مفهوم العقيدة العسكرية وحكمها ومصادرها
قبل أن ندخل في تعريف مصطلح العقيدة العسكرية، لا بد أن نعرف مصطلح العقيدة؛ وذلك لبيان مدى العلاقة بين المصطلحين.
تعريف العقيدة العسكرية لغةً:
تعريف العقيدة:
قال ابن فارس: “عقد، العين والقاف والدال، أصل واحد يدل على الشد، عقدت الحبل، أعقده عقدًا، وقد انعقد، وعاقدته مثل: عاهدته، وهو العقد، والجمع: عقود اليمين. وعقد قلبه على قلبه، فلا ينزع عنه، واعتقد الشيء: صلب، واعتقد الإخاء: ثبت” [1]. “وخلاصته: ما عقد الإِنسانُ عليه قلبه جازما به؛ فهو عقيدة؛ سواءٌ أكان حقًا، أَم باطلًا” [2]. “يلاحظ أن كلمة عقد تدل على: الوثوق، والثبات، والصلابة” [3].
جاء في المعجم الوسيط في تعريف العقيدة أنها: “الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، والعقيدة في الدين ما يقصد به: الاعتقاد دون العمل، كعقيدة وجود الله وبعث الرسل، والجمع عقائد”[4].
تعريف العسكرية:
العسكرية من: عسكر، والعسكر: كلمة فارسية تم تعريبها وأصلها لشكر [5]، و”العسْكرُ: الجيشُ ومجتمعه. والكثيرُ من كلِّ شيء. يقال: عَسكَر من رجال، وعَسْكَر من خَيْلٍ. وعَسْكرُ الليلِ: ظُلْمَتُهُ. وانْجلَت عنه عساكرُ الهموم: زال هَمُّهُ. وشَهدْتُ العَسْكَرَيْنِ: عَرَفَةَ، ومِنًى. والجمع: عَسَاكِرُ. والعسكرة: الشدة” [6] والناظر في التعريف، يلاحظ أن معنى كلمة العسكرية يدور حول معنيين: هما: الكثرة، والشدة، وهما بالتالي يعبران عن الجيش الذي يمتاز بالكثرة والشدة والقوة.
تعريف العقيدة العسكرية اصطلاحًا:
لقد اجتهد المعنيون في دراسة العقيدة العسكرية في وضع تعريف دقيق لها، ويحاول الباحث جاهدًا أن يذكر ما اشتهر منها، مع التعليق عليها حسب الأصول العلمية، ثم يستنتج تعريفًا مناسبًا لها، كما سيأتي بإذن الله تعالى:
التعريف الأول: عرّفها اللواء محفوظ بأنها: ” النظرية العلمية أو الفلسفة، وهي السياسة العسكرية للدولة المعبرة عن وجهات النظر الرسمية لها، والمتعلقة بالمسائل والقواعد الأساسية للصراع المسلح، والمتضمنة لطبيعة الحرب من وجهة نظرها، وطرق إدارتها، والأسس الجوهرية لإعداد البلاد، والقوات المسلحة لها”. [7]
التعريف الثاني: عرّفها العقيد الإمامي بأنها: “الأساس والقوة المحركة للتاريخ العسكري، والعقل المفكر الذي يضع أحداثه، وحتى تفاصيله وخططه” [8].
التعريف الثالث: عرّفها اللواء سويد بأنها: ” السياسة العسكرية العامة، التي تنتهجها دولة، أو أمة ما في إطار المبادئ الأساسية المتعلقة بشؤون الحرب، وغاياتها، وطرق إدارتها، وإعداد البلاد لها؛ بهدف تحقيق غايات عقيدية أو سياسية [9].
التعريف الرابع: عرّفها اللواء حسين بأنها: “فن، وعلم إعداد واستخدام القوات المسلحة للدولة؛ بغرض تأمينها، وتنظيم إدارة الصراع المسلح؛ لتحقيق العقيدة السياسة” [10].
والناظر في التعريفات السابقة يجد أنها تدور حول المعاني الرئيسية الآتية:
- أشارت إلى أن المكان المقرّر والطبيعي للعقيدة العسكرية يكون في قمة الهرم العسكري في الدولة، وما دونها من مستويات عسكرية يتبع لها.
- اشتملت على مهام العقيدة العسكرية في: رسم السياسات العليا في الأمور العسكرية، والتوجيهات العسكرية العليا، وإعداد البلاد بكل مقوماتها لخوض الحرب، وهذه هي المهام الرئيسة للعقيدة العسكرية.
- نسبت مصدر التفكير العسكري إلى العقيدة العسكرية؛ وهذا من صلب عملها الأساسي.
- ربط العقيدة العسكرية بتاريخ، وتراث الأمة العسكري؛ وهذا من الأسس الهامة في بناء العقيدة العسكرية للدولة.
- جعلت مصدر الأفعال العسكرية المترجمة على أرض الواقع؛ من نتائج العقيدة العسكرية.
- ربط مهام العقيدة العسكرية بأهداف عليا للدولة، أو الأمة ألا وهي: تحقيق غايات عقدية أوسياسية.
- استخدمت كلمة فن مع العلم، وهذا تكامل طبيعي في الأمور العسكرية، فكما يحتاج العسكريون إلى العلم، ونظرياته فهم بحاجة أيضًا إلى الفن، والتخطيط الذكي.
ملاحظات على التعريفات السابقة:
- التعريف الأول والثاني لم يبينا الهدف من العقيدة العسكرية حيث إن لكل عقيدة عسكرية هدفًا تسعى لتحقيقه.
- استخدام عبارة القوات المسلحة في التعريف الأول والرابع ، وهي جزء من القوات العسكرية، والأخيرة أشمل وأدق في المعنى من الأولى، فعلى سبيل المثال هناك قوة عسكرية غير مباشرة مثل: الحرب النفسية، فأين مكانها من القوات المسلحة؟ وسبق أن تبين لنا في تعريف العسكرية أنها تدل على: القوة والكثرة.
- حصر التعريفان الأول و الرابع عمل العقيدة العسكرية ومهامها في إطار الدولة، مع أن بعض الجماعات المسلحة تتكون لديها عقيدة عسكرية مثل: الجماعات التحررية الشعبية مثل حرب تحرير الجزائر وفلسطين وفيتنام.
- حصر التعريف الثاني مسار العقيدة العسكرية باتجاه التاريخ فقط؛ ولكن من صميم عمل العقيدة العسكرية هو النظر للمستقبل، “وهي تعبر عن تصورات القيادة السياسية العسكرية العليا لطبيعة الحرب، التي تتوقع خوضها في المستقبل، سواء من ناحية النتائج السياسية، أو الإجراءات العسكرية” [11].
- ذكر عبارات تفسيرية، ما كان ينبغي ذكرها في التعريف، فشؤون الحرب تشمل: غايات الحرب، وطرق إدارتها وغيرها من الأمور، وذلك كما ورد في التعريفين الثالث والرابع.
- حصر التعريفان الثالث والرابع الهدف من العقيدة العسكرية: في تحقيق المصالح السياسية، والدينية ومن المعروف – كما يرى الباحث – أن هناك مصالح عديدة أخرى غير تلكما المصلحتين مثل الاقتصاد مثلا.
إذن، ومن خلال دراسة التعريفات السابقة يقترح الباحث مستفيدًا من كل ما سبق يقترح تعريفًا للعقيدة العسكرية، وهو الآتي:
تعريف الباحث:
العقيدة العسكرية هي: “السياسة العسكرية العليا، التي ينطلق منها فن وعلم إعداد واستخدام القوات العسكرية، وحشد جميع القوى المساندة لها، لدولة، أو لجماعة عسكرية تحرُّريّة، في إطار قيمها؛ بغرض تحقيق المصالح العليا لها”.
بيان التعريف:
- السياسة العسكرية العليا: هي الأسس والمبادئ التي تنطلق منها علوم وفنون العمل العسكري، وهي جهات مسؤولة عليا تكون مهامها صياغة هذه السياسة لتطبيقها والتقيد بها من قبل الجهات التنفيذية من القادة العسكريين.
- وردت في التعريف كلمتا الفن والعلم؛ لأن قواعد العلم ونظرياته لا تستغني عن الفن والابتكار، “فعلم الحرب لا يقتصر على أساليب الحرب وأشكالها، ولا يقتصر على دراسة المسائل المتعلقة بخوض الأعمال القتالية المرتبطة بالاستراتيجية والتكتيك فحسب؛ وإنما يشمل أيضًا المسائل النظرية والقوانين الموضوعية” [12]، ولذا أورد الباحث هاتين الكلمتين لإيجاد التكامل في التعريف.
- ذكر الباحث كلمة الإعداد مع كلمة الاستخدام فهما جناحان مترابطان، فعندما لا تستخدم القوة العسكرية يجب أن يبقى الإعداد مستمرا ًعلى كل المجالات في المؤسسة العسكرية فالجيش إما أن يكون في حالة بناء للقوة أو تشغيل لها .
- تعبر القوات العسكرية عن كل صنوف الأسلحة الموجودة في المؤسسة العسكرية، وهي كذلك تتعلق بالقوى والعوامل المساعدة لها مثل: المؤسسات الإعلامية التي تدير الحرب النفسية على العدو.
- ويعبر التعريف بعبارة (حشد جميع القوى المساندة) للمؤسسة العسكرية عن كل مقومات الدولة الصناعية والتربوية والشعبية، وغيرها وهو ما يؤدي إلى مصطلح الدولة المحاربة.
- قصد التعريف بعبارة (لجماعة عسكرية تحرُّريّة) هي تلك الجماعات التحررية التي تسعى بعمل عسكري من أجل طرد المحتل منها، أو من الأجل الانفصال عن دولتها الأم لأسباب سياسية، وأما لو كانت الدولة مستقلة بشكل كامل، فلا يمكن لأي جماعة مهما كانت أن يكون لها عقيدة عسكرية؛ لأن ذلك سيؤدي لأضرار خطيرة وتعرض الدولة لانقسامات لا تُحمد عقباها.
- ذكر التعريف كلمة القيم؛ لبيان أن هذا العمل العسكري لا بد وأن تكون له ضوابط ومقاييس وأخلاق يخضع لها.
ألفاظ ذات صلة واستنتاجات هامة:
يبين الباحث هنا بعض المصطلحات ذات الصلة بمصطلح العقيدة العسكرية، التي من المهم تبيينها؛ حتى يبرز مصطلح العقيدة العسكرية بشكل جلي واضح من خلال التكامل بين المصطلحات، ومعرفة حد كل منها والمصطلحات المراد بيانها هي كما يأتي:
(الاستراتيجية العسكرية، التكتيك العسكري) وفيما يأتي بيانها:
أولًا: الاستراتيجية العسكرية:
“كلمة الاستراتيجية مشتقة من الكلمة الإغريقية (ستراتيجوس – Strategos) التي تعني حرفيا قائد الجيش وهي بهذا المعنى تشير إلى فن قيادة المجهود الحربي برمته” [13].
