لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.
مقدمة
بعد دقائق من إلقاء وزير الدفاع المصري، الفريق أول –آنذاك- عبد الفتاح السيسي بيان عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013، حاصرت قوات الجيش والشرطة عددا من محطات البث المصنفة باعتبارها تؤيد الرئيس الراحل، واعتقلت العاملين فيها وأغلقتها.
كان الهدف من هذا الإجراء إسكات أي أصوات من المحتمل أن تقدم صوتا معارضا لما يجري، أو ترفض الإملاءات المتوقعة من النظام الجديد. وبالفعل تحقق الهدف، إذ أعلنت معظم وسائل الإعلام التي لم تغلق تأييدها ومباركتها لـ”ثورة 30 يونيو”، وظهر إعلام الصوت الواحد الذي كان سائدا في مصر خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ولم يعد من المستغرب أن يتشابه خطاب الصحف القنوات وتغطياتها لما يحدث، لدرجة أنها باتت تقدم نفس المحتوى تقريبا، وأصبح خروج الصفحات الأولى من الصحف وهي تحمل نفس العناوين مشهدا مألوفا.
تجلى تشابه خطاب الإعلام المصري في تلك الفترة في قضايا كثيرة. على سبيل المثال، صدرت صحف الأهرام والأخبار والشروق، صباح يوم 13 يوليو 2014 بعنوان واحد وهو “السيسي يحذر من مخاطر التصعيد في غزة. وفي 15 أغسطس 2014 صدرت صحيفتا الأهرام المسائي والأخبار بعنوان رئيسي عبارة عن كلمة واحدة هي “فشلوا” في إطار الحديث عن مظاهرات الذكري الأولى لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. وعقب إطلاق مشروع التفريعة الجديدة لقناة السويس، تشابه عنوانا جريدتي التحرير والوطن بعنوان “ضربة معلم”.
ومع مرور الوقت، ومع رغبة وسائل الإعلام في إثبات التزامها بالخط المرسوم لها، وتحكم السلطة الجديدة في وسائل الإعلام بشكل شبه كامل، بدأت وسائل الإعلام في تقديم قصص وأخبار بعيدة تماما عما يحدث على أرض الواقع.
أهداف الدراسة
تستكمل هذه الدراسة قراءة المشهد الإعلامي المصري بعد 3 يوليو 2013، بفرضية مفادها أن التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام المصرية وصلت في مراحل كثيرة إلى درجة محاولة صناعة واقع بديل وإقناع الجمهور به، وهو ما ظهر في أحداث عدة ستتناولها الدراسة، وتبين مدى اختلاف الخطاب الإعلامي عما هو موجود فعلا على أرض الواقع، مع التركيز بشكل خاص على توثيق الشرح من المصادر الأصلية للتغطيات الإعلامية لضرورتها في سياق الدراسة وإثبات فرضيتها.
استعان الباحث بمصطلح “الأخبار الكاذبة” في الدراسة، لتفسير وتحليل تلك الظاهرة، وسيتم شرح المصطلح ودلالاته وأبرز القضايا المرتبطة به، قبل البدء في تحليل أبرز الأحداث التي نشرت فيها وسائل الإعلام أخبارا كاذبة. وسيكون التحليل عبارة عن ذكر أبرز تلك الأخبار الكاذبة، وإبراز مدى اختلافها مع الواقع ودرجة ذلك الاختلاف، وأبرز وسائل الإعلام التي نشرت تلك الأخبار.
ركزت الدراسة على دراسة خطاب الإعلام الخاص وليس الحكومي، لأن انحياز الإعلام الرسمي إلى النظام طبيعي أيا كان القائمين عليه، لكن من غير الطبيعي أن يكون الإعلام الخاص على نفس الدرجة من الانحياز، وهو الأمر الذي لم يكن موجودا حتى في ظل نظام عبد الناصر، حيث لم يكن هناك وجود للإعلام الخاص من الأساس. كما أن الإعلام الحكومي ضعيف وغير مؤثر بدرجة كبيرة، عكس الإعلام الخاص الذي يستأثر بصناعة الرأي العام في مصر منذ ما بعد ثورة يناير وحتى الآن.
كما ركزت الدراسة على الفترة الزمنية من 2013 وحتى 2015، لأن هذه الفترة شهدت بث العشرات من الأخبار الكاذبة من أطراف سياسية مختلفة تجاه بعضها، وذلك لتحقيق أهداف مختلفة، ولذلك تمثل هذه الفترة نموذجا لاستخدام الأخبار الكاذبة في المشهدين الإعلامي والسياسي.
أهمية الدراسة
اكتسب الحديث عن الأخبار الكاذبة أهمية متزايدة خلال السنوات الماضية، وأصبح تحديا كبيرا يواجه وسائل الإعلام حول العالم، إذ أثرت الأخبار الكاذبة في الكثير من الأحداث في مناطق مختلفة، خاصة مع تعدد وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وانخفاض القدرة على التحقق من صحة الأخبار المتداولة عبرها.
أما في السياق المصري، فإن الموضوع يكتسب أهمية خاصة، لأن النظام دائما ما يتهم وسائل الإعلام المعارضة ببث أخبار كاذبة، كما يوجه نفس التهمة إلى وسائل الإعلام الأجنبية عندما تنشر أخبارا سلبية عن الأحداث في مصر، كما ألقي القبض على العشرات من المعارضين وزج بهم في السجون بنفس التهمة.
أولا المبحث الأول: الإطار النظري
مفهوم الأخبار الكاذبة:
قادت العديد من الأحداث السياسية العالمية إلى اهتمام متصاعد بمصطلح الأخبار الكاذبة[1]، فانتصار الرئيس دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، واستفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكذلك الأزمة الخليجية، تصاعدت فيها اتهام أحد طرفي الصراع باستخدام الأخبار الكاذبة، وذلك بُغية تحقيق مكاسب سياسية. ولذا؛ فمن الأهمية بمكان البحث في تعريفات ذلك المصطلح، وتصنيفاته، وكذا سياقات نشأته.
تُعرف دراسة Allcott & Gentzkow الأخبار الكاذبة على أنها الأخبار التي تم صياغتها بشكل خاطئ عمدا، والتي من الممكن أن تقدم معلومات مغلوطة للقراء[2]. ولم تذهب دراسة Gelfert لأبعد من ذلك؛ إذ عرّفت الأخبار الكاذبة على أنها تلك الأخبار التي تم تصميمها لتكون خادعة، وأكدت الدراسة على عبارة “تم تصميمها” (by design)؛ لأن ذلك يعني أن صناعة الأخبار الكاذبة عملية لها خواص معينة، تشمل صناعة الخبر الكاذب ونشره[3].
وترى دراسة Klein & Wueller الأخبار الكاذبة على أنها عملية نشر لأخبار مزيفة أو غير حقيقية عن قصد، ويُستثنى من ذلك المواقع الساخرة التي يُعرف عنها أن مهمتها الأساسية تناول الأوضاع الاجتماعية والسياسية بأسلوب ساخر[4]. على صعيد آخر، اعتبرت دراسة (أديسـون تانـدوك) و(تشـنغ وي ليــم) و(ريتشــارد لينغ)، التي نشرتها مجلــة (ديجيتــال جورناليــزم)، أن الأخبار الساخرة أحد أنواع الأخبار الكاذبة[5].
من المعلوم أن وسائل التواصل الاجتماعي الساحة الأكبر لنشر الأخبار الكاذبة بأنواعها؛ لذا تصاعدت في الآونة الأخيرة الأصوات المطالبة بتحمل الشركات التكنولوجية المالكة والمديرة لهذه المنصات –مثل فيسبوك وغيرها- مسؤولية الأخبار الكاذبة التي تنتشر من خلالها. إزاء هذا الواقع نجد أنه من الأهمية بمكان البحث عن تعريف هذه المنصات والشركات للأخبار الكاذبة؛ حتى ندرك الكيفية التي تُعرف هذه الشركات/المنصات هذه الظاهرة، ومن ثم كيف تتعامل معها.
استعاض فيسبوك عن مصطلح الأخبار الكاذبة (Fake News) بمصطلح الأخبار الخاطئة (False News)، وخُلص تقرير أصدره في أبريل 2017 إلى أن الأخبار الخاطئة هي المقالات الإخبارية التي تبدو حقيقة، إلا أنها تحتوي على أخطاء متعمدة، بقصد إثارة المشاعر أو جذب المستخدمين أو تضليلهم[6].
ويُعرف تويتر الأخبار الكاذبة على أنها “أي صور أو مقاطع فيديو أو صوت تم تغييرها أو تلفيقها بشكل كبير، بطريقة تهدف إلى خداع الآخرين أو تغيير معناها الأصلي[7]“.
وفيما يتعلق بتصنيف الأخبار الكاذبة، والمحتوى المضلل بشكل عام، صنفت “Wardle” الأخبار الكاذبة على النحو التالي:
أ- المحتوى المضلل (Misleading Content): يقصد به المحتوى الحقيقي وغير الكاذب، ولكن يتم استخدامه بطريقة مضللة لتوجيه الاتهامات زورا لقضية ما.
ب- المحتوى المزوَّر (Imposter Content): المحتوى الكاذب، والذي ينتحل هوية المصادر الحقيقية.
ج- المحتوى المفبرّك (Fabricated Content): محتوى جديد غير صحيح في معظمه ويهدف للخداع والأذى.
د- الربط المزيَّف (False Connection): عندما لا تدعم العناوين الرئيسية أو الفرعية باقي المحتوى، ويكون الغرض منها تحقيق الربح.
ه- السياق المزيف (False Context): مشاركة محتوى حقيقي مع معلومات مزيفة ضمن سياق واقعي بهدف التضليل.
و- التلاعب بالمحتوى (Manipulated Content): عندما يتم تغيير المعلومات أو الصور الحقيقية بهدف الخداع[8].
شكل (1): تصنيفات الأخبار الكاذبة
المصدر:
Claire Wardle, Fake news. It’s complicated., First Draft, Feb 17, 2017, link.
فيما يتعلق بسياقات نشأة وظهور مصطلح الأخبار الكاذبة؛ لا يمكن على وجه الدقة تحديد أول شخص/هيئة أطلق المصطلح على وجه الأرض، فتناقل الأخبار ظاهرة قديمة قدم الحياة الإنسانية، وكذا ظاهرة الكذب، لذا فسنعود إلى أول محاولة بين أيدينا -في إطار الصحافة المكتوبة- تتحدث عن هذه الظاهرة، فنجد أن Montgomery-McGovern كتب في جريدة (Arena) عام 1898، مشتكياً من ظاهرة الصحافة الكاذبة التي تلجأ إليها مكاتب الأخبار، عبر تزويد الصحف اليومية بأخبار غير حقيقية، وفي بعض الأحيان يستعين من يريد نشر تلك الأخبار بأشخاص ذوي حيثية، مثل الأطباء والمعماريين، لنقل أخبار غير صحيحة للمراسلين، مقابل تقاضيهم مبالغ مالية. بعد ذلك، تطورت الظاهرة بعض الشيء في القرن الحادي والعشرين، وأصبح مروجو الأخبار الكاذبة يتواصلون مباشرة مع القراء باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي[9].
ثانيا: مصطلح ما بعد الحقيقة
أرجع بعض الكتّاب أول تقديم لمجتمع “ما بعد الحقيقة” إلى تلك الحالة التي صاغها جورج أورويل في روايته الشهيرة 1984، عندما قدم الكاتب الإنجليزي نموذجا لما سماه “وزارة الحقيقة”، المنوط بها التعبير عن كل ما هو حقيقي، وفي نفس الوقت يُعد كل ما هو دونها غير حقيقي[10].
يعد Tesich أول من استخدم مفهوم ما بعد الحقيقة (Post- truth) في مقالة بمجلة (The Nation)، وتحدث فيها عما سماه “متلازمة ووترجيت”، إذ رأى أنه بعد الإعلان عن فضيحة ووترجيت، والفظائع التي جرت في فيتنام، اقترنت الحقيقة من وجهة نظر الأمريكيين بالأخبار السيئة، وهذا ما ترتب عليه تقبل العقل الجمعي الأمريكي للأخبار الكاذبة لتجنب الحقائق غير المريحة[11].
وتحدث “Keyes” في كتابه “عصر ما بعد الحقيقة: عدم الأمانة والخداع في الحياة المعاصرة”، أنه في عالم ما بعد الحقيقة، تلتبس الحدود بين الحقيقي والخيالي، بين النزاهة وغيابها، وكذا بين الخيال والواقع الفعلي. كما تجدر الإشارة إلى أن Keyes بدأ كتابه بجملة بلاغية وذات معنى لـ”Boorstin”، والتي قال فيها Truth has been displaced by believability[12]، والتي تعني أنه تم استبدال الحقيقة بالقدرة على الإقناع وحمل الآخرين على التصديق[13].
استمر مصطلح ما بعد الحقيقة في الانتشار حتى اختاره معجم أكسفورد كلمة العام سنة 2016، إذ يختار المعجم كل عام كلمة تُعد الأكثر تأثيرا وتداولا على مستوى العالم، وهو ما يعد دليلا على أننا صرنا بحق نعيش في عالم ما بعد الحقيقة.
عرّف المعجم مصطلح ما بعد الحقيقة على أنه “في سياق أو وصف الظروف التي تصبح فيها الحقائق الموضوعية أقل تأثيرا في تشكيل الرأي العام من الشحن العاطفي والمعتقدات الشخصية[14]“.
استكمالا للدراسات التي حاولت وضع تعريف لما بعد الحقيقة، أشار همام يحيى إلى أن المقصود بحقبة ما بعد الحقيقة هي تلك الحالة التي يتراجع فيها دور الحقائق والبيانات والمعلومات، وذلك لصالح المعتقدات والرؤى الأيديولوجية. وقد تشمل هذه الحالة التغاضي عن حقائق ثابتة أو تجاهل معلومات مؤكدة لصالح المعتقدات والانحيازات الأيدولوجية، مع التنبيه إلى أن الكثير مما يختلف حوله البشر ليس مما يمكن حسمه بالمعلومات فقط[15].
يشير أحمد الشيخ إلى تحليل قريب من ذلك؛ إذ يورد أنه “في عصر ما بعد الحقيقة يحل الكذب محل الصدق، والعاطفة محل الحقيقة، والتحليل الشخصي محل المعلومة، والرأي الواحد محل الآراء المتعددة. كما يجد فيه المتعصب قنواتٍ ووسائلَ اتصال تُروج لتعصبه، ويجد فيه دعاة الانغلاق عن العالم، بكل مشاكله وهمومه ومخاطره؛ ما يقوي قلاعهم ويعزز قناعاتهم، ويجد الشعبويون المؤمنون بتفوقهم العرقي في أميركا وأوروبا ما يغنيهم عن وسائل الإعلام التقليدية التي كانوا يحتاجونها في السابق، بل تصبح تلك الوسائل التقليدية عدوا ينبغي التربص به في كل وقت وعند كل زاوية[16]“.
وعزا محمد عبد الله يونس تردد أصداء مصطلح ما بعد الحقيقة بقوة في الدوائر الأكاديمية والإعلامية والافتراضية إلى التأثر بالصدمة التي أعقبت صعود التيارات اليمينية والشعوبية، وتصدرها للساحات السياسة، استغلالا لسيطرة التحيزات العاطفية، ومشاعر الغضب، والرغبة في الانتقام على جماهير الناخبين في الدول الغربية عندئذ، فقد تصاعد الإدراك أن الحقيقة باتت مهددة[17].
ويرى “Al-Rodhan” أن هناك قاسماً مشتركاً بين سياسات ما بعد الحقيقة، فهي تروق للعواطف والشعور أكثر من الحقائق والأدلة، كما أن الأخبار الكاذبة ونظريات المؤامرة تنتشر بسرعة خلال ساعات، مما يخلق حقائق بديلة ويخلق بروباجندا إعلامية[18].
في السياق، عرّفت مجلة إيكونوميست سياسات عصر ما بعد الحقيقة على أنها الاعتماد على العاطفة والانحياز في تأكيد المعلومات، مع أن تلك المعلومات ليست صحيحة بالأساس[19]. وفي مقال رأي لـ “Davies” على نيويورك تايمز، أكد أن الحقيقة المؤكدة أننا نعيش في عصر سياسات ما بعد الحقيقة، وأن الديمقراطية صارت في حالة من الاضطراب؛ نتيجة التلاعب بالناخبين، وهروب السياسيين من الإجابة على الأسئلة. وبدلاً من الجلوس بهدوء خارج ساحة الجدال السياسي، أصبحت الحقائق في وقتنا الحالي أحد وسائل الحرب الإعلامية، فكيف يمكننا إذن أن نتحدث عن “الحقائق” في الوقت الذي لا توجد فيه حقائق معينة نتفق عليها جميعاً؟[20].
فيما يتعلق بدلالات مصطلح ما بعد الحقيقة، نجد أن أغلب التعريفات السابقة تحدثت عنها، وإجمالا يمكن القول إن أغلب الدراسات أشارت إلى أننا صرنا في عصر تُقبل فيه الأكاذيب المريحة، ويتم تفضيلها عن الحقائق الصادمة. كما أن تصديق خبر أو نفيه، لا يعتمد على واقعية الخبر فقط، أو المصادر التي نقلته، وإنما على طريقة تقديم الخبر.
ثالثا: أضرار الأخبار الكاذبة
كما أن لكل عصر رجاله، فلكل عصر أخلاقه، وقيمه، وبما أننا نعيش في حالة من سيولة الأخلاق، والعواطف، وكذا الحقائق؛ فلا عجب من انتشار الأخبار الكاذبة، بل والتبرير لها في بعض الأحيان، عبر القول إن الآخرين يستخدمونها لتحقيق أهدافهم. لكن هذه الحجج تغفل أن الأخبار الكاذبة لها العديد من الأضرار، سواءً على الأفراد، أو المجتمعات، أو الدول، كما تهدد الأمن المجتمعي والعالمي. ويمكن صياغة بعض أضرار الأخبار الكاذبة على سبيل المثال لا الحصر في النقاط التالية:
1- تُساعد في تشكيل ثقافة ووعي سياسي غير صحيحين:
رصدت دراسة للمركز الديمقراطي العربي أن الأخبار المزيفة تؤدي دوراً مهماً في تشكيل الثقافة السياسية في الشرق الأوسط، ولكن على الرغم من ذلك، تقلّ الدراسات حول هذا الموضوع، حيث يقول (كونور كوبشيك) الباحث المستقل في مقال نشره منتدى فكرة: “الدراسات الحالية حول نظريات المؤامرة في الشرق الأوسط تميل إلى التركيز على الأسباب التي تجعل الأفراد عرضة لتصديق مثل هذه النظريات، وتكون معظمها من منظور نفسي أو أنثروبولوجي”. كما أشارت الدراسة ذاتها إلى أنه في الآونة الأخيرة، شرع (غابرييل كولر ديريك)، و(ريتشارد أ. نيلسن) و(ديفيد رومني) إلى إجراء دراسة معمقة حول تعزيز الدولة الاستبدادية لنظريات المؤامرة. وأثبتت الدراسة الاعتقاد السائد لدى المراقبين بأن نظريات المؤامرة تشكل جزءاً لا يتجزأ من الثقافة السياسية في الشرق الأوسط، كما أنه لا يمكن تفسيرها بشكل كامل بعامل واحد[21].
2- تنتشر أسرع من الأخبار الحقيقية:
نشر لباحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا دراسة في مجلة (ساينس) الأمريكية، اهتمت بتحليل انتشار الأخبار الكاذبة على تويتر، وعكف الباحثون على تحليل حوالي 126 ألف قصة كتبها حوالي ثلاثة ملايين شخص على موقع تويتر أكثر من 4.5 مليون مرة منذ 2006 حتى 2017.
ولمعرفة ما إذا كانت الأخبار المتداولة على تويتر صحيحة أم خاطئة أم أن جزءا منها كاذب، استخدم هؤلاء الباحثون ستة مواقع مخصَّصة لفحص الحقائق، وهي: (snopes.com, politifact.com, factcheck.org, truthorfiction.com, hoax-slayer.com, urbanlegends.about.com)، وهي مواقع تهدف إلى كشف الأخبار الكاذبة على الإنترنت[22].
وأكدت نتائج الدراسة أن “المعلومة الزائفة تنتشر بشكل ملحوظ جدا وعلى نطاق واسع، وبوتيرة أسرع وأعمق من المعلومات الحقيقية في جميع فئات المعلومات”. كما يقدر “احتمال إعادة مشاركة الأخبار الكاذبة على تويتر بنسبة 70% بشكل عام. وفي حين تصل الأخبار الحقيقية إلى أكثر من ألف شخص، فإن 1% من سيل الأخبار الزائفة يصل عادة إلى ما بين ألف ومائة ألف شخص[23]“.
3- تهديد السلم الاجتماعي:
تساعد الأخبار الكاذبة بشكل مباشر وغير مباشر على تهديد السلم والأمن الاجتماعي. فمن الملاحظ أن الانتشار الكبير للأخبار الكاذبة والمحتوى المزيف خلال الأعوام الأخيرة، تزامن مع صعود الخطاب اليميني والشعبوي الذي يجد الأخبار الكاذبة مادة ووسيلة لنشر الكراهية بين طبقات المجتمع المختلفة، وهذه الكراهية ما تلبث أن تتصاعد أكثر فأكثر، ويتحول الخطاب إلى فعل.
