fbpx
الشرق الأوسطترجمات

CSIS: قوة الولايات المتحدة ونفوذها في الشرق الأوسط (2)

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

في هذه الحلقة الثانية من المدونات الصوتية التي ينشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) تحت عنوان “بابل: تفسير الشرق الأوسط”، يتناول جون ألترمان ملابسات التدخل العسكري الأمريكي المكثف في منطقة الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين، ويوضح كيف غيّر هذا الانخراط في المنطقة الجيش الأمريكي وكذلك الطريقة التي تتدخل بها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

يتحدث ألترمان في هذا الجزء مع الجنرال جوزيف فوتيل، الضابط المحترف في الجيش الأمريكي لأكثر من 40 عاماً، والذي كان آخر المناصب التي تبوأها في الجيش الأمريكي هو: قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتروم) خلال الفترة من 2016 إلى 2019؛ وإليوت كوهين، مدير وحدة أرلي بيرك في الإستراتيجية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والذي عمل كمستشار لوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس خلال ذروة الأحداث العسكرية في العراق؛ وكوري شاك، عضو مجلس الأمن القومي خلال الولاية الأولى للرئيس بوش ونائب مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية خلال الولاية الثانية لبوش.

من خلال هذه المجموعة من المدونات الصوتية، يقوم مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بتنظيم عدة نقاشات مع خبراء دوليين وإقليميين ومسؤولين سابقين، ستأخذ المتابع إلى ما وراء العناوين الرئيسية لمحاولة فهم ما يحدث بالفعل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. حيث سيعمل الخبراء الدوليون والإقليميون الذين يستضيفهم البودكاست على تفسير ما يجري على أرض الواقع، من خلال تسليط الضوء على الاتجاهات المختلفة، وكذلك سياقات التطورات المحورية في هذه المنطقة الهامة من العالم.

ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية هو منظمة أبحاث سياسات غير ربحية وغير حزبية أيضاً، حيث يُجري المركز دراسات في السياسات ويقدم التحليلات الاستراتيجية للقضايا السياسية والاقتصادية والأمنية في جميع أنحاء العالم.

وفي هذه النقاشات يستضيف جون ألترمان -النائب الأول لرئيس المركز، ومدير وحدة “زبيجنيو بريجنسكي” للأمن والجيواستراتيجية العالمية، ومدير برنامج الشرق الأوسط- بعض خبراء السياسة الخارجية البارزين وصناع السياسة السابقين الذين ساعدوا في تشكيل سياسة الولايات المتحدة في تلك المنطقة.

وقد قام المعهد المصري للدراسات بترجمة ونشر النص الكامل للجزء الأول من هذا النقاش الهام. وفيما يلي ترجمة الجزء الثاني الذي تم نشره باللغة الإنجليزية على موقع CSIS في 15 مارس 2022 – وذلك على النحو التالي:

مقدمة:

يقول جون ألترمان إنه بعد ثلاث سنوات من حرب العراق، بدت الولايات المتحدة وكأنها تفقد قبضتها على البلاد. وبحلول أواخر عام 2006، بدأ ينتاب مجموعات متزايدة من المواطنين الأمريكيين شعور بأن حرب العراق كانت قضية خاسرة، ووافقهم على ذلك قسم كبير من قيادات البنتاجون. ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام آنذاك، كان القادة العسكريون الأمريكيون يعتقدون أنه على الولايات المتحدة الابتعاد عن القيام بأي عمليات قتالية بنفسها هناك. وبدلاً من ذلك، فإن عليها أن تركز على دعم العمليات العراقية، مع العمل في الوقت ذاته على تعزيز إعادة الإعمار الاقتصادي والمصالحة السياسية. ولكن في يناير 2007، قررت إدارة بوش أنها لن تستبدل قواتها بإرسال المزيد من الدبلوماسيين ومدربي الشرطة المدنية. وبدلاً من ذلك، فإنها سترد بزيادة كبيرة في عدد القوات العسكرية الأمريكية هناك.

أما الرئيس بوش، فقد قال حينها: “هذا التزام قوي. ولكن لكي تنجح، يقول قادتنا إن العراقيين سيحتاجون إلى مساعدتنا. لذا، ستغير أمريكا استراتيجيتها من أجل مساعدة العراقيين على تنفيذ حملتهم لإخماد نيران العنف الطائفي وإحلال الأمن لسكان بغداد. وسيتطلب ذلك زيادة مستويات القوات الأمريكية، لذلك فقد التزمت بإرسال أكثر من 20 ألف جندي أمريكي إضافي إلى العراق “.