وجاء في تعريفها أيضا: “فن استخدام القوة للوصول إلى أهداف السياسة” [14]، فهي فن توزيع واستخدام الوسائل العسكرية مثل: القوات المسلحة والإمدادات لتحقيق أهداف سياسة ما [15].
ويفهم مما سبق بيانه من تعريف للاستراتيجية أنها تقوم على ما يأتي:
- إن مهمة الاستراتيجية تقع على كاهل القيادة العسكرية العليا، مما يسمى باصطلاح قيادة الأركان.
- يجب أن تُحكم الاستراتيجية بضوابط السياسة العليا للدولة، وتسير ضمن الأهداف التي رسمتها لها فلا تحيد عنها.
ثانيًا: التكتيك العسكري:
هو: “التدابير أو الترتيبات الخاصة بالقوات المسلحة، وقيادتها والعمليات التكتيكية أثناء القتال الفعلي” [16].
إذن التكتيك جزء من الاستراتيجية، وهو مرتبط بها ولا يطبق التكتيك على مجموعة الحرب؛ بل على بعض الأجزاء المنفصلة في المعارك والاشتباكات. وإذا كان الهدف من الاستراتيجية هو كسب الحرب أو الدفع إلى الصلح؛ فإن التكتيك يهدف إلى كسب أحد الاشتباكات، أو إحدى المعارك، أو إدارة حملة أو هجوم محدد مرتبط بالوضع العام [17].
ومما سبق نستنتج أن كلا الاستراتيجية والتكتيك جزء من العقيدة العسكرية، وهما يمثلان الجناح الإجرائي والعملياتي لها وأنهما يسيران ضمن مبادئها وقيمها.
ثالثًا: استنتاجات هامة:
من خلال كل ما سبق من التعريفات يمكن استنتاج ما يأتي:
- إن العقيدة كاصطلاح لغوي، تدل على: القوة، والثبات والاستقرار.
- إن العقيدة هي: ما لا يقبل الشك والظن، فلا بد من الجزم اليقيني بالشيء؛ حتى يكون عقائديًا.
- إن كلمة العقيدة تطلق على: الأمور المعنوية، والقلبية، أما الأمور العملية فهي: ترجمة واقعية لها، فالعقائد هي: الأمور التي يجب أن يصدق بها قلبك، وتطمئن إليها نفسك، وتكون يقينًا عندك لا يمازجه ريب، ولا يخالطه شك”.[18]
- يجب التفريق بين العقيدة العسكرية الإسلامية، كمصطلح عسكري يشكل إجراءات عملية، وميدانية قتالية، وبين العقيدة الإسلامية، التي هي: تمثل الجانب الإيماني في قلوب المسلمين.
- تعتبر العقيدة العسكرية الإسلامية هي الدرع الواقي للعقيدة الإسلامية، وتنصب بكل عملياتها لخدمتها والدفاع عنها، وعن مصالح الأمة الإسلامية بكل تخصصاتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية وغيرها من المصالح الأساسية؛ لبقاء الأمة الإسلامية، أمة عزيزة كريمة.
- تعتبر الاستراتيجية العسكرية المستوى الثاني الذي يلي مستوى العقيدة العسكرية، وهي تنبثق منها وتحتكم بهديها وتسير ضمن أهدافها وقيمها، ثم يلي الاستراتيجية العمل التكتيكي في المعركة حيث يبدأ التكتيك عند الطلقة الأولى في المعركة ضمن خطط مسبقة.
- يجب صياغة العقيدة العسكرية الإسلامية؛ من خلال القيم والمفاهيم الإسلامية، وأن تضبط بضوابطها، بحيث لا تحيد عنها، فالغاية لا تبرر الوسيلة.
تعريف الجهاد في سبيل الله تعالى وعلاقته بمفهوم العقيدة العسكرية:
مفهوم الجهاد لغة:
ذكرت مصادر اللغة العربية كلمة الجهاد، من حيث اشتقاقها وأصلها في اللغة، وهو كما يأتي:
“الجهاد مصدر الفعل الرباعي جاهد، على وزن فعال، بمعنى المفاعلة من طرفين، مثل: الخصام بمعنى المخاصمة، والجدال بمعنى المجادلة مصدر جادل، والمصدر الثلاثي للكلمة هو (جَهد) بفتح الجيم، يعني الطاقة، وبضمها يعني: المشقة”. [19]
وفي لسان العرب: “الجَهْد والجُهْد: الطاقة. تقول: اجهد جهدك، وقيل: الجَهْد المشقة، والجُهْد الطاقة. وجَاهَدَ العدو مجاهدةً وجهادًا قاتله، وجاهد في سبيل الله، والجهاد: المبالغة واستفراغ الوسع في الحرب أو اللسان أو ما أطاق من شيء” [20].
وقال في المصباح المنير: “جَهَد في الأمر جَهدًا، من باب نفع، إذا طلب حتى بلغ غايته في الطلب” [21].
ومن خلال ما سبق يمكن استنتاج الآتي:
- الجهاد في اللغة: لفظ عام يراد به استفراغ الوسع وبذل الطاقة وتحمل المشقة لبلوغ غاية معينة، سواء كان جهادًا بالمقاتلة، أو بالمجادلة، أو ببذل النفس أو المال، أوغير ذلك.
- بناء هذه الكلمة من الفعل الرباعي (جاهد)، وهو على وزن فاعل، يدل على: وجود نوع من المفاعلة والمدافعة بين طرفين، وهذا هو أحد أكثر استعمالات هذه الصيغة مثل: قاتل وتاجر، ومعناه: “التشارك بين اثنين فأكثر، وهو أن يفعل أحدهما بصاحبه فعلًا، فيقابله الآخر بمثله”[22].
تعريف الجهاد اصطلاحًا:
ذكرت المذاهب الفقهية الأربعة تعريف الجهاد بالمفهوم الشرعي، وهي تعاريف تدور حول مفهوم واحد، وذلك كما يلي:
- تعريف الحنفية: هو: “بذل الوسع في القتال في سبيل الله مباشرة، أو معاونة بمال، أو رأي، أو تكثير سواد، أو غير ذلك” [23].
- تعريف المالكية: هو: “قتال مسلم كافرًا غير ذي عهد، لإعلاء كلمة الله، أو حضوره له، أو دخول أرضه”[24].
- تعريف الشافعية: هو: “القتال في سبيل الله” [25].
- تعريف الحنابلة: هو: ” قتال الكفار خاصة “ [26].
وقد اعْتَمَدَتْ الموسوعة الفقهية الكويتية تعريف المالكية – بعد تنقيحه وإضافة مايلزم-، حيث عرّفت الجهاد بأنه: “قتال مسلم كافرًا غير ذي عهد، بعد دعوته للإسلام وإبائه، إعلاءً لكلمة الله” [27].
وهذا التعريف -في نظر الباحث– هو أقرب هذه التعريفات في الدلالة على الجهاد اصطلاحًا، لوضوحه، واختصاره، وخلوه من التكرار والحشو، واشتماله على عدة قيود صحيحة للجهاد الشرعي، كاشتراط الإسلام، وكون الكافر غير ذي عهد، وكونه بلغته الدعوة وأبى، وكون الجهاد خالصًا لوجه الله.
ومن التعريفات السابقة، يتبين للمتأمل: أن كلمة الجهاد إذا أطلقت فإنها تعني: القتال أي الاشتباك العسكري بالسلاح، ويقول ابن رشد في مقدماته: “وجهاد السيف: قتال المشركين على الدين. فكل من أتعب نفسه في ذات الله فهو مجاهد في سبيله، إلا أن الجهاد في سبيل الله إذا أطلق فلا يقع بإطلاقه إلا على مجاهدة الكفار بالسيف، حتى يدخلوا في الإسلام، أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون” [28] ولكنها إذا خصصت، فإنها تدل على: تحديد نوع من الجهاد مثل: الجهاد بالمال، أو باللسان، وهذا ما قرره الشيخ ابن تيمية حيث يقول: “والأمر بالجهاد – يعني: الجهاد المأمور به، منه ما يكون بالقلب: كالعزم عليه، والدعوة إلى الإسلام وشرائعه، والحجة أي: إقامتها على المبطل، والبيان: أي بيان الحق، وإزالة الشبه، والرأي والتدبير في ما فيه نفع للمسلمين والبدن: أي القتال بنفسه، فيجب الجهاد بغاية ما يمكنه من هذه الأمور”. [29]
وهذا ما ذكره الشيخ يوسف القرضاوي، حيث يقول في كتابه (فقه الجهاد):
“وكلمة الجهاد أوسع في المعنى من كلمة القتال، وإن كان الذي استقر في العرف الفقهي أن كلمة الجهاد تعني: القتال. فهكذا اصطلحوا عليها، ولا مشاحة في الاصطلاح، مع أن اللفظ يشمل: جهاد المجاهد لنفسه، ولشيطانه وجهاد المجاهد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقول كلمة الحق عند السلطان الجائر، ونحو ذلك كما يشمل: قتال المقاتل في سبيل الله تعالى. والجهاد يشمل: عمل القلب بالنية والعزم، وعمل اللسان: بالدعوة والبيان، وعمل العقل: بالرأي والتدبير، وعمل البدن: بالقتال وغيره” [30].
وخلاصة القول:
إن الجهاد يعني: بذل المسلم جهده، ووسعه في مقاومة الشر، ومطاردة الباطل. بدءًا: بجهاد الشر داخل نفسه؛ بإغراء شيطانه وتثنية: بمقاومة الشر داخل المجتمع من حوله منتهيًا: بمطاردة الشر، حيثما كان بقدر طاقته”[31].
وقد عدد الإمام ابن القيم ~ مراتب الجهاد، في كتابه (زاد المعاد) كما يلي: فجهاد النفس أربع مراتب:
- إحداها: أن يجاهدها على تعلم الهدى، ودين الحق الذي لا فلاح لها، ولا سعادة في معاشها، ومعادها إلا به؛ ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين.
- الثانية: أن يجاهدها على العمل به بعد علمه. وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها.
- الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه؛ وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات؛ ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله.
- الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق، ويتحمل ذلك كله لله.
ثم ذكر جهاد الشيطان على مرتبتين: في دفع الشبهات ودفع الشهوات. ثم جهاد الكفار والمنافقين أربع مراتب: بالقلب واللسان والمال والنفس، وجهاد المنافقين: أخص باللسان، وجهاد الكفار: أخص باليد.
ثم جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات، فثلاث مراتب:
- الأولى: باليد إذا قدر.
