fbpx
المشهد السيناوي

المشهد السيناوي يوليو 2017

خلاصة:

يهدف هذا التقرير الشهري إلى تقديم توثيق وقراءة للأحداث الجارية في شبه جزيرة سيناء، كما انه كما يهتم برصد العمليات العسكرية الجارية على الأرض وتقديم احصاء رقمي حول خسائر القوات المسلحة المصرية والمسلحين، هذا بجانب رصده للوضع الحقوقي والإنساني المترتب على هذا المشهد، وهذا في ظل ما تعانيه شبه جزيرة سيناء من حصار وتعتيم اعلامي من قبل النظام العسكري الحاكم في مصر.

ورغم حظر التجوال المفروض في شمال سيناء والذي تم تجديده في شهر يوليو 2017 لمدة ثلاثة أشهر أخرى، فلقد سجل شهر يوليو أعلى نسبة خسائر في أفراد القوات المسلحة المصرية والشرطة خلال الثلاثة أشهر الأخيرة، والتي تضمنت قتل وإصابة معظم أفراد الكتيبة 103 صاعقة، لتبلغ خسائر الجيش والشرطة 46 قتيلاً بينهم 6 ضباط.

كما شهد شهر يوليو تطوير المرحلة الرابعة من العملية العسكرية “حق الشهيد”، لمدة أسبوعين جنوب مدينة العريش في محاولة للقضاء على الخلايا والجيوب التابعة لمسلحين في تلك المنطقة وهو ما حقق نتائج ايجابية وفق بيانات المتحدث العسكري المصري، وقد انعكست الاشتباك بين قوات الجيش والأمن ومابين مسلحين ولاية سيناء بالسلب على أوضاع المدنيين، حيث تم رصد انتهاكات تصل إلى جرائم حرب، تم ارتكابها من قبل الطرفين وأدت إلى قتل العديد من المدنيين، هذا بالإضافة إلى قطع الكهرباء والمياه وشبكات الإتصال والإنترنت عن مناطق رفح والشيخ زويد والعريش معظم شهر يوليو.

 

أولاً: التطورات العسكرية والأمنية

شهد شهر يوليو تعيين اللواء رضا سويلم مديرًا لأمن شمال سيناء خلفًا للواء السيد الحبال، وكان اللواء رضا سويلم قد عمل كضابط في شمال سيناء في الفترة مابين 2005 إلى 2008، وجاء هذا التعيين بعد ثلاثة أحداث رئيسية “اعطاب مدرعة بمدينة العريش والاستيلاء على جهازها اللاسلكي وحرق أفرادها، هجوم كمين البرث برفح، الحملة العسكرية “حق الشهيد 4” بجنوب مدينة العريش”، نتناولهم بالترتيب:

1ـ حرق مدرعة العريش:

بتاريخ 4 يوليو موقع (اليوم السابع) خبر عن مقتل 3 مجندين شرطة واصابة 10 آخرين في انفجار عبوة ناسفة في مدرعة أثناء سيرها في منطقة حي الصفا جنوب مدينة العريش.

ما لم يذكره الموقع أن هناك انفجار اتبعه هجوم استهدف رتل لقوات الأمن المركزي، ليتم السيطرة على احدى المدرعات من قبل المسلحين وسرقة جهازها اللاسلكي ثم حرق المدرعة بمن تبقي من افرادها، مع اعطاب مدرعة أخرى، وقد اسفر الهجوم على الرتل الأمني عن مقتل: (العقيد/ تامر شاهين “قائد كتيبة بقطاع الأمن المركزي”، المجند/ صلاح إبراهيم عبده، المجند/ محمود محمد منير عبد العظيم، ثلاث جثامين مجهولة الهوية)، وإصابة: (النقيب/ هاني الشافعي الدفتار، الملازم أول/ صلاح الدين شلبي، رقيب الشرطة/ عبد المنعم عبد الحليم سالم، المجند/ عادل صلاح عباس، المجند/ يوسف عادل عباس، المجند/ رمضان صبري حامد، المجند/ أحمد رمضان خير الله، المجند/ رمضان عبد الحميد عبد العزيز، المجند/ محمد محمود محمد، المجند/ رضا عبد الهادي سالم).

شكل 1: صورة قديمة للعقيد/ تامر شاهين “قائد كتيبة بقطاع الأمن المركزي”:

 

ولم تتدخل قوات الجيش أو الشرطة لإنقاذ زملائهم، بل ظلت المدرعة تحترق بمن فيها لمدة من الزمن، رغم محاولات الأهالي من السكان المدنيين اطفائها، وتبع هذا الهجوم قيام مسلحين في نفس اليوم مساء بسرقة سيارة حكومية من سنترال المساعيد.

في مساء هذا اليوم نفذ المسلحون عملية اغتيال استهدفت أمين الشرطة/ على عبد العاطي يعقوب، أثناء توجهه إلى منزله بحي عاطف السادات بدائرة قسم أول العريش، حيث أطلقوا عليه 5 رصاصات كما ذكر موقع جريدة (الوطن).

2ـ هجوم كمين البرث:

تضاربت الروايات الرسمية والصحفية بل والبحثية حول حقيقة ما حدث في الهجوم على كمين البرث، ونحاول هنا تقديم ما قمنا بتوثيقه عن أحداث هذا اليوم مع تفنيد الرواية الرسمية والإعلامية وبعض الجهات البحثية للحادث، وهذا من خلال التسلسل التالي والذي قمنا بتدعيمه بالصور والفيديوهات:

ـ بدأ الهجوم مع أول ضوء لفجر يوم 7 يوليو، حيث قامت مجاميع صغيرة من تنظيم ولاية سيناء بالتقدم والتمركز بمنطقة البرث جنوب مدينة رفح، مستهدفه القيام بهجوم استباقي ضد الكتيبة 103 صاعقة التى قدمت وتمركزت عند “دار راشد أبو عقلة” بهدف القيام بعمليات اغارة وسيطرة ضد مناطق سيطرة التنظيم المتبقية في جنوب رفح، بدأ العملية بهجوم نيراني بالرشاشات المتوسطة من مجموعات الإسناد النيراني التابعة للتنظيم بهدف الإشغال، بينما تقدمت سيارة مفخخة لتفجر نقطة التمركز الرئيسية لقوات الكتيبة، ليعقب ذلك وبشكل سريع اقتحام مجموعة ممن يطلق عليهم انغماسين “قوات خاصة تابعة للمسلحين” لمنطقة تمركز الوحدة (شكل 2)

 

ـ أرسل المتبقون من أفراد الصاعقة بعد انفجار السيارة المفخخة إشارة استغاثة للقيادة العسكرية لكي يرسلوا قوات دعم وانقاذ، وبالفعل تم إرسال وحدة دعم عسكري لإنقاذ الكمين بشكل سريع، ولكن مسلحي التنظيم كانوا قد احتاطوا لذلك فقاموا بالدفع بسيارة مفخخة تجاه قوات الدعم والمؤازرة لتنفجر بهم، ثم قاموا بخوض قتال تعطيلي مع ما تبقى من القوات لحين انتهائهم من الهجوم الرئيسي على كمين البرث (شكل 3).

شكل 3: هجوم السيارة المفخخة على قوة الدعم

 

ـ في حدود الساعة الخامسة صباحاً حاول مسلحين محليين موالين ومدعومين من قوات الجيش من بعض ابناء قبيلة الترابين، التقدم لنجدة الكمين إلا ان غرفة العمليات التابعة للجيش منعتهم من التقدم وأمرتهم بانتظار الدعم العسكري القادم والدخول معه، وايضاً حتى لا يتم ضربهم بالخطأ من قبل الطيران الحربي، وهذا (فيديو) يظهر انتظار تلك الميلشيات المحلية لقوات الجيش كي يتدخلوا لإنقاذ الكمين.

ـ لم يظهر الطيران الحربي بشكل فعال إلا بعد حوالي 4 ساعات من بدء الهجوم، وهذا في حوالي الساعة الثامنة صباحاً تقريباً، وهذه صورة طائرة حربية مصرية قام المسلحين بتصويرها بعد شروق الشمس بفترة:

 

ـ قامت الطائرات الحربية بقصف ما اعتبرته مواقع للمسلحين بقنابل عنقودية، ولكنها لم تقصف أماكن تمركز المسلحين، بل قصفت بعيداً عن أماكنهم مما ألحق أضراراً بمنازل المدنيين المهجرين، وهو ما أظهره فيديو لوكالة أعماق الإخبارية التابعة لتنظيم الدولة، ونشرت بعض المواقع الإخبارية صوراً منه ومنها ما نشرته صفحة (الجزيرة مصر).