ويقول جون ألترمان إنه في غضون أشهر قليلة، كان هناك 30 ألف جندي أمريكي إضافي قد أُرسلت إلى العراق، ليصل العدد الإجمالي للقوات الأمريكية هناك إلى 168 ألف جندي. وأدت زيادة القوات الأمريكية إلى استقرار الوضع الأمني ​​هناك، وبحلول سبتمبر، كان القادة العسكريون يروجون لنجاح الخطوة.

حيث قال ديفيد بتريوس: “خلاصة القول بوضوح، أنه يتم تحقيق الأهداف العسكرية لزيادة القوات في العراق  إلى حد كبير.

جون الترمان: لكن زيادة القوات لم تحل مشاكل العراق. بقي العراقيون منقسمين، والوضع السياسي راكد. على الرغم من انخفاض مستويات القوات الأمريكية من ذروتها خلال زيادة القوات، إلا أن الجيش الأمريكي ظل غارقاً في العراق لسنوات، حيث واجه تحديات جديدة وتغير لمواجهتها.

بدء النقاش:

جون ألترمان: مرحباً بكم في سلسلة بودكاست عن “الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”. في هذه السلسلة، نتحدث فيها إلى كبار الخبراء وصناع القرار السابقين حول دور قوة الولايات المتحدة ونفوذها في الشرق الأوسط. أنا مضيفكم، د. جون ألترمان، جون ألترمان، النائب الأول لرئيس المركز، ومدير وحدة زبيجنيو بريجنسكي للأمن والجيواستراتيجية العالمية، ومدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة.

في هذه الحلقة، سوف نتناول ملابسات العشرين عاماً الماضية من الانخراط العسكري الأمريكي المكثف في منطقة الشرق الأوسط، وتحديد الدروس المستفادة التي تعلمتها القوات الأمريكية، بالإضافة إلى الشركاء والخصوم، بعد عقدين من الانخراط العسكري المتزايد في تلك المنطقة.

يقول إليوت كوهين: دائماً ما كنت أخبر أصدقائي العسكريين أنه: “عندما يضرب إعصار كاترينا، لا يتصل رئيس بلدية نيو أورليانز بوزارة الخارجية ويقول،” لقد ضربت هذه الكارثة المدينة للتو، من فضلكم أرسلوا لي أربعة سفراء و مجموعة من صغار الدبلوماسيين “.

جون ألترمان: هذا إليوت كوهين الذي أخبرني أنه قضى حياته المهنية “بطريقة أو بأخرى في العمل مع الجيش الأمريكي”، لكن في عام 2007، طلبت منه وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس العمل كمستشار لها. وهو يجادل بأن نجاح خطوة زيادة عدد القوات بالعراق كان نتيجة لقيام الجيش الأمريكي بما ينبغي أن تفعله الجيوش.

إليوت كوهين: لقد جئت إلى وزارة الخارجية عندما كان القرار سارياً، على الرغم من أنني كنت قد شاركت في بعض المناقشات حوله – بما في ذلك مع الرئيس – خلال الأشهر الستة التي سبقت ذلك.

لم يكن مفتاح النجاح الجزئي لقرار زيادة القوات هناك لم يكن يرجع للعمل المدني بقدر ما كان بسبب الوجود العسكري المطلق الذي يلعب الدور المباشر في عزل السكان. إنه نوع كلاسيكي جداً من العقيدة العسكرية.

جون ألترمان: خدم كوري شاك كعضو مجلس الأمن القومي خلال الولاية الأولى للرئيس بوش وكان نائب مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية خلال ولايته الثانية، بينما عمل بالتدريس في ويست بوينت في الفترة التي كانت بينهما. ويبدو أن كوري لديه وجهة نظر مختلفة قليلا.