- الثانية: فإن عجز؛ انتقل إلى اللسان.
- الثالثة: إن عجز؛ جاهد بقلبه.
قال فهذه ثلاثة عشر مرتبة من الجهاد، ومن لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو؛ مات على شعبة من النفاق[32].
ينقسم الجهاد العسكري إلى قسمين أساسيين:
- الأول: جهاد الطلب، أو الغزو، وهو جهاد الفتوحات الإسلامية ضد من وقف في وجه الدعوة الإسلامية، ومنع انتشارها، وهو واجب على الكفاية، إلا إذا حضر الجندي المعركة، أو كلَّفه الإمام عيْنًا بالغزو [33].
- الثاني: جهاد الدفع، أو ما يسمى بالنفير العام، وهو القتال الواجب على المسلمين على سبيل فرض العين؛ وذلك إذا عَدَا العدو على شبر من بلاد المسلمين [34].
وهذا النوع من القتال كما نلاحظ: هو قتال بين دولة الإسلام، وبين عدوها الكافر، وبالتالي يُعَدُّ نزاعًا مسلحًا دوليًا بالمصطلح القانوني المعاصر، ويخضع لأحكام القانون الدولي العام الإسلامي، ويندرج ضمن النطاق المادي للقانون الدولي الإنساني في الإسلام، وتسري عليه كافة أحكام هذا القانون [35].
ومن خلال ما سبق يتبين للباحث الآتي:
- تجمع المذاهب الفقهية الإسلامية أن كلمة الجهاد إذا أطلقت؛ فإنها تعني: قتال من يستحق من أعداء الإسلام عسكريًا.
- تشمل كلمة الجهاد في سبيل الله إذا خصصت أنواعًا متعددة من مراغمة الباطل، مثل: جهاد الشيطان، والمنافقين، والفساق، وكذلك جهاد النفس، ويشمل أيضًا: الجهاد بالمال. واللسان: بالحجة والبيان.
- ينقسم الجهاد العسكري في الإسلام إلى قسمين: هما جهاد الدفع، وجهاد الطلب ولكل منهما أحكام خاصة تطلب من مصادرها [36].
- تمثل العقيدة العسكرية الإسلامية: جزءا أصيلًا من الجهاد في سبيل الله تعالى، ولكنها لا تمثل –حسب رؤية الباحث- مرادفًا له؛ وذلك لأن العقيدة العسكرية تعبر عن الأمور العسكرية ومما تبين لنا سابقا فإن الجهاد يشمل أمورًا متعددة: منها الشق العسكري.
وعلى هذا؛ فإن الباحث يستنتج من خلال ما سبق بيانه: أن العلاقة بين مصطلح العقيدة العسكرية الإسلامية، ومصطلح الجهاد في سبيل الله تعالى هي علاقة عموم وخصوص حيث إن مصطلح الجهاد أعم وأشمل من مصطلح العقيدة العسكرية؛ وذلك لأن الجهاد في سبيل الله يشمل أمورًا متعددة: من المجاهدة والمراغمة وبما أن العقيدة العسكرية تمثل: الجانب العسكري في حياة الأمة من تدريب، وإعداد، وتسليح وغيرها من الأمور العسكرية الهامة، كما سبق وتم تبيينه في تعريف العقيدة العسكرية الإسلامية، فالعقيدة العسكرية تمثل الجانب التطبيقي لنظرية الجهاد في سبيل الله تعالى، فالعلاقة بينهما جزء من كل.
ومن خلال بيان التعريف العلمي الإجرائي للعقيدة العسكرية فإنه يتبين أنها الدرع الواقي للدولة الإسلامية، وتنصب بكل عملياتها لخدمتها والدفاع عنها، وعن مصالح الأمة الإسلامية ويرتبط مفهومها بمصطلح الجهاد في سبيل الله تعالى فهو يمثل الحاضن لها، ومنها تستمد القيم والضوابط التي تحكم المؤسسة العسكرية، وكذلك يرتبط مفهومها بكل من مصطلحي الاستراتيجية والتكتيك فهما جزء من العقيدة العسكرية، وهما يمثلان الجناح الإجرائي والعملياتي لها، وأنهما يسيران ضمن مبادئها وقيمها، وهذا كله يجعل من الضروري العمل على تحديد المفاهيم العسكرية في الأدبيات والتنظير العسكري؛ لما له من أهمية كبيرة في ضبط إيقاع المؤسسة العسكرية؛ لتقوم بدورها على أكمل وجه.
مشروعية العقيدة العسكرية في الإسلام وضوابطها ومصادرها
يدرس هذا المبحث مشروعية إعداد القوات العسكرية من القرآن والسنة والإجماع، واستعراض الأدلة وبيان المقصود منها، وكذلك الحديث عن ضوابط العقيدة العسكرية الإسلامية التي تبين مراعاة العقيدة العسكرية الإسلامية القيم الإسلامية، ومراعاة العقيدة العسكرية الإسلامية ضمن المصالح العليا للأمة، ويدرس المصادر الأساسية للعقيدة العسكرية الإسلامية.
مشروعية إعداد القوات العسكرية من القرآن والسنة والإجماع:
مشروعية العقيدة العسكرية من القرآن الكريم:
لقد تضمن القرآن الكريم في بعض الآيات: الحديث عن الإعداد العسكري، وتبين الآيات مشروعية العقيدة العسكرية وحكمها في الإسلام وذلك كما يأتي:
تبين الآية الأولى حكم الإعداد المطلوب لمواجهة الأعداء الذين يشكلون خطرًا على الأمة الإسلامية وضرورة إرهابهم حتى لا يفكروا بالعدوان فقوله تعالى: [وأعدوا] هو أمر جازم بإعداد كل ما في الاستطاعة من قوة، ولو بلغت القوة من التطور ما بلغت. فهو أمر جازم بمسايرة التطور في الأمور الدنيوية، وعدم الجمود على الحالات الأُوَل إذا طرأ تطور” [37]. لقد ورد الفعل أعدوا بصيغة الأمر؛ التي تفيد: الوجوب، والقاعدة الفقهية تقول: الأمر “للوجوب ما لم يصرفه صارف إلى غيره” [38].
وتبين الآية الثانية الأمر بصناعة المعدات العسكرية اللازمة للحرب وهذا ركن من أركان العقيدة العسكرية.
وتيبن الآية الثالثة الأمر بالإنفاق في سبيل الله على شؤون الجهاد وآلات الحرب ويشمل اقتصاديات الحرب ومساندة مؤسسات الدولة الأخرى للمؤسسة العسكرية وهو أيضا ركن من أركان العقيدة العسكرية.
وتبين الآية الرابعة الهدف من القتال وهو نصرة المستضعفين من بني البشر وهو أحدى المصالح العليا التي انطلقت من أجلها العقيدة العسكرية.
وتبين الآية الخامسة ضرورة التزام العمل العسكري ضمن القيم والأخلاق الإسلامية الرفيعة والتي منها عدم العدوان بغير حق وقد ورد الأمر بذلك صريحًا في الآية.
وجميع الآيات السابقة ويوجد غيرها كثير لتبين بشكل واضح وجلي مشروعية العقيدة العسكرية من القرآن الكريم وهي التي تعنى بشؤون القتال وتهتم بتنظيمه لتحقيق الأهداف المرجوة منه.
مشروعية العقيدة الإسلامية من السنة النبوية:
وقد ورد في السنة النبوية: ما يدل على مشروعية العقيدة العسكرية؛ بل إنها من الواجبات المنوطة بالأمة الإسلامية ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
أولًا: عَنْ ابْنِ عُمَر، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّ الإِسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) [39].
وجه الدلالة:
إن القتال في حياة الرسول؛ كان لهدف، ألا وهو: كما هو مبين في الحديث: (حتى يقولوا لا إله إلا الله). أي إنه: كان موجهًا للدفاع عن الإسلام، والتوحيد، وهذا من صميم أهداف العقيدة العسكرية الإسلامية، حيث إنه كما مر في الدراسة عن تعريف العقيدة العسكرية: إن الهدف الأسمى من وجود العقيدة العسكرية للأمة الإسلامية – هو تحقيق المصالح العليا لها، وإن من أجل المصالح، وأعلاها: الدفاع عن العقيدة الإسلامية، والحفاظ عليها، وبهذا يتضح جليًا لنا مشروعية العقيدة العسكرية في السنة النبوية ووجوبها في حياة الأمة الإسلامية.
ثانيًا: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: (مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْو مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ) [40].
وجه الدلالة:
إن وجود الجهاد في حياة الأمة الإسلامية – وجود أصيل، لا وجود فرعي، وإن المسلم الذي يتخلف عن ركب الجهاد في سبيل الله تعالى؛ يرتكب كبيرة من الكبائر “والمراد أن من فعل هذا فقد أشبه المنافقين المتخلفين عن الجهاد في هذا الوصف، فإن ترْكَ الجهاد أَحدُ شعب النفاق”[41]، وهذا يجعل الأمة الإسلامية في جاهزية مستمرة، وهو مبدأ من مبادئ العقيدة العسكرية، وقد روت أم المؤمنين عَائِشَةُ <: قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ: (لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا) [42]، وهو ما يسمى في مصطلح العسكريين حاليا: “النفير العام” [43].
ثالثًا: عن عبادة بن الصامت قال: قال: (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) جَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُنَجِّي اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ مِنْ الْهَمِّ وَالْغَمِّ) [44].
وجه الدلالة:
بدأ الحديث بالفعل جاهدوا وقد ورد بصيغة الأمر. “والأمر للوجوب ما لم تذكر قرينة تصرفه عنه” [45] وهو عبارة عن توجيه عسكري؛ لحض الأمة على الجهاد في سبيل الله تعالى، “أي إن الكيان العسكري لكل أمة، يقوم على أساس الكيان العسكري لكل فرد من أبناء هذه الأمة، والكيان العسكري للفرد: هو إحساسه النابع من عقله، وقلبه بأن شخصيته، ووجوده، ومصيره، وآماله ترتبط ارتباطًا كليًا بتأهبه أولًا، واستعداده بكل قدراته لرد العدوان عن أمته مهما تكن التضحيات، وهذا ما كان عليه المسلمون في أول عهدهم بالإسلام. إذ كان الشعب كله جيشًا مجاهدًا يؤدي كل فرد فيه ما يستطيع أداءه، ويسهم الجميع في توفير أسباب النصر” [46]، ولهذا كان التوجيه النبوي بصيغة الجماعة: (جاهدوا)؛ لأن الأمة مطلوب منها أن تقوم بدورها، وهذا من صميم عمل العقيدة العسكرية، التي تسعى في جميع إجراءاتها أن تحشد جميع القوى للأمة.
رابعًا: عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: (جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ) [47].
