بسم الله الرحمن الرحيم



مُؤسَّسَة التَّحَايَا
قِسْمُ التَّفْرِيغِ وَالنَّشْرِ


تفريغ
المؤتمر الصحفي

مع الشيخ الفاتح/ أبي محمد الجولاني

/files/justpaste/d265/a10463255/1450023438231.jpg

مؤتمر الرياض وانعكاساته


الشيخ الجولاني: بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أهلًا وسهلًا بكم، تفضل:

أدهم أبو الحسام: الشيخ أبو محمد لربما نبدأ من أهل المستجدات في الساحة وهو مؤتمر أو اجتماع الرياض والصورة الجديدة بدعوة الفصائل العسكرية العاملة على الأرض السورية، ما هو موقف جبهة النصرة تجاه هذا المؤتمر؟ وما هو تصوركم حول ما سيكون عليه مستقبل الساحة سواء نجح هذا المؤتمر أو فشل؟

الشيخ الجولاني: أنا في تصوري أن هذا المؤتمر هو خطوة تنفيذية لما جرى في فيينا، والخطوة الأولى في حيز تنفيذ ما جرى في فيينا. وهو مرتبط به ارتباط وثيق. ومؤتمر فيينا خرج في أشياء لا تصب أبدًا لا في صالح أهل الشام وهو مرفوض جملة وتفصيلًا في كل البنود التي خرج بها.


فهو بداية يريد أن يبقي على بشار الأسد، ثم يريد أن يدمج المعارضة المسلحة مع قوات النظام، ثم يريد من هذا الدمج أن يقاتل جبهة النصرة وجماعة الدولة والفصائل التي لا تقبل أن التوقيع، ثم يريد أن يفرض هدنة على أهل الشام بعد كل هذه الانتصارات التي تحققت، وبعد انحسار النظام وبعد أن بات لا يسيطر إلا على عشرين بالمائة تقريبًا من أرض الشام.

فانبثق من هذا المؤتمر فيينا مؤتمر الرياض، فهذا وليد من ذاك. فالخطوة الأولى هي محاولة دمج هذا الخليج الغير متجانس. يعني مثلًا من يحضر في مؤتمر الرياض أولًا التمثيل الأكبر هو للائتلاف. والكل يعلم أن الائتلاف لا يسيطر على شيء من أرض الواقع وهو ليس له شيء في ساحة الشام إلى الآن سوى المؤتمرات الصحفية التي يلقيها من الفنادق.

هناك هيئة التنسيق وهذه أيضًا معارضة تابعة للنظام. وهناك تمثيل لبعض الفصائل المسلحة وهو ضعيف وضئيل جدًا. يُضغط على هذه الفصائل. -نحن بطبيعة الحال لا نعتب على الائتلاف وهيئة التنسيق وما شابه ذلك، إنما عتبنا على من يحضر هذا المؤتمر من بعض الفصائل التي من أبناءها ضحّى وقدّم دمائه لا لكي ينتهي إلى هذه النهاية السيئة ببقاء بشار الأسد وهدنة واجتماع مع قوات النظام في قتال بعض الفصائل الجهادية.

فلذلك هذه خيانة كبيرة جدًا لدماء هؤلاء الشباب الذين ضحّوا بدمائهم، والجميع دون استثناء ضحّى بهذه الدماء لأجل أن يُقام حكم إسلامي راشد.

هادي العبد الله: يا شيخ، الاتهام بالخيانة شيء كبير جدًا، يعني عندما نتهم فصائل هي موجودة على الأرض ولها تضحياتها ولها وجودها نتهمها بالخيانة فهذا ربما أمر كبير جدًا، ألا يعقل أن يكون ذلك من باب المناورة السياسية؟

الشيخ الجولاني: من يضع نفسه في موضع الشبهات فلا يلوم إلا نفسه. بداية هذه مؤامرة باعتراف الكثير من الفصائل، هي ليس مؤتمر لكي يأتي بحقوق لأهل الشام ثم ينبثق منه حكومة إسلامية راشدة تطبيقًا لما قام به جنودهم من تضحية ودماء وما إلى ذلك.

فهذا سيجلس في وسط مؤامرة عظيمة جدًا ثم سيقول أنا أريد أن أناور! فهذا كلام غير مبرر لحضور هذا الاجتماع. بل لا بد من العمل على إفشال مثل هذه المؤامرات، وإفشال مثل هذه الاجتماعات.

هذا الأمر الذي ينبغي أن تقوم به الفصائل إذا كانت ترعى الدماء التي سقطت من جنودهم. إن كان هناك شأن لأكثر من خمسمائة ألف أو إلى مليون قتيل سقط على أرض الشام، إن كان هناك رعاية لأكثر من ثلاثة ملايين منزل هُدّم، رعاية لأكثر من ثمانية مليون بين مهجّر ونازح، والكل يعلم أن هذه مؤامرة عظيمة ستلتف على أهل الشام.

ثم في نهاية المطاف نحن نرى أن هذا المؤتمر لو حقق نجاحًا وأنا لا أرى أنه يملك مقوّمات النجاح على الإطلاق، لو حقق نجاحًا فهو بمعنى أو آخر هو

يجرّد أعداء النظام من أسلحتهم أو يجعلها في خدمة النظام.

محمد الفيصل: أبو محمد الجولاني هل دعيتم إلى مؤتمر الرياض؟

الشيخ الجولاني: لا، نحن لم نُدعى، وإذا دعينا لا نقبل.

محمد الفيصل: هل تواصلت معكم أطراف معينة لإقناعكم بالحضور؟

الشيخ الجولاني: لا، على الإطلاق. نحن الكل يعل ما هو جوابنا في مثل هذه المسائل. فلذلك الأمر محسوم.

موسى العمر: علاقة جبهة النصرة مع الفصائل الإسلامية التي تحضر في هذا المؤتمر في حال تم فرض حل سياسي بمباركة دولية على عموم سوريا ودعم إقليمي مع هذه الفصائل وقف إطلاق النار، فما هو موقفكم من هذه الفصائل؟ هل ستحاربونها؟ هل ستقاتلونها؟ وما هو الموقف منها؟

الشيخ الجولاني: لا نريد أن نستبق الأحداث. أنا في تصوري أن معظم الفصائل التي ذهبت إلى هذا المؤتمر ليس لديها سيطرة فعلية على جنودها على الأرض؛ لأن هذا الطرح مرفوض من صغار الناس في الساحة. فحتى لو أعطوا كلامًا بالموافقة فلا أعتقد أن لديهم القدرة على تطبيق هذه الموافقة على الأرض. فلذلك من السابق لأوانه أن نتكلم عن مسائل القتال.

موسى العمر: لكن تواجدها كبير.

الشيخ الجولاني: أنا ذكرت أن هناك مسلّمات أصبحت في الساحة. ليس هناك أي جو أو مناخ يساعد لتمرير مثل هذه المؤامرات على جنود هذه الفصائل، حتى ولو قبلت بعض القيادات السياسية الموجودة في هذه الفصائل.

موسى العمر: إن كنتم أنتم ضد العملية السياسية ككل وضد مثل هذه المؤتمرات، الآن يقول لك كثير من الناس ما هو بديلكم، هل لديكم القدرة العسكرية للحسم مع القوات النظامية وللحسم مع القوات الإيرانية وللحسم مع روسيا حتى لا نفكر أبدًا بالحل السياسي؟

الشيخ الجولاني: بالتأكيد نحن في الساحة مجتمعة ككل يعني الساحة في الوقت الحالة مجتمعة بهذه الفصائل هي في تقدم وليست في تراخي، نحن في كل ستة أشهر نرى أن النظام يخسر شيئًا من مناطقه. صحيح أن الحركة الجهادية بدأت قبل ما يقارب أربع سنوات في الشام إلا أن النظام اليوم لا يسيطر إلا على عشرين بالمائة تقريبًا. والنظام ليس فقد القوة التي تعتمد عليها كنظام دولة يعني، فالجيش انتهى بالنسبة للنظام. تحول النظام إلى مجموعة من الفصائل، عقيد فلان عنده مجموعة سبعمائة واحد أو ثمانمائة واحد يقاتل بهم، حزب الله لديه مجموعة ألف مقاتل يقاتل بهم في محور معين، المليشيات الرافضية التي تأتي من إيران أو من أفغانستان أو باكستان تحت رعاية إيرانية أيضًا هي في أعداد المئات، فهذا ليس شكل الجيش.

النظام خسر من أسرابه في الطائرات حتى لم يعد لديه في الخدمة إلا مثلًا خمسة عشر هليكوبتر على سبيل المثال، فهذا ليس كتسليح الجيش. واليوم ما تملكه الفصائل المسلحة في المناطق المحررة من سلاح ودبابات وأسلحة متنوعة هو أكثر مما يملكه النظام، فلذلك نحن لم نفقد القدرة على القتال.

موسى العمر مقاطعًا: ومع ذلك هي لا تملك القدرة على الحسم.

الشيخ الجولاني: والنظام غير قادر على الحسم أيضًا. نحن نرى أنه لو استمرت الجهود المبذولة الآن في المناطق المحررة بهذا الاتجاه فالأمور تبشر بخير كبير جدًا. بل على العكس لم يجري الحديث عن جدية هذا الحل السياسي في الوقت الحالي إلا لأن النظام أوشك على النهاية، بل هو في حكم المنتهي. يعني عندما تدخل الروس وتدخل ليس للحفاظ على النظام بل لإعادة إحياءه، ومؤتمر فيينا لإعادة إحياء النظام.

فعندما يقول نحن نريد أن نحافظ على مؤسسات دولة من الانهيار هي منتهية ليس هناك مؤسسات للدولة، بالطبع هم يوهمون الناس أنهم يحافظون على مؤسسات الصحة والري والكهرباء وما إلى ذلك، ولكن في الحقيقة هم يقصدون مؤسسة الجيش والأمن، كمؤسسة أمنية هي منتهية لأنها رديفة للجيش، والمناطق التي يخسرها الجيش لا تستطيع أن تتواجد فيها القوة الأمنية.

والجيش كذلك هو في حكم المنتهي، فالنظام واقتصاده أيضًا منتهي، فهي دول تقوم على جيش وأمن واقتصاد. فالاقتصاد متهاوي، والجيش منتهي، والمنظومة الأمنية انحسرت على مناطق تواجد النظام فقط؛ فلذلك هذا النظام قد انتهى أو في حكم المنتهي.

محمد الفيصل: حتى مؤتمر الرياض نفهم من كلامك أنه محاولة لإعادة إحياء النظام؟

الشيخ الجولاني: أنا لا أقصد أن كل من ذهب إلى هذا المؤتمر ينوي هذا الشيء، لكن المؤامرة الدولية وضعت الجهات السياسية التي كمعارضة تُسمى بالمعارضة السياسية أو بعض الفصائل وضعتها في خانة ضيقة جدًا، فليس لها إلا أن تقبل في الرمق الأخير. فممكن أن يرضوها في وزارة كهرباء أو غير.

موسى العمر مقاطعًا: تقصد عصى التصنيف الإرهابي؟

الشيخ الجولاني: الضغط ليس هذا فقط. بعض الفصائل في أساس إنشائها اعتمدت على تمويل خارجي

هادي العبد الله مقاطعًا: يا شيخ كلامكم هنا أليس إساءة ظن بفصائل كانت تقاتل معكم على الأرض وذهبت إلى هناك؟

الشيخ الجولاني: أنا لا أتكلم الآن عن أوهام، أتكلم عن الذي ذهب إلى هذا المؤتمر، وكل الفصائل تعلم أن هذا المؤتمر سيجري الحديث فيه حول هذه القضايا للتكلم فيه. يعني الفصيل الآن الذي يقبل بأن يبقى بشار الأسد هو رئيس، فهل هذا فصيل راعى حرمة الدماء التي سقطت؟! أم أنه خائن لله وللرسول ولدماء الشهداء.

موسى العمر مقاطعًا: هم ماقبلوا بهذا ..

الشيخ الجولاني: أنا أقول أن هذا ما سيُعرض فلو قبلوا هذا فسيُعتبرون من الفصائل التي خانت دماء هؤلاء الناس. الفصيل الذي يعلم أن هذه الهدنة هي كلها ستصب مثلًا في صالح النظام ليتسنى للنظام والمجتمع الدولي مقاتلة الفصائل الفاعلة التي تقاتل النظام.

أدهم أبو الحسام: يا شيخ أبو محمد، في سياق الحديث ذاته جبهة النصرة تعتبر فصيل كبير يعمل على الأرض وعادة ما تكون هناك مشورة بين فصيل جبهة النصرة والفصائل الأخرى حول تطورات عسكرية أو سياسية، ألم يكن هناك بينكم وبين الفصائل التي ذهبت بعضها إلى مؤتمر الرياض نوع من المشورة؟ وماذا كان ردكم لهم؟

الشيخ الجولاني: أنا أقول إن بعض الفصائل التي ذهبت أو معظمها يعلمون أن هذه مؤامرة كبيرة جدًا، ويتذرعون في بعض الأشياء، والضغط ظاهر عليهم، يضغطون عليهم بمنع تقديم لهم بعض الذخيرة بعض المال بعض الأشياء، لكن هذه أسباب واهية بالنسبة لحجم ما سيحدث فيما لو فعلًا صاروا في هذا المسار.

هادي العبد الله: ربما يُعتبر يا شيخ نوعًا من أنواع المحاورة السياسية، يعني هم يعلمون النتائج لكن يذهبون تلبية لنداء المجتمع الدولي من باب المحاورة أو المناورة السياسية؟

الشيخ الجولاني: لا أريد أن ندخل في كثير من تبرير لهذه الخطوات لأنها خطوات كبيرة جدًا على الساحة لا ينبغي أن يُغامر بها، ينبغي أن يُعمل بها على قدر المستطاع في بر الأمان، وهي فرصة لا تتكرر. لو أن الآن هذا الأمر حدث فهذا بمعنى أو آخر هو تثبيت لأركان النظام وإعادة تسلطه على أهل الشام، فإذا ثبتت أركان النظام فهل لك أن تتصور معي كيف سيكون حال أهل السنة في الشام فيما لو سيطر هذا النظام؟!

وهل سيعوّل أهل السنة في الشام على وعود أمريكية بالية كالوعود السابقة أنه سيكون هناك حرية وسيكون هناك من هذه التفاهات؟!

وهل الجنود الذين قاتلوا ضمن هذه الفصائل وبذلوا من دمائهم -وفي ظني أن الغالب الأعظم من الجنود كلهم أنهم قاتلوا من أجل أن يُقام حكم إسلامي راشد فدمائهم هذه ستضيع في هذا الأمر.

النظام قبل أن يحدث هذا الجهاد المبارك وهذه الثورة كان متسلطًا على رقاب الناس، وكان ينهب ثرواتهم، وكانت سجونه ممتلئة، وكل ما يخطر في ذهن الإنسان من شر كان يفعله هذا النظام، فكيف الآن فيما لو أعاد سيطرته من جديد بعد هذه الحملة الشرسة؟! لا زال الناس تتذكر كيف سيطر النظام بعد أحداث حماة وما فعل من بأهل الشام من الكبت الشديد والظلم القاسي، فأعتقد أن المشهد سيكون أسوء من هذا، خاصة مع تدخل إيران في المنطقة والمد الرافضي الذي سيكون ليس كما كان من قبل بدأ هذه الثورة.

ومن الآن دمشق تُستباح من بل هؤلاء الناس. أهالي دمشق لم يألفوا أن يشهدوا لطميات مثلًا وهذه العروض الغير سارة في أحياء دمشق، أهل الشام أناس طيبون يحبون بلادهم، يحبون أرضهم، فلا يألفون مثل هذه المسيرات الرافضية والشيعية في مناطقهم، هذا شيء مستنكر وكبير جدًا ولا يمكن أن يتعايشوا معه.


الهدنة


هادي العبد الله: في هذا السياق يا شيخ جرت بعض الهدن وهناك دعوات لهدن أخرى؛ الوعر، الغوطة، قدسيا، هل تعتقد أن هذه الهدن هي كانت مقدمة مؤتمر الرياض؟

الشيخ الجولاني: ربما، هذه الهدن بالطبع الذي يدعو لها هو يمهّد لمؤتمر الرياض، وإلا ما هذه الصدفة التي يُعتقد مؤتمر في فيينا ثم بينه وبين مؤتمر الرياض هناك من يدعو إلى هدنة!

أنا أعتقد أن موضوع الهدن هو الخطوة الأولى في الاستسلام؛ لأنه يصب فقط في صالح النظام، ولا زال لدينا قدرة على القتال، فكيف لو فقدنا هذه القدرة على القتال! لا زلنا نحقق انتصارات، ولا زلنا نحقق إنجازات كبيرة جدًا، وهذا إرث عمره أربعون سنة النظام مسيطر على هذه المناطق، لا يمكن أن يتصور أحد أنه سينتهي في ليلة وضحاها.

هادي العبد الله: هل صحيح أنكم كنتم سببًا في عرقلة هدنة الغوطة التي سمعنا عنها؟

الشيخ الجولاني: نحن بالطبع نسعى لعرقلة هذه الهدنة، ولن نقبل بها على الإطلاق، ولا يمكن أن تسير هذه الهدنة ونحن متواجدون مثلًا في الغوطة الشرقية.

هادي العبد الله: لماذا رضيتم في غوطة الفوعة وتحاولون عرقلة هدنة الغوطة، لماذا حلال هناك وحرام هنا؟

الشيخ الجولاني: لا أريد أن أدخل بالجدل الشرعي هذا حلال وهذا حرام، له مختصون، فهذا يُرجع إلى العلماء. لكن أنا أريد أن أقول أن الغوطة الشرقية هي رمز كبير في هذا الجهاد المبارك، وهي متاخمة لحدود دمشق. بينما الزبداني فهي منطقة في أقصى أطراف دمشق، وهي منطقة صغيرة، والناس هناك كانوا محاصرين، يعني فقدوا القدرة على المقاومة والقتال. من كان محاصرًا داخل الزبداني حُصر في نهاية المطاف في واحد كيلو مربع.

فهذه لم تكن هدمة لإيقاف القتال مع النظام وهم قادرون على القتال، بل كانت هي لإنقاذ أرواح بعض النساء والأطفال وبعض إخواننا المسلحين هناك.

أيضًا هناك فرق كبير بين ما يُعرف بهدنة الغوطة وهدنة الفوعة، أن هدنة الفوعة فرضناها نحن بقوة السلاح، أما هدنة الغوطة فطُرحت بعد مؤتمر فيينا، فمن الطبيعي أن يكون هناك دواعي للشك في مثل هكذا هدنة هي ليست للجياع ولا لإنقاء أهل الغوطة من القصف. الموضوع مختلف تمامًا في الغوطة. صحيح أن هناك بعض الضيق وبعض الهلع، لكن هناك قدرة على القتال.

يعني منذ سنوات والنظام يحاول اقتحام الغوطة ولا يستطيع، فهناك قدرة على القتال. أما في الزبداني فقط الإخوة هناك القدرة على القتال.

أدهم أبو الحسام: هذا بالنسبة للقدرة على القتال يتعلق بالمقاتلين، الآن نحن نتحدث عن حصار وعن قصف يومي وعن جوع. يعني شبح الجوع وشبح الموت الذي يرافق السوريين المحاصرين بشكل يومي كان في الغوطة وإن كان في حي الوعر، وكما فهمنا من كلامك لا حل سياسي ولا مهادنات مع النظام أو أي طرف آخر. ماذا ستقول للنساء وللأطفال الجياع والشيوخ في هذه الأماكن المحاصرة مع غياب الحل السياسي والهدنة حتى؟

الشيخ الجولاني: أولًا الوضع صحيح أنه مأساوي وهناك مناطق أيضًا النظام وضعه فيها مأساوي. ونحن اخترنا طريق الجهاد، وعموم أهل الشام أيضًا اختاروا هذا الطريق واختاروا حمل السلاح، ولا بد أن نكمل المسيرة. أما أن نقف لا أقول في منتصف الطريق نحن نتكلم الآن عن تحرير أكثر من ثمانين بالمائة من أرض الشام.

ما أقوله للجياع والنساء والأطفال: نحن نقدم دمائنا الآن، إن كان هناك من يجوع فنحن نقدم من دمائنا ونقدم من أرواحنا، ونقدم من خيرة ما نملك من شبابنا، لنصل لتحرير هؤلاء الناس وفك الحصار عنهم وإزالة هذا الطاغية عنهم إلى النهاية بإذن الله تعالى. فهذا أعظم ما يملكه الإنسان هو دمه وروحه، فنحن نعاهد هؤلاء الناس أن نستمر في هذا الجهاد إلى آخر قطرة من دمائنا بإذن الله تعالى، فهذا أغلى ما نستطيع أن نقدمه إلى هؤلاء الناس.

محمد الفيصل: بالعودة إلى موضوع مؤتمر الرياض هل ستلزمكم مقررات مؤتمر الرياض بشيء على الأرض؟

الشيخ الجولاني: بالطبع لن يلزمنا أي شيء فيها، فنحن لا نلتزم فيها وبإذن الله سنعمل على إفشالها.

محمد الفيصل: كيف تتوقعون انعكاسها على الأرض؟

الشيخ الجولاني: أنا لا أعتقد أن من ذهب لمن يفاوض في مؤتمر رياض لديه القدرة على التنفيذ حتى لو أعطى كلامًا بما سيُملى عليه أو بما سيُضغط عليه، لا أعتقد أنه يملك القدرة على تنفيذ أي شيء من الوعود الذي سيعطيها على أرض الواقع.

 موسى العمر: هم لم يرضوا بالتفاوض مع النظام هم لتوحيد الجهود وتوحيد الرؤية السياسية والمعارضة.

الشيخ الجولاني: نحن تكلمنا أن هذه الخطوة بعد مقررات فيينا، فهذه الخطوة من سلسلة خطوات ستتم، فهذه مبدأها. ونحن نسأل الله أن تفشل هذه الخطوة، ولا أعتقد أن هناك بوادر للنجاح، فهذه الخطوة لا تملك مقوّمات النجاح.

محمد الفيصل: هل هي رسالة منكم إلى الشعب السوري ألا تعوّلوا كثيرًا على مؤتمر الرياض فإنه لن يأتي بخير على هذه الأمة؟

الشيخ الجولاني: بالنسبة لأهلنا في الشام هم تعلموا خلال هذه الفترة ألا يتأثروا إلا بالأحداث التي تجري على الأرض، فمن يحقق إنجازًا على الأرض فهو الذي لديه المصداقية. أما كثرة الكلام والوعود والأحاديث وهكذا فالناس أصبح لديها وعد شديد جدًا، فهي تعرف الأشخاص هذا إذا تكلم يستطيع أن يفي بوعوده، تعرف هذه الجهة إذا تكلمت، هذه الدولة إذا قالت هل تفعل أو لا. الناس هنا وُعدوا كثيرًا وملّوا من هذه الوعود وهم لا يعوّلون.
واليوم طبيعة الناس والوعي الذي وصلوا إليه تختلف عن بداية الثورة وعن بداية الجهاد الذي حدث في الشام.


التدخل الروسي وجبهات القتال ومصادر التمويل


موسى العمر: لو أتينا على الشق الميداني العسكري بعد تحقيق مكاسب كبيرة وتقدم لتحالف جيش الفتح الذي أنتم مكون أساسي فيه في سهل الغاب ثم في أبو دهور ثم في بعض مناطق ريف حماة ثم في الريف الجنوبي الحلبي، تدخلت روسيا بشكل غير مسبوق، غير متوقع، كم هائل جدًا من أسراب الطائرات تدك فيها المعتدلين والمتطرفين والإسلاميين كلهم ولا تميز أحدًا عن أحد، هناك تخوف وانطباع عام لدى الناس أن هناك هزيمة عسكرية قد تصيبكم، ما هو ردكم على هذه النقطة؟

الشيخ الجولاني: بداية التدخل الروسي لم يغير شيئًا في المعادلة إلى هذا الوقت. وجرى تقدم بعد التدخل الروسي من ثلاثة محاور: اللاذقية، وفي حماة، وفي ريف حلب الجنوبي.

أما في اللاذقية فهي كانت معركة مستمرة ومن تبعات معركة سهل الغاب وإن كانت لا زالت قائمة على أشدها وجرت محاولات بعد التدخل الروسي لاستعادة سهل الغاب مرارًا وتكرارًا ولم يستطيعوا في ثلاث محاولات متتالية لم يستطيعوا التقدم فيها أبدًا فلجؤوا إلى جبل الأكراد ثم وسّعوا المعركة نوعًا ما في جبل التروكمان. فلم يستطيعوا أن يحققوا أي خرق في ظل التدخل الروسي.

أما في حماة فحاول أن يتقدم من محور مشاغل وجرى ما تم تداوله على وسائل الإعلام قضية "مجزرة الدبابات" وكان تدخلًا إن صح التعبير أحمق من هذا المحور، دخول أحمق. وأنا أعتقد أن ضباط النظام يعلمون أن هذا هو خطأ عسكري كبير جدًا، إلا أن هناك خطط روسية لا يعلمون طبيعة هذه المعركة فلربما أصغر ضابط عند النظام الآن يفهم طبيعة هذه المعركة أكثر من أكبر ضابط روسي متواجد الآن في سوريا. فكانت هزيمة نكراء بالنسبة لهم، خسائر كبيرة جدًا، حتى نحن كنا نسمع صيحتهم على اللاسلكيات، يقول أحد ضباطهم أنه لم يعد لديه أحد يستطيع يقود الدبابات ويتقدم من كثرة ما أُحدث بهم. ففشل هذا أيضًا.

ثم التقدم في الريف الجنوبي هو اختيار لمنطقة فارغة، يعني لم يكن هناك خط مواجهة قوي ومعركة محتدمة، بل المنطقة كانت شبه خالية من تواجد المسلحين، هناك فيها أشياء بسيطة، بعض العناصر البسيطة، إلا أنها ليست مركز ثقل وقوة بالنسبة للفصائل المتواجدة.

فهذه منطقة خالية فدخل عليها بعض المليشيات ولا يوجد نظام في هذه المنطقة، أقصد القوات التي تُدعى قوات النظام، بل كانت مليشيات رافضية من إيران وأفغانستان، ومحور آخر بقيادة الميليشات العراقية، ومحور ثالث بقيادة حزب الله.

والحمد لله أن لدينا أسرى من كل هذه المحاور؛ لدينا أسير إيراني، ولدينا أسير من المليشيات العراقية، ولدينا أيضًا ثلاثة أسرى من حزب الله في هذه المنطقة. أضف إلى ذلك أنه أكثر مما يعادل خمسمائة قتيل تقريبًا في صفوف هذه المليشيات عند دخولها.

هادي العبد الله: هل هناك خمسمائة قتيل حقًا من بدأ الهجوم؟!

الشيخ الجولاني: نحن لا نستطيع أن نعطي أرقامًا دقيقة لكن هذا ما نقدّره.
فهذا التقدم ريثما حشدت القوات استطاع أن يأخذ هذه المساحة وعندما انتشر جيش الفتح في هذه المنطقة فأعاد هذه القوات إلى الخلف وهو مستمر الآن في القتال.

فباختصار إن التدخل الروسي إلى هذا الوقت لم يحقق شيئًا. تهويل الموضوع أن هناك قوات كبيرة وأن روسيا دخلت، لا. لأن روسيا تعلمت من حرب أفغانستان، فدخولها في سوريا دخول حذر وخجول ولديه أهداف محددة ومعينة، فليس لديه الاستعداد في هذا الوقت على الإطلاق أن يرسل مثل هكذا حجم من القوات.

أدهم أبو الحسام: شيخ محمد نحن تحدثنا الآن أنه ربما روسيا ما أفادت النظام كثيرًا على الأرض، ولكن سياسيًا بعض المحللين العسكريين والسياسيين يقولون إن روسيا جاءت لإنقاذ نظام الأسد أو ربما أيضًا إنقاذه من الهيمنة الإيرانية التي كانت قد حصلت سابقًا، فما رأيكم أنتم؟ يعني ما هو توصيف تدخل الروس؟

الشيخ الجولاني: أنا لا أعتقد أن الروس تتنافس مع إيران على سوريا، فهم قد توازعوا الأدوار. بالنسبة للروس هو لا يهمه أن يدخل بين المجتمع، الروس مهمته أن يكون لديه بعض القواعد العسكرية في سوريا. بالنسبة للإيرانيين فهمهم أن يدخلوا بين المجتمع وينشروا مذهبهم الرافضي بين أهل الشام ويسيطروا ويهيمنوا عليه أيضًا سياسيًا.

أما بالنسبة للروس ممكن أن يكون لها موضع قدم في هذه المنطقة الحساسة بعض خسارة العراق وخسارة ليبيا وخسارة بعض الأماكن الأخرى واستعادة دور دولي فقدته منذ ثلاثين سنة فهذا أقصى ما يمكن أن يطمح إليه الروس، فهي منافسة بينه وبين الغرب تجري على الأرض السورية.

محمد الفيصل: تزامن التدخل الروسي مع زجّ إيران لضباط رفيعي المستوى على الساحة السورية، ألا يدل هذا على أن إيران تريد إثبات نفسها في الساحة السورية مع دخول روسيا؟

الشيخ الجولاني: في الحقيقة الضباط الإيرانيون هم منذ زمن متواجدون هنا، لكن هذه هي آخر محاولة للنظام مع حلفائه بالمنطقة. يعني يريدون أن يستغلوا قدر المستطاع التدخل الروسي. لأن النظام وصل إلى مرحلة بعد معارك سهل الغاب فيما وصل إلينا أن الإيرانيين أوشكوا على الخروج من سوريا لو أن المجاهدين تقدموا إلى معسكر جورين لأنهم علموا أن هذه المعركة منتهية.

هادي العبد الله: هناك قول قوي في الساحة السورية يقول الساحل خط أحمر وجورين خط أحمر، يعني خط أحمر بالنسبة لكم لا تستطيعون أن تقتحموه بإملاءات أو بضغوط خارجية بحكم أن هذه المناطق يوجد فيها أقليات علوية، فهل هناك حقًا يعني هذا الأمر أيّده عدم قيام عمل عسكري واضح في هاتين المنطقتين.

الشيخ الجولاني: بداية بالنسبة لنا نحن كجبهة نصرة قرارنا الداخلي لا يُملى علينا أي شيء لا من الخارج ولا من الداخل، فالهدف الذي نراه مناسبًا ويصب في صالح الساحة فنحن نقدم إليه دون أن نستأذن أحدًا أو يملي علينا أحد.

وكذلك باقي الفصائل، أنا لا أشعر أن هناك ضغط على الفصائل في أن هذه المنطقة خط أحمر لا أحد يدخل هذه المنقطة، خط أخضر فيدخلوها.

هادي العبد الله: فلماذا حماة وليس الساحل؟

الشيخ الجولاني: هناك قبل أي جبهة نقرر أن ندخل إليها يكون هناك تشاور بين الفصائل فيقدرون مصالحًا معينة هل هذا أفضل أم ذاك أفضل. يعني لم يكن الأمر إيقاف للعمل في الساحل والعمل على حماة، العمل في الساحل كان مستمرًا، يعني من جهة سهل الغاب أقصد وجبل الأكراد، فقد كان مستمرًا ومتزامنًا مع العمل في حماة.

ولكن عندما تزامن هذا مع التدخل الروسي والآن الحمد لله استطعنا أن نمتص هذه الصدمة الأولى وكل ما في جعبة النظام وحلفائه قدّموه خلال هذه الأشهر الماضية ولا أعتقد أن لديهم مزيد.

هادي العبد الله: هل ستشهد الأيام القليلة القادمة تقدم كبير لكم كالذي جرى في إدلب وأريحة وجسر الشغور؟

الشيخ الجولاني: نسأل الله ذلك. كل المؤشرات والمعطيات تدل على هذا الشيء الذي ذكرته.

محمد الفيصل: جبهة الجنوب تشهد ركودًا، عن درعا أتحدث، أنتم كجبهة نصرة متواجدون فيها لماذا لا تقومون بأية أعمال عسكرية، ما الذي يمنعكم أو من الذي يمنعكم؟

الشيخ الجولاني: لا يوجد أحد يمنعنا سوى انشغالنا في قتال هناك مع فصيل تابع لجماعة الدولة. فهذا الانشغال والفصائل الأخرى من الفصائل التي تتلقى دعمًا من أمريكا والمخابرات الأردنية، أن تقوم على دعم هذا الفصيل التابع لجماعة الدولة، فركدت الساحة هناك نوعًا ما. وخلال هذا الأمر حاول النظام من جهة القنيطرة أن يستغل هذه الفرصة ولم يستطع أن يحقق أي شيء.

موسى العمر: لكن أبو محمد فيما يتعلق أخيرًا في الشق العسكري الميداني لو سمحت لي يعني أنتم تقاتلون دول عظمى في هذا العالم؛ مساحة روسيا ثلث الكرة الأرضية تقريبًا، لديهم عتاد وقوة هائلة؛ قوة نووية، قوة تسليحية كبيرة، أنتم من أين تأتون بالذخائر؟ من أين تأتون لتحاربوا؟ من أين مصادر تمويلكم يعني؟

الشيخ الجولاني: نحن نقاتل النظام ونأخذ هذه الذخائر التي عنده والآليات والمعدات. أنت ترى أن هناك يوجد لدينا آليات ثقيلة؛ دبابات، وبي امبيات، وما إلى ذلك، هل هناك جهة تدعم في بي امبيات ودبابات؟ هناك سوق لشراء الدبابات والبي امبيات؟ فالذي يغنم هذه الدبابة قادر على أن يغنم من الذخائر أضعاف أضعاف هذه الدبابة.

فلذلك هذه من أحد أسرار رعاية الله -عزَّ وجلَّ- لهذا الجهاد في الشام أننا نتغذى من عدونا؛ نتغذى من هذا العدو فنغنم منه، ثم نعاود القتال بأسلحته. فنحن نعتبر تقريبًا من أكثر الفصائل التي نملك آليات ثقيلة ومضادات وما إلى ذلك.

فنحن لم نشتري شيئًا منها إلا اليسير النادر، إن وُجد عند فصيل آخر غنم منه فنشتري منه هذا الشيء.

موسى العمر: المال من وين؟

الشيخ الجولاني: مما نغنمه أيضًا. في غالبه من الغنائم، وهناك بعض الأشياء التجارية والاقتصادية نعمل بها فنعتمد بها على أنفسنا.


المنطقة الآمنة


موسى العمر: لو تفرع عن الشق الميداني هناك مسائل حثيثة سمعناها عبر تصريحات أحمد داودغلوا أو غيرهم من المسؤولين عن تدخل سعودي تركي بدعم ربما من دول كما قيل لنا باكستان أو قطر لإنشاء منقطة آمنة في الريف الشمالي الحلبي، ما موقف جبهة النصرة من هذه المنطقة وهل ستساهمون بها؟

الشيخ الجولاني: أولًا أنا أعتقد أن الموضوع معقّد أكثر مما يجب. لأن هناك رفض أمريكي لهذه المنطقة، وتركيا وحدها لا تستطيع أن تقوم دون إذن أمريكي.

والقضية تتلخص بالآتي: تركيا لا تريد أن يقوم كيان كردي على حدودها، وأمريكا تقوم بدعم هؤلاء الأكراد. فكيف لأمريكا أن تقبل بأن تُنشأ منطقة آمنة المتضرر فيها هم الأكراد، وفي نفس الوقت هي تريد أن تدعم الأكراد لأنهم يقاتلون جماعة الدولة مثلًا، أو سيقاتلون جبهة النصرة في المستقبل؟!

هادي العبد الله: المتضرر ليس الأكراد فقط، بل داعش أيضًا.

الشيخ الجولاني: أنا لا أعتقد أن مشكلة الأكراد مع جماعة الدولة. مشكلتهم مع الأكراد أكبر، وهذا أمن قومي. الأكراد لهم مجتمع ولهم شعب، لهم ما يقارب عشرة مليون كردي في داخل تركيا، أما جماعة الدولة ليس لها امتداد شعبي داخل تركيا، أو قومية معينة أو شيء معين، فوجود هذا الكيان -يعني مثلًا السماح بوجود كيان كردي في العراق قبل عشر سنوات أو في العقد الماضي سمح بأن يتمدد هذا الكيان الكردي إلى سوريا مثلًا، لربما بعد عشرين عام تمدد هذا الكيان إلى تركيا وبعد عشرين عام يتمدد هذا الكيان إلى الأراضي الإيرانية.

فالدول المحيطة بالمجتمع الكردي تخشى هذا الأمر. طبعًا المجتمع الكردي مجتمع مسلم، ونحن نعتبرهم جزءًا منا. ونحن عندما نتكلم على بعض الموجودين نتكلم عن المليشيات المتحالفة مع النظام وعلى العلمانيين منهم والشيوعيين الذين لا يؤمنون بوجود الله -عزَّ وجلَّ-، فلذلك هذا يُعتبر بالنسبة للأكراد هو أمن قومي ومسألة خطيرة جدًا لن تسمح بأن يُقام على كنفها. طرح قضية المنطقة الآمنة هو ليس لرعاية أهل الشام وليس لإقامة حكومة أو ما إلى ذلك، بل القضية هي حماية الأمن القومي التركي.

هذا ينبغي أن يعلمه الناس بشكل صحيح.

أدهم أبو الحسام: زامن انسحاب جبهة النصرة أو مقاتلي جبهة النصرة من عدة مواقع في ريف حلب الشمالي، زامن هذا الانسحاب مع تطورات وعمليات جادة لإقامة هذه المنطقة، هل الانسحاب جاء لتسهيل عملية إقامة المنطقة أم أن هناك خفايا؟

الشيخ الجولاني: الانسحاب هو موقف شرعي ليس أكثر من ذلك، نحن كنا على مناطق هذا ليس هو قتال كان مفتوحًا بيننا وبين جماعة الدولة وإنما هي كحدود مناطق يعني كانت، ففيها المرابطون. ثم طرحت قضية غرفة علميات كبيرة فدخلت فيها بعض الفصائل تحت إشراف -غرفة عمليات مرتبطة مع تركيا، بعض هذه الفصائل مرتبط مع التحالف الدولي، فنحن لا نرى جواز هذا الأمر شرعًا.

ونحن ليس لدينا هناك مساحة كبيرة من المحور، المحور تقريبًا أكثر من أربعين كيلو، ونحن لدينا تقريبًا أربعة كيلو من هذا المحور، كان فيما سبق يعني. فنحن رأينا عندما دخلت هذه الفصائل في هذا التحالف مع الأتراك أو مع التحالف الدولي رأينا أن هذا الأمر لا يجوز شرعًا فقررنا الانسحاب من هذه المنطقة لأنها أصابها خلل شرعي في عملية القتال.

أدهم أبو الحسام: لماذا لم تستمروا في قتالكم دون الالتفات إلى غرفة العمليات هذه؟

الشيخ الجولاني: سيصبح قتال غير مجدي. ونحن نعلم أن هذا الأمر هو سيصب في مصلحة جماعة الدولة، فالأتراك كما ذكرت لا يهمهم المنطقة بحد ذاتها بقدر ما يهمهم التمدد الكردي.

فالأتراك عندما تحدثوا عن هذا الأمر قصفوا بعض الأشياء البسيطة في هذه المحاور وفي يوم واحد أكثر من مائة وسبعين غارة على جبال قنديل في العراق، فما علاقة المنطقة الآمنة في جبال قنديل؟! هي علاقة التمدد الكردي.

فلذلك لا ينبغي لأي فصيل من الفصائل المتواجدة على الساحة لا أن يؤجر سلاحه لأحد ولا أن يؤجر ذهنه أيضًا لأحد، فينبغي أن نحسب حساباتنا هل هذا يصب في مصلحة الساحة أم لا يصب في مصلحة الساحة؟ هل هذا يجوز شرعًا أو لا يجوز شرعًا؟

أما أن تُستخدم بعض هذه الفصائل لحماية الأمن القومي التركي فليست هذه مهمتنا.

هادي العبد الله: لكن لو التقت مصالح الثورة مع مصالح الأمن القومي التركي ما المشكلة في ذلك؟

الشيخ الجولاني: على الأغلب الخاسر دائمًا يكون أهل السنة لأنهم هم الحلقة الأضعف.

هادي العبد الله: يعني إذا التقت مصالح الثورة مع مصالح تركيا ما المانع من أن نستفيد من المنطقة الآمنة والتي ربما تنجي المدنيين من جحيم القصف؟

الشيخ الجولاني: أنا قلت أن هذه المعركة التي كانت ستجري في ذاك الوقت هي ستصب في صالح جماعة الدولة وليس في صالح هذه الفصائل، وفعلًا هذا الذي حدث. نحن انسحبنا من هذه المنطقة لعدم جوازها شرعًا، لعدم جواز وجودنا في هذه المنطقة شرعًا، وتم شحن هذه الفصائل لأن هناك يعني عملية كبيرة جدًا ستجري هناك وسيُقضى على جماعة الدولة، فالذي ظهر أن جماعة الدولة هي التي استولت على كثير من المناطق بعد إعلان هذه الغرفة.


صفقة تبادل الأسرى مع الجيش اللبناني وسجون جبهة النصرة والعلاقة مع قطر وتركيا


محمد الفيصل: يا شيخ بالانتقال إلى محور آخر: محور صفقة تبادل الأسرى. يعني أنتم كنتم في صفقة مع الحكومة اللبنانية تضمنت تبادل الأسرى لماذا كنتم حريصين على إنجاح هذه الصفقة وهل تعتبرون أنفسكم الرابح فيها أم الخاسر؟

الشيخ الجولاني: بداية هذه الصفقة هؤلاء الأسرى أخذناهم ضمن معركة في قتال وحرب استطعنا أن نأخذ هؤلاء الأسرى، كنا في حالة حرب وقتال تعلمونها سابقًا جرت. ونحن ما يهمنا هو إخراج بعض المظلومين في السجون، بعض الأسرى من المسلمين في سجون الطواغيت، وكذلك النساء السجينات، وأهدافنا أيضًا هو تمرير بعض المواد الغذائية للنازحين هناك، والممرات الآمنة للأشياء التي تتعلق بالشؤون الطبية، فهذه أهدافنا.

فهذا كله يصب في صالح المسلمين ويصب في صالح أهالي المنطقة.

أدهم أبو الحسام: يعني أنتم تفاوضون على شروط هي من المفترض أن تكون متواجدة، سواء من الممرات الإنسانية أو شحنات إغاثية للنازحين، لا يوجد شرط أخرى تهمكم أو تخص أحد؟

الشيخ الجولاني: هو من الملاحظ في هذا الذي جرى من التفاوض هو رداءة هذا العدو الذي نقاتله، وأعني بذلك حزب الله. فمن المعيب في حق مثل حكومة لبنان أو أي جهة كانت أن يكون ثمن التفاوض هو ممر طبي لنساء وأطفال وجرحى وما إلى ذلك. أن يكون ثمن التفاوض هو تمرير بعض الأغذية، أن يكون ثمن التفاوض هو تحرير أمر مظلومة وضعوها في سجن لأن أخوها يعمل مع جبهة النصرة أو أن هذه كانت زوجة فلان أو علان، فهذا من العيب في حق الجهة التي نفاوضها. فإن لم يكن لديهم وازع ديني فعلى أقل التقدير يكون لديهم شيء من الضمير والأخلاق وما إلى ذلك يعني.

وبالطبع نحن لم تكن معركتنا مع الجيش اللبناني في الأصل وإنما حزب الله هو الذي ورّط الجيش اللبناني في هذه المعركة التي تم فيها أسر هؤلاء الجنود. وهو الذي كان المعرقل الأساسي لإتمام هذه الصفقة من بدايتها. الصفقة كان من الممكن أن تتم في أول شهر أو في الشهرين الأوليين، لكن حزب الله كان هو المعرقل الذي مدّ في أمد هذا الأسر إلى سنة وأربعة أشهر.

أدهم أبو الحسام: ما هو تأثير اعتقال سجى الدليمي بعد الإفراج عنها ضمن صفقة الراهبات سابقًا، واعتقال أقارب أبو مالك التلّي الذي يُعتبر قيادي في جبهة النصرة وهو يعتبر طرف رئيسي في المفاوضات، ما مدى تأثير ذلك على المفاوضات؟

الشيخ الجولاني: الشيخ أبو مالك حفظه الله رغم أن من أقاربه من أسر حتى يضغط على هذا الملف لكن كان يريد أن تكون الشروط مكتملة في هذا التفاوض ولم يقتصر فقط على المطالبة في أقاربه، بل أصرّ على المطالبة في المسائل الإغاثية للنازحين والممرات الإنسانية في الشؤون الطبية، وأصرّ على فكاك أسر بعض الناس. ولو كان يريد أن يسرع في التفاوض فيخلي فقط أقاربه لحدث هذا منذ زمن. فإصراره وعدم اهتزازه بقضية اعتقال أناس من أقاربه هي التي أنجحت التفاوض إلى هذا الحد الذي وصلنا إليه.

أما قضية من الرابح أو الخاسر فكل طرف يعتبر له مصلحة في هذا الشيء لا نستطيع أن نقول نحن ربحنا أو هذا خسر. لكن ما نستطيع أن نقوله نحن ربحنا بشرف هذا القتال، وحزب الله ذهب بالخزي من هذا القتال.

موسى العمر: يتطرق سؤال دائمًا حول تدخل بعض الدول فيما يتعلق بأي صفقة أسرى وهنا أذكر بشكل محدد تركيا وقطر لم هاتين الدولتين هما الوسيط بشكل دائم، هل لديهم حظوة لديكم؟ هل لديكم تواصل مباشر معهم؟ طبعًا هم ينفون ذلك قطعًا يعني إعلاميًا بأن لديكم تواصل مع هذه الدولة أو تلك.

الشيخ الجولاني: نحن ليس لدينا أي علاقة لا مع قطر ولا مع تركيا، وهذه أي حادثة أسر هناك الحكومة التي يتبع لها هؤلاء الرعايا. يعني مثلًا الفيجيين الذين هم "أمم متحدة" الذين وقعوا في الأسر بطريقة خاطئة، كان هناك أخ من إخوة جبهة النصرة قد أعطاه أمانًا، ثم بعد ذلك قام أحدهم بالأسر، فمباشرة الأمم المتحدة أرسلوا وفدًا من مندوبين اثنين قبل الأمين العام للأمم المتحدة حتى يفاوض، فاعتبر أن هؤلاء هم رعاياه.

كل حوادث الأسر تهتم لها الحكومات، لربما تركيا وقطر والسعودية لا يخفى أنها تدعم بعض الفصائل المتواجدة على الساحة ولديها اختلاط معها، ونحن مختلطون مع هذه الفصائل ولدينا علاقات معهم، فهناك دائمًا إذا جرى شيء مع هذه فهو يكون عبر وسيط ولا يكون هناك أي شيء مباشرة على الإطلاق.
محمد الفيصل: تحدث العسكريون اللبانيون عن حسن معاملة جبهة النصرة لهم في حين حاولت وسائل إعلام لبنانية تكذيب هذا الكلام وجاءت بمحللين نفسيين قالوا بأن هؤلاء العسكريين لم يستفيقوا من صدمتهم بعد وإلى ما هنالك، كيف تقرؤون هذا الموضوع؟

الشيخ الجولاني: بداية حسن التعامل مع الأسير نحن نعتبره واجبًا شرعيًا، الله -عزَّ وجلَّ- قال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} فقد ساوى الله عز وحل بين المسكين واليتيم والأسير، فالأسير هو في محل استعطاف وليس في محل الأذية والتعذيب كما يجري في سجون الطواغيت.

فهذا من الواجب الشرعي أن نقوم نحن به. نحن لا نريد من أحد لا جزاءً ولا شكورًا {نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}. فنحن نعتبر هذا من ضمن الأشياء التي نطيع الله -عزَّ وجلَّ- بها في أن نرعى الأسير برعاية صحيحة.

أما غيظ بعض وسائل الإعلام اللبنانية من هذا الأمر وذلك للمفارقة والمقارنة فسجونهم مليئة بالتعظيم ومليئة بالقهر وهم يدعون أن لديهم حقوق إنسان وأنهم يرعون الشعوب، وبالمقابل يعتبرون أن هذه جماعة إرهابية فتقوم بهذه الأفعال النبيلة مع أسرى حرب، فبالتأكيد هذا سيؤثر شيء في نفسه لهذا الأسير الذي كان لدينا.

محمد الفيصل: يعني هم عذّبوا الأسرى المدنيين الذين ليس لهم ذنب، أو أنتم أكرمتم الأسرى العسكريين؟

الشيخ الجولاني: لا يدخل أحد إلى سجون هؤلاء الطواغيت سواء سجون النظام ولربما بعضكم أجرى بعض اللقاءات والمقابلات مع أسرى خرجوا من سجون النظام فرأوا العجب العجاب من الطعام والتعذيب، والتعذيب بأبشع أنواعه، وحتى القتل، فهناك فرق كبير جدًا بين الذي يدخل إلى سجوننا من الأسر فهو يُكرم ويُرعى، ولا أريد أن أوصفها بالوصف الوردي لكن نتقي الله -عزَّ وجلَّ- فيه ما استطعنا.

هادي العبد الله: لكن الشارع السوري الآن يتهم جبهة النصرة بعد عملية التفاوض الأخيرة بقضية الجنود اللبنانيين أنها سعت لإخراج أناسًا محسوبين عليها سواء كانوا من عناصرها أو من أقارب عناصرها ولم يتم إطلاق سراح عوام المسلمين أو عوام السوريين.

الشيخ الجولاني: نحن أجرينا صفقة قبل هذه الصفقة بقضية الراهبات، وتم إخراج عدد كبير من النساء ولعلك غطيت أحد هذه اللقاءات من التبادل الذي جرى، فهناك أكثر من مائة وأربعين امرأة خرجت من السجن نحن لا نعلم أية واحدة منهن ولا تربط أي علاقة بيننا وبين هؤلاء النسوة.

أما في هذه الصفقة فهي كانت لأناس محكومين بسنوات طويلة وهناك ناس محكومين بالإعدام فهذا كان ضمن الممكن والمتاح. يعني نحن في التفاوض لا تستطيع أن تطلب كل ما تريد، يعني حتى نكون واقعيين لا نستطيع أن نطلب كل ما نريد، تطلب ضمن الممكن والمتاح وتحاول أن تحصل على ما تستطيعه من مكاسب.

هادي العبد الله: في هذا السياق يا شيخ تكلمتم عن حسن معاملة الأسير لكن أيضًا هناك اتهامات من الشارع السوري عن أحكام عرفية وعن اعتقالات عشوائية تتم بحق عناصر من الجيش السوري الحر وكل ذنبهم أنهم كانوا تابعين لفلان أو علان فما هو ردكم على ذلك؟

الشيخ الجولاني: أولًا نحن نعرف الواقع كما تعرفون لا يوجد شيء اسمه جيس سوري حر، هي مجموعة فصائل تلتقي في اسم، ولا أحد له ارتباط تنظيمي مع الآخر، ليس هو جيش وليس هو تنظيم، إنما هو شعار واسم صار بين الناس والناس مشت عليه.

هناك بعض الفصائل ناصبتنا العداء وتحاول الإيقاع بنا؛ تحاول زرع العبوات الناسفة، تحاول التفجير، تحاول الخطف في بعض الأحيان، فلا بد أن نحمي أنفسنا من هؤلاء الناس فيجري اعتقال بعض هؤلاء الناس، أما الضوابط التي تجري على هذا الأمر فأولًا يتم هذا الأمر ليس من قبل المسؤولين الأمنيين فقط بل هو تحت إشراف القاضي الشرعي الذي يقضي في هذا الأمر، ولا يحق لمسؤول أمني أن ينفذ حكم إعدام مثلًا أو تعذيب أو ما شابه ذلك، وهذا القاضي الشرعي ليس هو الذي يقوم بالقضاء بوحده فقط وإنما هناك لجنة عليا من خيرة طلبة العلم موجودين.

محمد الفيصل مقاطعًا: سؤال من الشارع السوري يمكن أن يكون الآن في حال كان هناك مظلمة لدى أحد عند جبهة النصرة أو معتقل أو ما أشبه ذلك إلى أين يتجه؟

الشيخ الجولاني: بإمكانه أن يذهب إلى دور القضاء فهي لعامة الناس، وهناك يوجد مكتب لاستقبال الشكاوى.

هادي العبد الله: يا شيخ دور القضاء هي بشكل أو بآخر تابعة لجبهة النصرة، عندما تصبح النصرة هي الخصم والحكم؟

الشيخ الجولاني: الجبهة ترعى دور القضاء وهي مستقلة في القضاء بشكل كامل، نحن نقدم لها الدعم ونرعاها لكن هي مستقلة في القضاء بشكل كامل. والعاملين في دور القضاء أكثر من ثمانين بالمائة أو ما يقارب الثمانين بالمائة منهم هم مستلقون، يعني ليس ليهم أي ارتباط مع جبهة النصرة أو ما شابه ذلك.

وأيضًا هناك سجن خاص في دور القضاء غرفة خاصة سجن لجنود جبهة النصرة. فهناك عدد من أمراء جبهة النصرة أخطؤوا ودخلوا إلى هذا السجن، اشتكى عليهم الناس لبعض أخطائهم فدخلوا إلى السجن.

وحتى أنا لو وقت في خطأ سأدخل السجن حالي حال هؤلاء الناس لو قضي علي في هذا الأمر، فالقضاء هي مؤسسة مستقلة تمامًا ليس لها أي علاقة لا في سلوك الجماعة، أو سياسة الجماعة أو ما شابه ذلك.


فك الارتباط بالقاعدة والثوابت والمتغيرات والعمل الخارجي


هادي العبد الله: نريد أن ننتقل الآن إلى موضوع يُعد مطلبًا نسمع به كثيرًا في الشارع السوري منذ شهور وما زلنا نسمع به حتى هذه اللحظة، موضوع فك ارتباط النصرة بالقاعدة، يعني هناك مطلب كبير من جمهور كبير من الناس من السوريين يطالب النصرة بفك ارتباطها بالقاعدة، هل لديكم جديد بهذه المسألة؟

الشيخ الجولاني: نحن تكلمنا في أكثر من مناسبة أن هناك من يصور أن ارتباط جبهة النصرة بتنظيم القاعدة هو الذي يمنع إسقاط النظام أو يمنع زوال بشار الأسد. المسألة ليست هكذا، لو الآن مثلًا أو غدًا في الصباح الباكر أعلّنا فك الارتباط عن تنظيم القاعدة هل سيزول بشار الأسد؟! المسألة ليست هكذا.

ونحن ذكرنا فيما سبق أن التصنيف الأمريكي والتصنيف الدولي للجماعات أو الدول أو ما شابه ذلك ليست هي على ارتباطها في تنظيم القاعدة، ذكرنا فيما سبق أن صدام حسين لم يكن تنظيم قاعدة لأنه خرج عن الهيمنة الدولية. كوريا الشمالية خرجت عن الهيمنة، كوبا خرجت عن الهيمنة الدولية فحوربت وعودت وصنفت وما إلى ذلك وجرى عليها ما جرى.

فلذلك القضية ليس لها أي علاقة في قضية تنظيم القاعدة.

مشكلة الغرب مع تصنيف الفصائل هو في الفكر الذي يحمله. فنحن لا يمكن أن نتلاقى مع الغرب بأي شكل من الأشكال، فنحن سواء كنا مع تنظيم القاعدة أو لم نكن مع تنظيم القاعدة فنحن لن نتنازل عن مبادئنا وثوابتنا. نحن سنبقى نقول نريد أن نحكم الشريعة وسنسعى لذلك وسنستمر في الجهاد ولن نهادن أو نوقف معركة مع عدو صائل علينا.

فهذا أمر هو من مسلمات الدين الإسلامي. أما أن نندمج مع الغرب فهذا انحراف.

هادي العبد الله: لا نقول نندمج يا شيخ لكن ألا ترى أن بقاء النصرة مع القاعدة هو جر الشعب السوري لمعاداة كل العالم؟

الشيخ الجولاني: لا، جبهة النصرة هي غير معنية في قتال سوى بشار الأسد في هذا الوقت وحزب الله من يعادي أهل الشام، تنظيم القاعدة لديه أدوار كثيرة مقسمة، ليست كل الناس لديها دور واحد، ربما تنظيم القاعدة لديه من يقاتل أمريكا ولديه من يعمل في أوربا.
أما نحن مهمتنا فقط هي ...

هادي العبد الله مقاطعًا: يا شيخ نحن الآن بشكل أو بآخر نجر كل أعداء القاعدة عبر التاريخ إلى معاداة الشعب السوري.

الشيخ الجولاني: لا أتفق معك في هذا التصور. نحن موجودون على الأرض، وهذا الكم الهائل من الأعداء وروسيا لم تأت لأجل جبهة النصرة فقط، روسيا لديها قوة عظمى وتصنف كل الفصائل الموجودة في الساحة وكل من يعادي النظام تصنفه على أنه فصيل إرهابي وتريد قتاله. فكما نحن نُقصف من الروس تُقصف جميع الفصائل الأخرى.

والأمريكان لا يقلون، هم يشابهون الروس في نفس هذه التصنيفات. هي تصنيفات مصلحية وسياسية ليس لها أي علاقة في قضيتنا، هي فقط في قضية الخضوع، ونحن لا يمكن أن نخضع لهؤلاء الناس.

أدهم أبو الحسام: نحن لا نقول خضوع ولكن ربما هناك طبقة كبيرة من الشعب السوري توافقني الرأي وربما هناك أيضًا طبقة لا بأس بها لا توافق ذلك، فنحن نقول في حال توحدت جميع الفصائل العاملة على الأرض في سوريا في جسم سليم طبعًا حسب أهدافكم أو غاياتكم يحقق الغاية المرجوة من قتالكم وعملكم، فهل ستحلون البيعة من تنظيم القاعدة؟

الشيخ الجولاني: فيما سبق ذكر الدكتور أيمن -حفظه الله- أنه في حال حررت الشام واجتمع المسلمون على حكومة إسلامية راشدة وعلى دولة إسلامية راشدة تحكم بشرع الله -عزَّ وجلَّ- فنحن سنكون أول الجنود في هذه الحكومة وسنخضع لها. إن كانت حكومة إسلامية راشدة تقوم بكل تعاليم الإسلام جملة وتفصيلًا فنحن سنكون أول جنود لها، حتى الدكتور أيمن سيكون جنديًا لها.

هادي العبد الله: يعني أنتم تنكرون على الفصائل الثورية الموجودة في سوريا بأن لها تبعات للخارج لهذه الدولة أو لتلك الدولة، وأنتم بنفس الوقت تتبعون بشكل أو بآخر لجهة خارجية في أفغانستان أو في خراسان.

الشيخ الجولاني: نحن مفهوم القطرية لا نعترف به كثيرًا، نحن نتبع لجهة مسلمة تدافع عن المسلمين.

أحد الصحفيين مقاطعًا: لكن هي خارج الشام.

الشيخ الجولاني: لا يضرنا هذا الشيء. وعندما ننكر على الفصائل ننكر عليهم تبعيتهم لبعض الدول التي تهيمن عليها أمريكا، فأولًا وآخرًا سيصب مسارهم في مصالح الغرب.

أما التبعية لتنظيم القاعدة فهي جهة مسلمة وقفت للدفاع عن المسلمين وانتصرت لقضاياهم وأعطت لكثير من دمائهم، وهي التي أفشلت حربهم أفغانستان، وهي التي أفشلت احتلال الأمريكان للعراق، وهي التي أعطت عزة وكرامة للمسلمين، مع الجهود الأخرى، لا نريد أن نبخس حق أحد، لكن في الخمس عشرة سنة الماضية تنظيم القاعدة تصدر الأمة الإسلامية في العمل العسكري وأعطى موقفًا يليق بالمسلمين.

هادي العبد الله مقاطعًا: كيف تصدر يا شيخ، يعني نحن ماذا جرى في العراق وماذا جرى في أفغانستان

الشيخ الجولاني: الذي جرى في العراق في نهاية المطاف هو هزيمة الأمريكان، والذي جرى في أفغانستان في نهاية المطاف هو هزيمة الأمريكان هناك، وفشل مخطط كبير جدًا كاد أن يبتلع المنطقة، كانت تقوم عليه الولايات المتحدة. فهذا لم يحدث حتى في الحرب العالمية الثانية أن تخسر أمريكا حربًا، منذ الحرب العالمية الثانية لم تجر هناك حروب بهذا المستوى الكبير، ولكن ما جرى لأمريكا في حرب أفغانستان والعراق لم يجر عليها في الحرب العالمية الثانية مع الدول العظمى والكبرى.

موسى العمر: لكن من تصدر في هاتين الدولتين هو غيركم عمليًا، يعني العبرة بالخواتيم أن من تصدر في أفغانستان هم الذين تحالفوا مع أمريكا، ومن تصدروا في العراق هم الذين تحالفوا مع الإيرانيين ومع الولايات المتحدة.

الشيخ الجولاني: المعركة لم تنته بعد، هي معركة كبيرة جدًا وهي لم تنته بعد. وأنا لا أقول الآن النتيجة هي اليوم في هذه المعركة لكن هناك مراحل؛ المرحلة الأولى هي إفشال الاحتلال الذي جرى على العراق وعلى أفغانستان، وتم هذا ولله الحمد.

وحتى الأمريكان لا ينكرون أنهم فشلوا في هذا الأمر، حتى قيادة أوباما لأمريكا هو أتى ليغلق الملفات التي فتحها بوش على أمريكا، ليغلق هذه الحروب التي فتحها على أمريكا، واتخذ سياسة جديدة في التعاطي مع الملفات التي تتعلق بالمجاهدين.

والمجاهدون كانوا محصورين أصلًا في أفغانستان ثم انتشروا إلى العراق وإلى الصومال وإلى الشام وانتشروا في مالي وفي الجائر وفي ليبيا وانتشروا في اليمن.

موسى العمر: أبو محمد، هل لديكم الاستعداد للتغيير في خطابكم السياسي أو الجهادي سمه ما شئت مستقبلًا أم هذه ثوابت لن تتغير مهما امتدت الأيام والسنون؟

الشيخ الجولاني: لدينا ثواب شرعية. نحن نفهم شيئًا اسمه سياسة شرعية. يعني هو سياسة منضبطة بضوابط الشرع، ليس سياسة على التصور الغربي والأمريكي. فالثوابت الشرعية لا تتغير ولا تتبدل، كالذي يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، فهل يأتي يوم ويتغير هذا الخطاب أو يتبدل؟

فنحن ندعو إلى القتال حتى نحكم شرع الله في الأرض، هذا لن يتغير ولن يتبدل ما دمنا أحياءً، هذا من الثوابت. أما هناك مسائل تكتيكية ومسائل تتعلق في المعركة وتتعلق بأشياء أخرى فهذه قابلة للتغير حسب الاجتهاد وحسب الواقع والزمان الذي نعيش به وحسب الحادثة التي تلم بنا. فهذا أمر يعتبر من المتغيرات، التغير حسب واقع الأرض التي نعيش بها. أما الثوابت فاسمها ثوابت هي غير قابلة للتغيير أو التبديل.

أدهم أبو الحسام: شيخ أبو محمد، في سياق الحديث عن تنظيم القاعدة باعتبار أن جبهة النصرة هي فرع لها في سوريا، نحن نتحدث عن تدويل للصراع، أليس هذا عبئًا على الساحة وعلى الشعب السوري؟ وهل من ضمن سياستكم في جبهة النصرة الذين تعملون داخل الأراضي السورية السياسية المستقبلية التي أتحدث عنها، هل بالإمكان تنفيذ عمليات خارج سوريا؟

الشيخ الجولاني: بالنسبة لتدويل الصراع هو مدول في سوريا. فنحن الآن نتحدث عن تدخل إيراني وحزب الله وتدخل روسي وتدخل أمريكي وفرنسي وألماني، ودول إقليمية، لم تعد هناك دولة في العالم لم تتدخل في ساحة الشام، فأنا لا أعلم لماذا دائمًا يُعاب على جبهة النصرة أن لها ارتباط في تنظيم له شأن دولي ولا يُعاب على كل هذه الجهات التي تتدخل بشكل واضح وصريح!

نحن كمسلمين من حقنا أن نعتمد على مدنا الإسلامي، نعتمد على الشعوب المسلمة، فهذا من حقنا. من حقنا أن نخاطب خطاب المسلمين العام، ليس هناك في دين الله -عزَّ وجلَّ- أن هناك أرض يحكمها قطر يفصلها جبل يفصلها نهر عن الأقطار المسلمة الأخرى، هذا ظلم جرى على الأمة الإسلامية في مرحلة ضعف قبل مائة سنة. نحن لا نعترف إلا بأمة إسلامية موحدة على كل أقطارها، أما الصراع فهو مدول بالأساس، فيُعاب على كل هذه المليشيات الطائفية التي دخلت من جهة الرافضية، وليُعاب على القوات الأمريكية التي تملأ سماء أرض الشام.

أدهم أبو الحسام: وبالنسبة لسياستكم المستقبلية هل تضعون تنفيذ عمليات خارج سوريا؟

الشيخ الجولاني: نحن ذكرنا أكثر من مرة أن المهمة الموكلة لنا في أرض الشام هي أن نقاتل على أرض الشام النظام وحزب الله وحلفائه.

http://s04.justpaste.it/files/justpaste/d265/a10463255/0o4arp2.gif


Created: 13/12/2015
Visits: 1732
Online: 1