كوري شاك: عندما يكون هناك إعصار، فأنت لا ترسل فقط الحرس الوطني، بل إن حكام الولايات أيضاً منخرطون بشكل متكامل، حيث تحتاج أن تزيد من مساهمات الرعاية الاجتماعية، وأن تقدم مساعدات اقتصادية. وتقوم أيضاً بالتفكير فيما سيتم عمله فيما يخص إجلاء الناس، فليس الحرس الوطني فقط هو من يقوم بعمليات الإخلاء. والمجتمع المدني يقوم بذلك أيضا، وكذلك تفعل  إدارات الإطفاء وقوات الشرطة. وإذا فكرت أيضاً في كيفية إعادة فتح المدارس مرة أخرى، فلا يمكن أن يقوم الحرس الوطني بحل كل هذه المشاكل.

جون ألترمان: أمضى الجنرال جوزيف فوتيل ما يقرب من أربعة عقود في الجيش الأمريكي وشغل مؤخراً منصب قائد القيادة المركزية الأمريكية في الفترة من عام 2016 إلى عام 2019. يقول الجنرال فوتيل إن صانعي السياسة غالباً ما يلجأون إلى الجيش لمعالجة المشاكل في الشرق الأوسط.

جوزيف فوتيل: ​​أعتقد أن جزءاً من ذلك كان يحقق نتائج. حيث كنا ننجز الأشياء. ويمكنك أن ترى تقدماً نهائياً بالنظر من خلال عدسة عسكرية.

جون ألترمان: والجيش أيضاً حقق نتائج.

إليوت كوهين: بشكل عام، تجربتنا على مدار العشرين عاماً الماضية هي أنه مع وحدات النخبة على وجه الخصوص – بتصنيفاتها المختلفة- كنا نستطيع تحقيق نجاحات تكتيكية. لكن المشكلة تكمن في أن هذه النجاحات كانت دائماً محدودة، مع الوضع في الاعتبار أنها كانت تتراجع في بعض الحالات، بسبب السياق السياسي الأوسع الذي يتعين عليك العمل فيه.

جون ألترمان: ولكن كوري شاك يقول إنه على الرغم من النجاح الواضح لزيادة عدد القوات الأمريكية هناك، إلا أن الجيش كان يشعر أحياناً بأنه يخوض حرباً بمفرده.

كوري شاك: في كل من العراق وأفغانستان، كان من المفترض أن يكون لدينا استراتيجيات حكومية كاملة، ولكننا قمنا بزيادة قواتنا العسكرية دون زيادة جهودنا الدبلوماسية والاستخباراتية، وتلقي المساعدة من الدول الخارجية، وجهود المجتمع المدني. هذا ما دفع الكثير من الناس، سواء من داخل الجيش أو خارجه،  لأن يقولوا بيأس، “لسنا دولة في حالة حرب. بل نحن مجرد جيش في حالة حرب”، وأننا لا نهتم بقدر كافٍ بإنشاء استراتيجيات تحتوي على عناصر متكاملة وداعمة لبعضها البعض. نحن فقط نلقي بالقوة العسكرية لتولي حل المشكلة.

جون ألترمان: جزء من السبب وراء التصور القائل بأن الولايات المتحدة “تلقي فقط بالقوة العسكرية لتولي حل المشكلة” يتعلق بالطريقة التي يعمل بها الجانب المدني من الحكومة الأمريكية. ففي العراق وأفغانستان، كوّنت الولايات المتحدة خلايا مشتركة ضمت عسكراً ودبلوماسيين وخبراء في الزراعة والتنمية وخبراء قانونيين ومدنيين آخرين لتحسين أحوال الحكم المحلي. وكانوا قد أطلقوا على تلك الخلايا اسم “فرق إعادة إعمار المحافظات”. ولكن الجنرال فوتيل كان يرى بأن تلك الفكرة كانت تعمل نظرياً أكثر منها في خضم الممارسة العملية.

جوزيف فوتيل: ​​بالرغم من أن فرق إعادة إعمار المحافظات كانت  فكرة جيدة، إلا أننا لم نتمكن من الحفاظ على ذلك النهج طويلاً. فقد كانت المشاركة التي نتلقاها من أفراد السلك الدبلوماسي والشركاء الآخرين المشتركين من الهيئات الأخرى طوعية. لكن بالنسبة للجيش، لم يكن الأمر طوعياً على الإطلاق، وقد تمكنا من الحفاظ على التدخلات في تلك الدول بمرور الوقت. وعندما لا لم يكن يتوفر لدينا مثل هذه الجهود (المشتركة)، فإننا ندعو لاستخدام الجيش لسد تلك الثغرات.

