fbpx
مختارات

تصاعد التمرّد الإسلامي في مصر

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مختار عوض، مصطفى هاشم

مركز كارنيجي

تواجه مصر مايرجح أن يكون التمرد الإسلامي الأكثر دموية وتعقيدا في تاريخها الحديث. فقد أدى عزل محمد مرسي من الرئاسة بدعم من الجيش في تموز/يوليو 2013، إلى تفتيت المشهد الإسلامي في مصر، ومهد الطريق لصراع لايمكن التنبؤ بنتائجه بين الإسلاميين وبين الدولة المصرية. في هذه البيئة، تحول بعض الإسلاميين، وتحديدا الشباب، إلى العنف، ويمكن لهذا التوجه أن يستمر. كما يمكن أن تتحول الجماعات غير الجهادية العنيفة المؤيدة للإخوان التي أسسها هؤلاء الشباب إلى تمرد جهادي مسلح. ومع ذلك، ثمة خطوات يمكن أن تتخذها الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين على المدى الطويل لتجنب هذا التمرد الجهادي وهو في طور التكوين.

تصاعد وتيرة الشقاق والعنف

· أضعفت حملة القمع التي شنتها الدولة على الإخوان المسلمين، أكبر جماعة إسلامية في مصر، إضافةً إلى الانقسامات داخل التنظيم، قيادة الإخوان ومهدت الطريق لفقدان سيطرتها على عددٍ متزايد من الأعضاء.

· التف السلفيون والإسلاميون المحافظون المتشددون حول جماعة الإخوان، وصوروا الصراع مع النظام باعتباره صراعا بين الدولة العلمانية والإسلام.

· برز فصيلان إخوانيان متباينان على نحو متزايد، أحدهما يتبنى تكتيكات تصادمية والعنف، في حين يؤكد الآخر على مبدأ اللاعنف. والواقع أن الكثير من قادة الجماعة يغضون الطرف تجاه تصاعد مستويات العنف، لكن لم يصل بهم الأمر إلى حد مساندة أعمال القتل.

· يبرر الإخوان والسلفيون المتطرفون العنف السياسي باعتباره وسيلة احتجاج مشروعة، ويشجعون الشباب على تبني العنف تحت ستار الدفاع عن النفس والقصاص المبرر شرًعا والدفاع عن الإسلام.

· بدأت جماعات العنف غير الجهادية، والتي تتكون أساسا من الشباب الإسلاميين، بالاعتماد على العنف الفوضوي بدءا من أواخر العام 2013. وبعد ذلك بعامَين، لم تستمر هذه الجماعات وحسب، بل أصبحت أيضا أكثر حنكة، ونفذت كمائن مسلحة وهجمات بالعبوات الناسفة ضد قوات الأمن.

· تحاول الجماعات الجهادية بلا كلل الاستفادة من مشاعر الغضب التي تغلي لتجنيد الشباب الإسلاميين لصالح تمردها الناشئ.

دروس لمصر وجماعة الإخوان المسلمين

· يمثل التبرؤ من التعذيب والتحقيق في مزاعم الاعتداء الجنسي، ووضع حد لحالات الاختفاء القسري، وتحسين أوضاع السجون عموما،ً خطوات ضرورية يجب على الحكومة اتخاذها لضمان ألا يتمكن المتطرفون من استغلال هذه الأوضاع لتجنيد الأنصار.

· فَهم المشهد الجديد المفتت للإسلاميين العنيفين أمر ضروري لوضع استراتيجيات ملائمة لمكافحة هذه العناصر، واتباع سياسة “فرق تسد” للتخلص من مختلف الخلايا والجماعات على نحو أفضل.

· ينبغي على كبار القادة العقلانيين في جماعة الإخوان كبح جماح المتطرفين الذين يحرضون على العنف، بهدف تهيئة قاعدتهم لضرورة التوصل إلى تسوية مع الدولة في نهاية المطاف. إذ أن المسار الحالي يفتت الجماعة من الداخل وربما يكون آخر مسمار في نعش التنظيم على النحو الذي عرِفَ به منذ وقت طويل

مشهد مفتت وعنيف

بعد المظاهرات الحاشدة التي اندلعت ضد حكمه، في 30 حزيران/يونيو، تم عزل محمد مرسي، عضو جماعة الإخوان المسلمين وأول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، في انقلاب عسكري مدعوم شعبيا في تموز/يوليو 2013 على يد وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، الذي أصبح رئيسا في وقت لاحق. وردا على الاحتجاجات المزمعة ضد مرسي، أقامت جماعة الإخوان وأنصارها مخيمَين في ميدانين في العاصمة المصرية، توسعا بصورة كبيرة في أعقاب عزل مرسي، معتبِرين أن استعراض القوة من شأنه، بطريقة أو بأخرى، إبطال عزل مرسي أو على الأقل توفير وضع تفاوضي أفضل لهم. بحلول آب/أغسطس 2013، انهارت المفاوضات، وتدخلت قوات الأمن لتفريق مخيمَي الإسلاميين بعنف، ما أدى إلى مقتل 1000 شخص في يوم واحد. في الأشهر التي تلت ذلك، ألقِي القبض على عشرات الآلاف من الإسلاميين وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، ونتيجةً لذلك انهارت تقريبا القدرة التنظيمية لجماعة الإخوان في مصر، الأمر الذي مهد الطريق لصراع لايمكن التنبؤ بنتائجه.

اعتمدت جماعة الإخوان والحكومة المصرية نهج لاغالب ولامغلوب، ولم تطرحا أي وسيلة سياسية واقعية لوضع حد للمأزق. بدلا من ذلك، ساعدت حملة القمع القاسية التي شنتها الحكومة على جماعة الإخوان والتحريض الذي مارسه الإسلاميون على إفراز دوامة من العنف لاتلوح لها نهاية في الأفق.

القيادة الأساسية لجماعة الإخوان مبعثَرة في السجون المصرية والعواصم العالمية، حيث تتنافس الفصائل على تحديد أفضل مسار استراتيجي لمواجهة الموقف. بدأت قيادة الجماعة تفقد السيطرة على الأعضاء الأصغر سنا، والذين يتوق الكثير منهم إلى المواجهة المباشرة مع الحكومة. هؤلاء الشباب، إضافةً إلى إسلاميين متشددين آخرين معارضين للحكومة، هم الذين يشكلون الأحداث على الأرض مع أو من دون مباركة القيادة العليا. وهناك محبذو مبدأ اللاعنف الحقيقي في قيادة الإخوان، إلا أنهم لايزالون ملتزمين باستراتيجية غالب ومغلوب، بينما هناك قادة آخرون كثر يسيرون على منحدر زلق يفضي إلى تبرير زيادة استخدام العنف.

تتمثل النتيجة المحتملة للتوجهات الحالية في خلق ملاذ من التأييد الشعبي للعنف والفكر الجهادي في البلد الأكبر من حيث السكان في العالم العربي.

دخل إسلاميون آخرون لملء الفراغ الناجم عن الغياب شبه التام للقيادة العقلانية لجماعة الإخوان. وقد صور السلفيون المناهضون للحكومة الصراع الحالي على أنه حرب ضد الإسلام، واستغل بعض الإخوان، الذين يرغبون في حشد التأييد السلفي، الخطاب نفسه بصورة انتهازية، ماجعل الشباب الغاضب والعنيف أقرب إلى التيار الجهادي السلفي. وتتمثل النتيجة المحتملة للتوجهات الحالية في خلق ملاذ من التأييد الشعبي للعنف والفكر الجهادي في البلد الأكبر من حيث السكان في العالم العربي. والواقع أنه منذ تموز/يوليو 2013، ظهر عددٌ من العناصر الفاعلة العنيفة الجديدة ممن لايؤيدون السلفية الجهادية، بمن فيهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين وإسلاميون آخرون بدأوا يستهدفون قوات الأمن والبنية التحتية.

تشكل هذه الجماعات جزءا من المشهد المتمرد الإسلامي المتغير في مصر. وهي مكونة من ثلاث فئات كبيرة: الجهاديون المنتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذين يتخذون من سيناء مقرا لهم، ولهم حضور ميداني محدود في البر الرئيسي في مصر (قلب مصر المكتظ بالسكان على طول دلتا النيل)، والجهاديون السلفيون في بر مصر الذين يغلب عليهم الميل إلى دعم تنظيم القاعدة أو ينتمون إليه، وفئة جديدة من الجماعات الجهادية غير السلفية تتكون من أنصار إسلاميين وبعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين.

مايميز هذه الفئة الأخيرة هو أن أعضاءها يقدمون أنفسهم باعتبارهم “ثوارا” أو “مقاومين”، وبالتالي يبررون العنف الفوضوي الذي ينشرونه. كما أن أهدافهم أضيق من أهداف الجهاديين، وهي تشمل فقط الانتقام من قوات الأمن وإسقاط حكومة الرئيس السيسي من أجل إعادة الحكم الإسلامي في مصر.

غالبا مايتم التغاضي عن هذه الجماعات غير الجهادية العنيفة، لأنها مكونة من هواة يفتقرون إلى الخبرة القتالية، ولأنها ألحقت خسائر أقل من الجماعات الجهادية المعروفة. بيد أن استمرار نموها ومرونتها يمثل تحديا كبيرا لأمن مصر، فهي جزء لايتجزأ من السكان المحليين على طول وادي النيل، وهو تموضع من شأنه أن يفاقم الضرر الذي يمكن أن تلحقه إذا ما استمرت أعدادها في الارتفاع. علاوةً على ذلك، عندما تصبح هذه الجماعات أكثر حنكة، يزداد احتمال التعاون مع الفصائل الجهادية المعروفة التي يمكن أن توفر لها التدريب والأسلحة.

بدورها، تسعى الجماعات الجهادية بنشاط للتواصل مع هذا الخزان العميق من المجندين المحتمَلين وتوحيد جهودها العنيفة بهدف الحصول على موطئ قدم في البر المصري. وإذا مانجحت الجماعات الجهادية في إنشاء موطئ قدم لها من خلال تجنيد إسلاميين غير جهاديين، فسيصبح سيناريو امتداد التمرد المسلح إلى جيوب إسلامية مناهضة للحكومة في بر مصر، مرجحا أكثر فأكثر.

الاستنتاجات الواردة هنا حول ديناميكيات التمرد الإسلامي الجديد في مصر مستمدة من عشرات المقابلات التي أجريت مع أعضاء وقادة في جماعة الإخوان المسلمين وإسلاميين آخرين ومسؤولين في الحكومة المصرية من العام 2013 إلى العام 2015. وبهدف دراسة جماعات العنف التي تشكلت حديثا، اعتمد المؤلفان على تتبع نشاطها في وسائل التواصل الاجتماعي وتصنيف حوادث العنف وحالات الوفاة التي تم الإبلاغ عنها، لتقديم تحليل كمي للأنماط التي تساعد على تسليط الضوء على المشهد الحالي المبهم.

سابقة التمرد الإسلامي في مصر

التمرد الإسلامي في مصر لايشكل ظاهرة لاسابق لها. فقد ظهر تمرد جهادي منخض المستوى ضد الرئيس حسني مبارك في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي على طول وادي النيل. يومها تعقدت جهود الحكومة في مكافحة التمرد المسلح بسبب قرب العنف من المراكز السكانية الرئيسة، ولأن إحدى الجماعات المتمردة الجهادية الكبيرة في ذلك الوقت كانت لها جذور عميقة في صعيد مصر. وقد تطلب الأمر من الحكومة أكثر من عشر سنوات للقضاء على التمرد المسلح تماما.

ليس ثمة مايضمن أن تحقق الحكومة حتى ذلك النجاح البطيء هذه المرة، ولاسيما في ضوء المظالم القوية للشباب الإسلاميين وسرعة انتشار الجماعات الجهادية في الشرق الأوسط. وقد تعهد كثير من الإسلاميين بالانتقام من الحكومة بسبب حملة التضييق القاسية التي تشنها عليهم وإسقاط حكمهم.

