ألبانيزي: من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 30 يونيو 2025 تقرير المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، وذلك بعنوان: “من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية“، حيث جاء التقرير خلال الدورة التاسعة والخمسون المنعقدة في الفترة من 16 يونيو إلى 11 يوليو 2025، حول البند 7 من جدول الأعمال: حالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى. ويُظهر تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المكون من 27 صفحة، بالتفصيل الدقيق، كيف تحول اقتصاد الحرب الإسرائيلي من “اقتصاد احتلال” إلى “اقتصاد إبادة جماعية”، مدعوماً بشبكة كبيرة متماسكة من الشركات والمستثمرين العالميين.
فرانشيسكا ألبانيز هي باحثة قانونية إيطالية وخبيرة في حقوق الإنسان؛ حيث عُيّنت في الأول من مايو 2022، مقررةً خاصةً للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لمدة ثلاث سنوات، ثم تم التجديد لها لثلاث سنوات أخرى؛ وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب.
تقول فرانشيسكا ألبانيزي في تقريرها الذي يوثّق تربح شركات التكنولوجيا العالمية الكبرى من أعمال “التهجير والإحلال” التي تقوم بها إسرائيل ضد الفلسطينيين، إنه يجب محاسبة تلك الشركات والمديرين التنفيذيين لها لتواطئهم مع إسرائيل ودعمهم لجرائم “التهجير والإحلال” التي تقوم بها ضد الفلسطينيين والتربح بشكل كبير من خلال ذلك. وتحث السيدة ألبانيز في تقريرها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على فرض حظر شامل على الأسلحة، وتعليق الروابط التجارية والاستثمارية، وتجميد أصول أي شركة أو مسؤول تنفيذي مرتبط بهذه الجرائم. كما تدعو المحاكم الوطنية والمحكمة الجنائية الدولية إلى ملاحقة مسؤولي الشركات الأفراد بتهمة المساعدة والتحريض على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والفصل العنصري.
ويُعد مجلس حقوق الإنسان الذي أصدر التقرير هيئة حكوميَّة دوليَّة تابعة لمنظومة الأمم المتحدة، حيث يتألف من 47 دولة مسؤولة عن تعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها في كافة أنحاء العالم. ويمتلك المجلس صلاحية مناقشة كل المواضيع والحالات المواضيعية لحقوق الإنسان التي تتطلب اهتمامه على مدار العام. ويعقد المجلس اجتماعاته في مكتب الأمم المتحدة في جنيف.
استهل تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة الذي يتكون من 27 صفحة بعرض ملخص تتلوه المقدمة، ثم قام بتسليط الضوء على المنهجية التي اتبعها في إعداد التقرير؛ وبعد ذلك عرّج على السياق القانوني للأحداث، ثم تناول بالتفصيل القضية الرئيسية للتقرير: التحول “من اقتصاد الاحتلال الاستيطاني الاستعماري إلى اقتصاد الإبادة الجماعية”. وفي النهاية، عرض التقرير الاستنتاجات التي تم التوصل إليها، واختُتم بتقديم مجموعة من التوصيات الهامة.
وفيما يلي يقدم المعهد المصري للدراسات ترجمة لأهم النقاط التي تناولها هذا التقرير الهام والاستنتاجات التي توصل إليها والتوصيات التي قدّمتها فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك على النحو التالي:
ملخص
يبحث هذا التقرير في الآليات التي اتبعتها الشركات التي تدعم مشروع إسرائيل الاستعماري الاستيطاني لتهجير الفلسطينيين واستبدالهم في الأراضي المحتلة. ففي حين يتنصل القادة السياسيون والحكومات من التزاماتهم، استفادت أعداد كبيرة للغاية من الشركات من اقتصاد إسرائيل القائم على “الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية” و “الفصل العنصري”، والآن “الإبادة الجماعية”. إن التواطؤ الذي يكشفه هذا التقرير ليس سوى غيض من فيض؛ ولن يتم وضع نهاية لهذا التواطؤ دون محاسبة القطاع الخاص، بما في ذلك مسؤوليه الجهات التنفيذية. ويُقر القانون الدولي بدرجات متفاوتة من المسؤولية، تتطلب كل منها التدقيق والمساءلة، لا سيما في هذه الحالة، حيث يكون تقرير مصير شعب ما ووجوده من الأساس على المحك. وهذه خطوة ضرورية لابد من اتخاذها من أجل إنهاء الإبادة الجماعية وتفكيك النظام العالمي الذي سمح بها.