ـ قال المتحدث العسكري وعبر بيان رسمي، إن قوات إنفاذ القانون بشمال سيناء نجحت في إحباط هجوم إرهابي للعناصر التكفيرية على بعض نقاط التمركز جنوب رفح وقتلت أكثر من (40) فرد تكفيري ودمرت عدد (6) عربة بينما قتل وأصيب من قوات الجيش عدد (26) فرد فقط.

ـ بالمقارنة بين بيان المتحدث العسكري والصور التى تم نشرها للهجوم، اكتشفنا كذب البيان الرسمي، حيث وجدنا الصورة التالية للمسلحين بعد سيطرتهم على مقر الكتيبة 103، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن أى نجاح يتحدث المتحدث العسكري؟

أيضاً ذكر المتحدث العسكري أنه قد قتل عدد (40) من المسلحين، في حين أنه وفق الصور التى نشرها، وصور أخرى نشرها الضباط الذين وصلوا للكمين بعد الهجوم، فلم يكن هناك قتلى للمسلحين سوى 5 أفراد فقط (شكل 5).

 

ـ ذكرت الهيئة العامة للاستعلامات في تحليلها للهجوم وفق ما نشر على موقع جريدة (اليوم السابع)، أن هذه هي ثاني أكبر عملية تستهدف قوات الجيش منذ الأول من يوليو 2015، وهذا غير دقيق من عدة أوجه، حيث أن عمليات يوليو 2015 كان التنظيم يطمح من خلالها على السيطرة وقام بمهاجمة جميع الإرتكازات العسكرية بمنطقة الشيخ زويد، بينما في هذه العملية قام التنظيم فقط بشن ضربة استباقية ضد حملة عسكرية من القوات الخاصة جاءت لاقتحام مواقعه، إذن في الحالة الأولى كان التنظيم في حالة هجوم للسيطرة، وفي الحالة الثانية هو في حالة دفاع نشط.

ـ ذكر بعض الإعلاميين والصحفيين أن الميلشيات المحلية المشكلة من الجيش من اتباع “موسى الدلح”، تقاعست عن انقاذ الكمين في حين أن هذا الـ (فيديو) يظهر عكس ذلك، وأن غرفة عمليات الجيش هي من منعتهم.

ـ ذكر مركز نورس للدراسات عبر حسابه على تطبيق تليجرام، أن المقدم أ.ح أحمد صابر المنسي قائد الكتيبة 103 صاعقة، لم يكن من ضمن القتلى كما أعلن، وأن المقدم قد قتل قبلها بأيام في المنطقة الشرقية بدولة ليبيا، وبمراجعة ما ذكره مركز النورس وجدنا أنه قد اعتمد على روايات متداولة على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، وأصل هذه الروايات منشور لشخص يدعى “Wed Mohamed Yosif ” يذكر فيه تلك المعلومة، ولكن بمراجعة التعديلات على المنشور، اكتشفنا عدم دقة الشخص حيث قام بإضافة اسم المقدم بعد حادثة الهجوم على كمين البرث، وهو خطأ وقع فيه مركز النورس بالاعتماد على مصادر غير موثقة، صورة للمنشور :

 

ـ خلافاً لما ذكره المتحدث العسكري في بيانه، فقد أدى الهجوم لمقتل 23 عسكري منهم خمسة ضباط، وإصابة 33، وكان اسماء القتلى كالتالي: (مقدم أ.ح أحمد صابر المنسي قائد الكتيبة 103 صاعقة، نقيب أحمد عمر الشبراوي، ملازم أول أحمد محمد محمود حسانين، عريف محمد السيد رمضان، نقيب محمد صلاح محمد، ملازم أول خالد محمد كمال المغربي، جندي علي علي السيد إبراهيم، جندي محمد عزت إبراهيم، جندي مؤمن رزق أبو اليزيد، جندي فراج محمد محمود، سائق عماد أمير رشدي يعقوب، محمد محمود محسن، أحمد محمد علي نجم، علي حسن محمد الطوخي، جندي محمود رجب السيد فتاح، جندي محمود صبري محمد، جندي محمد صلاح جاد عرفات، جندي محمد محمود فراج، جندي أحمد العربي مصطفى، مندوب مدني صبري، مجهول الهوية، مجهول الهوية، مجهول الهوية.

3ـ عملية حق الشهيد 4:

كنا قد ذكرنا سابقاً في تقرير سيناء لشهر يناير 2017، عن “محاولة قوات الجيش تجفيف وحصر مساحات تحرك المسلحين ونفوذهم لتصبح في مناطق صغيرة بغرب وجنوب رفح و جنوب وغرب الشيخ زويد، وهذا مقارنة بعام 2015، مع محاولة تجفيف خلايا المسلحين بجنوب مدينة العريش”، ولكن وبعد تزايد العمليات الأمنية داخل مدينة العريش انطلاقاً من جنوبها، والتي كان ابرزها الهجوم على رتل أمني واحراق مدرعة بمن فيها بتاريخ 4 يوليو، ثم الهجوم الإستباقي على قوات الصاعقة بمنطقة البرث بتاريخ 7 يوليو، قامت قوات الجيش والشرطة بإغلاق مداخل ومخارج مدينة العريش مع شن عمليات مكثفة على مناطق جنوب مدينة العريش، وفي نفس الوقت كثف الطيران الحربي غاراته الجوية على مناطق جنوب رفح و منطقة الشيخ زويد، حتى وصلت في يومي 7 و8 يوليو لـ 80 غارة جوية، مع قصف مدفعي عشوائي مكثف، وشهدت تلك الفترة قيام النظام المصري بقطع شبكات الإنترنت والاتصال عن معظم مناطق العريش والشيخ زويد ورفح وبمتوسط 20 ساعة يومياً، بالإضافة لقطع الكهرباء والمياه، وهو ما أدى لانعدام المعلومات عن حقيقة الأوضاع في ظل الحملة العسكرية، ولكن وبشكل ظاهري حتى الآن فلق نجحت الحملة في الحد من عمليات المسلحين، ولكن لا نستطيع الجزم بنجاح الحملة من فشلها في الوقت الحالي، وإن كان السيناريو الأرجح هو محاولة التنظيم استيعاب الحملة والخسائر الناتجة عنها قبل أن ينشط من جديد عند أول فرصة تتاح له للإيلام بشكل يحدث ضجة اعلامية، ولقد أدت العمليات بين الطرفين إلى خسائر في أرواح المدنيين نتيجة القصف الجوي والمدفعي العشوائي، أو العبوات الناسفة والسيارات المفخخة، وهو ما سيتم تناوله في الجزء الثاني من التقرير والمتعلق بالتطورات الحقوقية.

 

ثانياً: الخسائر العسكرية لأطراف المواجهات:

وفق ما أعلن عبر سبعة بيانات عسكرية (1) (2) (3) (4) (5) (6) (7) (8) (9) (10) (11) (12) (13) (14) (15) (16) (17) (18)، فقد كانت خسائر المسلحين كالتالي:

اكتشاف وتدمير عدد (1) نفق رئيسي على الشريط الحدودي بشمال سيناء، و ( (11 مخزن مهمات، و (1) مخزن وقود، و ( 11 ) ورشه، و (104) وكر وملجأ، و (8) عربة مفخخة، و (37) سيارة وعربة دفع رباعي، (40) دراجة نارية، و (1) لنش بحري، والاستيلاء على عدد (3) سيارة، و (2) دراجة نارية، وتفجير عدد (117) عبوة ناسفة، وقتل (95) شخص، واعتقال عدد (26) شخص، بالإضافة لقيام قوات وزارة الداخلية المصرية بتصفية أثنين من المختفين قسرياً وهم : الطالب/ محمد جمال عدلي رضوان، حيث اعتقل من  مدينة العريش، قبل ان يتم اعلان تصفيته في محافظة الفيوم من قبل وزارة الداخلية يوم 24 يوليو (الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية)، والشيخ/ أحمد حسن أحمد النشو، وهو أزهري وخطيب الجمعة بترخيص من الأوقاف (الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية المصرية)، ولقد اعلنت وزارة الداخلية انه تكفيري في اشارة أنه يتبع لفرع تنظيم الدولة في سيناء، ولكن المفارقة أن أحمد كان قد هاجم في خطبة جمعة له تنظيم الدولة بسبب استهدافهم الكنائس.

أما عن خسائر الجيش المصري، فوفق ما رصدناه في المعهد المصري للدراسات، كانت كالتالي: (مقتل 46 فرد عسكري منهم 8 ضباط و 6 صف ضابط، وإصابة 80 فرد عسكري من قوات الجيش والشرطة بينهم عدد 7 ضابط و 9 صف ضابط/ أمين شرطة بالإضافة لمقتل أحد المناديب المدنيين العاملين مع الجيش) وشهد هذا الشهر 4 عمليات اغتيال ثلاثة منها لعسكريين وأخرى لأحد شيوخ القبائل بدعوى التعاون مع قوات الجيش والشرطة، أيضاً شهد هذا الشهر تصفية أحد المختطفين سابقاً وخطف 5 أشخاص آخرين من المدنيين بدعوى تعاونهم مع قوات الجيش والشرطة، وارتفعت نسبة الاشتباكات المسلحة في هذا الشهر لتصل إلى 19 اشتباك مسلح تم تفجير خلالهما ما لا يقل عن 3 سيارات مفخخة، وتم تفجير ما يقارب ال 14 عبوة ناسفة أسفرت عن تدمير/ اعطاب 11 مدرعة عسكرية، بالإضافة لما لا يقل عن 2 عملية قنص ضد كمائن الجيش والشرطة، والاستيلاء على عدد 2 سيارة حكومية.

وكنا أيضاً قد افردنا تقرير منفصل في شهر يوليو حول فيديو كمين العريش الذي نشره المتحدث العسكري، وتحدثنا عما تم اعلانه وما تم اخفائه، (الرابط).

ويظهر الرسم البياني التالي، المقارنة بين الخسائر العسكرية بين طرفي الصراع خلال أربعة أشهر (شكل 5).

 

ثالثاً: التطورات الحقوقية

شهد شهر يوليو إصدار رئيس مجلس الوزراء قراراً حمل رقم 1557 لسنة 2017 بتجديد حظر التجوال بمناطق شمال سيناء لمدة ثلاثة شهور أخرى تنتهي بشهر سبتمبر، جاء هذا في ظل تصاعد مفاجئ في العمليات العسكرية بمناطق جنوب مدينة العريش نتيجة المواجهات بين قوات الجيش والمسلحين وهو الذي انعكس سلباً على المدنيين بتلك المناطق، ولقد رصدت وحدة الرصد تصريح للواء فؤاد علام، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق يطالب فيه بإخلاء جميع سكان  شمال سيناء وإقامة معسكر لهم على بعد 50 كيلو متر، كما رصدنا استغاثة لوالد المواطن/ محمد أحمد أحمد عبيد، والذي قتل نتيجة قذيفة عشوائية لقوات الجيش بتاريخ 7 يوليو، يناشد فيها بمحامي يتبنى قضية البحث عن حق ابنه الذي قتل واصيبت ابنته، وقد استمرت الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين خلال هذا الشهر من قبل قوات الجيش والمسلحين بمختلف انتماءاتهم، وقد رصدنا في هذا الشهر وعبر وحدتي الرصد الميداني والإعلامي بـ مركز الندوة للحقوق والحريات انتهاكات قوات الجيش والشرطة المصرية والمسلحين بحق السكان المدنيين، على الوجه التالي:

 

أ: محاكمات غير عادلة:

  • تحويل القضية رقم 502 لسنة 2015 حصر أمن دولة عليا والمعروفة بولاية سيناء إلى المحكمة العسكرية دائرة العميد محمد رجب، ليصبح رقم القضية 357 لسنة 2016 جنايات عسكرية.

 

ب: الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي

أثر قطع شبكات الإتصال والإنترنت في الكثير من ناطق شمال سيناء في التواصل والتوثيق، ورغم ذلك فوفق ما تم رصده من خلال وسائل الإعلام الحكومية والصحف المصرية بالإضافة إلى الرصد الميداني، فقد تم رصد أكثر من 29 حالة احتجاز تعسفي واختفاء قسري لمواطنين على يد قوات الأمن والجيش المصري (كحد أدنى)، حيث لم نستطع تحديد أعداد المعتقلين في بعض الحملات، أيضاً شهدت تلك الفترة قيام مسلحين باختطاف 5 مواطنين، مع اختطاف طفل وإطلاق سراحه بعدها بيوم فقط.