جون ألترمان: ومن جانبه، كان للجيش أيضاً ميزانه الخاص.

كوري شاك: مع ميزانية دفاعية تبلغ 740 مليار دولار في السنة فإنه يمكنك فعل الكثير، بالإضافة إلى قوة عسكرية عاملة تبلغ 1200000 في الخدمة الفعلية، مع مليون آخر أو نحوه من الحرس الوطني والاحتياطي. قارن ذلك بحجم موظفي وزارة الخزانة العاملين على المستوى الدولي أو حتى بحجم السلك الدبلوماسي الأمريكي.

جون ألترمان: سأقارن. الولايات المتحدة لديها أقل من 14000 موظف في السلك الدبلوماسي في جميع أنحاء العالم. تُقدّر هذه النسبة بمعدل  85 جندياً مقابل كل دبلوماسي، حتى باستبعاد الحرس الوطني والاحتياط خارج المعادلة. فمن ناحية، جعل الحجم الهائل للجيش الأمريكي – جعل من العسكر أداة سهلة يلجأ إليها صانعو السياسة. ومن ناحية أخرى، يعتقد البعض أن السياسيين حاولوا الاختباء خلف الجيش. لقد استخدموا الجيش لتجنب اتخاذ خيارات صعبة حول ما كانوا يهتمون به في حقيقة الأمر.

كوري شاك: يستخدم القادة السياسيون في الولايات المتحدة الانتشار العسكري كوكيل لتحقيق الإرادة السياسية – وهذا تماماً ما فعلناه في الشرق الأوسط بشكل خاص خلال السنوات الماضية. إن نشر بطاريات صواريخ باتريوت في دول الخليج، على سبيل المثال، بمثابة “وكيل غير مقنع” عن استعدادنا لاستخدام القوة العسكرية لحماية مصالحنا ومصالح أصدقائنا.

جون ألترمان: وعلى الرغم من ميل صانعي السياسة الأمريكيين إلى استخدام الجيش في الشرق الأوسط  لحل المشاكل السياسية في بلادهم، فإن الولايات المتحدة لم تحاول أبداً الانخراط في خوض أي قتال في الشرق الأوسط على مدى 20 عاماً. ومع ذلك، فقد كان لذلك (ميل الساسة الأمريكيين لاستخدام الجيش في الشرق الأوسط) أثر عميق على العمليات العسكرية. وكان أحد هذه الآثار استعداد العسكر للانخراط على نطاق واسع في الحرب ضد الشبكات الإرهابية.

جوزيف فوتيل: ​​كانت كل الفكرة بأن يتوفر لديك شبكة مقابل شبكة، مع التفكير في شركائك وإشراكهم في تلك التحركات – كان شيئاً مفيداً للغاية بالنسبة لنا. وأعتقد أن هذه كانت عناصر قوة متأصلة في مجموعات العمليات الخاصة، والتي تم تبنيها الآن على نطاق أوسع.

جون ألترمان: لكن هذا أيضاً ساهم في إجهادها. فوفقاً لشاك، فإن فكرة العسكر المتطوعين لم يتم تصميمها واعتمادها ببساطة على مدى 20 عاماً من الصراع.

كوري شاك: لقد تم تصميم هذه الرؤية من أجل الارتباطات الخاطفة والحادة. ومع ذلك، أعتقد أن الإرث الأكثر استمرارية على مدى 20 عاماً من الحرب في العراق وأفغانستان هو كيف صمدت القوة المتطوعة بشكل كامل في نوع من الحرب لم تكن مصمّمة أصلاً من أجلها.

جون ألترمان: مع خروج الجيش من الصراع المستمر منذ 20 عاماً في الشرق الأوسط، فإن اهتمامه يتحول بالتأكيد إلى مكان آخر. ورغم أن الملخص العام لاستراتيجية الدفاع الوطني لعام 2018 – المبادئ التوجيهية الإستراتيجية لوزارة الدفاع – لا يدعو إلى التخلي عن منطقة الشرق الأوسط، إلا أنهل يؤسس بقوة للمنافسة المتجددة بين القوى العظمى مع روسيا والصين باعتبارهما التحدي الأول للولايات المتحدة.

يقول جيم ماتيس: “لكن في استراتيجيتنا الدفاعية الجديدة، أصبحت المنافسة بين القوى العظمى، وليس الإرهاب، هي المحور الأساسي للأمن القومي للولايات المتحدة.”