وجه الدلالة:
“الحديث دليل على: وجوب الجهاد بالنفس: وهو بالخروج، والمباشرة للكفار، وبالمال، وهو بذله لما يقوم به من النفقة في الجهاد، والسلاح، ونحوه. وباللسان: بإقامة الحجة عليهم، ودعائهم إلى الله تعالى، والزجر، ونحوه: من كل ما فيه نكاية للعدو” [48]“، ويحتمل أن يريد به: حض الناس على الجهاد، وترغيبهم فيه، وبيان فضائله لهم” [49]، وهذا العمل العسكري، سواءً كان بالقتال المباشر من خلال القوات العسكرية، أو من خلال القوى المساندة لها، سواءً كان بالمال، أو اللسان، أو غيره من القوى الداعمة في الحرب– هو جوهر العقيدة العسكرية “فالجهاد يكفل للأمة الإسلامية بناء كيانها العسكري؛ لأنه تكليف لها كلها سواءً كان الجهاد فرض عين، أو فرض كفاية. إذ يقتضي من كل مسلم التأهب الدائم، والتدريب المستمر، والاستعداد بكل ما لديه من قدرات علمية، وفنية، وبدنية، ومعنوية، لأداء دوره في دفع العدوان عن أمته فلا فرق بين جيش، وشعب؛ بل الجميع مجاهدون، كل منهم يؤدي دوره بالعمل المناسب؛ لتحقيق الهدف المشترك” [50]، ألا وهو تحقيق النصر للأمة الإسلامية أمام غطرسة الأعداء؛ ومن ثمّ نستنتج: أن العقيدة العسكرية الإسلامية، وضرورة وجودها من الواجبات الشرعية على الأمة الإسلامية.
مشروعية العقيدة العسكرية من الإجماع:
اختلف الصحابة رضوان الله عليهم بعد موت الرسول (صلى الله عليه وسلم) من الخليفة بعده؟، ثم سَرْعان ما انْحَسَم النزاع، وعاهدوا أبا بكر الصدِّيق (رضي الله عنه) . واختلفوا في حروب الردة، وسرعان ما اتّفقوا على قتال المرتدِّين، لأنهم رجعوا إلى كتاب الله وسنة رسوله” [51]. وهذا يبرز لنا بشكل واضح: أن الإجماع قد حسم قضيتين من أخطر القضايا التي واجهت الأمة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهما:
القضية الأولى: وهي تتعلق بأخطر، وأدق الشؤون السياسية في البلاد؛ ألا وهي اختيار رئيس البلاد، وقد حسمت باختيار أبي بكر الصديق خليفةً للأمة.
القضية الثانية: وهي من أخطر القرارات العسكرية التي تتمثل: باتخاذ قرار عسكري في الجبهة الداخلية للدولة، ألا وهي “الحرب على المرتدين “الذين كانوا يشكلون أخطارًا جسيمة على
الدولة الإسلامية كادت أن تودي بها، وقد حسمها الخليفة أبوبكر (رضي الله عنه) ، فعندما قال له عمر
ابن الخطاب (رضي الله عنه) : (كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ؛ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ، وَنَفْسَهُ، إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى
اللَّهِ) [52]. فرد عليه الخليفة أبوبكر الصديق (رضي الله عنه) : (وَاللَّهِ لَومَنَعُونِي عَنَاقًا، كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ؛ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا) [53]،”فلم يلتفت أبوبكر إلى مشورة، إذ كان عنده حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثابتًا في الذين فرقوا بين الصلاة، والزكاة، وأرادوا تبديل الدين، وأحكامه، وقد قال النبي: (من بدل دينه فاقتلوه) [54] فرجع عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عن رأيه؛ لما تبين له قوة رأي أبي بكر الصديق”، وقال: (فَمَا هُو إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنَّ اللَّهَ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ (رضي الله عنه) بِالْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ)[55].
وبهذا البيان في حادثة حروب الردة، يتبين بشكل جلي مدى أهمية الإجماع، وأن يكون بمثابة مصدر هام وأساسي من مصادر العقيدة العسكرية الإسلامية، ففي هذه القصة التاريخية من حياة الأمة الإسلامية يبرز مبدأ هام من مبادئ العسكرية الحديثة، ألا وهو: وحدة القيادة العسكرية الذي تنبه له المسلمون الأوائل، وهذا عندما كان قدوتهم الرسول، كما فعل الصديق (رضي الله عنه) ، وعندما كانت تنبع عقيدتهم العسكرية من أصولها الراسخة: من القرآن، والسنة، والإجماع ومن تراثها العسكري المجيد ولكنهم لما ضيعوا هذه الأصول؛ ضاعت منهم وحدة القيادة، وتلقف هذا المبدأ الهام عدونا؛ فكان أحد أهم أسباب انتصار القوات الصهيونية الغازية في حروبها في فلسطين، وسيناء والجولان. فالقيادة في العقيدة العسكرية الصهيونية المعتدية “تتلخص في: السيطرة المستمرة على الوحدات، وتنظيم أعمالها القتالية، وتوجيه جهودها؛ لتنفيذ مهامها المحددة” [56].
و”لقد عرف العرب المسلمون ما تحقق لهم من القدرة، عبر وحدة القيادة، سواء على مستوى اتخاذ القرارات الحاسمة، وتنفيذها، أو من خلال: حشد القوى، وتنظيمها، فساروا وراء الخليفة أبي بكر الصديق جميعًا؛ لقتال المرتدين، حيث لم يكن هذا القتال في وجه من وجوهه؛ إلا تعبيرًا عن وحدة القيادة، وعن الانقياد للطاعة، والجماعة، وسرعان ما جاءت النتائج مؤيدة للتجربة التي عاشها المسلمون في عهد النبوة، وهذا ما دعّم من مبدأ وحدة القيادة، فانطلقت جموع المجاهدين في سبيل الله تعالى، والثقة تملأ نفوسهم إلى رحاب دنيا الفتح” [57].
وهكذا فإن حادثة حروب الردة في التاريخ الإسلامي بمجملها، وما تتضمنه من مفاهيم أساسية في العقيدة العسكرية الإسلامية مثل: وحدة القيادة، أو في الشورى، أو في الحزم العسكري، والطاعة وغيرها هي من الدروس العسكرية الهامة، والتي تحتاج إلى بحث خاص بها – فإن ما تريد أن تتوجه الدراسة إليه: هو أن هذه الحادثة تعبر عن: كون الإجماع في التشريع الإسلامي، يمثل أحد الروافد الهامة للعقيدة العسكرية، وأنها تستمد مشروعيتها منه، وذلك إذا لم يكن ثمَّ نص من القرآن، أو من السنة، وأن واضعي العقائد العسكرية في الدولة الإسلامية، لا بد من أن تتوجه أنظارهم إلى هذه المصادر في الأساس، وإلَّا سيكون الضلال، والانحراف، ولن يكون لهم نصيب من النجاح، والنصر عندما تحين المعركة، ويكون الاختبار.
ضوابط العقيدة العسكرية الإسلامية:
يتضمن البحث العلمي في مسألة ضوابط العقيدة العسكرية في أمرين رئيسيين يستنبطان من تعريف العقيدة العسكرية، وهما: مراعاة العقيدة العسكرية للقيم الإسلامية التي تنطلق منها وتنضبط بضوابطها، وأما الآخر فهو أن تحقق العقيدة العسكرية الإسلامية المصالح العليا للدولة والحفاظ على كيانها ومقوماتها وستمضي الدراسة إلى التفصيل في هذين الضابطين كما يأتي:
مراعاة العقيدة العسكرية الإسلامية القيم الإسلامية:
تربط أفعال البشر بالقيم التي يتربون عليها وكذلك الدول لها قيم تضبطها، وقيمة الشيء قدره. وأمة قيِّمة أي: مستقيمة ومعتدلة [58]،. وقد سارت العقيدة العسكرية الإسلامية ضمن قيم الإسلام وأخلاقه، التي تمثل الصورة المشرقة للعسكرية الإسلامية مثل: احترام حقوق الأسرى والجرحى، والحفاظ على النفوس البريئة، والوفاء بالعهد وعدم الغدر، واحترام القيم الإنسانية، ويذكر الباحث على سبيل المثال لا الحصر ما يرشد إلى عظمة العقيدة العسكرية الإسلامية.
إن العقيدة العسكرية في كل دولة؛ تنبع في أسسها، ومبادئها من العقيدة الأم، وتشترك المذاهب العسكرية جميعها بعوامل مشتركة، فهذه المذاهب على اختلافها هي: التي تحدد هدف الحرب، وهي التي تعين الخصم، أو مجموعة الخصوم، وهي التي تضع للقوات المسلحة، واجباتها، وطرائق عملها، وتضع لجماهير الشعب دورها في الحرب، وكذلك فهي التي تحدد نسب القوى بين صنوف الأسلحة، وذلك تبعًا لمجموعة العوامل التي تتداخل، وتتشابك في صلب الحرب كالقدرة البشرية، والقوة الديموغرافية، وطبيعة البلاد جغرافيًا وسياسيًا، والموارد الاقتصادية، ووسائط التسلح المتوافرة، أو التي يمكن اعتمادها، وربط ذلك كله بعقيدة الدولة الدينية أو السياسية مثل: النازية، والاشتراكية وغيرها” [59]، وللمثال على القيم التي تنبع منها العقيدة العسكرية الإسلامية: ألا وهي قيم الإسلام، نذكر بعض الأمثلة كما يأتي:
أولًا: العقيدة العسكرية، وقيمة تحرير الأسرى في الإسلام:
أوجب الله تعالى على المسلمين أن يقوموا بواجبهم تجاه الأسرى، وتخليصهم من الأسر بالقتال، ومن الأدلة على ذلك ما يأتي:
1- أدلة تحرير أسرى المسلمين من القرآن الكريم:
أ- سورة النساء: (آية: 75).
وجه الدلالة:
تدل الآية الكريمة على حث المسلمين على تحرير المستضعفين من الظلم ويشمل هذا الخطاب الأسرى ويقول القرطبي ~ في تفسير الآية: “حض الله على الجهاد، وهو يتضمن تخليص المستضعفين من أيدي الكفرة المشركين، الذين يسومونهم سوء العذاب، ويفتنونهم عن الدين، فأوجب الله تعالى الجهاد لإعلاء كلمته، وإظهار دينه، واستنقاذ المؤمنين الضعفاء من عباده، وإن كان في ذلك تلف النفوس” [60].
وقال سيد قطب ~ في تفسيره لهذه الآية: “وكيف تقعدون عن القتال في سبيل الله، واستنقاذ هؤلاء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، هؤلاء الذين يعانون أشد المحنة، والفتنة في عقيدتهم” [61]، ولهذا قامت العقيدة العسكرية في بناء أصولها وأهدافها على هذا المبدأ العظيم ألا وهو تخليص المستضعفين من الظلم والطغيان.
