|
الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور (يمين) ووزير الدفاع المستقيل المشير عبد الفتاح السيسي (الجزيرة) |
ملخص شاركت هيئات قضائية في مصر في مساندة الانقلاب، بل إن رئيس المحكمة الدستورية بات الرئيس المؤقت للنظام الجديد، وعُوقب القضاة الذين يرفضون استخدام القضاء في مساندة النظام الجديد، وشكّلت السلطة التنفيذية دوائر قضائية خاصة، يرأسها قضاة بعينهم لمحاكمة مؤيدي الشرعية؛ فأصدرت إحدى المحاكم حكمًا جماعيًا بالإعدام على المئات دون احترام للإجراءات القانونية. كل هذه الوقائع تشير إلى أن مستويات عديدة من القضاء المصري تخلت عن حيادها وباتت أداة في يد السلطة التنفيذية لتصفية كل من يعترض طريقها. |
مقدمة
عقب مظاهرة جرت في 30 يونيو/حزيران 2013 للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، قدّم الرئيس محمد مرسي مبادرة تهدف لاحتواء المظاهرة سياسيًا من خلال التمسك بالمسار الدستوري والاحتكام إلى الصناديق في انتخابات برلمانية عاجلة، يقرر بعدها مجلس الشعب وفقًا لأغلبيته عزل الرئيس من بقائه وفقًا للدستور، وذلك كان تمسكًا منه بالخيار الديمقراطي وبالشرعية الدستورية التي أقرها الشعب المصري، إلا أنه في يوم 3 يوليو/تموز 2013 قام وزير الدفاع -السابق- عبد الفتاح السيسي، وبمعاونة قائد الحرس الجمهوري ومساعديه، باعتقال الرئيس الشرعي للبلاد محمد مرسي؛ مما يعد انقلابًا على المسار الديمقراطي في مصر ومكتسبات ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني. وقد شاركت عدة مؤسسات في الدولة في هذا الانقلاب كان من بينها المحكمة الدستورية العليا المكلفة أساسًا بضمان احترام الدستور وليس المشاركة في خرقه كما حدث في الانقلاب، وقبول رئيسها عدلي منصور أن يكون رئيسًا مؤقتًا للسلطة الجديدة.
قضاة الانقلاب
تدل عدة وقائع على انخراط هيئات قضائية كبرى في دعم الانقلاب والمشاركة في النظام السياسي الذي انبثق عنه:
قضاة وقضاة
كانت دائرة التأديب للقضاة، التي يرأسها، محفوظ صابر، الأمين العام للهيئة المشكّلة للإشراف على انتخابات مجلس الشعب 2010 التي عرفت تزويرًا غير مسبوق، ومساعد وزير العدل المستشار عادل عبد الحميد، لشؤون التفتيش القضائي في فترة المجلس العسكري بين فترة خلع مبارك وانتخاب مرسي، تُعاقبُ القضاة الذين يرفضون الخروج عن الشرعية الدستورية؛ فأزاحت رموز حركة (قضاة من أجل مصر) الذين عُرفوا بمواقفهم المؤيدة للدستور والشرعية (عماد البنداري وعماد أبوهاشم ومصطفى دويدار وحازم صالح وأحمد رضوان ومحمد عطا الله وأيمن يوسف ووليد شرابي).
لعل من أبرز القضاة الذين تمت معاقبتهم المستشار/ محمود الخضيري الذي كان قد شغل عدة مناصب قضائية رفيعة؛ حيث كان آخر منصب قضائي شغله هو نائب رئيس محكمة النقض المصرية، كما كان رئيس نادي القضاة بالإسكندرية، وأحد أبرز قضاة تيار الاستقلال، وأحد رموز ثورة 25 يناير/كانون الثاني، ثم أُحيل للتقاعد حيث تجاوز عمره السبعين عامًا، ثم أصبح نائبًا في البرلمان المصري (مجلس الشعب)، إلا أنه بمجرد حدوث انقلاب 30 يونيو/حزيران 2013 أعلن عن موقفه بعدم مشروعية ما يتم من إجراءات انقلابية على السلطة الشرعية للبلاد؛ فزُج باسمه في عدة قضايا منها التعدي بالضرب على شاب في الثلاثينات من العمر، وهو الآن محتجز منذ ما يقرب من أربعة أشهر حجزًا انفراديًا، ومُنع عنه الدواء والملبس والغذاء.
المستشار/ أحمد سليمان الذي كان قد شغل منصب وزير العدل أثناء حكم الرئيس محمد مرسي، وهو أحد القيادات داخل تيار الاستقلال في السلطة القضائية، ورئيس نادي قضاة محافظة المنيا السابق، لم يُسمح له بالعودة إلى منصبه القضائي مثل غيره من الذين عادوا إلى مناصبهم، فضلاً عن أن السلطات الأمنية داخل مطار القاهرة منعته من السفر دون مسوغ قانوني لذلك.
إعدامات بالجملة
لذلك لم يكن غريبًا على إحدى هذه الدوائر أن تصدر حكمًا بإعدام 528 دفعة واحدة، خلال جلستي مرافعات لم تستغرق كل منهما عشر دقائق ودون السماع لمرافعة أي من المتهمين أو المحامين الذين مثلوا أمام المحكمة للدفاع عن موكليهم، ودون أن تنظر المحكمة للوثائق التي أُرفقت في ملف القضية؛ فأثار ذلك إدانات دولية واسعة على مستوى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
وداعًا للحياد
شاركت هيئات قضائية في مصر في مساندة الانقلاب، بل إن رئيس المحكمة الدستورية بات الرئيس المؤقت للنظام الجديد، وعُوقب القضاة الذين يرفضون استخدام القضاء في مساندة النظام الجديد، وشكّلت السلطة التنفيذية دوائر قضائية خاصة، يرأسها قضاة بعينهم لمحاكمة مؤيدي الشرعية؛ فأصدرت إحدى المحاكم حكمًا جماعيًا بالإعدام على المئات دون احترام للإجراءات القانونية. كل هذه الوقائع تشير إلى أن مستويات عديدة من القضاء المصري تخلت عن حيادها وباتت أداة في يد السلطة التنفيذية لتصفية كل من يعترض طريقها.
____________________________
وليد شرابي - قاض مصري
الهامش
1. أداء المستشار عدلي منصور لليمين كرئيس للجمهورية كقرار وزير الدفاع http://www.youtube.com/watch?v=UVhJHahZT2E
2. كلمة المستشار حامد عبد الله رئيس المجلس الأعلى للقضاء بعد بيان الانقلاب يوم 3 يوليو/تموز 2013 في حضور وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي وبعض الرموز
http://www.youtube.com/results?search_query=%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A9+%D8%AD%D8%A7%D9%85%D8%AF+%D8%B9%D8%A8%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87+
3. مشاركة القضاة برئاسة أحمد الزند في تظاهرة 3 يونيو/حزيران (هل هي يونيو أم يوليو/تموز؟) 2013 http://www.youtube.com/watch?v=ne4ZonfNicY
4. تقرير الهيومن رايتس ووتش عن عدم قيام السلطات القضائية باتخاذ إجراءات التحقيق في قتل المتظاهرين http://www.hrw.org/ar/news/2013/11/02