مقدمة
لطالما كانت المساعي الاستعمارية والإبادة الجماعية المرتبطة بها مدفوعة وممكّنة تاريخياً من قبل قطاع الشركات، وقد ساهمت المصالح التجارية في تجريد السكان الأصليين من أراضيهم – وهو نمط من الهيمنة يُعرف باسم “الرأسمالية العنصرية الاستعمارية”. وينطبق الأمر نفسه على الاستعمار الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتوسعه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومأسسته لنظام الفصل العنصري الاستيطاني الاستعماري.٥ بعد أن حرمت إسرائيل الفلسطينيين من حق تقرير المصير لعقود، تُعرّض الآن وجود الشعب الفلسطيني في فلسطين للخطر.
إن دور الكيانات التجارية في إدامة الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني وحملته الإبادة الجماعية المستمرة في غزة هو موضوع هذا التقرير الاستقصائي، الذي يركز على كيفية دعم مصالح الشركات للمنطق الاستيطاني الاستعماري الإسرائيلي المزدوج المتمثل في التهجير والاستبدال، والذي يهدف إلى تجريد الفلسطينيين من أراضيهم ومحوهم منها. يناقش المقرر الخاص الكيانات التجارية في قطاعات مختلفة: شركات تصنيع الأسلحة، وشركات التكنولوجيا، وشركات البناء والتشييد، والصناعات الاستخراجية والخدمية، والبنوك، وصناديق التقاعد، وشركات التأمين، والجامعات، والجمعيات الخيرية. تُمكّن هذه الكيانات من حرمان الفلسطينيين من حق تقرير المصير، وتُمارس انتهاكات هيكلية أخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الاحتلال والضم وجرائم الفصل العنصري والإبادة الجماعية، بالإضافة إلى قائمة طويلة من الجرائم الملحقة وانتهاكات حقوق الإنسان، بدءاً من التمييز والتدمير العشوائي والتهجير القسري والنهب، وصولاً إلى القتل خارج نطاق القضاء والتجويع.
ولو بُذلت العناية الواجبة بحقوق الإنسان، لانسحبت الكيانات التجارية منذ زمن طويل من الاحتلال الإسرائيلي. بدلاً من ذلك، ساهمت الجهات الفاعلة من الشركات، بعد أكتوبر/تشرين الأول 2023، في تسريع عملية التهجير والإحلال خلال الحملة العسكرية التي سحقت غزة وشردت أكبر عدد من الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ عام 1967.
وفي حين أنه من المستحيل حصر نطاق ومدى عقود من تواطؤ الشركات في استغلال الأرض الفلسطينية المحتلة، فإن هذا التقرير يكشف عن تكامل اقتصادات الاحتلال الاستيطاني الاستعماري والإبادة الجماعية. وفيه، يدعو المقرر الخاص إلى مساءلة الكيانات التجارية ومديريها التنفيذيين على الصعيدين المحلي والدولي: يجب أن تتوقف المساعي التجارية التي تُمكّن من محو حياة الأبرياء وتستفيد منها. يجب على الكيانات التجارية أن ترفض التواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الدولية وإلا ستُحاسب.
بعد عرض الملخص والمقدمة، سلط التقرير الضوء على المنهجية التي اتبعها عند إعداد التقرير وتناول بالتفصيل العناصر التالية: السياق القانوني للأحداث، و القضية الرئيسية من حيث التحول “من اقتصاد الاحتلال الاستيطاني الاستعماري إلى اقتصاد الإبادة الجماعية”، بما في ذلك:
أ- التهجير، إذ أصبحت الأسلحة والتقنيات العسكرية المستخدمة بعد أكتوبر 2023 تهدف لتعزيز تهجير الفلسطينيين وتعمل كأدوات للقتل الجماعي والتدمير، مما جعل غزة وأجزاء من الضفة الغربية غير صالحة للسكن.