جون ألترمان: إن التحول نحو المنافسة مع “قوة عظمى” يجذب موارد الولايات المتحدة واهتمامها بعيداً عن الشرق الأوسط، مما يحد من قدر ما يمكن للولايات المتحدة الالتزام به في المنطقة. كما يؤدي إلى تغير طبيعة وموقع التحديات الأمنية كذلك. وهذا يعني، من نواحٍ عديدة، أن عملية نشر القوات بكثافة في الشرق الأوسط لم تعد منطقية بالنسبة لواضعي السياسات من الآن فصاعداً.

والرئيس بايدن يقول: “مع التهديد الإرهابي الجاري في العديد من الأماكن، فإن إبقاء الآلاف من القوات على الأرض وتركيزهم في بلد واحد فقط بتكلفة المليارات كل عام يبدو بلا معنى بالنسبة لي.”

جون ألترمان: وهذا يدفع الولايات المتحدة إلى إعادة التفكير في كيفية تعاملها مع الشرق الأوسط. حيث تسلط استراتيجية الدفاع الوطني الضوء على الدور الحاسم الذي سيلعبه الشركاء والحلفاء في تعزيز الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة. فمع انسحاب الولايات المتحدة، سيتعين على الشركاء تحمل المزيد من المسؤولية.

جوزيف فوتيل: ​​أعتقد أن القيادة الأمريكية تلعب دوراً حقيقياً في تعزيز المزيد من الجهود التعاونية الإقليمية في بعض هذه المجالات، سواء كان ذلك في مجال مكافحة الإرهاب، أو الأمن البحري، أو الدفاع الصاروخي الجوي المتكامل. وأعتقد أن اتفاقيات أبراهام توفر في الحقيقة فرصة للقيام بذلك.

جون ألترمان: يبدو أن شاك يوافقك على ذلك.

كوري شاك: تستحق إدارة ترامب الكثير من الثناء على جعل معظم دول الخليج وإسرائيل في اصطفاف سياسي صريح ضد تهديد مشترك.. إن وضع خطوط حمراء والاستعداد لفرضها أمر مهم أيضاً. إنه أيضاً دليل على الالتزام السياسي بالنتائج التي تريد رؤيتها.

جون ألترمان: لكن الدعم الأمريكي لن يأتي وكأنه شيك على بياض.

جوزيف فوتيل: ​​يجب أن نكون مستعدين لتوفير القدرات لشركائنا، ولكن علينا أيضاً أن نجري مناقشات صريحة معهم حول القدرات التي يحتاجونها ويمكن أن يستمر ذلك على المدى البعيد. ثم بعد ذلك، مع توفير القدرات، أعتقد أن يتم نقلهم إلى مستوى الاقتدار، حيث يمكنهم العمل بشكل موثوق والثقة في قدراتهم الخاصة، وهذا أمر مهم حقاً.

كوري شاك: إنه خطأنا جزئياً لأننا نتحدث باستمرار عن قدراتنا المتفوقة، وتفوقنا العسكري، ومقدار إنفاقنا. بينما نحن نقلل من شأن كل تلك الأشياء في جانبهم على الرغم من أنه، في الواقع، لدى معظم حلفاء الولايات المتحدة القوة والقدرة على القتال والفوز في حروبهم – إلى حد كبير دون مساعدتنا.

جون ألترمان: سيحتاج حلفاء الولايات المتحدة وخصومها على حد سواء إلى التكيف مع ذلك.

إليوت كوهين: لقد تعلموا بالفعل هذه الدروس في عام 1991، في بعض النواحي، وهي: لا تفعل أي شيء كبير واستفزازي لأن الأمريكيين قد يستديرون في واقع الأمر ويهوون بالمطرقة الثقيلة على رأسك. افعل ما يمكنك فعله بشكل غامض، وافعل ذلك من خلال حرب شبه سرية، من خلال وكلاء، مع مستويات منخفضة من العنف وأشياء من هذا القبيل، وستغض الولايات المتحدة النظر عن ذلك في نهاية الأمر. أعتقد أن هذا ما تعلمته القوى المحلية. وأعتقد أن هذا يشمل ما تعلمه حلفاؤنا أيضاً.

