيقية بالمعنى الإدماجي وليس الهيمنة والإقصاء والشعور بالغبن، بهدف الحد من التدخلات الخارجية. كما أن حالة الاستسلام لدى النخب اللبنانية تشكل عامل إدامة الأزمة وتكرسها بدلا من طرح مقاربات جديدة مشرقة مليئة بالأمل تشمل خطاب يسود المؤتلف الإنساني والحضاري والأخلاقي بعيدا عن الثقافة الاستهلاكية والمستبدة والتخوين للآخر.

ويمكن تحديد أبرز عوامل هذا القصور من خلال:

أ‌- التركيز على فكرة تغيير السلطة وبعده عن الركيزة الأساسية لإعادة البناء بينما تغيب عن بنية الدولة الفعلية المقومات الإدماجية الرئيسية من اقتصاد حديث لا يرتهن للمنطق الريعي، وعقد اجتماعي توافقي لا يمكن أن تخلقه إلا إرادة واعية حازمة وقوية من قبل قادة الرأي والنخب المؤثرة أو ضريبة دم شديدة التكلفة بدأ لبنان بسدادها فعلا.

ب‌- الرهان على تيارات الإسلام السياسي كبديل للأنظمة الحليفة التقليدية، بالنظر إلى أن تلك التيارات هي الأقدر على حشد الجماهير، مما قد يعتبره البعض إهداراً لمعنى الدولة القومية بتنوعها، وقد يهدد كذلك بمزيد من حالات الصراع الأهلي.

ت‌- القبول بمنطق تقسيم الدول القائمة، وإنتاج خريطة ويستفاليا جديدة للدولة في المنطقة على أسس إثنية، لا يمثل إلا هروبا من مواجهة عوامل الأزمة الحقيقية التي أسهمت سياسات المعسكر الأوروبي-الأطلسي في تكريسها إبان الحرب الباردة، من خلال دعم الأنظمة التسلطية، وحفزت على تفجيرها بعد انتهاء الصراع القطبي. كما يهدد مثل هذا القبول ليس فقط بجعل المنطقة بؤرة توتر دائم للتطرف والإرهاب، ولكن أيضا بدفعها نحو حالة مستدامة من حروب الوكالة، خاصة مع بروز العديد من قوى المراجعة في النظام الدولي التي ترتبط مصالحها بشكل وثيق ومتنام بالمنطقة، خاصة روسيا والصين.

لا بد من الإشارة هنا إلى مفهوم الدولة الفاشلة وما المطلوب لتخطي هذا الفشل. ربما يكثر الكلام على دولة مدنية ترعى حقوق مواطنيها بهدف استشعارهم بالأمان والاستقرار والسكينة وكل ذلك يحتاج إلى إعادة النظر في التركيبية اللبنانية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية حيث أصبح لبنان غير قادر على الاستمرار بهذه الصيغة من التعايش والتكاذب الطائفي.

وصحيح أن لبنان دولة علمانية برلمانية إلا أنه بحاجة إلى النظر في بنود هذه الصيغة ورؤيتها من باب النقد والتعديل بفعل اعتبارات عديدة منها أن العالم يتفاعل ويتغير، ومقبل على تغيرات عميقة على مستوى العلاقات الدولية ومفاهيم النظام العالمي الجديد وبخاصة بعد جائحة كورونا، كما أن الإنسانية باتت على المحك وتفرض تفكير متحضراً يواكب تحيات العصر والعصرنة بالمعنى الحضاري والتقدمي من حيث الأمن الغذائي وأمن الشعوب وحماية هويتها وخصوصيتها وثقافتها من جهة، ومن جهة ثانية طرأ على السياسات الدولية تحولات لم تعد أمريكا وحدها المهيمن والمسيطر، وتصَدر المشهد السياسي لاعبون جدد يجب أخذهم بعين الاعتبار أيضاً.

إن الدول تفشل عندما تصل إلى حالة من الإخفاق الوظيفي، تؤدي إلى تآكل قدرتها وقدرة نظامها القائم على الحكم بفاعلية وكفاءة، وافتقادها للقدرة على السيطرة الفعلية على أراضيها، وتراجع قدرتها على التفاعل مع الوحدات السياسية كعنصر دولي كامل الأهلية.