في هذا الصدد، أشارت دراسة قام بها باحثون من جامعتي نيويورك وبرينستون إلى أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة، والذين يُعرفون أنفسهم بأنهم جمهوريون، كانوا الأكثر احتمالا لمشاركة الأخبار الكاذبة على وسائل التواصل.
حلّل القائمون على الدراسة الروابط المشتركة مع مواقع تنشر الأخبار الكاذبة على فيسبوك خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، وكشفت النتائج عن أن معظم الذين شاركوا الأخبار المزيفة كانوا من المحافظين فوق 65 سنة، وبنسبة سبع أضعاف أكثر من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة.
وربط الباحثون بين النتائج التي توصلوا إليها، ومحو الأمية الرقمية المرتبط بالعمر، مما يعني ضرورة زيادة الجهود في مجال تعليم هذه المهارات للمواطنين المسنين[24]. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق أيضا، أن بعض الأكاذيب الصادرة قد يستحيل تصديقها، لكن البعض من المنتمين إلى التيارات اليمينية يصدقها، ويتخذ رد فعل عنيفا بناء عليها، مثل ما قام به أحد مؤيدي ترامب، عندما سمع قصة متداولة تزعم وجود أنفاق تحت أحد المطاعم يتاجر فيها الديمقراطيون –وهيلاري كلنتون على وجه التحديد- بالأطفال، فسافر ببندقية إلى هذا المطعم قاصدا تحرير الأطفال المختطفين، وبالفعل أطلق النار على المحل ثم اعتقِل، ليتبين عمق الكذبة وأثرها على من يصدقها[25].
وكمثال أيضا على تحول خطاب الكراهية إلى فعل، انتشرت بين سكان قرية نائية في الهند شائعات عن عصابة خطفت بعض الأطفال، ليقوم بعض سكان القرية بضرب 5 رجال حتى الموت ثم حرقهم، وذلك قبل أن يتضح أنها أخبار كاذبة[26].
4- تهديد السلم والأمن العالمي:
لا تهدد الأخبار الكاذبة السلم والأمن بين أفراد المجتمع فحسب، بل قد يؤدي إلى حروب بين الدول. في هذا السياق، أكد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن المخاطر المترتبة على ظاهرة الأخبار المزيفة تشكل تهديدا دوليا، وخاصة مع التطور التكنولوجي وزيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف أن الأخبار المضللة يمكن أن تشعل حروبا تقوض السلام العالمي[27].
توصل كل من (دانييل بنيامين[28]) و(ستيفن سيمون[29]) لنفس النتيجة تقريباً، إذ أوردا أن وباء الأخبار المزيفة الحالي لا يهز السياسة الأمريكية فحسب؛ بل قد ينتهي الأمر بالتسبب في نشوب حرب، أو إعاقة الاستجابة الوطنية للتهديدات الحقيقية[30].
رابعا: مصادر الأخبار الكاذبة
بالبحث عن أهم مصادر الأخبار الكاذبة، والذين هم في الوقت ذاته لديهم القدرة على إحداث تأثير في الجمهور، يتبين وجود ثلاث مصادر، هم:
1- أنظمة الحكم:
اعتادت أنظمة الحكم -وبالأخص القمعية منها، أو تلك التي لها ميول يمينية- على إطلاق الأخبار الكاذبة، بهدف تحقيق مكاسب سياسية. وسوف تتعرض الدراسة في المحور السابع (أبرز الأحداث التي أثرت فيها الأخبار الكاذبة) لمثالين على ذلك، وهما استخدام ترامب للأخبار الكاذبة، وكذلك استخدام الأخبار الكاذبة إبان الأزمة الخليجية.
2- الصحفيون:
رغم التوسع الكبير الذي تشهده وسائل الإعلام الرقمية في العقود الأخيرة، إلا أن الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام التقليدية ما زال لهم تأثير كبير في عملية نقل الأخبار وتداولها.
وبالرغم من قيام العديد من وسائل الإعلام في الأعوام الأخير ببذل مجهودات كبيرة فيما يُطلق عليه صحافة المواطن، إلا أن الصحفيين ما زالوا المصدر الرئيسي للأخبار، والناقل الأساسي للأخبار حول العالم.
ولكن رغم هذه الأهمية الكبيرة، إلا أن الصحفيين في بعض الأحيان يكونون المصدر الرئيسي للأخبار الكاذبة، أو مروجين لها بعلم أو بدون علم. فقد يكون الصحفي هو مصدر الخبر الكاذب لسبب من اثنين: إما بسبب نقص في كفاءته، أو لدوافع سياسية وأيدولوجية لديه.
مثال على الحالة الأولى، نشر موقع ساخر اسمه “جريدة الأهرام المكسيكية” خبراً ساخراً عن تفهم السلطات المكسيكية لموقف السلطات المصرية التي قتلت سياحا مكسيكيين عام 2015، وعلى إثر ذلك تناقل العديد من مُقدمي البرامج في مصر هذا الخبر على أنه حقيقي من دون أي تدقيق أو بحث في مصدره[31]. وكان من بين ناشري هذا الخبر وائل الإبراشي، مقدّم برنامج “العاشرة مساء” على قناة دريم، وإيمان الحصري، مقدمة برنامج “تسعين دقيقة” على قناة المحور[32].
لم يكن هذا المثال الوحيد في السياق المصري، فبعد حادث حريق قطار محطة مصر في فبراير 2019، نشر أحد مستخدمي موقع تويتر خبراً يفيد بأن الدكتور مهندس محمد وجيه عبد العزيز، مرشح قوى لوزارة النقل والمواصلات، وأنه عالم كبير في مجال النقل منذ ما يزيد عن 18 عاماً في أوروبا، وخصوصاً فرنسا والسويد، وأنه حاصل على العديد من الأوسمة من فرنسا بسبب تحقيقه “طفرة عظيمة” في هذا المجال.
حذف صاحب الحساب التغريدة بعد ساعة و13 دقيقة من نشرها، إلا أن العديد من وسائل الإعلام تلقفتها على أنها معلومة صحيحة، وسارعت بنشرها على أنها حصلت عليها من مصادر خاصة، حتى إن المذيعين عمرو أديب وأحمد موسى أذاعا الخبر، ليتبين بعد فترة أن الخبر كان ساخراً، وأن محمد وجيه عبد العزيز هو والد صاحب الحساب، وأنه متوفي منذ 11 عاماً، كما لم يكن خبيراً في مجال النقل[33].
في الحالة الثانية، قد ينشر الصحفي أخباراً كاذبة عن عمد، وذلك بدوافع سياسية أو أيدولوجية أو شخصية، مثل أحد صحفيي مجلة دير شبيجل الألمانية، الذي أقر باختلاق قصص وشخصيات في أكثر من 12 قصة صحافية نُشرت في النسخ الإلكترونية والورقية للمجلة الأسبوعية، والتي تعدّ من أهمّ المطبوعات الألمانية. واعتذرت المجلة في مقال لهيئة تحريرها عن الفضيحة، وتعهدت بـالقيام بكل شيء لتعزيز مصداقيتها مجددا. وقد استغل اليمين المتطرف في ألمانيا تلك القضية ليعتبرها دليلاً على الاختلال الوظيفي لوسائل الإعلام[34].
3- مواقع وسائل التواصل الاجتماعي:
ظهرت في الأعوام الأخيرة العديد من الحسابات والصفحات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وقد يتم نشر الأخبار الكاذبة عن طريق صحفيين -قليلي المهارة- يتعاملون مع ما يُنشر على هذه الصفحات على أنه حقيقي، كما تقوم بعض الجهات بعمل برمجيات لنشر الأخبار الكاذبة على منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، مع نشر صور مفبركة أو غير حقيقية، وسوف يورد المحور السادس بعض التقنيات والآليات المستخدمة في ذلك، ومنها: الحسابات الآلية (Automated Bots) ، والتصيد (Trolling)، واستخدام آليات وسيطة بين الحسابات البشرية وغير البشرية (Social Bots)، كما قد يعتمد نشر هذه الأخبار أيضاً على صياغة العناوين الجاذبة للنقرات، أو تضمين عدد كبير من المستخدمين.
خامسا: أهداف نشر الأخبار الكاذبة
ما الدوافع -الظاهرة أو الخفية- وراء قيام شخص/جهة/دولة، بإطلاق أخبار كاذبة؟، لماذا ينشر أحدهم خبرا يعلم أنه كاذب، وأن انكشافه سيطعن في مصداقيته، فضلاً عن أضراره.
قد يقود البحث في دوافع ناشري ومروجي الأخبار الكاذبة إلى العديد من النقاط، لا تتسع الدراسة لذكرها، ولأن البحث في الأساس يهدف إلى تحليل إستراتيجيات الأخبار الكاذبة في الإعلام المصري؛ فقد فضّل الباحث تصغير السؤال ليكون: ما دوافع قيام الأنظمة القمعية بإطلاق أخبار كاذبة في إطار استراتيجيتها للسيطرة على المجال العام وقمع التغيير واحتكار السلطة؟ وفي هذا الإطار، يمكن الحديث عن عدد من الأهداف، من خلال النقاط التالية:
1- استثارة مشاعر الخوف:
تعتمد صناعة الأخبار الكاذبة على استثارة حالة من الخوف، أو بعث حالة من الترهيب، تجاه ما تعتبره السلطة خطراً يهددها. وقد تتجاوز حالة الخوف أو الترهيب تلك إلى إثارة حالة من الفوبيا والكراهية وسط الجماهير إزاء ما تعتبره السلطة خطراً مهدداً لنسق الحياة العامة، أو لنموذج النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذا قيمه الثقافية والرمزية والأخلاقية التي يُراد صناعتها عبر الأخبار الكاذبة[35]. ومن اللافت أن عبد الفتاح السيسي كشف بوضوح عن رغبته في أن يخلق الإعلام المصري لدى المواطنين ما سماها “حالة فوبيا الخوف من إسقاط الدولة[36]“.
2- تزييف الوعي:
مع استمرار نشر السلطة للأخبار الكاذبة لفترات طويلة، يتشكل لدى الجماهير التي تُصدق هذه الأكاذيب وعي مزيف، نتيجة الكذب المستمر، وهو ما يؤدي إلى قبول المواطنين بالسلطة دون الحاجة إلى الإفراط في استخدام القمع الأمني.
ويرى د. سيف الدين عبد الفتاح أن “السلطة المستبدة غير المنطقية أو غير الشرعية لا تستطيع الاستمرار لفترات طويلة، إلا إذا قامت بعمليات تزييف للوعي الجماهيري، فهي تريد أن تشكل هذا الوعي كي يقبل منظومة السلطة وتوجهاتها ومصالحها دون الحاجة إلى الإفراط في استخدام القمع الأمني. لذلك فهي في هذا السياق تشكل أجهزة الدعاية والإعلام والإعلان لدى السلطة، فيكون هذا مع الأمن قدمان للنظام، فتقوم هذه الأجهزة بالمبالغة في إظهار إنجازات السلطة وتبرير أفعالها، وتحويل هزائمها إلى انتصارات تاريخية، كما تقوم بإضفاء صفات البطولة والحكمة والتضحية على رمز السلطة المستبدة، فهو ملهم وهو الزعيم الأوحد، وهو الذي يصدر التوجهات، وتضع صورهم وتماثيلهم في كل مكان. وهي حالة إعلانية بالغمر والتعبئة والتكرار والإلحاح، فحيثما ذهبت يطالعك وجه القائد أو صوره أو أقواله أو إنجازاته[37]“.
3- الخلط بين الحقيقة والكذب:
يشير د. عزمي بشارة في معرض حديث عن تحليل الاستراتيجية الدعائية للنظام السوري، وتعامله مع الإعلام إلى أن هدف الدعاية الرسمية في بعض الحالات أن يختلط على الناس الحقيقة والكذب، كأنهما روايتان متساويتا القيمة، والفارق أن إحداهما تخدم الوطن، والثانية تخدم الأعداء[38].
4- التشكيك في روايات الآخرين:
يشير بشارة في الكتاب ذاته، إلى أن الهدف من الكذب الإعلامي في بعض الحالات ليس إقناع الناس بصحة الرواية الرسمية، بل جعل الناس يشككون في روايات الآخرين، وبذلك تضيع الحقيقة[39].
ومن كل ما تقدم يمكن القول إن سلاح الأخبار الكاذبة أحد أهم أسلحة النظم القمعية، فهي من ناحية تُساعد في رسم صورة ذهنية إيجابية عن الطاغية، كما تزيد من قدرة النظام على التحكم في الفضاء العام والمواطنين، وتخلط الحقيقة بالوهم، وفي النهاية يشكك الجمهور في أي رواية لا يتبناها النظام.
سادسا: عوامل انتشار الأخبار الكاذبة
في عصر ما بعد الحقيقة، تنتشر الأخبار الكاذبة في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها انتشار النار في الهشيم، ولذلك من الأهمية بمكان استعراض وسائط نقل الأخبار الكاذبة وترويجها، فبدون معرفة الخصائص المميزة لتلك الوسائط، وأسباب سهولة انتشار الأخبار الكاذبة على بعضها، لن نتمكن من فهم تلك الظاهرة. ويأتي على رأس تلك الوسائل مواقع التواصل الاجتماعي. تتميز وسائل التواصل الاجتماعي ببعض الخصائص، منها:
1- تزايد أعداد مستخدميها:
أظهرت دراسة حديثة أن ما يقرب من 5 مليارات شخص، أي ما يزيد على 60% من سكان العالم، يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي حتى عام 2023[40].
2- زيادة أهمية مواقع التواصل في نقل الأخبار:
كشفت دراسات أن نسبة الأفراد الذين يعتمدون على منصات التواصل الاجتماعي في الحصول على الأخبار في تزايد مستمر؛ حيث أكد ما يقارب 54% من مستخدمي الإنترنت أنهم يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار أسبوعيا[41].
3- التوسع في الإعلانات الرقمية:
إزاء الزيادة الكبيرة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم؛ أضحت تلك المواقع أحد أهم ساحات الإعلانات، كما ظهر أثر ذلك في ارتفاع أرباح تلك المواقع من الإعلانات.
4- قدرة صاحب الحساب على إخفاء هويته:
يستطيع مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي إخفاء هويته الحقيقية عن طريق اختيار اسم مستعار، ووضع صورة شخص آخر أو صورة عامة، ونشر معلومات شخصية غير حقيقية.
وفيما يتعلق بأدوات تناقل الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ ذكرت دراسة سارة عبد العزيز هذه العديد من الأدوات المستخدمة في ذلك، ومنها:
أ- الحسابات الآلية (Automated Bots): هي حسابات تم إنشائها عن طريق برمجيات صُنعت لأجل هذا الغرض، تقوم هذه البرمجيات بنشر الأخبار الكاذبة عن طريق هذه الحسابات، وتتم عملية النشر على نطاق واسع.
ب- التصيد (Trolling): يعتمد بشكل أساسي على إثارة المشاعر السلبية للمستخدمين؛ مما يؤدي إلى تفاعلهم مع الأخبار الكاذبة.
ج- السايبورج (Cyborg): تعتبر آلية وسيطة بين الحسابات البشرية وغير البشرية (Social Bots)، حيث تعمل على الدمج بينهما، ومن ثم تعد آلية مثالية لنشر الأخبار الكاذبة.
د- صياغة العناوين الجاذبة للنقرات: يعتمد على صياغة عناوين صادمة تجذب انتباه المستخدمين، وتجعلهم يقومون بالضغط من أجل قراءة المحتوى، وهو ما يسمى “العناوين الجاذبة للنقرات” (Click-bait Titles).
ه- تضمين عدد كبير من المستخدمين (Mentions): يتم من خلالها عمل تضمين للمستخدمين، بحيث يظهر في الإشعارات لديهم هذه الأخبار، ومن ثم يدخلون لمشاهدة المحتوى.
و- خدمات المتابعة والإعجاب وإعادة التغريد: تقوم بعض الشركات ببيع الآلاف أو ملايين المشاهدات لأي محتوى، أو الحصول على كم كبير من تسجيلات الإعجاب عبر فيسبوك مقابل نظير مادي.
ز- الحشد الجماعي (Crowdsourcing): يتم استخدام بعض البرمجيات، بهدف الترويج لموقع أو منتج علامة معينة من خلال ربطها بمواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم الاستفادة من قاعدة بيانات المستخدمين المسجلين[42].
تعد تصريحات السياسيين أيضا من مصادر نشر الأخبار الكاذبة، ويُعد ترامب من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في هذا الشأن، وسوف يتم تناول هذا الموضوع بالتفصيل في المحور القادم.
سابعا: أحداث بارزة أثرت فيها الأخبار الكاذبة
1- فوز ترامب:
شهدت ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حالة من التجاذب الشديد بينه وبين ما سماه “الإعلام الكاذب/المزيف”، حتى إنه استحدث العديد من الوسائل التي يسخر بها منه[43]. كما بات يُعتقد على نطاق واسع أن الأخبار الكاذبة كان لها دور كبير في التأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي فاز بها ترامب عام 2016.
وجهت العديد من الاتهامات إلى الحملة الانتخابية لترامب باستغلال بعض منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها فيسبوك، للترويج للأخبار الكاذبة، وذلك من خلال استهداف شريحة ضخمة من مستخدمي فيسبوك (حوالي 50 مليون مستخدم أمريكي) للتأثير على قراراتهم في التصويت الانتخابي[44]. وكشفت صحيفة الجارديان البريطانية عن وثيقة داخلية من شركة الاستشارات (كامبريدج أناليتكا) -التي عملت مستشارة لحملة ترامب الانتخابية- تُبين كيفية مساهمة الشركة في استهداف جمهور مواقع التواصل الاجتماعي بآلاف الإعلانات التي عرضت مليارات المرات، وفقاً للوثيقة.
كذلك بيّنت الوثيقة أن “كامبريدج أناليتكا” وحملة ترامب استخدمتا تقنية إعلانات جديدة أطلقها موقع إكس (تويتر سابقا) بداية عام 2016، تمكّن العملاء من إطلاق تغريدات فيروسية، أي تنتشر على نطاق واسع، بالإضافة إلى ميزة “الإعلانات التحادثية” Conversational Ads لتشجيع متابعي ترامب على التغريد باستخدام مجموعة من الوسوم (هاشتاجات) محددة سلفاً[45].
لم تكن شركة كامبريدج أناليتكا المتهمة الوحيدة باستغلال الأخبار الكاذبة لإحداث اضطرابات وتأثيرات سلبية على المجتمع الأمريكي؛ إذ اتهمت روسيا بتبني استراتيجية لنشر العديد من الروايات المتضاربة للأحداث في وقت واحد، وتعميق الانقسامات السياسية والعرقية داخل المجتمع الأمريكي، ونشر فكرة تراجع الثقة بالمؤسسات الغربية والعملية الديمقراطية برمتها. ووفقا لتقرير نشرته شبكة (سي إن إن) الأمريكية، تمكن الروس من نشر معلومات وأحداث وهمية مضللة؛ والوصول بها إلى 300 ألف أمريكي عبر مواقع التواصل الاجتماعي[46].
دفع ذلك وغيره المؤسسات الأمنية الأمريكية إلى البحث والتحري الدقيق في هذا الموضوع. وبدعم من وزارة الدفاع الأمريكية، أصدرت مؤسسة راند البحثية تقريرا في نوفمبر 2018، بشأن كيفية مواجهة تأثير الإعلام الاجتماعي الروسي[47]
شرح التقرير عبر صفحاته التي تزيد عن الثمانين كيف استطاع الروس التأثير على الناخبين الأمريكيين وتوجيه مجرى الانتخابات الرئاسية الأمريكية عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وخاصة تويتر وفيسبوك[48]، بعد أن جرّت رئاسة ترامب على الولايات المتحدة الكثير من المتاعب، وانكشفت خلالها العديد من الفضائح، بدءاً من الانتخابات التي فاز بها بصورة لا يزال الكثير من المحللين الأمريكيين يشكك بها حتى اليوم[49].
الجدير بالذكر أيضا، أن ترامب لم يكف عن استخدام مصطلح الإعلام الكاذب/المزيف (Fake News) في إطار انتقاداته لتغطية وسائل الإعلام لأخبار البيت الأبيض، وأعلن عن جائزة “للأخبار الكاذبة” تضمنت وسائل إعلام مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز، وسي إن إن، زاعما أن “دراسات أظهرت أن أكثر من تسعين بالمائة من التغطية الإعلامية للرئيس ترامب سلبية”، وذلك بدون أن يُقدم أي توضيح أو مصادر لتلك الدراسات[50].
في الحقيقة، فإن ما يقوم به ترامب يمكن فهمه على أنه في إطار حرب نفسية مستمرة بينه وبين ما يطلق عليه الإعلام الكاذب، إذ سبق إعلان ترامب عن هذه الجائزة بنحو ما يقارب الشهرين إعلان واشنطن بوست أن ترامب أدلى بـ1628 تصريحا كاذبا أو مغلوطا، خلال أول 300 يوم قضاها في البيت الأبيض، بمعدل أكثر من خمسة تصريحات كاذبة يوميا. وأضافت الصحيفة أن “ترامب يستخدم غالبا مصطلح (الأخبار الكاذبة) لكنه على الرغم من ذلك فإنه يدلي بنفسه بأخبار مغلوطة وكاذبة”، وقالت الصحيفة إن ترامب غالبا ما يكذب أو يقدم معلومات غير صحيحة عند الحديث عن البطالة، والضرائب، وسوق الأوراق المالية والأسهم وبرنامج أوباما كير للضمان الصحي[51].
2- الأزمة الخليجية:
اندلعت شرارة الأزمة الخليجية في مايو 2017 بسبب خبر كاذب؛ إذ نشرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية، نص كلمة منسوبة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال حفل تخرج الدفعة الثامنة من مجندي الخدمة العسكرية. وبحسب تلك التصريحات المفبركة، هاجم الشيخ تميم سياسات السعودية، ودافع عن حزب الله وحركة حماس وإيران والعلاقة معها.
ورغم نفي قطر الرسمي لتلك التصريحات وإثبات تعرض موقع الوكالة الإلكتروني للاختراق[52]، إلا أن وسائل الإعلام في السعودية والإمارات ومصر والبحرين استمرت في التعامل مع تلك التصريحات على أنها حقيقية، وشنت حملة غير مسبوقة استهدفت دولة قطر، متجاهلة التكذيب المُعلن.
في اليوم التالي، قررت مصر حجب 21 موقعاً إلكترونياً إعلامياً داخل مصر، بحجة تضمنها محتوى “يدعم الإرهاب والتطرف”، كان من أبرزها “الجزيرة نت” و”مصر العربية” و”الشعب” و”عربي21″ و”رصد” و”حماس أون لاين”. بلغت الحملة ذروتها بحلول صباح 5 يونيو، عندما أعلنت دول الحصار قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، ليأخذ الإعلام المصري والخليجي منعطفاً جديداً في التصعيد[53].
ما يعنينا في هذا السياق هو كيفية استخدام الأخبار الكاذبة كاستراتيجية في وسائل الإعلام، وكأداة من أدوات الحرب السياسية. فقد رصد Wood استهداف بعض وسائل الإعلام النيل من قطر عن طريق إطلاق الإشاعات والمعلومات المضللة، مثل موقع The Qatar Insider، الذي كان يسوق نفسه باعتباره مصدرا شاملا للمعلومات حول أزمة قطر، في حين دأب على نشر معلومات مضللة تعتمد في الأغلب على رسوم جاذبة للانتباه وأرقام مضللة لجذب الجمهور[54].
على سبيل المثال، زعم الموقع أن قطر أنفقت 64.2 مليار دولار “لدعم الإرهاب” في الفترة بين 2010 و2015، ناسبا تلك المعلومة الكاذبة إلى وزارة الخزانة الأمريكية، كما نشر مزاعم أخرى لا تتعلق بدعم تنظيم داعش مادياً فحسب، بل بأن قطر دربت مقاتلي التنظيم، وأنها تحمي العقل المدبر وراء هجمات 11 سبتمبر خالد شيخ محمد تجرى، وأنها هددت علانية بتنفيذ إبادة جماعية بحق شعبها لإسكات المعارضة[55].
رصدت الدراسة أيضا إنفاق لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية (سابراك)[56] ، 2.6 مليون دولار خلال عام، دفعتها لشركة بوديستا جروب الأمريكية المتخصصة في العلاقات العامة، لإدارة موقع إلكتروني مناهض لقطر، بالإضافة لمنصات تابعة للموقع على منصات التواصل الاجتماعي[57].
وفيما يتعلق بكيفية تعامل قطر مع الأزمة، أشار الخبير (إبي ماسلحدان) رئيس مؤسسة (ترانس ميد يو إس أي) الأمريكية في معرض مشاركته بمنتدى الأمن العالمي عام 2019، إلى أن قطر تعاملت بشكل جيد جدا مع قضية الأخبار الكاذبة، مع العلم أنها عانت من أضرار الأخبار الكاذبة التي تم ترويجها ضدها من قبل بعض الدول التي لم يسمها[58].
ثامنا: تحديات انتشار الأخبار الكاذبة
تطرح الأحداث السابقة وغيرها أهمية تناول موضوع الأخبار الكاذبة، والبحث عن طرق للتعامل معها حتى لا تؤدي إلى عواقب وخيمة. لا يستطيع أحد الادعاء بأن لديه القدرة على القضاء على تلك الظاهرة، فمن المعلوم أن الكذب صفة لم تختف على مدى الحياة البشرية، لكن العصر الحالي يتميز بسرعة انتقال الأخبار، وهذا من شأنه أن يضع تحديات كبيرة تجعل من مواجهة الأخبار الكاذبة في غاية الصعوبة، ومنها:
1- الافتقار إلى استراتيجية فعالة:
تعاني الكثير من دول العالم في الوقت الحالي -وبالأخص النامية- من افتقارها إلى استراتيجية فعّالة للتعامل مع المعلومات المضلّلة[59]، وهو ما يُضر بها، كما يضر بالدول المتقدمة كذلك، بسبب سهولة انتقال المعلومات بين أنحاء العالم.
2- العجز عن السيطرة على مواقع التواصل:
تمنح مواقع التواصل الاجتماعي فرصا كبيرة لأي شخص لينشر أخبارا كاذبة، بدون أن يواجه مساءلة قانونية إذا استخدم أي وسيلة يخفى بها هويته الحقيقية، وهذا يزيد من مخاطر انتشار الأخبار الكاذبة.
3- السرعة الفائقة لانتشار الأخبار الكاذبة:
كما ورد آنفا، أكدت دراسة كمية أجراها باحثون في معهد ماساتشوستس أن “المعلومة الزائفة تنتشر بشكل ملحوظ جدا وعلى نطاق واسع، وبوتيرة أسرع وأعمق من المعلومات الحقيقية[60]“. كما توصلت دراسات أخرى إلى نفس النتيجة.
4- ابتكار وسائل تكنولوجية متقدمة للتزييف:
استُحدثت وسائل جديدة لنشر الأخبار الكاذبة، منها التزييف العميق (Deep Fake) الذي بات يشكل تهديدا كبيرا على المستوى العالمي. كان أول استخدام لتلك التقنية على موقع (Reddit)، -منتدى أمريكي شهير- عندما تمكن المستخدمون من تركيب أوجه نساء مشهورات فوق أجساد ممثلات إباحيات يمارسن الجنس. حذف الموقع هذه الفيديوهات، ولكن مبرمجي هذه التقنية تمكنوا من كتابة خوارزميات وبرامج تجعل أي شخص بإمكانه تركيب وجه أي شخص على مقطع مسجل لشخص آخر[61].
كان لظهور هذه التقنية أثر صادم كبير على العالم بأسره، إذ ظهر فيديو -باستخدام هذه التقنية- يحتوي على صورة لرئيس الولايات المتحدة السابق باراك أوباما وهو يسب دونالد ترامب بألفاظ نابية، وكذا ظهر مقطع آخر يقول فيه مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك، إن مهمة منصته الأساسية ليست أن تساعد الناس على التواصل، بل الوصول لأكبر قدر ممكن من المعلومات عن المستخدمين ليسهل التنبؤ بتصرفاتهم المستقبلية والتحكم فيها[62].
وخلال عام 2019، تضاعف استخدام تلك التقنية على شبكة الإنترنت؛ إذ رصد باحثون مؤسسة (ديب تريس) للأمن الإلكتروني، إنتاج 14 ألفا و698 مقطع فيديو على الإنترنت، مقارنة بـ7964 مقطعا عام 2018. كما أورد الباحثون أن 96% من المواد التي تم نشرها باستخدام تلك التقنية كانت إباحية في طبيعتها، وغالبا ما يكون الوجه لشخصية شهيرة.
أثارت هذه التقنية مخاوف من توظيفها في المجال السياسي، وتحدث نواب في الكونجرس الأمريكي عن هذه المخاطر، وعقدوا جلسة استماع في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب حول تطبيقات تغيير الوجوه، وأدرج تقرير نشرته جامعة نيويورك تقنية التزييف العميق ضمن أعلى 8 تهديدات للانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020[63].
وما يزيد من تلك المخاوف، أن هذه التقنية تتطور سريعا خلال وقت قصير، كما أعلنت شركات عالمية أنها تعمل على بعض المشاريع المشابهة، مثل شركة (أدوبي) منتجة برمجيات تعديل الصور الشهيرة، والتي تعمل على مشروع باسم VOCO، وهو برنامج يعمل على تحويل النصوص إلى صوت يطابق صوت الشخص المستهدف أو المسجل، ومن خلال تعديل الكلمات المحكية أو حذف بعض المقاطع، يجعل البرنامج الشخص يقول كلاما لم يقله في الواقع، وذلك اعتمادا على تقنية التعلم الذاتي من خلال إدخال مقطع صوتي لا يقل عن 20 دقيقة؛ ليتعرف البرنامج بدوره على تركيبة الطبقة الصوتية التي يتكلم بها الشخص، ومن ثم يحللها وينسخها لكي يصنع نسخة مطورة عن صوت الشخص لاستخدامها لاحقاً في قراءة النصوص المفبركة[64].
كما فتحت تقنيات الذكاء الاصطناعي بابا كبيرا لتزييف الأصوات والفيديوهات والصور والأخبار بشكل قد لا يمكن تخيل تبعاته وأشكاله المستقبلية، وهو موضوع كبير ومتشعب لا يمكن الحديث عنه باختزال، إذ أصبح محورا لآلاف المقالات والأبحاث، وسيستمر في الاستحواذ على اهتمام الباحثين والعلماء والشركات لسنوات قادمة.
المبحث الثاني: النتائج
اتبعت وسائل الإعلام المصرية العديد من الاستراتيجيات لنشر الأخبار الكاذبة، وسيتم توضيح تلك الاستراتيجيات خلال المحاور القادمة.
أولا: سردية مغايرة لثورة 25 يناير
قدمت صحف وفضائيات رواية مختلفة لثورة الخامس والعشرين من يناير، تعتمد بشكل رئيسي على تصويرها كمؤامرة أجنبية اشتركت فيها دول لإسقاط نظام حسني مبارك. وتعتمد على محاور رئيسية، وهي:
- اشتراك الحركات الثورية، مثل حركة شباب 6 أبريل، والاشتراكيين الثوريين، وشخصيات مستقلة، مثل الدكتور محمد البرادعي، في تدريبات رعتها أجهزة مخابرات غربية قبل الثورة مباشرة.
- تخطيط جماعة الإخوان المسلمين لإحراق أقسام الشرطة واقتحام السجون وتهريب المعتقلين، بالإضافة إلى تورطها في موقعة الجمل، بالاشتراك مع حركة حماس.
- التشكيك في نتائج انتخابات الرئاسة عام 2012، التي فاز بها الرئيس الراحل محمد مرسي، والادعاء بأن المرشح أحمد شفيق هو من فاز بها، والزعم بأن جماعة الإخوان هددت بتخريب البلاد، مما اضطر المجلس العسكري إلى إعلان فوز مرسي[65].
هذه الجوانب الرئيسية سيطرت على إستراتيجيات الإعلام المصري عند الحديث عن ثورة يناير، رغم أن الدستور الذي استفتي عليه عام 2014 أكد أن 25 يناير ثورة.
ثانيا: المؤامرة الدولية بعد 30 يونيو
رغم خروج حشود من المصريين في مظاهرات الثلاثين من يونيو للمطالبة برحيل الرئيس مرسي، ورغم صعوبة تحديد الأعداد بدقة لغياب المعايير التي يمكن القياس بناء عليها، إلا أن الإعلام بدأ منذ ذلك اليوم في إضافة تفاصيل غير حقيقية على المشهد.
بدأت هذه التفاصيل في الثلاثين من يونيو، عندما زعمت وسائل إعلام أن عدد المتظاهرين بلغ 33 مليونا[66]. ونشرت صحيفة ما قالت إنه “آخر حوار بين السيسي ومرسي قبل 3 يوليو”، ويبدو من سياق الحوار وكأن محرر التقرير كان جالساً معهما يستمع إلى الحوار، لدرجة تمكنه من نقله بالنص. والمؤكد أن الحوار المزعوم عبارة عن تسريب من إحدى الأجهزة الأمنية بهدف المساهمة في زيادة شعبية السيسي، وإظهاره بمظهر الرجل الوطني الذي يرفض المساومة ولا يخضع للابتزاز. وإظهار مرسي كخائن يستدعي التدخل الأجنبي[67].
وفي نفس السياق، نشرت صحيفة خبراً ادعت فيه نقلاً عن مصادر مجهولة أن عصام الحداد، مساعد الرئيس للشؤون الخارجية، أجرى اتصالات موسعة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، طالبهم فيها بإرسال قوات دولية لحماية مرسي من المتظاهرين[68]، وهو خبر انتشر بصورة واسعة ونشرته الصحيفة على موقعها الإلكتروني وفي نسختها المطبوعة.
تناول كثيرون مذكرات هيلاري كلنتون المزيفة، والتي روج لها أنصار السلطة من الإعلاميين باعتبارها قصصا حقيقية، خاصة الجزء الخاص بمحاصرة الجيش المصري للأسطول السادس الأمريكي بطائرات الأباتشي (أمريكية الصنع)، بالإضافة إلى طائرات ميج روسية الصنع.
تقول القصة المزيفة، إن الولايات المتحدة اتفقت مع الإخوان في مصر على إعلان دولة إسلامية في سيناء، وأن واشنطن أسست تنظيم داعش بهدف تقسيم الشرق الأوسط، إلا أن “ثورة 30 يونيو” أفسدت المخطط الأمريكي. ورغم تفنيد تلك الأكاذيب مرات عدة من كتّاب وباحثين[69]، إلا أن جابر عصفور، وزير الثقافة السابق، ظهر ليكرر نفس القصة، زاعماً أن الهدف من إنشاء تنظيم الدولة الإسلامية هو مواجهة “ثورة 30 يونيو”[70].
تحدث المذيع محمد الغيطي أيضا عن المذكرات المزيفة، باعتبارها انفراداً صحفيا نجح في الحصول عليه، مؤكداً أن الأسطول السادس الأمريكي دخل المياه الإقليمية المصرية قبل أيام من فض اعتصامِ رابعة العدوية، إلا أن طائراتٍ حربية مصرية حلقت فوق الأسطول وأجبرته على الانسحاب، وأن القوات البحرية المصرية، بقيادة الفريق مهاب مميش، أسرت قائد الأسطول الأمريكي. كما زعم الغيطي أن عضواً بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة اتصل بالرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، ونقل إليه رسالة من تهديد من السيسي. وأخيراً أكد أن هذه القصص مذكورة في مذكرات هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية[71].
أثار الموضوع ردود فعل واسعة، ونشرت الصحيفة نفياً للقصة على لسان مصدر عسكري، قال إن هيلاري كلنتون لم تكن تشغل منصب وزيرة الخارجية أثناء 30 يونيو “وبالتالي لم يتضمن كتابها أي كواليس لما حدث، لأنها كانت قد خرجت من السلطة”. كما أن مهاب مميش كان قد ترك منصبه في قيادة القوات البحرية، وتولى منذ عام 2012 رئاسة هيئة قناة السويس[72].
ترتبط هذه القصة بمحور آخر سعت وسائل الإعلام في مصر لإقناع الجمهور به، عبر الزعم بوجود توتر في العلاقة بين مصر والولايات المتحدة بسبب عزل مرسي. وقد نفى المصدر العسكري ذلك، عندما أيد ما قالته المصادر الأمريكية من وجود تواصل شبه يومي بين السيسي ووزير الدفاع الأمريكي (تشاك هاجل) خلال تلك الفترة.
قصة أخرى خيالية روّجها الإعلام بخصوص ملابسات ما بعد الثلاثين من يونيو، تفيد بأن أوباما حاول الاتصال بالسيسي، إلا أن الأخير تجاهل الرد على مكالمته، وهو ما أصاب أوباما بالصدمة[73]. ثبت عدم صحة هذه الأخبار على لسان السيسي نفسه، في حواره مع جريدة واشنطن بوست بتاريخ 3 أغسطس 2013، إذ كشف أنه كان على تشاور دائم مع الإدارة الأمريكية وطلب النصح والمعاونة منها، لأنها حليف استراتيجي[74].
رغم هذا، استمرت وسائل الإعلام في نشر أخبار موحدة بنفس الصياغة تقريبا، تتحدث عن اجتماعات سرية لأجهزة مخابرات أجنبية للتخطيط لإجهاض “ثورة 30 يونيو” عبر صناعة فوضى كبيرة في البلاد. وضمت أحد هذه الاجتماعات المزعومة، وفقا للأخبار المنشورة في الصحف المصرية، أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية والتركية والإسرائيلية والألمانية، فيما ضم اجتماع آخر، وفقا لثلاث صحف مصرية زعمت أنها حصلت على تفاصيله ونشرته بنفس التفاصيل والعناوين، ممثلين للموساد الإسرائيلي وجهاز الأمن القومي الأمريكي، وممثل عن القوات البريطانية في قبرص، وممثل عن وزارة الدفاع الفرنسية، وممثل عن غرفة العمليات لحلف شمال الأطلسي[75]. ونشرت صحف صورا لأوراق باللغة العربية زعمت أنها محضر لمجريات الاجتماع وأهم التوصيات التي خرج بها. ويمكن بسهولة ملاحظة التشابه بين طريقة كتابة محضر الاجتماع المزعوم وأسلوب كتابة مذكرات هيلاري كلنتون الزائفة[76].
وبعد 4 أشهر من نشر هذه التقارير، عادت صحيفة الوطن لنشر نفس التفاصيل عن اجتماع مماثل عقد في ألمانيا أيضاً، ويضم نفس أجهزة المخابرات، وخرج بتوصيات حملت عنوان “مصر.. فوضى بلا نهاية”، تضمنت “العمل بكل قوة لمنع ترشح السيسي لانتخابات الرئاسة[77]“، مع ملاحظة أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك أي حديث من السيسي عن رغبته بخوض الانتخابات، وهو ما يؤكد أن الإعلام حاول منذ البداية تصوير وصول السيسي للرئاسة باعتباره انتصارا على القوى الغربية المعادية لمصر وتحديا لإرادتها.
لوحظ أن هذه الأخبار تكررت بصورة دورية، فقد نشرت صحيفة أخرى تفاصيل قالت إنها لاجتماع ضم قيادات جماعة الإخوان مع عملاء مخابرات تركيا وإسرائيل وقطر “لتفجير الأوضاع فى مصر[78]“، وتحدثت صحيفة ثالثة عن اجتماع لأجهزة مخابرات في الدوحة لحصار مصر اقتصاديا[79]، ورابعة نبهت القراء إلى ما سمتها “مؤامرة أمريكية تركية لخنق السيسي[80]“.
ثالثا: أحاديث ملفقة
منذ تولي الرئيس الراحل محمد مرسي مقاليد الحكم، لم تتوقف الصحف ووسائل الإعلام عن نشر تفريغ لما زعمت أنها حوارات تدور في الغرف المغلقة، نقلا عن مصادر مجهولة، وقد امتلأ عهد مرسي بالشائعات التي ثبت فيما بعد عدم صحتها[81]. وبعد عزله، نشط الإعلام في نشر مثل هذه الأخبار، والتي اتخذت أشكالاً عدة، نذكر من بينها:
1. تلفيق حوارات على لسان شخصيات دولية:
بعد إعلان عزل مرسي، قرر الاتحاد الأفريقي تجميد عضوية مصر، وإرسال لجنة حكماء لبحث الوضع في البلاد. وفي محاولة للإيحاء بوجود تأييد دولي لعزل مرسي، نشرت صحيفة “المصري اليوم” حوارا متخيَّلاً زعمت أنه دار بين مرسي ورئيس لجنة حكماء أفريقيا (ألفا عمر كوناري)، وجاءت تفاصيل الحوار لتفيد بأن الأخير قال لمرسي “الوضع كارثي، أنت نجحت في انتخابات الرئاسة بنسبة 51%، وخسرت في أقل من عام لدرجة أن الشعب انقلب عليك، ولا يمكنك إنكار حجم الحشود ضدك، مصلحة بلدك أهم من مصلحتك الشخصية، ولابد أن تدرك أن الأمر انتهى[82]“.
وبعد انفجار الأوضاع ومقتل المئات في اشتباكات واضطرابات بين مؤيدي مرسي ومعارضيه، وصلت كاثرين أشتون، الممثلة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إلى مصر، أواخر يوليو 2013، لمحاولة التوسط لحل الأزمة في البلاد. التقت أشتون بالعديد من القوى السياسية والمسؤولين، ثم التقت بمرسي في مقر احتجازه، ثم عقدت مؤتمراً صحفياً مع محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية المعين، قالت فيه إنها لن تعرض ما دار في لقائها مع مرسي، لأنه غير موجود “ولن يكون قادرا على تصحيحي[83]“.
لكن وسائل الإعلام الموالية للسلطة نشرت العديد من الأخبار مجهولة المصدر، زعمت أنها لمجريات اللقاء بين مرسي وأشتون، وذلك بهدف تشويه مرسي وإظهاره في صورة الضعيف الذي لا يستطيع اتخاذ قرار دون الرجوع لمكتب إرشاد جماعة الإخوان، وكذلك في صورة الخائن الذي يستقوي بالأجانب، رغم أن السلطات وافقت على عقد اللقاء، واستقبلت عشرات الوسطاء الأجانب خلال تلك الفترة.
تركزت معظم هذه الأخبار الكاذبة في صحيفة الوطن، التي نشرت تقارير عدة عن هذا الموضوع، منها تقرير زعم أن مرسي استنجد بأشتون وطلب منها تدخل أوروبا لإعادته للحكم[84]. كما نشرت مقالاً زعم كاتبه أن مرسي طالب أشتون بالإفراج عن خيرت الشاطر، نائب مرشد الإخوان، كما طالب بتمكينه من الاتصال بالمرشد محمد بديع “لأخذ رأيه في بعض الأمور[85]“. كما زعمت هذه التقارير، أن أشتون أبلغت مرسي بأن أمره انتهى، وأنه لابد أن يعترف بعزله، وأن ما جرى كان استجابة لخروج “ملايين المصريين” في 30 يونيو، إلا أن أشتون أكدت في مؤتمرها الصحفي مع البرادعي، أنها طالبت بالإفراج عن مرسي.
2. نشر اعترافات ملفقة:
عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، ألقي القبض على الآلاف من قيادات وأنصار جماعة الإخوان المسلمين، ونشرت صحف اعترافات لم يدل بها أصحابها، في محاولة لإقناع القراء بأن قيادات الجماعة وأنصارها جبناء ويتهربون من المسؤولية ويلقونها على عاتق بعضهم البعض.
على سبيل المثال، نشرت صحيفة الأهرام خبراً يدّعي أن المرشد العام للإخوان، محمد بديع، اعترف في التحقيقات بمسؤولية محمد البلتاجي، القيادي بالجماعة، عن تمويلها بالمال والسلاح، وأنه وراء ارتكاب جرائم العنف التي وقعت منذ أحداث 30 يونيو[86]. لكن الصحيفة عادت ونشرت بعد يومين خبراً آخر مختلفا تماماً عن الأول، كتبته نفس الصحفية، يتضمن التفاصيل الحقيقية للتحقيقات مع بديع، والتي رفض فيها الإجابة على أسئلة النيابة، مؤكدا أن البلاد “في حالة انقلاب عسكري[87]“. لكن الخبر الثاني لم يحصل على فرصة الانتشار التي حصل عليها الخبر الأول، خاصة مع إعادة نشره في مواقع أخرى[88].
اعترافات ملفقة أخرى نشرتها صحيفة اليوم السابع لأحد الشباب ويدعى المحمدي محمد شحاتة، الشهير باسم “أورتيجا”، بعد إلقاء القبض عليه بيومين، ذكرت خلالها أنه اعترف باشتراكه في تشكيل تنظيم أطلق عليه “كتائب حلوان”، وأنه شارك في حرق قسم شرطة المطرية وحي عين شمس مقابل مكافآت مالية بعد كل عملية[89]. إلا أن قراراً صدر بإخلاء سبيله بعد ذلك بشهر واحد، ليتضح أنه لم يُدلِ بأي اعترافات، وأن قائمة الاتهامات الموجهة له لا تتضمن الانتماء إلى كتائب حلوان أو أي ذكر لها[90].
ونشرت صحيفة المصري اليوم تقريرا يحتوي على تناقض بين عنوانه ومحتواه، فالعنوان تحدث عن “اعترافات” أدلى بها عصام العريان، القيادي بحزب الحرية والعدالة، في قضية التخابر المتهم بها، لكن عندما نقرأ متن التقرير نجد أنه يرفض جميع الاتهامات ويسخر منها[91]. اتبعت الصحيفة في هذا التقرير مدرسة “العناوين المثيرة” التي تعتمد على أن معظم القراء يكتفون بقراءة عناوين الأخبار فقط دون التعمق في قراءة تفاصيلها، وبالتالي عندما يقرأ المتابعون هذا العنوان سيتصورون أن العريان أدلى باعترافات.
3. تسريبات ملفقة:
رغم إذاعة العديد من التسجيلات الصوتية والمقاطع المصورة المسربة لمسؤولين رسميين بعد عزل مرسي، إلا أن الإعلام لم يستطع نشر أي تسريبات متعلقة بقيادات جماعة الإخوان المسلمين تثبت الاتهامات التي نشرها عنهم طوال العام الذي حكم فيه مرسي، مثل بيع البلاد والتخابر والتآمر مع جهات أجنبية.
وبعد نشر الموجة الأولى من التسريبات عام 2013، عن طريق شبكة رصد، بدأت خطة إعلامية مضادة لنشر تسريبات مماثلة لمرسي وقيادات الإخوان، ونشرت جريدة الوطن تسجيلات لمرسي داخل مقر احتجازه، لكنها لم تتضمن ما يدين الأخير، فضلا عن أن نشر هذا التسجيل ساهم في إثبات براءة مرسي من جميع الاتهامات التي قيلت في حقه طوال فترة حكمه، فلو كانت هناك أدلة مصورة أو مسجلة له تدينه أثناء فترة حكمه، لما تردد النظام في نشرها للانتقام منه وفضحه.
بعد هذه المحاولة، اتجه الإعلام لمحاولة إثبات اتصال مرسي بالجماعات الجهادية، ونشرت صحف ومواقع إخبارية وفضائيات، ما قالت إنه تفريغ لخمس مكالمات بين مرسي وأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة[92]، لكنها لم تستطع تقديم أي دليل يثبت صحة هذه الأحاديث المزعومة، خاصة مع محتواها الذي بدا عليه الافتعال[93]، واحتوائها على شفرات استخدمت في أفلام سينمائية كوميدية[94]، وبالتالي أصبح مجرد كلام مرسل، خاصة أن الفضائيات التي أذاعت تلك المكالمات استعانت بأصوات أشخاص آخرين ليمثلوا دور مرسي والظواهري، وهو ما يثبت عدم وجود أي تسجيلات، لكن الإعلام تعامل معها باعتبارها حقيقة مؤكدة[95].
وبالبحث في تاريخ هذه المكالمات، يتضح أن أول صحيفة نشرته كانت البوابة نيوز في أكتوبر 2013[96]، أعقبتها صحيفة فيتو بعد أيام، لكنها نشرتها باعتبارها اعترافات أدلى بها مرسي لجهات التحقيق[97]. ثم كانت الوطن ثالث صحيفة تنشر هذه المكالمات المزعومة. وهي المرة التي حصلت على الزخم الإعلامي المطلوب. لكن الصحف الثلاث نشرت المكالمات باعتبارها “انفرادا صحفيا” خاصا بها وحدها[98]. ويبدو أن النشر الأول والثاني لم يحقق الهدف، فأعادت الجهات الأمنية تسريبها للوطن لتحقيق المطلوب.
ويمثل هذا التسجيل المزعوم أحد الأمثلة على ادعاءات كثيرة نشرت عن مرسي بعد الانقلاب، خاصة أن نفس الصحيفة تخصصت في نشر أخبار وتصريحات على لسان مرسي في سجنه دون دليل، ونقلا عن مصادر مجهولة، بغرض تشويهه[99].
تطورت هذه التسريبات الملفقة، لدرجة اندلاع خلافات بين بعض وسائل الإعلام حول أحقية كل منها بتلك “الانفرادات الصحفية”، وهو ما حدث عندما نشرت صحيفة الوطن تفريغا لمحادثات مزعومة بين خيرت الشاطر وخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس[100]، واتهمتها صحيفة البوابة نيوز بالسطو على “انفرادها”، وأكدت أنها نشرته على موقعها الإخباري وموقع يوتيوب قبل نشر الوطن لها بشهرين[101]. وفي كل الأحوال، لا توجد تسجيلات من الأصل، وإنما تفريغ مكتوب لمكالمات مزعومة لا يوجد دليل عليها.
4. تفاصيل الحياة داخل السجن:
ظاهرة لم تعرفها سوى الصحافة المصرية، تلك التي دأبت على نشرها بخصوص ما ادعت أنها تفاصيل حياة قيادات جماعة الإخوان المسلمين داخل السجون المصرية، وتحتوي على تناقضات وتفاصيل غير منطقية، بغرض التشويه. فمنذ اعتقال مرسي وقيادات الإخوان ومعارضي النظام، دأبت الصحف والمواقع على استقاء معلوماتها عنهم من خلال أجهزة الأمن والضباط المسؤولين عن السجون، واقتصر دور الصحفي على مجرد الجلوس مع الضابط الذي يملي عليه ما يريد نشره، لينشر الصحفي تلك القصص كما هي دون تدقيق أو مراجعة، وبعناوين توضح تبني الجريدة أو الموقع لهذه الروايات، رغم أنها معتمدة على مصادر غير محايدة، بل وتعتبر في حالة عداء مع هؤلاء السجناء.
تحدث أحد تلك التقارير عن متابعة قيادات الإخوان داخل السجن لأحد مسلسلات شهر رمضان، لدرجة إهمالهم لصلاة القيام من أجل متابعته[102]. ولم يقتصر التشويه عبر المصادر التي لها عداء مع المعتقلين على الإخوان فقط، وإنما شمل أيضا الناشط علاء عبد الفتاح، إذ زعم التقرير أن أحد الجنود شاهده وهو يشرب المياه في نهار رمضان، وأن علاء انفعل عندما وجد الجندي ينظر إليه، وأساء معاملته.
تحدث تقرير آخر عن مشاجرات بين قيادات الإخوان داخل السجن بسبب الرغبة في الحصول علي البيض والفول أثناء السحور[103]، بالإضافة إلى صفحات كاملة ملئت بأخبار وتقارير عن تناول مرسي للبط والجمبري داخل قصر الرئاسة وداخل سجنه بعد اعتقاله[104]، فضلا عن تقارير زعمت أنه كان يتناول وجبات بتسعة آلاف جنيه يومياً في قصر الرئاسة خلال حكمه[105]، وخصص إعلاميون حلقات كاملة لتناول الأمر والسخرية منه[106]، لدرجة أن وزير الداخلية نفى تلك الأنباء بنفسه[107]. كما نفى هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، هذه الشائعات أيضاً[108]. وقد هدفت هذه النوعية من الأخبار بالأساس إلى تدمير صورة مرسي، وإظهاره باعتباره لا يستحق منصب الرئاسة.
نفس الأمر تكرر عندما استضاف الصحفي مصطفى بكري في برنامجه، اللواء نجيب عبد السلام قائد الحرس الجمهوري السابق، الذي هاجم مرسي، وأكد أنه ذهب إلي ميدان التحرير مرتدياً واقياً من الرصاص، عكس ما أعلنه في خطابه الذي ألقاه آنذاك. وقال أيضا أن مرسي عندما جلس على كرسي المكتب الذي كان يجلس عليه مبارك، كان سعيداً للغاية وغير مصدق أنه أصبح رئيساً للجمهورية.
هذه التصريحات بالطبع وجدت ترحيباً من الصحف والمواقع والفضائيات، وحرصت على إبرازها باعتبارها معلومات هامة وصحيحة وأسرار تعرض لأول مرة، متناسين أن مرسي أقال اللواء نجيب عقب جنازة ضحايا مذبحة رفح الأولى في أغسطس 2012، بسبب فشله في تأمين حضور مرسي للجنازة، وسوء تنظيمها، مما أدى إلى تعرض هشام قنديل رئيس الوزراء وقتها إلى الاعتداء من بعض الحضور، ولذلك لم يكن يجب الاعتماد على كلام هذا الشخص مصدراً للأخبار، أو على الأقل تستوجب توفير مصدر أو ضيف آخر للرد عليه، لكن هذا لم يحدث.
رابعا: مصر وتركيا
انتقد رئيس الوزراء التركي السابق، الرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان، عزل الرئيس محمد مرسي بشدة، وهاجم السلطة الجديدة مرات عدة، الأمر الذي أعطى إشارة البدء للإعلام المصري لشن حملة هجوم على الموقف التركي. بدأت تلك الحملة بتحريف تصريحات لأردوغان، فبدلا من نشرها باعتبارها هجوماً من أردوغان على النظام الجديد، وصفتها وسائل إعلام بأنها “تطاول من أردوغان على مصر[109]“، رغم أن الأخير لم يهاجم مصر. ولم يكتف الإعلاميون بتوجيه السباب والشتائم لأردوغان، وإنما حرصوا على نشر أخبار ملفقة عن تركيا وأردوغان، وأطلقت صحف وفضائيات حملة لمقاطعة المنتجات التركية، وقررت بعض القنوات منع بث أي مسلسلات تركية على شاشاتها[110]، وحرصت على إخبار مشاهديها بالقرار[111]، باعتباره مساهمة منها في “المجهود الوطني” ضد تركيا.
ورغم عدم انتماء أردوغان لجماعة الإخوان طوال تاريخه، إلا أن الإعلام المصري ربط بين الاثنين، وأكد أن أردوغان ينفذ تعليمات التنظيم الدولي للجماعة، وأنه يجتمع مع قياداتها بانتظام للتخطيط لمهاجمة مصر، لأنه يخشى من ظهور “سيسي تركي” يطيح به، وفقا لتعليقات “خبراء” استعانت بهم صحف مصرية[112].
انتقد الإعلام المصري فض الشرطة التركية لاعتصام المتظاهرين في مدينة إسطنبول، وأطلقت لقب “سفاح تقسيم” على أردوغان، بسبب سقوط قتيل واحد فقط أثناء فض الاعتصام[113]، رغم أن نفس الصحيفة دافعت عن فض ميدان رابعة العدوية الذي أدى لسقوط آلاف القتلى والجرحى.
خلال التجاذب المستمر والتصريحات العدائية بين المسؤولين الأتراك ونظرائهم في مصر، نشر الإعلام المصري أخبار كاذبة عن تركيا، أبرزها قيام المتظاهرين الأتراك برفع صور السيسي في ميدان تقسيم، بعد أن تحول الأخير –وفقا للإعلام المصري- إلى “أيقونة الحرية ومحرر الشعوب، ورمزاً للوطنية ليس في مصر وحدها بل في تركيا أيضا. الأمر الذي أربك أردوغان وزرع الخوف بداخله[114]“. والحقيقة أن الصورة ليست في تركيا، بل رُفعت خلال إحدى مظاهرات تأييد السيسي في مصر[115]، لكن ذلك لم يمنع من انتشار الخبر الكاذب واعتماد صحفيين وكتّاب مقالات وسياسيين عليه في تعليقاتهم وكتاباتهم[116].
وفي أكتوبر 2014، خسرت تركيا التصويت على مقعد غير دائم في مجلس الأمن أمام إسبانيا، لترجع وسائل الإعلام السبب إلى معارضتها للنظام الجديد في مصر ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين[117]، ونجاح النظام المصري في محاصرة تركيا سياسياً، وإقناع دول العالم بعدم التصويت لها[118].
خامسا: حروب مخابراتية سرية
انتشرت ظاهرة قيام المواقع والصحف والفضائيات المصرية بنشر أخبار ومعلومات مفبركة من وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما ظهر في موضوعات كثيرة، نكتفي هنا بعرض مثال واحد لها، وهو المتعلق بتجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية على حكومات ومسؤولين في بلدان عدة حول العالم، وهي القضية التي ظهرت للعلن أواخر عام 2013، وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أبرز الشخصيات التي تحدثت التقارير الإعلامية عن تعرضها للتجسس.
التقطت وسائل الإعلام المصرية القصة، وهاجمت الولايات المتحدة من خلالها، باعتبارها تحث على احترام الديمقراطية، وفي نفس الوقت تتجسس على المسؤولين. لكن صحفا مصرية قررت إضافة تفاصيل من عندها، إذ أكدت أن المخابرات المصرية هي التي كشفت قضية التجسس[119]، وأن المسؤولين بالمخابرات الألمانية وجهوا الشكر لنظرائهم المصريين على مساعدتهم في الكشف عن هذه القضية[120].
وعندما نشرت جريدة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا عن فساد مدير المخابرات المصرية السابق، اللواء محمد فريد التهامي، اعتبر أحد المواقع الإخبارية المصرية أن هذا التقرير رد فعل أمريكي ضد المخابرات المصرية “بسبب ضرباتها القوية ضد الإرهاب وفضح تجسس أمريكا على رؤساء العالم”[121].
سادسا: انهيار الجزيرة
تعرضت شبكة الجزيرة الإعلامية لهجمات إعلامية عديدة في مصر، منذ عهد مبارك، لكن هذه الهجمات تزايدت بعد عزل مرسي، وإغلاق مكاتب الشبكة في القاهرة، وزادت وتيرة شيطنتها في الإعلام المصري، بعد اتهامها بدعم جماعة الإخوان.
وفي هذا الإطار، أطلق مجدي الجلاد رئيس تحرير جريدة الوطن السابق، ما سماها “حملة شعبية لحذف قناة الجزيرة من أجهزة الاستقبال في منازل الشعب المصري”، ودعا الصحفيين والإعلاميين لتبني الحملة، لأن القناة حسب قوله “تنسق مع أجهزة مخابرات وأنظمة غربية لإسقاط الجيش المصري وتدمير الدولة المصرية لصالح أمريكا وإسرائيل[122]“. وفي أبريل 2014، نشرت الجريدة ما قالت إنها وثيقة سرية، تكشف عن انهيار نسبة مشاهدة قناة الجزيرة داخل مصر، وتراجعها من 28٪ إلى 5.3٪ فقط[123].
الوثيقة التي تحدثت عنها الجريدة قالت إنها عبارة عن “استطلاع سري جدا” قامت به القناة أوضح انخفاض نسب المشاهدة، مقابل ارتفاع نسب مشاهدة قنوات أخرى، وأن مسؤولين رفيعي المستوى بالجزيرة عقدوا اجتماعاً موسعاً لبحث أسباب انهيار نسب المشاهدة في مصر، وأن 2% من إجمالي الـ6% الذين ما زالوا يشاهدون القناة هم من المنتمين لجماعة الإخوان والمتعاطفين معهم، أما نسبة الـ4% الباقية، فهي تمثل المصريين الذين لديهم فضول لمعرفة ما تبثه القناة ويقوله الإخوان وأنصارهم.
ووصفت الجريدة القناة بأوصاف بلاغية وتشبيهات أدبية غير معهودة في عالم الصحافة، حيث قالت إنها “جهاز استخبارات متكامل، ينفذ أجندة صهيوأمريكية واضحة يسعى إلى تنفيذها بدقة مهما كان الثمن، بهدف تمزيق الجسد العربي”. وقدمت الصحيفة تفسيرا تآمريا لثورات الربيع العربي، باعتبارها مؤامرة شاركت فيها دول أجنبية تحت شعار الثورة. وحرصت كذلك على نشر تقرير عبارة عن استطلاع آراء “مواطنين” أكدوا أنهم توقفوا عن مشاهدة الجزيرة منذ زمن، لإضفاء مصداقية على الوثيقة المزعومة.
وأكدت الجريدة أيضاً أن تراجع نسب المشاهدة امتد إلى قنوات الجزيرة الرياضية التي تغير اسمها لاحقا وأصبحت (بي إن سبورت) دون تقديم دليل علي ذلك، خاصة أن بي إن سبورت تحتكر البطولات الأوروبية والعالمية في المنطقة العربية.
واستعانت الجريدة في تقرير آخر بدفاع حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، الذي كان يحاكم على خلفية قضايا بقتل المتظاهرين واستغلال النفوذ، ليؤكد أن مشاهد القتلى والمصابين فبركتها قناة “الجزيرة”، مؤكدا أنه شاهد تلك التمثيليات بنفسه، وهو ما يكشف عن تبني الجريدة للخطاب المناهض للثورات.
اتضح عدم صحة مزاعم الجريدة، عندما صدر تقرير شركة إبسوس لأبحاث المشاهدة، وهي شركة تعتمد عليها القنوات المصرية منذ سنوات، وتقدم خدماتها في مجال قياس نسب المشاهدة للفضائيات، وتعدّ واحدة من أكبر ثلاث شركات دولية في مجالها، وتدير أبحاثاً في أكثر من 85 دولة حول العالم. وجاء تقرير الشركة في يناير 2014، ليؤكد أن قناة الجزيرة مباشر مصر تحتل المرتبة الثانية في قائمة القنوات الإخبارية الأكثر مشاهدة داخل البلاد.
أثار التقرير غضب الفضائيات المصرية، لدرجة أنها قررت مقاطعة الشركة، واتهمتها بالتلاعب في نتائج التقرير[124]، خاصة أنه من الممكن أن يؤدي لعزوف المعلنين وحرمان الفضائيات من عوائدها، والأهم أن التقرير دليل على عدم حقيقة ادعاء جريدة الوطن بشأن انهيار نسب مشاهدة الجزيرة.
سابعا: علاج الإيدز
في الثاني والعشرين من فبراير 2014، نشر المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية على صفحته بموقع فيسبوك بيانا أعلن فيه عما وصفه بـ”الاكتشاف المصري الفريد من نوعه”، لاكتشاف وعلاج مرضى فيروسات الالتهاب الكبدي الوبائي (سي) والإيدز، بنسبة نجاح تجاوزت 90%، وبدون الحاجة إلى أخذ عينة من دم المريض، وكذلك الحصول على نتائج فورية وبأقل تكلفة. أعقب هذا الإعلان دعاية إعلامية كبيرة تشيد بهذا “الإنجاز” غير المسبوق، بالإضافة إلى الهجوم على المشككين فيه.
عرض التليفزيون المصري تقريراً مصوراً عن نجاح الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في ابتكار العلاج الجديد، من خلال كبسولات تعمل على رفع كفاءة الجهاز المناعي للإنسان، إلى جانب جهاز يسمى (سي سي دي) للقضاء على الفيروسات من النوعين. وظهر في الفيديو اللواء إبراهيم عبد العاطي، مخترع العلاج المزعوم وهو يفحص مريضاً بواسطة الجهاز، ويبلغه بشفائه التام من مرض الإيدز[125].
كما عرض التلفزيون الرسمي توضيحا لمراحل تصنيع الجهاز من داخل المصنع الخاص بإنتاجه، وكيفية قيام المرضى بتسجيل أسمائهم للالتحاق ببرنامج العلاج الجديد. وأجرت فضائيات حوارات مع الفريق الذي قيل إنه اخترع الجهاز. وعندما بدأت الانتقادات توجه للجهاز الجديد وتشكك في صحته، بدأت سياسة إعلامية أخرى تقوم على التشكيك في وطنية المنتقدين والادعاء بأن الهجوم على العلاج الجديد خيانة[126].
حاول بعض الإعلاميين تدارك الأمر، وأكدوا أن الجهاز مهمته التشخيص واكتشاف الحالات فقط، لكن فريق العمل بالجهاز الجديد أجهض تلك المحاولات، مؤكدا أنه للعلاج وليس للتشخيص فقط، كما زعموا أنه يكتشف كافة الفيروسات الأخرى، مثل أنفلونزا الخنازير، ويعالج أمراض السكر والصدفية والسرطان وقصور الشرايين التاجية، بالإضافة إلي تحسين الحالة الجنسية للمريض. وهاجمت المذيعة نائلة عمارة عصام حجي، المستشار العلمي للرئيس المعين عدلي منصور في ذلك الوقت، لانتقاده الجهاز ووصفه بالفضيحة العلمية لمصر[127]، وطالبت بحرمان المشككين في كفاءة الاختراع وأسرهم من الاستفادة منه.
وقال المذيع أحمد موسى إن هجوم حجي تقف وراءه الولايات المتحدة الأمريكية وشركات الأدوية التي ستتضرر بشدة من هذا الجهاز[128]. وأكدت ممثلة أن المصريين الوطنيين لابد أن يقفوا وراء الجهاز ويصدقوا كل ما يقال عنه، لأن هناك مؤامرة تستهدف عدم تداول الجهاز في العالم كله[129]. ووصف الجهاز أيضا بأنه يماثل في أهميته اختراع القنبلة الذرية[130].
نشرت وسائل الإعلام قصصا لمن قيل إنهم كانوا مصابين بالإيدز وفيروس (سي) وشفوا تماما من المرضين باستخدام جهاز القوات المسلحة[131]، رغم أن العالم لم يتوصل حتى الآن إلى أي علاج لمرض الإيدز[132]. وأقسم أحد هؤلاء “المرضى” المزعومين، في تقرير نشرته صحيفة الأخبار أنه شاهد بعينيه وسمع بأذنيه في الفترة الأخيرة من علاجه، مفاوضات من عملاء الشركة المنتجة لدواء الإنترفيرون لشراء حق الاختراع من فريق البحث الخاص بالقوات المسلحة أو التأخر في الإعلان عن نتائج العلاج بالجهاز حتى تتمكن الشركة من التصرف في مخزونها من الإنترفيرون[133]. كما نشرت الجريدة قصة شخص قالت إنه كان من أوائل المصابين في مصر بمرض الإيدز، وأنه شفي بعد خضوعه للعلاج على مدار 50 يوما.
لكن الانتقادات ضد الجهاز تواصلت، ووضع المذيع باسم يوسف في برنامجه عداداً للأيام المتبقية على يوم 30 يونيو 2014، وهو اليوم الذي حددته الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لبدء علاج المواطنين بالاكتشاف الجديد، إلا أن البرنامج توقف بسبب ضغوط سياسية، وتم تأجيل الإعلان عن بدء علاج المواطنين إلى نهاية العام، ثم أعلن عن تأجيله مرة أخرى ستة أشهر إضافية، دون إبداء أي أسباب، ودون محاسبة الممارسات الإعلامية التي روجت للجهاز وهاجمت منتقديه وشككت في وطنيتهم.
ثامنا: الجيش المصري الحر
في فبراير 2014، برز اسم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بعد إلقائه خطاباً تلفزيونياً، أعلن خلاله تجميد أعمال المؤتمر الوطني الليبي، وبدء إجراءات أخرى وصفت بالانقلاب على الثورة الليبية. ومنذ هذا الوقت، ظهر انحياز الإعلام المصري إلى حفتر، ومساندته في معاركه ضد قوات “فجر ليبيا” ثم قوات حكومة الوفاق الوطني، ونشرت وسائل إعلام تصريحات منتظمة منه ومن أعوانه باعتبارهم قادة الجيش الليبي الشرعي الذين يحاربون الإرهاب، واعتبره بعضهم نسخة أخرى من السيسي في ليبيا، وأن الأخير ألهم حفتر باتباع نموذجه.
ومع مرور الوقت، بدأ إعلاميون يدعون إلى التدخل العسكري في ليبيا لمحاربة من سموهم “المتطرفين والجماعات الإرهابية”، لكن هذه الدعوة المبكرة لم تكن مقنعة بسبب عدم وجود سبب يستدعي التدخل فيها إلا مساندة حفتر، فكان لابد من خلق سبب قوي للتدخل هناك، ولذلك ظهرت قصة “الجيش المصري الحر” في أدبيات التغطية الإعلامية المصرية.
التقطت الصحف والفضائيات المصرية بداية قصة الجيش المصري الحر المزعوم نقلا عن مقال كتبه أحد الإسرائيليين في صحيفة أمريكية تدعى (وورلد تريبيون)، واعتبروا أن حديث صحيفة أمريكية عن هذا الموضوع يجعله أمرا لا يقبل الشك، رغم أن الصحيفة المذكورة ليست لها مصداقية معتبرة في عالم الصحافة الأمريكية، كما سبق أن فبركت قصصا إخبارية عدة، منها ادعاء العثور على أسلحة الدمار الشامل العراقية فى لبنان، وإعطاء أوباما أوامر بقصف السوريين بالأسلحة الكيماوية، كما اتهمت أوباما أيضاً بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين[134]، وهو نفس الخطاب السائد في الصحافة المصرية، إذ سبق لصحيفة الوفد أن وجهت نفس التهمة إلى أوباما[135]. لكن الإعلام المصري لم يكتف بنقل المقال وترويجه، وإنما أضاف تفاصيل إضافية حول مصادر تمويل الجيش الحر المزعوم وقياداته، لدرجة وصلت في بعض الأحيان إلى التناقض.
تراوحت أعداد جنود الجيش المصري الحر وفقا لوسائل الإعلام المصرية، فهناك من حددهم بـ600 فرد فقط[136]، ورفع آخر العدد إلى نحو ألف[137]، وأكد مصطفى بكري أن هذا الجيش يضم 3 آلاف “إرهابي” بقيادة مصري حارب في أفغانستان. بينما أوصلت جريدة التحرير العدد إلى 70 ألف مسلح[138].
أما الجهات التي تقف وراء الجيش الحر وفقا للإعلام المصري، فتنوعت هي الأخرى حسب اجتهاد كل صحيفة أو فضائية، وسعت كل منها لإضافة الدول التي تراها مناسبة، منها على سبيل المثال: الولايات المتحدة، وإسرائيل، وقطر، وتركيا، والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وإيران، وحتى بريطانيا.
تركز الهجوم في هذا الشأن على الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، باعتباره الممول الرئيسي للجيش الحر، وشرائه أسلحة لصالحه بمبالغ كبيرة، اختلفت حسب تقدير كل وسيلة إعلامية، ووصلت في النهاية إلى 10 مليارات دولار[139]. وتورطت مجلة الأهرام العربي في هذه القصة، وأكدت أن القرضاوي زار مقرات الجيش الحر في ليبيا سراً[140]. كما أكدت وسائل إعلام أخرى أن أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، زار معسكرات الجيش أيضاً.
ومن القرائن التي تؤكد أن اختلاق وجود الجيش المصري الحر كان بتوجيهات أمنية وسيادية، أن اللواء الراحل سامح سيف اليزل اشترك بنفسه في ترويج أخبار كاذبة حوله[141]، وهو ضابط سابق بجهاز المخابرات العامة المصرية، وكان يرأس إحدى شركات الأمن الكبرى المملوكة للجيش المصري، واختير رئيسا لائتلاف دعم مصر صاحب الأغلبية في البرلمان المصري والداعم للسلطة.
وصلت وتيرة نشر الأخبار الكاذبة عن هذا الموضوع ذروتها خلال أبريل ومايو 2014، بعدما نشرت أخبار تفيد بإجراء الجيش المصري الحر تدريبات واستعراضات عسكرية مكثفة على الحدود المصرية الليبية، واقترابه من الحدود المصرية، استعدادا لشن هجوم وشيك على البلاد، بهدف تنفيذ عمليات تخريبية، لعرقلة سير انتخابات الرئاسة المصرية يومي 26 و27 مايو[142]. وأكدت “مصادر عسكرية” تأكيدها استعداد الجيش التام للتصدي لهؤلاء، ووضع الإعلام الرأي العام المصري في حالة أشبه بالحرب.
لكن هذه الأخبار هدأت فجأة واختفت تماماً من أجندة الإعلام، بعد نفي السيسي القاطع وجود الجيش المصري الحر من الأساس، خلال لقائه مع مجموعة من مقدمي البرامج الحوارية بالتلفزيون المصري والقنوات الفضائية والمحطات الإذاعية، قبل الانتخابات الرئاسية[143]. كما صدر نفي مماثل من مسؤولين ليبيين، ونفي ثالث من وزير الداخلية محمد إبراهيم، وبدا أن القصة قد حققت أغراضها وتولى السيسي حكم البلاد، وبالتالي لا داعي لاستمرارها أكثر من ذلك.
تاسعا: تقرير هيومان رايتس ووتش
قبل حلول الذكري الأولى لفض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا وصفت فيه الفض بأنه يرقى إلى أن يكون جريمة ضد الإنسانية، وطالبت بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية للتحقيق في عمليات القتل الجماعي التي حدثت. كما دعت لفتح تحقيق في دور المسؤولين الرسميين لتحديد مسؤوليتهم[144].
صدر التقرير بعد عام كامل من التحقيقات وجمع الأدلة، والاستماع إلى شهادات الأفراد المعنيين، رغم منع السلطات المصرية مسؤولي المنظمة من دخول البلاد، وامتناعها عن التعاون معها.
هاجمت وسائل الإعلام المصرية التقرير، وتجاهلت عرض تفاصيله التي تدين النظام، واعتبرته إحدى وسائل “المؤامرة الأمريكية على مصر”، ووصفته صحيفة بأنه “يعد امتدادا لمؤامرات تحاك في الظلام للتأثير على نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويحتوي علي تلفيقات واتهامات لا وجود لها على أرض الواقع[145]“، واتهمت وسائل إعلام أخرى المنظمة بأنها إحدى أذرع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وفقا لتصريحات مسؤولي وزارة الداخلية، رغم أن هيومن رايتس ووتش منظمة أمريكية مستقلة، وأصدرت العديد من التقارير التي تدين ممارسات الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية ضد حقوق الإنسان.
أما مرحلة نشر الأخبار الكاذبة عن الموضوع، فقد بدأت عندما تقدم ماجد عاطف أحد الشهود الذين اعتمدت عليهم المنظمة في تقريرها، بشكوى، بشأن الصيغة التي كتبت بها شهادته حول توقيت إطلاق النار على ضابط شرطة، والتي توحي بالتشكيك فيها[146]، وهو ما استجابت له المنظمة، وأصدرت بيانا أوضحت فيه قيامها بتعديل صفحة واحدة فقط من التقرير[147]، وهو التعديل الذي لاقى قبولا من صاحب الشهادة، وأعلن انتهاء الخلاف مع المنظمة[148]. لكن الإعلام وجدها فرصة للتشكيك في التقرير بأكمله، وزعمت صحف ومواقع إخبارية وبرامج تلفزيونية أن هيومن رايتس ووتش حرفت تقريرها بالكامل[149]، وأنها بذلك فقدت مصداقيتها[150]. واقتطعت الصحف من كلام ماجد عاطف ما يدين المنظمة، وتجاهلت إعلانه انتهاء الخلاف معها[151].
بعد ذلك انتقلت وسائل الإعلام إلى مرحلة أخرى، تمثلت في تحريف تعديل المنظمة نفسها، والزعم بأنها تراجعت عن كافة اتهاماتها ضد مصر، بعد عدم تأكدها من بعض المعلومات الواردة فيه[152].
عاشراً: مصر والعلاقات الخليجية
مرت التغطية الإعلامية المصرية لقضية الخلافات بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، بمرحلتين أساسيتين. بدأت المرحلة الأولي بعد قرار سحب سفراء الدول الثلاث من الدوحة في بدايات مارس 2014، فيما بدأت المرحلة الثانية في نوفمبر من نفس العام.
في الخامس من مارس 2014، قررت السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من الدوحة، وأصدرت بيانا موحدا قالت فيه إن القرار جاء بسبب عدم التزام قطر بتنفيذ اتفاق أمني، كانت قد وقعته في نوفمبر 2013 في العاصمة السعودية الرياض، مع قادة دول مجلس التعاون الآخرين، وينص على عدم تدخل أي دولة في شؤون دول المجلس الأخرى، وعلى التعاون الأمني بين الدول الأعضاء، وعدم دعم “الإعلام العدائي”. أعربت قطر عن أسفها للقرار، وأكدت أن سبب الخلاف يعود إلى قضايا لا تتعلق بمجلس التعاون الخليجي، وإنما تتعلق بالسياسة الخارجية لكل دولة.
اعتبر المراقبون أن البيان إشارة إلى أن سبب الخلاف الرئيسي يعود إلى الشأن المصري، فقد أيدت الدول الثلاث الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وأدرجت السعودية جماعة الإخوان المسلمين على لائحة المنظمات الإرهابية، بينما لم ترحب دولة قطر بهذه التطورات، واستضافت قيادات من الإخوان والقوى السياسية المعارضة للسلطات المصرية. بعد هذا القرار، دخلت الدول الأربعة مفاوضات غير معلنة انتهت بتوقيع اتفاقية في مدينة الرياض.
أما وسائل الإعلام المصرية، فقد نشرت قصصاً لم تُنشر في أي وسائل إعلام أخرى. تحدثت هذه القصص عن أن بنود اتفاقية الرياض شملت إجبار الدول الثلاث لقطر على تغيير سياستها، وتغيير خطابها تجاه مصر، وترحيل قيادات المعارضة وتسليمهم لمصر، وإغلاق شبكة الجزيرة الإعلامية ومراكز الأبحاث العالمية فيها مثل كارنيجي وبروكنجز، فضلا عن تهديد الدول الخليجية لقطر باتخاذ إجراءات تصعيدية أخرى ما لم تغير هذه السياسات، مثل إغلاق الحدود بين السعودية قطر، ومنع دخول المواد الغذائية والمياه إليها.
واصل الإعلام المصري مؤكداً أن الدوحة طلبت من أعضاء جماعة الإخوان مغادرة أراضيها، وأنها على وشك ترحيل الشيخ يوسف القرضاوي إلى تونس[153]، وأكدت أن قناة الجزيرة ستبدأ تغيير سياستها التحريرية فيما يتعلق بالأحداث في مصر. إلا أن الأيام مرت دون حدوث أي من هذه السيناريوهات.
وفي سبتمبر من نفس العام، نشرت أخبار كاذبة إضافية عن الشيخ يوسف القرضاوي، بعد الحديث عن ترحيله من قطر وقيادات آخرين تشملهم قائمة إبعاد مزعومة، بالإضافة إلى قرار بتجميد أرصدة الإخوان في البنوك القطرية[154]، ومطاردة عشرات الأعضاء الآخرين من الإخوان[155]، وتحدث إعلاميون عن رفض تركيا استقبال قيادات الإخوان التي غادرت قطر، رغم أنهم اتجهوا جميعاً إليها للإقامة فيها.
وبعد إتمام المصالحة الخليجية، أصدر العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، بيانا ناشد فيه مصر دعم اتفاق الرياض التكميلي مع قطر، وردّت الرئاسة المصرية ببيان يؤكد الاستجابة لها. وبالفعل، فور بيان العاهل السعودي، استبعدت جريدة الوطن دولة قطر من تقرير نشرته على موقعها، يتحدث عن مخطط “إخواني- حمساوي- تركي” ضد مصر، وقد كان معتاداً أن تكون دولة قطر ركناً أساسياً في أخبار المؤامرات المنشورة في الصحف المصرية، لكن الجريدة اكتفت بتركيا والإخوان وحماس فقط، امتثالاً للبيان السعودي[156].
وفسر إعلاميون آخرون بيان العاهل السعودي باعتباره رسالة موجهة إلى وسائل الإعلام في البلدين، وأنه إذا كان الإعلام المصري مطالبا بتغيير سياسته تجاه قطر، فإن الإعلام القطري –شبكة الجزيرة الإعلامية بصفة خاصة- ستغير سياستها كذلك، وتتوقف عن وصف ما حدث في مصر بالانقلاب. وأكدت صحف أن الدوحة تعهدت بالفعل بالالتزام بوقف الحملات الإعلامية ضد مصر، خلال القمة الاستثنائية لقمة الخليج التي أقيمت بالمملكة العربية السعودية[157].
وعلى أساس هذا الافتراض –غير الصحيح- أكدت الصحف المصرية أن قناة الجزيرة غيرت من سياستها، واستشهدت بمقطع من قناة الجزيرة مباشر مصر عبارة عن مكالمة بين المذيع وأحد المواطنين، يقول فيها الأول إن مصر تشهد واقعا بإقرار دستور وانتخاب رئيس جديدين[158].
لم يكن فيما قاله المذيع أمرا مفاجئا أو جديدا، وهو دور أساسي يجب أن يقوم به المذيع، بالتعبير عن وجهة النظر المعارضة مع من يحاوره، سواء كان ضيفا داخل الأستوديو أو مواطنا يتحدث في مداخلة تليفونية. وعلى هذا الأساس تحدث المذيع مع المواطن الذي كان يهاجم النظام الحاكم، وهو أمر معتاد في أي مؤسسة إعلامية. لكن الإعلام المصري التقط هذا المقطع ونشره بكثافة في المواقع الإخبارية والفضائيات، للتدليل على تغير سياسة الجزيرة تجاه مصر، والإيحاء أن تراجعه عن مهاجمة قطر سيكون متبادلا[159].
أما جريدة المصري اليوم، فزعمت في خبر لها أن قناة الجزيرة مباشر مصر وصفت السيسي للمرة الأولى بأنه “رئيس منتخب”، وأنها كانت تصفه “بقائد الانقلاب العسكري”، وهو خبر غير صحيح، لأن القناة تصف السيسي منذ نجاحه في الانتخابات الرئاسية بأنه “أول رئيس منتخب بعد الانقلاب” لكن الجريدة استبعدت كلمة “منذ الانقلاب” من الخبر[160]، كما أنها لم تكن تصفه بـ “قائد الانقلاب” في أي من نشراتها وبرامجها، بل كانت تصفه وفقا لوظيفته الرسمية قبل أن يصبح رئيساً، وهي “وزير الدفاع”.
ووصل الأمر في موقع آخر إلى الادعاء بأن قناة الجزيرة مباشر مصر احتفلت بيوم ميلاد السيسي، وكان الدليل الذي قدمه الموقع عبارة عن رسالة تهنئة لأحد المواطنين في الشريط الخاص برسائل المشاهدين، الأمر الذي اعتبروه جزءاً من تغيير سياسة القناة تجاه الشأن المصري[161].
من جانبها، قالت جريدة اليوم السابع إنها خصصت فريقاً لمتابعة أداء قنوات الجزيرة، لبحث مدى التزامها بالتهدئة مع مصر، وأطلقت عليه “الجزيرة ميتر”. افترضت اليوم السابع من البداية أن الجزيرة غيّرت سياستها، واعتبرت أن استضافة قنوات الشبكة ومنصاتها لمعارضين مصريين يمثل “هجوماً وتحريضاً على مصر”.
ومع مرور الأيام، تكشَّفت الحقيقة التي حاول الإعلام المصري إخفاءها، وهو أن الجزيرة لم تغير سياستها، عكس الإعلام المصري الذي غيّر سياسته تجاه دولة قطر بمجرد صدور بيان الرئاسة المصرية. وقالت اليوم السابع إن الجزيرة “خانت العهد” واستمرت في “التطاول على مصر” و”التحريض علي الدولة المصرية و30 يونيو”، وأعلنت أنها سترفع تقريرا عما سمته “انتهاكات” القناة للسفير السعودي[162].
حادي عشر: محاولة اغتيال السيسي
في أغسطس 2014، توجه السيسي في زيارة رسمية إلى روسيا. لكن موقع فيتو نشر ما زعم أنها محاولة لضرب طائرة السيسي في الأجواء التركية أثناء عودتها من روسيا إلى مصر، نقلا عما سماها “مصادر عربية”. وقال الخبر أيضاً إن ما سماها “الأجهزة الأمنية العربية” تمكنت من رصد مخطط للتنظيم الدولي للإخوان، باستهداف طائرة الرئاسة المصرية، حال عبورها المجال الجوي التركي العودة إلى مصر، بالتنسيق مع عناصر جهادية على تخوم الحدود بين تركيا والعراق من جهة؛ والحدود مع سوريا من جهة أخرى.
كما ادعى الموقع أن صحيفة ديلي صباح التركية أكدت أن طائرة الرئاسة المصرية تجنبت العبور فوق المجال الجوي التركي، خلال رحلة عودة السيسي، من مدينة سوتشي الروسية، إلى القاهرة، وأنها اضطرت إلى اتخاذ منعطف جوي طويل فوق أجواء روسيا البيضاء وبولندا ورومانيا وبلغاريا واليونان، تجنبا للعبور في المجال التركي[163].
لكن موقعاً آخر نشر نفس الخبر الكاذب بتفاصيل أخرى مخالفة، بعدما نسب الخبر إلى وكالة إنترفاكس الإخبارية الروسية، نقلا عما سماها الموقع “مصادر سيادية روسية”، كما نسب الفضل في اكتشاف المؤامرة إلى جهاز المخابرات الروسية، الذي أطلق عليه اسم (كي جي بي) رغم أن هذا الجهاز تم حله منذ سقوط الاتحاد السوفيتي. وزعم الموقع أن محاولة الاغتيال كان من المخطط تنفيذها أثناء ذهاب السيسي إلى روسيا، وليس أثناء العودة، كما نشر الموقع الأول. ومضى الموقع ليقول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر على الفور بتحذير المسؤولين في مصر، وإرسال إشارة تحذير إلى الطائرة الرئاسية التي تقل السيسي حتى تتجنب المرور عبر الأجواء التركية، وأنه أمر بانطلاق سرب من طائرات سوخوي الروسية لتتجه صوب طائرة الرئاسة المصرية، وتؤمن وصولها عبر 4 دول أوروبية حتى تصل إلى مدينة سوتشي[164].
أما المذيع محمد الغيطي فكان له رأي ثالث مخالف للموقعين السابقين، ناسباً الفضل إلى جهاز المخابرات العامة المصرية، وضباط الإشارة العاملين فيه، في إحباط المخطط الذي شاركت فيه “قطر وإسرائيل وأمريكا والتنظيم الدولي للإخوان”، بالإضافة إلى تركيا، على حد قوله[165].
انتقلت القصة بعد ذلك إلى الصحف المطبوعة، ونشرت صحيفة تقريراً يصف ما أسمتها “ساعات الرعب” على طائرة السيسي، تبنت فيه رواية موقع “صدي البلد” للقصة، بما فيها تسمية المخابرات الروسية باسم (كي جي بي)، لكنها أضافت أن محاولة التفجير كان يراد لها أن تتم على الحدود مع جورجيا، حتى تنفي تركيا شبهة تورطها في الأمر، وأن السيسي ظل محتفظا بابتسامته، وترك مقعده مفضلاً الجلوس في كابينة القيادة لمتابعة الموقف[166]. كما نشرت مجلة روز اليوسف الحكومية، تقريراً مفصلاً عن هذا الخبر الكاذب، وحرصت على أن يحتل مكاناً بارزاً على غلافها الرئيسي[167]. ومع الوقت بدأ أنصار السيسي في السياسة والإعلام في التعامل مع الخبر باعتباره حقيقة مؤكدة، وأرسل ما يسمى “تحالف جبهة دعم الرئيس وتيار الاستقلال” برقية شكر لبوتين على “دور المخابرات الروسية في إفشال مخطط ضرب طائرة السيسي[168]“.
لم تكن هذه المرة الأولى التي ينشر فيها الإعلام قصة ملفقة حول محاولة اغتيال للسيسي، فقد سبق أن نشر موقع تفاصيل “كشف المخابرات الروسية لمحاولة اغتيال السيسي وقيادات الجيش بالصواريخ في وقت واحد، بعد اتفاق تم بين مخابرات دولة عظمى وبين الإخوان”. واستطلع الموقع آراء عدد من السياسيين حول رأيهم وتوقعاتهم لخطط استهداف السيسي خلال الفترة المقبلة بعد فشل تلك المحاولة[169].
ثاني عشر: تحريف تغطيات الإعلام الأجنبي
سياسة أخرى تضمنتها إستراتيجيات الإعلام المصري بعد عزل مرسي، وهي التلاعب في تغطية الإعلام العالمي للشأن المصري، وتقديم ترجمات مغلوطة لمقالات الصحف الأجنبية، وانتقاء بعض الكلمات الواردة بها وإبرازها، وحذف الباقي.
مثال لذلك عندما حرفت صحيفة اليوم السابع تحقيقا نشرته نيويورك تايمز عن التبرعات المالية التي تقدمها حكومات أجنبية إلى مراكز البحث الأمريكية وتأثير هذه التبرعات على استقلالية الباحثين بهذه المراكز. وتعرض التحقيق بالتفصيل لدور كل من حكومتي الإمارات وقطر في تمويل مراكز البحث في واشنطن، خاصة في حالة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والدولية الذي يحصل على دعم كبير من الإمارات، ومركز بروكينجز الذي تعد الحكومة القطرية أكبر مموليه. إلا أن الصحيفة ركزت في تقريرها الذي ترجم التحقيق، على دور قطر في تمويل بروكنجز، وعرضت القصة الكاملة الخاصة بها. بينما حذفت كل ما يتعلق بدور الإمارات في تمويل مراكز أبحاث أمريكية، ولم تشر إليها إلا في جملة واحدة عابرة دون إعطاء أي تفاصيل[170].
أما الواقعة الثانية، فكانت بطلتها جريدة الأهرام، بعد نشرها مقالاً منسوباً إلى صحيفة واشنطن تايمز الأميركية، يصف في نسخته الأصلية الجيش المصري بأنه علماني، وموال للغرب، ويحارب الإسلام الراديكالي[171]. لكن الترجمة العربية حذفت هذه الجملة، وأصبح عنوان المقال “مصر مفتاح هزيمة التطرف وشهدت عاماً كارثيّاً تحت حكم الإخوان[172]“.
اتخذت عملية تحريف تغطيات الإعلام الأجنبي بعداً آخر، وهو نشر مقال وزيرة مصرية باعتباره رأياً خاصاً بموقع أمريكي، وهو ما قامت به وكالة (أونا) للأنباء، عندما نشرت مقالا لوزيرة التعاون الدولي المصرية السابقة نجوى الأهواني على مدونة تحمل عنوان (ذا هيل).
تضمن مقال الوزيرة إشادة بالنظام المصري، مؤكداً أن الشعب المصري قدم التضحيات للسيسي، الذي رد الجميل بدوره عن طريق تدشين المشروعات الوطنية. إلا أن الوكالة نشرت التدوينة باعتبارها مقالاً منشوراً على موقع صحيفة أمريكية، وليست مدونة، كما تجاهلت الإشارة لكاتبة المقال، مؤكدة أنه يمثل رأي الصحيفة[173]. ولا تمثل هذه الوقائع إلا نسبة قليلة من عمليات التحريف التي تقوم بها الصحف المصرية أثناء ترجمة مقالات وتقارير الصحف الغربية، لكننا اكتفينا بعرض هذه النماذج فقط نظرا لاعتبارات المساحة.
ثالث عشر: استطلاعات زائفة
تتضمن هذه الاستراتيجية نشر أخبار تتحدث بلسان فئات من الشعب، سواء كانوا سكان مناطق معينة، أو أصحاب مهن وحرف، بهدف توجيه الرأي العام. ورغم اقتصارها على استطلاع آراء بضع أفراد من هذه الفئات، إلا أن هذه الآراء تُعمم باعتبار أن جميع المنتمين إلى تلك الفئة يتبنون ذلك الرأي.
في عهد مرسي، وبعد أحداث سجن بورسعيد في يناير 2013، وقرار فرض حظر التجوال داخل مدن القناة الثلاث، نشرت الصحف أخباراً وتقارير تؤكد رفض جميع أهالي تلك المدن لقرارات وخطابات مرسي. وبعد عزل مرسي، تحول أهالي المناطق المختلفة إلى مؤيدين للسلطة، وأصبحت وسائل الإعلام تتناول اعتداءات قوات الأمن على المتظاهرين المعارضين، باعتبارها “اشتباكات” بين الإخوان وأهالي المنطقة التي تسير فيها المظاهرة، بهدف إخلاء مسؤولية قوات الأمن عن قتل المتظاهرين واعتقال العشرات منهم، وتوصيل رسالة تفيد بأن الشعب يكره المعارضين.
وبعد تكرار الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة في بعض المناطق، خاصة حلوان وكرداسة وناهيا وعين شمس والمطرية، ظهر أن تلك المناطق تضم حاضنة شعبية للمعارضة، إلا أن الصحف والفضائيات أنكرت ذلك، وقالت إن “أهالي كرداسة” يستغيثون بالشرطة لتحرر منطقتهم من الإخوان[174]، وتحدثت عن رفض “أهالي المطرية” لوجود المظاهرات فيها، واتهامهم لجماعة الإخوان بممارسة الإرهاب[175]. واستطلعت آراء بضعة أفراد من هؤلاء الأهالي، كانت آراؤهم متفقة مع توجهات وسائل الإعلام، حتى لو كان مضمون كلامهم يحتوي على تحريض واضح بالقتل.[176]
وبعد قرار تهجير سكان مدينة رفح المصرية، لإقامة منطقة عازلة بين مصر وقطاع غزة، تحدث الإعلام بلسان أهالي رفح أيضا، مؤكدا رضاهم التام عن القرار وتفهمهم له، وقيامهم بإخلاء منازلهم طوعا[177]. وبعد قرار الحكومة المصرية نقل الباعة الجائلين في منطقة وسط البلد، أثار القرار الباعة، وتجمهروا في مظاهرات للاعتراض عليه، فنشرت الصحف في اليوم التالي خبرا عن لقاء رئيس الوزراء بهم، وفرحتهم بذلك[178].
رابع عشر: إنكار الواقع
امتدت إستراتيجيات الأخبار الكاذبة في الإعلام المصري إلى إنكار ما هو موجود على أرض الواقع، إذا كان ذلك مضرا بالسلطة. ومع تكرار هذه الاستراتيجية، أراد الإعلام توصيل رسالة مفادها أنه لا ينبغي تصديق أي شيء يقال ضد مؤسسات الدولة، وفي القلب منها (الجيش- الشرطة- القضاء- الإعلام) حتى لو كان الدليل واضحاً أمام الجميع.
ففي أكتوبر 2013 انتشرت مقاطع صوتية على فترات متباعدة، لما قيل إنه حديث بين عبد الفتاح السيسي، وياسر رزق، رئيس تحرير جريدة المصري اليوم آنذاك، وهو عبارة عن التسجيل الأصلي للحوار الذي نشر في الجريدة بعد ذلك على 3 حلقات كاملة. ونشرت شبكة رصد وقناة الجزيرة مقتطفات منه، منها حديث السيسي عن طلبه حصانة في الدستور الذي كان في طور الإعداد، كما تحدث عن أحلام رآها في شبابه تؤكد أنه سيتولى حكم مصر.
في البداية أنكر ياسر رزق صحة التسجيل، وقال إن ما نشر مفبرك، وأنه سيتقدم ببلاغ إلي النائب العام ضد شبكة رصد والجزيرة، ونشرت المصري اليوم تقارير عن فبركة التسجيل والأغراض الخبيثة من ورائه[179].
لكن بعد هدوء العاصفة التي أثارتها التسريبات، تراجع رزق واعترف ضمنياً بصحة التسريب، لكنه أصر على أن تغييراً حدث في التسجيل.[180] وبعد عام، بثت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر قيام مجموعة من جنود الجيش المصري بتعذيب شابين ينتميان إلى قرية “المهدية” بشبه جزيرة سيناء[181]. لكن المذيعة لميس الحديدي أصرت على إنكار الفيديو، وأكدت أنه مفبرك وغير حقيقي، واتهمت حركة حماس بالوقوف وراءه[182]، رغم أن صورة الفيديو واضحة، ويظهر به عدد كبير من جنود ومدرعات الجيش المصري. كما ظهرت صور الشابين بعد ذلك في الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري وهم قتلى في الصحراء، باعتبارهما إرهابيين تمت تصفيتهما بعد مقاومتهما لقوات الجيش[183].
بعد هذه الحادثة بشهر واحد، بثت جماعة أنصار بيت المقدس التي غيرت اسمها إلى “ولاية سيناء”، فيلماً مدته 30 دقيقة، يتضمن تلخيصاً لعملياتها ضد قوات الجيش والشرطة، بالإضافة إلى تفاصيل عمليتها ضد كمين كرم القواديس في سيناء، وهي العملية التي أدت إلى مقتل 30 جندياً من قوات الجيش. ونفت إحدى المذيعات صحة الفيديو، وأكدت أنه مفبرك ومقتبس من أحد الأفلام النرويجية، بهدف التأثير على الحالة المعنوية للضباط وعلى الشعب المصري بشكل عام. كما اعتبرته محاولة من الجماعات المسلحة في سيناء لإظهار أنفسهم أقوياء بالرغم من أنهم في أضعف حالتهم[184].
وكان للشيخ يوسف القرضاوي نصيب كبير في هذا الإطار، فكان مصدراً دائما لتصريحات ملفَّقة ادعي الإعلام المصري أنه قالها واستمر في ترديدها رغم صدور نفي متكرر منه. مثال لذلك، نشر إحدى الصحف خبر حول فتوى مزعومة للقرضاوي، مفادها عدم وجود ضرورة أو واجب شرعي لفتح باب الجهاد ضد إسرائيل حاليّاً، ودعوته شباب المسلمين إلى تركيز جهودهم على الجهاد في سوريا لتحريرها من نظام بشّار الأسد[185]. ورغم نشر الجريدة الخبر دون ذكر مصدره، والاكتفاء بالقول إنها “تصريحات لوسائل إعلام قطرية”، إلا أن الجريدة حرصت على تحريض علماء الأزهر ودار الإفتاء على مهاجمة الفتوى المزعومة وقائلها المنسوبة إليه. وبالفعل أصدرت هذه الجهات بيانات تهاجم القرضاوي وتصفه بأوصاف بذيئة، رغم نفي الأخير إصدار تلك الفتوي[186]، إلا أن الجريدة لم تنشر هذا النفي، ولم تعتذر أو تحذف خبرها الكاذب، كما تجاهله أيضا العلماء الذين هاجموه، حتى بعد ثبوت عدم صحة الكلام المنسوب إليه.
امتد تحريف تصريحات القرضاوي إلى التلفزيونية منها، بعد اتهام أحد البرامج للقرضاوي بدعوته الشباب القطري للانضمام إلى تنظيم الدولة، ثم عرض البرنامج مقطع الفيديو الذي من المفترض أنه يثبت هذا التصريح، فإذا به يتناقض مع المقدمة الشارحة له من المذيعة، إذ هاجم القرضاوي التنظيم واتهمه بتكفير المسلمين والغلو واستباحة الدماء. لكن البرنامج استمر في الهجوم على القرضاوي حتى بعد بث الفيديو، دون احترام لعقلية المشاهدين[187].
وفي الثامن والعشرين من نوفمبر 2014، انطلقت مظاهرات معارضة تحت شعار “انتفاضة الشباب المسلم” وهي دعوة أطلقها مجموعة من الشباب المنتمين إلى التيار الإسلامي لحمل المصاحف للدفاع عما أسموه الخطر على الهوية. هاجم الإعلام الدعوة، وتبنى رواية تقول إنها دعوة للتظاهر المسلح، رغم عدم ورود ذلك في أي من أحاديث القائمين عليها. وعندما خرجت المظاهرات كانت تمثل تقريبا نفس الأعداد التي تخرج أسبوعيا، لكن الإعلام أصر على أن أحدا لم يخرج، وأن الميادين خلت من المتظاهرين تماما.
وعندما بثت قناة الجزيرة تغطيتها المعتادة للمظاهرات، قال الإعلام إنها لقطات أرشيفية ليست مباشرة، في محاولة منه لإنكار وجود أي مظاهرات بالشارع، رغم أن الجزيرة تبث المظاهرات عبر أحد المواقع الشهيرة للبث المباشر، ولا يستطيع أي شخص بث أي مادة مصورة عبره إلا إذا كانت مباشرة. ويستطيع أي شخص التأكد من ذلك عبر دخول الموقع وتصفح قائمة الفيديوهات الموجودة في نفس اللحظة.
في نفس الوقت، نقلت عدسات القنوات الإخبارية المصرية، المشهد من عدة مناطق لم تخرج فيها المظاهرات، للتأكيد على عدم وجود أي مظاهر احتجاجية، وهو ما حرص رئيس الوزراء إبراهيم محلب على تأكيده، عندما قال إن الإعلام المصري ينقل نبض الشارع، وأن قنوات التلفزيون المصري تنقل الحقيقة[188].
ولوحظ وجود تناقض في تناول الإعلام المصري لتغطية الجزيرة للمظاهرات، وأحياناً يكون هذا التناقض في نفس الخبر، ففي بدايته يتم التأكيد على أن الجزيرة تنقل لقطات لمظاهرات قديمة باعتبارها مظاهرات موجودة في الشارع، وفي مكان آخر يتم التخلي عن هذا الزعم والتأكيد على أن المناطق التي تنقل منها الجزيرة الأحداث هي مناطق قليلة وقرى صغيرة، وأن المشاركين في المظاهرات أعداد قليلة، وكأن هذا مبرر لعدم بثها[189].
وعند قيام قوات الجيش المصري بتفجير منازل مدينة رفح، تمهيداً لتهجير سكانها وإقامة منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة، انفردت كاميرا قناة الجزيرة مباشر مصر بنقل وقائع الحدث على الهواء مباشرة، وسط تعتيم إعلامي من القنوات المصرية الأخرى، وهو ما أزعج السلطات التي تحرص على أن تكون هي المصدر الوحيد لما يدور في سيناء، وهو ما انعكس على تغطية الإعلام المصري في البداية، فلم يتناول الموضوع الأصلي، وإنما هاجم الجزيرة لحرصها على نقل الحدث لمتابعيها، متسائلين عن كيفية حصولها على هذا الانفراد. بينما اتبعت وسائل إعلام أخرى استراتيجية الإنكار، من خلال ادعاء بعضها أن المشاهد التي تبثها الجزيرة مفبركة وغير صحيحة، وأنها في مناطق أخرى وليست في رفح[190].
وتعتبر قضية تسريبات مكتب السيسي أبرز القضايا التي ظهرت فيها هذه الاستراتيجية، فقد التزمت جميع وسائل الإعلام الصمت التام حيال هذه التسريبات بعد إذاعتها على قناة مكملين الفضائية، وبدا وكأنها تنتظر التعليمات أو الرواية الرسمية لنشرها والتأكيد على صحتها. وهو ما حدث بالفعل في اليوم التالي لنشر التسريبات، بعد إصدار النائب العام –أحد المتورطين في التسريبات- بيانا أكد فيه أن هذه التسجيلات غير حقيقية، وأنها مفبركة عن طريق ما قال إنها تقنية عالية، دون أن يوضح ماهية تلك التقنية[191]. لكن وسائل الإعلام سرعان ما تلقفت البيان وأكدت أنه يكشف عن “الحقيقة”[192].
قبل الحديث عن فبركة التسجيلات حاول الإعلام المصري التغطية على التسريبات وإلهاء الجمهور بأخبار أخرى، فبث المذيع أحمد موسي خبرا كاذبا تتحدث عن وفاة مبارك[193]، وهي شائعة أطلقت عشرات المرات على مدار 3 سنوات للتغطية على أخبار أخرى أكثر أهمية. لكن ومع توالي التسريبات، استمر تجاهل الإعلام لهذه التسريبات وعدم نشرها أو الحديث عنها إلا في سياق اعتبارها مفبركة ومؤامرة من جماعة الإخوان لتشويه نظام الحكم، عدا مذيع واحد فقط عرض تسجيلاً واحداً تناول الحديث عن سيطرة الجيش علي الإعلاميين وتنفيذهم لأوامره، ولم ينكر صحته بل وتفاخر بذلك واعتبره شرفاً له[194].
الخلاصة
نشرت وسائل الإعلام المصرية أخباراً كاذبة بكثافة وبصورة منهجية مستمرة على مدار فترة الدراسة. وتنوعت مصادر تلك الأخبار، ما بين مصادر رسمية معروفة، أو مصادر رسمية تقوم بإملاء الأخبار على الصحفيين والمذيعين لنشرها. كما اعتمدت وسائل الإعلام على نفسها في اختلاق بعض الأخبار، لأسباب تتعلق بموقفها السياسي، ورغبتها في تملق السلطة والتحريض على المعارضة. كما وقعت بعض وسائل الإعلام في فخ نقل أخبار كاذبة من مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار الساخرة. لكن يمكن القول إن تلك الأخطاء ربما كانت مقصودة، لأن وسائل الإعلام التي نشرت تلك الأخبار انتقت من مواقع التواصل والمواقع الساخرة الأخبار والمواد التي ترغب فيها وترى أنها تعزز من سياستها التحريرية في الدعاية للسلطة، وبالتالي قادها الانحياز السياسي إلى الوقوع في أخطاء مهنية عديدة.
ساهمت وسائل الإعلام المصرية في تشويه وعي الجمهور، عن طريق حملة تضليل واختلاق أخبار ووقائع غير موجودة على أرض الواقع، في ظل إغلاق المنابر الإعلامية المعارضة داخل مصر، أو التي يمكن أن تعرض وجهات نظر لا تريد السلطة عرضها.
أدت عملية التضليل واختلاق الأخبار والأحداث إلى صناعة واقع كامل يعيش فيه المصريون المتأثرون بوسائل الإعلام والمتابعين لها. وأصبحت رؤيتهم لما يحدث في مصر والعالم مستمدة مما تقوله الصحف ومذيعو البرامج المسائية في الفضائيات المصرية.
أدت سيطرة السلطة على وسائل الإعلام إلى تشابه محتوياتها وموضوعاتها، واقتصر التمايز بينها على التحقيقات الصحفية ومقالات الرأي التي لا تختلف بدورها فيما بينها إلا في بعض الجزئيات، لكنها لا تخرج عن سياق وصف الانقلاب بالثورة والموافقة على إقصاء وتهميش ملايين المصريين بسبب الخلاف السياسي.
لا يمكن للإعلام تشويه الحقائق فقط، بل بإمكانه اختلاق مشهد وقصة كاملة، وإنكار ما هو موجود بالفعل أمام أعين المشاهدين، ليجعلهم يتأثرون ويتعاطفون ويغيرون من توجههم ورأيهم في أمر ما بصورة شبه كاملة.
أخيرا، يجب التأكيد على أن مسؤولية نشر كافة تلك الأخبار الكاذبة، مهما كانت مصادرها، تقع بالدرجة الأولى على السلطات الرسمية، لأنها تورطت بشكل مباشر في ترويج تلك الأخبار، كما غضت الطرف عن الأخبار التي اعتمدت على مصادر أخرى، ولم تحاسب أي وسيلة إعلام ثبت نشرها لأخبار كاذبة، بل وتقوم بتكريم بعضهم طالما ينفذون تعليمات السلطة ويلتزمون بأجندتها الدعائية، وهو ما يعتبر تشجيعا على تلك الممارسات وخلق الأجواء المناسبة لها، خاصة أن السلطات تتدخل بسرعة وتعاقب أي وسيلة إعلام تخرج عن الخط المرسوم لها أو تنشر مواداً لا ترضى عنها، وتشمل تلك العقوبات الاعتقال وفرض الغرامات وحجب المواقع الإلكترونية وإغلاق المؤسسة بالكامل، وإجراءات أخرى عديدة تستخدمها السلطة عندما ترغب، وبالتالي يصبح صمتها عن الإعلام الموالي لها، مهما ارتكب هذا الإعلام من أخطاء، تحملاً للمسؤولية عنها.
[1] فضّل الباحث استخدام مصطلح “الأخبار الكاذبة” عوضا عن “الأخبار الزائفة” وذلك لسببين، الأول أن هذا المصطلح هو الأكثر استخداما في الأوساط العلمية العربية التي تناولت المصطلح بالتعريف والنقد، والثاني أن الظاهرة التي نحن بصدد تحليلها تتعلق بصناعة أخبار مضللة وكاذبة في الأساس، وإن كان التزييف أحد الأشكال المتبعة فيها كما سنرى، لذلك فالكذب هو وصف أدق للعملية برمتها، والتزييف قد يكون أحد الطرق المستخدمة فيها.
[2] Hunt Allcott and Matthew Gentzkow, Social Media and Fake News in the 2016 Election. Journal of Economic Perspectives, 31 (2): 2017, pp.211-36.
[3] Axel Gelfert, Fake News: A Definition, Informal Logic, 38 (1), 84–117.
[4] David O. Klein and Joshua R. Wueller, Fake News A Legal Perspective, 20 (10), 6-13.
[5] نقلا عن: عمر أبو عرقوب، “ستة أنواع للأخبار الكاذبة في العصر الرقمي”، مجلة الصحافة، العدد (13)، السنة الرابعة، 20-23، “الأخبار الكاذبة.. تغريد داخل السرب”، معهد الجزيرة للإعلام، ربيع 2019.
[6] سارة عبد العزيز، “الملامح الأساسية لانتشار الأخبار الكاذبة في العالم”، دراسات المستقبل، العدد 3، يونيو 2018، ص:9.
[7] “تويتر يوضح موقفه من الوسائط المُزيَّفة والمُضلِّلة ويدعو المغردين لمشاركة آرائهم حول التعامل معها”، بي بي سي عربي، 12 نوفمبر 2019، رابط.
[8] سارة عبد العزيز، مرجع سبق ذكره، ص:10 و11.
[9] Axel Gelfert, Fake News: A Definition, opt cit.
[10] معتز ممدوح، “عصر «ما بعد الحقيقة»: كيف تتلاعب السلطة بعقول الجماهير؟”، إضاءات، 30 يونيو 2018، رابط.
[11] سارة عبد العزيز، مرجع سبق ذكره، ص:7.
[12] The word “believability” means: the quality of being believable or trustworthy.
[13] Ralph Keyes, The Post-truth Era: Dishonesty and Deception in Contemporary Life, New York: St. Martin’s Press, 2004.
[14] أحمد الشيخ، “إعلام عصر ما بعد الحقيقة”، الجزيرة نت، 4 ديسمبر 2016، رابط.
[15] همام يحيى، “انحياز إلى الأيدولوجيا على حساب الحقيقة.. فتّش عن الأسباب”، مجلة الصحافة، العدد (13)، السنة الرابعة، 20-23، ربيع 2019.
[16] أحمد الشيخ، مرجع سبق ذكره.
[17] محمد عبد الله يونس، “ما بعد الحقيقة: كيف أثرت فوضى المعلومات على إدراك الواقع؟”، مجلة الديمقراطية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤسسة الأهرام، العدد 28، أكتوبر 2018.
[18] Nayef Al-Rodhan, Post-Truth Politics, the Fifth Estate and the Securitization of Fake News, Geneva Centre for Security Policy, Geneva, 01 July 2017, link.
[19] Post-truth politics: Art of the lie, The Economist, 10 sep 2016, link.
[20] William Davies, The Age of Post-Truth Politics, The New York Times, 24 Aug 2016, link.
[21] المركز الديمقراطي العربي، “الأخبار المزيفة تؤدي دوراً مهماً في تشكيل الثقافة السياسية في الشرق الأوسط– نظريات المؤامرة”، 5 فبراير 2018، رابط.
[22] Peter Dizikes, Study: On Twitter, false news travels faster than true stories, MIT News, 8 March 2018, link.
[23] خوسيه أندريس غوميز، “التأثير المدمر للأخبار الزائفة: لماذا تنتشر أسرع من الحقيقة؟”، ترجمة وتحرير: نون بوست، 10 مارس 2018، رابط.
[24] “دراسة: مروجو الأخبار الكاذبة هم جمهور ترامب”، الجزيرة نت، 12 يناير 2019، رابط.
[[25] أحمد زهاء الدين عبيدات، “الأخبار الكاذبة لليمينيين وسقوط كذّابي الليبرالية!”، الجزيرة نت، 19 يناير 2017، رابط.
[[26] Pranav Dixit and Ryan Mac, How WhatsApp Destroyed A Village, 9 September 2018, Buzz Feed News, link.
[27] أحمد البيومي، “وزير الخارجية: الأخبار المزيفة يمكنها إشعال الحروب”، جريدة الشرق، 16 أكتوبر 2019، رابط.
[28] دانييل بنيامين: مدير مركز جون سلون ديكي للتفاهم الدولي، كما عمل منسقاً لمكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية بين سنة 2009 و2012.
[29] ستيفن سيمون: أستاذ التاريخ الزائر في كلية أمهرست ومدير أول مجلس الأمن القومي لمكافحة الإرهاب والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على التوالي، في إدارتي كلينتون وأوباما.
[30] بوليتيكو، “استخدام الأنباء الزائفة لإشعال حرب حقيقية”، نون بوست، 7 يوليو 2019، رابط.
[31] ما يُعاب على هؤلاء الإعلاميين، والمشاركين لهم في الإعداد، هو أن الخبر كانت صياغته على موقع “الأهرام المكسيكي” واضحة في السخرية، ورغما عن ذلك لم ينتبهوا لهذا الأمر. حيث جاءت صياغة الخبر كالتالي: “صرح مصدر رئاسي من العاصمة المكسيكية ريو دي جانيرو (عاصمة المكسيك نيو مكسيكو وريو دي جانيرو مدينة برازيلية) تفهّم المكسيك رئاسة وحكومة وشعباً وجيشاً وشرطة وهيومن ترافكرز لموقف السلطات المصرية. وأنّ لمصر كافة الحقوق للدفاع عن أراضيها ضدّ أيّ إرهاب مُحتمل أو أيّ سائح بدون تصريح انتظار. وقال الرئيس المكسيكي انريكي اغلاسيوس (اسم الرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو، أما اغلاسيوس فهو مطرب اسباني): … وأكمل الخبر على هذا النحو، والذي يتضح لأي متابع، وبالأخص إن كان عاملا في الحقل الإعلامي ببساطة أنه خبر ساخر.
[32] محمد عبد الرحمن، “مواقع الأخبار الساخرة تُربك الإعلام المصري”، الأخبار، 21 يوليو 2015، رابط.
[33] “وزير النقل الجديد.. خدعة صدقها الإعلام المصري”، الخليج أون لاين، 6 مارس 2019، رابط.
[34] “فضيحة بأشهر مجلة ألمانية.. دير شبيغل تعتذر لجمهورها بسبب تلفيق قصص صحافية! كيف كُشف الأمر؟”، عربي بوست، 22 ديسمبر 2018، رابط.
[35] محمد الراجي، “صناعة الأخبار الكاذبة ولولب الحصار المعلوماتي للرأي العام”، مركز الجزيرة للدراسات، 27 مايو 2018، ص:7.
[36] “السيسي يدعو الإعلام المصري لتشكيل فوبيا الخوف”، الخليج الجديد، 25 يوليو 2017.
[37] سيف الدين عبد الفتاح، “العشوائية بين استبداد السلطة وصمت المجتمع”، المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية، 27 ديسمبر 2019، رابط.
[38] عزمي بشارة، “سورية: درب الآلام نحو الحرية – محاولة في التاريخ الراهن”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013، ص:239.
[39] المصدر السابق، ص:240.
[40] “أكثر من 60% من سكان العالم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي”، الجزيرة نت، 21 يوليو 2023.
[[41] Nic Newman, Reuters Institute Digital News Report 2017, Reuters, link.
[42] سارة عبد العزيز، مرجع سبق ذكره، ص:16-18.
[43] Suzy Khimm, Trump wishes ‘everyone’ a Happy New Year, ‘including the haters and fake news media’, NBC News, 1 Jan. 2019, link.
[44] أميرة جمال،” صحوات الصحافة القليلة: حينما تركض لتوصل الخبر!”، نون بوست، 23 أغسطس 2018، رابط.
[45] “غارديان تكشف وثيقة تبيّن دور كامبريدج أناليتكا في فوز ترامب”، العربي الجديد، 23 مارس 2018، رابط.
[46] Donie O’Sullivan, Russian trolls created Facebook events seen by more than 300,000 users, Cnn Business, 26 Jan. 2018, link.
[47] Elizabeth Bodine-Baron, Todd C. Helmus, Andrew Radin and Elina Treyger, Countering Russian Social Media Influence, Research Reports, RAND Corporation, 2018.
[48] محمد ثابت، “الحرب عبر فيسبوك: كيف تتلاعب روسيا بالمجتمع الأمريكي؟”، إضاءات، 19 نوفمبر 2018، رابط.
[49] المصدر السابق.
[50] “دونالد ترامب يعلن عن جوائزه للأخبار الكاذبة!”، فرانس 24، 18 يناير 2018، رابط.
[51] “واشنطن بوست تحصي أكاذيب ترامب منذ فوزه.. ما النتيجة؟”، عربي 21، 15 نوفمبر 2017، رابط.
[52] عماد ناصف، “المعركة الإعلامية وأزمة الخليج.. بداية صادمة ونهاية مجهولة”، رؤيا للبحوث والدراسات، 7 سبتمبر 2017، رابط.
[53] المصدر السابق.
[54] Josh Wood, How a diplomatic crisis among Gulf nations led to a fake news campaign in the United States, Public Radio International, 24 July 2018, link.
[55] “مترجم: حرب الشائعات.. هذه المنافذ الإعلامية تديرها السعودية والإمارات لحصار قطر”، ساسة بوست، 6 أكتوبر 2018، رابط.
[56]منظمة مؤيدة للسعودية تهدف بالأساس إلى تحسين صورة السعودية في الولايات المتحدة.
[57] المصدر السابق.
[58] أحمد البيومي، “خبراء للشرق: المنتدى جهد دولي لمواجهة الأخبار المزيفة”، الشرق، 17 أكتوبر 2019، رابط.
[59] كالدر ولتون، “هكذا يمكن للبريكست أن يعلن نهاية الميزة البريطانية في الاستخبارات”، نون بوست، 30 أبريل 2019، رابط.
[60] خوسيه أندريس غوميز، مرجع سبق ذكره.
[61] The Economist explains, What is a deepfake? 7 Aug. 2019, link.
[62] مها فجال، “تقنية الـDeep Fake.. كيف ستدمر التقنية إمكان وجود الحقيقة؟”، ميدان، رابط.
[63] “تهديدات تقنية التزييف العميق”، الشروق، 14 سبتمبر 2019، رابط.
[64] نور علوان، “التزييف العميق: هل تقضي التكنولوجيا على الحقيقة صوتاً وصورة؟”، نون بوست، 25 سبتمبر 2018، رابط.
[65] من الملاحظ أن هذه الرواية تشكك في نزاهة القضاء المصري بكامله، كما أنها تصور المجلس العسكري السابق بصورة العاجز والمتواطئ، ورغم ذلك لم تؤد إلى استنكار مؤسسة القضاء أو الجيش.
[66] بخصوص ملابسات الثلاثين من يونيو، فقد تناولنا من قبل دور الإعلام المصري في حشد المتظاهرين لإسقاط مرسي، كما تناولنا الشائعة التي روجها الإعلام حول خروج 33 مليون مصري في هذا اليوم، وللمزيد يُمكن مراجعة: أسامة الرشيدي، “استراتيجيات الإعلام المصري تجاه حكم محمد مرسي وما بعد الانقلاب”، مجلة سياسات عربية، العدد السادس، يناير 2014.
[67] أحمد عبد العظيم، “الوطن تنفرد بآخر حوار بين وزير الدفاع والرئيس المعزول.. «السيسي»: حاول تمشى بكرامتك.. «مرسى»: أمريكا مش هتسيبكم”، الوطن، 5 يوليو 2013.
[68] محمد عاشور، “عصام الحداد يطالب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بإرسال قوات دولية لحماية مرسي”، 2 يوليو 2013.
[69] منار الشوربجي، “هيلاري كلنتون وكتابها”، المصري اليوم، 5 أغسطس 2014.
[70] “مصر العربية | وزير الثقافة: أمريكا صنعت داعش لمواجهة 30 يونيو”، 11 أغسطس 2014.
http://www.youtube.com/watch?v=rIEP0Ld8d4M
[71] “لأول مرة الغيطي يكشف سر تصدى البحرية المصرية للأسطول السادس الأمريكي”، 23 أغسطس 2014.
[72] محمد البحراوي، “مصدر عسكري يكشف حقيقة أسر قائد بالأسطول الأمريكي”، المصري اليوم، 26 أغسطس 2014.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/509593#
[73] عبد المنعم حلاوة، “المخابرات الإسرائيلية: “السيسي” رفض الرد على مكالمة تليفونية من أوباما.. والرئيس الأمريكي طالب حلفاءه بإدانة ما حدث”، صدى البلد، 15 أغسطس 2013.
[74] رباب المهدي، ” السيسي ليس عبد الناصر”، الشروق، 26 فبراير 2014.
[75] أحمد عبد العظيم، “الوطن تكشف: اجتماع سرى بقاعدة أمريكية في ألمانيا يضم ممثلين عن الموساد وأمريكا وفرنسا وبريطانيا لوضع خطة شل مصر”، الوطن، 24 أغسطس 2013.
وأيضا: “بالمستندات.. اجتماع سري بقاعدة عسكرية أمريكية في ألمانيا يضم ممثلين عن الموساد وأمريكا وفرنسا وبريطانيا لوضع خطة شل مصر”، صدى البلد، 24 أغسطس 2013.
[76] محمد أحمد طنطاوي، “سرى جدا.. ننشر وثيقة لأخطر اجتماع مخابراتي بالقاعدة العسكرية الأمريكية بألمانيا ضد مصر.. الاجتماع حضره ممثلون عن أمريكا وألمانيا وبريطانيا وإسرائيل وفرنسا بهدف تركيع القاهرة ومقاطعتها اقتصاديا”، اليوم السابع، 24 أغسطس 2013.
[77] أحمد عبد العظيم ورجب المرشدي ومحمد طارق، “مخابرات 5 دول تضع خطة مصر فوضى بلا نهاية في ألمانيا”، الوطن، 20 ديسمبر 2013.
[78] جمال جرجس المزاحم وأحمد جمعة، “تفاصيل اجتماع قيادات «الإرهابية» مع عملاء مخابرات تركيا وإسرائيل وقطر لتفجير الأوضاع في مصر.. مصادر: قبرص التركية استضافت الاجتماع برعاية «أردوغان» لدعم الإخوان بالسلاح وخطط لاغتيال شخصيات عامة”، اليوم السابع، 29 يناير 2014.
[79] شريف علي، “اجتماع 6 أجهزة مخابرات في الدوحة لحصار مصر اقتصادياً”، صوت الأمة، 29 مارس 2014.
[80] محمد طارق وهبة صبيح وأحمد عبد العظيم، “مؤامرة «أمريكية – تركية» لخنق السيسي”، الوطن، 11 يناير 2015.
[81] أسامة الرشيدي، “الإعلام وحرب الشائعات في عهد مرسي”، المعهد المصري للدراسات، 23 مارس 2017.
[82] خليفة جاب الله، “رئيس «حكماء أفريقيا» لمرسي في مقر احتجازه: الشعب ثار عليك وأمرك انتهى”، المصري اليوم، 31 يوليو 2013.
[83] أكرم سامي، “الاتحاد الأوروبي يصدر بياناً لتصحيح أخطاء الترجمة الفورية لمؤتمر أشتون والبرادعى”، الوطن، 1 أغسطس 2013.
[84] أحمد عبد العظيم وخالد محمد، “كواليس لقاء الساعتين بين أشتون ومرسى”، الوطن، 31 يوليو 2013.
[85] مصطفى بكري، “أشتون سألت مرسى: ماذا تريد؟ فأجاب: أفرجوا عن الشاطر”، الوطن، 31 يوليو 2013.
[86] فاطمة الدسوقي، “بديع يفجر مفاجأة خلال تحقيقات النيابة: البلتاجي هو المسئول عن تمويل الإخوان بالمال والسلاح”، الأهرام، 21 أغسطس 2013.
[87] فاطمة الدسوقي، “بديع رافضاً الرد على أسئلة النيابة: مصر في حالة انقلاب عسكري.. وعندما تعود الشرعية سأمثل للتحقيق”، الأهرام، 23 أغسطس 2013.
[88] “بديع: البلتاجي وراء العنف منذ 30 يونيو.. وهو المسؤول عن التمويل والتدريب”، الدستور، 21 أغسطس 2013.
[89] أحمد مرعي، “ننشر الاعترافات الكاملة لـ”أورتيجا” المتهم بـ”كتائب حلوان”: شاركت في حرق قسم المطرية وحى عين شمس.. وتواصلت مع صاحب “رصد” وعبد الرحمن عز لتنفيذ العمليات الإرهابية.. ونحصل على مكافآت مالية بعد كل عملية”، اليوم السابع، 29 أغسطس 2014.
[90] إسلام أبو خطوة، “أورتيجا المتهم بانتمائه لـ «كتائب حلوان» يروي تفاصيل القبض عليه وإخلاء سبيله.. كلبشونى كل إيد لوحدها ونمت واقفا.. الباشا قال لي أنت متوصي عليك وهتتنفخ.. أحد الضباط: مبروك اتشهرت يا أورتيجا”، بوابة فيتو، 25 سبتمبر 2014.
[91] محمد القماش، “المصري اليوم تنشر اعترافات العريان في قضية التخابر”، 12 سبتمبر 2014.
[92] خالد محمد، “الوطن تنشر نص 5 اتصالات بين مرسى والظواهري”، الوطن، 22 نوفمبر 2013.
[93] خالد محمد، “الظواهري لـ«مرسى»: «لازم تعتقل شيخ الأزهر» و«المعزول» يرد: الخلافة قادمة يا أمير المؤمنين”، الوطن، 9 ديسمبر 2013.
[94] على سبيل المثال، احتوت مكالمة من هذه المكالمات على جملة قيلت في فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية” باعتبارها كلمة السر بين مرسي والظواهري. انظر “بالفيديو: مهزلة المكالمة المسربة بين مرسي والظواهري”، رصد، 13 ديسمبر 2013.
[95] المذيع عمرو أديب علي سبيل المثال قرأ تفريغ المكالمات المزعومة مؤكدا أنها حقيقية. انظر “أديب تعليقا على انفراد الوطن بنشر مكالمات مرسي والظواهري: كنا عايشين مع عصابة”، الوطن، 10 ديسمبر 2013.
[96] خالد أحمد، “ننفرد بنص التسجيلات بين “مرسي” و”الظواهري” المعزول: لن أعتقل أي جهادي.. والمؤسسات تتحرك بأمري”، البوابة نيوز، 16 أكتوبر 2013.
[97] محمد رجب، “اعترافات المعزول”.. “مرسى” يقر أمام جهات التحقيق الاتصال بـ”الظواهرى” أثناء حكمه للبلاد.. أفرج عن إرهابيي “القاعدة” مقابل دعم الإخوان.. المعزول فتح معسكرات تدريب للتكفيريين في سيناء”، فيتو، 26 أكتوبر 2013.
[98] محمد رجب، “الوطن تنشر انفراد “فيتو” حول نص تسجيلات المعزول والظواهري”، فيتو، 22 نوفمبر 2013.
[99] على سبيل المثال انظر: هيثم الشيخ، “مرسى شامتاً في اغتيال «مبروك»: قلت لكم إن الطريق ده آخرته كده”، الوطن، 21 نوفمبر 2013.
والغريب أن نفس الصحيفة نشرت تسجيلات صوتية موثقة لمرسي تحدث فيها عن عمليات الاغتيال التي يتعرض لها ضباط شرطة مؤكدا حزنه عليهم وليس شماتته فيهم كما ادعت في خبرها الأول. انظر: “مرسي: قعر السيسي لسه مبانش، وهيجيب لكم من تحت الزبالة”.
[100] مجدي الجلاد، “انفراد| الوطن تنشر تسجيلات اللقاءات السرية بين خيرت الشاطر وخالد مشعل القيادي بـحماس”، الوطن، 29 أبريل 2014.
[101] أحمد عصام، “عبد الرحيم علي يكشف خطة “الشاطر” و”مشعل” قبل انتخابات الرئاسة”، البوابة نيوز، 11 فبراير 2014.
[102] أحمد حسني، “ننشر حصاد “رمضان” في سجون طرة.. علاء وجمال مبارك يفوزان بالدورة الرمضانية.. و”الشاطر” يفضل “الصدور” ويرفض الوراك.. و”سجن النسا” يضيع على الجماعة “التراويح”.. وعلاء عبد الفتاح يرفض اللعب مع دومة وماهر”، 27 يوليو 2014.
[103] أحمد حسني، “تفاصيل معارك الفول والجرجير لـ«المعزول» وقيادات الإخوان على السحور في طرة.. مرسى للجنود: مش عايز فول انتوا هتأكلونى على مزاجكم.. وسحور المرشد جبنة رومي وبسطرمة ولانشون.. وأبو إسماعيل يطلب جرجير وبيض”، اليوم السابع، 14 يوليو 2014.
[104] أحمد عبد العظيم، “مصدر سيادي: مرسي توقف عن مقولة أنا الرئيس وعاد لأكل البط بشهية مفتوحة”، الوطن، 18 سبتمبر 2013.
[105] [105] إبراهيم قاسم وأمنية الموجي، “المركزي للمحاسبات يكشف في تقريرين مخالفات “مرسى”.. تناول وحاشيته كباب وبط وفراخ بـ”3 ملايين و240″.. وظف معاونين حاصلين على دبلومات برواتب 10آلاف.. تقاضى مبالغ مالية غير قانونية بشيكات قابلة الدفع”، اليوم السابع، 18 ديسمبر 2013.
[106] شيماء رزق، “الجلاد: مرسى بياكل بط في السجن ويحرض على الجيش”، المصريون، 26 أكتوبر 2014.
[107] “وزير الداخلية: مرسي لا يأكل “البط والجمبري” والجيش الحر غير موجود بمصر”، سي إن إن بالعربية، 22 مايو 2014.
[108] “جنينة: مرسي لم يأكل بط وكباب بـ3 ملايين جنيه”، المصري اليوم، 22 ديسمبر 2013.
[109] مصطفى محمود، “أردوغان يتطاول على السيسي ومصر”، الوفد، 24 سبتمبر 2014.
[110] حاتم سعيد، “قناة الحياة تقرر وقف عرض مسلسلات تركيا بسبب موقفها من مصر”، المصري اليوم، 16 أغسطس 2013.
أحمد النجار وسعيد خالد، “«cbc» و«القاهرة والناس» و«النهار» توقف عرض المسلسلات التركية وتلغي التعاقدات”، المصري اليوم، 17 أغسطس 2013.
[111] انتصار الغيطاني، “صدى البلد تقرر وقف عرض المسلسلات التركية”، الوطن، 27 أكتوبر 2014.
[112] محمد حسن عامر، “أردوغان يتطاول علي المشير وخبراء: يخشى من ظهور سيسي تركي”، الوطن، 22 يونيو 2014.
[113] رحمة ضياء، “أردوغان سفاح تقسيم.. الراعي الرسمي لجرائم الإخوان”، كايرو دار، 24 ديسمبر 2013.
[114] صلاح أحمد نويرة، “روز اليوسف تكشف لغز هجوم أردوغان على مصر: المتظاهرون الأتراك يرفعون صور السيسي وعلم مصر في ميدان تقسيم”، روز اليوسف، 29 أغسطس 2013.
[115] عاجل | حقيقة رفع صور السيسي في تركيا وكذب الإعلام المصري.
[116] مثال مقال الكاتب حلمي النمنم وزير الثقافة السابق في المصري اليوم بعنوان “السيسي وأردوجان”، 1 يناير 2014.
وتعليق السياسي والبرلماني السابق باسل عادل. انظر “باسل عادل: رفع صور “السيسي” غزو ناعم لتركيا”، البوابة نيوز، 28 ديسمبر 2013.
[117] رامي سعيد، أحمد عرفة، محمد عطية، “استمرار تهاوي العثمانية الجديدة.. خبراء: إيواء تركيا للإخوان سبب خسارتها عضوية مجلس الأمن.. الوفد: صفعة لأنقرة.. والمؤتمر: أردوغان مجرم حرب ويجب عزله دوليا.. ودبلوماسي: يدعى الديمقراطية ويدعم إرهابيين”، اليوم السابع، 18 أكتوبر 2014.
[118] نجاة عطية الجبالي، “باحث في الشأن التركي: مصر حرمت تركيا من مقعد مجلس الأمن بتعاون سعودي إماراتي”، صدى البلد، 17 أكتوبر 2014.
[119] “حياة الدرديري تكشف تصريح المخابرات الألمانية بدور المخابرات المصرية في فضح تجسس أمريكا على ميركل”، قناة الفراعين، 6 نوفمبر 2013.
http://www.youtube.com/watch?v=ZZvX-TkKc20
[120] “مفاجأة.. المخابرات الألمانية: المخابرات المصرية ساعدتنا في كشف تنصت أمريكا على ميركل”، الفجر، 27 أكتوبر 2013.
[121] عبد المنعم حلاوة، “نيويورك تايمز تهاجم المخابرات المصرية بسبب ضرباتها القوية ضد الإرهاب وفضح تجسس أمريكا على رؤساء العالم”، صدى البلد، 30 أكتوبر 2013.
http://www.el-balad.com/661865
[122] “الجلاد يطلق حملة شعبية لحذف قناة الجزيرة من أجهزة الاستقبال في منازل الشعب المصري”، الوطن، 8 يوليو 2013.
[123] علاء الغطريفي، “الوطن تحصل على وثيقة الانهيار من داخل الجزيرة: نسبة المشاهدة تراجعت من 28٪ إلى 5.3٪ في مصر”، الوطن، 12 أبريل 2014.
[124] “القنوات الفضائية تقاطع ابسوس لبحوث نسب المشاهدة”، الوطن، 23 يناير 2014.
[125] “جهاز للكشف وعلاج فيروسات الكبد سي والإيدز هدية من الجيش المصري لأبناء مصر”، 22 فبراير 2014.
http://www.youtube.com/watch?v=DZVB55DGu84
[126] “رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق: محاربة جهاز علاج الإيدز هو نوع من الحرب على مصر”، قناة التحرير، 27 فبراير 2014.
[127] محمد الدسوقي رشدي، “نائلة عمارة”، اليوم السابع، 28 فبراير 2014.
[128] هبة الحنفي، “عصام حجي.. طابور خامس.. معاق.. فضيحة”، المصري اليوم، 14 نوفمبر 2014.
[129] “الفنانة فردوس عبد الحميد: أمريكا وراء عدم تداول جهاز علاج الإيدز وفيروس سي”، مصراوي، 18 مارس 2014.
[130] “رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق: اختراع علاج الإيدز كاختراع القنبلة الذرية”، قناة التحرير، 27 فبراير 2014.
[131] “حصري لصدى البلد.. لقاء مع بعض الحالات التي تم علاجها من فيروس c والإيدز باستخدام اختراع الجيش”، قناة صدى البلد، 1 مارس 2014.
[132] “أحد المرضى الذين تم شفائهم من الإيدز عن طريق جهاز القوات المسلحة يروي تفاصيل ما حدث معه”، قناة التحرير، 27 فبراير 2014.
[133] هويدا فتحي، “أطباء الكبد يطالبون بمؤتمر لشرح نظرية عمل جهاز القوات المسلحة لعلاج فيروس سي”، الأخبار، 12 مارس 2014.
http://akhbarelyom.com/News/Print?ID=267428
“بوابة أخبار اليوم تشارك مرضى فيروس سي والإيدز فرحتهم بالشفاء”، 12 مارس 2014.
[134] منار الشوربجي، “مصداقية المصادر.. دام فضلكم”، المصري اليوم، 22 أبريل 2014.
[135] “الرئيس الأمريكي عضو بالتنظيم الدولي للإخوان.. ومالك شقيقه أحد نشطاء القاعدة”، الوفد، 28 أغسطس 2013.
[136] محمود عبد الراضي، “نائب رئيس جهاز الأمن الوطني السابق: الإخوان شكلت الجيش الحر في اجتماع مع جهاز المخابرات البريطاني ويضم 600 تكفيري”، اليوم السابع، 28 أبريل 2014.
[137] أحمد عبد العظيم وخالد محمد ومحمد بخات، “الجيش الحر يتحرك على الحدود والقوات المسلحة: نار جهنم في انتظاره”، الوطن، 19 أبريل 2014.
[138] “حرب الظواهري القادمة على حدود مصر ــ 70 ألف مسلح في 10 معسكرات ليبية يقود معظمها إرهابيون مصريون ــ المعركة الدائرة في سيناء ستنتقل إلى حدودنا الغربية مع 3 معسكرات لتكفيريين يقودهم ثروت شحاتة”، التحرير، 22 فبراير 2014.
[139] نيفين العيادي، “مكافحة الإرهاب الدولي: القرضاوي اشترى بـ10 مليارات دولار سلاحاً للجيش المصري الحر”، المصري اليوم، 24 أبريل 2014.
[140] محمد زكي، “القرضاوي زار معسكر الجيش المصري الحر بليبيا سراً”، الأهرام العربي، 26 أبريل 2014.
[141] إسراء إبراهيم، “اليزل يكشف تفاصيل الجيش المصري الحر.. الشاطر وعزت يمولان قياداته.. والمخابرات التركية تقف وراءه.. إيران وتركيا وقطر يمدون بالمعلومات.. والرزازي يقود التدريبات”، بوابة فيتو، 16 أبريل 2014.
http://www.vetogate.com/962837
[142] مصطفى بركات، “بالفيديو.. تدريبات الجيش المصري الحر في ليبيا استعدادا للزحف على القاهرة”، بوابة فيتو، 23 مايو 2014.
http://www.vetogate.com/1025759
[143] “عمرو أديب: السيسي نفى وجود جيش مصر الحر”، المصري اليوم، 4 مايو 2014.
[144] “حسب الخطة”، هيومن رايتس ووتش، 12 أغسطس 2014.
http://www.hrw.org/ar/reports/2014/08/12
[145] “بالفيديو.. ننشر تقرير هيومن رايتس ووتش حول فض اعتصام “رابعة”، بوابة فيتو، 12 أغسطس 2014.
http://www.vetogate.com/1164701
[146] ماجد عاطف، “كنت شاهداً على فض اعتصام رابعة العدوية”، المصري اليوم، 14 أغسطس 2014.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/501238
[147] وائل علي ومينا غالي، ” هيومان رايتس تعدل تقرير رابعة: شهادة مراسل نيوزويك صادقة”، المصري اليوم، 22 أغسطس 2014.
[148] بيان على صفحة “ماجد عاطف” على فيسبوك.
[149] “فضيحة هيومان رايتس”، الوفد، 22 أغسطس 2014.
[150] محمود عبد المنعم، “حقوقيون: هيومن رايتس فقدت المصداقية”، بوابة الوفد، 21 أغسطس 2014.
[151] جرجس ميلاد، “خيري رمضان: هيومان ووتش تؤكد عدم موضوعيتها”، بوابة الوفد، 21 أغسطس 2014.
[152] ميسر ياسين، “فكر قبل ما تغلط.. رايتس ووتش وواشنطن تتراجعان عن موقفهما ضد مصر”، الوطن، 27 أغسطس 2014.
[153] “القرضاوي: لم أنقل إقامتي إلى تونس.. وسأبقى في قطر إلى أن أدفـن في أرضـهـا”، الأناضول، 20 أبريل 2014.
[154] “إخوان بلا عنف: تجميد أرصدة الإخوان في البنوك القطرية”، الوطن، 13 سبتمبر 2014.
https://www.elwatannews.com/news/details/558006
[155] أشرف بيومي، “بكري: تركيا اعتذرت عن استقبال الإخوان المرحلين من قطر”، دوت مصر، 14 سبتمبر 2014.
http://old.dotmsr.com/ar/610/1/78863
[156] “مخطط إخواني تركي حمساوي للفوضى المسلحة في 28 نوفمبر”، الوطن، 19 نوفمبر 2014.
https://www.elwatannews.com/news/details/600197
[157] رغم أن وسائل الإعلام العالمية لا تصفه إلا بالانقلاب. إلا أن الإعلام المصري ركز حملاته الدعائية ضد الجزيرة، وتجاهل الإعلام العالمي، لإيهام المواطنين أن المشكلة مع الجزيرة فقط. وليس كونه انقلابا فعلا كما يؤكد الإعلام في كافة أنحاء العالم.
[158] مي فهمي، “مذيع الجزيرة يعترض على حديث متصل إخواني: مصر تعيش الآن واقعا جديدا مع رئيس منتخب”، صدى البلد، 20 نوفمبر 2014.
https://www.elbalad.news/1255048
[159] محمود كارم، “بالفيديو.. مذيع الجزيرة يصف السيسي بالرئيس المنتخب.. وتامر أمين: بدأت “تندع”، صدي البلد، 20 نوفمبر 2014.
https://www.elbalad.news/1255449
[160] محمود الواقع، “الجزيرة مباشر مصر تصف السيسي للمرة الأولى بالرئيس المنتخب”، المصري اليوم، 20 نوفمبر 2014.
[161] شيرين فرغلي، “الجزيرة تحتفل بعيد ميلاد السيسي”، الوفد، 20 نوفمبر 2014.
https://www.alwafd.news/772843
[162] محمد كامل، “الفضائية القطرية تخون العهد مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله.. والإعلام المصري ملتزم بالمهنية.. و”اليوم السابع” يرفع تقريراً عن انتهاكات القناة في DVD ويسلمه للسفير السعودي”، اليوم السابع، 28 نوفمبر 2014.
[163] مصطفي بركات، “بالخريطة.. الإخوان خططت لقصف طائرة السيسي في سماء تركيا”، بوابة فيتو، 14 أغسطس 2014.
http://www.vetogate.com/1169630
[164] “ننشر تفاصيل انطلاق سرب طائرات روسية لتأمين الرئيس السيسي”، صدي البلد، 15 أغسطس 2014.
http://www.el-balad.com/1100888
[165] “محمد الغيطي: المخابرات المصرية نجحت في إحباط مخطط اغتيال السيسي في تركيا”، قناة التحرير، 15 أغسطس 2014.
https://www.youtube.com/watch?v=5ZxllNzl3Cw
[166] ياسر بركات، “ساعات الرعب على طائرة الرئيس”، الموجز، 21 أغسطس 2014.
[167] روز اليوسف، 23 أغسطس 2014.
[168] “برقيات شكر لـ”بوتين” لإفشال مخطط ضرب طائرة الرئيس السيسي“، صدى البلد، 16 أغسطس 2014.
https://www.elbalad.news/1102781
[169] “اغتيال السيسي.. حقيقة أكدتها المخابرات الروسية”، البوابة نيوز، 10 سبتمبر 2013.
https://www.albawabhnews.com/140408
[170] إنجي مجدي، “نيويورك تايمز تكشف: مراكز أبحاث أمريكية تعمل لصالح ممولين وحكومات أجنبية.. بروكينجز يتلقى مليارات من الحكومة القطرية لدعم سياسة تميم.. النرويج وبلاد الشرق الأوسط الأكثر تمويلا للضغط على واشنطن”، اليوم السابع، 7 سبتمبر 2014.
[171] J.D. Gordon, ” Egypt, a key to defeating radical Islam”, Washington Times, October 2, 2014.
[172] “واشنطن تايمز: مصر مفتاح هزيمة التطرف… وشهدت عاماً كارثيّاً تحت حكم الإخوان”، الأهرام، 4 أكتوبر 2014.
https://gate.ahram.org.eg/daily/NewsQ/329252.aspx
[173] “صحيفة أمريكية: الشعب المصري قدم التضحيات للسيسي”، الوفد، 8 أكتوبر 2014.
https://www.alwafd.news/750964
[174] أحمد حمدي، “موسى: أهالي كرداسة يستغيثون من الاحتلال الإخواني ويطالبون الأمن بالتدخل”، فيتو، 18 سبتمبر 2013.
https://www.vetogate.com/592450
[175] فادية شعلة، “أهالي المطرية يعلنون رفضهم لإرهاب الإخوان خلال لقائهم مع محافظ القاهرة”، اليوم السابع، 27 يناير 2015.
[176] أحمد حسني، “أهالي المطرية يشتبكون مع الإخوان ويهددونهم “لو جيتو هنا تانى هندبحكم”، اليوم السابع، 6 فبراير 2015.
[177] إسماعيل جمعة وأشرف هزاع، “الأهالي في رفح والشيخ زويد لـ«الأهرام»: الإرهابيون حولوا حياتنا لجحيم ونقف مع الدولة لتطهير سيناء من التكفيريين”، الأهرام، 1 نوفمبر 2014.
https://gate.ahram.org.eg/daily/News/335296.aspx
[178] منصور كامل، “بائع جائل يقبل رأس محلب: «دي للسيسي».. ورئيس الوزراء: مصر هتبقى كبيرة أوي”، المصري اليوم، 26 أغسطس 2014.
https://www.almasryalyoum.com/news/details/509975
[179] محمود عاشور، “ياسر رزق: تسجيل “رصد” عن السيسي “مفبرك”.. وسأتقدم ببلاغ ضدها”، الوطن، 10 أكتوبر 2013.
https://www.elwatannews.com/news/details/338753
[180] “ياسر رزق: تسجيل حواري مع السيسي اتسرق منى وسأغلق قناة الجزيرة ورصد”.
[181] “نشرة فيس بوك.. اعتداء أفراد بزي عسكري على أبناء سيناء”، 31 أكتوبر 2014.
http://www.youtube.com/watch?v=4X57iG0AgGI
[182] أحمد ندا، “فيديو التعذيب في سيناء: مأسسة العقوبة”، المدن، 2 نوفمبر 2014.
[183] عادل القاضي، الجيش المصري يطلق آلة التعذيب في سيناء، التقرير، 30 أكتوبر 2014.
[184] “الحياة اليوم – تعليق الإعلامية لبنى عسل على نشر فيديو للحظة تفجير كمين كرم القواديس”، 15 نوفمبر 2014.
http://www.youtube.com/watch?v=rKW2AgD5P1Y
[185] سعيد حجازي، “القرضاوي: لا واجب شرعي للجهاد ضد إسرائيل وعلينا التركيز لمواجهة بشار”، الوطن، 7 أغسطس 2014.
https://www.elwatannews.com/news/details/534140
[186] “القرضاوي ينفي فتوى منسوبة له بعدم الجهاد في فلسطين”، الأناضول، 10 أغسطس 2014.
[187] برنامج “90 دقيقة”، قناة المحور، 9 سبتمبر 2014.
[188] هالة قنديل، “بالفيديو.. الثورة الإسلامية حصرياً على الجزيرة.. ومحلب: راعوا ربنا بقى”، الشروق، 28 نوفمبر 2014.
[189] أحمد عدلي، “الجزيرة تلجأ للقطات أرشيفية لتغطية فتنة المصاحف”، الشروق، 28 نوفمبر 2014.
https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=28112014&id=c5b43f24-47fa-4e90-8dcf-bf05f50bb294
[190] ناهد الجندي وأحمد الجندي، “الجزيرة تواصل الكذب.. وتبث مشاهد مضروبة لإخلاء شريط رفح الحدودي”، اليوم السابع، 29 أكتوبر 2014.
[191] أحمد شلبي، “النائب العام يؤكد تزوير مكالمة ممدوح شاهين”، المصري اليوم، 5 ديسمبر 2014.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/593629
[192] أحمد شلبي، “النائب العام يوضح حقيقة تسجيل المؤامرة”، المصري اليوم، 5 ديسمبر 2014.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/593773
[193] سهيلة حامد، “أحمد موسى عن وفاة مبارك: هناك أمر جلل ومحدش عنده الخبر اليقين”، الوطن، 5 ديسمبر 2013.
https://www.elwatannews.com/news/details/612410
[194] “وائل الابراشي تعليقاً على تسريب مكتب السيسي عن الإعلاميين: يا حمقى دا شرف لينا”.
https://www.youtube.com/watch?v=M5C7YIsp7Zk
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.