جون ألترمان: لقد راقب الخصوم من خارج المنطقة أيضاً عن كثب نموذج الولايات المتحدة. سيرغبون في تجنب التصرفات التي أبقت الولايات المتحدة منخرطة في الشرق الأوسط لمدة عقدين.

جوزيف فوتيل: ​​ما لا أتوقعه هو قيام فاعلين دوليين مثل الصين أو روسيا بدخول أماكن مثل أفغانستان ومحاولة استبدال الأثر الذي كان لدينا هناك. أعتقد أن الجميع تعلموا دروساً من ذلك، ولا أعتقد أن أي أحد منهم سيكون حريصاً على القيام بذلك.

جون ألترمان: لقد تعلم الجيش الأمريكي أيضاً من هذه التجربة. لقد جعلت العقود الطويلة من النشاط العسكري في الشرق الأوسط القادة العسكريين محبطين ولديهم رغبة ملحة في الانسحاب من المنطقة. يقول إليوت كوهين إنه من وجهة نظر الجيش، أدت 20 عاماً من الانخراط في المنطقة بشكل مكثف إلى:

إليوت كوهين: اشمئزاز شديد من الشرق الأوسط ورغبة في الابتعاد عنه. إنهم يرون أن تجارب الشرق الأوسط لم تكن عقيمة ولكنها كانت بمثابة استنزاف هائل للموارد والطاقة. ومثلهم مثل الرأي العام في الولايات المتحدة، فإنهم أيضاً على استعداد للتحرك في اتجاه مختلف.

جون ألترمان: يبدو أن كوري شاك يوافق على ذلك. حيث يقول إن الجيش الأمريكي يريد إعادة تصور دوره في المنطقة.

كوري شاك: نعم، سيرغبون في التوقف عن فعل كل شيء تقريباً في الشرق الأوسط. سيرغبون في التوقف عن الاضطرار إلى دعم الجهود الحربية غير الناجحة – وفي بعض الحالات التي تحيط بها شكوك أخلاقية – للدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة التي تعمل على تعزيز المصالح الأمريكية.

جون ألترمان: على الرغم من انتهاء عمليات الانتشار الرئيسية، لم تنزوي المصالح الأمريكية في المنطقة وقد يستمر النشاط العسكري هناك لسنوات.

جوزيف فوتيل: ​​أعتقد أنه سيتعين علينا التعامل مع الإرهاب. ما تعلمناه عن المنظمات الإرهابية هو أنها تستمر في التحول والتغيير والتكيف. يجب أن نتوقع ذلك ونحن نمضي قدُما. سيتعين علينا الاستمرار في حماية مصالحنا في المنطقة، على الرغم من أننا قد لا نريد ذلك. حيث نريد التركيز في مجالات أخرى. لكن هذا شيء قد يعيدنا باستمرار إلى المنطقة.

جون ألترمان: وفقاً لكوهين، فبغض النظر عن مدى سوء رغبة الجيش في الخروج من الشرق الأوسط، فإن المنطقة لن تسمح للولايات المتحدة بالمغادرة بهذه السهولة.

إليوت كوهين: لقد آمنت دائماً بصيغة مختلفة من القول المأثور المفضل لتروتسكي، “قد لا تكون مهتماً بالديالكتيك (الجدلية)، لكن الديالكتيك تهتم بك.” وهذا يعني في هذه الحالة أنه، “قد لا تكون مهتماً بالشرق الأوسط، لكن الشرق الأوسط مهتم بك.” أعتقد أننا جميعاً ندرك أن الشرق الأوسط لديه القدرة بطريقة أو بأخرى على جرِّنا مرة أخرى إلى هناك.

جون ألترمان: لن تختفي إخفاقات الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط مع الانسحاب الأمريكي في المنطقة.

إليوت كوهين: القضية ستكون على نطاق أوسع كيف نتعامل مع مكافحة التمرد – إذا كنت تريد تسميتها كذلك. ولسوء الحظ، فإني أعتقد أن الاتجاه سيكون للقول بأنه، “دعونا نضع هذا الشيء وراء ظهرنا. دعونا نركز على تحديات المستقبل ونفترض أننا لن نفعل ذلك مرة أخرى “. بالطبع، هذا بالضبط ما قلناه بعد حرب فيتنام. ثم وجدنا أنفسنا مرة أخرى نشن حرباً ضد التمرد، واضطررنا إلى اختلاقها بسرعة. ونتيجة لذلك، لم نكن مستعدين بشكل جيد لمواجهة التحديات التي واجهناها في العراق وأفغانستان. لسوء الحظ، أعتقد أن الغريزة المؤسسية لنسيان كل ذلك ستكون ساحقة للغاية.