ب- سورة الأنفال آية 72 [62].
وجه الدلالة:
تدل الآية الكريمة بوضوح على وجوب نصرة المستضعفين من المسلمين ومنهم الأسرى بالطبع يقول القرطبي ~: “يريد إن دَعَوْا هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا من أرض الحرب عونَكم بنفيرٍ، أو مالٍ لاستنقاذهم، فأعينوهم، فذلك فرض عليكم، فلا تخذلوهم” [63]، لذا وجب على القائمين على تخطيط وتنفيذ العقيدة العسكرية في الإسلام أن يقوموا بهذا الواجب العظيم.
2- أدلة تحرير أسرى المسلمين من السنة النبوية المطهرة:
لقد وردت الكثير من الأحاديث، التي تأمر بالعمل على فكاك الأسرى، وتخليصهم من قيودهم، نذكر منها ما يأتي:
أ- ما ثبت في الصحيح عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: (هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنْ الْوَحْيِ إِلَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: الْعَقْلُ وَفَكَاكُ الْأَسِيرِ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) [64].
وجه الدلالة
يدل الحديث بصريح القول على ضرورة السعي والعمل لفك الأسرى، وتخليصهم مما هم فيه من العنت، والشدة، وذلك من خلال قول المصطفى: (وَفَكَاكُ الْأَسِيرِ) وفكاك الأسير فرض على الكفاية” [65]، أي يجب أن يقوم عليه ما يكفي من المسلمين لتحقيقه وهذا يمكن أن يشمل الأمة كلها.
ب- وثبت أيضًا في صحيح البخاري من حديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله: (فُكُّوا الْعَانِيَ – يَعْنِي: الْأَسِيرَ – وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ) [66].
وجه الدلالة
يدل هذا الحديث على أن العمل على فكاك الأسير واجب على الأمة الإسلامية، إذ ورد العمل على ذلك بصيغة الأمر والأمر للوجوب ما لم يصرفه صارف إلى غيره ولا صارف هنا فثبت الوجوب [67] الذي لا بد أن تقوم عليه الأمة الإسلامية عبر عقيدة عسكرية محكمة البناء تتطلع إلى القيام بحق أولئك المستضعفين من المسلمين.
- الإجماع:
تتابعت أقوال الأئمة والفقهاء: على وجوب فكاك الأسير، والعمل على تخليصه من الأسر، فقد قال عمر بن الخطاب: لئن أستنقذ رجلًا من المسلمين من أيدي الكفار، أحب إليّ من جزيرة العرب [68]. وقد جرى حكم الفقهاء على: وجوب فك الأسير، واستنقاذه من أيدي آسريه، حتى قالوا: لو سُبيت امرأة بالمشرق، فقد وجب على أهل المغرب استنقاذها من الأسر؛ وهذا الوجوب تتفق عليه المذاهب الفقهية جمعيًا [69]، ولا يوجد من يخالف في هذا الحكم، فهذا أمر طبيعي بين المسلمين جميعًا، حتى لقد عدّ الفقهاء حرمة الأسير المسلم كحرمة الدار، “ذكر الإمام النووي: أنه إذا أسر الأعداء مسلمًا أو مسلميْن: فالراجح أن المسألة كدخول العدو ديار الإسلام؛ لأن حرمة المسلم أعظم من حرمة الدار، فيجب العمل على استخلاص الأسير أو الأسيرين، ومن الأمثلة على ذلك ما حصل من المنصور بن أبي عامر، أحد أعظم الملوك المسلمين في الأندلس، فقد خرج لجهاد الفرنج، وحاربهم في عدة معارك، وانتصر عليهم، واضطر الفرنج إلى طلب الصلح منه، وقد طلب المنصور منهم أن يزوجوه ابنة ملكهم، وأن يعطوه أموالًا طائلة، وتحفًا كثيرةً، ففعلوا، وكانت البنت في غاية الجمال، ولما شيّعها قومها طلبوا منها أن تُحسنَ الوساطة لقومها عنده، وكانت فتاةً حكيمةً، فقالت لهم: إن الجاه لا يُطلب بأفخاذ النساء، وإنما يُطلب برماح الرجال. ولما أنهى المنصور حربه، وعاد إلى عاصمته، تلقته امرأةٌ مسلمةٌ، وقالت له: أنت والناس تفرحون، وأنا باكية حزينة. قال: ولماذا؟ قالت: ولدي أسير عند الفرنج؛ فلم يذهب المنصور إلى مقرّه، وإنما سيَّر الجيوش فورًا، وأمرهم أن يقاتلوا الفرنج حتى يُخلصوا ابنها من الأسر، وجاءوا به حرًا طليقًا “ [70].
ثانيًا: العقيدة العسكرية الإسلامية وقيمة معاملة الأسرى الكفار المحاربين:
حافظت العقيدة العسكرية على حق الأسير في حسن معاملته واحترام إنسانيته ودليل ذلك ما يأتي:
- سورة الإنسان: (آية: 9).
- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ (رضي الله عنه) قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) إِذَا أُتِيَ بِالسَّبْيِ أَعْطَى أَهْلَ الْبَيْتِ جَمِيعًا كَرَاهِيَةَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ) [71].
- عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأنصاري (رضي الله عنه) قَالَ: قال رَسُولُ الله: (مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [72].
وجه الدلالة
إن هذه النصوص التي أوردها الباحث من القرآن والسنة تدل بشكل واضح على ضرورة الإحسان في معاملة الأسرى، فالآية الكريمة تشير إلى المعاملة الإنسانية إلى “الأسارى من المشركين ليحفظوا وليقام بحقهم، وذلك لأنه يجب إطعامهم إلى أن يرى الإمام رأيه فيهم” [73]، وأما الحديثان فيرشدان إلى حسن معاملة السبي والأسرى من الكفار المحاربين وعدم التفرقة بين السبي الذين من عائلة واحدة حتى لا يفجع والد بولده ولا أم بولدها.
وقد أمر الإسلام بالحفاظ على صحة الأسرى، وضرورة معالجة المريض منهم، والجريح، والمصاب، وهذا كله يندرج تحت مبدأ الإحسان للأسرى، كما يقول الفقهاء [74]، ويدل لذلك ما ثبت أن الناصر صلاح الدين الأيوبي ~ قد قام بتطبيب جراح الأسرى الصليبيين الذين وقعوا في قبضته، ومداواتهم[75]. ولقد سار المسلمون الأوائل في فتوحاتهم مسترشدين بالعقيدة العسكرية الإسلامية التي ورثوها من حياة الرسول.
ثالثًا: العقيدة العسكرية والحفاظ على النفوس البريئة في الإسلام:
لقد أمر الإسلام بالحفاظ على النفوس البريئة التي لا تشارك بالقتال مثل النساء والشيوخ والرهبان وحتى الرجال الذين لا يشاركون في القتال وقد ورد في كتاب الله U من الآيات التي تبين حرمة الدماء البريئة وصيانة النفوس الضعيفة ونذكر منها على سبيل المثال ما يلي:
قال تعالى: سورة النساء: (آية: 90) [76].
وجه الدلالة
تبين الآية الكريمة أن هناك فئات من الناس يحرم قتالهم والاعتداء عليهم والخطاب موجه للمسلمين ناهيًا إياهم أن “الذين جاءوكم قد حصرت صدورهم عن أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم فدخلوا فيكم فلا تقتلوهم” [77]، وهذا هو دليل على أن العقيدة العسكرية تضبط المؤسسة العسكرية بالقيم الإسلامية الرفيعة.
وكذلك ورد في سنة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ما يوضح احترام الفئات التي يجب صيانة نفوسها ويورد الباحث على سبيل المثال ما يأتي:
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، أَوسَرِيَّةٍ؛ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا. ثُمَّ قَالَ: (وَإِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ: لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا كَبِيرًا هَرِمًا). [78]
وجه الدلالة
يبين الحديث مدى حرص الرسول (صلى الله عليه وسلم) على حرمة النفوس البريئة وأنه لا يجوز التعرض للنساء والأطفال والشيوخ والمرضى، ولكل من لا يحمل السلاح في وجه الجيش المسلم والوصية ليست فقط للصحابة في زمنه (صلى الله عليه وسلم) وإنما هي لكل الأمة الإسلامية، التي لا بد أن تأتمر بأمره (صلى الله عليه وسلم) وتنتهي عن نواهيه.
2- بعث النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) خالدَ بن الوليد (رضي الله عنه) إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون صبأنا، صبأنا، فجعل خالد يقتلُ منهم ويأسر، ودفع إلى كل رجلٍ أسيرَه، فلما علم بذلك النبيُّ، فرفع يديه فقال: (اللهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِد “مرتين”) [79].
وجه الدلالة
تبين الحادثة أن الجيش المسلم عليه أن يتوخى حرمة الدماء البريئة، فهي مصونة بشرع الله تعالى قال ابن حجر ~: “فقد ترك خالد التثبت في أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم: صبأنا، مرتين، زاد ثم دعا رسول الله عليًا فقال: “اخْرُجْ إِلَى هَؤُلاءِ القَوْمِ، وَاجْعَلْ أَمْرَ الجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيْكَ”، فخرج حتى جاءهم، ومعه مال، فلم يبق لهم أحد إلا وداه” [80]. وهذا الذي تحرص عليه العقيدة العسكرية الإسلامية في ترسيخ معاني القيم الإسلامية الرشيدة.
رابعًا: العقيدة العسكرية والحفاظ على القيم الإسلامية (فتح بلاد سمرقند نموذج):
حرصت العقيدة العسكرية الإسلامية على ترسيخ القيم الإسلامية الرفيعة في المؤسسة العسكرية وهذا ما أكدته الشريعة الإسلامية الغراء، ويذكر الباحث هنا مثالًا من الفتوحات الإسلامية الرائدة، وصفحةً مجيدة من تاريخ الانتصارات الخالدة في حياة الأمة الإسلامية، وهي قصة فتح بلاد سمرقند [81]، التي يذكرها الطبري في كتابه تاريخ الرسل والملوك كما يأتي:
“غزا قتيبة بن مسلم [82] سمرقند سنة ثلاث وتسعين للهجرة… فلما أصبح من الغد قال: سيروا على بركة الله وقال: إنا إذا نزلنا بساحة قوم “فساء صباح المنذرين”. فحصرهم شهرًا، فقاتلوا في حصارهم مرارًا من وجه واحد. ثم زحف بهم فقاتلهم بهم فرسانًا ورجالًا، ورمى المدينة أي ( سورها ) بالمجانيق [83]، فثلم فيه ثلمة… وجاء رجل حتى قام على الثلمة فشتم قتيبة، وكان مع قتيبة قوم رماة، فقال لهم قتيبة: اختاروا منكم رجلين، فاختاروا، فقال: أيكما يرمي هذا الرجل، فقام أحد الرماة فرماه فلم يخطئ عينه، فأمر له بعشرة آلاف، فقالوا له: انصرف عنا اليوم حتى نصالحك غدًا. فقبض ما صالحهم عليه، وأتى بالأصنام فسلبت؛ ثم وضعت بين يديه، فكانت كالقصر العظيم حين جمعت، فأمر بتحريقها “ [84].
لعل المتأمل في هذه الغزوة يدرك تمامًا مدى تعلق قادة الفتح الإسلامي بالقيم الإسلامية السامية، التي تنطلق منها العقيدة العسكرية الإسلامية والتي نسجل بعضًا منها كما يلي:
الوفاء بالعهد وعدم الغدر والتمسك بالمعاهدات المبرمة مع العدو فإذا بدرت ملامح الخيانة من العدو ونقض العهد فعندها يكون المسلمون على حذر وينبذون للكافرين عهدهم. وهذا ما ورد في قوله تعالى [85].
وتدل الآية الكريمة على وجوب الوفاء بالعهود واجتناب الغدر حيث يقول تعالى لنبيه، صلوات الله وسلامه عليه {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ} قد عاهدتهم {خِيَانَةً} أي: نقضًا لما بينك وبينهم من المواثيق والعهود، {عَلَى سَوَاءٍ} أي: أعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم حتى يبقى علمك وعلمهم بأنك حرب لهم، وهم حرب لك، وأنه لا عهد بينك وبينهم على السواء، أي: تستوي أنت وهم في ذلك حتى ولو في حق الكفارين، لا يحبها أيضًا [86]. وهذا من الأصول التي تقوم عليها العقيدة العسكرية الإسلامية.
2– الاقتداء بأذكار الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الحرب كما قال القائد قتيبة “إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين “وهذه العبارة كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقولها في غزوة خيبر فعن أنس (رضي الله عنه) : أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أتى خيبر ليلا وكان إذا أتى قومًا بليل لم يغز بهم حتى يصبح فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالو محمد والله محمد والخميس. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) (خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة القوم فساء صباح المنذرين)[87] والأذكار التي أثرت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تربط المجاهد بعقيدته الإسلامية وترسخ لديه مفهوم التوكل على الله U وهكذا لا أن تتوجه العقيدة العسكرية الإسلامية لهذه الأذكار لأنها تنبع من قيم الإسلام ولقد كان من هدي الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يجعل شعارًا للمعركة و”مثالًا على ذلك الشعار الذي اتخذه المسلمون في غزوة بدر وهو (أمت، أمت)[88]” وهذا الشعار يحقق أكثر من فائدة: فهو يزيد المسلمين قوة نفسية هائلة ويذكي الروح المعنوية في القتال وهو تفاؤل بقتل أعدائهم وانتصارهم عليهم وفي نفس الوقت هو إرهاب للمقاتلين من الكافرين فإن الكافر حين يسمع المسلم يقول لأخيه وقد أقبلا عليه: أمت، أمت أي: أقتل، أقتل تطير نفسه شعاعًا من أصحاب الشعار والشعار بحد ذاته بمثابة كلمة سر للمعركة العسكرية عند العسكريين بها يتعارف المقاتلون ويتميز المؤمنون من الكافرين” [89] لقد كان أحد أهم أسباب النصر في معركة السادس من أكتوبر (الموافق للعاشر من رمضان) عام 1973م هو التكبير الذي صدح به الجندي المسلم في صحراء سيناء وهو يواجه الصهاينة المعتدين وكانت لهم بمثابة الزلزلة التي قرعت قلوبهم فولوا هاربين رغم كثرة العدة والعتاد الذي كان بحوزتهم والتفوق النوعي لسلاحهم فمتى تستفيق جيوشنا العربية والإسلامية لتتخذ من الإسلام شعارًا لها ونبراسًا ولتكون عقيدتها العسكرية من المنطلقات الإسلامية ففيها الفوز الأكيد والنصر المحقق بإذن الله تعالى.
3– تأسّى قتيبة (رضي الله عنه) بالرسول (صلى الله عليه وسلم) في تحطيم الأصنام ووذلك بعدما فتح النبي (صلى الله عليه وسلم) مكة “فقد ورد عن ابن عمر قال: وقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم فتح مكة وحول البيت ثلاثمائة وستون صنمًا قد ألزقها الشياطين بالرصاص والنحاس فكان كلما دنا منها بمخصره تهوى من غير أن يمسها ويقول جاء الحق وزهق الباطل الآية فتساقط لوجهها” [90].
وهذا ما قام به القائد العسكري الإسلامي قتيبة (رضي الله عنه) حيث أتى بالأصنام فسلبت؛ ثم وضعت بين يديه، فكانت كالقصر العظيم حين جمعت، فأمر بتحريقها، وهذا الفعل الذي قام به القائد الذي تمثل بالدفاع عن عقيدة التوحيد أنما استقاه من قدوته (صلى الله عليه وسلم) ولذا ينبغي لمن يصوغ العقيدة العسكرية في الدولة الإسلامية أن يتنبه للقيم العليا التي يتبناها التشريع الإسلامي حتى تكون هذه العقيدة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا به فلا تعرف للزيغ سبيلًا ولا للضلال مسلكًا.
المقصد الثاني: مراعاة العقيدة العسكرية الإسلامية ضمن المصالح العليا للأمة:
إن كل عمل عسكري لا بد أن يرتبط بهدف ويسعى لتحقيق مصلحة للقائمين عليه وهذا يعد من الضوابط الرئيسة للعقيدة العسكرية وهكذا فقد اهتمت العسكرية الإسلامية بتحقيق المصالح للإسلام وأعلاها مرتبة هو ما يتعلق بالمصالح العليا للدولة الإسلامية الراشدة وإن من أجل المصالح الحفاظ على العقيدة والدفاع عنها وهذا مما ينبغي للمنظرين العسكريين الإسلاميين أن يضعوه في حسبانهم ومخيلتهم وسنضرب على ذلك بعض الأمثلة كما يلي:
أولًا: العقيدة العسكرية ومصلحة إقامة الشريعة:
وقد ورد في كتاب الله تعالى ما يدل على ذلك،
1- قال الله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) [91].
وجه الدلالة
في هذه الآيات الكريمة يبين الله تعالى الهدف السامي من القتال، ومن العمل العسكري في الأمة الإسلامية، فهو ليس للعدوان، ولا للتكبر على عباد الله، وقهرهم، والعبارة: (ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض) يظهر من خلالها: الدور المنوط بالمسلمين ليقوموا بواجبهم، وقد جاء في تفسيرها: أنها “دفع المشركين بالمسلمين” [92]. وإن ما تقوم به الأمة الإسلامية من خلال عقيدة عسكرية محكمة؛ إنما لتحقيق المصالح العليا لهذا الدين، وأعلاها: إقامة الصلاة، ولهذا خصها الله بالذكر ابتداء “وقال الحسن وأبو العالية: هم هذه الامة إذا فتح الله عليهم أقاموا الصلاة” [93]،
وقال ـ في الوعد الإلهي للمؤمنين: إن المصلحة العليا منه، هو إقامة الدين، ورفعة شأنه، وأن يُعبد اللهُ تعالى ولا يُشرك به شيئا.
2- قال الله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [94].
وجه الدلالة:
فقوله U: [ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ]، يدل بوضوح: أن الهدف من التمكين في الأرض؛ إنما هو لإقامة شريعة العدل السمحة، التي تمثل: الرحمة للعالمين، “إنها ليست مجرد الملك والقهر والغلبة والحكم..؛ إنما هي هذا كله على شرط استخدامه في الإصلاح، والتعمير، والبناء؛ وتحقيق المنهج الذي رسمه الله للبشرية كي تسير عليه؛ وتصل عن طريقه إلى مستوى الكمال المقدر لها في الأرض، اللائق بخليقة أكرمها الله”. [95] ولهذا فإن العقيدة العسكرية الإسلامية جعلت نصب عينيها تحقيق المصالح، وهذا الذي سار عليه المسلمون في فتوحاتهم. حيث كانت المصلحة العليا ماثلةً أمامهم؛ ألا وهي حماية العقيدة وترسيخ مبادئ العدالة، ورفع الظلم عن الشعوب.
ثانيًا: العقيدة العسكرية ومصلحة إقامة العدل بين البشر:
ونذكر مثالًا على هذا من تاريخ الإسلام المجيد في معركة القادسية، واللقاء الذي تم بين رسل المسلمين، وبين قائد جيوش الفرس رستم، ونذكرها كاملة لتمام الفائدة، والمعرفة، وقد أوردها الطبري في كتابه الشهير تاريخ الأمم والملوك وهي كالآتي:
(أرسل سعد بن أبي وقاص ربعي بن عامرt [96] ومعه جماعة من كبار المسلمين فقال: إني مرسلكم إلى هؤلاء القوم؛ فما عندكم؟ قالوا جميعًا: نتبع ما تأمرنا به، وننتهي عليه؛ فإذا جاء أمر لم يكن منك فيه شيء، نظرنا أمثل ما ينبغي وأنفعه للناس؛ فكلمناهم به. فقال سعد: هذا فعل الحزمة، اذهبوا فتهيئوا، فقال ربعي بن عامرt: إن الأعاجم لهم آراء وآداب، ومتى نأتهم جميعًا يروا أنَّا قد احتفلنا بهم؟ فلا تزدهم على رجلٍ؛ فمالئوه جميعًا على ذلك، فقال: فسرحوني، فسرحوه، فخرج ربعي ليدخل على رستم عسكره، فاحتسبه الذين على القنطرة…، وأرسل إلى رستم لمجيئه، فقالوا: ضع سلاحك، فقال: إني لم آتكم فأضع سلاحي بأمركم، أنتم دعوتموني، فإن أبيتم أن آتيكم كما أريد رجعت. فأخبروا رستم؛ فقال: ائذنوا له؛ هل هو إلا رجل واحد؟ فأقبل يتوكأ على رمحه، وزجه نصل يقارب الخطو، ويزج النمارق والبسط؛ فما ترك لهم نمرقه ولا بساطًا إلا أفسده وتركه متهتكًا مخرقًا؛ فملما دنا من رستم تعلق به الحرس، وجلس على الأرض، وركز رمحه بالبسط، فقالوا: ما حملك على هذا؟ قال: إنا لا نستحب القعود على زينتكم هذه فكلمه، فقال: ما جاء بكم؟ قال: الله ابتعثنا، والله جاء بنا؛ لنخرج من شاء من عباده العباد، إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا، إلى سعتها، ومن جور الأديان، إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه حتى نفضي إلى موعود الله، قال: وما موعود الله: قال الجنة…، ومن أبى قاتلناه أبدًا) [97].
وجه الدلالة:
إن المسلمين في جهادهم، وقتالهم كان الأساس لديهم هو تحقيق مصالح البشرية، وذلك من خلال تعريفهم بخالقهم، وإقامة العدل بينهم حيث يقول ربعي (رضي الله عنه) : والله جاء بنا لنخرج من شاء من عباده العبادة إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، كما ورد في القصة وهذا الذي ضبط العقيدة العسكرية لديهم وكان لها بمثابة الميزان الدقيق، لذا فإن العقيدة العسكرية للدولة تبنى على أساس تحقيق المصالح العليا للدولة، وهذا معروف في كل دول العالم قديما،ً وحديثًا.
الهامش
[1] ابن فارس: أحمد بن فارس بن زكريا أبو الحسين، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، (1979م)، ص86 – 87.
[2] الأثري: عبد الله بن عبد الحميد، الوجيز في عقيدة السلف الصالح، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد- المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى (1422ه)، (1/11).
[3] ياسين: د نسيم وسائد عايش، شرح أركان الإيمان، جامعة الأقصى – غزة، (2010 م)، ص1.
[4] أنيس: د. إبراهيم وآخرون، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية; سنة النشر: (2004)، ص 614.
[5] الفيروز آبادي: مجد الدين محمد بن يعقوب، القاموس دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، (الطبعة الأولى: 1416هـ- 1996م)، (1 / 107).
[6] أنيس: د ابراهيم وآخرون، مرجع سابق، ص601.
[7] محفوظ: المدخل إلى العقيدة والإستراتيجية العسكرية الإسلامية، مرجع سابق، ص 23.
[8] الإمامي: عقيد سليم شاكر، العرب والحرب، دار الفكر – بيروت، الطبعة الأولى، (1988م). ص14.
[9] سويد: لواء د ياسين، الفن العسكري أصوله ومصادره، شركة المطبوعات للنشر والتوزيع – بيروت – لبنان، الطبعة الثانية 1990م، ص 357.
[10] حسين: اللواء أحمد حسن، العقيدة العسكرية الإسلامية دراسة ومنهج ومقارنة، مكتبة وهبة، مصر، الطبعة الأولى.
[11] المسيري: عبد الوهاب، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، (2/195).
[12] شفيق: منير، الاستراتيجية والتكتيك في فن علم الحرب، الدار العربية للعلوم، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى (1429هـ- 2008م). ص 24-25.
[13] غرين: روبرت، 33 استراتيجية للحرب، ترجمة: سامر أبو هواش، مكتبة العبيكان، الرياض– السعودية، الطبعة الأولى، (1430هـ- 2009م)، ص 19.
[14] بوفر: الجنرال أندريه، مدخل إلى الاستراتيجية العسكرية، ترجمة أكرم ديري، والهيثم الأيوبي، دار الطليعة، بيروت – لبنان، (1968م)، ص 27.
[15] محفوظ: المدخل إلى العقيدة والاستراتيجية العسكرية الإسلامية، مرجع سابق، ص 29.
[16] المرجع السابق: ص 29.
[17] العميد الكيلاني: المذهب العسكري الإسرائيلي، منظمة التحرير الفلسطينية – مركز الدراسات، لبنان – بيروت، (1969م) ص353.
[18] البنا: الشهيد الإمام حسن، الرسائل، ص429.
[19] الفيروز آبادي: القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة الأولى، مادة (جَهَدَ).
[20] ابن منظور: لسان العرب، دار صادر – بيروت، الطبعة الأولى، (مادة (جَهَدَ). (3 / 133- 135).
[21] الفيومي: أحمد، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، المكتبة العلمية الطبعة الأولى، (1/112)، (مادة جهد).
[22] الحملاوي: أحمد، شذا العرف في فن الصرف، دار اليقين المنصورة، الطبعة الثانية، (1416هـ)، ص 46.
[23] ابن عابدين: محمد أمين، حاشية رد المحتار على الدر المختار، دار الفكر – بيروت، الطبعة الأولى، (1421هـ)، (4/121)، وانظر الكاساني: علاء الدين، بدائع الصنائع، (7/97).
[24] الحطاب: محمد الرعيني، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، دار الفكر– بيروت ط1 1398هـ (3/347). وانظر عليش: الشيخ محمد بن أحمد المعروف، منح الجليل، مختصر سيدي خليل، دار الفكر – بيروت، (3/135).
[25] البجيرمي: سليمان، حاشية البجيرمي على المنهج، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، (4/250). وانظر الشيرازي: المهذب، (2/227).
[26] البهوتي: منصور، كشاف القناع، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، بدون سنة نشر، (3/33).
[27] وزارة الأوقاف: الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية، الكويت الطبعة الثالثة، (1400هـ)، (16/124).
[28] ابن رشد: المقدمات، (1/369). وانظر عزام: الشيخ عبد الله، في الجهاد آداب وأحكام، مكتب الخدمات، بيشاور – باكستان، الطبعة الثانية، (1410هـ)، ص5.
[29] الرحيباني: مصطفى، أولي النهى شرح غاية المنتهى في الفقه الحنبلي، (2/501).
[30] القرضاوي: د يوسف، فقه الجهاد، مكتبة وهبة، القاهرة- مصر، (2009م)، (1/53).
[31] القرضاوي: المرجع نفسه: (1/54).
[32] ابن القيم: ابن القيم: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي المعروف بابن قيم الجوزية زاد المعاد في هدي خير العباد، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، ط 1، 1418 هـ، 1998م. (2/39-40) بتصرف.
[33] المرغيناني: الهداية شرح البداية، (2/ 426)، وانظر: ابن قدامة: المغني (13/ 6).
[34] ابن قدامة: ابن قدامة: موفق الدين أبو محمد عبد الله بن احمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي، المغني شرح مختصر الخِرقي، تحقيق د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، د. عبد الفتاح محمد الحلو، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، (1406 هـ، 1986م) (13/6).
[35] محمود: عبد الغني، حماية ضحايا النزاعات المسلحة في القانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية، دار المستقبل العربي، القاهرة، الطبعة الأولى، (2000 م)، ص 265.
[36] انظر الكاساني: الإمام علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني الحنفي، بدائع الصنائع في ترتيب الشـرائع، إشراف مكتب البحوث والدراسـات، دار الفكر للطباعة والنشـر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، (1417هـ، 1996 م)، (7/97). الحطاب: الشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى، المعروف بالحطاب (المتوفى: 954 هـ)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، دار الفكر – بيروت، الطبعة الأولى، 1398هـ (3/347). الشيرازي: المهذب (2/227). ابن قدامة: المغني، (13، 6).
[37] الشنقيطي: محمد الأمين بن محمد بن المختار الجكني، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت –لبنان، (1415 هـ- 1995 م)، (18 /69).
[38] الآمدي: علي بن محمد الآمدي أبو الحسن (المتوفى: 631ه) الإحكام في أصول الأحكام، دار الكتاب العربي- بيروت، الطبعة الأولى، (1404هـ)، (2 /165).
[39] البخاري: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، جامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول الله r وسننه وأيامه (صحيح البخاري)، تحقيق د. مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير, دار اليمامة، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، (1407هـ- 1987م)، كتاب الزكاة، باب دعاء النبي r الناس، (ح2727)، (10/97).
[40] مسلم، الجامع الصحيح، كتاب الإمارة، باب المبايعة بعد فتح مكة، (ح4803)، (5/200).
[41] النووي: أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة الثانية، (1392هـ)، (13/56).
[42] المصدر نفسه، كتاب الإمارة، باب المبايعة بعد فتح مكة، (ح4803)، (5/200).
[43] خطاب: محمود شيت، العسكرية العربية الإسلامية عقيدة وتاريخا وقادة وتراثا ولغة وسلاحا، دار الفكر بيروت – لبنان الطبعة الثانية (1422هـ – 2002م). ص 8.
[44] أحمد: المسند، مرجع سابق، حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، (ح 21624) (46/ 170). وفيه عمرو بن الحصين وهو متروك. الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، (2/ 396).
[45] السبكي: علي بن عبد الكافي، الإبهاج في شرح المنهاج، دار الكتب العلمية– بيروت، الطبعة الأولى، (1404هـ)، (1/25).
[46] محفوظ: اللواء محمد جمال الدين، المدخل إلى العقيدة والاستراتيجية العسكرية الإسلامية، مرجع سابق، ص62.
[47] النسائي: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي، سنن النَسائي، كتاب الجهاد، باب وجوب الجهاد، (ح3109)، (10/203), وهو صحيح [الألباني, مشكاة المصابيح: 3821, 2/369].
[48] أبو الطيب: محمد شمس الحق العظيم آبادي، عون المعبود شرح سنن أبي داود، دار الكتب العلمية- بيروت الطبعة الثانية، 1415، (7/131).
[49] السيوطي: عبدالرحمن ابن أبي بكر أبو الفضل، شرح السيوطي لسنن النسائي، مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب الطبعة الثانية، 1406- 1986تحقيق: عبدالفتاح أبو غدة، (6/7).
[50] محفوظ: اللواء محمد جمال الدين، المدخل إلى العقيدة والاستراتيجية العسكرية الإسلامية، مرجع سابق، ص62.
[51] الشاطبي: أبو إسحاق، إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي، الاعتصام، ص 234.
[52] مسلم: الجامع الصحيح، كتاب الإيمان، بَاب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، (ح29)، (1/114).
[53] البُخاري: جامع الصحيح، كتاب الزكاة، باب أخذ العناق في الصدقة، (ح1364) (5/296).
[54] البخاري: جامع الصحيح، كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، (ح2854)، (3/1098).
[55] البُخاري: جامع الصحيح، كتاب الزكاة، باب أخذ العناق في الصدقة، (ح1364) (5/296).
[56] الكيلاني: العميد طيار هيثم، المذهب العسكري الإسرائيلي، منظمة التحرير الفلسطينية – مركز الدراسات، لبنان – بيروت، (1969م)، ص 154.
[57] العسلي، المذهب العسكري الإسلامي، ص113.
[58] أنيس وآخرون: المعجم الوسيط، (مادة قام)، ص768.
[59] العسلي: بسام، المذهب العسكري الإسلامي، دار النفائس، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1413هـ- 1993م، ص13.
[60] القرطبي: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية- القاهرة الطبعة: الثانية، 1384هـ- 1964 م، (5/279).
[61] قطب: في ظلال القرآن (2/708).
[62] سورة الأنفال: (آية: 72).
[63] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (8/57).
[64] البخاري: جامع الصحيح، مرجع سابق، كتاب كِتَابُ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ، باب فكاك الأسير 4/37 ح 3047.
[65] العيني: بدر الدين محمود بن أحمد (المتوفى: 855هـ)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، د ت (14/ 294).
[66] البخاري: الجامع الصحيح، مرجع سابق، كتاب الجهاد والسير، باب فكاك الأسير (ح 3046) (4/37).
[67] ابن حجر: أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي، فتح الباري شـرح صحيح البخاري، دار المعرفة، بيروت، لبنان، بدون طبعة أو تاريخ نشر. فتح الباري (6/205).
[68] ابن أبي شيبة: المصنف: (ح33253)، (6/496). أبو يوسف: يعقوب بن إبراهيم، الخراج، المطبعة السلفية، القاهرة، مصر، الطبعة الرابعة، (1392ه). (ص 121).
[69] السرخسي: شرح السير الكبير، مرجع سابق، (3/33). العبدري: التاج والإكليل (3/387)، الشربيني: شمس الدين محمد بن محمد الخطيب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، دراسـة وتحقيق وتعليق علي محمد معوض، وعادل أحمد عبد الموجود، تقديم د. محمد بكر إسماعيل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1421 هـ، 2000م. (4/212)، ابن قدامة: المغني، مرجع سابق، (3/444).
[70] ابن النحاس: ابو زكريا احمد بن ابراهيم بن محمد الدمشقي ثم الدمياطي (المتوفى سنة 814هـ) مشارع الاشواق إلي مصارع العشاق، تحقيق: د صلاح الخالدي، مكتبة الأرقم غزة- فلسطين، (2003م) (ص 293).
[71] ابن ماجه: أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، سنن ابن ماجه، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت، لبنان، بدون طبعة أو تاريخ نشر. كتاب التجارات، باب النهي عن التفريق بين السبي، (ح2248)، (2، 755)، وفي إسناده جابر بن يزيد بن الحارث، وهو ضعيف. انظر: ابن حجـر، تقريب التهذيب (ص137)، ترجمة رقم (878).
[72] الترمذي: أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي السلمي سـنن الترمذي، تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، بدون طبعة أو دار نشر. كتاب البيوع عن رسـول الله، باب ما جاء في كراهية الفرق بين الأخـوين أو الوالدة وولدها، (ح 1283)، (3/580)، وكتاب السير عن رسول الله، باب في كراهية التفريق بين السـبي (ح 1566)، (4/ 134). والحديث حسن لغيره. انظر: المصدر نفسه: (3/580).
[73] الرازي: مفاتيح الغيب، (16/ 223).
[74] العلي: محمد، أسرى الحرب الدواعي الإنسانية والأبعاد القانونية الهلال الأحمر القطري، 2003م. (ص73). الزحيلي: د. وهبة، آثار الحرب في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة: دار الفكر، دمشق، سـوريا، ط4، 1412هـ، 1992 م ص 404.
[75] أسرى الحرب الدواعي الإنسانية والأبعاد القانونية: د. محمد العلي، ص 87.
[76] سورة النساء: (آية: 90).
[77] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، (5/ 310).
[78] مسلم: الصحيح الجامع، كتاب الجهاد، باب تَأْمِيرِ الْإِمَامِ الْأُمَرَاءَ عَلَى الْبُعُوثِ،وَوَصِيَّتِهِ إِيَّاهُمْ بِآدَابِ الْغَزْوِ، وَغَيْرِهَا، (ح3261)، (9/150).
[78] التفتازاني: مسعود بن عمر بن عبد الله (المتوفى: 791هـ)، شرح المقاصد في علم الكلام، دار المعارف النعمانية، الباكستان، (1401هـ- 1981م)، (2/46).[79] البخاري: جامع الصحيح مرجع سابق، (كتاب الأحكام، باب إذا قضى الحاكم بجور)، (ح 6766) (6/2628).
[80] ابن حجر: فتح الباري، مرجع سابق، (8/57).
[81] تقع مدينة “سمرقند” مدينة مشهورة بما وراء النهر في آسيا الوسطى، ومعني الاسم “قلعة الأرض”، وقد وصفها “ابن بطوطة” بقوله: ” إنها من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالا، مبنية على شاطئ وادٍ يعرف بوادى القصَّارين، وكانت تضم قصورًا عظيمة، وعمارة تُنْبِئ عن هِمَم أهلهافي سنة (87ه-705 م) تم الفتح الإسلامي لمدينة ” سمرقند” على يد القائد المسلم”قتيبة بن مسلم الباهلي” ثم أعاد فتحها مرة أخرى سنة (93هـ-710م)… وبعد الفتح الإسلامى قام المسلمون بتحويل عدد من المعابد إلى مساجد لتأدية الصلاة، وتعليم الدين الإسلامى لأهل البلاد.ـ وفى بداية الغزو المغولى للمدينة؛ قام “المغول” بتدمير معظم العمائر الإسلامية، وبعد ذلك اتجه “المغول” أنفسهم بعد اعتناق الإسلام إلى تشييد العديد من العمائر الإسلامية، خاصة في العهد التيمورى، وذلك على مدى (150) عامًا هي فترة حكمهم لبلاد ما وراء النهر من (617هـ-1220م) إلى عام (772هـ-1370 م). وقد اتخذ “تيمورلنك” “سمرقند” عاصمة لملكه، ونقل إليها الصُنَّاع وأرباب الحرف لينهضوا بها فنيًا وعمرانيًا، فكان عصر “تيمور لنك” بحق عصر التشييد والعمران. وفى القرن (19م) استولى الجيش الروسى على بلاد ما وراء النهر ومنها مدينة “سمرقند”. وفى سنة (1918م) بعد قيام الثورة الشيوعية في روسيا استولى الثوار على مدينة “سمرقند” وظلت تحت سيطرتهم إلى أن سقطت الشيوعية في عام (1992م). وقد نالت “سمرقند” الاستقلال ضمن جمهوريات رابطة الدول المستقلة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. انظر: القزويني: آثار البلاد وأخبار العباد) http: //ar.wikipedia.org. (1/ 219) .
[82] قُتَيْبَةُ بنُ مُسْلِمِ بنِ عَمْرِو بنِ حُصَيْنِ بنِ رَبِيْعَةَ البَاهِلِيُّ الأَمِيْرُ، أَبُو حَفْصٍ، أَحَدُ الأَبْطَالِ وَالشُّجْعَانِ، وَمِنْ ذَوِي الحَزْمِ، وَالدَّهَاءِ، وَالرَّأْيِ، وَالغَنَاءِ.وَهُوَ الَّذِي فَتَحَ خُوَارَزْمَ، وَبُخَارَى، وَسَمَرْقَنْدَ، وَكَانُوا قَدْ نَقَضُوا وَارْتَدُّوا، ثُمَّ إِنَّهُ افْتَتَحَ فَرْغَانَةَ، وَبِلاَدَ التُّرْكِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ. وَلِيَ خُرَاسَانَ عَشْرَ سِنِيْنَ.وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ: عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ.وَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتَ الوَلِيْدِ، نَزَعَ الطَّاعَةَ، فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ جَيْشُهُ، وَقَام عَلَيْهِ رَئِيْسُ تَمِيْمٍ وَكِيْعُ بنُ حَسَّانٍ، وَأَلَّبَ عَلَيْهِ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فِي عَشْرَةٍ مِنْ فُرْسَانِ تَمِيْمٍ، فَقَتَلُوْهُ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، وَعَاشَ ثَمَانِيًا وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً. الذهبي: سير أعلام النبلاء، (4/ 410).
[83] المِنْجَنِيقُ: بفتح الميم، وكسرها والمَنْجَنُوق: القَذَّاف التي ترمى بها الحجارة دخيل أَعجمي معرب، وأصلها من الفارسية، وهي تشابه مدفعية الميدان في الوقت الحاضر. ابن منظور: لسان العرب، (10 / 338). العارف: حازم ابراهيم، الجيش العربي الإسلامي، دار الرشيد للنشر والتوزيع الرياض, (1983م). ص 113. انظر: الملاحق. ملحق الصور (صورة رقم: 2) من هذا البحث.
[84] الطبري: محمد بن جرير الطبري أبو جعفر، تاريخ الرسل والملوك، المحقق: أبو صهيب الكرمي، دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى، (1407هـ) (4 /40) بتصرف.
[85] سورة الأنفال: (آية: 58).
[86] ابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت – لبنان، 1395 هـ – 1976 م (4/79).
[87] البخاري، جامع الصحيح، مرجع سابق،كتاب الجهاد والسير، باب غزوة خيبر، (ح3961)، (4/536).
[88] الحلبي: السيرة الحلبية، مرجع سابق، (2/459).
[89] أبو فارس: د. محمد عبد القادر، المدرسة النبوية العسكرية، دار الفرقان، عمان – الأردن، الطبعة الأولى،1993-1413هـ ص99.
[90] السيوطي: أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن أبي بكر، الخصائص الكبرى، دار الكتب العلمية- بيروت- 1405هـ- 1985م (1/442).
[91] سورة الحج: (آية: 39-41).
[92] ابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، (5/434).
[93] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (12/73).
[94] سورة النور (آية: 55).
[95] قطب: الشهيد السيد، في ظلال القرآن، القاهرة، الطبعة: السابعة عشر، (1412 هـ)، (5/292).
[96] ربعي بن عامر بن خالد بن عمرو. كان عمر أمد به المثنى بن حارثة، وكان من أشراف العرب، وللنجاشي الشاعر فيه مديح. وقال سيف في الفتوح عن أبي عثمان عن خالد وعبادة قالا: قدم على أبي عبيدة كتاب عمر بأن يصرف جند العراق إلى العراق، وعليهم هاشم بن عتبة، وعلي مقدمته القعقاع بن عمرو وعلى مجنبته عمير بن مالك وربعي بن عامر، وفي ذلك يقول ربعي: أنخنا إليها كورة بعد كورة… نقصهم حتى احتوينا المناهلا
وله ذكر أيضًا في غزوة نهاوند، وكان ممن بنى فسطاطًا أمير تلك الغزوة النعمان بن مقرن، وولاه الأحنف لما فتح خراسان على طخارستان. وقد تقدم أنهم كانوا لا يؤمرون إلا الصحابة. انظر: ابن حجر العسقلاني: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني أبو الفضل (المتوفى: 852 هـ)، المحقق: عبد الله بن عبد المحسن التركي – عبد السند حسن يمامة، دار الجيل – بيروت، الطبعة الثانية (د ت) الإصابة في معرفة الصحابة، (1/349).
[97] الطبري: محمد بن جرير الطبري أبو جعفر، تاريخ الأمم والملوك، مرجع سابق (2/401).