حيث تناول التقرير القطاع العسكري وانخراطه في تجارة الإبادة، وتقنيات المراقبة والاعتقال، مبرزاً الجانب المظلم لـ “دولة الشركات الناشئة”، وكذلك استخدام “الغطاء المدني” كـ: “آلات ثقيلة في خدمة التدمير الاستيطاني الاستعماري”.
ب- الإحلال، فكما “ساهمت تلك الشركات الفاعلة في تدمير الحياة الفلسطينية في الأرض الفلسطينية المحتلة، فقد ساهمت أيضاً في تدشين وإنشاء ما يحل محلها من حيث: بناء المستعمرات وبنيتها التحتية، واستخراج المواد والطاقة والمنتجات الزراعية والاتجار بها، وجلب الزوار والسياح إلى المستعمرات كما لو كانت وجهة سياحية عادية”: ولكنه “وطن على أرض مسروقة”، حيث تعمل السيطرة على الموارد الطبيعية كـ: “حاضنة لظروف معيشية مُصممة بالأساس للتدمير”. فمنذ عام 1967، مارست إسرائيل سيطرة منهجية على الموارد الطبيعية الفلسطينية: الماء والكهرباء والغاز والوقود؛ و “الاتجار بثمار اللاشرعية”، من حيث الأعمال الزراعية، وتجارة التجزئة العالمية، حيث تغمر المنتجات الإسرائيلية، بما فيها تلك القادمة من المستعمرات، الأسواق العالمية عبر كبار تجار التجزئة، وغالباً دون أي تدقيق؛ بالإضافة إلى السياحة الاحتلالية، من خلال الترويج للسياحة التي تدعم المستعمرات، وتستبعد الفلسطينيين، وتروّج لروايات المستوطنين، وتشرعن ضم الأراضي الفلسطينية.
ج- الجهات التي تولت مهمة التمكين لذلك، حيث ظلت هناك قائمة من تلك الممكِّنات الدولية – بما في ذلك شركات مالية وبحثية وقانونية واستشارية وإعلامية وإعلانية – منخرطة منذ فترة طويلة من أجل ضمان استدامة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني، بما في ذلك عبر استخدام المعرفة والروايات والمهارات والاستثمار، في دعم اقتصاد يعمل في وضع إبادة جماعية والاستفادة منه وتطبيعه.
د- تمويل الانتهاكات، حيث يوجه القطاع المالي تمويلاً حيوياً إلى كل من الجهات الفاعلة الحكومية والشركات التي تقف وراء احتلال إسرائيل ونظام الفصل العنصري؛ بما في ذلك إنتاج المعرفة وشرعنة الانتهاكات، حيث تساهم الجامعات في إسرائيل – وخاصة كليات الحقوق وأقسام الآثار ودراسات الشرق الأوسط – في الدعم الأيديولوجي لنظام الفصل العنصري، وتنمية الروايات المتوافقة مع دولة الاحتلال، ومحو التاريخ الفلسطيني، وتبرير ممارسات الاحتلال هناك.
وبعد ذلك، عرض التقرير الاستنتاجات التي توصل إليها، وفي الختام قدم مجموعة من التوصيات الهامة:
الاستنتاجات
وقد خلص التقرير إلى الاستنتاجات التالية:
1- بينما يتم تدمير الحياة في غزة وتتعرض الضفة الغربية لعدوان متصاعد، يُبيِّن هذا التقرير سبب استمرار الإبادة الجماعية الإسرائيلية: وذلك لأنها مُربحة للكثيرين. ومن خلال تسليط الضوء على الاقتصاد السياسي لاحتلال تحوّل إلى إبادة جماعية، يكشف التقرير كيف أصبح الاحتلال الدائم ساحة اختبار مثالية لمصنّعي الأسلحة وشركات التكنولوجيا الكبرى – إذ يُتيح مساحة لا حدود لها للعرض والطلب، ورقابة ضئيلة، ومساءلة معدومة – بينما يُحقق المستثمرون والمؤسسات الخاصة والعامة أرباحاً طائلة من وراء ذلك. ولا تزال العديد من الكيانات التجارية العالمية المؤثرة مرتبطة مالياً ارتباطاً وثيقاً بنظام الفصل العنصري والعسكرة الإسرائيلي.
2- بعد أكتوبر 2023، عندما تضاعفت ميزانية الدفاع الإسرائيلية، وفي وقتٍ شهد انخفاضاً في الطلب والإنتاج وثقة المستهلك، دعمت شبكة دولية من الشركات الاقتصاد الإسرائيلي. حيث تُصنّف شركتا بلاك روك و فانجارد من بين أكبر المستثمرين بين شركات الأسلحة التي تُشكّل محوراً أساسياً في ترسانة إسرائيل التي تستخدمها في الإبادة الجماعية. وقد قامت البنوك العالمية الكبرى بتمويل سندات الخزانة الإسرائيلية، والتي مولت الدمار في غزة والأراضي المحتلة الأخرى، كما استثمرت أكبر صناديق الثروة السيادية والمعاشات التقاعدية مدخرات عامة وخاصة في الاقتصاد الإبادي لإسرائيل؛ وكل هذا في الوقت الذي كانت تزعم فيه أنها تحترم المبادئ التوجيهية الأخلاقية.
3- حققت شركات الأسلحة أرباحاً قياسية تقريباً من خلال تزويد إسرائيل بأسلحة متطورة أبادت سكاناً مدنيين عُزّل تقريباً. ولعبت آليات شركات معدات البناء العالمية العملاقة دوراً محورياً في تدمير غزة، ومنع عودة الحياة إلى الفلسطينيين وإعادة تعميرها. بينما وفرت تكتلات الطاقة الاستخراجية والتعدين مصادر طاقة مدنية، حيث غذّت البنية التحتية العسكرية والطاقة لإسرائيل – وكلاهما يُستخدم لخلق ظروف معيشية تهدف إلى تدمير الشعب الفلسطيني.
4- وبينما تستمر الإبادة الجماعية، تستمر عملية ضم الأراضي التي لا هوادة فيها وبشكل عنيف. حيث لا تزال الأعمال الزراعية تدعم توسع المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وتواصل أكبر منصات السياحة الإلكترونية تطبيع المستعمرات الإسرائيلية رغم عدم شرعيتها. وتواصل المتاجر العالمية تخزين منتجات المستوطنات الإسرائيلية. وتواصل الجامعات حول العالم، متسترةً بقناع الحياد البحثي، الاستفادة من اقتصاد يعمل الآن في وضع إبادة جماعية. بل إنها تعتمد هيكلياً على التعاون والتمويل الاستيطاني الاستعماري.
5- ويستمر هذا العمل كالمعتاد، حيث لا شيء يتسم بالحياد في هذا النظام، الذي تُعدّ الشركات جزءاً لا يتجزأ منه. لقد حوّل المحرك الأيديولوجي والسياسي والاقتصادي الدائم للرأسمالية العنصرية اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي القائم على التهجير والإحلال إلى اقتصاد إبادة جماعية. هذا “مشروع إجرامي مشترك”، حيث تُسهم تلك الأفعال في نهاية المطاف في اقتصاد كامل يُحرك ويُموّل ويُمكّن هذه الإبادة الجماعية.
6- تُشكل الكيانات المذكورة في التقرير جزءاً لا يتجزأ من بنية أعمق بكثير من تورط الشركات، تلك التي تتربح من الانتهاكات والجرائم في الأرض الفلسطينية المحتلة وتُمكّن من ارتكابها. ولو أنها كانت قد مارست العناية الواجبة، لتوقفت هذه الكيانات عن التعامل مع إسرائيل منذ زمن بعيد. واليوم، أصبح مطلب المساءلة أكثر إلحاحاً: فأي استثمار يؤدي إلى ديمومة نظام من الجرائم الدولية الخطيرة.