جون ألترمان: من وجهة نظر كوهين، تركت فيتنام آثاراً سلبية وندوباً للجيش الأمريكي لمدة نصف قرن،

إليوت كوهين: الطريقة التي تعاملوا بها مع ذلك كانت بالقول، “حسناً، لن نفعل هذا النوع من الأشياء مرة أخرى. سنعرّف الحرب على أنها نوع من الأمور التي نشعر براحة كبيرة عند القيام بها “هذا التعريف يصدق على قيام وحدات كبيرة بمناورة في أماكن لا يوجد فيها مدنيون، بشكل عام، لعرقلة طريق العمليات. لهذا السبب نحب أن نتدرب في الصحاري. نحب أن نشن حروباً كبيرة حقاً بنهايات نظيفة وأنيقة حقاً.

جون ألترمان: بدلاً من ذلك، وجد الجيش الأمريكي نفسه متورطاً في حروب فوضوية استمرت أكثر من عقد من الزمان مع حلفاء صعبين وميليشيات لا تعد ولا تحصى وسياسيين كانت نواياهم غالباً غامضة. ويشير كوري شاك أن الجيوش لم تكن أبداً قادرة على إخراج نفسها من الحقائق الفوضوية للسياسة – على الرغم من مدى رغبتهم في ذلك.

كوري شاك: إنهم يتخيلون ماضيا غير موجود ويترددون في الانخراط في المستنقع السياسي الفوضوي للتأثير على كيفية اختيار الحكومات والمجتمعات طريقة التصرف. لا أعتقد أن هذا توازن مستقر وطويل الأمد لأن أنواع التهديدات التي لا تزال تزعجنا تنبثق من داخل المجتمعات وتشكل تحديات للحكم الفاشل.

جون ألترمان: لقد تعلمت الولايات المتحدة بشكل عام، والجيش الأمريكي على وجه الخصوص، الكثير من عقدين من الحرب في الشرق الأوسط – وعلى رأسها حدود الاعتماد المفرط على الجيش.

جوزيف فوتيل: ​​التأثير النهائي هو تقدير القيمة المحدودة للجيش من حيث ما يمكن أن يحققه. لا أقصد أنه لا يستطيع القيام بالأشياء التي توكل له؛ فهو بالتأكيد يستطيع. لكن الجوانب الحاسمة لحل الأوضاع السياسية وتقديم حلول نهائية ودائمة نادراً ما يتم التعامل معها من خلال نهج عسكري. أعتقد أننا تعلمنا ذلك من الفجوات التي حدثت على مدار العشرين عاماً الماضية وسنواصل رؤية ذلك في المستقبل.

جون ألترمان: لقد أثرت هذه الدروس على نظرة صانعي السياسة إلى الجيش الأمريكي ومدى استعدادهم لمحاولة استخدامه لتحقيق أهداف سياسية أكبر في الخارج.

كوري شاك: أعتقد أنه على المدى القريب سيتردد رؤساء الولايات المتحدة في الانخراط في مهمة طموحة لمحاولة إعادة تشكيل مجتمعات أخرى.

جون ألترمان: أظهرت السنوات العشرين الماضية لواضعي السياسات والجيش الأمريكي حدود استخدام القوة في الشرق الأوسط. حيث أدى الاعتماد المفرط على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط إلى إحباط الجيش وفشله في تقديم حلول دائمة للتحديات السياسية التي تعاني منها الولايات المتحدة في المنطقة. وقد دفع صانعو السياسة الجيش الأمريكي إلى القيام بأدوار ليس لديه نية للقيام بها – وليست لديه كذلك القدرة على الاضطلاع بها. ومع مرور الوقت، قاموا بتغيير الجيش الأمريكي وكذلك الطريقة التي تنخرط الولايات المتحدة من خلالها في المنطقة.

في المرة القادمة في سلسلة البودكاست، سنُلقي نظرة على مجموعة الأدوات الاقتصادية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ومدى نجاح مساعدات التنمية والعقوبات في معالجة المصالح الأمريكية في المنطقة.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close