وما يزيد لبنان فشلاً هو استحكام الاستعمار فيه لجهة الحصار الاقتصادية ومخلفات الماضي التي تكرست وتعززت عبر التاريح وصولاً إلى تعميق مشكلة الطائفية والتلاعب بتوازناتها بحسب أجندات الدول الأجنبية وحساباتهم سواء الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أو ايران–سوريا أضف إلى ذلك تغيرات داخلية بداً بانتفاضة 17 تشرين وصولاً إلى حادثة انفجار مرفأ بيروت التي فرضت تحدٍ جديد يجب مناشدته والتعويل عليه من أجل تحقيق إصلاحات ملحة وطارئة وتغييرات اجتماعية وسياسية، غير أن القوى والأحزاب السياسية لا تسمح بأي تغيرات بسبب عمقها وتغلغلها وإمساكها لمفاصل الدولة العميقة. كما أن النخبة اللبنانية قاصرة عن طرح مشروع دولة أو مشروع سياسي بديل لاتفاق الطائف.

إن السياسة المعتمدة في لبنان هشة وقاصة وغير قادرة على أخذ مبادرات مستقلة عن الأجندات الخارجية لأنها تعتمد عليهم في تمويل الدولة اللبنانية ومساندتها اقتصاديا من خلال الدول المانحة وبشكل خاص الأمريكي والفرنسي والأوروبي والخليجي؛ من هنا فإن وضع لبنان حساس جدا ً، والمطالبة بمبدأ الحياد هي مسألة يأخذ منها حقاً لكنها سياسة فاشلة، لأن لبنان لا يمكن تحييده ولا وجود أساسا للحياد بفعل وجود هويات ثقافية وانتماءات وولاءات تابعة إما غربية أو مشرقية أو إسلامية–عربية، وهذا ما يزيد المسألة تعقيداً.

كما أن الثقافة الاجتماعية المتعلقة بفكرة الحداثة والعلمانية بحاجة إلى تشريح وتوضيح من حيث إن الشعب اللبناني، صحيح أن له امتدادا فرانكوفونيا وأنجلوفونيا ويتبع نظام الرأسمالي والاقتصاد الحر، غير أن هناك فرق بين الحداثة والعلمانية بمعنى أن لبنان يلبس الحداثة من باب الشكل غير أنه غير علماني، والدليل الانقسامات الطائفية والمذهبية والتفرعات الطائفية وهذا لب القضية بفعل تأثير الاستعمار والثقافة الغربية على التراث اللبناني، وبشكل خاص الموارنة، وهذه مسألة لا بد من التعويل عليها.

لقد ظل المطلوب دائما في لبنان، البقاء تحت سقف التوافق السياسي وهذه معضلة لا بد من استئناف البحث فيها ونقدها. لأنني ضد التوافقية، أنا مع وصول الشخص الكفؤ والرجل المناسب إلى المكان المناسب، سواء كان رئيس الجمهورية مسيحيا أو شيعيا أو سنيا أو أرثوذكسيا، فلا يهم، المطلوب الكفاءة والحنكة السياسية والوطنية، أي سيادي، بمعنى أن يفتش عن مصلحة شعبه وأرضه وحكومته وليس تنفيذ أجندات دول أجنبية والعمل لمصالحها على حساب الوطن.

لكن أن اعتقد أننا تأخرنا كثيراً لأخذ مبادرات سيادية مستقلة، ولم يعد بإمكاننا النظر إلى الآخر وإلى أنفسنا بكتب قديمة بل بكتب حديثة وهذه الكتب الحديثة شرطها القوة التي تفرض نفسها وهي التي تحدد المعارف والمعرفة، من هنا ما نواجه في لبنان أو في المنطقة المشرقية هي اختبارات وجس نبض المقاومات والهويات الناشئة الجديدة بعد الثورات كيف يمكن احتواؤها والانقضاض عليها بفعل برامج استقطابية وشعارات شعبوية سواء حقوق المرأة والديمقراطية والحريات الفردية أو منازعات العلم والدين والدولة العلمانية وفصل الدين عن الدنيا و.. و.. و..، دون البحث في عمق القضية وأسباب الحقيقية للطائفية والتمذهب والانقسام الهوياتي.

وبالتالي، أنا اعتقد أنه يجب النظر اليوم إلى المنطقة برؤية نقدية إصلاحية تمظهرت بعدة تمظهرات أولها، الانكفاء على الذات بالشكل السلبي من حيث الشعور بالتغريب والانسلاخ واليأس وهذا ما يقودنا إلى ردة فعل إما إلحادية أو أكثر تزمتا دينيا وتعصباً.

ثانياً، الارتماء بأحضان النموذج الغربي وكأنه هو المثال الأمثل مع العلم أن لكل دولة تجربتها الخاصة وتراكماتها، ونجاحها هناك لا يعني أنها قد تنجح عندنا.

ثالثا، فشل في تحقيق تكامل إقليمي على أساس حضاري اقتصادي سياسي ثقافي.

رابعاً، نحن نعاني أزمة مثقف غير قادر، غير متخصص، وغير مصنف، بمعنى أنه ضليع بتخصصه بشكل وافي وشامل ودقيق بل طروحاته تقتصر على العموميات والشعبوية أكثر منه لمعلومات عميقة تاريخية حقيقية، إضافة إلى أنه مرتهن للسلطة وينفذ ويعبر عن موقفها ويبحث عن مصوغات لها لتبرير وجودها أكثر منه طرح رؤية استشرافية جديدة وبديلة وحقيقية تلامس أرض الواقع وطموح الجيل الجديد والتحديات المستقبلية.

توصيات:

أولا : طرح مشروع سلام يخدم استقرار المنطقة بهدف أن يستقر لبنان أولاً، وذلك من خلال تحديد موقف لبنان من الصراعات في المنطقة بشكل واضح وصريح وأخذ موقف واضح من العلاقة مع الغرب وإسرائيل، هل نحن أعداء؟ لماذا؟ وكيف؟ وما موقفنا من تطبيع الإمارات–إسرائيل وانعكاس هذا التطبيع ومشروع صفقة القرن على لبنان؟ ولو أخذنا بنفس المبادرة، هل ينقذ ذلك لبنان اقتصاديا؟ مع إجراء نقد موضوعي لتجربة مصر والأردن، هل واقعهما جيد لنسلك هذا المسار؟

ثانيا: الإنتلجنسيا اللبنانية بحاجة أن تدرس واقعها بكتب لبنانية وليس بكتب الاستراتيجيين الغربيين والمنظرين الأمريكيين والفرنسيين لأن ابن البلد يعي تماما واقعه ومشكلات بلاده من الغرب.

ثالثا: دعم كل المبادرات والأنشطة التي تقوم على فكرة الحوار المسيحي-الإسلامي–اليهودي بهدف فهم تاريخ الآخر والبحث عن تضامن عالمي يكرس ثقافة الإنسان بوعائه الواسع والشامل وليس الضيق والقائم على أفكار سطحية ومؤدلجة والاعتراف بالآخر وحماية ثقافة الأقلية.

رابعا: إعادة التوازن إلى العمق العربي المائي أي مصر، العراق، سوريا، لأن دول الخليج ذات سياسة رأسمالية بترودولارية لا يمكن أن تقوم بهذا الدور، ما يجبر هذه الدول على السير في الشراكة الإقليمية

خامساً: مناشدة المجتمع الطائفي-المذهبي من خلال دراسة عنصر التابع أو المهمش في المجتمع اللبناني

سادساً : إيجاد استراتيجيات اقتصادية تستند إلى نظام الحمية وحسن الجوار العربي والتعاونيات الاقتصادية سواء مع الإقليم العربي أو الأوروبي أو الخليجي أو الإقليمي بهدف الاستفادة من الأسواق والسلع والتصدير والسياحة والخدمات والتقنيات وتبادل الخبراء.

سابعاً: سياسيا، علينا الاعتراف بالهزيمة من الداخل والدليل استفحال الأزمات دون إيجاد حلول لها والسعي دائما للاستعانة بالعم سام الأمريكي، وهنا المذلة، والمطلوب تغيير سياسة لبنان والاعتراف أننا قد دخلنا عصرا جديدا حيث إن البقاء فيه هو للقوي، والمطالبة بالبحث سياسيا كيف يمكن تأمين هذه القوة ذاتيا وخارجيا بما يتناسب مع مصلحة لبنان ومصلحة لبنان من أمن الإقليم.

 ثامناً: يجب إنشاء مراكز تفكير تعنى بوضع سياسات الدولة اللبنانية وتشغل نخب عملاقة في مجالات مختلفة إنسانية واقتصادية واجتماعية وسياسية لوضع وهندسة سياسة لبنان، إضافة إلى مراكز تُعنى بالبحوث التاريخية والآثارية والعلوم لتطوير الفكر وصناعة رأي عام جديد قوي متجانس.

الاقتصاد اللبناني ـ مشاكل مزمنة وسيناريوهات سلبية

الاقتصاد اللبناني ـ مشاكل مزمنة وسيناريوهات سلبية

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى