الشرق الأوسطدراسات

السياسة السعودية تجاه الإخوان المسلمين بعد ثورة يناير

مرّت العلاقة بين المملكة العربية السعودية وحركة الإخوان المسلمين في مصر، بالعديد من المراحل. بيد أن اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 المصرية، أدخل عوامل جديدة على هيكل هذه العلاقة، ما جعلها تعيش مرحلةً انتقالية ذات سمات خاصة، تعكس طبيعة “الحالة الانتقالية” التي يمرُّ بها العالم العربي، والتي يمرُّ بها النظامان الإقليمي والدولي أيضًا.تستعرض هذه الورقة مراحل السياسة السعودية تجاه الإخوان المسلمين في مصر، وترصد أهم المتغيرات التي أثّرت عليها بعد الثورة المصرية، سواء المتغيرات الداخلية في كلا البلدين، أم المتغيرات العربية والإقليمية والدولية، التي فرضت ضغوطًا على علاقة السعودية بالإخوان، ودفعت بها إلى مستوى من “التوتر غير المسبوق” في تاريخ العلاقة، ضمن سياق أزمة السياسة الخارجية السعودية تجاه الثورات العربية وقضية مستقبل التغيير في العالم العربي.

أولًا- عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز

شكّلت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، مرحلةً جديدة في السياسة السعودية تجاه مصر عمومًا، وتجاه حركة الإخوان المسلمين في مصر خصوصًا؛ فقد أظهرت إلى حد كبير طبيعة العلاقة التنافسية الكامنة بينهما إلى العلن، بصورة مختلفة نسبيًا، عن المراحل السابقة.

ورغم أن جزءًا من توتر العلاقات المصرية – السعودية قد يرجع إلى وصول الإخوان إلى سدة الرئاسة في مصر، فإن هذه الورقة تذهب إلى أن العلاقة بين القاهرة والرياض، كانت ولا تزال، تشهد بعض الخلافات الثنائية من آن لآخر، بسبب التنافس على النفوذ والتأثير على توجّهات الدول العربية، لكنه يبقى في إطار “تنافس تكاملي، وغير صراعي في أغلب الأحيان”، بمعنى أنه يفيد طرفيه الرسمييْن اللذيْن تتكامل مصالحهما عادةً على المدى البعيد، حتى لو تعارضت ظاهريًّا في المدى المنظور.

وربما يمكن التمييز بين ثلاث مراحل مرّت بها علاقة السعودية بالإخوان المسلمين بعد الثورة المصرية وحتى وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز في 22/1/2015، ويمكن النظر إلى هذه المراحل بوصفها أيضًا مراحل السياسة السعودية تجاه مصر بعد عام 2011.

المرحلة الأولى: (فبراير/شباط 2011 – يونيو/حزيران 2012):

وهي الفترة التي أدار فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة شؤون مصر، وشهدت “توترات محدودة” في العلاقات السعودية-المصرية، لأسباب متنوعة؛ إذ تراوحت بين موقف الرياض المتحفظ من الثورة المصرية والثورات العربية إجمالًا، وبين تعزّز وضع حركة الإخوان المسلمين على الصعد المصرية والعربية والإقليمية وانعكاساته المحتملة على نفوذ السعودية ودورها في الخليج والعالم العربي، وبين ضغط السياقين الإقليمي والدولي على العلاقات بين السعودية وإخوان مصر .

وبسبب طبيعة النظام السعودي التقليدية وتوجهاته المحافظة سياسيًّا، التي تقوم على رفض فكرة الثورات والتغيير من أسفل إجمالًا، وتفضيل أسلوب التغيير من أعلى، عبر “المكرمات والمنح الملكية”، فقد اتخذت الرياض موقفًا معارضًا – من حيث المبدأ – من مجمل الثورات العربية التي اندلعت عام 2011.

ورغم تحفظ الموقف السعودي على هذه الثورات، فإن تعاملها مع كل ثورة كان مختلفًا، بناء على قرب هذه الثورة أو تلك من تهديد مصالحها [1]؛ فعلى حين رغبت الرياض في أن تبقى ثورة تونس داخل حدود ذلك البلد، خشية امتداد النموذج التونسي عربيًّا، لم يعد هذا ممكنًا بعد الثورة المصرية، بسبب موقع مصر الجيوبوليتكي ضمن المنظومات العربية والإفريقية والإسلامية.

فنجاح ثورة مصر، إذا حدث، سيفقد النظام السعودي حليفًا إقليميًّا قويًا كان يتعاون معه في معادلة تضمن نفوذًا واضحًا للسعودية في العالم العربي، ويبدو طبيعيًا أن تخشى الرياض من بروز “نموذج مصري” يستعيد للقاهرة حضورها ونفوذها، على نحو قد يتشابه مع أيام الرئيس جمال عبد الناصر.

ويزيد الأمر حرجًا إذا دانت صدارة المشهد السياسي المصري بعد الثورة لحركة الإخوان المسلمين، بما يعنيه ذلك من إمكانات لمدِّ جسور تحالف مع الأتراك بنموذجهم المختلف مع النموذج القبَلي-الديني السائد في السعودية.

ومن شأن مثل هذه النتيجة أن تدعم أفكار الإصلاحيين الإسلاميين السعوديين (تيار الصحوة)، وكذا المطالبين بمزيد من الانفتاح السياسي على اختلاف مشاربهم الفكرية/السياسية، وأنصار الملكية الدستورية في السعودية.. إلخ. ما يعني في المحصلة إضعاف “النموذج السعودي”، الذي يصرّ دائمًا على إبراز صفته المرجعية بالنسبة للعالم الإسلامي [2].

ومن أهم عوامل الصراع بين النظام السعودي وتيار الإخوان المسلمين إجمالًا، مسألة الصراع على “الشرعية”، أو احتكار “الرمزية الإسلامية”، أو التنافس على زيادة درجة التأثير، على الصعيد الفكري/السياسي، في أنحاء العالمين العربي والإسلامي.

وتثير مسألة شرعية النظام السعودي قضية أعمق على عدة مستويات، سواء في انعكاساتها على مصر، أم على حركة الإخوان المسلمين، أم على احتمالات اندلاع موجة أخرى من الثورات العربية؛ إذ يرى البعض أن “الحفاظ على الشرعية السياسية للدولة، ومن ثمَّ استقرارها السياسي هو ما يوجّه النظام السعودي في الأساس، ولذا لم يكن تقاربه الحذر والآني مع الإخوان المسلمين في مواجهة النظم العسكرية الاستبدادية في الخمسينيات والستينيات بدافع أيديولوجي بحت، بل لحاجته إليهم في تدعيم شرعيته ومواجهة الخطر الأقرب وهو النظم العلمانية الناصرية والبعثية الداعمة للثورات وحركات التحرر الوطني وعمليات التغيير الاجتماعي، ولذلك اتخذ النظام السعودي– بعد الثورات العربية – موقفًا مختلفًا عن موقفه السابق؛ وذلك بدعم الانقلابات العسكرية والنظم العلمانية الاستبدادية في مواجهة الإخوان المسلمين، وذلك حين صار خطرهم على شرعيته السياسية هو الأقرب” [3].

“ورغم النجاح الآني لسياسات النظام السعودي الصدامية ضد الإخوان المسلمين، وقدرته على تجاوز أزمات خطيرة مثل: أزمة حرب الخليج 1990/1991، وتداعيات الموجة الأولى من الثورات العربية عام 2011، فإن عواقب هذه السياسات قد تظهر في المديين المتوسط والبعيد؛ إذ أن مواجهة أكبر الحركات الإسلامية المعاصرة ودعم النظم العلمانية الاستبدادية – بشكل مباشر وغير مباشر – في قمعها، سيضرُّ على الأرجح بشرعية الدولة السعودية، التي تقول إنها المدافع الأساس عن الإسلام، والداعم المخلص لقضاياه” [4].

وبعد مرور ثماني سنوات منذ اندلاع الثورات العربية، ربما يمكن القول إن أزمة شرعية النظام السعودي قد تزايدت بعد هذه الثورات، بسبب سياسات الرياض وأنماط تحالفاتها على الصعد العربية والإقليمية والدولية.

والواقع أن قضية محاكمة المخلوع حسني مبارك ومحاولات منعها، أثارت حساسية بعد الثورة المصرية، خصوصًا مع احتمال وجود تدخلات سعودية وإماراتية وكويتية في محاكمة مبارك، وفي حين بدا أن كلًا من الرياض وأبوظبي حاولت استخدام الأداة المالية لمنع حصول المحاكمة، شكّل بعض المحامين الكويتيين فريقًا للدفاع عن مبارك والترافع عنه، دون أن تقبل هيئة المحاكمة هذا الطلب الكويتي المشفوع بوقوف مبارك إلى جوار الكويت في محنتها إبان أزمة الغزو العراقي لأراضيها. ولكن اللافت أن السفير السعودي في القاهرة أحمد القطان خرج في تصريحات في مارس/أذار 2011، يقر فيها بأن بلاده لا تتدخل في الشأن المصري، وتعتبر أن مسألة المحاكمة هي أمر يقرره الشعب المصري [5].

لقد حاولت الرياض باستخدام سياسة “العصا والجزرة” أن تحول دون محاكمة مبارك حتى لا تكون فاتحةً لغيرها، لكن “رد فعل الشارع المصري كان أعلى صوتًا، لا سيما مع حداثة عهده بالثورة، ما أجبر المجلس العسكري على الانصياع لإرادة الشعب، وهو ما ألقى في خلد النخبة الحاكمة السعودية أهمية عدم معاداة الشعب المصري، وأن مصلحتهم في الانحناء مؤقتًا لمطالبه المشروعة وتطلعاته نحو الحرية، مع استمرار التحفظ السعودي بسبب الخشية من سيطرة الإسلاميين على الحكم في مصر” [6].

ومن بين التوترات التي طرأت على العلاقات بين الرياض والقاهرة في فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قضية المحامي المصري أحمد الجيزاوي أواخر أبريل/نيسان 2012، والتي تم احتواؤها سريعًا عبر اتصالات كبار المسؤولين المصريين بنظرائهم السعوديين، ثم قيام وفد مصري برلماني وشعبي بزيارة إلى السعودية، ثم عودة السفير السعودي بعد ذلك إلى القاهرة [7].

وقد تكون الدلالة الأهم لقضيتي أحمد الجيزاوي ومحاكمة مبارك أن الخلاف حول حركة الإخوان المسلمين وموقعها من النظام السياسي المصري، لم يكن السبب الوحيد للتوترات التي تعتري علاقات القاهرة- الرياض؛ فالمرشح محمد مرسي لم يكن قد وصل إلى الرئاسة بعد، كما أن برلمان 2011/2012، الذي احتلَّ الإخوان نصف مقاعده تقريبًا، لم يكن طرفًا في تصعيد الأزمة، بل كان التصعيد راجعًا إلى قوى “شبابية وثورية” مصرية في الأساس تعكس “الحراك الشبابي/الشعبي” وحالة “الفخر الوطنية” بإنجازات ثورة يناير/كانون الثاني في بداياتها الأولى، والتي حازت – بحق – إعجاب العالم بسلميتها وصورتها الحضارية.

2- المرحلة الثانية: يونيو/حزيران 2012- يوليو/تموز 2013:

وهي فترة تولي محمد مرسي رئاسة مصر، التي برزت فيها توترات العلاقات الثنائية بين الرياض والقاهرة إلى السطح، رغم محاولة مرسي في خطاباته طمأنة دول الخليج بأن بلاده لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأحد، وأنها ليست في وارد تصدير الثورة للخارج.

ولم يكن مفاجئًا بعد وصول مرسي إلى الرئاسة، أن تكون السعودية هي قِبلة زيارته الرسمية الأولى في يوليو/تموز 2012، ما يعني استمرار رؤية صانع السياسة الخارجية المصرية لمسألة محورية العلاقة مع الرياض، وأنها علاقة لا تحتمل الاضطراب ولا القطيعة ولا سوء الإدارة، بغض النظر عن الانتماء السياسي للرئيس المصري. وليس من قبيل الصدفة أن تستمر الكلمات والعبارات المصرية الروتينية نفسها فيما يتعلق بالخليج والسعودية مع ربطها بالبعد الديني والمذهبي، على نحو ما فعل الرئيس مرسي بقوله إن السعودية راعية الإسلام السني المعتدل ومصر حاميته [8].

وفي هذه المرحلة أيضًا شارك الرئيس مرسي في الاجتماع الطارئ لقادة دول منظمة التعاون الإسلامي في مكة المكرمة في أغسطس/آب 2012 الذي انعقد لتدارس تطورات الأزمة السورية، وطرح أفكاره عن “آلية إقليمية رباعية” لحل تلك الأزمة. ويبدو أن هذا الطرح، الذي أصبح مبادرةً (تضم كلًا من مصر والسعودية وتركيا وإيران)، قد أجّج الهواجس السعودية والخليجية بشأن احتمالات إرساء أساس لعلاقة عمل بين مصر وكلٍّ من تركيا وإيران.

لقد خشي المسؤولون السعوديون من احتمال اختيار مرسي لمحور طهران-أنقرة، على حساب علاقة القاهرة- الرياض، وهو القلق الذي ظهر بوضوح مع اقتراح مرسي مبادرته لحل الأزمة السورية، ثم مع زيارته لإيران للمشاركة في مؤتمر عدم الانحياز في 30 أغسطس/آب 2012.

ورغم أن خطاب الرئيس المصري هناك لم يفتح أية آفاق للتعاون المصري-الإيراني، في ظل حقيقة اعتراض التيارات السلفية المصرية على ذلك، فإنه يبقى أن ملف تحسن العلاقات بين القاهرة وطهران يظلُّ هاجسًا سعوديًّا، ربما تعتبره أسرة آل سعود خطرًا على الأمن الوطني السعودي، في ظل أساليب التغلغل الإيرانية، واحتمال أن تشكّل مصر ساحةً أخرى للضغط على السعودية من ناحية الغرب [9].

إن تفسير المخاوف السعودية من ثورة يناير/كانون الثاني 2011 ورئيس مصر المنتخب محمد مرسي قد يكون متعلقًا بأمرين؛ أحدهما التوقعات السعودية/الخليجية بأن تسير مصر الثورة على خطى مبارك نفسها، وتصوير أي تغيير في السياسة الخارجية المصرية – مهما كان محدودًا – على أنه نتيجة الثورة التي ينظر إليها السعوديون، بقدر عالٍ من التشكك. أما الأمر الآخر فهو الحساسية السعودية التلقائية من جماعة الإخوان المسلمين [10].

هذه الحساسية المبالَغ فيها إزاء إخوان مصر لا تغيب حتى عن كتابات حاولت توثيق تغيرات العلاقة بين السعودية وحركة الإخوان المسلمين وتقلباتها؛ إذ يجري اتهامهم عادةً بشتى التهم دون أية أدلة (ومنها: إنكار الجميل، وخيانة العهد، وأحادية الخطاب ورطانته الفقهية وعدم واقعيته، وعدم الشفافية واتباع نهج التقية، واللجوء إلى العمل السري، بما يخالف قوانين الاستضافة السعودية والخليجية.. إلخ) [11].

ويلاحظ في هذا السياق، غياب رواية شاملة من جانب الإخوان لعلاقاتهم مع السعودية، ما يفتح الباب أمام هيمنة الرواية السعودية/الخليجية. ولعل هناك مبالغة سعودية وخليجية في التخوف من الإخوان، خصوصًا إذا تم اعتبار هذا المتغير حاكمًا لمجمل العلاقات السعودية-المصرية، والعلاقات الخليجية-المصرية، وهو ما كان يعكس إلى حد ما رؤية جناح الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز وابنه الأمير متعب وزير الحرس الوطني، ورئيس ديوانه خالد بن عبد العزيز التويجري، وهو ما يعكس أيضًا تأثير الإمارات، وخصوصًا ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، على القرارات السعودية في هذا الصدد.

المرحلة الثالثة 3 يوليو/تموز 2013- أواخر يونيو/حزيران 2017:

وأول هذه المرحلة هو الانقلاب في مصر، وآخرها استيلاء محمد بن سلمان على منصب ولي العهد في السعودية. وقد برزت في هذه المرحلة أربعة ملامح أساسية في الموقف السعودي من عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي:

أولها، حرص الرياض على التواصل المباشر مع وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي؛ إذ حيّا الملك رجال القوات المسلحة المصرية كافة، “الذين أخرجوا مصر من نفق، الله يعلم أبعاده وتداعياته، لكنها الحكمة والتعقل التي حفظت لكل الأطراف حقها في العملية السياسية”.

ثانيها، التعامل السريع مع الرئيس المؤقت عدلي منصور؛ إذ أرسل الملك برقية تهنئة له بتولي قيادة مصر.

ثالثها، مسارعة الرياض بتقديم مساعدة مالية لتدعيم وضع السلطة في مصر وتوفير الإسناد المالي السريع؛ إذ أعلنت السعودية في 9 يوليو/تموز تقديم مساعدات بقيمة خمسة مليارات دولار (2 مليار في صورة غاز ومنتجات نفطية، و2 مليار أخرى في صورة وديعة، ومليار دولار مساعدة نقدية) [12].

رابعها، بروز حالة من التدخل السعودي والخليجي المباشر في الشؤون الداخلية المصرية. فهذه الحالة كانت تعكس أزمةً داخل السعودية، فحاولت بالدبلوماسية والسياسة الخارجية تغطيتها بمزيد من الحركية والنشاط التي تؤكد أنها ماضية في سياسة “ترميم النظام العربي القديم”، والتأكيد على دعم الثورات المضادة، والقمع من أجل العودة لما قبل الثورات العربية 2011 [13].

ويرى البعض أن “استقرار مصر وخروجها من حالتها الثورية المضطربة كان مصلحة إقليمية، ولذا اسرعت السعودية إلى تهنئة الرئيس المؤقت، عدلي منصور، حتى قبل أدائه القسم، وكانت رسالة دعم للمؤسسة العسكرية، وأنها ليست مكشوفة من دون ظهير إقليمي، وذلك في وجه التردد الذي بدا عليه الموقفان الأمريكي والأوروبي، ورفض تركيا خطوة الجيش المصري. واللافت هنا هو موقف السعودية والإمارات الداعم للجيش المصري، أمام كل هذا التردد الإقليمي والدولي” [14].

لقد أثار موقف الرياض من عزل الرئيس مرسي عددًا من النقاط ذات الصلة بمجمل البيئة العربية والإقليمية والدولية التي تتحرك في إطارها السياسة السعودية تجاه مصر والمنطقة العربية؛ فمن جهة أظهرت الرياض تصميمًا واضحًا على التصدي لفكرة “صعود الإخوان” في المنطقة [15].

وهو ما استمر حتى وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، ثم جاء الملك سلمان بسياسة “تهدئة مؤقتة” في بداية عهده وربما حتى منتصف عام 2017، حين تولّى الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد، الذي أعاد سياسة التصعيد ضد الإخوان المسلمين “وشيطنتهم”.

ومن جهة أخرى أعادت للسعودية، ولو بشكل جزئي وآني، الرغبة في قيادة المنظومة الخليجية رغم تصاعد التحفظات القطرية والعُمانية والكويتية التي ستؤثر على مستقبل مجلس التعاون الخليجي، إما بإضعافه أو تفكيكه، لا سيما بعد ظهور تداعيات السياسة السعودية تجاه الثورات العربية، على الداخل السعودي والخليجي نفسه، سواء من حيث ارتفاع نبرة الخطاب الطائفي، أو تزايد احتمالات الصراع السني- الشيعي، بسبب تصاعد الخلافات السعودية مع إيران أو الحوثيين في اليمن أو القوى الشيعية في العراق، أو الخلخلة الأمنية التي تحدث نتيجة هذه المتغيرات كلها، المدفوعة بسياسة “المغامرات” السعودية.

ومن جهة ثالثة عادت مصر بصورة أو بأخرى إلى معسكر “الاعتدال العربي” إلى أمد غير معلوم، في انتظار ما تحمله المتغيرات الإقليمية والدولية، وما إذا كانت ستؤكد أو تنفي على المدى البعيد، إقصاء الإسلاميين من المشهد السياسي أم لا [16].

ويبرر البعض ترحيب الرياض بإطاحة الجيش المصري بجماعة الإخوان المسلمين، الاعتقاد السعودي أنها تحوّلت بفروعها المختلفة إلى “واحدة من أبرز مصادر التهديد لأمن دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصًا في مرحلة ما بعد الثورات العربية، ولا سيما في مصر حيث الحركة الأم لكل دول الإقليم، أخذًا في الاعتبار تغير الوزن النسبي لهذا التهديد، من حالة إلى أخرى.

ففي مطلع عام 2013 تغيّر موقف رموز الإخوان المسلمين في السعودية تغيرًا ملحوظًا؛ إذ أخذوا يدعمون بشكل خافت بقية السعوديين الذين يطالبون بإصلاحات سياسية واسعة النطاق، ومنها التحول إلى الملكية الدستورية، وتفكيك الجمع بين منصبي الملك ورئيس الوزراء، وإجراء الانتخابات البرلمانية والدورية” [17].

وبغض النظر عن هذه التبريرات المسيّسة، فإن السياسة السعودية تجاه مصر بعد 3 يوليو/تموز 2013 وضعت رهانها كله على المؤسسة العسكرية-الأمنية، متجاهلة تمامًا نتائج انتخابات ديمقراطية. ولذا فقدت الرياض حيادَها في نظر كثير من الأطراف السياسية المصرية، ولم يعد بإمكانها أن تلعب أدوار وساطات أو مصالحات أو رعاية الحوار الوطني وتشجيعه، كما فعلت وطالبت في حالات عربية أخرى.

ورغم ثقل الرياض المعنوي والسياسي والاقتصادي، ورغم دورها المحوري في الحالة اليمنية، فإن الانحياز السعودي لأحد طرفي الصراع السياسي في مصر، أدى إلى غياب الدبلوماسية السعودية عن محاولات الوساطة لحلحلة الأزمة السياسية المصرية وإطلاق جهود مصالحة وطنية؛ إذ قامت بها – أي بالوساطة التي فشلت في آخر المطاف – الإمارات وقطر (بالتعاون مع الجانبين الأمريكي والأوروبي). كما أن موقف الرياض القاطع شجّع دولًا خليجية أخرى (الإمارات والكويت والبحرين)، على تأييد الإجراءات التي اتبعتها الحكومة المصرية لفض اعتصامي رابعة والنهضة في 14/8/2013. كما أيّدت هذه الدول بيان الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي صدر آنذاك [18].

ففي 16 آب/أغسطس 2013 أصدر ملك السعودية بيانًا أكد فيه وقوف بلاده مع أشقائها في مصر، ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية [19].

وثمة من بنى على هذا الموقف السعودي والتطورات في المواقف العربية بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، كثيرًا من المبالغات، ومنها أنها “تؤسس لعلاقات عربية- عربية على أسس جديدة وراسخة؛ فأغلب المصريين لن يسمحوا لأنفسهم بالاختلاف مع الدول العربية التي أيدت مصر في هذه الأزمة العصيبة، وعلى رأسها السعودية. وبناء عليه يمكن أن يحلم العرب بميلاد نظام عربي جديد ومتماسك يستطيع – بحق – أن يقف بفاعلية ضد محاولات اختراق النظام العربي، كذلك فإن مفهوم العروبة الحقيقي عاد للظهور من جديد، لكي يكون أساسًا للنظام العربي المأمول”[20].

لقد وظّفت الرياض مختلف الأدوات في سياستها لممارسة ضغط حاسم على مصر، حتى لا تخرج عن سياسات نظام مبارك، خصوصًا في شقها الإقليمي، مع التركيز على منع إخوان مصر من إعادة رسم السياسة الخارجية المصرية وتحالفاتها الإقليمية والدولية، خصوصًا في التقارب مع ثنائي تركيا قطر، أو تقارب القاهرة مع طهران.

ومن المفارقات هنا أن تنقلب السعودية على إخوان مصر، وتتحول بكل قوة إلى دعم توجّهات الجيش المصري وقوى علمانية وليبرالية وناصرية ومؤسسة الأزهر، بهدف طي صفحة الإخوان بأقصى سرعة ممكنة.

لقد شهد عهد الملك الراحل عبد الله بن العزيز أيضًا صدور قرارات أخرى أثّرت في علاقة السعودية بإخوان مصر، وعلى رأسها تجريم الانتماء للحركات الإسلامية بشقيها الراديكالي والمعتدل، في إطار انخراط الرياض في “الحرب ضد الإرهاب”، وذلك عبر ثلاث خطوات مهمة:

1- الأمر الملكي الصادر في شباط/فبراير 2014، الذي يقضي بالسجن لمن يشارك في أعمال قتالية خارج السعودية، أو ينتمي للتيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنّفة منظمات إرهابية [21].

2- إصدار وزارة الداخلية السعودية في آذار/مارس 2014 – تنفيذًا لهذا الأمر الملكي – بيانًا يتضمن قائمة لجماعات وتنظيمات وجهات تعتبرها السعودية “إرهابية”؛ فقد شملت القائمة كلًا من: تنظيم القاعدة، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتنظيم القاعدة في اليمن، وتنظيم القاعدة في العراق، والدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، وجبهة النصرة، وحزب الله في داخل السعودية، وجماعة الإخوان المسلمين، وجماعة الحوثيين [22].

وقد أكد هذا البيان حظر الانتماء إلى هذه الجماعات أو دعمها، أو التعاطف معها، أو الترويج لها، أو عقد اجتماعات تحت مظلّتها، سواء داخل السعودية أو خارجها، وأن هذا الحظر يشمل “كل تنظيم مشابه لهذه التنظيمات، فكرًا، أو قولًا، أو فعلًا، وكل الجماعات والتيارات الواردة بقوائم مجلس الأمن والهيئات الدولية وعُرفت بالإرهاب وممارسة العنف” [23].

إن هذا البيان الذي ضم الإخوان إلى جماعات أخرى راديكالية، ربما يعني أن “الرياض لم تعد ترى فرقًا بين جماعة الإخوان المسلمين وبين الجماعات المتشددة. وبعد أن كانت السعودية تنظر لجماعة الإخوان باعتبارها إصلاحية يمكن أن توازِن التشدد في الجماعات الأخرى، يبدو أن الرياض قد انحازت إلى فكرة جديدة مفادها أن الجماعات الأخرى استمدت جوهر ما تحمله من جماعة الإخوان (مثل: التنظيمات السرية، والخطاب العقدي، واستخدام العنف والانفتاح على احتمالاته، واعتبار السلطة السياسية هدفًا للجماعة دون نظر لمآلات الاقتتال عليها، وتجاوز الحدود القومية والوطنية إلى بناء تنظيمات عابرة للحدود، والسعي لإقامة الخلافة الإسلامية في سياق دولي، وفي سياق اجتماعي وسياسي لم يعد يقبل بهذا النظام السياسي)” [24].

أي أن الإخوان، بحسب هذه الفكرة السعودية الجديدة، باتوا يقودون الجماعات الأخرى نحو العنف والتطرف وليس الاعتدال والوسطية، وهو ما يذكّر بتصريحات سابقة لوزير الداخلية الراحل نايف بن عبد العزيز في تشرين الثاني/نوفمبر 2003؛ إذ وصف الإخوان ب “أنهم سبب المشاكل في عالمنا العربي، وربما في عالمنا الاسلامي. أقولها من دون تردد إن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها، وسمها كما شئت، جاءت من الإخوان المسلمين” [25].

3- الكلمة التي ألقيت بالنيابة عن العاهل السعودي في 1/8/2014، والتي تضمنت: التحذير من خطر الإرهاب والجماعات التي تمارسه باسم الدين، والتنبيه إلى المجازر الجماعية المرتكبة في فلسطين، وانتقاد عدم تفاعل المجتمع الدولي بشكل جدي مع فكرة قيام “مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب” [26].