ولعل مايزيد من تعقيد الجهود الرامية إلى مكافحة التمرد المسلح هو أن مستويات العنف منذ العام 2013 والتركيبة المتنوعة للجماعات المشاركة فيها غير مسبوقتَين في تاريخ مصر الحديث. على مدى السنوات الثلاث عشرة الأكثر نشاطا للتمرد الجهادي (من 1986 إلى 1999) قتل مايقدر بنحو 1300 مصري، في الحد الأدنى، نتيجةً للنشاط الإرهابي. من بين هؤلاء، كان هناك مايقرب من 391 من أفراد قوات الأمن، و385 من المدنيين، والباقون من المتمردين (أنظر الرسم 1).1ومع أن عددا أقل بكثير من المدنيين قتلوا على أيدي الجهاديين في التمرد الحالي، فقد قتلت الدولة من المحتجين الإسلاميين خلال تفريق مخيمات الاعتصام في آب/أغسطس 2013، مايفوق عدد جميع المصريين الذين قتلوا خلال التمرد السابق الذي استمر عقدا من الزمن. وحتى آب/أغسطس 2015، قتل الجهاديون والعناصر الفاعلة العنيفة الأخرى مايقرب من 700 من أفراد قوات الشرطة والقوات المسلحة في غضون عامَين فقط،2مايصل إلى ضعف عدد أفراد الأمن الذين قتلوا في التمرد السابق تقريبا (أنظر الرسم 2).

شكل ـ 1: إجمالي عدد القتلي بين 1986 و1999:

شكل ـ 2: القتلي في صفوف القوات الأمنية بين يونيو 2013 وأغسطس 2015

يظهر تحليل البيانات أنه في ربيع وأوائل صيف العام 2014، انخفضت نسبة الوفيات في شمال سيناء بسبب بروز جماعات أخرى في بر مصر. ومع ذلك، وبعد أن أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس الجهادية، التي تتخذ من سيناء مقرا لها، الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية وجرى تبادل الأموال والتدريب بين تنظيم الدولة الإسلامية وأنصار بيت المقدس، تكبدت منطقة شمال سيناء مرة أخرى نصيب الأسد من الضحايا.

البداية: الإخوان المسلمون يفقدون السيطرة

يمكن أن يعزى لجوء بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلى العنف وانتشار جماعات العنف، جزئيا،ً إلى فقدان جماعة الإخوان السيطرة على أعضائها والخلافات الداخلية العميقة بشأن الاستراتيجية التي ينبغي تبنيها في أعقاب حملة القمع الحكومية غير المسبوقة. واليوم، تشكل العناصر الفاعلة الإسلامية المختلفة المناهضة للحكومة معارضة إسلامية ممزقة، في ظل عدم وجود قائد واحد أو استراتيجية شاملة.

لاتزال جماعة الإخوان المسلمين تمثل الجهة الفاعلة الإسلامية الرئيسة المناهضة للحكومة، وفي حين أدان كبار قادتها علنا السير المطرد نحو التمرد المسلح، أيد بعضهم علنا “السلمية المبدعة”.3يحاول هذا المصطلح المبتكر تبرير أي أعمال عنف لاتنطوي على القتل، غير أنه يمثل منحدرا زلقا في أحسن الأحوال وأدى، بصورة قابلة للفهم، إلى خلافات تنظيمية وتنافر استراتيجي خطير ومدمر. والنتيجة هي أن جماعة الإخوان المسلمين، التي وقفت على قدميها في السابق باعتبارها نموذج الولاء الأعمى والانضباط الهرمي الصارم، واستمدت قوتها منه، تجد نفسها مهمشة أكثر فأكثر، بينما تفقد قيادتها المعروفة السيطرة على جيل جديد عنيف وغوغائي ممن يسمون الإخوان الثوريين الذين يتعاونون مع جهات فاعلة إسلامية تتماهى معهم في الميول والأفكار.

تسببت الانقسامات الداخلية في جماعة الإخوان في حالة من الفوضى لاتزال تتفاقم في صفوفها. إذ اضطرت الجماعة إلى إعادة هيكلة نفسها للتكيف مع تضييق الخناق عليها من جانب الحكومة.4كما اضطرت إلى إلغاء مركزية اتخاذ القرار، لإتاحة المزيد من الديناميكية واستبدال مجموعة القادة المعتقلين أو المنفيين. وعلى مدى العامين الماضيين، منحت سلسلة الانتخابات الداخلية تدريجيا صلاحيات جديدة لقياديين مبتدئين وأعضاء كانوا بالفعل في موقع قوة بسبب احتجاجاتهم على الأرض واستخدامهم العنف أحيانا، حيث كان الكثير منهم مستائين من الاستراتيجيات عديمة الجدوى للقيادة القديمة.

تم التكهن بالصراع الداخلي، الذي أعقب هذا التحول، في مقابلة مع قيادي بارز في جماعة الإخوان في المنفى في منتصف العام 2014، إذ قال: “الموجودون في الداخل لديهم الحرية الكاملة في اتخاذ القرارات منه دون اتباع الأوامر من الخارج…البعض في قاعدتنا يتطلعون الآن إلى ماهو أكثر فعالية من الاحتجاج، وخاصة لغير الإخوان”. وفي صيف العام 2015، طفا الأثر التراكمي لهذه التغييرات على السطح عندما حاول عدد من القياديين الكبار كبح النفوذ المتزايد لفصيل شبابي عموما يتسلح بـ”استراتيجيات ثورية”. تمت ترجمة هذه المحاولة في نهاية المطاف إلى مزيد من الخلافات الداخلية، وقد ساعد الانقسام في الجماعة الجناح الثوري على تأكيد مكانته أكثر وانتقاد خصومه في القيادة العليا باعتبارهم لايواكبون التطورات وغير مؤثرين.

لايكتفي بعض القادة في المعسكر الثوري بالقول إن الانتقام من الشرطة والجيش له مايبرره كتكتيك وحسب، بل يقولون أيضا إن إمكانية حصول تمرد مسلح أمر لامفر منه إذا بقي النظام الحالي في السلطة. بالنسبة إليهم، هذا يبرر اتباع استراتيجية “مراقبة واحتواء” العناصر المتطرفة في مقابل نبذهم من المجتمع. لكن في الحقيقة، كان هذا يعني عدم تحدي مواقف المتطرفين جديا وبصورة مباشرة. وتمثل الاستراتيجية بشكلها الحالي سياسة استرضاء متهورة أكثر منها احتواءً ذكيا.

قد ينظر الأشخاص ممن هم خارج الجماعة إلى القيادة العليا باعتبارها أكثر عقلانية ولكن إلى حد ما. الخطيئة الحقيقية في نظر الفصيل الثوري هي أن كبار القادة يواصلون التركيز على احتجاجات الشوارع مع بعض التغيير في التكتيكات، في حين يأملون بنوع من “المدد الغيبي” (مثل انقلاب مضاد) لتخليصهم من السيسي. وهم يرفضون قبول الواقع السياسي ويبرئون أنفسهم من أي مسؤولية عن اللجوء إلى العنف، ولايرون أن هناك صلة بين سياسة غالب ومغلوب التي ينتهجونها وبين استمرار التصعيد.

في البداية على الأقل، معظم الشباب الإسلاميين الذين تبنوا العنف فعلوا ذلك كوسيلة للانتقام من الدولة.

ولعل مازاد من تعرض جماعة الإخوان إلى التصدعات، هو قرار القيادة المبكر العمل تحت ستار “التحالف الوطني لدعم الشرعية”، وهو تحالف طموح، لكنه ضعيف، من الفصائل الإسلامية الأصغر حجما والذي انهار في وقت لاحق. بدأ تشكيل هذا التحالف قبل عزل مرسي في تموز/يوليو 2013 حيث كان السلفيون المتشددون في الخطوط الأمامية يدافعون عن نظام مرسي. وكان اعتصام “ميدان رابعة العدوية”، الذي بدأ يوم 28 حزيران/يونيو، في الواقع مخيم احتجاج استباقي لإثبات قوة الإسلاميين قبل الاحتجاجات الحاشدة يوم 30 حزيران/يونيو والإطاحة بمرسي في3 تموز/يوليو. ساعد السلفيون في إثارة غضب الحشود في مخيمات الاحتجاج بخطاب ناري وطائفي ومتصلب. أسفر قرار التحالف مع هذه الفصائل عن نتيجة غير مقصودة تمثلت في منح أشخاص من خارج الجماعة القدرة على القيادة والتحدث نيابة عن قاعدة جماعة الإخوان في لحظة حرجة للغاية.5كان الكثير من هؤلاء السلفيين يحملون منذ فترة طويلة وجهات نظر أكثر تطرفا من وجهات نظر الإخوان الأكثر ميلا إلى التيار السائد، وقد ساعدوا في تقوية الفصيل الثوري في جماعة الإخوان لأن كلا الفريقين كان يسعى إلى المواجهة.

تطرف الشباب الإسلاميين:

في البداية على الأقل، معظم الشباب الإسلاميين الذين تبنوا العنف فعلوا ذلك كوسيلة للانتقام من الدولة، بسبب مقتل المتظاهرين الإسلاميين في “ميدان رابعة” ومناطق أخرى في الأشهر التي تلت الإطاحة بمرسي، وليس نتيجة التحول بين عشية وضحاها إلى تيار السلفية الجهادية أو الشعور بالمرارة على خسارة مرسي. وبينما أفادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن عدد الوفيات في رابعة وصل إلى حوالي 1000 شخص،6فقد ضخم بعض الإسلاميين الرقم إلى مابين 2500 و5000 أو حتى أكثر.7ويروي الإسلاميون تفاصيل ذلك اليوم بالتركيز على الجوانب الأكثر بشاعة، مثل الجثث المحترقة والجراح الغائرة الناجمة عن الأعيرة النارية. هذه التصورات، فضلا عن حقيقة أن عشرات الآلاف من الإسلاميين اعتقلوا في الشهور التي تلت عزل مرسي في ظروف سجن رهيبة، أغضبت آلاف الأسر من الحكومة.

بدأ بعض ممن يرغبون في ممارسة العنف، في ما اعتبروه انتقاما مبررا من قوات الأمن، بتنظيم أنفسهم على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن اتباع نهج غير إيديولوجي من شأنه أن يصل إلى جمهور أوسع. بدأت جماعات مثل “مولوتوف” و”وَلع'” مهمتها في الفوضى والانتقام بأنشطة مثل إشعال النار في سيارات الشرطة.8وشجعوا الآخرين على أن يحذوا حذوهم، موضحين أن أي هدف بلا “روح” هو هدف مشروع، حيث اعتبرت سيارات وأقسام الشرطة وأملاك ضباط الشرطة الخاصة صيدا سهلا. لكن كما هو متوقع، كانت تلك مجرد صيحة في واد وبلا أي معنى. إذ أعلنت بعض هذه الجماعات مسؤوليتها عن قتل أشخاص زعمت أنهم “بلطجية” مستأجرون من النظام في أوائل العام 2014، وهاجمت شركات زعمت أنها كانت تساعد هؤلاء “البلطجية”.

شكلت الجامعات المصرية حاضنة لهذا النوع من العنف الانتقامي. فعندما تم إغلاق سبل الاحتجاج الأخرى، في أعقاب حملة القمع التي شنها النظام في العام 2013، بدأ الطلاب الإسلاميون وأنصارهم مظاهرات مناهضة للحكومة في الحرم الجامعي. ردت السلطات باستخدام جرعة أكبر من العنف،9وسرعان ما أصبحت الاحتجاجات الجامعية حدثا يوميا. وبدافع الانتهازية السياسية، حرضت جماعة الإخوان على هذا السلوك داخل الحرم الجامعي ودعمته. وجرى تشجيع الشباب على الصمود وعدم التراجع والاحتفاء بهم بسبب “مقاومتهم الشجاعة” للسلطات.

انخرطت الشابات الإسلاميات في الاحتجاجات أيضا، وحرضن على الاعتصامات وبدأن أعمال الشغب أحيانا. ألقي القبض على الكثيرات، وسرعان ما انتشرت على الإنترنت الصور التحريضية لفتيات بالحجاب والنقاب وهن يتعرضن لسوء المعاملة. وساعدت الاتهامات اللاحقة بحدوث اعتداءات جنسية على إذكاء العنف، حيث جرى تحريض الطلاب أكثر على النضال من أجل مايعتقدون أنه شرف زميلاتهم الإناث.

