fbpx
سياسةاوروبا وامريكاترجمات

تقارير متابعة: قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي (9)

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

في ظل الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير 2011 وفي نفس الوقت ذكري اختطاف الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في الخامس والعشرين من يناير 2016، ومن ثَمَّ تعذيبه وقتله على يد ضباط مصريين من جهاز الأمن الوطني، حسبما جاء في بيان الادعاء الإيطالي، لا تزال حملة الإعلام الإيطالي ماضية من أجل مناصرة قضية ريجيني. حيث كانت قد بدأ تصاعدها بعد بيان مكتب المدعي العام الإيطالي الذي أعلن فيه إنهاء التحقيقات في قضية اختفاء ومقتل الطالب جوليو ريجيني في القاهرة عام 2016، مع تسمية أربعة من عناصر الأمن المصري كمتهمين مشتبه بهم؛ ثم هدأت قليلاً لتتصاعد من جديد بعد بيان النيابة العامة المصرية حول عدم إقامة الدعوى الجنائية في قضية مقتل ريجيني “لعدم معرفة الفاعل” واستبعاد اتهام 5 عناصر أمنية في الواقعة، وها هي تتصاعد مرة أخرى في ذكرى ثورة 25 يناير المجيدة، وكذلك مرور خمس سنوات على مقتل ريجيني في مصر.

وجاءت حملة الإعلام الإيطالي في دعماً لقضية ريجيني، في جانب منها، من خلال نشر العديد من المقالات والتقارير الصحفية، والتي نتناول أبرزها في هذا التقرير. وكنا قد نشرنا من قبل الجزء الأول: “تقارير متابعة: قضية ريجيني في الإعلام الإيطالي (1) بتاريخ 15 ديسمبر 2020، والجزء الثاني بتاريخ 16 ديسمبر، و الجزء الثالث بتاريخ 17 ديسمبر؛ والجزء الرابع  بتاريخ 18 ديسمبر، والجزء الخامس بتاريخ 22 ديسمبر، والجزء السادس بتاريخ 4 يناير 2021، والجزء السابع بتاريخ 5 يناير، والجزء الثامن بتاريخ 22 يناير،حيث قام المعهد المصري بترجمة هذه التقارير/ المقالات من الصحافة الإيطالية. وفيما يلي الجزء التاسع منها:

ملخص:

يتضمن هذا المحتوى أربع مقالات / تقارير، المقال الأول نشرته صحيفة المانيفستو للصحفي الإيطالي كيارا كروشياتي بعنوان، “القطارات الفائقة والفرقاطات والطرادات: مصر هي الأسوأ في أوروبا”، وذلك بمناسبة مرور خمس سنوات على اختطاف وقتل جوليو ريجيني دون محاسبة من قتله، وفي نفس الوقت استمرار صفقات الأسلحة الإيطالية لمصر وكأن شيئاً لم يكن. وجاء المقال الثاني من صحيفة إل فاتو كوتيديانو للصحفي بييرفرانشيسكو كورزي بعنوان: “إريك وجوليو بدون عدالة. مصر الموت والتضليل”، ويقارن فيه بين مقتل الباحث الإيطالي ريجيني في مقر الأمن الوطني بلاظوغلي ومقتل المدرس الفرنسي إريك لانج في قسم قصر النيل. وأما التقرير الثالث فجاء من صحيفة المانيفستو على شكل مقابلة صحفية أجرتها الصحفية آنا ماريا ميرلو مع منير ساتوري، عضو البرلمان الأوروبي مهندس البيان الذي صدر عن البرلمان الأوروبي عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وجاءت المقابلة بعنوان: منير ساتوري: “ماكرون مخطئ وأوروبا ليست شريكة لديكتاتورية السيسي”. والمقال الرابع نشرته صحيفة  كوريري ديلا سيرا وكتبه الصحفي جيوفاني بيانكوني، حيث جاء تحت عنوان، “مصر. مكالمات وشيكات ومقاطع فيديو. الضباط المصريون كذبوا على ريجيني”.

المقالات المنشورة في الصحافة الإيطالية:

1- صحيفة المانيفستو الإيطالية: نشرت صحيفة المانيفستو الإيطالية بتاريخ 24 يناير 2021 مقالاً كتبه الصحفي كيارا كروشياتي، بعنوان: “القطارات فائقة، والفرقاطات، والطرادات: مصر هي الأسوأ في أوروبا”، وجاء على النحو التالي:

بيزنس كالعادة.. بعد خمس سنوات من اختطاف وقتل جوليو ريجيني في مصر، آخر الصفقات التي عقدها النظام المصري مع حكومات ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. نفقات مجنونة للجنرال السيسي على الأسلحة رغم معاناة 60 مليون إنسان بين من يرزح تحت نير الفقر أو من يموت متأثراً بكوفيد-19 جرّاء نقص الأوكسجين. وغدا سيناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذه القضية دون أي توقعات بأن يصل إلى قرار ما بشأن القضية.

غدا سيتم مناقشة الوضع في مصر أمام مجلس خارجية الاتحاد الأوروبي: عشر سنوات على الثورة التي اندلعت في ميدان التحرير، وخمس سنوات على اختطاف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني وأقل من أسبوع بعد تجديد آخر لـ “الحبس الاحتياطي” للطالب المصري باتريك زكي.. وزراء خارجية الدول الأعضاء سيناقشون من جديد الوضع في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا.

سيفعلون ذلك أيضاً في ضوء القرار الذي وافق عليه البرلمان الأوروبي الشهر الماضي والذي يدعو إلى فرض حظر على القاهرة وفرض عقوبات على المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.

بالنسبة لإيطاليا، سيتحدث الوزير لويجي دي مايو وسيعرض تقييماً للتحقيق وتوجيه الاتهام من قبل مكتب المدعي العام في روما لأربعة من عملاء جهاز الأمن الوطني المصري المشتبه في قيامهم باختطاف وتعذيب وقتل جوليو ريجيني. وسيتبع ذلك نقاش حول العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر لكن بدون وجود قرار محدد.

هناك الكثير من التقارير التي يجب مناقشتها، بدءاً من التقارير التي تربط دولاً أوروبية بنظام السيسي. يمكن أن تبدأ القائمة الطويلة بالخبر أو الإعلان الأخير بأنه: وقعت مصر اتفاقية مع شركة سيمنز الألمانية لبناء (مع شركتي أوراسكوم للإنشاءات والمقاولون العرب) شبكة سكة حديد عالية السرعة، 250 كم في الساعة. من المقرر تسليم أول قطار في أغسطس، ثم يأتي 22 قطاراً آخر بعد ذلك.

الخط الأول (الذي سيتبعه ثلاثة خطوط أخرى) سيخدم 16 محطة على امتداد 460 كم، بين العين السخنة على البحر الأحمر إلى العلمين على البحر المتوسط ​​مروراً بالقاهرة الجديدة، العاصمة الجديدة التي يريدها السيسي ورمز المشاريع الضخمة والبنى التحتية التي تم تنفيذها على مدى سنوات.

لا شيء سيء في هذا الأمر في حد ذاته. لكن التكلفة تلفت انتباه المصريين: 23 مليار دولار مخصصة لخدمة النخبة (وعاصمتها الجديدة) بينما يعيش 30 مليون مصري تحت خط الفقر و 30 مليوناً آخرين أعلى بقليل. وأثناء وجودهم في المستشفيات في جميع أنحاء البلاد، يموت مرضى كوفيد-19 واحداً تلو الآخر بسبب نقص الأكسجين (توجد العديد من الشكاوى عبر مقاطع الفيديو تحدثت عن حالة الرعب نتيجة سقوط العديد من الوفيات الناجمة عن الاختناق بسبب عدم توفر الأوكسجين).

لكنها استراتيجية السيسي: مشاريع ضخمة يتم تنفيذها في الغالب من قبل شركات الجيش لتعزيز احتكار القلة المتمثلة في القوات المسلحة للاقتصاد، وبالتالي دعم كرسي الرئيس دون وجود حسيب أو رقيب.

في أوائل يناير، كشف السفير المصري في برلين، خالد جلال عبد الحميد، أرقام عن مزيد من التعاون العسكري: ففي عام 2020، سمحت ألمانيا بتراخيص بيع أسلحة في القاهرة بقيمة إجمالية 725 مليون يورو، أبرزها أربع غواصات عسكرية، تم تسليمها بالفعل.

وهناك فرنسا التي تقول “إن بيع الأسلحة لا يمكن أن يكون مشروطا بالالتزام بحقوق الإنسان” كما قال الرئيس ماكرون. في 11 يناير، أقيم حفل تسليم أول كورفيت أنتجته شركة الإسكندرية لبناء السفن في مصر بالتعاون مع مجموعة البحرية الفرنسية وسط ضجة كبيرة، وفقاً لتقرير نشرته “مصر اليوم”.

وسيتبع كورفيت جووند 2500، التي أعيدت تسميتها وتدشينها في بورسعيد والتي تتبع الشركة المنتجة في فرنسا، ثلاث طائرات أخرى، بقيمة مليار يورو على متنها صواريخ مضادة للسفن وأنظمة دفاع جوي، لكن يتم دفعها بشكل منفصل: 400 مليون يورو من الصواريخ من مبادا (مشروع مشترك بين ايدس، فينميكانيكا و باي سيستمز) و 100-200 أخرى في طوربيدات لنيفال جروب، بحسب أخبار البحرية.

أخيراً، إيطاليا التي لم تضع حداً لعلاقاتها مع السيسي في مصر. لم تفعل ذلك لا بعد مجزرته الأولى (في أغسطس 2013، حيث تم قتل ألف من أنصار الإخوان المسلمين على يد الشرطة في ميدان رابعة، المجزرة التي مثّلت البداية الكئيبة لنظام السيسي)، ولا بعد اكتشاف جثة جوليو وعليها آثار التعذيب في 3 فبراير 2016.

وكما قيل دائماً على مدى السنوات الأخيرة، ظل البيزنس على المستوى المدني مستقراً، بينما تصاعد البيزنس في المجال العسكري بشكل كبير، من من 7.1 مليون دولار من الأسلحة الإيطالية في عام 2016 إلى 871.7 مليون دولار في عام 2019.

ولا تتوفر بيانات عن عام 2020 حتى الآن ولكن من المتوقع أن يكون رقماً قياسياً جديداً نظراً لبيع فرقاطتين من شركة فينكانتييري بقيمة 1.2 مليار (وصلت الأولى إلى القاهرة في 31 ديسمبر، والثانية متوقع أن ترسو خلال هذا العام) و حزمة ما بين 9 – 11 مليار دولار إجمالاً لـ 20 سفينة حربية من فينكانتييري، 24 مقاتلة من طراز يورو فايتر تايفون، 20 من طائرات ليوناردو M346 التدريبية وأقمار مراقبة. ليس هذا فقط: فأحدث البيانات من إيستات تتحدث عن 8.1 مليون يورو على شكل “منتجات معدنية أخرى” لمصر، حيث يرى جورجيو بيريتا، محلل أوبال، بأن هذه الذخيرة من إنتاج شركة آر دبليو إم إيطاليا.. إنه بيزنس كالعادة.

***

خمس سنوات من البحث عن الحقيقة والعدالة

25 يناير 2016

يختفي جوليو ريجيني، الباحث الإيطالي من جامعة كامبريدج، 28 عاماً، في القاهرة الساعة 19.50، بالقرب من مترو الدقي. إنه مساء الذكرى السادسة لثورة ميدان التحرير: حيث أخْلت الشرطة المدينة.

3 فبراير 2016

عُثر على جثة جوليو، بعد تعذيبها لدرجة يتعذر معها التعرف عليها، شبه عارية على طول الطريق السريع بين القاهرة والإسكندرية. وفي الوقت نفسه، كانت الوزيرة فيديريكا جيدي في القاهرة على رأس وفد من 60 من رواد الأعمال الإيطاليين.

24 فبراير 2016

منظمة العفو الدولية تطلق من إيطاليا حملة “الحقيقة لـ جوليو ريجيني”.

10 مارس 2016

وافق البرلمان الأوروبي بأغلبية كبيرة على القرار الأول من سلسلة قرارات تدين مقتل جوليو ريجيني وانتهاكات حقوق الإنسان في مصر تحت حكم السيسي.

24 مارس 2016

قتل الشرطة في القاهرة لخمسة مواطنين مصريين، ثم اتهمتهم الحكومة بالمسؤولية عن وفاة ريجيني. وفي تلك المناسبة، تتظاهر الشرطة بالعثور على أمتعة شخصية ووثائق تخص الباحث في منزل يخص الضحايا، وهي واحدة من أبرز حالات التضليل التي نفذتها القاهرة.

8 أبريل 2016

حكومة رينزي تسحب السفير الإيطالي مساري من القاهرة. وفي 14 أغسطس 2017، سيتم إعادة السفير الجديد كانتيني إلى مصر، على الرغم من عدم إحراز أي تقدم في التحقيق.

24 أبريل 2016

القوات الخاصة المصرية تعتقل أحمد عبد الله المستشار القانوني المصري لأسرة ريجيني. ويتم إطلاق سراحه بعد 5 أشهر.

13 أكتوبر 2017

يقدم الاتحاد الوطني للصحافة الإيطالية “المرافقة الإعلامية” لجوليو ريجيني.

28 نوفمبر 2018

يقوم مكتب المدعي العام في روما بوضع بعض عناصر الأمن القومي المصري في سجل المشتبه بهم.

30 أبريل 2019

بموافقة 379 عضواً وامتناع 54 عن التصويت، شكل البرلمان الإيطالي لجنة تحقيق في وفاة جوليو ريجيني.

20 يناير 2021

بعد إغلاق التحقيق، في 10 ديسمبر 2020، طلبت النيابة العامة في روما توجيه لائحة اتهام إلى اللواء صابر طارق؛ والعقيد آسر كامل؛ والعقيد حسام حلمي؛ والرائد مجدي شريف، وجميعهم من أفراد الأمن الوطني.

2- صحيفة إل فاتو كوتيديانو: نشرت صحيفة إل فاتو كوتيديانو الإيطالية بتاريخ 24 يناير 2021 مقالاً كتبه الصحفي بييرفرانشيسكو كورزي بعنوان: “إريك وجوليو بدون عدالة. مصر الموت والتضليل”، وجاء فيه:

كان إريك لانج (فرنسي الجنسية) يبلغ من العمر 49 عاماً عندما عُثر عليه ميتاً في زنزانة بقسم شرطة قصر النيل في قلب القاهرة في 13 سبتمبر 2013. وعليه آثار العنف. لانج، أستاذ اللغة الفرنسية، يعيش في مصر منذ ما يقرب من ربع قرن. لقد أحب هذا البلد وشعبه، والآن أصبح واحداً منهم، لدرجة أنه كان يمزح بخصوص ذلك مع أخته كارين التي تقول: “ذات مرة قال لي: سأعود إلى فرنسا في نعش، كان هذا أخي “.

لم يكن بإمكان أحد أن يتخيل أن الأمر كان سيحدث بهذه الطريقة المؤلمة. وبغض النظر عن التفاصيل والفروق الدقيقة، يبدو أن حالة إريك لانج هي نسخة طبق الأصل من مأساة جوليو ريجيني الذي تحل ذكراه السنوية الخامسة على اختطافه وقتله. إنها مجرد صدفة، بالطبع، لكن اللافت للنظر أنه تم فقد آثار لانج في 6 سبتمبر مساء عندما تم إيقافه في الشارع مع أحد مواطنيه؛ ثم عاود الظهور، وهو مغطى بملاءة، بعد سبعة أيام. ولإخفاء المسؤولية، قام جهاز الأمن الوطني بعد ذلك بتلفيق سلسلة من محاولات التضليل. سارع النظام المصري إلى اتهام زملائه في الزنزانة بالمسؤولية عن وفاته، على الرغم من أن التشريح الذي أجري في فرنسا عند عودة الجثة أظهر وجود “علامات التعذيب، بما في ذلك آثار حبل على الكاحلين وحروق”. لم تصدق عائلته هذه الرواية: “إريك لم يقتل من قبل النزلاء، ولا يكفي التحقيق والحكم على ستة منهم. المسؤولية الحقيقية تقع على عاتق الآخرين. الدولة الفرنسية مذنبة أيضاً بتركه يموت في زنزانة. الملف ثابت، لكن أمي وأنا، نيكول بروست، على الرغم من عمرها البالغ 82 عاماً، لن نستسلم أبداً – حسبما قالت كارين لانج – إن القضية لم تُغلق، ومحامينا يقوم بكل ما هو ممكن، لكن العقبة الأولى هي تحديداً الحكومة الفرنسية. يؤكد ذلك منح إيمانويل ماكرون وسام جوقة الشرف للجنرال المصري عبد الفتاح السيسي”. بالنسبة لعلاقة النظام المصري مع فرنسا، مقارنة بإيطاليا، تعتبر العلاقات ممتازة أيضاً في إطار الملف الاستراتيجي، مع المصالح المشتركة في المنطقة. ولكن رغم الإخفاقات المؤسسية للحكومات الإيطالية المتعاقبة منذ فبراير 2016 بعد اكتشاف جثة جوليو ريجيني وعليها آثار التعذيب، إلا أن العدالة الإيطالية تنطوي على مزايا لا شك فيها، مقارنة بفرنسا.

توصل المحققون في مكتب المدعي العام في روما، بعد سنوات من السعي من قبل زملائهم في القاهرة، إلى إغلاق التحقيقات مع اتهام أربعة أفراد أمن مصريين بخطف وتعذيب وقتل ريجيني، وإعلان الشروع في محاكمتهم في أسرع وقت. وعلى الجانب الآخر، تبدو قضية لانج مجمدة منذ ذلك الحين: حيث “لم تتم متابعة الطلب الدولي لتوجيه الاتهام – كما تضيف شقيقة إيريك لانج – لا يوجد سوى الصمت من جانب السلطات المصرية، والشرطة الفرنسية لا تحرك ساكناً تجاه القتلة الحقيقيين لأمّة”. موت إريك لانج جزء من رباعي حساس جدا بالنسبة لمصر في ذلك الوقت. حيث كان الجنرال السيسي، وزير الدفاع الأسبق في حكومة الرئيس محمد مرسي المنتمي للإخوان المسلمين، قد تولى السلطة قبل بضعة أشهر من خلال انقلاب دموي، وفي الليل كان هناك حظر تجوال وكان ذنب الأستاذ الفرنسي الوحيد هو انتهاكه للحظر. بعد ذلك بوقت قصير، بدأ جوليو ريجيني أيضاً دراسته وبحثه في مصر: “أتذكر جيداً وفاة جوليو – لقد أعاد ذكرى إريك لأخته كارين لانج – في الوقت الذي كانت حالة أخي لا تزال جديدة، يبدو أن الجميع، بمن فيهم أنا، رأوها مرة أخرى. أما بخصوص وفاة إريك؛ فقط أولئك الذين هم مثلنا، الذين فقدوا أحباءهم بهذه الطريقة، يمكنهم فهم مدى صعوبة ذلك وما يدفعنا للمضي قدماً للبحث عن الحقيقة. تمت مقارنة جريمتي القتل، وتلقينا طلبات لإجراء مقابلات من الصحف الإيطالية، وعادت الصحافة الفرنسية نفسها لتثير اهتمامنا من جديد … وفي ذكرى وفاة إريك وجوليو أتمنى أن أبلغهما أنني معهما من كل قلبي”.

3- صحيفة المانيفستو الإيطالية: نشرت صحيفة المانيفستو الإيطالية بتاريخ 24 يناير 2021 مقابلة صحفية أجرتها الصحفية آنا ماريا ميرلو مع منير ساتوري، عضو البرلمان الأوروبي، بعنوان: منير ساتوري: “ماكرون مخطئ وأوروبا ليست شريكة لديكتاتورية السيسي”.، وجاءت المقابلة على النحو التالي:

أجرت الصحفية آنا ماريا ميرلو مقابلة مع منير ساتوري، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر الفرنسي ومهندس القرار الذي صوّت عليه البرلمان الأوروبي بشأن مصر في ديسمبر الماضي، وذلك في ذكرى اختفاء ريجيني في مصر، وجاء فيها:

ميرلو: يدعو قرار البرلمان الأوروبي إلى فرض حظر وعقوبات على مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان المصريين. وهو موجه إلى المؤسسات الأوروبية وكذلك إلى الدول الأعضاء. ما هو برأيك تأثيره على الموقف الأوروبي الضعيف حتى الآن تجاه مصر رغم الانتهاكات الواضحة التي ارتكبت؟

ساتوري: الغرض من هذا القرار هو الاستمرار في إبقاء النظام المصري تحت الضغط، وللضغط أيضاً على الدول التي ترفض جعل احترام حقوق الإنسان شرطاً أساسياً للتبادلات المالية – مثل فرنسا أو ألمانيا. ومن ناحية أخرى، أستنكر بشدة تصريحات الرئيس الفرنسي، الذي رفض علانية جعل حقوق الإنسان شرطاً لعقد الصفقات التجارية. هذا الاعتراف الذي يتم إعلانه أمام التلفزيون خطير. حيث يحول حقوق الإنسان إلى موضوع ثانوي، ويكون بمثابة ضوء أخضر لانتهاكها. لسوء الحظ، نعلم أن حقوق الإنسان دائماً ما تحظى باهتمام ضئيل في مواجهة بعض العمليات الاقتصادية المربحة، ويثبت قبول إيمانويل ماكرون للديكتاتور السيسي ذلك، خاصة في مواجهة مبيعات السلاح، حيث بدأ يتضح أن الحكومة الفرنسية وقّعت اتفاقا لبيع أسلحة بقيمة 700 مليون يورو بمناسبة زيارة السيسي لفرنسا. وقرر البرلمان الأوروبي اعتماد هذا القرار لإعادة تسليط الضوء على العنف في مصر وإدانة الموقف الفرنسي بشكل غير مباشر في رأيي. لأن هذا يضر بسياسة أوروبية متماسكة بالكامل تجاه مصر.

ميرلو: بالفعل، تتمتع العديد من الدول بعلاقات مستقرة مع القاهرة، خاصة في مجال مبيعات الأسلحة، ولا يبدو أنها مستعدة لتقليصها. وحتى بعد وفاة المواطن الفرنسي إريك لانج أثناء احتجازه في مصر، لم تمارس فرنسا ضغوطاً خاصة على القاهرة.. ما هي الأسباب؟ هل الحرب ضد الإرهاب تدخل في ذلك؟

ساتوري: مصر دولة قوية ومستقرة مقارنة بمنطقة الشرق الأوسط. الدول التي تتاجر مع القاهرة، وأوروبا نفسها، تحتاج هذا البلد الذي يستغل الوضع ويستخدمه لمصلحته، بل ويسيء استخدامه. وفي هذا الخصوص، تهيمن العمليات التجارية، بينما تُعتبر مكافحة الإرهاب أحد الموضوعات، مثل مكافحة الهجرة التي شرعت أوروبا في قيادتها. لكن كل هذه الأسباب لا يمكن اعتبارها أسباباً وجيهة، وأوروبا مخطئة إذا سمحت لنفسها بالتخلي عن مبادئها. وبذلك، تتخلى عن الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم ذاتها التي تأسست عليها وجعلتها عظيمة. فعلى المدى الطويل، يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية تماماً، ويمكننا أن نرى ذلك فيما يحدث في ليبيا، على سبيل المثال، حيث أصبحت فرنسا متواطئة مع العنف الذي يمارسه حفتر، وأوروبا أيضاً متواطئة في المعاملة اللاإنسانية للمهاجرين. وإذا حوصرت حكومات مثل الحكومة المصرية، فإنها يمكن أن تحاول التوقف عن التصرف بشكل سيء. لكنهم لا يتصرفون بلا قيد أو شرط إذا قيل لهم إن لديهم كل الحق. وتتحمل أوروبا مسؤولية كبيرة وهي مذنبة بدعم الدكتاتورية، حتى ولو بشكل غير مباشر، خاصة وأن الدول الأعضاء تمول تلك الأسلحة التي تُستخدم لقمع الحشود من الجماهير. وفي الواقع، ينتهي الأمر بالعديد من الأسلحة المباعة للقوات المسلحة المصرية إلى وصولها إلى أيدي قوى الأمن الداخلي. لا يمكننا أن نغلق أعيننا أو نتظاهر بأننا لا نعرف.

ميرلو: استنكرت الحكومة الإيطالية بشكل غير رسمي عدم تضامن الدول الأوروبية بعد قضية ريجيني. في الوقت نفسه، تخشى إيطاليا من انقطاع العلاقات مع القاهرة، حيث يمكن لدول أخرى أن تحل محل روما في مجالات اقتصادية مهمة، مثل الطاقة. هل هذا من أسباب غياب الضغط الأوروبي على مصر؟

ساتوري: بالتأكيد هذا هو الموضوع. يبلغ عدد سكان مصر ما يقرب من 100 مليون نسمة. لذلك فهي سوق اقتصادية مهمة لأوروبا. هذا القرار مثير للاهتمام، لكنه يهدف أيضاً إلى إحراج هذه الدول لعدم وجود ضغط حقيقي على مصر. فقد أيقظت حالة جوليو ريجيني الدراماتيكية الضمائر في إيطاليا، لكن البلدان الأخرى لم تتوقف. وإيطاليا لا تستطيع أن تقف وحدها ولا يجب أن تكون وحدها في الدفاع عن حقوقها. نأمل أن يساعد في ذلك رفع مستوى الوعي في جميع أنحاء أوروبا، ولكن من المؤكد أننا يجب ألا نتخلى عن حذرنا، ويجب أن ندعم الصحفيين المصريين والمحامين والمدافعين عن الحقوق قدر الإمكان.

ميرلو: في السياق الأوروبي، هل ترى استعداداً أكبر من جانب بعض الجماعات السياسية لعدم إضفاء الشرعية على النظام المصري؟

ساتوري: هناك مجموعات سياسية تدافع بشكل منهجي عن حقوق الإنسان، بالطبع، وأخرى أقل انتباهاً للانتهاكات عندما يتعلق الأمر بالمصالح. وصوتت مجموعة الهوية والديمقراطية (أقصى اليمين، التي يلتزم بها التجمع الوطني في فرنسا و حزب ليجا في إيطاليا) ضد القرار، في دعم كامل للديكتاتورية، بدون خجل. كان للسجادة الحمراء التي بسطها ماكرون لرأس النظام المصري ميزة أن تجعل المجموعة المحافظة تتماشى مع بعض انتقاداتنا، لا سيما تلك المتعلقة بمنح وسام جوقة الشرف للسيسي. إن هذا التصرف يعني إهانة كل من حصل على هذه الميدالية بحق.

4- صحيفة كوريري ديلا سيرا: نشرت صحيفة  كوريري ديلا سيرا الإيطالية مقالاً بعنوان “مصر: مكالمات وشيكات ومقاطع فيديو. الضباط المصريون كذبوا على ريجيني” كتبه الصحفي جيوفاني بيانكوني بتاريخ 21/1/2021، وجاء على النحو التالي:

المدعون العامون في روما يطلبون توجيه الاتهام إلى أربعة منهم. تم الكشف عن فخ الموت الذي وقع فيه جوليو ريجيني – جزئياً على الأقل – من خلال تصريحات نفس الرجال المتهمين بتنظيمه. في الاستجوابات التي أجراها أحد الضباط المصريين الأربعة المتهمين الآن باختطاف وقتل الباحث الإيطالي، على سبيل المثال، كانت هناك تصريحات متحفظة وغير موثوقة ومتناقضة في بعض الأحيان، ويعتبرها مكتب المدعي العام في روما دلائل على مسؤوليته المباشرة.

حيث ساهم ذلك في الطلب الذي وقّعه مؤخراً المدعي العام ميشيل برستيبينو ونائبه سيرجيو كولايوكو لمحاكمة اللواء طارق صابر الذي كان سابقاً أحد قيادات جهاز الأمن الوطني وتم نقله مؤخراً إلى أحد المناصب الإدارية؛ العقيد آسر كامل، الرئيس السابق لجهاز البحث القضائي بالقاهرة؛ العقيد حسام حلمي، ضابط أمن وطني؛ والرائد مجدي شريف.

الرائد شريف – إلى جانب اتهامه باختطاف ريجيني، مثله مثل الآخرين، فهو متهم أيضاً بتعذيب جوليو وقتله – تم استجوابه خمس مرات من قبل النائب العام المصري، بين عامي 2016 و 2018. ويبدو أن روايته للأحداث مصمّمة خصيصاً لتقليص دوره، حيث يجادل بأن الأمن الوطني أجرى فقط تحقيقات منتظمة وطبيعية ضد طالب إيطالي تصرف بشكل غريب، ثم تم تبرئته من أي اشتباه، وهي نفس الحجة التي يطرحها القضاء في القاهرة، والتي تحفظت علانية على استنتاجات المدعين العامين في روما.

لكن تلك المحاضر بالتحديد، المرسلة إلى إيطاليا والمرفقة بالإجراءات، تُظهر شكوكاً جدية بشأن إعادة نسج القضية التي قدمتها مصر. ويقول شريف إن النقابي محمد عبد الله هو الذي استنكر أن “أجنبيا يجري تحقيقا مع الباعة الجائلين، ويخشى أن يستغله للحصول على معلومات ضارة بالدولة. هذا الشخص هو جوليو ريجيني”.

وقرر اللواء صابر التحقيق في القضية، وقال شريف: “تعاونت مع عبد الله للوصول إلى حقيقة الأمر”. لكن النقابي، “بمبادرة منه”، هو الذي سرق معلومات عن مناقصة القرض البالغ 10 آلاف جنيه إسترليني من شركة أنتيبود البريطانية، حتى إنه “تظاهر بأن ظروفه المالية كانت صعبة وأنه بحاجة إلى المال لعلاج زوجته وابنته”. يقول شريف إن تسجيل لقطات الفيديو للمقابلة التي جرت بين عبد الله وريجيني في 7 يناير 2016، عندما رد الباحث الإيطالي بحدة على طلبات الحصول على المال، كان بمبادرة من النقابي الذي: “اقترح تسجيل الاجتماعات عبر هاتفه المحمول وإحضار تسجيلات للتأكد من صدقه “. بينما يقول عبد الله عكس ذلك، ويأتي التأكيد من مكالمته الهاتفية بمكتب الأمن الوطني حيث – بعد المقابلة مع جوليو – طلب من عملاء الأمن الوطني الذهاب وخلع الكاميرا الدقيقة والميكروفون اللذين قاموا بتثبيته على ملابسه.

ولكن يصر شريف بقوله: “لا أعرف شيئاً عن هذا ولم يقابلني في ذلك اليوم”. وفي مواجهة الخلافات بشأن المكالمات الهاتفية التي أجراها عبد الله مع مكتب الأمن الوطني، أجاب: “لا أتذكر الاتصال بعبد الله ولا أتذكر من اتصلت به هاتفياً في ذلك اليوم”.

وأخبر محمد عبدالله، عضو نقابة الباعة الجائلين القضاة أنه بعد وفاة ريجيني، نصحه شريف بعدم التحدث إلى المحققين بشأن تقاريرهم، لكن الرائد شريف رد بالقول: “هذا ليس صحيحاً. أخبرني عبد الله أنه قد تمت دعوته للاستجواب، وأجبته بضرورة ذهابه إلى هناك؛ ولم نناقش تفاصيل الاستجواب الذي قد يخضع له.”

لا أتذكر الكثيرين الذين وصلوا عندما سُئل شريف عن مكالماته الهاتفية مع وكيل السفر رامي عماد، الذي اتصل به بعد كل محادثة مع نورا، صديقة جوليو؛ مرة واحدة الساعة 3.31 صباحاً يوم 20 يناير، قبل خمسة أيام من اختطاف ريجيني: “لا أتذكر الموضوع، ربما كان لرحلتي السياحية إلى اليونان، أو مجرد محادثة عادية بسبب الصداقة”. يكرر الضابط أنه بعد التحقق من عدم صحة شكوك عبد الله بشأن الباحث الإيطالي، فإنه لم ينشغل به بعد ذلك، ولم يعلم باختفائه إلا بعد اكتشاف الجثة، في 3 فبراير 2016.

وفي تصريحاته، فشل شريف في زرع بعض الآثار للدوافع الجنسية المفترضة لقتل جوليو: حيث قال عبد الله إن ريجيني أُعجب بإحدى الفتيات البائعات الجائلات، وأقامت علاقة جنسية معه رغم صعوبة ممارسة الجنس في مصر”.

وبالتالي، فإن التوجيهات الخاطئة التي كشف عنها مكتب المدعي العام في روما تجد آثاراً حتى في الاستجوابات التي أجراها القضاة المصريون. الذين وصفوا الاستنتاجات التي توصل إليها زملاؤهم الإيطاليون بأنها “غير صحيحة وغير منطقية وغير متوافقة مع المعايير الجنائية الدولية”. وجاء الرد الدبلوماسي-القضائي مؤخراً، على طلب محاكمة المتهمين الأربعة الذين تريد النيابة محاكمتهم ولو حتى غيابياً، موضحاً، كما ورد في القانون، أنهم “على علم بالإجراءات أو اطلعوا عليها طواعية”.

وحول هذه النقطة، وحتى قبل تقديم الأدلة ضدهم، سيتعين على أي قاضٍ في جلسة الاستماع التمهيدية الآن أن يصدر حكمه، كما هو متوقع في الصيف.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close