ورغم إشادة البعض في السعودية والعالم الإسلامي بهذه الكلمة [27]، فإنها أقحمت قضية فلسطين على بيان سعودي خاص بقضية مواجهة الإرهاب حصرًا. وكان الواجب تخصيص بيان سعودي مستقل للحديث عن مجازر غزة في وقت مبكر، وليس بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الحرب الإسرائيلية الشرسة على غزة، وأن تنأى الرياض بنفسها عن التسبب في خلق لبس يمكن أن يؤدي إلى دمغ قوى حركات المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ومساواتها ب”إرهاب الدولة” الذي تمارسه إسرائيل على أعين الأشهاد، منذ تأسيسها إلى اليوم.

وقد تفسّر هذه الكلمةُ التغيرَ اللاحق الذي بدأ يحدث في مواقف الرياض من حركة “حماس”، وابتعاد السعودية عن دعم قضية فلسطين، وتزايد خطوات التطبيع مع إسرائيل.

واستنادًا إلى ما استجد من سياسات السعودية والإمارات إلى تجريم حركة الإخوان المسلمين، وإصدار لوائح أو مراسيم ملكية وقوائم تحدد الحركات التي تعتبر “إرهابية” من وجهة نظر ثنائي الرياض/أبوظبي، ربما يمكن القول إن تغييرًا كبيرًا أخذ يلحق بالبيئة الإقليمية وموقفها من الحركات الإسلامية، وأساسه العمل على إدماج إسرائيل في النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، وإقصاء إيران والحركات الإسلامية وزيادة التضييق عليها، سواء كانت معتدلة أم راديكالية، تحت شعار “مكافحة الإرهاب”، الذي تحول إلى أبرز المتغيرات الاستراتيجية التي تهيمن على الأجندتين الإقليمية والدولية، وبما ينطوي على مخاطر جمّة على المصالح العربية ويفتح الباب واسعًا أمام تزايد التدخلات الخارجية، وتصاعد تأثير العامل الخارجي في كل تطورات المنطقة العربية، التي باتت قضاياها خاضعة بصورة أكبر للتدويل والأقلمة [28].

وفي هذا السياق، ثمة ثلاثة متغيرات استراتيجية إقليمية حصلت في أواخر عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز وأدت إلى وضع علاقة السعودية بإخوان مصر في سياق استراتيجي جديد، يتراوح بين “العداء الصريح” وبين “التهدئة الإعلامية المؤقتة”، مع استبعاد إمكانية تحسنها في ظل استمرار عبد الفتاح السيسي في السلطة.

1-الثورات العربية وتداعياتها الاستراتيجية على أوزان القوى العربية والإقليمية، وعلى سياسات القوى الدولية تجاه الشرق الأوسط [29].

2- حدوث الانقلاب العسكري في مصر يوليو/تموز 2013، وعسكرة الثورة السورية، وتعثر الثورتين اليمنية والليبية، ما أفضى إلى عودة متغير “الحرب على الإرهاب”، ليحتل قمة الأجندة الإقليمية والدولية، رغم الاختلاف على تكييف هذه الحرب وحدودها وأهدافها وطبيعة القوى الإقليمية والدولية التي تستفيد منها، وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل [30].

3- بروز ملامح تقارب سعودي/خليجي مع إسرائيل، في إطار إدراك خاطئ، أو سيادة “وهم خليجي” بأن دولة الاحتلال يمكن أن تلعب دورًا موازِنًا أو كابحًا لصعود الدور الإيراني في الشرق الأوسط، خصوصًا بعد توقيع اتفاق مسقط الإيراني – الأمريكي أواخر 2013 [31].

ولعل هذه المتغيرات الاستراتيجية الثلاثة جعلت عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز يتسم باضطراب أكبر في سياسة السعودية تجاه حركة الإخوان المسلمين؛ إذ ظهرت فيه التناقضات بين إنكفاء الدور السعودي بعد احتلال العراق عام 2003، سواء على الصعيد العربي أم الإقليمي، وبين إصرار الرياض على دفع عملية تسوية الصراع العربي الإسرائيلي عبر اقتراح “المبادرة العربية للسلام” ربيع عام 2002، وإعادة طرحها وتفعيلها بعد ذلك.

في الوقت الذي ابتعدت فيه الرياض تدريجيًّا عن دعم قضية فلسطين، ولا سيما عبر النأي بنفسها عن دعم حركات المقاومة الإسلامية ولو على الصعيد الخطابي/الإعلامي، وفتحت أبوابًا للتطبيع المباشر وغير المباشر مع إسرائيل، في سبيل تحسين العلاقات السعودية – الأمريكية. وهذه التناقضات ستتضح أكثر مع وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى العرش، وخصوصًا بعد تولي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد، كما سيوضح التقرير أدناه [32].

ثانيًا: عهد الملك سلمان بن عبد العزيز

تأثّرت سياسة السعودية تجاه إخوان مصر في هذا العهد بمتغيرات جديدة، كان بعضها داخليًّا سعوديًّا، وبعضها الآخر يتعلق بالتغيرات التي تحدث في النظامين الإقليمي والدولي، وبروز ما يشبه “التوجه”، على الصعيدين الإقليمي والدولي، لإقصاء الإخوان المسلمين في مصر.

وقد لعب الثنائي السعودي- الإماراتي، المدعوم أمريكيًّا وإسرائيليًّا بوضوح، دورًا بارزًا في “شيطنة” إخوان مصر، وذلك بالتوازي مع التركيز على استهداف الدول الداعمة لهم ولمجمل فكرة الثورات العربية والتغيير السلمي/الديمقراطي في العالم العربي، أي التركيز على حصار دوري قطر وتركيا.

وكان من أهم أوجه التلاقي المصلحي بين السعودية وإسرائيل، استخدام فزاعة الحركات الإسلامية وتحريض دول العالم على ضرورة إدراجها – بشقيها المعتدل والراديكالي- في نطاق الحرب الدولية على “الإرهاب” ولوائح الإرهاب الدولية والوطنية. وثمة أمثلة عديدة على نجاح إسرائيل في تحريض الغرب على الحركات الإسلامية المعتدلة، وحركة الإخوان المسلمين تحديدًا [33].

ويمكن التمييز بين مرحلتيْن في السياسات السعودية تجاه إخوان مصر في عهد الملك سلمان، إحداهما بدأت بمجرد وصوله إلى العرش، أوائل عام 2015، واستمرت قرابة عامين. أما المرحلة الأخرى في عهده فبدأت بعد تولّي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في حزيران/يونيو 2017، التي تداخلت فيها عدة متغيرات داخلية وخارجية، لتكون تمهيدًا لأن تدخل السعودية ومجمل سياساتها الداخلية والخارجية في مرحلة “انتقالية غامضة”، لا يمكن التكهن بنهاياتها وآفاقها في اللحظة الراهنة، كونها تعتمد في نتائجها على “المرحلة الانتقالية” التي يشهدها النظامان الإقليمي والعالمي.

أ-بداية عهد الملك سلمان: “التوازن الداخلي والتهدئة الخارجية”

في بداية عهده توقّع البعض أن يستعيد جناح “السديري” في أسرة آل سعود تماسكه ونفوذه السابق، واحتمال انتقال السياسة السعودية نحو درجة أكبر من البراغماتية؛ أي دعم الحلول العملية الواقعية لمشكلات المنطقة العربية المتفاقمة، من اليمن إلى مصر إلى سورية، بما قد يعني – نظريًّا على الأقل – استعدادًا سعوديًّا للتعبير عن سياسة أكثر توازنًا نسبيًّا على الصعد الخليجية والعربية والإقليمية والدولية، بما يخفّف إجمالًا من تأثير الفكر الأيديولوجي في السياسة الخارجية السعودية، الذي أدّى في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز – عبر نزعة إقصائية مليئة بالهواجس الأمنية – إلى إدراج جماعة الإخوان المسلمين ضمن المنظمات الإرهابية، كما ذكر آنفًا، بالتزامن مع أزمة سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر في مارس/آذار 2014، التي كانت تعني تصعيدًا سعوديًّا يشمل خصوم الرياض، من الإخوان المسلمين إلى قطر إلى تركيا، وضغطًا أيضًا على المواقف الأمريكية والبريطانية من الإخوان، لتصنيفها جماعةً إرهابية.

وبخلاف أخيه الملك عبد الله بن عبد العزيز، تطلّعت الرياض في عهد سلمان نحو “تأسيس تحالف سني واحتواء جماعات الإسلام السياسي في الإقليم، وبصفة خاصة تجنّب استهداف جماعة الإخوان المسلمين؛ إذ إن التعامل وفق سياسة موحدة في مواجهة كل أفرع الإخوان في المنطقة تسبب في إضعاف الثقل السعودي في اليمن. ولذا فإن تغيير ذلك يمثل تصحيحًا للأخطاء التي حدثت في عهد الملك عبد الله. وهنا يسود تصورٌ بأن جماعة الإخوان المسلمين لم تعد تهديدًا مباشرًا للسعودية، كما كانت خلال حكم الملك الراحل، بل أصبحت تشاركها بعض الأهداف السياسية، مثل: هزيمة بشار الأسد في سورية والحوثيين في اليمن” [34].

ورغم ذلك، لم تنتقل الرياض من حالة العداء للإخوان إلى التحالف معهم. كما أنها لم تنتقل من التحالف ضدهم إلى التخلي عنهم، وإنما بقيت في منزلة وسط بين المنزلتين، لاحتياجها لهم في بعض الملفات. وبالتالي تمثلت الرؤية السعودية في بداية عهد الملك سلمان في توحيد أكبر قدر ممكن من حركات الإسلام السياسي السني لإضعاف تكتل إيران المكوّن من حلفائها الإقليميين مثل: عصائب أهل الحق في العراق، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، لتحقيق أهداف طهران في الإقليم. وبهذا المعنى كان تحجيم النفوذ الإيراني، ولا يزال، أولوية في السياسة الإقليمية للسعودية” [35]، ولكن دون أن تمتلك الرياض أدوات حقيقية تساعدها في تنفيذ هذا الهدف.