وفقا لجماعة حقوقية تتابع أوضاع الضحايا من الطلاب، قتلت الشرطة في جميع أنحاء مصر 191 طالبا واعتقلت 1671 بين 3 تموز/يوليو، 2013 و25 نيسان/أبريل 2014. 10 حوالي 84 في المئة من الوفيات كانت لطلاب مسجلين في الجامعات في القاهرة الكبرى، و39 في المئة منها لطلاب في جامعة الأزهر، وهي الجامعة التي شهدت الاحتجاجات الأكثر نشاطا خلال العام الدراسي 2013-2014. بدأ العام الدراسي 2014-2015 بموجة من العنف، حيث قام الطلبة بأعمال شغب ضد شركة أمن خاصة استأجرتها الحكومة لضبط حرم الجامعات.11ومع ذلك، سرعان ماتلاشى النشاط في حرم الجامعات، حيث أدى انتشار الجماعات الجديدة إلى تحول الشوارع مرة أخرى إلى بؤرة للاحتجاجات.

الجماعات غير الجهادية العنيفة وعنف الإخوان

مع تصاعد العنف في الجامعات في خريف العام 2013 وربيع العام 2014، في أعقاب عمليات القتل الجماعي في “ميدان رابعة”، بدأت مجموعات من أعضاء جماعة الإخوان وأنصارهم في تكثيف عمليات الجماعات الفوضوية الجديدة. وقد استفاد النشطاء الجدد الذين لجأوا إلى العنف من التجارب في أماكن أخرى، واستخدموا تكتيكات حصلوا عليها من منشورات على شبكة الإنترنت حول المقاومة العنيفة. كان واضحا، على سبيل المثال، أن “حركة مولوتوف” تأثرت بتكتيكات الجماعات الشبابية الشيعية المتشددة في البحرين. جرت دراسة أشرطة فيديو الشباب البحريني المؤثرة حول مهاجمة قوات الأمن بوابل من الزجاجات الحارقة على نطاق واسع.12وفي كانون الثاني/يناير 2014، تزايد نشاط النشطاء المصريين المؤيدين للعنف على الإنترنت؛ وبدأوا تبادل وثائق مثل ورقة تعليمية بعنوان “تنظيم المقاومة”، وتعطي تعليمات واضحة حول كيفية تشكيل الشبكات السرية واستخدام الزجاجات الحارقة وأجهزة أخرى محلية الصنع كأسلحة.13

سرعان ماظهرت “كتائب الشهداء” بهدف تصعيد العنف إلى عمليات مسلحة ضد الضباط. وتعهدت جماعة تطلق على نفسها اسم حركة “إعدام” باستهداف ضباط الشرطة والبلطجية المشتبه بقتلهم متظاهرين أو ارتكاب اعتداءات جنسية على السجينات. ووفقا لأحد الشباب الإسلاميين، بدأت جماعات مثل حركة “إعدام” بقتل البلطجية على النحو المشار إليه سابقا وحرق الممتلكات الحكومية. وأوضح شاب إسلامي آخر، وهو عضو سابق في جماعة الإخوان ومدافع عن التمرد العنيف، أن الجماعات تبرر استهداف الضباط كوسيلة لردع الشرطة عن ممارسة أكثر أشكال التعذيب تعسفا ضد المعتقلين الإسلاميين. كانوا يعتقدون أن الجهاديين الأكثر تشددا تلقوا معاملة أفضل نسبيا في السجن بسبب خشية السلطات من الانتقام.

كانت هذه الجماعات العنيفة في البداية غير منظمة عموما، وكان يعتقد أنها ظاهرة عابرة. والحقيقة أنها لم تستمر وحسب، بل أصبحت أيضا أكثر حنكة.

كانت هذه الجماعات العنيفة في البداية غير منظمة عموما، وكان يعتقد أنها ظاهرة عابرة. والحقيقة أنها لم تستمر وحسب، بل أصبحت أيضا أكثر حنكة. ومع زيادة انتشار هذه الجماعات، ازداد كذلك تورط بعض قيادات وأعضاء جماعة الإخوان في العنف. وقد أظهرت مقابلات أجريت مع أعضاء في جماعة الإخوان، وحتى قياديين من المستوى المتوسط، أن الأعضاء الشباب بدأوا باللجوء إلى العنف في أواخر العام 2013 حتى أوائل العام 2014. في البداية، حملوا الأسلحة النارية بحجة حماية مظاهراتهم في مواجهة تفريق الشرطة لهم وكذلك البلطجية بزعم أن النظام استأجرهم.14ولكن يبدو أن ذلك تصاعد إلى عنف نشط في الذكرى السنوية الأولى لعزل مرسي ومجزرة “ميدان رابعة”، عندما انفجرت قنابل صغيرة عدة في جميع أنحاء البلاد. وليس ثمة شك حاليا لدى المطلعين على حقيقة الصراع أن بعض أعضاء جماعة الإخوان لعبوا دورا في هذه الهجمات وهجمات أخرى على البنية التحتية، على الرغم من أنه ليس واضحا ما إذا كانوا قد تصرفوا بمفردهم أو بتعليمات من القيادة العليا.

وبما أن قيادة التنظيم لاتجيز المقاومة المسلحة رسميا، فإن من الصعب تقييم مدى تورط الإخوان في أعمال العنف. إذ تزعم وزارة الداخلية أن أعضاء الجماعة مسؤولون عن تدمير خطوط الكهرباء وتنفيذ هجمات مماثلة، غير أنه لايمكن تحديد انتماءات مرتكبي هجمات أخرى عديدة تدعي الوزارة أنها من تنفيذ أعضاء في جماعة الإخوان بشكل حاسم. مع ذلك، تزعم الوزارة أن كل الجماعات غير الجهادية العنيفة هي مجرد خلايا أنشأتها جماعة الإخوان المسلمين. وعلى الرغم من عدم وجود أدلة دامغة على ذلك، فإن من المستبعد أن يتم تقديم دليل على وجود توجيه سري بتنفيذ هجمات، حيث يشير الواقع على الأرض إلى أن القيادة هي إما غير راغبة أو غير قادرة على منع الأعضاء من التورط في أعمال العنف، مثل استخدام متفجرات صغيرة ضد البنية التحتية، أو التعاون مع جماعات العنف التي لم تتشكل بالضرورة بمباركة أو موافقة من جماعة الإخوان المسلمين.

شملت الهجمات التي يزعم أن أعضاء في جماعة الإخوان ارتكبوها أيضا استهداف منشآت الشرطة الأقل حراسة والمحاكم بما تسمى “القنابل الصوتية”، التي تعتبر غير قاتلة ولايكلف صنعها الكثير، لكنها تبقي عناصر الشرطة في حالة من الاضطراب وتجعل السكان المحليين يشعرون بأنهم غير آمنين.15وكانت هناك طريقة أخرى تمثلت بأعمال الحرق المتعمدة التي تستهدف البنية التحتية. وفي حين أن الهجمات نفسها لاتجعل الحكومة أقرب إلى الانهيار، فإنها توجه رسالة مقاومة وتعطل الحياة اليومية. ويعتقد منفذو تلك الهجمات أن الحكومة وضباط الشرطة مذنبون جماعيا بارتكاب أعمال القتل أو القيام بانتهاكات أخرى ولذلك فإن الهجمات مبررة.

على الرغم من أنه يصعب إثبات مزاعم الوزارة، فقد وقع الحادث الذي أشار بوضوح أكثر إلى تورط الإخوان في تموز/يوليو 2014، عندما قتِل أربعة أشخاص على الأقل ينتمون إلى جماعة الإخوان بعد أن انفجرت عبوات ناسفة صغيرة بطريق الخطأ في مزرعة في محافظة الفيوم حيث كان يخزنها القيادي الإخواني المحلي، أحمد عرفة عبدالقادر.16وفي الشهر نفسه، أسفر انفجار عبوة ناسفة صغيرة استهدفت عربة قطار عن مقتل طفل في الإسكندرية. وقدم المشتبه فيهم، الذين صدمتهم النتيجة غير المتوقعة، اعترافا مفصلا يشير إلى أن واحدا منهم على الأقل كان عضوا في “أسرة” إخوانية، وهي الوحدة المحلية الأساسية للتنظيم.17

تندرج الكثير من أعمال العنف التي ارتكبتها هذه المجموعات المرتبطة بجماعة الإخوان ضمن تعريف مايسمى السلمية المبدعة أو الدفاعية.

تندرج الكثير من أعمال العنف التي ارتكبتها هذه المجموعات المرتبطة بجماعة الإخوان ضمن تعريف مايسمى السلمية المبدعة أو الدفاعية. فقد قال القيادي الإخواني أشرف عبد الغفار في مقابلة تلفزيونية إن هناك “مستويات من اللاعنف”، ويمكن اعتبار استهداف البنية التحتية جزءا من تلك المستويات.18واعترف قيادي إخواني آخر بأن الشباب الإسلاميين يستهدفون الضباط في الواقع، ولكن “المجرمين الرئيسين” منهم فقط، وأوضح أنه ينصح بالصبر بدلًا من ذلك.19وحتى لو قررت جماعة الإخوان تبني أعمال العنف، فإنها لن تصرح بذلك علانية، حيث يظهر تاريخ الجماعة تفضيلها للعمليات السرية والعنف بالوكالة.20

ساعدت الحملة القاسية التي شنـها السلطات في البداية في كبح عنف هذه العناصر الفاعلة غير الجهادية الجديدة. وعندما احتج النشطاء الإسلاميون يوم 25 كانون الثاني/يناير 2014، في الذكرى الثالثة للثورة، عن طريق إحراق العشرات من سيارات الشرطة والمشاركة في أعمال تخريب أخرى، قتل العديد منهم. وعندما نشر المشاركون قدرا كبيرا من معلومات تحديد الهوية على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنت الشرطة من تعقب واعتقال النشطاء الذين أفلتوا من عمليات الاعتقال الأولية. أرسل العديد منهم إلى سجون سرية تم فيها احتجاز وتعذيب المشتبه فيهم.21وقد أكد ناشط إسلامي انخرط في هذه الجماعات غير الجهادية العنيفة وجرى اعتقاله أن الاعتقالات والتعذيب الممنهج قلص بصورة مؤقتة العنف المناهض للحكومة. وقال: “التعذيب داخل السجون مروع؛ والبعض يقدمون معلومات عن زملائهم نتيجة للتعذيب”. وعلى الرغم من أن ذلك أدى إلى ردع النشطاء لفترة قصيرة، فقد ظهرت جماعات جديدة تشجع أعمال العنف والمقاومة المسلحة بصورة أكثر صراحة. وتؤكد البيانات أن هذا العنف قد حدث وأن من المرجح أن يستمر على شكل موجات، مع وجود فترات تتميز بالنشاط المكثف وأخرى بالهدوء عندما تنتصر قوات الأمن.

تطور الجماعات الجهادية غير السلفية العنيفة

في آب/أغسطس 2014، وبالتزامن مع الذكرى الأولى لتفريق اعتصام “ميدان رابعة”، ظهرت مجموعة جديدة من الجماعات العنيفة على نحو أكثر جرأة في بر مصر. تحول الفوضويون الذين يلقون الزجاجات الحارقة إلى جماعات متميزة تحض على المقاومة المسلحة، كانت أولاها “حركة المقاومة الشعبية”. وأظهر الموقع الإلكتروني للجماعة أشرطة فيديو لهجمات بعبوات ناسفة تستهدف مراكز الشرطة، وادعت مسؤوليتها عن عمليات اغتيال رجال الشرطة.22وألقي القبض على بعض الأعضاء الأساسيين، لكن الجماعة استمرت، وتبنت جماعات منفردة في بر مصر هذا الاسم، ووجدت في رسالة المقاومة المسلحة حسا جديدا بالهدف المنشود.

أشار بعض شباب الإخوان والإسلاميين إلى رغبتهم في تشكيل مجموعات مقاومة شعبية محلية للضغط على جماعة الإخوان كي “تصلح نفسها وتصبح حركة مقاومة”، كما قال أحد من تمت مقابلتهم. وأوضح قيادي إخواني شاب “الصعوبات التي تواجه القوى المناهضة للانقلاب في تنفيذ خطة تشكيل مجموعات المقاومة الشعبية، أهمها حماية هذه المجموعات من اختراق الدولة لها، إضافةً إلى ضمان تماسكها الإداري والإيديولوجي… [فهذه الخطوات ضرورية لزيادة] قدرة المجموعات على وضع خطة جادة لإخضاع أجهزة الدولة، وربما تتعاون مع الجماعات اليسارية [لتحقيق هذا الهدف]. والتحدي الآخر هو تمويل هذه المجموعات، وأخيرا المدى الذي ستمضي إليه جماعة الإخوان… في دعم هذه الهيئة الثورية”.

في الوقت نفسه تقريبا، ظهرت جماعة مسلحة أخرى لفترة وجيزة باسم “كتائب حلوان”. ربما فشلت الجماعة نفسها في توجيه ضربة للحكومة، غير أنها قدمت أول مثال واضح على حيازة أسلحة متطورة عندما نشرت على الإنترنت شريط فيديو قصيرا لشبان عاديين من حي حلوان تحدثوا بلغة عربية بسيطة، ولم يبد عليهم أنهم من عتاة المجرمين أو الجهاديين، وكانوا يرتدون ملابس سوداء وأقنعة تزلج ويلوحون ببنادق هجومية. صرف العديد من المراقبين النظر عن الفيديو نظرا إلى طبيعته التي توحي بأنه من صنع هواة، لكن حقيقة أن الهواة قد بدأوا بحمل البنادق، هي بالضبط التي كان ينبغي أن تثير القلق. إذ قال نشطاء إسلاميون من حلوان إنه لم يكن مستغربا أن تظهر هذه الأسلحة في المنطقة، وهي منطقة يقطنها أبناء الطبقة العاملة أساسا وشهدت تطور علاقة متوترة أكثر فأكثر بين الشرطة والإسلاميين المناهضين للحكومة.

أحدث الجماعات، “العقاب الثوري”، هي أيضا الأكثر دموية وفتكا إلى الآن، حيث أعلنت عن وجودها في كانون الثاني/يناير 2015 تزامنا مع الذكرى الرابعة لثورة كانون الثاني/يناير 2011. وهذا موضوع مشترك بين هذه الجماعات لأنها تحاول تقديم نفسها على أنها امتداد لثورة 2011 الشعبية بهدف إضفاء مزيد من المشروعية على ممارساتها. كانت أول عملية تنفذها الجماعة هي إطلاق النار من مركبة مسرعة، وهذا دل إلى أنها تحمل مدافع رشاشة. وفي أيلول/سبتمبر 2015، نفذت الجماعة حوالي 150 هجوما في ست عشرة محافظة. وهي تدعي أنها قتلت 157 على الأقل من أفراد قوات الأمن، على الرغم من أنه لايمكن التحقق من ذلك بصورة مستقلة.23تراوحت الهجمات بين زرع العبوات الناسفة التي تستهدف البنية التحتية وقوافل الشرطة، وتنفيذ كمائن مسلحة عند نقاط التفتيش التابعة للشرطة، واغتيال كبار ضباط الشرطة. وأعلنت الجماعة أيضا مسؤوليتها عن إعدام اثنين على الأقل من المخبرين المزعومين وتفجير منزل علي جمعة، المفتي السابق والخطيب البارز المؤيد للحكومة في محافظة الفيوم. وعلى الرغم من أن الجماعة تواصل الامتناع عن تبني خطاب إسلامي علني، فإن أحد أشرطة الفيديو التي نشرتها، والذي يظهر عملية إعدام أحد المخبرين المزعومين، يحوي أناشيد جهادية في الخلفية، وأسلوب مونتاج يبدو واضحا أنه مستوحى من أشرطة الإعدام التي ينشرها تنظيم الدولة الإسلامية. وتعد جماعة العقاب الثوري أيضا الأكثر تنظيما بين الجماعات الجديدة في بر مصر، حيث سجلت بدقة كل هجوم قامت به، مايشير إلى احتمال وجود قيادة مركزية لها، والأهم من ذلك، إمكانية وصولها إلى شبكة لوجستية وحصولها على تمويل.

يكشف تحليل هجمات الجماعة، استنادا إلى البيانات التي جمعها مؤلفا هذه الدراسة، أن 44 في المئة من الهجمات حتى آب/أغسطس 2015، حدثت في محافظة الفيوم (أنظر الرسم 3). وهذه المنطقة معروفة بأنها معقل للإسلاميين، وقدمت باستمرار بعض أعلى النتائج في الانتخابات لصالح الإسلاميين. كانت الفيوم أيضا موطنا لجماعة “الشوقيين”، وهي واحدة من الجماعات العنيفة التي ظهرت خلال التمرد السابق. وبسبب نوعيتها الفريدة من التكفير التي تعتبر كل من لم ينضم إلى الجماعة كافرا، فإنها تعتبر واحدة من أكثر الجماعات تطرفا في مصر.24كانت الطبيعة الطائفية والتكفيرية العنيدة لجماعة “الشوقيين” هي المسؤولة عن إحدى أسوأ موجات الهجمات الطائفية الفظيعة التي استهدفت المسيحيين خلال ذلك التمرد.25وعلى الرغم من أنه لادليل على أن من تبقى من السلفيين الجهاديين في الفيوم الذين استلهموا أفكار الشوقيين ساعدوا في تشكيل جماعة “العقاب الثوري”، فإن احتمال أن تؤثر الجماعة على أعضاء جماعة الإخوان أمرٌ مثير للقلق.

شكل 3: أعمال العنف التي قامت بها جماعة العقاب الثوري:

يمكن ملاحظة هذا النوع من التأثير في حي المطرية شمال القاهرة، الذي نشط خصوصا في ظل الاحتجاجات الإسلامية والمواجهات مع الشرطة. كانت المنطقة قاعدة للداعية السلفي المتطرف الراحل رفاعي سرور، “فيلسوف الجهاد”، الذي قاد مجموعة مسلحة شائنة هي جماعة الجهاد الإسلامي (كان زعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن محمد الظواهري عضوا فيها) ونشطت خلال التمرد الإسلامي السابق.26ويعد بعض تلاميذ سرور، الذين يطلق عليهم “السلفيون الثوريون”، من بين أنشط المشجعين للجماعات العنيفة اليوم، الذين انخرطوا في أعمال العنف، ماساعد على تأجيج الوضع في مدينة المطرية.27تغرس السلفية الثورية أفكارا إسلامية متطرفة مختلفة وبنوع من التركيز الثوري على تعبئة جماهير المسلمين لتأسيس دولة إسلامية. يتجنب أتباع السلفية الثورية الهياكل التنظيمية لجماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين، ومع ذلك فهم لايزالون يدعمون الأهداف النهائية لتلك الجماعة، ويلتزمون بمحاربة نظام السيسي. وهذا مايفسر لماذا وقف السلفيون الثوريون مع الإخوان في أعقاب عزل مرسي.

صب الزيت على النار: مشايخ السلفية والدعاية الإخوانية

توفر البيئة السياسية في مرحلة مابعد عزل مرسي أرضا خصبة لبعض الدعاة السلفيين ووسائل الإعلام المؤيدة لجماعة الإخوان لتأجيج غضب الإسلاميين وتقديم مبرر ديني للعنف المناهض للحكومة. شملت إحدى وسائل صب الزيت على النار خليطا من عملية إعلامية أنشأها إسلاميون مؤيدون للإخوان وبعض أعضاء جماعة الإخوان عبر إطلاق قنوات تلفزيونية فضائية في تركيا. وهذه القنوات هي “مصر الآن” (ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين)،28وقناة “الشرق” (يمولها إسلاميون مصريون، من غير الإخوان)، وقناة “مكملين” (يزعم أنها تبث بتمويل من رجل أعمال خليجي)، و”الثورة” (كانت تسمى سابقا رابعة، ومصادر تمويلها غير واضحة). وعلى الرغم من أن هذه القنوات تعاني بانتظام من نقص في التمويل، وتم إغلاق بعضها وإعادة إطلاقها بأسماء مختلفة بسبب خلافات تنظيمية داخلية أو ضغوط من الحكومة المضيفة، فقد كانت للقنوات الواردة أسماؤها هنا فترة متواصلة عموما من النشاط من ربيع العام 2014 حتى صيف العام 2015. ويشير تشغيل هذه القنوات إلى أن جماعة الإخوان والنشطاء الإسلاميين الآخرين باتوا يتكيفون مع حملة طويلة من المعارضة للحكومة لإبقاء جذوة المقاومة مشتعلة.

كثيرا مايستغل السلفيون المتطرفون هذه القنوات. وعلى الرغم من أنهم ليسوا جزءا من سلسلة قيادة الإخوان ولايلتزمون بمبادئ الجماعة المعلَنة بشأن عدم اللجوء الى العنف، فإنهم يتمتعون بعلاقة قوية مع الإخوان، وبالتالي يحصلون على منبر على هذه القنوات. لكن ولأن هؤلاء السلفيين المتطرفين يرغبون في تهيئة بيئة مواتية للتمرد، فإنهم يهمشون من لديهم مظالم سياسية مشروعة يودون التعبير عنها، والنتيجة النهائية لذلك هي أفكار إسلامية مكررة بمبررات دينية متزايدة للعنف.

وتشجع بعض الشخصيات السلفية التي تظهر على هذه القنوات، المقاومة العنيفة وتساعد على خلق بيئة عامة من الكراهية. وهذا يفتح بدوره فرص الاستغلال من جانب منظري التيار الجهادي. فقد استخدم الشيخ السلفي محمد عبد المقصود قناة الثورة (رابعة) ليعلن أنه يجوز حرق سيارات الشرطة. وفي مقابلة أجريت معه أوضح عبد المقصود مراده بالقول: “نحن نحاول إرهابهم [قوات الأمن]. إما عن طريق حرق سياراتهم أو تهديدهم أو حرق منازلهم، وهذا بالتحديد بهدف الردع، من دون الحاجة للذهاب إلى مواجهة مسلحة صريحة”.

أعلن وجدي غنيم، وهو سلفي آخر يظهر على هذه القنوات، أن السيسي مرتد حتى قبل فض اعتصام “ميدان رابعة”. وبرر العضو في جماعة الإخوان عصام تليمة قتل المفتي والقضاة على أسس دينية، مشيرا إلى فتوى تنص على أن أي مسلم في المجتمع يمكنه القصاص من “البلطجية”، وتساوي هذه الفتوى المسؤولين الظالمين بالبلطجية.30(التمييز مهم هنا لأنه وفقا للشريعة الإسلامية فإن أسرة أو أولياء المجني عليه هم الذين يسعون إلى القصاص، وليس المجتمع بأكمله). وقد أصدر المسؤول السابق في حكومة مرسي، الشيخ سلامة عبدالقوي، فتوى تتغاضى تحديدا عن قتل السيسي وتشجع المجندين على عدم الحضور إلى مواقعهم في سيناء.31ولعل الصوت الأكثر تطرفا، هو صوت السلفي الثوري محمود فتحي، رئيس حزب الفضيلة. يدعو فتحي، الذي يقيم في إسطنبول، بلا كلل إلى “المقاومة الشعبية” ويتحدث عن حرب السيسي “على الإسلام”.32

تساعد هذه القنوات أيضا في تشجيع الجماعات العنيفة الجديدة مثل جماعة “العقاب الثوري”. على سبيل المثال، دعا أحد ضيوف قناة “مصر الآن” هذه الجماعات إلى تحويل بنادقها باتجاه الإعلاميين الموالين للنظام.33كما استضافت القنوات متطرفين مثل شهيد بولسن، الذي ساعد في أوائل العام 2015 في تشجيع الجماعات العنيفة على استهداف المؤسسات التجارية قبل انعقاد مؤتمر اقتصادي كبير.34

كما نشرت جماعة الإخوان وأيدت، بيانات متطرفة على الإنترنت تقترب من التحريض على العنف. فقد استخدم المتحدث باسم الشباب الذي عينته الجماعة في العام 2015، ويستخدم الاسم المستعار محمد منتصر، والذي يقول مطلعون إنه في الواقع عدد من الأفراد، اللغة التحريضية مرارا وتكرارا، ودعا في أحد التصريحات إلى “ثورة تجتز الرؤوس من فوق أجساد عفنة” في إشارة إلى مسؤولي النظام.

وقع 159 من علماء الدين أخطر وأهم بيان حتى الآن بعنوان “نداء الكنانة”، والكثيرون منهم لهم علاقات وثيقة مع جماعة الإخوان.35ذكر البيان أن من واجب المسلمين الديني مقاومة النظام الحالي، الذي وصفه بأنه عدو للإسلام، والعمل على “القضاء عليه بكل الوسائل المشروعة”. وأضاف البيان، “أي الحكام والقضاة والضباط والجنود والإعلاميين والسياسيين، وكل [آخر] من يثبت يقينا أنهم اشتركوا (ولو بالتحريض) في انتهاك الأعراض وسفك الدماء البريئة وإزهاق الأرواح بغير حق [كل هؤلاء] حكمهم في الشرع أنهم قتلة، تسري عليهم أحكام القاتل، ويجب القصاص منهم بضوابطه الشرعية.36عقوبة القتلة في الشريعة هي القتل. وقد أيدت جماعة الإخوان البيان.37

علاوةً على ذلك، عمد كتاب بعنوان “فقه المقاومة الشعبية للانقلاب”،38نشرته هيئة شرعية متحالفة مع جماعة الإخوان المسلمين في أوائل العام 2015، ويؤيده الفصيل الثوري في الجماعة فقط، إلى التوسع أكثر بشأن جواز استخدام القوة ضد قوات الأمن، وحدد بعض القيود، مثل منع الهجمات العشوائية المتعمدة على قوات الأمن، وهي قيود لامعنى لها عمليا.

كانت فكرة “الحرب على الإسلام” حاضرة في كل وسائل الإعلام والخطاب الإسلامي الأوسع في العام 2015. وجود مثل هذا الخطاب أمر خطير جدا لأنه يبرر استهداف الحكومة من أجل “الدفاع عن الإسلام”، وهو يغذي رسالة الجهاديين. ويقوض هذا النوع من الخطاب أي ادعاءات جدية أدلى بها الإسلاميون المناهضون للحكومة بأنهم يقاتلون من أجل الديمقراطية وليس لعودة حكم الإسلاميين.

المسيرة المطردة نحو الفكر الجهادي

في هذا المشهد المتغير من القمع والتحريض، يسعى بعض الإسلاميين المتطرفين إلى إضافة بوصلة إيديولوجية لهذه الجماعات العنيفة الجديدة بهدف إسقاط الدولة العلمانية واستبدالها بدولة إسلامية. فمن ناحية، هناك الجماعات السلفية الجهادية التقليدية التي تحاول تجنيد الشباب الإسلاميين العاديين بصورة مباشرة كي يصبحوا سلفيين جهاديين متمرسين. ومن ناحية أخرى، هناك أيضا سلالة جديدة من السلفيين الثوريين الذين يسعون إلى الجمع بين الرسالة الشعبية والجهادية لإيجاد مسار أكثر جاذبية للإسلاميين المصريين الذين قد تكون لديهم تحفظات على الانضمام إلى جماعات مثل تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية.

وبما أن الرسالة السلفية الثورية محلية في الأغلب بالنسبة إلى مصر، فإنها أكثر قابلية للتوصيل إلى المواطنين الناشطين. الجماعة الأبرز التي تبشر بهذه الرسالة حاليا هي “حركة أحرار” وهي جماعة من الشباب الإسلاميين المتطرفين.39وقد اجتذبت “حركة أحرار”، التي تشكلت في العام 2012، خليطا غريبا من السلفيين مستوحىً من المرشح الرئاسي السابق الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل ومثيري الشغب العنيفين الذين يطلق عليهم “ألتراس”، والذين لعبوا دورا حاسما في أعمال العنف في الشوارع التي ابتليت بها مصر بعد ثورة العام 2011. تكمن أهمية “حركة أحرار” في تنظيرها الإيديولوجي الوارد في بيان الجماعة، “معركة

أحرار”، وعلى موقعها على شبكة الإنترنت، الذي يحض على النشاط والعنف من خلال العمل على تطبيق الأفكار السلفية الثورية.40

يسعى بعض الإسلاميين المتطرفين إلى إضافة بوصلة إيديولوجية لهذه الجماعات العنيفة الجديدة بهدف إسقاط الدولة العلمانية واستبدالها بدولة إسلامية.

بالنسبة إلى حركة أحرار، المعركة الحالية ليست معنية بمرسي أو جماعة الإخوان المسلمين. وعلى الرغم من أن الجماعة تمقت الطرفين كليهما بسبب إيمانهما بالعملية الديمقراطية وتعاونهما مع الجيش أثناء حكم مرسي، فإنها تعتبر الدولة المصرية نفسها وجيشها العدو الحقيقي لها. ترفض الجماعة الحدود الوطنية وتسلط الضوء على الولايات المتحدة ونظامها العالمي باعتباره العدو الذي يستعمر العالم الإسلامي من خلال أنظمة عميلة كالنظام في مصر. في ظل ظروف مغايرة، يمكن صرف النظر عن مثل هذه الآراء باعتبارها تأملات شباب إسلامي يشعر بالخذلان وخيبة الأمل، غير أنه وبسبب المناخ الحالي في مصر، يمكن لحركات مثل “أحرار” أن تلهم جماعات عنيفة مناهضة للحكومة بالفعل كي تصبح أكثر عنفا. ولتفكيك الدولة تعِد الجماعة بحملة من مرحلتين: أولا “التوعية”، كما تقول الجماعة، ومن ثم تعبئة الجماهير نحو تبني المقاومة المسلحة. وبعبارة أخرى، رسالتها هي إعادة صياغة الرسالة الجهادية الأساسية لجماعات مثل تنظيم القاعدة، على الرغم من أن حركة أحرار تغلف رسالتها بأسلوب رشيق وحديث وشبه فكري وتقدمها من خلال نشطاء يتمتعون بالبلاغة.

تزدهر الأفكار المتطرفة في مصر بوسائل جديدة، أي أن التطرف لايجب بالضرورة أن يكون مرتبطا فقط بتجنيد الشباب في تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية. فالسلفية الثورية لديها القدرة حاليا على إلهام طبقة جديدة من الجهادية الإسلامية.41تتجاوز قوة هذه الأفكار نفوذ الجماعات التي تحاول نشرها. فحركة أحرار، على سبيل المثال، بالكاد متواجدة كجماعة على الأرض، نظرا إلى أن السلطات اعتقلت أعضاءها بعد وقت قصير من تأسيسها. إلا أن الأفكار التي ساعدت على انتشارها مستمرة وستستمر في التطور إذا ماتبنتها الجماعات العنيفة غير الجهادية بدل الانضمام إلى تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية.

الجهاديون المحليون وتجنيد الجهاديين

ظهرت جماعات جهادية عدة كطليعة لحركة التمرد الإسلامي. وعلى الرغم من أنها كانت نشطة منذ العام 2011 ومسؤولة عن هجمات كبرى في بر مصر منذ تموز/يوليو 2013، فإن إعلان جماعة “أنصار ببيت المقدس” عن الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 عزز مكانة هذه الجماعة في قلب التمرد الجهادي المتواصل في مصر. ومنذ إطلاقها اسما جديدا على نفسها هو “ولاية سيناء” التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، كانت الجماعة بلا شك واحدة من أنشط الفروع العالمية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، وأصبحت أكثر فتكا. ويقود جماعة “المرابطون”، وهي جماعة بارزة أخرى (تابعة لتنظيم القاعدة)، الضابط السابق في القوات الخاصة هشام عشماوي، الذي يعتقد أنه كان مسؤولا عن تحسين الفعالية القتالية لجماعة “أنصار بيت المقدس” قبل أن ينشق عن تلك الجماعة.42

على الرغم من أن التنافس المحتمل بين القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في مصر على التمويل والمجندين سيؤدي بلا شك إلى المزيد من العنف، فإن من المستبعد أن تشكل هذه الجماعات والحالة هذه، سواء جماعة “أنصار بيت المقدس” في سيناء أو جماعة “المرابطون” التي لاتزال صغيرة، تهديدا وجوديا للحكومة المصرية مالم تتمكن من الاستفادة بنجاح من غضب الإسلاميين الأوسع في بر مصر، وبالتالي تأسيس موطئ قدم لها في المراكز السكانية الكبرى. أما الجائزة الحقيقية فهم آلاف المجندين المحتملين من التوليفة الحالية من الشباب غير الجهادي العنيف إلى الآن ومن صفوف جماعة الإخوان المسلمين والإسلاميين الآخرين المناهضين للحكومة.

لاتزال جماعة “أنصار بيت المقدس” في سيناء، غير أنها نجحت باستمرار في تجنيد مصريين، صغارا وكبارا، من بر مصر. فقد وقعت مواجهة مسلحة مع الأمن المصري في آذار/مارس 2014، على بعد خمس عشرة دقيقة بالسيارة من حدود القاهرة، في قرية “عرب شركس” بمحافظة القليوبية. اشتبك أربعة عشر مسلحا هناك-بعضهم يحمل أحزمة ناسفة-مع قوات الأمن لمدة سبع ساعات. وأسفرت العملية عن مقتل اثنين من الضباط وستة من الإرهابيين. وأظهرت صورة نشرتها جماعة “أنصار بيت المقدس” الوجوه الشابة لبعض الإرهابيين، وكشف بيان أن أبا وابنه كانوا أعضاء في الخلية. بعدها تمت مشاركة الصورة على نطاق أوسع على شبكة الإنترنت من جانب الجهاديين لتبين لأولئك الذين قد يكونون على الحياد أنه يمكن لأي شخص أن يجاهد.

استمرت جماعة “أنصار بيت المقدس” في وضع الاستراتيجيات كي تجذب الشباب في مصر وتوجه غضب الشباب للقتال من خلال الجهاد. وقبيل ساعات فقط من تفجير مديرية أمن القاهرة يوم 24 كانون الثاني/يناير 2014، أصدرت الجماعة تسجيلا صوتيا لأحد قادتها، أبو أسامة المصري، ناشد فيه الشباب غير الجهاديين المحبَطين الذين أشار إليهم بذكاء على أنهم “ثوار”:

[رسالتنا] هي لإخواننا الثوار ضد الطغيان: أيها الثوار تمردوا من أجل شرع الله، أيها الأبطال دافعوا عن الإسلام. أيها الثوار الأبطال… تقبل الله الذين قتلوا منكم…إخواني الثوار: اعلموا أن إخوانكم المجاهدين يعانون بسبب معاناتكم… فاستمعوا إلينا.43

أحجم المصري عن انتقاد الشباب الفوضويين بسبب عدم رفع راية الشريعة في احتجاجاتهم، وناشدهم بدل ذلك، قائلا: “إن المعركة اليوم ليست ضد فرد أو شخص أو جماعة، المعركة اليوم هي ضد الإسلام”. واستمرت جهود التجنيد التي قامت بها جماعة “أنصار بيت المقدس”، عقب إعلانها الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية، في التركيز على الوصول إلى الإسلاميين الساخطين، حيث تظهر أشرطة الفيديو الأخيرة على نحو متزايد مقاتلين يتحدثون بلهجات بر مصر بصورة مميزة أو يتخذون لهم أسماء حركية تشير إلى أنهم قدموا من بر مصر.

تشكل الاعتداءات الجنسية المزعومة لرجال الشرطة على النساء المحتجزات، والتي تعتبر خطا أحمر بالنسبة إلى الإسلاميين، من بين العوامل التي تلعب دورا هاما في المساعدة على تجنيد الشباب.

تشكل الاعتداءات الجنسية المزعومة لرجال الشرطة على النساء المحتجزات، والتي تعتبر خطا أحمر بالنسبة إلى الإسلاميين، من بين العوامل التي تلعب دورا هاما في المساعدة على تجنيد الشباب. فقد ادعى ناشط إسلامي مؤيد للعنف قائلا: “لقد وثقت شخصيا اثنتي عشرة حالة لفتيات حملن [في السجن]”. وأوضح قائلا إن “معظم من يحملون أسلحة يفعلون ذلك لمواجهة طاغية [السيسي] قتل [آلاف] الأشخاص في يوم واحد، ودمر قرى بأكملها.. والآن يعتدي جنسيا على المحتجزات”.

يستغل الجهاديون قضيتي الاعتداء الجنسي والتعذيب للاستفادة من غضب الشباب. وهم يدركون أن قضية الاعتداء الجنسي قد تدفع النشطاء الذين يقفون على الحياد إلى أن يفقدوا صوابهم، ولذلك فقد ربطوا هجماتهم بهذه الانتهاكات مباشرة. في آذار/مارس 2014، أعلنت جماعة جهادية تدعى “أنصار الشريعة في أرض الكنانة” مسؤوليتها عن اغتيال أكثر من عشرين فردا من قوات الأمن. وأكدت وزارة الداخلية في وقت لاحق مقتل الأفراد وقالت إن لديها دليلا على أن جماعة “أنصار بيت المقدس” هي التي أنشأت الجماعة. وبررت جماعة أنصار الشريعة عمليات القتل تحديدا بالادعاء بأنها قامت بها “انتقاما لشرف حرائرنا”. وقال ناشط إسلامي في مقابلة: “كان استهداف مديرية الأمن في المنصورة انتقاما للفتيات اللاتي قتلن وأخريات تعرضن للاعتداء من بلطجية النظام”.

مبدئيا، قد يضع المجندون الجدد جانبا خلافاتهم حول الأهداف الإيديولوجية النهائية، ويمضون قدما في أعمال العنف من أجل المشاركة في هذا النوع من الانتقام. هذه الديناميكيات تمهد الطريق للتطرف وصعود الجماعات الجهادية المحلية في مصر.

إحدى أهم هذه الجماعات المحلية هي “أجناد مصر”، التي أعلنت مسؤوليتها عن العديد من الهجمات التي تستهدف الشرطة. إذ كان مؤسس الجماعة الراحل قد قاتل سابقا في العراق وسيناء واستخدم ماتعلمه في هذين الميدانين لتأسيس “أجناد مصر”. وعلى الرغم من أن الجماعة لم تعلن رسميا الولاء لتنظيم القاعدة، فإنها أقرب إلى تلك الجماعة منها إلى تنظيم الدولة الإسلامية.44في مرحلة معينة، أشارت جماعة “أنصار بيت المقدس” إلى أعضاء الجماعة بأنهم “أخوة”، ولكن حدث انقسام إيديولوجي بعد إعلان “أنصار بيت المقدس” الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية.

تزايدت هجمات جماعة “أجناد مصر” بشكلٍ مطرد من حيث خطورتها وتطورها في العام 2014. ويوحي تحليل موقع الهجمات بأن الجماعة تتخذ من الجيزة مقرا لها.45في أوائل نيسان/أبريل 2014، زرعت الجماعة ثلاث عبوات ناسفة خارج جامعة القاهرة، ماأسفر عن مقتل عميد في الشرطة كان يشغل منصب رئيس مباحث الجيزة. وأسفر هجوم آخر في أيلول/سبتمبر 2014 عن مقتل ضابطين ومجند قرب وزارة الخارجية.

تمثل العودة النهائية للجهاديين المتجولين الكثر (ربما يصل عددهم إلى بضعة آلاف) عاملا آخر من المرجح أن يزيد عمليات تجنيد الجهاديين للشباب الإسلاميين.

بيانات جماعة “أجناد مصر” حول مسؤوليتها عن هذه الهجمات ركزت تحديدا على القصاص لمن قتلوا في اعتصام “ميدان رابعة” والاعتصامات الأخرى والانتقام لشرف الإسلاميات اللاتي تعرضن إلى الاعتداء الجنسي. والواقع أن الجماعة أطلقت على حملتها اسم “ولكم في القصاص حياة”، وهذه العبارة جزء من آية قرآنية. يمثل فكر هذه الجماعة مزيجا ساما من السلفية الثورية والسلفية الجهادية، وهو مؤشر يبعث على القلق من التوجه الناشئ للجهاديين المصريين المحليين الذين ربما يشتركون في الأفكار الثورية السلفية، لكنهم تخلوا عنها بسهولة وساروا في طريق السلفية الجهادية.

ركزت الجماعة أيضا على نشر أفكارها ونشر مبدأ الجهاد. استثمرت الموارد في إطلاق عملية إعلامية على شبكة الإنترنت باسم “الكنانة” تنشر مقالات تشجع على الجهاد وتضع المبررات الدينية التي توضح السبب في أن الجهاد في مصر في العام 2015 له مايبرره. وقد فقدت الجمعة الأمل في الاستمرار بعد أن قتلت قوات الأمن مؤسسها والعديد من عناصرها، ومعظمهم من صغار السن. وعلى الرغم من هذه النكسات، قتلت الجماعة ضابطا بعبوة ناسفة في أحد أحياء القاهرة في آب/أغسطس 2015. 46 قد يكون مصير هذه الجماعة بعينها مجهولا، وقد لاتقوم لها قائمة أبدا، لكنها ستستمر في كونها أول جماعة جهادية ناجحة تظهر في بر مصر بعد عزل مرسي وتتصرف بصورة مستقلة إلى حد كبير. ومن المرجح أن تكون بمثابة مصدر إلهام لجماعات أخرى في المستقبل.

عودة الجهاديين المتجولين المصريين

تمثل العودة النهائية للجهاديين المتجولين الكثر (ربما يصل عددهم إلى بضعة آلاف) عاملا آخر من المرجح أن يزيد عمليات تجنيد الجهاديين للشباب الإسلاميين واحتمال أن تتحول الجماعات العنيفة في بر مصر إلى خلايا نشطة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة. وهناك سابقة لذلك. فعندما عاد المقاتلون المصريون من الجهاد في أفغانستان في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، عجلت أعمالهم بقدوم السنوات الأكثر دموية لحركة التمرد الإسلامية السابقة.

ألهم تنظيم الدولة الإسلامية الوحشي والناجح العديد من الشباب الإسلاميين للجهاد، وخاصة بعد الانتصارات التي حققها في العراق وسورية والتسبب في وقوع إصابات كبيرة في صفوف الجيش المصري. وقد انضم عدد متزايد من الإسلاميين إلى صفوف التنظيم، وقاتل آخرون تحت لواء الجماعات الجهادية في ليبيا. ولايزال تنظيم القاعدة أيضا يحظى بشعبية كبيرة بين من يرفضون دعوى تنظيم الدولة الإسلامية بإقامة الخلافة ووحشيته الفظيعة. ويعتبر فرع القاعدة في سورية، “جبهة النصرة”، نموذجا ناجحا آخر من وجهة نظر الشباب الإسلاميين، وقد سافر بعض المصريين للانضمام إلى صفوفها.

الكثير من الجهاديين المصريين الذين غادروا في ثمانينيات القرن الماضي ظلوا في الخارج للقتال في مناطق مثل المغرب العربي، حيث يشير تقدير وضعه مركز مؤيد للحكومة ويديره ضابط كبير متقاعد إلى أن عدد هؤلاء يتراوح بين 8 و10 آلاف مصري، على الرغم من أنه لايمكن التحقق من هذه الأرقام بصورة مستقلة.47وتزعم السلطات المصرية أن 3 آلاف مصري على الأقل سافروا للالتحاق بالجهاد في سورية منذ العام 2012، وهو الرقم الذي بلغ ذروته خلال رئاسة مرسي.48ومن المستحيل أيضا التحقق من هذا الرقم، غير أن مقاتلا مصريا في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في سورية أكد في مقابلة أجريت معه خصيصا لهذه الدراسة أن من المرجح أن عدد المصريين يصل إلى بضعة آلاف.

عندما تصاعدت حدة الحرب في سورية خلال فترة مرسي، شجع الدعاة المعتمدون من الحكومة المصريين على السفر إلى سورية.49وفي حزيران/يونيو 2013 قال أحد كبار المسؤولين في حكومة مرسي إن مصر لن تعاقب المقاتلين العائدين من سورية، ورفض الفكرة القائلة إنهم يمكن أن يشكلوا تهديدا.50وقد أثبت هذا النفي أنه مخادع، لأن الجهاديين المصريين العائدين من الخارج شاركوا بالفعل في هجمات. ظهر المثال الأبرز على ذلك عندما نفذ رائد سابق في الجيش المصري، سبق أن شارك في أعمال جهادية عالمية، هجوما انتحاريا في مصر، تمثل في محاولة اغتيال وزير الداخلية في أيلول/سبتمبر 2013. كما قاتل زعيم جماعة “أجناد مصر” في الخارج، كما ذكر سابقا، وهناك مزاعم بأن أعضاء آخرين في الجماعة سافروا إلى أماكن مثل اليمن.

يعود بعض الجهاديين الآخرين إلى مصر ظاهريا بأوامر من مصريين تقلدوا مناصب قيادية في تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية ويرغبون في المساهمة في مايعتبرونه جهادا مصريا واعدا. وحتى قبل أن تعلن جماعة “أنصار بيت المقدس” الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية، كانت الروابط بين الجهاديين في الخارج والعملاء داخل الجماعة قوية لدرجة أنه قيل لأحد الشباب الإسلاميين الذين تمت مقابلتهم، والذي حاول الالتحاق بجماعة “أنصار بيت المقدس”، إنه في حاجة للعثور على جهادي مصري في سورية كي يشهد له. ووفقا لما جاء في مقابلة مع قيادي إخواني من المستوى المتوسط في الجيزة، فقد سافر بعض أعضاء جماعة الإخوان إلى سورية في العام 2012 وأوائل العام 2013، وعاد الذين التحقوا بالجماعات المتشددة إلى مصر بعد عزل مرسي وهم يتوقون إلى ممارسة ماتعلموه.

لقد ألهمت قدرة تنظيم الدولة الإسلامية على انتزاع الأراضي من سورية والعراق، الجمهوريتين العربيتين القويتين سابقا، بعض الإسلاميين للاعتقاد بأن الشيء نفسه يمكن أن يتحقق في مصر. إذ ألمح بعض النشطاء الذين قابلتهم إلى أن الخطوة المقبلة في تصعيد المعركة ضد الدولة المصرية هي محاولة السيطرة على أحياء معينة، وخاصة في المناطق التي تسكنها الطبقة العاملة مثل حلوان. وكانت محاولات القيام بذلك قد فشلت في الماضي، غير أن إعلان تنظيم الدولة الإسلامية عن خلافته ونجاح الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في الاستيلاء على الأراضي يمكن أن يلهم البعض لكي يعيد المحاولة.51

هل يمكن تقليص حدة التمرد الإسلامي؟

حتى كتابة هذه السطور، لم تتخذ الحكومة ولا جماعة الإخوان المسلمين إجراءات يمكن أن تخفف من تصعيد التمرد المسلح ونقل مصر إلى مسار أكثر إيجابية. من جانبها، لم تقدم الحكومة المصرية أي استراتيجية مقنعة لكبح جماح التطرف. وبدلا من ذلك، واصلت الحكومة تضييق الخناق على كل الإسلاميين، وراهنت في الواقع على جدوى القوة الغاشمة لوأد التمرد المسلح في مهده. وربما تتحمل جماعة الإخوان جزءا من مسؤولية هذا التحول نحو العنف، كما تظهر الأدلة. ولكن إذا قامت الحكومة بتفكيك شبكة الإخوان واستمرت بتوجيه الاتهام إليها في أعمال العنف التي يرتكبها الجهاديون، فلا يمكنها أن تتوقع أن تكون لدى قيادة الجماعة القدرة أو الرغبة في كبح جماح أعضائها عند الحاجة.

على الرغم من أنهما عدوان لدودان يخوضان صراعا الحصيلة صفر، فإن الحكومة وكبار قادة الإخوان العقلانيين لهم مصلحة مشتركة في تحييد هذا التمرد الجهادي الناشئ، بقدر مايبدو هذا الأمر مستبعدا. نظام السيسي يريد بطبيعة الحال الاستقرار من أجل المضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية وأمن النظام. أما بالنسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين، فإن وجود تيار جهادي في صفوفها يشكل تهديدا لبقاء الجماعة كتنظيم موحد. ويرفض السلفيون الجهاديون إيديولوجية الإخوان الأساسية للمشاركة السياسية والتغيير التدريجي ويرون أنها مرتدة، في حين ينظر الكثير من الأعضاء العنيفين في جماعة الإخوان إلى قيادة الجماعة باعتبارها عاجزة وغير ممثلة لقواعد الجماعة، وكما تظهر الأحداث الأخيرة، فإنهم على استعداد للتمرد عليها.

وبما أنه لاتوجد أي مؤشرات لدى الطرفين على تخليهما عن نهج الحصيلة صفر تجاه الصراع المستمر، فإن الحديث عن المصالحة السياسية يبدو سابقا لأوانه في أحسن الأحوال. بيد أن هناك بعض الخطوات التي يمكن أن يتخذها كل طرف للتخفيف من تصعيد الصراع المستمر واحتواء العنف.

تحتاج الحكومة إلى التصدي للدور الذي لعبته في التطرف المستمر، عن طريق تصحيح الأوضاع المزرية في السجون، والإفراج عن المحتجزين الذين لم يرتكبوا أعمالا إجرامية، ووقف ممارسات مثل الاختفاء القسري وعمليات القتل المزعومة خارج نطاق القضاء، والاعتداءات الجنسية التي توفر للجهاديين أداة أساسية للتجنيد.

كما يتعين على الحكومة معالجة القصور في تحليل التهديدات التي تجمع الإخوان الشباب مع السلفيين الجهاديين المتمرسين. ذلك أن هذا النهج القائم على مقولة “حل واحد يصلح للجميع” مصيره الفشل في مكافحة التطرف، في المقام الأول، لأنه لايستغل الخلافات المحتملة التي قد تسمح للحكومة بتفريق هذا المزيج المعقد من العناصر الفاعلة العنيفة والانتصار عليها. ويتعين على الحكومة أن تستخدم المشهد المتفكك لتيار التشدد الإسلامي لصالحها وتوفر مسارا سياسيا بديلا للإسلاميين غير العنيفين الذين لايوافقون على المسار الحالي ويرغبون في القفز من السفينة قبل أن تغرق.

وينبغي أن تكون الحكومة واثقة من موقفها القوي عند اتخاذ هذه التدابير. ذلك أن توفير مسار يفضي إلى المشاركة السياسية وتخفيف التكتيكات الأمنية الأقسى والأكثر عشوائية لن يكون علامة على الضعف، بل استراتيجية ذكية من شأنها أن تشجع على المزيد من الدعم الدولي.

يجب على جماعة الإخوان أن تتصالح مع واقع النظام السياسي في مرحلة مابعد مرسي، والاعتراف بالتهور في تحميل الحكومة المسؤولية الكاملة عن اللجوء إلى العنف ومأزق الإخوان الحالي. كما أن عليها أن تكبح جماح المحرضين الداخليين ورفض الاستماع إلى الأصوات المتطرفة. وبدلا من انتظار وقوع انقلاب مضاد أو حصول مواجهة دموية لتسوية حساباتها مع النظام، يجب أن تسعى الجماعة للتوصل إلى تسوية معه. وينبغي على المحاورين الغربيين الذين لايزالون على تواصل مع قيادة الإخوان تعزيز هذا الواقع. إذ يمكن للقيادة العليا للجماعة استغلال ثقلها ومعرفتها بالتنظيم ومصادر تمويله لمواجهة صعود المجموعة الثورية. وبقدر مايبدو التوصل إلى تسوية سياسية أمرا مستبعدا اليوم، فقد يكون مستحيلا لعشرات السنين إذا ماانتصر الفصيل الذي يسعى إلى المواجهة في جماعة الإخوان.

إن الاعتراف بالعواقب المدمرة لتنامي التطرف بين الشباب الإسلاميين أمر بالغ الأهمية، ولا تقل جهود الحكومة لوقف مثل هذا الانتقال المطرد نحو التمرد المسلح أهمية عن هزيمة جماعة “أنصار بيت المقدس” في سيناء. وبخلاف ذلك، سوف تستمر الأزمات في هز استقرار مصر، مايعوق أي أمل في تحقيق تقدم سياسي وانتعاش اقتصادي. وبسبب سكانها وجغرافيتها وأهميتها للإسلاميين في جميع أنحاء العالم، يمكن أن تشهد مصر الملتهبة مستويات من الدمار تتجاوز تلك التي لحقت بالمنطقة جراء الصراعات في العراق وليبيا وسورية.

لقراءة النص من الموقع الأصلي، الرابط.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

1 Chuck Fahrer, “The Geography of Egypt’s Islamist Insurgency,” Arab World Geographer 4, no. 3 (2001): 160–84.

2 تدعي الحكومة أن العدد يزيد عن 700، الأمر الذي لايمكن للمؤلفين التحقق منه بصورة مستقلة.

3البيانات عديدة كما أن استخدام المصطلح شائع. أنظر: “الإخوان المسلمون: يسقط قضاء العسكر.. وتسقط الأحكام الباطلة”، إخوان أونلاين، 11 نيسان/أبريل 2015،http://www.ikhwanonline.com/BrotherhoodStatements/36/Default.aspx; جورج فهمي، “الصراع على قيادة جماعة الإخوان المسلمين في مصر”، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 14 تموز/يوليو 2015،http://carnegie-mec.org/2015/07/14/ar-60720/idgl; ويشار إلى المصطلح أحيانا على أنه “العنف الذكي”. أنظر: عبدالرحمن عياش، “الإخوان والنهج ما بعد السلمي”، صدى، 9 تموز/يوليو 2015، http://carnegieendowment.org/sada/?fa=60666&lang=ar

4للمزيد من التفاصيل حول هذه الانقسامات، أنظر: عبدالرحمن يوسف، “إعادة تموضع الإخوان”، صدى، 4 حزيران/يونيو 2015،http://carnegieendowment.org/sada/?fa=60318&lang=ar; عبدالرحمن يوسف، “إعادة تموضع الإخوان (5/1)..أربع مراحل للتغيير ترسم المستقبل، العربي الجديد، 7 تموز/يوليو 2015، http://www.alaraby.co.uk/investigations/2015/7/7/إعادة-تموضع-الإخوان-المسلمين-أربع-مراحل-للتغيير-ترسم-المستقبل#sthash.yb6mW9Ra.dpuf; مصطفى هاشم، “الإخوان المسلمون ومعركة الأجيال”، صدى، 29 كانون الثاني/يناير 2015، http://carnegieendowment.org/sada/?fa=58866&lang=ar; ناثان ج. براون وميشيل دن، “جماعة الإخوان المسلمين في مصر: ضغوط غير مسبوقة ومسار مجهول”، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 29 تموز/يوليو 2015، http://carnegie-mec.org/2015/08/11/ar-60984/ieij

5 Samuel Tadros, “The Brotherhood Divided,” Current Trends in Islamist Ideology, 19 August 2015, www.hudson.org/research/11530-the-brotherhood-divided.

6 Human Rights Watch, All According to Plan: The Rab’a Massacre and Mass Killings of Protesters in Egypt (New York: Human Rights Watch, August 2014),www.hrw.org/sites/default/files/reports/egypt0814web_0.pdf.

7 في أحد الأمثلة، يؤكد الشيخ السلفي محمد عبدالمقصود أنه في الساعات الأولى لفض اعتصام ميدانَي رابعة والنهضة، قتل 3 آلاف شخص، وأن الحكومة كانت تخطط للسماح بقتل مايصل إلى 13 ألف شخص. أنظر: “تعليق ناري للشيخ محمد عبدالمقصود على ذكرى مذبحة رابعة”، شريط فيديو على موقع يوتيوب نشرته شبكة “جزيرة”، 12 آب/أغسطس 2014، www.youtube.com/watch?v=R9FJmamZNdg

8 للمزيد من المعلومات حول المجموعات الأولى، أنظر: مصطفى هاشم وأحمد عويس، “مولوتوف، إعـدام، وَلـع، أجناد مصر، أبرز حركات العنف الجديد”، الشروق، 8 نيسان/أبريل 2014، http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=08042014&id=48f24c97-d0ec-465a-a9ba-56d08bfbafbe; “الردع السلمي وولع ومولوتوف، حركات مناهضة للانقلاب في مصر، نون بوست، 31 كانون الثاني/يناير 2014، http://www.noonpost.net/content/1705; علاء الدين السيد، “حركات النصف عنف”، ساسة بوست، 6 شباط/فبراير 2014، http://www.sasapost.com//حركات-النصف-عنف

9 Kareem Fahim and Mayy El Sheikh, “As Pressure Builds, Egypt’s Police Experience a New Feeling: Fear,” New York Times, December 17, 2013,www.nytimes.com/2013/12/18/world/middleeast/a-new-feeling-for-egypts-bare-knuckled-police-fear.html.

10 Regional Center for Strategic Studies, “Index Measuring Number of Muslim Brotherhood Student Protests in 2013-2014 School Year,” (Cairo: Regional Center for Strategic Studies, April 2014).

11 Voila Fahmy, “Private Security Company Loses EGP 30 Thousand During Academic Year’s First Two Days,” Aswat Masriya, October 13, 2014,http://en.aswatmasriya.com/news/view.aspx?id=42ae1545-8ff8-4d3f-87b8-bf0662d23588; “Minister of Interior Sends Security Forces to University Gates,” Aswat Masriya, October 13, 2014,http://en.aswatmasriya.com/news/view.aspx?id=0ccb3d3c-e56b-4cd9-a151-927f2cc82ba7.

12 للمزيد من المعلومات حول التشدد في صفوف الشباب البحرينيين، أنظر:Phillip Smyth, “Hizballah Cavalcade: The Pearl and the Molotov: Bahrain’s Growing Militant Groups,” Jihadology, March 3, 2014,http://jihadology.net/2014/03/03/hizballah-cavalcade-the-pearl-the-molotov-bahrains growing-militant-groups; لمشاهدة شريط فيديو يظهر كيفية استخدام الشباب البحرينيين لقنابل المولوتوف، أنظر: “Another POV for the Molotov Shower in Bahrain,” LiveLeak video, March 12, 2014, www.liveleak.com/view?i=169_1394630417; وتتم مشاركة هذه الأشرطة على نطاق واسع لإلهام الناشطين المصريين.

13 The Protection Groups for the Egyptian Nonviolent Revolution, “Organizing Resistance,” January 15, 2015, http://issuu.com/sqor.qotb/docs.

14 انظر أيضا، محمد جمال عرفة، “أسباب صراع الأجنحة داخل الإخوان ونتائجه”، مصر العربية، 31 أيار/مايو 2015، http://www.masralarabia.com/تحليلات/610501-أسباب-صراع-الأجنحة-داخل-الإخوان-ونتائجه

15 وقع العديد من هذه الحوادث. وكان لبعضها دلالات طائفية مثل القنبلة الصوتية التي انفجرت قرب إحدى الكنائس في محافظة المنيا في شهر تشرين الأول/أكتوبر. أنظر:

Sound Bomb Explodes Near Church in Egypt’s Minya,” Ahram Online, October 6, 2014,http://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/64/112436/Egypt/Politics-/Sound-bomb-explodes-near-church-in-Egypts-Minya-.aspx.

16 ريم عادل، “تحالف الشرعية بالفيوم: انفجار قنبلة بمنزل القيادي أحمد عرفة ومقتل 6 من أسرته”،مصر العربية، 4 تموز/يوليو /حوادث/303649-تحالف-الشرعية-بالفيوم-انفجار-قنبلة-بمنزل-القيادي-أحمد-عرفة-ومقتل-6-من-أسرته

17″مصر العربية: اعترافات مفجري محطة قطار أبو قير بالإسكندرية”، شريط فيديو على يوتيوب نشره موقع مصر العربية، 9 تموز/يوليو 2014، http://youtu.be/6ueKcPvABPc

18″العربي اليوم: محمد محسوب يعقب على مداخلة القيادي الإخواني أشرف عبدالغفار”، شريط فيديو على يوتيوب نشره التلفزيون العربي”، 2 تموز/يوليو 2015، www.youtube.com/watch?v=7zZ_fifOWto

19 عبدالرحمن يوسف، “مصر: الإخوان ما بين السيناريو الإيراني أو السوداني”، المدن، 31 كانون الثاني/يناير 2015، www.almodon.com/arabworld/79dda71c-21d1-4530-bea1-ea19eaf48e08

20 Hossam Tamam, The Muslim Brotherhood: The Years Before the Revolution, 2nd ed. (Cairo: Shorouk, 2013), 137–62.

21 Patrick Kingsley, “Egypt’s Secret Prison: ‘Disappeared’ Face Torture in Azouli Military Jail,” Guardian, June 22, 2014,http://www.theguardian.com/world/2014/jun/22/disappeared-egyptians-torture-secret-military-prison.