7- لا يمكن عزل التزامات الأعمال وحقوق الإنسان عن المشروع الاستيطاني الاستعماري الإسرائيلي غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، والذي يعمل الآن كآلة لممارسة الإبادة الجماعية، على الرغم من أن محكمة العدل الدولية أمرت بتفكيكه بالكامل ودون قيد أو شرط. ويجب أن تتوقف علاقات الشركات مع إسرائيل حتى ينتهي الاحتلال وتنتهي سياسة الفصل العنصري، وتُقدم التعويضات اللازمة. كما يجب محاسبة قطاع الشركات، بما في ذلك مديريه التنفيذيين، كخطوة ضرورية نحو إنهاء الإبادة الجماعية وتفكيك النظام العالمي للرأسمالية العنصرية التي تدعمها.
التوصيات:
وفي الختام، أورد التقرير عدة توصيات هامة، على النحو التالي:
1- تحث المقررة الخاصة الدول الأعضاء على:
(أ) فرض عقوبات وحظر كامل على توريد الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك جميع الاتفاقيات القائمة والمواد ذات الاستخدام المزدوج، مثل التكنولوجيا والآلات الثقيلة المدنية؛
(ب) تعليق/منع جميع الاتفاقيات التجارية وعلاقات الاستثمار، وفرض عقوبات، بما في ذلك تجميد الأصول، على الكيانات والأفراد المتورطين في أنشطة قد تُعرّض الفلسطينيين للخطر؛
(ج) فرض المساءلة، وضمان مواجهة الكيانات التجارية لعواقب قانونية لتورطها في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.
2- و تحث المقررة الخاصة الكيانات التجارية على:
(أ) الوقف الفوري لجميع تلك الأنشطة التجارية وإنهاء العلاقات المرتبطة مباشرةً بانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الدولية ضد الشعب الفلسطيني، أو المساهمة فيها أو التسبب فيها، وذلك وفقاً للمسؤوليات الدولية للشركات وقانون تقرير المصير؛
(ب) دفع تعويضات للشعب الفلسطيني، بما في ذلك فرض ضريبة ثروة على غرار ما حدث في جنوب أفريقيا بعد انتهاء نظام الفصل العنصري.
3- تحث المقررة الخاصة المحكمة الجنائية الدولية والهيئات القضائية الوطنية على التحقيق مع المسؤولين التنفيذيين في الشركات و/أو الكيانات التجارية ومقاضاتهم على دورهم في ارتكاب جرائم دولية وغسل عائدات تلك الجرائم.
4- تحث المقررة الخاصة الأمم المتحدة على:
(أ) الامتثال لفتوى محكمة العدل الدولية لعام 2024؛
(ب) إدراج جميع الكيانات المتورطة في الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني في قاعدة بيانات الأمم المتحدة (ليتم الوصول إليها على موقع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان).
5- تحث المقررة الخاصة النقابات العمالية والمحامين والمجتمع المدني والمواطنين العاديين على الضغط من أجل المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وتحقيق العدالة لفلسطين والمساءلة على الصعيدين الدولي والمحلي؛ معاً يمكننا وضع حد لهذه الجرائم البشعة.
6- كُتب هذا التقرير في خضم تحول عميق ومضطرب في الأراضي المحتلة. فالفظائع التي شهدها العالم تتطلب مساءلةً وعدالةً عاجلتين، مما يستدعي اتخاذ إجراءات دبلوماسية واقتصادية وقانونية ضد من حافظوا على اقتصاد احتلالٍ تحوّل إلى إبادة جماعية، واستفادوا منه. أما ما سيأتي بعد ذلك، فيعتمد علينا جميعاً.
تعليق توماس كيث
علّق حساب “توماس كيث” على منصة إكس على التقرير، حيث كتب:
“يُظهر تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المكون من 27 صفحة، بتفصيل دقيق، كيف تحوّل اقتصاد الحرب الإسرائيلي من “احتلال” إلى “اقتصاد إبادة جماعية”، مدعوماً بشبكة مترابطة من الشركات والمستثمرين العالميين.
ويُذكر في الوثيقة أسماء أكثر من 60 شركة، من بينها جوجل، وأمازون، ومايكروسوفت، وبالانتير، ولوكهيد مارتن، وإلبيت سيستمز، وكاتربيلر، وهيونداي إتش دي، وفولفو، وشيفرون، ودروموند، وجلينكور، كمستفيدين مباشرين وداعمين لتدمير غزة وترسيخ مستوطنات الضفة الغربية.
ويؤكد التقرير أن هذه الشركات “ليست سوى غيض من فيض”، مُستمدة من قاعدة بيانات تضم حوالي ألف كيان جُمعت لأغراض التحقيق.
وقد ارتفعت ميزانية الدفاع الإسرائيلية بنسبة 65% بين عامي 2023 و2024، لتصل إلى 46.5 مليار دولار، مما حقق أرباحاً طائلة لشركة إلبيت سيستمز وصناعات الفضاء الإسرائيلية العملاقة، وللموردين الأجانب مثل لوكهيد مارتن، التي نقلت أساطيلها من طائرات إف-35 وإف-16 جزءاً كبيراً من 85 ألف طن من الذخائر التي أُلقيت على غزة.
وعندما انهارت السحابة العسكرية الإسرائيلية تحت وطأة ضغط البيانات في أكتوبر 2023، تدخلت مايكروسوفت أزور وتحالف جوجل-أمازون نيمبوس لتوفير بنية تحتية سحابية وذكاء اصطناعي بالغة الأهمية، مما وفر قدرة استهداف آنية وحجب البيانات داخل خوادم إسرائيلية.
وعلى الأرض، دمرت حفارات كاتربيلر D9 وهيونداي HD أو فولفو، المجهزة غالباً بمجموعات تحكم عن بُعد إسرائيلية، منازل ومساجد ومستشفيات وأراضٍ زراعية، مما حال دون عودة النازحين.
كما استُخدمت البنية التحتية المدنية كسلاح: فقد خفّضت شركة ميكوروت، الشركة الحكومية التي تحتكر المياه، إمدادات المياه إلى 5% من التدفق الطبيعي في أجزاء كبيرة من غزة، ودفعت سيطرة إسرائيل على خطوط الوقود والكهرباء محطات تحلية المياه والمضخات والمستشفيات إلى حافة الانهيار التام.
وتُغذي شركات الطاقة العالمية الكبرى هذا النظام: يُزوّد تحالف ليفياثان-تامار، التابع لشركة شيفرون، إسرائيل بأكثر من 70% من غازها، وتم دفع 453 مليون دولار للحكومة كعائدات في عام 2023، بينما حافظت شركتا دراموند وجلينكور على إبحار سفن الفحم حتى بعد حظر التصدير الكولومبي، مما ضمن عدم توقف محطات الطاقة الإسرائيلية.
شبكة مالية موازية تُؤمّن العنف: وتُعدّ بلاك روك وفانجارد وأليانز من بين أكبر المؤسسات المالكة لأسهم في بالانتير ومايكروسوفت وأمازون وألفابت وآي بي إم ولوكهيد مارتن وكاتربيلر وإلبيت، مما يُشير إلى تورط صناديق التقاعد والهبات الجامعية حول العالم في اقتصاد الإبادة الجماعية.
منذ السابع من أكتوبر 2023، قامت جهات اكتتاب مثل بي إن بي باريبا وباركليز بشراء أو تسويق إصدارات سندات الخزانة الإسرائيلية، بينما ضاعفت وكالة السندات الإسرائيلية مبيعاتها ثلاث مرات تقريباً، مُوجّهةً ما يقرب من 5 مليارات دولار إلى ميزانية الحرب، بل وسمحت للمستثمرين بالتبرع بمدفوعات القسائم مباشرةً للوحدات العسكرية.
والعائد واضح، فقد ارتفعت الأسهم في بورصة تل أبيب بنسبة 179% خلال الهجوم على غزة، مضيفةً ما يقرب من 158 مليار دولار إلى قيمتها بينما كانت المباني لا تزال تحترق.”
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.