وفي واحدة من الإشارات التي تكشف جوهر السياسة السعودية في عهد الملك سلمان تجاه إخوان مصر، وردًّا على سؤال عن الإخوان، أجاب وزير الخارجية السعودي الراحل، الأمير سعود الفيصل: “ليس لنا أي مشكلة مع الإخوان المسلمين، مشكلتنا فقط مع فئة قليلة تنتمي لهذه الجماعة، هذه الفئة هم مَنْ في رقبتهم بيعة للمرشد” [36].

ب- تداعيات تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد

بعد انتهاء سياسة “التوازن الداخلي والتهدئة الخارجية”، التي اتبعها الملك سلمان بن عبد العزيز في أوائل عهده، انتقلت السعودية إلى مرحلة من التأزم الداخلي، ما انعكس بصورة جلية على سياساتها الخارجية تجاه عدة قضايا عربية وإقليمية، ومنها علاقة السعودية بحركة الإخوان المسلمين، التي دخلت مرحلة من التوتر والاضطراب غير مسبوقة في تاريخ هذه العلاقة.

فبعد أقل من شهر من انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية وإسرائيل والضفة الغربية في 20 – 23 مايو/ آيار 2017، بدأت مرحلة جديدة حبلى بالمتغيرات الإقليمية والداخلية؛ إذ عملت كلٌ من السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل، على استثمار تداعيات هذه الزيارة لتدشين “موجة ثانية من الثورات المضادة” في المنطقة العربية، تحت هدف توسيع حملة “مكافحة الإرهاب” في المنطقة، لتشمل: قطر، والإخوان المسلمين، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وحزب الله اللبناني، وكل مؤيدي التغيير في العالم العربي، حتى لو كان بأدوات سلمية غير عنيفة[37].

وكان أبرز متغيرات هذه المرحلة على الصعيد الداخلي السعودي، إقصاء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، من ولاية العهد، ومن جميع مناصبه، وهو ما اعتبره البعض خروجًا على تقاليد الأسرة المالكة السعودية؛ فهذا “الانقلاب الأبيض” على ابن نايف، كان له عدة دلالات [38]:

1-أنه يعتبر تجاوزًا لقرار “هيئة البيعة” التي أقرت عام 2015 تعيين ابن نايف في منصب ولي العهد.

2- أن تعيين الأمير محمد بن سلمان لم يأتِ ليسد فراغًا في منصب ولاية العهد، بل ليطيح بولي العهد ابن نايف، الذي لم يُتهم بارتكاب أخطاء أو مخالفات تفقده صلاحية البقاء في المنصب، رغم تعرضه بعدها لحملة لتشويه صورته بوصفه “مدمنًا على أدوية مخدرة”.

3- أن ما رشح عن طريقة مبايعة ولي العهد الجديد، قد تكون مدخلًا للتعرف على مسار العلاقات داخل أسرة آل سعود، التي بدأت صراعاتها تطفو للعلن بصورة غير مألوفة، منذ صراع الأمير فيصل بن عبد العزيز مع أخيه الملك سعود في ستينيات القرن العشرين [39].

وترى باحثة مختصة، أن بروز نجم الأمير محمد بن سلمان بديلًا لابن عمه الأمير محمد بن نايف، كان نتيجة صفقة بين أمريكا ترامب وبين النظام السعودي، مفادها أن يكون محمد بن سلمان هو الملك المستقبلي، في مقابل ثلاثة شروط: أولها أن يقوم ترامب بتشديد الحصار على إيران ومعاقبتها وإدراجها على قائمة الدول الإرهابية. وثانيها أن يقوم محمد بن سلمان بضخ الأموال للاقتصاد الأمريكي. وثالثها أن يقوم محمد بن سلمان بساعدة من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، بتطبيع تدريجي مع إسرائيل مقابل إعادة العلاقة السعودية – الأمريكية إلى قوتها السابقة [40].

ورغم أن أزمات السعودية الداخلية والخارجية قد تعود إلى وقت بعيد نسبيًّا، فإن ثمة حدثين فارقين في إظهار هذه الأزمات السعودية وتشبيكها معًا. أحدهما داخلي ويتعلق بتغيير نظام توريث العرش في البلاد، وتولّي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد وبروز نتائج سياساته الجديدة في عدة مجالات اجتماعية واقتصادية وسياسية. والآخر خارجي، ويتعلق باغتيال الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، فقد أعاد هذا الحدث تسليط الضوء بكثافة على السياسات السعودية الداخلية والخارجية، ولا سيما النتائج الكارثية للحرب السعودية – الإماراتية على اليمن، فضلًا عن تفاقم سياسة اعتقال الدعاة والمفكرين والناشطين الحقوقيين والنسويات السعوديات وجميع معارضي سياسات محمد بن سلمان من الأمراء ورجال الأعمال والوزراء السابقين.

“وفي مواجهة هذه الأزمات السعودية المتراكمة، اقترح جزء من النخبة الحاكمة مجموعة من الحلول تتمثل في: إصدار الرؤى الاستراتيجية (مثل رؤية 2030)، وتعيين جيل الشباب في المناصب العامة، والدعوات إلى إسلام وسطي معتدل، ومنح المرأة بعض الحقوق والإعلان عن نية مكافحة الفساد، وإنشاء مشاريع ضخمة لتنويع مصادر الدخل والخصخصة والسعودة والإصلاحات القانونية والمالية. وبهذا يعيد الأمير محمد بن سلمان تدوير أفكار وتصورات قديمة منذ عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز، لكن الجديد أن بن سلمان يسعي لإعادة تشكيل المنظومة السلطوية المهترئة عبر خطوتين؛ إحداهما تدمير منظومة الهيمنة متعددة الأطراف، التي كانت تسمح لأجنحة مختلفة من آل سعود بالمشاركة في القرار، والأخرى إرساء منظومة سلطوية عمودية تحصر القرار في سلالة الملك سلمان فقط” [41].

ولا شك أن تولي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد ترك تداعيات مهمة على صعيد سياسات السعودية الداخلية، وعلاقاتها الخارجية. ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى الأمور الآتية:

1-إعادة رسم العلاقة بين السياسي والديني التي كانت تشكّل أقوى أسس شرعية الدولة السعودية الأولى، منذ نشأتها في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، عبر عقد حلف ديني- سياسي بين المصلح والقائد الديني للحركة الوهابية الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبين محمد بن سعود رئيس مدينة الدرعية [42]. وهو حلفٌ قوّى سيطرة السياسي على الديني، رغم استمرار حاجة أسرة آل سعود للشرعية الرمزية/الدينية، التي توفرها المؤسسات الوهابية في السعودية، التي تحتضن مكة المكرمة والمدينة المنورة.

لقد قام الأمير محمد بن سلمان باتخاذ خطوات متلاحقة لإعادة رسم هذه العلاقة، وذلك عبر تقليص صلاحيات “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” ونزع الضبطية القضائية منها، وتواتر الأنباء عن وجود نيات لفصل منصب الملك، عن لقب “خادم الحرمين الشريفين”، في إطار مسعى لتحديث شكل النظام.

2- البحث عن نمط جديد للشرعية يمزج بين “الشرعية الاقتصادية/شرعية وعد الرخاء”، المتمثلة في تقديم الوعود الاقتصادية للشعب السعودي وإنعاش آمال الشباب بالمستقبل عبر طرح “رؤية 2030″، وبين “شرعية الانفتاح الاجتماعي”، عبر السماح باختلاط الرجال والنساء في احتفالات العيد الوطني للمملكة، ثم عبر قرار العاهل السعودي في 26 أيلول/سبتمبر 2017 بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة [43].

وبخصوص هذا القرار، ثمة اتجاهان في تحليل أهدافه ودوافعه وتداعياته المحتملة؛ أحدهما يرى أن “المحرّك الرئيس وراء اتخاذه كان الأمير محمد بن سلمان، الذي يريد تحويل اقتصاد السعودية، ضمن “رؤية 2030″، ولأن نظرته للعادات والتقاليد الاجتماعية أكثر انفتاحًا، لذا تنطوي الرؤية على إنشاء وتطوير منتجعات سياحية على طول ساحل البحر الأحمر، قد تسمح بالسباحة المختلطة بين الرجال والنساء وارتداء البيكيني، وربما احتساء المشروبات الروحية” [44].

أما الاتجاه الآخر فلا يرى في قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، سوى خطوة محدودة جدًا، لأنها تأتي في سياق تحسين صورة السعودية خارجيًّا، لا سيما بعد اتضاح فداحة الانتهاكات التي قام بها “التحالف العربي” ضد المدنيين العزل في اليمن منذ بداية الحرب أواخر آذار/مارس 2015، وأيضًا بعد تجلّي الآثار المجتمعية والإنسانية السلبية لأزمة حصار قطر منذ حزيران/يونيو 2017؛ فهذا القرار مرتبط بالاضطرابات الداخلية في السعودية مع ولاية العهد بقيادة محمد بن سلمان، والمشكلات الاقتصادية، فضلًا عن حرب اليمن والتوتر مع قطر وإيران؛ فالناتج الأهم لهذا القرار، هو مكسب تحتاجه الرياض في علاقاتها العامة، خلال مواجهة ما تمرّ به، خصوصًا أنه جاء قبيل تصويت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة نهاية أيلول/سبتمبر 2017، حول تشكيل لجنة تحقيق لتوثيق جرائم الحرب في اليمن، ما يعني أن السعوديين كانوا يحاولون الإيحاء بأن بلادهم في طريقها لمزيد من الانفتاح واحترام حقوق الإنسان” [45].

3- ترويج مصطلح “السعودية الجديدة”، رائدة “الإسلام المعتدل”، في مواجهة “التشدد الشيعي الإيراني”، و”التشدد الإخواني السني”؛ إذ سعى محمد بن سلمان إلى تقديم قراءة جديدة لتاريخ السعودية، زاعمًا في مقابلة مع البرنامج الإخباري الأمريكي “60 دقيقة”، أن بلاده قبل عام 1979، كانت تعيش حياة طبيعية جدًا مثل بقية دول الخليج، كانت النساء تقود السيارات وكانت المرأة تعمل في كل مكان، وكانت هناك دور سينما في السعودية؛ حتى حدث تطوران؛ أحدهما وقوع ثورة إيران والآخر احتلال الحرم المكي من قِبل جماعة جهيمان العتيبي، التي فرضت على السعودية تبني “الوهابية الصارمة” [46].

لكن بن سلمان لم يهتم بشرح أسباب حملته على الإخوان المسلمين وتشويه صورتهم في المناهج السعودية وإقصائهم من التدريس في الجامعات والمدارس، ولم يبرّر الرقابة في معرض الرياض الدولي للكتاب، ولا سياسة الاعتقالات في عهده التي شملت عشرات المعتدلين من مفكرين وعلماء دين واقتصاديين، ورجال أعمال وأفراد من العائلة المالكة، بحجة مكافحة الفساد [47].

وفي ظل غياب أي نقد ذاتي للممارسات السعودية وإغلاق المجال العام والتضييق على الحريات، كتب عددٌ من الباحثين العرب في نقد سياسات الأمير محمد بن سلمان وتناقضاتها وتركيزها على “الصورة” والدعاية في جولاته الخارجية [48]، وفي كشف حقيقة مصطلح “السعودية الجديدة”، متوقعين أن يُواجه تحديات ومشكلات جمة قد تفضي إلى فشل مشروعه “التحديثي/التسلطي”، وتفاقم الأزمات الداخلية والخارجية بسبب نمط الاستبداد الكامن في المشروع، و”تجاهل مراكز القوة التقليدية في السعودية (مثل الأسرة الحاكمة، المؤسسة الدينية، القبائل والعشائر الرئيسة، ومجتمع التجار والمال والأعمال)، وحماس الأمير لبناء علاقة جديدة بين الدولة وشعبها عبر مشروع مفاجئ وسريع وصدامي” [49].

ثالثًا: سيناريوهات علاقة السعودية بالإخوان المسلمين في مصر

تتعدد تعقيدات “المرحلة الانتقالية” وتشابكاتها في العالم العربي، خصوصًا فيما يتعلق بإعادة ترتيب الوزن الإقليمي لكل من مصر والسعودية وتركيا وإيران وإسرائيل، في سياق عملية إعادة تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، الجارية حاليًّا على قدم وساق.

والمؤكد أن هذه “المرحلة الانتقالية” تنعكس بقوة على علاقة الرياض بإخوان مصر، في عدة موضوعات، من بينها: مستقبل التداخلات البينية في البلدين، ومستقبل حركة التغيير والثورات في العالم العربي، وشكل العلاقة المستقبلية بين الديني والسياسي في العالم العربي، ومستقبل النظم السياسية العربية نفسها في ظل أزمة الشرعية التي تعانيها، والتي تفاقمت كثيرًا منذ اندلاع الثورات العربية.

لقد شهدت حركة الإخوان المسلمين في مصر خلافات داخلية حول رؤيتها واستراتيجيتها في الأشهر التي أعقبت انقلاب 3 يوليو/تموز 2013؛ هذه الخلافات كانت جِيليّة في المقام الأول، وتمحورت حول ثلاث قضايا: القيادة، والرؤية، والاستراتيجية [50].

ولئن كانت الحركة تعاني بالفعل من عيوب من قبيل: الانشقاقات، وغياب التنظير الفكري، وندرة المراجعات والنقد الذاتي، وضعف التخطيط الاستراتيجي المستقبلي، مقابل هيمنة “الإفراط في النشاط الحركي”، فإن النظام السعودي يواجه بدوره تحدياتٍ ربما لا تقلّ في خطورتها عن ذلك، وأبرزها: معضلة توريث العرش للأمير محمد بن سلمان، واحتمالات خروج صراعات أسرة آل سعود إلى العلن على نحو غير مسبوق، بما قد يهدد “الاستقرار الهش” للنظام السعودي، وإشكاليات عملية تحديث ذلك النظام، ومعالجة اختلالاته الاقتصادية والاجتماعية البنيوية، وكيفية حل مشكلات البطالة بين الشباب الجامعي، واستكمال مشروعات “رؤية 2030″، التي تبدو أقرب إلى “الوعود المرسلة”، أكثر من استنادها إلى حقائق موضوعية ودراسات علمية موثوقة تجعلها ممكنة التحقيق.

وفي هذا السياق، ربما يمكن الإشارة إلى ثلاثة سيناريوهات بشأن علاقة السعودية بحركة الإخوان المسلمين في مصر؛وخاصة مع تزايد العقبات أمام هذه العلاقة بحكم تداخلها مع ما يحدث من تطورات في العالم العربي، وفي إقليم الشرق الأوسط، ومع ما يستجد من متغيرات السياسات الدولية تجاه الشرق الأوسط، وتجاه النظم السياسية العربية، وخصوصًا فيما يتعلق بإدماج أو إقصاء الحركات الإسلامية في العملية السياسية في بلدانها.

السيناريو الأول: تدهور العلاقات بين السعودية والإخوان المسلمين في مصر

وجوهره استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه. والمتوقع وفقًا لهذا السيناريو، أن تستمر قدرات العالم العربي، وخصوصًا السعودية ومصر، في التآكل التدريجي، لا سيما مع تزايد الأزمات الداخلية والخارجية التي تصنعها سياسات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ودائرة المستشارين والمساعدين المقربين منه، كما تجلّى بعد اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.

وقد يتسارع هذا السيناريو في حال وصول الأمير محمد بن سلمان إلى العرش، ما قد يعني استمرار الدعم السعودي لفكرة “إقصاء الإخوان المسلمين”، والاستمرار في “شيطنتهم” بذرائع مختلفة، سواء على يد المؤسسة العسكرية المصرية، أم غيرها من المؤسسات الدينية والقوى المدنية، التي ربما ترغب في إقصائهم، أو تحجيم نفوذهم السياسي إلى أدنى حد ممكن.

كما أن استمرار الجيش في السلطة في مصر قد يزيد من حدة الأزمات المصرية، وقد يزيد من فرص تحقق هذا السيناريو، ما قد يعني تضاؤل فرص “مصالحة وطنية مصرية”، تبقى شرطًا ضروريًا لإخراج البلاد من مأزقها الراهن.

ورغم المخاطر التي يحملها هذا السيناريو في طياته، فإنه يمثل السيناريو الأرجح في المدى المنظور.

السيناريو الثاني: غياب الاستقرار الإقليمي، واحتمالات انفلات الأوضاع في السعودية ومصر والعالم العربي إجمالًا

يشير باحثون إلى ما تمرُّ به المنطقة العربية وإقليم الشرق الأوسط من حالة عدم استقرار متصاعد وصراعات إقليمية بين محاور مختلفة [51]؛ إذ تتزايد الأزمات في محور علاقات الدولة– المجتمع، وتتفاقم المخاطر والتهديدات بمختلف أنواعها ومستوياتها، وصولًا إلى اهتزاز بعض كيانات الدول العربية ودخولها مستويات متنوعة من الحروب الأهلية والصراعات الداخلية تحت شعارات “مكافحة الإرهاب”، فضلًا عن تنامي الضغوط والتدخلات الخارجية الدولية والإقليمية في العالم العربي في إطار توسيع نطاق “الحرب على الإرهاب”، ما فاقم في المحصلة الإجمالية من أوجه القصور الداخلي العربي، وأدى إلى انعكاسات خطيرة على كيانات هذه الدول واستقرارها الهش [52].

هذه المشكلات المتفاقمة في العالم العربي، على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، قد تدفع في المديين القصير والمتوسط إلى سيناريو انفلات الأوضاع في السعودية والمنطقة برمتها، خصوصًا في حال أقدمت الولايات المتحدة وإسرائيل على شنِّ حرب ضد حلفاء إيران ووجودها العسكري في سورية، بهدف تصفية هذا الوجود وتأمين إسرائيل على نحو أفضل.

ولعل أحد أكبر مخاطر هذا السيناريو هو صعوبة التنبؤ بمآلاته وتداعياته على كيانات الدول العربية نفسها، ما يصعّب إمكانية التنبؤ بمستقبل الحركات الإسلامية، خصوصًا إخوان مصر، في ظل نظام إقليمي يمرُّ بمرحلة انتقالية خطيرة.

ومن المتوقع أن يضع سيناريو الفوضى هذا في حال تحققه، النظامين السعودي والمصري، في مواجهة تحديات شديدة الخطورة، وقد يعني إفلات الأمور في السعودية من قبضة أسرة آل سعود، سواء لنشوء صراع دموي على العرش، أم بسبب حدوث انفجار داخلي نتيجة فشل إصلاحات محمد بن سلمان، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية [53].

وقد يكون هذا السيناريو هو أسوأ السيناريوهات على الإطلاق، واحتمالات وقوعه في المدى المنظور متوسطة، لكنها ليست مستبعدة تمامًا.

السيناريو الثالث: تحسن العلاقات بين السعودية وإخوان مصر

ومن شروطه: تغير السياسات السعودية على الصعيدين العربي والإقليمي، ربما بسبب عدم وصول الأمير محمد بن سلمان إلى العرش، واستعادة جناح “السديري” سياسات التهدئة الإقليمية، كما كانت في عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز.

في المقابل، فإن تحقّق هذا السيناريو يستلزم بعض الشروط ومنها: عودة المسار الديمقراطي في مصر، وعودة الجيش إلى ثكناته، والتفرغ لمهمة “حماية” أمن البلاد بدلًا من “السيطرة على مقاليد الحكم وشؤون الاقتصاد، وانتهاء فكرة “إقصاء الإخوان المسلمين”، وإتاحة الفرصة أمامهم للعمل مجددًا في السياسة ومختلف مجالات النشاط النقابي والاجتماعي والاقتصادي والخيري والدعوي… إلخ.

وقد يكون من شروط هذا السيناريو حصول ثورة جديدة في مصر تستعيد المسار الديمقراطي والحكم المدني، وانتهاء أدوار دول الثورات المضادة، وربما انكفاء الدور الإسرائيلي أو انحساره إلى أضيق نطاق ممكن، مع حدوث تحولات حقيقية في سياسات القوى الدولية تجاه إقليم الشرق الأوسط عمومًا، ومصر خصوصًا.

ورغم أنه السيناريو الأكثر تحقيقًا لمصالح شعوب العالم العربي، فإنه لا يملك احتمالية كبيرة، ولذا فإن تحققه على أرض الواقع يبدو مستبعدًا حتى الآن، ولا توجد مؤشرات حقيقية لوضعه ضمن قائمة السيناريوهات المحتملة في المدى المنظور.

خلاصة

مرّت علاقة السعودية بحركة الإخوان المسلمين بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني المصرية بعدد من المراحل، لكن سمتها الأساسية كانت هي التوتر.

إن تحديد العامل الأكثر تأثيرًا في موضوع إقصاء الإخوان من الحكم يبقى أمرًا جدليًّا. ورغم أن العامل الخليجي/الإقليمي لعب دورًا محرّكًا في ذلك، فإن العامل الدولي لم يمارس ضغوطًا لمنع السعودية والإمارات وإسرائيل من تحقيق أهدافها في هذا الصدد، كونها تتوافق في التحليل الأخير مع رؤية الولايات المتحدة الأمريكية في إعادة تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، لتحقيق ثلاثة أهداف مترابطة؛ أولها أن تكون إسرائيل هي محور هذا النظام. وثانيها إقصاء الحركات الإسلامية وكل قوى التغيير الديمقراطي السلمي باختلاف مشاربها. وثالثها التضييق على أدوار الدول الداعمة للتغيير في المنطقة، أي تركيا وقطر.

يبقى أن هذا الصراع على إعادة تشكيل النظام الإقليمي مفتوحٌ على سيناريوهات متعددة، في ظل المرحلة الانتقالية التي يعيشها إقليم الشرق الأوسط.

ورغم أن الحركات الإسلامية قد تكون خسرت جولةً مهمّة في هذا الصراع، فإنه يصعب تصور الوصول إلى حالة من استقرار العالم العربي مع الاستبعاد التام لدور هذه الحركات، التي يبقى عودة دورها في صورٍ جديدة محتملًا، خصوصًا في حال اندلاع موجة أخرى من الثورات العربية [54].


الهامش

[1] – راجع: منصور المرزوقي البقمي، “الموقف السعودي من ثورات الربيع العربي”، في: محمد بدري عيد وجمال عبد الله (محرران)، الخليج في سياق استراتيجي متغير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات وبيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2014، ص 113- 132.[2] – بتصرف عن: إبراهيم محمد علي، “موقف المملكة العربية السعودية من الثورات العربية”، دراسات شرق أوسطية، (عمّان: مركز دراسات الشرق الأوسط)، العدد 57، خريف 2011، ص 64.

[3] – محمد عفّان، الوهابية والإخوان: الصراع حول مفهوم الدولة وشرعية السلطة، بيروت: جسور للترجمة والنشر، 2016، ص 178- 179.

[4] – المصدر نفسه. وقارن: نصر محمد عارف، “أفكار متقابلة” تصادم الشرعيات بين التقليدية والحركية”، السياسة الدولية، العدد 192، أبريل/نيسان 2013، ص 84- 87.

[5] – “السفير القطان: لا ضغوط سعودية لمنع محاكمة حسني مبارك”، جريدة الرياض 25/3/2011. على الرابط

[6] – إبراهيم محمد علي، مصدر سابق.

[7] – لمزيد من التفاصيل حول هذه الأزمة في العلاقات بين الرياض والقاهرة، راجع المصادر الآتية:

– أحمد يوسف أحمد، قراءة في أوراق الأزمة المصرية-السعودية، الشروق (القاهرة) 3/5/2012.

– أحمد يوسف أحمد ونيفين مسعد (محرران)، حال الأمة العربية 2011-2012: معضلات التغيير وآفاقه، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2012، ص 114-118.

– إبراهيم غالي، “واقع ومستقبل العلاقات المصرية-السعودية بعد ثورة 25 يناير”، في: نجلاء مكاوي (محرر)، واقع وآفاق علاقات مصر الإقليمية بعد 25 يناير، القاهرة: مركز النيل للدراسات الاستراتيجية، 2012، ص 233- 284.

– أمجد أحمد جبريل، “الثورات العربية والعلاقات العربية البينية: التوتر المصري -السعودي نموذجًا”، شؤون عربية، العدد 150، صيف 2012، ص 184-198.

[8] – معتز سلامة، “محددات العلاقات المصرية السعودية في المجال الخليجي”، ملف الأهرام الاستراتيجي، السنة 18، العدد 213، أيلول/سبتمبر 2012، ص 105.

[9] – إبراهيم غالي، مصدر سابق، ص 266-267.

[10] – معتز سلامة، مصدر سابق.

[11] – لمزيد من التفاصيل راجع المصادر الآتية:

-عبد الله بن بجاد العتيبي، “الإخوان المسلمون والسعودية: الهجرة والعلاقة”، في: أحمد البغدادي وآخرون، الإخوان المسلمون في الخليج، دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، ط 4، أغسطس/آب 2011، ص 7-52.

– نصر عارف، “نهاية الإسلاموية الحداثية للإخوان المسلمين”، السياسة الدولية، العدد 194، اكتوبر 2013، ص 64- 65.

-أحمد دياب، “العلاقات المصرية-الخليجية ما بعد الإخوان”، شؤون عربية، العدد 155، خريف 2013، ص 166-168.

– وحيد عبد المجيد، “الإخوان المسلمون بين المحلية والعالمية”، في: عمرو الشوبكي (محرر) أزمة الإخوان المسلمين، القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام، 2009، ص 244.

[12] – “ترحيب عربي وتحفظ دولي بعد عزل مرسي و”الأفريقي” يتجه إلى تعليق عضوية مصر”، الحياة 4/7/2013. وراجع أيضًا: “خادم الحرمين الشريفين يبحث تطورات الأحداث بمصر مع الفريق السيسي”، الشرق الأوسط 6/7/2013.

[13] – بشير البكر، “رسائل الملك عبد الله: أزمة في الداخل.. أزمة في الخارج”، العربي الجديد 4/6/2014. على الرابط

[14] – راجع: خالد الدخيل، “ما الذي تنتظره الرياض من القاهرة؟”، الحياة 21/7/2013.

[15] – انظر المصدرين الآتيين:

-إبراهيم درويش، “السعودية عادت لممارسة دورها القيادي في المنطقة.. دعمت انقلابين في مصر وداخل المعارضة السورية”، القدس العربي 15/7/2013. على الرابط

– Richard Spencer, “Saudi Arabia re-emerges as powerful Middle East player”, The Telegraph, 13 July 2013. link

[16] – لمزيد من التفاصيل راجع المصادر الآتية:

– عبد الله بن بجاد العتيبي، “وعادت مصر للعرب”، الشرق الأوسط 14/7/2013.

– فهمي هويدي، “هل يتجدد إحياء معسكر الاعتدال العربي؟”، الجزيرة نت 16/7/2013. على الرابط

-محمد النجار، “محور الاعتدال العربي يستعد لولادة جديدة”، الجزيرة نت 16/7/2013. على الرابط

[17] – أحمد دياب، “العلاقات المصرية-الخليجية ما بعد الإخوان”، شؤون عربية، العدد 155، خريف 2013، ص 168- 169.

[18] – إيمان رجب، “أبعاد الانفتاح الخليجي على مصر بعد سقوط حكم الإخوان”، ملف الأهرام الاستراتيجي، العدد 225، أيلول/سبتمبر 2013، ص 97- 98.