 

ج: القتل خارج إطار القانون

رصد 104 حالة قتل وتصفية جسدية (حد أدنى)، وهذا وفق الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري ووزارة الداخلية المصرية، وقد تضمن الرقم تصفية اثنين من المختفين قسرياً كانوا قد اختطفوا من قبل قوات الأمن المصرية داخل مدينة العريش، ليتم قتل أحدهم لاحقاً داخل المدينة، بينما تم اصطحاب الآخر لمحافظة الفيوم وقتله هناك.

وكذلك رصد قيام المسلحين التابعين لولاية سيناء بقتل مواطنين بدعوى مساندتهم أو تعاونهم مع قوات الأمن والجيش، ورصد ميداني وإعلامي لـ 9 حالات قتل (حد أدنى)، بينهم سيدتين، نتيجة أطلاق النار والقصف الجوي أو المدفعي لقوات الجيش والشرطة المصرية، وإصابة 14 مواطن بينهم 7 أطفال و سيدتين، نتيجة اطلاق النار والقصف الجوي أو المدفعي لقوات الجيش والشرطة المصرية، ومقتل 7 مواطنين بينهم طفلين وسيدتين، نتيجة انفجار مفخخة للمسلحين بجوارهم، وإصابة 9 مواطنين نتيجة رصاص المسلحين أو عبواتهم ومن بين المصابين امرأة ومعاق “ضرير”.

 

د: الانتهاكات الاقتصادية والاجتماعية:

ـ تدمير أكثر من 11 منزل وشقة سكنية للمواطنين بقصف مدفعي أو جوي، وحرق عدد مجهول من عشش المواطنين، بدعوى انها تابعه لعناصر تكفيرية (وهذا كحد أدنى)، بالإضافة لقيام قوات الجيش المصري بالتهديد بحرق عشش المواطنين بمنطقة كروش بقرية نجيلة التابعة لمركز بئر العبد، دون ابداء اسباب.

ـ حرق وتدمير عدد (40) دراجة بخارية، و (35) سيارة، ومصادرة (2) دراجة بخارية، و(3) سيارات وهذا كحد أدنى، ورصد حالتين استيلاء على مبالغ مالية مع مواطنين بدعوى انها تعود لعناصر تكفيرية، ورصد (11) حالة قصف وإطلاق نار عشوائي “كحد أدنى”، منها (3) حالات قصف جوي نفذتها قوات الجيش المصري، و (5) حالات قصف مدفعي، مع ملاحظة أنه ووفق مواطنين محليين فقد تعرضت مناطق جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد لعدد 80 غارة جوية عشوائية يوم 7 يوليو بعد استهداف أحد الكمائن العسكرية.

ـ تضرر المقابر بمنطقة السدرة برفح، نتيجة قصف مدفعي لقوات الجيش المتمركزة بكمين بلعا، وقيام قوات الجيش بتجريف العشرات من المزارع المملوكة للأهالي بمنطقة المسمى جنوب مدينة العريش، وتضرر منازل المواطنين بشدة نتيجة القصف المدفعي بمنطقتي الحرية جنوب مدينة رفح، وحي الزهور بمدينة العريش، مما أدى لموجة نزوح من بعض الأهالي.

  • انقطاع التيار الكهربائي والمياه، لمدة 28 يوم منفصلة عن مركز ومدينة رفح، ولمدة 25 يوم عن مركز ومدينة الشيخ زويد مع عودتها جزياً وليس بشكل كامل بعد ذلك، وقطع المياه بشكل متقطع ومستمر على معظم أحياء مدينة العريش، ماعدا الشوارع الرئيسية، وقطع شبكات الإتصال والإنترنت لمدة أسبوعين، بواقع 15 مرة وبمتوسط مدة زمنية 20 ساعة وهذا على مناطق محافظة شمال سيناء، ووفاة 10 مواطن وإصابة 83 مواطن، نتيجة سوء الطرق بمناطق شمال ووسط وجنوب سيناء.

رابعاً: التطورات الاقتصادية والتنموية:

صدق عبد الفتاح السيسي على إنشاء محطة لتحلية مياه البحر في مدينة العريش بطاقة 300 ألف متر مكعب/اليوم، مع تخصيص قطعة أرض في منطقة غرب العريش بمساحة 300 متر *500 متر، لإقامة المحطة، وهذا ضمن الاستراتيجية المائية لمحافظة شمال سيناء حتى عام 2047، حيث ستكفي لعدد مليون ونصف المليون مواطن في اليوم (المصري اليوم)

 

خامساً: دلالات التطور:

  • ما زال تنظيم الدولة يعمل داخل مدينة العريش بشكل أمني أكثر من الشكل العسكري، ولكن العملية العسكرية التى شنتها قوات الجيش منذ الأسبوع الثاني من شهر يوليو، ساهمت بشكل كبير في الحد من نشاط خلايا المسلحين بجنوب مدينة العريش، ورغم أن هذه الخطة ناجحة حتى الآن، ولكن نجاحها قصير الأمد حيث أن كل هذه التحركات إن لم يتوازى معها إصلاح سياسي يساهم في اصلاح اقتصادي مجتمعي، فإن مردود الحملات العسكرية لن يساهم في حل المشكلة الأمنية، خصوصاً إذا نظرنا إلى حجم الانتهاكات من قصف المنازل و قتل عشوائي وتصفية جسدية واخفاء قسري.
  • ذكرنا في دلالات الأحداث الخاصة بشهر يونيو 2017، أن تحالف الشيخ موسى الدلح والمهربين المحليين نجح في الحد من هجمات تنظيم ولاية سيناء، نتيجة اقامة كمائن قبلية حول الكمائن والنقاط العسكرية، ولكني ذكرت أن التنظيم يعالج هذا بالكمون والاعداد لهجوم مضاد، وهو ما ظهر في هجوم كمين البرث، مع الوضع في الاعتبار ما ذكرناه في تقرير شهر يونيو الماضي أن التنظيم شن هجوم ضد محاولات حصاره بمنطقة النقيزات بالعجراء، ليتضح أن هذا الهجوم كان اختبار لدفاعات واستطلاعات قوات الجيش والمسلحين التابعين لها، قبل أن يشن التنظيم هجوم مجدد هذا الشهر ولكن ضد قوات الصاعقة بنفس المنطقة الجغرافية.
  • يرى البعض أن هجوم كمين البرث يأتي في إطار عمليات هجومية وليست دفاعية، ولكن وكما رصدنا يمكن القول إن الهجوم جاء كدفاع استباقي ضد قوات جاءت استعداد للهجوم عليه، وجاء الهجوم ليكشف ضعف منظومة اتخاذ القرار وبطء ردة الفعل في المنظمة العسكرية المصرية، ففي منطقة عمليات نشطة كسيناء وجبهة مشتعلة، احتاجت القوات الجوية لما يقارب أربع ساعات لتوفير الحماية الجوية، بينما كشف الهجوم أن التنظيم استفاد من اخطائه السابقة وصار يقدر الوقت الازم لوصول التعزيزات الأرضية والجوية.
  • قيام النظام المصري باستخدام سياسة عقابية، بخلق مشكلة انقطاع المياه والكهرباء عن مناطق العريش والشيخ زويد ورفح، وهو ما عزاه البعض للعمليات العسكرية، ولكن ليست هذه المرة الأولى التى يحدث فيها هذا، وهو ما دفع الأهالي للدعوة بشكل مستمر لنشاء شبكة خطوط كهرباء تمر تحت الأرض، بالإضافة لإنشاء محطات مياه بالعريش، وهنا نطرح تساؤل: هل يخلق النظام المصري مشكلة كهرباء ومياه ثم يتخذ من حل المشكلة غطاء لتوفير البنية التحتية الأزمة لما صار يعرف بصفقة القرن؟
  • أدى انقطاع الكهرباء وشبكات الإتصال والإنترنت عن مناطق العريش والشيخ زويد ورفح، إلى الحد من فاعلية رصد الأوضاع بتلك المنطقة من شمال سيناء، وهو ما سيمثل عائق أكبر مستقبليا ً في حالة فرض النظام المصري تلك التعمية بشكل تام لفرض رواية خاصة للأحداث، أو تمرير بعض المخططات (1).

—————————

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

تطورات المشهد السيناوي 5 أغسطس 2017

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
Close
زر الذهاب إلى الأعلى
Close