22 موقع حركة المقاومة الشعبية، تمت زيارة الموقع في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2014، https://prm-egypt.org

23 موقع العقاب الثوري، تمت زيارة الموقع في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2014، https://el3qab.wordpress.com/author/3eqab/

24 Samuel Tadros, Mapping Egyptian Islamism (Washington, DC: Hudson Institute, December 2014) ,www.hudson.org/content/researchattachments/attachment/1444/mapping_egyptian_islamism.pdf.

25دعاء فؤاد، “الفيوم معقل الشوقيين التكفيريين: من هنا بدأ استحلال الأموال والنساء والأرواح”، صحيفة الحياة، 26 أيلول/سبتمبر 2014، http://www.alhayat.com/Articles/4770113/الفيوم-معقل-الشوقيين-التكفيريين–من-هنا-بدأ-استحلال-الأموال-والنساء-والأرواح

26 Tadros, Egyptian Islamism.

27 ماري وجدي، “حي المطرية القاهري معقل المتطرفين وأخطر بؤرة للإرهاب في مصر”، الشرق الأوسط، 28 كانون الثاني/ يناير 2015،http://aawsat.com/home/article/276456/حي-«المطرية»-القاهري-معقل-المتطرفين-وأخطر-بؤر-الإرهاب-في-مصر ودعاء عبداللطيف، “المطرية .. حي بالقاهرة يحيي الثورة”، الجزيرة، 17 آب/أغسطس 2014، http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2014/8/17/المطرية-حي-بالقاهرة-يحيي-الثورة

28 تنفي جماعة الإخوان المسلمين رسميا ارتباطها بأي قناة، لكن التقارير الإعلامية التي تستند إلى مقابلات مع الموظفين ومقابلات أجراها مؤلفا هذه الورقة مع قادة في جماعة الإخوان أشارت إلى أن القناة ترتبط بالجماعة وأنها تمولها. أنظر: أحمد جمال الدين، “خلافات الإخوان تقسم قناة مصر الآن،”الأخبار، 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، www.al-akhbar.com/node/219128; كما أن هذا الارتباط حقيقة مقبولة على نطاق واسع في المؤلفات المعاصرة حول هذا الموضوع والتي نشرت على مواقع ذات توجهات إسلامية. أنظر: محمد العتر، “كيف تكشف أزمة قناة “مصر الآن” عن خطايا الإخوان؟”، ساسة بوست، 23 آب/أغسطس 2015، http://www.sasapost.com/misr-alaan-tv/#.Ve-MzqilDQk.facebook; وقد غطى موقع BBC Monitoring بشكلٍ واسع موضوع هذه القنوات. أنظر: “Pro-Brotherhood Media Air Calls for Violence,” BBC, February 23, 2015, www.bbc.co.uk/monitoring/probrotherhood-media-air-calls-for-violence; “Egypt’s Brotherhood Expands Media Machine,” BBC, December 8, 2014, www.bbc.co.uk/monitoring/egypts-brotherhood-expands-media-machine; “Egypt’s Brotherhood Media in Freefall,” BBC, September 3, 2015, www.bbc.co.uk/monitoring/egypts-brotherhood-media-machine-in-freefall.

29 “اللقاء الكامل للشيخ محمد عبدالمقصود مع الشيخ سلامة عبدالقوي في قناة رابعة، شريط فيديو على يوتيوب نشرته قناة AljazeeraTV1، 7 آذار/مارس 2014، www.youtube.com/watch?v=iE0v5Lz4KFk

30 “فتوى حكم قتل القضاة والمفتي ومن شارك في إعدام الأبرياء، عصام تليمة”، شريط فيديو نشرته قناة مكملين، 17 أيار/مايو 2015،www.youtube.com/watch?v=-XiWc5Z5dSE

31 “الشيخ سلامة عبدالقوي: ولاية سيناء مبهدلة جيش السيسي الصهيوني ويدعو الجنود إلى الهروب من سيناء”، شريط فيديو على موقع يوتيوب نشرته قناة الجزيرة، 4 تموز/يوليو 2015،www.youtube.com/watch?v=uEXLzqvnoWs

32 صفحة محمود فتحي على فايسبوك، تمت زيارتها في 30 آذار/مارس 2014،www.facebook.com/M.FATHY001/posts/730305393667615 “المهندس محمود فتحي، رسائل على طريق الثورة (8) والحرب على الإسلام والثورة الساخنة، شريط فيديو على يوتيوب نشره محمود فتحي، 25 كانون الثاني/يناير، 2014، www.youtube.com/watch?v=Jj73z-QCy3k

33 “المستشار محمد عوض يدعو حركات المقاومة إلى استهداف الإعلاميين المحرضين على الثوار”، شريط فيديو على يوتيوب نشرته قناة مصر الآن، 26 كانون الثاني/ يناير 2015،https://www.youtube.com/watch?v=l15AtAINiD0

34 Mokhtar Awad and Samuel Tadros, “Allah Versus KFC,” Foreign Policy, February 27, 2015, http://foreignpolicy.com/2015/02/27/allah-versus-kfc-egypt-arab-spring-terrorism/.

35 Firas Abi Ali, “Egypt’s Stability Threatened by Militants in Three-to-Seven Year Outlook With Energy, Infrastructure, and State Assets Key Targets,” IHS Jane&<rsquo;s< em=”” style=”border: none; padding: 0px; margin: 0px;”>, May 31, 2015, www.janes.com/article/51899/egypt-s-stability-threatened-by-militants-in-three-to-seven-year-</rsquo;s<>5<rsquo;s< em=”” style=”border: none; padding: 0px; margin: 0px;”>outlook-with-energy-infrastructure-and-state-assets-key-targets.</rsquo;s<>

36 يمكن الاطلاع على الوثيقة الأصلية على الرابط التالي،http://egyptcall.org

37 “بيان من الإخوان المسلمين بخصوص بيان نداء الكنانة”، موقع إخوان أونلاين، 28 أيار/مايو 2015، http://www.ikhwanonline.com/BrotherhoodStatements/50/Default.aspx

38 يمكن تحميل الكتاب عبر زيارة الرابط التالي: www.m5zn.com/d/?15622076 صدر بيان الهيئة الشرعية على الإنترنت في 22 آب/أغسطس 2015. أنظر: http://qalyubiagate.com/?p=46831 ونشر القيادي في جماعة الإخوان جمال عبدالستار مقالا على الموقع نفسه بعد بضعة أيام حمل عنوان “خطوط فاصلة بني السلمية والثورية” وردد بعض المواضيع الرئيسة الواردة في الكتاب. أنظر: http://qalyubiagate.com/?p=47120 وقد تمت الإشارة إلى الوجود المزعوم للجنة التي لم يسمع بها أحد حتى الآن، مرات عدة في البيانات الصادرة عن هيئات جديدة مثل “لجنة الشباب المركزية في جماعة الإخوان”، www.facebook.com/1476952175961437/photos/a.1477007879289200.1073741828.1476952175961437/1477433209246667/?type=1&fref=nf وقد اعترف بوجودها العضو البارز في جماعة الإخوان عمرو دراج في مقابلة مع التلفزيون العربي في آب/أغسطس 2015، http://www.masralarabia.com/توك-شو/710203-فيديو-دراج-بيان-لجنة-شباب-الإخوان-والهيئة-الشرعية-حقيقية-وتعبر-عن-الخيار-الثوري ويبدو أن اللجنة هي مجموعة غير رسمية لعلماء من جماعة الإخوان وآخرين مؤيدين لها أكثر منها لقياديين كبار تم تكليفهم بإجراء الدراسة الموجودة في الكتاب حول أساليب مقاومة الحكومة المصرية.

39 للمزيد من المعلومات حول حركة أحرار، أنظر: “حركة أحرار.. ألتراس بما لا يخالف شرع الله”، المصري اليوم، 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، www.almasryalyoum.com/news/details/254137 ومصطفى هاشم، “حركة أحرار تزعم أن الحكم العسكري في مصر لم ينته أبدا”، المونيتور، 2 كانون الثاني/يناير 2014، http://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2014/01/ahrar-movement-egypt-military-rule.html

40 موقع حركة أحرار، تمت زيارة الموقع في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2014، www.ahrarmovement.com

41 للمزيد من المعلومات، أنظر:Tadros, Egyptian Islamism

42 Mokhtar Awad and Samuel Tadros, “Bay`a Remorse? Wilayat Sinai and the Nile Valley,” CTC Sentinel 8, no. 8 (August 2015), www.ctc.usma.edu/posts/baya-remorse-wilayat-sinai-and-the-nile-valley.

43 أبو أسامة المصري، “” كلمة صوتية للأخ المجاهد أبي أسامة المصري بعنوان انصروا الله ينصركم”، تسجيل صوتي، 21:17،https://archive.org/details/onsr-o.

44 في بداية العام 2014 تم نشر تسجيل صوتي على شبكة الإنترنت يحمل شعار الجماعة وتعهدا مبكرا بمبايعة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. تم تحميل التسجيل في البداية على يوتيوب وكان يحمل الشعار الأول لجماعة أجناد مصر، وقد تمكن مؤلفا هذه الورقة من التقاط التسجيل قبل أن يتم حذفه. ويمكن الاستماع إليه على الرابط التالي، https://soundcloud.com/mokhtar-awad-1/ajnad-misr-audio-statement-1

45 Mokthar Awad, “Ajnad Misr: The Rise of Homegrown Egyptian Jihadists,” Tahrir Institute for Middle East Policy, September 18, 2014,http://timep.org/commentary/ajnad-misr-rise-homegrown-egyptian-jihadists/.

46 Menan Khater, “Ajnad Misr Claims Responsibility for Heliopolis Bomb Explosion,” Daily News Egypt, August 10, 2015,www.dailynewsegypt.com/2015/08/10/ajnad-misr-claims-responsibility-for-heliopolis-bomb-explosion/.

47 مصطفى هاشم، “تنظيمات جهادية مصرية تضخ آلاف المقاتلين لـ”داعش””، دويتشه فيله، 13 تشرين الأول/أكتوبر 2014، http://www.dw.com/ar/تنظيمات-جهادية-مصرية-تضخ-مقاتلين-بالآلاف-لـداعش/a-17989768

48 صبري عبدالحافظ، “مصريون في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”، موقع إيلاف، حزيران/يونيو 2014،www.elaph.com/Web/News/2014/6/918225.html توصلت دراسة تحلل معلومات 280 من الجهاديين الذين استشهدوا في سورية بين تموز/يوليو 2012 وأيار/مايو 2013 إلى أن المصريين شكلوا حوالى 10 في المئة من القتلى. أنظرAaron Y. Zelin, Evan F. Kohlmann, and Laith al-Khouri, Convoy of Martyrs in the Levant: A Joint Study Charting the Evolving Role of Sunni Foreign Fighters in the Armed Uprising Against the Assad Regime in Syria (Washington, DC: Washington Institute for Near East Policy, June 2013),www.washingtoninstitute.org/uploads/Documents/opeds/Zelin20130601-FlashpointReport.pdf. قدرت دراسة أخرى تستند إلى معلومات من مصادر مفتوحة في كانون الأول/ديسمبر 2013 عدد المصريين آنذاك بين 119 و385. أنظر: Aaron Y. Zelin, “ICSR Insight: Up to 11,000 Foreign Fighters in Syria; Steep Rise Among Western Europeans,” International Center for the Study of Radicalization and Political Violence, December 17, 2013, http://icsr.info/2013/12/icsr-insight-11000-foreign-fighters-syria-steep-rise-among-western-europeans.

Dan Murphy, “Is Egypt’s Muslim Brotherhood Backing a Jihad in Syria?,” Christian Science Monitor, June 14, 2013, www.csmonitor.com/World/Security-Watch/Backchannels/2013/0614/Is-Egypt-s-Muslim-Brotherhood-backing-a-jihad-in-Syria-video. 49

50 Aya Batrawy, “Egypt Says Citizens Free to Join Fight in Syria,” Associated Press, June 14, 2013, http://news.yahoo.com/correction-egypt-syria-story-174634201.html.

51 Islamist supporters of Morsi did take control briefly of Dalga by force following the coup and terrorized the Christian population before the police recaptured it in September 2013. See Patrick Kingsley, “Egyptian Authorities Recapture Islamist-Held Town,” Guardian, September 16, 2013,www.theguardian.com/world/2013/sep/16/egyptian-police-recapture-islamist-town-delga.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close