[19] – راجع نص البيان: “خادم الحرمين الشريفين: من يتدخل في شؤون مصر يوقد الفتنة ويؤيد الإرهاب”، الشرق الأوسط 17/8/2013. على الرابط

[20] – بتصرف عن: أحمد يوسف أحمد، “الأزمة المصرية والمواقف العربية”، الاتحاد (أبوظبي) 20/8/2013. على الرابط

[21] – Lori Plotkin Boghardt, “Saudi Arabia’s Shifting War on Terror”, August 18, 2014. (seen on: Jan. 3, 2019).link

[22] – “السعودية تصدر لائحة للإرهاب على رأسها الإخوان والنصرة”، الشرق الأوسط 9/3/2014. (زيارة 3/1/2019). على الرابط

[23] – المصدر نفسه.

[24] – بتصرف عن: كمال حبيب، “الإخوان والسعودية من التحالف إلى المواجهة”، آفاق سياسية، العدد 5، أيار/مايو 2014، ص 86.

[25] – نقلًا عن: “الأمير نايف: القيل والقال حول تماسك القيادة السعودية أضغاث أحلام.. والإخوان المسلمون دمروا العالم العربي”، الشرق الأوسط 28/11/2002. (زيارة 3/1/2019). على الرابط

[26] – سعود الريس، “خمس رسائل من الملك عبد الله لأطراف متورطة في تمزيق العالم الإسلامي”، الحياة 2/8/2014. (زيارة 3/1/2019). على الرابط

[27] – أشاد بهذه الكلمة مفتي السعودية، والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، ومفتي مصر. وأيضًا رئيس مصر الذي شدد على ضرورة إيجاد استراتيجية عالمية لمواجهة الإرهاب. راجع: الشرق الأوسط 2/8/2014، و3/8/2014. والحياة 3/8/2014. في حين انتقد بعض الكتّاب هذه الكلمة. راجع: فؤاد إبراهيم، “خطاب ملك السعودية: فلسطين ليست قضيتنا”، موقع فضائية العالم 2/8/2014. (زيارة 3/1/2019). على الرابط

[28] – راجع: محمد فهاد الشلالده وأحمد حسن أبو جعفر، “إشكالية التوسع في تهم الإرهاب في المنطقة بدوافع سياسية”، دراسات شرق أوسطية، العدد 72، صيف 2015، ص 15- 41.

[29] – لمزيد من التفاصيل، راجع: مجموعة مؤلفين، التداعيات الجيوستراتيجية للثورات العربية، بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2014.

[30] – انظر: أمجد أحمد جبريل، “تداعيات توسيع الحرب على الإرهاب في المنطقة العربية”، إدراك للدراسات والاستشارات 30/7/2017. (زيارة 3/1/2019). على الرابط

[31] – حول هذا التطبيع السعودي/الخليجي مع إسرائيل، راجع المصادر الآتية:

-انطوان شلحت، “الرؤية الإسرائيلية للخليج في ضوء ثورات الربيع العربي”، في: محمد بدري عيد وجمال عبد الله (محرران)، الخليج في سياق استراتيجي متغير، مصدر سابق، ص 205- 206.

– صالح النعامي، “العقل الاستراتيجي الإسرائيلي: قراءة في الثورات العربية واستشراف لمآلاتها”، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، وبيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، أوراق الجزيرة (30)، 2013، ص 29- 30.

– محمود جرابعة، “مرحلة جديدة من التطبيع العربي الإسرائيلي وآفاقه”، تقارير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات 26/12/2018. (زيارة 26/12/2018). على الرابط

[32] – لمزيد من التفاصيل، راجع: أمجد أحمد جبريل، السياسة السعودية تجاه فلسطين والعراق (2001- 2010)، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 2014.

[33] – راجع المصادر الآتية:

– محسن صالح، “الأهداف والمصالح الإسرائيلية في النظام العربي”، في: مجموعة مؤلفين، التداعيات الجيوستراتيجية للثورات العربية، مصدر سابق، ص 485.

-عبد العليم محمد، “اتجاهات السياسة الإسرائيلية إزاء الثورة المصرية ومستقبل العلاقات المصرية –الإسرائيلية”، في: مجموعة مؤلفين، الثورة المصرية: الدوافع والاتجاهات والتحديات، بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012، ص 523- 554.

– طارق فهمي، “الرؤية الإسرائيلية للثورات العربية”، الديمقراطية، العدد 46، نيسان/أبريل 2012، ص 97-108.

– بنيديتا بيرتي، “إسرائيل والربيع العربي: المواقف والاستجابات تجاه الشرق الأوسط الجديد”، في: مجموعة باحثين، الحكومات الغربية والإسلام السياسي بعد 2011، دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، 2013، ص 335- 372.

[34] – بتصرف عن: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، التقرير الاستراتيجي العربي 2015، القاهرة: المركز، 2016، ص 304.

[35] – المصدر نفسه، ص 305.

[36] – سمر المقرن، “ساعتان مع سعود الفيصل”، الجزيرة 22 ربيع الثاني 1436 الموفق 11 فبراير/شباط 2015، العدد 15476. (زيارة 6/1/2019). على الرابط

وأيضًا: “إعلامية سعودية تنقل عن سعود الفيصل: مشكلتنا ليست مع الإخوان المسلمين بل مع أقلية بايعت المرشد”، سي إن إن العربية 12 فبراير/شباط 2015. (زيارة 6/1/2019). على الرابط

[37] – راجع: أمجد أحمد جبريل، “ماذا بعد زيارة الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط؟”، تقدير موقف، مركز إدراك للدراسات والاستشارات، 31/5/2017. على الرابط

[38] – بتصرف عن: سعيد الشهابي، “ثلاثة انقلابات سعودية في أعوام ثلاثة”، القدس العربي 28/6/2017. على الرابط

[39] – المصدر نفسه.

[40] – مضاوي الرشيد، “السعودية وتحديات المرحلة”، المستقبل العربي، العدد 467، يناير/كانون الثاني2018، ص 17.

[41] – محمد نبيل مُـلين، “إرساء سلطة عمودية: جذور ومآلات الصراع على العرش السعودي”، تقارير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات 10/12/2017. على الرابط

[42] – حول العلاقة بين السياسي والديني في السعودية، راجع المصادر الآتية:

– أيمن الياسيني، الدين والدولة في المملكة العربية السعودية، ترجمة: كمال اليازجي، بيروت: دار الساقي، ط 2، 1990.

– خالد الدخيل، الوهابية بين الشرك وتصدع القبيلة، بيروت: الشبكة العربية للأبحاث، 2013.

– خالد الدخيل، “الجذور الاجتماعية للحركة الوهابية: قراءة مختلفة لتاريخ الدولة السعودية”، المستقبل العربي، العدد 257، تموز/يوليو 2000.

– توفيق السيف، “علاقة الدين بالدولة في السعودية ودور المؤسسة الوهابية في الحكم”، (ملف: الدين والدولة في الوطن العربي)، المستقبل العربي، العدد 407، كانون الثاني/يناير 2013.

[43] – “السعودية تجيز للمرأة قيادة السيارات”، الحياة 26/9/2017. (زيارة 8/1/2019). على الرابط

[44] – بتصرف عن: سايمون هندرسون، “هل تشهد السعودية تغييراً فعلياً؟”، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى 27/9/2017. (زيارة 8/1/2019). على الرابط

[45] – Robin Wright, “Why Saudi Women Driving Is a Small Step Forward, Not a Great One”, The New Yorker, September 26, 2017. (seen on: Jan. 8, 2019). https://goo.gl/QuLtbV

[46] – Jamal Khashoggi, “By blaming 1979 for Saudi Arabia’s problems, the crown prince is peddling revisionist history”, The Washington Post, April 3, 2018. (seen on: Jan. 8, 2019).

[47] – Ibid.

[48] – راجع على سبيل المثال:

– إبراهيم عوض، “مشروع الدولة السعودية الجديدة”، الشروق (مصر) 8/4/2018. على الرابط

– علاء بيومي، “صورة محمد بن سلمان”، العربي الجديد 9/4/2018. على الرابط

[49] – انظر: بشير موسى نافع، “ما الذي قد يصنع بن سلمان من العربية السعودية؟”، القدس العربي 21/12/2017. على الرابط

[50] – خليل العناني، داخل “الإخوان المسلمين”: الدين والهوية والسياسة، ترجمة: عبد الرحمن عياش، بيروت: مكتبة الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2018، ص 237.

[51] – راجع: “حالة الإقليم: التفاعلات الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط 2018- 2019″، تحرير: شادي عبد الوهاب وأحمد عتمان، أبوظبي: مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 1، 2018- 2019. (زيارة 7/1/2019). متاح على الرابط

[52] – راجع على سبيل المثال المصادر الآتية:

-أمجد أحمد جبريل، “اتجاهات وإمكانات إعادة الاستقرار إلى العالم العربي”، دراسات شرق أوسطية، العدد 76، صيف 2016، ص 41 – 65.

– حسن نافعة، “التحولات السياسية في المشرق العربي في 2018″، تقارير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات 8/2/2018. على الرابط

-حامد عبد الماجد قويسي، “دور الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في موجة التغيير القادمة بالمنطقة العربية”، تقارير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات 4/6/2018. على الرابط

[53] – يطرح باحثان “سيناريوهات السقوط المحتمل لآل سعود”، وهي خمسة: “1- التخبط. 2- الانفجار الاجتماعي. 3- الإصلاحات: معضلة المُلك . 4- القمع الصارم. 5- انفجار داخلي”. راجع: بول آرتس وكارولين رولانتس، العربية السعودية: مملكة في مواجهة المخاطر، ترجمة: ابتسام الخضرا، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2016، ص 153- 158.

[54] الآراء الواردة تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن المعهد المصري للدراسات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى